المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(كتاب أحكام الطهارة) - تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي - جـ ١

[ابن حجر الهيتمي]

الفصل: ‌(كتاب أحكام الطهارة)

وَالْحَقُّ أَنَّهُمَا مُتَّحِدَانِ مَاصَدَقًا إذْ لَا يُوجَدُ شَرْعًا مُؤْمِنٌ غَيْرُ مُسْلِمٍ وَلَا عَكْسُهُ وَمَنْ آمَنَ بِقَلْبِهِ وَتَرَكَ التَّلَفُّظَ بِلِسَانِهِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ نَقَلَ الْمُصَنِّفُ الْإِجْمَاعَ عَلَى تَخْلِيدِهِ فِي النَّارِ لَكِنْ اُعْتُرِضَ بِأَنَّ كَثِيرِينَ بَلْ الْمُحَقِّقِينَ عَلَى خِلَافِهِ مُخْتَلِفَانِ مَفْهُومًا إذْ مَفْهُومُ الْإِسْلَامِ الِاسْتِسْلَامُ وَالِانْقِيَادُ وَمَفْهُومُ الْإِيمَانِ التَّصْدِيقُ الْجَازِمُ بِكُلِّ مَا عُلِمَ مَجِيئُهُ صلى الله عليه وسلم بِهِ بِالضَّرُورَةِ إجْمَالًا فِي الْإِجْمَالِيِّ وَتَفْصِيلًا فِي التَّفْصِيلِيِّ هَذَا.

(كِتَابُ أَحْكَامِ الطَّهَارَةِ)

الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى وَسَائِلَ أَرْبَعَةٍ وَمَقَاصِدَ كَذَلِكَ

وَالْإِسْلَامُ فَلْنَذْكُرْهُمَا فَالْإِيمَانُ تَصْدِيقُ الْقَلْبِ بِمَا عُلِمَ ضَرُورَةً مَجِيءُ الرَّسُولِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ كَالتَّوْحِيدِ وَالنُّبُوَّةِ وَالْبَعْثِ وَالْجَزَاءِ وَافْتِرَاضِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ وَالْمُرَادُ بِتَصْدِيقِ الْقَلْبِ بِهِ إذْعَانُهُ وَقَبُولُهُ لَهُ وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْمُحَدِّثِينَ وَالْمُعْتَزِلَةُ وَالْخَوَارِجُ إلَى أَنَّ الْإِيمَانَ مَجْمُوعُ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ اعْتِقَادُ الْحَقِّ وَالْإِقْرَارُ بِهِ وَالْعَمَلُ بِمُقْتَضَاهُ فَمَنْ أَخَلَّ بِالِاعْتِقَادِ وَحْدَهُ فَهُوَ مُنَافِقٌ وَمَنْ أَخَلَّ بِالْإِقْرَارِ فَهُوَ كَافِرٌ وَمَنْ أَخَلَّ بِالْعَمَلِ فَهُوَ فَاسِقٌ وِفَاقًا وَكَافِرٌ عِنْدَ الْخَوَارِجِ وَخَارِجٌ عَنْ الْإِيمَانِ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي الْكُفْرِ عِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ التَّصْدِيقُ وَحْدَهُ إضَافَةُ الْإِيمَانِ إلَى الْقَلْبِ فِي الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ.

وَلَمَّا كَانَ تَصْدِيقُ الْقَلْبِ أَمْرًا بَاطِنِيًّا لَا اطِّلَاعَ لَنَا عَلَيْهِ جَعَلَهُ الشَّارِعُ مَنُوطًا بِالنُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ مِنْ الْقَادِرِ عَلَيْهِ وَهَلْ النُّطْقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ شَرْطٌ لِإِجْرَاءِ أَحْكَامِ الْمُؤْمِنِينَ فِي الدُّنْيَا مِنْ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَالتَّوَارُثِ وَالْمُنَاكَحَةِ وَغَيْرِهَا غَيْرُ دَاخِلٍ فِي مُسَمَّى الْإِيمَانِ، أَوْ جَزْءٌ مِنْ دَاخِلٍ فِي مُسَمَّاهُ قَوْلَانِ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْمُحَقِّقِينَ إلَى أَوَّلِهِمَا وَعَلَيْهِ مَنْ صَدَّقَ بِقَلْبِهِ وَلَمْ يُقِرَّ بِلِسَانِهِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْإِقْرَارِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ عِنْدَ اللَّهِ، وَهَذَا أَوْفَقُ بِاللُّغَةِ وَالْعُرْفِ وَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ إلَى ثَانِيهِمَا أَمَّا الْعَاجِزُ عَنْ النُّطْقِ بِهِمَا لِخَرَسٍ أَوْ سَكْتَةٍ أَوْ اخْتِرَامِ مَنِيَّةٍ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ إيمَانُهُ.

وَأَمَّا الْإِسْلَامُ فَهُوَ أَعْمَالُ الْجَوَارِحِ مِنْ الطَّاعَاتِ كَالتَّلَفُّظِ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلَكِنْ لَا تُعْتَبَرُ الْأَعْمَالُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْخُرُوجِ عَنْ عُهْدَةِ التَّكْلِيفِ بِالْإِسْلَامِ إلَّا مَعَ الْإِيمَانِ، وَهُوَ التَّصْدِيقُ الْمَذْكُورُ فَهُوَ شَرْطٌ لِلِاعْتِدَادِ بِالْعِبَادَاتِ فَلَا يَنْفَكُّ الْإِسْلَامُ عَنْ الْإِيمَانِ وَإِنْ كَانَ الْإِيمَانُ قَدْ يَنْفَكُّ عَنْهُ كَمَنْ اخْتَرَمَتْهُ الْمَنِيَّةُ قَبْلَ اتِّسَاعِ وَقْتِ التَّلَفُّظِ هَذَا بِالنَّظَرِ لِمَا عِنْدَ اللَّهِ أَمَّا بِالنَّظَرِ لِمَا عِنْدَنَا فَالْإِسْلَامُ هُوَ النُّطْقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ فَقَطْ فَمَنْ أَقَرَّ بِهِمَا أَجْرَيْنَا عَلَيْهِ أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ فِي الدُّنْيَا، وَلَمْ نَحْكُمْ عَلَيْهِ بِكُفْرٍ إلَّا بِظُهُورِ أَمَارَاتِ التَّكْذِيبِ كَالسُّجُودِ اخْتِيَارًا لِلشَّمْسِ أَوْ الِاسْتِخْفَافِ بِنَبِيٍّ أَوْ بِالْمُصْحَفِ أَوْ بِالْكَعْبَةِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ قَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ: م ر فَهُوَ مُؤْمِنٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى هُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ لَوْ عَرَضَ عَلَيْهِ بِالنُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ لَمْ يَمْتَنِعْ فَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ أَبُو طَالِبٍ اهـ.

(قَوْلُهُ مُتَّحِدَانِ مَاصَدَقًا) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ كَمَا مَرَّ وَوِفَاقًا لِلْمُغْنِي حَيْثُ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِ الْخِلَافِ مَا نَصُّهُ وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا يَصِحُّ إيمَانٌ بِغَيْرِ إسْلَامٍ وَلَا إسْلَامٌ بِغَيْرِ إيمَانٍ فَكُلٌّ مِنْهُمَا شَرْطٌ فِي الْآخَرِ عَلَى الْأَوَّلِ وَشَطْرٌ مِنْهُ عَلَى الثَّانِي اهـ.

(قَوْلُهُ إذْ لَا يُوجَدُ إلَخْ) هَذَا لَا يَثْبُتُ الْمُدَّعِي إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الِاتِّحَادُ مَاصَدَقًا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الْمُعْتَبَرَاتِ جُزِّئَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَشَرْطًا لِلْآخِرِ فَيَخْتَلِفُ الْمَاصَدَقَ إذْ مَاصَدَق مَا ذَلِكَ الْبَعْضُ جَزْءٌ مِنْهُ غَيْرُ مَاصَدَق مَا هُوَ شَرْطٌ فِيهِ لِدُخُولِهِ فِي أَحَدِهِمَا وَخُرُوجِهِ عَنْ الْآخَرِ سم وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ إذْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَدَارَ الِاتِّحَادِ صِدْقًا اتِّحَادُ الْمُعْتَبَرَاتِ وَلَا مَدْخَلَ لِلشَّرْطِيَّةِ وَالشَّطْرِيَّةِ فَقَوْلُهُ فَيَخْتَلِفُ إلَخْ فِي حَيِّزِ الْمَنْعِ وَقَوْلُهُ إذْ مَاصَدَق إلَخْ لَا يُثْبِتُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.

[كِتَابُ أَحْكَامِ الطَّهَارَةِ]

(كِتَابُ الطَّهَارَةِ)

(قَوْلُهُ عَلَى وَسَائِلَ أَرْبَعَةٍ) لَعَلَّ مُرَادَهُ بِالْوَسَائِلِ الْأَرْبَعَةِ هُنَا أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الْمِيَاهُ وَالنَّجَاسَاتُ وَالِاجْتِهَادُ وَالْأَوَانِي، وَبِالْمَقَاصِدِ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ وَالتَّيَمُّمُ وَإِزَالَةُ النَّجَاسَةِ، وَحِينَئِذٍ فَهَلَّا عَدَّ مِنْ الْوَسَائِلِ التُّرَابَ كَالْمِيَاهِ وَالْأَحْدَاثَ كَالنَّجَاسَاتِ لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ وَأَفْرَدَهَا بِتَرَاجِمَ بِالنِّسْبَةِ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِبَابِ النَّجَاسَةِ بَيَانُ النَّجَاسَةِ ذَاتًا وَإِزَالَةً فَيَكُونُ قَدْ تَرْجَمَ لِلْإِزَالَةِ انْتَهَى سم.

أَقُولُ قَوْلُهُ فَهَلَّا عَدَّ إلَخْ قَدْ يُقَالُ لَمَّا كَانَ التُّرَابُ غَيْرَ رَافِعٍ بَلْ هُوَ مُبِيحٌ لَمْ يَعُدَّهُ فِيمَا هُوَ رَافِعٌ، وَالطَّهَارَةُ لَمَّا لَمْ تَتَوَقَّفْ عَلَى الْحَدَثِ دَائِمًا بَلْ قَدْ

فَالْوَجْهُ التَّعْمِيمُ

(قَوْلُهُ إذْ لَا يُوجَدُ إلَخْ) هَذَا لَا يُثْبِتُ الْمُدَّعَى إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الِاتِّحَادُ مَاصَدَفًا فَالْجَوَازُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الْمُعْتَبَرَاتِ جُزْءًا مِنْ أَحَدِهِمَا وَشَرْطًا لِلْآخَرِ فَيَتَخَلَّفُ الْمَاصَدَقَ إذْ مَاصَدَق مَا ذَلِكَ الْبَعْضُ جُزْءٌ مِنْهُ غَيْرُ مَاصَدَق مَا هُوَ شَرْطٌ فِيهِ لِدُخُولِهِ فِي أَحَدِهِمَا وَخُرُوجِهِ عَنْ الْآخَر

(كِتَابُ الطَّهَارَةِ)

(قَوْلُهُ عَلَى وَسَائِلَ أَرْبَعَةٍ) لَعَلَّ مُرَادَهُ بِالْوَسَائِلِ الْمُقَدِّمَاتُ الَّتِي عَبَّرَ بِهَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ، وَقَالَ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ الْمِيَاهُ وَالنَّجَاسَاتُ وَالِاجْتِهَادُ وَالْأَوَانِي انْتَهَى وَبِالْمَقَاصِدِ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ وَالتَّيَمُّمُ وَإِزَالَةُ النَّجَاسَةِ وَحِينَئِذٍ فَهَلَّا عَدَّ مِنْ الْوَسَائِلِ وَالْمُقَدِّمَاتِ التُّرَابَ كَالْمِيَاهِ وَالْأَحْدَاثِ كَالنَّجَاسَاتِ لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ وَأَفْرَدَهَا بِتَرَاجِمَ

ص: 61

وَأَفْرَدَهَا بِتَرَاجِمَ دُونَ تِلْكَ إلَّا النَّجَاسَةَ لِطُولِ مَبَاحِثِهَا فَرْقًا بَيْنَ الْمَقْصُودِ بِالذَّاتِ وَغَيْرِهِ، وَالْكِتَابُ كَالْكَتْبِ وَالْكِتَابَةِ لُغَةً الضَّمُّ وَالْجَمْعُ، وَاصْطِلَاحًا اسْمٌ لِجُمْلَةٍ مُخْتَصَّةٍ مِنْ الْعِلْمِ فَهُوَ إمَّا بَاقٍ عَلَى مَصْدَرِيَّتِهِ أَوْ بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ أَوْ الْفَاعِلِ وَالْإِضَافَةُ إمَّا بِمَعْنَى اللَّامِ أَوْ بَيَانِيَّةٌ، وَيُعَبَّرُ عَنْ تِلْكَ الْجُمْلَةِ بِالْبَابِ وَبِالْفَضْلِ فَإِنْ جُمِعَتْ كَانَ الْأَوَّلُ لِلْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْأَخِيرَيْنِ وَالثَّانِي لِلْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الثَّالِثِ وَهُوَ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى مَسَائِلَ غَالِبًا فِي الْكُلِّ، وَالطَّهَارَةُ بِالْفَتْحِ مَصْدَرُ طَهُرَ بِفَتْحِ هَائِهِ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا يَطْهُرُ بِضَمِّهَا فِيهِمَا، وَأَمَّا طَهُرَ بِمَعْنَى اغْتَسَلَ فَمُثَلَّثُ الْهَاءِ لُغَةً الْخُلُوصُ مِنْ الدَّنَسِ وَلَوْ مَعْنَوِيًّا

تُوجَدُ بِلَا سَبْقِ حَدَثٍ كَالْمَوْلُودِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مُحْدِثًا، وَإِنْ كَانَ فِي حُكْمِهِ وَمَعَ ذَلِكَ يُطَهِّرُهُ وَلِيُّهُ إذَا أَرَادَ الطَّوَافَ بِهِ لَمْ يَعُدُّوا الْحَدَثَ مِنْ الْوَسَائِلِ الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا أَنْ لَا تَنْفَكَّ ع ش، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْوَسَائِلَ الْحَقِيقِيَّةَ الْمَاءُ وَالتُّرَابُ وَالْحَجَرُ وَالدَّابِغُ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ وَأَفْرَدَهَا) أَيْ الْمَقَاصِدَ (قَوْلُهُ بِتَرَاجِمَ) بِكَسْرِ الْجِيمِ بُجَيْرِمِيٌّ.

(قَوْلُهُ لِطُولٍ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلِاسْتِثْنَاءِ وَقَوْلُهُ فَرْقًا إلَخْ عِلَّةٌ لِمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَالْكِتَابُ كَالْكَتْبِ وَالْكِتَابَةِ) فَلِكَتَبَ ثَلَاثَةُ مَصَادِرَ أَحَدُهَا مُجَرَّدٌ مِنْ الزِّيَادَةِ وَالثَّانِي مَزِيدٌ بِحَرْفٍ، وَالثَّالِثُ بِحَرْفَيْنِ وَالْأَخِيرَانِ مُشْتَقَّانِ مِنْ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْمَصْدَرَ الْمَزِيدَ يُشْتَقُّ مِنْ الْمُجَرَّدِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ السَّعْدُ وَمَحَلُّ قَوْلِهِمْ الْمَصْدَرُ لَا يُشْتَقُّ مِنْ الْمَصْدَرِ إذَا كَانَا مُجَرَّدَيْنِ أَوْ مَزِيدَيْنِ (قَوْلُهُ الضَّمُّ وَالْجَمْعُ) وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ تَكَتَّبَتْ بَنُو فُلَانٍ إذَا اجْتَمَعُوا، وَكَتَبَ إذَا خَطَّ بِالْقَلَمِ لِمَا فِيهِ مِنْ اجْتِمَاعِ الْكَلِمَاتِ وَالْحُرُوفِ، وَعَطْفُ الْجَمْعِ مِنْ عَطْفِ الْأَعَمِّ؛ لِأَنَّ الضَّمَّ جَمْعٌ مَعَ تَلَاصُقٍ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْجَمْعِ التَّلَاصُقُ فَبَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مُطْلَقٌ، وَقِيلَ مِنْ عَطْفِ الْمُرَادِفِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الضَّمِّ التَّلَاصُقُ كَالْجَمْعِ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ وَاصْطِلَاحًا) أَيْ فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ وَعُرْفِهِمْ، وَعَبَّرَ عَنْ مُقَابِلِ اللُّغَوِيِّ فِي الْكِتَابِ بِقَوْلِهِ وَاصْطِلَاحًا وَفِي الطَّهَارَةِ بِقَوْلِهِ وَشَرْعًا بِنَاءً عَلَى مَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ أَنَّ الْحَقِيقَةَ الشَّرْعِيَّةَ هِيَ مَا يُتَلَقَّى مَعْنَاهَا مِنْ الشَّارِعِ وَإِنَّ مَا لَمْ يُتَلَقَّ مِنْ الشَّارِعِ يُسَمَّى اصْطِلَاحًا وَإِنْ كَانَ فِي عِبَارَاتِ الْفُقَهَاءِ بِأَنْ اصْطَلَحُوا عَلَى اسْتِعْمَالِهِ فِي مَعْنًى وَلَمْ يَتَلَقَّوْا التَّسْمِيَةَ بِهِ مِنْ كَلَامِ الشَّارِعِ نَعَمْ قَدْ يُعَبِّرُونَ عَنْ اتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ بِقَوْلِهِمْ شَرْعًا؛ لِأَنَّهُمْ حَمَلَةُ الشَّرْعِ ع ش وَبُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ لِجُمْلَةٍ إلَخْ) أَيْ لِدَالِّ جُمْلَةٍ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ؛ لِأَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ التَّرَاجِمَ أَسْمَاءٌ لِلْأَلْفَاظِ الْمَخْصُوصَةِ بِاعْتِبَارِ دَلَالَتِهَا عَلَى الْمَعَانِي الْمَخْصُوصَةِ ع ش وَشَيْخُنَا وَبُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ فَهُوَ إمَّا بَاقٍ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ نَقْلَ كِتَابٍ مِنْ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ إلَى الِاصْطِلَاحِيِّ إمَّا ابْتِدَاءً بِأَنْ يُنْقَلَ مِنْ مُطْلَقِ الضَّمِّ إلَى الضَّمِّ الْمَخْصُوصِ أَيْ ضَمِّ جُمْلَةٍ مُخْتَصَّةٍ مِنْ مَسَائِلِ الْعِلْمِ أَوْ بَعْدَ جَعْلِهِ بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ أَيْ الْمَضْمُومِ أَوْ بِمَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ أَيْ الْجَامِعِ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا فِي الْبَصْرِيِّ وَسَمِّ.

(قَوْلُهُ إمَّا بِمَعْنَى اللَّامِ) أَيْ عَلَى غَيْرِ الثَّانِي وَقَوْلُهُ أَوْ بَيَانِيَّةٌ أَيْ عَلَى الثَّانِي كَذَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ يُتَأَمَّلُ هَلْ وُجِدَ شَرْطُ الْبَيَانِيَّةِ وَفِي تَخْصِيصِ مَعْنَى اللَّامِ بِغَيْرِ الثَّانِي نَظَرٌ سم أَقُولُ الْمُرَادُ بِالْبَيَانِيَّةِ هُنَا إضَافَةُ الْأَعَمِّ إلَى الْأَخَصِّ كَيَوْمِ الْأَحَدِ وَلَوْ قَالَ لِلْبَيَانِ لَكَانَ أَوْلَى إذْ الْبَيَانِيَّةُ الْمَعْرُوفَةُ فِي النَّحْوِ يُشْتَرَطُ فِيهَا أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إلَيْهِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ كَخَاتَمِ فِضَّةٍ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْبَيَانِيَّةَ بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ تَجْرِي فِي الثَّالِثِ أَيْضًا (قَوْلُهُ فَإِنْ جُمِعَتْ) أَيْ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ الثَّلَاثَةُ فِي تَصْنِيفٍ كَالْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ غَالِبًا) قَدْ يُقَالُ حَيْثُ فُرِضَ الْكَلَامُ فِي اجْتِمَاعِهَا فَلَا حَاجَةَ لِقَيْدٍ غَالِبًا فَلْيُتَأَمَّلْ بَصْرِيٌّ أَقُولُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ اجْتِمَاعِ الثَّلَاثَةِ فِي مُؤَلَّفٍ كَالْمِنْهَاجِ أَنْ يَشْتَمِلَ كُلُّ كِتَابٍ مِنْ كُتُبِهِ وَكُلُّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِهِ وَكُلُّ فَصْلٍ مِنْ فُصُولِهِ عَلَى مَا ذُكِرَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ بِالْفَتْحِ إلَخْ)

وَأَمَّا بِالضَّمِّ فَاسْمٌ لِبَقِيَّةِ الْمَاءِ ابْنُ قَاسِمٍ الْغَزِّيِّ أَيْ مَا فَضَلَ مِنْ مَاءِ طَهَارَتِهِ فِي نَحْوِ الْإِبْرِيقِ لَا فِي نَحْوِ بِئْرٍ، وَنَقَلَ الْبِرْمَاوِيُّ عَنْ شَيْخِهِ وَعَنْ الْفَشْنِيِّ أَنَّهَا بِالْكَسْرِ اسْمٌ لِمَا يُضَافُ إلَى الْمَاءِ مِنْ نَحْوِ سِدْرٍ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ لُغَةً الْخُلُوصُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَهِيَ لُغَةً إلَخْ فَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ تَقْدِيرُ عَاطِفٍ وَمُبْتَدَأٍ وَإِلَّا

بِالنِّسْبَةِ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَاتِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بَيَانَ النَّجَاسَةِ ذَاتًا وَإِزَالَةً فَيَكُونُ قَدْ تَرْجَمَ لِلْإِزَالَةِ (قَوْلُهُ فَهُوَ إمَّا بَاقٍ عَلَى مَصْدَرِيَّتِهِ) إنْ كَانَ الْمُرَادُ الْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيَّ فَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ الْمَصْدَرِيَّةُ لِأَنَّ الْجُمْلَةَ مِنْ الْعِلْمِ لَيْسَتْ مَعْنًى مَصْدَرِيًّا فَمَا ذَكَرَهُ إنَّمَا يُنَاسِبُ الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ (قَوْلُهُ أَوْ بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَيْ الْمَكْتُوبِ وَقَوْلُهُ أَوْ الْفَاعِلِ قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَيْ الْجَامِعِ لِلطَّهَارَةِ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَالْإِضَافَةُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْعُبَابِ وَالْإِضَافَةُ عَلَى غَيْرِ الثَّانِي بِمَعْنَى اللَّامِ وَعَلَيْهِ بَيَانِيَّةٌ انْتَهَى يُتَأَمَّلُ هَلْ وُجِدَ شَرْطُ الْبَيَانِيَّةِ وَفِي تَخْصِيصِ مَعْنَى اللَّامِ بِغَيْرِ الثَّانِي نَظَرٌ (قَوْلُهُ أَوْ بَيَانِيَّةٌ) إنْ أُرِيدَ بِالْإِضَافَةِ إضَافَةُ كِتَابٍ إلَى أَحْكَامِ الَّذِي قَدَّرَهُ تَوَقَّفَتْ الْبَيَانِيَّةُ عَلَى اتِّحَادِ الْمُرَادِ بِكِتَابٍ وَأَحْكَامٍ بِأَنْ يُرَادَ بِكِتَابٍ الْمَسَائِلُ بِمَعْنَى الْأَحْكَامِ وَبِالْأَحْكَامِ الْمَسَائِلُ، وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ الْبَيَانِيَّةُ وَإِنْ أُرِيدَ الْإِضَافَةُ إلَى الطَّهَارَةِ تَوَقَّفَتْ الْبَيَانِيَّةُ عَلَى أَنْ يُرَادَ بِالطَّهَارَةِ مَا أُرِيدَ بِكِتَابٍ لَكِنْ ذَلِكَ خِلَافُ تَفْسِيرِهَا الْآتِي، وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ الْبَيَانِيَّةُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ كَوْنَهَا بِمَعْنَى اللَّامِ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ اتِّحَادِ مَعْنَى الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إلَيْهِ، هَذَا كُلُّهُ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا قِيلَ إنَّ شَرْطَ الْبَيَانِيَّةِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إلَيْهِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ

ص: 62

كَالْعَيْبِ، وَشَرْعًا لَهَا وَضْعَانِ حَقِيقِيٌّ وَهُوَ زَوَالُ الْمَنْعِ النَّاشِئِ عَنْ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ وَمَجَازِيٌّ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ وَهُوَ الْفِعْلُ الْمَوْضُوعُ لِإِفَادَةِ ذَلِكَ أَوْ بَعْضِ آثَارِهِ كَالتَّيَمُّمِ، وَبِهَذَا الْوَضْعِ عَرَّفَهَا الْمُصَنِّفُ بِأَنَّهَا رَفْعُ حَدَثٍ أَوْ إزَالَةُ نَجَسٍ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُمَا كَالتَّيَمُّمِ وَطُهْرِ السَّلَسِ أَوْ عَلَى صُورَتِهِمَا كَالْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ وَالطُّهْرِ الْمَنْدُوبِ وَفِيهِ أَعْنِي التَّعْبِيرَ بِالْمَعْنَى وَالصُّورَةِ إشَارَةٌ لِقَوْلِ ابْنِ الرِّفْعَةِ إنَّهَا فِي هَذَيْنِ لَا مِنْ مَجَازِ التَّشْبِيهِ إلَّا أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِمَنْعِهِ وَإِثْبَاتِ أَنَّهَا فِيهَا حَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي التَّيَمُّمِ، وَبَدَءُوا بِالطَّهَارَةِ لِخَبَرِ الْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ «مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطَّهُورُ» ، ثُمَّ بِمَا بَعْدَهَا عَلَى الْوَضْعِ الْبَدِيعِ الْآتِي لِأَمْرَيْنِ: الْأَوَّلُ الْخَبَرُ الْمَشْهُورُ «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ» وَأَسْقَطُوا الْكَلَامَ عَلَى الشَّهَادَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ أُفْرِدَ بِعِلْمٍ وَآثَرُوا رِوَايَةَ تَقْدِيمِ الصَّوْمِ عَلَى الْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ فَوْرِيٌّ وَمُتَكَرِّرٌ، وَأَفْرَدَ مَنْ يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ، وَالثَّانِي أَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الْبَعْثَةِ انْتِظَامُ أَمْرِ الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ

فَيُحْتَاجُ إلَى جَعْلِ قَوْلِهِ مَصْدَرٌ إلَخْ حَالًا لَا خَبَرًا (قَوْلُهُ كَالْعَيْبِ) مِنْ الْحِقْدِ وَالْحَسَدِ وَغَيْرِهِمَا شَيْخُنَا (قَوْلُهُ زَوَالُ الْمَنْعِ إلَخْ) كَحُرْمَةِ الصَّلَاةِ ع ش عِبَارَةُ الْإِقْنَاعِ وَأَحْسَنُ مَا قِيلَ فِيهِ أَيْ تَفْسِيرُهَا شَرْعًا أَنَّهُ ارْتِفَاعُ الْمَنْعِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى الْحَدَثِ وَالنَّجَسِ فَيَدْخُلُ فِيهِ غُسْلُ الذِّمِّيَّةِ وَالْمَجْنُونَةِ لِتَحِلَّا لِحَلِيلِهِمَا فَإِنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْ الْوَطْءِ قَدْ زَالَ، وَكَذَا يُقَالُ فِي غَسْلِ الْمَيِّتِ فَإِنَّهُ أَزَالَ الْمَنْعَ مِنْ الصَّلَاةِ اهـ بِحَذْفٍ (قَوْلُهُ وَالْخُبْثِ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ وَمَجَازِيٌّ) أَيْ بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ.

ثُمَّ صَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً بِقَرِينَةِ سَابِقِ كَلَامِهِ وَلَاحِقِهِ، فَيُوَافِقُ حِينَئِذٍ مَا فِي كَلَامِ غَيْرِهِ مِنْ أَنَّهُ مَعْنًى حَقِيقِيٌّ شَرْعِيٌّ كَالْأَوَّلِ، وَيَنْدَفِعُ اعْتِرَاضُ سم وَالْبَصْرِيِّ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ الْمَجَازِيُّ أَوْ السَّبَبُ (قَوْلُهُ لِإِفَادَةِ ذَلِكَ) أَيْ الزَّوَالِ (قَوْلُهُ كَالتَّيَمُّمِ) فَإِنَّهُ يُفِيدُ جَوَازَ الصَّلَاةِ الَّذِي هُوَ مِنْ آثَارِ ذَلِكَ نِهَايَةٌ وَمَعْنًى وَأَدْخَلَ بِالْكَافِ وُضُوءَ صَاحِبِ الضَّرُورَةِ لِكَوْنِهِ يُبِيحُ إبَاحَةً مَخْصُوصَةً بِالنِّسْبَةِ لِفَرْضٍ وَنَوَافِلَ وَالِاسْتِنْجَاءُ بِالْحَجَرِ لِكَوْنِهِ يُبِيحُ إبَاحَةً مَخْصُوصَةً بِالنِّسْبَةِ لِصَلَاةِ فَاعِلِهِ (قَوْلُهُ وَبِهَذَا الْوَضْعِ) أَيْ الْمَجَازِيِّ (قَوْلُهُ عَرَّفَهَا الْمُصَنِّفُ) أَيْ فِي مَجْمُوعَةٍ مُدْخِلًا فِيهَا الْأَغْسَالَ الْمَسْنُونَةَ وَنَحْوَهَا مَعْنًى.

(قَوْلُهُ بِأَنَّهَا رَفْعُ حَدَثٍ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ فِي صِحَّةِ حَمْلِ التَّعْرِيفِ عَلَى الْمُعَرَّفِ نَظَرٌ سَوَاءٌ أُرِيدَ بِالْوُضُوءِ مَثَلًا الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ أَوْ الْحَاصِلُ بِالْمَصْدَرِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ الرَّفْعُ بِالرَّافِعِ بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ ع ش عَنْ سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ نَصُّهَا هَذَا التَّعْرِيفُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الرَّفْعَ وَالْإِزَالَةَ هُمَا نَفْسُ نَحْوِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَصَبِّ الْمَاءِ عَلَى الثَّوْبِ لَكِنْ قَدْ يَتَوَقَّفُ فِي أَنَّ الْوُضُوءَ مَثَلًا هُوَ نَفْسُ الرَّفْعِ بَلْ الرَّفْعُ يَحْصُلُ بِهِ، وَلَيْسَ نَفْسُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.

(قَوْلُهُ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا إلَخْ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ التَّحْقِيقُ قَوْلُ الْقَاضِي حُسَيْنٍ: إنَّهَا رَفْعُ الْحَدَثِ وَإِزَالَةُ النَّجَسِ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ يَرِدُ بِاسْتِعْمَالِهَا إلَّا فِيهِمَا وَإِطْلَاقُ حَمَلَةِ الشَّرْعِ عَلَى الْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ وَالْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ طَهَارَةً مَجَازٌ مِنْ مَجَازِ التَّشْبِيهِ لِشَبَهِهِمَا بِالرَّفْعِ مَعَ افْتِقَارِهِمَا إلَى النِّيَّةِ فَإِطْلَاقُهُمْ عَلَى التَّيَمُّمِ طَهَارَةً مَجَازٌ أَيْضًا كَمَا سَمَّوْا التُّرَابَ وُضُوءًا انْتَهَى ابْنُ شُهْبَةَ اهـ بَصْرِيٌّ وَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ الْجَوَابُ عَنْهُ (قَوْلُهُ كَالتَّيَمُّمِ) هَذَا فِي مَعْنَى رَفْعِ الْحَدَثِ وَقَوْلُهُ وَطَهُرَ السَّلَسُ هَذَا فِي مَعْنَى إزَالَةِ النَّجَسِ وَفِي مَعْنَاهَا أَيْضًا الِاسْتِنْجَاءُ بِالْحَجَرِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا وَطَهَارَةُ الْمُسْتَحَاضَةِ كَمَا فِي الْمُغْنِي وَالدِّبَاغِ وَانْقِلَابِ الْخَمْرِ خَلًّا كَمَا فِي ع ش (قَوْلُهُ كَالْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ فِي الْوُضُوءِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا وَاَلَّذِي عَلَى صُورَةِ رَفْعِ الْحَدَثِ الْأَغْسَالُ الْمَنْدُوبَةُ وَالْوُضُوءُ الْمُجَدَّدُ وَالْغَسْلَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ فِي طَهَارَةِ الْحَدَثِ وَاَلَّذِي عَلَى صُورَةِ إزَالَةِ النَّجَسِ الْغَسْلَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ مِنْ غَسَلَاتِ النَّجَاسَةِ اهـ.

فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَالطُّهْرُ الْمَنْدُوبُ شَامِلٌ لِغَسَلَاتِ النَّجَاسَةِ كَمَا فِي الْمُغْنِي أَيْضًا (قَوْلُهُ فِي هَذَيْنِ) أَيْ مَا فِي مَعْنَاهُمَا وَمَا عَلَى صُورَتِهِمَا (قَوْلُهُ مِنْ مَجَازِ التَّشْبِيهِ) أَيْ فَلَمْ يُرِدْ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُمَا يُشَارِكُهُمَا فِي الْحَقِيقَةِ وَمِنْ أَفْرَادِ الطَّهَارَةِ وَشَرْعًا وَهَذَا جَوَابٌ بِالْمَنْعِ عَنْ الِاعْتِرَاضِ الْوَارِدِ عَلَى تَعْرِيفِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُجَابَ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْهُ بِالتَّسْلِيمِ (قَوْلُهُ بِمَنْعِهِ) أَيْ قَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ (قَوْلُهُ أَنَّهَا فِيهِمَا حَقِيقَةٌ إلَخْ) تَأَمَّلْ مَا فِيهِ مِنْ الْمُنَافَاةِ لِمَا سَبَقَ مِنْ أَنَّهَا فِي الْمَعْنَى الثَّانِي مَجَازٌ بَصْرِيٌّ وَسَمِّ.

وَتَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَنْهُ (قَوْلُهُ فِي التَّيَمُّمِ) أَيْ مِمَّا فِي مَعْنَاهُمَا (قَوْلُهُ لِخَبَرِ الْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ إلَخْ) أَيْ مَعَ افْتِتَاحِهِ صلى الله عليه وسلم ذِكْرَ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ الشَّهَادَتَيْنِ الْمَبْحُوثِ عَنْهُمَا فِي الْكَلَامِ بِالصَّلَاةِ كَمَا سَيَأْتِي، وَلِكَوْنِهَا أَعْظَمَ شُرُوطِ الصَّلَاةِ الَّتِي قَدَّمُوهَا عَلَى غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ عِبَادَاتِ الْبَدَنِ بَعْدَ الْإِيمَانِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ الْخَبَرَيْنِ الْمَشْهُورَيْنِ «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ» ) تَتِمَّتُهُ كَمَا فِي النِّهَايَةِ «شَهَادَةِ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَصَوْمِ رَمَضَانَ وَحَجِّ الْبَيْتِ» اهـ.

(قَوْلُهُ بِعِلْمٍ) أَيْ عِلْمِ التَّوْحِيدِ (قَوْلُهُ مُتَكَرِّرٌ) أَيْ فِي كُلِّ عَامٍ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَالثَّانِي إلَخْ) وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا فِي هَذِهِ الْحِكْمَةِ لِلْفَرَائِضِ لَعَلَّهُ لِكَوْنِهَا عِلْمًا مُسْتَقِلًّا أَوْ لِجَعْلِهَا مِنْ الْمُعَامَلَاتِ وَالْمُنَاكَحَاتِ وَالْجِنَايَاتِ ع ش (قَوْلُهُ انْتِظَامُ أَمْرِ الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ) يَحْتَمِلَانِ الْمَصْدَرَ وَاسْمَ الزَّمَانِ

وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرٍ آخَرَ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَهُوَ زَوَالُ الْمَنْعِ) لَا يَشْمَلُ نَحْوَ طَهَارَةِ الْخَمْرِ لِقَوْلِهِ عَنْ الْحَدَثِ إلَخْ (تَنْبِيهٌ)

عَدَمُ شُمُولِ بَعْضِ التَّعَارِيفِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْمَقَامِ لِنَحْوِ طَهَارَةِ الْخَمْرَةِ بِالتَّخَلُّلِ وَالْجِلْدِ بِالِانْدِبَاغِ لَا يَقْتَضِي تَخْصِيصَ التَّرْجَمَةِ بِغَيْرِ ذَلِكَ حَتَّى يَكُونَ زَائِدًا عَلَى مَا فِي التَّرْجَمَةِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ التَّعْرِيفُ لِبَعْضِ مَعَانِي الطَّهَارَةِ وَأَنْوَاعِهَا مَعَ عُمُومِ مَا فِي التَّرْجَمَةِ (قَوْلُهُ وَمَجَازِيٌّ إلَخْ) قَدْ يُمْنَعُ وَيَدَّعِي أَنَّهُ حَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَإِثْبَاتُ أَنَّهَا فِيهِمَا حَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ الْجَزْمِ فِي أَصْلِ هَذَا الْمَعْنَى بِأَنَّهُ مَجَازِيٌّ (قَوْلُهُ

ص: 63

بِكَمَالِ الْقُوَى النُّطْقِيَّةِ وَمُكَمِّلُهَا الْعِبَادَاتُ، وَالشَّهَوِيَّةِ وَمُكَمِّلُهَا غِذَاءٌ وَنَحْوُهُ الْمُعَامَلَاتُ، وَوَطْءٌ وَنَحْوُهُ الْمُنَاكَحَاتُ، وَالْغَضَبِيَّةُ وَمُكَمِّلُهَا التَّحَرُّزُ عَنْ الْجِنَايَاتِ، وَقُدِّمَتْ الْأُولَى لِشَرَفِهَا، ثُمَّ الثَّانِيَةُ لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا، ثُمَّ الثَّالِثَةُ؛ لِأَنَّهَا دُونَهَا فِي الْحَاجَةِ، ثُمَّ الرَّابِعَةُ لِقِلَّةِ وُقُوعِهَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا قَبْلَهَا، وَإِنَّمَا خَتَمَهَا الْأَكْثَرُ بِالْعِتْقِ تَفَاؤُلًا.

وَبَدَءُوا مِنْ مُقَدَّمَاتِ الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي آلَتِهَا وَافْتَتَحَ هَذَا الْكِتَابَ بِآيَةٍ لِتَعُودَ بَرَكَتُهَا عَلَى جَمِيعِ الْكِتَابِ لَا لِكَوْنِهَا دَلِيلَهُ؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهِ التَّأَخُّرَ عَنْ الْمَدْلُولِ عَلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ قَاعِدَةً كُلِّيَّةً يَنْطَبِقُ عَلَيْهَا أَكْثَرُ الْمَسَائِلِ كَمَا هُنَا قُدِّمَ وَلَمْ يُرَاعِ ذَلِكَ فِي غَيْرِهِ وَإِنْ رَاعَاهُ أَصْلُهُ كَالشَّافِعِيِّ رضي الله عنه اخْتِصَارًا (قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَأَنْزَلْنَا} [المؤمنون: 18] أَيْ إنْزَالًا مُسْتَمِرًّا بَاهِرًا لِلْعُقُولِ نَاشِئًا عَنْ عَظَمَتِنَا {مِنَ السَّمَاءِ} [المؤمنون: 18] أَيْ الْجِرْمِ الْمَعْهُودَ إنْ أُرِيدَ الِابْتِدَاءُ أَوْ السَّحَابِ إنْ أُرِيدَ الِانْتِهَاءُ {مَاءً} [المؤمنون: 18] فِيهِ عُمُومٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لِلِامْتِنَانِ وَبِهَذَا اُسْتُفِيدَ مِنْهُ أَنَّهُ طَاهِرٌ إذْ لَا امْتِنَانَ بِالنَّجِسِ فَمِنْ ثَمَّ كَانَ (طَهُورًا) مَعْنَاهُ مُطَهِّرًا لِغَيْرِهِ وَإِلَّا لَزِمَ التَّأْكِيدُ وَالتَّأْسِيسُ خَيْرٌ مِنْهُ

ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى الْبَهْجَةِ أَقُولُ الْأَقْرَبُ الثَّانِي عِ ش (قَوْلُهُ بِكَمَالِ الْقُوَى النُّطْقِيَّةِ إلَخْ) الْمُرَادُ بِهَا الْقُوَى الدَّارِكَةِ وَوَجْهُ كَوْنِ الْعِبَادَاتِ مُكَمِّلَةً لَهَا أَنَّ الْمُتَلَبِّسَ بِهَا مُتَوَجِّهٌ إلَى عَالَمِ الْقُدْسِ مُعْرِضٌ عَنْ عَالَمِ الشَّهَوَاتِ وَالْمُدَاوَمَةُ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ سَبَبٌ لِصَفَاءِ النَّفْسِ وَمَزِيدِ اسْتِعْدَادِهَا لِلِاسْتِفَاضَةِ مِنْ الْمَبْدَأِ الْفَيَّاضِ بِإِفَاضَةِ مَا هُوَ سَبَبٌ لِلسَّعَادَةِ الْأَبَدِيَّةِ مِنْ مَعْرِفَتِهِ وَمَعْرِفَةِ صِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ سبحانه وتعالى عَلَى حَسَبِ الطَّاقَةِ الْبَشَرِيَّةِ بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ النُّطْقِيَّةِ أَيْ الْإِدْرَاكِيَّةِ سم عَلَى حَجّ.

وَقَالَ فِي هَامِشِ شَرْحِ الْبَهْجَةِ أَيْ الْعَقْلِيَّةِ اهـ وَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ، ثُمَّ قَالَ وَهَلْ الْمُرَادُ بِكَمَالِهَا بِهَا أَنَّهَا تُزِيلُ نَقْصًا يَكُونُ لَوْلَاهَا أَوْ أَنَّهَا تُفِيدُ اعْتِبَارَهَا وَالِاعْتِدَادَ بِهَا فِيهِ نَظَرٌ وَلَا مَانِعَ مِنْ إرَادَةِ الْأَمْرَيْنِ انْتَهَى انْتَهَتْ (قَوْلُهُ التَّحَرُّزُ عَنْ الْجِنَايَاتِ) الْأَوْلَى وَمُكَمِّلُهَا مَعْرِفَةُ أَحْكَامِ الْجِنَايَاتِ لِيَعْلَمَ الْجِنَايَةَ الْمَحْمُودَةَ شَرْعًا كَالْجِهَادِ وَنَحْوِهِ فَيَسْتَعْمِلَهَا فِيهَا، وَالْمَذْمُومَةَ شَرْعًا كَالْجِنَايَةِ عَلَى مُسْلِمٍ ظُلْمًا فَيَرْدَعَهَا عَنْهَا فَلْيُتَأَمَّلْ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ وَقُدِّمَتْ الْأُولَى) أَيْ الْعِبَادَاتُ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ لِشَرَفِهَا) عِبَارَةُ الْمُغْنِي اهْتِمَامًا بِالْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ اهـ وَعِبَارَةُ النِّهَايَةِ لِتَعَلُّقِهَا بِالْأَشْرَفِ اهـ وَهُوَ الْبَارِي سبحانه وتعالى ع ش.

وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ أَيْ كَمَالُ الْقُوَى النُّطْقِيَّةِ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا اهـ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي آلَتِهَا) أَيْ وَغَيْرُهُ كَالتُّرَابِ وَأَحْجَارِ الِاسْتِنْجَاءِ بَدَلٌ مِنْهُ مُغْنِي (قَوْلُهُ هَذَا الْكِتَابُ) أَيْ كِتَابُ الطَّهَارَةِ (قَوْلُهُ عَلَى جَمِيعِ الْكِتَابِ) أَيْ الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ بِالْآيَةِ) وَقَوْلُهُ دَلِيلُهُ إلَخْ أَيْ الْكِتَابِ، وَيُحْتَمَلُ الْمَاءُ (قَوْلُهُ إذَا كَانَ إلَخْ) أَيْ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمَدْلُولَ مَذْكُورٌ إجْمَالًا فِي التَّرْجَمَةِ فَالْمَدْلُولُ الْإِجْمَالِيُّ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الدَّلِيلِ سم (قَوْلُهُ يَنْطَبِقُ عَلَيْهَا أَكْثَرُ إلَخْ) فِيهِ قَلْبٌ، وَالْأَصْلُ كَمَا فِي الْمُغْنِي تَنْطَبِقُ عَلَى أَكْثَرِ مَسَائِلِ الْبَابِ (قَوْلُهُ أَكْثَرُ الْمَسَائِلِ) يُنَافِي قَوْلَهُ قَاعِدَةً كُلِّيَّةً (قَوْلُهُ وَلَمْ يُرَاعِ ذَلِكَ) أَيْ افْتِتَاحَ الْبَابِ بِدَلِيلِهِ (قَوْلُهُ اخْتِصَارًا) عِلَّةٌ لِعَدَمِ مُرَاعَاةِ الْمُصَنِّفِ لِمَسْلَكِ الْمُحَرَّرِ تَبَعًا لِإِمَامِ الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ مُسْتَمِرًّا) أَيْ لَا مُنْقَطِعًا كَمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ الْمَاضِي (قَوْلُهُ عَنْ عَظَمَتِنَا) أَيْ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ ضَمِيرُ الْعَظَمَةِ سم (قَوْلُهُ أَيْ الْجِرْمِ الْمَعْهُودِ) هُوَ الْأَقْرَبُ كَنْزٌ اهـ.

سم (قَوْلُهُ أَوْ السَّحَابِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَهَلْ الْمُرَادُ بِالسَّمَاءِ فِي الْآيَةِ الْجِرْمُ الْمَعْهُودُ أَوْ السَّحَابُ قَوْلَانِ حَكَاهُمَا الْمُصَنِّفُ فِي دَقَائِقِ الرَّوْضَةِ وَلَا مَانِعَ أَنْ يُنَزَّلَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا انْتَهَتْ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُحَصِّلَ كَلَامِ الشَّارِحِ جَمْعٌ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ وَإِبْطَالٌ لِلثَّانِي وَرَدُّهُ إلَى الْأَوَّلِ بِحَسَبِ الْحَقِيقَةِ نَعَمْ لَوْ عَبَّرَ بِالْإِنْزَالِ الْأَوْلَى وَالثَّانَوِيُّ بَدَلُ الِابْتِدَاءِ الِانْتِهَاءُ لَكَانَ أَوْلَى بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ فِيهِ عُمُومٌ) قَدْ يُشْكِلُ الْعُمُومُ بِنَبْعِ بَعْضِ الْمَاءِ الطَّهُورِ مِنْ الْأَرْضِ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ أَنَّ أَصْلَ كُلِّ مَاءٍ يَنْبُعُ مِنْ الْأَرْضِ مِنْ السَّمَاءِ سم (قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ إلَخْ) لِلتَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ) أَيْ نُزُولَ هَذِهِ الْآيَةِ (قَوْلُهُ وَبِهَذَا) إلَى قَوْلِهِ وَأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَبِهَذَا) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ لِلِامْتِنَانِ سم (قَوْلُهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ قَوْله تَعَالَى {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} [المؤمنون: 18] نِهَايَةٌ وَيَصِحُّ إرْجَاعُ الضَّمِيرِ إلَى لَفْظِ الْمَاءِ فِي الْآيَةِ قَوْلُهُ: (إذْ لَا امْتِنَانَ بِالنَّجِسِ) يُتَأَمَّلُ فَمَا الْمَانِعُ مِنْ صِحَّةِ الِامْتِنَانِ بِشَيْءٍ، وَإِنْ قَامَ غَيْرُهُ مَقَامَهُ سم عَلَى حَجّ اهـ.

ع ش وَقَدْ يُقَالُ لَا كَبِيرُ مَوْقِعٍ لَهُ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ الْمُرَادُ نَفْيُ كَمَالِ الِامْتِنَانِ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ أَجْلِ إفَادَتِهِ الظَّاهِرِيَّةَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَزِمَ التَّأْكِيدُ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ جُعِلَ الطَّهُورُ بِمَعْنَى الطَّاهِرِ لَزِمَ التَّأْكِيدُ؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ مُسْتَفَادَةٌ مِنْ لَفْظِ

النُّطْقِيَّةِ) أَيْ الْإِدْرَاكِيَّةِ.

(قَوْلُهُ لَا لِكَوْنِهَا دَلِيلَهُ إلَخْ) عَلَى أَنَّ الْمَدْلُولَ مَذْكُورٌ إجْمَالًا فِي التَّرْجَمَةِ فَالْمَدْلُولُ الْإِجْمَالِيُّ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الدَّلِيلِ (قَوْلُهُ مُسْتَمِرًّا) أَيْ لَا مُنْقَطِعًا كَمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ الْمَاضِي (قَوْلُهُ عَنْ عَظَمَتِنَا) أَيْ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ ضَمِيرُ الْعَظَمَةِ (قَوْلُهُ الْمَعْهُودُ) هُوَ الْأَقْرَبُ كَنْزٌ (قَوْلُهُ الِانْتِهَاءُ) قَدْ يَتَبَادَرُ انْتِهَاءُ الْإِنْزَالِ، وَفِيهِ أَنَّ الْإِنْزَالَ لَمْ يَنْتَهِ بِالسَّحَابِ بَلْ جَاوَزَهُ إلَى الْأَرْضِ إلَّا أَنْ يُرَادَ انْتِهَاءُ مَحَلِّهِ وَاسْتِقْرَارُهُ الْعُلْوِيُّ (قَوْلُهُ فِيهِ عُمُومٌ إلَخْ) قَدْ يُشْكِلُ الْعُمُومُ بِأَنَّ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ أَنْزَلْنَا مِنْ السَّمَاءِ كُلَّ مَاءٍ طَهُورٍ مَعَ أَنَّ بَعْضَ الْمَاءِ الطَّهُورِ نَبَعَ مِنْ الْأَرْضِ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ أَنَّ أَصْلَ كُلِّ مَا نَبَعَ مِنْ الْأَرْضِ مِنْ السَّمَاءِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ لِلِامْتِنَانِ) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ وَبِهَذَا إلَخْ (قَوْلُهُ إذْ لَا امْتِنَانَ بِالنَّجِسِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ الطَّهُورِيَّةَ لَمْ تُسْتَفَدْ إلَّا مِنْ قَوْلِهِ طَهُورًا لَا يَلْزَمُ الِامْتِنَانُ بِالنَّجِسِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُنْظَرُ فِي أَنَّهُ لَا امْتِنَانَ بِالنَّجِسِ عَلَى الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَزِمَ التَّأْكِيدُ) قَدْ يَمْنَعُ لُزُومُ

ص: 64

وَيَدُلُّ لِذَلِكَ أَيْضًا لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ، وَأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي فَعُولٍ وَإِنْ جَاءَ مَصْدَرًا وَلِلْمُبَالَغَةِ بِأَنْ يَدُلَّ عَلَى زِيَادَةٍ فِي مَعْنَى فَاعِلٍ مَعَ مُسَاوَاتِهِ لَهُ تَعَدِّيًا كَضَرُوبٍ أَوْ لُزُومًا كَصَبُورٍ وَلِلْآلَةِ كَسَحُورٍ لِمَا يُتَسَحَّرُ بِهِ، وَبِهَذَا الِاشْتِرَاكِ مَعَ كَوْنِ الْأَصْلِ مَا ذُكِرَ انْدَفَعَ الِاسْتِدْلَال لِطَهُورِيَّةِ الْمُسْتَعْمَلِ نَظَرًا إلَى إفَادَةِ الْمُبَالَغَةِ عَلَى أَنَّ فِيمَا قُلْنَاهُ تَكْرَارًا أَيْضًا لِرَفْعِهِ أَحْدَاثَ أَجْزَاءِ الْعُضْوِ الْوَاحِدِ بِجَرْيِهِ عَلَيْهِ أَمَّا الْمَضْمُومُ فَيَخْتَصُّ بِالْمَصْدَرِ، وَقِيلَ يَأْتِي بِمَعْنَى الْمُطَهِّرِ لِغَيْرِهِ أَيْضًا وَاخْتِصَاصُ الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ الَّذِي أَشَارَتْ إلَيْهِ الْآيَةُ وَلَا يَرِدُ شَرَابًا طَهُورًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ وُصِفَ بِأَعْلَى صِفَاتِ الدُّنْيَا تَعَبُّدِيٌّ أَوْ لِمَا فِيهِ مِنْ الرِّقَّةِ وَاللَّطَافَةِ الَّتِي لَا تُوجَدُ فِي غَيْرِهِ وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ لَا لَوْنَ لَهُ وَبِهَذَا الِاخْتِصَاصِ يَتَّضِحُ مَنْعُهُمْ الْقِيَاسَ عَلَيْهِ لَا لِمَفْهُومِهِ؛ لِأَنَّهُ لَقَبٌ.

(يُشْتَرَطُ لِرَفْعِ الْحَدَثِ) إجْمَاعًا وَاعْتُرِضَ وَهُوَ هُنَا أَمْرٌ اعْتِبَارِيٌّ قَائِمٌ بِالْأَعْضَاءِ يَمْنَعُ صِحَّةَ نَحْوِ الصَّلَاةِ حَيْثُ لَا مُرَخِّصَ أَوْ الْمَنْعُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى ذَلِكَ وَكَوْنُ التَّيَمُّمِ يَرْفَعُ هَذَا لَا بَرَدٌ؛ لِأَنَّهُ رَفْعٌ خَاصٌّ بِالنِّسْبَةِ لِفَرْضٍ وَاحِدٍ، وَكَلَامُنَا فِي الرَّفْعِ الْعَامِّ وَهَذَا خَاصٌّ بِالْمَاءِ، وَهُوَ إمَّا أَصْغَرُ وَرَافِعُهُ الْوُضُوءُ وَإِمَّا أَكْبَرُ وَرَافِعُهُ الْغُسْلُ، وَقَدْ يُقْسَمُ هَذَا نَظَرًا إلَى تَفَاوُتِ مَا يَحْرُمُ بِهِ إلَى مُتَوَسِّطٍ، وَهُوَ مَا عَدَا الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَأَكْبَرَ وَهُوَ هُمَا إذْ مَا يَحْرُمُ بِهِمَا أَكْثَرُ.

(وَ) رَفْعُ (النَّجَسِ)

الْمَاءِ عَلَى مَا مَرَّ بِخِلَافِ مَا لَوْ أُرِيدَ بِهِ الْمُطَهِّرُ فَلَا يَكُونُ تَأْكِيدًا بَلْ تَأْسِيسًا أَيْ مُفِيدًا لِمَعْنَى مَا قَبْلَهُ ع ش (قَوْلُهُ وَيَدُلُّ إلَخْ) فِي دَلَالَتِهِ نَظَرٌ سم (قَوْلُهُ لِذَلِكَ) أَيْ لِكَوْنِ الْمَاءِ مُطَهِّرًا لِغَيْرِهِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ غَيْرِهِ وَإِنْ أَوْهَمَ صَنِيعُهُ رُجُوعَ الْإِشَارَةِ لِكَوْنِ طَهُورًا فِي الْآيَةِ بِمَعْنَى مُطَهِّرٍ لِغَيْرِهِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا مَرَّ عَنْ سم آنِفًا عَلَى أَنَّ الْآيَاتِ يُفَسِّرُ بَعْضُهَا بَعْضًا (قَوْلُهُ أَيْضًا) أَيْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {طَهُورًا} [الفرقان: 48](قَوْلُهُ وَإِنَّهُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى {لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} [الأنفال: 11]، وَالضَّمِيرُ لِكَوْنِ {طَهُورًا} [الفرقان: 48] فِي الْآيَةِ بِمَعْنَى مُطَهِّرًا لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَلِلْآلَةِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ هَذَا غَيْرُ الْمَعْنَى الْمُرَادِ مِمَّا فِي الْآيَةِ الَّذِي قَالَ فِيهِ إنَّهُ الْأَصْلُ فِي فَعُولٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ عِبَارَةُ عَمِيرَةَ نَقَلَ النَّوَوِيُّ عَنْ ابْنِ مَالِكٍ أَنَّ فَعُولًا قَدْ يَكُونُ لِلْمُبَالَغَةِ، وَهِيَ أَنْ يَدُلَّ عَلَى زِيَادَةٍ إلَخْ، وَقَدْ يَكُونُ اسْمًا لِمَا يُفْعَلُ بِهِ الشَّيْءُ الْبُرُودَ لِمَا يَتَبَرَّدُ بِهِ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الطَّهُورُ مِنْ الْأَوَّلِ، وَأَنْ يَكُونَ مِنْ الثَّانِي انْتَهَى.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ أَنْكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ دَلَالَتَهُ عَلَى التَّطْهِيرِ، وَقَالُوا لَا يَزِيدُ عَلَى مَعْنَى الْمُبَالَغَةِ فِي وَصْفِ فَاعِلِهِ أَقُولُ كَفَاك حُجَّةً قَاطِعَةً عَلَى فَسَادِ قَوْلِهِمْ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» فَإِنَّ الطَّهُورَ هُنَا لَوْ لَمْ يَكُنْ بِمَعْنَى الْمُطَهِّرِ لَمْ يَسْتَقِمْ لِفَوَاتِ مَا اخْتَصَّتْ بِهِ الْأُمَّةُ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ الِاسْتِدْلَال بِهِ) أَيْ بِقَوْلِهِ طَهُورًا (قَوْلُهُ فِيمَا قُلْنَاهُ) أَيْ فِي كَوْنِ طَهُورًا بِمَعْنَى الْمُطَهِّرِ لِغَيْرِهِ تَكَرُّرًا أَيْ مُبَالَغَةً (قَوْلُهُ أَيْضًا) أَيْ كَمَعْنَى الْمُبَالَغَةِ (قَوْلُهُ أَمَّا الْمَضْمُومُ) أَيْ لَفْظُ طُهُورٍ بِضَمِّ الْفَاءِ (قَوْلُهُ وَاخْتِصَاصٌ) مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ تَعَبُّدِيٌّ خَبَرٌ سم (قَوْلُهُ وَلَا يَرُدُّ) أَيْ عَلَى ذَلِكَ الِاخْتِصَاصِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الشَّرَابُ قَدْ وُصِفَ أَيْ فِي الْآخِرَةِ بِأَعْلَى صِفَاتِ الدُّنْيَا أَيْ وَهِيَ كَوْنُهُ مُطَهِّرًا لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ أَوْ لِمَا فِيهِ مِنْ الرِّقَّةِ إلَخْ) وَنُقِلَ عَنْ الْإِيعَابِ مَا نَصُّهُ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ تَرْجِيحُهُ أَنَّهُ مَعْقُولٌ؛ لِأَنَّ التَّعَبُّدَ لَا يُصَارُ إلَيْهِ إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ إبْدَاءِ مَعْنًى مُنَاسِبٍ، وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَبِهَذَا الِاخْتِصَاصِ) أَيْ الَّذِي أَشَارَتْ إلَيْهِ الْآيَةُ (قَوْلُهُ لَا لِمَفْهُومِهِ) .

قَالَ الْكُرْدِيُّ إنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِمَا فِيهِ إلَخْ وَفِيهِ مَا لَا يَخْفَى، وَقِيلَ إنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى بِهَذَا أَيْ يَتَّضِحُ مَنْعُهُمْ الْقِيَاسَ عَلَيْهِ بِهَذَا الِاخْتِصَاصِ لَا لِكَوْنِ مَفْهُومِ الْمَاءِ يَدُلُّ عَلَى الْمَنْعِ الْمَذْكُورِ اهـ وَهُوَ الظَّاهِرُ الْمُتَعَيِّنُ لَكِنْ فِيهِ رَكَّةٌ، وَلَوْ قَالَ وَاتَّضَحَ بِذَلِكَ أَنَّ مَنْعَهُمْ الْقِيَاسَ عَلَيْهِ لِهَذَا الِاخْتِصَاصِ لَا لِمَفْهُومِهِ إلَخْ كَانَ ظَاهِرًا (قَوْلُهُ الْقِيَاسَ) أَيْ قِيَاسَ غَيْرِ الْمَاءِ كَالنَّبِيذِ عَلَيْهِ أَيْ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَقَبٌ) أَيْ وَمَفْهُومُهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ لِقَوْلِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ الْمَفَاهِيمُ أَيْ الْمُخَالِفَةُ إلَّا اللَّقَبَ حُجَّةٌ اهـ.

قَالَ الْبُنَانِيُّ الْمُرَادُ بِاللَّقَبِ هُنَا الِاسْمُ الْجَامِدُ الشَّامِلُ لِلْعَلَمِ الشَّخْصِيِّ وَاسْمِ الْجِنْسِ فَهُوَ مُغَايِرٌ لِلَّقَبِ النَّحْوِيِّ مُغَايِرَةَ الْعَامِّ لِلْخَاصِّ لِشُمُولِهِ لِلْعَلَمِ عِنْدَ النُّحَاةِ الشَّامِلِ لِأَنْوَاعِهِ الثَّلَاثَةِ الِاسْمِ وَالْكُنْيَةِ وَاللَّقَبِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَاعْتَرَضَ) أَيْ بِأَنَّهُ حَكَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَسُفْيَانَ جَوَازَ الْوُضُوءِ بِالنَّبِيذِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَهُوَ هُنَا إلَخْ) احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا سَيَأْتِي فِي أَسْبَابِ الْحَدَثِ فَإِنَّ لَهُ ثَمَّ مَعْنًى آخَرَ سَيَأْتِي بَيَانُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَهُوَ فِي اللُّغَةِ الشَّيْءُ الْحَادِثُ وَفِي الشَّرْعِ يُطْلَقُ عَلَى أَمْرٍ اعْتِبَارِيٍّ إلَخْ وَعَلَى الْأَسْبَابِ الَّتِي يَنْتَهِي بِهَا الطُّهْرُ وَعَلَى الْمَنْعِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى ذَلِكَ، وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَوَّلُ اهـ وَكَذَا اقْتَصَرَ النِّهَايَةُ عَلَى إرَادَتِهِ فَقَطْ خِلَافًا لِلشَّارِحِ حَيْثُ جَوَازُ إرَادَةِ الْمَعْنَى الثَّالِثِ أَيْضًا (قَوْلُهُ حَيْثُ لَا مُرَخِّصَ) وَهُوَ فَقْدُ الْمَاءِ (قَوْلُهُ وَكَوْنُ التَّيَمُّمِ إلَخْ) جَوَابُ سُؤَالٍ نَشَأَ عَنْ قَوْلِهِ أَوْ الْمَنْعِ إلَخْ (قَوْلُهُ بِرَفْعِ هَذَا) أَيْ الْمَنْعِ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَهُوَ) إلَى قَوْلِهِ أَوْ مَعْنًى فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ هَذَا) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ أَكْبَرَ سم (قَوْلُهُ هَذَا) أَيْ مَا يَرْفَعُهُ الْغُسْلُ (قَوْلُهُ مَا عَدَا الْحَيْضِ إلَخْ) أَيْ الْجَنَابَةِ ع ش (قَوْلُهُ إذْ مَا يَحْرُمُ بِهِمَا أَكْثَرُ) إذْ يَحْرُمُ بِهِمَا مَا يَحْرُمُ بِالْجَنَابَةِ وَالصَّوْمِ وَالْوَطْءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ ع ش.

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَالنَّجَسُ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَفَتْحِهَا أَيْ مَعَ فَتْحِ النُّونِ وَبِإِسْكَانِهَا مَعَ كَسْرِ النُّونِ وَفَتْحِهَا نِهَايَةٌ فَتَصِيرُ اللُّغَاتُ أَرْبَعَةً وَفِي الْقَامُوسِ لُغَةٌ خَامِسَةٌ وَهِيَ كَعَضُدٍ

التَّأْكِيدَ إذْ لَمْ يُسْتَفَدْ مَعْنَى الثَّانِي مِنْ الْأَوَّلِ بِوَضْعِهِ وَلَوْ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ إلَخْ) فِي دَلَالَتِهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ انْدَفَعَ الِاسْتِدْلَال) قَدْ يَمْنَعُ انْدِفَاعَهُ عَلَى قَاعِدَةِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْمُشْتَرَكَ إذَا تَجَرَّدَ عَنْ الْقَرَائِنِ حُمِلَ عَلَى جَمِيعِ مَعَانِيهِ وَهِيَ هُنَا غَيْرُ مُتَنَافِيَةٍ إلَّا مَعْنَى الْمَصْدَرِ لَكِنْ إذَا حُمِلَ عَلَى الْمُبَالَغَةِ وَافَقَ غَيْرَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ وَأَصَالَةُ بَعْضِهَا لَا تَقْتَضِي التَّخْصِيصَ بِهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَالتَّجَرُّدِ عَنْ الْقَرَائِنِ (قَوْلُهُ وَاخْتِصَاصٌ) مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ تَعَبُّدِيٌّ خَبَرٌ.

(قَوْلُهُ وَأَمَّا أَكْبَرُ) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ هَذَا

ص: 65

وَهُوَ شَرْعًا مُسْتَقْذَرٌ يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ حَيْثُ لَا مُرَخِّصَ أَوْ مَعْنًى يُوصَفُ بِهِ الْمَحَلُّ الْمُلَاقِي لِعَيْنٍ مِنْ ذَلِكَ مَعَ رُطُوبَةٍ وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ هُنَا؛ لِأَنَّهُ الَّذِي لَا يَرْفَعُهُ إلَّا الْمَاءُ وَلِأَنَّ الْمُصَنِّفَ اسْتَعْمَلَ فِيهِ الرَّفْعَ كَمَا تَقَرَّرَ، وَهُوَ لَا يَصِحُّ فِيهِ حَقِيقَةً إلَّا عَلَى هَذَا الْمَعْنَى أَمَّا عَلَى الْأَوَّلِ فَوَصْفُهُ بِهِ مِنْ مَجَازِ مُجَاوَرَتِهِ لِلْحَدَثِ، وَكَانَ عُدُولُهُ عَنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْإِزَالَةِ رِعَايَةً لِلْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ حَقِيقَةٌ وَمَا رَاعَاهُ هُوَ مَجَازٌ وَهُوَ أَبْلَغُ مِنْ الْحَقِيقَةِ بِاتِّفَاقِ الْبُلَغَاءِ عَلَى أَنَّ ذَاكَ مُوهِمٌ إذْ يُزِيلُهُ غَيْرُ الْمَاءِ، وَتَخْصِيصُهُمَا لِأَنَّهُمَا الْأَصْلُ وَإِلَّا فَالطُّهْرُ الْمَسْنُونُ وَطُهْرُ السَّلَسِ الَّذِي لَا رَفْعَ فِيهِ كَالذِّمِّيَّةِ وَالْمَجْنُونَةِ لِتَحِلَّ لِلْمُسْلِمِ وَالْمَيِّتِ كَذَلِكَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ فِيمَا يَأْتِي (مَاءٌ مُطْلَقٌ) أَيْ اسْتِعْمَالُهُ بِمَعْنَى مُرُورِهِ عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ أَصْلُهُ، وَأَفَادَهُ مَفْهُومُ الِاشْتِرَاطِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ تَعَاطِيَ الشَّيْءِ عَلَى خِلَافِ مَا أَوْجَبَهُ الشَّارِعُ حَرَامٌ، وَلَا يَصِحُّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ كُلُّ مَنْ نَفَى الْحِلَّ لَكِنْ بِخَفَاءٍ وَإِنْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ الْأَكْثَرَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْحُرْمَةِ فَقَطْ وَمِنْ الِاشْتِرَاطِ لَكِنْ بِظُهُورٍ فَفِي كُلٍّ مِنْ الْعِبَارَتَيْنِ مَزِيَّةٌ خِلَافًا لِمَنْ أَطْلَقَ تَرْجِيحَ هَذِهِ وَلِمَنْ أَطْلَقَ تَرْجِيحَ تِلْكَ فَتَأَمَّلْهُ

ع ش (قَوْلُهُ وَهُوَ شَرْعًا إلَخْ) وَلُغَةً مَا يُسْتَقْذَرُ مُغْنِي وَقَالَ النِّهَايَةُ الشَّيْءُ الْمُبْعَدُ اهـ.

(قَوْلُهُ مِنْ ذَلِكَ) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ مُسْتَقْذَرٌ سم (قَوْلُهُ وَهَذَا إلَخْ) ، ثُمَّ قَوْلُهُ هُوَ لَا يَصِحُّ فِيهِ إلَخْ صَرِيحَانِ فِي حَمْلِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمَعْنَى الثَّانِي لِلنَّجَسِ لَكِنْ قَوْلُهُ وَمَا رَاعَاهُ هُوَ مَجَازٌ يَقْتَضِي حَمْلَ كَلَامِهِ عَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم.

(قَوْلُهُ وَهَذَا إلَخْ) أَيْ الْمَعْنَى الثَّانِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الَّذِي إلَخْ) قَدْ يُقَالُ الْمُرَادُ الرَّفْعُ الْمُعْتَبَرُ شَرْعًا، وَهُوَ لَا يَكُونُ فِي الْمُسْتَقْذَرِ الْمَذْكُورِ أَيْضًا إلَّا بِالْمَاءِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ اُسْتُعْمِلَ فِيهِ) أَيْ فِي النَّجَسِ وَقَوْلُهُ كَمَا تَقَرَّرَ أَيْ حَيْثُ قُدِّرَ الرَّفْعُ لَا الْإِزَالَةُ وَقَوْلُهُ وَهُوَ أَيْ الرَّفْعُ لَا يَصِحُّ فِيهِ أَيْ النَّجَسِ (قَوْلُهُ حَقِيقَةً) كَانَ الْمُرَادُ اصْطِلَاحِيَّةً فَتَأَمَّلْهُ، وَقَوْلُهُ إلَّا عَلَى هَذَا الْمَعْنَى أَيْ الثَّانِي سم (قَوْلُهُ فَوَصَفَهُ بِهِ) أَيْ وَصَفَ النَّجَسَ بِالرَّفْعِ (قَوْلُهُ مِنْ مَجَازِ مُجَاوَرَتِهِ إلَخْ) أَيْ مِنْ الْمَجَازِ الْمُرْسَلِ الَّذِي عَلَاقَتُهُ مُجَاوَرَةُ النَّجَسِ لِلْحَدَثِ فِي الْبَيَانِ أَوْ الِاسْتِحْضَارِ، وَإِلَّا فَحَقُّهُ أَنْ يُوصَفَ بِالْإِزَالَةِ.

(قَوْلُهُ وَكَانَ عُدُولُهُ) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ إلَخْ وَقَوْلُهُ عَنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ رِعَايَةً إلَخْ سم عِبَارَةُ الْبَصْرِيِّ قَوْلُهُ رِعَايَةً لِلْأَوَّلِ عِلَّةٌ لِتَعْبِيرِ أَصْلِهِ إلَخْ وَالْأَوَّلُ هُوَ مُسْتَقْذَرٌ إلَخْ، وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَيْ تَعْبِيرَ أَصْلِهِ إلَخْ عِلَّةٌ لِعُدُولِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَمَا رَاعَاهُ) أَيْ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ ذَاكَ) أَيْ تَعْبِيرَ أَصْلِهِ بِالْإِزَالَةِ الْمُقْتَضِي لِحَمْلِ النَّجَسِ عَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ يُوهِمُ انْحِصَارَ إزَالَتِهِ فِي الْمَاءِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا سَبَقَ هَذَا، وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا الْإِيهَامَ مُشْتَرَكُ الْإِلْزَامِ بِنَاءً عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ الْأَبْلَغِيَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْعُدُولِ نَعَمْ إنْ حُمِلَ النَّجَسُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الثَّانِي سَلِمَ مِنْ الْإِيهَامِ وَلَعَلَّهُ نُكْتَةُ الْعُدُولِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ إذْ يُزِيلُهُ غَيْرُ الْمَاءِ) قَدْ يُقَالُ الْمُرَادُ الرَّفْعُ وَالْإِزَالَةُ الشَّرْعِيَّانِ أَيْ الْمُعْتَبَرَانِ شَرْعًا وَهُمَا لَا يَكُونَانِ إلَّا بِالْمَاءِ حَتَّى فِي الْمُسْتَقْذَرِ الْمَذْكُورِ بَصْرِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَتَخْصِيصُهُمَا) أَيْ الْحَدَثِ وَالنَّجَسِ سم (قَوْلُهُ الَّذِي لَا رَفْعَ إلَخْ) صِفَةُ طُهْرِ السَّلَسِ وَلَوْ قَالَ وَاَلَّذِي لَا رَفْعَ فِيهِ إلَخْ كَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ كَالذِّمِّيَّةِ إلَخْ) أَيْ كَطُهْرِ الذِّمِّيَّةِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَالْمَيِّتِ) أَيْ وَطُهْرُ الْمَيِّتِ سم (قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ يُشْتَرَطُ فِيهَا الْمَاءُ الْمُطْلَقُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَهُوَ خَبَرُ قَوْلِهِ فَالطُّهْرُ إلَخْ (قَوْلُهُ عَلَيْهِ) أَيْ مَحَلُّ الْحَدَثِ وَالنَّجَسِ (قَوْلُهُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ) أَيْ بِلَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ) عَطْفٌ عَلَى لَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ مِنْ نَفْيِ الْحِلِّ) أَيْ الَّذِي هُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْأَصْلِ لَا يَجُوزُ كُرْدِيٌّ وَسَمِّ وَعِبَارَةُ الْبَصْرِيِّ أَيْ الْمَوْجُودُ فِي عِبَارَةِ الْمُحَرَّرِ وَفِيهِ أَنَّ الَّذِي فِي عِبَارَتِهِ لَا يَجُوزُ، وَهُوَ الَّذِي يُسْتَعْمَلُ فِي نَفْيِ الْحِلِّ وَنَفْيِ الْجَوَازِ فَتَعْبِيرُهُ بِنَفْيِ الْحِلِّ فِيهِ مَا فِيهِ اهـ.

(قَوْلُهُ أَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ) أَيْ لَا يَجُوزُ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ الشَّارِحُ بِنَفْيِ الْحِلِّ.

(قَوْلُهُ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْحُرْمَةِ وَعَدَمِ الصِّحَّةِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَكْثَرَ إلَخْ) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ لَكِنْ بِخَفَاءٍ سم (قَوْلُهُ وَمِنْ الِاشْتِرَاطِ) أَيْ الَّذِي عَبَّرَ بِهِ الْمِنْهَاجُ سم وَبَصْرِيٌّ زَادَ الْكُرْدِيُّ وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى مِنْ نَفْيِ الْحِلِّ اهـ.

(قَوْلُهُ مِنْ الْعِبَارَتَيْنِ) أَيْ عِبَارَةِ الْمَتْنِ أَيْ يُشْتَرَطُ وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ أَيْ لَا يَجُوزُ وَقَوْلُهُ مَزِيَّةٌ وَهِيَ فِي الْأُولَى ظُهُورُ إفَادَتِهَا عَدَمَ الصِّحَّةِ، وَفِي الثَّانِيَةِ إفَادَتُهَا الْحُرْمَةَ بِلَا وَاسِطَةٍ إنْ

قَوْلُهُ مُسْتَقْذَرٌ) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ هُنَا) ثُمَّ قَوْلُهُ وَهُوَ لَا يَصِحُّ فِيهِ حَقِيقَةً إلَّا عَلَى هَذَا الْمَعْنَى صَرِيحَانِ فِي حَمْلِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمَعْنَى الثَّانِي لِلنَّجِسِ لَكِنْ قَوْلُهُ وَمَا رَاعَاهُ هُوَ مَجَازٌ يَقْتَضِي حَمْلَ كَلَامِهِ عَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ الَّذِي لَا يَرْفَعُهُ إلَّا الْمَاءُ) أَقُولُ النَّجَاسَةُ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ قَدْ تَكُونُ حُكْمِيَّةً وَلَا يَرْفَعُهَا إلَّا الْمَاءُ فَيَرِدُ عَلَى هَذَا الْحَصْرِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْحُكْمِيَّةَ أَصْلُهَا عَيْنِيَّةٌ فَيَشْمَلُهَا قَوْلُهُ الْمُلَاقِي لِعَيْنٍ إلَخْ (قَوْلُهُ حَقِيقَةً) كَانَ الْمُرَادُ اصْطِلَاحِيَّةً فَتَأَمَّلْهُ، وَقَوْلُهُ إلَّا عَلَى هَذَا الْمَعْنَى أَيْ الثَّانِي (قَوْلُهُ وَكَانَ عُدُولُهُ) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ لِأَنَّهُ وَقَوْلُهُ عَنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ رِعَايَةً (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ ذَاكَ مُوهِمٌ إلَخْ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى إرَادَةِ الْمُحَرِّرِ الْمَعْنَى الْأَوَّلَ وَهُوَ غَيْرُ لَازِمٍ فَلْيُتَأَمَّلْ وَقَوْلُهُ إذْ يُزِيلُهُ غَيْرُ الْمَاءِ قَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ إزَالَةٌ تَكْفِي لِنَحْوِ الصَّلَاةِ، وَهَذِهِ لَا تَكُونُ إلَّا بِالْمَاءِ (قَوْلُهُ وَتَخْصِيصُهُمَا) أَيْ الْحَدَثِ وَالنَّجَسِ (قَوْلُهُ وَالْمَيِّتِ) أَيْ وَطَهُرَ الْمَيِّتُ (قَوْلُهُ مِنْ نَفْيِ الْحِلِّ) أَيْ الَّذِي هُوَ مَعْنَى عِبَارَةِ الْمُحَرَّرِ (قَوْلُهُ لَكِنْ بِخَفَاءٍ إلَخْ) قَدْ يُعَكِّرُ عَلَى دَعْوَى الْخَفَاءِ لِمَا ذَكَرَهُ أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْمُشْتَرَكَ عِنْدَ التَّجَرُّدِ عَنْ الْقَرَائِنِ ظَاهِرٌ فِي مَعْنَيَيْهِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يُعَارِضْ ذَلِكَ كَثْرَةُ اسْتِعْمَالِهِ فِي أَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَضَبَّبَ بَيْنَ قَوْلِهِ لَكِنْ بِخَفَاءٍ وَبَيْنَ قَوْلِهِ لِأَنَّ الْأَكْثَرَ (قَوْلُهُ الِاشْتِرَاطِ) أَيْ

ص: 66

رَفْعٌ أَوْ إزَالَةُ شَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الْأَرْبَعَةِ إلَّا بِهِ لِأَمْرِهِ تَعَالَى بِالتَّيَمُّمِ عِنْدَ فَقْدِهِ «وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِصَبِّ الذَّنُوبِ مِنْ الْمَاءِ عَلَى بَوْلِ ذِي الْخُوَيْصِرَةِ التَّمِيمِيِّ لَمَّا بَالَ فِي الْمَسْجِدِ» ، وَهُوَ إنَّمَا يَنْصَرِفُ لِلْمُطْلَقِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادَرُ إلَى الذِّهْنِ وَلِمَنْعِ الْقِيَاسِ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ.

وَخَرَجَ بِتِلْكَ الْأَرْبَعَةِ نَحْوُ إزَالَةِ طِيبٍ عَنْ بَدَنِ مُحْرِمٍ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ زَوَالُ عَيْنِهِ وَهُوَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مَاءٍ (وَهُوَ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ) عِنْدَ أَهْلِ اللِّسَانِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَالِمِ بِحَالِهِ (اسْمُ مَاءٍ بِلَا قَيْدٍ) لَازِمٌ وَإِنْ رُشِّحَ مِنْ بُخَارِ الطَّهُورِ الْمَغْلِيِّ أَوْ تَغَيَّرَ بِمَا لَا يَضُرُّ مِمَّا يَأْتِي أَوْ جُمِعَ مِنْ نَدَى وَزَعَمَ أَنَّهُ نَفَسُ دَابَّةٍ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ أَوْ كَانَ زُلَالًا وَهُوَ مَا يَخْرُجُ مِنْ جَوْفِ صُوَرٍ تُوجَدُ فِي نَحْوِ الثَّلْجِ كَالْحَيَوَانِ، وَلَيْسَتْ بِحَيَوَانٍ فَإِنْ تَحَقَّقَ كَانَ نَجِسًا؛ لِأَنَّهُ قَيْءٌ وَخَرَجَ بِالْمَاءِ

تَعَاطَى الشَّيْءَ إلَخْ (قَوْلُهُ رَفْعُ إلَخْ) تَنَازَعَ فِيهِ قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ وَقَوْلُهُ لَا يَصِحُّ سم وَكُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ إزَالَةُ شَيْءٍ) فِيهِ مَيْلٌ إلَى تَرْجِيحِ حَمْلِ رَفْعِ النَّجَسِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْإِزَالَةِ، وَفِيهِ مِنْ الْإِيهَامِ مَا مَرَّ بَصْرِيٌّ.

(قَوْلُهُ مِنْ تِلْكَ الْأَرْبَعَةِ) أَيْ الْحَدَثِ وَالنَّجَسِ وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا وَمَا عَلَى صُورَتِهِمَا بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ سم كَانَ مُرَادُهُ بِالْأَرْبَعَةِ الْحَدَثَ الْأَصْغَرَ وَالْأَكْبَرَ وَالْمُسْتَقْذَرَ الْمَخْصُوصَ وَالْمَعْنَى الَّذِي يُوصَفُ بِهِ الْمَحَلُّ، وَعَلَى هَذَا فَقَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ فِي الثَّالِثِ قَوْلُهُ السَّابِقِ إذْ يُزِيلُهُ غَيْرُ الْمَاءِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إزَالَتُهُ، يُعْتَدُّ بِهَا لِنَحْوِ الصَّلَاةِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ وَعِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ بَعْضِ تَصَانِيفِهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَرْبَعَةِ الْحَدَثُ وَالنَّجَسُ وَطُهْرُ السَّلَسِ وَالطُّهْرُ الْمَسْنُونُ.

وَأَمَّا الْبَوَاقِي مِنْ طُهْرِ الذِّمِّيَّةِ وَالْمَجْنُونَةِ وَالْمَيِّتِ فَدَاخِلَةٌ فِي طُهْرِ السَّلَسِ اهـ.

(قَوْلُهُ لِأَمْرِهِ تَعَالَى إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ وَإِنَّمَا تَعَيَّنَ الْمَاءُ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ لِقَوْلِهِ {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [المائدة: 6] الْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ فَلَوْ رَفَعَ غَيْرُ الْمَاءِ لَمَا وَجَبَ التَّيَمُّمُ عِنْدَ فَقْدِهِ وَفِي إزَالَةِ النَّجَسِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ حِينَ بَالَ الْأَعْرَابِيُّ فِي الْمَسْجِدِ «صُبُّوا عَلَيْهِ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ» وَالذَّنُوبُ الدَّلْوُ الْمُمْتَلِئَةُ مَاءً وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ كَمَا مَرَّ فَلَوْ كَفَى غَيْرُهُ لَمَا وَجَبَ غَسْلُ الْبَوْلِ وَلَا يُقَاسُ بِهِ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ الطُّهْرَ بِهِ عِنْدَ الْإِمَامِ تَعَبُّدِيٌّ وَعِنْدَ غَيْرِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الرِّقَّةِ إلَخْ، وَحُمِلَ الْمَاءُ فِي الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ عَلَى الْمُطْلَقِ لِتَبَادُرِ الْأَذْهَانِ إلَيْهِ اهـ.

(قَوْلُهُ التَّمِيمِيِّ) هُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْإِصَابَةِ وَلِمَا فِي الْقَامُوسِ فَإِنَّهُ قَالَ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ اثْنَانِ أَحَدُهُمَا تَمِيمِيٌّ وَالثَّانِي يَمَانِيٌّ وَالْأَوَّلُ خَارِجِيٌّ لَيْسَ بِصَحَابِيٍّ وَالثَّانِي هُوَ الصَّحَابِيُّ الْبَائِلُ فِي الْمَسْجِدِ انْتَهَى اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَلِمَنْعِ الْقِيَاسِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِأَمْرِهِ تَعَالَى إلَخْ (قَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَالِمِ إلَخْ) قَيَّدَ بِهِ لِيَخْرُجَ الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي فَرْضٍ وَالْمُتَغَيِّرُ تَقْدِيرًا، وَقَلِيلٌ وَقَعَ فِيهِ نَجِسٌ لَمْ يُغَيِّرْهُ فَإِنَّ الْعَالِمَ بِحَالِهَا لَا يَذْكُرُهَا إلَّا مُقَيَّدَةً كَمَا يَأْتِي كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ لَازِمٌ) قَالَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ وَلَا يُحْتَاجُ لِتَقْيِيدِ الْقَيْدِ بِكَوْنِهِ لَازِمًا؛ لِأَنَّ الْقَيْدَ الَّذِي لَيْسَ بِلَازِمٍ كَمَاءِ الْبِئْرِ مَثَلًا يُطْلَقُ اسْمُ الْمَاءِ عَلَيْهِ بِدُونِهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الِاحْتِرَازِ عَنْهُ، وَإِنَّمَا يُحْتَاجُ إلَى الْقَيْدِ فِي جَانِبِ الْإِثْبَاتِ كَقَوْلِنَا غَيْرُ الْمُطْلَقِ هُوَ الْمُقَيَّدُ بِقَيْدٍ لَازِمٍ انْتَهَى اهـ مُغْنِي وَرَشِيدِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ رُشِّحَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَيَدْخُلُ فِي التَّعْرِيفِ مَا نَزَلَ مِنْ السَّمَاءِ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ الْمَطَرُ وَذَوْبُ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ وَمَا نَبَعَ مِنْ الْأَرْضِ، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ مَاءُ الْعُيُونِ وَالْآبَارِ وَالْأَنْهَارِ وَالْبِحَارِ وَمَا نَبَعَ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ مِنْ ذَاتِهَا عَلَى خِلَافٍ فِيهِ، وَالْأَرْجَحُ الثَّانِي وَهُوَ أَفْضَلُ الْمِيَاهِ مُطْلَقًا أَوْ نَبَعَ مِنْ الزُّلَالِ وَهُوَ شَيْءٌ انْعَقَدَ مِنْ الْمَاءِ عَلَى صُورَةِ حَيَوَانٍ، وَمَا يَنْعَقِدُ مِلْحًا؛ لِأَنَّ اسْمَ الْمَاءِ يَتَنَاوَلُهُ فِي الْحَالِ وَإِنْ تَغَيَّرَ بَعْدُ أَوْ كَانَ رَشَّحَ بُخَارَ الْمَاءِ؛ لِأَنَّهُ مَاءٌ حَقِيقَةً، وَيَنْقُصُ الْمَاءُ بِقَدْرِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَخَرَجَ بِذَلِكَ الْخَلُّ وَنَحْوُهُ وَمَا لَا يُذْكَرُ إلَّا مُقَيَّدًا كَمَا مَرَّ وَتُرَابُ التَّيَمُّمِ وَحَجَرُ الِاسْتِنْجَاءِ وَأَدْوِيَةُ الدِّبَاغِ وَالشَّمْسُ وَالنَّارُ وَالرِّيحُ وَغَيْرُهَا حَتَّى التُّرَابِ فِي غَسَلَاتِ الْكَلْبِ فَإِنَّ الْمُزِيلَ هُوَ الْمَاءُ امْتِزَاجُهُ بِهِ فِي غَسْلِهِ مِنْهَا اهـ.

(قَوْلُهُ الْمَغْلِيُّ) قَالَ الْقَلْيُوبِيُّ فِي حَوَاشِي الْمُحَلَّى بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ انْتَهَى وَقَيَّدَهُ بِالْمَغْلِيِّ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ فَالْبُخَارُ الْمُتَرَشِّحُ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةِ نَارٍ مِنْ مَاءٍ طَهُورٍ طَهُورٌ بِلَا خِلَافٍ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ مِمَّا يَأْتِي) مِنْ نَحْوِ طِينٍ وَطُحْلُبٍ (قَوْلُهُ أَوْ جُمِعَ مِنْ نَدَى إلَخْ) وَهُوَ الْمَاءُ الَّذِي يَقَعُ عَلَى الزَّرْعِ وَالْحَشِيشِ الْأَخْضَرِ خُصُوصًا فِي أَيَّامِ الرَّبِيعِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ نَفَسُ دَابَّةٍ) أَيْ فِي الْبَحْرِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَعَلَى تَسْلِيمِ وُجُودِ الدَّابَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَمِنْ أَيْنَ يُعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْمَجْمُوعَ مِنْ النَّدَى بِخُصُوصِهِ مِنْ نَفَسِ تِلْكَ الدَّابَّةِ لَا غَيْرُ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ حِينَئِذٍ أَنْ يَكُونَ مِنْ نَفَسِهَا، وَأَنْ يَكُونَ مِنْ الطَّلِّ وَهُوَ الظَّاهِرُ الْمُشَاهَدُ فَرُجِّحَ لِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِيمَا هُوَ عَلَى صُورَةِ الْمَاءِ الْخَالِي عَلَى التَّغَيُّرِ، وَنَحْوُهُ الطَّهُورِيَّةُ فَلَا تَرْتَفِعُ بِالشَّكِّ انْتَهَى اهـ.

كُرْدِيٌّ عَلَى شَرْحِ بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا يَخْرُجُ إلَخْ) صَرِيحُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي أَنَّ الزُّلَالَ اسْمٌ لِصُورَةِ حَيَوَانٍ يَخْرُجُ مِنْ بَاطِنِهَا الْمَاءُ لَا لِذَلِكَ الْمَاءِ لَكِنْ كَلَامُ الْقَامُوسِ مُوَافِقٌ لِمَا قَالَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّهُ اسْمٌ لِلْمَاءِ (قَوْلُهُ فِي نَحْوِ الثَّلْجِ) أَيْ كَالْمَاءِ الْمُتَجَمِّدِ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَحَقَّقَ إلَخْ) فَإِنْ شَكَّ فَلَيْسَ بِنَجِسٍ كَمَا هُوَ

الَّذِي عَبَّرَ بِهِ الْمِنْهَاجُ (قَوْلُهُ رَفْعٌ أَوْ إزَالَةٌ) تَنَازَعَهُ يَجُوزُ وَيَصِحُّ مِنْ قَوْلِهِ فَلَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ مِنْ تِلْكَ الْأَرْبَعَةِ) مُرَادُهُ بِالْأَرْبَعَةِ الْحَدَثُ الْأَصْغَرُ وَالْأَكْبَرُ وَالْمُسْتَقْذَرُ الْمَخْصُوصُ وَالْمَعْنَى الَّذِي يُوصَفُ بِهِ الْمَحَلُّ وَعَلَى هَذَا فَقَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ فِي الثَّالِثِ قَوْلُهُ السَّابِقُ إذْ يُزِيلُهُ غَيْرُ الْمَاءِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إزَالَتُهُ إزَالَةً يُعْتَدُّ بِهَا لِنَحْوِ

ص: 67

مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقُ الِاشْتِرَاطِ بِهِ التُّرَابُ، وَلَوْ فِي الْمُغَلَّظِ فَإِنَّ الْمُطَهِّرَ هُوَ الْمَاءُ بِشَرْطِ مَزْجِهِ بِهِ وَمَحْوُ أَدْوِيَةِ الدِّبَاغِ؛ لِأَنَّهَا مُحِيلَةٌ وَحَجَرُ الِاسْتِنْجَاءِ؛ لِأَنَّهُ مُرَخَّصٌ وَبِقَوْلِهِ بِلَا قَيْدٍ مَعَ قَوْلِنَا عِنْدَ إلَى آخِرِهِ الْمُقَيَّدُ بِلَازِمٍ وَلَوْ نَحْوُ لَامِ الْعَهْدِ كَخَبَرِ «إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ» وَكَالْمُتَغَيِّرِ بِالتَّقْدِيرِيِّ وَكَالْمُسْتَعْمَلِ عَلَى الْأَصَحِّ وَكَقَلِيلٍ وَقَعَ فِيهِ نَجِسٌ؛ لِأَنَّ الْعَالِمَ بِهَا لَا يَذْكُرُهَا إلَّا مُقَيَّدَةً عَلَى أَنَّهَا مُقَيَّدَةٌ شَرْعًا بِخِلَافِ الْمُتَغَيِّرِ بِمَا لَا يَضُرُّ وَالْمُقَيَّدُ بِغَيْرِ لَازِمٍ نَحْوُ مَاءِ الْبِئْرِ وَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُطْلَقَ مَا ذُكِرَ الْمَعْلُومُ مِنْهُ مَعَ ذِكْرِ الْآيَةِ أَنَّ مَاصَدَق الطَّهُورِ وَالْمُطْلَقِ وَاحِدٌ.

(فَ) الْمَاءُ الْكَثِيرُ وَالْقَلِيلُ (الْمُتَغَيِّرُ بِ) مُخَالِطٍ طَاهِرٌ (مُسْتَغْنًى) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِهَا بَعِيدٌ مُتَكَلَّفٌ (عَنْهُ كَزَعْفَرَانٍ) وَمَنِيٍّ وَثَمَرٍ سَاقِطٍ وَطُحْلُبٍ طُرِحَ بَعْدَ دَقِّهِ وَوَرَقٍ طُرِحَ

الْوَاضِحُ لَكِنْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّطَهُّرُ بِهِ لِلشَّكِّ فِي طَهُورِيَّتِهِ بَلْ فِي كَوْنِهِ مَاءً وَلَا أَصْلَ يَرْجِعُ إلَيْهِ بَصْرِيٌّ وَقَوْلُهُ لَكِنْ الظَّاهِرُ إلَخْ يَرُدُّهُ مَا مَرَّ آنِفًا عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ (قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقُ الِاشْتِرَاطِ بِهِ) دَفَعَ بِذَلِكَ مَا أُورِدَ مِنْ أَنَّ الْمَاءَ لَقَبٌ وَلَا مَفْهُومَ لَهُ عَلَى الرَّاجِحِ ع ش.

(قَوْلُهُ وَلَوْ فِي الْمُغَلَّظِ) أَيْ وَلَوْ اُسْتُعْمِلَ فِي تَطْهِيرِ النَّجَسِ الْمُغَلَّظِ (قَوْلُهُ وَنَحْوُ أَدْوِيَةِ الدِّبَاغِ) أَيْ كَالشَّمْسِ وَالنَّارِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِطَهُورِيَّتِهِمَا (قَوْلُهُ وَبِقَوْلِهِ بِلَا قَيْدٍ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُؤَثِّرُ هُوَ الْقَيْدُ اللَّازِمُ مِنْ إضَافَةٍ كَمَاءِ وَرْدٍ أَوْ صِفَةٍ كَمَاءٍ دَافِقٍ وَمَاءٍ مُسْتَعْمَلٍ أَوْ مُتَنَجِّسٍ أَوْ لَامِ عَهْدٍ كَالْمَاءِ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «نَعَمْ إذَا رَأَتْ الْمَاءَ» أَيْ الْمَنِيَّ اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ نَحْوَ لَامِ الْعَهْدِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْقَيْدُ لَامَ الْعَهْدِ، وَنَحْوُهُ وَقَوْلُهُ كَخَبَرِ إنَّمَا إلَخْ أَيْ كَاللَّامِ فِي خَبَرِ إلَخْ فَإِنَّ اللَّامَ فِي الْمَاءِ لَامُ الْعَهْدِ، وَالْمَعْهُودُ هُوَ الْمَنِيُّ وَقَوْلُهُ وَكَالْمُتَغَيِّرِ إلَخْ وَكَالْمُسْتَعْمَلِ إلَخْ وَكَقَلِيلٍ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى كَخَبَرٍ إلَخْ لَكِنَّهَا أَمْثِلَةٌ لِنَحْوِ الْمُقَيَّدِ فَاللَّامُ الْعَهْدِ كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ مُقَيَّدَةٌ شَرْعًا) أَيْ بِقَيْدٍ لَازِمٍ فَلَا يُسَوَّغُ بِالنَّظَرِ إلَى الِاسْتِعْمَالِ الشَّرْعِيِّ أَنْ يُطْلَقَ عَلَيْهَا مَاءٌ بِلَا قَيْدٍ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُتَغَيِّرِ بِمَا لَا يَضُرُّ) أَيْ فَإِنَّهُ يُطْلَقُ عَلَيْهِ شَرْعًا مَاءٌ بِلَا قَيْدٍ بَصْرِيٌّ.

(قَوْلُهُ فَالْمُتَغَيِّرُ بِمُخَالِطٍ طَاهِرٌ إلَخْ) مَحَلُّهُ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْمُخَالِطِ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ كَنَحْوِ سِدْرٍ أَوْ عَجِينٍ أَرَادَ تَطْهِيرَهُ فَصَبَّ عَلَيْهِ الْمَاءَ فَتَغَيَّرَ بِهِ تَغَيُّرًا كَثِيرًا قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى جَمِيعِ أَجْزَائِهِ فَإِنَّهُ يُطَهِّرُهَا، وَإِنْ كَانَ تَغَيُّرُهُ كَثِيرًا لِلضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِلُ إلَى جَمِيعِهَا إلَّا بَعْدَ تَغَيُّرِهِ هَكَذَا أَحْفَظُ مِنْ تَقْرِيرِ شَيْخِنَا الطَّبَلَاوِيِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ بَصْرِيٌّ وَبُجَيْرِمِيٌّ عَنْ سم.

وَكَذَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا عَنْ الشبراملسي عَنْ الطَّبَلَاوِيِّ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ وَكَسْرُهَا) مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ بَعِيدٌ مُتَكَلَّفٌ خَبَرُهُ (قَوْلُهُ وَمَنِيٍّ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَا مُتَغَيِّرَ فِي الْمُغْنِي وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ إلَخْ (قَوْلُهُ وَثَمَرٍ سَاقِطٍ) أَيْ وَإِنْ كَانَ شَجَرُهُ نَابِتًا فِي الْمَاءِ شَرْحُ بَافَضْلٍ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَيَضُرُّ التَّغَيُّرُ بِالثِّمَارِ السَّاقِطَةِ بِسَبَبِ مَا انْحَلَّ مِنْهَا سَوَاءٌ أَوَقَعَ بِنَفْسِهِ أَمْ بِإِيقَاعٍ كَانَ عَلَى صُورَةِ الْوَرَقِ كَالْوَرْدِ أَمْ لَا اهـ.

قَالَ ع ش زَادَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ مَا نَصُّهُ لِإِمْكَانِ التَّحَرُّزِ عَنْهَا غَالِبًا أَقُولُ حَتَّى لَوْ تَعَذَّرَ الِاحْتِرَازُ عَنْهَا ضَرَّ نَظَرًا لِلْغَالِبِ اهـ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا وَعِبَارَةُ سم عَنْ الشَّارِحِ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ الْمُسَمَّى بِالْإِيعَابِ وَالْحَبُّ كَالْبُرِّ وَالثَّمَرِ إنْ غَيَّرَ وَهُوَ بِحَالِهِ فَمُجَاوِرٌ، وَإِنْ انْحَلَّ مِنْهُ شَيْءٌ فَمُخَالِطٌ فَإِنْ طُبِخَ وَغُيِّرَ وَلَمْ يَنْحَلَّ مِنْهُ شَيْءٌ فَأَوْجَهُ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِمُجَرَّدِ الطَّبْخِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَيَقُّنِ انْحِلَالِ شَيْءٍ مِنْهُ بِحَيْثُ يُسْتَحْدَثُ لَهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ اسْمٌ آخَرُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُتَيَقَّنْ الِانْحِلَالُ فَإِنَّهُ لَا أَثَرَ لِلتَّغَيُّرِ بِهِ وَلَا لِحُدُوثِ اسْمٍ آخَرَ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُجَاوِرٌ، وَالتَّغَيُّرُ بِهِ لَا يَضُرُّ وَإِنْ حَدَثَ بِسَبَبِهِ اسْمٌ آخَرُ فَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا أُغْلِيَ مِنْ نَحْوِ الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ وَمَا لَمْ يُغْلَ إنْ تُيُقِّنَ انْحِلَالُ شَيْءٍ مِنْهُ فَمُخَالِطٌ، وَإِلَّا فَمُجَاوِرٌ وَإِنْ حَدَثَ لَهُ اسْمٌ آخَرُ بِذَلِكَ مَا لَمْ يُسْلَبْ عَنْهُ إطْلَاقُ اسْمِ الْمَاءِ بِالْكُلِّيَّةِ اهـ.

أَقُولُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ التَّغَيُّرُ الْكَثِيرُ فِي الطَّعْمِ وَاللَّوْنِ بِدُونِ انْحِلَالِ شَيْءٍ (قَوْلُهُ بَعْدَ دَقِّهِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِيمَا لَوْ طُرِحَ، ثُمَّ تَفَتَّتَ وَخَالَطَ انْتَهَى اهـ سم وَنَقَلَ شَيْخُنَا عَنْ سم فِي شَرْحِ أَبِي شُجَاعٍ الْجَزْمَ بِذَلِكَ وَأَقَرَّهُ وَعِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ قَالَ الْبُرُلُّسِيُّ فِي حَوَاشِي الْمُحَلَّى قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ إلَخْ قُلْت وَيَنْبَغِي جَرَيَانُ مِثْلِ ذَلِكَ فِي التَّوْرَةِ وَالزِّرْنِيخِ وَنَحْوِهِمَا

الصَّلَاةِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَثَمَرٌ سَاقِطٌ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ وَكَالْحَيَوَانِ إنْ انْحَلَّ مِنْهَا شَيْءٌ قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمَجْمُوعِ وَالْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهِمَا وَالْحَبُّ كَالْبُرِّ وَالثَّمَرِ إنْ غُيِّرَ وَهُوَ بِحَالِهِ فَمُجَاوِرٌ، وَإِنْ انْحَلَّ مِنْهُ شَيْءٌ فَمُخَالِطٌ فَإِنْ طُبِخَ وَغُيِّرَ وَلَمْ يَنْحَلَّ مِنْهُ شَيْءٌ فَوَجْهَانِ، وَحَكَى عِبَارَتَهُمْ فِي تَقْرِيرِ الْوَجْهَيْنِ ثُمَّ قَالَ وَأَوْجَهُ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِمُجَرَّدِ الطَّبْخِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَيَقُّنِ انْحِلَالِ شَيْءٍ مِنْهُ بِحَيْثُ يُسْتَحْدَثُ لَهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ اسْمٌ آخَرُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُجَاوِرٌ، التَّغَيُّرُ بِهِ لَا يَضُرُّ، وَإِنْ حَدَثَ بِسَبَبِهِ اسْمٌ آخَرُ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا أَغْلَى مِنْ نَحْوِ الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ وَمَا لَمْ يَغْلُ إنْ تَيَقَّنَ انْحِلَالَ شَيْءٍ مِنْهُ فَمُخَالِطٌ وَإِلَّا فَمُجَاوِرٌ، وَإِنْ حَدَثَ لَهُ بِذَلِكَ اسْمٌ آخَرُ مَا لَمْ يَسْلُبْ عَنْهُ إطْلَاقَ اسْمِ الْمَاءِ بِالْكُلِّيَّةِ كَمَا يَأْتِي انْتَهَى، وَقَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي إشَارَةٌ إلَى بَسْطِ ذِكْرِهِ بَعْدُ عَلَى الْمُجَاوِرِ مِنْهُ أَمَّا إذَا سَلَبَهُ الْإِطْلَاقَ بِالْكُلِّيَّةِ بِأَنْ صَارَ لَا يُسَمَّى مَاءً وَلَا يُضَافُ فِيهِ لَفْظُ الْمَاءِ إلَى ذَلِكَ الْغَيْرِ بَلْ انْسَلَخَ عَنْهُ ذَلِكَ بِسَائِرِ الِاعْتِبَارَاتِ وَحَدَثَ لَهُ اسْمٌ آخَرُ اخْتَصَّ بِهِ فَإِنَّ التَّغَيُّرَ بِهِ حِينَئِذٍ لَا يَضُرُّ لِأَنَّا نَتَيَقَّنُ حِينَئِذٍ أَنَّهُ إنْ انْفَصَلَتْ عَنْهُ عَيْنٌ مُخَالِطَةٌ فَالتَّأَثُّرُ بِهِ لَيْسَ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مُجَاوِرًا بَلْ مِنْ حَيْثُ مَا انْفَصَلَ عَنْهُ مِنْ الْمُخَالِطِ انْتَهَى، وَسَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ الْإِشَارَةُ إلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ بَعْدَ دَقِّهِ)

ص: 68

ثُمَّ تَفَتَّتَ وَمِلْحٍ جَبَلِيٍّ وَقَطِرَانٍ أَوْ كَافُورٍ مُخَالِطٍ فَكُلٌّ مِنْهُمَا نَوْعَانِ (تَغَيُّرًا يَمْنَعُ إطْلَاقَ اسْمِ الْمَاءِ) لِكَثْرَتِهِ وَلَوْ تَقْدِيرًا، كَأَنْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ مَا يُوَافِقُهُ كَمُسْتَعْمَلٍ لَكِنْ فِي قَلِيلٍ كَمَا يَأْتِي وَكَمَاءِ وَرْدٍ لَا رِيحَ لَهُ فَإِنَّهُ يُقَدَّرُ وَسَطًا كَرِيحٍ لِأُذُنٍ وَلَوْنِ عَصِيرٍ وَطَعْمِ مَاءِ رُمَّانٍ فَإِنْ غَيَّرَ مَعَ ذَلِكَ ضَرَّ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لِمُوَافَقَتِهِ لَا يُغَيِّرُ

وَقَدْ يُعَضِّدُ مَا بَحَثَهُ أَيْ الْأَذْرَعِيُّ نَظِيرُ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْوَرَقِ الْمَطْرُوحِ انْتَهَى كَلَامُ الْبُرُلُّسِيِّ اهـ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ تَفَتَّتَ) أَيْ وَاخْتَلَطَ، وَإِلَّا فَهُوَ مُجَاوِرٌ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ تَفَتُّتُهُ قَبْلَ طَرْحِهِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ فَكُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْقَطِرَانِ وَالْكَافُورِ (قَوْلُهُ نَوْعَانِ) أَيْ خَلِيطٌ وَمُجَاوِرٌ وَاخْتُلِفَ فِي الْمُتَغَيِّرِ بِالْكَتَّانِ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ أَنَّهُ يَتَغَيَّرُ بِشَيْءٍ يَتَحَلَّلُ مِنْهُ فَيَكُونُ التَّغَيُّرُ بِمُخَالِطٍ مُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (يَمْنَعُ إطْلَاقَ اسْمِ الْمَاءِ) أَيْ بِأَنْ يُسَمَّى مَاءً مُقَيَّدًا كَمَاءِ الْوَرْدِ أَوْ يُسْتَجَدُّ لَهُ اسْمٌ آخَرُ كَالْمَرَقَةِ شَرْحُ بَافَضْلٍ وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ كَأَنْ وَقَعَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي حَتَّى لَوْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ مَائِعٌ يُوَافِقُهُ فِي الصِّفَاتِ كَمَاءِ الْوَرْدِ الْمُنْقَطِعِ الرَّائِحَةُ فَلَمْ يَتَغَيَّرْ وَلَوْ قَدَّرْنَاهُ بِمُخَالِفٍ وَسَطٍ كَلَوْنِ الْعَصِيرِ وَطَعْمِ الرُّمَّانِ وَرِيحِ اللَّاذَنِ لِغَيْرِهِ ضَرَّ بِأَنْ تُعْرَضَ عَلَيْهِ جَمِيعُ هَذِهِ الصِّفَاتِ لَا الْمُنَاسِبُ لِلْوَاقِعِ فِيهِ فَقَطْ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ.

وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ بَدَلَ قَوْلِهِ لَا الْمُنَاسِبُ إلَخْ مَا نَصُّهُ كَذَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَاعْتَبَرَ الرُّويَانِيُّ الْأَشْبَهَ بِالْخَلِيطِ اهـ.

وَفِي الْبُجَيْرِمِيِّ عَلَى الْإِقْنَاعِ مَا نَصُّهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَاقِعَ إنْ كَانَ مَفْقُودَ الصِّفَاتِ كُلِّهَا كَمَاءٍ مُسْتَعْمَلٍ فَلَا بُدَّ مِنْ عَرْضِ الصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى الْمَاءِ، وَإِنْ كَانَ مَفْقُودَ الْبَعْضِ كَمَاءِ وَرْدٍ لَهُ رَائِحَةٌ وَلَا طَعْمَ لَهُ وَلَا لَوْنَ لَهُ يُخَالِفُ طَعْمَ الْمَاءِ وَلَوْنَهُ فَيُقَدَّرُ فِيهِ الطَّعْمُ وَاللَّوْنُ وَلَا يُقَدَّرُ الرِّيحُ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ بِرِيحِهِ فَلَا مَعْنَى لِتَقْدِيرِ رِيحِ غَيْرِهِ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْوَاقِعُ لَهُ صِفَةٌ فِي الْأَصْلِ، وَقَدْ فُقِدَتْ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ كَمَاءِ وَرْدٍ مُنْقَطِعِ الرَّائِحَةِ فَفِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ ابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ وَالرُّويَانِيِّ فَالرُّويَانِيُّ يَقُولُ يُقَدَّرُ فِيهِ لَوْنُ الْعَصِيرِ وَطَعْمُ الرُّمَّانِ وَرِيحُ مَاءِ الْوَرْدِ فَيُقَدَّرُ الْوَصْفُ الْمَفْقُودُ فِيهِ لَا رِيحُ اللَّاذَنِ وَابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ يَقُولُ يُقَدَّرُ فِيهِ طَعْمُ الرُّمَّانِ وَلَوْنُ الْعَصِيرِ وَرِيحُ اللَّاذَنِ وَلَا يُقَدَّرُ فِيهِ رِيحُ مَاءِ الْوَرْدِ لِفَقْدِهِ بِالْفِعْلِ فَيَكُونُ مَاءُ الْوَرْدِ حِينَئِذٍ كَالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ وَالْمُعْتَمَدُ

كَلَامُ ابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا التَّفْصِيلِ كُلِّهِ بَيْنَ الطَّاهِرِ وَالنَّجِسِ اهـ وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا عَلَى ابْنِ قَاسِمٍ الْغَزِّيِّ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي) أَيْ مِنْ أَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ إذَا كَثُرَ طَهُرَ فَأَوْلَى إذَا وَقَعَ فِي الْكَثِيرِ شَرْحُ بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُقَدَّرُ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَوْ قُدِّرَ فَغَيْرُ ضُرٍّ، وَإِلَّا فَلَهُ الْإِعْرَاضُ عَنْ التَّقْدِيرِ وَاسْتِعْمَالُهُ إذْ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ شَاكٌّ فِي التَّغَيُّرِ الْمُضِرِّ وَالشَّكُّ لَا يَضُرُّ كَمَا يَأْتِي سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش

وَاعْتَمَدَهُ الْبُجَيْرِمِيُّ وَشَيْخُنَا عِبَارَةُ الْأَوَّلِ أَيْ جَوَازًا فَلَوْ هَجَمَ شَخْصٌ وَتَوَضَّأَ بِهِ كَانَ وُضُوءُهُ صَحِيحًا سم إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ التَّغَيُّرِ، وَظَاهِرُهُ جَرَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ الْوَاقِعُ نَجِسًا فِي مَاءٍ كَثِيرٍ انْتَهَى أُجْهُورِيٌّ اهـ وَعِبَارَةُ الثَّانِي وَهَذَا التَّقْدِيرُ مَنْدُوبٌ لَا وَاجِبٌ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ الطُّوخِيُّ عَنْ ابْنِ قَاسِمٍ فَإِذَا أَعْرَضَ عَنْ التَّقْدِيرِ وَهَجَمَ وَاسْتَعْمَلَهُ كَفَى إلَى أَنْ قَالَ وَظَاهِرُ ذَلِكَ جَرَيَانُهُ فِيمَا إذَا كَانَ الْوَاقِعُ نَجِسًا مَعَ أَنَّ الشَّيْخَ الطُّوخِيَّ كَانَ يَقُولُ بِوُجُوبِ التَّقْدِيرِ فِي النَّجِسِ فَرَاجِعْهُ اهـ.

(قَوْلُهُ كَرِيحِ لَاذَنٍ) بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ اللِّبَانُ الذَّكَرُ كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ.

وَقِيلَ هُوَ رُطُوبَةٌ تَعْلُو شَعْرَ الْمَعْزِ وَلِحَاهَا شَيْخُنَا وَبُجَيْرِمِيٌّ وَقَالَ الْكُرْدِيُّ وَهُوَ نُورٌ مَعْرُوفٌ بِمَكَّةَ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَوْنُ عَصِيرٍ) أَيْ عَصِيرِ الْعِنَبِ الْأَسْوَدِ أَوْ الْأَحْمَرِ مَثَلًا لَا الْأَبْيَضِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ أَنَّا نَفْرِضُهُ مُخَالِفًا لِلْمَاءِ فِي اللَّوْنِ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا ع ش رَشِيدِيٌّ أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَتَبِعَهُ الْبُجَيْرِمِيُّ أَيْ عَصِيرُ الْعِنَبِ أَبْيَضُ أَوْ أَسْوَدُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) فَلَوْ لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ الْخَلِيطُ حِسًّا وَلَا تَقْدِيرًا لِمُسْتَعْمَلِهِ كُلِّهِ، وَكَذَا لَوْ اُسْتُهْلِكَتْ النَّجَاسَةُ الْمَائِعَةُ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ، وَإِذَا لَمْ يَكْفِهِ الْمَاءُ وَحْدَهُ وَلَوْ كَمَّلَهُ بِمَائِعٍ يُسْتَهْلَكُ فِيهِ لَكَفَاهُ وَجَبَ تَكْمِيلُ الْمَاءِ بِهِ إنْ لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهُ عَلَى قِيمَةِ مَاءٍ مِثْلِهِ مُغْنِي عِبَارَةُ النِّهَايَةِ فَإِنْ لَمْ يُؤَثِّرْ فَهُوَ طَهُورٌ وَلَهُ اسْتِعْمَالُ كُلِّهِ أَيْ مَجْمُوعِ الْمَاءِ وَالْمُخَالِطِ، وَيَلْزَمُهُ تَكْمِيلُ الْمَاءِ النَّاقِصِ عَنْ طَهَارَتِهِ الْوَاجِبَةِ بِهِ أَيْ بِالْمُخَالِطِ إنْ تَعَيَّنَ لَكِنْ لَوْ انْغَمَسَ فِيهِ جُنُبٌ نَاوِيًا وَهُوَ قَلِيلٌ أَيْ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْمُخَالِطِ صَارَ مُسْتَعْمَلًا كَمَا لَا يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ النَّجَاسَةَ، وَحِينَئِذٍ فَقَدْ جَعَلْنَا الْمُسْتَهْلَكَ كَالْمَاءِ فِي إبَاحَةِ التَّطْهِيرِ بِهِ، وَلَمْ نَجْعَلْهُ كَذَلِكَ فِي دَفْعِ النَّجَاسَةِ عَنْ نَفْسِهِ إذَا وَقَعَتْ فِيهِ وَعَدَمُ صَيْرُورَتِهِ مُسْتَعْمَلًا بِالِانْغِمَاسِ اهـ وَقَوْلُهُ م ر إنْ تَعَيَّنَ قَالَ الرَّشِيدِيُّ أَيْ بِأَنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ، وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ لَا تَزِيدَ قِيمَةُ الْمَائِعِ عَلَى ثَمَنِ مَاءِ الطَّهَارَةِ هُنَاكَ اهـ.

وَقَوْلُهُ لَكِنْ لَوْ انْغَمَسَ إلَخْ يَأْتِي فِي الشَّرْحِ وَعَنْ الْمُغْنِي مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِيمَا لَوْ طَرَحَ صَحِيحًا ثُمَّ تَفَتَّتَ وَخَالَطَ انْتَهَى (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُقَدَّرُ وَسَطًا إلَخْ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَوْ قُدِّرَ فَغَيْرُ ضَرٍّ، وَإِلَّا فَلَهُ الْإِعْرَاضُ عَنْ التَّقْدِيرِ وَاسْتِعْمَالُهُ إذْ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ شَاكٌّ فِي

ص: 69

اُعْتُبِرَ بِغَيْرِهِ كَالْحُكُومَةِ (غَيْرَ طَهُورٍ) وَإِنْ كَانَ التَّغَيُّرُ بِمَا عَلَى عُضْوِ الْمُتَطَهِّرِ كَمَا أَنَّهُ غَيْرُ مُطْلَقٍ فَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءً فَشَرِبَهُ لَمْ يَحْنَثْ.

(وَلَا يَضُرُّ) فِي الطَّهُورِيَّةِ (تَغَيُّرٌ لَا يَمْنَعُ الِاسْمَ) لِقِلَّتِهِ وَلَوْ احْتِمَالًا بِأَنْ شَكَّ أَهُوَ كَثِيرٌ أَوْ قَلِيلٌ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ الْكَثْرَةَ وَيَشُكَّ فِي زَوَالِهَا

(وَلَا مُتَغَيِّرٌ) قِيلَ الْأَحْسَنُ حَذْفُ الْمِيمِ لِيُنَاسِبَ مَا قَبْلَهُ وَيُرَدُّ بِأَنَّ التَّفَنُّنَ الْمُشْعِرَ بِاتِّحَادِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْعِبَارَتَيْنِ أَفْوَدُ وَأَبْلَغُ. (بِمُكْثٍ)

إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَلَوْ تَقْدِيرًا كُرْدِيٌّ وَعِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ بِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ اُعْتُبِرَ بِغَيْرِهِ كَالْحُكُومَةِ) أَيْ فَإِنَّهَا لَمَّا لَمْ يُمْكِنْ اعْتِبَارُهَا فِي الْحُرِّ بِنَفْسِهِ قَدَّرْنَاهُ رَقِيقًا لِنَعْلَمَ قَدْرَ الْوَاجِبِ نِهَايَةٌ.

(قَوْلُهُ كَالْحُكُومَةِ) أَيْ فِي كُلِّ جُرْحٍ لَا مُقَدَّرَ فِيهِ مِنْ الدِّيَةِ وَلَا تُعْرَفُ نِسْبَتُهُ مِنْ مُقَدَّرٍ فَإِنَّهَا تُعْتَبَرُ بِالْغَيْرِ وَهُوَ الْقِيمَةُ لِلرَّقِيقِ إذْ الْحَرُّ لَا قِيمَةَ لَهُ فَيُقَدَّرُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ رَقِيقًا وَيُنْظَرُ مَاذَا نَقَصَ بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ مِنْ قِيمَتِهِ فَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ مِنْ دِيَةِ الْحُرِّ فَالْحُكُومَةُ جَزْءٌ مِنْ عَيْنِ الدِّيَةِ نِسْبَتُهُ إلَى دِيَةِ النَّفْسِ مِثْلُ نِسْبَةِ نَقْصِهَا أَيْ الْجِنَايَةِ مِنْ قِيمَتِهِ أَيْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ رَقِيقًا بِدُونِ الْجِنَايَةِ عَشَرَةً وَبِهَا تِسْعَةً مَثَلًا وَجَبَ عُشْرُ الدِّيَةِ كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ عَلَى عُضْوِ الْمُتَطَهِّرِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ أُرِيدَ تَطْهِيرُ نَحْوِ السِّدْرِ نَفْسِهِ فَتَغَيُّرُ الْمَاءِ بِهِ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى بَقِيَّةِ أَجْزَائِهِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ لِكَوْنِهِ ضَرُورِيًّا فِي تَطْهِيرِهِ ع ش وَمَرَّ عَنْ سم عَنْ الطَّبَلَاوِيِّ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ فَلَوْ حَلَفَ إلَخْ) وَلَوْ وَكَّلَ مَنْ يَشْتَرِي لَهُ مَاءً فَاشْتَرَاهُ لَهُ لَمْ يَقَعْ لِلْمُوَكِّلِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي زَادَ الْإِقْنَاعُ سَوَاءٌ كَانَ أَيْ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ التَّغَيُّرُ حِسِّيًّا أَمْ تَقْدِيرِيًّا اهـ.

(قَوْلُهُ فَشَرِبَهُ) أَيْ الْمُتَغَيِّرُ الْمَذْكُورُ وَلَوْ تَقْدِيرِيًّا وَمِنْهُ الْمَمْزُوجُ بِالسُّكَّرِ ع ش وَأَقَرَّهُ الْبُجَيْرِمِيُّ (قَوْلُهُ لَمْ يَحْنَثْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ وَالطَّلَاقِ وَهُوَ ظَاهِرٌ ع ش وَأَقَرَّهُ الْبُجَيْرِمِيُّ.

ثُمَّ قَالَ عَنْ الزِّيَادِيِّ وَمَحَلُّ عَدَمِ الْحِنْثِ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ مُتَغَيِّرٌ اهـ أَقُولُ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الْإِطْلَاقُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ع ش فِي مَسْأَلَةِ الشِّرَاءِ حَيْثُ قَالَ قَوْلُهُ م ر وَلَمْ يَقَعْ إلَخْ ظَاهِرُهُ وَإِنْ جَهِلَ الْوَكِيلُ اهـ فَلْيُرَاجَعْ.

وَكَذَا أَقَرَّهُ شَيْخُنَا عِبَارَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى مَاءً وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ وَالْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ، وَلَوْ كَانَ التَّغَيُّرُ تَقْدِيرِيًّا كَمَا أَفْتَى بِهِ الطَّبَلَاوِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْهُ الشبراملسي اهـ.

(قَوْلُهُ لِقِلَّتِهِ) أَشَارَ بِتَعْلِيلِ مَا هُنَا بِالْقِلَّةِ وَتَعْلِيلِ مَا سَيَأْتِي مِنْ الْمُتَعَاطِفَاتِ الثَّلَاثَةِ بِتَعَذُّرِ صَوْنِ الْمَاءِ عَمَّا ذُكِرَ إلَى أَنَّ مَا هُنَا مُحْتَرَزُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ تَغَيُّرًا يَمْنَعُ إطْلَاقَ اسْمِ الْمَاءِ أَيْ لِكَثْرَتِهِ وَإِنَّ الْمُتَعَاطِفَاتِ الثَّلَاثَةَ الْآتِيَةَ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ بِمُسْتَغْنًى عَنْهُ، وَإِنَّ الْجَمِيعَ مِنْ الطَّهُورِ الْمُسَاوِي لِلْمُطْلَقِ مَاصَدَقًا رَشِيدِيٌّ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ لِقِلَّتِهِ عِلَّةٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا يَمْنَعُ إلَخْ لَا لِقَوْلِهِ لَا يَضُرُّ تَغَيُّرٌ إلَخْ وَقَوْلُ الشَّارِح الْآتِي لِتَعَذُّرِ إلَخْ عِلَّةٌ لِعَدَمِ ضَرَرِ الْجَمِيعِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ صَنِيعِ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَلَوْ احْتِمَالًا إلَخْ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الْقِلَّةُ غَيْرَ مُتَيَقَّنَةٍ (قَوْلُهُ بِأَنْ شَكَّ) يَنْبَغِي أَنْ يَشْمَلَ الشَّكُّ هُنَا الظَّنَّ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ سم (قَوْلُهُ أَهُوَ إلَخْ) أَيْ التَّغَيُّرُ (قَوْلُهُ قِيلَ الْأَحْسَنُ إلَخْ) وَمِمَّنْ قَالَ بِهِ الْمُغْنِي عِبَارَتُهُ وَكَانَ الْأَحْسَنُ أَنْ يَحْذِفَ الْمُصَنِّفُ الْمِيمَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا مُتَغَيِّرٍ إلَخْ وَكَذَا مِنْ قَوْلِهِ وَكَذَا مُتَغَيِّرٌ بِمُجَاوِرٍ، وَيَقُولُ وَلَا تَغَيُّرَ بِمُكْثٍ وَكَذَا بِمُجَاوِرٍ؛ لِأَنَّ الْمُتَغَيِّرَ لَا يَصِحُّ التَّعْبِيرُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَضُرُّ نَفْسُهُ بَلْ الْمُضِرُّ التَّغَيُّرُ، وَيَنْدَفِعُ ذَلِكَ بِمَا قَدَّرْته بِقَوْلِي فِي الطَّهَارَةِ تَبَعًا لِلشَّارِحِ اهـ وَقَوْلُهُ فِي الطَّهَارَةِ وَالْمُرَادُ فِي صِحَّتِهَا ع ش (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ الْكَثْرَةَ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا دَفْعَ الطَّهُورِيَّةِ بِالتَّغَيُّرِ الْكَثِيرِ، وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ حَتَّى يَتَيَقَّنَ زَوَالَ ذَلِكَ إذْ الْيَقِينُ لَا يَرْفَعُهُ إلَّا يَقِينٌ مِثْلُهُ وَهَذَا جَرَى الشَّارِحُ عَلَيْهِ فِي بَقِيَّةِ كُتُبِهِ أَيْضًا، وَنَقَلَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَالْخَطِيبُ الشِّرْبِينِيُّ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ وَأَقَرَّاهُ وَجَزَمَ بِهِ الشِّهَابُ الْبُرُلُّسِيُّ عَلَى الْمُحَلَّيْ وَغَيْرِهِ، وَخَالَفَ الْجَمَالُ الرَّمْلِيُّ فِي ذَلِكَ أَيْ تَبَعًا لِوَالِدِهِ فَقَالَ فِي نِهَايَتِهِ طَهُورٌ أَيْضًا خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ اهـ كُرْدِيٌّ أَقُولُ وَكَذَا اعْتَمَدَ الطَّبَلَاوِيُّ وَالْبِرْمَاوِيُّ مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ كَمَا فِي ع ش عَنْ سم عَلَى الْمَنْهَجِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلَا مُتَغَيِّرَ بِمُكْثٍ إلَخْ) قَالَ الْعِمْرَانِيُّ وَلَا تُكْرَهُ الطَّهَارَةُ بِهِ نِهَايَةٌ وَمِثْلُهُ مَا تَغَيَّرَ بِمَا لَا يَضُرُّ حَيْثُ لَمْ يَجْرِ خِلَافٌ فِي سَلْبِهِ الطَّهُورِيَّةَ أَمَّا مَا جَرَى فِي سَلْبِ الطَّهُورِيَّةِ بِهِ خِلَافٌ كَالْمُجَاوِرِ وَالتُّرَابِ إذَا طُرِحَ فَيَنْبَغِي كَرَاهَتُهُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَ ع ش (قَوْلُهُ وَيُرَدُّ بِأَنَّ التَّفَنُّنَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ التَّفَنُّنُ إنَّمَا يَتَأَتَّى إذَا صَحَّ الْمَعْنَى وَفِي صِحَّتِهِ هُنَا نَظَرٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ تَغَيُّرِ مُتَغَيِّرٍ سم وَتَقَدَّمَ

التَّغَيُّرِ الْمُضِرِّ وَالشَّكُّ لَا يَضُرُّ.

(قَوْلُهُ بِأَنْ شَكَّ) يَنْبَغِي أَنْ يَشْمَلَ الشَّكُّ هُنَا الظَّنَّ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ الْكَثْرَةُ وَيَشُكَّ فِي زَوَالِهَا) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ نَعَمْ لَوْ تَغَيَّرَ كَثِيرًا ثُمَّ زَالَ بَعْضُهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَاءٍ مُطْلَقٍ ثُمَّ شَكَّ فِي أَنَّ التَّغَيُّرَ الْآنَ يَسِيرٌ أَوْ كَثِيرٌ لَمْ يَطْهُرْ عَمَلًا بِالْأَصْلِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ انْتَهَى لَكِنْ الَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ أَنَّهُ يَطْهُرُ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ زَوَالِ بَعْضِ التَّغَيُّرِ يَشُكُّ فِي أَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الطَّهُورِيَّةِ بَاقٍ فَعَمِلْنَا بِأَصْلِ الطَّهُورِيَّةِ (قَوْلُهُ وَيُرَدُّ بِأَنَّ التَّفَنُّنَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إنَّ التَّفَنُّنَ إنَّمَا يَتَأَتَّى إذَا صَحَّ الْمَعْنَى وَفِي صِحَّتِهِ هُنَا نَظَرٌ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ وَلَا يَضُرُّ فِي طَهُورِيَّةِ الْمَاءِ مَاءٌ مُتَغَيِّرٌ بِمَا ذُكِرَ إذْ الْمَنْفِيُّ ضَرُورَةً التَّغَيُّرُ لَا الْمَاءُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ تَغَيُّرُ

ص: 70

بِتَثْلِيثِ مِيمِهِ وَطِينٍ وَطُحْلُبٍ بِفَتْحِ لَامِهِ وَضَمِّهَا نَابِتٍ مِنْ الْمَاءِ أَوْ أُلْقِيَ فِيهِ وَلَمْ يُدَقَّ وَوَرَقٌ وَقَعَ بِنَفْسِهِ وَإِنْ تَفَتَّتَ وَخَالَطَ (وَمَا فِي مَقَرِّهِ) وَمِنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْقِرَبِ الَّتِي يُدْهَنُ بَاطِنُهَا بِالْقَطِرَانِ وَهِيَ جَدِيدَةٌ لِإِصْلَاحِ مَا يُوضَعُ فِيهَا بَعْدُ مِنْ الْمَاءِ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْقَطِرَانِ الْمُخَالِطِ (وَمَمَرُّهُ) لَوْ مَصْنُوعًا مِنْ نَحْوِ نَوْرَةٍ وَإِنْ طُبِخَتْ وَكِبْرِيتٍ وَإِنْ فَحُشَ التَّغَيُّرُ بِذَلِكَ كُلِّهِ لِتَعَذُّرِ صَوْنِ الْمَاءِ عَنْهُ، وَلَوْ وُضِعَ مِنْ هَذَا الْمُتَغَيِّرِ عَلَى غَيْرِهِ مَا غَيَّرَهُ لَمْ يَضُرَّ عَلَى الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّهُ طَهُورٌ فَهُوَ كَالْمُتَغَيِّرِ بِالْمِلْحِ الْمَائِيِّ، وَكَوْنُ التَّغَيُّرِ

جَوَابٌ آخَرُ عَنْ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ بِتَثْلِيثِ مِيمِهِ) أَيْ مَعَ إسْكَانِ الْكَافِ، وَفِي الْمَطْلَبِ لُغَةٌ رَابِعَةٌ هِيَ فَتْحُ الْمِيمِ وَالْكَافِ، وَعَلَى كُلٍّ فَهُوَ مَصْدَرُ مَكَثَ بِفَتْحِ الْكَافِ أَوْ ضَمِّهَا شَيْخُنَا قَوْلُ الْمَتْنِ (وَطُحْلُبٍ) وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِمَقَرِّ الْمَاءِ أَوْ مَمَرِّهِ أَوْ لَا نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ بِفَتْحِ لَامِهِ وَضَمِّهَا) أَيْ وَضَمِّ الطَّاءِ وَمُغْنِي زَادَ شَيْخُنَا أَوْ كَسْرِهِمَا فَلُغَاتُهُ ثَلَاثٌ اهـ.

(قَوْلُهُ نَابِتٍ مِنْ الْمَاءِ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ شَيْءٌ أَخْضَرُ يَعْلُو الْمَاءَ مِنْ طُولِ الْمُكْثِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَمْ يُدَقَّ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ تَفَتَّتَ وَخَالَطَ فَيُخَالِفُ مَا مَرَّ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ سم عِبَارَةُ شَيْخِنَا قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أُخِذَ، ثُمَّ طُرِحَ صَحِيحًا، ثُمَّ تَفَتَّتَ بِنَفْسِهِ لَمْ يَضُرَّ، وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ حَجَرٍ فِي الْأَوْرَاقِ الْمَطْرُوحَةِ الضَّرَرُ بِهِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ قَاسِمٍ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْكِتَابِ اهـ يَعْنِي مُخْتَصَرَ أَبِي شُجَاعٍ قَوْلَ الْمَتْنِ (وَمَا فِي مَقَرِّهِ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْهُ طَوْنَسُ السَّاقِيَةِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ فَهُوَ فِي مَعْنَى مَا فِي الْمَقَرِّ بَلْ مِنْهُ سم وَيَأْتِي عَنْ شَيْخِنَا وَالْبُجَيْرِمِيِّ مِثْلُهُ بِزِيَادَةٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْقَطِرَانِ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ ع ش خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ عِبَارَتُهُ، وَيُعْلَمُ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمَاءَ الْمُتَغَيِّرَ كَثِيرًا بِالْقَطِرَانِ الَّذِي تُدْهَنُ بِهِ الْقِرَبُ إنْ تَحَقَّقْنَا تَغَيُّرَهُ بِهِ، وَأَنَّهُ مُخَالِطٌ فَغَيْرُ طَهُورٍ، وَإِنْ شَكَكْنَا أَوْ كَانَ مِنْ مُجَاوِرٍ فَطَهُورٌ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الرِّيحُ وَغَيْرُهُ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ اهـ.

وَقَوْلُهُ فَغَيْرُ طَهُورٍ حَمَلَهُ الْمُغْنِي وَكَذَا شَيْخُنَا كَمَا يَأْتِي عَلَى مَا إذَا كَانَ الْقَطِرَانُ لِغَيْرِ إصْلَاحِ الْقِرَبِ (قَوْلُهُ لِإِصْلَاحِ مَا يُوضَعُ إلَخْ) وَالْمَعْرُوفُ فِي زَمَنِنَا أَنَّ ذَلِكَ لِإِصْلَاحِ نَفْسِ الْقِرْبَةِ لَا الْمَاءِ (قَوْلُهُ وَلَوْ مَصْنُوعًا إلَخْ) أَيْ بِحَيْثُ صَارَ يُشْبِهُ الْخِلْقِيَّ بِخِلَافِ الْمَوْضُوعِ فِيهَا أَيْ نَحْوِ الْأَرْضِ لَا بِتِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ فَإِنَّ الْمَاءَ يُسْتَغْنَى عَنْهُ نِهَايَةٌ وَإِيعَابٌ قَالَ شَيْخُنَا، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَاءَ الْفَسَاقِي وَالصَّهَارِيجِ وَنَحْوِهِمَا الْمَعْمُولَةِ بِالْجِيرِ وَنَحْوِهِ طَهُورٌ، وَأَنَّ مَاءَ الْقِرَبِ الَّتِي تُعْمَلُ بِالْقَطِرَانِ لِإِصْلَاحِهِمَا كَذَلِكَ وَلَوْ كَانَ مُخَالِطًا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لِإِصْلَاحِ الْمَاءِ وَكَانَ مِنْ الْمُخَالِطِ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ وَضْعِ الْمَاءِ فِي نَحْوِ جَرَّةٍ وُضِعَ فِيهَا نَحْوُ لَبَنٍ فَتَغَيَّرَ فَلَا يَضُرُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْهُ طَوْنَسُ السَّاقِيَةِ وَسَلِبَةِ الْبِئْرِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِمَا اهـ زَادَ الْبُجَيْرِمِيُّ وَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ مَا يَقَعُ مِنْ الْأَوْسَاخِ الْمُنْفَصِلَةِ مِنْ أَرْجُلِ النَّاسِ مِنْ غَسْلِهَا فِي الْفَسَاقِي خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا ع ش، وَإِنَّمَا ذَلِكَ مِنْ بَابِ مَا لَا يُسْتَغْنَى الْمَاءُ عَنْهُ الْمُمْرِيَةُ وَالْمُقْرِيَةُ كَمَا أَفْتَى بِهِ وَالِدُ الشَّارِحِ م ر فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْأَوْسَاخِ الَّتِي تَنْفَصِلُ مِنْ أَبْدَانِ الْمُنْغَمِسِينَ فِي الْمَغَاطِسِ رَشِيدِيٌّ فَعُلِمَ أَنَّ تَغَيُّرَ الْمَاءِ الْمَوْضُوعِ فِي الْأَوَانِي الَّتِي كَانَ فِيهَا الزَّيْتُ وَنَحْوُهُ لَا يَضُرُّ.

وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي أَنَّ التَّغَيُّرَ بِهِ تَغَيُّرٌ بِمَا فِي الْمَقَرِّ أَوْ بِمَا لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ فَعِنْدَ ع ش تَغَيُّرٌ بِمَا فِي الْمَقَرِّ وَعِنْدَ الرَّشِيدِيِّ تَغَيُّرٌ بِمَا لَا يُسْتَغْنَى الْمَاءُ عَنْهُ كَالْقَطِرَانِ الَّذِي فِي الْقِرَبِ اهـ.

(قَوْلُهُ لِتَعَذُّرِ صَوْنِ الْمَاءِ عَنْهُ) أَيْ عَمَّا ذُكِرَ فَلَا يَمْنَعُ التَّغَيُّرُ بِهِ إطْلَاقَ الِاسْمِ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَشْبَهَ التَّغَيُّرُ بِهِ فِي الصُّورَةِ التَّغَيُّرَ الْكَثِيرَ بِمُسْتَغْنًى عَنْهُ مُحَلَّى وَمُغْنِي (قَوْلُهُ عَلَى الْأَوْجَهِ) خِلَافًا لِلْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ عِبَارَتُهُمَا وَلَوْ صَبَّ الْمُتَغَيِّرُ بِمُخَالِطٍ لَا يَضُرُّ عَلَى مَاءٍ لَا تَغَيُّرَ فِيهِ فَتَغَيَّرَ بِهِ كَثِيرًا ضَرَّ؛ لِأَنَّهُ تَغَيَّرَ بِمَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ، قَالَهُ ابْنُ أَبِي الصَّيْفِ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ مُتَّجَهٌ وَعَلَيْهِ يُقَالُ لَنَا مَاءَانِ تَصِحُّ الطَّهَارَةُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا وَلَا تَصِحُّ بِهِمَا مُخْتَلِطَيْنِ اهـ.

عِبَارَةُ سم قَوْلُهُ لَمْ يَضُرَّ عَلَى الْأَوْجَهِ

مُتَغَيِّرٍ.

(قَوْلُهُ وَلَمْ يُدَقَّ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ تَفَتَّتَ وَخَالَطَ فَيُخَالِفُ مَا مَرَّ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ وَمَا فِي مَقَرِّهِ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْهُ طَوْنَسُ السَّاقِيَةِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ فَهُوَ فِي مَعْنَى مَا فِي الْمَقَرِّ بَلْ مِنْهُ (قَوْلُهُ لَمْ يَضُرَّ عَلَى الْأَوْجَهِ) مَشَى جَمْعٌ عَلَى أَنَّهُ يَضُرُّ وَبِهِ أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا اُغْتُفِرَ تَغَيُّرُهُ بِالنِّسْبَةِ لَهُ فَإِذَا وُضِعَ عَلَى غَيْرِهِ وَتَغَيَّرَ لَمْ يُغْتَفَرْ، وَكَانَ تَغَيُّرُ ذَلِكَ الْغَيْرِ بِهِ تَغَيُّرًا بِمُخَالِطٍ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمَاءَ الْمُتَغَيِّرَ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ مُخَالِطٌ لِصِدْقِ حَدِّ الْمُخَالَطِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ تَغَيُّرُهُ بِمُجَاوِرٍ (بَقِيَ هُنَا أَمْرَانِ) الْأَوَّلُ أَنَّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ شَامِلَةٌ لِلْمُتَغَيِّرِ بِالْمُكْثِ وَبِالْمُجَاوِرِ فَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا صُبَّ عَلَى غَيْرِهِ فَغَيَّرَ ضَرَّ عِنْدَ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا فِي الْمُتَغَيِّرِ بِالْمُكْثِ بَلْ وَالْمُجَاوِرِ لَكِنَّهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ وَلَوْ صُبَّ مُتَغَيِّرٌ بِخَلِيطٍ لَا يُؤَثِّرُ عَلَى غَيْرِ مُتَغَيِّرٍ فَغَيَّرَهُ كَثِيرًا ضَرَّ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا عَلَى مَا ارْتَضَاهُ جَمْعٌ لِسُهُولَةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ طَهُورًا لَكِنْ مَشَى آخَرُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَضُرُّ وَهُوَ الْأَقْرَبُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ ذُبَابٌ فِي مَائِعٍ وَلَمْ يُغَيِّرْهُ فَصُبَّ عَلَى مَائِعٍ آخَرَ مَا يُؤَثِّرُ فِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِطَهَارَتِهِ الْمُسَبَّبَةِ عَنْ مَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ، فَكَذَلِكَ لَا يَضُرُّ هُنَا لِطَهُورِيَّتِهِ الْمُسَبَّبَةِ عَنْ ذَلِكَ فَصَوَّرَ الْمَسْأَلَةَ بِالْمُتَغَيِّرِ بِمُخَالِطٍ وَأَخْرَجَ الْمُتَغَيِّرَ بِالْمُكْثِ.

وَكَذَا بِالْمُجَاوِرِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْمُخَالِطِ مُطْلَقَ الْمُخْتَلَطِ الشَّامِلِ لِلْمُجَاوِرِ، وَقَدْ يُفَرِّقُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي مَسْأَلَةِ الذُّبَابِ بِأَنَّ مِنْ

ص: 71

هُنَا إنَّمَا هُوَ بِمَا فِي الْمَاءِ لَا بُدَّ أَنَّهُ لَا يُنْظَرُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مَشْكُوكٌ فِيهِ بَلْ يُحْتَمَلُ أَنَّ سَبَبَهُ لَطَافَةُ الْمَاءِ الْمُنْبَثِّ هُوَ فِي أَجْزَائِهِ فَقَبِلَهُ الْمَاءُ الثَّانِي وَانْبَثَّ فِيهِ وَلَوْ نَزَلَ بِنَفْسِهِ لَمْ يَقْبَلْهُ فَلَمْ يَكْثُرْ تَغَيُّرُهُ بِهِ لِكَثَافَتِهِ وَمَعَ الشَّكِّ لَا تُسْلَبُ الطَّهُورِيَّةُ الْمُحَقَّقَةُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ بِمَاءٍ مُجَاوِرٍ وَمُخَالِطٍ، وَشَكَكْنَا فِي الْمُغَيِّرِ مِنْهُمَا لَمْ يَضُرَّ فَكَذَا هُنَا (وَكَذَا) لَا يَضُرُّ فِي الطَّهُورِيَّةِ (مُتَغَيِّرٌ بِمُجَاوِرٍ) طَاهِرٍ عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ (كَعُودٍ وَدُهْنٍ) وَإِنْ طَيِّبًا وَكَحَبٍّ وَكَتَّانٍ وَإِنْ أُغْلِيَا مَا لَمْ يُعْلَمْ انْفِصَالُ عَيْنٍ فِيهِ مُخَالَطَةٌ تَسْلُبُ الِاسْمَ.

وَبِهَذَا التَّفْصِيلِ يَجْمَعُ بَيْنَ إطْلَاقَاتٍ مُتَبَايِنَةٍ

مَشَى جَمْعٌ عَلَى أَنَّهُ يَضُرُّ وَبِهِ أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا اُغْتُفِرَ تَغَيُّرُهُ بِالنِّسْبَةِ لَهُ فَإِذَا وُضِعَ عَلَى غَيْرِهِ وَتَغَيَّرَ لَمْ يُغْتَفَرْ بَقِيَ هُنَا أَمْرَانِ الْأَوَّلُ أَنَّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ شَامِلَةٌ لِلْمُتَغَيِّرِ بِالْمُكْثِ وَبِالْمُجَاوِرِ فَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا صُبَّ عَلَى غَيْرِهِ فَغَيَّرَهُ ضَرَّ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا فِي الْمُتَغَيِّرِ بِالْمُكْثِ بَلْ وَبِالْمُجَاوِرِ لَكِنَّهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ وَلَوْ صُبَّ مُتَغَيِّرٌ بِخَلِيطٍ لَا يُؤَثِّرُ عَلَى غَيْرِ مُتَغَيِّرٍ فَغَيَّرَهُ كَثِيرًا ضَرَّ انْتَهَى فَصَوَّرَ الْمَسْأَلَةَ بِالْمُتَغَيِّرِ بِالْمُخَالِطِ، وَأَخْرَجَ الْمُتَغَيِّرَ بِالْمُكْثِ، وَكَذَا بِالْمُجَاوِرِ الْأَمْرُ الثَّانِي أَنَّهُ صَوَّرَ الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا كَانَ الْمُتَغَيِّرُ وَارِدًا عَلَى غَيْرِهِ فَهَلْ عَكْسُهُ كَذَلِكَ أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ

عَدَمُ الْفَرْقِ، ثُمَّ عَلَى فَتْوَى شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ قَدْ يُحْتَاجُ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الضَّرَرِ هُنَا وَعَدَمِهِ فِي طَرْحِ التُّرَابِ وَالْمِلْحِ الْمَائِيِّ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْمِلْحَ مِنْ جِنْسِ الْمَاءِ، وَالتَّغَيُّرُ بِالتُّرَابِ مُجَرَّدٌ كَدَوْرَةٍ اهـ بِحَذْفٍ وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا بَعْدَ تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ بِالْمُتَغَيِّرِ بِمَا فِي الْمَقَرِّ أَوْ الْمَمَرِّ، وَتَرْجِيحُ كَلَامِ الرَّمْلِيِّ مَا نَصُّهُ.

وَأَمَّا لَوْ طُرِحَ غَيْرُ الْمُتَغَيِّرِ عَلَى الْمُتَغَيِّرِ الْمَذْكُورِ فَلَا يَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ عَلَى الرَّاجِحِ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَزِدْهُ قُوَّةً لَمْ يُضْعِفْهُ كَمَا نَقَلَهُ بَعْضُهُمْ عَنْ الشَّيْخِ الْبَابِلِيِّ خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ بَعْضُهُمْ عَنْ ابْنِ قَاسِمٍ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى ابْنِ حَجَرٍ اهـ.

وَفِي الْبَصْرِيِّ مَا نَصُّهُ يَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِيمَا لَوْ أُخْرِجَ شَيْءٌ مِمَّا فِي الْمَقَرِّ أَوْ الْمَمَرِّ مِنْ الْمُخَالَطَاتِ، ثُمَّ أُلْقِيَ فِيهِ وَلَمْ يُحْدِثْ تَغَيُّرًا غَيْرُ مَا كَانَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِهِ فَهَلْ يُفْرَضُ الْمَاءُ خَلِيًّا مِنْ الْأَوْصَافِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا قَبْلَ الطَّرْحِ، وَيُنْظَرُ هَلْ يُغَيَّرُ أَوْ لَا مَحَلُّ تَأَمُّلٍ وَنَظَرٍ، وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ الْأَوَّلُ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الشَّارِحِ الْآتِي فِي شَرْحٍ فَإِنْ غَيَّرَهُ فَنَجِسٌ يُؤَيِّدُ مَا ذُكِرَ اهـ.

أَقُولُ وَتَصْوِيرُهُمْ الْمَسْأَلَةَ بِصَبِّ الْمُتَغَيِّرِ بِالْمُخَالِطِ عَلَى غَيْرِ الْمُتَغَيِّرِ كَالصَّرِيحِ فِي الثَّانِي أَيْ عَدَمِ ضَرَرِ صَبِّ الْمُتَغَيِّرِ عَلَى الْمُتَغَيِّرِ مِنْ جِنْسِهِ (قَوْلُهُ هُنَا) أَيْ فِي الْوَضْعِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) أَيْ التَّغَيُّرَ هُنَا (قَوْلُهُ أَنَّ سَبَبَهُ) أَيْ تَغَيُّرِ الْمَاءِ الثَّانِي (لِطَاقَةِ الْمَاءِ) أَيْ الْأَوَّلِ (الْمُنْبَثِّ هُوَ) أَيْ مَا فِي الْمَاءِ الْأَوَّلِ وَكَذَا ضَمِيرُ فَقَبْلَهُ وَضَمِيرُ وَلَوْ نَزَلَ (قَوْلُهُ فَقَبْلَهُ الْمَاءُ الثَّانِي) قَدْ يُقَالُ حَاصِلُ أَنَّ التَّغَيُّرَ بِمَا فِي الْمَاءِ بِوَاسِطَةِ الْمَاءِ وَذَا لَا يَمْنَعُ الضَّرَرَ سم (قَوْلُهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ بِمَاءٍ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إنَّ كُلًّا مِنْ الْوَاقِعَيْنِ هُنَا يُمْكِنُ نِسْبَةُ التَّغْيِيرِ إلَيْهِمَا فَحَصَلَ الشَّكُّ بِخِلَافِهِ فِيمَا سَبَقَ فَإِنَّ التَّغْيِيرَ بِمَا فِي الْمَاءِ بِلَا رَيْبٍ لَا بِالْمَاءِ إذْ لَا أَثَرَ بِصِرَافَتِهِ فِي التَّغَيُّرِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ فُرِضَ أَنَّ لِلْمَاءِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ صِفَةً تُشَاكِلُ كُلُّ صِفَةٍ مَا هُوَ مَعَهُ كَمُلُوحَةِ طَعْمٍ أَوْ صُفْرَةِ لَوْنٍ أَوْ نَتِنِ رِيحٍ وَشَكَّ فِي تَغَيُّرِ الثَّانِي هَلْ هُوَ مِنْ الْمَاءِ أَوْ مِنْ مُصَاحِبِهِ أَوْ مِنْهُمَا لَاتَّجَهَ الْقَوْلُ بِعَدَمِ سَلْبِ طَهُورِيَّتِهِ لِلشَّكِّ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ طَاهِرٌ) يَأْتِي فِي الْمَتْنِ مُحْتَرَزُهُ (قَوْلُهُ عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ) أَيْ كَثِيرًا كَانَ التَّغَيُّرُ أَوْ قَلِيلًا وَسَوَاءٌ كَانَ لِلْمُجَاوِرِ جِرْمٌ أَوْ لَا قَوْلُ الْمَتْنِ (كَعُودٍ) وَكَالْعُودِ مَا لَوْ صَبَّ عَلَى بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ مَاءَ وَرْدٍ ثُمَّ جَفَّ، وَبَقِيَتْ رَائِحَتُهُ فِي الْمَحَلِّ فَإِذَا أَصَابَهُ مَاءٌ وَتَغَيَّرَتْ رَائِحَتُهُ مِنْهُ تَغَيُّرًا كَثِيرًا لَمْ يَسْلُبْ الطَّهُورِيَّةَ؛ لِأَنَّ التَّغَيُّرَ وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ تَغَيُّرٌ بِمُجَاوِرٍ أَمَّا لَوْ صَبَّ عَلَى الْمَحِلِّ وَفِيهِ مَاءٌ يَنْفَصِلُ وَاخْتَلَطَ بِمَا صَبَّهُ فَيُقَدَّرُ مُخَالِفًا وَسَطًا ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ (وَدُهْنٍ) مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ الْمَاءُ الْمُتَغَيِّرُ بِالزَّيْتِ وَنَحْوِهِ فِي قَنَادِيلِ الْوُقُودِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشِّهَابُ الْبُرُلُّسِيُّ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَإِنْ طُيِّبَا) بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنْ التَّطَيُّبِ أَيْ طُيِّبَا بِغَيْرِهِمَا، وَيَجُوزُ كَوْنُهُ بِبِنَاءِ الْفَاعِلِ أَيْ طَيَّبَا غَيْرَهُمَا وَفِي الْقَلْيُوبِيِّ عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ وَلَوْ مُطَيَّبَيْنِ بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ الْمُشَدَّدَةِ أَوْلَى مِنْ كَسْرِهَا؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَضُرَّ الْمَصْنُوعُ فَالْخِلْقِيُّ أَوْلَى انْتَهَى.

وَمَحَلُّهُ كَمَا لَا يَخْفَى إذَا طُيِّبَ الْعُودُ بِطِيبٍ مُجَاوِرٍ، وَإِلَّا ضَرَّ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُعْلَمْ انْفِصَالُ عَيْنٍ إلَخْ) فَإِنْ قُلْت هَلْ يَدُلُّ نَقْصُهُ عَلَى انْفِصَالِ الْعَيْنِ الْمُخَالِطَةِ كَمَا لَوْ وُزِنَ بَعْدَ تَغْيِيرِهِ الْمَاءَ فَوُجِدَ نَاقِصًا قُلْت لَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ نَقَصَ بِانْفِصَالِ أَجْزَاءٍ مُجَاوِرَةٍ وَلَوْ لَمْ تُشَاهَدْ فِي الْمَاءِ لِاحْتِمَالِ خُرُوجِهَا مِنْ الْمَاءِ أَوْ الْتِصَاقِهَا بِبَعْضِ جَوَانِبِ الْمَحِلِّ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ تَسْلُبُ الِاسْمَ) أَيْ اسْمَ

شَأْنِ الذُّبَابِ الِابْتِلَاءُ بِوُقُوعِهِ فَكَانَ حُكْمُهُ أَخَفَّ الْأَمْرُ الثَّانِي أَنَّهُ صَوَّرَ الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا كَانَ الْمُتَغَيِّرُ وَارِدًا عَلَى غَيْرِهِ فَهَلْ عَكْسُهُ كَذَلِكَ أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْفَرْقِ ثُمَّ عَلَى فَتْوَى شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ قَدْ يَحْتَاجُ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الضَّرَرِ هُنَا وَعَدَمِهِ فِي طَرْحِ التُّرَابِ وَالْمِلْحِ الْمَائِيِّ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْمِلْحَ مِنْ جِنْسِ الْمَاءِ، وَالتَّغَيُّرُ بِالتُّرَابِ مُجَرَّدٌ كَدَوْرَةٍ (قَوْلُهُ فَقَبِلَهُ الْمَاءُ الثَّانِي) قَدْ يُقَالُ حَاصِلُهُ أَنَّ التَّغَيُّرَ بِمَا فِي الْمَاءِ بِوَاسِطَةِ الْمَاءِ وَذَا لَا يَمْنَعُ الضَّرَرَ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُعْلَمْ انْفِصَالُ عَيْنِ مُخَالِطِهِ) فَإِنْ قُلْت هَلْ يَدُلُّ نَقْصُهُ عَلَى انْفِصَالِ الْعَيْنِ الْمُخَالِطَةِ كَمَا لَوْ وُزِنَ بَعْدَ تَغْيِيرِهِ الْمَاءَ فَوَجَدْنَاهُ نَاقِصًا قُلْت لَا لِاحْتِمَالِهِ أَنَّهُ نَقَصَ بِانْفِصَالِ أَجْزَاءٍ مُجَاوِرَةٍ وَلَوْ لَمْ تُشَاهَدْ فِي الْمَاءِ لِاحْتِمَالِ

ص: 72

فِي مَاءِ مُبَلَّاتِ الْكَتَّانِ؛ لِأَنَّ لَهُ حَالَاتٌ مُتَفَاوِتَةٌ فِي التَّغَيُّرِ أَوَّلًا وَآخِرًا كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ نَعَمْ الَّذِي يَنْبَغِي فِيمَا شَكَّ فِي انْفِصَالِ عَيْنٍ فِيهِ أَنَّهُ لَوْ تَجَدَّدَ لَهُ اسْمٌ آخَرَ بِحَيْثُ تَرَكَ مَعَهُ اسْمَهُ الْأَوَّلَ السَّلَبُ؛ لِأَنَّ هَذَا التَّجَدُّدَ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ جِدًّا عَلَى انْفِصَالِ تِلْكَ الْعَيْنِ فِيهِ (أَوْ بِتُرَابٍ) طَهُورٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مُخَالِطٌ، وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ خِلَافًا لِمَنْ وُهِمَ فِيهِ، وَمِثْلُهُ فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي الْمِلْحُ الْمَائِيُّ لَا الْجَبَلِيُّ إلَّا إنْ كَانَ بِمَمَرٍّ أَوْ مَقَرٍّ (طُرِحَ) لَا لِتَطْهِيرِ مُغَلَّظٍ، وَإِلَّا لَمْ يَصِرْ طِينًا لَا يَجْرِي بِطَبْعِهِ وَإِلَّا أَثَّرَ جَزْمًا (فِي الْأَظْهَرِ) إذْ التَّغَيُّرُ بِالْمُجَاوِرِ وَمِنْهُ الْبَخُورُ وَلَوْ احْتِمَالًا إذْ مَا شَكَّ فِي أَنَّهُ مُخَالِطٌ أَوْ مُجَاوِرٌ لَهُ حُكْمُ الْمُجَاوِرِ، ثُمَّ رَأَيْت جَمْعًا جَزَمُوا بِأَنَّهُ مُجَاوِرٌ حَتَّى مَنْ قَالَ إنَّهُ يَضُرُّ لَكِنَّهُ بَنَاهُ عَلَى الضَّعِيفِ مِنْ التَّفْرِقَةِ فِي الْمُجَاوِرِ بَيْنَ الرِّيحِ وَغَيْرِهِ، وَلَا يُنَافِي كَوْنُهُ مُجَاوِرًا أَنَّ الْأَصَحَّ فِي دُخَانِ الشَّيْءِ أَنَّهُ مِنْ نَفْسِ جِرْمِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَانِعَ أَنْ يَنْفَصِلَ جِرْمٌ مُجَاوِرٌ مِنْ جِرْمٍ مُخَالِطٍ إذْ الْمُشَاهَدَةُ قَاضِيَةٌ فِي الدُّخَانِ بِأَنَّهُ مُجَاوِرٌ يَطْفُو عَلَى الْمَاءِ وَلَا يَخْتَلِطُ بِهِ مُجَرَّدُ تَرَوُّحٍ، وَإِنْ فَحُشَ فَهُوَ كَتَغَيُّرٍ بِجِيفَةٍ عَلَى الشَّطِّ وَبِالتُّرَابِ.

أَمَّا مُجَرَّدٌ كَدَوْرَةٍ لَا تَمْنَعُ الِاسْمَ فَعَلَيْهِ هُوَ مُجَاوِرٌ، وَالْمُتَغَيِّرُ بِهِ مُطْلَقٌ وَهُوَ الْأَشْهَرُ وَإِمَّا لِلتَّسْهِيلِ عَلَى الْعِبَادِ

الْمَاءِ بِأَنْ يُقَالَ لَهُ مَرَقَةٌ مَثَلًا كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ فِي مَاءِ مُبَلَّاتِ الْكَتَّانِ) بِالْإِضَافَةِ (قَوْلُهُ السَّلَبُ) جَوَابُ لَوْ، عَلَى حَذْفِ الْخَبَرِ، أَيْ: مُتَعَيِّنٌ، وَالْجُمْلَةُ الشَّرْطِيَّةُ خَبَرُ إنَّ، وَهُوَ مَعَ اسْمِهِ وَخَبَرِهِ خَبَرُ الْمَوْصُولِ، قَوْلُ الْمَتْنِ (أَوْ بِتُرَابٍ) أَيْ وَلَوْ مُسْتَعْمَلًا بِنَاءً عَلَى التَّعْلِيلِ بِأَنَّ التَّغَيُّرَ مُجَرَّدٌ كَدَوْرَةٍ، وَهَذَا مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ سم وَكَذَا اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ طَهُورٍ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْمُسْتَعْمَلِ وَقَوْلُهُ بِنَاءً إلَخْ أَيْ التَّقْيِيدُ بِالطَّهُورِ مَبْنِيٌّ عَلَى إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِنْ قُلْنَا إنَّ التُّرَابَ مُجَاوِرٌ فَلَا يَضُرُّ التُّرَابُ الْمَطْرُوحُ مُطْلَقًا طَهُورًا كَانَ أَوْ مُسْتَعْمَلًا.

(قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ (فِي الْأَظْهَرِ) فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ إلَخْ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ الظَّاهِرَ الْوَاقِعَ فِي الْمَاءِ إمَّا أَنْ يَكُونَ مُخَالِطًا أَوْ مُجَاوِرًا، وَالْأَوَّلُ إمَّا أَنْ يَسْتَغْنِي الْمَاءُ عَنْهُ أَوْ لَا، وَالْأَوَّلُ إمَّا أَنْ يَكُونَ التَّغَيُّرُ بِهِ يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا ضَرَّ، وَتُسْتَثْنَى مِنْهُ الْأَوْرَاقُ إذَا تَنَاثَرَتْ بِنَفْسِهَا وَتَفَتَّتَتْ وَغُيِّرَتْ وَالْمِلْحُ الْمَائِيُّ وَالتُّرَابُ الطَّاهِرُ أَوْ الطَّهُورُ وَإِنْ طُرِحَا فَلَا يَضُرُّ التَّغَيُّرُ بِوَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ، وَالْمُجَاوِرُ إمَّا أَنْ تَتَحَلَّلَ مِنْهُ أَجْزَاءٌ تُمَازِجُ الْمَاءَ وَتَخْلِطُهُ كَالْمِشْمِشِ وَالزَّبِيبِ وَالْعِرْقِسُوسِ وَالْبَقَّمِ فَيَرْجِعُ إلَى الْمُخَالِطِ فَيَضُرُّ التَّغَيُّرُ بِهِ بِشَرْطِهِ، وَإِمَّا أَنْ لَا يَتَحَلَّلَ مِنْهُ شَيْءٌ كَالْعُودِ وَالدُّهْنِ وَلَوْ مُطَيِّبَيْنِ فَلَا يَضُرُّ التَّغَيُّرُ بِهِ بُجَيْرِمِيٌّ عَلَى الْإِقْنَاعِ وَفِي الْكُرْدِيِّ عَلَى شَرْحِ بَافَضْلٍ بَعْدُ نَحْوُ ذَلِكَ مَا نَصُّهُ وَلَك ضَبْطُ ذَلِكَ بِعِبَارَةٍ أُخْرَى بِأَنْ تَقُولَ: يُشْتَرَطُ لِضَرَرِ تَغَيُّرِ الْمَاءِ سِتَّةُ شُرُوطٍ أَنْ لَا يَكُونَ تَغَيُّرُهُ بِنَفْسِهِ، وَأَنْ يَكُونَ الْمُغَيِّرُ مُخَالِطًا وَأَنْ يَسْتَغْنِي الْمَاءُ عَنْهُ وَأَنْ لَا يَشُقَّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ وَأَنْ يَكُونَ التَّغَيُّرُ كَثِيرًا بِحَيْثُ يَمْنَعُ إطْلَاقَ اسْمِ الْمَاءِ عَلَيْهِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ الْمُغَيِّرُ تُرَابًا وَلَا مِلْحًا مَائِيًّا، وَهَذَا كُلُّهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فِي الْمُغَيِّرِ الطَّاهِرِ أَمَّا النَّجِسُ فَيَتَنَجَّسُ مَا وَقَعَ فِيهِ مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ يُغَيِّرْهُ حَيْثُ كَانَ الْمَاءُ دُونَ الْقُلَّتَيْنِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَإِلَّا لَمْ يَضُرَّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي أَمَّا التَّغَيُّرُ بِتُرَابِ تَطْهِيرِ النَّجَاسَةِ الْكَلْبِيَّةِ وَنَحْوِهَا أَوْ بِتُرَابٍ تَهُبُّ بِهِ الرِّيحُ أَوْ طُرِحَ بِلَا قَصْدٍ كَأَنْ أَلْقَاهُ صَبِيٌّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَلَا يَضُرُّ جَزْمًا اهـ وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ إذْ التَّغَيُّرُ) إلَى قَوْلِهِ وَأَصْلُ هَذَا فِي النِّهَايَةِ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ إذْ التَّغَيُّرُ إلَخْ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ مُجَرَّدُ تَرَوُّحٍ كُرْدِيٌّ وَسَمِّ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ إلَخْ) أَيْ مِنْ الْمُجَاوِرِ دُخَانُ الشَّيْءِ الَّذِي يَتَبَخَّرُ بِهِ فَلَا يَضُرُّ تَغَيُّرُ الْمَاءِ بِهِ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ احْتِمَالًا) يَعْنِي أَنَّ كَوْنَ الْبَخُورِ مُجَاوِرًا وَإِنْ كَانَ احْتِمَالًا لَا تَحْقِيقًا لَكِنَّهُ كَافٍ فِي عَدَمِ الضَّرُورَةِ، وَقَوْلُهُ بِأَنَّهُ إلَخْ أَيْ الْبَخُورَ وَقَوْلُهُ حَتَّى مَنْ قَالَ إنَّهُ يَضُرُّ أَيْ جَزَمَ بِكَوْنِهِ مُجَاوِرًا، وَقَوْلُهُ لَكِنَّهُ بَنَاهُ أَيْ هَذَا الْقَوْلَ وَقَوْلُهُ بَيْنَ الرِّيحِ وَغَيْرِهِ يَعْنِي يَقُولُ إنَّ الْمُجَاوِرَ الَّذِي هُوَ الرَّائِحَةُ يَضُرُّ وَغَيْرُهُ لَا يَضُرُّ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِلَا يُنَافِي إلَخْ وَعِلَّةٌ لِعَدَمِ الْمُنَافَاةِ وَقَوْلُهُ إذْ الْمُشَاهَدَةُ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لَا مَانِعَ إلَخْ (قَوْلُهُ أَنْ يَنْفَصِلَ جِرْمٌ إلَخْ) اُنْظُرْ مِنْ أَيْنَ لَزِمَ هُنَا انْفِصَالُ جِرْمٍ مُجَاوِرٍ مِنْ جِرْمٍ مُخَالِطٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَزِمَ مِنْ شُمُولِ الْبُخَارِ لِدُخَانِ الْمُخَالِطِ سم (قَوْلُهُ عَلَى الشَّطِّ) أَيْ بِالْقُرْبِ مِنْهُ بِحَيْثُ يَصِلُ رِيحُهَا إلَى الْمَاءِ لَا أَنَّهَا اتَّصَلَتْ بِهِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ مُجَرَّدُ تَرَوُّحٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ بِالْمُجَاوِرِ ضَرَّ، وَلَيْسَ مُرَادًا نَعَمْ إنْ تَحَلَّلَ مِنْهُ شَيْءٌ كَمَا لَوْ نُقِعَ التَّمْرُ فِي الْمَاءِ فَاكْتَسَبَ الْحَلَاوَةَ مِنْهُ سَلَبَ الطَّهُورِيَّةَ ع ش عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ قَضِيَّتُهُ أَنَّ التَّغَيُّرَ بِالْمُجَاوِرِ لَا يَكُونُ إلَّا تَرَوُّحًا، وَهُوَ قَوْلٌ مَرْجُوحٌ مَعَ أَنَّهُ يُنَاقِضُ مَا سَيَأْتِي لَهُ م ر قَرِيبًا فِي مَسْأَلَةِ الْبَخُورِ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ م ر جَرَى فِي هَذَا التَّعْلِيلِ عَلَى الْغَالِبِ اهـ.

وَقَوْلُهُ مَا سَيَأْتِي لَهُ إلَخْ يَعْنِي بِهِ قَوْلَ النِّهَايَةِ، وَيَظْهَرُ فِي الْمَاءِ الْمُبَخَّرِ الَّذِي غَيَّرَ الْبَخُورُ طَعْمَهُ أَوْ لَوْنَهُ أَوْ رِيحَهُ عَدَمُ سَلْبِهِ الطَّهُورِيَّةَ؛ لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ انْحِلَالَ الْأَجْزَاءِ وَالْمُخَالَطَةِ وَإِنْ بَنَاهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي دُخَانِ النَّجَاسَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَبِالتُّرَابِ) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ بِالْمُجَاوِرِ سم يَعْنِي أَنَّ ذَلِكَ عَطْفٌ عَلَى هَذَا (قَوْلُهُ مُجَرَّدٌ كَدَوْرَةٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ غَيَّرَ طَعْمَ الْمَاءِ أَوْ رِيحَهُ ضَرَّ وَلَيْسَ مُرَادًا ع ش (قَوْلُهُ وَأَمَّا لِلتَّسْهِيلِ) أَيْ مُغْتَفَرٌ لِلتَّسْهِيلِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِ بَعْدُ أَوْ مُسْتَثْنًى مِنْ غَيْرِ الْمُطْلَقِ لِلتَّسْهِيلِ كَمَا فِي كَلَامِ الْمُغْنِي، وَبِذَلِكَ يَنْدَفِعُ قَوْلُ سم

خُرُوجِهَا مِنْ الْمَاءِ أَوْ الْتِصَاقِهَا بِبَعْضِ جَوَانِبِ الْمَحَلِّ.

(قَوْلُهُ أَوْ بِتُرَابٍ) أَيْ وَلَوْ مُسْتَعْمَلًا بِنَاءً عَلَى التَّعْلِيلِ بِأَنَّ التَّغَيُّرَ مُجَرَّدٌ كَدَوْرَةٍ وَهَذَا مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ (قَوْلُهُ إذْ التَّغَيُّرُ) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ مُجَرَّدٌ كَدَوْرَةٍ (قَوْلُهُ أَنْ يَنْفَصِلَ جِرْمٌ) اُنْظُرْ مِنْ أَيْنَ لَزِمَ هُنَا انْفِصَالُ جِرْمٍ مُجَاوِرٍ مِنْ جِرْمٍ مُخَالِطٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَزِمَ مِنْ شُمُولِ الْبُخَارِ لِلدُّخَانِ الْمُخَالِطِ، (قَوْلُهُ وَبِالتُّرَابِ) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ بِالْمُجَاوِرِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا لِلتَّسْهِيلِ) يُتَأَمَّلُ هَذَا الْعَطْفُ

ص: 73

فَهُوَ غَيْرُ مُطْلَقٍ قَالَ جَمْعٌ وَهُوَ الْأَقْعَدُ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْمَتْنَ مُصَرَّحٌ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَعَادَ الْبَاءَ فِي بِتُرَابٍ وَلَمْ يَجْعَلْهُ مِنْ أَمْثِلَةِ الْمُجَاوِزِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ مُخَالِطٌ، وَأَنَّ التَّغَيُّرَ بِهِ مُغْتَفَرٌ مَعَ ذَلِكَ نَظَرًا لِمَا فِيهِ مِنْ الطَّهُورِيَّةِ.

وَأَصْلُ هَذَا اخْتِلَافُهُمْ فِي حَدِّ الْمُخَالِطِ أَهُوَ مَا لَا يُمْكِنُ فَصْلُهُ فَخَرَجَ التُّرَابُ، أَوْ مَا لَا يَتَمَيَّزُ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ فَدَخَلَ، أَوْ الْمُعْتَبَرُ الْعُرْفُ أَوْجُهٌ أَشْهَرُهَا الْأَوَّلُ وَقَضِيَّةُ جَزْمِهِمْ بِإِخْرَاجِ التُّرَابِ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُرَادَ مَا لَا يُمْكِنُ فَصْلُهُ حَالًا وَلَا مَآلًا وَرَجَّحَ شَيْخُنَا فِي بَعْضِ كُتُبِهِ تَبَعًا لِشَيْخِهِ الْقَايَاتِيِّ وَلِأَبِي زُرْعَةَ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ عِبَارَةُ الْمَتْنِ، وَصَرَّحَ بِهِ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ أَنَّ التُّرَابَ مُخَالِطٌ، وَأَنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَرْجَحَ مِنْ التَّعَارِيفِ الثَّلَاثَةِ الثَّانِي، وَأَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ وَقَدْ يُقَالُ مَا لَا يُمْكِنُ فَصْلُهُ حَالًا وَلَا مَآلًا لَا يَتَمَيَّزُ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ فَيَتَّحِدَانِ، وَيَكُونُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ بَيَانًا لِلْعُرْفِ فَلَا خِلَافَ فِي الْحَقِيقَةِ (وَيُكْرَهُ) تَنْزِيهًا وَقِيلَ تَحْرِيمًا شَرْعًا لَا طِبًّا فَحَسْبُ فَيُثَابُ التَّارِكُ امْتِثَالًا شَدِيدَ حَرٍّ وَبَرْدٍ لِمَنْعِهِمَا الْإِسْبَاغَ أَوْ لِلضَّرَرِ فَإِنْ قُلْت يُنَافِي هَذَا حَدِيثَ «وَإِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ» قُلْت لَا يُنَافِيهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي إسْبَاغٍ عَلَى مُكْرَهَةٍ لَا بِقَيْدِ الشِّدَّةِ، وَهَذَا مَعَ قَيْدِهَا الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ مَنْعُ وُقُوعِ الْعِبَادَةِ عَلَى كَمَالِ الْمَطْلُوبِ مِنْهَا.

وَ (الْمُشَمَّسُ) وَلَوْ مُغَطًّى لَكِنْ كَرَاهَةُ الْمَكْشُوفِ أَشَدُّ يَعْنِي مَا أَثَّرَتْ فِيهِ الشَّمْسُ بِحَيْثُ قَوِيَتْ عَلَى أَنْ تَفْصِلَ بِحِدَّتِهَا مِنْهُ زُهُومَةَ مَاءٍ كَانَ أَوْ مَائِعًا وَكُلُّ شُرُوطِهِ لِلْمُطَوَّلَاتِ، وَهِيَ أَنْ يَكُونَ بِقُطْرٍ حَارٍّ وَقْتَ الْحَرِّ فِي إنَاءٍ مُنْطَبِعٍ، وَهُوَ مَا يَمْتَدُّ تَحْتَ الْمِطْرَقَةِ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ كَبِرْكَةٍ فِي جَبَلِ حَدِيدٍ

يُتَأَمَّلُ هَذَا الْعَطْفُ اهـ.

(قَوْلُهُ فَهُوَ غَيْرُ مُطْلَقٍ) مُعْتَمَدٌ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَقْعَدُ) أَيْ الْقَوْلُ بِأَنَّ الْمُتَغَيِّرَ بِالتُّرَابِ غَيْرُ مُطْلَقٍ أَوْفَقُ بِالْقَوَاعِدِ بِاعْتِبَارِ وُجُودِ التَّغَيُّرِ بِهِ فَتَعْرِيفُ غَيْرِ الْمُطْلَقِ مُنْطَبِقٌ عَلَيْهِ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ وَأَصْلُ هَذَا) أَيْ الِاخْتِلَافِ فِي التُّرَابِ أَهُوَ مُخَالِطٌ أَوْ مُجَاوِرٌ (قَوْلُهُ هُوَ مَا لَا يُمْكِنُ فَصْلُهُ) اقْتَصَرَ الْمَحَلِّيُّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ جَازَ مَا بِهِ ع ش (قَوْلُهُ فَخَرَجَ التُّرَابُ) ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ فَصْلُهُ بَعْدَ رُسُوبِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ أَوْ مَا لَا يَتَمَيَّزُ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ الْمُجَاوِرِ فِيهِمَا مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَرَجَّحَ شَيْخُنَا إلَخْ) وَكَذَا رَجَّحَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَإِنَّ ذَلِكَ إلَخْ) لَعَلَّهُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَرَجَّحَ شَيْخُنَا إلَخْ (قَوْلُهُ أَنَّ الْأَرْجَحَ مِنْ التَّعَارِيفِ إلَخْ) جَرَى عَلَيْهِ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَقَدْ يُقَالُ إلَخْ) قَدْ يَمْنَعُ صِحَّتَهُ وَسَنَدَهُ الْبَخُورُ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ فَصْلُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مَعَ تَمَيُّزِهِ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ وَبِتَسْلِيمِ صِحَّتِهِ فَالِاتِّحَادُ مَوْقُوفٌ عَلَى صِدْقِ كُلِّيَّةِ الْعَكْسِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا أَفَادَهُ آنِفًا فِي التُّرَابِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ فَيَتَّحِدَانِ) أَيْ الْحَدَّانِ الْأَوَّلَانِ وَقَوْلُهُ فَلَا خِلَافَ أَيْ بَيْنَ التَّعَارِيفِ الثَّلَاثَةِ لِلْمُخَالِطِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ تَنْزِيهًا) إلَى قَوْلِهِ فَإِنْ قُلْت فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَقِيلَ تَحْرِيمًا (قَوْلُهُ وَقِيلَ تَحْرِيمًا) وَقِيلَ لَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ، وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ مُغْنِي أَيْ الْكَرَاهَةُ (قَوْلُهُ شَرْعًا لَا طِبًّا فَحَسْبُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَهُوَ أَيْ كَرَاهَةُ الْمُشَمَّسِ شَرْعِيَّةٌ لَا إرْشَادِيَّةٌ وَفَائِدَةُ ذَلِكَ الثَّوَابُ.

وَلِهَذَا قَالَ السُّبْكِيُّ التَّحْقِيقُ أَنَّ فَاعِلَ الْإِرْشَادِ لِمُجَرَّدِ غَرَضِهِ لَا يُثَابُ وَلِمُجَرَّدِ الِامْتِثَالِ يُثَابُ وَلَهُمَا يُثَابُ ثَوَابًا أَنْقَصَ مِنْ ثَوَابِ مَنْ مَحَّضَ قَصْدَ الِامْتِثَالِ اهـ.

(قَوْلُهُ شَدِيدُ حَرٍّ إلَخْ) أَيْ التَّطْهِيرُ بِأَحَدِهِمَا وَمُلَاقَاتُهُ لِلْبَدَنِ شَرْحُ بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ لِمَنْعِهِمَا الْإِسْبَاغَ) أَيْ كَمَالِ الْإِتْمَامِ، وَإِلَّا فَلَوْ مَنَعَا تَمَامَ الْوُضُوءِ مِنْ أَصْلِهِ فَلَا تَصِحُّ الطَّهَارَةُ وَتَحْرُمُ سم وع ش (قَوْلُهُ أَوْ لِلضَّرَرِ) قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ اخْتِصَاصُ الْكَرَاهَةِ بِالطَّهَارَةِ وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ الْكَرَاهَةُ مُطْلَقًا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ شَيْخُنَا وَبُجَيْرِمِيٌّ، وَكَذَا فِي ع ش عَنْ سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ يُنَافِي هَذَا) أَيْ كَرَاهَةَ اسْتِعْمَالِ شَدِيدِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ حَدِيثُ وَإِسْبَاغُ الْوُضُوءِ إلَخْ أَيْ الْمُفِيدُ لِطَلَبِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ ذَاكَ) أَيْ مَا أَفَادَهُ الْحَدِيثُ مِنْ طَلَبِ الْإِسْبَاغِ عَلَى الْمَكَارِهِ (قَوْلُهُ عَلَى مُكْرَهَةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالرَّاءِ وَبِضَمِّ الرَّاءِ الْمَشَقَّةُ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ وَهَذَا مَعَ قَيْدِهَا) أَيْ وَالْكَرَاهَةُ مُقَيَّدَةٌ بِالشِّدَّةِ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ وَالْمُشَمَّسُ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ شَدِيدُ حَرٍّ (قَوْلُهُ وَلَوْ مُغَطًّى) إلَى قَوْلِهِ وَلَا يُكْرَهُ الطُّهْرُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَلَوْ غَيْرَ غَالِبٍ، وَأَنْ يُسْتَعْمَلَ وَمَا أَنَّبَهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَشَدُّ) أَيْ لِشِدَّةِ تَأْثِيرِهَا فِيهِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ يَعْنِي مَا أَثَّرَتْ فِيهِ الشَّمْسُ إلَخْ) أَيْ بِقَصْدٍ وَبِدُونِهِ أَيْ اسْتِعْمَالُهُ شَرْحُ بَافَضْلٍ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ أَيْ مَا سَخَّنَتْهُ الشَّمْسُ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ رَادًّا عَلَى مَنْ قَالَ إنَّ حَقَّهُ أَنْ يُعَبِّرَ بِمُتَشَمِّسٍ سَوَاءٌ أَتَشَمَّسَ بِنَفْسِهِ أَمْ لَا اهـ.

(قَوْلُهُ بِحَيْثُ قَوِيَتْ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْإِيعَابِ وَضَابِطُ الْمُشَمَّسِ أَنْ تُؤَثِّرَ فِيهِ السُّخُونَةُ بِحَيْثُ تَفْصِلُ مِنْ الْإِنَاءِ أَجْزَاءً سَمِيَّةً تُؤَثِّرُ فِي الْبَدَنِ لَا مُجَرَّدُ انْتِقَالِهِ مِنْ حَالَةٍ لِأُخْرَى بِسَبَبِهَا، وَإِنْ نُقِلَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْأَصْحَابِ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ اهـ أَيْ خِلَافًا لِلْخَطِيبِ ع ش أَيْ حَيْثُ اخْتَارَ الِاكْتِفَاءَ بِذَلِكَ فِي الْمُغْنِي وَالْإِقْنَاعِ (قَوْلُهُ مِنْهُ) أَيْ الْإِنَاءِ نِهَايَةٌ وَمَنْهَجٌ (قَوْلُهُ زُهُومَةٌ) تَعْلُو الْمَاءَ مَحَلِّيٌّ وَمَنْهَجٌ أَيْ تَظْهَرُ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ مَعَ كَوْنِهَا مُنْبَثَّةٌ فِيهِ أَيْضًا، وَلِذَلِكَ لَوْ خُرِقَ الْإِنَاءُ مِنْ أَسْفَلِهِ وَاسْتُعْمِلَ الْمَاءُ كُرِهَ شَيْخُنَا وَبُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ مَاءً كَانَ إلَخْ) أَيْ الْمُشَمَّسُ وَقَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا نِهَايَةٌ وَشَرْحُ بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ أَوْ مَائِعًا) دُهْنًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَوَكَّلَ إلَخْ) أَيْ الْمُصَنِّفُ (قَوْلَهُ أَنْ يَكُونَ بِقُطْرٍ حَارٍّ إلَخْ) أَيْ كَأَقْصَى الصَّعِيدِ وَالْيَمَنِ وَالْحِجَازِ فِي الصَّيْفِ لَا بِقُطْرٍ مُعْتَدِلٍ كَمِصْرِ أَوْ بَارِدٍ كَالشَّامِ فَلَا يُكْرَهُ الْمُشَمَّسُ فِيهِمَا وَلَوْ فِي الصَّيْفِ الصَّائِفِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ؛ لِأَنَّ تَأْثِيرَ الشَّمْسِ فِيهِمَا ضَعِيفٌ، وَلَوْ خَالَفَتْ بَلْدَةٌ قُطْرَهَا حَرَارَةً أَوْ بُرُودَةً اُعْتُبِرَتْ دُونَهُ كَحَوْرَانَ بِالشَّامِ وَالطَّائِفِ بِالْحِجَازِ فَيُكْرَهُ الْمُشَمَّسُ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ وَلَوْ خَالَفَتْ إلَخْ) فِي ع ش وَالْبُجَيْرِمِيِّ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ وَقْتَ الْحَرِّ) أَيْ فِي الصَّيْفِ ع ش (قَوْلُهُ فِي إنَاءٍ مُنْطَبِعٍ) كَالْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ وَالرَّصَاصِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ كَالْخَزَفِ وَالْخَشَبِ وَالْجِلْدِ وَالْحَوْضِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ كَبِرْكَةٍ إلَخْ) مِثَالٌ لِلْمُنْطَبِعِ بِالْقُوَّةِ عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ عَنْ الْإِيعَابِ أَيْ مَا مِنْ شَأْنِهِ الِانْطِبَاعُ

اهـ.

(قَوْلُهُ لِمَنْعِهِمَا الْإِسْبَاغَ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الْكَامِلِ لَا مُطْلَقًا.

ص: 74

غَيْرِ نَقْدٍ وَمَغْشِيٍّ بِهِ يَمْنَعُ انْفِصَالَ الزُّهُومَةِ بِخِلَافِ نَقْدٍ غُشِيَ أَوْ اخْتَلَطَ بِمَا تَتَوَلَّدُ هِيَ مِنْهُ وَلَوْ غَيْرَ غَالِبٍ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَادِّعَاءَاتُهَا لَا تَتَوَلَّدُ إلَّا مِنْ غَالِبٍ أَوْ مُتَحَصِّلٍ بِالنَّارِ مَمْنُوعٌ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ وَإِنْ رَدَدْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بِتَوَلُّدِهَا مِنْ الصِّدَاءِ بَلْ هُوَ شَرْطٌ فِيهَا عِنْدَهُ سَوَاءٌ النَّقْدُ وَغَيْرُهُ كَمَا شَمِلَتْهُ عِبَارَتُهُ، وَهِيَ تَخُصُّ الْكَرَاهَةَ بِكُلِّ إنَاءٍ مُنْطَبِعٍ مُصَدِّيٍّ وَأَنْ يُسْتَعْمَلَ وَهُوَ حَارٌّ وَلَوْ فِي ثَوْبٍ لَبِسَهُ رَطْبًا فِي ظَاهِرِ أَوْ بَاطِنِ بَدَنٍ حَيٍّ كَأَبْرَصَ يُخْشَى زِيَادَةُ بَرَصِهِ وَغَيْرِ آدَمِيٍّ يُخْشَى بَرَصُهُ، وَذَلِكَ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «دَعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا لَا يَرِيبُك» وَاسْتِعْمَالُهُ مُرِيبٌ؛ لِأَنَّهُ يُخْشَى مِنْهُ الْبَرَصُ كَمَا صَحَّ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُ مُحَقِّقِي الْأَطِبَّاءِ لِقَبْضِ تِلْكَ الزُّهُومَةِ عَلَى مَسَامِّ الْبَدَنِ فَتُنَجِّسُ الدَّمَ، وَمَحَلُّ هَذَا وَمَا قَبْلَهُ حَيْثُ لَمْ يَظُنَّ بِقَوْلِ عَدْلٍ أَوْ بِمَعْرِفَةِ نَفْسِهِ ضَرَرُهُ لَهُ بِخُصُوصِهِ، وَإِلَّا حَرُمَ فَيَلْزَمُ التَّيَمُّمُ إنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ أَوْ

أَيْ الِامْتِدَادُ تَحْتَ الْمِطْرَقَةِ فَشَمِلَ الْمُشَمَّسَ فِي بِرْكَةٍ مِنْ جَبَلٍ حَدِيدٍ مَثَلًا اهـ.

(قَوْلُهُ غَيْرِ نَقْدٍ إلَخْ) أَيْ غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَلَا يُكْرَهُ الْمُشَمَّسُ فِيهِمَا مِنْ حَيْثُ هُوَ مُشَمَّسٌ لِصَفَاءِ جَوْهَرِهِمَا وَإِنْ حَرُمَ مِنْ حَيْثُ اسْتِعْمَالُ آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَمَغْشِيٍّ بِهِ) عَطْفٌ عَلَى نَقْدٍ أَيْ وَغَيْرِ مَطْلِيٍّ بِالنَّقْدِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ يَمْنَعُ انْفِصَالَ الزُّهُومَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَلَا فَرْقَ فِيهِمَا أَيْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَفِي الْمُنْطَبِعِ مِنْ غَيْرِهِمَا بَيْنَ أَنْ يَصْدَأَ أَوْ لَا.

وَأَمَّا الْمُمَوَّهُ بِأَحَدِهِمَا فَالْأَوْجَهُ فِيهِ أَنْ يُقَالَ إنْ كَثُرَ التَّمْوِيهُ بِحَيْثُ يَمْنَعُ انْفِصَالَ شَيْءٍ مِنْ أَصْلِ الْإِنَاءِ لَمْ يُكْرَهْ، وَإِلَّا كُرِهَ حَيْثُ انْفَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ يُؤَثِّرُ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي الْإِنَاءِ الْمَغْشُوشِ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر بَيْنَ أَنْ يَصْدَأَ أَوْ لَا، أَيْ فَلَا يُكْرَهُ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَإِنْ صَدِئَ، وَيُكْرَهُ فِي غَيْرِهِمَا وَلَا يُقَالُ إنَّ الصِّدَاءَ فِي غَيْرِهِمَا مَانِعٌ مِنْ وُصُولِ الزُّهُومَةِ إلَى الْمَاءِ اهـ.

(قَوْلُهُ يَمْنَعُ انْفِصَالَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ حَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ بِعَرْضِهِ عَلَى النَّارِ أَمْ لَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْكُرْدِيُّ بِخِلَافِ قَوْلِ النِّهَايَةِ الْمُتَقَدِّمِ إنْ كَثُرَ التَّمْوِيهُ إلَخْ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ اعْتِبَارُ أَنْ يَحْصُلَ مِنْهُ شَيْءٌ بِعَرْضِهِ عَلَى النَّارِ كَمَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ الْبُجَيْرِمِيُّ، وَأَشَارَ الْكُرْدِيُّ إلَيْهِ وَإِلَى مُخَالَفَتِهِ لِمَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ نَقْدٍ غُشِيَ إلَخْ) أَيْ فَيُكْرَهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ حَصَلَ مِنْ التَّمْوِيهِ بِنَحْوِ النُّحَاسِ شَيْءٌ يَعْرِضُهُ عَلَى النَّارِ أَمْ لَا عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ وَادِّعَاءُ أَنَّهَا إلَخْ) أَيْ الزُّهُومَةَ (قَوْلُهُ أَوْ مُتَحَصِّلٌ بِالنَّارِ) أَيْ مُتَحَصِّلٌ مِنْهُ شَيْءٌ بِالنَّارِ (قَوْلُهُ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ) أَيْ يُؤَيِّدُ الْمَنْعَ قَوْلُ الزَّرْكَشِيّ (قَوْلُهُ وَإِنْ رَدَدْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ) تَقَدَّمَ عَنْ النِّهَايَةِ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ بِتَوَلُّدِهَا) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَالضَّمِيرُ لِلزُّهُومَةِ (قَوْلُهُ بَلْ هُوَ) أَيْ الصِّدَاءُ سم (قَوْلُهُ عِنْدَهُ) أَيْ الزَّرْكَشِيّ (قَوْلُهُ كَمَا شَمِلَتْهُ) أَيْ غَيْرُ النَّقْدِ وَقَوْلُهُ وَهِيَ أَيْ عِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ سم (قَوْلُهُ بِكُلِّ إنَاءٍ مُنْطَبِعٍ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَا دَلَالَةَ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ عَلَى تَوَلُّدِهَا مِنْ الصِّدَاءِ سم.

(قَوْلُهُ وَهُوَ حَارٌّ) فَلَوْ بَرَدَ زَالَتْ الْكَرَاهَةُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَبَافَضْلٌ وَسَمِّ قَالَ الشَّارِحُ فِي حَاشِيَةِ فَتْحِ الْجَوَادِ الْمُرَادُ زَوَالُ الْحَرَارَةِ الْمُوَلِّدَةِ لِلزُّهُومَةِ لَا مُطْلَقًا فَشَمِلَ مَا لَوْ نَقَصَتْ حَرَارَتُهُ بِحَيْثُ عَادَ إلَى حَالَةٍ لَوْ كَانَ عَلَيْهَا ابْتِدَاءً لَمْ يُكْرَهْ انْتَهَى اهـ كُرْدِيٌّ قَالَ سم بَقِيَ مَا لَوْ بُرِّدَ، ثُمَّ شُمِّسَ أَيْضًا فِي إنَاءٍ غَيْرِ مُنْطَبِعٍ فَهَلْ تَعُودُ الْكَرَاهَةُ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا زَالَتْ لِفَقْدِ الْحَرَارَةِ، وَقَدْ وُجِدَتْ أَوْ لَا تَعُودُ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ يُوَجَّهُ إطْلَاقُهُمْ بِاحْتِمَالِ أَنَّ التَّبْرِيدَ أَزَالَ الزُّهُومَةَ أَوْ أَزَالَ تَأْثِيرَهَا أَوْ أَضْعَفَهُ وَإِنْ وُجِدَتْ الْحَرَارَةُ وَمَا لَوْ سُخِّنَ بِالنَّارِ فِي مُنْطَبِعٍ، ثُمَّ بِالشَّمْسِ قَبْلَ أَنْ يُبَرَّدَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إنْ حَصَلَ بِالشَّمْسِ سُخُونَةٌ تُؤَثِّرُ الزُّهُومَةُ كُرِهَ وَإِلَّا فَلَا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.

وَقَالَ ع ش فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَاعْتَمَدَهُ الْبُجَيْرِمِيُّ وَشَيْخُنَا وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ زَوَالِ الْكَرَاهَةِ؛ لِأَنَّ الزُّهُومَةَ بَاقِيَةٌ، وَإِنَّمَا خَمَدَتْ بِالتَّبْرِيدِ فَإِذَا سُخِّنَ أُثِيرَتْ تِلْكَ الزُّهُومَةُ الْخَامِدَةُ اهـ.

(قَوْلُهُ فِي ظَاهِرِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ يُسْتَعْمَلُ (قَوْلُهُ أَوْ بَاطِنِ بَدَنٍ إلَخْ) كَأَكْلٍ وَشُرْبٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ حَيٍّ) وَكَذَا فِي الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَرَمٌ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ وَشَرْحُ بَافَضْلٍ وَعَمِيرَةَ (قَوْلُهُ يُخْشَى زِيَادَةُ بَرَصِهِ) أَيْ أَوْ شِدَّةُ تَمَكُّنِهِ نِهَايَةٌ يَعْنِي فِيمَا لَوْ عَمَّهُ الْبَرَصُ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ لِلزِّيَادَةِ مَجَالٌ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ يُخْشَى بَرَصُهُ) كَالْخَيْلِ أَوْ أَنْ يَلْحَقَ الْآدَمِيَّ مِنْهُ ضَرَرٌ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَذَلِكَ إلَخْ) أَيْ كَرَاهَةُ الْمُشَمَّسِ، وَكَانَ الْأَنْسَبُ أَنْ يُقَدِّمَهُ عَلَى بَيَانِ الشُّرُوطِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَاسْتِعْمَالُهُ) أَيْ الْمُشَمَّسِ (قَوْلُهُ كَمَا صَحَّ) أَيْ إيرَاثُهُ الْبَرَصَ (قَوْلُهُ فَتَحْبِسُ الدَّمَ) أَيْ فَيَحْدُثُ الْبَرَصُ (فَائِدَةٌ)

ذَكَرَ الشَّارِحُ فِي حَاشِيَتِهِ هُنَا فِي أَسْبَابِ الضَّرَرِ كَلَامًا طَوِيلًا مُلَخَّصُهُ أَنَّ مَا لَا يَتَخَلَّفُ مُسَبَّبُهُ عَنْهُ إلَّا مُعْجِزَةً أَوْ كَرَامَةً لِوَلِيٍّ يَحْرُمُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ، وَكَذَا يَحْرُمُ مَا يَغْلِبُ تَرَتُّبُ مُسَبَّبِهِ عَلَيْهِ وَقَدْ يَنْفَكُّ عَنْهُ نَادِرًا.

وَأَمَّا مَا لَمْ يَتَرَتَّبْ سَبَبُهُ عَلَيْهِ إلَّا نَادِرًا كَالشَّمْسِ فَيُكْرَهُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ وَكَذَا مَا اسْتَوَى طَرَفَا حُصُولِهِ وَعَدَمِهِ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ هَذَا) أَيْ كَرَاهَةُ الْمُشَمَّسِ (وَمَا قَبْلَهُ) أَيْ كَرَاهَةُ شَدِيدِ حَرٍّ وَبَرْدٍ (بِقَوْلِ عَدْلٍ) أَيْ رِوَايَةً نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ أَوْ بِمَعْرِفَةِ نَفْسِهِ) أَيْ طِبًّا لَا تَجْرِبَةً ع ش وَرَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ

قَوْلُهُ بَلْ هُوَ) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّدْرِ، وَكَذَا ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ عِبَارَتُهُ وَهِيَ (قَوْلُهُ بِكُلِّ إنَاءٍ مُنْطَبِعٍ) قَدْ يُقَالُ لَا دَلَالَةَ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ عَلَى تَوَلُّدِهَا مِنْ الصِّدَاءِ (قَوْلُهُ وَهُوَ حَارٌّ) فَلَوْ بُرِّدَ زَالَتْ الْكَرَاهَةُ كَمَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَبَقِيَ مَا لَوْ بُرِّدَ، ثُمَّ شُمِّسَ أَيْضًا فِي إنَاءٍ غَيْرِ مُنْطَبِعٍ فَهَلْ تَعُودُ الْكَرَاهَةُ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا زَالَتْ لِفَقْدِ الْحَرَارَةِ وَقَدْ وُجِدَتْ أَوَّلًا تَعُودُ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ يُوَجَّهُ إطْلَاقُهُمْ بِاحْتِمَالِ أَنَّ التَّبْرِيدَ أَزَالَ الزُّهُومَةَ أَوْ

ص: 75

لَمْ يَتَعَيَّنْ، وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَقَدْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَجَبَ اسْتِعْمَالُهُ وَشِرَاؤُهُ وَلَا كَرَاهَةَ كَمُسَخَّنٍ بِالنَّارِ، وَلَوْ بِنَجِسٍ مُغَلَّظٍ؛ لِأَنَّهَا تُذْهِبُ الزُّهُومَةَ لِقُوَّتِهَا بِخِلَافِهَا فِي الطَّعَامِ الْمَائِعِ لِاخْتِلَاطِهَا بِأَجْزَائِهِ.

وَيُكْرَهُ مَاءُ وَتُرَابُ كُلِّ أَرْضٍ غُضِبَ عَلَيْهَا إلَّا بِئْرُ النَّاقَةِ بِأَرْضِ ثَمُودَ، وَلَا يُكْرَهُ الطُّهْرُ بِمَاءِ زَمْزَمَ وَلَكِنْ الْأَوْلَى عَدَمُ إزَالَةِ النَّجَسِ بِهِ وَجَزْمُ بَعْضِهِمْ بِحُرْمَتِهِ ضَعِيفٌ بَلْ شَاذٌّ

لَمْ يَتَعَيَّنْ) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ لَمْ يَظُنَّ سم وَلَعَلَّ الْأَنْسَبَ وَلَمْ يَتَعَيَّنْ بِالْوَاوِ بَصْرِيٌّ أَيْ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا حَرُمَ) أَيْ وَإِنْ تَعَيَّنَ (قَوْلُهُ بِأَنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ إلَخْ) أَيْ وَلَمْ يَظُنَّ ضَرَرَهُ بِمَا مَرَّ كُرْدِيٌّ وَشَرْحُ بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ وَقَدْ ضَاقَ الْوَقْتُ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَضِقْ لَمْ يَجِبْ مَا ذُكِرَ لَكِنْ الْأَفْضَلُ تَرْكُهُ إنْ تَيَقَّنَ غَيْرَهُ آخِرَ الْوَقْتِ عِ ش (قَوْلُهُ وَجَبَ اسْتِعْمَالُهُ) ، وَيُتَّجَهُ أَنْ يَقْتَصِرَ حِينَئِذٍ عَلَى غَسْلَةٍ وَاحِدَةٍ فَيُكْرَهُ مَا زَادَ عَلَيْهَا وَالْغُسْلُ الْمَسْنُونُ وَالْوُضُوءُ الْمُجَدِّدُ لِعَدَمِ وُجُوبِ ذَلِكَ قَالَهُ سم اهـ بُجَيْرِمِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَلَا كَرَاهَةَ) خَالَفَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَصَرَّحَ مَعَ الْوُجُوبِ بِبَقَاءِ الْكَرَاهَةِ، وَنَظَرَ فِيهِ الْغَزِّيِّ بِأَنَّ الْكَرَاهَةَ تُنَافِي فَرْضَ الْعَيْنِ قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَهُوَ تَنْظِيرٌ ظَاهِرٌ اهـ سم وَكَأَنَّ مُدْرِكَهُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ وَالْوُجُوبَ رَاجِعَانِ لِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ الِاسْتِعْمَالُ، وَالشَّيْءُ إذَا كَانَ لَهُ جِهَةٌ وَاحِدَةٌ لَا يَجْتَمِعُ فِيهِ حُكْمَانِ، وَأَمَّا الصَّلَاةُ فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ فَلَهَا جِهَتَانِ وَلِذَا كَانَ لَهَا حُكْمَانِ الْوُجُوبُ وَالْحُرْمَةُ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ كَمُسَخَّنٍ بِالنَّارِ إلَخْ) أَيْ إذَا سُخِّنَ بِالنَّارِ ابْتِدَاءً بِخِلَافِ الْمُشَمَّسِ إذَا سُخِّنَ بِالنَّارِ قَبْلَ تَبْرِيدِهِ فَإِنَّ الْكَرَاهَةَ بَاقِيَةٌ كَمَا لَوْ طُبِخَ بِهِ طَعَامٌ مَائِعٌ فَإِذَا لَمْ تَزُلْ الْكَرَاهَةُ بِنَارِ الطَّبْخِ مَعَ شِدَّتِهَا فَلَا تَزُولُ بِنَارِ التَّسْخِينِ مِنْ بَابِ أَوْلَى زِيَادِيٌّ وَبُجَيْرِمِيٌّ وَشَيْخُنَا وَيَأْتِي عَنْ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي مِثْلُهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِنَجَسٍ مُغَلَّظٍ) بِالْوَصْفِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِهَا إلَخْ) يُتَأَمَّلُ سم.

(قَوْلُهُ فِي الطَّعَامِ الْمَائِعِ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ طُبِخَ بِالنَّارِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ بِخِلَافِ الطَّعَامِ الْجَامِدِ كَالْخُبْزِ وَالْأُرْزِ الْمَطْبُوخِ بِهِ لَمْ يُكْرَهْ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمَاءَ الْمُشَمَّسَ إذَا سُخِّنَ قَبْلَ تَبْرِيدِهِ بِالنَّارِ لَا تَزُولُ الْكَرَاهَةُ، وَهُوَ كَذَلِكَ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ لِاخْتِلَاطِهَا إلَخْ) وَصُورَتُهُ أَنَّ الْمَاءَ الْمُشَمَّسَ جُعِلَ حَالَ حَرَارَتِهِ فِي الطَّعَامِ وَطُبِخَ بِهِ رَشِيدِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَلَا يُكْرَهُ) إلَى قَوْلِهِ لَكِنْ الْأَوْلَى فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى قَوْلِهِ وَيُكْرَهُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَجَزَمَ إلَى وَهُوَ (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ مَاءٌ وَتُرَابٌ إلَخْ) وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ لِلشَّارِحِ قَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَرَاهَةُ اسْتِعْمَالِ هَذِهِ الْمِيَاهِ فِي الْبَدَنِ فِي الطَّهَارَةِ وَغَيْرِهَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ بَلْ يَنْبَغِي كَرَاهَةُ اسْتِعْمَالِهَا فِي غَيْرِ الْبَدَنِ وَكَرَاهَةُ التَّيَمُّمِ بِتُرَابِ هَذِهِ الْأَمْكِنَةِ وَهُوَ قَرِيبٌ وَقَدْ يَدُلُّ لَهُ مَا يَأْتِي عَنْ ابْنِ الْعِمَادِ مِنْ كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ فِيهَا، وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي كَرَاهَةِ أَكْلِ ثِمَارِهَا وَالْكَرَاهَةُ أَقْرَبُ اهـ وَنَقَلَ الْهَاتِفِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى التُّحْفَةِ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ كَرَاهَةَ حِجَارَتِهَا فِي الِاسْتِنْجَاءِ وَدِبَاغِهَا فِي الدِّبَاغِ وَأَكْلِ ثِمَارِهَا وَهَلْ يُكْرَهُ أَكْلُ قُوتِهَا لَعَلَّ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ أَقْرَبُ لِلِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ انْتَهَى اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ غُضِبَ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى أَهْلِهَا فَالْمِيَاهُ الْمَكْرُوهَةُ ثَمَانِيَةٌ الْمُشَمَّسُ وَشَدِيدُ الْحَرَارَةِ وَشَدِيدُ الْبُرُودَةِ وَمَاءُ دِيَارِ ثَمُودَ إلَّا بِئْرَ النَّاقَةِ وَمَاءُ دِيَارِ قَوْمِ لُوطٍ وَمَاءُ بِئْرِ بَرَهُوتَ وَمَاءُ أَرْضِ بَابِلَ وَمَاءُ بِئْرِ ذَرْوَانَ نِهَايَةٌ وَقَوْلُهُ دِيَارُ ثَمُودَ هِيَ مَدَايِنُ صَالِحٍ الْمَعْرُوفَةُ الْآنَ بِطَرِيقِ الْحَجِّ الشَّامِيِّ بِقُرْبِ الْعُلَا وَبُيُوتُهُمْ بَاقِيَةٌ إلَى الْآنَ مَنْقُورَةٌ فِي الْجِبَالِ كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ {وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا} [الشعراء: 149] وَبِئْرُ النَّاقَةِ مُسْتَثْنَاةٌ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ كُرْدِيٌّ وَقَوْلُهُ دِيَارُ قَوْمِ لُوطٍ وَهِيَ بِرْكَةٌ عَظِيمَةٌ فِي مَوْضِعِ دِيَارِهِمْ الَّتِي خُسِفَتْ

أَزَالَ تَأْثِيرَهَا أَوْ أَضْعَفَهُ وَإِنْ وُجِدَتْ الْحَرَارَةُ وَأَنَّ الْكَرَاهَةَ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِسَبَبِهَا، وَقَدْ زَالَتْ بِالتَّبْرِيدِ وَلَمْ يُوجَدْ بَعْدُ سَبَبُهَا وَهُوَ التَّشْمِيسُ بِشُرُوطِهِ وَبِاحْتِمَالِ أَنَّ الْحَرَارَةَ الْمُؤَثِّرَةَ مَشْرُوطَةٌ بِحُصُولِهَا بِوَاسِطَةِ الْإِنَاءِ الْمُنْطَبِعِ لِخُصُوصِيَّةٍ فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَتَعَيَّنْ) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ لَمْ يَظُنَّ (قَوْلُهُ وَلَا كَرَاهَةَ) خَالَفَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَصَرَّحَ مَعَ الْوُجُوبِ بِبَقَاءِ الْكَرَاهَةِ وَنَظَّرَ الْغَزِّيِّ فِيهِ بِأَنَّ الْكَرَاهَةَ تُنَافِي فَرْضَ الْعَيْنِ دُونَ فَرْضِ الْكِفَايَةِ قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَهُوَ تَنْظِيرٌ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ أَنَّ فِيهِ نَظَرًا نَعَمْ مَرَّ أَنَّ مَنْ يَقُولُ بِأَنَّ الْكَرَاهَةَ إرْشَادِيَّةٌ يَقُولُ بِبَقَائِهَا مَعَ التَّعَيُّنِ فَإِنْ كَانَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَقُولُ بِهَا فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ انْتَهَى وَفِي مُجَامَعَتِهَا إذَا كَانَتْ إرْشَادِيَّةً لِلتَّعَيُّنِ نَظَرٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ كَمُسَخَّنٍ بِالنَّارِ) لَوْ سُخِّنَ بِهَا فِي مُنْطَبِعٍ ثُمَّ بِالشَّمْسِ قَبْلَ أَنْ يُبَرَّدَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إنْ حَصَلَ بِالشَّمْسِ سُخُونَةٌ تُؤَثِّرُ الزُّهُومَةُ كُرِهَ وَإِلَّا فَلَا فَلْيُتَأَمَّلْ، وَلَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ أَيْ الْمُشَمَّسِ فِي طَعَامٍ جَامِدٍ كَخُبْزٍ عُجِنَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْأَجْزَاءَ السُّمَيَّةَ تُسْتَهْلَكُ فِي الْجَامِدِ بِخِلَافِهَا فِي الْمَائِعِ وَإِنْ طُبِخَ بِالنَّارِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمُشَمَّسَ إذَا سُخِّنَ بِالنَّارِ لَا تَزُولُ الْكَرَاهَةُ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ إذْ نَارُ الطَّبْخِ أَشَدُّ فَإِذَا لَمْ تَزُلْ الْكَرَاهَةُ فَنَارُ التَّسْخِينِ أَوْلَى، وَيُحْمَلُ قَوْلُهُمْ لَا يُكْرَهُ الْمُسَخَّنُ بِالنَّارِ عَلَى الِابْتِدَاءِ شَرْحٌ م ر (قَوْلُهُ بِخِلَافِهَا) يُتَأَمَّلُ.

(قَوْلُهُ

ص: 76

وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ مَاءِ الْكَوْثَرِ خِلَافًا لِمَنْ نَازَعَ فِيهِ وَيُكْرَهُ الطُّهْرُ بِفَضْلِ الْمَرْأَةِ لِلْخِلَافِ فِيهِ قِيلَ بَلْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهُ وَعَنْ التَّطَهُّرِ مِنْ الْإِنَاءِ النُّحَاسِ.

(وَالْمُسْتَعْمَلُ فِي فَرْضِ الطَّهَارَةِ) أَيْ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فِي صِحَّتِهَا كَالْغَسْلَةِ الْأُولَى

مُغْنِي وَقَوْلُهُ بَرَهُوتُ مُحَرَّكَةٌ وَبِالضَّمِّ أَيْ لِلْبَاءِ قَامُوسٌ وَعِبَارَةُ مَرَاصِدِ الِاطِّلَاعِ بِضَمِّ الْهَاءِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَتَاءٍ فَوْقَهَا نُقْطَتَانِ وَادٍ بِالْيَمَنِ قِيلَ بِقُرْبِ حَضْرَمَوْتَ جَاءَ أَنَّ فِيهِ أَرْوَاحُ الْكُفَّارِ وَقِيلَ بِئْرٌ بِحَضْرَمَوْتَ وَقِيلَ هُوَ اسْمُ الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْبِئْرُ وَرَائِحَتُهَا مُنْتِنَةٌ فَظِيعَةٌ جِدًّا انْتَهَتْ اهـ. ع ش

وَقَوْلُهُ أَرْضُ بَابِلَ اسْمُ مَوْضِعٍ بِالْعِرَاقِ يُنْسَبُ إلَيْهِ السِّحْرُ وَالْخَمْرُ ع ش عِبَارَةُ الْبُجَيْرِمِيِّ هِيَ مَدِينَةُ السِّحْرِ بِالْعِرَاقِ كَمَا فِي التَّقْرِيبِ اهـ وَقَوْلُهُ بِئْرُ ذَرْوَانَ بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بِالْمَدِينَةِ ع ش أَيْ الَّتِي وُضِعَ فِيهَا السِّحْرُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُغْنِي (قَوْلُهُ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ مَاءِ الْكَوْثَرِ) أَيْ فَيَكُونُ أَفْضَلُ الْمِيَاهِ؛ لِأَنَّهُ بِهِ غُسِلَ صَدْرُهُ صلى الله عليه وسلم وَلَا يَكُونُ يُغْسَلُ إلَّا بِأَفْضَلِ الْمِيَاهِ لَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّ أَفْضَلَ الْمِيَاهِ مَا نَبَعَ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ صلى الله عليه وسلم مُغْنِي (قَوْلُهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ) وَلَا مَاءُ بَحْرٍ وَلَا مَاءٌ مُتَغَيِّرٌ بِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ مُغْنِي (قَوْلُهُ لَكِنْ الْأَوْلَى إلَخْ) وِفَاقًا لِلزِّيَادِيِّ، وَذَهَبَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَالْمُغْنِي إلَى كَرَاهَتِهَا (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ الطُّهْرُ بِفَضْلِ الْمَرْأَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ عَطْفًا عَلَى مَا لَا يُكْرَهُ وَلَا فَضْلِ جُنُبٍ وَحَائِضٍ اهـ وَأَطَالَ فِي شَرْحِهِ الِاسْتِدْلَالَ وَنَقَلَ فِيهِ تَصْرِيحَ الْبَغَوِيّ بِعَدَمِ كَرَاهَتِهِ، وَأَيَّدَهُ بِأَنَّ كُلَّ خِلَافٍ خَالَفَ سُنَّةً صَحِيحَةً لَا تُسَنُّ مُرَاعَاتُهُ سم عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ وَجَرَى الشَّارِحُ عَلَى عَدَمِ كَرَاهَةِ الطُّهْرِ بِفَضْلِهَا فِي الْإِمْدَادِ وَحَاشِيَةِ التُّحْفَةِ قَالَ فِيهِمَا وَالنَّهْيُ عَنْهُ لَمْ يَصِحَّ.

وَكَذَلِكَ الْبُرُلُّسِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ وَالْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ وَارِدَةٌ فِي الْإِبَاحَةِ وَالْمُرَادُ فَضْلُهَا وَحْدَهَا أَمَّا اغْتِسَالُ الرَّجُلِ أَوْ وُضُوءُهُ مَعَهَا مِنْ الْإِنَاءِ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ لِلشَّارِحِ الْمُرَادُ بِفَضْلِهَا مَا فَضَلَ عَنْ طَهَارَتِهَا وَإِنْ لَمْ تَمَسَّهُ دُونَ مَا مَسَّتْهُ فِي شُرْبٍ أَوْ أَدْخَلَتْ يَدَهَا فِيهِ بِلَا نِيَّةٍ اهـ.

قَوْلُ الْمَتْنِ (فِي فَرْضِ الطَّهَارَةِ) أَيْ عَنْ الْحَدَثِ كَالْغَسْلَةِ الْأُولَى مُحَلَّى وَنِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي أَمَّا الْمُسْتَعْمَلُ فِي الْخَبَثِ إلَخْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالطَّهَارَةِ هُنَا طَهَارَةُ الْحَدَثِ وَالنَّجَسِ وَحَمَلَهُ الشَّارِحُ الْمُحَقِّقُ وَالنِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي عَلَى الْأَوَّلِ كَمَا مَرَّ، ثُمَّ قَالُوا أَوْ سَيَأْتِي الْمُسْتَعْمَلُ فِي النَّجَاسَةِ فِي بَابِهَا (قَوْلُهُ أَيْ مَا لَا بُدَّ) إلَى قَوْلِهِ أَمَّا الْمُسْتَعْمَلُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ أَوْ صَلَاةُ نَفْلٍ وَقَوْلُهُ أَيْ يَعْتَقِدُ إلَى أَوْ مَجْنُونَةً.

وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ انْقَطَعَ إلَى أَيْ يَعْتَقِدُ وَقَوْلُهُ غُسْلَهَا إلَى غَيْرِ طَهُورٍ (قَوْلُهُ أَيْ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ إلَخْ) أَثِمَ الشَّخْصُ بِتَرْكِهِ أَمْ لَا مُغْنِي وَمُحَلَّى وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ فِي صِحَّتِهَا) أَيْ صِحَّةِ الطَّهَارَةِ عَنْ الْحَدَثِ أَوْ النَّجَسِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا فِي الْبَصْرِيِّ (قَوْلُهُ كَالْغَسْلَةِ الْأُولَى) الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ أَوْ تَمْثِيلِيَّةٌ لِإِدْخَالِ الْمَسْحَةِ الْأُولَى أَوْ مَاءُ غَسْلِ الْجَبِيرَةِ أَوْ الْخُفِّ بَدَلُ مَسْحِهِمَا أَوْ غَيْرُ السَّابِعَةِ فِي نَحْوِ غَسَلَاتِ الْكَلْبِ قَالَهُ الْقَلْيُوبِيُّ بُجَيْرِمِيٌّ عِبَارَةُ شَيْخِنَا وَالْمُسْتَعْمَلُ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ هُوَ مَاءُ الْمَرَّةِ

وَيُكْرَهُ الطُّهْرُ بِفَضْلٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ عَطْفًا عَلَى مَا لَا يُكْرَهُ وَلَا فَضْلِ جُنُبٍ وَحَائِضٍ انْتَهَى وَأَطَالَ فِي شَرْحِهِ الِاسْتِدْلَال لَهُ وَنَقَلَ فِيهِ تَصْرِيحَ الْبَغَوِيّ بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ، وَأَيَّدَهُ بِأَنَّ كُلَّ خِلَافٍ خَالَفَ سُنَّةً صَحِيحَةً لَا تُسَنُّ مُرَاعَاتُهُ ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ يُنْظَرُ فِيهِ بِأَنَّ الْخِلَافَ هُنَا لِلسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ لَهُ سَنَدٌ مِنْ السُّنَّةِ أَيْضًا وَإِنْ أُجِيبَ عَنْهُ بِمَا مَرَّ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ وَالْمُسْتَعْمَلُ فِي فَرْضِ الطَّهَارَةِ) مِنْهُ مَاءُ غَسْلِ الرَّأْسِ بَدَلَ مَسْحِهِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَكَلَامُهُمْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فِي غَسْلِ الْقَدْرِ الَّذِي يَقَعُ مَسْحُهُ فَرْضًا وَيَبْقَى مَا لَوْ غَسَلَ كُلَّ رَأْسِهِ بَدَلًا عَنْ مَسْحِ كُلِّهَا وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمَاءَ يَصِيرُ مَخْلُوطًا مِنْ الْمُسْتَعْمَلِ وَغَيْرِهِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنْ يُقَدَّرَ الْقَدْرَ الْمُسْتَعْمَلَ مُخَالِفًا وَسَطًا لَكِنْ مَا ضَابِطُ ذَلِكَ الْقَدْرِ، وَقَدْ يُقَالُ أَقَلُّ قَدْرٍ يَتَأَتَّى عَادَةً إفْرَادُهُ بِالْغَسِيلِ أَوْ الْمَسْحِ فَلَوْ لَمْ تُمْكِنْ مَعْرِفَتُهُ وَشَكَّ هَلْ يُغَيَّرُ لَوْ قُدِّرَ مُخَالِفًا وَسَطًا فَقَدْ يُقَالُ الْقِيَاسُ الْحُكْمُ بِالطَّهُورِيَّةِ إذْ لَا نَسْلُبُهَا بِالشَّكِّ وَمِنْ هَذَا الْبَحْثِ يَظْهَرُ إشْكَالُ مَا يَأْتِي فِي الْوُضُوءِ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ فِيمَنْ لَا شَعْرَ لَهُ يَنْقَلِبُ مِنْ الْجَزْمِ بِأَنَّهُ لَوْ رَدَّ يَدَهُ لَمْ تُحْسَبْ ثَانِيَةً؛ لِأَنَّ الْمَاءَ صَارَ مُسْتَعْمَلًا فَلْيُتَأَمَّلْ، وَقَدْ يُتَّجَهُ أَنْ يُقَالَ أَخْذًا مِنْ هَذَا الْآتِي فِي الْوُضُوءِ بِالْحُكْمِ بِالِاسْتِعْمَالِ عَلَى الْجَمِيعِ فِي كُلٍّ مِنْ الْغَسْلِ وَالْمَسْحِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اخْتَلَطَ الْمُسْتَعْمَلُ بِغَيْرِهِ، وَتَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ حُكِمَ بِاسْتِعْمَالِ الْجَمِيعِ احْتِيَاطًا، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ قَدْ يُقَالُ لَمَّا كَانَ الْفَرْضُ يَقَعُ بَيْنَ مَسْحِ أَقَلِّ جَزْءٍ أَوْ غَسْلِهِ كَانَ الْمُسْتَعْمَلُ يَسِيرًا جِدًّا بِالنِّسْبَةِ لِمَاءِ مَسْحٍ أَوْ غَسَلَ الْبَاقِي فَلَا يَتَغَيَّرُ بِهِ غَالِبًا عَادَةً لَوْ فُرِضَ مُخَالِفًا وَسَطًا فَالْحُكْمُ بِاسْتِعْمَالِ الْجَمِيعِ مُشْكِلٌ فَلْيُتَأَمَّلْ ثُمَّ بَعْدَ كِتَابَةِ ذَلِكَ رَأَيْت قَوْلَ الشَّارِحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْعُبَابِ أَوْ غَسَلَ بَدَلَ مَسَحَ بَعْدَ ذِكْرِ تَصْوِيبِ الْإِسْنَوِيِّ أَنَّهُ طَهُورٌ وَرَدَ غَيْرُهُ عَلَيْهِ مَا نَصُّهُ عَلَى أَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الْوَاجِبِ إذَا كَانَ فِي ضِمْنِ مَا يُؤَدَّى بِهِ الْوَاجِبُ يَكُونُ لَهُ حُكْمُ الْوَاجِبِ عَلَى تَنَاقُصٍ يَأْتِي فِيهِ، وَالْكَلَامُ حَيْثُ غَسَلَ رَأْسَهُ دَفْعَةً

ص: 77

وَلَوْ مِنْ طُهْرِ صَبِيٍّ لَمْ يُمَيِّزْ لِطَوَافٍ أَوْ سَلَسٍ أَوْ حَنَفِيٍّ لَمْ يَنْوِ أَوْ صَلَاةِ نَفْلٍ أَوْ كِتَابِيَّةٍ انْقَطَعَ دَمُهَا لِتَحِلَّ لِحَلِيلٍ مُسْلِمٍ أَيْ يَعْتَقِدُ تَوَقُّفَ الْحِلِّ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الِاكْتِفَاءَ بِنِيَّتِهَا إنَّمَا هُوَ لِلتَّخْفِيفِ عَلَيْهِ أَوْ مَجْنُونَةٍ أَوْ مُمْتَنِعَةٍ غَسَّلَهَا حَلِيلُهَا الْمُسْلِمُ مِنْ ذَلِكَ لِتَحِلَّ لَهُ غَيْرُ طَهُورٍ أَمَّا الْمُسْتَعْمَلُ فِي الْخَبَثِ فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا الْمُسْتَعْمَلُ فِي الْحَدَثِ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ بِاسْتِعْمَالِهِ زَوَالُ الْمَنْعِ مِنْ نَحْوِ الصَّلَاةِ

الْأُولَى فِي وُضُوءٍ وَاجِبٍ أَوْ غُسْلٍ كَذَلِكَ بِخِلَافِ مَاءِ غَيْرِ الْمَرَّةِ الْأُولَى وَمَاءِ الْوُضُوءِ الْمَنْدُوبِ أَوْ الْغُسْلِ كَذَلِكَ فَهُوَ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ وَإِنْ نَذَرَهُ، وَالْمُسْتَعْمَلُ فِي إزَالَةِ النَّجَسِ هُوَ مَاءُ الْمَرَّةِ الْأُولَى فِي غَيْرِ النَّجَاسَةِ الْكَلْبِيَّةِ وَمَاءُ السَّابِعَةِ فِيهَا بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ فِي غَيْرِهَا اهـ.

أَيْ وَغَيْرُ السَّابِعَةِ فِيهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ طُهْرِ صَبِيٍّ) وَمِنْ الْمُسْتَعْمَلِ مَاءُ غُسْلٍ بَدَلُ مَسْحٍ مِنْ رَأْسٍ أَوْ خُفٍّ وَمَاءُ غُسْلِ الْمَيِّتِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ زَادَ سم وَكَلَامُهُمْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فِي غَسْلِ الْقَدْرِ الَّذِي يَقَعُ مَسْحُهُ فَرْضًا وَيَبْقَى مَا لَوْ غَسَلَ كُلَّ رَأْسِهِ أَيْ مَثَلًا بَدَلًا عَنْ مَسْحِ كُلِّهَا، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمَاءَ يَصِيرُ مَخْلُوطًا مِنْ الْمُسْتَعْمَلِ وَغَيْرِهِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنْ يُقَدِّرَ الْقَدْرَ الْمُسْتَعْمَلَ مُخَالِفًا وَسَطًا لَكِنْ مَا ضَابِطُ ذَلِكَ الْقَدْرِ وَقَدْ يُقَالُ أَقَلُّ قَدْرٍ يَتَأَتَّى عَادَةً إفْرَادُهُ بِالْغَسْلِ أَوْ الْمَسْحِ فَلَوْ لَمْ تُمْكِنْ مَعْرِفَتُهُ وَشَكَّ هَلْ يُغَيِّرُ لَوْ قُدِّرَ مُخَالِفًا وَسَطًا فَقَدْ يُقَالُ الْقِيَاسُ الْحُكْمُ بِالطَّهُورِيَّةِ إذْ لَا نَسْلُبُهَا بِالشَّكِّ اهـ.

(قَوْلُهُ مِنْ طُهْرِ صَبِيٍّ لَمْ يُمَيِّزْ إلَخْ) وَهَلْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهَذَا الْوُضُوءِ إذَا بَلَغَ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا اعْتَدَّ بِوُضُوءِ وَلِيِّهِ لِلضَّرُورَةِ، وَقَدْ زَالَتْ وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَا قِيلَ فِي زَوْجِ الْمَجْنُونَةِ إذَا غَسَلَهَا بَعْدَ انْقِطَاعِ دَمِ الْحَيْضِ مِنْ أَنَّهَا إذَا أَفَاقَتْ لَيْسَ لَهَا أَنْ تُصَلِّيَ بِذَلِكَ الطُّهْرِ ع ش عِبَارَةُ الْبُجَيْرِمِيِّ قَالَ شَيْخُنَا م ر وَلَهُ إذَا مَيَّزَ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ وَفِيهِ بَحْثٌ انْتَهَى قَلْيُوبِيٌّ اهـ.

(قَوْلُهُ أَوْ حَنَفِيٍّ لَمْ يَنْوِ) وَلَا أَثَرَ لِاعْتِقَادِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ مَاءَ الْحَنَفِيِّ فِيمَا ذُكِرَ لَمْ يَرْفَعْ حَدَثًا بِخِلَافِ اقْتِدَائِهِ بِحَنَفِيٍّ مَسَّ فَرْجَهُ حَيْثُ لَا يَصِحُّ اعْتِبَارًا بِاعْتِقَادِهِ؛ لِأَنَّ الرَّابِطَةَ مُعْتَبَرَةٌ فِي الِاقْتِدَاءِ دُونَ الطَّهَارَاتِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ وَأَسْنَى قَالَ الْبُجَيْرِمِيُّ وَالرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ م ر مَسَّ فَرْجَهُ أَيْ أَوْ أَتَى بِمُخَالِفٍ آخَرَ، وَمِنْهُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَمْ يَنْوِ الْوُضُوءَ اهـ.

(قَوْلُهُ أَوْ كِتَابِيَّةٍ) لَيْسَ بِقَيْدٍ فَنَحْوُ الْمَجُوسِيَّةِ مِثْلُهَا وَشَمِلَ التَّعْبِيرُ بِالْكِتَابِيَّةِ الذِّمِّيَّةَ وَالْحَرْبِيَّةَ ع ش (قَوْلُهُ لِحَلِيلٍ مُسْلِمٍ أَيْ يَعْتَقِدُ إلَخْ) وِفَاقًا لِلْخَطِيبِ وَاعْتَمَدَ الْجَمَالُ الرَّمْلِيُّ أَنَّ قَصْدَ الْحِلِّ كَافٍ، وَإِنْ كَانَ حَلِيلُهَا صَغِيرًا أَوْ كَافِرًا أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا حَلِيلٌ أَصْلًا أَوْ قَصَدَتْ الْحِلَّ لِلزِّنَا فَكُلٌّ مِنْ حَلِيلِهَا وَالْمُسْلِمِ لَيْسَ بِقَيْدٍ نَعَمْ لَوْ قَصَدَتْ حَنَفِيَّةٌ حِلَّ وَطْءِ حَنَفِيٍّ يَرَى حِلَّهَا مِنْ غَيْرِ غُسْلٍ لَمْ يَكُنْ مَاؤُهَا مُسْتَعْمَلًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ رَفْعُ مَانِعٍ شَرْعًا أَيْ عِنْدَهُمَا قَلْيُوبِيٌّ عَلَى الْجَلَالِ وَلَوْ كَانَ زَوْجُ الْحَنَفِيَّةِ شَافِعِيًّا، وَاغْتَسَلَتْ لِتَحِلَّ لَهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَاؤُهَا مُسْتَعْمَلًا؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ أَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ شَافِعِيَّةً وَزَوْجُهَا حَنَفِيًّا وَاغْتَسَلَتْ لِيَحِلَّ لَهَا التَّمْكِينُ كَانَ مَاؤُهَا مُسْتَعْمَلًا أَوْ لِتَحِلَّ لَهُ كَانَ غَيْرَ مُسْتَعْمَلٍ حَرَّرَهُ حَلَبِيٌّ وَسُلْطَانٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا مُطْلَقًا حَيْثُ كَانَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ يَعْتَقِدُ تَوَقُّفَ حِلِّ التَّمْكِينِ عَلَى الْغُسْلِ حِفْنِيٌّ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ.

(قَوْلُهُ مُسْلِمٍ) أَيْ أَوْ غَيْرِهِ م ر وَقَوْلُهُ أَيْ يَعْتَقِدُ تَوَقُّفَ الْحِلِّ إلَخْ أَيْ بِخِلَافِ مَنْ يَعْتَقِدُ حِلَّهَا بِدُونِ ذَلِكَ بِاجْتِهَادِهِ أَوْ اجْتِهَادِ مُقَلِّدِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ سم عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ قَوْلُهُ لِحَلِيلِهَا الْمُسْلِمِ مَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي الْأَسْنَى إلَى أَنَّهُ مِثَالٌ، ثُمَّ قَالَ، ثُمَّ تَرَجَّحَ عِنْدِي خِلَافُ ذَلِكَ اهـ أَيْ أَنَّهُ قَيْدٌ وَمَالَ إلَى الْأَوَّلِ ابْنُ قَاسِمٍ وَالزِّيَادِيُّ وَالْحَلَبِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَنَقَلَ الشِّهَابُ الْبُرُلُّسِيُّ الثَّانِيَ عَنْ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ.

وَأَقَرَّهُ وَاعْتَمَدَهُ الْخَطِيبُ وَكَذَا الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَغَيْرِهِ وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ لِحَلِيلٍ مُسْلِمٍ أَيْ يَعْتَقِدُ إلَخْ فَفَهِمْنَا مِنْهُ أَنَّهَا لَوْ اغْتَسَلَتْ لِتَحِلَّ لِلْحَنَفِيِّ لَا يَكُونُ مَاءُ غُسْلِهَا مُسْتَعْمَلًا، وَيُشْتَرَطُ فِي الْحَلِيلِ أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا كَمَا بَحَثَهُ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ فَإِذَا اغْتَسَلَتْ لِلصَّبِيِّ لَا يَكُونُ مَاؤُهَا مُسْتَعْمَلًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا قَبْلَ الْغُسْلِ وَقَوْلُهُمْ حَلِيلُهَا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا مَرَّ فِي الْمَقُولَةِ السَّابِقَةِ عَنْ الْقَلْيُوبِيِّ وَعَنْ الْحَلَبِيِّ، ثُمَّ قَالَ وَاَلَّذِي فِي فَتَاوَى الْجَمَالِ الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَكْلِيفُ الزَّوْجِ خِلَافًا لِمَا مَرَّ عَنْ الشَّارِحِ اهـ.

(قَوْلُهُ إنَّمَا هُوَ لِلتَّخْفِيفِ إلَخْ) أَيْ وَالْكَافِرُ لَا يَسْتَحِقُّ التَّخْفِيفَ سم (قَوْلُهُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ لِأَجْلِ انْقِطَاعِ دَمِ حَيْضِهَا أَوْ نِفَاسِهَا (قَوْلُهُ حَلِيلُهَا الْمُسْلِمُ) لَيْسَ بِقَيْدٍ عِنْدَ الْجَمَالِ الرَّمْلِيِّ كَمَا مَرَّ وَعِبَارَتُهُ فِي النِّهَايَةِ أَوْ كِتَابِيَّةٌ أَوْ مَجْنُونَةٌ أَوْ مُمْتَنِعَةٌ عَنْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ لِيَحِلَّ وَطْؤُهَا اهـ أَيْ وَلَوْ كَانَ الْوَطْءُ زِنًا أَوْ الْحَلِيلُ كَافِرًا ع ش (قَوْلُهُ غَيْرُ طَهُورٍ) خَبَرُ قَوْلِ الْمَتْنِ وَالْمُسْتَعْمَلُ إلَخْ (قَوْلُهُ أَمَّا الْمُسْتَعْمَلُ فِي الْحَدَثِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْخَطِيبِ أَمَّا كَوْنُهُ طَاهِرًا فَلِأَنَّ السَّلَفَ الصَّالِحَ كَانُوا لَا يَحْتَرِزُونَ عَمَّا يَتَطَايَرُ عَلَيْهِمْ مِنْهُ

وَاحِدَةً وَإِلَّا فَالْمُسْتَعْمَلُ هُوَ مَا حَصَلَ الْوَاجِبُ دُونَ مَا زَادَ عَلَيْهِ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ مُسْلِمٍ) أَيْ أَوْ غَيْرِهِ م ر (قَوْلُهُ أَيْ يَعْتَقِدُ تَوَقُّفَ الْحِلِّ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ مَنْ يَعْتَقِدُ حِلَّهَا بِدُونِ ذَلِكَ بِاجْتِهَادِهِ أَوْ اجْتِهَادِ مُقَلِّدِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ إنَّمَا هُوَ لِلتَّخْفِيفِ) أَيْ وَالْكَافِرُ لَا يَسْتَحِقُّ التَّخْفِيفَ.

ص: 78

فَيَنْتَقِلُ إلَيْهِ كَمَا أَنَّ الْغُسَالَةَ لَمَّا أَثَّرَتْ فِي الْمَحَلِّ تَأَثَّرَتْ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ غَسْلُ النَّجَسِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ، وَمَرَّ أَنَّهُ غَيْرُ مُطْلَقٍ أَيْضًا.

(قِيلَ وَ) الْمُسْتَعْمَلُ فِي (نَفْلِهَا) وَمِنْهُ مَاءٌ غَسَلَ بِهِ الرِّجْلَ بَعْدَ مَسْحِ الْخُفِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مَانِعًا بِخِلَافِ مَاءٍ غَسَلَ بِهِ الْوَجْهَ مَعَ بَقَاءِ التَّيَمُّمِ لِرَفْعِهِ الْحَدَثَ عَنْهُ (غَيْرُ طَهُورٍ) أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى تَأَدِّي الْعِبَادَةِ بِهِ، وَلَوْ مَنْدُوبَةً وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ لَا مَانِعَ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ حَتَّى يَتَأَثَّرَ بِهِ فَكَانَ بَاقِيًا عَلَى طَهُورِيَّتِهِ، وَبِمَا قَرَّرْت بِهِ الْمَتْنَ يَنْدَفِعُ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْهُ أَنَّ هَذَا الْوَجْهَ يُشْتَرَطُ اجْتِمَاعُ الْفَرْضِ مَعَ النَّفْلِ، وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَوْ كَانَ أَوْضَحَ، ثُمَّ قَوْلُنَا إنَّ الْمُسْتَعْمَلَ فِي فَرْضٍ غَيْرُ طَهُورٍ إنَّمَا هُوَ (فِي) الْأَصَحِّ فِي (الْجَدِيدِ) لَا الْقَدِيمِ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ لَا يَتَأَتَّى انْتِقَالُهُ لِلْمَاءِ، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ انْتِقَالٌ اعْتِبَارِيٌّ (فَإِنْ جَمَعَ) الْمُسْتَعْمَلَ عَلَى الْجَدِيدِ فَبَلَغَ (قُلَّتَيْنِ فَطَهُورٌ) وَإِنْ قَلَّ بَعْدُ بِتَفْرِيقِهِ (فِي الْأَصَحِّ) بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَيْضًا أَنَّ اسْتِعْمَالَ الْقَلِيلِ أَضْعَفَهُ.

وَقِيلَ أَزَالَ قُوَّتَهُ مِنْ أَصْلِهَا كَحِنَّاءٍ صُبِغَ بِهِ لَا يُؤَثِّرُ بَعْدُ وَكَالنَّجِسِ إذَا بَلَغَهُمَا بِلَا تَغَيُّرٍ

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم عَادَ جَابِرًا فِي مَرَضِهِ وَصَبَّ عَلَيْهِ مِنْ وُضُوئِهِ» وَأَمَّا كَوْنُهُ غَيْرَ مُطَهِّرٍ فَلِأَنَّ السَّلَفَ الصَّالِحَ كَانُوا مَعَ قِلَّةِ مِيَاهِهِمْ لَمْ يَجْمَعُوا الْمُسْتَعْمَلَ لِلِاسْتِعْمَالِ ثَانِيًا بَلْ انْتَقَلُوا إلَى التَّيَمُّمِ وَلَمْ يَجْمَعُوهُ لِلشُّرْبِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَقْذَرٌ اهـ وَقَالَ شَيْخُنَا الْحِفْنِيُّ فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَمْ يَجْمَعُوا مَاءَ الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ أُجِيبَ بِأَنَّ مَاءَهُمَا يَخْتَلِطُ غَالِبًا بِمَاءِ الْمَرَّةِ الْأُولَى، وَبِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقْتَصِرُونَ فِي أَسْفَارِهِمْ الْقَلِيلَةِ الْمَاءَ عَلَى مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ انْتَهَى اهـ بُجَيْرِمِيٌّ.

زَادَ ع ش عَلَى ذَلِكَ مَا نَصُّهُ لَا يُقَالُ إنَّمَا لَمْ يَجْتَمِعُوا لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمْ بِتَحْصِيلِ الْمَاءِ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ مُحَافَظَةُ الصَّحَابَةِ عَلَى فِعْلِ الْعِبَادَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ يُوجِبُ فِي الْعَادَةِ أَنَّهُمْ يُحَصِّلُونَهُ مَتَى قَدَرُوا عَلَيْهِ، وَيَدَّخِرُونَهُ إلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ فَيَنْتَقِلُ) أَيْ الْمَنْعُ (إلَيْهِ) أَيْ الْمَاءِ (قَوْلُهُ لَمَّا أَثَّرَتْ إلَخْ) أَيْ الطُّهْرَ وَقَوْلُهُ تَأَثَّرَتْ أَيْ بِسَلْبِ الطَّهُورِيَّةِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ غَسْلُ النَّجَسِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَيُمْكِنُ أَوْ يُوَجَّهُ كَوْنُ مَاءِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ مُسْتَعْمَلًا بِأَنَّ الِاسْتِعْمَالَ مَنُوطٌ بِإِزَالَةِ الْمَانِعِ، وَإِنَّمَا عُفِيَ عَنْ بَعْضِ جُزْئِيَّاتِهِ لِعَارِضٍ، وَالنَّظَرُ إلَى الذَّاتِ وَالْأَصْلِ أَوْلَى مِنْهُ إلَى الْعَارِضِ عَلَى أَنَّا نَقُولُ إنَّهُ عِنْدَ مُلَاقَاتِهِ لِلْمَاءِ صَارَ غَيْرَ مَعْفُوٍّ عَنْهُ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْعَفْوِ عَنْهُ أَنْ لَا يُلَاقِيَهُ الْمَاءُ مَثَلًا بِلَا حَاجَةٍ انْتَهَى أهـ كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَمَرَّ) أَيْ فِي شَرْحِ اسْمِ مَاءٍ بِلَا قَيْدٍ وَقَوْلُهُ أَنَّهُ أَيْ الْمُسْتَعْمَلُ وَقَوْلُهُ أَيْضًا أَيْ كَمَا أَنَّهُ غَيْرُ طَهُورٍ.

(قَوْلُهُ وَالْمُسْتَعْمَلُ فِي نَفْلِهَا) يَدْخُلُ فِيهِ مَا لَوْ مَسَّ الْخُنْثَى الْمُتَطَهِّرُ فَرْجَ الرِّجَالِ مِنْهُ فَتَوَضَّأَ احْتِيَاطًا فَيَكُونُ مَاءُ هَذَا الْوُضُوءِ طَهُورًا عَلَى الْأَصَحِّ وَإِنْ بَانَ رَجُلًا؛ لِأَنَّ هَذَا الْوُضُوءَ نَفْلٌ سم (قَوْلُهُ وَمِنْهُ) أَيْ الْمُسْتَعْمَلِ فِي نَفْلِ الطَّهَارَةِ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ مَا غُسِلَ بِهِ الرِّجْلُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ سم قَضِيَّتُهُ اسْتِحْبَابُ هَذَا الْغُسْلِ فَرَاجِعْهُ اهـ وَعِبَارَةُ الْخَطِيبِ وَأَوْرَدَ عَلَى ضَابِطِ الْمُسْتَعْمَلِ أَيْ جَمَعَا مَاءً غُسِلَ بِهِ الرِّجْلَانِ بَعْدَ مَسْحِ الْخُفِّ وَمَاءً غُسِلَ بِهِ الْوَجْهُ قَبْلَ بُطْلَانِ التَّيَمُّمِ وَمَاءً غُسِلَ بِهِ الْخَبَثُ الْمَعْفُوُّ عَنْهُ فَإِنَّهَا لَا تَرْفَعُ الْحَدَثَ مَعَ أَنَّهَا لَمْ تُسْتَعْمَلْ فِي فَرْضٍ.

وَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِمَنْعِ عَدَمِ رَفْعِهِ؛ لِأَنَّ غَسْلَ الرِّجْلَيْنِ لَمْ يُؤَثِّرْ شَيْئًا أَيْ فَلَا يَكُونُ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّهُ اُسْتُعْمِلَ فِي فَرْضٍ وَهُوَ رَفْعُ الْحَدَثِ الْمُسْتَفَادُ بِهِ أَكْثَرُ مِنْ فَرِيضَةٍ وَعَنْ الثَّالِثِ بِأَنَّهُ اُسْتُعْمِلَ فِي فَرْضٍ أَصَالَةً اهـ قَالَ الْبُجَيْرِمِيُّ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ عَدَمُ تَسْلِيمِ كَوْنِ الْأَوَّلِ مُسْتَعْمَلًا وَمَنْعُ عَدَمِ دُخُولِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ فِي الْمُسْتَعْمَلِ اهـ.

(قَوْلُهُ غُسِلَ بِهِ الرِّجْلُ) أَيْ فِي دَاخِلِ الْخُفِّ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ مَاءٍ غُسِلَ بِهِ الْوَجْهُ إلَخْ أَيْ وَبَاقِي الْأَعْضَاءِ وَصُورَتُهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ لِضَرُورَةٍ، ثُمَّ يَتَوَضَّأَ فَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْوَجْهَ لَيْسَ بِقَيْدٍ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ أَيْضًا) أَيْ كَالْمُسْتَعْمَلِ فِي الْفَرْضِ (قَوْلُهُ فَكَانَ بَاقِيًا إلَخْ) فَالْمُسْتَعْمَلُ فِي نَفْلِ الطَّهَارَةِ كَالْغُسْلِ الْمَسْنُونِ وَالْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ وَالْغَسْلَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ طَهُورٌ عَلَى الْجَدِيدِ خَطِيبٌ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ أَيْ وَإِنْ نَذَرَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَيُلْغَزُ فَيُقَالُ لَنَا غُسْلٌ أَوْ وُضُوءٌ وَاجِبٌ وَمَاؤُهُمَا غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ فَإِذَا اغْتَسَلَ غُسْلَ الْجُمُعَةِ مَثَلًا الْمَنْذُورَ فَلَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ بِمَائِهِ وَيُصَلِّيَ بِهِ الْجُمُعَةَ بُجَيْرِمِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَبِمَا قَرَّرْت بِهِ الْمَتْنَ) وَهُوَ تَقْدِيرُ خَبَرٍ لِقَوْلِ الْمَتْنِ إلَخْ وَجُعِلَ قَوْلُهُ غَيْرَ طَهُورٍ خَبَرُ الْمُقَدَّرِ مَعَ زِيَادَةِ لَفْظِهِ أَيْضًا كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ يَنْدَفِعُ الِاعْتِرَاضُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ حِلَّهُ الْمَذْكُورَ إنَّمَا يُفِيدُ صِحَّةَ الْمَتْنِ وَلَا يُفِيدُ عَدَمَ أَوْضَحِيَّةِ التَّعْبِيرِ بِأَوْ الَّتِي ادَّعَاهَا الْمُعْتَرِضُ (قَوْلُهُ وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَوْ) أَيْ بَدَلَ الْوَاوِ لَكَانَ أَوْضَحَ مِنْ كَلَامِ الْمُعْتَرِضِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ فِي الْجَدِيدِ إلَخْ) الْأَخْصَرُ الْأَوْلَى فِي الْجَدِيدِ الْأَصَحُّ بَلْ تَرَكَ مَا زَادَهُ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ فِي الْجَدِيدِ وَالْقَدِيمِ أَنَّهُ طَهُورٌ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ فِي نَفْلِ الطَّهَارَةِ عَلَى الْجَدِيدِ طَهُورٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسْتَعْمَلْ فِيمَا لَا بُدَّ مِنْهُ اهـ قَالَ ع ش وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي الْفَرْضِ قَوْلَيْنِ قَدِيمًا وَجَدِيدًا وَفِي النَّفْلِ بِنَاءً عَلَى الْجَدِيدِ فِي الْفَرْضِ وَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ طَهُورٌ اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ.

(فَإِنْ جَمَعَ إلَخْ) فِي هَذَا التَّفْرِيعِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ وَقِيلَ أَزَالَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالثَّانِي لَا يَعُودُ طَهُورًا؛ لِأَنَّ قُوَّتَهُ صَارَتْ مُسْتَوْفَاةً بِالِاسْتِعْمَالِ فَالْتَحَقَ بِمَاءِ الْوَرْدِ وَنَحْوِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَكَالنَّجِسِ إلَخْ) عَطْفٌ

قَوْلُهُ وَنَفْلِهَا) يَدْخُلُ فِيهِ مَا لَوْ مَسَّ الْخُنْثَى الْمُتَطَهِّرُ فَرْجَ الرِّجَالِ مِنْهُ فَتَوَضَّأَ احْتِيَاطًا فَيَكُونُ مَاءُ هَذَا الْوُضُوءِ طَهُورًا عَلَى الْأَصَحِّ وَإِنْ بَانَ رَجُلًا؛ لِأَنَّ هَذَا الْوُضُوءَ نَفْلٌ، وَقَدْ صَرَّحَ غَيْرُهُ بِأَنَّ مَاءَ هَذَا الْوُضُوءِ طَهُورٌ وَإِنْ بَانَ رَجُلًا وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ وُضُوءَ الِاحْتِيَاطِ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ أَيْ إذَا بَانَ الْحَالُ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ مَاءٌ غُسِّلَ بِهِ الرَّجُلُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ اسْتِحْبَابُ هَذَا الْغُسْلِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ لَكِنْ لَا يَنْدَفِعُ اعْتِرَاضُ الْإِسْنَوِيِّ) إذْ قَضِيَّةُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ فِي

ص: 79

وَأَوْلَى وَزَعْمُ بَقَاءِ وَصْفِ الِاسْتِعْمَالِ لَا يُؤَثِّرُ؛ لِأَنَّ وَصْفَهُ لَا يَضُرُّ مَعَ الْكَثْرَةِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ إذَا نَزَلَ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ قُدِّرَ مُخَالِفًا وَسَطًا كَمَا مَرَّ أَوْ كَثِيرٍ لَمْ يُقَدَّرْ؛ لِأَنَّهُ بِوُصُولِهِ إلَيْهِ صَارَ طَهُورًا فَعُلِمَ أَنَّ الِاسْتِعْمَالَ لَا يَثْبُتُ إلَّا مَعَ قِلَّةِ الْمَاءِ أَيْ وَبَعْدَ فَصْلِهِ وَلَوْ حُكْمًا كَأَنْ جَاوَزَ مَنْكِبَ الْمُتَوَضِّئِ أَوْ رُكْبَتَهُ وَإِنْ عَادَ لِمَحَلِّهِ أَوْ انْتَقَلَ مِنْ يَدٍ لِأُخْرَى، نَعَمْ لَا يَضُرُّ فِي الْمُحْدِثِ خَرْقُ الْهَوَاءِ مَثَلًا لِلْمَاءِ مِنْ الْكَفِّ إلَى السَّاعِدِ وَلَا فِي الْجُنُبِ انْفِصَالُهُ مِنْ نَحْوِ الرَّأْسِ لِلصَّدْرِ مِمَّا يَغْلِبُ فِيهِ التَّقَاذُفُ وَهُوَ جَرَيَانُ الْمَاءِ إلَيْهِ عَلَى الِاتِّصَالِ، وَلَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ لِلْغُسْلِ عَنْ الْحَدَثِ أَوَّلًا بِقَصْدِ بُعْدِ نِيَّةِ الْجُنُبِ وَتَثْلِيثِ وَجْهِ الْمُحْدِثِ مَا لَمْ يَقْصِدْ الِاقْتِصَارَ عَلَى الْأَوْلَى وَإِلَّا فَبَعْدَهَا بِلَا نِيَّةِ اغْتِرَافٍ

عَلَى قَوْلِهِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ إلَخْ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ عَقِبَ الْمَتْنِ لِخَبَرِ الْقُلَّتَيْنِ الْآتِي وَكَالْمُتَنَجِّسِ إذَا جُمِعَ فَبَلَغَهُمَا وَلَا تَغَيُّرَ بِهِ بَلْ أَوْلَى، وَكَمَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي الِابْتِدَاءِ وَلَا بُدَّ فِي انْتِفَاءِ الِاسْتِعْمَالِ عَنْهُ بِبُلُوغِهِ قُلَّتَيْنِ أَنْ يَكُونَا مِنْ مَحْضِ الْمَاءِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ اهـ وَقَوْلُهُ وَلَا بُدَّ إلَخْ يَأْتِي فِي الشَّرْحِ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ وَأَوْلَى) ؛ لِأَنَّهُ إذَا زَالَ الْوَصْفُ الْأَغْلَظُ وَهُوَ النَّجَاسَةُ بِالْكَثْرَةِ فَالِاسْتِعْمَالُ أَوْلَى بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ وَزَعَمَ إلَخْ) رَدٌّ لِدَلِيلِ الْمُقَابِلِ عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ وَالنِّهَايَةِ وَالثَّانِي لَا وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ بِالْجَمْعِ عَنْ وَصْفِهِ بِالِاسْتِعْمَالِ بِخِلَافِ النَّجِسِ اهـ.

(قَوْلُهُ لَا يُؤَثِّرُ؛ لِأَنَّ إلَخْ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ التَّسْلِيمُ لِلْقَوْلِ الضَّعِيفِ فِي بَقَاءِ وَصْفِ الِاسْتِعْمَالِ دُونَ وَصْفِ النَّجَاسَةِ وَهُوَ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ، وَلَعَلَّهُ عَلَى سَبِيلِ التَّنَزُّلِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ) حَالًا وَمَآلًا (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي شَرْحِ تَغَيُّرًا يَمْنَعُ إطْلَاقَ اسْمِ الْمَاءِ (قَوْلُهُ أَوْ كَثِيرًا) أَيْ وَلَوْ مَآلًا بِأَنْ صَارَ كَثِيرًا بِإِضَافَةِ الْمُسْتَعْمَلِ إلَيْهِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ فَعُلِمَ أَنَّ الِاسْتِعْمَالَ إلَخْ) أَيْ الْمُضِرَّ (قَوْلُهُ وَبَعْدَ فَصْلِهِ) إلَخْ لَا يَخْفَى مَا فِي إدْخَالِهِ فِي حَيِّزِ الْمَعْلُومِ مِمَّا ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ وَبَعْدَ فَصْلِهِ) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَهُوَ جَرَيَانُ إلَى وَلَوْ أَدْخَلَ وَقَوْلُهُ وَوَاضِحٌ إلَى لِرَفْعِ حَدَثٍ (قَوْلُهُ كَأَنْ جَاوَزَ إلَخْ) مِثَالٌ لِلِانْفِصَالِ الْحُكْمِيِّ عَنْ الْعُضْوِ فَإِنَّهُ بِتَجَاوُزِهِ عَنْ الْمَنْكِبِ أَوْ الرُّكْبَةِ لَمْ يَنْفَصِلْ حِسًّا بَلْ حُكْمًا؛ لِأَنَّ الْمَنْكِبَ وَالرُّكْبَةَ غَايَةُ مَا طُلِبَ فِي غَسْلِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ مِنْ التَّحْجِيلِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ نَعَمْ لَا يَضُرُّ إلَخْ)

وَفِي فَتَاوَى الشَّارِحِ أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّا لَوْ كَانَ عَلَى يَدِ امْرَأَةٍ أَسَاوِرَ فَتَوَضَّأَتْ فَجَرَى الْمَاءُ فَإِذَا وَصَلَ لِلْأَسَاوِرِ فَمِنْهُ مَا يَعْلُو فَوْقَهَا، ثُمَّ يَسْقُطُ عَلَى يَدِهَا وَمِنْهُ مَا يَجْرِي تَحْتَهَا، ثُمَّ يَجْرِي الْجَمِيعُ عَلَى بَاقِي يَدِهَا فَهَلْ يَكْفِي جَرَيَانُهُ مَرَّةً وَاحِدَةً بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا بِذَلِكَ، وَأَنَّهُ يَكْفِي جَرَيَانُهُ مَرَّةً وَاحِدَةً بِهَذِهِ الصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ انْتَهَى اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ مِنْ نَحْوِ الرَّأْسِ لِلصَّدْرِ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا انْفَصَلَ مِنْ الرَّأْسِ إلَى نَحْوِ الْقَدَمِ مِمَّا لَا يَغْلِبُ فِيهِ التَّقَاذُفُ شَرْحُ بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ مِمَّا يَغْلِبُ فِيهِ التَّقَاذُفُ) قَالَ فِي الْحَاشِيَةِ أَمَّا مَا لَا يَغْلِبُ فِيهِ التَّقَاذُفُ فَيُعْفَى عَنْهُ فِي كُلٍّ مِنْ الْحَدَثَيْنِ وَالْخَبَثِ حَتَّى لَوْ اجْتَمَعَتْ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ عَلَى عُضْوٍ كَيَدِهِ ارْتَفَعَتْ بِغَسْلَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِنْ كَانَ مَاؤُهَا حَصَلَ مِنْ مَاءِ مَحَلٍّ قَرِيبٍ مِنْهَا كَمَا لَوْ انْتَقَلَ الْمَاءُ مِنْ كَفِّهِ إلَى سَاعِدِهِ الَّذِي عَلَيْهِ الثَّلَاثَةُ فَيَرْفَعُهَا دَفْعَةً وَاحِدَةً فَحَيْثُ عَمَّ الْعُضْوَ وَلَمْ تَتَغَيَّرْ غُسَالَتُهُ وَلَا زَادَ وَزْنُهَا وَإِنْ خَرَقَ الْهَوَاءُ مِنْ الْكَفِّ إلَى السَّاعِدِ؛ لِأَنَّ الْمَحَلَّيْنِ لَمَّا قَرُبَا كَانَا بِمَنْزِلَةِ مَحَلٍّ وَاحِدٍ فَلَمْ يَضُرَّ هَذَا الِانْفِصَالُ انْتَهَى، وَسَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا اهـ كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ التَّقَاذُفُ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ وَهُوَ جَرَيَانُ الْمَاءِ إلَيْهِ إلَخْ) أَيْ سَيَلَانُ الْمَاءِ عَلَى الِاتِّصَالِ مَعَ الِاعْتِدَالِ كَمَا فِي الْإِمْدَادِ لِلشَّارِحِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ إلَيْهِ) الْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ عَلَى وَهُوَ إلَخْ أَوْ إسْقَاطُهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَدْخَلَ) إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ بِيَدِهِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَلَا أَخَذَ الْمَاءَ لِغَرَضٍ آخَرَ وَقَوْلُهُ وَوَاضِحٌ إلَى وَلَوْ انْغَمَسَ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ إلَخْ) هَذَا مِثَالٌ وَإِلَّا فَالْمَدَارُ عَلَى إدْخَالِ جُزْءٍ مِمَّا دَخَلَ وَقْتُ غُسْلِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَنْوِ رَفْعَ الْحَدَثِ عَنْ الْوَجْهِ وَحْدَهُ وَإِلَّا فَلَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا إلَّا إذَا نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ عَنْ الْيَدِ قَبْلَ إدْخَالِهَا الْإِنَاءَ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ فِي الْحَاشِيَةِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ لِلْغُسْلِ عَنْ الْحَدَثِ أَوْ لَا بِقَصْدٍ) مُفَادُهُ مَعَ مَفْهُومِ قَوْلِهِ الْآتِي بِلَا نِيَّةِ اغْتِرَافٍ إلَخْ أَنَّ التَّشْرِيكَ أَيْ نِيَّةَ الرَّفْعِ مَعَ نِيَّةِ الِاغْتِرَافِ لَا يَضُرُّ، وَلَيْسَ بِمُرَادٍ كَمَا يَأْتِي عَنْ ع ش فَكَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُهُ وَجَعْلُهُ تَفْسِيرًا لِقَوْلِهِ بِلَا نِيَّةِ اغْتِرَافٍ كَمَا فِي الْمُغْنِي وَشَرْحِ بَافَضْلٍ أَوْ إسْقَاطُهُ كَمَا فِي النِّهَايَةِ عِبَارَةُ الْأَوَّلِ وَلَوْ غَرَفَ بِكَفِّهِ جُنُبٌ نَوَى رَفْعَ الْجَنَابَةِ أَوْ مُحْدِثٌ بَعْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ الْغَسَلَاتِ الثَّلَاثِ إنْ لَمْ يُرِدْ الِاقْتِصَارَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ الثَّلَاثِ مِنْ مَاءٍ قَلِيلٍ وَلَمْ يَنْوِ الِاغْتِرَافَ بِأَنْ نَوَى اسْتِعْمَالًا أَوْ أَطْلَقَ صَارَ مُسْتَعْمَلًا (قَوْلُهُ وَتَثْلِيثِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى نِيَّةِ الْجُنُبِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَقْصِدْ إلَخْ) شَامِلٌ لِقَصْدِ الِاقْتِصَارِ عَلَى التَّثْنِيَةِ، وَلَيْسَ مُرَادًا فَلَوْ قَالَ مَا لَمْ يَقْصِدْ الِاقْتِصَارَ عَلَى مَا دُونَهُ وَإِلَّا فَيُعِيدُهُ لَكَانَ أَوْلَى بَصْرِيٌّ أَيْ كَمَا فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ بِلَا نِيَّةِ اغْتِرَافٍ) قَالَ فِي الْحَاشِيَةِ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا التَّلَفُّظُ بِنَوَيْتُ الِاغْتِرَافَ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ اسْتِشْعَارُ النَّفْسِ أَنَّ اغْتِرَافَهَا هَذَا لِغَسْلِ الْيَدِ وَفِي خَادِمِ الزَّرْكَشِيّ أَنَّ حَقِيقَتَهَا أَنْ يَضَعَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ بِقَصْدِ نَقْلِ الْمَاءِ وَالْغَسْلِ بِهِ خَارِجَ الْإِنَاءِ

غُسْلِ الذِّمِّيَّةِ لِتَحِلَّ غَيْرُ طَهُورٍ بِلَا خِلَافٍ أَيْ فِي الْجَدِيدِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَكَانَ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ وَقِيلَ بَلْ عِبَادَتُهَا أَيْ الطَّهَارَةُ انْتَهَى فَيُعْلَمُ بِقَوْلِهِ وَقِيلَ بَلْ عِبَادَتُهَا جَرَيَانُ وَجْهٍ فِي الْمُسْتَعْمَلِ فِي غُسْلِ الذِّمِّيَّةِ بِأَنَّهُ طَهُورٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عِبَادَةً، وَإِنْ كَانَ فَرْضًا أَيْ لَا بُدَّ مِنْهُ وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِي شَأْنِ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ (هَذِهِ الْقَوْلَةُ لَيْسَتْ فِي الشَّرْحِ)

ص: 80

وَلَا قَصْدِ أَخْذِ الْمَاءِ لِغَرَضٍ آخَرَ صَارَ مُسْتَعْمَلًا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ يَدِهِ فَلَهُ أَنْ يَغْسِلَ بِمَا فِيهَا

لَا بِقَصْدِ غَسْلِهَا دَاخِلَهُ انْتَهَى.

وَظَاهِرٌ أَنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ حَتَّى الْعَوَامّ إنَّمَا يَقْصِدُونَ بِإِخْرَاجِ الْمَاءِ مِنْ الْإِنَاءِ غَسْلَ أَيْدِيهِمْ خَارِجَهُ وَلَا يَقْصِدُونَ غَسْلَهَا دَاخِلَهُ وَهَذَا هُوَ حَقِيقَةُ نِيَّةِ الِاغْتِرَافِ كُرْدِيٌّ عِبَارَةُ الْمُغْنِي أَمَّا إذَا نَوَى الِاغْتِرَافَ بِأَنْ قَصَدَ نَقْلَ الْمَاءِ مِنْ الْإِنَاءِ وَالْغَسْلَ بِهِ خَارِجَهُ لَمْ يَصِرْ مُسْتَعْمَلًا وَلَا يُشْتَرَطُ لِنِيَّةِ الِاغْتِرَافِ نَفْيُ رَفْعِ الْحَدَثِ اهـ.

وَقَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ إلَخْ فِي النِّهَايَةِ مِثْلُهُ قَالَ ع ش وَقَوْلُهُ م ر وَلَا يُشْتَرَطُ إلَخْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ نَوَى الِاغْتِرَافَ وَرَفْعَ الْحَدَثِ ضَرَّ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى الْبَهْجَةِ اهـ قَالَ سم وَأَقَرَّهُ ع ش مَا نَصُّهُ وَالْوَجْهُ الَّذِي لَا مَحِيصَ عَنْهُ وَلَا التَّفَاوُتُ لِغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ نِيَّةُ الِاغْتِرَافِ عِنْدَ أَوَّلِ مُمَاسَّةِ الْيَدِ لِلْمَاءِ حَتَّى لَوْ خَلَا عَنْهَا أَوَّلَ الْمُمَاسَّةِ صَارَ الْمَاءُ بِمُجَرَّدِ الْمُمَاسَّةِ مُسْتَعْمَلًا وَإِنْ وُجِدَتْ بَعْدُ لِارْتِفَاعِ الْحَدَثِ بِمُجَرَّدِ الْمُمَاسَّةِ بَقِيَ مَا لَوْ نَوَى عِنْدَ أَوَّلِ الْمُمَاسَّةِ، ثُمَّ غَفَلَ عَنْ النِّيَّةِ وَالْيَدُ فِي الْمَاءِ وَاسْتَمَرَّ غَافِلًا إلَى أَنْ رَفَعَهَا فَهَلْ يَرْتَفِعُ حَدَثُهَا فِي زَمَانِ الْغَفْلَةِ فَيَصِيرُ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا أَوْ لَا اكْتِفَاءً بِوُجُودِهَا أَوَّلًا فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّ الثَّانِيَ لَا يَبْعُدُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَا قَصَدَ أَخْذَ الْمَاءِ إلَخْ) فَائِدَةٌ لَوْ اغْتَرَفَ بِإِنَاءٍ فِي يَدٍ فَاتَّصَلَتْ يَدُهُ بِالْمَاءِ الَّذِي اغْتَرَفَ مِنْهُ فَإِنْ قَصَدَ الِاغْتِرَافَ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ كَمِلْءِ هَذَا الْإِنَاءِ مِنْ الْمَاءِ فَلَا اسْتِعْمَالَ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا مُطْلَقًا فَهَلْ يَنْدَفِعُ الِاسْتِعْمَالُ؛ لِأَنَّ الْإِنَاءَ قَرِينَةٌ عَلَى الِاغْتِرَافِ دُونَ رَفْعِ الْحَدَثِ كَمَا لَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ بَعْدَ غَسْلَةِ الْوَجْهِ الْأُولَى مَنْ اعْتَادَ التَّثْلِيثَ حَيْثُ لَا يَصِيرُ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا لِقَرِينَةِ اعْتِيَادِ التَّثْلِيثِ أَوْ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا، وَيُفَرَّقُ فِيهِ نَظَرٌ وَيُتَّجَهُ الثَّانِي اهـ م ر وَلَوْ اخْتَلَفَ عَادَتُهُ فِي التَّثْلِيثِ بِأَنْ كَانَ تَارَةً يُثَلِّثُ وَأُخْرَى لَا يُثَلِّثُ وَاسْتَوَيَا فَهَلْ يَحْتَاجُ لِنِيَّةِ الِاغْتِرَافِ بَعْدَ غَسْلَةِ الْوَجْهِ الْأُولَى فِيهِ نَظَرٌ، وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ الِاحْتِيَاجِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى الْبَهْجَةِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ صَارَ مُسْتَعْمَلًا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَنْفَصِلْ يَدُهُ عَنْهُ لِانْتِقَالِ الْمَنْعِ إلَيْهِ وَمَعَ ذَلِكَ لَهُ أَنْ يُحَرِّكَهَا فِيهِ ثَلَاثًا وَتَحْصُلُ لَهُ سُنَّةُ التَّثْلِيثِ شَرْحُ بَافَضْلٍ قَالَ الْكُرْدِيُّ وَفِي حَاشِيَةِ الشَّارِحِ عَلَى تُحْفَتِهِ لَوْ اغْتَرَفَ أَيْ الْجُنُبُ لِنَحْوِ مَضْمَضَةٍ فَغَسَلَ يَدَهُ خَارِجَ الْإِنَاءِ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهَا حَدَثٌ فَلَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةِ الِاغْتِرَافِ اهـ.

(قَوْلُهُ فَلَهُ أَنْ يَغْسِلَ بِمَا فِيهَا إلَخْ) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ أَدْخَلَ إحْدَى يَدَيْهِ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ أَمَّا لَوْ أَدْخَلَهُمَا مَعًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَغْسِلَ بِمَا فِيهِمَا بَاقِيَ إحْدَاهُمَا لِرَفْعِ حَدَثِ الْكَفَّيْنِ فَمَتَى غَسَلَ بَاقِيَ إحْدَاهُمَا فَقَدْ انْفَصَلَ مَا غَسَلَ بِهِ عَنْ الْأُخْرَى، وَذَلِكَ يُصَيِّرُهُ مُسْتَعْمَلًا وَمِنْهُ يُعْلَمُ وُضُوحُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ قَاسِمٍ فِي شَرْحِهِ عَلَى أَبِي شُجَاعٍ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْوُضُوءِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ الْمَعْرُوفَةِ نِيَّةُ الِاغْتِرَافِ بَعْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ بِأَنْ يَقْصِدَ أَنَّ الْيَدَ الْيُسْرَى مُعِينَةً لِلْيُمْنَى فِي أَخْذِ الْمَاءِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ ارْتَفَعَ حَدَثُ الْكَفَّيْنِ مَعًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَغْسِلَ بِهِ سَاعِدَ إحْدَاهُمَا بَلْ يَصُبُّهُ، ثُمَّ يَأْخُذُ غَيْرَهُ لِغَسْلِ السَّاعِدِ لَكِنْ نُقِلَ عَنْ إفْتَاءِ الرَّمْلِيِّ مَا يُخَالِفُهُ.

وَأَنَّ الْيَدَيْنِ كَالْعُضْوِ الْوَاحِدِ فَمَا فِي الْكَفَّيْنِ إذَا غَسَلَ بِهِ السَّاعِدَ لَا يُعَدُّ مُنْفَصِلًا عَنْ الْعُضْوِ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى وَمَثَّلَ الْحَنَفِيَّةُ الْوُضُوءَ بِالصَّبِّ مِنْ إبْرِيقٍ أَوْ نَحْوِهِ ع ش عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ وَفِي فَتَاوَى الشَّارِحِ سُئِلَ عَنْ مُتَوَضِّئٍ تَحْتَ مِيزَابٍ تَلَقَّى مِنْهُ الْمَاءَ بِكَفَّيْهِ مُجْتَمِعَيْنِ بَعْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ اغْتِرَافٍ فَهَلْ يُحْكَمُ عَلَى مَا بِكَفَّيْهِ بِالِاسْتِعْمَالِ أَوْ لَا فَأَجَابَ نَعَمْ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالِاسْتِعْمَالِ لِرَفْعِ حَدَثِ الْيَدَيْنِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا عُضْوٌ مُسْتَقِلٌّ هُنَا وَحِينَئِذٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَغْسِلَ بِهِ سَاعِدَيْهِ وَلَا أَحَدَهُمَا؛ لِأَنَّهُ إذَا غَسَلَهُمَا بِهِ فَكَأَنَّهُ غَسَلَ كُلًّا بِمَاءِ كَفِّهَا وَمَاءِ كَفِّ الْأُخْرَى.

أَمَّا إذَا نَوَى الِاغْتِرَافَ فَإِنَّهُ لَا يَرْفَعُ حَدَثَ الْكَفَّيْنِ فَلَهُ أَنْ يَغْسِلَ بِهِ سَاعِدَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا وَكَالْمِيزَابِ فِيمَا ذُكِرَ مَا لَوْ صَبَّ عَلَيْهِ مِنْ إبْرِيقٍ وَنَحْوِهِ فَيَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ الِاغْتِرَافِ إنْ كَانَ يَأْخُذُ الْمَاءَ بِيَدَيْهِ جَمِيعًا، وَكَذَا يُقَالُ بِذَلِكَ لَوْ كَانَ يَغْتَرِفُ مِنْ بَحْرٍ وَعَلَيْهِ فَيُلْغَزُ بِذَلِكَ وَيُقَالُ لَنَا مُتَوَضِّئٌ مِنْ بَحْرٍ يَحْتَاجُ لِنِيَّةِ الِاغْتِرَافِ. اهـ.

وَأَمَّا مَا فِي فَتَاوَى الْجَمَالِ الرَّمْلِيِّ

قَوْلُهُ لِغَرَضٍ آخَرَ) أَيْ كَالشُّرْبِ بَلْ قَدْ يُقَالُ قَصَدَ أَخْذَ الْمَاءِ لِغَرَضٍ آخَرَ مِنْ إفْرَادِ نِيَّةِ الِاغْتِرَافِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا أَنْ يَقْصِدَ بِإِدْخَالِ يَدِهِ إخْرَاجَ الْمَاءِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِغَرَضٍ غَيْرِ التَّطَهُّرِ بِهِ خَارِجَ الْإِنَاءِ أَوْ لَا فَلْيُتَأَمَّلْ، وَالْوَجْهُ الَّذِي لَا مَحِيصَ عَنْهُ وَلَا الْتِفَاتَ لِغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ نِيَّةُ الِاغْتِرَافِ عِنْدَ أَوَّلِ مُمَاسَّةِ الْيَدِ لِلْمَاءِ حَتَّى لَوْ خَلَا عَنْهَا أَوَّلَ الْمُمَاسَّةِ صَارَ الْمَاءُ بِمُجَرَّدِ الْمُمَاسَّةِ مُسْتَعْمَلًا، وَإِنْ وُجِدَتْ بَعْدُ لِارْتِفَاعِ الْحَدَثِ بِمُجَرَّدِ الْمُمَاسَّةِ (بَقِيَ) مَا لَوْ نَوَى عِنْدَ أَوَّلِ الْمُمَاسَّةِ ثُمَّ غَفَلَ عَنْ النِّيَّةِ وَالْيَدُ فِي الْمَاءِ وَاسْتَمَرَّ غَافِلًا إلَى أَنْ رَفَعَهَا فَهَلْ يَرْتَفِعُ حَدَثُهَا فِي الْغَفْلَةِ فَيَصِيرُ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا أَوْ لَا اكْتِفَاءً بِوُجُودِهَا أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّ الثَّانِيَ لَا يَبْعُدُ.

(قَوْلُهُ

ص: 81

بَاقِيَ سَاعِدِهَا، وَوَاضِحٌ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ مَنْ يَصُبُّ عَلَيْهِ تَحْصُلُ لَهُ سُنَّةُ التَّثْلِيثِ مَا لَمْ يَقْصِدْ الِاقْتِصَارَ عَلَى الْأُولَى لِرَفْعِ حَدَثِ يَدِهِ بِالثَّانِيَةِ حِينَئِذٍ مَا لَمْ يَنْوِ صَرْفَهُ عَنْهُ.

وَلَوْ انْغَمَسَ مُحْدِثٌ، ثُمَّ نَوَى أَوْ جُنُبٌ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ ارْتَفَعَ حَدَثُهُ وَمَا دَامَ لَمْ يَخْرُجْ لَهُ أَنْ يَرْفَعَ مَا يَطْرَأُ عَلَيْهِ فِيهِ مِنْ أَصْغَرَ وَأَكْبَرَ

مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَتَوَضَّأَ مِنْ حَنَفِيَّةٍ أَوْ إبْرِيقٍ أَوْ نَحْوِهِمَا وَأَخَذَ الْمَاءَ بِكَفَّيْهِ مَعًا فَهَلْ تَجِبُ نِيَّةُ الِاغْتِرَافِ، وَإِذَا لَمْ يَنْوِهَا فَهَلْ لَهُ أَنْ يَغْسِلَ بِمَا فِي كَفِّهِ سَاعِدَهُ فَأَجَابَ قَصْدُ التَّنَاوُلِ صَارِفٌ لَهُ عَنْ الِاسْتِعْمَالِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ نِيَّةِ الِاغْتِرَافِ انْتَهَى فَلَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ لِوُجُودِ نِيَّةِ الِاغْتِرَافِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِخِلَافِ صُورَتِنَا وَمَا فِي فَتَاوِيهِ مِمَّا يُخَالِفُ هَذَا يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا اغْتَرَفَ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ كَمَا بَيَّنْته فِي الْأَصْلِ وَلِلْعَلَّامَةِ ابْنِ قَاسِمٍ الْعَبَّادِيِّ فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ أَبِي شُجَاعٍ كَلَامٌ نَفِيسٌ فِيمَا إذَا أَدْخَلَ يَدَيْهِ مَجْمُوعَتَيْنِ فِي إنَاءٍ ذَكَرْت مُلَخَّصَهُ فِي الْأَصْلِ فَرَاجِعْهُ اهـ كُرْدِيٌّ وَبِذَلِكَ عُلِمَ مَا فِي الْبُجَيْرِمِيِّ حَيْثُ عَقَّبَ كَلَامَ ع ش الْمَارَّ آنِفًا بِقَوْلِهِ وَالْمُعْتَمَدُ كَلَامُ الرَّمْلِيِّ اهـ.

(قَوْلُهُ بَاقِيَ سَاعِدِهَا) وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ أَيْ وَالنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي بَاقِيَ يَدِهِ لَا غَيْرَهَا أَقُولُ لَعَلَّ مَحَلَّ هَذَا التَّقْيِيدِ فِي الْمُحْدِثِ أَمَّا الْجُنُبُ فَلَا بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ الْبُجَيْرِمِيِّ عَلَى الْإِقْنَاعِ قَوْلُهُ بَاقِيَ يَدِهِ أَيْ فِي الْمُحْدِثِ أَوْ بَاقِيَ بَدَنِهِ فِي الْجُنُبِ قَلْيُوبِيٌّ اهـ.

(قَوْلُهُ مِمَّا ذُكِرَ) وَهُوَ قَوْلُهُ مَا لَمْ يَقْصِدْ الِاقْتِصَارَ عَلَى الْأُولَى، وَإِلَّا فَبَعْدَهَا (قَوْلُهُ أَنَّ مَنْ يَصُبُّ عَلَيْهِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ يَصُبُّ الْمَاءَ الْقَلِيلَ عَلَى بَدَنِهِ مِنْ الرَّأْسِ إلَى الْقَدَمِ يَحْصُلُ لَهُ سُنَّةُ التَّثْلِيثِ بِالثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ فِي كُلِّ عُضْوٍ مَا لَمْ يَقْصِدْ الِاقْتِصَارَ عَلَى الْأُولَى فَإِنْ قَصَدَهُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ سُنَّةُ التَّثْلِيثِ لِرَفْعِ حَدَثِ يَدِهِ بِالثَّانِيَةِ حِينَ الْقَصْدِ وَرَفْعِ حَدَثِ الْوَجْهِ بِالْأُولَى وَرَفْعِ حَدَثِ الرَّأْسِ بِالثَّالِثَةِ وَالرِّجْلِ بِالرَّابِعَةِ وَقَوْلُهُ مَا لَمْ يَنْوِ صَرْفَهُ عَنْهُ أَيْ مَا لَمْ يَنْوِ صَرْفَ الصَّبِّ فِي الثَّانِيَةِ عَنْ رَفْعِ حَدَثِ الْيَدِ وَإِلَّا لَمْ يَحْصُلْ رَفْعُ حَدَثِ الْيَدِ كَمَا لَا يَحْصُلُ التَّثْلِيثُ فِي الْوَجْهِ.

أَمَّا عَدَمُ حُصُولِ التَّثْلِيثِ فَبِقَصْدِ الِاقْتِصَارِ، وَأَمَّا عَدَمُ حُصُولِ رَفْعِ حَدَثِ الْيَدِ فَبِنِيَّةِ الصَّرْفِ وَهَكَذَا فِي بَاقِي الْأَعْضَاءِ قَالَهُ الْكُرْدِيُّ فَجَعَلَ قَوْلَ الشَّارِحِ لِرَفْعِ حَدَثِ يَدِهِ إلَخْ عِلَّةً لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ مَا لَمْ يَقْصِدْ الِاقْتِصَارَ إلَخْ وَقَوْلُهُ فِي كُلِّ عُضْوٍ لَعَلَّ صَوَابَهُ فِي الْوَجْهِ، وَقَالَ الْبَصْرِيُّ إنَّهُ عِلَّةٌ لِصَارَ مُسْتَعْمَلًا اهـ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَعَلَيْهِ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلشَّارِحِ أَنْ يُبَدِّلَ قَوْلَهُ بِالثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ بِذَلِكَ لِيَشْمَلَ مَسْأَلَةَ الْجُنُبِ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ تَعْبِيرُهُ بِالثَّانِيَةِ لِيَظْهَرَ قَوْلُهُ السَّابِقِ أَوَّلًا بِقَصْدٍ فَتَأَمَّلْ، وَقَوْلُهُ حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ انْتِفَاءِ نِيَّةِ الِاغْتِرَافِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ وَقَوْلُهُ صَرْفُهُ أَيْ صَرْفُ إدْخَالِ الْيَدِ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ بَعْدَ نِيَّةِ الْجُنُبِ أَوْ تَثْلِيثِ وَجْهِ الْمُحْدِثِ إلَخْ (عَنْهُ) أَيْ رَفْعِ الْحَدَثِ، وَيَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُ حِينَئِذٍ يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ مَا لَمْ يَنْوِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ انْغَمَسَ مُحْدِثٌ إلَخْ) وَلَوْ انْغَمَسَ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ جُنُبَانِ، ثُمَّ نَوَيَا مَعًا ارْتَفَعَتْ جَنَابَتُهُمَا أَوْ مُرَتَّبًا فَالْأَوَّلُ، وَصَارَ مُسْتَعْمَلًا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْآخَرِ أَوْ انْغَمَسَ بَعْضُهُمَا، ثُمَّ نَوَيَا مَعًا ارْتَفَعَتْ عَنْ جُزْأَيْهِمَا، وَصَارَ مُسْتَعْمَلًا بِالنِّسْبَةِ إلَى بَاقِيهِمَا أَوْ مُرَتَّبًا فَعَنْ جَزْءِ الْأَوَّلِ دُونَ الْآخَرِ وَلِلْأَوَّلِ إتْمَامُ بَاقِيهِ بِالِانْغِمَاسِ دُونَ الِاغْتِرَافِ نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي وَلَوْ شَكَّا فِي الْمَعِيَّةِ قَالَ شَيْخُنَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا يَطْهُرَانِ؛ لِأَنَّا لَا نَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ بِالشَّكِّ، وَسَلْبُهَا فِي حَقِّ أَحَدِهِمَا فَقَطْ تَرْجِيحٌ بِلَا مُرَجِّحٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ نَوَى) هُوَ فِي الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ قَيَّدَ إذْ لَوْ انْغَمَسَ مُرَتَّبًا عَلَى تَرْتِيبِ الْوُضُوءِ وَنَوَى عِنْدَ الْوَجْهِ صَارَ مُسْتَعْمَلًا بِالنِّسْبَةِ لِلْبَاقِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَفِي فَتَاوِيهِ، وَالْمُرَادُ مِنْ انْغِمَاسِ الْمُحْدِثِ انْغِمَاسُ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَقَطْ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ جُنُبٌ) أَيْ أَوْ انْغَمَسَ جُنُبٌ وَنَوَى بَعْدَ تَمَامِ الِانْغِمَاسِ أَوْ قَبْلَهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَعَمِيرَةٌ (قَوْلُهُ وَمَا دَامَ لَمْ يُخْرِجْ إلَخْ) أَيْ رَأْسَهُ فِيمَا يَظْهَرُ نِهَايَةٌ وَهُوَ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ بَصْرِيٌّ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر رَأْسَهُ أَيْ أَوْ بَعْضَ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ مَا يَطْرَأُ عَلَيْهِ فِيهِ إلَخْ) شَامِلٌ لِمَا هُوَ مِنْ جِنْسِ الْحَدَثِ الْأَوَّلِ أَوْ غَيْرِهِ، وَصَرَّحَ بِهِ الْخَطِيبُ فِيمَا عَزَاهُ الْبُجَيْرِمِيُّ إلَى

وَلَوْ انْغَمَسَ مُحْدِثٌ إلَخْ) قَالَ فِي الْإِرْشَادِ وَشَرْحِهِ أَوْ بِالنِّسْبَةِ لِحَدَثٍ تَعَدَّدَ مَحَلُّهُ كَمَا لَوْ انْغَمَسَ فِي الْقَلِيلِ مُحْدِثٌ نَاوِيًا فَإِنَّ الْحَدَثَ يَرْتَفِعُ عَنْ وَجْهِهِ فَقَطْ وَيَصِيرُ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا فِي حَقِّ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ لِتَعَدُّدِ الْمَحَلِّ كَذَا قَالَ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِصَرِيحِ كَلَامِهِمْ وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِ أَعْضَاءِ الْمُحْدِثِ كَأَبْدَانٍ مُتَعَدِّدَةٍ عَمَلًا بِقَضِيَّةِ التَّرْتِيبِ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الِانْغِمَاسِ تَقْدِيرِيٌّ فِي لَحَظَاتٍ لَطِيفَةٍ فَالْأَوْجَهُ كَمَا بَيَّنْت فِي بُشْرَى الْكَرِيمِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ إنْ أَخَّرَ النِّيَّةَ إلَى تَمَامِ الِانْغِمَاسِ ارْتَفَعَ عَنْ الْكُلِّ، وَإِنْ انْغَمَسَ مُرَتَّبًا عَلَى تَرْتِيبِ الْوُضُوءِ وَنَوَى عِنْدَ الْوَجْهِ صَارَ مُسْتَعْمَلًا بِالنِّسْبَةِ لِلْبَاقِي، وَعَلَيْهِ قَدْ يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ اهـ وَعَلَى هَذَا فَلَوْ تَجَدَّدَ لِلْمُحْدِثِ حَالَ انْغِمَاسِهِ حَدَثٌ آخَرُ فَهَلْ يَرْتَفِعُ بِنِيَّتِهِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْقِيَاسُ عَدَمُ ارْتِفَاعِهِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ بِالنِّسْبَةِ لِكُلِّ عُضْوٍ صَارَ مُسْتَعْمَلًا بِالنِّسْبَةِ لِلْعُضْوِ الْآخَرِ لَكِنْ عِبَارَةُ الشَّارِحِ هُنَا صَرِيحَةٌ فِي ارْتِفَاعِهِ (قَوْلُهُ وَمَا دَامَ لَمْ يَخْرُجْ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ

ص: 82

بِالِانْغِمَاسِ لَا بِالِاغْتِرَافِ وَلَوْ بِيَدِهِ وَإِنْ نَوَى اغْتِرَافًا كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ.

(وَلَا تُنَجَّسُ قُلَّتَا الْمَاءِ) وَلَوْ احْتِمَالًا كَأَنْ شَكَّ فِي مَاءٍ أَبَلَغَهُمَا أَمْ لَا وَإِنْ تَيَقَّنَتْ قُلَّتُهُ قَبْلُ (بِمُلَاقَاةِ نَجِسٍ) لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ الْخَبَثَ» أَيْ لَمْ يَقْبَلْهُ كَمَا صَرَّحَتْ بِهِ رِوَايَةُ لَمْ يُنَجَّسْ وَهِيَ صَحِيحَةٌ أَيْضًا، وَخَرَجَ بِقُلَّتَا الْمَاءِ الصَّرِيحُ فِي أَنَّهُمَا كُلُّهُمَا مِنْ مَحْضِ الْمَاءِ مَا لَوْ وَقَعَ فِي مَاءٍ يَنْقُصُ عَنْ قُلَّتَيْنِ مَائِعٍ يُوَافِقُهُ فَبَلَغَهُمَا بِهِ، وَلَمْ يُغَيِّرْهُ فَرْضًا لَوْ قُدِّرَ مُخَالِفًا فَإِنَّهُ يُنَجَّسُ بِمُجَرَّدِ الْمُلَاقَاةِ وَلَا يَدْفَعُ الِاسْتِعْمَالَ عَنْ نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا نَزَلَ ذَلِكَ الْمَائِعُ مَنْزِلَةَ الْمَاءِ فِي جَوَازِ الطُّهْرِ بِالْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ أَخَفُّ إذْ هُوَ رَفْعٌ وَذَاكَ دَفْعٌ وَهُوَ أَقْوَى غَالِبًا أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَاءَ الْقَلِيلَ الْوَارِدَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ وَالْخَبَثَ وَلَا يَدْفَعُهُمَا لَوْ وَرَدَا عَلَيْهِ وَمِنْ ثَمَّ اخْتَلَفُوا فِي مُسْتَعْمَلٍ كَثُرَ انْتِهَاءً

الشَّارِحِ مِنْ خِلَافِهِ بِمَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ لِلرَّدِّ عَلَى الْخِلَافِ كَأَنْ كَانَ الْأَوَّلُ حَيْضًا وَالثَّانِي جَنَابَةً بِنُزُولِ الْمَنِيِّ قَلْيُوبِيٌّ وَمِّ ر وَخَالَفَ ابْنُ حَجَرٍ اهـ.

فَلَعَلَّهُ فِي غَيْرِ التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ بِالِانْغِمَاسِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِيَرْفَعَ (قَوْلُهُ لَا بِالِاغْتِرَافِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ بِانْفِصَالِهِ بِالْيَدِ أَوْ فِي إنَاءٍ صَارَ أَجْنَبِيًّا فَلَا يَرْفَعُ بِخِلَافِ مَا لَوْ انْغَمَسَ بَعْدَ ذَلِكَ اهـ حَاشِيَةُ الشَّارِحِ عَلَى التُّحْفَةِ وَقَالَ الْبُرُلُّسِيُّ إنَّ صُورَةَ الِاغْتِرَافِ بِالْيَدِ أَنَّهُ أَدْخَلَ الْيَدَ فِي الْمَاءِ وَجَعَلَهَا آلَةً لِلِاغْتِرَافِ فَيَصِيرُ الْمَاءُ الْكَائِنُ بِهَا مُسْتَعْمَلًا بِمُجَرَّدِ انْفِصَالِهِ مَعَهَا فَلَا يَرْفَعُ حَدَثَ الْكَفِّ وَلَا غَيْرِهَا، وَأَمَّا إنْ أَدْخَلَهَا لَا بِهَذِهِ النِّيَّةِ فَلَا رَيْبَ فِي ارْتِفَاعِ حَدَثِهَا بِمُجَرَّدِ الْغَمْسِ، وَيَكُونُ الْمَاءُ الْمُنْفَصِلُ غَيْرَ مَحْكُومٍ عَلَيْهِ بِالِاسْتِعْمَالِ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ اتِّصَالَهُ بِالْيَدِ اتِّصَالٌ بِالْبَعْضِ الْمُنْغَمِسِ نَظَرًا إلَى أَنَّ جَمِيعَ الْبَدَنِ كَعُضْوٍ وَاحِدٍ، وَحِينَئِذٍ فَيُتَّجَهُ رَفْعُ حَدَثِ سَاعِدِهَا بِهِ إذَا جَرَى عَلَيْهِ الْمَاءُ مِمَّا فِيهَا بِغَيْرِ فَصْلٍ انْتَهَى اهـ كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ احْتِمَالًا) إلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ أَخَفَّ فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى قَوْلِهِ وَخَرَجَ بِ غَالِبًا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ غَالِبًا قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلَا تُنَجَّسُ قُلَّتَا الْمَاءِ إلَخْ) قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ النَّجَاسَةَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا جَامِدَةً أَوْ مَائِعَةً، وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَا يَجِبُ التَّبَاعُدُ عَنْهَا حَالَ الِاغْتِرَافِ مِنْ الْمَاءِ بِقَدْرِ قُلَّتَيْنِ عَلَى الصَّحِيحِ بَلْ لَهُ أَنْ يَغْتَرِفَ مِنْ حَيْثُ شَاءَ حَتَّى مِنْ أَقْرَبِ مَوْضِعٍ إلَى النَّجَاسَةِ نِهَايَةٌ أَيْ وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي يُنَجَّسُ بِالِانْفِصَالِ عَمِيرَةٌ، وَيَأْتِي عَنْ الْمُغْنِي مَا يُوَافِقُهُ بِزِيَادَةٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ تُيُقِّنَتْ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ زَادَ الْقَلِيلُ وَاحْتُمِلَ بُلُوغُهُ وَعَدَمُهُ سم. (قَوْلُهُ الْخَبَثُ) كَذَا فِي الْمُحَلَّى وَالنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي بِأَلْ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ خَبَثًا بِدُونِ أَلْ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَقْبَلْهُ) عِبَارَةُ الْمُحَلَّى وَالْمُغْنِي وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ أَيْ يَدْفَعُ النَّجِسَ وَلَا يَقْبَلُهُ اهـ زَادَ النِّهَايَةُ كَمَا يُقَالُ فُلَانٌ لَا يَحْمِلُ الظُّلْمَ أَيْ يَدْفَعُهُ اهـ.

(قَوْلُهُ بِهِ) أَيْ بِذَلِكَ التَّفْسِيرِ (قَوْلُهُ وَخَرَجَ إلَخْ) وَفَارَقَ كَثِيرُ الْمَاءِ كَثِيرَ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُنَجَّسُ بِمُجَرَّدِ مُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ بِأَنَّ كَثِيرَهُ قَوِيٌّ وَيَشُقُّ حِفْظُهُ عَنْ النَّجَسِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَإِنْ كَثُرَ مُغْنِي (قَوْلُهُ مَا لَوْ وَقَعَ فِي مَاءٍ يَنْقُصُ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ خُلِطَ قُلَّةٌ مِنْ الْمَائِعِ بِقُلَّتَيْنِ مِنْ الْمَاءِ، وَلَمْ تُغَيِّرْهُمَا حِسًّا وَلَا تَقْدِيرًا، ثُمَّ أَخَذَ قُلَّةً مِنْ الْمُجْتَمِعِ، ثُمَّ وَقَعَ فِي الْبَاقِي نَجَاسَةٌ وَلَمْ تُغَيِّرْهُ فَهَلْ يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْبَاقِيَ مَحْضُ الْمَاءِ، وَأَنَّ الْمَأْخُوذَ هُوَ الْمَائِعُ وَالْأَصْلُ طَهَارَةُ الْمَاءِ أَوْ بِنَجَاسَتِهِ؛ لِأَنَّ كَوْنَ الْقُلَّةِ الْمَأْخُوذَةِ هِيَ مَحْضُ الْمَائِعِ دُونَ الْمَاءِ حَتَّى يَكُونَ الْبَاقِي مَحْضَ الْمَاءِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُحَالًا عَادَةً كَانَ فِي حُكْمِهِ فِيهِ نَظَرٌ سم عَلَى حَجّ.

أَقُولُ قِيَاسُ مَا فِي الْأَيْمَانِ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ طَعَامٍ اشْتَرَاهُ زَيْدٌ فَأَكَلَ مِمَّا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ وَعَمْرٌو حَيْثُ قَالُوا إنْ أَكَلَ مِنْهُ حَبَّتَيْنِ لَمْ يَحْنَثْ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُمَا مِنْ مَحْضِ مَا اشْتَرَاهُ عَمْرٌو أَوْ أَكْثَرَ نَحْوَ حَفْنَةٍ حَنِثَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَا أَكَلَهُ مُخْتَلِطٌ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الْحَلَبِيِّ فِي الدَّرْسِ أَنَّهُ اعْتَمَدَ ذَلِكَ الْقِيَاسَ، وَحِينَئِذٍ يَحْتَاجُ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّضَاعِ وَمَعَ ذَلِكَ فَالظَّاهِرُ إلْحَاقُهُ بِمَا فِي الْأَيْمَانِ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الرَّضَاعِ خَارِجَةٌ عَنْ نَظَائِرِهَا فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهَا اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ وَلَا يَدْفَعُ الِاسْتِعْمَالَ عَنْ نَفْسِهِ) فَلَوْ انْغَمَسَ فِيهِ جُنُبٌ نَاوِيًا صَارَ مُسْتَعْمَلًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) وَقَوْلُهُ (إذْ هُوَ) أَيْ الطُّهْرُ (قَوْلُهُ وَذَاكَ) أَيْ عَدَمُ التَّنَجُّسِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَقْوَى) أَيْ وَالدَّفْعُ أَقْوَى مِنْ الرَّفْعِ، فَالدَّافِعُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ أَقْوَى مِنْ الرَّافِعِ مُغْنِي وَسَمِّ (قَوْلُهُ وَلَا يَدْفَعُهُمَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلَا يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ النَّجَاسَةَ إذَا وَقَعَتْ فِيهِ اهـ (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ إلَخْ) لَا يُقَالُ قَضِيَّةُ مَا قَرَّرَهُ أَنَّ الْمُتَرَتِّبَ عَلَيْهِ عَكْسُ هَذَا.

وَهُوَ الِاتِّفَاقُ فِي الْأَوَّلِ وَالِاخْتِلَافُ فِي الثَّانِي؛ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا أَيْ ذَلِكَ الْقَوْلُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ ضَمِيرَ وَهُوَ أَقْوَى لِلرَّفْعِ سم

فِي صُورَةِ الْحَدَثِ إنْ أَرَادَ بِالْخُرُوجِ انْفِصَالَهُ عَنْ الْمَاءِ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ بِالْكُلِّيَّةِ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ الْمُحْدِثَ إذَا انْغَمَسَ وَنَوَى ثُمَّ أَخْرَجَ رَأْسَهُ مَثَلًا مِنْ الْمَاءِ لَا نَحْكُمُ عَلَى الْمَاءِ بِالِاسْتِعْمَالِ مَعَ أَنَّهُ فَارَقَهُ عُضْوُ الْمُتَوَضِّئِ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ جَمِيعُ بَدَنِ الْمُحْدِثِ مَعَ الِانْغِمَاسِ كَالْعُضْوِ الْوَاحِدِ كَمَا فِي بَدَنِ الْجُنُبِ فَلْيُرَاجَعْ شَرْحُ الْإِرْشَادِ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ تَيَقَّنَتْ قِلَّتَهُ قَبْلُ) أَيْ بِأَنْ زَادَ الْقَلِيلُ وَاحْتَمَلَ بُلُوغَهُ وَعَدَمَهُ (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِقُلَّتَا الْمَاءِ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ خَلَطَ قُلَّةً مِنْ الْمَائِعِ بِقُلَّتَيْنِ مِنْ الْمَاءِ وَلَمْ تُغَيِّرْهُمَا حِسًّا وَلَا تَقْدِيرًا ثُمَّ أَخَذَ قُلَّةً مِنْ الْمُجْتَمِعِ ثُمَّ وَقَعَ فِي الْبَاقِي نَجَاسَةٌ فَلَمْ تُغَيِّرْهُ فَهَلْ يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْبَاقِيَ مَحْضُ الْمَاءِ وَأَنَّ الْمَأْخُوذَ هُوَ الْمَائِعُ وَالْأَصْلُ طَهَارَةُ الْمَاءِ أَوْ بِنَجَاسَتِهِ؛ لِأَنَّ كَوْنَ الْقُلَّةِ الْمَأْخُوذَةِ هِيَ مَحْضُ الْمَائِعِ دُونَ الْمَاءِ حَتَّى يَكُونَ الْبَاقِي مَحْضَ الْمَاءِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُحَالًا عَادَةً كَانَ فِي حُكْمِهِ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ الدَّفْعُ وَقَوْلُهُ أَقْوَى فَيَحْتَاجُ لِقُوَّةِ الدَّافِعِ (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ إلَخْ) لَا يُقَالُ

ص: 83

هَلْ تَرْفَعُ كَثْرَتُهُ اسْتِعْمَالَهُ أَوْ لَا وَاتَّفَقُوا فِي كَثِيرٍ ابْتِدَاءً عَلَى أَنَّهُ يَدْفَعُ الِاسْتِعْمَالَ عَنْ نَفْسِهِ، وَخَرَجَ بِ غَالِبًا نَحْوُ الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ يَرْفَعُ النِّكَاحَ، وَلَا يَدْفَعُهُ لِحِلِّ ارْتِجَاعِ الْمُطَلَّقَةِ وَعَكْسُهُ الْإِحْرَامُ وَعِدَّةُ الشُّبْهَةِ فَهُوَ أَقْوَى تَأْثِيرًا مِنْهُمَا، فَعُلِمَ أَنَّ الشَّيْءَ قَدْ يَدْفَعُ فَقَطْ كَهَذَيْنِ، وَقَدْ يَرْفَعُ فَقَطْ كَالطَّلَاقِ وَالْمَاءُ هُنَا وَأَنَّ الرَّفْعَ التَّأَثُّرُ بِمَا يَصْلُحُ لَهُ لَوْلَا ذَلِكَ الدَّافِعُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ يُسَنُّ لِمَنْ دَعَا بِرَفْعِ بَلَاءٍ وَاقِعٍ أَنْ يَجْعَلَ ظَهْرَ كَفَّيْهِ لِلسَّمَاءِ، وَيَدْفَعُهُ أَنْ يَقَعَ بِهِ بَعْدُ عَكْسُهُ وَلَوْ كَانَ الْقُلَّتَانِ فِي مَحَلَّيْنِ بَيْنَهُمَا اتِّصَالٌ وَبِأَحَدِهِمَا نَجَسٌ نَجَّسَ الْآخَرَ إنْ ضَاقَ مَا بَيْنَهُمَا وَإِلَّا طَهَّرَ النَّجِسَ كَمَا يَأْتِي.

(فَإِنْ غَيَّرَهُ) أَيْ النَّجِسُ الْمَاءَ الْقُلَّتَيْنِ وَلَوْ يَسِيرًا أَوْ تَقْدِيرًا كَأَنْ وَقَعَ فِيهِ مُوَافَقَةٌ فَغَيَّرَهُ بِالْفَرْضِ وَالتَّقْدِيرِ، ثُمَّ إنْ وَافَقَهُ فِي الصِّفَاتِ الثَّلَاثِ قَدَّرْنَاهُ مُخَالِفًا أَشَدَّ فِيهَا

وَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ وَاتَّفَقُوا فِي كَثِيرٍ ابْتِدَاءً إلَخْ) زَادَ الْمُغْنِي عَقِبَ ذَلِكَ مُبَيِّنًا لِوَجْهِ التَّأْيِيدِ بِمَا ذُكِرَ مَا نَصُّهُ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ إذَا اُسْتُعْمِلَ وَهُوَ قُلَّتَانِ كَانَ دَافِعًا لِلِاسْتِعْمَالِ، وَإِذَا جُمِعَ كَانَ رَافِعًا وَالدَّفْعُ أَقْوَى مِنْ الرَّفْعِ كَمَا مَرَّ اهـ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ يَدْفَعُ إلَخْ) أَيْ لِقُوَّتِهِ بِكَثْرَتِهِ سم (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِ غَالِبًا نَحْوُ الطَّلَاقِ) قَدْ يَتَخَيَّلُ أَنَّ الطَّلَاقَ مِنْ الْغَالِبِ؛ لِأَنَّهُ قَوِيٌّ عَلَى الرَّفْعِ، وَلَمْ يَقْوَ عَلَى الدَّفْعِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَا يَدْفَعُهُ) أَيْ فَكَانَ الرَّفْعُ هُنَا أَقْوَى قَالَهُ سم وَفِيهِ تَأَمُّلٌ (قَوْلُهُ وَعَكْسُهُ) أَيْ الطَّلَاقِ (الْإِحْرَامُ وَعِدَّةُ الشُّبْهَةِ إلَخْ) قَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُمَا لَا يَرْفَعَانِ النِّكَاحَ، وَيَدْفَعَانِهِ لِامْتِنَاعِ الِارْتِجَاعِ فِي الْإِحْرَامِ وَعِدَّةِ الشُّبْهَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِجَوَازِ الِارْتِجَاعِ فِي الْإِحْرَامِ وَعِدَّةِ الشُّبْهَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ النِّكَاحِ وَالرَّجْعَةِ، فَلَعَلَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُمَا لَا يَرْفَعَانِ النِّكَاحَ وَيَدْفَعَانِهِ بِمَعْنَى امْتِنَاعِ ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ فِي الْإِحْرَامِ وَعِدَّةِ الشُّبْهَةِ سم.

(قَوْلُهُ فَهُوَ أَقْوَى إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَرْفَعُ دُونَهُمَا سم (قَوْلُهُ بِمَا يَصْلُحُ لَهُ) قَدْ يُقَالُ الْأَوْلَى لِلتَّأْثِيرِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ أَنْ يَقَعَ بِهِ) بَدَلٌ مِنْ ضَمِيرِ يَدْفَعُهُ (قَوْلُهُ إنْ ضَاقَ مَا بَيْنَهُمَا) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ حُرِّكَ مَا فِي أَحَدِ الْمَحَلَّيْنِ لَا يَتَحَرَّكُ الْآخَرُ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ حُكْمُ حِيَاضِ الْأَخْلِيَةِ إذَا وَقَعَ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا نَجَاسَةٌ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ لَوْ حُرِّكَ وَاحِدٌ مِنْهَا تَحَرَّكَ مُجَاوِرُهُ، وَهَكَذَا إلَى الْآخِرِ يُحْكَمُ بِالتَّنْجِيسِ عَلَى مَا وَقَعَتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ، وَإِلَّا حُكِمَ بِنَجَاسَةِ الْجَمِيعِ كَمَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ سم عَلَى ابْنِ حَجَرٍ وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِتَحَرُّكِ الْمُجَاوِرِ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ عَنِيفٍ وَإِنْ خَالَفَ عَمِيرَةُ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَاشْتِرَاطُ التَّحَرُّكِ الْعَنِيفِ فِي كُلٍّ مِنْ الْمُحَرَّكِ وَمَا يُجَاوِرُهُ ع ش اعْتَمَدَهُ الْبُجَيْرِمِيُّ، ثُمَّ قَالَ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الْحَنَفِيُّ خِلَافًا لِلْقَلْيُوبِيِّ الْحَلَبِيِّ حَيْثُ اشْتَرَطَا تَبَعًا لِعَمِيرَةَ التَّحَرُّكَ الْعَنِيفَ فِي الْمُحَرَّكِ وَمَا يَلِيهِ اهـ.

وَكَذَلِكَ اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا عِبَارَتُهُ الْمَاءُ الْكَثِيرُ لَا يُنَجَّسُ بِمُجَرَّدِ الْمُلَاقَاةِ سَوَاءٌ كَانَ بِمَحِلٍّ وَاحِدٍ أَوْ فِي مَحَالَّ مَعَ قُوَّةِ الِاتِّصَالِ بِحَيْثُ لَوْ حُرِّكَ وَاحِدٌ مِنْهَا تَحَرُّكًا عَنِيفًا يَتَحَرَّكُ الْآخَرُ وَلَوْ ضَعِيفًا، وَمِنْهُ يُعْلَمُ حُكْمُ حِيضَانِ بُيُوتِ الْأَخْلِيَةِ فَإِذَا وَقَعَ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا نَجَاسَةٌ وَلَمْ تُغَيِّرْهُ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ حُرِّكَ الْوَاحِدُ مِنْهَا تَحَرُّكًا عَنِيفًا لَتَحَرَّكَ مُجَاوِرُهُ، وَهَكَذَا وَكَانَ الْمَجْمُوعُ قُلَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ لَمْ يُحْكَمْ بِالتَّنْجِيسِ عَلَى الْجَمِيعِ، وَإِلَّا حُكِمَ بِالتَّنْجِيسِ عَلَى الْجَمِيعِ إنْ كَانَ مَا وَقَعَتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ مُتَّصِلًا بِالْبَاقِي، وَإِلَّا تَنَجَّسَ هُوَ فَقَطْ اهـ.

(قَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي) أَيْ فِي شَرْحٍ وَلَا تَغَيُّرَ فَطَهُورٌ.

قَوْلُ الْمَتْنِ (فَإِنْ غَيَّرَهُ فَنَجِسٌ) إطْلَاقُهُ يَشْمَلُ التَّغَيُّرَ بِمَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ عَمِيرَةَ (قَوْلُهُ أَيْ النَّجِسُ) إلَى قَوْلِهِ أَوْ فِي صِفَةٍ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَلَوْ يَسِيرًا إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَ التَّغَيُّرُ قَلِيلًا أَمْ كَثِيرًا وَسَوَاءٌ الْمُخَالِطُ وَالْمُجَاوِرُ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ وَافَقَهُ إلَخْ) .

فَرْعٌ وَقَعَتْ نَجَاسَةٌ كَنُقْطَةِ بَوْلٍ فِي مَائِعٍ يُوَافِقُ الْمَاءَ، ثُمَّ أُلْقِيَ ذَلِكَ الْمَائِعُ فِي مَاءٍ قُلَّتَيْنِ فَهَلْ يُفْرَضُ مُخَالِفًا أَشَدَّ الْمَائِعِ مَعَ مَا وَقَعَ فِيهِ مِنْ النَّجَاسَةِ أَوْ مَا وَقَعَ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْمَائِعَ لَيْسَ نَجِسًا حَتَّى يُقَدَّرَ مُخَالِفًا الَّذِي أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ الثَّانِي وَعَلَيْهِ لَوْ كَانَ النَّجَاسَةُ الْوَاقِعَةُ فِي الْمَائِعِ جَامِدَةً كَعَظْمِ مَيْتَةٍ، ثُمَّ أُخْرِجَتْ مِنْهُ قَبْلَ إلْقَائِهِ فِي الْمَاءِ لَمْ يُفْرَضْ شَيْءٌ هُنَا فَلْيُتَأَمَّلْ وَسَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ عَنْ الشَّارِحِ خِلَافُ مَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا سم (قَوْلُهُ فِي الصِّفَاتِ الثَّلَاثِ) كَالْبَوْلِ الْمُنْقَطِعِ الرَّائِحَةُ وَاللَّوْنُ وَالطَّعْمُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ قَدَّرْنَاهُ إلَخْ) قَدْ مَرَّ عَنْ الْبُجَيْرِمِيِّ وَشَيْخِنَا أَنَّ التَّقْدِيرَ مَنْدُوبٌ لَا وَاجِبٌ فَإِذَا أَعْرَضَ عَنْ التَّقْدِيرِ وَهَجَمَ وَاسْتَعْمَلَهُ كَفَى (قَوْلُهُ مُخَالِفًا أَشَدُّ فِيهَا) عِبَارَةُ الْمُغْنِي مُخَالِفًا لَهُ فِي

قَضِيَّةُ مَا قَرَّرَهُ أَنَّ الْمُتَرَتِّبَ عَلَيْهِ عَكْسُ هَذَا وَهُوَ الِاتِّفَاقُ فِي الْأَوَّلِ وَالِاخْتِلَافُ فِي الثَّانِي، وَقَوْلُهُ نَحْوُ الطَّلَاقِ إلَخْ قَدْ يُقَالُ هَذَا مِنْ الْغَالِبِ؛ لِأَنَّ عَدَمَ تَأْثِيرِ الطَّلَاقِ الدَّفْعَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الدَّفْعَ أَقْوَى فَلْيُتَأَمَّلْ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ ضَمِيرَ وَهُوَ أَقْوَى لِلدَّفْعِ (قَوْلُهُ هَلْ تَرْفَعُ كَثْرَتُهُ اسْتِعْمَالَهُ) أَيْ فَقِيلَ لَا؛ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَهُ كَانَ حِينَ قِلَّتِهِ فَلَمْ يَقْوَ عَلَى رَفْعِهِ لِضَعْفِهِ بِالْقِلَّةِ وَالرَّفْعُ قَوِيٌّ فَلَا يَكُونُ لِضَعِيفٍ هَكَذَا يُحْتَمَلُ أَنَّهُ الْمُرَادُ، وَقَوْلُهُ وَاتَّفَقُوا إلَخْ أَيْ لِقُوَّتِهِ بِكَثْرَتِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يَدْفَعُهُ) أَيْ فَكَانَ الرَّفْعُ هُنَا أَقْوَى (قَوْلُهُ وَعَكْسُهُ الْإِحْرَامُ وَعِدَّةُ الشُّبْهَةِ) قَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُمَا لَا يَرْفَعَانِ النِّكَاحَ وَيَدْفَعَانِهِ لِامْتِنَاعِ الِارْتِجَاعِ فِي الْإِحْرَامِ وَعِدَّةِ الشُّبْهَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِجَوَازِ الِارْتِجَاعِ فِي الْإِحْرَامِ وَعِدَّةِ الشُّبْهَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ النِّكَاحِ وَالرَّجْعَةِ فَلَعَلَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُمَا لَا يَرْفَعَانِ النِّكَاحَ وَيَدْفَعَانِهِ بِمَعْنَى امْتِنَاعِ ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ فِي الْإِحْرَامِ وَعِدَّةِ الشُّبْهَةِ (قَوْلُهُ فَهُوَ أَقْوَى) ؛ لِأَنَّهُ يَرْفَعُ دُونَهُمَا.

(قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ وَافَقَهُ إلَخْ) فَرْعٌ

وَقَعَتْ نَجَاسَةٌ كَنُقْطَةِ بَوْلٍ فِي مَائِعٍ يُوَافِقُ الْمَاءَ ثُمَّ أُلْقِيَ ذَلِكَ الْمَائِعُ فِي مَاءٍ قُلَّتَيْنِ

ص: 84

كَلَوْنِ الْحِبْرِ وَرِيحِ الْمِسْكِ وَطَعْمِ الْخَلِّ أَوْ فِي صِفَةٍ قَدَّرْنَاهُ مُخَالِفًا فِيهَا فَقَطْ (فَنَجِسٌ) إجْمَاعًا وَلَوْ بِوَصْفٍ وَاحِدٍ فِي الْأَوْلَى أَوْ بَعْضِهِ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ فَإِنْ كَثُرَ غَيْرُ الْمُتَغَيِّرِ بَقِيَ عَلَى طَهَارَتِهِ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنَّمَا قَدَّرَ الطَّاهِرَ بِالْوَسَطِ لِأَنَّهُ أَخَفُّ وَلَوْ وَقَعَ فِي مُتَغَيِّرٍ بِمَا لَا يَضُرُّ قَدْرُ زَوَالِهِ فَإِنْ غُيِّرَ حِينَئِذٍ ضَرَّ وَإِلَّا فَلَا.

(فَإِنْ زَالَ تَغَيُّرُهُ بِنَفْسِهِ) بِأَنْ لَمْ يَنْضَمَّ إلَيْهِ شَيْءٌ كَأَنْ طَالَ مُكْثُهُ (أَوْ بِمَاءٍ) انْضَمَّ إلَيْهِ وَلَوْ مُتَنَجِّسًا، أَوْ أَخَذَ مِنْهُ وَالْبَاقِي كَثِيرٌ بِأَنْ كَانَ الْإِنَاءُ مُنْخَنِقًا بِهِ فَزَالَ انْخِنَاقُهُ وَدَخَلَهُ الرِّيحُ وَقَصَرَهُ أَوْ بِمُجَاوِرٍ وَقَعَ فِيهِ أَيْ أَوْ بِمُخَالِطٍ تَرَوَّحَ بِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا يَأْتِي فِي نَحْوِ زَعْفَرَانٍ لَا طَعْمَ وَلَا رِيحَ (طَهُرَ) لِزَوَالِ سَبَبِ التَّنَجُّسِ، وَإِنَّمَا لَمْ تُعَدَّ طَهَارَةُ الْجَلَّالَةِ بِزَوَالِ التَّغَيُّرِ مِنْ غَيْرِ عَلَفٍ طَاهِرًا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ سَبَبَ نَجَاسَتِهَا عِنْدَ الْقَائِلِ بِهَا رَدَاءَةُ لَحْمِهَا وَهِيَ لَا تَزُولُ إلَّا بِالْعَلَفِ الطَّاهِرِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُقَدِّرُوا هُنَا الْوَاقِعَ بَعْدَ زَوَالِ التَّغَيُّرِ مُخَالِفًا أَشَدَّ

أَغْلَظِ الصِّفَاتِ اهـ (قَوْلُهُ كَلَوْنِ الْحِبْرِ إلَخْ) فَلَوْ كَانَ الْوَاقِعُ قَدْرَ رِطْلٍ مِنْ الْبَوْلِ الْمَذْكُورِ فَنَقُولُ لَوْ كَانَ الْوَاقِعُ قَدْرَ رِطْلٍ مِنْ الْخَلِّ هَلْ يُغَيِّرُ طَعْمَ الْمَاءِ أَوْ لَا فَإِنْ قَالُوا يُغَيِّرُهُ حَكَمْنَا بِنَجَاسَتِهِ، وَإِنْ قَالُوا لَا يُغَيِّرُهُ نَقُولُ لَوْ كَانَ الْوَاقِعُ قَدْرَ رِطْلٍ مِنْ الْحِبْرِ هَلْ يُغَيِّرُ لَوْنَ الْمَاءِ أَوْ لَا فَإِنْ قَالُوا يُغَيِّرُهُ حَكَمْنَا بِنَجَاسَتِهِ، وَإِنْ قَالُوا لَا يُغَيِّرُهُ نَقُولُ لَوْ كَانَ الْوَاقِعُ قَدْرَ رِطْلٍ مِنْ الْمِسْكِ هَلْ يُغَيِّرُ رِيحَهُ أَوْ لَا فَإِنْ قَالُوا يُغَيِّرُهُ حَكَمْنَا بِنَجَاسَتِهِ، وَإِنْ قَالُوا لَا يُغَيِّرُهُ حَكَمْنَا بِطَهَارَتِهِ وَمِثْلُهُ يَجْرِي فِي الطَّاهِرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ أَوْ فِي صِفَةٍ إلَخْ) أَيْ أَوْ فِي صِفَتَيْنِ فُرِضَ مُخَالِفًا فِيهِمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِوَصْفٍ وَاحِدٍ) أَيْ وَلَوْ حَصَلَ التَّغَيُّرُ بِفَرْضِهِ فَقَطْ بَعْدَ فَرْضِ الْآخَرَيْنِ فَلَمْ يَتَغَيَّرْ وَقَوْلُهُ فِي الْأُولَى وَهِيَ مَا لَوْ وَافَقَهُ فِي الصِّفَاتِ الثَّلَاثِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ بَعْضِهِ) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ الْمَاءُ الْقُلَّتَيْنِ سم (قَوْلُهُ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَلَوْ تَغَيَّرَ بَعْضُهُ فَقَطْ فَالْمُتَغَيِّرُ نَجِسٌ، وَأَمَّا الْبَاقِي فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا لَمْ يُنَجَّسْ، وَإِلَّا تَنَجَّسَ وَلَوْ بَالَ فِي الْبَحْرِ مَثَلًا فَارْتَفَعَتْ مِنْهُ رَغْوَةٌ فَهِيَ طَاهِرَةٌ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّهَا بَعْضُ الْمَاءِ الْكَثِيرِ خِلَافًا لِمَا فِي الْعُبَابِ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْقَائِلِ بِنَجَاسَتِهَا عَلَى تَحَقُّقِ كَوْنِهَا مِنْ الْبَوْلِ، وَإِنْ طُرِحَتْ فِي الْبَحْرِ بَعْرَةٌ مَثَلًا فَوَقَعَتْ مِنْهُ قَطْرَةٌ بِسَبَبِ سُقُوطِهَا عَلَى شَيْءٍ لَمْ تُنَجِّسْهُ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر عَلَى تَحَقُّقِ كَوْنِهَا إلَخْ كَانَتْ بِرَائِحَةِ الْبَوْلِ أَوْ طَعْمِهِ أَوْ لَوْنِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ زَوَالُهُ) أَيْ التَّغَيُّرِ بِمَا لَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) فَلَوْ غَرَفَ دَلْوًا مِنْ مَاءٍ قُلَّتَيْنِ فَقَطْ وَفِيهِ نَجَاسَةٌ جَامِدَةٌ لَمْ تُغَيِّرْهُ وَلَمْ يَغْرِفْهَا مَعَ الْمَاءِ فَبَاطِنُ الدَّلْوِ طَاهِرٌ لِانْفِصَالِ مَا فِيهِ عَنْ الْبَاقِي قَبْلَ أَنْ يَنْقُصَ عَنْ قُلَّتَيْنِ لَا ظَاهِرُهَا لِتَنَجُّسِهِ بِالْبَاقِي الْمُتَنَجِّسِ بِالنَّجَاسَةِ لِقِلَّتِهِ فَإِنْ دَخَلَتْ مَعَ الْمَاءِ أَوْ قَبْلَهُ فِي الدَّلْوِ انْعَكَسَ الْحُكْمُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَلَوْ وَقَعَ إلَخْ) ، وَيَأْتِي عَنْ النِّهَايَةِ مَا قَدْ يُخَالِفُهُ وَعَنْ عَمِيرَةَ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ بِمَا لَا يَضُرُّ) صَادِقٌ بِالْمُتَغَيِّرِ بِطُولِ الْمُكْثِ، وَهَلْ الْحُكْمُ فِيهِ كَذَلِكَ أَوْ لَا مَحَلُّ تَأَمُّلٍ بَصْرِيٌّ.

(قَوْلُهُ بِأَنْ لَمْ يَنْضَمَّ) إلَى قَوْلِهِ أَوْ بِمُجَاوِرٍ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ بِأَنْ لَمْ يَنْضَمَّ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ لَا بِعَيْنٍ كَطُولِ مُكْثٍ وَهُبُوبِ رِيحٍ اهـ أَيْ أَوْ شَمْسٍ ع ش (قَوْلُهُ كَأَنْ طَالَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي كَأَنْ زَالَ بِطُولِ الْمُكْثِ اهـ.

(قَوْلُهُ انْضَمَّ إلَيْهِ) بِفِعْلٍ أَوْ غَيْرِهِ مُغْنِي (قَوْلُهُ أَوْ بِمُجَاوِرٍ إلَخْ) يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَظْهَرْ لِلْمُجَاوِرِ رِيحٌ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي عَنْ ع ش (قَوْلُهُ أَوْ بِمُخَالِطٍ تَرَوَّحَ بِهِ) إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ تَكَيُّفٌ بِرَائِحَةِ ذَلِكَ الْمُخَالِطِ فَزَالَتْ رَائِحَةُ النَّجَاسَةِ فَهُوَ مُشْكِلٌ حِينَئِذٍ فِي الِاسْتِتَارِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا يَأْتِي وَاضِحٌ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ غَيْرَ ذَلِكَ فَلْيُحَرَّرْ سم، وَأَشَارَ الْكُرْدِيُّ إلَى جَوَابِهِ بِمَا نَصُّهُ قَوْلُهُ تَرَوَّحَ بِهِ يَعْنِي لَمْ يَقَعْ فِيهِ بَلْ بَلَغَتْهُ الرَّائِحَةُ فَيُشْبِهُ الْمُجَاوِرَ اهـ وَيَرُدُّهُ أَيْ جَوَابُ الْكُرْدِيِّ قَوْلُ ع ش مَا نَصُّهُ قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ تَرَوَّحَ الْمَاءُ بِنَحْوِ مِسْكٍ عَلَى الشَّطِّ لَمْ يَمْنَعْ مِنْ زَوَالِ النَّجَاسَةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ مُرَادًا؛ لِأَنَّ ظُهُورَ الرَّائِحَةِ فِي الْمَاءِ يَسْتُرُ رَائِحَةَ النَّجَاسَةِ وَلَا فَرْقَ مَعَ وُجُودِ السَّاتِرِ بَيْنَ كَوْنِهِ فِي الْمَاءِ وَكَوْنِهِ خَارِجًا عَنْهُ هَذَا وَفِي ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ أَنَّهُ إذَا زَالَتْ رَائِحَةُ النَّجَاسَةِ بِرَائِحَةٍ عَلَى الشَّطِّ لَمْ يُحْكَمْ بِبَقَاءِ النَّجَاسَةِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُهُ اهـ.

(قَوْلُهُ أَوْ لَا رِيحَ) الْأَوْلَى الْمُوَافِقُ لِمَا يَأْتِي وَلَا رِيحَ بِالْوَاوِ قَوْلُ الْمَتْنِ (طَهُرَ) بِفَتْحِ الْهَاءِ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ تُعَدَّ طَهَارَةُ الْجَلَّالَةِ إلَخْ) أَيْ عَلَى الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِعَدَمِ عَوْدِ الطَّهَارَةِ بِزَوَالِ التَّغَيُّرِ بِنَفْسِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِالنَّجَاسَةِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ عِنْدَ الْقَائِلِ بِهَا ع ش وَسَمِّ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يُقَدِّرُوا هُنَا الْوَاقِعَ) أَيْ النَّجَسَ الْوَاقِعَ حَيْثُ يَكُونُ التَّغَيُّرُ السَّابِقُ نَاشِئًا عَنْ نَجَاسَةٍ خَالَطَتْ الْمَاءَ وَاسْتَمَرَّتْ فِيهِ بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ أَيْ النَّجَسُ الْوَاقِعُ فِي الْمَاءِ الْقُلَّتَيْنِ الْمُغَيِّرِ لَهُ اهـ.

(قَوْلُهُ أَشَدُّ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ

فَهَلْ الَّذِي يُفْرَضُ مُخَالِفًا أَشَدُّ الْمَائِعِ مَعَ مَا وَقَعَ فِيهِ مِنْ النَّجَاسَةِ أَوْ مَا وَقَعَ فِيهِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْمَائِعَ لَيْسَ نَجِسًا حَتَّى يُقَدَّرَ مُخَالِفًا الَّذِي أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ الثَّانِي وَعَلَيْهِ لَوْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ الْوَاقِعَةُ جَامِدَةً كَعَظْمِ مَيْتَةٍ ثُمَّ أُخْرِجَتْ مِنْهُ قَبْلَ إلْقَائِهِ فِي الْمَاءِ لَمْ يُفْرَضْ شَيْءٌ هُنَا فَلْيُتَأَمَّلْ، وَسَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ عَنْ الشَّارِحِ خِلَافُ مَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَطَعْمُ الْخَلِّ) قَدْ يُنْظَرُ فِي أَنَّ طَعْمَ الْخَلِّ أَشَدُّ الطُّعُومِ، وَقَدْ يَدَّعِي أَنَّ طَعْمَ نَحْوِ الصَّبْرِ أَشَدُّ وَقَدْ يُنْظَرُ فِي الْأَخِيرَيْنِ بِنَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ بَعْضُهُ) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ قَبْلَ الْمَاءِ الْقُلَّتَيْنِ وَقَوْلُهُ قَدْرَ زَوَالِهِ أَيْ زَوَالِ التَّغَيُّرِ بِمَا لَا يَضُرُّ.

(قَوْلُهُ تَرَوَّحَ بِهِ) إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ تَكَيَّفَ بِرَائِحَةِ ذَلِكَ الْمُخَالِطِ فَزَالَتْ رَائِحَةُ النَّجَاسَةِ فَهُوَ مُشْكِلٌ حِينَئِذٍ فِي الِاسْتِتَارِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا يَأْتِي وَاضِحٌ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ غَيْرَ ذَلِكَ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ تُعَدُّ طَهَارَةُ الْجَلَّالَةِ)

ص: 85

لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ كَانَتْ مَوْجُودَةً بِالْفِعْلِ، ثُمَّ زَالَتْ لِقُوَّةِ الْمَاءِ عَلَيْهَا فَلَمْ يَكُنْ لِفَرْضِ الْمُخَالَفَةِ حِينَئِذٍ وَجْهٌ بِخِلَافِهَا ابْتِدَاءً وَلَوْ عَادَ التَّغَيُّرُ لَمْ يَضُرَّ أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُحْتَمَلْ أَنَّهُ بِتَرَوُّحٍ نَجَّسَ آخَرَ كَمَا شَمِلَهُ إطْلَاقُهُمْ وَدَلَّ عَلَيْهِ أَيْضًا كَلَامُهُ إلَّا إنْ بَقِيَتْ عَيْنُ النَّجَاسَةِ، وَهَلْ يُقَالُ بِهَذَا فِي زَوَالِ نَحْوِ رِيحٍ مُتَنَجِّسٍ بِالْغُسْلِ، ثُمَّ عَادَ أَوْ يُفْصَلُ بَيْنَ عَوْدِهِ فَوْرًا أَوْ مُتَرَاخِيًا أَوْ بَيْنَ غَسْلِهِ بِمَاءٍ فَقَطْ أَوْ مَعَ نَحْوِ صَابُونٍ لِنُدْرَةِ الْعَوْدِ هُنَا جِدًّا أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ لِلنَّظَرِ فِيهِ مَجَالٌ.

وَقَضِيَّةُ مَا سَأَذْكُرُهُ أَنَّ سَبَبَ عَدَمِ التَّأْثِيرِ هُنَا ضَعْفُهُ بِزَوَالِهِ، ثُمَّ عَوْدُهُ وَحِينَئِذٍ فَذَاكَ مِثْلُهُ لِوُجُودِ هَذِهِ الْعِلَّةِ فِيهِ نَعَمْ قَدْ يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي فِي مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ فِي نَحْوِ فَاغِيَةٍ أَوْ كَادٍ أَوْ طِيبٍ بِثَوْبٍ جَفَّ أَنَّ رِيحَهُ إنْ ظَهَرَ بِرَشِّ الْمَاءِ اُسْتُصْحِبَ لَهُ اسْمُ الطِّيبِ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ ظُهُورَهُ هُنَا إذَا كَانَ نَاشِئًا عَنْ نَحْوِ مَاءٍ أَثَّرَ إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بِأَنَّ تَأْثِيرَ الْمَاءِ فِي الْإِزَالَةِ أَقْوَى مِنْ تَأْثِيرِ الْجَفَافِ فِيهَا فَأَثَّرَ، ثُمَّ أَدْنَى قَرِينَةٍ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَكَلَامُ الْمَتْنِ يَشْمَلُ التَّغَيُّرَ التَّقْدِيرِيَّ أَيْضًا بِأَنْ تَمْضِيَ عَلَيْهِ مُدَّةٌ لَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي الْحِسِّيِّ لَزَالَ أَوْ أَنْ يَصُبَّ عَلَيْهِ مِنْ الْمَاءِ قَدْرٌ لَوْ صُبَّ عَلَى مَاءٍ مُتَغَيِّرٍ حِسًّا لَزَالَ تَغَيُّرُهُ.

وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ إلَى جَانِبِهِ غَدِيرٌ فِيهِ مَاءٌ مُتَغَيِّرٌ فَزَالَ تَغَيُّرُهُ بِنَفْسِهِ بَعْدَ مُدَّةٍ فَيُعْلَمُ أَنَّ هَذَا أَيْضًا يَزُولُ تَغَيُّرُهُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ مُقَدَّرَةٌ فَالْمُزِيلُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُقَدَّرًا (أَوْ) زَالَ أَيْ ظَاهِرًا فَلَا يُنَافَى التَّعْلِيلُ بِالشَّكِّ الْآتِي فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِالْعَطْفِ الْمُقْتَضِي لِتَقْدِيرِ الزَّوَالِ الَّذِي ذَكَرْته، ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَ الشُّرَّاحِ أَجَابَ

قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ) أَيْ مُخَالَفَةُ النَّجَسِ لِلْمَاءِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَادَ التَّغَيُّرُ لَمْ يَضُرَّ) كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي عِبَارَةُ الْأَوَّلِ وَلَوْ زَالَ التَّغَيُّرُ، ثُمَّ عَادَ فَإِنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ جَامِدَةً وَهِيَ فِيهِ فَيُنَجَّسُ وَإِنْ كَانَتْ مَائِعَةً أَوْ جَامِدَةً، وَقَدْ أُزِيلَتْ قَبْلَ التَّغَيُّرِ الثَّانِي لَمْ يُنَجَّسْ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر فَنَجِسٌ أَيْ مِنْ الْآنِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ زَالَ تَغَيُّرُهُ فَتَطَهَّرَ مِنْهُ جُمِعَ، ثُمَّ عَادَ تَغَيُّرُهُ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِمْ إعَادَةُ الصَّلَاةِ الَّتِي فَعَلُوهَا وَلَمْ يُحْكَمْ بِنَجَاسَةِ أَبْدَانِهِمْ وَلَا ثِيَابِهِمْ؛ لِأَنَّهُ بِزَوَالِ التَّغَيُّرِ حُكِمَ بِطَهُورِيَّتِهِ، وَالتَّغَيُّرُ الثَّانِي يَجُوزُ أَنَّهُ بِنَجَاسَةٍ تَحَلَّلَتْ مِنْهُ بَعْدُ، وَهِيَ لَا تَضُرُّ فِيمَا مَضَى، ثُمَّ ذُكِرَ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ لِلرَّمْلِيِّ مَا يُخَالِفُهُ أَيْ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى نَجَاسَتِهِ وَأَطَالَ فِي رَدِّهِ، ثُمَّ قَالَ وَفِي شَرْحِ الشَّيْخِ حَمْدَانَ أَيْ عَلَى الْعُبَابِ وَلَوْ زَالَ تَغَيُّرُ الْمَاءِ الْكَثِيرِ بِالنَّجَاسَةِ، ثُمَّ عَادَ عَادَ تَنَجُّسُهُ بِعَوْدِ تَغَيُّرِهِ، وَالْحَالُ أَنَّ النَّجِسَ الْجَامِدَ بَاقٍ فِيهِ إحَالَةً لِلتَّغَيُّرِ الثَّانِي عَلَيْهِ انْتَهَى وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ التَّغَيُّرَ الْعَائِدَ غَيْرُ التَّغَيُّرِ الْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا نَشَأَ مِنْ تَحَلُّلٍ حَصَلَ فِي النَّجَاسَةِ بَعْدَ طَهَارَةِ الْمَاءِ فَلَا أَثَرَ لِبَقَاءِ النَّجَاسَةِ فِي الطَّهَارَةِ مَا دَامَ الْمَاءُ صَافِيًا مِنْ التَّغَيُّرِ اهـ وَاعْتَمَدَهُ الْبُجَيْرِمِيُّ كَمَا يَأْتِي وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ م ر جَامِدَةٌ الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْجَامِدَةِ الْمُجَاوِرَةُ وَلَوْ مَائِعَةً كَالدُّهْنِ وَبِالْمَائِعَةِ الْمُسْتَهْلَكَةُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُحْتَمَلْ إلَخْ) سَيَأْتِي عَنْ الزَّرْكَشِيّ وَعِ ش مَا يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ إلَّا إنْ بَقِيَتْ إلَخْ) مَقُولٌ لِقَوْلِهِمْ وَمُسْتَثْنَى عَنْ لَمْ يَضُرَّ يَعْنِي اسْتَثْنَوْا هَذَا فَقَطْ فَدَلَّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا كُرْدِيٌّ، عِبَارَةُ الْبُجَيْرِمِيِّ قَالَ فِي الْإِيعَابِ نَعَمْ يَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ أَنَّ التَّغَيُّرَ مِنْ تِلْكَ النَّجَاسَةِ كَانَ نَجِسًا اهـ أَيْ مِنْ حِينِ عَوْدِ التَّغَيُّرِ كَمَا قَالَهُ ع ش قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْمُتَّجَهُ فِي هَذِهِ أَنَّهُ إذَا عَادَ ذَلِكَ التَّغَيُّرُ الزَّائِلُ فَالْمَاءُ نَجِسٌ وَإِنْ تَغَيَّرَ تَغَيُّرًا آخَرَ لَا بِسَبَبِ تِلْكَ النَّجَاسَةِ أَصْلًا فَهُوَ طَهُورٌ، وَإِنْ تَرَدَّدَ الْحَالُ فَاحْتِمَالَانِ وَالْأَرْجَحُ الطَّهَارَةُ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ شَوْبَرِيٌّ اهـ.

(قَوْلُهُ عَيْنُ النَّجَاسَةِ) أَيْ الْجَامِدَةِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَهَلْ يُقَالُ هَذَا إلَخْ) أَقُولُ مَحَلُّ هَذَا التَّرَدُّدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ أَمْكَنَ وُجُودُ سَبَبٍ آخَرَ يُحَالُ عَلَيْهِ عَوْدُ الصِّفَةِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ حُكِمَ بِبَقَاءِ نَجَاسَتِهِ ع ش وَتَقَدَّمَ عَنْ الزَّرْكَشِيّ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ بِهَذَا) أَيْ بِعَدَمِ ضَرَرِ الْعَوْدِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ نَحْوُ رِيحٍ مُتَنَجِّسٍ) بِالْإِضَافَةِ وَقَوْلُهُ بِالْغُسْلِ مُتَعَلِّقٌ بِزَوَالِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ عَادَ) أَيْ، ثُمَّ عَوْدُ نَحْوِ الرِّيحِ (قَوْلُهُ أَوْ مُتَرَاخِيًا) أَوْ هُنَا وَفِي قَوْلِهِ الْآتِي أَوْ مَعَ إلَخْ بِمَعْنَى الْوَاوِ (قَوْلُهُ أَوْ بَيْنَ غُسْلِهِ) أَيْ الْمُتَنَجِّسِ (قَوْلُهُ لِنُدْرَةٍ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِ يَفْصِلُ كُرْدِيٌّ أَقُولُ وَفِي تَقْرِيرِ هَذِهِ الْعِلَّةِ تَأَمُّلٌ إلَّا أَنْ يُرَادَ هَهُنَا خُصُوصُ التَّرَاخِي وَالْغَسْلِ مَعَ نَحْوِ الصَّابُونِ (قَوْلُهُ مَا سَأَذْكُرُهُ) أَيْ فِي شَرْحِ وَالتَّغَيُّرُ الْمُؤَثِّرُ طَعْمٌ أَوْ لَوْنٌ أَوْ رِيحٌ بَصْرِيٌّ وَكُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ هُنَا) أَيْ فِي التَّغَيُّرِ الْعَائِدِ كُرْدِيٌّ، وَالْمُنَاسِبُ فِي زَوَالِ التَّغَيُّرِ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ فَذَاكَ) أَيْ عَوْدُ نَحْوِ الرِّيحِ بَعْدَ الْغُسْلِ (مِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ عَوْدِ التَّغَيُّرِ بَعْدَ زَوَالِهِ بِنَفْسِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ هَذِهِ الْعِلَّةُ) إشَارَةٌ إلَى ضَعْفِهِ إلَخْ، وَضَمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ إلَى عَوْدِ الرِّيحِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ فَاغِيَةٍ) هِيَ نَوْرُ الْحِنَّاءِ وَالْكَازَنُورِ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ وَقَوْلُهُ أَنَّ ظُهُورَهُ إلَخْ نَائِبُ فَاعِلِ قَدْ يُوجَدُ وَضَمِيرُهُ رَاجِعٌ إلَى رِيحِ الْمُتَنَجِّسِ كُرْدِيٌّ. (قَوْلُهُ هُنَا) أَيْ فِي الْمُتَنَجِّسِ الزَّائِلِ رِيحُهُ بِالْغُسْلِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الطِّيبِ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْمَتْنِ) أَيْ قَوْلُهُ بِأَنْ يَمْضِيَ فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى قَوْلِهِ وَذَلِكَ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ أَيْضًا) أَيْ كَالْحِسِّيِّ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَمْضِيَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَيُعْرَفُ زَوَالُ تَغَيُّرِهِ التَّقْدِيرِيِّ بِأَنْ يَمْضِيَ عَلَيْهِ إلَخْ زَادَ الْأَسْنَى، وَيُعْرَفُ أَيْضًا زَوَالُ التَّغَيُّرِ التَّقْدِيرِيِّ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ فِي الْحِسِّيِّ) الْأَوْلَى حِسِّيًّا كَمَا فِي الْمُغْنِي وَالْأَسْنَى (قَوْلُهُ وَيُعْلَمُ ذَلِكَ) أَيْ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ بِأَنْ يَمْضِيَ إلَخْ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ غَدِيرٌ) أَيْ حَوْضٌ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ يَزُولُ) الْأَنْسَبُ زَالَ بِالْمُضِيِّ كَمَا فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَذَلِكَ) أَيْ تَصْوِيرُ مَعْرِفَةِ زَوَالِ التَّغَيُّرِ التَّقْدِيرِيِّ بِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ أَيْ ظَاهِرًا إلَخْ) يَظْهَرُ أَنَّ الْأَقْعَدَ حَمْلُ زَوَالِ التَّغَيُّرِ فِي قَوْلِهِ فَإِنَّ زَوَالَ تَغَيُّرِهِ عَلَى زَوَالِهِ ظَاهِرًا لِيَكُونَ فِي الْجَمِيعِ عَلَى نَسَقٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ قَدْ يَكُونُ حَقِيقَةً أَيْضًا كَمَا فِي مَسَائِلِ الطُّهْرِ، وَقَدْ لَا يُعْلَمُ ذَلِكَ كَمَا فِي غَيْرِهَا سم (قَوْلُهُ بِالشَّكِّ الْآتِي) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِلشَّكِّ فِي أَنَّ التَّغَيُّرَ زَالَ إلَخْ ع ش (قَوْلُهُ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَإِنْ قِيلَ الْعِلَّةُ فِي عَدَمِ عَوْدِ الطَّهُورِيَّةِ احْتِمَالُ أَنَّ التَّغَيُّرَ اسْتَتَرَ وَلَمْ يَزُلْ فَكَيْفَ يَعْطِفُهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا جَزَمَ فِيهِ بِزَوَالِ التَّغَيُّرِ، وَذَلِكَ تَهَافُتٌ أُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ زَوَالُهُ ظَاهِرًا كَمَا قَدَّرْته وَإِنْ أَمْكَنَ اسْتِتَارُهُ بَاطِنًا اهـ.

(قَوْلُهُ

أَيْ عَلَى الضَّعِيفِ أَنَّهَا لَا تَعُودُ (قَوْلُهُ أَوْ زَالَ أَيْ ظَاهِرًا) يَظْهَرُ أَنَّ الْأَقْعَدَ حَمْلُ زَوَالِ التَّغَيُّرِ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ

ص: 86

بِذَلِكَ وَالرَّافِعِيُّ أَوَّلَ كَلَامَ الْوَجِيزِ بِذَلِكَ تَغَيَّرَ رِيحُهُ (بِمِسْكٍ وَ) لَوْنُهُ بِسَبَبِ (زَعْفَرَانٍ) وَطَعْمُهُ بِخَلٍّ مَثَلًا (فَلَا) لِلشَّكِّ فِي أَنَّ التَّغَيُّرَ زَالَ حَقِيقَةً أَوْ اسْتَتَرَ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ زَوَالَ الرِّيحِ وَالطَّعْمِ بِنَحْوِ زَعْفَرَانٍ لَا طَعْمَ لَهُ وَلَا رِيحَ وَالطَّعْمُ وَاللَّوْنُ بِنَحْوِ مِسْكٍ وَاللَّوْنُ وَالرِّيحُ بِنَحْوِ خَلٍّ لَا لَوْنَ لَهُ وَلَا رِيحَ يَقْتَضِي عَوْدَ الطَّهَارَةِ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ وِفَاقًا لِجَمْعٍ مِنْ الشُّرَّاحِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَشُكُّ فِي الِاسْتِتَارِ حِينَئِذٍ وَلَا يُشْكِلُ هَذَا بِإِيجَابِ نَحْوِ صَابُونٍ تَوَقَّفَتْ عَلَيْهِ إزَالَةُ نَجِسٍ مَعَ احْتِمَالِ سَتْرِهِ لِرِيحِهِ بِرِيحِهِ؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ ذَاكَ أَنَّهُ مُزِيلٌ لَا سَاتِرٌ بِخِلَافِ هَذَا.

(وَكَذَا) بِنَحْوِ (تُرَابٍ وَجَصٍّ) أَيْ جِبْسٍ زَالَ تَغَيُّرُهُ بِأَحَدِهِمَا فَلَمْ يُوجَدْ رِيحُ النَّجِسِ أَوْ طَعْمُهُ أَوْ لَوْنُهُ لَا يَطْهُرُ الْمَاءُ (فِي الْأَظْهَرِ) لِلشَّكِّ أَيْضًا وَدَعْوَى أَنَّهُمَا لَا يَغْلِبَانِ عَلَى أَوْصَافِ الْمَاءِ يَرُدُّهَا أَنَّهُمَا يُكَدِّرَانِهِ وَالْكُدْرَةُ مِنْ أَسْبَابِ السَّتْرِ وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا قَبْلَهُ فِي نَحْوِ زَعْفَرَانٍ لَا طَعْمَ لَهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ لَهُمَا الْأَوْصَافَ الثَّلَاثَةَ فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ اُعْتُبِرَ الْوَصْفُ الْمُنَاسِبُ لِمَا فِيهِمَا فَقَطْ وَلَوْ صَفَا الْمَاءُ وَلَا تَغَيُّرَ طَهُرَ جَزْمًا كَالتُّرَابِ.

(وَ) الْمَاءُ (دُونَهُمَا) أَيْ الْقُلَّتَيْنِ وَلَمْ يُبَالِ بِكَوْنِ إضَافَتِهَا إلَى الضَّمِيرِ ضَعِيفَةً فِي الْعَرَبِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا شَائِعَةٌ عَلَى الْأَلْسِنَةِ مَعَ دِعَايَةِ الِاخْتِصَارِ الَّذِي هُوَ بِصَدَدِهِ، فَزَعَمَ أَنَّ دُونَهُمَا مُبْتَدَأٌ فِي كَلَامِهِ وَهِيَ لَا تَتَصَرَّفُ عَلَى الْأَصَحِّ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ عَلَى أَنَّ تَصَرُّفَهَا قُرِئَ بِهِ فِي وَمِنَّا دُونُ ذَلِكَ بِالرَّفْعِ فَلَا بِدْعَ فِيهِ هُنَا بِالْأَوْلَى.

وَالْكَلَامُ فِي دُونَ الظَّرْفِيَّةِ الَّتِي هِيَ نَقِيضُ فَوْقَ فَمَا بِمَعْنَى غَيْرِ مُتَصَرِّفَةٍ وَفِي الْكَشَّافِ مَعْنَى دُونَ أَدْنَى مَكَان مِنْ الشَّيْءِ، وَتُسْتَعْمَلُ لِتَفَاوُتِ حَالٍ كَزَيْدٍ دُونَ عَمْرٍو أَيْ شَرَفًا، ثُمَّ اتَّسَعَ فِيهِ

بِذَلِكَ) أَيْ تَقْدِيرًا ظَاهِرًا (قَوْلُهُ تَغَيُّرُ رِيحِهِ) فَاعِلُ زَالَ وَقَوْلُهُ وَلَوْنِهِ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَطَعْمِهِ إلَخْ الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَاسْتِعْمَالُهَا فِي هَذَا الْمَعْنَى مَجَازٌ ع ش (قَوْلُهُ مَثَلًا) رَاجِعٌ لِلْكُلِّ (قَوْلُهُ لِلشَّكِّ) إلَى قَوْلِهِ وِفَاقًا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ بِنَحْوِ مِسْكٍ) لَعَلَّ وَجْهَ عَدَمِ تَقْيِيدِ الْمِسْكِ كَأَخَوَيْهِ خِفَّةُ ظُهُورِ لَوْنِهِ أَوْ طَعْمِهِ سِيَّمَا مَعَ قِلَّةِ مَا يُلْقَى مِنْهُ عَادَةً بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَشُكُّ إلَخْ) قَالَ النِّهَايَةُ؛ لِأَنَّ الزَّعْفَرَانَ الَّذِي لَا طَعْمَ لَهُ وَلَا رِيحَ لَا يَسْتُرُ الرِّيحَ وَلَا الطَّعْمَ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْبَاقِي، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ وُضِعَ مِسْكٌ فِي مُتَغَيِّرِ الرِّيحِ فَزَالَ رِيحُهُ وَلَمْ تَظْهَرْ فِيهِ رَائِحَةُ الْمِسْكِ أَنَّهُ يَطْهُرُ وَلَا بُعْدَ فِيهِ لِعَدَمِ الِاسْتِتَارِ، ثُمَّ قَالَ وَاعْلَمْ أَنَّ رَائِحَةَ الْمِسْكِ لَوْ ظَهَرَتْ، ثُمَّ زَالَتْ وَزَالَ التَّغَيُّرُ حَكَمْنَا بِالطَّهَارَةِ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا زَالَتْ وَلَمْ يَظْهَرْ التَّغَيُّرُ عَلِمْنَا أَنَّهُ زَالَ بِنَفْسِهِ اهـ.

وَفِي الْكُرْدِيِّ عَنْ الْإِيعَابِ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ فِي الِاسْتِتَارِ) الْأَنْسَبُ فِي الزَّوَالِ وَقَوْلُهُ وَلَا يُشْكِلُ هَذَا أَيْ الْحُكْمُ بِعَدَمِ الطَّهَارَةِ مَعَ زَوَالِ التَّغَيُّرِ بِنَحْوِ زَعْفَرَانٍ إلَخْ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ مِنْ شَأْنِ ذَلِكَ) أَيْ نَحْوُ الصَّابُونِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ هَذَا) أَيْ نَحْوِ الْمِسْكِ وَالزَّعْفَرَانِ وَالْخَلِّ.

(قَوْلُهُ بِنَحْوِ تُرَابٍ) فِيهِ تَغْيِيرُ إعْرَابِ الْمَتْنِ سم وَفَرَّ الْمُغْنِي عَنْ ذَلِكَ التَّغْيِيرِ بِأَنْ قَالَ وَكَذَا لَا يَطْهُرُ ظَاهِرًا إذَا وَقَعَ عَلَيْهِ تُرَابٌ وَجِصٌّ إلَخْ (قَوْلُهُ وَجِبْسٍ)(فَائِدَةٌ)

الْجِصُّ مَا يُبْنَى بِهِ وَيُطْلَى وَكَسْرُ جِيمِهِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا، وَهُوَ عَجَمِيٌّ مُعَرَّبٌ وَتُسَمِّيه الْعَامَّةُ الْجِبْسَ وَهُوَ لَحْنٌ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ تَغَيُّرُهُ) أَيْ الْمَاءِ الْكَثِيرِ (قَوْلُهُ لَا يَطْهُرُ الْمَاءُ) الْأَسْبَكُ تَقْدِيرُهُ عَقِبَ وَكَذَا (قَوْلُهُ وَدَعْوَى إلَخْ) رَدٌّ لِدَلِيلِ مُقَابِلِ الْأَظْهَرِ (قَوْلُهُ مِنْ أَسْبَابِ السَّتْرِ) فِيهِ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَسْبَابِ السَّتْرِ بِغَيْرِ اللَّوْنِ سم، وَقَدْ يُقَالُ إنَّمَا أَرَادُوا ذَلِكَ وَهَذَا الْقَدْرُ كَافٍ فِي الرَّدِّ (قَوْلُهُ وَلَا يُنَافِي هَذَا) أَيْ الرَّدُّ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الظَّاهِرَ إلَخْ) فِي هَذَا الْفَرْقِ نَظَرٌ وَالْمُنَافَاةُ ظَاهِرَةٌ سم (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ) أَيْ الْأَوْصَافُ الثَّلَاثَةُ فِي الْمُتَغَيِّرِ بِالتُّرَابِ أَوْ الْجِصِّ (قَوْلُهُ وَلَوْ صَفَا إلَخْ) الْأَوْلَى التَّفْرِيعُ كَمَا فِي كَلَامِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ طَهُرَ جَزْمًا إلَخْ) ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا صَفَا الْمَاءُ وَلَمْ يَبْقَ فِيهِ تَكَدُّرٌ يَحْصُلُ بِهِ الشَّكُّ فِي زَوَالِ التَّغَيُّرِ طَهُرَ كُلٌّ مِنْ الْمَاءِ وَالتُّرَابِ سَوَاءٌ كَانَ الْبَاقِي عَمَّا رَسَّبَ فِيهِ التُّرَابُ قُلَّتَيْنِ أَمْ لَا نَعَمْ إنْ كَانَ عَيْنُ التُّرَابِ نَجِسَةً لَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهَا كَتُرَابِ الْمَقَابِرِ الْمَنْبُوشَةِ إذْ نَجَاسَتُهُ مُسْتَحْكِمَةٌ فَلَا يَطْهُرُ أَبَدًا؛ لِأَنَّ التُّرَابَ حِينَئِذٍ كَنَجَاسَةٍ جَامِدَةٍ فَإِنْ بَقِيَتْ كَثِيرَةَ الْمَاءِ لَمْ يَتَنَجَّسْ، وَإِلَّا تَنَجَّسَ وَغَيْرُ التُّرَابِ مِثْلُهُ فِي ذَلِكَ نِهَايَةٌ وَقَالَ ع ش وَمِثْلُ تُرَابِ الْمَقَابِرِ رَغِيفٌ أَصَابَهُ رَطْبًا نَحْوَ زِبْلٍ فَلَا يُطَهِّرُهُ الْمَاءُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ حَجَرٍ، وَخَرَجَ بِنَحْوِ التُّرَابِ غَيْرُهُ كَالْكَفَنِ وَالْقُطْنِ فَإِنَّهُ يَطْهُرُ بِالْغُسْلِ وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلَ الشَّارِحِ م ر وَغَيْرُ التُّرَابِ مِثْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِغَيْرِ التُّرَابِ مَا يَسْتُرُ النَّجَاسَةَ مِنْ الْمِسْكِ وَالْخَلِّ وَنَحْوِهِمَا اهـ.

(قَوْلُهُ وَالْمَاءُ) مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ دُونَهُمَا حَالٌ مِنْ مَرْفُوعِ يُنَجَّسُ سم أَيْ وَمِنْ الْمَاءِ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ الْمُجَوِّزِ لِمَجِيءِ الْحَالِ مِنْ الْمُبْتَدَأِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا) أَيْ تِلْكَ الْإِضَافَةَ (قَوْلُهُ مَعَ دِعَايَةِ إلَخْ) بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ بِخَطِّ الشَّارِحِ مُصْطَفَى الْحَمَوِيِّ (قَوْلُهُ إلَيْهَا) مُتَعَلِّقٌ بِالدِّعَايَةِ وَالضَّمِيرُ لِلْإِضَافَةِ (قَوْلُهُ فَزَعَمَ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى تَقْدِيرِ الْمَاءِ الْمُبْتَدَأِ (قَوْلُهُ وَهِيَ لَا تَنْصَرِفُ) أَيْ مُلَازِمَةٌ لِلنَّصْبِ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ وَجُمْهُورِ الْبَصْرِيِّينَ وَيُجَوِّزُ تَصَرُّفَهَا الْأَخْفَشُ وَالْكُوفِيُّونَ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ أَيْ وَعَلَيْهِ فَهِيَ مُبْتَدَأٌ بِلَا تَقْدِيرٍ ع ش.

(قَوْلُهُ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ دُونَ هُنَا مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ وَالْمُبْتَدَأُ الْمَاءُ الْمُقَدَّرُ (قَوْلُهُ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ) نَائِبُ فَاعِلِ قُرِئَ (قَوْلُهُ وَالْكَلَامُ) أَيْ الْخِلَافُ (قَوْلُهُ بِالْأَوْلَى) الْقَائِلُ بِعَدَمِ تَصَرُّفِهَا يَقُولُ إنَّهُ أَيْ التَّصَرُّفَ غَيْرُ مَقِيسٍ فَلَا يُنَافِي فِي وُرُودِهِ شُذُوذًا، وَهَذَا لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا فَضْلًا عَنْ الْأَوْلَوِيَّةِ سم (قَوْلُهُ فَمَا بِمَعْنَى غَيْرٍ إلَخْ) هَذِهِ مُنَاسِبَةٌ هُنَا فَتَأَمَّلْهُ سم (قَوْلُهُ وَفِي الْكَشَّافِ مَعْنَى دُونَ إلَخْ)

زَالَ تَغَيُّرُهُ عَلَى زَوَالِهِ ظَاهِرًا لِيَكُونَ فِي الْجَمِيعِ عَلَى نَسَقٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ قَدْ يَكُونُ حَقِيقَةً أَيْضًا فِي مَسَائِلِ الطُّهْرِ، وَقَدْ لَا يُعْلَمُ ذَلِكَ كَمَا فِي غَيْرِهَا.

(قَوْلُهُ بِنَحْوِ تُرَابٍ) فِيهِ تَغْيِيرُ إعْرَابِ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ مِنْ أَسْبَابِ السَّتْرِ) فِيهِ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَسْبَابِ السَّتْرِ لِغَيْرِ اللَّوْنِ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ إلَخْ فِي هَذَا الْفَرْقِ نَظَرٌ وَالْمُنَافَاةُ ظَاهِرَةٌ.

(قَوْلُهُ وَالْمَاءُ) مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ دُونَهُمَا حَالٌ مِنْ مَرْفُوعِ يُنَجِّسُ (قَوْلُهُ بِالْأَوْلَى) الْقَائِلُ بِعَدَمِ تَصَرُّفِهَا يَقُولُ إنَّهُ غَيْرُ مَقِيسٍ فَلَا يُنَافِي وُرُودَهُ شُذُوذًا وَهُوَ لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فَضْلًا عَنْ الْأَوْلَوِيَّةِ (قَوْلُهُ فَمَا بِمَعْنَى غَيْرُ مُتَصَرِّفَةٍ) هَذِهِ مُنَاسِبَةٌ هُنَا فَتَأَمَّلْهُ

ص: 87

فَاسْتُعْمِلَ لِتَجَاوُرِ حَدٍّ إلَى حَدٍّ كَ {أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 28] أَيْ لَا يَتَجَاوَزُوا وِلَايَةَ الْمُؤْمِنِينَ إلَى وِلَايَةِ الْكَافِرِينَ (يُنَجَّسُ) حَيْثُ لَمْ يَكُنْ وَارِدًا وَإِلَّا فَفِيهِ تَفْصِيلٌ يَأْتِي، وَمِنْهُ فَوَّارٌ أَصَابَ النَّجَسُ أَعْلَاهُ وَمَوْضُوعٌ عَلَى نَجِسٍ يَتَرَشَّحُ مِنْهُ مَاءٌ فَلَا يُنَجَّسُ مَا فِيهِ إلَّا إنْ فُرِضَ عَوْدُ التَّرْشِيحِ إلَيْهِ (بِالْمُلَاقَاةِ) أَيْ بِوُصُولِ النَّجِسِ الْغَيْرِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ لَهُ لِمَفْهُومِ حَدِيثِ الْقُلَّتَيْنِ السَّابِقِ الْمُخَصِّصِ لِعُمُومِ خَبَرِ «الْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» وَاخْتَارَ كَثِيرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا مَذْهَبَ مَالِكٍ أَنَّ الْمَاءَ لَا يُنَجَّسُ مُطْلَقًا إلَّا بِالتَّغَيُّرِ وَكَأَنَّهُمْ نَظَرُوا لِلتَّسْهِيلِ عَلَى النَّاسِ، وَإِلَّا فَالدَّلِيلُ صَرِيحٌ فِي التَّفْصِيلِ كَمَا تَرَى، وَإِنَّمَا تَنَجَّسَ الْمَائِعُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ ضَعِيفٌ لَا يَشُقُّ حِفْظُهُ بِخِلَافِ الْمَاءِ فِيهِمَا وَحَيْثُ كَانَ الْمُتَنَجِّسُ الْمُلَاقِي مَاءً اشْتَرَطَ أَنْ لَا يَبْلُغَ قُلَّتَيْنِ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ (فَإِنْ بَلَغَهُمَا بِمَاءٍ) وَلَوْ مُتَنَجِّسًا أَوْ مُتَغَيِّرًا أَوْ مُسْتَعْمَلًا أَوْ مِلْحًا مَائِيًّا أَوْ ثَلْجًا أَوْ بَرْدًا ذَابَ وَتَنْكِيرُ الْمَاءِ لِيَشْمَلَ الْأَنْوَاعَ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ لَا يُنَافِيهِ حَدُّهُمْ الْمُطْلَقُ بِأَنَّهُ مَا يُسَمَّى مَاءً؛ لِأَنَّ هَذَا حَدٌّ بِالنَّظَرِ لِلْعُرْفِ الشَّرْعِيّ، وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءً اخْتَصَّ بِالْمُطْلَقِ وَمَا فِي الْمَتْنِ تَعْبِيرٌ بِالنَّظَرِ لِمُطْلَقِ الْعُرْفِ وَهُوَ شَامِلٌ لِلْمُطْلَقِ وَغَيْرِهِ (وَلَا تَغَيُّرَ) بِهِ (فَطَهُورٌ) لِكَثْرَتِهِ حِينَئِذٍ وَمِنْ بُلُوغِهِمَا بِهِ

اسْتِطْرَادِيٌّ قَوْلُ الْمَتْنِ (يُنَجِّسُ) أَيْ هُوَ وَرَطْبُ غَيْرِهِ كَزَيْتٍ وَإِنْ كَثُرَ مُغْنِي عِبَارَةُ بَافَضْلٍ مَعَ شَرْحِهِ يُنَجَّسُ الْمَاءُ الْقَلِيلُ وَهُوَ مَا يَنْقُصُ عَنْ الْقُلَّتَيْنِ بِأَكْثَرَ مِنْ رِطْلَيْنِ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمَائِعَاتِ، وَإِنْ كَثُرَ وَبَلَغَ قِلَالًا كَثِيرَةً بِمُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ اهـ.

وَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ يَأْتِي) أَيْ فِي بَابِ النَّجَاسَةِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْأَظْهَرُ طَهَارَةُ غَسَّالَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ) أَيْ الْوَارِدِ (فَوَّارٌ أَصَابَ النَّجَسُ أَعْلَاهُ) فَلَا يُنَجَّسُ أَسْفَلُهُ بِتَنَجُّسِ أَعْلَاهُ كَعَكْسِهِ أَسْنَى وَمُغْنِي (قَوْلُهُ أَيْ بِوُصُولِ النَّجَسِ) وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ الْمَاءُ أَوْ كَانَ الْوَاقِعُ مُجَاوِرًا أَوْ عُفِيَ عَنْهَا فِي الصَّلَاةِ فَقَطْ كَثَوْبٍ فِيهِ قَلِيلُ دَمٍ أَجْنَبِيٍّ غَيْرِ مُغَلَّظٍ أَوْ كَثِيرٌ مِنْ نَحْوِ بَرَاغِيثَ وَمِثْلُ الْمَاءِ الْقَلِيلِ كُلُّ مَائِعٍ وَإِنْ كَثُرَ وَجَامِدٌ لَاقَى رَطْبًا نَعَمْ لَوْ تَنَجَّسَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى مَثَلًا، ثُمَّ غَسَلَ إحْدَى يَدَيْهِ وَشَكَّ فِي الْمَغْسُولِ أَهُوَ يَدُهُ الْيُمْنَى أَمْ الْيُسْرَى، ثُمَّ أَدْخَلَ الْيُسْرَى فِي مَائِعٍ لَمْ يُنَجَّسْ بِغَمْسِهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ طَهَارَتُهُ، وَقَدْ اُعْتُضِدَ بِاحْتِمَالِ طَهَارَةِ الْيَدِ الْيُسْرَى نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي وَيُعْفَى عَمَّا تُلْقِيهِ الْفِئْرَانُ مِنْ النَّجَاسَةِ فِي حِيَاضِ الْأَخْلِيَةِ وَذَرْقِ الطُّيُورِ الْوَاقِعِ فِيهَا لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْ ذَلِكَ مَا لَمْ يُغَيَّرْ مَا ذُكِرَ اهـ.

قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر أَوْ عُفِيَ عَنْهَا فِي الصَّلَاةِ قَيَّدَ بِهِ لِئَلَّا يُنَافِيَ مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْمَعْفُوَّ عَنْهَا لَا يُنَجَّسُ بِمُلَاقَاتِهَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا عُفِيَ عَنْهُ هُنَا كَاَلَّذِي يُدْرِكُهُ الطَّرْفُ غَيْرُ مَا عُفِيَ عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ اهـ.

(قَوْلُهُ إلَّا إنْ فُرِضَ إلَخْ) يَنْبَغِي أَوْ وُقِفَ عَنْ التَّرَشُّحِ وَاتَّصَلَ الْخَارِجُ بِمَا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مَاءٌ قَلِيلٌ مُتَّصِلٌ بِنَجَاسَةٍ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلَوْ وُضِعَ كُوزٌ عَلَى نَجَاسَةٍ وَمَاؤُهُ خَارِجٌ مِنْ أَسْفَلِهِ لَمْ يُنَجِّسْ مَا فِيهِ مَا دَامَ يَخْرُجُ فَإِنْ تَرَاجَعَ تَنَجَّسَ كَمَا لَوْ سُدَّ بِنَجِسٍ (مُهِمَّةٌ)

إذَا قَلَّ مَاءُ الْبِئْرِ وَتَنَجَّسَ لَمْ يَطْهُرْ بِالنَّزْحِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ نُزِحَ فَقَعْرُ الْبِئْرِ يَبْقَى نَجِسًا، وَقَدْ تَتَنَجَّسُ جُدْرَانُ الْبِئْرِ أَيْضًا بِالنَّزْحِ بَلْ بِالتَّكْثِيرِ كَأَنْ يُتْرَكَ أَوْ يُصَبَّ عَلَيْهِ مَاءٌ لِيَكْثُرَ وَلَوْ كَثُرَ الْمَاءُ، وَتَفَتَّتَ فِيهِ شَيْءٌ نَجِسٌ كَفَأْرَةٍ تَمَعَّطَ شَعْرُهَا فَهُوَ طَهُورٌ وَيَعْسُرُ اسْتِعْمَالُهُ بِاغْتِرَافِ شَيْءٍ مِنْهُ كَدَلْوٍ إذْ لَا يَخْلُو مِمَّا تَمَعَّطَ فَيَنْبَغِي أَنْ يُخْرَجَ الْمَاءُ كُلُّهُ لِيُخْرَجَ الشَّعْرُ مَعَهُ فَإِنْ كَانَتْ الْعَيْنُ فَوَّارَةً وَتَعَسَّرَ نَزْحُ الْجَمِيعِ نُزِحَ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ الشَّعْرَ كُلَّهُ خَرَجَ مَعَهُ فَإِنْ اغْتَرَفَ مِنْهُ قَبْلَ النَّزْحِ وَلَمْ يَتَيَقَّنْ فِيمَا اغْتَرَفَهُ شَعْرًا لَمْ يَضُرَّ اهـ.

(قَوْلُهُ لَهُ) أَيْ لِلْمَاءِ الْقَلِيلِ مُتَعَلِّقٌ بِوُصُولِ إلَخْ (قَوْلُهُ الْمُخَصَّصُ) أَيْ الْمَفْهُومُ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا رَاكِدًا أَوْ جَارِيًا تَغَيَّرَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَالدَّلِيلُ إلَخْ) أَيْ كَمَفْهُومِ حَدِيثِ الْقُلَّتَيْنِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا تَنَجَّسَ الْمَائِعُ إلَخْ) وَيُلْتَحَقُ بِالْمَائِعَاتِ الْمَاءُ الْكَثِيرُ الْمُتَغَيِّرُ بِطَاهِرٍ نِهَايَةٌ قَالَ عَمِيرَةُ فَلَوْ زَالَ بَعْدَ ذَلِكَ فَالْوَجْهُ عَدَمُ الطَّهُورِيَّةِ انْتَهَى وَعَلَيْهِ فَلْيُنْظَرْ بِمَ تَحْصُلُ طَهَارَتُهُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ مِنْ عَمِيرَةَ بَدَلَ لَفْظِ عَدَمِ إلَخْ عَوْدُ الطَّهُورِيَّةِ اهـ وَهِيَ وَاضِحَةٌ ع ش وَتَقَدَّمَ فِي شَرْحِ فَنَجَّسَ تَفْصِيلٌ آخَرُ رَاجِعْهُ.

(قَوْلُهُ لَا يَشُقُّ) هُوَ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ بِالْوَاوِ (قَوْلُهُ فِيهِمَا) أَيْ فِي الضَّعْفِ وَعَدَمِ الْمَشَقَّةِ (قَوْلُهُ الْمُلَاقَى) اسْمُ مَفْعُولٍ أَيْ مَا لَاقَاهُ النَّجِسُ كُرْدِيٌّ أَقْوَى عَدَمُ بُلُوغِ الْمُلَاقَى اسْمُ مَفْعُولٍ قُلَّتَيْنِ هُوَ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ فَلَا مَعْنَى لِعِلْمِ اشْتِرَاطِهِ مِمَّا يَأْتِي، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ (قَوْلُهُ وَلَوْ مُتَنَجِّسًا) إلَى قَوْلِهِ بِحَيْثُ يَتَحَرَّكُ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ وَمُتَنَجِّسًا) أَيْ لَا نَجِسًا كَبَوْلٍ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ مُتَغَيِّرًا) بِنَحْوِ زَعْفَرَانٍ مُغْنِي عِبَارَةُ النِّهَايَةِ بِمُسْتَغْنًى عَنْهُ اهـ أَيْ وَخَالِصُ الْمَاءِ قُلَّتَانِ كَمَا يَأْتِي، وَمَرَّ أَيْضًا رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ مِلْحًا مَائِيًّا أَوْ ثَلْجًا إلَخْ) فِي جَعْلِهَا غَايَةً لِلْمَاءِ تَسَامُحٌ (قَوْلُهُ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ)، أَيْ: الْمُتَنَجِّسَ وَالْمُتَغَيِّرَ وَالْمُسْتَعْمَلَ (قَوْلُهُ وَهُوَ شَامِلٌ) أَيْ الْمَاءُ فِي الْعُرْفِ (قَوْلُهُ لِكَثْرَتِهِ) إلَى قَوْلِهِ وَيَنْبَغِي فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ لِكَثْرَتِهِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ لِزَوَالِ الْعِلَّةِ وَهِيَ الْقُلَّةُ حَتَّى لَوْ فَرَّقَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَضُرَّ اهـ.

(قَوْلُهُ وَمِنْ بُلُوغِهِمَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَيَكْفِي الضَّمُّ وَإِنْ لَمْ يَمْتَزِجْ صَافٍ بِكَدِرٍ لِحُصُولِ الْقُوَّةِ بِالضَّمِّ لَكِنْ إنْ انْضَمَّا بِفَتْحِ حَاجِزٍ اُعْتُبِرَ اتِّسَاعُهُ وَمُكْثِهِ زَمَنًا يَزُولُ فِيهِ التَّغَيُّرُ لَوْ كَانَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ وَلَوْ غَمَسَ كُوزَ مَاءٍ وَاسِعَ الرَّأْسِ فِي مَاءٍ كَمَّلَهُ قُلَّتَيْنِ وَسَاوَاهُ بِأَنْ كَانَ الْإِنَاءُ مُمْتَلِئًا أَوْ امْتَلَأَ بِدُخُولِ الْمَاءِ فِيهِ وَمَكَثَ قَدْرًا يَزُولُ فِيهِ تَغَيَّرَ

قَوْلُهُ إلَّا إنْ فُرِضَ عَوْدُ التَّرْشِيحِ) يَنْبَغِي أَوْ وُقِفَ عَنْ التَّرْشِيحِ وَاتَّصَلَ الْخَارِجُ بِمَا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مَاءٌ قَلِيلٌ مُتَّصِلٌ بِنَجَاسَةٍ (قَوْلُهُ بِالْمُلَاقَاةِ)

فَرْعٌ

لَوْ تَنَجَّسَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى مَثَلًا ثُمَّ غَسَلَ إحْدَى يَدَيْهِ وَشَكَّ فِي الْمَغْسُولِ أَهُوَ الْيُمْنَى أَمْ الْيُسْرَى ثُمَّ أَدْخَلَ الْيُسْرَى فِي مَائِعٍ لَمْ تُنَجَّسْ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ لِأَصْلِ طَهَارَتِهِ مَعَ الِاعْتِضَادِ بِاحْتِمَالِ طَهَارَةِ الْيُسْرَى انْتَهَى (قَوْلُهُ وَهُوَ شَامِلٌ لِلْمُطْلَقِ وَغَيْرِهِ) يُنَازِعُ فِيهِ مَا نَقَلُوهُ عَنْ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ

ص: 88

مَا لَوْ كَانَ النَّجِسُ أَوْ الطَّاهِرُ بِحُفْرَةٍ أَوْ حَوْضٍ آخَرَ وَفُتِحَ بَيْنَهُمَا حَاجِزٌ، وَاتَّسَعَ بِحَيْثُ يَتَحَرَّكُ مَا فِي كُلٍّ بِتَحَرُّكِ الْآخَرِ تَحَرُّكًا عَنِيفًا وَإِنْ لَمْ تَزُلْ كَدَوْرَةِ أَحَدِهِمَا وَمَضَى زَمَنٌ يَزُولُ فِيهِ تَغَيُّرٌ لَوْ كَانَ أَوْ بِنَحْوِ كُوزٍ وَاسِعِ الرَّأْسِ بِحَيْثُ يَتَحَرَّكُ كَمَا ذُكِرَ مُمْتَلِئٌ غُمِسَ بِمَاءٍ، وَقَدْ مَكَثَ فِيهِ بِحَيْثُ لَوْ كَانَ مَا فِيهِ مُتَغَيِّرًا زَالَ تَغَيُّرُهُ لِتَقَوِّيهِ بِهِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ، وَيَنْبَغِي فِي أَحْوَاضٍ تَلَاصَقَتْ الِاكْتِفَاءُ بِتَحَرُّكِ الْمُلَاصِقِ الَّذِي يَبْلُغُ بِهِ الْقُلَّتَيْنِ دُونَ غَيْرِهِ.

(فَلَوْ كُوثِرَ بِإِيرَادِ) مَاءٍ (طَهُورٍ) عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ النَّجِسِ كَمَا أَفْهَمَهُ الْمَتْنُ لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِلضَّعِيفِ الْمُشْتَرَطِ لِكَوْنِهِ أَكْثَرَ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِمَّا ذَهَبَ إلَيْهِ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ فِي {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [المدثر: 6] وَإِنْ كَانَ التَّحْقِيقُ نَظَرًا لِلْمَقَامِ أَنَّهُ نَهَى عَنْ الْبَذْلِ لِطَلَبِ الْجَزَاءِ مُطْلَقًا (فَلَمْ يَبْلُغْهُمَا لَمْ يَطْهُرْ) لِلْقِلَّةِ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُمْ إنَّ الْوَارِدَ الْقَلِيلَ لَا يَتَنَجَّسُ بِمُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ، وَقَوْلُهُمْ إنَّ الْإِنَاءَ يَطْهُرُ حَالًا بِإِدَارَةِ مَاءٍ عَلَى جَوَانِبِهِ أَيْ وَلَوْ بَعْدَ أَنْ مَكَثَ الْمَاءُ فِيهِ مُدَّةً قَبْلَ الْإِدَارَةِ عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمْ أَيْ؛ لِأَنَّ إيرَادَهُ مَنَعَ تَنَجُّسَهُ بِالْمُلَاقَاةِ فَلَمْ يَضُرَّ تَأْخِيرُ الْإِدَارَةِ عَنْهَا مَحَلُّهُمَا فِي وَارِدٍ عَلَى حُكْمِيَّةٍ أَوْ عَيْنِيَّةٍ أَزَالَ جَمِيعَ أَوْصَافِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ وَرَدَ عَلَى عَيْنِيَّةٍ بَقِيَ بَعْضُ أَوْصَافِهَا كَنُقْطَةِ دَمٍ أَوْ مَاءٍ مُتَنَجِّسٍ وَلَمْ يَبْلُغْهُمَا، ثُمَّ رَأَيْت الْإِسْنَوِيَّ وَغَيْرَهُ صَرَّحُوا بِذَلِكَ فَمَا فِي الْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَنَّهُ لَوْ صَبَّ مَاءً بِإِنَاءٍ فِيهِ نَجَسٌ مَائِعٌ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ بِهِ طَهُرَ بِالْإِدَارَةِ ضَعِيفٌ (وَقِيلَ) هُوَ (طَاهِرٌ لَا طَهُورٌ) كَثَوْبٍ غُسِلَ وَيَرُدُّهُ مَفْهُومُ حَدِيثِ الْقُلَّتَيْنِ السَّابِقِ، وَيُجَابُ عَنْ قِيَاسِهِ بِأَنَّ الثَّوْبَ زَالَتْ نَجَاسَتُهُ بِمَا وَرَدَ عَلَيْهِ دُونَ الْمَاءِ وَاسْتُفِيدَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الضَّعِيفَ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ وَارِدًا وَطَهُورًا وَأَكْثَرَ أَيْ وَأَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ نَجَسٌ عَيْنِيٌّ وَلَا هُنَا اسْمٌ بِمَعْنَى غَيْرٍ لِفَقْدِ بَعْضِ شُرُوطِ عَطْفِهَا وَمِنْهُ أَنْ لَا يَصْدُقُ أَحَدُ مُتَعَاطِفِيهَا عَلَى الْآخَرِ

لَوْ كَانَ وَاحِدُ الْمَاءَيْنِ نَجِسٌ أَوْ مُسْتَعْمَلٌ طَهُرَ؛ لِأَنَّ تَقَوِّي أَحَدِ الْمَاءَيْنِ بِالْآخَرِ إنَّمَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ ضَيِّقَ الرَّأْسِ أَوْ وَاسِعَهُ بِحَيْثُ يَتَحَرَّكُ مَا فِيهِ بِتَحَرُّكِ الْآخَرِ تَحَرُّكًا عَنِيفًا لَكِنْ لَمْ يَكْمُلْ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ أَوْ كَمُلَ لَمْ يَمْكُثْ زَمَنًا يَزُولُ فِيهِ التَّغَيُّرُ لَوْ كَانَ أَوْ مَكَثَ لَكِنْ لَمْ يُسَاوِهِ الْمَاءُ وَلَمْ يَطْهُرْ اهـ.

وَبِذَلِكَ عُلِمَ مَا فِي كَرَمِ الشَّارِحِ مِنْ الْإِيجَازِ (قَوْلُهُ لَوْ كَانَ النَّجِسُ أَوْ الطَّاهِرُ إلَخْ) حَقُّ التَّعْبِيرِ لِيَظْهَرَ عَطْفُ قَوْلِهِ الْآتِي أَوْ بِنَحْوِ كُوزٍ إلَخْ لَوْ كَانَ أَحَدُ الْمَاءَيْنِ النَّجِسُ وَالطَّاهِرُ بِحُفْرَةٍ أَوْ حَوْضٍ، وَالْآخَرُ بِآخَرَ وَفُتِحَ حَاجِزٌ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ وَاتَّسَعَ إلَخْ) أَيْ الْفَتْحُ وَهُوَ قَوْلُهُ الْآتِي وَمَضَى إلَخْ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فُتِحَ (قَوْلُهُ تَحَرُّكًا عَنِيفًا إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ لِتَحَرَّكَ الْآخَرُ لَا لِيَتَحَرَّكَ بَصْرِيٌّ، وَجَرَى عَلَيْهِ أَيْ عَلَى كَوْنِ عَنِيفًا قَيْدَ التَّحَرُّكِ الْآخَرِ فَقَطْ ع ش وَالْحَنَفِيُّ وَشَيْخُنَا وَالْبُجَيْرِمِيُّ خِلَافًا لِلْحَلَبِيِّ وَالْقَلْيُوبِيِّ حَيْثُ اشْتَرَطَا تَبَعًا لِلْبُرُلُّسِيِّ التَّحَرُّكَ الْعَنِيفَ فِي الْمُحَرَّكِ وَمَا يَلِيهِ كَمَا مَرَّ كُلُّهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ تَزُلْ كَدَوْرَةِ أَحَدِهِمَا) يَعْنِي أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْمُكَاثَرَةِ الضَّمُّ وَالْجَمْعُ دُونَ الْخَلْطِ حَتَّى لَوْ كَانَ أَحَدُ الْحَوْضَيْنِ صَافِيًا، وَالْآخَرُ كَدِرًا وَانْضَمَّا زَالَتْ النَّجَاسَةُ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى الِاخْتِلَاطِ الْمَانِعِ مِنْ التَّمَيُّزِ وَالْكُدْرَةِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَمَضَى) أَيْ بَعْدَ الْفَتْحِ وَقَوْلُهُ أَوْ بِنَحْوِ كُوزٍ عَطْفٌ عَلَى بِحُفْرَةٍ كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ بِتَحَرُّكِ الْمُلَاصِقِ إلَخْ) الْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ بِالِاكْتِفَاءِ بِتَحَرُّكِ كُلِّ مُلَاصِقٍ بِتَحْرِيكِ مُلَاصِقِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَحَرَّكْ بِتَحْرِيكِ غَيْرِهِ إذَا بَلَغَ الْمَجْمُوعُ قُلَّتَيْنِ سم وَاعْتَمَدَهُ ع ش وَالْبُجَيْرِمِيُّ وَشَيْخُنَا كَمَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ مِنْ النَّجِسِ) أَيْ الْمُتَنَجِّسِ (قَوْلُهُ كَمَا أَفْهَمَ) أَيْ كَوْنُ الْوَارِدِ أَكْثَرَ الْمَتْنِ أَيْ قَوْلُهُ كُوثِرَ (قَوْلُهُ لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِلضَّعِيفِ إلَخْ) دَفْعٌ لِمَا يُوهِمُهُ الْمَتْنُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْأَكْثَرِيَّةِ عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ أَيْضًا كَمَا يَأْتِي عَنْ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إلَخْ) مَحَلُّ تَأَمُّلٍ بَصْرِيٌّ وَرَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ ذَلِكَ) أَيْ الْإِفْهَامُ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ كَثِيرًا كَانَ أَوْ مُسَاوِيًا أَوْ قَلِيلًا (قَوْلُهُ لِلْقِلَّةِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ؛ لِأَنَّهُ مَاءٌ قَلِيلٌ فِيهِ نَجَاسَةٌ وَلِأَنَّ الْمَعْهُودَ مِنْ الْمَاءِ أَنْ يَكُونَ غَاسِلًا لَا مَغْسُولًا اهـ.

(قَوْلُهُ وَبِهِ يُعْلَمُ) أَيْ بِمَا فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ مَحَلُّهُمَا) أَيْ الْقَوْلَيْنِ مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ فِي وَارِدٍ إلَخْ خَبَرُهُ، وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ أَنَّ (قَوْلُهُ أَزَالَ جَمِيعَ أَوْصَافِهَا) أَيْ مَعَهَا (قَوْلُهُ أَوْ مَاءٍ مُتَنَجِّسٍ) أَيْ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَبْلُغْهُمَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَقِيلَ طَاهِرٌ لَا طَهُورٌ) وَفِي الْكِفَايَةِ وَغَيْرِهَا مَا يَقْتَضِي أَنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْقَلِيلُ مُتَغَيِّرًا أَمْ لَا مُغْنِي، وَقِيلَ هُوَ طَهُورٌ رَدًّا بِغَسْلِهِ إلَى أَصْلِهِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ كَثَوْبٍ) إلَى التَّنْبِيهِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَيُجَابُ عَنْ قِيَاسِهِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذَا جَوَابٌ بِمَحَلِّ النِّزَاعِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ دُونَ الْمَاءِ هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْقِيلَ يَقُولُ بِزَوَالِ نَجَاسَةِ الْمَاءِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم أَقُولُ بَلْ ذَلِكَ جَوَابٌ بِالْفَرْقِ بِزَوَالِ عَيْنِ النَّجَاسَةِ فِي الثَّوْبِ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ وَعَدَمِ زَوَالِهَا فِي الْمَاءِ الْمَقِيسِ (قَوْلُهُ إنَّ الضَّعِيفَ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ وَارِدًا إلَخْ) فَلَوْ انْتَفَى الْكَثْرَةُ أَوْ الْإِيرَادُ أَوْ الطَّهُورِيَّةُ أَوْ كَانَ بِهِ نَجَاسَةٌ جَامِدَةٌ لَمْ يَطْهُرْ جَزْمًا فَهَذِهِ الْقُيُودُ شَرْطٌ لِلْقَوْلِ بِالطَّهَارَةِ لَا لِلْقَوْلِ بِعَدَمِهَا فَلَوْ قَالَ فَلَوْ لَمْ يَبْلُغْهُمَا لَمْ يَطْهُرْ، وَقِيلَ إنْ كُوثِرَ إلَخْ فَهُوَ طَاهِرٌ غَيْرُ طَهُورٍ كَانَ أَوْلَى مُغْنِي (قَوْلُهُ وَمِنْهُ إلَخْ) يَقْتَضِي أَنَّ الْمَفْقُودَ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ شَرْطَهَا أَيْضًا أَنْ يُسْبَقَ بِإِيجَابٍ أَوْ أَمْرٍ أَوْ نِدَاءٍ وَقَدْ سُبِقَتْ هُنَا بِإِيجَابٍ سم.

(قَوْلُهُ أَنْ لَا يَصْدُقَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي أَنْ يَكُونَ مَا بَعْدَهَا مُغَايِرًا لِمَا قَبْلَهَا كَقَوْلِك جَاءَنِي رَجُلٌ لَا امْرَأَةٌ بِخِلَافِ قَوْلِك جَاءَنِي رَجُلٌ لَا زَيْدٌ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ يَصْدُقُ عَلَى

فِي تَوْجِيهِ إطْلَاقِ الْمُتَغَيِّرِ كَثِيرًا بِمَا لَا يَضُرُّ التَّغَيُّرُ بِهِ فَرَاجِعْهُ يَظْهَرُ لَك ذَلِكَ (قَوْلُهُ بِتَحَرُّكِ الْمُلَاصِقِ إلَخْ) الْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ بِالِاكْتِفَاءِ بِتَحَرُّكِ كُلِّ مُلَاصِقٍ بِتَحْرِيكِ مُلَاصِقِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَحَرَّكْ بِتَحْرِيكِ غَيْرِهِ إذَا بَلَغَ الْمَجْمُوعُ قُلَّتَيْنِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَيُجَابُ عَنْ قِيَاسِهِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذَا جَوَابٌ بِمَحَلِّ النِّزَاعِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ دُونَ الْمَاءِ هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْقِيلَ يَقُولُ بِزَوَالِ نَجَاسَةِ الْمَاءِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ أَنْ لَا يُصَدَّقَ إلَخْ) يَقْتَضِي أَنَّ الْمَفْقُودَ أَكْثَرُ

ص: 89

ظَهَرَ إعْرَابُهَا فِيمَا بَعْدَهَا لِكَوْنِهَا عَلَى صُورَةِ الْحَرْفِ.

(تَنْبِيهٌ)

قِيلَ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ صَبَّ مَاءً مِنْ أُنْبُوبَةِ إنَاءٍ بِهِ مَاءٌ قَلِيلٌ عَلَى سِرْجِينٍ مَثَلًا، وَصَارَ كَالْفَوَّارِ الَّذِي أَوَّلُهُ بِالْإِنَاءِ وَآخِرُهُ مُتَّصِلٌ بِالنَّجِسِ تَنَجَّسَ حَتَّى مَا فِي الْإِنَاءِ كَقَلِيلِ مَاءٍ اتَّصَلَ بَعْضُهُ بِنَجِسٍ وَفِيهِ نَظَرٌ حُكْمًا وَأَخْذًا بَلْ الَّذِي يُتَّجَهُ تَشْبِيهُهُ بِالْجَارِي الْمُنْدَفِعِ فِي صَبَبٍ بَلْ هَذَا لِكَوْنِهِ أَقْوَى تَدَافُعًا بِانْصِبَابِهِ مِنْ الْعُلُوِّ إلَى السُّفْلِ أَوْلَى مِنْهُ بِحُكْمِهِ أَنَّهُ لَا يُنَجِّسُ إلَّا الْمُمَاسَّ لِلنَّجِسِ دُونَ مَا قَبْلَهُ وَهَذَا وَاضِحٌ، وَإِنَّمَا الَّذِي يَتَرَدَّدُ فِيهِ النَّظَرُ نَظِيرُ ذَلِكَ فِي الْمَائِعِ أَيُلْحَقُ بِالْمَاءِ فِيمَا ذُكِرَ فَلَا يُنَجَّسُ مِنْهُ أَيْضًا إلَّا الْمُتَّصِلُ بِالنَّجِسِ لَا لِكَوْنِ الْجَارِي لَهُ تَأْثِيرٌ فِيهِ بَلْ لِكَوْنِ مَا فِيهِ مِنْ الِانْصِبَابِ أَقْوَى مِمَّا فِي الْجَارِي مَنَعَ تَسْمِيَةَ غَيْرِ الْمُمَاسِّ مُتَّصِلًا بِالنَّجِسِ أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَائِعَ يَسْتَوِي فِيهِ الْجَارِي وَغَيْرُهُ اعْتِبَارًا بِالتَّوَاصُلِ الْحِسِّيِّ فِيهِ لِضَعْفِهِ بِخِلَافِ الْمَاءِ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ لَكِنْ كَلَامُ الْإِمَامِ الْآتِي فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ ظَاهِرٌ فِي الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ نَقَلَ عَنْهُمْ فِي زَيْتٍ أُفْرِغَ مِنْ إنَاءٍ فِي إنَاءٍ آخَرَ بِهِ فَأْرَةٌ مَيْتَةٌ مَا وَجْهُهُ بِمَا يُفِيدُ أَنَّ مَا هُوَ فِي هَوَاءِ الظَّرْفِ الثَّانِي الْمَصْبُوبِ فِيهِ الصَّادِقِ بِاتِّصَالِهِ بِمَا فِي إنَائِهِ وَبِالْفَأْرَةِ بَلْ هَذَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ صَبِّ مَائِعِ إنَاءٍ فِي إنَاءٍ آخَرَ لَا يُنَجَّسُ مِنْهُ إلَّا مُلَاقِيهَا، وَوَجْهُهُ مَا قَدَّمْته مِنْ أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ حَقِيقَةُ الِاتِّصَالِ الْعُرْفِيِّ.

ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ صَرَّحَ فِي قَوَاعِدِهِ بِأَنَّ الْجِرْيَةَ مِنْ الْمَائِعِ الْجَارِي إذَا وَقَعَ بِهَا نَجِسٌ صَارَ كُلُّهُ نَجِسًا بِخِلَافِ الْمَاءِ وَمَعَ ذَلِكَ الَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ هُنَا لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ الِانْصِبَابِ هُنَا الْأَقْوَى مِمَّا فِي الْجَارِي إلَى آخِرِهِ، ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ صَرَّحَ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ بِمَا ذَكَرْته أَنَّهُ لَا اتِّصَالَ هُنَا فِي مَاءٍ وَلَا مَائِعٍ، وَعِبَارَتُهُ بَعْدَ أَنْ قَرَّرَ أَنَّ الْمُصَلِّيَ لَوْ جُرِحَ فَخَرَجَ دَمُهُ يَتَدَفَّقُ وَلَوَّثَ الْبَشَرَةَ قَلِيلًا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ وَاحْتَجُّوا بِالْحَدِيثِ الْحَسَنِ فِي ذَلِكَ قَالُوا وَلِأَنَّ الْمُنْفَصِلَ عَنْ الْبَشَرَةِ لَا يُضَافُ إلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الدَّمِ مُتَّصِلًا بِبَعْضِهِ، وَلِهَذَا لَوْ صَبَّ الْمَاءَ مِنْ إبْرِيقٍ عَلَى نَجَاسَةٍ، وَاتَّصَلَ طَرَفُ الْمَاءِ بِالنَّجَاسَةِ لَمْ يُحْكَمْ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ الَّذِي فِي الْإِبْرِيقِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ مُتَّصِلًا بِبَعْضٍ أَيْ حِسًّا لَا حُكْمًا انْتَهَتْ وَبِهَا يُعْلَمُ بُطْلَانُ مَا قِيلَ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ إلَى آخِرِهِ، وَصِحَّةُ مَا ذَكَرْته بَلْ لِكَوْنِ مَا فِيهِ مِنْ الِانْصِبَابِ إلَى آخِرِهِ، وَبَيَانُهُ أَنَّهُمْ جَزَمُوا بِأَنَّ الْمُنْفَصِلَ عَنْ الشَّيْءِ لَا يُضَافُ إلَيْهِ، وَإِنْ تَوَاصَلَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ حَتَّى اتَّصَلَ أَوَّلُهُ بِمَا فِي الْإِبْرِيقِ وَآخِرُهُ بِالنَّجِسِ فَالْخُرُوجُ مِنْ الْإِبْرِيقِ مَنَعَ إضَافَةَ الْخَارِجِ مِنْهُ لِمَا فِيهِ مَاءً كَانَ أَوْ مَائِعًا فَلَمْ يَتَأَثَّرْ مَا فِيهِ بِالْخَارِجِ الْمُتَّصِلِ بِالنَّجَاسَةِ، وَإِنْ اتَّصَلَ بِمَا فِيهِ أَيْضًا لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ هَذَا الِاتِّصَالَ لَا عِبْرَةَ بِهِ مَعَ كَوْنِ الْعُرْفِ قَطْعُ إضَافَتِهِ إلَيْهِ كَمَا ذَكَرُوهُ، وَإِلَّا لَمْ يُعْفَ عَنْ ذَلِكَ الدَّمِ فِيمَا إذَا اتَّصَلَ بِدَمٍ كَثِيرٍ فِي الْأَرْضِ مَثَلًا وَبِقِيَاسِهِمْ مَسْأَلَةَ الدَّمِ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمَاءِ عُلِمَ أَنَّهُمْ مُصَرِّحُونَ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَاءِ وَالْمَائِعِ فِي عَدَمِ إضَافَةِ مَا فِي الْمَاءِ إلَى الْخَارِجِ عَنْهُ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ، وَقَدْ غَفَلَ عَنْهُ كَثِيرُونَ قَلَّدُوا ذَلِكَ الْقَائِلَ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ النَّجَاسَةُ.

(وَيُسْتَثْنَى) مِمَّا يُنَجِّسُ قَلِيلُ الْمَاءِ الْمُلْحَقُ بِهِ كَثِيرُ غَيْرِهِ وَقَلِيلُهُ بِمُلَاقَاتِهِ لَهُ فَالْخِلَافُ الْآتِي فِي الْمَاءِ أَيْضًا خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمَتْنَ يُوهِمُ تَخْصِيصَهُ بِالْمَائِعِ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ قُسِّمَ لَهُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَغَفْلَةً عَنْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ (مَيْتَةٌ لَا دَمَ لَهَا)

زَيْدٍ اهـ أَيْ وَهُنَا الطَّاهِرُ يَصْدُقُ عَلَى الطَّهُورِ (قَوْلُهُ ظَهَرَ إعْرَابُهَا إلَخْ) خَبَرٌ ثَانٍ لِقَوْلِهِ وَلَا هُنَا (قَوْلُهُ لِكَوْنِهَا عَلَى صُورَةِ الْحَرْفِ) وَهِيَ مَعَ مَا بَعْدَهَا صِفَةٌ لِمَا قَبْلَهَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ بِهِ) أَيْ فِي الْإِنَاءِ وَقَوْلُهُ عَلَى سِرْجِينٍ مُتَعَلِّقٌ بِ صُبَّ (قَوْلُهُ وَصَارَ) أَيْ الْمَاءُ الْمَصْبُوبُ وَقَوْلُهُ تَنَجَّسَ جَوَابُ لَوْ (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ) أَيْ فِي الْقِيلِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ حُكْمًا) وَهُوَ التَّنَجُّسُ (قَوْلُهُ تَشْبِيهُهُ إلَخْ) خَبَرٌ بَلْ الَّذِي وَالضَّمِيرُ لِلْمَاءِ الْمَصْبُوبِ مِنْ الْأُنْبُوبِ، وَكَذَا الْإِشَارَةُ فِي قَوْلِهِ بَلْ هَذَا وَقَوْلُهُ أَوْلَى مِنْهُ أَيْ مِنْ الْجَارِي الْمُنْدَفِعِ إلَخْ وَقَوْلُهُ بِحُكْمِهِ مُتَعَلِّقٌ بِأَوْلَى وَضَمِيرُهُ لِلْجَارِي الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يُنَجَّسُ إلَخْ) بَدَلٌ أَوْ بَيَانٌ لِحُكْمِهِ (قَوْلُهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَائِعِ الْمَصْبُوبِ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ السَّابِقَةِ فِي الْمَاءِ (قَوْلُهُ لَا لِكَوْنِ الْجَارِي) يَعْنِي الْجَرَيَانَ وَقَوْلُهُ فِيهِ أَيْ فِي الْمَائِعِ (قَوْلُهُ الْأَقْوَى إلَخْ) نَعْتٌ لِلِانْصِبَابِ وَقَوْلُهُ مُنِعَ إلَخْ جُمْلَتُهُ خَبَرُ الْكَوْنِ (قَوْلُهُ تَسْمِيَةُ إلَخْ) أَيْ فِي الْعُرْفِ (قَوْلُهُ بِالنَّجِسِ) تَنَازَعَ فِيهِ الْمُمَاسُّ وَمُتَّصِلًا (قَوْلُهُ أَوْ يُفَرَّقُ) عَطْفٌ عَلَى يُلْحَقَ وَقَوْلُهُ يَسْتَوِي فِيهِ أَيْ فِي تَنَجُّسِهِ بِالْمُلَاقَاةِ (قَوْلُهُ ظَاهِرٌ فِي الْأَوَّلِ) أَيْ الْإِلْحَاقِ (قَوْلُهُ مَا وَجْهُهُ إلَخْ) مِنْ التَّوْجِيهِ وَالْمَوْصُولُ مَفْعُولُ نَقَلَ (قَوْلُهُ الصَّادِقُ إلَخْ) نَعْتٌ لِمَاءٍ إلَخْ (قَوْلُهُ فِي إنَائِهِ) يَعْنِي فِي الظَّرْفِ الْأَوَّلِ الْمَصْبُوبِ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَبِالْفَأْرَةِ) أَيْ فِي الظَّرْفِ الثَّانِي وَقَوْلُهُ بَلْ هَذَا أَيْ الِاتِّصَالُ وَقَوْلُهُ لَا يُنَجَّسُ مِنْهُ إلَخْ خَبَرُ أَنَّ (قَوْلُهُ وَمَعَ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ تَصْرِيحِ الزَّرْكَشِيّ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْمَاءِ وَالْمَائِعِ الْجَارِيَيْنِ (قَوْلُهُ لَا فَرْقَ هُنَا) أَيْ بَيْنَ الْمَاءِ وَالْمَائِعِ فِي أَنَّهُ لَا يُنَجَّسُ إلَّا مُلَاقِي النَّجِسِ (قَوْلُهُ هُنَا) أَيْ فِيمَا إذَا نُصِبَا عَلَى الْكَيْفِيَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ (قَوْلُهُ مِنْ الِانْصِبَابِ إلَخْ) الْأَوْلَى مِنْ أَنَّ الِانْصِبَابَ إلَخْ (قَوْلُهُ: ثُمَّ رَأَيْته) أَيْ الْمُصَنِّفَ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا اتِّصَالَ هُنَا) أَيْ فِي الِانْصِبَابِ (قَوْلُهُ وَاحْتَجُّوا إلَخْ) خَبَرٌ وَعِبَارَتُهُ وَقَوْلُهُ فِي ذَلِكَ أَيْ عَدَمُ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ وَبِهَا) أَيْ بِعِبَارَةِ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الْمَذْكُورَةِ، وَقَوْلُهُ وَصِحَّةُ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى بُطْلَانِ إلَخْ وَقَوْلُهُ بَلْ لِكَوْنِ إلَخْ بَدَلٌ مِمَّا ذَكَرْته وَقَوْلُهُ وَبَيَانُهُ أَيْ بَيَانُ وَجْهِ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ وَإِنْ اتَّصَلَ) أَيْ الْخَارِجُ، وَكَذَا ضَمِيرُ إضَافَتِهِ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا أَيْ وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ الْخُرُوجُ الْإِضَافَةَ.

(قَوْلُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَاءِ وَالْمَائِعِ إلَخْ) أَيْ الْمُنَصَّبَيْنِ (قَوْلُهُ مَا فِي الْإِنَاءِ إلَى الْخَارِجِ) الْأَنْسَبُ الْعَكْسُ (قَوْلُهُ قَلَّدُوا ذَلِكَ الْقَائِلُ إلَخْ) لَيْسَتْ لَفْظَةُ ذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُعْتَبَرَةِ الْمُقَابَلَةِ غَيْرَ مَرَّةٍ عَلَى أَصْلِ الشَّارِحِ.

(قَوْلُهُ الْمُلْحَقُ بِهِ) أَيْ بِقَلِيلِ الْمَاءِ وَقَوْلُهُ بِمُلَاقَاتِهِ الضَّمِيرُ لِلْمَوْصُولِ وَالْبَاءُ مُتَعَلِّقٌ بِصِلَتِهِ، وَقَوْلُهُ لَهُ أَيْ لِقَلِيلِ الْمَاءِ إلَخْ وَقَوْلُهُ أَيْضًا أَيْ كَالْمَائِعِ (قَوْلُهُ نَظَرًا إلَخْ) مَفْعُولٌ لَهُ لِقَوْلِهِ زَعَمَ إلَخْ (قَوْلُهُ إلَى أَنَّهُ) أَيْ الْمَاءَ قَسِيمٌ لَهُ أَيْ الْمَائِعِ قَوْلُ الْمَتْنِ (مَيْتَةٌ) يَجُوزُ فِيهَا التَّخْفِيفُ وَالتَّشْدِيدُ نِهَايَةٌ قَوْلُ الْمَتْنِ (لَا دَمَ لَهَا سَائِلَ) بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهَا دَمٌ أَصْلًا أَوْ لَهَا دَمٌ لَا يَجْرِي (تَنْبِيهٌ)

مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةَ إذَا اغْتَذَى بِالدَّمِ كَالْحَلَمِ الْكِبَارِ الَّتِي تُوجَدُ فِي الْإِبِلِ، ثُمَّ وَقَعَ فِي الْمَاءِ لَا يُنَجِّسُهُ بِمُجَرَّدِ الْوُقُوعِ فَإِنْ مَكَثَ فِي الْمَاءِ حَتَّى انْشَقَّ جَوْفُهُ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 90

أَيْ لِجِنْسِهَا (سَائِلٌ) عِنْدَ شَقِّ عُضْوٍ مِنْهَا فِي حَيَاتِهَا كَذُبَابٍ وَبَعُوضٍ وَقَمْلٍ وَبَرَاغِيثَ وَخَنَافِسَ وَبَقٍّ وَعَقْرَبٍ وَوَزَغٍ وَبَنَاتِ وَرْدَانَ وَزُنْبُورٍ وَسَامٍّ أَبْرَصَ لَا حَيَّةٍ وَسُلَحْفَاةٍ وَضُفْدُعٍ وَلَوْ شَكَّ فِي شَيْءٍ أَيَسِيلُ دَمُهُ أَوْ لَا لَمْ يَجْرَحْ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ كَمَا بَيَّنْتُهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَغَيْرِهِ بَلْ لَهُ حُكْمُ مَا لَا يَسِيلُ دَمُهُ (تَنْبِيهٌ)

جَوَّزَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي سَائِلٍ الرَّفْعَ وَالنَّصْبَ وَوَجْهُهُمَا ظَاهِرٌ وَالْفَتْحَ وَاعْتَرَضَ لِلْفَاصِلِ بِمَا بَسَطْت رَدَّهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ فَرَاجِعْهُ فَإِنَّهُ مُهِمُّ.

(فَلَا تُنَجِّسُ) رَطْبًا (مَائِعًا) كَانَ أَوْ غَيْرَهُ كَثَوْبٍ وَآثَرَ الْمَائِعَ لِمُوَافَقَتِهِ لِلشَّرَابِ الْآتِي فِي الْخَبَرِ لَا لِلتَّخْصِيصِ بِهِ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ بِمُلَاقَاتِهَا لَهُ إذَا لَمْ تُغَيِّرْهُ (عَلَى الْمَشْهُورِ)

وَخَرَجَ مِنْهُ الدَّمُ اُحْتُمِلَ أَنْ يُنَجَّسَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا عُفِيَ عَنْ الْحَيَوَانِ دُونَ الدَّمِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ مُطْلَقًا وَهُوَ الْأَوْجَهُ كَمَا يُعْفَى عَمَّا فِي بَطْنِهِ مِنْ الرَّوْثِ إذَا ذَابَ وَاخْتَلَطَ بِالْمَاءِ وَلَمْ يُغَيَّرْ، وَكَذَلِكَ مَا عَلَى مَنْفَذِهِ مِنْ النَّجَاسَةِ نِهَايَةٌ وَفِي الْكُرْدِيِّ عَنْ الشَّارِحِ فِي حَاشِيَةِ التُّحْفَةِ مَا نَصُّهُ وَلَا عِبْرَةَ بِدَمٍ تَمُصُّهُ مِنْ بَدَنِ آخَرَ كَدَمِ نَحْوِ بُرْغُوثٍ وَقَمْلٍ اهـ.

(قَوْلُهُ أَيْ لِجِنْسِهَا) فَلَوْ كَانَتْ مِمَّا يَسِيلُ دَمُهَا لَكِنْ لَا دَمَ فِيهَا أَوْ فِيهَا دَمٌ لَا يَسِيلُ لِصِغَرِهَا فَلَهَا حُكْمُ مَا يَسِيلُ دَمُهَا مُغْنِي زَادَ الْكُرْدِيُّ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِ مَا لَا يَسِيلُ دَمُهُ لَكِنْ وُجِدَ فِي بَعْضِ أَفْرَادِهِ دَمٌ يَسِيلُ فَلَهُ حُكْمُ مَا لَا يَسِيلُ دَمُهُ فَلَا يُنَجَّسُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَزُنْبُورٍ) بِضَمِّ الزَّايِ (قَوْلُهُ وَسَامٍّ أَبْرَصَ) وَهُوَ مِنْ كِبَارِ الْوَزَغِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ كُرْدِيٌّ عِبَارَةُ شَيْخِنَا وَالْوَزَغُ بِالتَّحْرِيكِ وَالْكَبِيرُ مِنْهُ سَامٌّ أَبْرَصُ اهـ.

(وَقَوْلُهُ لِلْغَزَالِيِّ) أَقَرَّ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَالنِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي كَلَامَ الْغَزَالِيِّ بَصْرِيٌّ زَادَ الْكُرْدِيُّ وَغَيْرُهُمْ.

اهـ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَلَوْ شَكَكْنَا فِي كَوْنِهَا مِمَّا يَسِيلُ دَمُهَا اُمْتُحِنَ بِجَرْحِ شَيْءٍ مِنْ جِنْسِهَا لِلْحَاجَةِ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي فَتَاوِيهِ اهـ قَالَ الْبُجَيْرِمِيُّ أَيْ بِفَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ جِنْسِهَا، وَمَحَلُّهُ إذَا وُجِدَتْ فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فَاَلَّذِي قَالَهُ سم أَنَّ الْمُتَّجَهَ الْعَفْوُ كَمَا وَافَقَ الْجَمَالُ الرَّمْلِيُّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ، وَقَالَ ع ش بَعْدَ نَقْلِ كَلَامِ سم وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّجَاسَةِ التَّنْجِيسُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَازِمًا وَسُقُوطُهُ رُخْصَةٌ لَا يُصَارُ إلَيْهَا لَا بِيَقِينٍ اهـ وَاسْتَقْرَبَ الْمَحَلِّيُّ الْحُكْمَ بِالنَّجَاسَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اهـ عِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ م ر اُمْتُحِنَ بِجَرْحِ شَيْءٍ مِنْ جِنْسِهَا إلَخْ، وَيَكْفِي فِي ذَلِكَ جَرْحُ وَاحِدَةٍ وَفِي سم فِي حَاشِيَةِ الْبَهْجَةِ قَوْلُهُ فَيُجْرَحُ لِلْحَاجَةِ يُتَّجَهُ أَنَّ لَهُ الْإِعْرَاضَ عَنْ الْجَرْحِ وَالْعِلْمَ بِالطَّهَارَةِ حَيْثُ اُحْتُمِلَ أَنَّهُ مِمَّا لَا يَسِيلُ دَمُهُ؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ هِيَ الْأَصْلُ وَلَا تُنَجَّسُ بِالشَّكِّ انْتَهَى اهـ.

(قَوْلُهُ وَوَجْهُهُمَا) أَيْ وَالرَّفْعُ تَبَعًا لِمَحَلِّ اسْمِ لَا الْبَعِيدِ وَالنَّصْبُ تَبَعًا لِمَحَلِّهِ الْقَرِيبِ (قَوْلُهُ وَاعْتُرِضَ لِلْفَاصِلِ إلَخْ) عِبَارَةُ ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ قَوْلُهُ لَا دَمَ لَهَا سَائِلٌ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِالْفَتْحِ وَالنَّصْبِ وَالرَّفْعِ فِيهِمَا وَاعْتُرِضَ بِانْتِفَاءِ الِاتِّصَالِ الْمُشْتَرَطِ فِي الْفَتْحِ وَأَقُولُ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ اشْتِرَاطَ الِاتِّصَالِ فِي الْفَتْحِ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ فَتْحَتَهُ فَتْحَةُ بِنَاءٍ أَمَّا إذَا قُلْنَا بِأَنَّهَا فَتْحَةُ إعْرَابٍ وَإِنْ تُرِكَ التَّنْوِينُ لِلْمُشَاكَلَةِ فَلَا لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ الْبِنَاءِ بِالْفَصْلِ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْ تَرَكُّبِهِ مَعَ اسْمِ لَا قَبْلَ دُخُولِهَا بِخِلَافِهِ عَلَى الثَّانِي، فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ كَلَامُ الشَّيْخِ مَبْنِيًّا عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَتْ اهـ ع ش.

قَوْلُ الْمَتْنِ (فَلَا تُنَجِّسُ مَائِعًا) أَيْ وَإِنْ تَقَطَّعَتْ فِيهِ، وَخَرَجَ فِيهِ دَمُهَا وَرَوْثُهَا عَلَى الْأَوْجَهِ سم، وَتَقَدَّمَ عَنْ النِّهَايَةِ مِثْلُهُ قَوْلُ الْمَتْنِ (مَائِعًا) مَاءً أَوْ غَيْرَهُ مُغْنِي (قَوْلُهُ بِمُلَاقَاتِهَا لَهُ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَلَا تُنَجِّسُ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ تُغَيِّرْهُ) فَإِنْ غَيَّرَتْهُ الْمَيْتَةُ لِكَثْرَتِهَا وَإِنْ زَالَ تَغَيُّرُهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الْمَائِعِ أَوْ الْمَاءِ الْقَلِيلِ مَعَ بَقَائِهِ عَلَى قِلَّتِهِ نَجَّسَتْهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي زَادَ سم (فَرْعٌ)

حَيْثُ لَمْ يَتَنَجَّسْ الْمَائِعُ بِالْمَيْتَةِ الْمَذْكُورَةِ لَمْ يَجُزْ أَكْلُهَا مَعَهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْأَطْعِمَةِ لَكِنَّهُ مُشْكِلٌ فِي نَحْوِ نَمْلٍ اخْتَلَطَ بِعَسَلٍ، وَشَقَّ تَخْلِيصُهُ اهـ وَمَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ بَافَضْلٍ إلَى عَوْدِ الطَّهَارَةِ بِزَوَالِ التَّغَيُّرِ قَالَ الْكُرْدِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ وَارْتَضَاهُ فِي شَرْحَيْ الْإِرْشَادِ عِبَارَةُ فَتْحِ الْجَوَادِ فِيهِ احْتِمَالَانِ لِشَيْخِنَا وَالْأَقْرَبُ عَوْدُ الطَّهَارَةِ اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ (عَلَى الْمَشْهُورِ)

فَائِدَةٌ.

لَا يَجِبُ غَسْلُ الْبَيْضَةِ وَالْوَلَدِ إذَا خَرَجَا مِنْ الْفَرْجِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ

مِنْ هَذَا وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ شَرْطَهَا أَيْضًا أَنْ تُسْبَقَ بِإِيجَابٍ أَوْ أَمْرٍ أَوْ نِدَاءٍ وَقَدْ سُبِقَتْ هُنَا بِالْإِيجَابِ.

(قَوْلُهُ خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ) يُشْكِلُ عَلَى الْغَزَالِيِّ أَنَّ جُرْحَ هَذَا الْفَرْدِ لَا يُفِيدُ أَنَّ جِنْسَهُ مِمَّا يَسِيلُ دَمُهُ مَعَ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْجِنْسِ.

(قَوْلُهُ فَلَا تُنَجِّسُ مَائِعًا) أَيْ وَإِنْ تَقَطَّعَتْ وَخَرَجَ فِيهِ دَمُهَا وَرَوْثُهَا عَلَى الْأَوْجَهِ (قَوْلُهُ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ) بَقِيَ أَنَّ مُجَرَّدَ مَا قَرَّرَهُ وَلَا يُدْفَعُ الِاعْتِرَاضُ بِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ الْمَائِعِ قَسِيمُ الْمَاءِ فَلَا تُفِيدُ عِبَارَتُهُ حُكْمُ الْمَاءِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالِاسْتِثْنَاءِ صَرِيحٌ فِي شُمُولِ الْمَائِعِ هُنَا لِلْمَاءِ؛ لِأَنَّ الْمَائِعَ غَيْرُ الْمَاءِ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ، وَالِاسْتِثْنَاءُ يَتَوَقَّفُ عَلَى مُسْتَثْنًى مِنْهُ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ إلَّا ذِكْرُ الْمَاءِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمَائِعُ شَامِلًا لِلْمَاءِ لِيَتَأَتَّى الِاسْتِثْنَاءُ فَفِي التَّعْبِيرِ بِهِ بَيَانُ حُكْمِ الْمَاءِ فَصَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ وَزِيَادَةُ حُكْمِ الْمَائِعِ وَفِي ذَلِكَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ حُكْمَ الْمَائِعِ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا حُكْمُ الْمَاءِ الْقَلِيلِ فِي التَّنَجُّسِ بِالْمُلَاقَاةِ حَيْثُ سَوَّى بَيْنَهُمَا فِي هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ فَإِنَّ ذَلِكَ فَرْعُ اسْتِوَائِهِمَا فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ.

(فَرْعٌ)

حَيْثُ لَمْ يَتَنَجَّسْ الْمَائِعُ بِالْمَيْتَةِ الْمَذْكُورَةِ لَمْ يَجُزْ أَكْلُهَا مَعَهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْأَطْعِمَةِ لَكِنَّهُ مُشْكِلٌ فِي نَحْوِ نَمْلٍ اخْتَلَطَ بِعَسَلٍ وَشَقَّ تَخْلِيصُهُ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ تُغَيِّرْهُ) أَيْ فَإِنْ غَيَّرَتْهُ يُنَجَّسُ فَإِنْ زَالَ تَغَيُّرُهُ فَهَلْ تَعُودُ الطَّهَارَةُ

ص: 91

لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «إذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ، ثُمَّ لِيَنْزِعْهُ فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ دَاءٌ وَفِي الْآخَرِ شِفَاءٌ» وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ «وَأَنَّهُ يَتَّقِي بِجَنَاحِهِ الَّذِي فِيهِ الدَّاءُ» وَفِي أُخْرَى «أَحَدُ جَنَاحَيْ الذُّبَابِ سُمٌّ وَالْآخَرُ شِفَاءٌ فَإِذَا وَقَعَ فِي الطَّعَامِ فَامْقُلُوهُ أَيْ اغْمِسُوهُ فِيهِ فَإِنَّهُ يُقَدِّمُ السُّمَّ وَيُؤَخِّرُ الشِّفَاءَ» وَغَمْسُهُ يُؤَدِّي إلَى مَوْتِهِ لَا سِيَّمَا فِي الْحَارِّ فَلَوْ نَجِسٌ لَمْ يَأْمُرْ بِهِ وَقِيسَ بِالذُّبَابِ غَيْرُهُ مِنْ كُلِّ مَا لَيْسَ فِيهِ دَمٌ مُتَعَفِّنٌ، وَإِنْ لَمْ يَعُمَّ وُقُوعُهُ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الدَّمِ الْمُتَعَفِّنِ يَقْتَضِي خِفَّةَ النَّجَاسَةِ بَلْ طَهَارَتَهَا عِنْدَ جَمَاعَةٍ كَالْقَفَّالِ فَكَانَتْ الْإِنَاطَةُ بِهِ أَوْلَى.

وَمَعَ ذَلِكَ لَا بُدَّ مِنْ رِعَايَةِ ذَاكَ إذْ لَوْ طُرِحَ فِيهِ مَيِّتٌ مِنْ ذَلِكَ نُجِّسَ إذْ لَا حَاجَةَ حِينَئِذٍ، وَإِنْ كَانَ الطَّارِحُ غَيْرَ مُكَلَّفٍ لَكِنْ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ الْمَطْرُوحُ مَاءً أَوْ مَائِعًا هِيَ فِيهِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ

يَكُنْ مَعَهُمَا رُطُوبَةٌ نَجِسَةٌ انْتَهَى رَوْضٌ وَشَرْحُهُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ) وَلِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ دَاءٌ) أَيْ وَهُوَ الْيَسَارُ خَطِيبٌ وَعَلَيْهِ فَلَوْ قُطِعَ جَنَاحُهَا الْأَيْسَرُ لَا يُنْدَبُ غَمْسُهَا لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ بَلْ قِيَاسُ مَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ حُرْمَةِ غَمْسِ غَيْرِ الذُّبَابِ حُرْمَةُ غَمْسِ هَذِهِ الْآنَ لِفَوَاتِ الْعِلَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْغَمْسِ ع ش وَقَوْلُهُ جَنَاحُهَا الْأَيْسَرُ أَيْ أَوْ جَنَاحَاهَا كَمَا فِي سم عَنْ بَعْضِهِمْ (قَوْلُهُ وَإِنَّهُ يَتَّقِي إلَخْ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ أَيْ يَجْعَلُهُ وِقَايَةً أَيْ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ فِي الْوُقُوعِ بُجَيْرِمِيٌّ.

(قَوْلُهُ فِيهِ هَذَا) مِنْ تَتِمَّةِ الْحَدِيثِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ وَغَمَسَهُ إلَخْ) بَيَانٌ لِوَجْهِ دَلَالَةِ الْحَدِيثِ عَلَى الْمُدَّعِي عَنْ عَدَمِ التَّنَجُّسِ، (قَوْلُهُ وَقِيسَ بِالذُّبَابِ إلَخْ) أَيْ فِي عَدَمِهَا لَا فِي الْغَمْسِ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ بَلْ طَهَارَتُهَا) أَيْ الْمَيْتَةِ وَكَانَ الْأَوْلَى بَلْ عَدَمُهَا (قَوْلُهُ فَكَانَتْ الْإِنَاطَةُ بِهِ) أَيْ بِعَدَمِ الدَّمِ الْمُتَعَفِّنِ وَقَوْلُهُ أَوْلَى أَيْ مِنْ الْإِنَاطَةِ بِعُمُومِ الْوُقُوعِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَمَعَ ذَلِكَ) أَيْ اسْتِثْنَاءِ تِلْكَ الْمَيْتَاتِ عَنْ التَّنْجِيسِ لَا بُدَّ مِنْ رِعَايَةِ ذَاكَ أَيْ الْمَائِعِ بِحِفْظِهِ عَنْهَا قَالَهُ الْكُرْدِيُّ، وَيَظْهَرُ بَلْ يَتَعَيَّنُ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ أَنَّ الْمَعْنَى وَمَعَ أَوْلَوِيَّةِ الْإِنَاطَةِ بِعَدَمِ الدَّمِ الْمُتَعَفِّنِ لَا بُدَّ مِنْ رِعَايَةِ عُمُومِ الْوُقُوعِ وَالْحَاجَةِ (قَوْلُهُ إذْ لَوْ طُرِحَ إلَخْ) أَيْ إنْ لَمْ يَحْيَ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَيْهِ، وَإِلَّا لَمْ يُنَجِّسْهُ اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الْوُصُولِ دُونَ الْإِلْقَاءِ، وَبَقِيَ مَا لَوْ طُرِحَ مَيِّتًا، ثُمَّ أُحْيِيَ، ثُمَّ مَاتَ هَلْ يُنَجِّسُ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَيُحْتَمَلُ الثَّانِي ع ش وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الثَّانِي عِبَارَتَهُ فَإِنْ طُرِحَتْ الْمَيْتَةُ حَيَّةً وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ وُصُولِهَا إلَيْهِ أَوْ مَيْتَةً فَأُحْيِيَتْ قَبْلَ وُصُولِهَا إلَيْهِ لَمْ تَضُرَّ فِي الْحَالَتَيْنِ عَلَى الرَّاجِحِ، وَلَوْ مَاتَتْ فِي الثَّانِيَةِ قَبْلَ وُصُولِهَا إلَيْهِ فَتَكُونَ طُرِحَتْ مَيْتَةً وَوَصَلَتْ مَيْتَةً لَكِنْ أُحْيِيَتْ بَيْنَهُمَا فَلَا تَضُرُّ أَيْضًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ الشبراملسي، وَلَوْ وُجِدَتْ فِي الْمَاءِ وَشَكَّ فِي أَنَّهَا وَقَعَتْ بِنَفْسِهَا أَوْ طُرِحَتْ فِيهِ فَهَلْ يُعْفَى عَنْهَا أَوْ لَا وَاَلَّذِي أَجَابَ بِهِ الرَّمْلِيُّ عَدَمُ الْعَفْوِ؛ لِأَنَّهُ رُخْصَةٌ فَلَا يُصَارُ إلَيْهَا إلَّا بِيَقِينٍ، وَبَعْضُهُمْ أَجَابَ بِالْعَفْوِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ الْمُتَقَدِّمِ اهـ.

ثُمَّ أَشَارَ فِي بَحْثِ مَا لَا يُدْرِكُهُ طَرَفٌ إلَى تَرْجِيحِ الثَّانِي بِمَا نَصُّهُ وَلَوْ شَكَّ هَلْ يُدْرِكُهَا الطَّرَفُ أَوْ لَا عُفِيَ عَنْهَا عَمَلًا بِالْأَصْلِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَمُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ الرَّمْلِيِّ عَدَمُ الْعَفْوِ اهـ.

(قَوْلُهُ فِيهِ) أَيْ فِي الْمَائِعِ وَقَوْلُهُ مِنْ ذَلِكَ أَيْ مِمَّا لَا دَمَ إلَخْ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ نُجِّسَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الطَّرْحُ سَهْوًا، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ كَمَا يَضُرُّ طَرْحُ الْمَيِّتِ فِي الْمَائِعِ يَضُرُّ طَرْحُ الْمَائِعِ عَلَى الْمَيِّتِ فِي نَحْوِ إنَاءٍ لَكِنْ لَوْ جُهِلَ كَوْنُ الْمَيِّتِ فِي الْإِنَاءِ فَطُرِحَ الْمَائِعُ فِيهِ فَهَلْ يَتَنَجَّسُ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ لَا يَتَنَجَّسُ إذَا كَانَ الطَّرْحُ لِحَاجَةٍ لَكِنْ قَضِيَّةُ ضَرَرِ الطَّرْحِ بِلَا قَصْدِ الضَّرَرِ هُنَا.

وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ فِي زَيْتِ نَحْوِ الْقِنْدِيلِ، وَاحْتَاجَ إلَى زِيَادَةٍ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ إلْقَاءُ الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَشُقُّ سم أَقُولُ سَيَذْكُرُ الشَّارِحُ عَنْ الزَّرْكَشِيّ مَا يُفِيدُهُ وَالْكُرْدِيُّ عَنْ الْحَاشِيَةِ مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الطَّرْحُ سَهْوًا يَأْتِي عَنْ الْمُغْنِي خِلَافُهُ (قَوْلُهُ لَكِنْ مِنْ جِنْسِهِ) أَيْ الْمُكَلَّفِ لَكِنْ أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّهُ يَضُرُّ طَرْحُ الْحَيَوَانِ وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ وَبَهِيمَةٍ سم، اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا، وَاعْتَمَدَ الْمُغْنِي أَنَّهُ لَوْ طَرَحَهَا غَيْرَ مُمَيِّزٍ لَمْ يَضُرَّ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ أَوْ الْمَطْرُوحُ) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّارِحِ سم (قَوْلُهُ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إلَخْ) يَأْتِي عَنْ النِّهَايَةِ

؛ لِأَنَّ هَذِهِ النَّجَاسَةَ لَا تُنَجِّسُ بِمُجَرَّدِ الْمُلَاقَاةِ بَلْ بِشَرْطِ التَّغَيُّرِ وَقَدْ زَالَ أَوْ لَا تَعُودُ؛ لِأَنَّ الْقَلِيلَ حَيْثُ يُنَجَّسُ لَا يَطْهُرُ بِدُونِ الْكَثْرَةِ فِيهِ نَظَرٌ وَالثَّانِي هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ فَإِنَّهُ يُقَدِّمُ السُّمَّ إلَخْ) قَالَ بَعْضُهُمْ قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ إذَا قُطِعَ جَنَاحَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا لَا يُغْمَسُ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْغَمْسِ وَاحْتِمَالِ أَنَّ الْجَنَاحَ الْبَاقِيَ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ هُوَ الَّذِي فِيهِ الدَّاءُ اهـ.

(قَوْلُهُ إذْ لَوْ طُرِحَ فِيهِ مَيِّتٌ مِنْ ذَلِكَ نَجُسَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الطَّرْحُ سَهْوًا، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ أَمْسَكَ ذُبَابَةً مُتَنَجِّسَةً وَأَلْصَقَهَا بِنَحْوِ ثَوْبِهِ أَوْ أَلْقَاهَا فِي مَائِعٍ تَنَجَّسَ شَرْحٌ م ر وَيَنْبَغِي أَنَّهُ كَمَا يَضُرُّ طَرْحُ الْمَيِّتِ فِي الْمَائِعِ يَضُرُّ طَرْحُ الْمَائِعِ عَلَى الْمَيِّتِ فِي نَحْوِ إنَاءٍ لَكِنْ لَوْ جَهِلَ كَوْنَ الْمَيِّتِ فِي الْإِنَاءِ وَطَرَحَ الْمَائِعَ فِيهِ فَهَلْ يَتَنَجَّسُ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ لَا يَتَنَجَّسُ إذَا كَانَ الطَّرْحُ لِحَاجَةٍ لَكِنْ قَضِيَّةُ ضَرَرِ الطَّرْحِ بِلَا قَصْدِ الضَّرَرِ هُنَا.

وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ فِي زَيْتِ نَحْوِ الْقِنْدِيلِ وَاحْتَاجَ إلَى زِيَادَتِهِ فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ إلْقَاءُ الزِّيَادَةِ فِي الْقِنْدِيلِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا فِيهِ وَلَا يُكَلَّفُ إخْرَاجُهَا قَبْلَ إلْقَاءِ الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَشُقُّ (قَوْلُهُ لَكِنْ مِنْ جِنْسِهِ) أَيْ الْمُكَلَّفِ، أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّهُ يَضُرُّ طَرْحُ الْحَيَوَانِ وَلَوْ غَيْرَ مُمَيَّزٍ وَبَهِيمَةً (قَوْلُهُ أَوْ الْمَطْرُوحُ) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّارِحِ

ص: 92

إلَّا أَنْ يُقَالَ يُغْتَفَرُ فِي الشَّيْءِ تَابِعًا مَا لَا يُغْتَفَرُ فِيهِ مَقْصُودًا وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ فِي وَضْعِ الْمُتَغَيِّرِ بِمَا لَا يَضُرُّ عَلَى غَيْرِهِ فَغَيَّرَهُ، وَلَا يُنَافِي الْأَوَّلُ عَدَمَ تَأْثِيرِ إخْرَاجِهَا وَإِنْ تَعَدَّدَتْ بِنَحْوِ أُصْبُعٍ وَاحِدٍ مَعَ أَنَّ فِيهِ مُلَاقَاتَهَا قَصْدًا لِوُضُوحِ الْفَرْقِ فَإِنَّهُ هُنَا مُحْتَاجٌ بَلْ مُضْطَرٌّ لِإِخْرَاجِهَا، وَبَلَلُهَا طَاهِرٌ فَلَا مُوجِبَ لِلتَّنْجِيسِ وَثَمَّ عَيْنُ النَّجَاسَةِ وَقَعَتْ بِفِعْلٍ لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ فَأَثَّرَتْ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُ الزَّرْكَشِيّ يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ ضَرَرِ الْمَطْرُوحِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ كَوَضْعِ لَحْمٍ مُدَوِّدٍ فِي قِدْرِ الطَّبِيخِ فَقَدْ صَرَّحَ الدَّارِمِيُّ بِأَنَّهُ لَا يُنَجَّسُ عَلَى الْأَصَحِّ اهـ.

وَيُؤْخَذُ مِنْهُ رَدُّ مَا تَوَهَّمَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ الطَّرْحُ بِلَا قَصْدٍ مُطْلَقًا إذْ لَوْ أَرَادُوا هَذَا لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ الِاسْتِثْنَاءُ فَتَأَمَّلْهُ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلُ غَيْرِ وَاحِدٍ لَوْ طُرِحَتْ فِيهِ قَصْدًا ضَرَّ جَزْمًا؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ قَيْدٌ لِلْجَزْمِ لَا لِأَصْلِ الْحُكْمِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ نَعَمْ لَوْ أَخْرَجَهَا بِأُصْبُعِهِ مَثَلًا فَسَقَطَتْ مِنْهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ لَمْ يَضُرَّ

وَالْمُغْنِي مَا يُؤَيِّدُهُ.

(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ يُغْتَفَرُ فِي الشَّيْءِ تَابِعًا إلَخْ) أَيْ فَلَا يَضُرُّ الطَّرْحُ حِينَئِذٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ الْمَقْصُودُ طَرْحَ الْمَائِعِ الَّذِي هِيَ فِيهِ فَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ طَرْحَهَا فَيُتَّجَهُ الضَّرَرُ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ طَرْحَهُمَا فَلَا يَبْعُدُ أَيْضًا الضَّرَرُ، وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ قَصْدٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ إنْ كَانَ فِي مَحَلِّ الْحَاجَةِ إلَى ضَمِّ أَحَدِ الْمَائِعَيْنِ إلَى الْآخَرِ لَمْ يَضُرَّ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ وَلَمْ يَقْصِدْ طَرْحَهَا بِخُصُوصِهَا سم أَقُولُ هَذَا أَيْ قَوْلُهُ وَكَذَا إلَخْ لَا يَنْقُصُ عَنْ الطَّرْحِ سَهْوًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.

وَقَدْ مَرَّ عَنْهُ وَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ أَنَّ الطَّرْحَ سَهْوًا يَضُرُّ، وَلَعَلَّ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ هُنَا مِنْ عَدَمِ ضَرَرِهِ أَيْ الطَّرْحِ سَهْوًا هُوَ الرَّاجِحُ وِفَاقًا لِلْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَيُؤَيِّدُهُ) أَيْ اغْتِفَارُ التَّابِعِ (قَوْلُهُ مَا مَرَّ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ قِيَاسَ الضَّرَرِ هُنَاكَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ أَيْ وَوَلَدُهُ وَالْمُغْنِي الضَّرَرُ هُنَا لَكِنَّ الْوَجْهَ عَلَى هَذَا اغْتِفَارُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ كَمَا لَوْ أَرَادَ أَنْ يَضَعَ لِحَاجَةٍ فِي قِنْدِيلٍ فِيهِ مَاءٌ أَوْ دُهْنٌ دُهْنًا أَوْ مَاءً فِيهِ تِلْكَ الْمَيْتَةُ فَلْيُتَأَمَّلْ عَلَى أَنَّ الْمُتَّجَهَ الْفَرْقُ عَلَى طَرِيقِ شَيْخِنَا سم.

(قَوْلُهُ الْأَوَّلُ) أَيْ مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ مِنْ ضَرَرِ طَرْحِ مَا هِيَ فِيهِ (قَوْلُهُ عَدَمُ تَأْثِيرِ) إلَى قَوْلِهِ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ فِي الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ (قَوْلُهُ بِنَحْوِ أُصْبُعٍ) أَيْ كَعُودٍ وَلَا يَتَنَجَّسُ الْأُصْبُعُ وَلَا الْعُودُ، وَانْظُرْ لَوْ دَعَتْ الْحَاجَةُ لِتَعَدُّدِ الْأُصْبُعِ اهـ سم أَقُولُ الْمَدَارُ عَلَى الْحَاجَةِ كَمَا يَأْتِي عَنْ الْكُرْدِيِّ عَنْ الْحَاشِيَةِ (قَوْلُهُ مَعَ أَنَّ فِيهِ) أَيْ فِي الْإِخْرَاجِ وَقَوْلُهُ مُلَاقَاتُهَا أَيْ مُلَاقَاةُ نَحْوِ الْأُصْبُعِ الْمَنْزُوعِ بِهِ لِلْمَيْتَةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ) أَيْ الْفَرْقُ، وَقَالَ الْكُرْدِيُّ أَيْ عَدَمُ الْمُنَافَاةِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ إلَخْ) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ مَفْرُوضًا فِيمَا لَوْ طُرِحَ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ لَكِنْ لِحَاجَةٍ، وَالْكَلَامُ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مَفْرُوضًا فِيمَا لَوْ طُرِحَ مُصَاحِبُهُ مَعَ الْغَفْلَةِ عَنْ وُجُودِهِ فِيهِ أَيْ فَيُغْتَفَرُ وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ هَذَيْنِ فَلَا يَتِمُّ (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ إلَخْ) بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ مُدَوِّدٌ) مِنْ الْإِفْعَالِ أَوْ التَّفْعِيلِ وَفِي الْقَامُوسِ دَادَ الطَّعَامُ يَدَادُ دَوْدًا وَأَدَادَ وَدَوَّدَ وَدَيَّدَ صَارَ فِيهِ الدُّودُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ قَوْلِ الزَّرْكَشِيّ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ إنَّهُ لَا يَضُرُّ الطَّرْحُ بِلَا قَصْدٍ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ الْمُغْنِي عِبَارَتُهُ فَإِنْ غَيَّرَتْهُ الْمَيْتَةُ لِكَثْرَتِهَا أَوْ طُرِحَتْ فِيهِ بَعْدَ مَوْتِهَا قَصْدًا تَنَجَّسَ جَزْمًا كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرَيْنِ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِمَا أَيْ الشَّرْحِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرَيْنِ بَعْدَ مَوْتِهَا قَصْدًا أَنَّهُ لَوْ طَرَحَهَا شَخْصٌ بِلَا قَصْدٍ أَوْ قَصَدَ طَرْحَهَا عَلَى مَكَان آخَرَ فَوَقَعَتْ فِي الْمَائِعِ أَوْ أَخَذَ الْمَيْتَةَ لِيُخْرِجَهَا فَوَقَعَتْ فِيهِ بَعْدَ رَفْعِهَا مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ إلَى رَمْيِهَا فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ بَلْ قَصَدَ إخْرَاجَهَا فَوَقَعَتْ فِيهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ أَوْ طَرَحَهَا مَنْ لَا يُمَيِّزُ أَوْ قَصَدَ طَرْحَهَا فِيهِ فَوَقَعَتْ فِيهِ وَهِيَ حَيَّةٌ فَمَاتَتْ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ، وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ.

(قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَعَ الِاحْتِيَاجِ أَمْ لَا كُرْدِيٌّ أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ مُنْشَؤُهَا مِنْ الْمَائِعِ أَوْ لَا، وَالطَّارِحُ مُكَلَّفًا أَوْ لَا (قَوْلُهُ إذْ لَوْ أَرَادَ هَذَا إلَخْ) فِيهِ تَأَمُّلٌ سم أَيْ لِجَوَازِ كَوْنِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ مَفْرُوضًا فِيمَا لَوْ طُرِحَ مَعَ الْعِلْمِ قَصْدًا لَكِنْ لِحَاجَةٍ أَيْ كَمَا مَرَّ عَنْ الْبَصْرِيِّ (قَوْلُهُ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ) أَيْ الرَّدُّ سم وَكُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ قَوْلُ غَيْرِ وَاحِدٍ) أَيْ كَالشَّرْحِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرَيْنِ كَمَا مَرَّ عَنْ الْمُغْنِي مَعَ جَعْلِهِ الْقَصْدَ قَيْدَ الْأَصْلِ الْحُكْمُ أَيْ الضَّرَرُ (قَوْلُهُ لَا لِأَصْلِ الْحُكْمِ) إلَى قَوْلِهِ وَلَا أَثَرَ فِي النِّهَايَةِ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ نَعَمْ)

قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ يُغْتَفَرُ فِي الشَّيْءِ تَابِعًا مَا لَا يُغْتَفَرُ فِيهِ مَقْصُودًا) أَيْ فَلَا يَضُرُّ الطَّرْحُ حِينَئِذٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ الْمَقْصُودُ طَرْحَ الْمَائِعِ الَّذِي هُوَ فِيهِ فَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ طَرْحَهَا فَيُتَّجَهُ الضَّرَرُ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ طَرْحَهُمَا فَلَا يَبْعُدُ أَيْضًا الضَّرَرُ؛ لِأَنَّهُ طَرَحَهَا قَصْدًا وَطَرَحَ غَيْرَهَا مَعَهَا لَا يُنَافِي ذَلِكَ، وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ قَصْدٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ إنْ كَانَ فِي مَحَلِّ الْحَاجَةِ إلَى ضَمِّ أَحَدِ الْمَائِعَيْنِ إلَى الْآخَرِ لَمْ يَضُرَّ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ، وَلَمْ يَقْصِدْ طَرْحَهَا بِخُصُوصِهَا.

(فَرْعٌ)

لَوْ طَرَحَهَا حَيَّةً فَمَاتَتْ قَبْلَ وُصُولِهَا لِلْمَائِعِ أَوْ مَيِّتَةً فَحَيِيَتْ قَبْلَ وُصُولِهَا إلَيْهِ فَالْمُتَّجَهُ وِفَاقًا لِبَعْضِ مَشَايِخِنَا أَنَّهَا لَا تُنَجَّسُ فِي الْحَالَيْنِ (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ قِيَاسَ الضَّرَرِ هُنَاكَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ الضَّرَرُ هُنَا لَكِنَّ الْوَجْهَ عَلَى هَذَا اغْتِفَارُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ كَمَا لَوْ أَرَادَ أَنْ يَضَعَ لِحَاجَةٍ فِي قِنْدِيلٍ فِيهِ مَاءٌ أَوْ دَهَنَ دُهْنًا أَوْ مَاءً فِيهِ تِلْكَ الْمَيْتَةُ فَلْيُتَأَمَّلْ عَلَى أَنَّ الْمُتَّجَهَ الْفَرْقُ عَلَى طَرِيقِ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ بِنَحْوِ أُصْبُعٍ) أَيْ أَوْ عُودٍ وَلَا يَتَنَجَّسُ الْأُصْبُعُ وَلَا الْعُودُ، وَانْظُرْ لَوْ دَعَتْ الْحَاجَةُ لِتَعَدُّدِ الْأُصْبُعِ (قَوْلُهُ إذْ لَوْ أَرَادُوا هَذَا لَمْ يَصِحَّ) فِيهِ تَأَمُّلٌ (قَوْلُهُ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ) ضَبَّبَ بَيْنَهُ

ص: 93

وَكَذَا لَوْ صَفَّى مَاءً هِيَ فِيهِ مِنْ خِرْقَةٍ عَلَى مَائِعٍ آخَرَ إذْ لَا طَرْحَ هُنَا أَصْلًا وَلَا أَثَرَ لِطَرْحِ نَحْوِ الرِّيحِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْمُكَلَّفِينَ وَلَا لِطَرْحِ الْحَيِّ مُطْلَقًا أَوْ الْمَيْتَةِ الَّتِي نَشْؤُهَا مِنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمَا أَيْ مِنْ جِنْسِهِ، وَفَرْضُ كَلَامِهِمَا فِي حَيٍّ طُرِحَ فِيمَا مَنْشَؤُهُ مِنْهُ، ثُمَّ مَاتَ فِيهِ بِدَلِيلِ كَلَامِ التَّهْذِيبِ مَمْنُوعٌ إذْ طَرْحُهَا حَيَّةً لَا يَضُرُّ مُطْلَقًا، وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ قَالَ أَصْحَابُنَا فَإِنْ أُخْرِجَ هَذَا الْحَيَوَانُ مِمَّا مَاتَ فِيهِ وَأُلْقِيَ فِي مَائِعٍ غَيْرِهِ أُورِدَ إلَيْهِ فَهَلْ يُنَجَّسُ فِيهِ الْقَوْلَانِ فِي الْحَيَوَانِ الْأَجْنَبِيِّ أَيْ الَّذِي وَقَعَ بِنَفْسِهِ، وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي الطَّرِيقَيْنِ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ اهـ فَتَأَمَّلْهُ لِيَنْدَفِعَ بِهِ مَا لِكَثِيرِينَ هُنَا.

(تَنْبِيهٌ)

مَا ذَكَرْته مِنْ التَّفْصِيلِ فِي الْمَطْرُوحَةِ هُوَ مَا عَلَيْهِ جَمْعٌ مِنْ مُحَقِّقِي الْمُتَأَخِّرِينَ وَجَرَى أَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّ الْمَطْرُوحَةَ

إلَى قَوْلِهِ أَوْ الْمَيْتَةُ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ صَفَا مَاءٌ هِيَ فِيهِ إلَخْ) أَيْ وَلَا يَضُرُّ طَرْحُ الْمَائِعِ فِي الْحُرْمَةِ عَلَى الْمُجْتَمِعِ فِيهِ مِنْ الْمَيْتَاتِ الْحَاصِلَةِ مِنْ تَصْفِيَةِ مَائِعٍ سَابِقَةً لَكِنْ هَذَا ظَاهِرٌ مَعَ تَوَاصُلِ الصَّبِّ، وَكَذَا مَعَ تَفَاصُلِهِ عَادَةً فَلَوْ فُصِلَ بِنَحْوِ يَوْمٍ مَثَلًا، ثُمَّ صُبَّ فِي الْخِرْقَةِ مَعَ بَقَاءِ الْمَيْتَاتِ الْمُجْتَمِعَةِ مِنْ التَّصْفِيَةِ السَّابِقَةِ فِيهَا فَلَا يَبْعُدُ الضَّرَرُ إذْ لَا يَشُقُّ تَنْظِيفُ الْخِرْقَةِ مِنْهَا قَبْلَ الصَّبِّ، وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْعَفْوِ وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّهُ كَمَا يَضُرُّ طَرْحُهَا عَلَى الْبَائِعِ يَضُرُّ طَرْحُ الْمَائِعِ عَلَيْهَا فِي غَيْرِ مَا ذُكِرَ مِنْ نَحْوِ التَّصْفِيَةِ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ جَهِلَهَا سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ وَكَذَا إلَخْ) أَيْ لَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ إذْ لَا طَرْحَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي؛ لِأَنَّهُ يَضَعُ الْمَائِعَ وَفِيهِ الْمَيْتَةُ مُتَّصِلَةً بِهِ، ثُمَّ يَتَصَفَّى مِنْهَا الْمَائِعُ، وَتَبْقَى هِيَ مُنْفَرِدَةً لَا أَنَّهُ طَرَحَ الْمَيْتَةَ فِي الْمَائِعِ اهـ وَمِنْ تَوْجِيهِهِمَا بِقَوْلِهِمَا لَا أَنَّهُ طَرَحَ الْمَيْتَةَ إلَخْ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ طَرَحَهَا مَعَهُ عَلَى مَائِعٍ آخَرَ ضَرَّ، وَهُوَ مَا سَبَقَ فِي الشَّرْحِ عَنْ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ فَتَذَكَّرْ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ نَحْوُ الرِّيحِ) أَيْ كَالْبَهِيمَةِ وِفَاقًا لِلْمُغْنِي وَخِلَافًا لِلنِّهَايَةِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَنْشَؤُهُ مِنْهُ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ أَمَاتَ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْ لَا نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ أَوْ الْمَيْتَةُ إلَخْ) خِلَافًا لِصَنِيعِ الْمُغْنِي وَصَرِيحِ النِّهَايَةِ عِبَارَتُهُ وَحَاصِلُ الْمُعْتَمَدِ فِي ذَلِكَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْبَهْجَةِ مَنْطُوقًا وَمَفْهُومًا

وَاعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَفْتَى بِهِ أَنَّهَا إنْ طُرِحَتْ حَيَّةً لَمْ يَضُرَّ سَوَاءٌ كَانَ نَشْؤُهَا مِنْهُ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ أَمَاتَتْ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْ لَا إنْ لَمْ تُغَيِّرْهُ، وَإِنْ طُرِحَتْ ضَرَّ سَوَاءٌ كَانَ نَشْؤُهَا مِنْهُ أَمْ لَا وَأَنَّ وُقُوعَهَا بِنَفْسِهَا لَا يَضُرُّ مُطْلَقًا فَيُعْفَى عَنْهُ كَمَا يُعْفَى عَمَّا يَقَعُ بِالرِّيحِ، وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا وَلَمْ يَكُنْ نَشْؤُهُ مِنْهُ إنْ لَمْ يُغَيِّرْهُ، وَلَيْسَ الصَّبِيُّ وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ، وَالْبَهِيمَةُ كَالرِّيحِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ لَهُمَا اخْتِيَارًا فِي الْجُمْلَةِ اهـ وَقَوْلُهُ وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ وِفَاقًا لِلشَّارِحِ وَخِلَافًا لِلْمُغْنِي، وَقَوْلُهُ وَالْبَهِيمَةُ خِلَافًا لَهُمَا كَمَا مَرَّ كُلُّهُ (قَوْلُهُ نَشْؤُهَا) بِفَتْحِ النُّونِ وَضَمِّ الْهَمْزَةِ كُرْدِيٌّ وَعِ ش.

(قَوْلُهُ كَمَا هُوَ إلَخْ) أَيْ عَدَمُ ضَرَرِ طَرْحِ الْمَيْتَةِ الَّتِي إلَخْ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ أَيْ مِنْ جِنْسِهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ ذَلِكَ الْفَرْدِ سم عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ عَنْ حَاشِيَةِ الشَّارِحِ عَلَى تُحْفَتِهِ الْمُرَادُ الْجِنْسُ فَمَا نَشَأَ فِي طَعَامٍ وَمَاتَ فِيهِ، ثُمَّ أُخْرِجَ وَأُعِيدَ فِي ذَلِكَ الطَّعَامِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَطْعِمَةِ لَا يَضُرُّ وَمِنْهَا الْمَاءُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ بَعْضُ الْعِبَارَاتِ حَيْثُ مَثَّلْت لِذَلِكَ بِدُودِ خَلٍّ طُرِحَ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ اهـ.

(قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ نَشَأَتْ مِنْ الْمَطْرُوحِ فِيهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ إلَخْ) تَأْيِيدٌ لِقَوْلِهِ وَالْمَيْتَةُ الَّتِي إلَخْ قَوْلُهُ هَذَا الْحَيَوَانُ أَيْ الَّذِي نَشَأَ مِنْ جِنْسٍ مَائِعٍ مَاتَ فِيهِ وَقَوْلُهُ فِي مَائِعٍ غَيْرِهِ أَيْ مِنْ جِنْسِهِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ فِي الْحَيَوَانِ الْأَجْنَبِيِّ) أَيْ فِي الْحَيَوَانِ الَّذِي مَاتَ فِي مَائِعٍ لَمْ يَنْشَأْ مِنْ جِنْسِهِ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ عَدَمُ ضَرَرِ الْحَيَوَانِ الْأَجْنَبِيِّ الَّذِي وَقَعَ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ فِي الطَّرِيقَيْنِ) لَعَلَّهُ أَرَادَ بِهِمَا الْمَشْهُورَ وَمُقَابِلُهُ (قَوْلُهُ جَمْعٌ مِنْ مُحَقِّقِي الْمُتَأَخِّرِينَ) مِنْهُمْ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَوَلَدُهُ وَالشَّمْسُ الشِّرْبِينِيُّ بَصْرِيٌّ وَمَعْلُومٌ مِمَّا قَدَّمْته أَنَّهُمْ وَافَقُوا الشَّارِحَ فِي أَصْلِ التَّفْصِيلِ لَا فِي شَخْصِهِ (قَوْلُهُ وَجَرَى أَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّ الْمَطْرُوحَةَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ عَلَى شَرْحِ بَافَضْلٍ أَطْلَقَ كَثِيرُونَ ضَرَرَ الطَّرْحِ وَاسْتَثْنَى الْجَمَالُ الرَّمْلِيِّ الرِّيحَ فَلَا يَضُرُّ طَرْحُهُ وَزَادَ الشَّارِحُ فِي التُّحْفَةِ طَرْحَ الْبَهِيمَةِ فَلَا يَضُرُّ وَاعْتَمَدَ الطَّبَلَاوِيُّ وَالْخَطِيبُ الشِّرْبِينِيُّ أَنَّهُ إذَا طَرَحَهَا غَيْرَ مُمَيِّزٍ لَمْ يَضُرَّ، وَزَادَ الْخَطِيبُ أَنَّهُ لَوْ طَرَحَهَا شَخْصٌ بِلَا قَصْدٍ أَوْ قَصَدَ طَرْحَهَا عَلَى مَكَان فَوَقَعَتْ فِي الْمَائِعِ لَا يَضُرُّ، وَجَرَى الْبُلْقِينِيُّ عَلَى عَدَمِ ضَرَرِ الطَّرْحِ مُطْلَقًا.

وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ اعْتِمَادُهُ وَفِي حَاشِيَتِهِ عَلَى تُحْفَتِهِ بَعْدَ كَلَامٍ طَوِيلٍ مَا نَصُّهُ وَاعْلَمْ أَنَّك إذَا تَأَمَّلْت جَمِيعَ مَا تَقَرَّرَ ظَهَرَ لَك مِنْهُ أَنَّهُ مَا مِنْ صُورَةٍ مِنْ صُوَرِ مَا لَا دَمَ لَهُ سَائِلٌ طُرِحَ أَوْ لَا مَنْشَؤُهُ مِنْ الْمَاءِ أَوْ لَا إلَّا وَفِيهَا خِلَافٌ فِي التَّنْجِيسِ وَعَدَمِهِ لَكِنْ تَارَةً يَقْوَى الْخِلَافُ وَتَارَةً لَا، وَفِي هَذَا رُخْصَةٌ عَظِيمَةٌ فِي الْعَفْوِ عَنْ سَائِرِ هَذِهِ الصُّوَرِ، أَمَّا عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَوْ عَلَى مُقَابِلِهِ، وَأَنَّ مَنْ وَقَعَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ يَجِدْ طَهَارَةَ

وَبَيْنَ قَوْلِهِ رُدَّ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ صَفَّى مَا هِيَ فِيهِ مِنْ خِرْقَةٍ) أَيْ وَلَا يَضُرُّ طَرْحُ الْمَائِعِ فِي الْخِرْقَةِ عَلَى الْمُجْتَمِعِ فِيهِ مِنْ الْمَيْتَاتِ الْحَاصِلَةِ مِنْ تَصْفِيَةِ مَائِعٍ سَابِقَةٍ لَكِنْ هَذَا ظَاهِرٌ مَعَ تَوَاصُلِ الصَّبِّ وَكَذَا مَعَ تَفَاصُلِهِ عَادَةً فَلَوْ فُصِلَ بِنَحْوِ يَوْمٍ مَثَلًا ثُمَّ صُبَّ فِي الْخِرْقَةِ مَعَ بَقَاءِ الْمَيْتَاتِ الْمُجْتَمِعَةِ مِنْ التَّصْفِيَةِ السَّابِقَةِ فِيهَا فَلَا يَبْعُدُ الضَّرَرُ إذْ لَا يَشُقُّ تَنْظِيفُ الْخِرْقَةِ مِنْهَا قَبْلَ الصَّبِّ، وَالْحَالُ مَا ذُكِرَ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْعَفْوِ وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّهُ يَضُرُّ طَرْحُهَا عَلَى الْمَائِعِ وَيَضُرُّ طَرْحُ الْمَائِعِ عَلَيْهَا فِي غَيْرِ مَا ذُكِرَ مِنْ نَحْوِ التَّصْفِيَةِ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ جَهِلَهَا (قَوْلُهُ أَيْ مِنْ جِنْسِهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ

ص: 94

تَضُرُّ مُطْلَقًا وَجَمْعٌ مِنْهُمْ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَدَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ تَنْقِيحِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ الطَّرْحُ مُطْلَقًا، وَبَيَّنْت مَا فِي ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ (تَنْبِيهٌ آخَرُ)

يَظْهَرُ مِنْ الْخَبَرِ السَّابِقِ نَدْبُ غَمْسِ الذُّبَابِ لِدَفْعِ ضَرَرِهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَأْتِي فِي غَيْرِهِ بَلْ لَوْ قِيلَ بِمَنْعِهِ فَإِنَّ فِيهِ تَعْذِيبًا بِلَا حَاجَةٍ لَمْ يَبْعُدْ، ثُمَّ رَأَيْت الدَّمِيرِيِّ صَرَّحَ بِالنَّدْبِ وَبِتَعْمِيمِهِ قَالَ: لِأَنَّ الْكُلَّ يُسَمَّى ذُبَابًا لُغَةً إلَّا النَّحْلَ لِحُرْمَةِ قَتْلِهِ اهـ، وَالْوَجْهُ مَا ذَكَرْته، وَتِلْكَ التَّسْمِيَةُ شَاذَّةٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُعَوِّلْ عَلَيْهَا فِي الْقَامُوسِ، وَعِبَارَتُهُ وَالذُّبَابُ مَعْرُوفٌ وَالنَّحْلُ وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِالْأَظْهَرِ وَمَا هُنَا أَوْلَى إذْ لَا فَرْقَ لِلْخِلَافِ مَعَ هَذَا الْخَبَرِ.

(وَكَذَا) يُسْتَثْنَى (فِي قَوْلٍ نَجِسٌ) غَيْرُ مُغَلَّظٍ وَلَيْسَ بِفِعْلِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ (لَا يُدْرِكُهُ) لِقِلَّتِهِ وَلَوْ احْتِمَالًا بِأَنْ شَكَّ أَيُدْرِكُهُ أَوْ لَا فِيمَا يَظْهَرُ عَمَلًا بِالْأَصْلِ (طَرَفٌ) أَيْ بَصَرٌ مُعْتَدِلٌ مَعَ فَرْضِ مُخَالَفَةِ لَوْنِ الْوَاقِعِ عَلَيْهِ لَهُ

مَا وَقَعَ فِيهِ أَوْ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ إلَّا عَلَى ضَعِيفٍ جَازَ لَهُ تَقْلِيدُهُ بِشَرْطِهِ هَذَا كُلُّهُ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَةِ مَيْتَتِهِ أَمَّا عَلَى رَأْيِ جَمَاعَةٍ أَنَّهَا طَاهِرَةٌ فَلَا إشْكَالَ فِي جَوَازِ تَقْلِيدِ الْقَائِلِينَ بِذَلِكَ، وَعَلَى الرَّاجِحِ السَّابِقِ فِي الْمَطْرُوحِ اسْتَثْنَى الدَّارِمِيُّ مَا يَحْتَاجُ لِطَرْحِهِ كَوَضْعِ لَحْمٍ مُدَوِّدٍ فِي قِدْرِ الطَّبِيخِ فَمَاتَ مَعَهُ دُودٌ فَلَا يُنَجِّسُهُ عَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ مَعَ أَنَّهُ طَرَحَهُ، وَيُقَاسُ بِذَلِكَ سَائِرُ صُوَرِ الْحَاجَةِ انْتَهَى اهـ كَلَامُ الْكُرْدِيِّ.

(قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا مِنْ جِنْسِ الْمُكَلَّفِ أَوْ غَيْرِهِ نَشَأَتْ مِنْ الْمَائِعِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ مَا فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي كُلٍّ مِنْ الْإِطْلَاقَيْنِ (قَوْلُهُ بَلْ قِيلَ بِمَنْعِهِ إلَخْ) قَضِيَّةُ صَنِيعِ النِّهَايَةِ اخْتِصَاصُ النَّدْبِ بِالذُّبَابِ وَالْحُرْمَةِ بِالنَّحْلِ.

(قَوْلُهُ لَا يَأْتِي فِي غَيْرِهِ) أَيْ لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ طُلِبَ غَمْسُ الذُّبَابِ وَهُوَ مُقَاوَمَةُ الدَّوَاءِ الدَّاءَ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَالْوَجْهُ مَا ذَكَرْته) أَيْ مَنْعُ غَمْسِ غَيْرِ الذُّبَابِ عِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ الْغَمْسُ خَاصٌّ بِالذُّبَابِ أَمَّا غَيْرُهُ فَيَحْرُمُ غَمْسُهُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى إهْلَاكِهِ انْتَهَتْ اهـ ع ش قَالَ النِّهَايَةُ وَمَحَلُّ جَوَازِ الْغَمْسِ أَوْ الِاسْتِحْبَابِ إذَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ التَّغَيُّرُ بِهِ أَيْ بِأَنْ يَمُوتَ بِهِ وَيُغَيِّرُهُ وَإِلَّا حَرُمَ لِمَا فِيهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ اهـ زَادَ سم عَلَى صَاحِبِهِ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمَاءِ الْقَلِيلِ أَخْذًا مِنْ عَدَمِ حُرْمَةِ الْبَوْلِ فِيهِ، وَكَذَا فِيهِ إذَا أَدَّى إلَى تَضَمُّنٍ بِالنَّجَاسَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَالنَّحْلُ) عِبَارَةُ الْقَامُوسِ وَالنَّحْلُ ذُبَابُ الْعَسَلِ وَاحِدَتُهَا بِهَاءٍ اهـ أَيْ مُفْرَدُهَا نَحْلَةٌ بِالتَّاءِ أُوقْيَانُوسُ (قَوْلُهُ وَمَا هُنَا) أَيْ التَّعْبِيرُ بِالْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ مَعَ هَذَا الْخَبَرِ) أَيْ إذَا وَقَعَ الذُّبَابُ إلَخْ.

قَوْلُ الْمَتْنِ (نَجِسٌ لَا يُدْرِكُهُ إلَخْ) فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ الْعِلْمُ بِوُجُودِهِ أُجِيبَ بِمَا إذَا عَفَّ الذُّبَابُ عَلَى نَجِسٍ رَطْبٍ، ثُمَّ وَقَعَ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ أَوْ مَائِعٍ فَإِنَّهُ لَا يُنَجَّسُ مَعَ أَنَّهُ عَلَّقَ فِي رِجْلِهِ نَجَاسَةً لَا يُدْرِكُهَا الطَّرْفُ، وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ أَيْضًا بِمَا إذَا رَآهُ قَوِيُّ الْبَصَرِ دُونَ مُعْتَمَدٍ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يُنَجَّسُ أَيْضًا شَيْخُنَا وَبُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ غَيْرُ مُغَلَّظٍ) وِفَاقًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ، وَاعْتَمَدَ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُغَلَّظِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ بِفِعْلِهِ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ عِبَارَتُهُ وَلَوْ رَأَى ذُبَابَةً عَلَى نَجَاسَةٍ أَيْ رَطْبَةٍ فَأَمْسَكَهَا حَتَّى أَلْصَقَهَا بِبَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ أَوْ طَرَحَهَا فِي نَحْوِ مَاءٍ قَلِيلٍ اُتُّجِهَ التَّنْجِيسُ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أُلْقِيَ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةَ مَيْتَةً فِي ذَلِكَ اهـ.

وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا وَالْبُجَيْرِمِيِّ مِنْ أَنَّ ابْنَ حَجَرٍ قَيَّدَ الْعَفْوَ بِمَا إذْ الَمْ يَكُنْ بِفِعْلِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الرَّمْلِيِّ الْإِطْلَاقُ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُمْ وَظَاهِرُ كَلَامِ الرَّمْلِيِّ عَلَى مَا فِي غَيْرِ النِّهَايَةِ عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ عَلَى شَرْحِ بَافَضْلٍ قَوْلُهُ وَلَمْ يَحْصُلْ بِفِعْلِهِ كَذَلِكَ التُّحْفَةُ وَغَيْرُهَا، وَاعْتَمَدَهُ الزِّيَادِيُّ وَجَزَمَ بِهِ الْحَلَبِيُّ وَنَقَلَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ عَنْ الْجَمَالِ الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ ارْتَضَى الْعَفْوَ، وَإِنْ حَصَلَ بِفِعْلِهِ وَقَالَ الْقَلْيُوبِيُّ سَوَاءٌ وَقَعَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِفِعْلِ فَاعِلٍ وَلَوْ قَصْدًا بِدَلِيلِ إطْلَاقِهِ مَعَ التَّفْصِيلِ فِي الْمَيْتَةِ، وَبَعْضُهُمْ قَيَّدَهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَنْ قَصْدٍ انْتَهَى، وَعَبَّرَ الشَّارِحُ فِي الْإِمْدَادِ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يَحْصُلْ بِفِعْلِهِ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ لَكِنْ يُنَازَعُ فِيهِ الْعَفْوُ عَنْ قَلِيلِ دَمٍ نَحْوُ الْقَمْلَةِ الْمَقْتُولَةِ قَصْدًا إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ ذَاكَ يَحْتَاجُ إلَيْهِ بِخِلَافِ هَذَا انْتَهَى.

وَفِيمَا نَقَلَهُ عَنْ سم مَا مَرَّ (قَوْلُهُ لِقِلَّتِهِ) كَنُقْطَةِ بَوْلٍ وَخَمْرٍ وَمَا يَعْلَقُ بِنَحْوِ رِجْلِ ذُبَابَةٍ عِنْدَ الْوُقُوعِ فِي النَّجَاسَةِ فَيُعْفَى عَنْ ذَلِكَ فِي الْمَاءِ وَغَيْرِهِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ أَيْ بَصَرٍ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَلَوْ اجْتَمَعَ إلَى رَطْبًا (قَوْلُهُ أَيْ بَصَرٍ مُعْتَدِلٍ) أَيْ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةِ الشَّمْسِ قَلْيُوبِيٌّ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْعِبْرَةُ بِكَوْنِهِ لَا يُرَى لِلْبَصَرِ الْمُعْتَدِلِ مَعَ عَدَمِ مَانِعٍ فَلَوْ رَأَى قَوِيُّ النَّظَرِ مَا لَا يَرَاهُ غَيْرُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَالظَّاهِرُ الْعَفْوُ كَمَا فِي نِدَاءِ الْجُمُعَةِ نَعَمْ يَظْهَرُ فِيمَا لَا يُدْرِكُهُ الْبَصَرُ الْمُعْتَدِلُ فِي الظِّلِّ وَيُدْرِكُهُ بِوَاسِطَةِ الشَّمْسِ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِإِدْرَاكِهِ لَهُ بِوَاسِطَتِهَا لِكَوْنِهَا تَزِيدُ فِي التَّجَلِّي فَأَشْبَهَتْ رُؤْيَتُهُ حِينَئِذٍ رُؤْيَةَ حَدِيدِ الْبَصَرِ اهـ.

(قَوْلُهُ مَعَ فَرْضِ مُخَالَفَتِهِ إلَخْ) عُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ يَسِيرَ الدَّمِ وَنَحْوَهُ مِمَّا لَا يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ إذَا وَقَعَ عَلَى ثَوْبٍ أَحْمَرَ، وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ أَبْيَضُ رُئِيَ لَمْ يُعْفَ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يُرَ عَلَى الْأَحْمَرِ نِهَايَةٌ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر مِمَّا لَا يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ أَيْ كَدَمِ الْمَنَافِذِ أَوْ دَمٍ اخْتَلَطَ بِغَيْرِهِ فَلَا يُقَالُ إنَّ يَسِيرَ الدَّمِ يُعْفَى عَنْهُ، ثُمَّ الْكَلَامُ

لِفَرْدٍ (قَوْلُهُ نُدِبَ غَمْسُ الذُّبَابِ إلَخْ) مَحَلُّ جَوَازِ الْغَمْسِ أَوْ نَدْبُهُ إذَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ التَّغَيُّرُ بِهِ أَيْ بِأَنْ يَمُوتَ بِهِ، وَيُغَيَّرُ وَإِلَّا حَرُمَ لِمَا فِيهِ مِنْ إتْلَافِ الْمَالِ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمَاءِ الْقَلِيلِ أَخْذًا مِنْ عُمُومِ حُرْمَةِ الْبَوْلِ فِيهِ وَكَذَا فِيهِ إذَا أَدَّى إلَى تَضَمُّخٍ بِالنَّجَاسَةِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبَوْلَ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ إتْلَافٌ أَنَّ مَظِنَّةَ الْحَاجَةِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ الظَّاهِرِ الْمُجَرَّبِ مِنْهُ بِخِلَافِ الْغَمْسِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ نُدِبَ م ر.

(قَوْلُهُ غَيْرُ مُغَلَّظٍ) كَذَا قَيَّدَ وَخُولِفَ (قَوْلُهُ

ص: 95

فَلَا يُنَجَّسُ، وَإِنْ تَعَدَّدَتْ مَحَالُّهُ وَلَوْ اجْتَمَعَ لَكَثُرَ عَلَى خِلَافٍ يَأْتِي فِي نَظِيرِهِ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ رَطْبًا لِلْمَشَقَّةِ أَيْضًا أَيْ نَظَرًا لِمَا مِنْ شَأْنِهِ، وَمِنْ ثَمَّ مَثَّلُوهُ بِنُقْطَةِ خَمْرٍ (قُلْت ذَا الْقَوْلُ أَظْهَرُ) مِنْ الْقَوْلِ الْآخَرِ الَّذِي لَا يُسْتَثْنَى هَذَا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) .

وَيُسْتَثْنَى صُوَرٌ أُخْرَى اسْتَوْعَبْتهَا مَعَ بَيَانِ مَا فِيهَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ مِنْهَا مَا عَلَى رِجْلِ الذُّبَابِ وَإِنْ رُئِيَ وَيَسِيرٌ عُرْفًا مِنْ شَعْرٍ أَوْ رِيشٍ

فِيمَا لَوْ فُرِضَ بِالْفِعْلِ وَخَالَفَ أَمَّا لَوْ اتَّفَقَ أَنَّهُ لَمْ يُفْرَضْ أَصْلًا وَشَكَّ فِي كَوْنِهِ يُدْرِكُهُ الطَّرْفُ أَوْ لَا لَمْ يَضُرَّ لِلشَّكِّ فِي النَّجَاسَةِ بِهِ، وَنَحْنُ لَا نُنَجِّسُ مَعَ الشَّكِّ اهـ.

(قَوْلُهُ فَلَا يُنَجِّسُ إلَخْ) وَلَوْ وَقَعَ الذُّبَابُ عَلَى دَمٍ، ثُمَّ طَارَ وَوَقَعَ عَلَى نَحْوِ ثَوْبٍ اُتُّجِهَ الْعَفْوُ جَزْمًا؛ لِأَنَّا إذَا قُلْنَا بِالْعَفْوِ فِي الدَّمِ الْمُشَاهَدِ فَلَأَنْ نَقُولَ بِهِ فِيمَا لَمْ يُشَاهَدْ مِنْهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ اجْتَمَعَ إلَخْ) خِلَافًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ وَالنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي عِبَارَةُ الثَّانِي، وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ أَيْ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ وُقُوعِهِ فِي مَحَلٍّ وَوُقُوعِهِ فِي مَحَالَّ وَهُوَ قَوِيٌّ لَكِنْ قَالَ الْجِيلِيُّ صُورَتُهُ أَنْ يَقَعَ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ، وَإِلَّا فَلَهُ حُكْمُ مَا يُدْرِكُهُ الطَّرْفُ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي كَلَامِ الْإِمَامِ إشَارَةٌ إلَيْهِ كَذَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَأَقَرَّهُ وَهُوَ غَرِيبٌ.

قَالَ الشَّيْخُ وَالْأَوْجَهُ تَصْوِيرُهُ بِالْيَسِيرِ عُرْفًا لَا بِوُقُوعِهِ فِي مَحَلٍّ اهـ زَادَ الْمُغْنِي وَهُوَ حَسَنٌ اهـ.

وَفِي النِّهَايَةِ بَعْدَ ذَلِكَ كَلَامٌ آخَرُ قَدْ يُخَالِفُ مَا مَرَّ مِنْهُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ سم وَالْبَصْرِيُّ لَكِنْ حَمَلَهُ ع ش عَلَى مَا يُوَافِقُ الْأَوَّلَ وَارْتَضَى بِهِ شَيْخُنَا عِبَارَتَهُ أَيْ شَيْخُنَا وَمُقْتَضَى كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي النَّجَاسَةِ الْمَذْكُورَةِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ أَوْ مَحَالَّ لَكِنْ قَيَّدَ بَعْضُهُمْ الْعَفْوَ عَمَّا لَا يُدْرِكُهُ الطَّرْفُ بِمَا إذَا لَمْ يَكْثُرْ بِحَيْثُ يَجْتَمِعُ مِنْهُ مَا يُحَسُّ قَالَ الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِهِ وَهُوَ كَمَا قَالَ اهـ أَيْ حَيْثُ كَثُرَ عُرْفًا وَإِلَّا فَيُعْفَى عَنْهُ كَمَا قَالَهُ الشبراملسي عَلَيْهِ وَأَطْلَقَ عَطِيَّةُ الْعَفْوَ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِكُلِّ مَوْضِعٍ عَلَى حِدَتِهِ اهـ.

وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ إنَّ مُعْتَمَدَ النِّهَايَةِ مَا ذَكَرَهُ آخِرًا بِقَوْلِهِ لَكِنْ قَيَّدَ بَعْضُهُمْ إلَخْ، وَأَنَّ قَوْلَهُ أَوَّلًا قَالَ الشَّيْخُ وَالْأَوْجَهُ إلَخْ إنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ حِكَايَةٍ لِمَا اسْتَوْجَهَهُ الشَّيْخُ اهـ وَاعْتَمَدَ سم أَيْضًا مَا قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ بِمَا نَصُّهُ عِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَلَوْ كَانَ بِمَوَاضِعَ مُتَفَرِّقَةٍ وَلَوْ اجْتَمَعَ لَرُئِيَ لَمْ يُعْفَ عَنْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ انْتَهَتْ، وَيُتَّجَهُ الْعَفْوُ إذَا كَانَ الْمَجْمُوعُ يَسِيرًا عُرْفًا كَمَا قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَأَقَرَّهُ مُحَمَّدٌ الرَّمْلِيُّ اهـ.

(قَوْلُهُ رَطْبًا) وَكَذَا جَافًّا كَثَوْبٍ وَبَدَنٍ جَافَّيْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَكَذَا يُعْفَى عَنْهُ لَا كُلُّ مَا اتَّصَلَ بِهِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ مَا نَصُّهُ إنَّ مِنْ النَّجِسِ مَا يَحِلُّ تَنَاوُلُهُ كَنَجَاسَةٍ لَا يُدْرِكُهَا الطَّرْفُ اتَّصَلَتْ بِمَأْكُولٍ فَإِنَّهُ يَحِلُّ تَنَاوُلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَكَغُبَارِ سِرْجِينٍ اتَّصَلَ بِطَعَامٍ أَوْ دَخَلَ الْفَمَ لَا يَحْرُمُ ابْتِلَاعُهُ، وَكَذَا قَلِيلُ دُخَانِ النَّجَاسَةِ انْتَهَى سم (قَوْلُهُ أَيْ نَظَرًا إلَخْ) عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ أَيْ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَشُقَّ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْأَفْرَادِ لَا يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ كَنُقْطَةِ خَمْرٍ قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَلَا تَرَى أَنَّ دَمَ نَحْوِ الْبَرَاغِيثِ يُعْفَى عَنْ كَثِيرِهِ وَلَوْ فِي نَاحِيَةٍ تَنْدُرُ فِيهَا الْبَرَاغِيثُ نَظَرًا لِاعْتِبَارِ مَا مِنْ شَأْنِهِ وَجِنْسِهِ إلَخْ انْتَهَى اهـ.

(قَوْلُهُ لِمَا مِنْ شَأْنِهِ) أَيْ الْمَشَقَّةُ.

(قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى صُوَرٌ أُخْرَى إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ حَيْثُ قِيلَ بِالْعَفْوِ عَنْهَا بَيْنَ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا لَكِنْ فِي سم مَا نَصُّهُ قِيلَ وَالتَّحْقِيقُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْحُكْمُ بِالتَّنْجِيسِ، وَلَكِنْ يُعْفَى عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ اهـ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ جَزْمٌ بِاعْتِمَادِهِ حَتَّى يُجْعَلَ مُخَالِفًا لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ م ر ع ش.

(قَوْلُهُ مِنْهَا مَا عَلَى رِجْلِ الذُّبَابِ إلَخْ) أَيْ وَمَا يَقَعُ مِنْ بَعْرِ الشَّاةِ فِي اللَّبَنِ فِي حَالِ الْحَلْبِ فَلَوْ شَكَّ أَوَقَعَ فِي حَالِ الْحَلْبِ أَوْ لَا فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يُنَجِّسُ إذْ شَرْطُ الْعَفْوِ لَمْ نَتَحَقَّقْهُ نِهَايَةٌ وَسَمِّ قَالَ ع ش وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي الْعَفْوِ أَيْضًا تَلْوِيثُ ضَرْعِ الدَّابَّةِ بِنَجَاسَةٍ تَتَمَرَّغُ فِيهَا أَوْ تُوضَعُ عَلَيْهِ لِمَنْعِ وَلَدِهَا مِنْ شُرْبِهَا وَمَا لَوْ وُضِعَ الْإِنَاءُ فِي الرَّمَادِ أَوْ التَّنُّورِ لِتَسْخِينِهِ فَتَطَايَرَ مِنْهُ رَمَادٌ وَوَصَلَ لِمَا فِي الْإِنَاءِ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْ ذَلِكَ اهـ.

(قَوْلُهُ وَيَسِيرٌ إلَخْ) وَقَلِيلُ الدَّمِ الْبَاقِي عَلَى اللَّحْمِ وَالْعَظْمِ شَرْحُ بَافَضْلٍ.

وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِالْقَلِيلِ (قَوْلُهُ عُرْفًا إلَخْ) وَفِي حَاشِيَةِ الْهَاتِفِيِّ عَلَى التُّحْفَةِ مَا نَصُّهُ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ اقْتِصَارَ الرَّافِعِيِّ

وَلَوْ اجْتَمَعَ لَكَثُرَ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَلَوْ كَانَ بِمَوَاضِعَ مُتَفَرِّقَةٍ، وَلَوْ اجْتَمَعَ لَرُئِيَ لَمْ يَعْفُ عَنْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ اهـ وَقَدْ يُتَّجَهُ الْعَفْوُ إذَا كَانَ الْمَجْمُوعُ يَسِيرًا عُرْفًا كَمَا قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، وَقَدْ أَقَرَّ م ر شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَى قَوْلِهِ إنَّ الْوَجْهَ التَّصْوِيرُ بِالْيَسِيرِ عُرْفًا لَا بِوُقُوعِهِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ ثُمَّ قَالَ: وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ الْعَفْوَ عَمَّا يُدْرِكُهُ الطَّرْفُ بِمَا إذَا لَمْ يَكْثُرْ بِحَيْثُ يَجْتَمِعُ مِنْهُ فِي دَفَعَاتٍ مَا يُحَسُّ وَهُوَ كَمَا قَالَ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ مَعَ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ رَطْبًا) وَكَذَا جَافٍّ كَثَوْبٍ وَبَدَنٍ جَافَّيْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَكَذَا يُعْفَى عَنْهُ لَا كُلُّ مَا اتَّصَلَ بِهِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ اعْتِرَاضًا عَلَى عَدَمِ جَامِعِيَّةِ تَعْرِيفِ النَّجَاسَةِ الَّذِي ذَكَرَهُ مَا نَصُّهُ؛ لِأَنَّ مِنْ النَّجِسِ مَا يَحِلُّ تَنَاوُلُهُ كَنَجَاسَةٍ لَا يُدْرِكُهَا الطَّرَفُ اتَّصَلَتْ بِمَأْكُولٍ فَإِنَّهُ يَحِلُّ تَنَاوُلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ مِنْ جُمْلَتِهِ ثُمَّ قَالَ وَكَغُبَارٍ سِرْجِينٌ اتَّصَلَ بِطَعَامٍ أَوْ دَخَلَ الْفَمَ لَا يَحْرُمُ ابْتِلَاعُهُ وَكَذَا قَلِيلُ دُخَانِ النَّجَاسَةِ.

(قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى صُوَرٌ أُخْرَى) فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَنَقَلَ ابْنُ الْعِمَادِ

ص: 96

نَعَمْ الْمَرْكُوبُ يُعْفَى عَنْ كَثِيرِ شَعْرِهِ وَمِنْ دُخَانٍ أَوْ بُخَارٍ تَصَعَّدَ بِنَارٍ وَإِلَّا كَبُخَارِ كَنِيفٍ وَرِيحِ دُبُرٍ رَطْبٍ فَطَاهِرٌ، وَبَحَثَ الْقَمُولِيُّ نَجَاسَةَ جَمِيعِ رَغِيفٍ أَصَابَهُ كَثِيرُهُ لِرُطُوبَتِهِ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ جَامِدٌ فَلَا يَتَنَجَّسُ إلَّا مُمَاسَّةً فَقَطْ وَلَا يُطَهِّرُهُ الْمَاءُ وَمِنْ غُبَارِ سِرْجِينٍ وَمَا عَلَى مَنْفَذِ غَيْرِ آدَمِيٍّ مِمَّا خَرَجَ مِنْهُ

كَابْنِ الصَّبَّاغِ عَلَى شَعْرَتَيْنِ وَسُلَيْمٍ عَلَى ثَلَاثٍ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ التَّحْدِيدُ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ انْتَهَى وَفِي الْإِمْدَادِ وَالْإِيعَابِ لَوْ قُطِّعَتْ شَعْرَةٌ أَوْ رِيشَةٌ أَرْبَعًا فَكَالْوَاحِدَةِ وَفِي فَتَاوَى الشَّارِحِ لَوْ خُلِطَ زَبَادٌ فِيهِ شَعْرَتَانِ أَوْ ثَلَاثٌ بِزَبَادٍ فِيهِ مِثْلُ ذَلِكَ أَوْ لَا شَيْءَ فِيهِ بَحَثَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ مَحَلَّ الْعَفْوِ عَنْ قَلِيلِ شَعْرِ غَيْرِ الْمَأْكُولِ مَا لَمْ يَكُنْ بِفِعْلِهِ فَعَلَيْهِ يُنَجَّسُ الزَّبَادَانِ انْتَهَى اهـ كُرْدِيٌّ أَقُولُ لَا يَبْعُدُ تَقْيِيدُهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي طَرْحِ مَيْتَةٍ لَا دَمَ إلَخْ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْخَلْطُ لِحَاجَةٍ (قَوْلُهُ نَعَمْ الْمَرْكُوبُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ بَافَضْلٍ وَالْكَثِيرُ مِنْهُ لِلرَّاكِبِ اهـ وَكَتَبَ عَلَيْهِ الْكُرْدِيُّ مَا نَصُّهُ عَبَّرَ فِي التُّحْفَةِ وَشَرْحَيْ الْإِرْشَادِ وَالْخَطِيبِ وَالزِّيَادِيِّ وَغَيْرِهِمْ بِالْعَفْوِ عَنْ كَثِيرِ شَعْرِ الْمَرْكُوبِ وَظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ يُفِيدُ وَلَوْ لِغَيْرِ الرَّاكِبِ خِلَافُ مَا جَرَى عَلَيْهِ هُنَا إلَّا أَنْ يُحْمَلَ ذَاكَ عَلَيْهِ.

وَيَدُلُّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِيعَابِ اهـ أَقُولُ وَكَذَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ شَيْخِنَا وَيُعْفَى عَنْهُ فِي نَحْوِ الْقِصَاصِ أَكْثَرُ مِنْ غَيْرِهِ اهـ (قَوْلُهُ وَمِنْ دُخَانٍ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الشَّارِحَ قَدْ ذَكَرَ فِي الْحَاشِيَةِ مَا يُفِيدُ أَنَّ قِلَّةَ الدُّخَانِ وَكَثْرَتَهُ تُعْرَفُ بِالْأَثَرِ الَّذِي يَنْشَأُ عَنْهُ فِي نَحْوِ الثَّوْبِ كَصُفْرَةٍ فَإِنْ كَانَتْ صُفْرَتُهُ فِي الثَّوْبِ قَلِيلَةً فَهُوَ قَلِيلٌ وَإِلَّا فَهُوَ كَثِيرٌ، ثُمَّ قَالَ وَالْعَفْوُ عَنْ الدُّخَانِ فِي الْمَاءِ أَوْلَى مِنْهُ فِي نَحْوِ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ وَيُدْرَكُ فَيُعْلَمُ وُجُودُهُ وَتُدْرَكُ قِلَّتُهُ وَكَثْرَتُهُ بِخِلَافِ الْمَاءِ فَإِذَا عُفِيَ عَنْ قَلِيلِهِ الْمُشَاهَدِ فِي نَحْوِ الثَّوْبِ فَأَوْلَى فِي الْمَاء اهـ.

فَأَفَادَ كَمَا تَرَى فِي الضَّرِّ وَاشْتِرَاطِ الْأَثَرِ فِي نَحْوِ الثَّوْبِ، وَنَقَلَ الْهَاتِفِيُّ عَلَى التُّحْفَةِ عَنْ الْإِيعَابِ أَنَّهُ لَوْ أُوقِدَ نَجَاسَةٌ تَحْتَ الْمَاءِ، وَاتَّصَلَ بِهِ قَلِيلُ دُخَانٍ لَمْ يَتَنَجَّسْ أَوْ كَثِيرُهُ فَيَتَنَجَّسُ اهـ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْعَفْوِ عَنْ قَلِيلِ دُخَانِ النَّجِسِ بَيْنَ كَوْنِهِ بِفِعْلِهِ أَوْ لَا وَلَكِنْ فِي الْإِيعَابِ عَنْ الزَّرْكَشِيّ أَنَّ شَرْطَ الْعَفْوِ أَنْ يَكُونَ عَنْ غَيْرِ قَصْدٍ، وَأَقَرَّهُ وَفِي الشبراملسي عَلَى النِّهَايَةِ مَا نَصُّهُ وَيُعْفَى عَنْ قَلِيلِ دُخَانِ النَّجَاسَةِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ وُصُولُهُ لِلْمَاءِ وَنَحْوِهِ بِفِعْلِهِ وَمِنْهُ الْبَخُورُ بِالنَّجِسِ أَوْ الْمُتَنَجِّسِ كَمَا يَأْتِي فَلَا يُعْفَى عَنْهُ وَإِنْ قَلَّ؛ لِأَنَّهُ بِفِعْلِهِ وَمِنْ الْبَخُورِ أَيْضًا مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ تَبْخِيرِ الْحَمَّامَاتِ انْتَهَى اهـ كَلَامُ الْكُرْدِيِّ وَقَوْلُهُ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ إلَخْ لَا يَخْفَى مَا فِيهِ فَإِنَّ الْوُصُولَ بِسَبَبِ الْإِيقَادِ الْمَذْكُورِ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ عُرْفًا أَنَّهُ بِفِعْلِهِ بِخِلَافِ الْوُصُولِ بِسَبَبِ التَّبْخِيرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ تَصَعَّدَ) أَيْ الْبُخَارُ (قَوْلُهُ كَبُخَارِ كَنِيفٍ) أَيْ بَيْتِ الْخَلَاءِ كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ فَطَاهِرٌ) فَلَوْ مَلَأَ مِنْهُ قِرْبَةً وَحَمَلَهَا عَلَى ظَهْرِهِ وَصَلَّى بِهَا صَحَّتْ صَلَاتُهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ جَمِيعُ رَغِيفٍ إلَخْ) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ جَمِيعَ ظَاهِرِهِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ كَثِيرُهُ) أَيْ الدُّخَانِ وَقَوْلُهُ لِرُطُوبَتِهِ أَيْ عِنْدَ رُطُوبَتِهِ وَقَبْلَ التَّخْبِيزِ (قَوْلُهُ وَمِنْ غُبَارِ سِرْجِينٍ) أَيْ وَنَحْوِهِ مِمَّا تَحْمِلُهُ الرِّيحُ كَالذَّرِّ مُغْنِي عِبَارَةُ شَيْخِنَا وَمِنْهَا السِّرْجِينُ الَّذِي يُخْبَزُ بِهِ فَيُعْفَى عَنْ الْخَبْزِ سَوَاءٌ أَكَلَهُ مُنْفَرِدًا أَوْ فِي مَائِعٍ كَلَبَنٍ وَطَبِيخٍ وَمِثْلُهُ الْخُبْزُ الْمُقَمَّرُ فِي الدَّمْسِ فَلَوْ فُتَّ فِي اللَّبَنِ وَغَيْرِهِ عُفِيَ عَنْهُ، وَهَلْ يُعْفَى عَنْ حَمْلِهِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ لَا قَالَ الرَّمْلِيُّ لَا يُعْفَى وَخَالَفَ الْعَلَّامَةُ الْخَطِيبُ فَقَالَ يُعْفَى عَنْهُ فِيهَا اهـ زَادَ الْبُجَيْرِمِيُّ وَلَا يَجِبُ غَسْلُ الْفَمِ مِنْهُ لِنَحْوِ الصَّلَاةِ، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا أَنَّهُ لَا يُسَنُّ أَيْضًا وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ.

وَعِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ وَيُعْفَى عَمَّا يُصِيبُ الْحِنْطَةَ مِنْ الْبَوْلِ وَالرَّوْثِ حَالَ الدِّيَاسَةِ قَالَ الدَّارِمِيُّ وَالْأَحْوَطُ الْمُسْتَحَبُّ غَسْلُ الْفَمِ مِنْ أَكْلِهِ، وَقِيَاسُهُ أَنْ يُسَنَّ غَسْلُ جَمِيعِ مَا يُعْفَى عَنْهُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَمَا عَلَى مَنْفَذٍ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ مَا عَلَى رِجْلِ إلَخْ أَيْ يُعْفَى عَنْهُ إذَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ مَثَلًا سَوَاءٌ أَغَلَبَ وُقُوعُهُ فِيهِ أَمْ لَا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَطْرَأَ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ شَرْحُ بَافَضْلٍ قَالَ الْكُرْدِيُّ عَلَيْهِ وَذَكَرَ الشَّارِحُ فِي حَاشِيَةِ التُّحْفَةِ بَعْدَ كَلَامٍ مَا نَصُّهُ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْعَفْوُ هُنَا عَنْ مَنْفَذِ الْحَيَوَانِ، وَإِنْ كَانَ دُخُولُهُ الْمَاءَ بِفِعْلِ غَيْرِهِ اهـ وَقَالَ فِي الْإِيعَابِ هُوَ مُحْتَمَلٌ، وَيُحْتَمَلُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ بِفِعْلِهِ أَيْ الْغَيْرِ وَهُوَ قِيَاسُ كَثِيرٍ مِنْ الصُّوَرِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ، ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَ الْمُتَأَخِّرِينَ بَحَثَ هَذَا انْتَهَى اهـ كَلَامُ الْكُرْدِيِّ.

(قَوْلُهُ مِمَّا خَرَجَ مِنْهُ) كَأَنْ بَالَ الْحِمَارُ أَوْ رَاثَ وَبَقِيَ أَثَرُ ذَلِكَ بِمَنْفَذِهِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ قَالَ الشَّارِحُ فِي الْحَاشِيَةِ يُعْفَى عَمَّا فِي الْمَنْفَذِ مِنْ النَّجَسِ الْخَارِجِ مِنْهُ لَا غَيْرُهُ وَلَوْ مِنْ جَوْفِهِ كَقَيْئِهِ انْتَهَى اهـ

الْعَفْوَ عَنْ بَعْرِ شَاةٍ وَقَعَ فِي اللَّبَنِ حَالَ الْحَلْبِ فَلَوْ وُجِدَ بَعْرٌ فِي لَبَنٍ وَشَكَّ فِي أَنَّهُ وَقَعَ فِي حَالِ الْحَلْبِ أَوْ لَا فَالْوَجْهُ الْحُكْمُ بِنَجَاسَتِهِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي وُقُوعِ النَّجَاسَةِ فِي اللَّبَنِ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ سَبَبُ الْعَفْوِ بِخِلَافِ مَا لَوْ وُجِدَتْ نَجَاسَةٌ فِي مَاءٍ وَشَكَّ فِي أَنَّهُ قَلِيلٌ أَوْ كَثِيرٌ حَيْثُ يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهَا؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ وُقُوعِ النَّجَاسَةِ فِي الْمَاءِ لَا يُنَجِّسُهُ إلَّا بِشَرْطِ الْقِلَّةِ وَلَمْ تَتَحَقَّقْ

ص: 97

وَرَوْثٍ مَنْشَؤُهُ مِنْهُ وَذَرْقِ طَيْرٍ وَمَا عَلَى فَمِهِ وَفَمِ كُلِّ مُجْتَرٍّ كَمَا نَقَلَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ فِي الْبَعِيرِ وَاعْتَمَدَهُ وَفَمِ صَبِيٍّ قَالَ جَمْعٌ وَكَذَا مَا تُلْقِيهِ الْفِئْرَانُ مِنْ الرَّوْثِ فِي حِيَاضِ الْأَخْلِيَةِ إذَا عَمَّ الِابْتِلَاءُ بِهِ وَيُؤَيِّدُهُ بَحْثُ الْفَزَارِيِّ الْعَفْوَ عَنْ بَعْرِ فَأْرَةٍ فِي مَائِعٍ عَمَّ بِهَا الِابْتِلَاءُ وَشَرْطُ ذَلِكَ كُلِّهِ أَنْ لَا يُغَيَّرَ، وَأَنْ يَكُونَ مِنْ غَيْرِ مُغَلَّظٍ، وَأَنْ لَا يَكُونَ بِفِعْلِهِ فِيمَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ ذَلِكَ (تَنْبِيهٌ)

عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِمْ فِي هَذِهِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ أَنَّهَا لَا تُنَجِّسُ مُلَاقِيهَا وَفِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ أَنَّ الْمَعْفُوَّاتِ ثَمَّ تُنَجِّسُ لَكِنْ لَا تَبْطُلُ بِهَا الصَّلَاةُ مَثَلًا، وَحِينَئِذٍ يُشْكِلُ الْفَرْقُ فَإِنَّ الضَّرُورَةَ أَوْ الْحَاجَةَ الْمُوجِبَةَ لِلْعَفْوِ مَوْجُودَةٌ فِي الْكُلِّ إلَّا أَنْ يُقَالَ عَلَى بُعْدٍ إنَّ أَصْلَ الضَّرُورَةِ هُنَا آكَدُ، وَقَدْ يُؤَيِّدُ ذَلِكَ عَدَمُ تَأْثِيرِ الْخَمْرِ فِي نَجَاسَةِ طَرَفِهَا إذَا تَخَلَّلَتْ.

وَاخْتِلَافُهُمْ فِي قَلِيلِ شَعْرِ الْجِلْدِ إذَا انْدَبَغَ هَلْ يَطْهُرُ تَبَعًا لَهُ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ أَوْ يُعْفَى عَنْهُ فَقَطْ أَيْ؛ لِأَنَّهُ أَخَفُّ ضَرُورَةً مِنْهُ، وَلَوْ تَنَجَّسَ آدَمِيٌّ أَوْ حَيَوَانٌ طَاهِرٌ وَإِنْ نَدَرَ اخْتِلَاطُهُ بِالنَّاسِ، ثُمَّ غَابَ وَأَمْكَنَ إعَادَةُ طُهْرِهِ حَتَّى مِنْ مُغَلَّظٍ، وَالنِّزَاعُ فِي الْهِرَّةِ بِأَنَّ مَا تَأْخُذُهُ بِلِسَانِهَا قَلِيلٌ لَا يُطَهِّرُ فَمَهَا يَرُدُّهُ أَنَّهَا تُكَرِّرُ الْأَخْذَ بِهِ عِنْدَ شُرْبِهَا فَيَنْجَذِبُ إلَى جَوَانِبِ فَمِهَا وَيَطْهُرُ جَمِيعُهُ لَمْ يُنَجِّسْ

كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَرَوْثٍ) إلَى قَوْلِهِ وَيُؤَيِّدُهُ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ وَرَوْثٍ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَعَنْ رَوْثِ نَحْوِ سَمَكٍ لَمْ يَضَعْهُ فِي الْمَاءِ عَبَثًا وَأَلْحَقَ الْأَذْرَعِيُّ بِهِ مَا نَشْؤُهُ مِنْ الْمَاءِ الزَّرْكَشِيُّ مَا لَوْ نَزَلَ طَائِرٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ طُيُورِ الْمَاءِ وَذَرَقَ فِيهِ أَوْ شَرِبَ مِنْهُ وَعَلَى فَمِهِ نَجَاسَةٌ وَلَمْ تَتَخَلَّلْ عَنْهُ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ عَبَثًا وَمِنْ الْعَبَثِ مَا لَوْ وُضِعَ فِيهِ لِمُجَرَّدِ التَّفَرُّجِ عَلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَيْسَ مِنْهُ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ وَضْعِ السَّمَكِ فِي الْآبَارِ وَنَحْوِهَا لَا كُلُّ مَا يَحْصُلُ فِيهَا مِنْ الْعَلَقِ وَنَحْوِهِ حِفْظًا لِمَائِهَا عَنْ الِاسْتِقْذَارِ، وَقَوْلُهُ م ر لَمْ تَتَحَلَّلْ عَنْهُ مَفْهُومُهُ أَنَّهَا إذَا تَحَلَّلَتْ ضَرَّ، وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا تُلْقِيهِ الْفِئْرَانُ وَفِيمَا لَوْ وَقَعَتْ بَعْرَةٌ فِي اللَّبَنِ الْعَفْوُ لِلْمَشَقَّةِ اهـ.

(قَوْلُهُ مِنْهُ) أَيْ الْمَاءِ (قَوْلُهُ وَذَرْقُ طَيْرٍ) وَيُعْفَى عَمَّا يُمَاسُّهُ الْعَسَلُ مِنْ الْكِوَارَةِ الَّتِي تُجْعَلُ مِنْ رَوْثِ نَحْوِ الْبَقَرِ، وَأَفْتَى جَمْعٌ مِنْ الْيَمَنِ بِالْعَفْوِ عَمَّا يَبْقَى فِي نَحْوِ الْكَرِشِ مِمَّا يَشُقُّ غَسْلُهُ وَتَنْقِيَتُهُ مِنْهُ نِهَايَةٌ، وَجَزَمَ شَيْخُنَا بِهَذَا أَيْ الْعَفْوِ عَمَّا يَبْقَى فِي نَحْوِ الْكَرِشِ إلَخْ وَفِي الْكُرْدِيِّ عَنْ الْإِيعَابِ مَا نَصُّهُ بَلْ بَالَغَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ الَّذِي عَلَيْهِ عَمَلُ مَنْ عَلِمْت مِنْ الْفُقَهَاءِ وَغَيْرِهِمْ جَوَازُ أَكْلِ الْمَصَارِينِ وَالْأَمْعَاءِ إذَا نُقِّيَتْ عَمَّا فِيهَا مِنْ الْفَضَلَاتِ، وَإِنْ لَمْ تُغْسَلْ بِخِلَافِ الْكَرِشِ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهَا إذْ لَا مَشَقَّةَ فِي ذَلِكَ، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَنْقِيَةِ نَحْوِ الْكَرِشِ عَمَّا فِيهِ مَا لَمْ يَبْقَ فِيهِ نَحْوُ رِيحٍ يَعْسُرُ زَوَالُهُ اهـ (قَوْلُهُ وَفَمُ كُلِّ مُجْتَرٍّ) فَلَا يُنَجِّسُ مَا شَرِبَ مِنْهُ وَيُعْفَى عَمَّا تَطَايَرَ مِنْ رِيقِهِ الْمُتَنَجِّسِ نِهَايَةٌ أَيْ وَوَصَلَ لِثَوْبٍ أَوْ بَدَنٍ أَوْ غَيْرِهِمَا ع ش (قَوْلُهُ وَفَمُ صَبِيٍّ) لَا سِيَّمَا فِي حَقِّ الْمُخَالِطِ لَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ يُعْفَى عَمَّا تَحَقَّقَ إصَابَةُ بَوْلِ ثَوْرِ الدِّيَاسَةِ لَهُ بَلْ مَا نَحْنُ فِيهِ أَوْلَى وَأَلْحَقَ بَعْضُهُمْ بِذَلِكَ أَفْوَاهَ الْمَجَانِينِ.

وَجَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ نِهَايَةٌ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر وَفَمُ صَبِيٍّ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِثَدْيِ أُمِّهِ وَغَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ م ر عَمَّا تَحَقَّقَ أَيْ وَإِنْ سَهُلَ غَسْلُهُ كَانَ شَاهِدُ أَثَرِ النَّجَاسَةِ عَلَى قَدْرٍ مُعَيَّنٍ كَكَفٍّ وَمِثْلُ الْبَوْلِ الرَّوْثُ اهـ.

(قَوْلُهُ قَالَ جَمْعٌ إلَخْ) جَزَمَ بِهِ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي، ثُمَّ قَالَ الْأَوَّلُ وَالضَّابِطُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ أَنَّ الْعَفْوَ مَنُوطٌ بِمَا يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ غَالِبًا اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر بِمَا يَشُقُّ إلَخْ مِنْ ذَلِكَ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ وُقُوعِهِ نَجَاسَةً مِنْ الْفِئْرَانِ وَنَحْوِهَا فِي الْأَوَانِي الْمُعَدَّةِ لِلِاسْتِعْمَالِ فِي الْبُيُوتِ كَالْجِرَارِ وَالْأَبَارِيقِ وَنَحْوِهِمَا وَمَا يَقَعُ لِإِخْوَانِنَا الْمُجَاوِرِينَ أَيْ فِي الْأَزْهَرِ مِنْ أَنَّ الْوَاحِدَ مِنْهُمْ يُرِيدُ الِاحْتِيَاطَ فَيَتَّخِذُ لَهُ إبْرِيقًا لِيَسْتَنْجِيَ مِنْهُ، ثُمَّ يَجِدُ فِيهِ بَعْدَ فَرَاغِ الِاسْتِنْجَاءِ زِبْلَ فِيرَانٍ وَمِنْهُ أَيْضًا زَرْقُ الطُّيُورِ فِي الطَّعَامِ اهـ.

(قَوْلُهُ فِي مَائِعٍ) أَيْ أَوْ جَامِدٍ رَطْبًا وَقَوْلُهُ وَأَنْ لَا يَكُونَ بِفِعْلِهِ أَيْ قَصْدًا لَا تَبَعًا كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَفِي شُرُوطِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى فِي هَذِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ مَثَلًا) أَيْ كَالطَّوَافِ (قَوْلُهُ فِي الْكُلِّ) أَيْ فِي كُلِّ مِنْ نَحْوِ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ) أَيْ الْفَرْقَ.

(قَوْلُهُ وَاخْتِلَافُهُمْ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى عَدَمِ تَأْثِيرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ) أَيْ ظَرْفُ الْخَمْرِ الْمُتَخَلِّلَةِ قَالَ الْكُرْدِيُّ أَرَادَ بِهِ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ تَنَجَّسَ آدَمِيٌّ) دَخَلَ فِيهِ الصَّبِيُّ الصَّغِيرُ فَهَذَا الْحُكْمُ ثَابِتٌ فِيهِ وَلَهُ حُكْمٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ تَنَجَّسَ فَمُهُ بِنَحْوِ الْقَيْءِ وَلَمْ يَغِبْ، وَتَمَكَّنَ مِنْ تَطْهِيرِهِ بَلْ اسْتَمَرَّ مَعْلُومَ التَّنَجُّسِ عُفِيَ عَنْهُ فِيمَا يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ كَالْتِقَامِ ثَدْيِ أُمِّهِ وَتَقْبِيلِهِ فِي فَمِهِ عَلَى وَجْهِ الشَّفَقَةِ مَعَ الرُّطُوبَةِ كَذَا قَرَّرَهُ الرَّمْلِيُّ سم وع ش وَكُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ أَوْ حَيَوَانٌ) إلَى قَوْلِهِ، وَيُؤْخَذُ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ أَوْ حَيَوَانٌ طَاهِرٌ) مِنْ هِرَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا مُغْنِي مِنْ فَمِهِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ أَجْزَائِهِ كُرْدِيٌّ عَنْ الْإِيعَابِ (قَوْلُهُ وَأَمْكَنَ عَادَةً) أَيْ وَلَوْ عَلَى بُعْدٍ فِي مَاءٍ جَارٍ أَوْ رَاكِدٍ كَثِيرٍ شَرْحُ بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ حَتَّى مِنْ مُغَلَّظٍ) قَالَ فِي الْإِيعَابِ، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ أَيْ الْمَاءِ مُخْتَلِطًا بِتُرَابٍ إنْ كَانَتْ نَجَاسَةً مُغَلَّظَةً، وَلَا تُشْتَرَطُ الْغِيبَةُ سَبْعَ مَرَّاتٍ؛ لِأَنَّهَا فِي الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ تَبْلُغُ بِلِسَانِهَا فِي الْمَاءِ مَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ انْتَهَى اهـ كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ لَمْ يُنَجَّسْ إلَخْ) جَوَابُ وَلَوْ تَنَجَّسَ إلَخْ

فَالْأَصْلُ الطَّهَارَةُ (قَوْلُهُ وَرَوْثٌ مَنْشَؤُهُ مِنْهُ إلَخْ) وَيُعْفَى عَمَّا يُمَاسُّهُ الْعَسَلُ مِنْ الْكِوَارَةِ الَّتِي تُجْعَلُ مِنْ رَوْثِ نَحْوِ الْبَقَرِ وَعَنْ رَوْثِ نَحْوِ سَمَكٍ لَمْ يَضَعْهُ فِي الْمَاءِ عَبَثًا شَرْحٌ م ر (قَوْلُهُ وَذَرْقُ طَيْرٍ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ طُيُورِ الْمَاءِ شَرْحٌ م ر (قَوْلُهُ وَفَمُ صَبِيٍّ) لَا سِيَّمَا فِي حَقِّ الْمُخَالِطِ وَأَلْحَقَ بَعْضُهُمْ بِذَلِكَ أَفْوَاهَ الْمَجَانِينِ شَرْحٌ م ر.

(قَوْلُهُ وَلَوْ تَنَجَّسَ آدَمِيٌّ) دَخَلَ فِيهِ الصَّبِيُّ الصَّغِيرُ فَهَذَا الْحُكْمُ ثَابِتٌ فِيهِ دُونَ حُكْمٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ تَنَجَّسَ فَمُهُ بِنَحْوِ الْقَيْءِ وَلَمْ يَغِبْ، وَتَمَكَّنَ مِنْ تَطْهِيرِهِ بَلْ لَوْ اسْتَمَرَّ مَعْلُومَ التَّنَجُّسِ عُفِيَ عَنْهُ فِيمَا يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ كَالْتِقَامِ ثَدْيِ أُمِّهِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا غَسْلُهُ وَكَتَقْبِيلِهِ فِي فَمِهِ عَلَى وَجْهِ الشَّفَقَةِ مَعَ الرُّطُوبَةِ فَلَا يَلْزَمُ تَطْهِيرُ الْفَمِ كَذَا قَرَّرَهُ م ر وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ وَلَوْ تَنَجَّسَ إلَخْ

ص: 98

مَا مَسَّهُ، وَإِنْ حَكَمْنَا بِبَقَاءِ نَجَاسَتِهِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ لِضَعْفِهِ بِاحْتِمَالِ طُهْرِهِ مَعَ أَصْلِ طَهَارَةِ الْمَمْسُوسِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ أَصَابَهُ مِنْ أَحَدِ الْمُشْتَبِهِينَ شَيْءٌ لَمْ يُنَجِّسْهُ لِلشَّكِّ وَهُوَ وَاضِحٌ قَبْلَ الِاجْتِهَادِ أَمَّا بَعْدَهُ فَإِنَّهُ إذَا ظَهَرَ لَهُ بِهِ النَّجَسُ فَأَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُنَجِّسُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ نَعَمْ هَلْ يَنْعَطِفُ الْحُكْمُ عَلَى مَا مَسَّهُ قَبْلَ ظُهُورِ نَجَاسَتِهِ بِالِاجْتِهَادِ لِبُعْدِ التَّبْعِيضِ مَعَ بَقَاءِ ذَاتِ مَا فِي الْإِنَاءِ عَلَى حَالِهَا أَوْ لَا وَآخِرًا.

وَالِاخْتِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي خَارِجٍ عَنْهَا وَهُوَ الشَّكُّ قَبْلَ الِاجْتِهَادِ وَالظَّنُّ بَعْدَهُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَا مُعَارِضَ لِلشَّكِّ فِيمَا مَضَى بِخِلَافِهِ الْآنَ عَارَضَهُ مَا هُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَصْلِ وَهُوَ الِاجْتِهَادُ لِتَصْرِيحِهِمْ الْآتِي بِطَرْحِ النَّظَرِ لِلْأَصْلِ بَعْدَ الِاجْتِهَادِ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ وَادِّعَاءُ قَصْرِ مُعَارَضَةِ مَا ذُكِرَ عَلَى مَا بَعْدَ الِاجْتِهَادِ مَمْنُوعٌ بَلْ تَنْعَطِفُ الْمُعَارَضَةُ فِيمَا مَضَى أَيْضًا، ثُمَّ رَأَيْتنِي فِي شَرْحِ الْعُبَابِ رَجَّحْت الثَّانِيَ وَعَلَّلْته بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ النَّجَاسَةَ لَا تَثْبُتُ بِالنِّسْبَةِ لِمَا هُوَ مُحَقَّقُ الطَّهَارَةِ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ، وَإِنْ تَرَتَّبَتْ عَلَى اجْتِهَادٍ وَلَا يُعَارِضُهُ امْتِنَاعُ التَّطَهُّرِ بِمَاءٍ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ نَجَاسَتُهُ بِالِاجْتِهَادِ؛ لِأَنَّهُ إنْ اسْتَعْمَلَهُ فِي حَدَثٍ تَعَذَّرَ جَزْمُهُ بِالنِّيَّةِ أَوْ فِي خَبَثٍ فَهُوَ مُحَقَّقٌ فَلَا يَزُولُ بِمَشْكُوكٍ فِيهِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ حَلَّ التَّطَهُّرُ بِهِ حَلَّ التَّطَهُّرُ بِمَظْنُونِ الطَّهَارَةِ بِالْأَوْلَى فَيَلْزَمُ اسْتِعْمَالُ يَقِينِ النَّجَاسَةِ نَعَمْ يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِ الزَّرْكَشِيّ قَضِيَّةُ مَا نَقَلُوهُ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ فِيمَا إذَا تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ أَنَّهُ يُورِدُهُ مَوَارِدَ الْأَوَّلِ الْحُكْمُ بِتَنَجُّسِهِ هُنَا أَنَّ مَحَلَّ قَوْلِنَا لَا أَثَرَ لِظَنِّهِ نَجَاسَةَ مَا أَصَابَهُ الرُّشَاشُ بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ تَنْجِيسِهِ لِمُمَاسِّهِ حَيْثُ لَمْ يُسْتَعْمَلْ مَا ظَنَّ طَهَارَتَهُ، وَإِلَّا لَزِمَهُ بِالنِّسْبَةِ لِصِحَّةِ صَلَاتِهِ غَسْلُ ذَلِكَ لِئَلَّا يُصَلِّيَ بِيَقِينِ النَّجَاسَةِ.

(وَالْجَارِي) وَهُوَ مَا انْدَفَعَ فِي مُنْحَدَرٍ أَوْ مُسْتَوٍ فَإِنْ كَانَ أَمَامَهُ ارْتِفَاعٌ فَهُوَ كَالرَّاكِدِ وَجَرْيُهُ مَعَ ذَلِكَ مُتَبَاطِئٌ لَا يُعْتَدُّ بِهِ (كَرَاكِدٍ) فِي تَفْصِيلِهِ السَّابِقِ مِنْ تَنَجُّسِ قَلِيلِهِ بِالْمُلَاقَاةِ وَكَثِيرِهِ بِالتَّغَيُّرِ؛ لِأَنَّ خَبَرَ الْقُلَّتَيْنِ عَامٌّ (وَفِي الْقَدِيمِ لَا يُنَجِّسُ) قَلِيلُهُ (بِلَا تَغَيُّرٍ) لِقُوَّتِهِ وَعَلَى الْجَدِيدِ فَالْجَرْيَاتُ وَإِنْ اتَّصَلَتْ حِسًّا هِيَ مُنْفَصِلَةُ حُكْمًا فَكُلُّ جَرْيَةٍ وَهِيَ الدَّفْعَةُ بَيْنَ حَافَّتَيْ النَّهْرِ أَيْ مَا يَرْتَفِعُ مِنْهُ عِنْدَ تَمَوُّجِهِ تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا طَالِبَةٌ لِمَا أَمَامَهَا هَارِبَةٌ مِمَّا وَرَاءَهَا

قَوْلُهُ مَا مَسَّهُ) أَيْ مِنْ مَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ حَكَمْنَا بِبَقَاءِ نَجَاسَتِهِ إلَخْ) وَلَوْ مَسَّ الْمُصَلِّي مَحَلَّ النَّجَاسَةِ مِنْ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ فَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِنَجَاسَتِهِ وَإِنْ لَمْ نَحْكُمْ بِنَجَاسَةِ مَا مَسَّهُ بِهِ مَعَ الرُّطُوبَةِ أَوْ لَا لِاحْتِمَالِ الطَّهَارَةِ وَلَا نُبْطِلُ بِالشَّكِّ فِيهِ نَظَرٌ وَمَالَ الرَّمْلِيُّ لِلْأَوَّلِ وَالثَّانِي غَيْرُ بَعِيدٍ سم (قَوْلُهُ عَمَلًا) عِلَّةٌ لِلْحُكْمِ بِبَقَاءِ نَجَاسَتِهِ وَقَوْلُهُ لِضَعْفِهِ إلَخْ عِلَّةٌ لِعَدَمِ تَنْجِيسِهِ لِمَا مَسَّهُ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ التَّعْلِيلِ بِالضَّعْفِ (قَوْلُهُ لَوْ أَصَابَهُ) أَيْ شَخْصًا (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ عَدَمُ التَّنْجِيسِ (قَوْلُهُ بِهِ) أَيْ بِالِاجْتِهَادِ (قَوْلُهُ فِي خَارِجٍ إلَخْ) أَيْ فِي حَالٍ عَارِضٍ لِلذَّاتِ خَارِجٍ عَنْهَا وَقَوْلُهُ أَوْ لَا أَيْ أَوْ لَا يَنْعَطِفُ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ) وَيَأْتِي آنِفًا تَرْجِيحُهُ لِلثَّانِي خِلَافًا للشبراملسي حَيْثُ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِهِ كَلَامَ شَرْحِ الْعُبَابِ الْآتِي آنِفًا مَا نَصُّهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ الْمَيْلُ إلَى تَبَيُّنِ النَّجَاسَةِ بَعْدَ الِاجْتِهَادِ، وَنَقَلَ ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى الْمَنْهَجِ عَنْ الْجَمَالِ الرَّمْلِيِّ اعْتِمَادَ عَدَمِ وُجُوبِ الْغَسْلِ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الظَّنَّ النَّاشِئَ عَنْ الِاجْتِهَادِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْيَقِينِ فَالْقِيَاسُ وُجُوبُ الْغُسْلِ اهـ.

(قَوْلُهُ رَجَّحْت الثَّانِيَ) أَيْ عَدَمَ الِانْعِطَافِ (قَوْلُهُ وَإِنْ تَرَتَّبَتْ) أَيْ غَلَبَةُ الظَّنِّ (قَوْلُهُ وَلَا يُعَارِضُهُ) أَيْ التَّعْلِيلَ الْمَذْكُورَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِنَفْيِ الْمُعَارَضَةِ (قَوْلُهُ فَهُوَ مُحَقَّقٌ) أَيْ الْخَبَثُ (قَوْلُهُ بِمَشْكُوكٍ فِيهِ) أَيْ فِي طُهْرِهِ أَرَادَ بِالشَّكِّ مُقَابِلَ الظَّنِّ فَيَشْمَلُ الْوَهْمَ كَمَا هُوَ الْمُرَادُ هُنَا (قَوْلُهُ حَلَّ التَّطَهُّرُ بِمَظْنُونِ الطَّهَارَةِ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ حَلَّ بِهِ أَيْضًا سَاغَ اسْتِعْمَالُهُمَا مَعًا فَيَلْزَمُ اسْتِعْمَالُ يَقِينِ النَّجَاسَةِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ فَيَلْزَمُهُ) أَيْ مِنْ اسْتِعْمَالِهِمَا مَعًا كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ أَنَّهُ إلَخْ) بَيَانٌ لِمَا نَقَلُوهُ إلَخْ (قَوْلُهُ يُورِدُهُ) أَيْ الْمَاءُ الثَّانِي الَّذِي انْقَلَبَ اجْتِهَادُهُ إلَى طَهَارَتِهِ (قَوْلُهُ الْحُكْمُ إلَخْ) خَبَرُ قَضِيَّةُ إلَخْ (قَوْلُهُ هُنَا) أَيْ فِيمَا لَوْ أَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْ أَحَدِ الْمُشْتَبَهِينَ، ثُمَّ ظَنَّ نَجَاسَتَهُ بِالِاجْتِهَادِ (قَوْلُهُ أَنَّ مَحَلَّ إلَخْ) نَائِبُ فَاعِلِ يُعْلَمُ قَوْلُهُ قَوْلُنَا لَا أَثَرَ إلَخْ هُوَ الْقَوْلُ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ أَنَّ النَّجَاسَةَ لَا تَثْبُتُ بِالنِّسْبَةِ إلَخْ كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ مَا أَصَابَهُ) أَيْ أَصَابَ مِنْهُ عَلَى الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ تَنْجِيسِهِ) لَعَلَّ الْأَوْلَى لِتَنْجِيسِهِ بِإِسْقَاطِ عَدَمٍ (قَوْلُهُ حَيْثُ إلَخْ) خَبَرُ أَنَّ مَحَلَّ إلَخْ

(قَوْلُهُ انْدَفَعَ) أَيْ انْصَبَّ وَقَوْلُهُ مُنْحَدَرٍ أَيْ مُنْخَفَضٍ وَالْحَدْرُ الْحَطُّ مِنْ الْأَعْلَى إلَى الْأَسْفَلِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ فَهُوَ كَالرَّاكِدِ) أَيْ فِي كَوْنِهِ مُتَّصِلًا وَاحِدًا فَيَكُونُ جَرْيَاتُهُ مُتَوَاصِلَةً حِسًّا وَحُكْمًا فَلَا يَتَنَجَّسُ إذَا بَلَغَ جَمِيعُهَا قُلَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ إلَّا بِالتَّغَيُّرِ بَصْرِيٌّ وَشَرْحُ بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ مَعَ ذَلِكَ) أَيْ وُجُودِ ارْتِفَاعِ إمَامِهِ (قَوْلُهُ فِي تَفْصِيلِهِ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَالْقُلَّتَانِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ أَيْ مَا يَرْتَفِعُ إلَى طَالِبِهِ وَقَوْلُهُ بِأَنْ لَمْ تَبْلُغْهُمَا إلَى تَنَجَّسَتْ (قَوْلُهُ فِي تَفْصِيلِهِ السَّابِقِ إلَخْ) وَفِيمَا يُسْتَثْنَى نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّ خَبَرَ الْقُلَّتَيْنِ عَامٌّ) فَإِنَّهُ لَمْ يَفْصِلْ فِيهِ بَيْنَ الْجَارِي وَالرَّاكِدِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (وَفِي الْقَدِيمِ إلَخْ) وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَهُوَ قَوِيٌّ وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إنَّهُ قَوْلٌ جَدِيدٌ أَيْضًا كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ لِقُوَّتِهِ) أَيْ لِقُوَّةِ الْجَارِي وَلِأَنَّ الْأَوَّلِينَ كَانُوا يَسْتَنْجُونَ عَلَى شَطِّ الْأَنْهَارِ الصَّغِيرَةِ، ثُمَّ يَتَوَضَّئُونَ مِنْهَا وَلَا تَنْفَكُّ عَنْ رَشَاشِ النَّجَاسَةِ غَالِبًا، وَعَلَّلَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ الْجَارِيَ وَارِدٌ عَلَى النَّجَاسَةِ فَلَا يُنَجَّسُ إلَّا بِالتَّغَيُّرِ كَالْمَاءِ الَّذِي تُزَالُ بِهِ النَّجَاسَةُ وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنْ يَكُونَ طَاهِرًا لَا طَهُورًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُرَادٍ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَهِيَ الدُّفْعَةُ) وَفِي الْقَامُوسِ الدَّفْعَةُ بِالْفَتْحِ الْمَرَّةُ وَبِالضَّمِّ الدُّفْعَةُ مِنْ الْمَطَرِ اهـ وَالْمُنَاسِبُ هُنَا الضَّمُّ ع ش (قَوْلُهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَاءِ الَّذِي بَيْنَ حَافَّتَيْ النَّهْرِ (قَوْلُهُ تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا) تَفْصِيلٌ لِلتَّمَوُّجِ فَالْحَقِيقِيُّ أَنْ يُشَاهَدَ ارْتِفَاعُ الْمَاءِ وَانْخِفَاضُهُ بِسَبَبِ شِدَّةِ

نَظِيرُ مَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ فِيمَا لَوْ تَنَجَّسَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى، وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذَكَرُوهُ هُنَا الْحُكْمُ بِبَقَاءِ نَجَاسَةِ الْيُسْرَى فِي مَسْأَلَةِ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ وَإِنْ حَكَمْنَا بِبَقَاءِ نَجَاسَتِهِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ إلَخْ) لَوْ مَسَّ الْمُصَلِّي مَحَلَّ النَّجَاسَةِ مِنْ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ

ص: 99

فَإِنْ كَانَتْ دُونَ قُلَّتَيْنِ بِأَنْ لَمْ تَبْلُغْهُمَا مِسَاحَةُ أَبْعَادِهَا الثَّلَاثَةِ تَنَجَّسَتْ بِمُجَرَّدِ الْمُلَاقَاةِ وَإِلَّا فَالْمُتَغَيِّرُ ثَمَّ إنْ جَرَتْ النَّجَاسَةُ فِي جَرْيَةٍ بِجَرْيِهَا طَهُرَ مَحَلُّهَا بِمَا بَعْدَهَا، وَإِلَّا فَكُلُّ مَا مَرَّ عَلَيْهَا مِنْ الْجَرْيَاتِ الْقَلِيلَةِ نَجِسٌ حَتَّى يَقِفَ الْمَاءُ وَمِنْ ثَمَّ يُقَالُ لَنَا مَاءٌ فَوْقَ أَلْفِ قُلَّةٍ وَهُوَ نَجِسٌ مِنْ غَيْرِ تَغَيُّرٍ.

(وَالْقُلَّتَانِ) بِالْمِسَاحَةِ فِي الْمُرَبَّعِ ذِرَاعٌ وَرُبْعٌ طُولًا وَمِثْلُهُ عَرْضًا وَمِثْلُهُ عُمْقًا بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ وَهُوَ شِبْرَانِ تَقْرِيبًا وَمَجْمُوعُ ذَلِكَ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ رُبْعًا عَلَى إشْكَالٍ حِسَابِيٍّ فِيهِ بَيَّنْته مَعَ جَوَابِهِ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَهِيَ الْمِيزَانُ فَلِكُلِّ رُبْعِ ذِرَاعٍ أَرْبَعَةُ أَرْطَالٍ لَكِنْ عَلَى مُرَجَّحِ الْمُصَنِّفِ فِي رِطْلِ بَغْدَادَ وَعَلَى مُرَجَّحِ الرَّافِعِيِّ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ هُنَا بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ إذْ هُوَ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ

الْهَوَاءِ، وَالتَّقْدِيرُ بِأَنْ يَكُونَ غَيْرَ ظَاهِرِ التَّمَوُّجِ بِالْجَرْيِ عِنْدَ سُكُونِ الْهَوَاءِ؛ لِأَنَّهُ يَتَمَاوَجُ وَلَا يَرْتَفِعُ بُجَيْرِمِيٌّ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَتْ إلَخْ) أَيْ الْجَرْيَةُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجَارِيَ مِنْ الْمَاءِ وَمِنْ رَطْبِ غَيْرِهِ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِمُسْتَوٍ أَوْ قَرِيبٍ مِنْ الِاسْتِوَاءِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُنْحَدَرًا مِنْ مُرْتَفَعٍ كَالصَّبِّ مِنْ إبْرِيقٍ فَالْجَارِي مِنْ الْمُرْتَفِعِ جِدًّا لَا يَتَنَجَّسُ مِنْهُ إلَّا الْمُلَاقِي لِلنَّجِسِ مَاءً أَوْ غَيْرَهُ، وَأَمَّا فِي الْمُسْتَوِي وَالْقَرِيبِ مِنْهُ فَغَيْرُ الْمَاءِ يُنَجَّسُ كُلُّهُ بِالْمُلَاقَاةِ وَلَا عِبْرَةَ بِالْجَرْيَةِ، وَأَمَّا الْمَاءُ فَالْعِبْرَةُ فِيهِ بِالْجَرْيَةِ فَإِنْ كَانَتْ قُلَّتَيْنِ لَمْ تُنَجَّسْ هِيَ وَلَا غَيْرُهَا إلَّا بِالتَّغَيُّرِ، وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ فَهِيَ الَّتِي تَنَجَّسَتْ وَمَا قَبْلَهَا مِنْ الْجَرْيَاتِ بَاقٍ عَلَى طَهُورِيَّتِهِ وَلَوْ الْمُتَّصِلَةُ.

وَأَمَّا مَا بَعْدَهَا فَهُوَ كَذَلِكَ أَيْ بَاقٍ عَلَى طَهُورِيَّتِهِ إلَّا الْجَرْيَةَ الْمُتَّصِلَةَ بِالْمُتَنَجِّسَةِ فَلَهَا حُكْمُ الْغُسَالَةِ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ النَّجَاسَةُ جَارِيَةً مَعَ الْمَاءِ وَإِنْ كَانَتْ وَاقِفَةً فِي الْمَمَرِّ فَكُلُّ مَا مَرَّ عَلَيْهَا يُنَجَّسُ، وَأَمَّا مَا لَمْ يَمُرَّ عَلَيْهَا وَهُوَ الَّذِي فَوْقَهَا فَهُوَ بَاقٍ عَلَى طَهُورِيَّتِهِ شَيْخُنَا أَيْ وَإِنْ كَانَ مَاءُ النَّهْرِ كُلُّهُ دُونَ قُلَّتَيْنِ كَمَا نَقَلَهُ الْكُرْدِيُّ عَنْ الْمَحَلِّيِّ وَالزِّيَادِيِّ وَعَنْ حَاشِيَةِ الرَّوْضَةِ لِابْنِ الْبُلْقِينِيِّ (قَوْلُهُ طَهُرَ مَحَلُّهَا بِمَا بَعْدَهَا) فَلَهُ حُكْمُ الْغُسَالَةِ حَتَّى لَوْ كَانَ النَّجِسُ مِنْ كَلْبٍ فَلَا بُدَّ مِنْ سَبْعِ جَرْيَاتٍ مَعَهُ كَدَوْرَةِ الْمَاءِ بِالتُّرَابِ الطَّهُورِ فِي إحْدَاهُنَّ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَجْرِ النَّجَاسَةُ بِجَرْيِ الْمَاءِ لِثِقَلِهَا مَثَلًا أَوْ لِضَعْفِ جَرَيَانِ الْمَاءِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا كَانَ جَرْيُ الْمَاءِ أَسْرَعَ مِنْ جَرَيَانِ النَّجَاسَةِ كَمَا فِي الْأَسْنَى وَالْإِمْدَادِ وَغَيْرِهِمَا كُرْدِيٌّ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ فَإِنْ كَانَتْ جَامِدَةً وَاقِفَةً اهـ.

(قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ يُقَالُ لَنَا إلَخْ) قَالَ فِي الْإِيعَابِ وَلَا يُؤَثِّرُ فِي هَذَا الْإِلْغَازِ الَّذِي جَرَوْا عَلَيْهِ أَنَّ هَذَا لَمْ يَبْلُغْ قُلَّتَيْنِ فَضْلًا عَنْ أَلْفٍ؛ لِأَنَّهُ مُتَفَرِّقٌ حُكْمًا، وَذَلِكَ لِأَنَّ اتِّصَالَهُ صُورَةً يَكْفِي فِي الْإِلْغَازِ بِهِ انْتَهَى اهـ كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ تَغَيُّرٍ) أَيْ حِسًّا وَلَا تَقْدِيرًا، وَلَوْ كَانَ فِي وَسَطِ النَّهْرِ حُفْرَةٌ عَمِيقَةٌ، وَالْمَاءُ يَجْرِي عَلَيْهَا بِهِينَةٍ فَمَاؤُهَا كَالرَّاكِدِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ يَجْرِي عَلَيْهَا سَرِيعًا بِأَنْ كَانَ يَغْلِبُ مَاءَهَا وَيُبَدِّلَهُ فَإِنَّ مَاءَهَا حِينَئِذٍ كَالْجَارِي أَمَّا لَوْ كَانَتْ غَيْرَ عَمِيقَةٍ فَلَا أَثَرَ لَهَا سَوَاءٌ جَرَى الْمَاءُ عَلَيْهَا سَرِيعًا أَمْ بَطِيئًا كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ بِالْمِسَاحَةِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَمِثْلُهُ إلَخْ مَا فَائِدَةُ زِيَادَةِ مِثْلُ هُنَا وَفِي الْعُمْقِ (قَوْلُهُ بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ) أَيْ بِذِرَاعِ الْيَدِ الْمُعْتَدِلَةِ شَرْحُ بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ وَمَجْمُوعُ ذَلِكَ إلَخْ) إيضَاحُهُ إذَا كَانَ الْمُرَبَّعُ ذِرَاعًا وَرُبُعًا طُولًا وَعَرْضًا وَعُمْقًا يَبْسُطُ الذِّرَاعُ مِنْ جِنْسِ الرُّبُعِ فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهَا خَمْسَةَ أَرْبَاعٍ، وَيُعَبَّرُ عَنْهَا بِالْأَذْرُعِ الْقَصِيرَةِ فَتُضْرَبُ خَمْسَةُ الطُّولِ فِي خَمْسَةِ الْعَرْضِ تَبْلُغُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ، ثُمَّ يُضْرَبُ الْحَاصِلُ وَهُوَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فِي خَمْسَةِ الْعُمْقِ يَحْصُلُ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا يَخُصُّ كُلُّ ذِرَاعٍ أَرْبَعَةَ أَرْطَالٍ فَفِي الْمِائَةِ ذِرَاعٍ أَرْبَعُمِائَةِ رِطْلٍ وَفِي الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ ذِرَاعًا مِائَةُ رِطْلٍ، فَالْمَجْمُوعُ خَمْسُمِائَةِ رِطْلٍ وَهُوَ مِقْدَارُ الْقُلَّتَيْنِ شَيْخُنَا وَكُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَهِيَ الْمِيزَانُ) أَيْ وَالْمِائَةُ وَالْخَمْسَةُ وَالْعِشْرُونَ الْحَاصِلَةُ مِنْ ضَرْبِ الطُّولِ فِي الْعَرْضِ، وَالْحَاصِلُ فِي الْعُمْقِ بَعْدَ بَسْطِهَا أَرْبَاعًا هِيَ الْمِيزَانُ لِمِقْدَارِ الْقُلَّتَيْنِ فَلَوْ كَانَ الْعُمْق ذِرَاعًا وَنِصْفًا مَثَلًا، وَالطُّولُ كَذَلِكَ فَابْسُطْ كُلًّا مِنْهُمَا أَرْبَاعًا تَكُنْ سِتَّةَ أَضْرُبٍ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ تَحْصُلْ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ اضْرِبْهَا فِي الْعَرْضِ بَعْدَ بَسْطِهِ أَرْبَاعًا فَإِذَا كَانَ الْعَرْضُ ذِرَاعًا فَالْحَاصِلُ مِنْ ضَرْبِ أَرْبَعَةٍ فِي سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ مِائَةٌ وَأَرْبَعٌ وَأَرْبَعُونَ فَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ قُلَّتَيْنِ إذْ هُمَا كَمَا عَلِمْته مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَإِنْ كَانَ الْعَرْضُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ ذِرَاعٍ تَضْرِبُ ثَلَاثَةً هِيَ بَسْطُ الثَّلَاثَةِ أَرْبَاعِ الذِّرَاعِ فِي سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ، يَكُونُ الْحَاصِلُ مِائَةً وَثَمَانِيَةً فَهُوَ دُونَ الْقُلَّتَيْنِ وَعَلَى هَذَا فَقِسْ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ إذْ هُوَ) أَيْ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْمُرَبَّعِ عَلَى مُرَجَّحِ النَّوَوِيِّ فِي الرِّطْلِ وَبَيْنَهُ عَلَى مُرَجَّحِ الرَّافِعِيِّ فِي الرِّطْلِ أَوْ بَيْنَ الْأَرْبَعَةِ أَرْطَالٍ الَّتِي هِيَ قَدْرُ كُلِّ رُبُعٍ عَلَى مُرَجَّحِ النَّوَوِيِّ فِي الرِّطْلِ وَبَيْنَهَا عَلَى مُرَجَّحِ الرَّافِعِيِّ فِيهِ وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ أَنَّ الْقُلَّتَيْنِ بِالْمِسَاحَةِ مَا ذُكِرَ عَنْ زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ مَا نَصُّهُ، ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ مَا ذُكِرَ عَنْ زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ جَرَى فِيهِ عَلَى مُخْتَارِهِ فِي رِطْلِ بَغْدَادَ وَهُوَ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ أَمَّا عَلَى مُخْتَارِ الرَّافِعِيِّ فِيهِ وَهُوَ مِائَةٌ وَثَلَاثُونَ دِرْهَمًا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ الْمِسَاحَةُ أَيْضًا مَا ذُكِرَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُزَادَ بِنِسْبَةِ التَّفَاوُتِ بَيْنَهُمَا فِي وَزْنِ الْقُلَّتَيْنِ

فَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِنَجَاسَتِهِ وَإِنْ لَمْ يُحْكَمْ بِنَجَاسَةِ مَا مَسَّهُ بِهِ مَعَ الرُّطُوبَةِ أَوْ لَا لِاحْتِمَالِ الطَّهَارَةِ، وَلَا تَبْطُلُ بِالشَّكِّ فِيهِ نَظَرٌ وَمَالَ م ر لِلْأَوَّلِ وَالثَّانِي غَيْرُ بَعِيدٍ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ مَا انْدَفَعَ) إلَى قَوْلِهِ عَلَى إشْكَالٍ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ أَيْ مَا يَرْتَفِعُ إلَى طَالِبِهِ.

(قَوْلُهُ أَرْبَعَةُ أَرْطَالٍ) أَيْ مِنْ الْخَمْسِمِائَةِ رِطْلٍ (قَوْلُهُ إذْ هُوَ) أَيْ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْمُرَبَّعِ عَلَى مُرَجَّحِ النَّوَوِيِّ فِي الرِّطْلِ وَبَيْنَهُ عَلَى مُرَجَّحِ الرَّافِعِيِّ فِي الرِّطْلِ أَوْ بَيْنَ

ص: 100

وَخَمْسَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ وَمِثْلُ ذَلِكَ لَا يَظْهَرُ بِهِ تَفَاوُتٌ فِي الْمِسَاحَةِ فَفِي غَيْرِ الْمُرَبَّعِ يُمْسَحُ وَيُحْسَبُ مَا يَبْلُغُهُ أَبْعَادُهُ فَإِنْ بَلَغَ ذَلِكَ فَقُلَّتَانِ وَإِلَّا فَلَا، وَقَدْ حَدَّدُوا الْمُدَوَّرَ بِأَنَّهُ ذِرَاعٌ مِنْ سَائِرِ الْجَوَانِبِ بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ، وَهُوَ شِبْرَانِ تَقْرِيبًا وَذِرَاعَانِ عُمْقًا بِذِرَاعِ النَّجَّارِ وَهُوَ ذِرَاعٌ وَرُبُعٌ وَقِيلَ ذِرَاعٌ وَنِصْفٌ (تَنْبِيهٌ)

الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِذِرَاعِ النَّجَّارِ ذِرَاعُ الْعَمَلِ الْمَعْرُوفِ، وَحِينَئِذٍ فَتَحْدِيدُهُ بِمَا ذُكِرَ يُنَافِيهِ قَوْلُ السَّمْهُودِيِّ فِي تَارِيخِهِ الْكَبِيرِ ذِرَاعُ الْعَمَلِ ذِرَاعٌ وَثُلُثٌ مِنْ ذِرَاعِ الْحَدِيدِ الْمُسْتَعْمَلِ بِمِصْرَ وَذَلِكَ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ قِيرَاطًا وَذِرَاعُ الْيَدِ الَّذِي حَرَّرْنَاهُ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ قِيرَاطًا اهـ وَبِهِ يَتَأَيَّدُ الثَّانِي إذْ التَّفَاوُتُ حِينَئِذٍ بَيْنَ ذِرَاعٍ وَنِصْفٍ بِالْيَدِ وَذِرَاعُ الْعَمَلِ نِصْفُ قِيرَاطٍ وَلَمْ يَسْتَثْنِهِ لِقِلَّتِهِ وَبِالْوَزْنِ (خَمْسُمِائَةِ رِطْلٍ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا وَهُوَ أَفْصَحُ (بَغْدَادِيٍّ) بِإِعْجَامِهِمَا وَإِهْمَالِهِمَا وَإِعْجَامِ وَاحِدَةٍ وَإِهْمَالِ الْأُخْرَى وَبِإِبْدَالِ الْأَخِيرَةِ نُونًا لِخَبَرِ الشَّافِعِيِّ وَالتِّرْمِذِيِّ وَالْبَيْهَقِيِّ «إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ بِقِلَالِ هَجَرَ لَمْ يُنَجَّسْ» وَهِيَ بِفَتْحِ أَوَّلَيْهَا قَرْيَةٌ بِقُرْبِ الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ عَلَى مُشَرِّفِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ، وَقَدْ قَدَّرَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه الْقُلَّةَ مِنْهَا أَخْذًا مِنْ تَقْدِيرِ شَيْخِ شَيْخِهِ ابْنِ جُرَيْجٍ الرَّائِي لَهَا بِقِرْبَتَيْنِ وَنِصْفٍ بِقِرَبِ الْحِجَازِ وَالْوَاحِدَةُ مِنْهَا لَا تَزِيدُ غَالِبًا عَلَى مِائَةِ رِطْلٍ بَغْدَادِيٍّ، وَحِينَئِذٍ فَانْتِصَارُ ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ لِمَنْ لَمْ يَعْمَلْ بِخَبَرِ الْقُلَّتَيْنِ مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ مُبْهَمٌ

وَهُوَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَنِصْفُ رِطْلٍ وَنِصْفُ تُسْعِ رِطْلٍ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ إذْ عَدَمُ تَحْدِيدِهِمْ لِلذِّرَاعِ وَقَوْلُهُمْ إنَّهُ شِبْرَانِ تَقْرِيبًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ التَّفَاوُتَ مُغْتَفَرٌ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهِ سم.

(قَوْلُهُ وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ) كَذَا فِي نُسْخَةِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَيَظْهَرُ أَنَّ الصَّوَابَ وَخَمْسَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ لَا يَظْهَرُ بِهِ تَفَاوُتٌ) فِي عَدَمِ الظُّهُورِ نَظَرٌ سم أَيْ يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ آنِفًا (قَوْلُهُ مَا يَبْلُغُهُ) الضَّمِيرُ لِمَا الْوَاقِعَةِ عَلَى الْمِقْدَارِ وَقَوْلُهُ أَبْعَادَهُ أَيْ غَيْرَ الْمُرَبَّعِ فَاعِلُ يَبْلُغُ وَمَا فِي الْكُرْدِيِّ مِنْ أَنَّ الضَّمِيرَ الْمُسْتَتِرَ رَاجِعٌ إلَى مَا، وَالظَّاهِرُ إلَى غَيْرِ الْمُرَبَّعِ وَضَمِيرُ أَبْعَادِهِ يَرْجِعُ إلَى الْمُرَبَّعِ خِلَافُ الصَّوَابِ، وَالصَّوَابُ إلَى غَيْرِ الْمُرَبَّعِ أَيْضًا (قَوْلُهُ فَإِنْ بَلَغَ) أَيْ مَا يَبْلُغُهُ إلَخْ ذَلِكَ أَيْ الْمِائَةَ وَالْخَمْسَةَ وَالْعِشْرِينَ رُبُعًا (قَوْلُهُ الْمُدَوَّرُ إلَخْ) ضَابِطُهُ أَنْ يَكُونَ ذِرَاعًا عَرْضًا وَذِرَاعَيْنِ وَنِصْفًا عُمْقًا وَمَتَى كَانَ الْعَرْضُ ذِرَاعًا كَانَ الْمُحِيطُ ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ وَسُبْعًا؛ لِأَنَّ الْمُحِيطَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ثَلَاثَةَ أَمْثَالِ الْعَرْضِ وَسُبْعَ مِثْلِهِ فَيُبْسَطُ كُلٌّ مِنْ الطُّولِ وَهُوَ الْعُمْقُ وَالْعَرْضُ وَالْمُحِيطُ أَرْبَاعًا لِوُجُودِ الرُّبُعِ فِي مِقْدَارِ الْقُلَّتَيْنِ فِي الْمُرَبَّعِ فَيَكُونُ الْعَرْضُ أَرْبَعَةَ أَذْرُعٍ وَالطُّولُ عَشَرَةً وَالْمُحِيطُ اثْنَيْ عَشَرَ وَأَرْبَعَةَ أَسْبَاعٍ فَتَضْرِبُ نِصْفَ الْعَرْضِ فِي نِصْفِ الْمُحِيطِ يَخْرُجُ اثْنَا عَشَرَ وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعٍ عَمَلًا بِمُقْتَضَى قَاعِدَتِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهَا هُنَا فَائِدَةٌ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ قَبْلَ الضَّرْبِ اثْنَيْ عَشَرَ وَأَرْبَعَةَ أَسْبَاعٍ، ثُمَّ تَضْرِبُ الْحَاصِلَ فِي عَشَرَةِ الطُّولِ يَحْصُلُ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَخَمْسَةُ أَسْبَاعٍ فَإِنَّ ضَرْبَ الِاثْنَيْ عَشَرَ فِي الْعَشَرِ بِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ وَضَرْبَ الْأَرْبَعَةِ أَسْبَاعِ فِي الْعَشَرَةِ بِأَرْبَعِينَ سُبْعًا خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ سُبْعًا بِخَمْسَةٍ صَحِيحَةٍ يَبْقَى خَمْسَةُ أَسْبَاعٍ وَهِيَ زَائِدَةٌ قَالَ بَعْضُهُمْ وَبِهَا حَاصِلُ التَّقْرِيبِ لَكِنْ الرَّاجِحُ أَنَّ مَعْنَى التَّقْرِيبِ يَظْهَرُ فِي النَّقْصِ لَا فِي الزِّيَادَةِ شَيْخُنَا وَفِي الْمُغْنِي وَالْبُجَيْرِمِيِّ نَحْوُهُ إلَّا قَوْلَهُ وَنِصْفًا وَقَوْلُهُ عَمَلًا إلَى، ثُمَّ تُضْرَبُ وَقَوْلُهُ قَالَ بَعْضُهُمْ وَقَوْلُهُ لَكِنْ الرَّاجِحُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَهُوَ ذِرَاعٌ وَرُبُعٌ) فِي الْمُغْنِي وَالْبُجَيْرِمِيِّ وَشَيْخُنَا مَا يُوَافِقُهُ.

(قَوْلُهُ الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ إلَخْ) الظَّاهِرُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ مَا أَفَادَهُ يُبَايِنُ تَكْسِيرَ الْقُلَّتَيْنِ مُبَايَنَةً كَثِيرَةً فَلْيُتَأَمَّلْ بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ عَنْ حَاشِيَةِ التُّحْفَةِ لِلشَّارِحِ بَعْدَ كَلَامٍ طَوِيلٍ مَا نَصُّهُ: وَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُرَادَ ذِرَاعُ التُّجَّارِ بِالتَّاءِ، وَأَنَّهُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ قِيرَاطًا وَذِرَاعُ الْيَدِ إحْدَى وَعِشْرُونَ قِيرَاطًا لَزِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِعُمْقِ الْمُرَبَّعِ ذِرَاعٌ وَرُبْعٌ بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ وَبِعُمْقِ الْمُدَوَّرِ ذِرَاعٌ مِنْ ذِرَاعِ الْحَدِيدِ، وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا قَرِيبٌ بِخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا الْمُرَادُ ذِرَاعُ النَّجَّارِ بِالنُّونِ فَإِنَّ التَّفَاوُتَ بَيْنَهُمَا كَثِيرٌ اهـ.

(قَوْلُهُ ذِرَاعُ الْعَمَلِ الْمَعْرُوفِ) فِي عُرْفِ الْبُنَاةِ وَالنَّجَّارِينَ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ فَتَحْدِيدُهُ) أَيْ ذِرَاعِ النَّجَّارِ بِمَا ذُكِرَ أَيْ بِذِرَاعٍ وَرُبُعٍ (قَوْلُهُ الْمُسْتَعْمَلِ بِمِصْرَ) أَيْ بِأَيْدِي الْبَاعَةِ (قَوْلُهُ وَذَلِكَ) أَيْ الذِّرَاعُ وَثُلُثُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَبِهِ) أَيْ بِقَوْلِ السَّمْهُودِيِّ وَقَوْلُهُ الثَّانِي أَيْ أَنَّهُ ذِرَاعٌ وَنِصْفٌ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَسْتَثْنِهِ) أَيْ الثَّانِي نِصْفُ الْقِيرَاطِ (قَوْلُهُ وَبِالْوَزْنِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِالْمِسَاحَةِ (قَوْلُهُ وَبِإِبْدَالِ الْأَخِيرَةِ نُونًا) وَبِمِيمٍ أَوَّلَهُ بَدَلُ الْبَاءِ نِهَايَةٌ أَيْ مَعَ النُّونِ فَقَطْ كَمَا فِي الْقَامُوسِ عِبَارَتُهُ بَغْدَادُ بِمُهْمَلَتَيْنِ وَمُعْجَمَتَيْنِ، وَتَقْدِيمُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَبَغْدَانُ وَبَغْدَيْنِ وَمَغْدَانُ مَدِينَةُ السَّلَامِ ع ش (قَوْلُهُ لِخَبَرِ الشَّافِعِيِّ) إلَى قَوْلِهِ وَحِينَئِذٍ فَانْتِصَارُ إلَخْ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ (قَوْلُهُ قَرْيَةٌ بِقُرْبِ الْمَدِينَةِ إلَخْ) تُجْلَبُ مِنْهَا الْقِلَالُ وَقِيلَ بِالْبَحْرَيْنِ، قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَهُوَ الْأَشْبَهُ مُغْنِي قَالَ الْبُجَيْرِمِيُّ قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَشْبَهُ ضَعِيفٌ اهـ.

(قَوْلُهُ مِنْ شَيْخِ شَيْخِهِ إلَخْ) إذْ الشَّافِعِيُّ أَخَذَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ الزِّنْجِيِّ وَهُوَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ وَاسْمُهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ يُونُسَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ جِبْرِيلَ عَنْ اللَّهِ عز وجل بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ الرَّائِي لَهَا إلَخْ) فَإِنَّهُ قَالَ رَأَيْت قِلَالَ هَجَرَ فَإِذَا الْقُلَّةُ مِنْهَا تَسَعُ قِرْبَتَيْنِ أَوْ قِرْبَتَيْنِ

الْأَرْبَعَةِ أَرْطَالٍ الَّتِي هِيَ قَدْرُ كُلِّ رُبُعٍ عَلَى مُرَجَّحِ النَّوَوِيِّ فِي الرِّطْلِ وَبَيْنَهَا عَلَى مُرَجَّحِ الرَّافِعِيِّ فِيهِ وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ أَنَّ الْقُلَّتَيْنِ بِالْمِسَاحَةِ مَا ذُكِرَ عَنْ زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ مَا نَصُّهُ ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ مَا ذُكِرَ عَنْ زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ جَرَى فِيهِ عَلَى مُخْتَارِهِ فِي رِطْلِ بَغْدَادَ وَهُوَ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ أَمَّا عَلَى مُخْتَارِ الرَّافِعِيِّ وَهُوَ مِائَةٌ وَثَلَاثُونَ دِرْهَمًا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ الْمِسَاحَةُ أَيْضًا مَا ذُكِرَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُزَادَ بِنِسْبَةِ التَّفَاوُتِ بَيْنَهُمَا فِي وَزْنِ الْقُلَّتَيْنِ وَهُوَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَنِصْفُ رِطْلٍ وَنِصْفُ تُسْعِ رِطْلٍ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ إذْ عَدَمُ تَحْدِيدِهِمْ لِلذِّرَاعِ وَقَوْلُهُمْ إنَّهُ شِبْرَانِ تَقْرِيبًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ التَّفَاوُتَ مُغْتَفَرٌ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهِ (قَوْلُهُ لَا يَظْهَرُ بِهِ تَفَاوُتٌ)

ص: 101

لَمْ يُبَيِّنْ عَجِيبًا إذْ لَا وَجْهَ لِلْمُنَازَعَةِ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ، وَإِنْ سَلَّمَ ضَعْفَ زِيَادَةٍ مِنْ قِلَالِ هَجَرَ؛ لِأَنَّهُ إذَا اكْتَفَى بِالضَّعِيفِ فِي الْفَضَائِلِ وَالْمَنَاقِبِ فَالْبَيَانُ كَذَلِكَ بَلْ أَبُو حَنِيفَةَ رضي الله عنه يَحْتَجُّ بِهِ مُطْلَقًا وَأَمَّا اعْتِمَادُ الشَّافِعِيِّ لَهَا فَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إمَّا لِهَذَا أَوْ لِثُبُوتِهَا عِنْدَهُ (تَقْرِيبًا) ؛ لِأَنَّ تَقْدِيرَ الشَّافِعِيِّ أَمْرٌ تَقْرِيبِيٌّ فَلَا يَضُرُّ نَقْصُ رِطْلَيْنِ فَأَقَلَّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَخِلَافُهُ بَيَّنْت مَا فِيهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ (فِي الْأَصَحِّ) وَقِيلَ هُمَا أَلْفٌ وَقِيلَ سِتُّمِائَةٍ لِاخْتِلَافِ قِرَبِ الْعَرَبِ فَأَخَذْنَا الْأَسْوَأَ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْغَالِبِ وَهُوَ مَا مَرَّ وَقِيلَ تَحْدِيدٌ فَيَضُرُّ نَقْصُ أَيِّ شَيْءٍ كَانَ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ إفْرَاطٌ وَبِتَفْسِيرِ التَّقْرِيبِ، ثُمَّ التَّحْدِيدُ هُنَا يُعْلِمُ أَنَّ التَّحْدِيدَ ثَمَّ غَيْرُ التَّحْدِيدِ هُنَا.

(وَالتَّغَيُّرُ الْمُؤَثِّرُ بِطَاهِرٍ أَوْ نَجِسٍ طَعْمٌ أَوْ لَوْنٌ أَوْ رِيحٌ) وَحَمْلُ طَعْمٍ وَمَا بَعْدَهُ بِاعْتِبَارِ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ صَحِيحٌ أَيْ تَغَيُّرُ طَعْمٍ إلَى آخِرِهِ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ إنَّ هَذَا حَمْلٌ غَيْرُ مُفِيدٍ لَا يُقَالُ سَلَّمْنَا إفَادَتَهُ، وَهُوَ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْمُؤَثِّرِ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُؤَثِّرِ تَغَيُّرُ طَعْمٍ إلَى آخِرِهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَيْسَ الْمُرَادُ حَمْلَ كُلٍّ عَلَى حِدَتِهِ حَتَّى يَرِدَ ذَلِكَ بَلْ حَمْلُ مَا أَفَادَهُ مَجْمُوعُ الْمُتَعَاطِفَاتِ مِنْ انْحِصَارِ الْمُؤَثِّرِ فِي أَحَدِهَا فَلَا يُشْتَرَطُ اجْتِمَاعُهَا وَلَا يُؤَثِّرُ غَيْرُهَا كَحَرَارَةٍ أَوْ بُرُودَةٍ فَأَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ، وَخَرَجَ بِالْمُؤَثِّرِ بِطَاهِرٍ التَّغَيُّرُ الْيَسِيرُ بِهِ وَبِالْمُؤَثِّرِ بِنَجِسٍ التَّغَيُّرُ بِجِيفَةٍ بِالشَّطِّ وَمَا لَوْ وُجِدَ فِيهِ وَصْفٌ لَا يَكُونُ إلَّا لِلنَّجَاسَةِ فَلَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ فِيمَا يَظْهَرُ تَرْجِيحُهُ فِي الثَّانِيَةِ خِلَافًا لِلْبَغَوِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّ تَغَيُّرَهُ تَرَوُّحٌ وَلَا يُنَافِيهِ مَا لَوْ وَقَعَ فِيهِ نَجِسٌ لَمْ يُغَيِّرْهُ حَالًّا بَلْ بَعْدَ مُدَّةٍ فَإِنَّهُ يَسْأَلُ أَهْلَ الْخِبْرَةِ وَلَوْ وَاحِدًا فِيمَا يَظْهَرُ فَإِنْ جَزَمَ بِأَنَّهُ مِنْهُ فَيُنَجَّسُ، وَإِلَّا فَلَا لِتَحَقُّقِ الْوُقُوعِ هُنَا لِإِثْمٍ، وَمِمَّا يُصَرِّحُ بِمَا ذَكَرْته مَا مَرَّ فِي عَوْدِ التَّغَيُّرِ وَلَا نَجَاسَةَ بَلْ ذَاكَ أَوْلَى مِنْ هَذَا لِتَحَقُّقِ النَّجَاسَةِ وَتَأْثِيرِهَا أَوْ لَا لَكِنْ لَمَّا زَالَتْ ضَعُفَ تَأْثِيرُهَا فَلَمْ يُؤَثِّرْ عَوْدُهَا فَإِذَا لَمْ يُؤَثِّرْ عَوْدُ الْمُتَحَقِّقِ قَبْلُ فَأَوْلَى مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ أَصْلًا فَإِنْ قُلْت يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْبَغَوِيّ عَلَى مَا إذَا عُلِمَ أَنْ لَا نَجَاسَةَ، ثُمَّ يُحْتَمَلُ تَرَوُّحُهُ بِهَا قُلْت يُمْكِنُ.

وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ لَوْ رَأَى فِي فِرَاشِهِ أَوْ ثَوْبِهِ مَنِيًّا لَا يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِهِ لَزِمَهُ الْغُسْلُ وَقَوْلُهُمْ لَوْ رَأَى الْمُتَوَضِّئُ عَلَى رَأْسِ ذَكَرِهِ بَلَلًا يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِهِ لَزِمَهُ الْوُضُوءُ، وَقَوْلُهُمْ شُرِعَتْ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ لِيُعْرَفَ طَعْمُ الْمَاءِ وَرِيحُهُ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي الْمَنِيِّ

وَشَيْئًا أَيْ مِنْ قِرَبِ الْحِجَازِ فَاحْتَاطَ الشَّافِعِيُّ فَحَسَبَ الشَّيْءَ نِصْفًا إذَا لَوْ كَانَ فَوْقَهُ لَقَالَ تَسَعُ ثَلَاثَ قِرَبٍ إلَّا شَيْئًا عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ فَتَكُونُ الْقُلَّتَانِ خَمْسَ قِرَبٍ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ فَالْبَيَانُ كَذَلِكَ) مَحَلُّ تَأَمُّلٍ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ بِهِ) أَيْ الضَّعِيفِ مُطْلَقًا أَيْ فِي الْفَضَائِلِ وَالْمَنَاقِبِ وَغَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ لَهَا) أَيْ الزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ أَمَّا لِهَذَا) إشَارَةٌ إلَى الْبَيَانِ كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ فَلَا يَضُرُّ نَقْصٌ إلَخْ) وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ الرَّافِعِيِّ لَا يَضُرُّ نَقْصُ قَدْرٍ لَا يَظْهَرُ بِنَقْصِهِ تَفَاوُتٌ فِي التَّغَيُّرِ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ الْمُغَيَّرَةِ إلَخْ كَذَا فِي النِّهَايَةِ، وَهُوَ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ وَقِيلَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ وَالْمُغْنِي قَدَّمَ تَقْرِيبًا عَكْسَ الْمُحَرَّرِ لِيَشْمَلَهُ وَمَا قَبْلَهُ التَّصْحِيحُ وَالْمُقَابِلُ فِيمَا قَبْلَهُ مَا قِيلَ الْقُلَّتَانِ أَلْفُ رِطْلٍ؛ لِأَنَّ الْقِرْبَةَ قَدْ تَسَعُ مِائَتَيْ رِطْلٍ، وَقِيلَ هُمَا سِتُّمِائَةِ رِطْلٍ وَالْعَدَدُ عَلَى الثَّلَاثَةِ قِيلَ تَحْدِيدٌ فَيَضُرُّ أَيُّ شَيْءٍ نَقَصَ اهـ بِحَذْفٍ (قَوْلُهُ وَبِتَفْسِيرِ التَّقْرِيبِ ثَمَّ) أَيْ بِقَوْلِهِ فَلَا يَضُرُّ إلَخْ، وَالتَّحْدِيدُ هُنَا أَيْ بِقَوْلِهِ فَيَضُرُّ إلَخْ (قَوْلُهُ إنَّ التَّحْدِيدَ ثَمَّ إلَخْ) كَانَ مُرَادُهُ بِالتَّقْرِيبِ، ثُمَّ مَا لَزِمَ مِنْ تَعْيِينِ التَّقْرِيبِ فِي رِطْلَيْنِ إذْ لَزِمَ مِنْ ذَلِكَ التَّحْدِيدُ بِخَمْسِمِائَةٍ إلَّا رِطْلَيْنِ سم وَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ قَوْلُ الْمُغْنِي فَإِنْ قِيلَ عَلَى مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّهُ يُعْفَى عَنْ نَقْصِ رِطْلٍ وَرِطْلَيْنِ تَرْجِعُ الْقُلَّتَانِ أَيْضًا إلَى التَّحْدِيدِ فَإِنَّهُ يَضُرُّ نَقْصُ مَا زَادَ عَلَى الرِّطْلَيْنِ أُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا تَحْدِيدُ غَيْرِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ اهـ.

وَأَمَّا مَا فِي الْكُرْدِيِّ مِمَّا نَصُّهُ قَوْلُهُ إنَّ التَّحْدِيدَ ثَمَّ أَيْ الْمَعْلُومَ مِنْ قَوْلِهِ تَقْرِيبًا الْمُقَابِلَ لَهُ، وَالْمُرَادُ أَنَّ هَذَا التَّحْدِيدَ الْمَنْقُولَ بِقِيلَ غَيْرُ التَّحْدِيدِ الْقَابِلِ لِلْأَصَحِّ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّك قُلْت فِي الْخُطْبَةِ لَا أَذْكُرُ الْمُقَابِلَ اهـ فَبَعِيدٌ عَنْ الْمَرَامِ، وَقَوْلُ سم بِالتَّقْرِيبِ صَوَابُهُ بِالتَّحْدِيدِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَالتَّغَيُّرُ الْمُؤَثِّرُ) أَيْ حِسًّا أَوْ تَقْدِيرًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَحَمْلُ طَعْمٍ إلَخْ) أَيْ جَعْلُهُ خَبَرًا لِلتَّغَيُّرِ وَقَوْلُهُ بِاعْتِبَارِ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ أَيْ بِاعْتِبَارِ الْحَالِ الَّذِي اتَّصَفَ بِهِ الطَّعَامُ وَمَا بَعْدَهُ، وَهُوَ التَّغَيُّرُ وَلِذَا قَالَ أَيْ تَغَيُّرُ طَعْمٍ إلَخْ (قَوْلُهُ لَا يُقَالُ إلَخْ) هَذَا اعْتِرَاضٌ آخَرُ حَاصِلُهُ أَنَّ تَقْيِيدَ التَّغَيُّرِ بِالْمُؤَثِّرِ أَيْضًا يَنْقَسِمُ إلَى هَذِهِ الْأَقْسَامِ كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ هُوَ) التَّغَيُّرُ الْمُنْقَسِمُ إلَى مَا ذُكِرَ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْمُؤَثِّرِ أَيْ لَا يَخْتَصُّ بِالْمُؤَثِّرِ (قَوْلُهُ لَيْسَ الْمُرَادُ حَمْلَ كُلٍّ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يُلَاحَظَ الرَّبْطُ بَعْدَ الْعَطْفِ (قَوْلُهُ مِنْ انْحِصَارٍ إلَخْ) فَالتَّقْدِيرُ وَالتَّغَيُّرُ الْمُؤَثِّرُ مُنْحَصِرٌ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ كُرْدِيٌّ أَيْ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُؤَثِّرِ لَا يَنْحَصِرُ فِي أَحَدِهَا لِتَحَقُّقِهِ أَيْضًا فِي نَحْوِ الْحَرَارَةِ وَالْبُرُودَةِ سم (قَوْلُهُ وَخَرَجَ) إلَى قَوْلِهِ وَبِالْمُؤَثِّرِ فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى قَوْلِهِ وَمَا لَوْ وُجِدَ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ بِجِيفَةٍ بِالشَّطِّ) أَيْ قُرْبَ الْمَاءِ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَمَا لَوْ وُجِدَ إلَخْ) أَيْ وَالتَّغَيُّرُ الَّذِي لَوْ وُجِدَ فِيهِ وَصْفٌ مِنْ الْأَوْصَافِ الثَّلَاثَةِ بِلَا عَيْنٍ، وَقَوْلُهُ لَا يَكُونُ إلَّا لِلنَّجَاسَةِ أَيْ كَطَعْمِ خَمْرٍ وَرِيحِ عُذْرَةٍ وَلَوْنِ دَمٍ قَالَ الْكُرْدِيُّ، وَيَظْهَرُ أَنَّ مَا وَاقِعَةٌ عَلَى الْمَاءِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ وَالْمَعْنَى، وَتَغَيَّرَ مَا لَوْ وُجِدَ فِيهِ إلَخْ (قَوْلُهُ فَلَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ) أَيْ بِمُجَرَّدِ التَّغَيُّرِ، وَقَوْلُهُ فِي الثَّانِيَةِ أَيْ فِيمَا لَوْ وُجِدَ إلَخْ كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلتَّرْجِيحِ فِي الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ وَلَا يُنَافِيهِ) أَيْ تَرْجِيحُ عَدَمِ النَّجَاسَةِ فِي الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ مَا لَوْ وَقَعَ فِيهِ) أَيْ الْمَاءِ الْكَثِيرِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ جَزَمَ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ أَوْ تَرَدَّدَ فِيهِ (قَوْلُهُ لِتَحَقُّقِ الْوُقُوعِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِعَدَمِ الْمُنَافَاةِ (قَوْلُهُ هُنَا) أَيْ فِيمَا لَوْ وَقَعَ فِيهِ نَجِسٌ إلَخْ (لَأَثِمَ) أَيْ فِيمَا لَوْ وُجِدَ فِيهِ وَصْفٌ إلَخْ (قَوْلُهُ بِمَا ذَكَرْته) أَيْ بِعَدَمِ الْحُكْمِ بِالنَّجَاسَةِ فِي الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ بَلْ ذَاكَ أَوْلَى) أَيْ بِالْحُكْمِ بِالنَّجَاسَةِ وَقَوْلُهُ لِتَحَقُّقِ إلَخْ عِلَّةٌ لِلْأَوْلَوِيَّةِ فِيمَا مَرَّ (قَوْلُهُ لَمَّا زَالَتْ) أَيْ النَّجَاسَةُ ذَاتًا وَأَثَرًا وَهُوَ التَّغَيُّرُ (قَوْلُهُ فَلَمْ يُؤَثِّرْ عَوْدُهَا) أَيْ النَّجَاسَةِ أَيْ سَبَبِهَا وَهُوَ التَّغَيُّرُ عَلَى الِاسْتِخْدَامِ أَوْ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ (قَوْلُهُ أَنْ لَا نَجَاسَةَ ثَمَّ) أَيْ فِي قُرْبِ مَا وُجِدَ فِيهِ وَصْفٌ إلَخْ (قَوْلُهُ لِيَعْرِفَ طَعْمَ الْمَاءِ وَرِيحَهُ) أَيْ

فِي عَدَمِ الظُّهُورِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ وَبِتَفْسِيرِ التَّقْرِيبِ ثُمَّ إلَخْ) كَانَ مُرَادُهُ بِالتَّقْرِيبِ ثُمَّ مَا لَزِمَ مِنْ تَعْيِينِ التَّقْرِيبِ فِي رِطْلَيْنِ إذْ يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ التَّحْدِيدُ بِخَمْسِمِائَةٍ إلَّا رِطْلَيْنِ.

(قَوْلُهُ مِنْ انْحِصَارِ الْمُؤَثِّرِ) أَيْ بِخِلَافِ

ص: 102

وَعَلَى رَأْسِ الذَّكَرِ أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ نَجِسٍ وَطَاهِرٍ فَتَغَيَّرَ فَإِنْ احْتَمَلَ أَنَّهُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ، وَمِنْهُ أَنْ يَكُونَ النَّجِسُ لَوْ فُرِضَ وَحْدَهُ لِغَيْرٍ فَلَهُ حُكْمُهُ وَإِنْ شَكَّ فَإِنْ تَرَتَّبَا فِي الْوُقُوعِ وَتَأَخَّرَ التَّغَيُّرُ عَنْهُمَا أَسْنَدْنَاهُ إلَى الثَّانِي أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الظَّبْيَةِ وَإِنْ وَقَعَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا، وَلَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ لَمْ يُؤَثِّرْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ طَهَارَةُ الْمَاءِ هَذَا مَا يَظْهَرُ فِي طَهَارَةِ الْمَسْأَلَةِ، وَوَقَعَ فِي الْخَادِمِ وَغَيْرِهِ مَا يُخَالِفُهُ فَاحْذَرْهُ وَلَوْ خَلَطَهُمَا قَبْلَ الْوُقُوعِ تَنَجَّسَ؛ لِأَنَّ التَّغَيُّرَ بِالْمُتَنَجِّسِ كَالنَّجِسِ وَمِنْ.

ثَمَّ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إنَّ دُخَانَ النَّجَاسَةِ وَالْمُتَنَجِّسِ حُكْمُهُمَا وَاحِدٌ أَيْ خِلَافًا لِمَنْ فَرَّقَ لِمُدْرِكٍ يَخُصُّ هَذِهِ نَعَمْ إنْ خَالَطَ النَّجِسُ مَاءً وَاحْتَجْنَا لِلْفَرْضِ بِأَنْ وَقَعَ هَذَا الْمُخْتَلِطُ فِيمَا يُوَافِقُهُ فَرْضُنَا الْمُغَيِّرَ النَّجِسَ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مُمْكِنٌ يُوَافِقُهُ فَرْضُنَا الْمُغَيِّرَ النَّجَسَ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مُمْكِنٌ طُهْرُهُ أَوْ مَائِعًا فَرْضُنَا الْكُلَّ؛ لِأَنَّ عَيْنَ الْجَمِيعِ صَارَتْ نَجِسَةً لَا يُمْكِنُ طُهْرُهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.

(وَلَوْ اشْتَبَهَ) عَلَى مَنْ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الِاجْتِهَادِ فِي ذَلِكَ الْمُشْتَبِهِ بِالنِّسْبَةِ لِنَحْوِ الصَّلَاةِ وَلَوْ صَبِيًّا مُمَيِّزًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (مَاءٌ) أَوْ تُرَابٌ وَذَكَرَهُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ وَإِلَّا فَسَيُعْلَمُ مِمَّا سَيَذْكُرُهُ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ أَنَّ الثِّيَابَ وَالْأَطْعِمَةَ وَغَيْرَهَا سَوَاءٌ اخْتَلَطَ مَالُهُ بِمَالِهِ أَمْ بِمَالِ غَيْرِهِ يَجُوزُ الِاجْتِهَادُ فِيهَا.

وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ فِيهَا بِالنِّسْبَةِ لِنَحْوِ الْمِلْكِ بِاجْتِهَادِ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ (طَاهِرٌ) أَيْ طَهُورٌ لِيُوَافِقَ قَوْلَهُ وَتَظْهَرُ إلَى آخِرِهِ (بِنَجِسٍ)

وَيَعْرِفَ بِهِمَا النَّجَاسَةَ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تُعْرَفُ بِهِمَا أَحْيَانًا (قَوْلُهُ وَعَلَى رَأْسِ الذَّكَرِ) أَيْ وَفِي الْبَلَلِ عَلَى رَأْسِ الذَّكَرِ (قَوْلُهُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ) أَيْ وَلَا يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ الْآخَرِ فَقَطْ وَلَا مَعَهُ سم أَيْ بِأَنْ يُنَاسِبَ التَّغَيُّرُ بِوَصْفِ ذَلِكَ الْأَحَدِ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ احْتِمَالِ كَوْنِ التَّغَيُّرِ مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ بِعَيْنِهِ (قَوْلُهُ لَوْ فُرِضَ وَحْدَهُ لِغَيْرٍ) أَيْ بِأَنْ وَقَعَا مَعًا كُرْدِيٌّ أَيْ وَتَوَافَقَا فِي الصِّفَةِ (قَوْلُهُ مِنْ مَسْأَلَةِ الظَّبْيَةِ) أَيْ الْآتِيَةِ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَتَغَيَّرَ ظَنُّهُ لَمْ يَعْمَلْ بِالثَّانِي (قَوْلُهُ حُكْمُهُ) أَيْ فَلِذَلِكَ الْمَاءِ حُكْمُ ذَلِكَ الْأَحَدِ مِنْ الطَّهَارَةِ أَوْ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ هَذَا) أَيْ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَيْ فِيمَا لَوْ وَقَعَ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَوْ خَلَطَهُمَا قَبْلَ الْوُقُوعِ) أَيْ خَلَطَ الطَّاهِرَ بِالنَّجِسِ قَبْلَ وُقُوعِهِمَا فِي الْمَاءِ تَنَجَّسَ أَيْ الْمَاءُ الْكَثِيرُ الْمُتَغَيِّرُ بِوُقُوعِهِمَا بَعْدَ الِاخْتِلَاطِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ التَّغَيُّرَ بِالتَّنَجُّسِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ التَّصْوِيرُ بِمَا إذَا كَانَ الِاخْتِلَاطُ يُنَجِّسُ الطَّاهِرَ فَيَخْرُجُ مَا لَوْ كَانَا جَافَّيْنِ فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهِ سم.

(قَوْلُهُ كَالنَّجِسِ) أَيْ كَالتَّغَيُّرِ بِالنَّجِسِ أَيْ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ فِيمَا يُوَافِقُهُ) أَيْ فِي الْمَاءِ الْكَثِيرِ الَّذِي يُوَافِقُهُ بِخِلَافِ الْمَائِعِ مُطْلَقًا وَالْمَاءِ الْقَلِيلِ فَإِنَّ كُلًّا يَتَنَجَّسُ بِمُجَرَّدِ وُقُوعِ الْمُخْتَلِطِ بِالنَّجِسِ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ أَوْ مَائِعًا فَرَضْنَا الْكُلَّ) اُنْظُرْ هَذِهِ مَعَ مَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ غَيَّرَهُ فَنَجِسٌ عَنْ فَتْوَى شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ سم أَيْ مِنْ أَنَّهُ يُفْرَضُ فِي الِاخْتِلَاطِ بِالْمَائِعِ أَيْضًا النَّجِسُ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ الْمَائِعَ لَيْسَ نَجِسًا حَتَّى يُقَدَّرَ مُخَالِفًا.

(قَوْلُهُ عَلَى مَنْ فِيهِ) إلَى قَوْلِهِ إذْ خِصَالُ الْمُخَيَّرِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَظَاهِرٌ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلَهُ وَلَمْ يَبْلُغَا إلَى وَجَوَازًا وَقَوْلُهُ طَاهِرًا (قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ الْمُشْتَبَهِ) مُتَعَلِّقٌ بِالِاجْتِهَادِ وَقَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِأَهْلِيَّةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ لِنَحْوِ الصَّلَاةِ) كَالطَّوَافِ وَحِلِّ التَّنَاوُلِ (قَوْلُهُ وَلَوْ صَبِيًّا) أَيْ مَجْنُونًا أَفَاقَ وَمَيَّزَ تَمْيِيزًا قَوِيًّا بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ فِيهِ حِدَّةٌ تُغَيِّرُ أَخْلَاقَهُ، وَتَمْنَعُ مِنْ حُسْنِ تَصَرُّفِهِ ع ش.

(قَوْلُهُ وَذَكَرَهُ) أَيْ خَصَّ الْمَاءَ بِالذِّكْرِ سم وَنِهَايَةٌ أَيْ وَلَمْ يَذْكُرْ مَعَهُ التُّرَابَ مَعَ اشْتِرَاكِهِ مَعَهُ فِي الطَّهُورِيَّةِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ يَجُوزُ الِاجْتِهَادُ إلَخْ) خَبَرُ أَنَّ الثِّيَابَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ فِيهَا إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الرُّشْدُ فَيَصِحُّ الِاجْتِهَادُ فِيهِ مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ وَقَدْ يُمْنَعُ؛ لِأَنَّ السَّفِيهَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ التَّمَلُّكِ فَهُوَ كَالصَّبِيِّ وَعَلَيْهِ فَلَوْ اجْتَهَدَ مُكَلَّفَانِ فِي ثَوْبَيْنِ وَاتَّفَقَا فِي اجْتِهَادِهِمَا عَلَى وَاحِدٍ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا صُدِّقَ صَاحِبُ الْيَدِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَقَفَ الْأَمْرُ إلَى إصْلَاحِهِمَا عَلَى شَيْءٍ وَإِنْ كَانَ فِي أَيْدِيهِمَا جُعِلَ مُشْتَرَكًا، ثُمَّ إنْ صَدَّقْنَا صَاحِبَ الْيَدِ سَلِمَ الثَّوْبُ لَهُ وَيَبْقَى الثَّوْبُ الْآخَرُ تَحْتَ يَدِهِ إلَى أَنْ يَرْجِعَ الْآخِرُ، وَيُصَدِّقُهُ فِي أَنَّهُ لَهُ كَمَنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ لِمَنْ يُنْكِرُهُ وَلَوْ ظَنَّ أَنَّ مِلْكَهُ مَا فِي يَدِ غَيْرِهِ فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِيمَا بِيَدِهِ عَلَى وَجْهِ الظَّفَرِ لِمَنْعِهِ مِنْ وُصُولِهِ إلَى حَقِّهِ بِظَنِّهِ بِسَبَبِ مَنْعِ الثَّانِي مِنْهُ ع ش وَسَيَأْتِي فِي مَبْحَثِ اشْتِبَاهِ مَاءٍ وَمَاءِ وَرْدٍ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ لِنَحْوِ الْمِلْكِ) أَيْ كَالِانْتِفَاعِ وَالِاخْتِصَاصِ (قَوْلُهُ أَيْ طَهُورٌ) إلَى قَوْلِهِ إذْ خِصَالُ الْمُخَيَّرِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ بَعْدَ تَلَفِهِمَا (قَوْلُهُ أَيْ طَهُورٌ) كَانَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ الْآتِي طَاهِرًا أَوْ طَهُورًا إبْدَالُ أَيْ بِأَوْ (قَوْلُهُ لِيُوَافِقَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلتَّفْسِيرِ قَوْلُ الْمَتْنِ (بِنَجِسٍ)

غَيْرِ الْمُؤَثِّرِ لَا يَنْحَصِرُ فِي أَحَدِهِمَا لِتَحَقُّقِهِ أَيْضًا فِي نَحْوِ الْحَرَارَةِ وَالْبُرُودَةِ (قَوْلُهُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ) أَيْ وَلَا يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ الْآخَرِ فَقَطْ وَلَا مَعَهُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ التَّغَيُّرَ بِالْمُتَنَجِّسِ كَالنَّجِسِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ التَّصْوِيرُ بِمَا إذَا كَانَ الِاخْتِلَاطُ بِنَحْوِ الطَّاهِرِ فَيَخْرُجُ مَا لَوْ كَانَا جَافَّيْنِ فِيهِ (قَوْلُهُ أَوْ مَائِعًا فَرَضْنَا الْكُلَّ) اُنْظُرْ هَذِهِ مَعَ مَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ فَإِنْ غَيَّرَهُ فَنَجِسٌ عَنْ فَتْوَى شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ اشْتَبَهَ مَاءٌ طَاهِرٌ بِنَجِسٍ إلَخْ) فِي شَرْحِ الْعُبَابِ لَوْ حَصَلَ لَهُ رَشَاشٌ مِنْ أَحَدِ الْإِنَاءَيْنِ لَمْ يُنَجِّسْ ثَوْبَهُ لِلشَّكِّ كَمَا لَوْ أَصَابَهُ نَقْطُ ثَوْبٍ تَنَجَّسَ بَعْضُهُ، وَاشْتَبَهَ وَفَارَقَ بُطْلَانَ الصَّلَاةِ بِلَمْسِ بَعْضِهِ بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهَا ظَنُّ الطَّهَارَةِ وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا، وَلَوْ اجْتَهَدَ وَظَنَّ نَجَاسَةَ مَا أَصَابَهُ الرَّشَاشُ مِنْهُ فَكَذَلِكَ عَلَى الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ لَا تَثْبُتُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ اسْتِعْمَالُهُ مَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ نَجَاسَتُهُ؛ لِأَنَّهُ إنْ اسْتَعْمَلَهُ فِي حَدَثٍ لَمْ يُمْكِنْ الْجَزْمُ بِالنِّيَّةِ أَوْ فِي خَبَثٍ فَهُوَ مُحَقَّقٌ فَلَا يَزُولُ بِمَشْكُوكٍ فِيهِ إلَخْ اهـ.

وَقَوْلُهُ وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا قَدْ يَمْنَعُ إطْلَاقَ انْتِفَائِهِ إذْ قَدْ يَظُنُّ الطَّهَارَةَ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْفَرْقِ قَدْ يَقْتَضِي عَدَمَ صِحَّةِ الصَّلَاةِ فِيمَا حَصَلَ لَهُ الرَّشَاشُ الْمَذْكُورُ، وَإِنْ لَمْ يُنَجِّسْهُ، وَذَلِكَ مِمَّا يُضْعِفُ فَائِدَةَ عَدَمِ الْحُكْمِ بِتَنْجِيسِهِ لَا يُقَالُ يَلْزَمُ صِحَّةُ الصَّلَاةِ هُنَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا أَصَابَهُ الرَّشَاشُ هُنَا، وَالْمُتَنَجِّسُ بَعْضُهُ الْمُشْتَبِهُ حَيْثُ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ بِلَمْسِ بَعْضِهِ إنْ

ص: 103

أَيْ مُتَنَجِّسٍ أَوْ بِمُسْتَعْمَلٍ (اجْتَهَدَ) وَإِنْ قَلَّ عَدَدُ الطَّاهِرِ كَوَاحِدٍ فِي مِائَةٍ بِأَنْ يَبْحَثَ عَنْ أَمَارَةٍ يَظُنُّ بِهَا مَا يَقْتَضِي الْإِقْدَامَ أَوْ الْإِحْجَامَ وُجُوبًا مُضَيَّقًا بِضِيقِ الْوَقْتِ وَمُوَسَّعًا بِسَعَتِهِ إنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَ الْمُشْتَبِهَيْنِ، وَلَمْ يَبْلُغَا بِالْخَلْطِ قُلَّتَيْنِ فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ الِاجْتِهَادِ تَيَمَّمَ بَعْدَ تَلَفِهِمَا، وَجَوَازًا إنْ وُجِدَ طَاهِرًا أَوْ طَهُورًا بِيَقِينٍ وَزَعَمَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وُجُوبَهُ هُنَا أَيْضًا مُسْتَدِلًّا بِأَنَّ كُلًّا مِنْ خِصَالِ الْمُخَيَّرِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ وَاجِبٌ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ إذْ خِصَالُ الْمُخَيَّرِ انْحَصَرَتْ بِالنَّصِّ، وَهِيَ مَقْصُودَةٌ لِذَاتِهَا وَالِاجْتِهَادُ وَسِيلَةٌ لِلْعِلْمِ بِالطَّاهِرِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَ الْمُشْتَبِهَيْنِ تَعَيَّنَتْ كَسَائِرِ طُرُقِ التَّحْصِيلِ وَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهُمَا لَمْ تَنْحَصِرْ الْوَسِيلَةُ فِي هَذَا بَلْ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ حَدُّ الْوَسِيلَةِ حِينَئِذٍ فَلَمْ يَجِبْ أَصْلًا

أَيْ بِمَاءٍ أَوْ تُرَابٍ نَجِسٍ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ أَيْ مُتَنَجِّسٍ) أَيْ بِدَلِيلِ أَوْ مَاءٍ وَبَوْلٍ إلَخْ سم (قَوْلُهُ أَوْ بِمُسْتَعْمَلٍ) أَيْ بِمَاءٍ أَوْ تُرَابٍ مُسْتَعْمَلٍ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَلَّ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ كَانَ الِاشْتِبَاهُ فِي مَحْصُورٍ ع ش (قَوْلُهُ بِأَنْ يَبْحَثَ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِ اجْتَهَدَ وَتَصْوِيرٌ لَهُ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَبْلُغَا) أَيْ الْمُشْتَبِهَاتِ (بِالْخَلْطِ قُلَّتَيْنِ) أَيْ بِلَا تَغَيُّرٍ مُغْنِي (قَوْلُهُ تَيَمَّمَ) الْأَوْجَهُ خِلَافُهُ وَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ نِهَايَةٌ اهـ.

سم وَوَافَقَ الْمُغْنِي الشَّارِحَ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ بَعْدَ تَلَفِهِمَا) هَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَصِيرَ الْإِتْلَافُ وَلَوْ بِصَبِّ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ مَطْلُوبًا وَلَا يَخْلُو عَنْ شَيْءٍ فَلْيُتَأَمَّلْ سم وَلَعَلَّ لِهَذَا أَسْقَطَ الْمُغْنِي قَيْدَ بَعْدَ تَلَفِهِمَا كَمَا نَبَّهْنَا (قَوْلُهُ إنْ وُجِدَ إلَخْ) أَيْ أَوْ بَلَغَ الْمَاءَانِ قُلَّتَيْنِ بِالْخَلْطِ بِلَا تَغَيُّرٍ مُغْنِي (قَوْلُهُ طَاهِرًا) قَدْ يُنَافِيهِ تَفْسِيرُهُ لِطَاهِرٍ بِطَهُورٍ وَلَعَلَّ لِهَذَا أَسْقَطَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي كَمَا نَبَّهْنَا (قَوْلُهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ لَكِنَّهُمَا وَجَّهَا ضَعْفَ مَا قَالَهُ بِتَوْجِيهٍ غَيْرِ تَوْجِيهِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ يَصْدُقُ) أَيْ عَلَى كُلٍّ مِنْهَا نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ كَخِصَالِ الْمُخَيَّرِ (قَوْلُهُ إذْ خِصَالُ الْمُخَيَّرِ انْحَصَرَتْ إلَخْ) إنْ أَرَادَ أَنَّ الْوَاجِبَ الْمُخَيَّرُ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا حَيْثُ كَانَتْ الْخِصَالُ مُنْحَصِرَةً بِالنَّصِّ وَمَقْصُودَةً لِذَاتِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ مُحْتَاجٌ إلَى سَنَدٍ صَحِيحٍ وَاضِحٍ مِنْ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ بَلْ إطْلَاقُهُمْ وَتَعْرِيفُهُمْ الْوَاجِبَ الْمُخَيَّرَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ فَلَا يُجْدِي مَا ذَكَرَهُ شَيْئًا فِي مَطْلُوبِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ تَعَيَّنَتْ) أَيْ وَسِيلَةُ الِاجْتِهَادِ وَقَوْلُهُ فِي هَذَا أَيْ الِاجْتِهَادِ (قَوْلُهُ بَلْ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ حَدُّ الْوَسِيلَةِ) قَدْ يُقَالُ إنْ أَرَادَ الْوَسِيلَةَ فِي الْجُمْلَةِ فَنَفْيُ الصِّدْقِ مَمْنُوعٌ أَوْ عَلَى التَّعْيِينِ لَمْ يُفِدْ الْمَطْلُوبَ.

وَكَذَا قَوْلُهُ فَلَمْ يَجِبْ أَصْلًا إنْ أَرَادَ لَمْ يَجِبْ مُطْلَقًا فَهُوَ مَمْنُوعٌ أَوْ عَلَى التَّعْيِينِ لَمْ يُفِدْ الْمَطْلُوبَ فَتَأَمَّلْهُ سم عِبَارَةُ النِّهَايَةِ بَعْدَ بَسْطِهِ فِي رَدِّ كَلَامِ الْوَلِيِّ الْعِرَاقِيِّ نَصُّهَا وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُ كَلَامِهِ بِأَنَّهُ وَاجِبٌ عِنْدَ إرَادَةِ اسْتِعْمَالِ أَحَدِ الْمُشْتَبَهَيْنِ إذْ اسْتِعْمَالُ أَحَدِهِمَا قَبْلَهُ غَيْرُ جَائِزٍ لِبُطْلَانِ طَهَارَتِهِ فَيَكُونُ مُتَلَبِّسًا بِعِبَادَةٍ فَاسِدَةٍ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ مَنْ عَبَّرَ بِالْجَوَازِ وَالْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ الْجَوَازَ مِنْ حَيْثُ إنَّ لَهُ الْإِعْرَاضَ عَنْهُمَا وَالْوُجُوبُ مِنْ حَيْثُ قَصْدُهُ إرَادَةَ اسْتِعْمَالِ أَحَدِهِمَا اهـ وَلَمْ يَرْتَضِ ع ش بِتَوْجِيهِهِ

سَلَّمَ بِتَيَقُّنِ نَجَاسَتِهِ بِخِلَافِ مَا أَصَابَهُ الرَّشَاشُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَيْسَ الْمَطْلُوبُ الْفَرْقَ بَيْنَ مَا أَصَابَهُ الرَّشَاشُ وَالْمُتَنَجِّسُ بَعْضُهُ الْمُشْتَبِهُ بَلْ بَيْنَ صِحَّةِ الصَّلَاةِ مَعَ مُصَاحَبَةِ الْأَوَّلِ وَعَدَمِ صِحَّتِهَا مَعَ مُصَاحَبَةِ مَا لَاقَى الْمُشْتَبِهَ الْمَذْكُورَ.

وَقَدْ يُتَّجَهُ مَنْعُ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِمُجَرَّدِ لَمْسِ بَعْضِ الْمُشْتَبِهِ، وَإِنْ بَطَلَتْ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَيُتَّجَهُ صِحَّةُ الصَّلَاةِ مَعَ إصَابَةِ الرَّشَاشِ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمُشْتَبِهَ مُحَقَّقُ النَّجَاسَةِ فَبَطَلَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا مَسَّهُ وَبِخِلَافِ الرَّشَاشِ فَإِنَّ كُلًّا غَيْرَ مُحَقَّقِ النَّجَاسَةِ فَلَمْ تَبْطُلْ مَعَهُ، وَاعْلَمْ أَنَّ كَلَامَهُمْ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ وَهِيَ قَوْلُهُمْ فَإِنْ تَرَكَهُ وَتَغَيَّرَ ظَنُّهُ لَمْ يُعْمَلْ بِالثَّانِي عَلَى النَّصِّ صَرِيحٌ أَوْ كَالصَّرِيحِ فِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ مَعَ مَا أَصَابَهُ مِنْ الْمَاءِ الَّذِي اسْتَعْمَلَهُ أَوْ لَا مَعَ احْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ هُوَ النَّجِسُ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَسْأَلَةِ مَا إذَا تَنَجَّسَ بَعْضُ الثَّوْبِ فَاشْتَبَهَ، وَأَنَّ الصَّلَاةَ صَحِيحَةٌ مَعَ إصَابَةِ مَا اسْتَعْمَلَهُ أَوْ لَا ثُمَّ تَغَيَّرَ ظَنُّهُ وَعَلَى مَا أَصَابَهُ الْمَاءُ الْأَوَّلُ فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّهُ قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَهُ مَعَ اجْتِهَادٍ أَدَّاهُ إلَى طَهَارَتِهِ، وَلَا يُنْقَضُ الِاجْتِهَادُ بِالِاجْتِهَادِ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ (قَوْلُهُ وَذَكَرَهُ) أَيْ خَصَّهُ بِالذِّكْرِ (قَوْلُهُ أَيْ مُتَنَجِّسٍ) أَيْ بِدَلِيلٍ أَوْ مَاءٍ وَبَوْلٍ إلَخْ (قَوْلُهُ فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ الِاجْتِهَادِ تَيَمَّمَ) ذُكِرَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الِاجْتِهَادِ فِي الْقِبْلَةِ الْآتِي فَقَالَ عَقِبَ الْمَتْنِ الْآتِي فِيهَا وَإِنْ تَحَيَّرَ لَمْ يُقَلِّدْ فِي الْأَظْهَرِ وَصَلَّى كَيْفَ كَانَ مَا نَصُّهُ، وَكَذَا لَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ الِاجْتِهَادِ اهـ.

وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ فِيهِمَا (قَوْلُهُ تَيَمَّمَ) الْأَوْجَهُ خِلَافُهُ فَيَجْتَهِدُ وَإِنْ ضَاقَ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ بَعْدَ تَلَفِهِمَا) هَلْ يَقْتَضِي أَنْ يَصِيرَ الْإِتْلَافُ وَلَوْ بِصَبِّ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ مَطْلُوبًا، وَلَا يَخْلُو عَنْ شَيْءٍ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ) بَلْ هُوَ وَاَللَّهِ فِي مَحَلِّهِ وَقَوْلُهُ إذْ خِصَالُ الْمُخَيَّرِ إلَخْ إنْ أَرَادَ أَنَّ الْوَاجِبَ الْمُخَيَّرَ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا حَيْثُ كَانَتْ الْخِصَالُ مُنْحَصِرَةً بِالنَّصِّ مَقْصُودَةً لِذَاتِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ مُحْتَاجٌ إلَى سَنَدٍ صَحِيحٍ وَاضِحٍ مِنْ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ بَلْ إطْلَاقُهُمْ وَتَعْرِيفُهُمْ الْوَاجِبَ الْمُخَيَّرَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُجْدِي مَا ذَكَرَهُ سَبَبًا فِي مَطْلُوبِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّ الْحَقَّ أَنَّ جَمِيعَ مَا احْتَجَّ بِهِ مُجَرَّدُ دَعْوَى لَا مُسْتَنَدَ لَهَا صَحِيحًا (قَوْلُهُ بَلْ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ حَدُّ الْوَسِيلَةِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إنْ أَرَادَ الْوَسِيلَةَ فِي الْجُمْلَةِ فَنَفْيُ الصِّدْقِ مَمْنُوعٌ أَوْ عَلَى التَّعَيُّنِ لَمْ يُفِدْ الْمَطْلُوبَ.

وَقَوْلُهُ لَمْ يَجِبْ إنْ أُرِيدَ لَمْ يَجِبْ مُطْلَقًا فَهُوَ مَمْنُوعٌ أَوْ عَلَى التَّعْيِينِ لَمْ يُفِدْ الْمَطْلُوبَ فَتَأَمَّلْهُ وَلَا تَغْتَرَّ بِمَا

ص: 104

فَتَأَمَّلْهُ (وَتَطْهُرُ بِمَا ظَنَّ) بِالِاجْتِهَادِ مَعَ ظُهُورِ الْأَمَارَةِ (طَهَارَتَهُ) مِنْهُمَا فَلَا يَجُوزُ الْهُجُومُ مِنْ غَيْرِ اجْتِهَادٍ وَلَا اعْتِمَادِ مَا وَقَعَ فِي نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ إمَارَةٍ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَصِحَّ طُهْرُهُ، وَإِنْ بَانَ أَنَّ مَا اسْتَعْمَلَهُ هُوَ الطَّهُورُ كَمَا لَوْ اجْتَهَدَ وَتَطَهَّرَ بِمَا ظَنَّ طَهَارَتَهُ، ثُمَّ بَانَ خِلَافَهُ لِمَا هُوَ مُقَرَّرٌ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعِبَادَاتِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَظَنُّ الْمُكَلَّفِ وَسَيَأْتِي أَنَّهُمْ أَعْرَضُوا فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ أَصْلِ طَهَارَةِ الْمَاءِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَا ظَنَّ طَهَارَتَهُ بِاجْتِهَادِهِ لَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ اسْتِعْمَالُهُ إلَّا إنْ اجْتَهَدَ فِيهِ بِشَرْطِهِ وَظَنَّ ذَلِكَ أَيْضًا، وَظَاهِرٌ أَنَّ لِلْمُجْتَهِدِ تَطْهِيرَ نَحْوِ حَلِيلَتِهِ الْمَجْنُونَةِ بِهِ أَوْ غَيْرِ مُمَيَّزَةٍ لِلطَّوَافِ بِهِ أَيْضًا (وَقِيلَ إنْ قَدَرَ عَلَى طَاهِرٍ) أَيْ طَهُورٍ آخَرَ غَيْرِ الْمُشْتَبِهَيْنِ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُهُ خِلَافًا لِمَنْ اعْتَرَضَهُ (بِيَقِينٍ فَلَا) يَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ فِي الْإِنَاءَيْنِ كَالْقِبْلَةِ، وَرُدَّ بِأَنَّهَا فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَطَلَبُهَا مِنْ غَيْرِهَا عَبَثٌ بِخِلَافِ الْمَاءِ وَنَحْوِهِ.

وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَدَرَ عَلَى طَهُورٍ بِيَقِينٍ كَمَاءٍ نَازِلٍ مِنْ السَّمَاءِ جَازَ لَهُ تَرْكُهُ وَالتَّطَهُّرُ بِالْمَظْنُونِ، وَقَدْ كَانَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ يَسْمَعُ مِنْ بَعْضٍ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى السَّمَاعِ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَعَ ذَلِكَ الْمُقْتَضَى لِشُذُوذِ هَذَا الْوَجْهِ لَا يَبْعُدُ نَدْبُ رِعَايَتِهِ، ثُمَّ رَأَيْته مُصَرَّحًا بِهِ (وَالْأَعْمَى كَبَصِيرٍ) فِيمَا مَرَّ فِيهِ

الْمَذْكُورِ رَاجِعْهُ (قَوْلُهُ بِالِاجْتِهَادِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ بِأَمَارَةٍ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ كَاضْطِرَابٍ أَوْ رَشَاشٍ أَوْ تَغَيُّرٍ أَوْ قُرْبِ كَلْبٍ اهـ زَادَ الْمُغْنِي فَيَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ نَجَاسَةُ هَذَا وَطَهَارَةُ غَيْرِهِ وَلَهُ مَعْرِفَةُ ذَلِكَ بِذَوْقِ أَحَدِ الْإِنَاءَيْنِ لَا يُقَالُ يَلْزَمُ مِنْهُ ذَوْقُ النَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّ الْمَمْنُوعَ ذَوْقُ النَّجَاسَةِ الْمُتَيَقَّنَةِ نَعَمْ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ ذَوْقُ الْإِنَاءَيْنِ؛ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ تَصِيرُ مُتَيَقَّنَةً كَمَا أَفَادَهُ شَيْخِي، وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ بَعْضُ الْعَصْرِيِّينَ اهـ.

وَيَأْتِي عَنْ النِّهَايَةِ مَا يُوَافِقُ هَذِهِ الزِّيَادَةَ وَقَوْلُهُ بَعْضُ الْعَصْرِيِّينَ قَالَ الْبَصْرِيُّ هُوَ الشَّيْخُ نَاصِرُ الدِّينِ الطَّبَلَاوِيُّ اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ (طَهَارَتُهُ) أَيْ طَهُورِيَّتُهُ مُغْنِي (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ) إلَى قَوْلِهِ كَمَا لَوْ اجْتَهَدَ فِي الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ فَعَلَ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ هَجَمَ وَأَخَذَ أَحَدَ الْمُشْتَبَهَيْنِ مِنْ غَيْرِ اجْتِهَادٍ، وَتَطَهَّرَ بِهِ لَمْ تَصِحَّ طَهَارَتُهُ وَإِنْ بَانَ إلَخْ لِتَلَاعُبِهِ مُغْنِي (قَوْلُهُ، ثُمَّ بَانَ خِلَافُهُ) أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ الْعَمَلُ بِالْأَوَّلِ (قَوْلُهُ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ) أَيْ وَلَوْ بِالظَّنِّ بِشَرْطِ عَدَمِ تَبَيُّنِ الْخِلَافِ سم (قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي) إلَى الْمَتْنِ حُكْمَاهُ ع ش عَنْ الشَّارِحِ وَأَقَرَّهُ (قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي) أَيْ فِي شَرْحٍ فَإِنْ تَرَكَهُ وَقَوْلُهُ مِنْهُ أَيْ مِمَّا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ الْمَجْنُونَةِ) أَيْ أَوْ الْمُمْتَنِعَةِ مِنْ الْغُسْلِ لِيَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا وَقَوْلُهُ بِهِ أَيْ بِمَا ظَنَّ طَهَارَتَهُ بِاجْتِهَادِهِ (قَوْلُهُ أَيْ طَهُورٍ آخَرَ) إلَى قَوْلِهِ وَمِنْ ثَمَّ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ غَيْرِ الْمُشْتَبَهَيْنِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمُشْتَبَهَيْنِ لَوْ بَلَغَا بِالْخَلْطِ قُلَّتَيْنِ بِلَا تَغَيُّرٍ لَمْ يَجْرِ هَذَا الْوَجْهُ فَلْيُرَاجَعْ سم.

(قَوْلُهُ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُهُ) لَعَلَّهُ بِإِطْلَاقِهِ سم أَيْ فَيَنْصَرِفُ إلَى الْكَامِلِ وَيُحْتَمَلُ بِتَنْكِيرِهِ عَلَى قَاعِدَةِ إعَادَةِ الشَّيْءِ نَكِرَةً، وَقَالَ الْكُرْدِيُّ وَهُوَ قَوْلُهُ بِيَقِينٍ اهـ.

(قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَنْ اعْتَرَضَهُ) أَيْ بِأَنَّهُ بِوُجُودِ الْمُشْتَبَهَيْنِ فَقَطْ قَادِرٌ عَلَى طَاهِرٍ بِيَقِينٍ وَهُوَ أَحَدُهُمَا فَلَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةِ قَيْدِ التَّعْيِينِ، وَأَجَابَ غَيْرُ الشَّارِحِ بِأَنَّ الْمُبْهَمَ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَإِنْ قِيلَ كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ عَلَى طَاهِرٍ مُعَيَّنٍ فَإِنَّ أَحَدَ الْمُشْتَبَهَيْنِ طَاهِرٌ بِيَقِينٍ أُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ طَاهِرًا بِيَقِينٍ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَقَدْ فَرَضَ الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ فِيمَا إذَا قَدَرَ عَلَى طَاهِرٍ بِيَقِينٍ اهـ وَلَعَلَّ هَذَا الْجَوَابَ هُوَ مُرَادُ الشَّارِحِ خِلَافًا لِمَا مَرَّ عَنْ الْبَصْرِيِّ مِنْ أَنَّهُ غَيْرُهُ قَوْلُ الْمَتْنِ (بِيَقِينٍ) كَأَنْ كَانَ عَلَى شَطِّ نَهْرٍ فِي اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ أَوْ فِي صَحْرَاءَ فِي اسْتِعْمَالِ التُّرَابِ مُغْنِي (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ إلَخْ) بَلْ يَسْتَعْمِلُ الْمُتَيَقَّنَ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ كَالْقِبْلَةِ) أَيْ إذَا حَصَلَ تَيَقُّنُهَا بِالْفِعْلِ بِخِلَافِ إمْكَانِ حُصُولِهِ بِنَحْوِ الصُّعُودِ فَلَا يُمْنَعُ الِاجْتِهَادُ عَلَى مَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي مَحَلِّهِ سم عِبَارَةُ الْمُغْنِي كَمَنْ بِمَكَّةَ وَلَا حَائِلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَةِ اهـ.

زَادَ النِّهَايَةُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ظُلْمَةٍ أَوْ كَانَ أَعْمَى أَوْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حَائِلٌ حَادِثٌ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ اهـ (قَوْلُهُ بِأَنَّهَا فِي جِهَةٍ إلَخْ) وَبِأَنَّ الْمَاءَ مَالٌ وَفِي الْإِعْرَاضِ عَنْهُ تَفْوِيتُ مَالِيَّةٍ مَعَ إمْكَانِهَا بِخِلَافِ الْقِبْلَةِ مُغْنِي (قَوْلُهُ فَطَلَبَهَا إلَخْ) أَيْ إذَا قَدَرَ عَلَيْهَا مُغْنِي (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ إلَخْ) ظَاهِرُ صَنِيعِهِ أَنَّ الْمُشَارَ إلَيْهِ مُخَالَفَةُ الْمَاءِ وَنَحْوَهُ لِلْقِبْلَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ الرَّدُّ وَعَلَى كُلٍّ فَفِي هَذَا تَفْرِيعُ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي عَقِبَ قَوْلِ الشَّارِحِ وَجَوَازًا إنْ قَدَرَ إلَخْ إذْ الْعُدُولُ إلَى الْمَظْنُونِ مَعَ وُجُودِ الْمُتَيَقَّنِ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ كَانَ يَسْمَعُ إلَخْ (قَوْلُهُ هَذَا) أَيْ الرَّدُّ الْمُؤَيَّدُ بِأَفْعَالِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - (قَوْلُهُ هَذَا الْوَجْهُ) أَيْ الْقِيلُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ رَأَيْته) أَيْ النَّدْبَ، وَقَالَ الْكُرْدِيُّ أَيْ الْمُصَنِّفُ اهـ.

(قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ) إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ لِاخْتِلَافِ بَصِيرَيْنِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ، وَإِنَّمَا جَازَ إلَى فَإِنْ فُقِدَ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ أَيْ وَلَوْ إلَى إذَا تَحَيَّرَ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَالْأَعْمَى كَبَصِيرٍ) وَلَوْ اجْتَهَدَ فَأَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى طَهَارَةِ أَحَدِ الْإِنَاءَيْنِ فَأَخْبَرَهُ بَصِيرٌ مُجْتَهِدٌ بِخِلَافِهِ فَهَلْ يُقَلِّدُهُ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى إدْرَاكًا مِنْهُ أَوْ لَا أَخْذًا بِإِطْلَاقِ قَوْلِهِمْ الْمُجْتَهِدُ لَا يُقَلِّدُ مُجْتَهِدًا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لَكِنْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الثَّانِي وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الشَّخْصَ لَا يَرْجِعُ إلَى قَوْلِ غَيْرِهِ إذَا خَالَفَ ظَنَّهُ فَأَوْلَى أَنْ لَا يَرْجِعَ إلَى مَا يُخْبِرُ عَنْ شَيْءٍ مُسْتَنِدٍ لِلْإِمَارَةِ وَمَعَ ذَلِكَ فَالْأَقْرَبُ مَعْنَى الْأَوَّلِ لَكِنْ مُجَرَّدُ ظُهُورِ الْمَعْنَى لَا يَقْتَضِي الْعُدُولَ عَمَّا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ فَالْوَاجِبُ اعْتِمَادُهُ عِ ش بِحَذْفٍ (قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ فِيهِ) أَيْ مِنْ جَوَازِ الِاجْتِهَادِ عَنْ الِاشْتِبَاهِ لَا مُطْلَقًا

زَخْرَفَهُ فَإِنَّهُ لَا أَسَاسَ بِهِ (قَوْلُهُ فَتَأَمَّلْهُ) تَأَمَّلْنَاهُ فَلَمْ نَجِدْ لَهُ حَاصِلًا (قَوْلُهُ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ) أَيْ وَلَوْ بِالظَّنِّ بِشَرْطِ عَدَمِ تَبَيُّنِ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ غَيْرَ الْمُشْتَبِهَيْنِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُشْتَبِهَيْنِ بِأَنْ كَانَ لَوْ خَلَطَهُمَا بَلَغَا قُلَّتَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَغَيُّرٍ لَمْ يَجْرِ هَذَا الْوَجْهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ كَمَا أَفَادَهُ) لَعَلَّهُ بِإِطْلَاقِهِ (قَوْلُهُ كَالْقِبْلَةِ) أَيْ إذَا حَصَلَ تَيَقُّنُهَا بِالْفِعْلِ بِخِلَافِ

ص: 105

فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ لَهُ التَّقْلِيدَ أَيْ وَلَوْ لِأَعْمَى أَقْوَى مِنْهُ إدْرَاكًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إذَا تَحَيَّرَ بِخِلَافِ الْبَصِيرِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِقُدْرَتِهِ عَلَى إدْرَاكِ النَّجَسِ بِنَحْوِ لَمْسٍ وَشَمٍّ وَذَوْقٍ وَحُرْمَةُ ذَوْقِ النَّجَاسَةِ مُخْتَصَّةٌ بِغَيْرِ الْمُشْتَبِهِ، وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ فِي الْمَوَاقِيتِ التَّقْلِيدُ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّ إدْرَاكَهُ لَهُ أَعْسَرُ مِنْهُ هُنَا فَإِنْ فَقَدَ تِلْكَ الْحَوَاسَّ لَمْ يَجْتَهِدْ جَزْمًا، وَيَتَيَمَّمُ فِيمَا إذَا تَحَيَّرَ وَفَقَدَ مَنْ يُقَلِّدُهُ وَلَوْ لِاخْتِلَافِ بَصِيرَيْنِ عَلَيْهِ لَمْ يَتَرَجَّحْ أَحَدُهُمَا عِنْدَهُ، وَيَظْهَرُ ضَبْطُ فَقْدِ الْمُقَلَّدِ بِأَنْ يَجِدَ مَشَقَّةً فِي الذَّهَابِ إلَيْهِ كَمَشَقَّةِ الذَّهَابِ لِلْجُمُعَةِ فَإِنْ كَانَ بِمَحَلٍّ يَلْزَمُهُ قَصْدُهُ لَهَا لَوْ أُقِيمَتْ فِيهِ لَزِمَهُ قَصْدُهُ لِسُؤَالِهِ هُنَا وَإِلَّا فَلَا.

(أَوْ) اشْتَبَهَ (مَاءٌ وَبَوْلٌ) لِنَحْوِ انْقِطَاعِ رِيحِهِ (لَمْ يَجْتَهِدْ) فِيهِمَا (عَلَى الصَّحِيحِ) ؛ لِأَنَّ الْبَوْلَ لَا أَصْلَ لَهُ فِي التَّطْهِيرِ يُرَدُّ بِالِاجْتِهَادِ إلَيْهِ

فَلَا يَرِدُ إلَخْ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَوْ لِأَعْمَى إلَخْ) قَيَّدَ الرَّوْضُ بِالْبَصِيرِ وَوَجَّهَهُ فِي شَرْحِهِ سم وَوَافَقَهُ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ إذَا تَحَيَّرَ) قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَإِنَّمَا يُقَلِّدُ لِتَحَيُّرِهِ إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ، وَإِلَّا صَبَرَ وَأَعَادَ الِاجْتِهَادَ وَفِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ مَا لَا يَخْفَى بَلْ قَوْلُهُمْ الْآتِي فِي التَّيَمُّمِ لَوْ تَيَقَّنَ الْمَاءَ آخِرَ الْوَقْتِ فَانْتِظَارُهُ أَفْضَلُ يَرُدُّهُ؛ لِأَنَّهُمْ نَظَرُوا ثَمَّ إلَى الْحَالَةِ الرَّاهِنَةِ دُونَ مَا يَأْتِي وَإِنْ تَيَقَّنَهُ فَلْيَنْظُرْ إلَى ذَلِكَ هُنَا بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ صَبَرَ وَاجْتَهَدَ لَيْسَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ إدْرَاكِ الْعَلَامَةِ انْتَهَى اهـ سم وَعِ ش.

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْبَصِيرِ) أَيْ فَلَيْسَ لَهُ التَّقْلِيدُ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ وَحُرْمَةُ ذَوْقِ النَّجَاسَةِ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ جَوَازِ الذَّوْقِ هُوَ مَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ مِنْ مَنْعِ الذَّوْقِ لِاحْتِمَالِ النَّجَاسَةِ مَمْنُوعٌ إذْ مَحَلُّ حُرْمَةِ ذَوْقِهَا عِنْدَ تَحَقُّقِهَا، وَيَحْصُلُ بِذَوْقِهِمَا وَهُنَا لَمْ نَتَحَقَّقْهَا اهـ قَالَ ع ش أَيْ فَإِذَا ذَاقَ أَحَدُهُمَا لَا يَجُوزُ لَهُ ذَوْقُ الْآخَرِ وَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ قَوْلُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ فَلَوْ ذَاقَ أَحَدُهُمَا فَهَلْ لَهُ ذَوْقُ الْآخَرِ اعْتَمَدَ الطَّبَلَاوِيُّ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ، وَاعْتَمَدَ الْجَمَالُ الرَّمْلِيُّ الْمَنْعَ انْتَهَى أَقُولُ فَلَوْ خَالَفَ وَذَاقَ الثَّانِيَ وَظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ الطَّاهِرُ عَمِلَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ فَهُوَ مُتَحَيِّرٌ فَيَتَيَمَّمُ بَعْدَ تَلَفِهِمَا أَوْ تَلَفِ أَحَدِهِمَا، وَيَجِبُ غَسْلُ فَمِهِ لِتَحَقُّقِ نَجَاسَتِهِ اهـ بِحَذْفٍ، وَقَوْلُهُ وَاعْتَمَدَ الْجَمَالُ الرَّمْلِيُّ أَيْ وَالْمُغْنِي كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ مُخْتَصٌّ) الْأَوْلَى التَّأْنِيثُ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ) أَيْ لِلْأَعْمَى (قَوْلُهُ تِلْكَ الْحَوَاسِّ) أَيْ نَحْوُ لَمْسٍ إلَخْ (قَوْلُهُ فِيمَا إذَا تَحَيَّرَ إلَخْ) هَلْ يُشْتَرَطُ ضِيقُ الْوَقْتِ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْقِبْلَةِ أَوْ يُفَرَّقُ لِوُجُودِ الْبَدَلِ هُنَا الْفَرْقُ أَوْجَهُ كَمَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ سم (قَوْلُهُ وَتَيَمَّمَ إلَخْ) أَيْ بَعْدَ تَلَفِ الْمَاءِ وَحِينَئِذٍ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي ع ش (قَوْلُهُ وَيَظْهَرُ ضَبْطُ إلَخْ) يَنْبَغِي إنْ تَوَهَّمَهُ بِحَدِّ الْغَوْثِ أَوْ تَيَقَّنَهُ بِحَدِّ الْقُرْبِ سَعَى إلَيْهِ وَإِنْ تَيَقَّنَ عَدَمَهُ فِيهِمَا فَلَا سَعْيَ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي التَّيَمُّمِ، وَهَذَا أَشْبَهُ بِهِ مِنْ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْمَقَاصِدِ، وَهُمَا مِنْ الْوَسَائِلِ، ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَحَثَ فِي بَابِ النَّجَاسَةِ فِيمَا لَوْ فُقِدَ نَحْوُ صَابُونٍ مِمَّا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ أَنَّهُ يَطْلُبُهُ بِحَدِّ الْغَوْثِ أَوْ حَدِّ الْقُرْبِ أَيْ عَلَى التَّفْصِيلِ.

وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا بَحَثْتُهُ هُنَا بَلْ مَا ذَكَرْته أَنْسَبُ بِالتَّيَمُّمِ مِنْ ذَلِكَ إذْ الْفَرْضُ فِي مَسْأَلَتِنَا أَنَّ فَقْدَهُ يُحْمَلُ عَلَى الْعُدُولِ إلَى التَّيَمُّمِ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَإِنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَكُونُ بَدَلًا عَنْ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَإِنْ تَنَاسَبَا فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا شَرْطٌ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ بَصْرِيٌّ، وَنُقِلَ عَنْ الشَّوْبَرِيِّ مَا يُوَافِقُهُ وَيُوَافِقُهُ أَيْضًا قَوْلُ الْحَلَبِيِّ عَلَى الْمَنْهَجِ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُقَلِّدُهُ أَيْ فِي حَدِّ الْقُرْبِ، وَقِيلَ فِي مَحَلٍّ يَلْزَمُهُ السَّعْيُ إلَيْهِ فِي الْجُمُعَةِ لَوْ أُقِيمَتْ فِيهِ اهـ.

(قَوْلُهُ لَمْ يَتَرَجَّحْ أَحَدُهُمَا) زَائِدٌ عَلَى شَرْحِ الرَّوْضِ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَرَجَّحْ أَحَدُهُمَا عِنْدَهُ لَا يُقَلِّدُ وَاحِدًا مِنْهُمَا، وَكَذَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ الْآتِي قُبَيْلَ أَوْ وَمَاءُ وَرْدٍ أَوْ اخْتَلَفَ عَلَيْهِ اثْنَانِ وَلَا مُرَجِّحَ قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَمَّا إذَا اعْتَقَدَ أَرْجَحِيَّةَ أَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَقْلِيدُهُ كَمَا بَحَثَهُ فِي الْإِسْعَادِ وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ مَا يُؤَيِّدُهُ سم بِحَذْفٍ.

(قَوْلُهُ لِنَحْوِ انْقِطَاعِ رِيحِهِ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَنَحْوُهُ انْقَطَعَتْ رَائِحَتُهُ اهـ وَعِبَارَةُ الْمُغْنِي أَوْ نَحْوُهُ كَأَنْ انْقَطَعَتْ رَائِحَتُهُ اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ (لَمْ يَجْتَهِدْ عَلَى الصَّحِيحِ) أَيْ لِلطَّهَارَةِ فَلَوْ اجْتَهَدَ لِلشُّرْبِ جَازَ لَهُ الطَّهَارَةُ بَعْدَ ذَلِكَ بِمَا ظَنَّهُ مَاءً قَالَهُ

إمْكَانِ حُصُولِهِ بِنَحْوِ الصُّعُودِ فَلَا يَمْنَعُ الِاجْتِهَادَ عَلَى مَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ أَيْ وَلَوْ لِأَعْمَى إلَخْ) قَيَّدَ الرَّوْضَ بِالْبَصِيرِ، وَوَجَّهَهُ فِي شَرْحِهِ (قَوْلُهُ إذَا تَحَيَّرَ) قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَإِنَّمَا يُقَلِّدُ لِتَحَيُّرِهِ إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ، وَإِلَّا صَبَرَ وَأَعَادَ الِاجْتِهَادَ وَفِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ مَا لَا يَخْفَى بَلْ قَوْلُهُمْ الْآتِي فِي التَّيَمُّمِ لَوْ تَيَقَّنَ الْمَاءَ آخِرَ الْوَقْتِ فَانْتِظَارُهُ أَفْضَلُ يَرُدُّهُ أَنَّهُمْ نَظَرُوا ثَمَّ إلَى الْحَالَةِ الرَّاهِنَةِ دُونَ مَا يَأْتِي، وَإِنْ تَيَقَّنَهُ فَلْيُنْظَرْ هُنَا إلَى ذَلِكَ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ صَبَرَ وَاجْتَهَدَ لَيْسَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ إدْرَاكِ الْعَلَامَةِ اهـ.

وَأَقُولُ سَيَأْتِي فِي فَصْلِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ تَحَيَّرَ لَمْ يُقَلِّدْ فِي الْأَظْهَرِ وَصَلَّى كَيْفَ كَانَ فِي هَامِشِ قَوْلِهِ وَصَلَّى كَيْفَ كَانَ عَنْ الْإِمَامِ وَالشَّيْخَيْنِ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ لَكِنْ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ مِنْ مَسْأَلَةِ التَّيَمُّمِ الْمَذْكُورَةِ يُؤَيِّدُ الْفَرْقَ؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ مَوْجُودٌ هُنَا وَفِيهَا لَا هُنَاكَ (قَوْلُهُ وَيَتَيَمَّمُ فِيمَا إذَا تَحَيَّرَ إلَخْ) هَلْ شَرْطُهُ ضِيقُ الْوَقْتِ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْقِبْلَةِ أَوْ يُفَرَّقُ لِوُجُودِ الْبَدَلِ هُنَا الْفَرْقُ أَوْجَهُ وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَلَوْ اخْتَلَفَ عَلَيْهِ فِي الْقِبْلَةِ أُخِذَ بِقَوْلٍ وَاحِدٍ إذْ لَا بَدَلَ لَهَا بِخِلَافِهِ هُنَا، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ الْأَوْثَقُ الْأَعْلَمُ اهـ.

(قَوْلُهُ لَمْ يَتَرَجَّحْ أَحَدُهُمَا) هَذَا الْقَيْدُ زَائِدٌ عَلَى شَرْحِ الرَّوْضِ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَرَجَّحْ أَحَدُهُمَا عِنْدَهُ لَا يُقَلِّدُ وَاحِدًا مِنْهُمَا، وَكَذَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ الْآتِي قُبَيْلَ أَوْ وَمَاءِ وَرْدٍ أَوْ اخْتَلَفَ عَلَيْهِ

ص: 106

وَلَا نَظَرَ لِأَصْلِهِ لِاسْتِحَالَتِهِ إلَى حَقِيقَةٍ أُخْرَى مُغَايِرَةٍ لِلْمَاءِ اسْمًا وَطَبْعًا بِخِلَافِ الْمَاءِ الْمُتَنَجِّسِ فَانْدَفَعَ تَفْسِيرُ الزَّرْكَشِيّ لَهُ بِإِمْكَانِ رَدِّهِ لِلطَّهَارَةِ بِوَجْهٍ وَهُوَ فِي الْمَاءِ مُمْكِنٌ بِمُكَاثَرَتِهِ دُونَ الْبَوْلِ انْتَهَى عَلَى أَنَّ فِيهِ غَفْلَةً عَنْ قَوْلِهِمْ لَوْ كَانَ مَعَ جَمْعِ مَاءٍ كَثِيرٍ لَا يَكْفِيهِمْ إلَّا بِبَوْلٍ يَسْتَهْلِكُ فِيهِ وَلَا يُغَيِّرُهُ لِاسْتِهْلَاكِهِ بِهِ لَزِمَهُمْ خَلْطُهُ بِهِ قِيلَ لَهُ الِاجْتِهَادُ هُنَا لِشُرْبِ مَا يَظُنُّ طَهَارَتَهُ وَهُوَ غَفْلَةٌ عَمَّا يَأْتِي فِي نَحْوِ خَمْرٍ وَخَلٍّ وَلَبَنِ أَتَانٍ وَلَبَنِ مَأْكُولٍ (بَلْ) هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي انْتِقَالِيَّةٌ لَا إبْطَالِيَّةٌ كَمَا هُوَ الْأَكْثَرُ فِيهَا، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ جَمْعٌ مُحَقِّقُونَ لَمْ يَقَعْ الثَّانِي فِي الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْإِثْبَاتِ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ بَابِ الْغَلَطِ فَزَعَمَ ابْنُ هِشَامٍ أَنَّ هَذَا وَهْمٌ غَيْرُ صَحِيحٍ (يُخْلَطَانِ) عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ لَمْ يَجْتَهِدْ أَوْ يُصَبَّانِ أَوْ يُصَبُّ مِنْ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ، وَاحْتِمَالُ أَنَّهُ صَبَّ مِنْ الطَّاهِرِ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى طَاهِرِيَّتِهِ لَيْسَ أَوْلَى مِنْ ضِدِّهِ فَلَمْ يُنْظَرْ إلَيْهِ عَلَى أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى أَنْ لَا يَكُونَ مَعَهُ طَهُورٌ بِيَقِينٍ، وَبِذَلِكَ الصَّبِّ لَا يَبْقَى مَعَهُ طَهُورٌ بِيَقِينٍ فَلَا إشْكَالَ أَصْلًا وَبِهَذَا أَعْنِي جَعْلَهُمْ مِنْ التَّلَفِ صَبُّ شَيْءٍ مِنْ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ يَتَأَيَّدُ قَوْلُ الْقَمُولِيِّ كَالرَّافِعِيِّ يُشْتَرَطُ لِجَوَازِ الِاجْتِهَادِ أَنْ لَا يَقَعَ مِنْ أَحَدِ الْمُشْتَبِهَيْنِ شَيْءٌ فِي الْآخَرِ لِتَنَجُّسِ هَذَا بِيَقِينٍ فَزَالَ التَّعَدُّدُ الْمُشْتَرَطُ كَمَا سَيَأْتِي انْتَهَى.

نَعَمْ تَعْلِيلُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَإِنَّمَا أُلْحِقَ تَعْلِيلُهُ بِمَا ذَكَرْته فَإِنْ قُلْت يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْقَمُولِيُّ أَيْضًا

الْمَاوَرْدِيُّ وَاعْتَمَدَهُ طب وَمِّ ر وَرَدَّهُ حَجّ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَسَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ م ر مَا يُعْلِمُ أَنَّ جَوَازَهُ لِلشُّرْبِ لَمْ يَقُلْهُ الْمَاوَرْدِيُّ.

وَإِنَّمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَأَنَّ الشَّارِحَ م ر مُوَافِقٌ لِحَجِّ فِي مَنْعِ الِاجْتِهَادِ وَهَذَا مَحَلُّهُ عِنْدَ الِاخْتِيَارِ فَلَوْ اُضْطُرَّ لِلشُّرْبِ كَانَ لَهُ الْهُجُومُ وَالشُّرْبُ مِنْ أَحَدِهِمَا بِدُونِ الِاجْتِهَادِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ اخْتَلَطَ إنَاءٌ بِأَوَانِي بَلَدٍ، وَاشْتَبَهَ فَيَأْخُذُ مَا شَاءَ إلَى أَنْ يَبْقَى وَاحِدٌ وَلَهُ الِاجْتِهَادُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إذْ لَا مَانِعَ مِنْهُ ع ش (قَوْلُهُ وَلَا نَظَرَ لِأَصْلِهِ) أَيْ إلَى أَنَّ أَصْلَهُ مَاءٌ (قَوْلُهُ لِاسْتِحَالَتِهِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِمْ لَهُ أَصْلٌ فِي التَّطْهِيرِ عَدَمُ اسْتِحَالَتِهِ عَنْ خِلْقَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ كَالْمُتَنَجِّسِ وَالْمُسْتَعْمَلِ فَإِنَّهُمَا لَمْ يَسْتَحِيلَا عَنْ أَصْلِ خِلْقَتِهِمَا إلَى حَقِيقَةٍ أُخْرَى بِخِلَافِ نَحْوِ الْبَوْلِ وَمَاءِ الْوَرْدِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَدْ اسْتَحَالَ إلَى حَقِيقَةٍ أُخْرَى نِهَايَةٌ وَإِيعَابٌ (قَوْلُهُ فَانْدَفَعَ) أَيْ بِتَفْسِيرِي قَوْلُهُمْ لَهُ أَصْلٌ فِي التَّطْهِيرِ بِعَدَمِ اسْتِحَالَتِهِ إلَى حَقِيقَةٍ أُخْرَى إلَخْ تَفْسِيرُ الزَّرْكَشِيّ لَهُ أَيْ لِقَوْلِهِمْ الْمَذْكُورِ وَقَوْلُهُ وَهُوَ أَيْ الرَّدُّ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ فِيهِ) أَيْ تَفْسِيرُ الزَّرْكَشِيّ (قَوْلُهُ عَنْ قَوْلِهِمْ لَوْ كَانَ إلَخْ) أَيْ الدَّالُّ عَلَى إمْكَانِ مَا ذُكِرَ فِي الْبَوْلِ أَيْضًا فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ قِيلَ لَهُ الِاجْتِهَادُ إلَخْ) سَيَأْتِي عَنْ النِّهَايَةِ نَقْلُهُ عَنْ بَحْثِ الْأَذْرَعِيِّ مَعَ رَدِّهِ (قَوْلُهُ عَمَّا يَأْتِي) أَيْ فِي التَّنْبِيهِ (قَوْلُهُ بَلْ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي انْتِقَالِيَّةٌ) كَذَا فِي الْمُحَلَّى وَالنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ) أَيْ الِانْتِقَالُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فِي الْإِثْبَاتِ إنَّمَا يَكُونُ إلَخْ) قَدْ يَكُونُ الْإِبْطَالُ بِبَلْ لِإِبْطَالِ قَوْلِ نَحْوِ الْكَفَّارَةِ فَلَا مَحْذُورَ فِي وُقُوعِهِ فِي الْقُرْآنِ سم.

(قَوْلُهُ إنَّ هَذَا إلَخْ) أَيْ قَوْلَ الْجَمْعِ (قَوْلُهُ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ لَمْ يَجْتَهِدْ) بِنَاءً عَلَى مَا قَالَ ابْنُ مَالِكٍ إنَّ بَلْ لِعَطْفِ الْجُمَلِ فَسَقَطَ بِذَلِكَ مَا قِيلَ إنَّ الصَّوَابَ حَذْفُ النُّونِ؛ لِأَنَّهُ مَجْزُومٌ بِحَذْفِهَا عَطْفًا عَلَى يَجْتَهِدْ لَكِنْ الْأَصَحُّ خِلَافُ مَا قَالَهُ ابْنُ مَالِكٍ إذْ شَرْطُ الْعَطْفِ بِبَلْ إفْرَادُ مَعْطُوفِهَا أَيْ كَوْنُهُ مُفْرَدًا فَإِنْ تَلَاهَا جُمْلَةٌ لَمْ تَكُنْ عَاطِفَةً بَلْ حَرْفَ ابْتِدَاءٍ لِمُجَرَّدِ الْإِضْرَابِ نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي وَلَا يَجُوزُ عَطْفُ يُخْلَطَانِ عَلَى يَجْتَهِدْ وَأَنْ يُقْرَأَ بِحَذْفِ النُّونِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ لِفَسَادِ الْمَعْنَى إذْ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ بَلْ لَمْ يُخْلَطَا اهـ.

(قَوْلُهُ أَوْ يُصَبَّانِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى يُخْلَطَانِ (قَوْلُهُ أَوْ يَصُبُّ مِنْ أَحَدِهِمَا إلَخْ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمَصْبُوبُ قَدْرًا لَا يُدْرِكُهُ الطَّرْفُ، وَمَحَلُّ الْعَفْوِ عَنْ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ بِفِعْلِهِ كَمَا تَقَدَّمَ ع ش (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ الْمَدَارَ) أَيْ مَدَارُ صِحَّةِ التَّيَمُّمِ وَقَوْلُ الْكُرْدِيِّ أَيْ مَدَارُ التَّلَفِ سَبْقُ قَلَمٍ (قَوْلُهُ فَلَا إشْكَالَ) أَيْ عَلَى جَعْلِ الصَّبِّ مِنْ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ مِنْ أَنْوَاعِ التَّلَفِ (قَوْلُهُ يُشْتَرَطُ لِجَوَازِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَلَّا جَازَ الِاجْتِهَادُ حِينَئِذٍ، وَفَائِدَتُهُ أَنَّهُ قَدْ يَظْهَرُ أَنَّ مَا صُبَّ مِنْهُ فِي الْآخَرِ هُوَ الطَّاهِرُ فَيَسْتَعْمِلُهُ فَلِمَ مَنَعَ الِاجْتِهَادَ سم (قَوْلُهُ نَعَمْ تَعْلِيلُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ) أَقُولُ بَلْ هُوَ صَحِيحٌ فَإِنَّ الْإِشَارَةَ بِهَذَا إلَى الْمَصْبُوبِ فِيهِ وَهُوَ نَجِسٌ يَقِينًا؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ النَّجِسُ فَظَاهِرٌ أَوْ الطَّاهِرُ فَقَدْ صُبَّ فِيهِ مِنْ الْآخَرِ النَّجِسُ، وَحِينَئِذٍ فَيَسْقُطُ عَنْ الِاعْتِبَارِ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا إنَاءٌ وَاحِدٌ مَشْكُوكٌ فِيهِ فَاتَّضَحَ صِحَّةُ كَلَامِ هَذَيْنِ الْإِمَامَيْنِ الْجَلِيلَيْنِ بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ سم قَدْ يُقَالُ أَرَادَ التَّعَدُّدَ الْخَاصَّ، وَقَدْ يُرْشِدُ إلَى ذَلِكَ الْوَصْفُ بِالْمُشْتَرَطِ وَلَعَمْرِي إنَّ هَذَا لَظَاهِرٌ اهـ.

(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا أَلْحَقَ تَعْلِيلَهُ) أَيْ تَعْلِيلَ اشْتِرَاطِ جَوَازِ الِاجْتِهَادِ بِأَنْ لَا يَقَعَ مِنْ أَحَدِهِمَا شَيْءٌ فِي الْآخَرِ بِمَا ذَكَرْته أَيْ بِأَنَّهُ لَا يَبْقَى بِذَلِكَ الصَّبِّ مَعَهُ طَهُورًا بِيَقِينٍ (قَوْلُهُ يُشْكِلُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَا قَالَهُ الْقَمُولِيُّ مِنْ اشْتِرَاطِ جَوَازِ الِاجْتِهَادِ

اثْنَانِ وَلَا مُرَجِّحَ قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَمَّا إذَا اعْتَقَدَ أَرْجَحِيَّةَ أَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَقْلِيدُهُ كَمَا بَحَثَهُ فِي الْإِسْعَادِ وَقَدْ يُنَازِعُ فِيهِ مَا يَأْتِي فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْقِبْلَةِ مِنْ أَنَّ تَقْلِيدَ الْأَرْجَحِ أَوْلَى إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ اهـ.

وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّهُ لَا بَدَلَ لِلْقِبْلَةِ بِخِلَافِ مَا هُنَا ثُمَّ رَأَيْت مَا فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ وَهُوَ يُؤَيِّدُ هَذَا الْفَرْقَ، وَمِمَّا يُؤَيِّدُهُ أَوْ يُعَيِّنُهُ أَنَّهُ لَوْ جَازَ تَقْلِيدُ الْمَرْجُوحِ لَمْ يَكُنْ لِلرَّاجِحِ أَثَرٌ فَلِمَ جَازَ تَقْلِيدُ الْمَرْجُوحِ وَلَمْ يُقَلِّدْ الْمُسَاوِيَ فِيمَا إذَا لَمْ يَتَرَجَّحْ أَحَدُهُمَا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى بَلْ قَدْ يُقَالُ تَقْلِيدُ الْمُسَاوِي أَوْلَى مِنْ تَقْلِيدِ الْمَرْجُوحِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ عَنْ قَوْلِهِمْ إلَخْ) أَيْ الدَّالِّ عَلَى إمْكَانِ مَا ذُكِرَ فِي الْبَوْلِ أَيْضًا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ بَابِ الْغَلَطِ) قَدْ يَكُونُ الْإِبْطَالُ بِبَلْ لِإِبْطَالِ قَوْلِ نَحْوِ الْكُفَّارِ فَلَا مَحْذُورَ فِي وُقُوعِهِ فِي الْقُرْآنِ (قَوْلُهُ يُشْتَرَطُ لِجَوَازِ الِاجْتِهَادِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَلَّا جَازَ الِاجْتِهَادُ حِينَئِذٍ، وَفَائِدَتُهُ أَنَّهُ قَدْ يَظْهَرُ أَنَّ مَا صُبَّ مِنْهُ فِي الْآخَرِ هُوَ الطَّاهِرُ فَيَسْتَعْمِلُهُ فَلِمَ مَنَعَ الِاجْتِهَادَ (قَوْلُهُ فَزَالَ التَّعَدُّدُ الْمُشْتَرَطُ) أَيْ وَهُوَ مَا مَعَهُ طَهَارَةُ أَحَدِهِمَا بِيَقِينٍ، وَحِينَئِذٍ يَصِحُّ التَّعْلِيلُ (قَوْلُهُ نَعَمْ تَعْلِيلُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ) قَدْ يُقَالُ أَرَادَ التَّعَدُّدَ الْخَاصَّ، وَقَدْ يُرْشِدُ إلَى ذَلِكَ الْوَصْفُ بِالْمُشْتَرَطِ وَلَعَمْرِي إنَّ

ص: 107

أَنَّهُ لَوْ اغْتَرَفَ مِنْ دَنَّيْنِ فِيهِمَا مَاءٌ قَلِيلٌ أَوْ مَائِعٌ فِي إنَاءٍ فَرَأَى فِيهِ فَأْرَةً اجْتَهَدَ وَإِنْ اتَّحَدَتْ الْمِغْرَفَةُ مَعَ أَنَّهُمَا حِينَئِذٍ إمَّا نَجِسَانِ إنْ كَانَتْ فِي الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي إنْ كَانَتْ فِيهِ فَهُوَ نَجِسٌ يَقِينًا فَزَالَ التَّعَدُّدُ الْمُشْتَرَطُ قُلْت يُفَرَّقُ بِأَنَّ الِاجْتِهَادَ هُنَا لِحِلِّ التَّنَاوُلِ وَلَوْ فِي الْمَاءَيْنِ الْقَلِيلَيْنِ فَكَفَى فِيهِ لِضَعْفِهِ بِعَدَمِ تَوَقُّفِهِ عَلَى النِّيَّةِ التَّعَدُّدُ صُورَةً لِيَتَنَاوَلَ الْأَوَّلَ أَوْ يَتْرُكَهُ، ثُمَّ رَأَيْت الْفَنِّينِيَّ اسْتَشْكَلَ الِاجْتِهَادَ فِي مَسْأَلَةِ الرَّوْضَةِ بِأَنَّ الثَّانِيَ مُتَيَقِّنُ النَّجَاسَةِ وَشَرْطُ الِاجْتِهَادِ أَنْ لَا تَتَيَقَّنَ نَجَاسَةُ أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ، ثُمَّ أَجَابَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: وَلَعَلَّ ذَلِكَ إذَا جُهِلَ الثَّانِي بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ فَحِينَئِذٍ يَجْتَهِدُ لِيَظْهَرَ لَهُ الثَّانِي مِنْ الْأَوَّلِ وَرَأَيْتنِي فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بَسَطْت الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ وَمِنْهُ الْجَوَابُ عَنْ الْإِشْكَالِ الْمُسْتَلْزِمِ لِتَنَاقُضِ الْقَمُولِيِّ بِأَنَّ الِاجْتِهَادَ هُنَا إنَّمَا هُوَ لِبَيَانِ مَحَلِّ الْفَأْرَةِ وَكُلٌّ مِنْ الْإِنَاءَيْنِ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مَحَلُّهَا فَالْمُجْتَهِدُ فِيهِ بَاقٍ عَلَى تَعَدُّدِهِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ، وَنَبَّهَ بِالْخَلْطِ عَلَى بَقِيَّةِ أَنْوَاعِ التَّلَفِ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ (ثُمَّ يَتَيَمَّمُ) بَعْدَ نَحْوِ الْخَلْطِ فَلَا يَصِحُّ قَبْلَهُ هُنَا وَفِيمَا إذَا تَحَيَّرَ الْمُجْتَهِدُ أَوْ اخْتَلَفَ اجْتِهَادُهُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ كَأَنْ تَحَيَّرَ الْأَعْمَى وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُقَلِّدُهُ أَوْ وَجَدَهُ وَتَحَيَّرَ أَوْ اخْتَلَفَ عَلَيْهِ اثْنَانِ وَلَا مُرَجِّحَ؛ لِأَنَّ مَعَهُ مَاءً طَاهِرًا بِيَقِينٍ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى إعْدَامِهِ وَبِهِ فَارَقَ التَّيَمُّمَ بِحَضْرَةِ مَاءٍ مَنَعَهُ مِنْهُ نَحْوُ سَبُعٍ.

(أَوْ) اشْتَبَهَ عَلَيْهِ مَاءٌ (وَمَاءُ وَرْدٍ) لِانْقِطَاعِ رِيحِهِ

بِأَنْ لَا يَقَعَ مِنْ أَحَدِهِمَا شَيْءٌ فِي الْآخَرِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَوْ اغْتَرَفَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَرْعٌ لَوْ اغْتَرَفَ مِنْ دَنَّيْنِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مَاءٌ قَلِيلٌ أَوْ مَائِعٌ فِي إنَاءٍ وَاحِدٍ فَوَجَدَ فِيهِ فَأْرَةً مَيْتَةً لَا يَدْرِي مِنْ أَيِّهِمَا هِيَ اجْتَهَدَ فَإِنْ ظَنَّهَا مِنْ الْأَوَّلِ وَاتَّحَدَتْ الْمِغْرَفَةُ وَلَمْ تُغْسَلْ بَيْنَ الِاغْتِرَافَيْنِ حُكِمَ بِنَجَاسَتِهِمَا، وَإِنْ ظَنَّهَا مِنْ الثَّانِي أَوْ مِنْ الْأَوَّلِ وَاخْتَلَفَتْ الْمِغْرَفَةُ أَوْ اتَّحَدَتْ وَغُسِلَتْ بَيْنَ الِاغْتِرَافَيْنِ حُكِمَ بِنَجَاسَةِ مَا ظَنَّهَا فِيهِ اهـ وَأَقَرَّهُ ع ش.

(قَوْلُهُ حِينَئِذٍ) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ وَإِنْ اتَّحَدَتْ الْمِغْرَفَةُ سم أَيْ حِينَ إذْ اتَّحَدَتْ الْمِغْرَفَةُ أَيْ وَلَمْ تُغْسَلْ بَيْنَ الِاغْتِرَافَيْنِ كَمَا مَرَّ عَنْ الْمُغْنِي آنِفًا (قَوْلُهُ هُنَا) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي الْمَاءَيْنِ الْقَلِيلَيْنِ) اُنْظُرْ هَلْ هَذَا مَنَافٍ لِمَا قَدَّمَهُ آنِفًا مِنْ قَوْلِهِ وَهُوَ غَفْلَةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ فَكَفَى فِيهِ) أَيْ فِي الِاجْتِهَادِ هُنَا لِضَعْفِهِ أَيْ حِلُّ التَّنَاوُلِ (قَوْلُهُ لِيَتَنَاوَلَ الْأَوَّلَ) أَيْ مَا فِي الْإِنَاءِ الْأَوَّلِ إنْ ظَنَّ طَهَارَتَهُ بِالِاجْتِهَادِ (قَوْلُهُ فِي مَسْأَلَةِ الرَّوْضَةِ) أَيْ زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ وَلَعَلَّ ذَلِكَ) أَيْ جَوَازَ الِاجْتِهَادِ فِي مَسْأَلَةِ الرَّوْضَةِ وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ الِاغْتِرَافِ مِنْ الدَّنَّيْنِ (قَوْلُهُ لِيَظْهَرَ لَهُ الثَّانِي إلَخْ) نَظَرَ مَا فَائِدَةُ ظُهُورِ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ قَدْ يَظْهَرُ لَهُ بِدَلِيلِ أَنَّ الْفَأْرَةَ مِنْ الثَّانِي مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ الثَّانِي فَيَحْتَاجُ إلَى تَعْيِينِهِ بِالِاجْتِهَادِ بِدَلِيلٍ سم.

(قَوْلُهُ عَنْ الْإِشْكَالِ الْمُسْتَلْزِمِ إلَخْ) وَذَلِكَ هُوَ قَوْلُهُ فَإِنْ قُلْت يُشْكِلُ إلَخْ وَوَجْهُ الِاسْتِلْزَامِ أَنَّ الْقَمُولِيَّ فِي ذَلِكَ جَرَى عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ وَقِيلَ تَبِعَ الرَّافِعِيَّ فِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِجَوَازِ الِاجْتِهَادِ أَنْ لَا يَقَعَ مِنْ أَحَدِ الْمُشْتَبَهَيْنِ شَيْءٌ فِي الْآخَرِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ لِبَيَانِ مَحَلِّ الْفَأْرَةِ) أَيْ، ثُمَّ إذَا بَانَ مَحَلُّهَا وَأَنَّهُ الثَّانِي فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ اسْتِعْمَالُ الْأَوَّلِ كُرْدِيٌّ زَادَ سم وَحِينَئِذٍ يُشْكِلُ مَنْعُ الِاجْتِهَادِ فِيمَا إذَا صُبَّ مِنْ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ بَلْ كَانَ يَنْبَغِي الْجَوَازُ فَرُبَّمَا ظَهَرَ لَهُ أَنَّ النَّجِسَ هُوَ الْمَصْبُوبُ فِيهِ فَيَسْتَعْمِلُ الْآخَرَ، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا الشِّهَابَ الْبُرُلُّسِيَّ مَالَ إلَى الْجَوَازِ، وَمَنَعَ قَوْلَ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ بِمَنْعِ الِاجْتِهَادِ إذَا قَطَّرَ مِنْ أَحَدِ الْإِنَاءَيْنِ فِي الْآخَرِ سم (قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ ثَمَّ) أَيْ فِيمَا إذَا صُبَّ مِنْ أَحَدِهِمَا شَيْءٌ فِي الْآخَرِ (قَوْلُهُ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ) يُتَأَمَّلُ (قَوْلُهُ بَعْدَ نَحْوِ الْخَلْطِ) إلَى قَوْلِهِ وَبِهِ فَارَقَ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ النَّظَرَ فِي النِّهَايَةِ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ بَعْدَ نَحْوِ الْخَلْطِ) تَفْسِيرٌ لِثَمَّ (قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ) أَيْ التَّيَمُّمُ (قَوْلُهُ وَبِهِ فَارَقَ) أَيْ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ مَعَهُ مَاءً طَاهِرًا إلَخْ ع ش وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحَطَّ الْفَرْقِ قَوْلُهُ لَهُ قُدْرَةٌ إلَخْ

(قَوْلُهُ لِانْقِطَاعِ رِيحِهِ) إلَى قَوْلِهِ وَفِيمَا إذَا اشْتَبَهَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ الْمَانِعُ إلَى لِمَا مَرَّ (قَوْلُهُ أَوْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ مَاءٌ وَمَاءُ وَرْدٍ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ وَقَعَ الِاشْتِبَاهُ بَيْنَ ثَلَاثٍ أَوَانٍ مَاءٍ طَهُورٍ وَمَاءٍ مُتَنَجِّسٍ وَمَاءِ وَرْدٍ فَهَلْ يَجُوزُ الِاجْتِهَادُ نَظَرًا لِلْمَاءِ الطَّهُورِ وَالْمُتَنَجِّسِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ انْضِمَامُ مَاءِ الْوَرْدِ إلَيْهِمَا وَلَا احْتِمَالُ أَنْ يُصَادِفَ مَاءَ الْوَرْدِ كَمَا لَا يَضُرُّ احْتِمَالُ مُصَادَفَةِ الْمَاءِ الْمُتَنَجِّسِ أَوْ لَا يَجُوزُ الِاجْتِهَادُ؛ لِأَنَّ مَاءَ الْوَرْدِ لَا مَدْخَلَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ وَلِاحْتِمَالِ مُصَادَفَتِهِ وَلَيْسَ كَمُصَادَفَتِهِ الْمَاءَ الْمُتَنَجِّسَ؛ لِأَنَّ لَهُ أَصْلًا فِي الطَّهُورِيَّةِ بِخِلَافِ مَاءِ الْوَرْدِ فِيهِ نَظَرٌ سم عَلَى حَجّ أَقُولُ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ الشَّوْبَرِيِّ أَنَّ الْأَقْرَبَ الْأَوَّلُ وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ وَقَعَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي مَاءٍ طَهُورٍ وَمُتَنَجِّسٍ وَبَوْلٍ، وَالظَّاهِرُ الِامْتِنَاعُ لِغِلَظِ أَمْرِ نَجَاسَةِ الْبَوْلِ وَبَقِيَ مَا لَوْ تَلِفَ أَحَدُهَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى هَلْ يَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ لِاحْتِمَالِ أَنَّ التَّالِفَ الْمُتَنَجِّسُ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي ع ش.

أَقُولُ وَكَذَا اسْتَقْرَبَ الثَّانِي فِي مَسْأَلَةِ سم بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِمَا نَصُّهُ لَكِنْ قَاعِدَةُ إذَا اجْتَمَعَ الْمَانِعُ وَالْمُقْتَضِي غَلَبَ الْمَانِعُ عَلَى الْمُقْتَضِي تُؤَيِّدُ الثَّانِيَ اهـ وَقَوْلُ ع ش إنَّ التَّالِفَ الْمُتَنَجِّسَ لَعَلَّ

هَذَا ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ اتَّحَدَتْ) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ لِيَظْهَرَ لَهُ الثَّانِي مِنْ الْأَوَّلِ) اُنْظُرْ مَا فَائِدَةُ ظُهُورِ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ ظَهَرَ لَهُ بِدَلِيلِ أَنَّ الْفَأْرَةَ مِنْ الثَّانِي مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ الثَّانِي، فَيَحْتَاجُ إلَى تَعْيِينِهِ بِالِاجْتِهَادِ بِدَلِيلٍ (قَوْلُهُ لِبَيَانِ مَحَلِّ الْفَأْرَةِ) أَيْ وَإِذَا بَانَ مَحَلُّهَا، وَأَنَّهُ الثَّانِي فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لَهُ اسْتِعْمَالُ الْأَوَّلِ وَحِينَئِذٍ يُشْكِلُ مَنْعُ الِاجْتِهَادِ فِيمَا إذَا صَبَّ مِنْ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ بَلْ كَانَ يَنْبَغِي الْجَوَازُ فَرُبَّمَا ظَهَرَ لَهُ أَنَّ النَّجِسَ هُوَ الْمَصْبُوبُ فِيهِ فَيُسْتَعْمَلُ الْآخَرُ، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا الشِّهَابَ الْبُرُلُّسِيَّ مَالَ إلَى الْجَوَازِ وَمَنَعَ قَوْلَ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ بِمَنْعِ الِاجْتِهَادِ إذَا قَطَرَ مِنْ أَحَدِ الْإِنَاءَيْنِ فِي الْآخَرِ.

. (قَوْلُهُ أَوْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ مَاءٌ وَمَاءُ وَرْدٍ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ وَقَعَ الِاشْتِبَاهُ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ أَوَانٍ مَاءٍ طَهُورٍ وَمَاءٍ مُتَنَجِّسٍ وَمَاءِ وَرْدٍ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ نَظَرًا لِلْمَاءِ الطَّهُورِ وَالْمَاءِ الْمُتَنَجِّسِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ انْضِمَامُ مَاءِ الْوَرْدِ إلَيْهِمَا وَلَا احْتِمَالُ أَنْ يُصَادِفَهُ مَاءُ الْوَرْدِ كَمَا لَا يَضُرُّ احْتِمَالُ

ص: 108

(تَوَضَّأَ) وُجُوبًا إنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُمَا وَجَوَازًا إنْ وَجَدَهُ خِلَافًا لِمَنْ مَنَعَ حِينَئِذٍ (بِكُلٍّ) مِنْهُمَا (مَرَّةً) وَإِنْ زَادَتْ قِيمَةُ مَاءِ الْوَرْدِ الَّذِي يَمْلِكُهُ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِ مَاءِ الطَّهَارَةِ هُوَ عِنْدَ التَّحْصِيلِ لَا الْحُصُولُ مَعَ ضَعْفِ مَالِيَّتِهِ بِالِاشْتِبَاهِ الْمَانِعِ لَا يُرَادُ عَقْدُ الْبَيْعِ عَلَيْهِ وَلَا يَجْتَهِدُ فِيهِمَا لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا أَصْلَ لِغَيْرِ الْمَاءِ فِي التَّطْهِيرِ قِيلَ وَيَلْزَمُهُ وَضْعُ بَعْضِ كُلٍّ فِي كَفٍّ، ثُمَّ يَغْسِلُ بِكَفَّيْهِ مَعًا وَجْهَهُ مِنْ غَيْرِ خَلْطٍ لِيَتَأَتَّى لَهُ الْجَزْمُ بِالنِّيَّةِ حِينَئِذٍ لِمُقَارَنَتِهَا لِغَسْلِ جُزْءٍ مِنْ وَجْهِهِ بِالْمَاءِ يَقِينًا انْتَهَى وَهُوَ وَجِيهٌ مَعْنًى وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ لَا وَاجِبٌ لِلْمَشَقَّةِ وَفِيمَا إذَا اشْتَبَهَ طَهُورٌ بِمُسْتَعْمَلٍ لَا يَتَوَضَّأُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ لِعَدَمِ جَزْمِهِ بِالنِّيَّةِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الِاجْتِهَادِ إلَّا إنْ فَعَلَ تِلْكَ الْكَيْفِيَّةَ كَمَا حَرَّرْتُهُ بِمَا فِيهِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الصَّغِيرِ (وَقِيلَ لَهُ الِاجْتِهَادُ)

صَوَابَهُ مَاءُ الْوَرْدِ (قَوْلُهُ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ وُجِدَ غَيْرُهُمَا قَوْلُ الْمَتْنِ (تَوَضَّأَ بِكُلِّ مَرَّةٍ) وَيُعْذَرُ فِي عَدَمِ الْجَزْمِ بِالنِّيَّةِ كَنِسْيَانِ إحْدَى الْخَمْسِ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ الْجَزْمُ بِهَا بِأَنْ يَأْخُذَ غَرْفَةً مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَخْ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ عِنْدَ قُدْرَتِهِ عَلَى طَهُورٍ بِيَقِينٍ وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى الْعِلَّةِ كَمَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ الِامْتِنَاعُ كَذَا فِي الْمُغْنِي وَنَحْوِهِ فِي النِّهَايَةِ وَهُوَ مُشْكِلٌ بِمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فِيمَا إذَا اشْتَبَهَ طَهُورٌ بِمُسْتَعْمَلٍ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ التَّطَهُّرِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا إلَخْ فَإِنَّهُ هُنَا قَادِرٌ عَلَى الطَّهُورِ بِيَقِينٍ، وَثَمَّ إنَّمَا يُفِيدُهُ الِاجْتِهَادُ تَحْصِيلُ طَهُورٍ بِالظَّنِّ وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَغْتَفِرُوا لَهُ ثَمَّ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةَ لِعَدَمِ الْجَزْمِ بِالنِّيَّةِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الِاجْتِهَادِ فَتَأَمَّلْ بَصْرِيٌّ، وَيَأْتِي عَنْ سم وَعِ ش رَدُّ مَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ أَيْضًا وَفِي ع ش وَقَوْلُهُ م ر مُقْتَضَى الْعِلَّةِ أَيْ قَوْلُهُ م ر لِلضَّرُورَةِ كَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ زَادَتْ إلَخْ) خِلَافًا لِابْنِ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ نِهَايَةٌ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَاسْتَشْكَلَ الْإِسْنَوِيُّ وُجُوبَ الْوُضُوءِ بِالْمَاءِ وَمَاءِ الْوَرْدِ بِمَا ذَكَرُوهُ فِيمَنْ مَعَهُ مَاءٌ لَا يَكْفِيهِ لِوُضُوئِهِ وَلَوْ كَمَّلَهُ بِمَائِعٍ يُسْتَهْلَكُ فِيهِ كَمَاءِ وَرْدٍ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ التَّكْمِيلُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَزِيدَ ثَمَنُهُ عَلَى ثَمَنِ الْقَدْرِ النَّاقِصِ فَكَيْفَ يُوجِبُونَ هُنَا اسْتِعْمَالَ مَاءٍ كَامِلٍ وَمَاءَ وَرْدٍ مِثْلَهُ، وَهُوَ يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ فَالصَّوَابُ الِانْتِقَالُ إلَى التَّيَمُّمِ، وَأُجِيبَ عَنْهُ بِجَوَابَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّهُ قَدَرَ هُنَا عَلَى طَهَارَةٍ كَامِلَةٍ بِالْمَاءِ، وَقَدْ اشْتَبَهَ وَمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ، وَهُنَاكَ لَمْ يَقْدِرْ إلَخْ الثَّانِي أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ هُنَا فِي مَاءِ وَرْدٍ انْقَطَعَتْ رَائِحَتُهُ وَصَارَ كَالْمَاءِ وَذَلِكَ لَا قِيمَةَ لَهُ غَالِبًا أَوْ قِيمَتُهُ تَافِهَةٌ بِخِلَافِ تِلْكَ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَى مَاءِ الطَّهَارَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ اسْتِعْمَالُهُ لَهُ وَتَيَمَّمَ كَمَا جَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ الْمَانِعُ لَا يُرَادُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ سم وَوَجْهُهُ أَنَّ الِاشْتِبَاهَ لَا يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ إيرَادِ الْعَقْدِ عَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ لَهُ بِعْتُك هَذَا صَحَّ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى مَا إذَا قَالَ لَهُ بِعْتُك هَذَا الْمَاءَ الْوَرْدَ وَهُوَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَلَا يَصِحُّ بِشْبِيشِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَا يَجْتَهِدُ فِيهِمَا) أَيْ لِلطَّهَارَةِ كَمَا يَأْتِي بِخِلَافِهِ لِلشُّرْبِ فَيَجُوزُ، ثُمَّ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَظَهَرَ لَهُ الْمَاءُ مِنْهُمَا تَطَهَّرَ بِهِ كَمَا يَأْتِي أَيْضًا ع ش (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ فِي شَرْحٍ أَوْ مَاءٍ وَبَوْلٍ لَمْ يَجْتَهِدْ عَلَى الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ يَقِينًا) زَادَ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي، ثُمَّ يَعْكِسُ، ثُمَّ يُتَمِّمُ وُضُوءَهُ بِأَحَدِهِمَا، ثُمَّ بِالْآخَرِ اهـ.

(قَوْلُهُ لَا وَاجِبٌ لِلْمَشَقَّةِ) جَزَمَ بِهِ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ لَا يَتَوَضَّأُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا إلَخْ) هَذَا مَمْنُوعٌ مَنْعًا وَاضِحًا بَلْ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ كَالْمُهَذَّبِ مُصَرِّحٌ بِالْجَوَازِ كَمَا بَسَطْنَا بَيَانَهُ بِهَامِشِ شَرْحِهِ لِلْعُبَابِ سم عِبَارَةُ ع ش فَرْعٌ إذَا اشْتَبَهَ الْمُسْتَعْمَلُ بِالطَّهُورِ يَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ، وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَيَجُوزُ أَنْ يَتَوَضَّأَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا مَرَّةً، وَيُغْتَفَرُ التَّرَدُّدُ فِي النِّيَّةِ لِلضَّرُورَةِ انْتَهَى فَقَدْ انْكَشَفَ لَكَ أَنَّهُ لَيْسَ مَعْنَى الضَّرُورَةِ تَعَذُّرُ الِاجْتِهَادِ انْتَهَى عَمِيرَةُ وَقَوْلُهُ وَيَجُوزُ أَنْ يَتَوَضَّأَ إلَخْ نَقَلَ ابْنُ حَجّ عَنْ الشَّرْحِ الْمَذْكُورِ خِلَافَ هَذَا.

أَقُولُ: الْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ عَمِيرَةُ، ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ قَاسِمٍ عَلَى ابْنِ حَجّ صَرَّحَ بِمَا قُلْته اهـ ع ش، وَتَقَدَّمَ عَنْ الْبَصْرِيِّ اسْتِشْكَالُ

مُصَادَفَةِ الْمَاءِ الْمُتَنَجِّسِ، أَوْ لَا يَجُوزُ الِاجْتِهَادُ؛ لِأَنَّ مَاءَ الْوَرْدِ لَا مَدْخَلَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ وَلِاحْتِمَالِ مُصَادَفَتِهِ، وَلَيْسَ كَمُصَادَفَتِهِ الْمَاءَ الْمُتَنَجِّسَ؛ لِأَنَّ لَهُ أَصْلًا فِي الطَّهُورِيَّةِ بِخِلَافِ مَاءِ الْوَرْدِ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ بِالِاشْتِبَاهِ الْمَانِعِ) فِيهِ نَظَرٌ.

(قَوْلُهُ لَا يَتَوَضَّأُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا) هَذَا مَمْنُوعٌ مَنْعًا وَاضِحًا بَلْ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ كَالْمُهَذَّبِ مُصَرِّحٌ بِالْجَوَازِ كَمَا بَسَطْنَا بَيَانَهُ بِهَامِشِ شَرْحِهِ لِلْعُبَابِ بِنَقْلِ عِبَارَتِهِمَا وَالتَّكَلُّمِ عَلَيْهَا، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الْمُهَذَّبِ مَا نَصُّهُ وَإِنْ اشْتَبَهَ مَاءٌ مُطْلَقٌ وَمُسْتَعْمَلٌ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا لَا يَتَحَرَّى؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى إسْقَاطِ الْفَرْضِ بِيَقِينٍ بِأَنْ تَوَضَّأَ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَالثَّانِي يَتَحَرَّى؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ إسْقَاطُ الْفَرْضِ بِالطَّاهِرِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْيَقِينِ اهـ.

قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِهِ هَذَانِ الْوَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ السَّابِقَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا كَمَا بَيَّنَّاهُ، وَالصَّحِيحُ مِنْهُمَا جَوَازُ التَّحَرِّي وَيَتَوَضَّأُ بِمَا ظَنَّ أَنَّهُ الْمُطْلَقُ وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ التَّحَرِّي بَلْ يَلْزَمُهُ الْيَقِينُ بِأَنْ يَتَوَضَّأَ بِكُلِّ وَاحِدٍ مَرَّةً وَعَلَى هَذَا لَوْ أَرَادَ الِاسْتِنْجَاءَ أَوْ غَسْلَ نَجَاسَةٍ أُخْرَى غَسَلَ بِأَحَدِهِمَا ثُمَّ الْآخَرِ، وَإِنْ تَوَضَّأَ بِهِمَا فَهُوَ غَيْرُ جَازِمٍ فِي نِيَّتِهِ بِطَهُورِيَّتِهِ وَلَكِنْ يُعْذَرُ فِي ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ كَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ خَمْسٍ اهـ فَتَأَمَّلْ فَرْضَ الْخِلَافِ فِي الْجَوَازِ مَعَ تَصْرِيحِهِ بِأَنَّ التَّوَضُّؤَ بِكُلٍّ مِنْ بَابِ الْعَمَلِ بِالْيَقِينِ تَجِدْهُ مُصَرِّحًا بِجَوَازِ تَرْكِ الِاجْتِهَادِ وَالتَّوَضُّؤِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ وَإِذَا تَوَضَّأَ بِهِمَا فَهُوَ غَيْرُ جَازِمٍ إلَخْ تَجِدْهُ نَصًّا فِي أَنَّ التَّوَضُّؤَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا الَّذِي صَرَّحَ كَلَامُهُ بِجَوَازِهِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ

ص: 109

فِيهِمَا كَالْمَاءَيْنِ وَيَرُدُّهُ مَا تَقَرَّرَ مِنْ الْفَرْقِ نَعَمْ لَهُ الِاجْتِهَادُ لِلشُّرْبِ لِيَشْرَبَ مَا يَظُنُّهُ الْمَاءَ أَوْ مَاءَ الْوَرْدِ وَإِنْ لَمْ يَتَوَقَّفْ أَصْلُ شُرْبِهِ عَلَى اجْتِهَادٍ، ثُمَّ إذَا ظَهَرَ لَهُ بِالِاجْتِهَادِ الْمَاءُ جَازَ لَهُ التَّطَهُّرُ بِهِ عَلَى مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الشَّيْءِ تَبَعًا مَا لَا يُغْتَفَرُ فِيهِ مَقْصُودًا، وَنَظِيرُهُ مَنْعُ الِاجْتِهَادِ لِلْوَطْءِ ابْتِدَاءً وَجَوَازُهُ بَعْدَ الِاجْتِهَادِ لِلْمِلْكِ.

(وَإِذَا اسْتَعْمَلَ مَا ظَنَّهُ) الطَّاهِرَ مِنْ الْمَاءَيْنِ بِالِاجْتِهَادِ أَيْ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ (أَرَاقَ) نَدْبًا (الْآخَرَ) إنْ لَمْ يَحْتَجْهُ وَقَيَّدَ بِالِاسْتِعْمَالِ بِفَرْضِ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِاسْتِعْمَالِ أَرَادَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ الْإِعْرَاضُ عَنْ الْآخَرِ إلَّا بِهِ غَالِبًا فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْمُعْتَمَدَ نَدْبُ الْإِرَاقَةِ قَبْلَهُ لِئَلَّا يَغْلَطَ وَيَتَشَوَّشَ ظَنُّهُ (فَإِنْ تَرَكَهُ) بِلَا إرَاقَةٍ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْأَوَّلِ بَقِيَّةٌ لَمْ يَجُزْ الِاجْتِهَادُ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَكُونَ فِي مُتَعَدِّدٍ حَقِيقَةً فَلَا يَجُوزُ فِي كُمَّيْنِ لِثَوْبٍ مَثَلًا مَا دَامَا مُتَّصِلَيْنِ بِهِ.

وَزَعَمَ أَنَّهُ إذَا تَلِفَ أَحَدُهُمَا يَنْبَغِي اسْتِعْمَالُ الْبَاقِي بِلَا اجْتِهَادٍ كَالْمَشْكُوكِ فِي نَجَاسَتِهِ نَظَرًا لِلْأَصْلِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ بَابَ الِاجْتِهَادِ تُرِكَ فِيهِ الْأَصْلُ بِالشَّكِّ أَيْ أَصْلُ الطَّهَارَةِ وَأَصْلُ عَدَمِ وُقُوعِ النَّجِسِ فِي كُلِّ إنَاءٍ بِخُصُوصِهِ كَمَا تُرِكَ الْأَصْلُ فِي ظَبْيَةٍ رُئِيَتْ تَبُولُ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ، ثُمَّ رُئِيَ عَقِبَ الْبَوْلِ مُتَغَيِّرًا عَمَلًا بِالظَّاهِرِ لِقُوَّتِهِ بِاسْتِنَادِهِ لِمُعَيَّنٍ مَعَ ضَعْفِ احْتِمَالِ خِلَافِهِ، وَإِنْ بَقِيَ مِنْ الْأَوَّلِ بَقِيَّةٌ وَإِنْ قُلْت لِوُجُوبِ اسْتِعْمَالِ النَّاقِصِ لَزِمَهُ عِنْدَ إرَادَةِ الْوُضُوءِ إعَادَةُ الِاجْتِهَادِ فَإِنْ وَافَقَ الْأَوَّلَ فَوَاضِحٌ (وَ) إنْ (تَغَيَّرَ ظَنُّهُ) فِيهِ

مَقَالَةِ الشَّارِحِ أَيْضًا (قَوْلُهُ فِيهِمَا كَالْمَاءَيْنِ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ نَعَمْ لَهُ الِاجْتِهَادُ لِلشُّرْبِ إلَخْ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطُّهْرِ أَنَّهُ يَسْتَدْعِي الطَّهُورِيَّةَ، وَهُمَا مُخْتَلِفَانِ وَالشُّرْبُ يَسْتَدْعِي الطَّاهِرِيَّةَ وَهُمَا طَاهِرَانِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَوَقَّفْ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الشُّرْبَ لَا يَحْتَاجُ إلَى اجْتِهَادٍ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الشُّرْبَ وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ لَكِنْ شُرْبُ مَاءِ الْوَرْدِ فِي ظَنِّهِ يُحْتَاجُ إلَيْهِ اهـ.

(قَوْلُهُ عَلَى مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) أَسْقَطَ الْمُغْنِي صِيغَةَ التَّبَرِّي، وَعِبَارَةُ النِّهَايَةِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَدْ عُهِدَ امْتِنَاعُ الِاجْتِهَادِ لِلشَّيْءِ مَقْصُودًا وَيَسْتَفِيدُهُ تَبَعًا كَمَا فِي امْتِنَاعِ الِاجْتِهَادِ لِلْوَطْءِ، وَيَمْلِكُهُ تَبَعًا فِيمَا لَوْ اشْتَبَهَتْ أَمَتُهُ بِأَمَةِ غَيْرِهِ وَاجْتَهَدَ فِيهِمَا لِلْمِلْكِ فَإِنَّهُ يَطَؤُهَا بَعْدَهُ لِحِلِّ تَصَرُّفِهِ فِيهَا وَلِكَوْنِهِ يُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ وَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ مَجِيءِ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ فِي الْمَاءِ وَالْبَوْلِ بَعِيدٌ إذْ كَلَامُهُ يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ إنَّمَا أَبَاحَ لَهُ الِاجْتِهَادَ لِيَشْرَبَ مَاءَ الْوَرْدِ، ثُمَّ يَتَطَهَّرَ بِالْآخَرِ وَهَذَا غَيْرُ مُمْكِنٍ هُنَا وَأَيْضًا فَكُلٌّ مِنْ الْمَاءَيْنِ لَهُ أَصْلٌ فِي الْحِلِّ الْمَطْلُوبِ وَهُوَ الشُّرْبُ فَجَازَ الِاجْتِهَادُ لِذَلِكَ بِخِلَافِ الْمَاءِ وَالْبَوْلِ، فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا اجْتِهَادَ فِي ذَلِكَ وَنَحْوِهِ كَمَيْتَةٍ وَمُذَكَّاةٍ مُطْلَقًا أَيْ لِلْأَكْلِ وَغَيْرِهِ كَإِطْعَامِ الْجَوَارِحِ بَلْ إنْ وُجِدَ اضْطِرَارٌ جَازَ لَهُ التَّنَاوُلُ هَجْمًا وَإِلَّا امْتَنَعَ وَلَوْ بِاجْتِهَادٍ، وَبِذَلِكَ يَنْدَفِعُ مَا فِي التَّوَسُّطِ وَغَيْرِهِ اهـ.

وَقَوْلُهُ فَالْأَوْجَهُ إلَخْ فِي الْكُرْدِيِّ عَنْ الْإِيعَابِ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ مِنْهُ الِاجْتِهَادُ لِلْوَطْءِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ وَلَوْ اشْتَبَهَ أَمَتَا شَخْصَيْنِ وَاجْتَهَدَ أَحَدُهُمَا فِيهِمَا لِلْمِلْكِ جَازَ، وَثَبَتَ مِلْكُهُ لَهَا بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ سَوَاءٌ وَافَقَهُ الْآخَرُ أَوْ نَازَعَهُ وَلَا تُقْبَلُ مُنَازَعَتُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَتَتَعَيَّنُ الثَّانِيَةُ لِلْآخَرِ لِلْحَصْرِ فِيهِ، وَيَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا بَعْدَهُ هَذَا إنْ لَمْ يَجْتَهِدْ الْآخَرُ فَإِنْ اجْتَهَدَ وَأَدَّى اجْتِهَادُهُ إلَى عَيْنِ مَا أَدَّاهُ اجْتِهَادُ الْآخَرِ فَيُتَّجَهُ الْوَقْفُ إلَى أَنْ يَظْهَرَ الْحَالُ أَوْ يَصْطَلِحَا انْتَهَتْ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ، وَتَقَدَّمَ عَنْ ع ش فِي مَبْحَثِ اشْتِبَاهِ مَاءٍ طَاهِرٍ بِنَجِسٍ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَقَامِ (قَوْلُهُ وَجَوَازُهُ) أَيْ الْوَطْءِ سم وَكُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ لِلْمِلْكِ) أَيْ بِقَصْدِ تَمْيِيزِ الْمِلْكِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الْوَطْءَ بِالِاجْتِهَادِ، وَإِنَّمَا الْحَاصِلُ بِهِ الْمِلْكُ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْوَطْءُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ ثَمَرَتِهِ كُرْدِيٌّ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ.

(قَوْلُهُ الطَّاهِرُ) إلَى قَوْلِهِ فَلَا يَجُوزُ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ الطَّاهِرُ) أَيْ الطَّهُورُ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ نَدْبًا) وَقِيلَ وُجُوبًا مُغْنِي (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَحْتَجْهُ) أَيْ لِنَحْوِ عَطَشٍ نِهَايَةٌ لَعَلَّ الْمُرَادَ لِعَطَشِ دَابَّةٍ وَكَذَا آدَمِيٌّ خَافَ مِنْ الْعَطَشِ تَلَفَ نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ أَوْ مَنْفَعَتِهِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ شُرْبُهُ؛ لِأَنَّهُ لَهُ حُكْمُ النَّجِسِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ ع ش عِبَارَةُ الْمُغْنِي إذَا لَمْ يَخَفْ الْعَطَشَ لِيَشْرَبْهُ إذَا اُضْطُرَّ اهـ.

(قَوْلُهُ بِفَرْضِ أَنَّهُ لَوْ يُرَدُّ إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى إمْكَانِ حَمْلِ كَلَامِ الْمَتْنِ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ فَإِذَا قَرَأْت الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَيْ الْإِمْكَانِ الْمُغْنِي، وَحَمَلَهُ عَلَيْهِ أَيْ مَعْنَى الْإِرَادَةِ النِّهَايَةُ (قَوْلُهُ إلَّا بِهِ) أَيْ بِالِاسْتِعْمَالِ (قَوْلُهُ لِئَلَّا يَغْلَطَ إلَخْ) عَلَّلَ الْمُغْنِي نَدْبَ الْإِرَاقَةِ قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ بِلِئَلَّا يَغْلَطَ فَيَسْتَعْمِلَهُ وَنَدَبَهَا بَعْدَ الِاسْتِعْمَالِ بِلِئَلَّا يَتَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ فَيَشْتَبِهُ عَلَيْهِ الْأَمْرُ اهـ.

وَظَاهِرٌ أَنَّ كُلًّا مِنْ التَّعْلِيلَيْنِ يَجْرِي فِي كُلٍّ مِنْ الْإِرَاقَتَيْنِ (قَوْلُهُ بِلَا إرَاقَةٍ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي أَيْ لَمْ يُرِقْهُ وَصَلَّى بِالْأَوَّلِ الصُّبْحَ مَثَلًا، ثُمَّ حَضَرَتْ الظُّهْرُ وَهُوَ مُحْدِثٌ وَلَمْ يَبْقَ مِنْ الْأَوَّلِ شَيْءٌ إلَخْ (قَوْلُهُ فِي مُتَعَدِّدٍ حَقِيقَةً) أَيْ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً شَرْحُ بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ فِي كُمَّيْنِ إلَخْ) أَيْ وَفِي إحْدَى يَدَيْهِ الْمُتَّصِلَتَيْنِ بِبَدَنِهِ بَلْ يَجِبُ غَسْلُهُمَا لِتَصِحَّ صَلَاتُهُ وَفِي الْإِيعَابِ لَوْ اشْتَبَهَ نَجِسٌ فِي أَرْضٍ وَاسِعَةٍ صَلَّى فِيهَا إلَى بَقَاءِ قَدْرِهِ أَوْ ضَيِّقَةٍ غَسَلَ جَمِيعَهَا انْتَهَى اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ بِهِ) أَيْ بِالثَّوْبِ (قَوْلُهُ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ) أَيْ غَيْرِ مُتَغَيِّرٍ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ بَقِيَ مِنْ الْأَوَّلِ) إلَى قَوْلِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى قَوْلِهِ الْمَتْنُ بَلْ يَتَيَمَّمُ فِي الْمُغْنِي إلَّا مَا أُنَبِّهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ عِنْدَ إرَادَةِ الْوُضُوءِ إلَخْ) أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ مُتَذَكِّرًا لِلْعَلَامَةِ الْأُولَى مُغْنِي، وَسَيَأْتِي عَنْ النِّهَايَةِ مِثْلُهُ بِزِيَادَةٍ وَعِبَارَةُ ع ش أَيْ بِأَنْ أَحْدَثَ وَحَضَرَتْ

تِلْكَ الْكَيْفِيَّةُ فَعَلَيْك بِالتَّدَبُّرِ (قَوْلُهُ نَعَمْ لَهُ الِاجْتِهَادُ لِلشُّرْبِ إلَخْ) سَيَأْتِي نَقْلُ هَذَا عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ، وَقَدْ نَظَرَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ فِي بَحْثِ الْأَذْرَعِيِّ مَجِيءَ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ فِي الْمَاءِ وَالْبَوْلِ، ثُمَّ قَالَ فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا اجْتِهَادَ فِي ذَلِكَ وَنَحْوِهِ كَمَيْتَةٍ وَمُذَكَّاةٍ مُطْلَقًا، وَإِنْ اعْتَمَدْنَا كَلَامَ الْمَاوَرْدِيِّ بَلْ وَإِنْ وُجِدَ اضْطِرَارٌ جَازَ لَهُ التَّنَاوُلُ هَجْمًا، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ امْتَنَعَ وَلَوْ بِاجْتِهَادٍ اهـ.

بِاخْتِصَارٍ (قَوْلُهُ وَجَوَازُهُ) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ لِلْوَطْءِ.

(قَوْلُهُ لَزِمَهُ عِنْدَ إرَادَةِ الْوُضُوءِ إعَادَةُ الِاجْتِهَادِ) يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ ذَاكِرًا لِدَلِيلِ الِاجْتِهَادِ الْأَوَّلِ أَوْ قَامَ عِنْدَهُ

ص: 110

(لَمْ يَعْمَلْ بِالثَّانِي) مِنْ ظَنَّيْهِ (عَلَى النَّصِّ) لِئَلَّا يَنْقُضَ الِاجْتِهَادَ بِالِاجْتِهَادِ إنْ غَسَلَ جَمِيعَ مَا أَصَابَهُ الْأَوَّلُ أَوْ يُصَلِّي بِيَقِينِ النَّجَاسَةِ إنْ لَمْ يَغْسِلْهُ وَالْتِزَامُ الْمَخْرَجِ الْأَوَّلِ قِيَاسًا عَلَى الْقِبْلَةِ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ أَحَدَ هَذَيْنِ الْفَسَادَيْنِ لَا يَأْتِي فِي الْعَمَلِ بِالثَّانِي فِيهَا لِاحْتِمَالِ الْجِهَةِ الثَّانِيَةِ لِلصَّوَابِ كَالْأُولَى فَلَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهِ نَقْضُ اجْتِهَادٍ أَصْلًا، وَأَخَذَ الْبُلْقِينِيُّ مِمَّا ذُكِرَ

صَلَاةٌ أُخْرَى، وَلَمْ يَكُنْ ذَاكِرًا لِلدَّلِيلِ الْأَوَّلِ أَوْ عَارَضَهُ مُعَارِضٌ اهـ زَادَ سم أَمَّا لَوْ كَانَ ذَاكِرًا لَهُ وَلَا مُعَارِضَ فَلَا يَبْعُدُ جَوَازُ اسْتِعْمَالِهِ تِلْكَ الْبَقِيَّةَ مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ الِاجْتِهَادِ اسْتِصْحَابًا لِحُكْمِ الِاجْتِهَادِ الْأَوَّلِ وَهُوَ ظَاهِرٌ بَلْ لَوْ كَانَ أَتْلَفَ الْآخَرَ، وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْأَوَّلِ بَقِيَّةٌ وَاحْتَاجَ لِلْوُضُوءِ وَهُوَ ذَاكِرٌ لِلدَّلِيلِ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ لَمْ يَبْعُدْ أَيْضًا جَوَازُ التَّطَهُّرِ بِهِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ.

قَوْلُ الْمَتْنِ (لَمْ يَعْمَلْ بِالثَّانِي) يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لِلْأَعْمَى الْمُتَحَيِّرِ تَقْلِيدُ الْبَصِيرِ فِي اجْتِهَادِهِ الثَّانِي الْمُتَغَيِّرِ، وَالْعَمَلُ بِهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ قَلَّدَهُ فِي الْأَوَّلِ، وَعَمِلَ بِهِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ قَلَّدَهُ فِيهِ أَوْ قَلَّدَهُ فِيهِ وَلَمْ يَعْمَلْ وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بَاعَ الْأَوَّلَ أَوْ بَعْضَهُ، وَهُوَ صَحِيحٌ كَمَا يَأْتِي فِي الْبَيْعِ، ثُمَّ اجْتَهَدَ ثَانِيًا وَتَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ إلَى طَهَارَةِ الثَّانِي أَنْ يَصِحَّ بَيْعُهُ أَيْضًا، وَهَلْ لَهُ أَكْلُ الثَّمَنَيْنِ الْقِيَاسُ حِلُّ ذَلِكَ ظَاهِرًا وَفِي حِلِّهِمَا مَعًا بَاطِنًا نَظَرٌ، وَالْوَجْهُ حُرْمَةُ أَحَدِهِمَا ظَاهِرًا أَيْضًا؛ لِأَنَّ أَحَدَ الْبَيْعَيْنِ بَاطِلٌ يَقِينًا فَثَمَنُهُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ سم عِبَارَةُ ع ش.

قَوْلُهُ لَمْ يَعْمَلْ بِالثَّانِي أَيْ وَلَا بِالْأَوَّلِ أَيْضًا لِاعْتِقَادِهِ الْآنَ بُطْلَانَهُ وَمِنْ فَوَائِدِ جَوَازِ الِاجْتِهَادِ الثَّانِي مَعَ امْتِنَاعِ الْعَمَلِ بِهِ أَنَّهُ إذَا ظَنَّ بِهِ طَهَارَةَ الثَّانِي شَرِبَهُ أَوْ بَاعَهُ أَوْ غَسَلَ بِهِ نَجَاسَةً أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ غَسَلَ أَعْضَاءَهُ بَيْنَهُمَا وَمَا أَصَابَهُ الْمَاءُ الْأَوَّلُ مِنْ ثِيَابِهِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَطَهَّرَ بِالثَّانِي اهـ.

(قَوْلُهُ لِئَلَّا يَنْقُضَ الِاجْتِهَادَ إلَخْ) هَذَا لَا يَأْتِي إذَا كَانَ الِاجْتِهَادُ بَيْنَ طَهُورٍ وَمُسْتَعْمَلٍ إذْ لَا يَأْتِي فِيهِ هَذَا التَّرْدِيدُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ طَاهِرٌ فَلَا يَحْتَاجُ لِغَسْلِ الْأَعْضَاءِ مِنْهُ فَيُتَّجَهُ فِيهِ الْعَمَلُ بِالثَّانِي مُطْلَقًا سم وَمُغْنِي (قَوْلُهُ بِالِاجْتِهَادِ) أَيْ مَعَ أَنَّ الِاجْتِهَادَ الثَّانِيَ اجْتِهَادٌ صَحِيحٌ فِي نَفْسِهِ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي عَنْ الْبُلْقِينِيِّ سم.

(قَوْلُهُ أَوْ يُصَلِّي إلَخْ) أَيْ الصَّلَاةَ الثَّانِيَةَ (قَوْلُهُ وَالْتِزَامُ الْمَخْرَجِ الْأَوَّلِ) أَيْ الْعَمَلُ بِالثَّانِي وَغَسْلُ جَمِيعِ إلَخْ عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَخَرَّجَ ابْنُ سُرَيْجٍ مِنْ النَّصِّ فِي الِاجْتِهَادِ فِي الْقِبْلَةِ الْعَمَلَ بِالثَّانِي وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْعَمَلَ بِهِ هُنَا يُؤَدِّي إلَى نَقْضِ الِاجْتِهَادِ بِالِاجْتِهَادِ إنْ غَسَلَ مَا أَصَابَهُ الْأَوَّلُ وَإِلَى الصَّلَاةِ بِنَجَاسَةٍ إنْ لَمْ يَغْسِلْهُ، وَهُنَاكَ لَا يُؤَدِّي إلَى صَلَاةٍ بِنَجَاسَةٍ وَلَا إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ نَقْضُ اجْتِهَادٍ إلَخْ) أَدَاءُ صَلَاةٍ مُعَيَّنَةٍ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ يَقِينًا (قَوْلُهُ وَأَخَذَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) قُلْت هُوَ وَاضِحٌ، وَقَدْ أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ وُجُوبُ إعَادَةِ الِاجْتِهَادِ لِكُلِّ صَلَاةٍ يُرِيدُ فِعْلَهَا أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ بَاقِيًا عَلَى طَهَارَتِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ ذَاكِرًا لِدَلِيلِهِ الْأَوَّلِ لَمْ يُعِدْهُ بِخِلَافِ الثَّوْبِ الْمَظْنُونِ طَهَارَتُهُ بِالِاجْتِهَادِ فَإِنَّ بَقَاءَهُ بِحَالِهِ بِمَنْزِلَةِ بَقَاءِ الشَّخْصِ مُتَطَهِّرًا فَيُصَلِّي فِيهِ مَا شَاءَ حَيْثُ لَمْ يَتَغَيَّرْ ظَنُّهُ سَوَاءٌ أَكَانَ يَسْتَتِرُ بِجَمِيعِهِ أَمْ يُمْكِنُهُ الِاسْتِتَارُ بِبَعْضِهِ لِكِبَرِهِ فَقَطَعَ مِنْهُ قِطْعَةً وَاسْتَتَرَ بِهَا وَصَلَّى، ثُمَّ احْتَاجَ إلَى السَّتْرِ لِتَلَفِ مَا اسْتَتَرَ بِهِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الِاجْتِهَادِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا

مُعَارِضٌ أَمَّا لَوْ كَانَ ذَاكِرًا لَهُ وَلَا مُعَارِضَ فَلَا يَبْعُدُ جَوَازُ اسْتِعْمَالِهِ تِلْكَ الْبَقِيَّةِ مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ الِاجْتِهَادِ اسْتِصْحَابًا بِالْحُكْمِ الِاجْتِهَادَ الْأَوَّلَ وَهُوَ ظَاهِرٌ بَلْ لَوْ كَانَ أَتْلَفَ الْآخَرَ.

وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْأَوَّلِ بَقِيَّةٌ وَاحْتَاجَ لِلْوُضُوءِ وَهُوَ ذَاكِرٌ الدَّلِيلَ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ لَمْ يَبْعُدْ أَيْضًا جَوَازُ التَّطَهُّرِ بِهِ، وَلَيْسَ فِيهِ اجْتِهَادٌ فِي غَيْرِ مُتَعَدِّدٍ إذْ لَيْسَ هُنَا اجْتِهَادٌ جَدِيدٌ بَلْ اسْتِصْحَابُ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ لَمْ يُعْمَلْ بِالثَّانِي إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لِلْأَعْمَى الْمُتَحَيِّزِ تَقْلِيدُ الْبَصِيرِ فِي اجْتِهَادِهِ الثَّانِي الْمُتَغَيِّرِ بِهِ، وَالْعَمَلُ بِهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ قَلَّدَهُ فِي الْأَوَّلِ، وَعَمِلَ بِهِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ قَلَّدَهُ فِيهِ أَوْ قَلَّدَهُ فِيهِ وَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْبَصِيرَ إنَّمَا لَمْ يَعْمَلْ بِالثَّانِي الْمُغَيَّرِ لِمَانِعٍ هُوَ لُزُومُ نَقْضِ الِاجْتِهَادِ بِالِاجْتِهَادِ، وَهَذَا الْمَانِعُ مَفْقُودٌ فِي حَقِّ الْأَعْمَى.

وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ الْأَوَّلَ أَوْ بَعْضَهُ وَهُوَ صَحِيحٌ كَمَا يَأْتِي فِي الْبَيْعِ ثُمَّ اجْتَهَدَ ثَانِيًا، وَتَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ إلَى طَهَارَةِ الثَّانِي أَنْ يَصِحَّ بَيْعُهُ أَيْضًا وَهَلْ يَحِلُّ لَهُ أَكْلُ الثَّمَنَيْنِ الْقِيَاسُ حِلُّ ذَلِكَ ظَاهِرًا وَفِي حِلِّهِمَا مَعًا بَاطِنًا نَظَرٌ، وَالْوَجْهُ حُرْمَةُ أَحَدِهِمَا ظَاهِرًا أَيْضًا لَا يُقَالُ إذَا تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ لِأَنَّهُ صَحَّ بَيْعُ الْأَوَّلِ قَبْلَ التَّغَيُّرِ وَتَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ ثَالِثٌ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ التَّغَيُّرُ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ لَمْ يُعْمَلْ بِالثَّانِي عَلَى النَّصِّ) سَيَأْتِي فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ فِيمَا لَوْ اجْتَهَدَ فِي ثَوْبَيْنِ أَنَّهُ يَعْمَلُ بِالثَّانِي بِشَرْطٍ مَذْكُورٍ ثُمَّ (قَوْلُهُ لِئَلَّا يُنْقَضَ الِاجْتِهَادُ إلَخْ) هَذَا لَا يَأْتِي إذَا كَانَ الِاجْتِهَادُ بَيْنَ طَهُورٍ وَمُسْتَعْمَلٍ إذْ لَا يَأْتِي فِيهِ هَذَا التَّرْدِيدُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ طَاهِرٌ فَلَا يَحْتَاجُ لِغَسْلِ الْأَعْضَاءِ مِنْهُ فَيُتَّجَهُ فِيهِ الْعَمَلُ بِالثَّانِي مُطْلَقًا (قَوْلُهُ بِالِاجْتِهَادِ) أَيْ مَعَ أَنَّ الِاجْتِهَادَ الثَّانِيَ اجْتِهَادٌ صَحِيحٌ فِي نَفْسِهِ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي عَنْ الْبُلْقِينِيِّ (قَوْلُهُ وَالْتِزَامُ الْمَخْرَجِ) الْمُقَابِلِ لِلنَّصِّ (قَوْلُهُ

ص: 111

أَنَّهُ لَوْ غَسَلَ بَيْنَ الِاجْتِهَادَيْنِ جَمِيعَ مَا أَصَابَهُ بِمَاءٍ غَيْرِهِمَا عَمِلَ الثَّانِي إذْ لَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ وَحِينَئِذٍ هُوَ نَظِيرُ مَسْأَلَةِ الْقِبْلَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الْإِعْرَاضُ عَنْ الظَّنِّ الثَّانِي، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ فَلَوْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ وَوُضُوءُهُ الْأَوَّلُ بَاقٍ صَلَّى بِهِ وَلَا نَظَرَ لِظَنِّهِ نَجَاسَةَ أَعْضَائِهِ الْآنَ لِمَا عَلِمْت مِنْ إلْغَاءِ هَذَا الظَّنِّ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ الْفَسَادِ الْمَذْكُورِ (بَلْ يَتَيَمَّمُ) بَعْدَ نَحْوِ الْخَلْطِ لَا قَبْلَهُ كَمَا مَرَّ (بِلَا إعَادَةٍ) حَيْثُ لَمْ يَغْلِبْ وُجُودُهُ فِي مَحَلِّ التَّيَمُّمِ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَعَ طَاهِرٍ بِيَقِينٍ وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّ مَعَهُ طَاهِرًا بِالظَّنِّ؛ لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِهَذَا الظَّنِّ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ الْفَسَادِ كَمَا تَقَرَّرَ.

(تَنْبِيهٌ)

مَا قَرَّرْت بِهِ الْمَتْنَ مِنْ فَرْضِ قَوْلِهِ وَتَغَيَّرَ ظَنُّهُ فِيمَا إذَا بَقِيَ مِنْ الْأَوَّلِ بَقِيَّةٌ، إنَّمَا هُوَ لِيَأْتِيَ عَلَى طَرِيقَتِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاجْتِهَادُ إلَّا فِي مُتَعَدِّدٍ وَمِنْ التَّقْيِيدِ بِنَحْوِ الْخَلْطِ إنَّمَا هُوَ لِيَصِحَّ قَوْلُهُ بِلَا إعَادَةٍ لِمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ بَلْ يُخْلَطَانِ، ثُمَّ يَتَيَمَّمُ إنَّ شَرْطَ صِحَّةِ التَّيَمُّمِ تَلَفُهُمَا أَوْ تَلَفُ أَحَدِهِمَا، وَأَمَّا اشْتِرَاطُ أَنْ لَا يَغْلِبَ وُجُودُ الْمَاءِ فَمَعْلُومٌ مِنْ كَلَامِهِ فِي التَّيَمُّمِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ بِوَجْهٍ، وَأَنَّهُ يَصِحُّ تَخْرِيجُ كَلَامِهِ عَلَى طَرِيقِ الرَّافِعِيِّ أَيْضًا مِنْ جَوَازِ الِاجْتِهَادِ مَعَ عَدَمِ التَّعَدُّدِ، وَأَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ عَلَيْهَا فِي عَدَمِ الْإِعَادَةِ إلَى تَقْيِيدٍ بِنَحْوِ خَلْطٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ إلَّا إنَاءٌ وَاحِدٌ فَلَا طَهُورَ مَعَهُ بِيَقِينٍ هَذَا كُلُّهُ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قَوْلِهِ فِي الْأَصَحِّ فَمَعَ النَّظَرِ إلَيْهِ يَتَعَيَّنُ تَخْرِيجُهُ عَلَى رَأْيِ الرَّافِعِيِّ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ مَعَ نَحْوِ الْخَلْطِ الْمُشْتَرَطِ عَلَى رَأْيِ الْمُصَنِّفِ بَلْ مَعَ وُجُودِ وَاحِدٍ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ طَاهِرٌ بِالظَّنِّ.

وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ تَخَالُفَهُمَا فِي الْإِعَادَةِ فَهِيَ عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ لَا تَجِبُ وَعَلَى طَرِيقَةِ الْمُصَنِّفِ تَجِبُ؛ لِأَنَّ مَعَهُ طَهُورًا بِيَقِينٍ

لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ لَوْ غَسَلَ بَيْنَ الِاجْتِهَادَيْنِ إلَخْ) وَفِي الْبُجَيْرِمِيِّ عَنْ الْحِفْنِيِّ بَعْدَ ذِكْرِ مِثْلِ ذَلِكَ عَنْ الْبُرُلُّسِيِّ وَالزِّيَادِيِّ مَا نَصُّهُ أَيْ وَلَا يُعِيدُ مَا صَلَّاهُ بِالْأَوَّلِ عَلَى الرَّاجِحِ وَلَا يُقَالُ يَلْزَمُ عَلَى الْعَمَلِ بِالثَّانِي الصَّلَاةُ بِنَجَاسَةٍ قَطْعًا إمَّا فِي الْأَوَّلِ، وَإِمَّا فِي الثَّانِي فَيَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ النَّجَاسَةُ غَيْرُ مُتَعَيِّنَةٍ فَلَا يُعْتَدُّ بِهَا كَمَا قَالُوا فِيمَا لَوْ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ لِأَرْبَعِ جِهَاتٍ فَإِنَّهُ لَا يُعِيدُ مَعَ أَنَّهُ صَلَّى لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ قَطْعًا؛ لِأَنَّ الْمُبْطِلَ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ اهـ.

(قَوْلُهُ مِمَّا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ التَّعْلِيلِ بِقَوْلِهِ لِئَلَّا يُنْقَضَ إلَخْ (قَوْلُهُ جَمِيعُ مَا أَصَابَهُ) أَيْ الْمَاءُ الْأَوَّلُ مِنْ أَعْضَائِهِ وَثِيَابِهِ ع ش.

(قَوْلُهُ بِمَاءٍ غَيْرِهِمَا) أَيْ بِمَاءٍ طَهُورٍ بِيَقِينٍ أَوْ بِاجْتِهَادٍ غَيْرِ ذَلِكَ الِاجْتِهَادِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ هُوَ نَظِيرُ مَسْأَلَةِ الْقِبْلَةِ) أَيْ نَظِيرُ مَا إذَا تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ فِي الْقِبْلَةِ حَيْثُ يَعْمَلُ بِالِاجْتِهَادِ الثَّانِي كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ صَلَّى بِهِ) وِفَاقًا لِلْمُغْنِي وَسَمِّ وَخِلَافًا لِلنِّهَايَةِ عِبَارَتُهُ فَإِنْ كَانَ عَلَى طَهَارَتِهِ لَمْ تَجِبْ إعَادَتُهُ أَيْ الِاجْتِهَادِ إلَّا أَنْ يَتَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ قَبْلَ الْحَدَثِ فَلَا يُصَلِّي بِتِلْكَ الطَّهَارَةِ لِاعْتِقَادِهِ الْآنَ بُطْلَانَهَا اهـ.

(قَوْلُهُ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ) أَيْ الْعَمَلِ بِهَذَا الظَّنِّ (قَوْلُهُ مِنْ الْفَسَادِ الْمَذْكُورِ) أَيْ عَقِبَ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي شَرْحِ، ثُمَّ يَتَيَمَّمُ (قَوْلُهُ فِي مَحَلِّ التَّيَمُّمِ) سَيَأْتِي فِي بَابِ التَّيَمُّمِ بِهَامِشِهِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ مَحَلُّ الصَّلَاةِ سم (قَوْلُهُ وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّ مَعَهُ إلَخْ) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ بَعْدَ نَحْوِ الْخَلْطِ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَقَعَ التَّيَمُّمُ بَعْدَ نَحْوِ الْخَلْطِ لَمْ يَبْقَ مَعَهُ طَاهِرًا بِالظَّنِّ، وَيُجَابُ بِمَنْعِ ذَلِكَ إذَا خُلِطَ مِمَّا ظَنَّهُ فِي الْآخَرِ سم وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّهُ بِالنَّظَرِ إلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْأَصَحِّ وَيَأْتِي أَنَّهُ مَعَ النَّظَرِ إلَيْهِ يَتَعَيَّنُ تَخْرِيجُ كَلَامِهِ عَلَى رَأْيِ الرَّافِعِيِّ فَقَطْ فَلَا يَتَقَيَّدُ التَّيَمُّمُ بِبَعْدِ نَحْوِ الْخَلْطِ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي بِمَا نَصُّهُ وَالثَّانِي يُعِيدُ؛ لِأَنَّ مَعَهُ طَاهِرًا بِالظَّنِّ فَإِنْ أَرَاقَهُ قَبْلَ الصَّلَاةِ لَمْ يُعِدْ جَزْمًا اهـ.

(قَوْلُهُ: تَنْبِيهٌ مَا قَرَّرْت إلَخْ)

قَرَّرَ النِّهَايَةُ أَيْضًا عِبَارَةُ الْمَتْنِ بِنَحْوِ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ كَالشَّارِحِ فِيمَا سَيَأْتِي وَهَذَا الَّذِي سَلَكْته إلَخْ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ إلَّا فِي مُتَعَدِّدٍ) أَيْ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً (قَوْلُهُ مِنْ التَّقْيِيدِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ فَرْضٍ إلَخْ وَقَوْلُهُ بِنَحْوِ الْخَلْطِ يَعْنِي بِبَعْدِ نَحْوِ الْخَلْطِ (قَوْلُهُ إنَّ شَرْطَ إلَخْ) بَيَانٌ لِمَا عُلِمَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ يَصِحُّ تَخْرِيجُ كَلَامِهِ عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ) أَيْ بِفَرْضِ قَوْلِهِ وَتَغَيُّرِ ظَنِّهِ فِيمَا إذَا لَمْ يَبْقَ مِنْ الْأَوَّلِ شَيْءٌ (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ إنَّهُ لَا اعْتِرَاضَ إلَخْ (قَوْلُهُ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قَوْلِهِ فِي الْأَصَحِّ) كَيْفَ يَتَأَتَّى قَطْعُ النَّظَرِ عَنْهُ مَعَ التَّعْبِيرِ بِهِ فِي كَلَامِهِ ع ش (قَوْلُهُ مَعَ نَحْوِ الْخَلْطِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إنَّ مِنْ صُوَرِ الْخَلْطِ أَنْ يَصُبَّ مِنْ الْمَظْنُونِ طَهَارَتَهُ ثَانِيًا فِي الْآخَرِ أَوْ عَكْسُهُ فَيَبْقَى مَعَهُ طَاهِرًا بِالظَّنِّ كَمَا لَوْ حُمِلَ عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ، فَيَكُونُ الْكَلَامُ مُحَمَّلٌ عَلَى طَرِيقَةِ الْمُصَنِّفِ فِي الْجُمْلَةِ بَصْرِيٌّ، وَقَدْ يُجَابُ

لَوْ غَسَلَ بَيْنَ الِاجْتِهَادَيْنِ إلَخْ) لَوْ كَانَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بَاعَ الْأَوَّلَ قَبْلَ تَغَيُّرِ الِاجْتِهَادِ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ تَغَيُّرُ الِاجْتِهَادِ فَلَوْ بَاعَ الْآخَرَ بَعْدَ تَغَيُّرِ الِاجْتِهَادِ إلَى طَهَارَتِهِ، وَغَسَلَ الْأَعْضَاءَ بَيْنَهُمَا صَحَّ أَيْضًا، وَهَلْ لَهُ أَكْلُ الثَّمَنَيْنِ بَاطِنًا فِيهِ نَظَرٌ وَالْوَجْهُ لَا؛ لِأَنَّ أَحَدَ الْبَيْعَيْنِ بَاطِلٌ يَقِينًا فَثَمَنُهُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ (قَوْلُهُ بِمَاءِ غَيْرِهِمَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْعَمَلَ بِالثَّانِي مَعَ إيرَادِ الْمَاءِ الْآخَرِ مَوَارِدَ الْأَوَّلِ لَا يَنْتَفِي مَعَهُ لُزُومُ مَا ذُكِرَ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّجِسُ هُوَ الْأَوَّلُ وَبِإِيرَادِ الثَّانِي مَوَارِدَهُ يُصَيِّرُهُ طَاهِرًا، وَمَعَ ذَلِكَ لَا تَكُونُ الصَّلَاةُ بِيَقِينِ النَّجَاسَةِ، وَإِيضَاحُ ذَلِكَ أَنَّ مِنْ لَوَازِمِ الْعَمَلِ بِالثَّانِي غَسْلُ الْأَعْضَاءِ بِالْمَاءِ الْآخَرِ مَعَ احْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ النَّجِسُ مَا اسْتَعْمَلَهُ أَوْ لَا فَتَطْهُرُ الْأَعْضَاءُ بِالْمَاءِ الثَّانِي، وَحِينَئِذٍ لَا يَلْزَمُ كَوْنُ الصَّلَاةِ بِيَقِينِ النَّجَاسَةِ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِقَوْلِهِمْ أَوْ يُصَلِّي بِيَقِينِ النَّجَاسَةِ إنْ لَمْ يَغْسِلْ مَا أَصَابَهُ الْأَوَّلُ مِنْ غَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَإِنَّ غَسْلَ ذَلِكَ لَيْسَ لَازِمًا لِاسْتِعْمَالِ الْآخَرِ فِي الطَّهَارَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَوُضُوءُ الْأَوَّلِ بَاقٍ صَلَّى بِهِ) هَذَا هُوَ الْوَجْهُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ عِنْدَ تَغَيُّرِهِ تَصِحُّ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَطْهُرْ مَا أَصَابَهُ الْمَاءُ الْأَوَّلُ، ثُمَّ رَأَيْت أَنَّ ابْنَ الْعِمَادِ قَالَ فَإِنْ كَانَ عَلَى طَهَارَتِهِ لَمْ تَجِبْ إعَادَتُهُ إلَّا إنْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ قَبْلَ الْحَدَثِ فَلَا يُصَلِّي بِتِلْكَ الطَّهَارَةِ لِاعْتِقَادِهِ الْآنَ بُطْلَانَهَا فَهُوَ كَمَا لَوْ أَحْدَثَ وَاجْتَهَدَ، وَتَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ قَبْلُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ انْتَهَى وَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ فِي مَحَلِّ التَّيَمُّمِ) سَيَأْتِي فِي بَابِ التَّيَمُّمِ بِهَامِشِهِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ مَحَلُّ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّ مَعَهُ مَاءٌ طَاهِرٌ بِالظَّنِّ) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ بَعْدُ نَحْوَ الْخَلْطِ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَقَعَ التَّيَمُّمُ بَعْدَ نَحْوِ الْخَلْطِ لَمْ يَبْقَ مَعَهُ طَاهِرٌ بِالظَّنِّ

ص: 112

غَفْلَةً عَنْ وُجُوبِ تَقْيِيدِ مَا أَطْلَقَهُ هُنَا بِمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْخَلْطَ أَيْ أَوْ نَحْوَهُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ التَّيَمُّمِ وَهَذَا الَّذِي سَلَكْتُهُ فِي تَقْرِيرِ عِبَارَتِهِ مِنْ التَّفْصِيلِ أَوْلَى مِمَّا وَقَعَ لِلْمُتَكَلِّمِينَ عَلَيْهِ مِنْ إطْلَاقِ بَعْضِهِمْ تَخْرِيجَ كَلَامِهِ عَلَى الرَّأْيَيْنِ وَبَعْضُهُمْ حَصَرَهُ عَلَى رَأْيِ الرَّافِعِيِّ وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الْمَاءِ وَالْبَوْلِ أَنَّ شَرْطَ الِاجْتِهَادِ

بِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا عَدَمُ الْإِعَادَةِ مُطْلَقًا أَيْ فِي جَمِيعِ صُوَرِ التَّلَفِ (قَوْلُهُ غَفْلَةً عَنْ وُجُوبِ تَقْيِيدِ مَا أَطْلَقَهُ هُنَا إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْجَلَالَ الْمَحَلِّيَّ بَيَّنَ أَنَّ فِي وُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَى كُلٍّ مِنْ طَرِيقِ الرَّافِعِيِّ وَطَرِيقِ الْمُصَنِّفِ خِلَافًا إلَّا أَنَّ الْأَصَحَّ مِنْهُ عَلَى طَرِيقِ الرَّافِعِيِّ أَيْ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْأَوَّلِ بَقِيَّةُ عَدَمِ الْوُجُوبِ وَعَلَى طَرِيقِ الْمُصَنِّفِ بِأَنْ بَقِيَ الْوُجُوبُ.

وَبَيَّنَ أَيْضًا أَنَّ مَحَلَّ خِلَافِ الْإِعَادَةِ فِيمَا إذَا لَمْ يُرِقْ الْبَاقِيَ فِي الْأَوَّلِ، وَلَمْ يُرِقْهُمَا فِي الثَّانِي قَبْلَ الصَّلَاةِ فِيهِمَا فَإِنْ أَرَاقَ مَا ذُكِرَ قَبْلَهَا فَلَا إعَادَةَ جَزْمًا لَكِنْ اعْتِبَارَهُ كَوْنَ الْإِرَاقَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ضَعِيفًا أَوْ فِيهِ تَجَوُّزٌ، وَإِلَّا فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ كَوْنُ الْإِرَاقَةِ قَبْلَ التَّيَمُّمِ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ عَلِمْت أَنَّ حِكَايَةَ الْخِلَافِ فِي الْإِعَادَةِ تَقْتَضِي التَّصْوِيرَ بِمَا إذَا انْتَفَتْ الْإِرَاقَةُ أَوْ نَحْوُهَا إذْ لَوْ لَمْ تَنْتَفِ كَانَ عَدَمُ الْإِعَادَةِ مَجْزُومًا بِهِ، وَحِينَئِذٍ فَالْمَسْأَلَةُ مُصَوَّرَةٌ بِمَا إذَا انْتَفَتْ الْإِرَاقَةُ وَنَحْوُهَا وَإِذَا كَانَتْ مُصَوَّرَةً بِذَلِكَ تَعَيَّنَ مَا قَالَهُ الْبَعْضُ الْمَذْكُورُ مِنْ التَّخَالُفِ وَإِجْرَاءِ الْكَلَامِ عَلَى إطْلَاقِهِ، إذْ تَقْيِيدُهُ يُنَافِي ذِكْرَ الْخِلَافِ فَقَوْلُهُ إنَّ زَعْمَ الْبَعْضِ الْمَذْكُورِ غَفْلَةٌ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَعَلَّهُ غَفْلَةٌ وَمِنْ هُنَا يَظْهَرُ مَا فِي قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ مُقَابِلَ الْأَصَحِّ لَا يَأْتِي أَيْضًا عَلَى طَرِيقِ الرَّافِعِيِّ إذَا حَصَلَتْ الْإِرَاقَةُ الَّتِي هِيَ مِنْ نَحْوِ الْخَلْطِ بَلْ الْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ فِي تَوْجِيهِ تَعَيُّنِ التَّخْرِيجِ عَلَى رَأْيِ الرَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْتِي تَصْحِيحُ عَدَمِ الْإِعَادَةِ عَلَى طَرِيقِ الْمُصَنِّفِ بَلْ الْمُصَحَّحُ حِينَئِذٍ الْإِعَادَةُ فَأَحْسَنُ التَّأَمُّلُ بِالْإِنْصَافِ سم.

(قَوْلُهُ أَوْلَى إلَخْ) اُنْظُرْ مَا مَعْنَى الْأَوْلَوِيَّةِ مَعَ اعْتِرَافِهِ بِأَنَّ حَمْلَ كَلَامِهِ عَلَى غَيْرِ رَأْيِ الرَّافِعِيِّ يُنَافِي قَوْلَهُ فِي الْأَصَحِّ حَيْثُ قَالَ فَمَعَ النَّظَرِ إلَيْهِ إلَخْ، وَكَيْفَ يَدَّعِي أَوْلَوِيَّةَ تَفْصِيلٍ فِي كَلَامِهِ مَعَ مُنَافَاتِهِ لَهُ سم عِبَارَةُ الْبَصْرِيِّ قَوْلُهُ وَبَعْضُهُمْ حَصَرَهُ إلَخْ هَذَا الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَيْثُ قَالَ آنِفًا فَمَعَ النَّظَرِ إلَيْهِ يَتَعَيَّنُ تَخْرِيجُهُ إلَخْ فَمَا وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ مَعَ الْعَيْنِيَّةِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَبَعْضِهِمْ إلَخْ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ بَعْضِهِمْ تَخْرِيجَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي تَنْبِيهٌ لِلِاجْتِهَادِ شُرُوطٌ عُلِمَ بَعْضُهَا مِمَّا مَرَّ الْأَوَّلُ أَنْ يَتَأَيَّدَ بِأَصْلِ الْحِلِّ فَلَا يَجْتَهِدَ فِي مَاءٍ اشْتَبَهَ بِبَوْلٍ كَمَا تَقَدَّمَ الثَّانِي أَنْ يَقَعَ الِاشْتِبَاهُ فِي مُتَعَدِّدٍ فَلَوْ تُنُجِّسَ أَحَدُ كُمَّيْهِ أَوْ إحْدَى يَدَيْهِ وَأَشْكَلَ فَلَا يَجْتَهِدُ كَمَا سَيَأْتِي فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى الثَّالِثُ أَنْ يَبْقَى الْمُشْتَبِهَاتُ فَلَوْ تَلِفَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَجْتَهِدْ فِي الْبَاقِي بَلْ يَتَيَمَّمُ وَلَا يُعِيدُ وَإِنْ بَقِيَ الْآخَرُ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى الِاجْتِهَادِ.

الرَّابِعُ بَقَاءُ الْوَقْتِ فَلَوْ ضَاقَ عَنْ الِاجْتِهَادِ تَيَمَّمَ وَصَلَّى وَأَعَادَ، قَالَهُ الْعِمْرَانِيُّ فِي الْبَيَانِ. الْخَامِسُ أَنْ يَكُونَ لِلْعَلَامَةِ فِيهِ مَجَالٌ بِأَنْ يَتَوَقَّعَ ظُهُورَ الْحَالِ فِيهِ كَالثِّيَابِ وَالْأَوَانِي وَالْأَطْعِمَةِ فَلَا يَجْتَهِدُ فِيمَا إذَا اشْتَبَهَ مَحْرَمُهُ بِأَجْنَبِيَّةٍ فَأَكْثَرَ كَمَا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي النِّكَاحِ أَوْ مَيْتَةٌ بِمُذَكَّاةٍ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، شُرُوطُ الْأَخْذِ وَالْعَمَلِ بِالِاجْتِهَادِ أَنْ تَظْهَرَ بَعْدَهُ الْعَلَامَةُ اهـ وَوَافَقَهُ الشَّارِحِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَكَذَا النِّهَايَةُ إلَّا فِي الرَّابِعِ فَعَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ، وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ اهـ.

وَيُجَابُ بِمَنْعِ ذَلِكَ إذَا خَلَطَ مِمَّا ظَنَّهُ فِي الْآخَرِ (قَوْلُهُ غَفْلَةً عَنْ وُجُوبِ تَقْيِيدِ مَا أَطْلَقَهُ هُنَا إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْجَلَالَ الْمَحَلِّيَّ بَيَّنَ أَنَّ فِي وُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَى كُلٍّ مِنْ طَرِيقِ الرَّافِعِيِّ وَطَرِيقِ الْمُصَنِّفِ خِلَافًا إلَّا أَنَّ الْأَصَحَّ مِنْهُ عَلَى طَرِيقِ الرَّافِعِيِّ أَيْ بِأَنْ لَمْ تَبْقَ مِنْ الْأَوَّلِ بَقِيَّةُ عَدَمُ الْوُجُوبِ، وَعَلَى طَرِيقِ الْمُصَنِّفِ بِأَنْ بَقِيَ الْوُجُوبُ وَبَيَّنَ أَيْضًا أَنَّ مَحَلَّ خِلَافِ الْإِعَادَةِ فِيهِمَا إذَا لَمْ يُرِقْ الْبَاقِيَ فِي الْأَوَّلِ، وَلَمْ يُرِقْهُمَا فِي الثَّانِي قَبْلَ الصَّلَاةِ فِيهِمَا فَإِنْ أَرَاقَ مَا ذَكَرَ قَبْلَهَا فَلَا إعَادَةَ جَزْمًا لَكِنْ اعْتِبَارُهُ كَوْنَ الْإِرَاقَةِ وَقَبْلَ الصَّلَاةِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ضَعِيفًا أَوْ فِيهِ تَجَوُّزٌ، وَإِلَّا فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ كَوْنُ الْإِرَاقَةِ قَبْلَ التَّيَمُّمِ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ عَلِمْتَ أَنَّ حِكَايَةَ الْخِلَافِ فِي الْإِعَادَةِ تَقْتَضِي التَّصْوِيرَ بِمَا إذَا انْتَفَتْ الْإِرَاقَةُ وَنَحْوُهَا إذْ لَوْ لَمْ تَنْتَفِ كَانَ عَدَمُ الْإِعَادَةِ مَجْزُومًا بِهِ، وَحِينَئِذٍ فَالْمَسْأَلَةُ مُصَوَّرَةٌ بِمَا إذَا انْتَفَتْ الْإِرَاقَةُ وَنَحْوُهَا، وَإِذَا كَانَتْ مُصَوَّرَةً بِذَلِكَ تَعَيَّنَ مَا قَالَهُ الْبَعْضُ الْمَذْكُورُ مِنْ التَّخَالُفِ فِي الْإِعَادَةِ وَإِجْرَاءِ الْكَلَامِ هُنَا عَلَى إطْلَاقِهِ إذْ تَقْيِيدُهُ يُنَافِي ذِكْرَ الْخِلَافِ فَقَوْلُهُ إنْ زَعَمَ الْبَعْضُ الْمَذْكُورُ غَفْلَةً فِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَعَلَّهُ غَفْلَةٌ وَمِنْ هُنَا يَظْهَرُ مَا فِي قَوْلِهِ لَا يَظْهَرُ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ مُقَابِلَ الْأَصَحِّ لَا يَأْتِي أَيْضًا عَلَى طَرِيقِ الرَّافِعِيِّ إذَا حَصَلَتْ الْإِرَاقَةُ الَّتِي هِيَ أَقْوَى مِنْ نَحْوِ الْخَلْطِ بَلْ الْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ فِي تَوْجِيهِ تَعَيُّنِ التَّخْرِيجِ عَلَى رَأْيِ الرَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْتِي تَصْحِيحُ عَدَمِ الْإِعَادَةِ عَلَى طَرِيقِ الْمُصَنِّفِ بَلْ الْمُصَحَّحُ حِينَئِذٍ هُوَ الْإِعَادَةُ فَأَحْسَنُ التَّأَمُّلُ بِالْإِنْصَافِ (قَوْلُهُ أَوْلَى) اُنْظُرْ مَا مَعْنَى الْأَوْلَوِيَّةِ مَعَ اعْتِرَافِهِ بِأَنَّ حَمْلَ كَلَامِهِ عَلَى غَيْرِ رَأْيِ الرَّافِعِيِّ يُنَافِي قَوْلَهُ فِي الْأَصَحِّ

ص: 113

أَيْضًا أَنْ يَتَأَيَّدَ بِأَصْلِ حِلِّ الْمَطْلُوبِ فَلَا يَجْتَهِدُ عِنْدَ اشْتِبَاهِ خَلٍّ بِخَمْرٍ أَوْ لَبَنِ أَتَانٍ بِلَبَنٍ مَأْكُولٍ أَوْ مُذَكَّاةٍ بِمَيْتَةٍ وَمِمَّا سَيَذْكُرُهُ فِي مَوَانِعِ النِّكَاحِ أَنَّ شَرْطَهُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ لِلْعَلَامَةِ فِيهِ مَجَالٌ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَجْتَهِدْ فِي صُورَةِ اخْتِلَاطِ الْمُحَرَّمِ الْآتِيَةِ.

ثُمَّ وَمِمَّا قَدَّمْتُهُ فِي الْمُتَحَيِّرِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِلْعَمَلِ بِهِ ظُهُورُ الْعَلَامَةِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْإِقْدَامُ عَلَى أَحَدِهِمَا بِمُجَرَّدِ الْحَدْسِ وَالتَّخْمِينِ كَمَا مَرَّ، وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا شَرْطًا لِلْعَمَلِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ تِلْكَ إذَا وُجِدَتْ اجْتَهَدَ، ثُمَّ إنْ ظَهَرَ لَهُ شَيْءٌ عَمِلَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا فَمَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِلْغَزَالِيِّ مِنْ أَنَّ الْأَخِيرَ شَرْطٌ لِلِاجْتِهَادِ أَيْضًا غَيْرُ مُرَادٍ وَعَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ اشْتِرَاطُ كَوْنِهِمَا لِوَاحِدٍ، وَإِلَّا تَطَهَّرَ كُلٌّ بِإِنَائِهِ كَمَا فِي إنْ كَانَ ذَا غُرَابًا فَهِيَ طَالِقٌ وَعَكْسُهُ الْآخَرُ وَلَمْ يُعْلَمْ فَإِنَّ زَوْجَةَ كُلٍّ تَحِلُّ لَهُ وَرُدَّ بِأَنَّ الْوَطْءَ يَسْتَدْعِي مِلْكَ الْوَاطِئِ لِلْمَحَلِّ، وَالْوُضُوءُ يَصِحُّ بِمَغْصُوبٍ وَأَوْضَحُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا مَجَالَ لِلِاجْتِهَادِ فِي الْأَبْضَاعِ فَأَبْقَيْنَا كُلًّا عَلَى أَصْلِ الْحِلِّ إذْ لَا نِيَّةَ ثَمَّ تَتَأَثَّرُ بِالشَّكِّ، وَهُنَا لَهُ مَجَالٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَصِحُّ مِنْ كُلٍّ النَّظَرُ فِي الطَّاهِرِ مِنْهُمَا فَوَجَبَ لِتَأَثُّرِ النِّيَّةِ بِالشَّكِّ فِي حَقِّ كُلٍّ مِنْهُمَا.

(وَلَوْ أَخْبَرَ بِتَنَجُّسِهِ) أَيْ الْمَاءِ وَهُوَ مِثَالٌ أَوْ اسْتِعْمَالُهُ لَهُ وَلَوْ عَلَى الْإِبْهَامِ أَوْ بِطَهَارَتِهِ عَلَى التَّعْيِينِ قَبْلَ اسْتِعْمَالِ ذَلِكَ أَوْ بَعْدَهُ

قَوْلُهُ أَيْضًا) أَيْ كَسَعَةِ الْوَقْتِ وَتَعَدُّدِ الْمُشْتَبَهِ (قَوْلُهُ أَوْ مُذَكَّاةٍ بِمَيْتَةٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ عَقِبَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَبَهَتْ مُذَكَّاةٌ غَيْرُ مَسْمُومَةٍ بِمُذَكَّاةٍ مَسْمُومَةٍ فَإِنَّ لَهُ الِاجْتِهَادَ فِيهِمَا قَطْعًا؛ لِأَنَّهُمَا مُبَاحَانِ طَرَأَ عَلَى أَحَدِهِمَا مَانِعٌ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ: وَهُوَ وَاضِحٌ انْتَهَى

(فَرْعٌ)

يَنْبَغِي جَوَازُ الِاجْتِهَادِ إذَا اشْتَبَهَ اخْتِصَاصُهُ بِاخْتِصَاصِ غَيْرِهِ لِيَتَمَيَّزَ لَهُ اخْتِصَاصُهُ فَيَتَصَرَّفَ فِيهِ بِمَا يُسَوِّغُ لَهُ فِيهِ سم (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَجْتَهِدْ فِي صُورَةِ اخْتِلَاطِ الْمَحْرَمِ الْآتِيَةِ) أَيْ لَمْ يَجِبْ الِاجْتِهَادُ وَإِنْ جَازَ مَعَ الْعَمَلِ بِهِ فِيمَا إذَا اخْتَلَطَتْ بِغَيْرِ مَحْصُورٍ بَلْ لَعَلَّهُ أَوْلَى سم. أَقُولُ ظَاهِرُ صَنِيعِهِمْ بَلْ صَرِيحُ مَا يَأْتِي آنِفًا عَنْ الْكُرْدِيِّ أَنَّ كُلًّا مِنْ الشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ شَرْطٌ لِجَوَازِ الِاجْتِهَادِ فَلَا يَجُوزُ بِدُونِ وَاحِدٍ مِنْهَا (قَوْلُهُ ثَمَّ) أَيْ فِي النِّكَاحِ (قَوْلُهُ وَمِمَّا سَيَذْكُرُهُ إلَخْ) فِي عَطْفِهِ عَلَى قَوْلِهِ مِمَّا مَرَّ الْمُتَعَلِّقُ بِقَوْلِهِ عُلِمَ بِالْمُضِيِّ تَسَامُحٌ (قَوْلُهُ فِي الْمُحَيَّرِ) أَيْ فِيمَا إذَا تَحَيَّرَ الْمُجْتَهِدُ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي شَرْحِ وَتَطَهَّرَ بِمَا ظَنَّ طَهَارَتَهُ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا) أَيْ ظُهُورُ الْعَلَامَةِ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ أَيْ أَنْ يَكُونَ لِلْعَلَامَةِ فِيهِ مَجَالٌ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ تِلْكَ أَيْ الْعَلَامَةَ (قَوْلُهُ وَعَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ إلَخْ) أَيْ نُقِلَ عَنْهُ وَهَذَا كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ (قَوْلُهُ وَعَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ إلَخْ) وَفِي الْكُرْدِيِّ بَعْدَ ذِكْرِ الشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ مَا نَصُّهُ فَهَذِهِ شُرُوطُ جَوَازِ الِاجْتِهَادِ، وَأَمَّا شُرُوطُ وُجُوبِهِ فَثَلَاثَةٌ دُخُولُ الْوَقْتِ أَمَّا قَبْلَ الْوَقْتِ فَهُوَ جَائِزٌ. ثَانِيهَا عَدَمُ وُجُودِ غَيْرِ الْمُشْتَبَهِ أَوْ إرَادَةُ اسْتِعْمَالِهِ. ثَالِثُهَا أَنْ لَا يَبْلُغَ الْمُشْتَبِهَاتُ بِالْخَلْطِ قُلَّتَيْنِ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ الِاجْتِهَادُ، بَلْ يُخَيَّرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخَلْطِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَعَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ اشْتِرَاطُ كَوْنِهِمَا لِوَاحِدٍ إلَخْ) وَالْأَوْجَهُ كَمَا فِي الْإِحْيَاءِ خِلَافُهُ عَمَلًا بِإِطْلَاقِهِمْ كَمَا أَوْضَحْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَرُدَّ إلَخْ) وَعَلَى هَذَا فَإِنْ ظَنَّ مَا لِنَفْسِهِ اسْتَعْمَلَهُ أَوْ مَا لِغَيْرِهِ اجْتَنَبَ مَا لِنَفْسِهِ، وَاسْتَعْمَلَ مَا لِغَيْرِهِ إنْ تَمَكَّنَ مِنْهُ بِطَرِيقِهِ الشَّرْعِيِّ وَإِلَّا تَيَمَّمَ سم (قَوْلُهُ بَابُ الْوَطْءِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ فَإِنْ قِيلَ فَلَوْ كَانَ الْإِنَاءَانِ لِشَخْصَيْنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَغْنِيَ عَنْ الِاجْتِهَادِ وَيَتَوَضَّأَ بِإِنَائِهِ؛ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ طَهَارَتَهُ وَشَكَّ الْآنَ فِيهِ فَنَقُولُ هَذَا مُحْتَمَلٌ فِي الْفِقْهِ وَالْأَرْجَحُ فِي الظَّنِّ الْمَنْعُ، وَإِنَّ تَعَدُّدَ الشَّخْصِ هُنَا كَاتِّحَادِهِ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ الْوُضُوءِ لَا تَسْتَدْعِي مِلْكًا بَلْ وُضُوءُ الْإِنْسَانِ بِمَاءِ غَيْرِهِ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ كَوُضُوئِهِ بِمَائِهِ فَلَا يَتَبَيَّنُ لِاخْتِلَافِ الْمِلْكِ وَاتِّحَادِهِ أَثَرًا بِخِلَافِ الْوَطْءِ لِزَوْجَةِ الْغَيْرِ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ اهـ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ تَتَأَثَّرُ) أَيْ تَبْطُلُ (قَوْلُهُ وَهُنَا) أَيْ فِي الْإِنَاءَيْنِ لِاثْنَيْنِ وَقَوْلُهُ لَهُ وَقَوْلُهُ فَوَجَبَ أَيْ الِاجْتِهَادُ وَقَوْلُهُ فِي حَقٍّ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِوَجَبِ.

(قَوْلُهُ أَيْ الْمَاءِ) إلَى قَوْلِهِ وَإِطْلَاقُ الْفَقِيهِ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ الْمَاءُ (قَوْلُهُ أَوْ اسْتِعْمَالِهِ) عَطْفٌ عَلَى تَنَجُّسِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَلَى الْإِبْهَامِ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ تَوَضَّأَ مِنْ أَحَدِ إنَاءَيْنِ بِلَا اشْتِبَاهٍ فَأُخْبِرَ بِنَجَاسَةِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْإِبْهَامِ فَاجْتَهَدَ وَأَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى نَجَاسَةِ مَا تَطَهَّرَ مِنْهُ فَيَجِبُ إعَادَةُ مَا صَلَّاهُ بِتِلْكَ الطَّهَارَةِ كَمَا نَقَلَهُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ عَنْ الطَّبَلَاوِيِّ وَارْتَضَاهُ ع ش أَقُولُ وَيُفِيدُهُ أَيْضًا قَوْلُ الشَّارِحِ كَالنِّهَايَةِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ قَبْلَ اسْتِعْمَالِ ذَلِكَ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ أَخْبَرَ ع ش (قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَهُ) قَدْ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الطَّهَارَةِ بِمَا لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ إذَا أَخْبَرَ بَعْدَهَا بِطَهَارَتِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ سم

حَيْثُ قَالَ فَمَعَ النَّظَرِ إلَيْهِ إلَخْ وَكَيْفَ يَدَّعِي أَوْلَوِيَّةَ تَفْصِيلٍ فِي كَلَامِهِ مَعَ مُنَافَاتِهِ لَهُ (قَوْلُهُ أَوْ مُذَكَّاةٍ بِمَيْتَةٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ عَقِبَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَبَهَتْ مُذَكَّاةٌ غَيْرُ مَسْمُومَةٍ بِمُذَكَّاةٍ مَسْمُومَةٍ فَإِنَّ لَهُ الِاجْتِهَادَ فِيهِمَا قَطْعًا؛ لِأَنَّهُمَا مُبَاحَانِ طَرَأَ عَلَى أَحَدِهِمَا مَانِعٌ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْقَاضِي قَالَ وَهُوَ وَاضِحٌ انْتَهَى

(فَرْعٌ)

يَنْبَغِي جَوَازُ الِاجْتِهَادِ إذَا اشْتَبَهَ اخْتِصَاصُهُ بِاخْتِصَاصِ غَيْرِهِ لِيَتَمَيَّزَ لَهُ اخْتِصَاصُهُ فَيَتَصَرَّفَ فِيهِ بِمَا يُسَوِّغُ لَهُ فِيهِ (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَجْتَهِدْ فِي صُورَةِ اخْتِلَاطِ الْمُحَرَّمِ الْآتِيَةِ) أَيْ لَمْ يَجِبْ الِاجْتِهَادُ وَإِنْ جَازَ مَعَ الْعَمَلِ بِهِ فِيمَا إذَا اخْتَلَطَتْ بِغَيْرِ مَحْصُورٍ بَلْ لَعَلَّهُ أَوْلَى قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ، وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُمْ جَعَلُوا لِلْقَائِفِ أَنْ يُلْحِقَ اعْتِمَادًا عَلَى الشَّبَهِ، وَرَتَّبُوا عَلَيْهِ حِلَّ النِّكَاحِ تَارَةً وَحُرْمَتَهُ أُخْرَى وَالْإِرْثُ وَغَيْرُهُ وَكَانَ قِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّ لِلْقَائِفِ الِاجْتِهَادَ هُنَا بِالْأَوْلَى، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ إشْكَالٌ قَوِيٌّ اهـ.

وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ إلْحَاقَ الْقَائِفِ حُكْمٌ وَهُوَ مِنْ الْحَاكِمِ إنَّمَا يَنْفُذُ عَلَى غَيْرِهِ، وَعَلَيْهِ فَلَا يَنْفُذُ لِنَفْسِهِ وَلَا عَلَيْهَا وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَجُزْ لِلْقَائِفِ أَنْ يَجْتَهِدَ وَيَحْكُمَ لِنَفْسِهِ هُنَا مُطْلَقًا اهـ.

(قَوْلُهُ وَرُدَّ إلَخْ) وَعَلَى هَذَا فَإِنْ ظَنَّ بِالِاجْتِهَادِ مَاءً لِنَفْسِهِ اسْتَعْمَلَهُ وَمَاءً لِغَيْرِهِ اجْتَنَبَ مَا لِنَفْسِهِ وَاسْتَعْمَلَ مَا لِغَيْرِهِ إنْ تَمَكَّنَ مِنْهُ بِطَرِيقِهِ الشَّرْعِيِّ وَإِلَّا تَيَمَّمَ.

(قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَهُ) قَدْ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الطَّهَارَةِ بِمَاءٍ لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ

ص: 114

وَفَارَقَ الْإِبْهَامَ، ثُمَّ التَّعْيِينَ هُنَا بِأَنَّ التَّنْجِيسَ عَلَى الْإِبْهَامِ يُوجِبُ اجْتِنَابَهُمَا، وَالطَّهَارَةُ عَلَى الْإِبْهَامِ لَا تُجَوِّزُ اسْتِعْمَالَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ اسْتَوَيَا فِي إفَادَةِ الْإِبْهَامِ فِي كُلٍّ جَوَازُ الِاجْتِهَادِ فِيهِمَا (مَقْبُولُ الرِّوَايَةِ) وَهُوَ الْمُكَلَّفُ الْعَدْلُ وَلَوْ امْرَأَةً وَقِنًّا عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَدْلٌ آخَرُ فَلَا يَكْفِي إخْبَارُ كَافِرٍ وَفَاسِقٍ وَمُمَيَّزٍ إلَّا إنْ بَلَغُوا عَدَدَ التَّوَاتُرِ أَوْ أَخْبَرَ كُلٌّ عَنْ فِعْلِهِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ عَمَّا أُمِرَ بِتَطْهِيرِهِ طَهَّرْته لَا طَهُرَ (وَبَيَّنَ السَّبَبَ) فِي تَنَجُّسِهِ أَوْ اسْتِعْمَالِهِ أَوْ طُهْرِهِ كَ وَلَغَ هَذَا الْكَلْبُ فِي هَذَا وَقْتَ كَذَا، وَلَمْ يُعَارِضْهُ مِثْلُهُ كَ كَانَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ بِمَحَلِّ كَذَا وَإِلَّا كَأَنْ اسْتَوَيَا ثِقَةً أَوْ كَثْرَةً أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَوْثَقَ وَالْآخَرُ أَكْثَرَ سَقْطًا وَبَقِيَ أَصْلُ طَهَارَتِهِ (أَوْ كَانَ فَقِيهًا) أَيْ عَارِفًا بِأَحْكَامِ الطَّهَارَةِ وَالنَّجَاسَةِ

أَيْ وَمُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ فِي شَرْحِ وَتَطَهَّرَ بِمَا ظَنَّ طَهَارَتَهُ (قَوْلُهُ التَّعْيِينُ إلَخْ) الْأَوْلَى وَفَارَقَ الْإِبْهَامُ ثُمَّ الْإِبْهَامُ هُنَا بِأَنَّ الْإِبْهَامَ ثَمَّ يُوجِبُ اجْتِنَابَهُمَا وَالْإِبْهَامَ هُنَا لَا يُجَوِّزُ اسْتِعْمَالَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ اسْتَوَيَا فِي إفَادَةِ جَوَازِ الِاجْتِهَادِ فِي الْمَاءَيْنِ (قَوْلُهُ ثَمَّ) أَيْ فِي الْإِخْبَارِ بِالتَّنَجُّسِ أَوْ الِاسْتِعْمَالِ وَقَوْلُهُ هُنَا أَيْ فِي الْإِخْبَارِ بِالطَّهَارَةِ (قَوْلُهُ بِأَنَّ التَّنَجُّسَ) أَيْ وَالِاسْتِعْمَالَ (قَوْلُهُ وَإِنْ اسْتَوَيَا) أَيْ الْإِبْهَامَانِ وَهُمَا إبْهَامُ الطَّهَارَةِ وَإِبْهَامُ النَّجَاسَةِ ع ش (قَوْلُهُ فِي كُلٍّ) مُتَعَلِّقٌ بِالْإِبْهَامِ وَقَوْلُهُ جَوَازَ إلَخْ مَفْعُولُ إفَادَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُكَلَّفُ) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ أَوْ عَدْلٌ آخَرُ (قَوْلُهُ وَلَوْ امْرَأَةً وَقِنًّا) وَلَوْ أَعْمَى نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَسَمِّ (قَوْلُهُ أَوْ عَدْلٌ آخَرُ) أَيْ عَيَّنَهُ كَزَيْدٍ وَعَرَفَ الْمُخْبِرُ لَهُ عَدَالَتَهُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ أَخْبَرَنِي عَدْلٌ وَكَانَ مِنْ أَهْلِ التَّعْدِيلِ عَلَى مَا يَأْتِي عَنْ شَرْحِ الْمُسْنَدِ ع ش (قَوْلُهُ وَفَاسِقٌ إلَخْ) أَيْ وَمَجْنُونٌ وَمَجْهُولٌ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي أَيْ مَجْهُولُ الْعَدَالَةِ ع ش (قَوْلُهُ وَمُمَيِّزٌ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالصَّبِيُّ وَلَوْ مُمَيَّزًا وَفِيمَا يَعْتَمِدُ الْمُشَاهَدَةَ اهـ.

زَادَ النِّهَايَةُ وَلَوْ أَخْبَرَ الصَّبِيُّ بَعْدَ بُلُوغِهِ عَمَّا شَاهَدَهُ فِي صِبَاهُ مِنْ تَنَجُّسِ إنَاءٍ وَنَحْوِهِ قَبْلُ، وَوَجَبَ الْعَمَلُ بِمُقْتَضَاهُ فِي الزَّمَنِ الْمَاضِي أَيْضًا اهـ قَالَ ع ش وَاقْتِصَارُهُ م ر فِي الْمُحْتَرَزِ عَلَى مَا ذُكِرَ يُفِيدُ أَنَّ مَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَى مُرُوءَةِ أَمْثَالِهِ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ، وَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ، وَقِيَاسُ مَا قَالُوهُ فِي الصَّوْمِ وَفِي دُخُولِ الْوَقْتِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ اعْتَقَدَ صِدْقَ الْفَاسِقِ عَمِلَ بِهِ مَجِيئُهُ هُنَا اهـ (قَوْلُهُ إلَّا إنْ بَلَغُوا إلَخْ) أَيْ مِنْ غَيْرِ الْمَجَانِينِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَشَرْحُ بَافَضْلٍ قَالَ الْكُرْدِيُّ أَوْ ظَنَّ صِدْقَ الصَّبِيِّ وَالْفَاسِقِ قَالَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ لَا يَجِبُ الْعَمَلُ بِقَوْلِهِمَا لَوْ ظَنَّ صِدْقَهُمَا؛ لِأَنَّ خَبَرَهُمَا سَاقِطٌ شَرْعًا، ثُمَّ قَالَ وَقَدْ يُقَالُ يَنْبَغِي أَنْ يُؤَثِّرَ كَمَا أَثَّرَ فِي وُجُوبِ الصَّوْمِ إذَا أَخْبَرَهُ بِالْهِلَالِ فَاسِقٌ أَوْ صَبِيٌّ صَدَّقَهُ اهـ عِبَارَةُ الْحَلَبِيِّ لَا يَعْتَمِدُهُمْ مَا لَمْ يُخْبِرُوا عَنْ فِعْلِ أَنْفُسِهِمْ وَمَا لَمْ يُصَدِّقْهُمْ وَإِلَّا اعْتَمَدَ خَبَرُهُمْ انْتَهَتْ اهـ.

وَتَقَدَّمَ آنِفًا عَنْ ع ش مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ أَوْ أَخْبَرَ كُلٌّ عَنْ فِعْلِ نَفْسِهِ) كَقَوْلِهِ بُلْت فِي الْإِنَاءِ مُغْنِي عِبَارَةُ سم لَا يَخْفَى أَنَّ إخْبَارَهُ عَنْ فِعْلِ نَفْسِهِ غَايَتُهُ أَنَّهُ كَإِخْبَارِ الْعَدْلِ الَّذِي لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ بَيَانِ السَّبَبِ أَوْ كَوْنِهِ فَقِيهًا مُوَافِقًا فَلَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ هُنَا أَيْضًا فَلَا يَكْفِي نَحْوُ قَوْلِهِ نَجَّسْت هَذَا الْمَاءَ إلَّا إنْ بَيَّنَ السَّبَبَ أَوْ كَانَ فَقِيهًا مُوَافِقًا كَ صَبَبْت فِيهِ بَوْلًا، وَأَمَّا نَحْوُ قَوْلِهِ بُلْت فِيهِ فَفِيهِ بَيَانُ السَّبَبِ وَلَا يَكْفِي طَهَّرْته إلَّا إنْ بَيَّنَ السَّبَبَ كَ غَمَسْته فِي الْبَحْرِ هَذَا الْوَجْهُ، وَكَلَامُ الشَّارِحِ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.

(قَوْلُهُ فَيُقْبَلُ) أَيْ فِي غَيْرِ الْمَجْنُونِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ طَهَّرْته) مَقُولُ الْقَوْلِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُعَارِضْهُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَلَوْ اخْتَلَفَ عَلَيْهِ خَبَرُ عَدْلَيْنِ فَصَاعِدًا كَأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي هَذَا الْإِنَاءِ دُونَ ذَاكَ وَعَكْسُهُ الْآخَرُ، وَأَمْكَنَ صِدْقُهُمَا صُدِّقَا وَحُكِمَ بِنَجَاسَةِ الْمَاءَيْنِ لِاحْتِمَالِ الْوُلُوغِ فِي وَقْتَيْنِ فَلَوْ تَعَارَضَا فِي الْوَقْتِ أَيْضًا بِأَنْ عَيَّنَاهُ عُمِلَ بِقَوْلِ أَوْثَقِهِمَا فَإِنْ اسْتَوَيَا فَبِالْأَكْثَرِ عَدَدًا فَإِنْ اسْتَوَيَا سَقَطَ خَبَرُهُمَا لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ، وَحُكِمَ بِطَهَارَةِ الْإِنَاءَيْنِ كَمَا لَوْ عَيَّنَ أَحَدُهُمَا كَلْبًا كَأَنْ قَالَ وَلَغَ هَذَا الْكَلْبُ وَقْتَ كَذَا فِي هَذَا الْإِنَاءِ، وَقَالَ الْآخَرُ كَانَ ذَلِكَ الْوَقْتُ بِبَلَدٍ آخَرَ مَثَلًا اهـ قَالَ ع ش بَعْدَ سَوْقِهِ كَلَامَ الشَّارِحِ مَا نَصُّهُ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ قَوْلِ الشَّارِحِ م ر عُمِلَ بِقَوْلِ أَوْثَقِهِمَا فَإِنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْهُ الْأَوْثَقُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَكْثَرَ عَدَدًا بَلْ يَكَادُ يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ م ر فَإِنْ اسْتَوَيَا إلَخْ اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَمْ يُعَارِضْهُ مِثْلُهُ) أَيْ شَخْصٌ مِثْلُهُ فِي قَبُولِ الرِّوَايَةِ وَقَوْلُهُ كَ كَانَ إلَخْ مِثَالٌ لِلْمُعَارَضَةِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ كَ كَانَ) أَيْ ذَلِكَ الْكَلْبُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ عَارَضَهُ مِثْلُهُ كَأَنْ قَالَ كَانَ فِي

إذَا أُخْبِرَ بَعْدَهَا بِطَهَارَتِهِ فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَفَارَقَ الْإِبْهَامَ ثُمَّ التَّعْيِينَ هُنَا إلَخْ) إذَا تَأَمَّلْت الْفَرْقَ الَّذِي أَبْدَاهُ وَجَدْته إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الْإِبْهَامِ ثَمَّ وَعَدَمِهِ بِاعْتِبَارِهِ هُنَا فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ مَقْبُولُ الرِّوَايَةِ) أَيْ وَلَوْ أَعْمَى اتِّفَاقًا إنْ أَخْبَرَ عَنْ حِسٍّ أَوْ مَا قَبْلَ الْعَمَى فَإِنْ أَخْبَرَ عَنْ غَيْرِهِ اُحْتُمِلَ مَجِيءُ الْخِلَافِ فِي قَبُولِ رِوَايَتِهِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَلَوْ أَعْمَى (قَوْلُهُ أَوْ أَخْبَرَ كُلٌّ عَنْ فِعْلِ نَفْسِهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ إخْبَارَهُ عَنْ فِعْلِ نَفْسِهِ غَايَتُهُ أَنَّهُ كَإِخْبَارِ الْعَدْلِ الَّذِي لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ بَيَانِ السَّبَبِ أَوْ كَوْنُهُ فَقِيهًا مُوَافِقًا فَلَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ هُنَا أَيْضًا فَلَا يَكْفِي نَحْوُ قَوْلِهِ نَجَّسْت هَذَا الْمَاءَ إلَّا إنْ بَيَّنَ السَّبَبَ أَوْ كَانَ فَقِيهًا مُوَافِقًا كَ صَبَبْت فِيهِ بَوْلًا، وَأَمَّا نَحْوُ قَوْلِهِ بُلْت فِيهِ فَفِيهِ بَيَانُ السَّبَبِ وَلَا يَكْفِي طَهَّرْتُهُ إلَّا إنْ بَيَّنَ السَّبَبَ كَ غَمَسْته فِي الْبَحْرِ هَذَا هُوَ الْوَجْهُ وَكَلَامُ الشَّارِحِ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ عَارَضَهُ مِثْلُهُ كَأَنْ قَالَ كَانَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ بِمَحَلِّ كَذَا، وَجَوَابُ الشَّرْطِ قَوْلُهُ سَقَطَا إلَخْ وَقَوْلُهُ كَأَنْ اسْتَوَيَا نَظِيرٌ

ص: 115

أَوْ الِاسْتِعْمَالِ وَإِطْلَاقُ الْفَقِيهِ عَلَى نَحْوِ هَذَا شَائِعٌ عُرْفًا نَظِيرُ مَا يَأْتِي فِي نَحْوِ الْوَقْفِ وَالْوَصِيَّةِ وَتَخْصِيصُهُ بِالْمُجْتَهِدِ اصْطِلَاحٌ خَاصٌّ (مُوَافِقًا) لِاعْتِقَادِ الْمُخْبِرِ فِي ذَلِكَ أَوْ عَارِفًا بِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْهُ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ إنَّمَا يُخْبِرُهُ بِاعْتِقَادِهِ لَا بِاعْتِقَادِ نَفْسِهِ لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُهُ فَالتَّعْبِيرُ بِالْمُوَافِقِ لِلْغَالِبِ فَإِنْ قُلْت يُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُخْبِرُهُ بِاعْتِقَادِ نَفْسِهِ لِيَخْرُجَ مِنْ الْخِلَافِ قُلْت هَذَا احْتِمَالٌ بَعِيدٌ مِمَّنْ يَعْرِفُ الْمَذْهَبَيْنِ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُطَّرِدٍ (اعْتَمَدَهُ) وُجُوبًا وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ بِخِلَافِ عَامِّيٍّ وَمُخَالِفٍ لَمْ يُبَيِّنَا سَبَبًا لِانْتِفَاءِ الثِّقَةِ بِقَوْلِهِمَا، وَإِنَّمَا قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الرِّدَّةِ مَعَ الْإِطْلَاقِ عَلَى مَا يَأْتِي تَغْلِيظًا عَلَى الْمُرْتَدِّ لِإِمْكَانِ أَنْ يُبَرْهِنَ عَنْ نَفْسِهِ وَوَجَبَ التَّفْصِيلُ فِي الشَّهَادَةِ بِالْجَرْحِ وَلَوْ مِنْ الْفَقِيهِ الْمُوَافِقِ عَلَى مَا فِيهِ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ يَلْزَمُهُ الِاحْتِيَاطُ وَمِنْهُ أَنْ لَا يُعَوِّلَ عَلَى إجْمَالِ غَيْرِهِ مُطْلَقًا عَلَى مَا يَأْتِي أَوَاخِرَ الشَّهَادَاتِ.

ذَلِكَ الْوَقْتِ بِمَحَلِّ كَذَا وَجَوَابُ الشَّرْطِ قَوْلُهُ سَقَطَا وَقَوْلُهُ كَأَنْ اسْتَوَيَا تَنْظِيرٌ لِلشَّرْطِ فَحَاصِلُ الْمَعْنَى وَإِنْ عَارَضَهُ مِثْلُهُ كَأَنْ قَالَ وَلَغَ هَذَا الْكَلْبُ فِي هَذَا الْمَاءِ وَقْتَ كَذَا، وَقَالَ الْآخَرُ كَانَ حِينَئِذٍ بِبَلَدٍ آخَرَ سَقَطَا وَبَقِيَ أَصْلُ طَهَارَتِهِ كَمَا لَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي هَذَا دُونَ ذَاكَ، وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ فِي ذَاكَ دُونَ هَذَا، وَعَيَّنَا وَقْتًا وَاحِدًا وَاسْتَوَيَا ثِقَةً أَوْ كَثْرَةً أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَوْثَقَ وَالْآخَرُ أَكْثَرَ فَإِنَّهُمَا يَسْقُطَانِ أَيْضًا، وَيَبْقَى أَصْلُ طَهَارَتِهِ هَذَا شَرْحُ كَلَامِهِ مُطَابِقًا لِلرَّوْضِ وَشَرْحِهِ لَكِنْ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ قَوْلَهُ كَأَنْ اسْتَوَيَا إلَخْ مِثَالٌ لَا نَظِيرٌ، وَتَصْوِيرُهُ بِمِثْلِ الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ لَا مَانِعَ مِنْهُ إلَّا أَنَّ فِيهِ تَكَلُّفًا لَا يَخْفَى سم.

(قَوْلُهُ وَالِاسْتِعْمَالُ) الْأَوْلَى أَوْ الطَّهُورِيَّةُ وَالِاسْتِعْمَالُ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ فِي نَحْوِ الْوَقْفِ إلَخْ) لَوْ قَالَ فِي نَحْوِ الْجَمَاعَةِ وَالْجَنَائِزِ لَكَانَ أَنْسَبَ فَتَأَمَّلْ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ اصْطِلَاحٌ خَاصٌّ) أَيْ بِالْأُصُولِيِّينَ قَوْلُ الْمَتْنِ (مُوَافِقًا) وَلَوْ شَكَّ فِي مُوَافَقَتِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْمُخَالِفِ، وَكَذَا الشَّكُّ فِي الْفِقْهِ الْأَصْلُ عَدَمُهُ فِيمَا يَظْهَرُ انْتَهَى اهـ عَمِيرَةٌ اهـ ع ش (قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ أَحْكَامِ النَّجَاسَةِ وَالطَّهَارَةِ أَوْ الِاسْتِعْمَالِ وَالطَّهُورِيَّةِ (قَوْلُهُ أَوْ عَارِفًا بِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ وَكَالْمُوَافِقِ مَا إذَا كَانَ عَارِفًا بِمَذْهَبِ الْمُخْبَرِ بِفَتْحِ الْبَاءِ، وَأَنَّهُ لَا يُخْبِرُهُ إلَّا بِاعْتِقَادِهِ فَيَكْفِي مِنْهُ الْإِطْلَاقُ كَمَا فِي الْإِمْدَادِ وَفَتْحِ الْجَوَادِ وَالْإِيعَابِ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ شَرْطَيْنِ أَنْ يَعْلَمَ مَذْهَبَهُ، وَأَنَّهُ إنَّمَا يُخْبِرُهُ بِهِ لَكِنْ فِي التُّحْفَةِ مَا يُفِيدُ اشْتِرَاطَ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ فَقَطْ اهـ. قَوْلُ الْمَتْنِ (اعْتَمَدَهُ) لَا يَبْعُدُ أَنْ يَدْخُلَ فِي اعْتِمَادِهِ وُجُوبُ تَطْهِيرِ مَا أَصَابَهُ مِنْ الْمَاءِ الْمُخْبَرِ بِتَنَجُّسِهِ، وَإِنْ لَمْ تُنَجَّسْ بِالظَّنِّ؛ لِأَنَّ خَبَرَ الْعَدْلِ بِمَنْزِلَةِ الْيَقِينِ شَرْعًا فَلْيُرَاجَعْ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش، وَتَقَدَّمَ عَنْهُ عِنْدَ قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَوْ عَلَى الْإِبْهَامِ الْجَزْمُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ) أَيْ فِي الشِّقِّ الثَّانِي سم (قَوْلُهُ وَمُخَالِفٍ) أَيْ لَيْسَ عَارِفًا بِاعْتِقَادِ الْمُخْبَرِ (قَوْلُهُ لَمْ يُبَيِّنَا سَبَبًا) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ الْحُكْمُ الَّذِي يُخْبِرُ بِهِ قَدْ وَقَعَ فِيهِ نِزَاعٌ وَاخْتِلَافُ تَرْجِيحٍ، فَيَكُونُ الْأَرْجَحُ فِيهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ السَّبَبِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْتَقِدُ تَرْجِيحَ مَا لَا يَعْتَقِدُ الْمُخْبَرُ تَرْجِيحَهُ حِينَئِذٍ، فَيُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِمْ فَقِيهًا مُوَافِقًا أَنَّهُ يَعْلَمُ الرَّاجِحَ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَفِي الْكُرْدِيِّ عَنْ الْإِمْدَادِ وَالْإِيعَابِ مَا يُوَافِقُهُ قَالَ ع ش.

قَوْلُهُ م ر وَاخْتِلَافُ تَرَجَّحَ إلَخْ وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَقَعُ مِنْ الِاخْتِلَافِ بَيْنَ الشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ وَالشَّارِحِ م ر اهـ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْعُبَابِ لِلشَّارِحِ أَيْ لِلرَّمْلِيِّ وَإِنَّا فِي الرِّدَّةِ قَبِلْنَا الشَّهَادَةَ بِهَا مُطْلَقًا مِنْ الْمُوَافِقِ وَغَيْرِهِ مَعَ الِاخْتِلَافِ فِي أَسْبَابِهَا؛ لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ مُتَمَكِّنٌ مِنْ أَنْ يُبَرْهِنَ عَنْ نَفْسِهِ، وَأَنْ يَأْتِيَ بِالشَّهَادَتَيْنِ فَعَدَمُ الْإِتْيَانِ بِهِمَا وَسُكُوتُهُ تَقْصِيرٌ بَلْ ذَلِكَ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى صِدْقِ الشَّاهِدِ وَلَا كَذَلِكَ الْمَاءُ ع ش (قَوْلُهُ لِإِمْكَانِ أَنْ يُبَرْهِنَ إلَخْ) الْأَوْلَى الْعَطْفُ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ مُوَافِقًا كَانَ لِلْحَاكِمِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ عَلَى مَا يَأْتِي إلَخْ) .

2 -

فُرُوعٌ: وَلَوْ رَفَعَ نَحْوُ كَلْبٍ رَأْسَهُ مِنْ إنَاءٍ فِيهِ مَائِعٌ أَوْ مَاءٌ قَلِيلٌ وَفَمُهُ رَطْبٌ لَمْ يُنَجَّسْ إنْ اُحْتُمِلَ تَرَطُّبُهُ مِنْ غَيْرِهِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ، وَإِلَّا تَنَجَّسَ وَلَوْ غَلَبَتْ النَّجَاسَةُ فِي شَيْءٍ، وَالْأَصْلُ فِيهِ طَاهِرٌ كَثِيَابِ مُدْمِنِي الْخَمْرِ وَمُتَدَيِّنِينَ بِالنَّجَاسَةِ أَيْ كَالْمَجُوسِ وَمَجَانِينَ وَصِبْيَانٍ وَجَزَّارِينَ حُكِمَ بِالطَّهَارَةِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ وَإِنْ كَانَ مِمَّا اطَّرَدَتْ الْعَادَةُ بِخِلَافِهِ كَاسْتِعْمَالِ السِّرْجِينِ فِي أَوَانِي الْفَخَّارِ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ، وَيُحْكَمُ أَيْضًا بِطَهَارَةِ مَا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى كَعَرَقِ الدَّوَابِّ أَيْ وَإِنْ كَثُرَ وَلُعَابِهَا وَلُعَابِ الصِّغَارِ أَيْ لِلْأُمِّ وَغَيْرِهَا وَالْجُوخِ.

وَقَدْ اُشْتُهِرَ اسْتِعْمَالُهُ بِشَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَمِنْ الْبِدَعِ الْمَذْمُومَةِ غَسْلُ ثَوْبٍ جَدِيدٍ وَقَمْحٍ وَفَمٍ مِنْ نَحْوِ أَكْلِ خُبْزٍ وَالْبَقْلِ النَّابِتِ فِي نَجَاسَةِ مُتَنَجِّسٍ نَعَمْ مَا ارْتَفَعَ عَنْ مَنْبَتِهِ طَاهِرٌ، وَلَوْ وُجِدَ قِطْعَةُ لَحْمٍ فِي إنَاءٍ أَوْ خِرْقَةٌ بِبَلَدٍ لَا مَجُوسَ فِيهِ فَهِيَ طَاهِرَةٌ أَوْ مَرْمِيَّةٌ مَكْشُوفَةٌ فَنَجِسَةٌ أَوْ فِي إنَاءٍ أَوْ خِرْقَةٍ

لِلشَّرْطِ فَحَاصِلُ الْمَعْنَى وَإِنْ عَارَضَهُ مِثْلُهُ كَأَنْ قَالَ وَلَغَ الْكَلْبُ فِي هَذَا الْمَاءِ وَقَالَ الْآخَرُ كَانَ حِينَئِذٍ بِبَلَدٍ آخَرَ

سَقَطَا وَبَقِيَ أَصْلُ طَهَارَتِهِ كَمَا لَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي هَذَا دُونَ ذَاكَ وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ فِي ذَاكَ دُونَ هَذَا، وَعَيَّنَا وَقْتًا وَاحِدًا وَاسْتَوَيَا ثِقَةً أَوْ كَثْرَةً أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَوْثَقَ وَالْآخَرُ أَكْثَرَ فَإِنَّهُمَا يَسْقُطَانِ أَيْضًا، وَيَبْقَى أَصْلُ طَهَارَتِهِ هَذَا شَرْحُ كَلَامِهِ مُطَابِقًا لِلرَّوْضِ وَشَرْحِهِ لَكِنْ ظَاهِرُ كَلَامِهِ إنْ كَانَ اسْتَوَيَا مِثَالٌ لَا نَظِيرٌ وَتَصْوِيرُهُ بِمِثْلِ الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ لَا مَانِعَ مِنْهُ إلَّا أَنَّ فِيهِ تَكَلُّفًا لَا يَخْفَى.

(قَوْلُهُ اعْتَمَدَهُ) لَا يَبْعُدُ أَنْ يَدْخُلَ فِي اعْتِمَادِهِ وُجُوبُ تَطْهِيرِ مَا أَصَابَهُ مِنْ الْمَاءِ الْمُخْبِرِ بِتَنَجُّسِهِ وَإِنْ لَمْ يُنَجَّسْ بِالظَّنِّ؛ لِأَنَّ خَبَرَ الْعَدْلِ بِمَنْزِلَةِ الْيَقِينِ شَرْعًا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ) أَيْ فِي الشِّقِّ الثَّانِي.

ص: 116

(وَيَحِلُّ اسْتِعْمَالُ كُلِّ إنَاءٍ طَاهِرٍ) مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ طَاهِرًا وَإِنْ حَرُمَ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى كَجِلْدِ آدَمِيٍّ غَيْرِ حَرْبِيٍّ وَمُرْتَدٍّ وَكَمَغْصُوبٍ بِخِلَافِ النَّجِسِ فَيَحْرُمُ إلَّا فِي مَاءٍ كَثِيرٍ أَوْ جَافٍّ وَالْإِنَاءُ جَافٌّ نَعَمْ يُكْرَهُ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّجِسِ هُنَا مَا يَعُمُّ الْمُتَنَجِّسَ وَلَا يُنَافِي الْحُرْمَةَ هُنَا مَا يَأْتِي مِنْ كَرَاهَةِ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَضَمُّخَ بِنَجَاسَةٍ ثَمَّ أَصْلًا وَالْكَلَامُ هُنَا

وَالْمَجُوسُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَلَيْسَ الْمُسْلِمُونَ أَغْلَبَ فَكَذَلِكَ فَإِنْ غَلَبَ الْمُسْلِمُونَ فَطَاهِرَةٌ نِهَايَةٌ، وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا أَنَّهُ أَسْقَطَ قَوْلَهُ وَإِنْ كَانَ إلَى وَيُحْكَمُ وَزَادَ عَقِبَ خُبْزٍ قَوْلُهُ وَتَرَكَ مُوَاكَلَةَ الصِّبْيَانِ لِتَوَهُّمِ نَجَاسَتِهَا اهـ.

وَفِي الْآخَرِ قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ اسْتَوَيَا فِيمَا يَظْهَرُ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر عَمَلًا بِالْأَصْلِ أَيْ مَعَ غَلَبَةِ النَّجَاسَةِ عَلَى أَبْدَانِهِمْ، وَمِنْ ذَلِكَ الْخُبْزُ الْمَخْبُوزُ بِمِصْرَ وَنَوَاحِيهَا فَإِنَّ الْغَالِبَ فِيهَا النَّجَاسَةُ لِكَوْنِهِ يُخْبَزُ بِالسِّرْجِينِ، وَالْأَصْلُ فِيهِ الطَّهَارَةُ وَقَوْلُهُ كَاسْتِعْمَالِ السِّرْجِينِ إلَخْ أَيْ وَكَعَدِمِ الِاسْتِنْجَاءِ فِي فَرْجِ الصَّغِيرِ وَنَجَاسَةِ مَنْفَذِ الطَّائِرِ وَالْبَهِيمَةِ فَلَوْ جَلَسَ صَغِيرٌ فِي حِجْرِ مُصَلٍّ مَثَلًا أَوْ وَقَعَ طَائِرٌ عَلَيْهِ فَنَحْكُمُ بِصِحَّةِ صَلَاتِهِ اسْتِصْحَابًا لِأَصْلِ الطَّهَارَةِ فِي فَرْجِ الصَّغِيرِ، وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ وَإِنْ اطَّرَدَتْ الْعَادَةُ بِنَجَاسَتِهِ وَقَوْلُهُ غَسْلُ ثَوْبٍ جَدِيدٍ أَيْ مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ نَجَاسَتُهُ، وَمِمَّا يَغْلِبُ كَذَلِكَ مَا اُعْتِيدَ مِنْ التَّسَاهُلِ فِي عَدَمِ التَّحَرُّزِ عَنْ النَّجَاسَةِ مِمَّنْ يَتَعَاطَى حِيَاكَتَهُ أَوْ خِيَاطَتَهُ وَنَحْوَهُمَا.

وَقَوْلُهُ فَنَجِسَةٌ قَالَ سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا تُنَجِّسُ مَا أَصَابَتْهُ وَهُوَ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ وَقَدْ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْأَكْلِ كَمَا فَرَضَهُ فِي الْمَجْمُوعِ أَمَّا لَوْ أَصَابَتْ شَيْئًا فَلَا تُنَجِّسُهُ انْتَهَى، وَقَدْ سَبَقَهُ الْإِسْنَوِيُّ إلَى ذَلِكَ اهـ.

(فَائِدَةٌ)

لَوْ وُجِدَ قِطْعَةٌ مَعَ حِدَأَةٍ مَثَلًا هَلْ يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهَا عَمَلًا بِالْأَصْلِ وَهُوَ عَدَمُ تَذْكِيَةِ الْحَيَوَانِ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ ع ش بِحَذْفِ أَقُولُ وَقَوْلُهُمَا وَالْجُوخُ وَقَدْ اُشْتُهِرَ اسْتِعْمَالُهُ بِشَحْمِ الْخِنْزِيرِ هَلْ يُلْحَقُ بِهِ السُّكَّرُ الْإِفْرِنْجِيُّ، وَقَدْ اشْتَهَرَ أَنَّ عَمَلَهُ وَتَصْفِيَتَهُ بِدَمِ الْخِنْزِيرِ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ إذْ لَا يَظْهَرُ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ، وَالْأَصْلُ فِيهِ الطَّهَارَةُ فَلْيُرَاجَعْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي الْمُغْنِي مَا هُوَ كَالصَّرِيحِ فِي الطَّهَارَةِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيَحِلُّ اسْتِعْمَالُ كُلِّ إنَاءٍ إلَخْ) أَيْ فِي الطَّهَارَةِ وَغَيْرِهَا إجْمَاعًا، وَقَدْ «تَوَضَّأَ صلى الله عليه وسلم مِنْ شَنٍّ مِنْ جِلْدٍ وَمِنْ قَدَحٍ مِنْ خَشَبٍ وَمِنْ مِخْضَبٍ مِنْ حَجَرٍ» نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي وَمِنْ إنَاءٍ مِنْ صُفْرٍ، وَكَرِهَ بَعْضُهُمْ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ مِنْ الصُّفْرِ.

قَالَ الْقَزْوِينِيُّ اعْتِيَادُ ذَلِكَ يَتَوَلَّدُ مِنْهُ أَمْرَاضٌ لَا دَوَاءَ لَهَا اهـ.

(قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ) إلَى قَوْلِهِ وَظَاهِرٌ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ غَيْرِ حَرْبِيٍّ وَمُرْتَدٍّ وَإِلَى قَوْلِهِ فِي بَدَنٍ فِي النِّهَايَةِ إلَّا ذَلِكَ الْقَوْلَ (قَوْلُهُ كَجِلْدِ آدَمِيٍّ) أَيْ أَوْ شَعْرِهِ أَوْ عَظْمِهِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ أَيْضًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ اتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ كُرْدِيٌّ وَبُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ غَيْرُ حَرْبِيٍّ وَمُرْتَدٍّ) سَكَتَ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي عَنْ اسْتِثْنَائِهِمَا، وَقَالَ الزِّيَادِيُّ الْحَلَبِيُّ وَلَا فَرْقَ فِي الْآدَمِيِّ بَيْنَ الْحَرْبِيِّ وَالْمُرْتَدِّ وَغَيْرِهِمَا فَهُمَا مُحْتَرَمَانِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُمَا آدَمِيَّيْنِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَكَمَغْصُوبٍ) أَيْ وَمَسْرُوقٍ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ فَيَحْرُمُ إلَخْ) أَيْ إلَّا لِغَرَضٍ وَحَاجَةٍ كَمَا لَوْ وَضَعَ الدُّهْنَ فِي إنَاءِ عَظْمِ الْفِيلِ عَلَى قَصْدِ الِاسْتِصْبَاحِ فَيَجُوزُ ذَلِكَ كَمَا نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الطَّبَلَاوِيُّ وَقَالَ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْجَوَازِ فَقْدُ إنَاءٍ طَاهِرٍ سم اهـ بُجَيْرِمِيٌّ.

(قَوْلُهُ إلَّا فِي مَاءٍ كَثِيرٍ إلَخْ) بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ تَقْيِيدَ ذَلِكَ بِغَيْرِ الْمُتَّخَذِ مِنْ جِلْدِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَعَظْمِهِ، وَنَازَعَهُ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ، وَقَالَ فِي الْعُبَابِ تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ وَغَيْرِهِ أَوْ قَلِيلٍ لِإِطْفَاءِ نَارٍ أَوْ بِنَاءِ جِدَارٍ وَنَحْوِهِ سم زَادَ الْكُرْدِيُّ عَقِبَهُ كَسَقْيِ زَرْعٍ أَوْ دَابَّةٍ وَكَجَعْلِ الدُّهْنِ فِي عَظْمِ الْفِيلِ لِلِاسْتِعْمَالِ فِي غَيْرِ الْبَدَنِ انْتَهَى، وَقَيَّدَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ بِنَاءَ الْجِدَارِ بِقَوْلِهِ لِغَيْرِ مَسْجِدٍ اهـ، وَاعْتَمَدَ النِّهَايَةُ مَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ عِبَارَتُهُ وَمَحَلُّ ذَلِكَ كَمَا فِي التَّوَسُّطِ فِي غَيْرِ مَا اُتُّخِذَ مِنْ عَظْمِ كَلْبٍ أَوْ خِنْزِيرٍ وَمَا تَفَرَّعَ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا وَحَيَوَانٍ آخَرَ أَمَّا هُوَ فَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ مُطْلَقًا اهـ.

(قَوْلُهُ نَعَمْ يُكْرَهُ)

قَوْلُهُ إلَّا فِي مَاءٍ كَثِيرٍ) بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ تَقْيِيدَ ذَلِكَ بِغَيْرِ جِلْدِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ كَمَا بَحَثَ تَقْيِيدَ قَوْلِهِمْ بِحِلِّ اسْتِعْمَالِ الْإِنَاءِ مِنْ الْعَظْمِ النَّجِسِ فِي الْيَابِسِ بِغَيْرِ الْمُتَّخَذِ مِنْ عَظْمِ الْمُغَلَّظِ، وَنَازَعَهُ الشَّارِحُ فِيهِمَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَقَالَ فِي الْعُبَابِ تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ وَغَيْرِهِ أَوْ قَلِيلٌ لِإِطْفَاءِ نَارٍ أَوْ بِنَاءِ جِدَارٍ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ أَوْ جَافٍّ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا اخْتِصَاصَ لِهَذَا بِالْإِنَاءِ بَلْ سَائِرُ النَّجَاسَاتِ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا فِي الْيَابِسِ شَرْحُ عب (قَوْلُهُ وَلَا يُنَافِي الْحُرْمَةَ هُنَا مَا يَأْتِي إلَخْ) الَّذِي فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَإِنَّمَا لَمْ يُحَرَّمْ الْبَوْلُ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ كَمَا يَأْتِي؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ اسْتِعْمَالُ نَجِسِ الْعَيْنِ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ الْحُرْمَةَ فِيهِ لَيْسَتْ لِلتَّنَجُّسِ بِهِ فَقَطْ بَلْ مَعَ اسْتِعْمَالِ نَجِسِ الْعَيْنِ، وَكَأَنَّ الْعِلَّةَ مُرَكَّبَةٌ وَإِلَّا لَحَرُمَ اسْتِعْمَالُهُ مُطْلَقًا اهـ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا تَضَمُّخَ بِنَجَاسَةٍ ثَمَّ أَصْلًا) يُتَّجَهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَاءُ الْقَلِيلُ ثَمَّ فِي إنَاءٍ، وَحَرَّمْنَا تَضَمُّخَ الثَّوْبِ بِالنَّجَاسَةِ حَرُمَ الْبَوْلُ فِيهِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَضَمُّخًا لِلْإِنَاءِ بِالنَّجَاسَةِ وَهُوَ فِي مَعْنَى الثَّوْبِ فِي حُرْمَةِ التَّضَمُّخِ، وَالْوَجْهُ خِلَافُ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ لِحَاجَةٍ وَقَالَ بِعِبَارَةٍ أُخْرَى فَإِنْ قُلْت لَوْ كَانَ الْمَاءُ الْقَلِيلُ فِي إنَاءٍ فَهَلْ يَحْرُمُ

ص: 117

فِي اسْتِعْمَالٍ مُتَضَمِّنٍ لِلتَّضَمُّخِ بِالنَّجَاسَةِ فِي بَدَنٍ وَكَذَا ثَوْبٌ بِنَاءً عَلَى حُرْمَةِ التَّضَمُّخِ بِهَا فِيهِ وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ تَصْرِيحُهُمْ بِحِلِّ اسْتِعْمَالِ النَّجِسِ فِي نَحْوِ عَجْنِ طِينٍ (إلَّا) مُنْقَطِعٌ إنْ نَظَرْنَا إلَى التَّأْوِيلِ السَّابِقِ (ذَهَبًا وَفِضَّةً) أَيْ إنَاءً وَلَوْ بَابًا وَمِرْوَدًا وَخَلًّا لَا كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ مِنْ أَحَدِهِمَا أَوْ مِنْهُمَا (فَيَحْرُمُ) اسْتِعْمَالُهُ فِي أَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يُؤْلَفْ كَانَ كَبَّهُ عَلَى رَأْسِهِ وَاسْتَعْمَلَ أَسْفَلَهُ فِيمَا يَصْلُحُ لَهُ كَمَا شَمِلَهُ إطْلَاقُهُمْ، وَلَوْ عَلَى امْرَأَةٍ أَكْحَلَتْ بِهِ طِفْلًا لِغَيْرِ حَاجَةِ الْجَلَاءِ لِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ مَعَ التَّوَعُّدِ عَلَيْهِ بِمَا قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ ذَلِكَ كَبِيرَةٌ

أَيْ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ أَوْ جَافٍّ إلَخْ (قَوْلُهُ وَكَذَا ثَوْبٌ) لَا يَبْعُدُ أَنَّ نَحْوَ الْإِنَاءِ كَذَلِكَ فِي حُرْمَةِ التَّضَمُّخِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، وَأَمَّا الْأَرْضُ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا حُرْمَةَ نَعَمْ إنْ نَقَصَهَا التَّضَمُّخُ بِلَا حَاجَةٍ إلَيْهِ لَمْ يَبْعُدْ التَّحْرِيمُ؛ لِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ لِغَيْرِ حَاجَةٍ سم (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى حُرْمَةِ التَّضَمُّخِ إلَخْ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ ع ش (قَوْلُهُ وَالْكَلَامُ هُنَا فِي اسْتِعْمَالٍ مُتَضَمِّنٍ إلَخْ) هَذَا قَدْ يَقْتَضِي أَنَّ شَرْطَ الْحِلِّ فِي الصُّوَرِ الْمُسْتَثْنَاةِ عَدَمُ التَّضَمُّخِ وَهُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ، وَالْوَجْهُ جَوَازُ مَا فِيهِ تَضَمُّخٌ مَعَ الْحَاجَةِ سم (قَوْلُهُ ذَلِكَ) أَيْ كَوْنُ الْكَلَامِ فِيمَا ذُكِرَ.

(قَوْلُهُ مُنْقَطِعٌ) ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ الْإِنَاءُ الطَّاهِرُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ طَاهِرًا وَالْمُسْتَثْنَى الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُمَا لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُمَا طَاهِرَيْنِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ إلَى التَّأْوِيلِ السَّابِقِ) هُوَ قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ طَاهِرًا ع ش وَكُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ أَيْ إنَاءً) إلَى قَوْلِهِ وَظَاهِرٌ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَإِنْ لَمْ يُؤَلِّفْ إلَى وَلَوْ عَلَى امْرَأَةٍ (قَوْلُهُ وَمِرْوَدًا) وَالْإِبْرَةُ وَالْمَعْلَقَةُ وَالْمُشْطُ وَنَحْوُهَا وَالْكَرَاسِيُّ الَّتِي تُعْمَلُ لِلنِّسَاءِ مُلْحَقَةٌ بِالْآنِيَةِ كَالصُّنْدُوقِ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا قَالَهُ الْبَدْرُ بْنُ شُهْبَةَ وَالشَّرَارِيبُ الْفِضَّةُ غَيْرُ مُحَرَّمَةٍ عَلَيْهِنَّ فِيمَا يَظْهَرُ لِعَدَمِ تَسْمِيَتِهَا آنِيَةً نِهَايَةٌ وَفِي الْكُرْدِيِّ عَنْ الْإِيعَابِ مِثْلُهُ قَالَ ع ش.

قَوْلُهُ م ر وَالشَّرَارِيبُ إلَخْ أَيْ الَّتِي تَجْعَلُهَا فِيمَا تَتَزَيَّنُ بِهِ بِخِلَافِ مَا تَجْعَلُهُ فِي إنَاءٍ تَشْرَبُ مِنْهُ أَوْ تَأْكُلُ فِيهِ اهـ.

وَفِي الْبُجَيْرِمِيِّ عَنْ الطُّوخِيِّ وَيَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ اسْتِعْمَالُ سُرْمُوجَةٍ أَوْ قَبْقَابٍ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَهَا اسْتِعْمَالُ ثَوْبٍ مِنْهُمَا اهـ.

(قَوْلُهُ أَوْ خِلَالًا) هُوَ مَا يُخَلَّلُ بِهِ الْأَسْنَانُ وَمِثْلُهُ الْمُسَمَّى بِهِ الْآنَ، وَهُوَ مَا يَخْرُجُ بِهِ وَسَخُ الْآذَانِ زَادَ فِي الْإِيعَابِ وَالْمِرْآةُ وَبَرَةُ أَنْفِ حَيَوَانٍ وَغَيْرِهَا وَإِنْ لَمْ تُسَمَّ آنِيَةً انْتَهَى اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ بَعْضَهُ إلَخْ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى تَفْصِيلِ الضَّبَّةِ، وَأَنْ يَبْقَى عَلَى إطْلَاقِهِ؛ لِأَنَّهُ أَفْحَشُ مِنْهُ بَصْرِيٌّ أَقُولُ الثَّانِي صَرِيحُ صَنِيعِ الْمَنْهَجِ بَلْ لَا يَظْهَرُ لِلْأَوَّلِ وَجْهُ قَوْلِ الْمَتْنِ (فَيَحْرُمُ) أَيْ إلَّا لِضَرُورَةٍ بِأَنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ شَرْحُ بَافَضْلٍ، قَالَ فِي الْإِيعَابِ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ فَاضِلَةٍ عَمَّا يُعْتَبَرُ فِي الْفِطْرَةِ فِيمَا يَظْهَرُ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ فَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ إلَخْ) عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْخَنَاثَى مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ حَتَّى يَحْرُمَ عَلَى الْمُكَلَّفِ أَنْ يَسْقِيَ بِهِ مَثَلًا غَيْرَ مُكَلَّفٍ فَإِنْ دَعَتْ ضَرُورَةٌ إلَى اسْتِعْمَالِهِ كَمِرْوَدٍ مِنْهُمَا لِجَلَاءِ عَيْنِهِ جَازَ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْإِنَاءُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا نَعَمْ الطَّهَارَةُ مِنْهُ صَحِيحَةٌ وَالْمَأْكُولُ وَنَحْوُهُ حَلَالٌ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ لِلِاسْتِعْمَالِ لَا لِخُصُوصِ مَا ذُكِرَ نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي وَلَا فَرْقَ فِي حُرْمَةِ مَا تَقَدَّمَ بَيْنَ الْخَلْوَةِ وَغَيْرِهَا إذْ الْخُيَلَاءُ مَوْجُودَةٌ عَلَى تَقْدِيرِ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ وَلَوْ وُجِدَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ اسْتَعْمَلَ الْفِضَّةَ لَا الذَّهَبَ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ.

قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر حَتَّى يَحْرُمَ عَلَى الْمُكَلَّفِ أَنْ يَسْقِيَ إلَخْ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ دَفْعُهُ لِلصَّبِيِّ لِيَشْرَبَ مِنْهُ بِنَفْسِهِ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ مَنْعُهُ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ وَإِنْ لَمْ يَأْثَمْ الصَّبِيُّ بِفِعْلِهَا، وَمِثْلُهُ إعْطَاؤُهُ آلَةَ اللَّهْوِ كَالْمِزْمَارِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْرُمَ لِمَا مَرَّ وَلَا نَظَرَ لِتَأَلُّمِ الْوَلَدِ لِتَرْكِ ذَلِكَ كَمَا أَنَّهُ لَا نَظَرَ لِتَأَذِّيهِ بِضَرْبِ الْوَلِيِّ لَهُ تَأْدِيبًا اهـ.

(قَوْلُهُ كَأَنْ كَبَّهُ إلَخْ) أَيْ قَلَبَ الْإِنَاءَ (قَوْلُهُ لِغَيْرِ حَاجَةِ الْجَلَاءِ) فَإِنْ اُحْتِيجَ إلَى اسْتِعْمَالِ ذَلِكَ كَمِرْوَدٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ يَكْتَحِلُ بِهِ لِجَلَاءِ عَيْنِهِ كَأَنْ أَخْبَرَهُ طَبِيبٌ عَدْلٌ رِوَايَةً بِأَنَّ عَيْنَهُ لَا تَنْجَلِي إلَّا بِذَلِكَ جَازَ اسْتِعْمَالُهُ، وَيُقَدَّمُ الْمِرْوَدُ مِنْ الْفِضَّةِ عَلَى الْمِرْوَدِ مِنْ الذَّهَبِ عِنْدَ وُجُودِهِمَا مَعًا وَبَعْدَ جَلَاءِ عَيْنِهِ يَجِبُ كَسْرُهُ؛ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ تُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا شَيْخُنَا، وَفِي الْبُجَيْرِمِيِّ مِثْلُهُ إلَّا قَوْلَهُ كَأَنْ أَخْبَرَهُ إلَى جَازَ، وَقَوْلُهُمَا يَجِبُ كَسْرُهُ يَأْتِي عَنْ الْإِيعَابِ صِحَّةُ بَيْعِهِ (قَوْلُهُ أَنَّ ذَلِكَ كَبِيرَةٌ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا عَدَّهُ الْبُلْقِينِيُّ وَكَذَا الدَّمِيرِيِّ مِنْ الْكَبَائِرِ.

وَنَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ مِنْ الصَّغَائِرِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ دَاوُد الظَّاهِرِيُّ بِكَرَاهَةِ اسْتِعْمَالِ أَوَانِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ وَقِيلَ الْحُرْمَةُ مُخْتَصَّةٌ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ دُونَ غَيْرِهِمَا أَخْذًا بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ، وَهُوَ «لَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ

الْبَوْلُ فِيهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَضَمُّخًا لِلْإِنَاءِ، وَهُوَ كَالثَّوْبِ قُلْت الظَّاهِرُ لَا لِأَنَّ الْبَوْلَ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ فِي الْإِنَاءِ لَا يَزِيدُ عَلَى الْبَوْلِ فِي الْإِنَاءِ الْخَالِي عَنْ الْمَاءِ، وَأَظُنُّهُمْ صَرَّحُوا بِجَوَازِهِ وَالتَّنَجُّسُ لِحَاجَةٍ جَائِزٌ وَبِالْأَوْلَى جَوَازُ الْبَوْلِ عَلَى الْأَرْضِ وَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهَا بِهِ؛ لِأَنَّهُ لِحَاجَةٍ فَلْيُتَأَمَّلْ وَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فِي اسْتِعْمَالٍ مُتَضَمِّنٌ لِلتَّضَمُّخِ) هَذَا قَدْ يَقْتَضِي أَنَّ شَرْطَ الْحِلِّ فِي الصُّوَرِ الْمُسْتَثْنَاةِ عَدَمُ التَّضَمُّخِ وَهُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ وَالْوَجْهُ جَوَازُ مَا فِيهِ تَضَمُّخٌ مِنْ الْحَاجَةِ (قَوْلُهُ وَكَذَا ثَوْبٌ) لَا يَبْعُدُ أَنَّ نَحْوَ الْإِنَاءِ كَذَلِكَ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَأَمَّا الْأَرْضُ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا حُرْمَةَ نَعَمْ إنْ نَقَصَهَا التَّضَمُّخُ بِلَا حَاجَةٍ إلَيْهِ لَمْ يَبْعُدْ التَّحْرِيمُ؛ لِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ لِغَيْرِ حَاجَةٍ

ص: 118

وَتَجْوِيزُهُمْ الِاسْتِنْجَاءَ بِالنَّقْدِ مَحَلُّهُ فِي قِطْعَةٍ لَمْ تُهَيَّأْ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ لَا تُعَدُّ إنَاءً وَلَمْ تُطْبَعْ؛ لِأَنَّهُ لَا احْتِرَامَ لَهَا وَاتِّخَاذُ الرَّأْسِ مِنْ النَّقْدِ لِلْإِنَاءِ مَحَلُّهُ أَيْضًا إنْ لَمْ يُسَمَّ إنَاءً بِأَنْ كَانَ صَفِيحَةً لَا تَصْلُحُ عُرْفًا لِشَيْءٍ مِمَّا تَصْلُحُ لَهُ الْآنِيَةُ وَمَعَ ذَلِكَ يَحْرُمُ نَحْوُ وَضْعِ شَيْءٍ عَلَيْهِ لِلْأَكْلِ مِنْهُ مَثَلًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ اسْتِعْمَالٌ لَهُ فَهُوَ إنَاءٌ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ إنَاءً عَلَى الْإِطْلَاقِ نَظِيرُ الْخِلَالِ وَالْمِرْوَدِ وَالْعِلَّةُ الْعَيْنُ بِشَرْطِ ظُهُورِ الْخُيَلَاءِ أَيْ التَّفَاخُرِ وَالتَّعَاظُمِ وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا لَوْ صَدِئَ إنَاءُ الذَّهَبِ أَيْ بِحَيْثُ سَتَرَ الصِّدَاءُ جَمِيعَ ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ حَلَّ اسْتِعْمَالُهُ لِفَوَاتِ الْخُيَلَاءِ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ تَغْشِيَةَ الذَّهَبِ السَّاتِرَةِ لِجَمِيعِهِ كَالصِّدَاءِ بَلْ أَوْلَى وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهَا شَيْءٌ خِلَافًا لِجَمْعٍ.

وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الِاسْتِعْمَالِ الْعُرْفِيِّ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ يَحْرُمُ الِاحْتِوَاءُ عَلَى مِجْمَرَةِ النَّقْدِ وَشَمِّ رَائِحَتِهَا مِنْ قُرْبٍ بِحَيْثُ يُعَدُّ مُتَطَيِّبًا بِهَا لَا مِنْ بُعْدٍ وَيَحْرُمُ تَبْخِيرُ نَحْوِ الْبَيْتِ بِهَا انْتَهَى فَلَا تَحْرُمُ الْمُلَاقَاةُ بِالْفَمِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْمَطَرِ النَّازِلِ مِنْ مِيزَابِ الْكَعْبَةِ وَإِنْ مَسَّهُ الْفَمُ عَلَى نِزَاعٍ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ اسْتِعْمَالًا لَهُ عُرْفًا وَلَيْسَ مِنْ الْآنِيَةِ سِلْسِلَةُ الْإِنَاءِ وَحَلَقَتُهُ وَلَا غِطَاءُ الْكُوزِ

الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهِمَا» وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ قَوْلٌ بِجَوَازِ ظُرُوفِ الْقَهْوَةِ وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَهُمْ الْحُرْمَةُ فَيَنْبَغِي لِمَنْ اُبْتُلِيَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَمَا يَقَعُ كَثِيرًا تَقْلِيدًا مَا تَقَدَّمَ لِيَتَخَلَّصَ مِنْ الْحُرْمَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَتَجْوِيزُهُمْ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَيَحْرُمُ الْبَوْلُ فِي إنَاءٍ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَا يُشْكِلُ ذَلِكَ بِحِلِّ الِاسْتِنْجَاءِ بِهِمَا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ تَمَّ فِي قِطْعَةِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لَا فِيمَا طُبِعَ أَوْ هُيِّئَ مِنْهُمَا لِذَلِكَ كَالْإِنَاءِ الْمُهَيَّأِ مِنْهُمَا لِلْبَوْلِ فِيهِ اهـ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ طُبِعَ قَالَ ع ش قَوْلُهُ الْمُهَيَّأُ مِنْهُمَا قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ بَالَ فِي إنَاءٍ لَيْسَ مُعَدًّا لِلْبَوْلِ لَا يَحْرُمُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَمْ تُطْبَعْ إلَخْ) أَمَّا الْمَطْبُوعُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْخَادِمِ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ لِحُرْمَتِهِ، وَنَقَلَهُ عَنْ تَصْرِيحِ الْأَصْحَابِ وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ لِلشَّارِحِ إذْ الْمُهَيَّأُ إنَاءٌ كَالْمِرْوَدِ وَالْمَطْبُوعَةُ مُحْتَرَمَةٌ بِخِلَافِ الْخَالِي عَنْهُمَا وَفِي التُّحْفَةِ مِثْلُهُ هَكَذَا أَطْلَقُوا الطَّبْعَ فَإِنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ أَنَّهَا مَعَ الطَّبْعِ لَا تُقْلَعُ فَالْحُكْمُ وَاضِحٌ، وَإِنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ الِاحْتِرَامَ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ التَّحْرِيمُ بِمَا إذَا كَانَ الِاسْمُ الْمَطْبُوعُ مُعَظَّمًا فَحَرِّرْهُ فَإِنِّي لَمْ أَرَهُ فِي كَلَامِهِمْ كَأَنَّهُ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ أَوَّلًا مِنْ كِتَابَةِ شَيْءٍ مِنْ نَحْوِ الْقُرْآنِ كُرْدِيٌّ بِحَذْفٍ.

(قَوْلُهُ وَاتِّخَاذَ الرَّأْسِ) إلَى قَوْلِهِ وَالْعِلَّةُ فِي النِّهَايَةِ زَادَ عَقِبَهُ مَا نَصُّهُ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى إمْكَانِ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَحْدَهُ وَعَدَمُهُ لَا بِسَمْرِهِ فِيهِ وَعَدَمِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَاتِّخَاذَ الرَّأْسِ إلَخْ) بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى الِاسْتِنْجَاءِ (قَوْلُهُ وَمَعَ ذَلِكَ يَحْرُمُ وَضْعُ شَيْءٍ إلَخْ) قِيَاسُ ذَلِكَ أَنْ يَحْرُمَ نَحْوُ تَوَسُّدِ صَحِيفَةٍ أَوْ سَبِيكَةٍ مِنْ النَّقْدِ؛ لِأَنَّ تَوَسُّدَهَا اسْتِعْمَالٌ لَهَا، وَأَنْ يَحْرُمَ وَضْعُ تِلْكَ الرَّأْسِ عَلَى الْإِنَاءِ؛ لِأَنَّهُ اسْتِعْمَالٌ لَهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا فَائِدَةَ فِي تَجْوِيزِهِ لِلْإِنَاءِ إلَّا أَنْ يَمْنَعَ أَنَّ مُجَرَّدَ وَضْعِهِ عَلَى الْإِنَاءِ اسْتِعْمَالٌ لَهُ سم أَيْ وَمَنْعُهُ مَعَ تَسْلِيمِ كَوْنِ نَحْوِ التَّوَسُّدِ اسْتِعْمَالًا كَالْمُكَابَرَةِ، وَلِذَا عَدَّهُ الْإِمَامُ الرَّافِعِيُّ اسْتِعْمَالًا وَإِنْ مَنَعَهُ الْمُغْنِي كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ إنَاءُ الذَّهَبِ) أَيْ أَوْ الْفِضَّةِ مُغْنِي (قَوْلُهُ صَدِئَ) كَتَعِبِ وَالْمَصْدَرُ صَدًى كَتَعَبٍ، وَأَمَّا الْوَسَخُ الَّذِي يَسْتُرُ الْإِنَاءَ فَالصِّدَاءُ بِالْمَدِّ ع ش (قَوْلُهُ حَلَّ اسْتِعْمَالُهُ) ظَاهِرُهُ مُطْلَقًا، وَقَالَ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي يَجْرِي فِيهِ التَّفْصِيلُ الْآتِي فِي الْمُمَوَّهِ بِنَحْوِ نُحَاسٍ اهـ.

وَقَالَ عِ ش أَيْ فَإِنْ كَانَ الصِّدَاءُ لَوْ فُرِضَ نُحَاسًا تَحَصَّلَ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ لَمْ يَحْرُمْ وَإِلَّا حَرُمَ اهـ.

(قَوْلُهُ أَنَّ تَغْشِيَةَ الذَّهَبِ) أَيْ بِنَحْوِ نُحَاسٍ كُرْدِيٌّ (وَقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهَا شَيْءٌ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ يَحْرُمُ الِاحْتِوَاءُ) إلَى قَوْلِهِ انْتَهَى فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ إلَخْ) وَيَحْرُمُ التَّطَيُّبُ بِمَاءِ الْوَرْدِ مِنْ إنَاءٍ مِمَّا ذُكِرَ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ انْتَهَى) أَيْ قَوْلُهُمْ (قَوْلُهُ وَإِنْ مَسَّهُ الْفَمُ عَلَى نِزَاعٍ فِيهِ) قَدْ يُقَالُ يُؤَيِّدُ الْمُنَازِعَ فِي ذَلِكَ مَا مَرَّ آنِفًا فِي مُسْتَعْمِلِ رَأْسِ الْإِنَاءِ بِنَحْوِ وَضْعِ شَيْءٍ فَتَذَكَّرْ وَتَدَبَّرْ بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ وَقَعَ النِّزَاعُ فِي ذَلِكَ لِنَفْسِ الشَّارِحِ فَضْلًا عَنْ غَيْرِهِ قَالَ فِي الْإِيعَابِ أَمَّا إذَا وَضَعَ فَاهُ عَلَيْهِ فَإِنْ قَصَدَ التَّبَرُّكَ حَلَّ وَإِلَّا حَرُمَ، وَيُحْتَمَلُ التَّحْرِيمُ وَقَالَ فِي الْإِمْدَادِ وَلَوْ فَتَحَ فَاهُ لِلْمَطَرِ النَّازِلِ مِنْ مِيزَابِ الْكَعْبَةِ لَمْ يَحْرُمْ عَلَى الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ مُسْتَعْمِلًا لَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ مَسَّهُ بِفَمِهِ أَوْ قَرُبَ مِنْهُ، وَإِنْ قَصَدَ التَّبَرُّكَ.

وَقَالَ سم الْوَجْهُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا فَيَحْرُمُ أَوْ بَعِيدًا فَلَا كَنَظِيرِهِ مِنْ الْمُبَخَّرَةِ وِفَاقًا لِمُحَمَّدٍ الرَّمْلِيِّ، وَنَقَلَهُ الزِّيَادِيُّ عَنْ م ر أَيْضًا اهـ.

(قَوْلُهُ سِلْسِلَةُ الْإِنَاءِ) وَإِنْ كَانَتْ لِمَحْضِ الزِّينَةِ اُشْتُرِطَ صِغَرُهَا عُرْفًا كَالضَّبَّةِ فِيمَا يَظْهَرُ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَحَلْقَتُهُ) زَادَ فِي الْإِيعَابِ أَوْ لِبَابِ مَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ اهـ وَهِيَ بِسُكُونِ اللَّامِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا، وَأَطْلَقَ هُنَا وَفَتْحُ الْجَوَادِ وَقَالَ فِي الْإِمْدَادِ وَفِي الْمَجْمُوعِ كَالْعَزِيزِ يَنْبَغِي أَنْ تُجْعَلَ كَالتَّضْبِيبِ كُرْدِيٌّ، وَتَقَدَّمَ عَنْ النِّهَايَةِ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ وَلَا غِطَاءُ الْكُوزِ) يَنْبَغِي أَنَّ شَرْطُهُ أَنْ لَا يَكُونَ مُجَوَّفًا، وَإِلَّا كَانَ إنَاءً بَلْ قِطْعَةً تُجْعَلُ فِي فَمِ الْكُوزِ أَوْ صَحِيفَةٌ تُجْعَلُ عَلَى فَمِهِ سم عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَإِنْ جَعَلَ لِلْإِنَاءِ حَلْقَةً مِنْ فِضَّةٍ أَوْ سِلْسِلَةً مِنْهَا أَوْ رَأْسًا جَازَ.

وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِكَ فِي الرَّأْسِ؛ لِأَنَّهُ مُنْفَصِلٌ عَنْ الْإِنَاءِ لَا يُسْتَعْمَلُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَك مَنْعُهُ بِأَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ بِحَسْبِهِ وَإِنْ سُلِّمَ فَلْيَكُنْ فِيهِ خِلَافُ الِاتِّخَاذِ، وَيُمْنَعُ بِأَنَّ الِاتِّخَاذَ يَجُرُّ إلَى الِاسْتِعْمَالِ الْمُحَرَّمِ

قَوْلُهُ وَمَعَ ذَلِكَ يَحْرُمُ نَحْوُ وَضْعِ شَيْءٍ عَلَيْهِ إلَخْ) قِيَاسُ ذَلِكَ أَنْ يَحْرُمَ نَحْوُ تَوَسُّدِ صَفِيحَةٍ أَوْ سَبِيكَةٍ مِنْ النَّقْدِ؛ لِأَنَّ تَوَسُّدَهَا اسْتِعْمَالٌ لَهَا وَأَنْ يَحْرُمَ وَضْعُ تِلْكَ الرَّأْسِ عَلَى الْإِنَاءِ؛ لِأَنَّهُ اسْتِعْمَالٌ لَهُ، وَحِينَئِذٍ فَلَا فَائِدَةَ فِي تَجْوِيزِهِ لِلْإِنَاءِ إلَّا أَنْ يَمْنَعَ أَنَّ مُجَرَّدَ وَضْعِهِ عَلَى الْإِنَاءِ اسْتِعْمَالٌ لَهُ (قَوْلُهُ وَلَا غِطَاءُ الْكُوزِ) يَنْبَغِي أَنَّ شَرْطُهُ أَنْ لَا يَكُونَ مُجَوَّفًا وَإِلَّا كَانَ إنَاءً بَلْ قِطْعَةً تُجْعَلُ فِي فَمِ الْكُوزِ أَوْ صَفِيحَةً تُجْعَلُ عَلَى فَمِهِ

ص: 119

أَيْ وَهُوَ غَيْرُ رَأْسِهِ السَّابِقِ صُورَةً وَصَفِيحَةً فِيهَا بُيُوتٌ لِلْكِيزَانِ وَمَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عَلَى هَيْئَةِ إنَاءٍ أَوْ لَا كَحَقِّ الْأُشْنَانِ حَرُمَ وَمِنْ الْحِيَلِ الْمُبِيحَةِ لِاسْتِعْمَالِهِ صَبُّ مَا فِيهِ

بِخِلَافِ هَذَا، وَالْمُرَادُ بِهِ مَا يُجْعَلُ فِي فَمِ الْكُوزِ فَهُوَ قِطْعَةُ فِضَّةٍ أَمَّا مَا يُجْعَلُ كَالْإِنَاءِ وَيُغَطَّى بِهِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ أَمَّا الذَّهَبُ فَلَا يَجُوزُ مِنْهُ ذَلِكَ اهـ وَيَأْتِي عَنْ الْإِيعَابِ مَا يُوَافِقُهُمَا فِي التَّفْصِيلِ (قَوْلُهُ وَهُوَ غَيْرُ رَأْسِهِ السَّابِقِ) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْإِمْدَادِ حَيْثُ قَالَ، وَتَحِلُّ حَلْقَةُ الْإِنَاءِ وَرَأْسُهُ أَيْ غِطَاؤُهُ وَفِي الْإِيعَابِ الرَّأْسُ لَهُ صُورَتَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يُثْقَبَ مَوْضِعًا مِنْهُ وَمَوْضِعًا مِنْ الْإِنَاءِ، وَيُرْبَطَ بِمِسْمَارٍ حَيْثُ يُفْتَحُ وَيُغْلَقُ كَحُقِّ الْأُشْنَانِ وَالْمِبْخَرَةِ، وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَجْعَلَ صَفِيحَةً عَلَى قَدْرِ رَأْسِهِ، وَيُغَطِّي بِهَا لِصِيَانَةِ مَا فِيهِ وَالْأَوَّلُ حَرَامٌ؛ لِأَنَّهُ يُسَمَّى إنَاءً وَالثَّانِي جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسُمَّاهُ سَوَاءٌ اتَّصَلَ بِهِ أَمْ لَا وَقَوْلُ ابْنِ الْعِمَادِ إنَّ الرَّأْسَ هُوَ الْمُتَّصِلُ وَالْغِطَاءُ هُوَ الْمُنْفَصِلُ فِيهِ نَظَرٌ مَعَ أَنَّ الْخَطْبَ فِيهِ سَهْلٌ، ثُمَّ رَأَيْت الْغَزِّيِّ.

قَالَ وَاسْتَثْنَى الْبَغَوِيّ مِنْ التَّحْرِيمِ غِطَاءَ الْكُوزِ، وَمُرَادُهُ الصَّفِيحَةُ مِنْ الْفِضَّةِ فَلَوْ كَانَتْ عَلَى هَيْئَةِ الْإِنَاءِ حُرِّمَتْ قَطْعًا انْتَهَى اهـ كُرْدِيٌّ وَتَقَدَّمَ عَنْ سم وَالْمُغْنِي مَا يُوَافِقُ الْإِيعَابَ فِي التَّفْصِيلِ وَعَنْ النِّهَايَةِ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى إمْكَانِ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَحْدَهُ وَعَدَمُهُ لَا بِسَمْرِهِ فِيهِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ وَصَفِيحَةٌ فِيهَا بُيُوتٌ إلَخْ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ عِبَارَتُهُ وَأَلْحَقَ صَاحِبُ الْكَافِي فِي احْتِمَالٍ لَهُ طَبَقَ الْكِيزَانِ بِغِطَاءِ الْكُوزِ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ صَفِيحَةٌ فِيهَا ثَقْبُ الْكِيزَانِ وَفِي إبَاحَتِهِ بُعْدٌ فَإِنْ فُرِضَ عَدَمُ تَسْمِيَتِهِ إنَاءً، وَكَانَتْ الْحُرْمَةُ مَنُوطَةً بِهَا فَلَا بُعْدَ فِيهِ حِينَئِذٍ بِالنِّسْبَةِ لِاتِّخَاذِهِ وَاقْتِنَائِهِ أَمَّا وَضْعُ الْكِيزَانِ عَلَيْهِ فَاسْتِعْمَالٌ لَهُ، وَالْمُتَّجَهُ الْحُرْمَةُ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي وَضْعِ الشَّيْءِ عَلَى رَأْسِ الْإِنَاءِ اهـ.

وَفِي سم بَعْدَ ذِكْرِ نَحْوِهِ مَا نَصُّهُ وَقَوْلُهُ فِيهَا بُيُوتٌ إلَخْ فِي جَوَازِهَا حِينَئِذٍ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مَا فِيهِ بُيُوتٌ إنَاءٌ أَوْ فِي مَعْنَاهُ، وَالْوَجْهُ حُرْمَةُ مَا فِيهَا بُيُوتٌ وَأَمَّا صَفِيحَةٌ لَيْسَ فِيهَا بُيُوتٌ فَإِنْ قَصَدَ بِوَضْعِ الْكُوزِ عَلَيْهَا اسْتِعْمَالَهَا أَوْ عَدَّ وَضْعَهُ عَلَيْهَا اسْتِعْمَالًا لَهَا حَرُمَ، وَإِلَّا فَلَا خِلَافًا لِمَا نُقِلَ عَنْ الْكَافِي اهـ.

(قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ) أَيْ مَحَلُّ اسْتِثْنَاءِ السَّلِسَةِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَمِنْ الْحِيَلِ) إلَى قَوْلِهِ نَعَمْ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ وَالْحِيَلُ الْمُبِيحَةُ إلَخْ) عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالْحِيلَةُ فِي اسْتِعْمَالِ مَا فِي إنَاءِ النَّقْدِ أَنْ يُخْرِجَ الطَّعَامَ مِنْهُ إلَى شَيْءٍ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَأْكُلَهُ أَوْ يَصُبَّ الْمَاءَ فِي يَدِهِ، ثُمَّ يَشْرَبَهُ أَوْ يَتَطَهَّرَ بِهِ أَوْ مَاءَ الْوَرْدِ فِي يَسَارِهِ، ثُمَّ يَنْقُلَهُ لِيَمِينِهِ، ثُمَّ يَسْتَعْمِلَهُ انْتَهَى، وَكَانَ الْفَرْقُ بَيْنَ مَاءِ الْوَرْدِ وَالْمَاءِ فِيمَا ذَكَرَهُ أَنَّ الْمَاءَ يُبَاشِرُ اسْتِعْمَالَهُ مِنْ إنَائِهِ مِنْ غَيْرِ تَوَسُّطِ الْيَدِ عَادَةً فَلَمْ يُعِدْ صَبَّهُ فِيهَا، ثُمَّ تَنَاوُلُهُ مِنْهَا اسْتِعْمَالًا لِإِنَائِهِ بِخِلَافِ الطِّيبِ فَإِنَّهُ لَمْ يُعْتَدْ فِيهِ ذَلِكَ إلَّا بِتَوَسُّطِ الْيَدِ فَاحْتِيجَ لِنَقْلِهِ مِنْهَا إلَى

قَوْلُهُ وَصَفِيحَةٌ فِيهَا بُيُوتٌ لِلْكِيزَانِ) قَدْ يُفْهَمُ مِنْهُ جَوَازُ وَضْعِ الْكِيزَانِ فِيهَا وَفِي هَذَا اسْتِعْمَالٌ لِتِلْكَ الصَّفِيحَةِ؛ لِأَنَّ الْوَضْعَ فِيهَا اسْتِعْمَالٌ لَهَا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي نَعَمْ هِيَ لَا تَمْنَعُ حُرْمَةَ الْوَضْعِ فِي الْإِنَاءِ وَهَذَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ السَّابِقَ، وَمَعَ ذَلِكَ يَحْرُمُ وَضْعُ شَيْءٍ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَالْوَجْهُ حُرْمَةُ اسْتِعْمَالِ الصَّفِيحَةِ فِي وَضْعِ الْكِيزَانِ عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا بُيُوتٌ م ر وَقَوْلُهُ فِيهَا بُيُوتٌ فِي جَوَازِهَا حِينَئِذٍ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مَا فِيهِ بُيُوتٌ إنَاءٌ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ وَالْوَجْهُ حُرْمَةُ مَا فِيهَا بُيُوتٌ، وَأَمَّا صَفِيحَةٌ لَيْسَ فِيهَا بُيُوتٌ فَإِنْ قَصَدَ بِوَضْعِ الْكُوزِ عَلَيْهَا اسْتِعْمَالَهَا أَوْ عَدَّ وَضْعَهُ عَلَيْهَا اسْتِعْمَالًا لَهَا حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا خِلَافًا لِمَا نُقِلَ عَنْ الْكَافِي م ر قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَلَيْسَ مِنْ الْآنِيَةِ نَحْوُ الْكُرْسِيِّ فَيَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ التَّحْلِيَةِ اهـ قَالَ الْبَدْرُ بْنُ شُهْبَةَ قَدْ يَمْنَعُ كَوْنُ الْكُرْسِيِّ لَيْسَ بِآنِيَةٍ بَلْ هُوَ آنِيَةٌ لِوَضْعِ الْقُمَاشِ عَلَيْهِ إلَى أَنْ قَالَ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّ الْكُرْسِيَّ آنِيَةٌ كَالصُّنْدُوقِ فَيَحْرُمُ عَلَى الْفَرِيقَيْنِ بِخِلَافِ الشَّرَارِيبِ الْفِضَّةِ فَإِنَّهَا لَا تُسَمَّى آنِيَةً فَتَحِلُّ لِلنِّسَاءِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَمِنْ الْحِيَلِ الْمُبِيحَةِ لِاسْتِعْمَالِهِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ، ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْحِيلَةَ إنَّمَا تَمْنَعُ حُرْمَةَ الِاسْتِعْمَالِ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّطَيُّبِ مِنْهُ لَا بِالنِّسْبَةِ لِاتِّخَاذِهِ وَجَعْلِ الطِّيبِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَعْمِلٌ لَهُ بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ بِالْأَخْذِ مِنْهُ، وَقَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ عِبَارَتِهِ اخْتِصَاصُ الْحِيلَةِ بِحَالَةِ التَّطَيُّبِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَعِبَارَةُ الْجَوَاهِرِ مَنْ اُبْتُلِيَ بِشَيْءٍ مِنْ اسْتِعْمَالِ آنِيَةِ النَّقْدِ صَبَّ مَا فِيهَا فِي إنَاءٍ غَيْرِهَا بِقَصْدِ التَّفْرِيغِ، وَاسْتَعْمَلَهُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَجْعَلْ الطَّعَامَ عَلَى رَغِيفٍ وَيَصُبَّ الدُّهْنَ وَمَاءَ الْوَرْدِ فِي يَدِهِ الْيُسْرَى ثُمَّ يَأْخُذَهُ مِنْهَا بِالْيَمِينِ وَيَسْتَعْمِلَهُ وَيَصُبَّ الْمَاءَ لِلْوُضُوءِ فِي يَدِهِ ثُمَّ يَصُبَّ مِنْ يَدِهِ إلَى مَحَلِّ الْوُضُوءِ، وَكَذَا لِلشُّرْبِ أَيْ بِأَنْ يَصُبَّ فِي يَدِهِ ثُمَّ يَشْرَبَ مِنْهَا قَالَ غَيْرُهُ وَكَذَا لَوْ مَدَّ بِيُسْرَاهُ ثُمَّ كَتَبَ بِيَمِينِهِ اهـ ثُمَّ قَالَ وَنَظَرَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ فِي التَّفْرِيغِ فِي يَسَارِهِ بِأَنَّهُ يُعَدُّ فِي الْعُرْفِ مُسْتَعْمَلًا، وَيُرَدُّ بِمَنْعِ مَا ذَكَرَهُ قَالَ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ غَيْرَهُ لَوْ صَبَّ عَلَيْهِ مِنْ إنَاءِ الذَّهَبِ فِي الْوُضُوءِ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ مُسْتَعْمَلًا؛ لِأَنَّهُ مَا بَاشَرَ فَإِنْ كَانَ أَذِنَ لَهُ عَصَى مِنْ جِهَةِ الْأَمْرِ فَقَطْ ثُمَّ قَالَ وَأَفَادَ قَوْلُ

ص: 120

وَلَوْ فِي نَحْوِ يَدٍ لَا يَسْتَعْمِلُهُ بِهَا، ثُمَّ يَسْتَعْمِلُهُ مِنْهَا نَعَمْ هِيَ لَا تَمْنَعُ حُرْمَةَ الْوَضْعِ فِي الْإِنَاءِ وَلَا حُرْمَةَ اتِّخَاذِهِ فَتَفَطَّنْ لَهُ (تَنْبِيهٌ)

صَرَّحُوا فِي نَحْوِ كِيسِ الدَّرَاهِمِ الْحَرِيرِ بِحِلِّهِ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ مُنْفَصِلٌ عَنْ الْبَدَنِ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِنَظِيرِ هَذَا هُنَا وَيُؤَيِّدُهُ تَعْلِيلُهُمْ حَلَّ نَحْوُ غِطَاءِ الْكُوزِ بِأَنَّهُ مُنْفَصِلٌ عَنْ الْإِنَاءِ لَا يُسْتَعْمَلُ، وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بِأَنَّ مَا هُنَا أَغْلَظُ وَلَعَلَّهُ الْأَقْرَبُ وَمَحَلُّ تَعْلِيلِهِمْ الْمَذْكُورِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ عَلَى هَيْئَةِ إنَاءٍ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ.

(تَنْبِيهٌ آخَرُ)

مَحَلُّ النَّظَرِ لِكَوْنِهِ يُسَمَّى إنَاءً بِالنِّسْبَةِ لِلْفِضَّةِ أَمَّا الذَّهَبُ فَيَحْرُمُ مِنْهُ نَحْوُ السِّلْسِلَةِ مُطْلَقًا نَظِيرُ مَا يَأْتِي فِي الضَّبَّةِ لِغِلَظِهِ (وَكَذَا) يَحْرُمُ (اتِّخَاذُهُ) أَيْ اقْتِنَاؤُهُ خِلَافًا لِمَنْ وُهِمَ فِيهِ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ يُجْزِ لِاسْتِعْمَالِهِ غَالِبًا كَآلَةِ اللَّهْوِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَالشَّبَّابَةِ وَمِزْمَارَةِ الرُّعَاةِ وَكَكَلْبٍ لَمْ يُحْتَجْ لَهُ أَيْ لَا وَقِرْدٍ وَإِحْدَى الْفَوَاسِقِ الْخَمْسِ وَصُوَرٍ نُقِشَتْ عَلَى غَيْرِ مُمْتَهَنٍ وَسَقْفٍ مُمَوَّهٍ بِنَقْدٍ يَتَحَصَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ انْتَهَى وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْقِرْدِ غَيْرُ صَحِيحٍ لِتَصْرِيحِهِمْ بِصِحَّةِ بَيْعِهِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ، وَمَا أَدَّى إلَى مَعْصِيَةٍ لَهُ حُكْمُهَا، وَإِنَّمَا جَازَ اتِّخَاذُ نَحْوِ ثِيَابِ الْحَرِيرِ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجُلِ عَلَى خِلَافِ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الَّذِي اسْتَوْجَهَهُ بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّ لِلنَّفْسِ مَيْلًا ذَاتِيًّا لِذَاكَ أَكْثَرَ فَكَانَ اتِّخَاذُهُ مَظِنَّةَ اسْتِعْمَالِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ.

الْيَدِ الْأُخْرَى قَبْلَ اسْتِعْمَالِهِ، وَإِلَّا كَانَ مُسْتَعْمِلًا لِإِنَائِهِ فِيمَا اُعْتِيدَ فِيهِ انْتَهَى.

وَقَوْلُهُ أَوْ مَاءَ الْوَرْدِ فِي يَسَارِهِ أَيْ بِقَصْدِ التَّفْرِيغِ كَمَا شَرَطَهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَخْذًا مِنْ الْجَوَاهِرِ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي نَحْوِ يَدٍ) يَشْمَلُ الْيُمْنَى سم (قَوْلُهُ نَعَمْ هِيَ إلَخْ) عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ، ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْحِيلَةَ إنَّمَا تَمْنَعُ حُرْمَةَ الِاسْتِعْمَالِ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّطَيُّبِ مِنْهُ لَا بِالنِّسْبَةِ لِاتِّخَاذِهِ وَجَعْلِ التَّطَيُّبِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَعْمِلٌ لَهُ بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ بِالْأَخْذِ مِنْهُ، وَقَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ عِبَارَتِهِ أَيْ الْمَجْمُوعِ اخْتِصَاصُ الْحِيلَةِ بِحَالَةِ التَّطَيُّبِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ انْتَهَى اهـ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ فِي نَحْوِ كِيسِ الدَّرَاهِمِ الْحَرِيرِ إلَخْ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ عِبَارَتُهُ وَلَا يُلْحَقُ بِغِطَاءِ الْإِنَاءِ غِطَاءُ الْعِمَامَةِ وَكِيسُ الدَّرَاهِمِ إذَا اتَّخَذَهُمَا مِنْ حَرِيرٍ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ، إذْ تَغْطِيَةُ الْإِنَاءِ مُسْتَحَبَّةٌ بِخِلَافِ الْعِمَامَةِ، وَأَمَّا كِيسُ الدَّرَاهِمِ فَلَا حَاجَةَ إلَى اتِّخَاذِهِ مِنْهُ اهـ.

(قَوْلُهُ بِحِلِّهِ إلَخْ) سَيَأْتِي فِي هَامِشِهِ مَنْعُ ذَلِكَ سم (قَوْلُهُ هُنَا) أَيْ فِي نَحْوِ الْكِيسِ الْمُتَّخَذِ مِنْ النَّقْدِ (قَوْلُهُ وَيُؤَيِّدُهُ إلَخْ) أَيْ الِاحْتِمَالُ الْمَذْكُورُ قَدْ يُقَالُ لَوْ صَحَّ هَذَا التَّأْيِيدُ لَزِمَ جَوَازُ كَوْنِ غِطَاءِ الْكُوزِ عَلَى هَيْئَةِ الْإِنَاءِ مَعَ أَنَّهُ قَدَّمَ امْتِنَاعَهُ سم (قَوْلُهُ بِأَنَّ مَا هُنَا) أَيْ الْمُتَّخَذُ مِنْ النَّقْدِ أَغْلَظُ أَيْ مِنْ الْمُتَّخَذِ مِنْ الْحَرِيرِ وَ (قَوْلُهُ الْمَذْكُورُ) أَيْ بِقَوْلِهِ وَيُؤَيِّدُهُ تَعْلِيلُهُمْ حَلَّ نَحْوُ غِطَاءِ الْكُوزِ إلَخْ (قَوْلُهُ مِمَّا تَقَرَّرَ) أَيْ بِقَوْلِهِ وَمَحَلُّهُ حَيْثُ إلَخْ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سُمِّيَ إنَاءً أَمْ لَا قَوْلُ الْمَتْنِ (وَكَذَا اتِّخَاذُهُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ لِلتِّجَارَةِ؛ لِأَنَّ آنِيَةَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مَمْنُوعٌ مِنْ اسْتِعْمَالِهَا لِكُلِّ أَحَدٍ وَبِهَذَا فَارَقَ الْحَرِيرَ حَيْثُ جَازَ اتِّخَاذُهُ لِلتِّجَارَةِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَمْنُوعًا مِنْ اسْتِعْمَالِهِ لِكُلِّ أَحَدٍ فَيَجُوزُ اتِّخَاذُهُ لِلتِّجَارَةِ فِيهِ بِأَنْ يَبِيعَهُ لِمَنْ يَجُوزُ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَجُوزُ اتِّخَاذُهُ لِلتِّجَارَةِ لِمَنْ يَصُوغُهُ حُلِيًّا أَوْ يَجْعَلُهُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ شَيْخُنَا وَبُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ أَيْ اقْتِنَاؤُهُ) أَيْ بِلَا اسْتِعْمَالٍ، وَيَحْرُمُ تَزْيِينُ الْحَوَانِيتِ وَالْبُيُوتِ بِآنِيَةِ النَّقْدَيْنِ، وَيَحْرُمُ تَحْلِيَةُ الْكَعْبَةِ وَسَائِرِ الْمَسَاجِدِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ نِهَايَةٌ مُغْنِي وَهَلْ مِنْ التَّحْلِيَةِ مَا يُجْعَلُ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فِي سَتْرِ الْكَعْبَةِ أَوْ يَخْتَصُّ بِمَا يُجْعَلُ بِبَابِهَا أَوْ جُدْرَانِهَا فِيهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الْآنَ الْأَوَّلُ ع ش شَيْخُنَا، وَيَحْرُمُ تَحْلِيَةُ الْكَعْبَةِ وَسَائِرِ الْمَسَاجِدِ بِالذَّهَبِ أَوْ بِالْفِضَّةِ، وَيَحْرُمُ كِسْوَتُهَا بِالْحَرِيرِ الْمُزَرْكَشِ بِالذَّهَبِ أَوْ بِالْفِضَّةِ وَيَحْرُمُ التَّفَرُّجُ عَلَى الْمَحْمَلِ الْمَعْرُوفِ وَكِسْوَةُ مَقَامِ إبْرَاهِيمَ وَنَحْوِهِ وَنُقِلَ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ جَوَازُ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعْظِيمِ لِشَعَائِرِ الْإِسْلَامِ وَإِغَاظَةِ الْكُفَّارِ وَهَكَذَا كِسْوَةُ تَابُوتِ الْوَلِيِّ وَعَسَاكِرِهِ اهـ.

وَفِي الْبُجَيْرِمِيِّ عَنْ الْقَلْيُوبِيِّ قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ بِحِلِّ التَّحْلِيَةِ وَهِيَ قِطَعٌ مِنْ النَّقْدَيْنِ تُسَمَّرُ فِي غَيْرِهَا فِي نَحْوِ الْكَعْبَةِ وَالْمَسَاجِدِ دُونَ غَيْرِهِمَا كَالْمُصْحَفِ وَالْكُرْسِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَفِي النِّهَايَةِ تَحْرِيمُهَا فِي الْكَعْبَةِ وَالْمَسَاجِدِ كَغَيْرِهَا وَهُوَ الْوَجْهُ اهـ.

(قَوْلُهُ لِمَنْ وَهَمَ فِيهِ) لَعَلَّهُ فَسَّرَ الِاتِّخَاذَ بِالصُّنْعِ وَلَوْ بِنَحْوِ وَكِيلِهِ قَوْلُ الْمَتْنِ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ الْوَارِدَ إنَّمَا هُوَ فِي الِاسْتِعْمَالُ لَا الِاتِّخَاذُ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ كَآلَةِ اللَّهْوِ) لَكِنْ يَصِحُّ بَيْعُهُ لِيَنْتَفِعَ بِهِ فِيمَا يَحِلُّ وَمِنْهُ أَنْ يُكْسَرَ لِيَنْتَفِعَ بِرُضَاضِهِ بِخِلَافِ آلَةِ اللَّهْوِ كَمَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ فِي الْإِيعَابِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَإِحْدَى الْفَوَاسِقِ إلَخْ) تَصْرِيحٌ بِحُرْمَةِ اقْتِنَائِهَا سم (قَوْلُهُ وَمَا أَدَّى إلَى مَعْصِيَةٍ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى اسْمِ أَنَّ وَخَبَرُهُ فِي قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ يَجُرُّ إلَخْ (قَوْلُهُ لِذَاكَ) أَيْ لِانْتِفَاءِ النَّقْدِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا جَازَ إلَخْ) جَوَابُ سُؤَالٍ غَنِيٌّ عَنْ الْبَيَانِ.

(قَوْلُهُ

الْمُصَنِّفِ مَثَلًا أَنَّ الصَّبَّ فِي الْيُسْرَى لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالْحِيلَةُ فِي اسْتِعْمَالِ مَا فِي إنَاءِ النَّقْدِ أَنْ يُخْرِجَ الطَّعَامَ إلَى شَيْءٍ بَيْنَ يَدَيْهِ ثُمَّ يَأْكُلَهُ أَوْ يَصُبَّ الْمَاءَ فِي يَدِهِ ثُمَّ يَشْرَبَهُ أَوْ يَتَطَهَّرَ بِهِ أَوْ مَاءَ الْوَرْدِ فِي يَسَارِهِ ثُمَّ يَنْقُلَهُ لِيَمِينِهِ ثُمَّ يَسْتَعْمِلَهُ اهـ وَكَانَ الْفَرْقُ بَيْنَ مَاءِ الْوَرْدِ وَالْمَاءِ فِيمَا ذَكَرَهُ أَنَّ الْمَاءَ يُبَاشِرُ اسْتِعْمَالَهُ مِنْ إنَائِهِ مِنْ غَيْرِ تَوَسُّطِ الْيَدِ عَادَةً فَلَمْ يُعِدْ صَبَّهُ فِيهَا ثُمَّ تَنَاوَلَهُ مِنْهَا اسْتِعْمَالًا لِإِنَائِهِ بِخِلَافِ الطِّيبِ فَإِنَّهُ لَمْ يَعْتَدْ فِيهِ ذَلِكَ إلَّا بِتَوَسُّطِ الْيَدِ فَاحْتِيجَ لِنَقْلِهِ مِنْهَا إلَى الْيَدِ الْأُخْرَى قَبْلَ اسْتِعْمَالِهِ وَإِلَّا كَانَ مُسْتَعْمِلًا لِإِنَائِهِ فِيمَا اُعْتِيدَ فِيهِ اهـ وَقَوْلُهُ أَوْ مَاءَ الْوَرْدِ فِي يَسَارِهِ أَيْ بِقَصْدِ التَّفْرِيغِ كَمَا شَرَطَهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَخْذًا مِنْ الْجَوَاهِرِ (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي نَحْوِ يَدٍ) يَشْمَلُ الْيُمْنَى وَسَيَأْتِي فِي هَامِشِهِ مَنْعُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَيُؤَيِّدُهُ تَعْلِيلُهُمْ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَوْ صَحَّ هَذَا التَّأْيِيدُ لَزِمَ جَوَازُ كَوْنِ غِطَاءِ الْكُوزِ عَلَى هَيْئَةِ الْإِنَاءِ مَعَ أَنَّهُ قَدَّمَ امْتِنَاعَهُ (قَوْلُهُ وَكَذَا اتِّخَاذُهُ) عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ وَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالٌ وَتَزْيِينٌ وَاتِّخَاذٌ لِإِنَاءٍ وَمُكْحُلَةٍ وَخِلَالٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ اهـ.

(قَوْلُهُ وَإِحْدَى الْفَوَاسِقِ)

ص: 121

(وَيَحِلُّ) الْإِنَاءُ (الْمُمَوَّهُ) أَيْ الْمَطْلِيُّ مِنْ أَحَدِهِمَا بِنَحْوِ نُحَاسٍ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا بِأَحَدِهِمَا أَيْ اسْتِعْمَالُهُ حَيْثُ لَمْ يَتَحَصَّلْ يَقِينًا مِنْهُ شَيْءٌ وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ مُتَمَوَّلٌ وَيُوَافِقُهَا قَوْلُ الزَّرْكَشِيّ يَظْهَرُ فِي الْوَزْنِ بِالنَّارِ (تَنْبِيهٌ)

ذَكَرَ بَعْضُ الْخُبَرَاءِ الْمَرْجُوعِ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ أَنَّ لَهُمْ مَاءً يُسَمَّى بِالْحَادِّ، وَأَنَّهُ يُخْرِجُ الطِّلَاءَ وَيُحَصِّلُهُ وَإِنْ قَلَّ بِخِلَافِ النَّارِ مِنْ غَيْرِ مَاءٍ فَإِنَّ الْقَلِيلَ لَا يُقَاوِمُهَا فَيَضْمَحِلُّ بِخِلَافِ الْكَثِيرِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَ الْأَئِمَّةِ هَذَا دُونَ الْأَوَّلِ لِنُدْرَتِهِ كَالْعَارِفِينَ بِهِ نَعَمْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَا خُلِطَ بِالزِّئْبَقِ لَا يَتَحَصَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ بِهَا وَإِنْ كَثُرَ وَبِتَسْلِيمِهِ فَيَظْهَرُ اعْتِبَارُ تَجَرُّدِهِ عَنْ الزِّئْبَقِ، وَأَنَّهَا حِينَئِذٍ هَلْ لِيَحْصُلَ مِنْهُ شَيْءٌ أَوْ لَا (فِي الْأَصَحِّ) لِانْتِفَاءِ الْعَيْنِ حِينَئِذٍ فَإِنْ حَصَلَ حَرُمَ لِوُجُودِهَا

وَيَحِلُّ الْإِنَاءُ الْمُمَوَّهُ) مِثْلُهُ السَّقْفُ وَكَذَا الْخَاتَمُ فِيمَا يَظْهَرُ فَيَحِلُّ اسْتِعْمَالُ مُمَوَّهٍ مِنْ ذَلِكَ بِذَهَبٍ لَا يَحْصُلُ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ سم عِبَارَةُ الْبُجَيْرِمِيِّ وَحَاصِلُ مَسْأَلَةِ التَّمْوِيهِ أَنَّ فِعْلَهُ حَرَامٌ مُطْلَقًا حَتَّى فِي حُلِيِّ النِّسَاءِ، وَأَمَّا اسْتِعْمَالُ الْمُمَوَّهِ فَإِنْ كَانَ لَا يَتَحَلَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ حَلَّ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ يَتَحَلَّلُ حَلَّ لِلنِّسَاءِ فِي حُلِيِّهِنَّ خَاصَّةً، وَحَرُمَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ الرَّشِيدِيُّ عَلَى النِّهَايَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَيْ الْمَطْلِيُّ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ فَفِي الْمُخْتَارَةِ طَلَاهُ بِالذَّهَبِ وَغَيْرِهِ مِنْ بَابِ رَمَى، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أُطْلِيَ فَقِيَاسُهُ مَطْلِيٌّ كَ مَرْمِيٍّ، وَمِثْلُهُ الْمَغْلِيُّ وَالْمَقْلِيُّ وَالْمَشْوِيُّ، وَقَالَ الشبراملسي فِي الْمُغْلَى إنَّهُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ مِنْ أَغْلَى وَلَحَنُوا مَغْلِيٌّ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ اللَّامِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ غَلَيْته، وَضَبَطَ الْعَلَّامَةُ الْبَكْرِيُّ الْمُطْلَى بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ، وَقَدْ عَرَفْت مَا فِيهِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ مِنْ أَحَدِهِمَا) أَيْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ حَالٌ مِنْ الْإِنَاءِ وَقَوْلُهُ بِنَحْوِ نُحَاسٍ مُتَعَلِّقٌ بِالْمُمَوَّهِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ حَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ أَوْ لَا، وَهَذَا اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ فِي كُتُبِهِ وَيُوَافِقُهُ كَلَامُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي الْغَرَرِ حَيْثُ أَطْلَقَ الْحِلَّ، لَكِنَّهُ قَيَّدَهُ بِالْحُصُولِ فِي شَرْحَيْ الْمَنْهَجِ وَالرَّوْضِ وَكَذَلِكَ الرَّمْلِيُّ فِي النِّهَايَةِ وَابْنُ الْمُقْرِي وَغَيْرُهُمْ كُرْدِيٌّ أَيْ وَالْخَطِيبُ عِبَارَتُهُ فَإِنْ مَوَّهَ غَيْرَ النَّقْدِ كَإِنَاءِ نُحَاسٍ وَخَاتَمٍ وَآلَةِ حَرْبٍ مِنْهُ بِالنَّقْدِ، وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ أَوْ مَوَّهَ النَّقْدَ بِغَيْرِهِ أَوْ صَدَى مَعَ حُصُولِ شَيْءٍ مِنْ الْمُمَوَّهِ بِهِ أَوْ الصِّدَاءِ حَلَّ اسْتِعْمَالُهُ لِقِلَّةِ الْمُمَوَّهِ بِهِ فِي الْأَوَّلِ فَكَأَنَّهُ مَعْدُومٌ وَلِعَدَمِ الْخُيَلَاءِ فِي الثَّانِيَةِ فَإِنْ حَصَلَ شَيْءٌ مِنْ النَّقْدِ فِي الْأُولَى لِكَثْرَتِهِ أَوْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ شَيْءٌ فِي الثَّانِيَةِ لِقِلَّتِهِ حَرُمَ اسْتِعْمَالُهُ، وَكَذَا اتِّخَاذُهُ فِي الْأَصَحِّ اهـ.

(قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ آنِفًا بِقَوْلِهِ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ تَغْشِيَةَ الذَّهَبِ إلَخْ (قَوْلُهُ أَيْ اسْتِعْمَالُهُ) حَقُّ الْمَزْجِ مِنْ الِاخْتِصَارِ أَنْ يُقَدِّرَ هَذَا عَقِبَ وَيَحِلُّ بِأَنْ يَقُولَ اسْتِعْمَالُ الْإِنَاءِ (قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ يَتَحَصَّلْ يَقِينًا إلَخْ) الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ تَعَلُّقُ قَوْلِهِ يَقِينًا بِالْمَنْفِيِّ وَهُوَ يَتَحَصَّلُ لَا بِالنَّفْيِ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ الْحِلُّ عِنْدَ الشَّكِّ وَهُوَ نَظِيرُ حَالِ الضَّبَّةِ عِنْدَ الشَّكِّ فِي كِبَرِهَا كَمَا سَيَأْتِي، وَيُحْتَمَلُ التَّحْرِيمُ عِنْدَ الشَّكِّ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي اسْتِعْمَالِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَلَا يَعْدِلُ عَنْهُ إلَّا عِنْدَ تَحَقُّقِ السَّبَبِ الْمُبِيحِ قَالَهُ سم، ثُمَّ أَيَّدَهُ بِمَا فِي بَعْضِ نُسَخِ الْأَنْوَارِ، وَفَرَّقَ بَيْنَ التَّمْوِيهِ وَالتَّضْبِيبِ بِأَنَّ التَّمْوِيهَ أَضْيَقُ، وَاعْتَمَدَهُ الْبُجَيْرِمِيُّ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ بِالنَّارِ) مُتَعَلِّقٌ بِ يَتَحَصَّلُ (قَوْلُهُ يَخْرُجُ الطِّلَاءُ) بِالْمَدِّ كَكِسَاءٍ وَرِدَاءٍ وَهُوَ مَا يُطْلَى بِهِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْقَلِيلَ) أَيْ مِنْ الطِّلَاءِ (قَوْلُهُ هَذَا) أَيْ الْحُصُولُ بِالنَّارِ (دُونَ الْأَوَّلِ) أَيْ الْحُصُولُ بِالْحَادِّ، وَقَوْلُهُ لِنُدْرَتِهِ أَيْ الْمَاءِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ لِانْتِفَاءِ الْعَيْنِ إلَخْ) عِلَّةُ الْقَسَمِ وَعِلَّةُ الْأَوَّلِ عَدَمُ ظُهُورِ الْخُيَلَاءِ بَصْرِيٌّ وَغَيَّرَ الشَّارِحُ عِلَلَ الثَّانِي بِقِلَّةِ الْمُمَوَّهِ بِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ حَصَلَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ قَدْرَ ضَبَّةِ الزِّينَةِ الْجَائِزَةِ، وَإِنْ كَانَ التَّمْوِيهُ لِجُزْءِ الْإِنَاءِ فَقَطْ وَإِنْ صَغُرَ فَيُعْلَمُ الْفَرْقُ بَيْنَ بَابِ التَّمْوِيهِ وَبَابِ الضَّبَّةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ الْآتِي لِإِمْكَانِ فَصْلِهَا مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ سم (قَوْلُهُ حَرُمَ) وَلَوْ شَكَّ هَلْ يَحْصُلُ مِنْهُ شَيْءٌ أَوْ لَا فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ الْحُرْمَةُ وَلَا يُشْكِلُ بِالضَّبَّةِ عِنْدَ الشَّكِّ؛ لِأَنَّ هَذَا أَضْيَقُ بِدَلِيلِ حُرْمَةِ الْفِعْلِ، وَأَمَّا الْخَاتَمُ الْمُمَوَّهُ فَقَالَ شَيْخُنَا إنْ كَانَ مِنْ ذَهَبٍ وَمُوِّهَ بِفِضَّةٍ فَإِنْ حَصَلَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ حَلَّ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ كَانَ مِنْ فِضَّةٍ وَمُوِّهَ بِذَهَبٍ فَإِنْ حَصَلَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا

تَصْرِيحٌ بِحُرْمَةِ اقْتِنَائِهَا.

(قَوْلُهُ وَيَحِلُّ الْإِنَاءُ الْمُمَوَّهُ) مِثْلُهُ السَّقْفُ وَكَذَا الْخَاتَمُ فِيمَا يَظْهَرُ فَيَحِلُّ اسْتِعْمَالُ مَا مُوِّهَ مِنْ ذَلِكَ بِذَهَبٍ لَا يَحْصُلُ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ م ر.

(فَرْعٌ)

إذَا حَرَّمْنَا الْجُلُوسَ تَحْتَ سَقْفٍ مُمَوَّهٍ بِمَا يَحْصُلُ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ فَهَلْ يَحْرُمُ الْجُلُوسُ فِي ظِلِّهِ الْخَارِجِ عَنْ مُحَاذَاتِهِ فِيهِ نَظَرٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَحْرُمَ إذَا قَرُبَ بِخِلَافِ مَا إذَا بَعُدَ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الْمِجْمَرَةِ (قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ يَتَحَصَّلْ يَقِينًا) الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ تَعَلُّقُ قَوْلِهِ يَقِينًا بِالْمَنْفِيِّ وَهُوَ قَوْلُهُ يَتَحَصَّلُ لَا بِالنَّفْيِ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ الْحِلُّ عِنْدَ الشَّكِّ وَهُوَ نَظِيرُ حَالِ الضَّبَّةِ عِنْدَ الشَّكِّ فِي كِبَرِهَا كَمَا سَيَأْتِي، وَيُحْتَمَلُ التَّحْرِيمُ عِنْدَ الشَّكِّ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي اسْتِعْمَالِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَلَا يَعْدِلُ عَنْهُ إلَّا عِنْدَ تَحَقُّقِ السَّبَبِ الْمُبِيحِ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا فِي بَعْضِ نُسَخِ الْأَنْوَارِ مِنْ حُرْمَةِ اسْتِعْمَالِ الثَّوْبِ الْمُرَكَّبِ مِنْ الْحَرِيرِ وَغَيْرِهِ إذَا شَكَّ فِي اسْتِوَائِهِمَا وَكَثْرَةِ الْحَرِيرِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ التَّمْوِيهِ وَالتَّضْبِيبِ فَإِنَّ الظَّاهِرَ حِلُّهُ حَيْثُ حَلَّتْ الضَّبَّةُ مِمَّا يُحْتَاجُ إلَيْهَا فِي الْجُمْلَةِ فَكَانَ الْحِلُّ فِيهَا أَوْسَعَ بِخِلَافِ التَّمْوِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ حَصَلَ حَرُمَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ قَدْرَ الزِّينَةِ الْجَائِزَةِ وَإِنْ كَانَ التَّمْوِيهُ لِجُزْءِ الْإِنَاءِ فَقَطْ وَإِنْ صِغَرَهُ فَيُعْلَمُ الْفَرْقُ بَيْنَ بَابِ التَّمْوِيهِ وَبَابِ الضَّبَّةِ

ص: 122

وَالْكَلَامُ فِي اسْتِدَامَتِهِ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ الْمُمَوَّهُ أَمَّا فِعْلُ التَّمْوِيهِ فَحَرَامٌ فِي نَحْوِ سَقْفٍ وَإِنَاءٍ وَغَيْرِهِمَا مُطْلَقًا خِلَافًا لِمَنْ فَرَّقَ؛ لِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ بِلَا فَائِدَةٍ فَلَا أُجْرَةَ لِصَانِعِهِ كَالْإِنَاءِ وَلَا أَرْشَ عَلَى مُزِيلِهِ أَوْ كَاسِرِهِ وَالْكَعْبَةُ وَغَيْرُهَا سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ نَعَمْ بَحَثَ حِلَّهُ فِي آلَةِ الْحَرْبِ تَمَسُّكًا بِأَنَّ كَلَامَهُمْ يَشْمَلُهُ وَيُوَجَّهُ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ بِأَنَّهُ لِحَاجَةٍ كَمَا يَأْتِي (تَنْبِيهٌ)

يُؤْخَذُ مِنْ إطْبَاقِهِمْ

بُجَيْرِمِيٌّ أَيْ فِي حَقِّ الرِّجَالِ.

وَأَمَّا فِي حَقِّ النِّسَاءِ فَيَحِلُّ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَالْكَلَامُ فِي اسْتِدَامَتِهِ)

فَرْعٌ

إذَا حَرَّمْنَا الْجُلُوسَ تَحْتَ سَقْفٍ مُمَوَّهٍ بِمَا يَحْصُلُ مِنْهُ بِشَيْءٍ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ فَهَلْ يَحْرُمُ الْجُلُوسُ فِي ظِلِّهِ الْخَارِجِ عَنْ مُحَاذَاتِهِ فِيهِ نَظَرٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَحْرُمَ إذَا قَرُبَ بِخِلَافِ مَا إذَا بَعُدَ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الْمِجْمَرَةِ سم عَلَى حَجّ وَعَلَى هَذَا فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ مَحَلٌّ يَتَمَكَّنُ مِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فِيهِ إلَّا هَذَا فَهَلْ يُعَدُّ ذَلِكَ عُذْرًا فِي عَدَمِ حُضُورِ الْجُمُعَةِ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَ الذَّهَبِ جَائِزٌ لِلْحَاجَةِ وَحُضُورُهَا حَاجَةٌ أَيُّ حَاجَةٍ ع ش (قَوْلُهُ أَمَّا فِعْلُ التَّمْوِيهِ إلَخْ)

فَرْعٌ.

وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ دَقِّ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَأَكْلِهِمَا مُنْفَرِدَيْنِ أَوْ مَعَ انْضِمَامِهَا لِغَيْرِهِمَا مِنْ الْأَدْوِيَةِ هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ كَغَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ الْأَدْوِيَةِ أَمْ لَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يُقَالَ فِيهِ أَنَّ الْجَوَازَ لَا شَكَّ فِيهِ حَيْثُ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ نَفْعٌ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ ذَلِكَ لِتَصْرِيحِهِمْ فِي الْأَطْعِمَةِ بِأَنَّ الْحِجَارَةَ وَنَحْوَهَا لَا يَحْرُمُ مِنْهَا إلَّا مَا ضَرَّ بِالْبَدَنِ أَوْ الْعَقْلِ.

وَأَمَّا تَعْلِيلُ الْحُرْمَةِ بِإِضَاعَةِ الْمَالِ فَمَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ الْإِضَاعَةَ إنَّمَا تَحْرُمُ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ لِغَرَضٍ وَمَا هُنَا لِقَصْدِ التَّدَاوِي، وَصَرَّحُوا بِجَوَازِ التَّدَاوِي بِاللُّؤْلُؤِ فِي الِاكْتِحَالِ وَغَيْرِهِ، وَرُبَّمَا زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَى الذَّهَبِ ع ش (قَوْلُهُ فَحَرَامٌ) وَكَذَا دَفْعُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ وَأَخْذُهَا شَيْخُنَا، وَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ وَغَيْرِهِمَا) كَالْخَاتَمِ وَالسَّيْفِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ كَالْخَاتَمِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ كَوْنِهِ لِامْرَأَةٍ أَوْ رَجُلٍ ع ش وَمَرَّ آنِفًا عَنْ الْبُجَيْرِمِيِّ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ.

(قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ حَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ أَمْ لَا كُرْدِيٌّ وَسَوَاءٌ كَانَ فِي حُلِيِّ النِّسَاءِ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَنْ فَرَّقَ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ التَّفْصِيلَ إنَّمَا هُوَ فِي الِاسْتِدَامَةِ، وَأَنَّ الْفِعْلَ حَرَامٌ مُطْلَقًا يُجْمَعُ بَيْنَ مَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ هُنَا مِنْ حِلِّ الْمُمَوَّهِ بِمَا لَا يَتَحَصَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ وَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي الزَّكَاةِ وَاللِّبَاسِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ مِنْ تَحْرِيمِهِ، وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ صَرِيحَةٌ فِي ذَلِكَ وَهِيَ تَمْوِيهُ سَقْفِ الْبَيْتِ أَوْ الْجِدَارِ حَرَامٌ اتِّفَاقًا حَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ أَمْ لَا، وَكَذَا اسْتِدَامَةُ تَمْوِيهِهِ إنْ حَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ اهـ سم.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ فِعْلُ التَّمْوِيهِ (قَوْلُهُ كَالْإِنَاءِ) أَيْ مِنْ النَّقْدِ (قَوْلُهُ وَلَا أَرْشَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ مُطْلَقًا وَفِيهِ إذَا جَازَ اسْتِدَامَتُهُ كَأَنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ شَيْءٌ بِالنَّارِ تَوَقُّفٌ ظَاهِرُهُ فَلَعَلَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَجُزْ اسْتِدَامَتُهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ وَالْكَعْبَةُ وَغَيْرُهَا سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي فِعْلِ التَّمْوِيهِ وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ بِأَنَّ كَلَامَهُمْ يَشْمَلُهُ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمْ أَرَادُوا بِالتَّحْلِيَةِ الَّتِي جَوَّزُوهَا لِآلَةِ الْحَرْبِ مَا يَشْمَلُ إلْصَاقَ قِطَعِ النَّقْدِ، وَيَشْمَلُ التَّمْوِيهَ وَقَوْلُهُ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ إشَارَةٌ إلَى مَنْعِهِ وَعَلَى هَذَا يَخْتَصُّ تَحْلِيَةُ آلَةِ الْحَرْبِ الَّتِي جَوَّزُوهَا بِإِلْصَاقِ قِطَعِ النَّقْدِ وَلَا يَشْمَلُ التَّمْوِيهَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ الْآتِي لِإِمْكَانِ فَصْلِهَا مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ سم.

(قَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي عِبَارَتُهُ فِي الزَّكَاةِ) وَلِإِمْكَانِ فَصْلِهَا أَيْ التَّحْلِيَةِ مَعَ عَدَمِ ذَهَابِ شَيْءٍ مِنْ عَيْنِهَا فَارَقَتْ التَّمْوِيهَ السَّابِقَ أَوَّلَ الْكِتَابِ أَنَّهُ حَرَامٌ لَكِنْ قَضِيَّةُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ جَوَازُ التَّمْوِيهِ هُنَا أَيْ فِي آلَةِ الْحَرْبِ حَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ أَوْ لَا عَلَى خِلَافِ مَا مَرَّ فِي الْآنِيَةِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ هُنَا حَاجَةٌ لِلزِّينَةِ بِاعْتِبَارِ مَا مِنْ شَأْنِهِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ اهـ.

وَاَلَّذِي

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ الْآتِي لِإِمْكَانِ فِعْلِهَا مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ لَكِنْ هَذَا الْفَارِقُ إنَّمَا يُنَاسِبُ الْفِعْلَ وَالْكَلَامُ فِي الِاسْتِدَامَةِ كَمَا قَالَا فِي الْفِعْلِ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَ الْفِعْلُ هُنَا أَيْ فِي التَّمْوِيهِ يَنْشَأُ لِلتَّضْيِيعِ حَرُمَ مُطْلَقًا، وَضَيَّقَ فِي اسْتِدَامَتِهِ بِتَحْرِيمِهَا حَيْثُ تَحْصُلُ مِنْهُ شَيْءٌ وَإِنْ كَانَ قَدْرَ الضَّبَّةِ الْجَائِزَةِ.

(قَوْلُهُ أَمَّا فِعْلُ التَّمْوِيهِ فَحَرَامٌ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَبِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ التَّفْصِيلَ إنَّمَا هُوَ فِي الِاسْتِدَامَةِ وَأَنَّ الْفِعْلَ حَرَامٌ مُطْلَقًا يُجْمَعُ بَيْنَ مَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ هُنَا مِنْ خَلِّ الْمُمَوَّهِ بِمَا لَا يَتَحَصَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ وَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي الذَّكَاةِ وَاللِّبَاسِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ مِنْ تَحْرِيمِهِ وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ صَرِيحَةٌ فِي ذَلِكَ وَهِيَ تَمْوِيهُ سَقْفِ الْبَيْتِ أَوْ الْجِدَارِ حَرَامٌ اتِّفَاقًا حَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ أَمْ لَا وَكَذَا اسْتِدَامَةُ تَمْوِيهِهِ إنْ حَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ إلَى أَنْ قَالَ وَبِمَا قَرَّرْته يَنْدَفِعُ مَا تَكَلَّفَهُ جَمْعُ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ مَا هُنَا وَثَمَّ بِمَا لَا يَظْهَرُ بَلْ لَا يَصِحُّ كَفَرْقِ الْإِسْنَوِيِّ بِأَنَّ نَحْوَ الْخَاتَمِ أَوْ السَّيْفِ مِمَّا يُلْبَسُ أَوْ يُحْمَلُ يَحْرُمُ مُطْلَقًا لِاتِّصَالِهِ بِالْبَدَنِ بِخِلَافِ الْإِنَاءِ وَهُوَ عَجِيبٌ مِنْهُ مَعَ مَا قَدَّمْته عَنْ الْمَجْمُوعِ فِي تَمْوِيهِ سَقْفِ الْبَيْتِ اهـ.

(قَوْلُهُ بِأَنَّ كَلَامَهُمْ يَشْمَلُهُ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمْ أَرَادُوا بِالتَّحْلِيَةِ الَّتِي جَوَّزُوهَا لِآلَةِ الْحَرْبِ لِيَشْمَلَ إلْصَاقَ قِطَعِ النَّقْدِ وَيَشْمَلَ التَّمْوِيهَ (قَوْلُهُ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ) إشَارَةٌ إلَى مَنْعِهِ وَعَلَى هَذَا يَخْتَصُّ تَحْلِيَةُ آلَةِ الْحَرْبِ الَّتِي جَوَّزُوهَا بِإِلْصَاقِ قِطَعِ النَّقْدِ وَلَا تَشْمَلُ

ص: 123

هُنَا عَلَى نَفْيِ الْأُجْرَةِ شُذُوذُ قَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ يَحِلُّ مَا يُؤْخَذُ بِصَنْعَةٍ مُحَرَّمَةٍ كَالتَّنْجِيمِ؛ لِأَنَّهُ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ وَيَرِدُ مَا عَلَّلَا بِهِ أَنَّ كَسْبَ الزَّانِيَةِ كَذَلِكَ، وَالْخَبَرُ الصَّحِيحُ أَنَّ كَسْبَ الْكَاهِنِ خَبِيثٌ وَأَنَّ بَذْلَ الْمَالِ فِي مُقَابَلَةِ ذَلِكَ سَفَهٌ فَأَكْلُهُ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَمِنْ ثَمَّ شَنَّعَ الْأَئِمَّةُ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمَا، وَلَيْسَ مِنْ التَّمْوِيهِ لَصْقُ قِطَعِ نَقْدٍ فِي جَوَانِبِ الْإِنَاءِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ فِي الزَّكَاةِ بِالتَّحْلِيَةِ لِإِمْكَانِ فَصْلِهَا مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ بَلْ هِيَ أَشْبَهُ شَيْءٍ بِالضَّبَّةِ لِزِينَةٍ فَيَأْتِي فِيهَا تَفْصِيلُهَا فِيمَا يَظْهَرُ، ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ عَرَّفَ الضَّبَّةَ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ بِأَنَّهَا مَا يُلْصَقُ بِالْإِنَاءِ وَإِنْ لَمْ يَنْكَسِرْ، وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ جَعْلِهِمْ سَمْرُ الدَّرَاهِمِ فِي الْإِنَاءِ كَالضَّبَّةِ وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرْته، وَبِهَذَا يُعْرَفُ أَنَّ تَحْلِيَةَ آلَةِ الْحَرْبِ جَائِزَةٌ وَإِنْ كَثُرَتْ كَالضَّبَّةِ لِحَاجَةٍ وَإِنْ تَعَدَّدَتْ وَأَنَّ إطْلَاقَهُمْ تَحْرِيمَ تَحْلِيَةِ غَيْرِهَا يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى قِطَعٍ يَحْصُلُ مِنْ مَجْمُوعِهَا قَدْرُ ضَبَّةٍ كَبِيرَةٍ لِزِينَةٍ فَتَأَمَّلْهُ.

(وَ) يَحِلُّ الْإِنَاءُ (النَّفِيسُ) فِي ذَاتِهِ (كَيَاقُوتٍ) وَمِرْجَانٍ وَعَقِيقٍ وَبَلُّورٍ أَيْ اسْتِعْمَالُهُ (فِي الْأَظْهَرِ) كَالْمُتَّخَذِ مِنْ نَحْوِ مِسْكٍ وَعَنْبَرٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْخَوَاصُّ فَلَا تَنْكَسِرُ بِهِ قُلُوبُ الْفُقَرَاءِ بِخِلَافِ النَّقْدِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ فَصِّ الْخَاتَمِ فَيَحِلُّ مِنْهُ جَزْمًا وَكُلُّ مَا فِي تَحْرِيمِهِ خِلَافٌ قَوِيٌّ كَمَا هُنَا يَنْبَغِي كَرَاهَتُهُ

(وَمَا) أَيْ وَالْإِنَاءُ الَّذِي (ضُبِّبَ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ ضَبَّةً كَبِيرَةً) عُرْفًا (لِزِينَةٍ) وَلَوْ فِي بَعْضِهَا بِأَنْ يَكُونَ بَعْضُهَا لِزِينَةٍ وَبَعْضُهَا لِحَاجَةٍ كَمَا فِي أَصْلِهِ الْمُقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيمَا لِلزِّينَةِ بَيْنَ صِغَرِهِ وَكِبَرِهِ وَكَانَ وَجْهُهُ أَنَّهُ لَمَّا انْبَهَمَ، وَلَمْ يَتَمَيَّزْ عَمَّا لِلْحَاجَةِ غَلَبَ وَصَارَ الْمَجْمُوعُ كَأَنَّهُ لِلزِّينَةِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ تَمَيَّزَ الزَّائِدُ عَلَى الْحَاجَةِ

أَطْبَقَ عَلَيْهِ أَئِمَّتُنَا إطْلَاقُ مَنْعِ التَّمْوِيهِ وَلَوْ سَلَمَ كَلَامُ الْبَعْضِ الْمَذْكُورِ لَقِيلَ بِنَظِيرِهِ فِي حُلِيِّ النِّسَاءِ الْمُبَاحِ لِوُجُودِ مَا عَلَّلَ بِهِ فِي آلَةِ الْحَرْبِ أَيْضًا كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ هُنَا) أَيْ فِي فِعْلِ التَّمْوِيهِ (قَوْلُهُ وَالْخَبَرُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَنَّ كَسْبَ إلَخْ (قَوْلُهُ فَأَكْلُهُ إلَخْ) مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ وَالضَّمِيرُ لِمَا يُؤْخَذُ إلَخْ (قَوْلُهُ بِالْبَاطِلِ) بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ هَلْ يُطَالَبُ بِهِ فِي الْآخِرَةِ أَوْ لَا لِطِيبِ النَّفْسِ سم أَقُولُ وَمَيْلُ الْقَلْبِ إلَى الثَّانِي فَكَأَنَّهُ رَمَاهُ إلَى الْبَحْرِ وَعَلَى هَذَا فَيُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ عَلَيْهِ بِلَا رَدٍّ وَتَشْنِيعٍ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ مِنْ التَّمْوِيهِ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ مِنْ جَعْلِهِمْ سَمْرَ الدَّرَاهِمِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي قَبِيلَ الْبَابِ تَتِمَّةُ سَمْرِ الدَّرَاهِمِ فِي الْإِنَاءِ كَالتَّضْبِيبِ فَيَأْتِي فِيهِ التَّفْصِيلُ السَّابِقُ بِخِلَافِ طَرْحِهَا فِيهِ لَا يَحْرُمُ بِهِ اسْتِعْمَالُ الْإِنَاءِ مُطْلَقًا، وَلَا يُكْرَهُ وَكَذَا لَوْ شَرِبَ بِكَفِّهِ وَفِي أُصْبُعِهِ خَاتَمٌ أَوْ فِي فَمِهِ دَرَاهِمُ أَوْ شَرِبَ بِكَفِّهِ وَفِيهَا دَرَاهِمُ اهـ.

وَفِي النِّهَايَةِ نَحْوُهَا إلَّا قَوْلَهُ وَلَا يُكْرَهُ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ التَّعْرِيفُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرْته) إنْ كَانَتْ تِلْكَ الْقِطَعُ مُتَفَاصِلَةً فَالْحُرْمَةُ هُنَا تُنَاسِبُ قَوْلَهُ الْآتِي، وَلَوْ تَعَدَّدَ إلَخْ سم (قَوْلُهُ وَبِهَذَا) أَيْ بِقَوْلِهِ وَلَيْسَ مِنْ التَّمْوِيهِ إلَخْ كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَإِنَّ إطْلَاقَهُمْ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ إنَّ تَحْلِيَةَ إلَخْ.

(قَوْلُهُ وَيَحِلُّ الْإِنَاءُ النَّفِيسُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ النَّقْدَيْنِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ فِي ذَاتِهِ) أَمَّا النَّفِيسُ بِالصَّنْعَةِ كَزُجَاجٍ وَخَشَبٍ مُحْكَمِ الْخَرْطِ فَيَحِلُّ بِلَا خِلَافٍ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ قَوْلُ الْمَتْنِ كَيَاقُوتٍ (فَائِدَةٌ)

عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «مَنْ اتَّخَذَ خَاتَمًا فَصُّهُ يَاقُوتٌ نَفَى عَنْهُ الْفَقْرَ» قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ يُرِيدُ أَنَّهُ إذَا ذَهَبَ مَالُهُ بَاعَ خَاتَمَهُ فَوَجَدَ بِهِ ثَمَنًا قَالَ: وَالْأَشْبَهُ إنْ صَحَّ الْحَدِيثُ أَنْ يَكُونَ لِخَاصَّةٍ فِيهِ كَمَا أَنَّ النَّارَ لَا تُؤَثِّرُ فِيهِ وَلَا تُغَيِّرُهُ وَقِيلَ مَنْ تَخَتَّمَ بِهِ أَمِنَ مِنْ الطَّاعُونِ، وَتَيَسَّرَتْ لَهُ أُمُورُ الْمَعَاشِ وَيُقَوِّي قَلْبَهُ وَتَهَابُهُ النَّاسُ وَيَسْهُلُ عَلَيْهِ قَضَاءُ الْحَوَائِجِ، وَقِيلَ إنَّ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ مِنْ يَاقُوتِ الْجَنَّةِ فَمَسَحَهُ الْمُشْرِكُونَ فَاسْوَدَّ مِنْ مَسْحِهِمْ وَقِيلَ «إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْطَى عَلِيًّا فَصًّا مِنْ يَاقُوتٍ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَنْقُشَ عَلَيْهِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَفَعَلَ وَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ لِمَ زِدْت مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ مَا فَعَلْت إلَّا مَا أَمَرْتنِي بِهِ فَهَبَطَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ لَك أَحْبَبْتنَا فَكَتَبْت اسْمَنَا، وَنَحْنُ أَحْبَبْنَاك فَكَتَبْنَا اسْمَك» مُغْنِي عِبَارَةُ الْبُجَيْرِمِيِّ وَمِنْ خَوَاصِّ الْيَاقُوتِ أَنَّ التَّخَتُّمَ بِهِ يَنْفِي الْفَقْرَ.

وَمِثْلُهُ الْمَرْجَانُ بِفَتْحِ الْمِيمِ بِرْمَاوِيٌّ وَمِنْ خَوَاصَّهُ أَيْضًا أَنَّ النَّارَ لَا تُؤَثِّرُ فِيهِ وَلَا تُغَيِّرُهُ وَأَنَّ مَنْ تَخَتَّمَ بِهِ أَمِنَ مِنْ الطَّاعُونِ إلَخْ عَنَانِيٌّ اهـ.

(قَوْلُهُ وَمَرْجَانَ) إلَى قَوْلِهِ الْمَتْنُ وَمَا ضَبَّبَ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَمَرْجَانَ إلَخْ) وَفَيْرُوزَجَ وَزَبَرْجَدٍ بُجَيْرِمِيٌّ وَفِي هَامِشِ الْمُغْنِي عَنْ الدَّمِيرِيّ مَا نَصُّهُ.

(فَائِدَةٌ)

الْفَيْرُوزَجُ حَجَرٌ أَخْضَرُ مُشْرَبُ بِزُرْقَةٍ يَصْفُو لَوْنُهُ مَعَ صَفَاءِ الْجَوِّ، وَيَتَكَدَّرُ بِتَكَدُّرِهِ وَمِنْ خَوَاصِّهِ أَنَّهُ لَمْ يُرَ فِي قَتِيلٍ خَاتَمٌ مِنْهُ أَبَدًا، وَالْمَرْجَانُ إذَا عُلِّقَ عَلَى الطِّفْلِ امْتَنَعَ عَنْهُ عَيْنُ السُّوءِ مِنْ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، وَالْبِلَّوْرُ مَنْ عُلِّقَ هُوَ عَلَيْهِ لَمْ يَرَ مَنَامَ سُوءٍ اهـ.

(قَوْلُهُ وَبِلَّوْرٍ) بِكَسْرِ الْبَاءِ وَفَتْحِ اللَّامِ خَطِيبٌ أَيْ كَسِنَّوْرٍ وَيَجُوزُ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَضَمِّ اللَّامِ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَحْرِيرِهِ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ أَيْ اسْتِعْمَالُهُ) أَيْ وَاتِّخَاذُهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ كَالْمُتَّخَذِ مِنْ نَحْوِ مِسْكٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالْمُتَّخَذِ مِنْ الطِّيبِ الْمُرْتَفِعِ كَمِسْكٍ وَعَنْبَرٍ وَعُودٍ أَمَّا الْمُتَّخَذُ مِنْ طِيبٍ غَيْرِ مُرْتَفِعٍ أَيْ كَصَنْدَلٍ فَيَحِلُّ بِلَا خِلَافٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُهُ إلَخْ) رَدٌّ لِدَلِيلِ الْمُقَابِلِ الْقَائِلِ بِحُرْمَةِ النَّفِيسِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ) إلَى قَوْلِهِ فَبَاءُ بِذَهَبٍ فِي النِّهَايَةِ

قَوْلُ الْمَتْنُ (ضَبَّةٌ كَبِيرَةٌ إلَخْ) وَمِنْ الضَّبَّةِ مَسَامِيرُ الْقَبْقَابِ وَالْعَصَا فَيَجْرِي فِيهَا التَّفْصِيلُ أُجْهُورِيٌّ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ عُرْفًا) أَيْ فِي عُرْفِ النَّاسِ وَهُوَ مَا لَوْ عُرِضَ عَلَى الْعُقُولِ لِتَلَقَّتْهُ بِالْقَبُولِ شَيْخُنَا عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَمَرْجِعُ الصِّغَرُ وَالْكِبَرِ الْعُرْفُ اهـ.

زَادَ الْمُغْنِي وَقِيلَ الْكَبِيرُ مَا تَسْتَوْعِبُ جَانِبًا مِنْ الْإِنَاءِ وَقِيلَ مَا كَانَ جُزْءًا كَامِلًا كَشَفَةٍ أَوْ أُذُنٍ وَقِيلَ مَا يَلْمَعُ لِلنَّاظِرِ مِنْ بُعْدٍ وَالصَّغِيرَةُ دُونَ ذَلِكَ اهـ.

(قَوْلُهُ وَكَانَ وَجْهُهُ) أَيْ وَجْهُ عَدَمِ الْفَرْقِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ

التَّمْوِيهَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ الْآتِي لِإِمْكَانِ فَصْلِهَا مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ (قَوْلُهُ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ) بَقِيَ شَيْءٌ آخَرَ وَهُوَ أَنَّهُ هَلْ يُطَالَبُ بِهِ فِي الْآخِرَةِ أَوْ لَا لِطِيبِ النَّفْسِ (قَوْلُهُ وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرْته)

ص: 124

كَانَ لَهُ حُكْمُ مَا لِلزِّينَةِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ (حَرُمَ) هُوَ يَعْنِي اسْتِعْمَالَهُ لِلزِّينَةِ مَعَ الْكِبَرِ أَيْ الْمُحَقَّقِ فَمَا شَكَّ فِي كِبَرِهِ الْأَصْلُ إبَاحَتُهُ (أَوْ صَغِيرَةً بِقَدْرِ الْحَاجَةِ) وَهِيَ هُنَا غَرَضُ الْإِصْلَاحِ لَا الْعَجْزُ عَنْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ يُبِيحُ أَصْلَ الْإِنَاءِ (فَلَا) يَحْرُمُ بَلْ وَلَا يُكْرَهُ لِلْحَاجَةِ مَعَ الصِّغَرِ (أَوْ صَغِيرَةً لِزِينَةٍ أَوْ كَبِيرَةً لِحَاجَةٍ جَازَ) مَعَ الْكَرَاهَةِ فِيهِمَا (فِي الْأَصَحِّ) لِوُجُودِ الصِّغَرِ الْوَاقِعِ فِي مَحَلِّ الْمُسَامَحَةِ وَلِلْحَاجَةِ وَضَبَّةً نُصِبَتْ بِ ضَبَّبَ كَنَصْبِ الْمَصْدَرِ بِفِعْلِهِ تَوَسُّعًا؛ لِأَنَّهَا اسْمُ عَيْنٍ وَعَلَيْهِ فَبَاءُ بِذَهَبٍ بِمَعْنَى مِنْ وَهُوَ حَالٌ مِنْ ضَبَّةٍ النَّكِرَةِ سَوَّغَهُ تَقَدُّمُهُ عَلَيْهَا أَوْ بِنَزْعِ الْخَافِضِ وَهُوَ مَعَ شُذُوذِهِ مُوهِمٌ نَعَمْ الْوَجْهُ أَنَّ الضَّبَّةَ الْمُمَوَّهَةَ بِنَقْدٍ يَتَحَصَّلُ كَالْمُتَمَحِّضَةِ مِنْهُ.

(وَضَبَّةً مَوْضِعُ الِاسْتِعْمَالِ)

قَوْلُهُ كَانَ لَهُ حُكْمُ مَا لِلزِّينَةِ إلَخْ) الْأَوْلَى جَعْلُ الضَّمِيرِ لِلزَّائِدِ ع ش أَيْ فَإِنْ تَمَيَّزَ الزَّائِدُ حَرُمَ الزَّائِدُ فَقَطْ إنْ عَدَّهُ الْعُرْفُ كَبِيرًا، وَإِلَّا فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ بُجَيْرِمِيٌّ عِبَارَةُ الْبَصْرِيِّ أَيْ فَيَفْصِلُ فِيهِ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ هَذَا وَلَوْ حُمِلَ قَوْلُهُ لَوْ كَانَ بَعْضُهَا لِزِينَةٍ وَبَعْضُهَا لِحَاجَةٍ حَرُمَ عَلَى مَا إذَا كَانَ بَعْضُ الزِّينَةِ كَبِيرًا يَقِينًا سَوَاءٌ الْإِبْهَامُ وَالتَّعْيِينُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ صَغِيرًا أَوْ مَشْكُوكًا فِيهِ سَوَاءٌ الْإِبْهَامُ وَالتَّعْيِينُ فِيهِمَا أَيْضًا لَكَانَ أَوْجَهَ اهـ.

(قَوْلُهُ يَعْنِي اسْتِعْمَالَهُ) أَيْ وَاتِّخَاذَهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي، وَسَكَتَ عَنْ نَفْسِ الْفِعْلِ الَّذِي هُوَ التَّضْبِيبُ فَهَلْ يَحْرُمُ مُطْلَقًا كَالتَّمْوِيهِ أَوْ يُفَرَّقُ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ تَعْلِيلِ حُرْمَةِ التَّمْوِيهِ مُطْلَقًا بِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ، وَلَعَلَّ الثَّانِيَ أَقْرَبُ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش وَبُجَيْرِمِيٌّ وَشَيْخُنَا (قَوْلُهُ لِلزِّينَةِ مَعَ الْكِبَرِ) عِلَّةٌ لِلْحُرْمَةِ (قَوْلُهُ أَيْ الْمُحَقَّقِ) إلَى فَبَاءُ بِذَهَبٍ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ الْأَصْلُ إبَاحَتُهُ) الْمُرَادُ بِالْإِبَاحَةِ مَا قَابَلَ الْحُرْمَةَ، ثُمَّ إنْ كَانَتْ لِزِينَةٍ كُرِهَتْ أَوْ لِحَاجَةٍ فَلَا فِيمَا يَظْهَرُ فَتَأَمَّلْ، وَبَقِيَ مَا لَوْ شَكَّ هَلْ الضَّبَّةُ لِلزِّينَةِ أَوْ لِلْحَاجَةِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْحِلُّ مَعَ الْكَرَاهَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْأَصْلُ إبَاحَتُهُ ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ (أَوْ صَغِيرَةً) أَيْ فِي الْعُرْفِ (قَوْلُهُ عَنْ غَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ ضَبَّةِ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَالنِّهَايَةِ عَنْ غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ اهـ وَعِبَارَةُ الْمُغْنِي عَنْ التَّضْبِيبِ بِغَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُبِيحُ أَصْلَ الْإِنَاءِ) أَيْ اسْتِعْمَالَ الْإِنَاءِ الَّذِي كُلُّهُ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَضْلًا عَنْ الْمُضَبَّبِ بِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ السَّيِّدُ عُمَرُ الْبَصْرِيُّ قَوْلُهُمْ إنَّ الْعَجْزَ عَنْ غَيْرِ آنِيَةِ النَّقْدَيْنِ يُبِيحُهَا هَلْ هُوَ عَلَى إطْلَاقِهِ أَوْ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا اُضْطُرَّ إلَيْهِ بِحَيْثُ لَا يَتَأَتَّى الْوُصُولُ إلَى الْمُسْتَعْمَلِ إلَّا بِاسْتِعْمَالِهَا مَحَلُّ تَأَمُّلٍ اهـ أَقُولُ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ الْأَوَّلُ قَوْلُ الْمَتْنِ (لِزِينَةٍ) أَيْ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا مُغْنِي وَنِهَايَةٌ وَقَوْلُهُ لِحَاجَةٍ أَيْ كُلِّهَا مُغْنِي قَالَ شَيْخُنَا وَحَاصِلُ مَسْأَلَةِ الضَّبَّةِ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ كَبِيرَةً كُلَّهَا لِزِينَةٍ أَوْ بَعْضُهَا لِزِينَةٍ وَبَعْضُهَا لِحَاجَةٍ حَرُمَتْ فِي الصُّورَتَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ كَبِيرَةً كُلَّهَا لِحَاجَةٍ أَوْ صَغِيرَةً كُلَّهَا لِزِينَةٍ أَوْ بَعْضُهَا لِزِينَةٍ وَبَعْضُهَا لِحَاجَةٍ كُرِهَتْ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ، وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً كُلَّهَا لِحَاجَةٍ أُبِيحَتْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَلَوْ شَكَّ فِي الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ كُرِهَتْ فَمَجْمُوعُ الصُّوَرِ سَبْعَةٌ بِصُوَرِ الشَّكِّ اهـ.

وَفِي الْبُجَيْرَمِيِّ مِثْلُهُ وَقَوْلُهُ وَلَوْ شَكَّ إلَخْ أَيْ فِيمَا إذَا كَانَتْ لِزِينَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ لِحَاجَةٍ فَقَطْ فَتُبَاحُ كَمَا مَرَّ عَنْ ع ش.

(قَوْلُهُ وَضَبَّةٌ نُصِبَتْ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ وَقَوْلُهُ كَنَصْبِ الْمَصْدَرِ يُحْتَمَلُ أَنَّهَا أَيْ ضَبَّةٌ نَابَتْ عَنْهُ أَيْ الْمَصْدَرِ كَضَرْبَتِهِ سَوْطًا فَالتَّقْدِيرُ تَضْبِيبُ ضَبَّةٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ ذَلِكَ مُرَادُهُمْ سم أَقُولُ كَلَامُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ كَالصَّرِيحِ فِي الثَّانِي عِبَارَتُهُمَا قَالَ الشَّارِحُ تَوَسَّعَ الْمُصَنِّفُ فِي نَصْبِ الضَّبَّةِ بِفِعْلِهَا نَصْبَ الْمَصْدَرِ أَيْ؛ لِأَنَّ انْتِصَابَ الضَّبَّةِ عَلَى الْمَفْعُولِ الْمُطْلَقِ فِيهِ تَوَسُّعٌ عَلَى خِلَافِ الْأَكْثَرِ فَإِنَّ أَكْثَرَ مَا يَكُونُ الْمَفْعُولُ الْمُطْلَقُ مَصْدَرًا وَهُوَ اسْمُ الْحَدَثِ الْجَارِي عَلَى الْفِعْلِ نَحْوُ {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164] قَدْ يَنُوبُ عَنْ الْمَصْدَرِ فِي الِانْتِصَابِ عَلَى الْمَفْعُولِ الْمُطْلَقِ أَشْيَاءُ مِنْهَا مَا يُشَارِكُ الْمَصْدَرَ فِي حُرُوفِهِ الَّتِي بُنِيَتْ صِيغَتُهُ مِنْهَا، وَيُسَمَّى الْمُشَارِكُ فِي الْمَادَّةِ وَهُوَ أَقْسَامٌ مِنْهَا مَا يَكُونُ اسْمَ عَيْنٍ لَا حَدَثٍ كَالضَّبَّةِ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ وَنَحْوُ قَوْلِهِ عز وجل {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْضِ نَبَاتًا} [نوح: 17] فَضَبَّةٌ اسْمُ عَيْنٍ مُشَارِكٌ لِمَصْدَرِ ضَبَّبَ وَهُوَ التَّضْبِيبُ فِي مَادَّتِهِ فَأُنِيبَ مَنَابَهُ فِي الِانْتِصَابِ عَلَى الْمَفْعُولِ الْمُطْلَقِ اهـ.

(قَوْلُهُ فَبَاءُ بِذَهَبٍ إلَخْ) مَا الْمَانِعُ أَنَّ بَاءَ بِذَهَبٍ صِلَةُ ضَبَّبَ سم وَقَدْ يُقَالُ الْمَانِعُ كَوْنُ ضَبَّةٍ عَلَيْهِ كَالْمُكَرَّرِ وَعَدَمُ حُسْنِهِ نَصَبَهُ عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ إذْ التَّقْدِيرُ حِينَئِذٍ وَمَا ضُبِّبَ بِضَبَّةِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ ضَبَّةً كَبِيرَةً أَوْ بِنَزْعِ الْخَافِضِ عَطْفٌ عَلَى يُضَبَّبُ (قَوْلُهُ مُوهِمٌ) إذْ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ وَمَا ضُبِّبَ بِضَبَّةٍ كَبِيرَةٍ بِذَهَبٍ أَيْ مُلَابِسَةٍ بِذَهَبٍ إلَخْ فَيَقْتَضِي أَنَّ الضَّبَّةَ الْكَبِيرَةَ الْمُمَوَّهَةَ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ تَحْرُمُ مُطْلَقًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَصْرِيٌّ.

وَقَدْ يُقَالُ هَذَا الْإِيهَامُ مَوْجُودٌ عَلَى الْأَوَّلِ أَيْضًا فَلِمَ دَفَعَهُ هُنَاكَ بِجَعْلِ الْبَاءِ بِمَعْنَى مِنْ دُونَ هُنَا وَلِلْكُرْدِيِّ تَوْجِيهٌ آخَرُ لِلْإِيهَامِ تَرَكْنَاهُ لِغَايَةٍ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ كَالْمُتَمَحِّضَةِ مِنْهُ) أَيْ فَيُفْصَلُ فِيهَا بَيْنَ

إنْ كَانَتْ تِلْكَ الْقِطَعُ مُتَفَاصِلَةً فَالرَّحْمَةُ هُنَا تُنَاسِبُ الْآتِي وَلَوْ تَعَدَّدَتْ إلَخْ.

(قَوْلُهُ يَعْنِي اسْتِعْمَالُهُ) سَكَتَ عَنْ نَفْسِ الْفِعْلِ الَّذِي هُوَ التَّضْبِيبُ فَهَلْ يَحْرُمُ مُطْلَقًا كَالتَّمْوِيهِ أَوْ يُفَرَّقُ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ تَعْلِيلِ حُرْمَةِ التَّمْوِيهِ مُطْلَقًا بِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ وَلَعَلَّ الثَّانِيَ أَقْرَبَ (قَوْلُهُ الْأَصْلُ إبَاحَتُهُ) أَيْ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ وَضَبَّةٌ نُصِبَتْ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ وَقَوْلُهُ كَنَصْبِ الْمَصْدَرِ يُحْتَمَلُ أَنَّهَا ثَابِتٌ عَنْهُ كَ ضَرَبْته سَوْطًا فَالتَّقْدِيرُ تَضْبِيبُ ضَبَّةٍ إلَخْ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ ذَلِكَ مُرَادُهُمْ (قَوْلُهُ فَبَاءَ بِذَهَبٍ إلَخْ) مَا الْمَانِعُ أَنَّ بَاءَ بِذَهَبٍ صِلَةُ ضَبَّبَ

ص: 125

بِنَحْوِ شُرْبٍ أَوْ أَكْلٍ (كَغَيْرِهِ) مِمَّا ذُكِرَ فِي الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ (فِي الْأَصَحِّ) وَلَا أَثَرَ لِمُبَاشَرَتِهَا بِالِاسْتِعْمَالِ مَعَ وُجُودِ الْمُسَوِّغِ وَلَوْ تَعَدَّدَتْ ضَبَّاتٌ صَغِيرَاتٌ لِزِينَةٍ فَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ حِلُّهَا وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْ مَجْمُوعِهَا قَدْرُ ضَبَّةٍ كَبِيرَةٍ، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي تَحْرِيمُهَا لِمَا فِيهَا مِنْ الْخُيَلَاءِ وَبِهِ فَارَقَ مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ تَعَدَّدَ الدَّمُ الْمَعْفُوُّ عَنْهُ وَلَوْ اجْتَمَعَ لَكَثُرَ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ فِيهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ أَصْلَ الْمَشَقَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْعَفْوِ مَوْجُودٌ وَبِهِ يَبْطُلُ النَّظَرُ لِتَقْدِيرِ الْكَثْرَةِ بِفَرْضِ الِاجْتِمَاعِ وَهُنَا الْمُقْتَضِي لِلْحُرْمَةِ الْخُيَلَاءُ وَهُوَ مَوْجُودٌ مَعَ التَّفَرُّقِ الَّذِي هُوَ فِي قُوَّةِ الِاجْتِمَاعِ فَإِنْ قُلْت الَّذِي اعْتَمَدْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَنَّهُ لَا تَحِلُّ الزِّيَادَةُ عَلَى طِرَازَيْنِ أَوْ رُقْعَتَيْنِ لِزِينَةٍ فَهَلَّا كَانَ مَا هُنَا كَذَلِكَ بِجَامِعِ أَنَّ الْكُلَّ لِلزِّينَةِ.

وَأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْفِضَّةِ وَالْحَرِيرِ التَّحْرِيمُ بَلْ الْفِضَّةُ أَغْلَظُ فَكَانَ مَا هُنَا أَوْلَى فَإِذَا امْتَنَعَ الزَّائِدُ عَلَى ثِنْتَيْنِ ثَمَّ فَهُنَا أَوْلَى قُلْت يُفَرَّقُ بِأَنَّ صِغَرَ ضَبَّةِ الزِّينَةِ وَكِبَرِهَا أَحَالُوهُ عَلَى مَحْضِ الْعُرْفِ وَهُوَ عِنْدَ التَّعَدُّدِ مُضْطَرِبٌ فَنَظَرُوا إلَى أَنَّ ذَلِكَ التَّعَدُّدَ هَلْ يُسَاوِي الْكَبِيرَةَ فَيَحْرُمُ أَوْ لَا فَيَحِلُّ.

وَأَمَّا ثَمَّ فَوَرَدَ تَقْدِيرُهُ بِأَرْبَعِ أَصَابِعَ وَكَانَ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَكْثَرُ مِنْ رُقْعَةٍ لَكِنْ وَجَدْنَا الطِّرَازَ يَحِلُّ مَعَ تَعَدُّدِهِ فَأَلْحَقْنَا بِهِ التَّرْقِيعَ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ هُنَاكَ أَصْلًا وَارِدًا فَاعْتَبَرْنَاهُ وَلَا كَذَلِكَ هُنَاكَ فَاعْتَبَرْنَا قِيَاسَ الْمُتَعَدِّدِ الْمُضْطَرِبِ فِيهِ الْعُرْفُ عَلَى الْكَبِيرِ لِلزِّينَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا اضْطِرَابَ فِيهَا (قُلْت الْمَذْهَبُ تَحْرِيمُ) إنَاءِ (ضَبَّةِ الذَّهَبِ مُطْلَقًا) ؛ لِأَنَّ الْخُيَلَاءَ فِيهِ أَشَدُّ كَضَبَّةِ الْفِضَّةِ إذَا عَمَّتْ الْإِنَاءَ وَمِنْهُ مَا اُعْتِيدَ فِي مِرْآةِ الْعُيُونِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَأُخِذَ مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَوْ فَقَدَ غَيْرَ

الْكَبِيرِ لِزِينَةٍ وَغَيْرِهَا هَذَا وَلَوْ قِيلَ يُنْظَرُ حِينَئِذٍ لِلْمُتَحَصِّلِ هَلْ يَبْلُغُ مِقْدَارَ كَبِيرَةٍ فَيَحْرُمُ أَوْ لَا فَلَا لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا فَتَأَمَّلْهُ بَصْرِيٌّ أَيْ غَايَةُ بُعْدٍ وَإِلَّا فَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ أَقْرَبُ مِنْهُ (قَوْلُهُ بِنَحْوِ شُرْبٍ) إلَى قَوْلِهِ وَحَاصِلُهُ فِي النِّهَايَةِ قَوْلُ الْمَتْنِ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الِاسْتِعْمَالَ مَنْسُوبٌ إلَى الْإِنَاءِ كُلِّهِ، وَلِأَنَّ مَعْنَى الْعَيْنِ وَالْخُيَلَاءِ لَا تَخْتَلِفُ نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي بَلْ قَدْ تَكُونُ الزِّينَةُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الِاسْتِعْمَالِ أَكْثَرُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَا أَثَرَ إلَخْ) رَدٌّ لِدَلِيلِ الْمُقَابِلِ الْقَائِلِ بِالْحُرْمَةِ (قَوْلُهُ وَبِهِ فَارَقَ إلَخْ) أَيْ بِالتَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ وَلَوْ اجْتَمَعَ إلَخْ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ وَ (قَوْلُهُ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) وَهُوَ عَدَمُ الضَّرَرِ الرَّاجِحِ عِنْدَ الشَّارِحِ وَالْمَرْجُوحِ عِنْدَ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَحَاصِلُهُ) أَيْ الْفَرْقِ (قَوْلُهُ مَوْجُودٌ) أَيْ فِي الدَّمِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ لِتَقْدِيرِ الْكَثْرَةِ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ تَقْدِيرٍ (قَوْلُهُ فَكَانَ مَا هُنَا أَوْلَى) يُغْنِي عَنْهُ مَا بَعْدَهُ قَوْلُ الْمَتْنِ (مُطْلَقًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ مِمَّا مَرَّ مُغْنِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْخُيَلَاءَ فِيهِ أَشَدُّ) أَيْ مِنْ الْفِضَّةِ، وَلِأَنَّ الْحَدِيثَ فِي الْفِضَّةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِهَا جَوَازُهُ؛ لِأَنَّهَا أَوْسَعُ بِدَلِيلِ جَوَازِ الْخَاتَمِ لِلرَّجُلِ مِنْهَا، وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الذَّهَبَ كَالْفِضَّةِ فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْجُمْهُورِ مُغْنِي (قَوْلُهُ كَضَبَّةِ الْفِضَّةِ إلَخْ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ عِبَارَتُهُ وَشَمِلَتْ الضَّبَّةُ لِلْحَاجَةِ مَا لَوْ عَمَّتْ جَمِيعَ الْإِنَاءِ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى حِينَئِذٍ ضَبَّةً مَمْنُوعٌ، وَنَقَلَ سم مِثْلَهَا عَنْ الْإِيعَابِ وَأَقَرَّهُ وَاعْتَمَدَهُ الشَّيْخُ سُلْطَانٌ وَأَقَرَّهُ الْبُجَيْرَمِيُّ.

وَهَذِهِ مَعَ مَا قَدَّمَهُ كَالشَّارِحِ مِنْ أَنَّ تَحْلِيَةَ آلَةِ الْحَرْبِ جَائِزَةٌ وَإِنْ كَثُرَتْ كَالضَّبَّةِ لِحَاجَةٍ وَإِنْ تَعَدَّدَتْ اهـ صَرِيحَةٌ فِي جَوَازِ تَعْمِيمِ بُيُوتِ الْجُنَّابِي بِالْفِضَّةِ كَمَا أَنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ هُنَا مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ صَرِيحٌ فِي خِلَافِهِ، وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي الْكُرْدِيِّ عَلَى شَرْحِ بَافَضْلٍ مِمَّا نَصُّهُ قَوْلُهُ وَالْكَبِيرَةُ لِحَاجَةٍ فِي التُّحْفَةِ وَالْإِمْدَادِ وَفَتْحِ الْجَوَادِ الْحُرْمَةُ إنْ عَمَّتْ الْإِنَاءَ، وَأَقَرَّ الْخَطِيبُ الشِّرْبِينِيُّ الْمَاوَرْدِيُّ عَلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ، وَخَالَفَ الشَّارِحُ ذَلِكَ فِي الْإِيعَابِ وَبَحَثَ أَنَّهُ إنْ كَانَ التَّعْمِيمُ لِحَاجَةٍ جَازَ كَمَا شَمِلَهُ إطْلَاقُهُمْ، وَكَذَلِكَ الْجَمَالُ الرَّمْلِيُّ فِي النِّهَايَةِ وَهَلْ يَجْرِي ذَلِكَ فِيمَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ بَعْضِ الْعَوَامّ مِنْ تَعْمِيمِ بُيُوتِ الْجُنَّابِي بِالْفِضَّةِ أَفْتَى بَعْضُ فُقَهَاءِ الْيَمَنِ بِعَدَمِ الْإِلْحَاقِ، وَأَنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِسْرَافِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الزَّكَاةِ اهـ فَإِنَّهُ لَا مَوْقِعَ لِلتَّرَدُّدِ بِقَوْلِهِ فَإِنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ هُنَا مَعَ كَلَامِهِ السَّابِقِ بَلْ مَا هُنَا فَقَطْ صَرِيحٌ فِي الْمَنْعِ.

وَكَلَامُ النِّهَايَةِ هُنَا مَعَ كَلَامِهِ السَّابِقِ صَرِيحٌ فِي الْجَوَازِ (قَوْلُهُ إذَا عَمَّتْ الْإِنَاءَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ صَغُرَتْ فِي نَفْسِهَا.

(فَرْعٌ)

قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَلَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا مُضَبَّبًا بِمَا يَحْرُمُ وَفِضَّةً خَالِصَةً فَهَلْ يَحِلُّ لَهُ اسْتِعْمَالُ الْفِضَّةِ لِمَا يَأْتِي أَوْ يَتَعَيَّنُ اسْتِعْمَالُ الْمُضَبَّبِ؛ لِأَنَّهُ أَخَفُّ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ فَقَدَ غَيْرَ النَّقْدَيْنِ وَوَجَدَ إنَاءً ذَهَبًا وَإِنَاءً فِضَّةً فَهَلْ يَحِلُّ اسْتِعْمَالُ الذَّهَبِ لِتَسَاوِيهِمَا فِي حَالِ الضَّرُورَةِ لِانْتِفَاءِ حُرْمَتِهِمَا عِنْدَهَا أَوْ يَتَعَيَّنُ الْفِضَّةُ لِمَا مَرَّ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ أَيْضًا وَنَظِيرُ ذَلِكَ لَوْ وَجَدَ الْمُضْطَرُّ مَيْتَةَ كَلْبٍ وَحَيَوَانٍ آخَرَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، ثُمَّ إنَّهُ يَتَخَيَّرُ فَلْيَكُنْ هُنَا كَذَلِكَ انْتَهَى اهـ سم.

أَقُولُ تَقْدِيمٌ عَنْ النِّهَايَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ تَرْجِيحُ تَعَيُّنِ الْفِضَّةِ وَعَنْ الْبُجَيْرِمِيِّ وَشَيْخِنَا اعْتِمَادُهُ وَإِلَيْهِ يَمِيلُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي، وَأُخِذَ مِنْ الْعِلَّةِ إلَخْ وَقِيَاسُ ذَلِكَ تَعَيُّنُ الْمُضَبَّبِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَإِنْ ادَّعَى الشَّارِحُ فِي الْإِمْدَادِ

قَوْلُهُ بِنَحْوِ شُرْبٍ إلَخْ) قَالَ فِي الْإِرْشَادِ وَلَوْ بِمَحَلِّ شُرْبٍ أَوْ اسْتَوْعَبَتْ جُزْءًا قَالَ فِي شَرْحِهِ وَخَرَجَ بِ جُزْءًا مَا لَوْ اسْتَوْعَبَتْ الْجَمِيعَ فَإِنَّهَا تَحْرُمُ قَطْعًا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ اهـ.

وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَنَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ لَوْ عَمَّ التَّضْبِيبُ الْإِنَاءَ حَرُمَ قَوْلًا وَاحِدًا وَفِي إطْلَاقِهِ وَقْفَةٌ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ مَتَى كَانَ التَّعْمِيمُ لِحَاجَةٍ جَازَ كَمَا شَمِلَهُ إطْلَاقُهُمْ وَلَا يُقَالُ هُوَ لَا يُسَمَّى ضَبَّةً حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ مَمْنُوعٌ لِمَا يَأْتِي أَنَّهَا مَا يُصْلَحُ بِهِ خَلَلُ الْإِنَاءِ وَهَذَا يَشْمَلُ ذَلِكَ إلَخْ اهـ.

(قَوْلُهُ إذَا عَمَّتْ الْإِنَاءَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ صَغُرَتْ فِي نَفْسِهَا

(فَرْعٌ)

قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَلَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا مُضَبَّبًا بِمَا يَحْرُمُ وَفِضَّةً خَالِصًا فَهَلْ يَحِلُّ لَهُ اسْتِعْمَالُ الْفِضَّةِ لِمَا يَأْتِي أَوْ يَتَعَيَّنُ اسْتِعْمَالُ الْمُضَبَّبِ؛ لِأَنَّهُ أَخَفُّ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَكَذَلِكَ لَوْ فَقَدْ غَيْرَ النَّقْدَيْنِ وَوَجَدَ إنَاءَ ذَهَبٍ وَإِنَاءَ فِضَّةٍ فَهَلْ يَحِلُّ اسْتِعْمَالُ الذَّهَبِ لِتُسَاوِيهِمَا فِي حَالِ الضَّرُورَةِ لِانْتِفَاءِ حُرْمَتِهَا عِنْدَهَا أَوْ تَتَعَيَّنُ الْفِضَّةُ لِمَا مَرَّ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ أَيْضًا وَنَظِيرُ ذَلِكَ وَلَوْ وَجَدَ الْمُضْطَرُّ مَيْتَةَ كَلْبٍ وَحَيَوَانٍ آخَرَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ ثُمَّ إنَّهُ يَتَخَيَّرُ فَلْيَكُنْ هُنَا كَذَلِكَ وَمِنْهُ إنْ سُلِّمَ تَنْشَأُ قَاعِدَةٌ حَسَنَةٌ وَهِيَ أَنَّ مَا أُبِيحَ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ لَا نَظَرَ إلَى تَفَاوُتِ أَنْوَاعِهِ خِفَّةً وَغِلَظًا عِنْدَ إبَاحَتِهِ وَإِنْ نَظَرَ إلَيْهَا عِنْدَ تَحْرِيمِهِ إلَى أَنْ قَالَ وَلَوْ تَفَرَّقَتْ

ص: 126