المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

أَشَارَ لِذَلِكَ (وَعُبُورُهُ سِتِّينَ) يَوْمًا (كَعُبُورِهِ) أَيْ الْحَيْضِ (أَكْثَرَهُ) فَيَأْتِي - تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي - جـ ١

[ابن حجر الهيتمي]

الفصل: أَشَارَ لِذَلِكَ (وَعُبُورُهُ سِتِّينَ) يَوْمًا (كَعُبُورِهِ) أَيْ الْحَيْضِ (أَكْثَرَهُ) فَيَأْتِي

أَشَارَ لِذَلِكَ (وَعُبُورُهُ سِتِّينَ) يَوْمًا (كَعُبُورِهِ) أَيْ الْحَيْضِ (أَكْثَرَهُ) فَيَأْتِي هُنَا أَقْسَامُ الْمُسْتَحَاضَةِ بِأَحْكَامِهَا فَإِنْ اعْتَادَتْ نِفَاسًا وَحَيْضًا فَنِفَاسُهَا الْعَادَةُ وَبَعْدَ قَدْرِهَا إلَى مُضِيِّ قَدْرِ طُهْرِهَا الْمُعْتَادِ مِنْ الْحَيْضِ طُهْرٌ، ثُمَّ بَعْدَهُ حَيْضُهَا كَعَادَتِهَا أَوْ نِفَاسًا فَقَطْ فَهِيَ مُبْتَدَأَةٌ فِي الْحَيْضِ فَطُهْرُهَا بَعْدَ نِفَاسِهَا الْمُعْتَادِ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا، ثُمَّ تَحِيضُ أَقَلَّهُ وَتَطْهُرُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا وَهَكَذَا وَمِثْلُهَا فِيمَا ذُكِرَ مُبْتَدَأَةٌ فِيهِمَا، وَإِنْ تَكَرَّرَتْ وِلَادَتُهَا بِلَا دَمٍ وَنِفَاسٍ الْمُبْتَدَأَةُ مَجَّةً أَوْ حَيْضًا فَقَطْ رُدَّتْ فِي الْحَيْضِ لِعَادَتِهَا فِيهِ كَالطُّهْرِ وَفِي النِّفَاسِ لَمْحَةٌ كَمَا تُرَدُّ مُمَيِّزَةً فِيهِ لِتَمْيِيزِهَا مَا لَمْ تَزِدْ عَلَى سِتِّينَ وَلَا شَرْطَ لِلضَّعِيفِ هُنَا وَلَوْ نَسِيَتْ عَادَةَ نِفَاسِهَا احْتَاطَتْ أَبَدًا سَوَاءٌ الْمُبْتَدَأَةُ فِي الْحَيْضِ وَالنَّاسِيَةُ لِعَادَتِهَا فِيهِ. وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ لَا يُتَصَوَّرُ التَّحَيُّرُ فِي النِّفَاسِ إذْ الْمَذْهَبُ أَنَّ مِنْ عَادَتِهَا أَنْ لَا تَرَاهُ أَصْلًا إذَا رَأَتْ الدَّمَ وَجَاوَزَ السِّتِّينَ تَكُونُ كَالْمُبْتَدَأَةِ وَحِينَئِذٍ فَابْتِدَاءُ نِفَاسِهَا مَعْلُومٌ وَبِهِ يَنْتَفِي التَّحَيُّرُ فَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ مَا ذَكَرَهُ لَا يَدُلُّ عَلَى انْتِفَاءِ مُطْلَقِ التَّحَيُّرِ عَنْ النِّفَاسِ لِمَا تَقَرَّرَ فِي النَّاسِيَةِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ النُّفَسَاءُ النَّاسِيَةُ إنْ نَسِيَتْ قَدْرَ عَادَةِ نِفَاسِهَا وَعَلِمَتْ وَقْتَ وِلَادَتِهَا وَجَاوَزَ الدَّمُ تَحْتَاطُ أَبَدًا إنْ كَانَتْ مُبْتَدَأَةً؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ حَيْضِهَا غَيْرُ مَعْلُومٍ، وَإِنْ نَسِيَتْ الْقَدْرَ وَالْوَقْتَ بِأَنْ تَقُولَ وَلَدْت مَجْنُونَةً وَاسْتَمَرَّ بِي الدَّمِ وَأَنَا مُبْتَدَأَةٌ فِي الْحَيْضِ احْتَاطَتْ أَبَدًا أَيْضًا.

(كِتَابُ الصَّلَاةِ)

هِيَ شَرْعًا

سم عِبَارَةُ السَّيِّدِ الْبَصْرِيِّ قَوْلُهُ كَذَا نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ نَقَلَ فِي النِّهَايَةِ كَلَامَ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَأَقَرَّهُ مِنْ غَيْرِ تَعَقُّبٍ وَتَعَقَّبَهُ فِي الْمُغْنِي بِنَحْوِ مَا هُنَا فَقَالَ وَرُبَّمَا يُقَالُ قَدْ يُسْقِطُهُ فِيمَا إذَا بَقِيَ مِنْ وَقْتِ الضَّرُورَةِ مَا يَسَعُ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ فَنَفِسَتْ أَقَلَّ النِّفَاسِ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ قَضَاءُ تِلْكَ الصَّلَاةِ فَعَلَى هَذَا لَا يُسْتَثْنَى مَا قَالَهُ اهـ وَقَدْ يُجَابُ مِنْ قِبَلِ ابْنِ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ أَقَلَّ الْحَيْضِ يَسْتَقِلُّ بِإِسْقَاطِ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ أَقَلِّ النِّفَاسِ وَلَا تَرِدُ الصُّورَةُ الْمَذْكُورَةُ إذْ الْمُسْقِطُ فِيهَا لِلصَّلَاةِ إنَّمَا هُوَ اجْتِمَاعُهُ مَعَ الْجُنُونِ السَّابِقِ حَتَّى لَوْ فُرِضَ انْتِفَاءُ الْجُنُونِ فَلَا إسْقَاطَ وَيَكْفِي هَذَا الْقَدْرُ إذْ الْفَرْضُ إثْبَاتُ خَصِيصِيَّةٍ لِلْحَيْضِ لَيْسَتْ لِلنِّفَاسِ اهـ

(قَوْلُهُ أَشَارَ لِذَلِكَ) أَيْ لِلْمَنْعِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ فَيَأْتِي هُنَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي لِأَنَّ النِّفَاسَ كَالْحَيْضِ فِي غَالِبِ أَحْكَامِهِ فَكَذَلِكَ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ عِنْدَ الْإِشْكَالِ فَيَنْظُرُ أَمُبْتَدَأَةٌ تِلْكَ فِي النِّفَاسِ أَمْ مُعْتَادَةٌ مُمَيِّزَةٌ أَمْ غَيْرُ مُمَيِّزَةٍ وَيُقَاسُ بِمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَيْضِ فَتُرَدُّ الْمُبْتَدَأَةُ الْمُمَيِّزَةُ إلَى التَّمْيِيزِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَزِيدَ الْقَوِيُّ عَلَى سِتِّينَ وَلَا ضَبْطَ فِي الضَّعِيفِ وَغَيْرِ الْمُمَيِّزَةِ إلَى لَحْظَةٍ عَلَى الْأَظْهَرِ وَالْمُعْتَادَةُ الْمُمَيِّزَةُ إلَى التَّمْيِيزِ لَا الْعَادَةُ فِي الْأَصَحِّ وَغَيْرُ الْمُمَيِّزَةِ الْحَافِظَةِ إلَى الْعَادَةِ وَتَثْبُتُ بِمَرَّةٍ إنْ لَمْ تَخْتَلِفْ فِي الْأَصَحِّ وَإِلَّا فَفِيهِ التَّفْصِيلُ السَّابِقُ فِي الْحَيْضِ وَالنَّاسِيَةُ إلَى مَرَدِّ الْمُبْتَدَأَةِ فِي قَوْلٍ وَتَحْتَاطُ فِي الْآخَرِ الْأَظْهَرِ فِي التَّحْقِيقِ اهـ.

(قَوْلُهُ طُهْرٌ) أَيْ هُوَ طُهْرُهَا سم. (قَوْلُهُ وَمِثْلُهَا) أَيْ الْمُعْتَادَةِ نِفَاسًا فَقَطْ (قَوْلُهُ فِيمَا ذَكَرَ مُبْتَدَأَةً فِيهِمَا) قَالَ فِي الرَّوْضِ إلَّا أَنَّ هَذِهِ أَيْ الْمُبْتَدَأَةِ فِيهِمَا نِفَاسُهَا لَحْظَةً اهـ، وَهَذَا مُرَادُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ الْآتِي وَنِفَاسُ الْمُبْتَدَأَةِ مَجَّةٌ فَهُوَ كَالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ وَمِثْلُهَا إلَخْ سم. (قَوْلُهُ مُمَيِّزَةٌ فِيهِ) أَيْ مُبْتَدَأَةٌ مُمَيِّزَةٌ فِي النِّفَاسِ. (قَوْلُهُ مَا لَمْ تَزِدْ) أَيْ الْمُمَيِّزَةُ يَعْنِي تَمَيُّزَهَا عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ وَكَانَ الظَّاهِرُ التَّذْكِيرَ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَالْمُغْنِي قَالَ سم لَمْ يَقُلْ وَلَمْ يَنْقُصْ عَنْ أَقَلِّهِ كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي الْحَيْضِ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ النَّقْصِ هُنَا اهـ. (قَوْلُهُ وَلَا شَرْطَ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلَا ضَبْطَ اهـ. (قَوْلُهُ لَا يُتَصَوَّرُ التَّحَيُّرُ) أَيْ الْمُطْلَقُ (فِي النِّفَاسِ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي لَكِنْ أَقَرَّ الرَّشِيدِيُّ مَا قَالَهُ الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ وَبِهِ) أَيْ بِعِلْمِهَا ابْتِدَاءُ نِفَاسِهَا (قَوْلُهُ يَنْتَفِي التَّحَيُّرُ) أَيْ الْمُطْلَقُ.

(خَاتِمَةٌ)

يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ تَعَلُّمُ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ أَحْكَامِ الْحَيْضِ وَالِاسْتِحَاضَةِ وَالنِّفَاسِ فَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا عَالِمًا لَزِمَهُ تَعْلِيمُهَا وَإِلَّا فَلَهَا الْخُرُوجُ لِسُؤَالِ الْعُلَمَاءِ بَلْ يَجِبُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ مَنْعُهَا إلَّا أَنْ يَسْأَلَ هُوَ وَيُخْبِرَهَا فَتَسْتَغْنِي بِذَلِكَ وَلَيْسَ لَهَا الْخُرُوجُ إلَى مَجْلِسِ ذِكْرٍ أَوْ تَعَلُّمِ خَيْرٍ إلَّا بِرِضَاهُ وَإِذَا انْقَطَعَ دَمُ النِّفَاسِ أَوْ الْحَيْضِ وَاغْتَسَلَتْ أَوْ تَيَمَّمَتْ حَيْثُ يُشْرَعُ لَهَا التَّيَمُّمُ فَلِلزَّوْجِ أَنْ يَطَأَهَا فِي الْحَالِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ فَإِنْ خَافَتْ عَوْدَ الدَّمِ اُسْتُحِبَّ لَهُ التَّوَقُّفُ فِي الْوَطْءِ احْتِيَاطًا مُغْنِي وَنِهَايَةٌ.

[كِتَابُ الصَّلَاةِ]

أَيْ هَذَا كِتَابُ الصَّلَاةِ أَيْ أَلْفَاظٌ مَخْصُوصَةٌ دَالَّةٌ عَلَى مَعَانٍ مَخْصُوصَةٍ هِيَ حَقِيقَةُ الصَّلَاةِ وَعَدَدُهَا وَحُكْمُهَا

التَّعْلِيلُ فَلَا يَرُدُّ مَا أَوْرَدَهُ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ مِنْ الْحَيْضِ) أَيْ هُوَ طُهْرُهَا (قَوْلُهُ وَمِثْلُهَا فِيمَا ذَكَرَ مُبْتَدَأَةٌ فِيهِمَا) قَالَ فِي الرَّوْضِ إلَّا أَنَّ هَذِهِ أَيْ الْمُبْتَدَأَةَ فِيهِمَا نِفَاسُهَا لَحْظَةً اهـ، وَهَذَا مُرَادُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ الْآتِي وَنِفَاسُ الْمُبْتَدَأَةِ مَجَّةٌ اهـ. (قَوْلُهُ وَنِفَاسُ الْمُبْتَدَأَةِ مَجَّةٌ) هُوَ كَالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ وَمِثْلُهَا إلَخْ. (قَوْلُهُ مَا لَمْ تَزِدْ عَلَى سِتِّينَ) لَمْ يَقُلْ وَلَمْ تَنْقُصْ عَنْ أَقَلِّهِ كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي الْحَيْضِ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ النَّقْصِ هُنَا (قَوْلُهُ وَلَا شَرْطَ لِلضَّعِيفِ هُنَا) فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّهُ تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَوْ انْقَطَعَ الدَّمُ فِي السِّتِّينَ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ، ثُمَّ عَادَ قَبْلَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مِنْ حِينِ الِانْقِطَاعِ كَانَ الْعَائِدُ نِفَاسًا لَا حَيْضًا، إذْ الطُّهْرُ الْفَاصِلُ بَيْنَ النِّفَاسِ وَالْحَيْضِ فِي السِّتِّينَ لَا يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ وَمِنْ لَازِمِ ذَلِكَ كَوْنُ زَمَنِ الِانْقِطَاعِ الْمَذْكُورِ نِفَاسًا وَحِينَئِذٍ فَلَوْ رَأَتْ مَثَلًا نِصْفَ السِّتِّينَ سَوَادًا، ثُمَّ عَشَرَةً حُمْرَةً، ثُمَّ عَادَ السَّوَادُ وَجَاوَزَ السِّتِّينَ فَإِنْ جَعَلَتْ الْحُمْرَةَ الْمَذْكُورَةَ طُهْرًا وَمَا بَعْدَهَا حَيْضًا خَالَفَ هَذَا الَّذِي تَقَرَّرَ وَإِلَّا لَزِمَ أَنَّ لِلضَّعِيفِ شَرْطًا فِي الْجُمْلَةِ وَلَمْ يَصِحَّ نَفْيُ جِنْسِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ لَا شَرْطُ لَهُ بِالنِّسْبَةِ لِمَا بَعْدَ السِّتِّينَ وَهُوَ تَكَلُّفٌ وَإِجْمَالٌ وَإِبْهَامٌ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(كِتَابُ الصَّلَاةِ)

ص: 414

أَقْوَالٌ وَأَفْعَالٌ مَخْصُوصَةٌ مُفْتَتَحَةٌ بِالتَّكْبِيرِ مُخْتَتَمَةٌ بِالتَّسْلِيمِ غَالِبًا فَلَا تَرِدُ صَلَاةُ الْأَخْرَسِ وَصَلَاةُ الْمَرِيضِ الَّتِي يُجْرِيهَا عَلَى قَلْبِهِ، بَلْ لَا يَرِدَانِ مَعَ حَذْفِ غَالِبًا؛ لِأَنَّ وَضْعَ الصَّلَاةِ ذَلِكَ فَمَا خَرَجَ عَنْهُ لِعَارِضٍ لَا يَرِدُ عَلَيْهِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الصَّلَاةِ لُغَةً وَهِيَ الدُّعَاءُ

فَكِتَابٌ إلَخْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَخْذُوفٍ وَإِضَافَتُهُ لِلصَّلَاةِ مِنْ إضَافَةِ الدَّالِّ لِلْمَدْلُولِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَقْوَالٌ وَأَفْعَالٌ) أَيْ أَقْوَالٌ خَمْسَةٌ وَأَفْعَالٌ ثَمَانِيَةٌ فَالْجُمْلَةُ ثَلَاثَةَ عَشْرَ هِيَ أَرْكَانُ الصَّلَاةِ، وَأَمَّا الطُّمَأْنِينَةُ فَهِيَ هَيْئَةٌ تَابِعَةٌ لِلرُّكْنِ فَلَا تُعَدُّ رُكْنًا عَلَى التَّحْقِيقِ فَالْأَقْوَالُ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ، وَالْفَاتِحَةُ، وَالتَّشَهُّدُ الْأَخِيرُ، وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَهُ، وَالتَّسْلِيمَةُ الْأُولَى، وَالْأَفْعَالُ النِّيَّةُ؛ لِأَنَّهَا فِعْلٌ قَلْبِيٌّ، وَالْقِيَامُ وَالرُّكُوعُ، وَالِاعْتِدَالُ، وَالسُّجُودُ مَرَّتَيْنِ، وَالْجُلُوسُ بَيْنَهُمَا وَجُلُوسُ التَّشَهُّدِ، وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّذِي يَعْقُبُهُ السَّلَامُ، وَالتَّرْتِيبُ شَيْخُنَا وَقَالَ الْبُجَيْرِمِيُّ الْمُرَادُ بِالْأَقْوَالِ، وَالْأَفْعَالِ هُنَا مَا يَشْمَلُ الْمَنْدُوبَ اهـ

(قَوْلُهُ: مُفْتَتَحَةٌ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِ مَخْصُوصَةٌ فَلَوْ أَبْدَلَهُ بِقَوْلِهِ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ لَكَانَ أَوْلَى إذْ هُوَ صَادِقٌ بِمَا إذَا أَتَى بِالْأَفْعَالِ الْمَخْصُوصَةِ مَثَلًا مِنْ غَيْرِ تَرْتِيبٍ وَافْتَتَحَهَا بِالتَّكْبِيرِ وَاخْتَتِمْهَا بِالتَّسْلِيمِ رَشِيدِيٌّ قَالَ شَيْخُنَا اعْتَرَضَ قَوْلُهُ مُفْتَتَحَةٌ بِالتَّكْبِيرِ إلَخْ بِأَنَّ مُقْتَضَاهُ أَنَّ التَّكْبِيرَ، وَالتَّسْلِيمَ خَارِجَانِ عَنْ حَقِيقَتِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَيُجَابُ بِأَنَّ الشَّيْءَ قَدْ يُفْتَتَحُ وَيُخْتَتَمُ بِمَا هُوَ مِنْهُ كَمَا هُنَا اهـ زَادَ ع ش عَنْ سم عَلَى الْبَهْجَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرُوهُ فِي خُطْبَةِ الْعِيدَيْنِ أَنَّ التَّكْبِيرَ قَبْلَهَا خَارِجٌ عَنْهَا وَأَنَّ الشَّيْءَ قَدْ يُفْتَتَحُ بِمَا لَيْسَ مِنْهُ فَإِنَّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِافْتِتَاحَ قَدْ يَكُونُ بِمَا هُوَ مِنْهُ، بَلْ وَعَلَى أَنَّهُ الْأَصْلُ فَتَأَمَّلْهُ وَلِهَذَا كَانَتْ أُمُّ الْكِتَابِ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ مَعَ أَنَّهَا جُزْءٌ مِنْهُ قَطْعًا اهـ.

(قَوْلُهُ: غَالِبًا) قَدْ يُقَالُ لَيْسَ لَهُ ضَابِطٌ حَتَّى تُعْلَمَ بِهِ الْجَامِعِيَّةُ، وَالْمَانِعِيَّةُ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ التَّعْرِيفِ بَلْ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ الْمُعَرَّفَ هُوَ الْغَالِبُ وَهُوَ مَا عَدَا الْمَذْكُورَتَيْنِ نَعَمْ لَا يُلَائِمُ هَذَا التَّوْجِيهُ قَوْلَهُ الْآتِي مَعَ حَذْفِ غَالِبًا بَصْرِيٌّ

(قَوْلُهُ: فَلَا تَرِدُ صَلَاةُ الْأَخْرَسِ إلَخْ) أَيْ: وَصَلَاةُ الْمَرْبُوطِ عَلَى خَشَبَةٍ لِعَدَمِ الْأَفْعَالِ فِيهَا شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: بَلْ لَا يَرِدَانِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ أَنَّ كَوْنَ الْمُرَادِ أَنَّ وَضْعَهَا ذَلِكَ يُفْهَمُ مِنْ التَّعْرِيفِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ كَمَا لَا يَخْفَى وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ مُرَادٌ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُفْهَمْ مِنْهُ فَهَذَا لَا يَمْنَعُ الْوُرُودَ إذْ حَيْثُ لَمْ يَشْمَلْ لَفْظُ التَّعْرِيفِ بَعْضَ الْأَفْرَادِ كَانَ غَيْرَ جَامِعٍ وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ مَعْنًى جَامِعٌ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ سم عِبَارَةُ الْبَصْرِيِّ قَوْلُهُ، بَلْ لَا يَرِدَانِ إلَخْ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ؛ لِأَنَّهُمَا إنْ كَانَتَا مِمَّا صَدَّقَ الْحَقِيقَةَ الشَّرْعِيَّةَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَالتَّعْرِيفُ غَيْرُ صَادِقٍ عَلَيْهَا فَلَا يَكُونُ جَامِعًا اهـ.

(قَوْلُهُ: لَا يَرِدَانِ) الْأَوْلَى التَّأْنِيثُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ وَضْعَ الصَّلَاةِ إلَخْ) إنْ أَرَادَ بِوَضْعِهَا حَقِيقَتَهَا وَمَعْنَاهَا لَزِمَ خُرُوجُ هَذَا الْفَرْدِ، أَوْ أَصْلُهَا فَإِنْ أَرَادَ بِالْأَصْلِ الْغَالِبَ فَلَمْ يَسْتَغْنِ عَنْ قَيْدِ الْغَلَبَةِ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ شَيْئًا آخَرَ فَلْيُبَيَّنْ لِيَنْظُرَ فِيهِ سم وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْمُعَرَّفَ بِفَتْحِ الرَّاءِ صَلَاةُ غَيْرِ الْمَعْذُورِ بِنَحْوِ الْخَرَسِ لَا مُطْلَقُ الصَّلَاةِ

(قَوْلُهُ: فَمَا خَرَجَ إلَخْ) لَمْ يَظْهَرْ الْمُرَادُ مِنْهُ، ثُمَّ رَأَيْت الْفَاضِلَ الْمُحَشِّيَ أَشَارَ لِنَحْوِ مَا ذَكَرْته فَلْيُرَاجَعْ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الصَّلَاةِ إلَخْ) أَيْ: فَهُوَ مِنْ تَسْمِيَةِ الْكُلِّ بِاسْمِ الْجُزْءِ هَذَا إنْ كَانَتْ مَأْخُوذَةً مِنْ صَلَّى إذَا دَعَا كَمَا اُشْتُهِرَ وَقِيلَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ صَلَّى إذَا حَرَّكَ الصَّلَوَيْنِ وَهُمَا عِرْقَانِ فِي الْخَاصِرَتَيْنِ يَنْحَنِيَانِ عِنْدَ الرُّكُوعِ، وَالسُّجُودِ وَيَرْتَفِعَانِ عِنْدَ الرَّفْعِ مِنْهُمَا وَقِيلَ مِنْ صَلَيْت الْعُودَ بِالنَّارِ إذَا قَوَّمْته بِهَا، وَالصَّلَاةُ تُقَوِّمُ الْإِنْسَانَ لِلطَّاعَةِ وَمِنْ ثَمَّ وَرَدَ «مَنْ لَمْ تَنْهَهُ صَلَاتُهُ عَنْ الْفَحْشَاءِ، وَالْمُنْكَرِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ» أَيْ كَامِلَةً وَلَا يَضُرُّ كَوْنُ الصَّلَاةِ وَاوِيَّةً قُلِبَتْ وَاوُهَا أَلْفًا لِتَحَرُّكِهَا وَانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا وَصَلَّيْت يَائِيٌّ؛ لِأَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ الْوَاوِيَّ مِنْ الْيَائِيِّ وَبِالْعَكْسِ شَيْخُنَا

(قَوْلُهُ: وَهِيَ الدُّعَاءُ) قِيلَ مُطْلَقًا وَقِيلَ

(قَوْلُهُ: بَلْ لَا يَرِدَانِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ أَنَّ كَوْنَ الْمُرَادِ أَنَّ وَضْعَهَا ذَلِكَ يُفْهَمُ مِنْ التَّعْرِيفِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ كَمَا لَا يَخْفَى وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ مُرَادٌ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُفْهَمْ مِنْهُ فَهَذَا لَا يَمْنَعُ مِنْ الْوُرُودِ إذْ حَيْثُ لَمْ يَشْمَلْ لَفْظُ التَّعْرِيفِ بَعْضَ الْأَفْرَادِ كَانَ غَيْرَ جَامِعٍ وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ مَعْنًى جَامِعٌ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ وَضْعَ الصَّلَاةِ ذَلِكَ) إنْ أَرَادَ بِوَضْعِهَا حَقِيقَتَهَا وَمَعْنَاهَا لَزِمَ خُرُوجُ هَذَا الْفَرْدِ، أَوْ أَصْلَهَا فَإِنْ أَرَادَ بِالْأَصْلِ الْغَالِبَ فَلَمْ يَسْتَغْنِ عَنْ قَيْدِ الْغَلَبَةِ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ شَيْئًا آخَرَ فَلْيُبَيِّنْ لِيُنْظَرَ فِيهِ (قَوْلُهُ: فَمَا خَرَجَ عَنْهُ لِعَارِضٍ إلَخْ) يُقَالُ عَلَيْهِ هَذَا الَّذِي خَرَجَ لِعَارِضٍ هَلْ هُوَ مِنْ الْإِفْرَادِ حَقِيقَةً، أَوْ لَا؟ وَهَلْ يَشْمَلُهُ لَفْظُ التَّعْرِيفِ، أَوْ لَا؟ فَإِنْ قَالَ مِنْ الْأَفْرَادِ حَقِيقَةً وَلَا يَشْمَلُهُ فَهُوَ وَارِدٌ قَطْعًا وَإِلَّا فَهُوَ مَمْنُوعٌ قَطْعًا فَتَأَمَّلْهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُ شَيْءٌ وَضَعَهُ مَا ذُكِرَ وَفِيهِ خَفَاءٌ لَا يَلِيقُ بِالتَّعْرِيفِ

(قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِقَوْلِي مَخْصُوصَةٌ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إنَّ صِدْقَ جَمِيعِ الْأَقْوَالِ، وَالْأَفْعَالِ فِي سَجْدَتَيْ التِّلَاوَةِ، وَالشُّكْرِ صِدْقٌ مَعْنًى مَخْصُوصَةٌ أَيْضًا فَإِنْ أَرَادَ بِهِ مَعْنًى خَاصًّا فِي الْوَاقِعِ فَهَذَا لَا يَفْهَمُهُ السَّابِقُ فَلَا فَائِدَةَ فِي الْإِخْرَاجِ بِالنِّسْبَةِ

ص: 415

وَخَرَجَ بِقَوْلِي مَخْصُوصَةٌ سَجْدَتَا التِّلَاوَةِ، وَالشُّكْرِ فَإِنَّهُمَا لَيْسَتَا صَلَاةً كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ

(الْمَكْتُوبَاتُ) أَيْ الْمَفْرُوضَاتُ الْعَيْنِيَّةُ (خَمْسٌ) مَعْلُومَةٌ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَلَا تَرِدُ الْجُمُعَةُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْخَمْسِ فِي يَوْمِهَا كَمَا سَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ وَلَمْ تَجْتَمِعْ هَذِهِ الْخَمْسُ لِغَيْرِ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم وَوَرَدَ أَنَّ الصُّبْحَ لِآدَمَ، وَالظُّهْرَ لِدَاوُدَ، وَالْعَصْرَ لِسُلَيْمَانَ، وَالْمَغْرِبَ لِيَعْقُوبَ، وَالْعِشَاءَ لِيُونُسَ

وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ جِبْرِيلَ فِي خَبَرِهِ الْآتِي بَعْدَ صَلَاتِهِ الْخَمْسِ هَذَا وَقْتُ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَك لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ وَقْتُهُمْ عَلَى الْإِجْمَالِ وَإِنْ اخْتَصَّ كُلٌّ مِمَّنْ ذُكِرَ مِنْهُمْ بِوَقْتٍ وَفُرِضَتْ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ وَلَمْ يَجِبْ صَحِيحُ يَوْمِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِكَيْفِيَّتِهَا

بِخَبَرِ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِقَوْلِي مَخْصُوصَةٌ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ إنَّهُمَا خَارِجَانِ بِأَقْوَالٍ وَأَفْعَالٍ فَإِنَّهُمَا فِعْلٌ وَاحِدٌ مُفْتَتَحٌ بِالتَّكْبِيرِ مُخْتَتَمٌ بِالتَّسْلِيمِ نِهَايَةٌ وَبَصْرِيٌّ وَعِبَارَةُ سم أَنَّ صِدْقَ جَمِيعِ الْأَقْوَالِ، وَالْأَفْعَالِ فِي سَجْدَتَيْ التِّلَاوَةِ، وَالشُّكْرِ صِدْقُ مَعْنَى مَخْصُوصَةٍ أَيْضًا وَإِنْ أَرَادَ بِهِ مَعْنًى خَاصًّا فِي الْوَاقِعِ فَهَذَا لَا يَفْهَمُهُ السَّامِعُ وَإِنْ لَمْ يَصْدُقْ فَلَا حَاجَةَ لِزِيَادَةِ مَخْصُوصَةٍ وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَخَرَجَ بِجَمِيعِ الْأَفْعَالِ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ، وَالشُّكْرِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى فِعْلٍ وَاحِدٍ هُوَ السُّجُودُ اهـ وَقَدْ يُقَالُ، بَلْ هِيَ أَفْعَالٌ؛ لِأَنَّ الْهُوِيَّ لِلسُّجُودِ، وَالرَّفْعَ مِنْهُ فِعْلَانِ خَارِجَانِ عَنْ مُسَمَّى السُّجُودِ اهـ وَأَجَابَ عَنْهُ شَيْخُنَا بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا إلَّا قَوْلَانِ وَاجِبَانِ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ، وَالسَّلَامُ وَفِعْلَانِ كَذَلِكَ النِّيَّةُ، وَالسُّجُودُ وَكُلٌّ مِنْ هُوِيِّهِ، وَالرَّفْعِ مِنْهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ اهـ

(قَوْلُهُ: كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ) قَالَ فِي الْمَعْنَى فَيَدْخُلُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ بِخِلَافِ سَجْدَتِي التِّلَاوَةِ، وَالشُّكْرِ اهـ فَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ مِثَالٌ لِلْمَنْفِيِّ، ثُمَّ رَأَيْت كَلَامَهُ فِي فَتْحِ الْجَوَادِّ مُصَرَّحًا بِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى صَلَاةً فَتَمْثِيلُهُ هَذَا عَلَى ظَاهِرِهِ نَعَمْ الْأَنْسَبُ حِينَئِذٍ عَطْفُهَا عَلَى سَابِقِهَا لِمَا فِي هَذَا فِي الْإِيهَامِ بَصْرِيٌّ أَيْ بِأَنْ يَقُولَ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ صَلَاةً، وَكَذَا جَعَلَهُ سم مِثَالًا لِلنَّفْيِ حَيْثُ اسْتَشْكَلَهُ بِأَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ أَقْوَالٌ كَالتَّكْبِيرَاتِ وَأَفْعَالٌ كَالْقِيَامِ، وَالنِّيَّةِ وَرَفْعِ الْيَدَيْنِ اهـ وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ رَفْعَ الْيَدَيْنِ سُنَّةٌ، وَالْكَلَامَ فِيمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ حَقِيقَةُ الصَّلَاةِ وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا بَعْدَ إدْخَالِهِ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ فِي الْمُعَرَّفِ كَالْمُغْنِي نَصُّهُ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ فِيهَا أَقْوَالٌ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ وَأَفْعَالٌ وَهِيَ الْقِيَامَاتُ وَهِيَ أَفْعَالٌ مُتَعَدِّدَةٌ حُكْمًا لِجَعْلِ الْقِيَامِ لِلْفَاتِحَةِ فِعْلًا، وَالْقِيَامِ لِلصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِعْلًا وَهَكَذَا وَإِنْ كَانَتْ فِي الْحِسِّ فِعْلًا وَاحِدًا اهـ

قَوْلُ الْمَتْنِ (الْمَكْتُوبَاتُ خَمْسٌ) الْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} [البقرة: 43] أَيْ حَافِظُوا عَلَيْهَا دَائِمًا بِإِكْمَالِ وَاجِبَاتِهَا وَسُنَنِهَا وقَوْله تَعَالَى {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103] أَيْ مُحَتَّمَةً مُؤَقَّتَةً وَأَخْبَارٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ كَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ خَمْسِينَ صَلَاةً فَلَمْ أَزَلْ أُرَاجِعُهُ وَأَسْأَلُهُ التَّخْفِيفَ حَتَّى جَعَلَهَا خَمْسًا فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ» «وَقَوْلُهُ لِلْأَعْرَابِيِّ خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ، وَاللَّيْلَةِ قَالَ الْأَعْرَابِيُّ هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا قَالَ لَا إلَّا أَنْ تَطَوَّعَ» «وَقَوْلُهُ لِمُعَاذٍ لَمَّا بَعَثَهُ إلَى الْيَمَنِ أَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ» ، وَأَمَّا وُجُوبُ قِيَامِ اللَّيْلِ فَنُسِخَ فِي حَقِّنَا وَهَلْ نُسِخَ فِي حَقِّهِ صلى الله عليه وسلم أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ لَا، وَالصَّحِيحُ نَعَمْ وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْ النَّصِّ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: أَيْ الْمَفْرُوضَاتُ) إلَى قَوْلِهِ فَإِنَّ جِبْرِيلَ فِي النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَلَا يُنَافِيهِ إلَى وَفُرِضَتْ وَمَا أُنَبِّهُ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ: وَلَا تَرِدُ الْجُمُعَةُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا الْعَيْنِيَّةُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ لَكِنَّ الْجُمُعَةَ مِنْ الْمَفْرُوضَاتِ الْعَيْنِيَّةِ وَلَمْ تَدْخُلْ فِي كَلَامِهِ إلَّا إذَا قُلْنَا إنَّهَا بَدَلٌ مِنْ الظُّهْرِ وَهُوَ رَأْيٌ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا صَلَاةٌ مُسْتَقِلَّةٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَالْعِشَاءُ لِيُونُسَ) وَقِيلَ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم وَهُوَ الْأَصَحُّ شَيْخُنَا عِبَارَةُ سم عَنْ الْإِيعَابِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْعِشَاءَ مِنْ خُصُوصِيَّاتِنَا اهـ وَأَقَرَّهُ ع ش (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ) أَيْ مَا وَرَدَ مِنْ أَنَّ الصُّبْحَ إلَخْ (قَوْلُهُ: بَعْدَ صَلَاتِهِ) ظَرْفُ قَوْلِ جِبْرِيلَ وَقَوْلُهُ هَذَا إلَخْ مَقُولُهُ

(قَوْلُهُ: لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ) وَهِيَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَشَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْعِلْمِ إلَخْ) وَلِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ صَرَّحَ لَهُ بِأَنَّ أَوَّلَ

إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَصْدُقَا فَلَا حَاجَةَ لِزِيَادَةٍ مَخْصُوصَةٍ وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَخَرَجَ بِجَمْعِ الْأَفْعَالِ سَجْدَتَا التِّلَاوَةِ، وَالشُّكْرِ لِاشْتِمَالِهِمَا عَلَى فِعْلٍ وَاحِدٍ هُوَ السُّجُودُ اهـ وَقَدْ يُقَالُ، بَلْ هِيَ أَفْعَالٌ؛ لِأَنَّ الْهُوِيَّ لِلسُّجُودِ، وَالرَّفْعَ مِنْهُ فِعْلَانِ خَارِجَانِ عَنْ مُسَمَّى السُّجُودِ

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُمَا لَيْسَتَا صَلَاةً كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ) صَلَاةُ الْجِنَازَةِ أَقْوَالٌ كَالتَّكْبِيرَاتِ وَأَفْعَالٌ كَالْقِيَامِ، وَالنِّيَّةِ وَرَفْعِ الْيَدَيْنِ (قَوْلُهُ: أَيْ الْمَفْرُوضَاتُ) لَمَّا كَانَ الْكَتْبُ غَيْرَ الْفَرْضِ لُغَةً وَأَعَمَّ مِنْهُ شَرْعًا فُسِّرَ الْمُرَادُ هُنَا بِقَوْلِهِ أَيْ الْمَفْرُوضَاتُ (قَوْلُهُ: وَوَرَدَ أَنَّ الصُّبْحَ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ قِيلَ وَهَذِهِ الصَّلَوَاتُ تَفَرَّقَتْ فِي الْأَنْبِيَاءِ فَالْفَجْرُ لِآدَمَ، وَالظُّهْرُ لِإِبْرَاهِيمَ، وَالْعَصْرُ لِسُلَيْمَانَ، وَالْمَغْرِبُ لِعِيسَى رَكْعَتَيْنِ عَنْ نَفْسِهِ وَرَكْعَةً عَنْ أُمِّهِ، وَالْعِشَاءُ خُصَّتْ بِهَا هَذِهِ الْأُمَّةُ وَخَالَفَ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحِ الْمُسْنَدِ بَعْضَ ذَلِكَ فَجَعَلَ الظُّهْرَ لِدَاوُدَ، وَالْمَغْرِبَ لِيَعْقُوبَ، وَالْعِشَاءَ لِمُوسَى وَأَوْرَدَ فِيهِ خَبَرًا، وَالْأَصَحُّ كَمَا مَرَّ أَنَّ الْعِشَاءَ مِنْ خُصُوصِيَّاتِنَا اهـ

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَجِبْ صُبْحُ يَوْمِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِكَيْفِيَّتِهَا)، أَيْ: وَأَصْلُ وُجُوبِ الْخَمْسِ كَانَ مُعَلَّقًا عَلَى الْعِلْمِ بِالْكَيْفِيَّةِ وَبِذَلِكَ يَنْدَفِعُ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ بَيَانِ كَيْفِيَّةِ الصُّبْحِ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ وَإِنَّمَا كَانَ يَصِحُّ ذَلِكَ لَوْ لَمْ يَكُنْ

ص: 416

فَإِنَّ جِبْرِيلَ لَمَّا عَلَّمَهَا لَهُ صلى الله عليه وسلم بِصَلَاتِهِ عِنْدَ بَابِ الْكَعْبَةِ مِمَّا يَلِي الْحُفْرَةَ، ثُمَّ إلَى الْحِجْرِ بِالْكَسْرِ الْخَمْسُ فِي أَوْقَاتِهَا مَرَّتَيْنِ فِي يَوْمَيْنِ ابْتِدَاءً بِالظُّهْرِ إشَارَةً إلَى أَنَّ دِينَهُ سَيَظْهَرُ عَلَى الْأَدْيَانِ ظُهُورَهَا عَلَى بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ فَمِنْ ثَمَّ تَأَسَّى أَئِمَّتُنَا بِذَلِكَ وَبِآيَةِ {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78] فِي الْبُدَاءَةِ بِهَا فَقَالُوا (الظُّهْر) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا أَوَّلُ صَلَاةٍ ظَهَرَتْ كَمَا تَقَرَّرَ وَلِفِعْلِهَا وَقْتَ الظَّهِيرَةِ أَيْ الْحَرِّ

(وَأَوَّلُ وَقْتِهِ زَوَالُ الشَّمْسِ) أَيْ عَقِبَ وَقْتِ زَوَالِهَا أَيْ مَيْلِهَا عَنْ وَسَطِ السَّمَاءِ الْمُسَمَّى بُلُوغُهَا إلَيْهِ بِحَالَةِ الِاسْتِوَاءِ بِاعْتِبَارِ مَا يَظْهَرُ لَنَا لَا نَفْسَ الْأَمْرِ فَلَوْ ظَهَرَ أَثْنَاءَ التَّحَرُّمِ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَكَذَا فِي نَحْوِ الْفَجْرِ وَيُعْلَمُ بِزِيَادَةِ الظِّلِّ عَلَى ظِلِّ الِاسْتِوَاءِ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَبِحُدُوثِهِ (وَآخِرُهُ مَصِيرُ ظِلِّ الشَّيْءِ) هُوَ لُغَةً السِّتْرُ وَمِنْهُ أَنَا فِي ظِلِّ فُلَانٍ وَاصْطِلَاحًا أَمْرٌ وُجُودِيٌّ خَلَقَهُ اللَّهُ لِنَفْعِ الْبَدَنِ وَغَيْرِهِ تَدُلُّ عَلَيْهِ الشَّمْسُ

وُجُوبَ الْخَمْسِ مِنْ الظُّهْرِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وسم (قَوْلُهُ: فَإِنَّ جِبْرِيلَ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَبَيَّنَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي مَغَازِيهِ أَنَّ هَذِهِ الصَّلَوَاتِ الَّتِي صَلَّاهَا جِبْرِيلُ كَانَتْ صَبِيحَةَ لَيْلَةِ فَرْضِهَا لَمَّا أُسْرِيَ بِهِ وَأَنَّهُ صِيحَ بِالصَّلَاةِ جَامِعَةٌ أَيْ؛ لِأَنَّ الْأَذَانَ لَمْ يُشْرَعْ إلَّا بَعْدُ بِالْمَدِينَةِ وَأَنَّ جِبْرِيلَ صَلَّى بِهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِأَصْحَابِهِ أَيْ كَانَ مُتَقَدِّمًا عَلَيْهِمْ وَمُبَلِّغًا لَهُمْ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ رِوَايَةِ النَّسَائِيّ السَّابِقَةِ اهـ انْتَهَى سم (قَوْلُهُ: ابْتَدَأَ بِالظُّهْرِ إلَخْ) وَكَانَتْ عِبَادَتُهُ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ ذَلِكَ فِي غَارِ حِرَاءٍ بِالتَّفَكُّرِ فِي مَصْنُوعَاتِ اللَّهِ وَإِكْرَامِ مَنْ يَمُرُّ عَلَيْهِ مِنْ الضِّيفَانِ فَكَانَ يَتَعَبَّدُ فِيهِ اللَّيَالِيَ ذَوَاتَ الْعَدَدِ وَاخْتَارَ التَّعَبُّدَ فِيهِ دُونَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ تُجَاهَ الْكَعْبَةِ وَهُوَ يُحِبُّ رُؤْيَتَهَا، ثُمَّ وَجَبَ عَلَيْهِ وَعَلَيْنَا قِيَامُ اللَّيْلِ، ثُمَّ نُسِخَ فِي حَقِّنَا وَحَقِّهِ أَيْضًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِفَرْضِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَهِيَ أَفْضَلُ الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ الظَّاهِرَةِ، وَالْعِبَادَاتُ الْبَدَنِيَّةُ الْبَاطِنَةُ كَالتَّفْكِيرِ، وَالصَّبْرِ، وَالرِّضَا بِالْقَضَاءِ، وَالْقَدْرِ أَفْضَلُ مِنْهَا حَتَّى مِنْ الصَّلَاةِ فَقَدْ وَرَدَ تَفَكُّرُ سَاعَةٍ خَيْرٌ مِنْ عِبَادَةِ سِتِّينَ سَنَةً وَأَفْضَلُ الْجَمِيعِ الْإِيمَانُ شَيْخُنَا

(قَوْلُهُ: فَمِنْ ثَمَّ إلَخْ) الْأَوْلَى إبْدَالُ الْفَاءِ بِالْوَاوِ (قَوْلُهُ: بِذَلِكَ) أَيْ: بِجِبْرِيلَ (قَوْلُهُ: وَبِآيَةِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: فِي الْبُدَاءَةِ إلَخْ) ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ تَأَسَّى (قَوْلُهُ: سُمِّيَتْ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَآخِرُهُ فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى قَوْلِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ عَقِبَ وَقَوْلُهُ تَدُلُّ إلَى فَلَيْسَ (قَوْلُهُ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ) أَيْ سُمِّيَتْ صَلَاةُ الظُّهْرِ بِلَفْظِ الظُّهْرِ (قَوْلُهُ: أَوَّلُ صَلَاةٍ ظَهَرَتْ) أَيْ: فِي الْإِسْلَامِ فَإِنَّهَا أَوَّلُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا جِبْرِيلُ إمَامًا لِلنَّبِيِّ، وَالصَّحَابَةِ لَكِنْ كَانَ النَّبِيُّ رَابِطَةً بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ جِبْرِيلَ لِعَدَمِ رُؤْيَتِهِمْ لَهُ وَلَا يَضُرُّ فِي ذَلِكَ كَوْنُهُ صلى الله عليه وسلم أَفْضَلَ مِنْ جِبْرِيلَ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَأْتَمَّ الْفَاضِلُ بِالْمَفْضُولِ خُصُوصًا لِضَرُورَةِ تَعَلُّمِ الْكَيْفِيَّةِ وَلَا يَضُرُّ أَيْضًا كَوْنُ جِبْرِيلَ لَا يَتَّصِفُ بِالذُّكُورَةِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْإِمَامِ عَدَمُ الْأُنُوثَةِ وَإِنْ لَمْ تَتَحَقَّقْ الذُّكُورَةُ شَيْخُنَا

(قَوْلُهُ: أَيْ الْحَرِّ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ شِدَّةُ الْحَرِّ (قَوْلُهُ: أَيْ عَقِبَ وَقْتِ زَوَالِهَا) مُقْتَضَاهُ أَنَّ وَقْتَ الزَّوَالِ لَيْسَ مِنْ الظُّهْرِ وَعَلَيْهِ فَبِمَاذَا يُحَدَّدُ هَذَا الْوَقْتُ الْغَيْرُ الْمُعْتَبَرُ مِنْ جَانِبِ الْمُنْتَهِي فَلْيُرَاجَعْ بَصْرِيٌّ وَقَدْ يُقَالُ يُحَدَّدُ بِظُهُورِ الزَّوَالِ لَنَا بِمَا يَأْتِي مِنْ زِيَادَةِ الظِّلِّ، أَوْ حُدُوثِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ مَيْلُهَا إلَخْ) أَيْ: إلَى جِهَةِ الْمَغْرِبِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ مَا يَظْهَرُ لَنَا إلَخْ) ؛ لِأَنَّ التَّكْلِيفَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مُغْنِي، وَالْجَارُّ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَيْلِ، أَوْ بِزَوَالِ الشَّمْسِ (قَوْلُهُ: لَا نَفْسَ الْأَمْرِ) أَيْ: لِوُجُودِ الزَّوَالِ فِيهِ قَبْلَ ظُهُورِهِ لَنَا بِكَثِيرٍ فَقَدْ قَالُوا إنَّ الْفُلْكَ الْمُحَرِّكَ لِغَيْرِهِ يَتَحَرَّكُ فِي قَدْرِ النُّطْقِ بِحَرْفٍ مُتَحَرِّكٍ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا وَلِذَلِكَ لَمَّا سَأَلَ صلى الله عليه وسلم جِبْرِيلُ هَلْ زَالَتْ قَالَ لَا نَعَمْ فَلَمَّا سَأَلَهُ لَمْ تَكُنْ زَالَتْ فَلَمَّا قَالَ لَا تَحَرَّكَ الْفُلْكُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا وَزَالَتْ الشَّمْسُ فَقَالَ نَعَمْ شَيْخُنَا

(قَوْلُهُ: فَلَوْ ظَهَرَ) أَيْ: الْمَيْلُ، وَكَذَا مَرْجِعُ ضَمِيرِ قَوْلِهِ الْآتِي وَيُعْلَمُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ كَانَ) أَيْ: التَّحْرِيمُ (بَعْدَهُ) أَيْ: الْمَيْلِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا فِي نَحْوِ الْفَجْرِ) أَيْ: وَكَذَا يُقَالُ فِي الْفَجْرِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ مَوَاقِيتَ الشَّرْعِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَا يُدْرَكُ بِالْحِسِّ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: أَمْرٌ وُجُودِيٌّ إلَخْ) هُوَ يَشْمَلُ مَا قَبْلَ الزَّوَالِ وَمَا بَعْدَهُ، وَالْفَيْءُ مُخْتَصٌّ بِمَا بَعْدَ الزَّوَالِ مُغْنِي زَادَ شَيْخُنَا الْمُرَادُ بِهِ خَيَالُ الشَّيْءِ؛ لِأَنَّهُ وُجُودِيٌّ وَقَوْلُهُ لِنَفْعِ الْبَدَنِ أَيْ بِدَفْعِ أَلَمِ الْحَرِّ عَنْهُ مَثَلًا (وَغَيْرُهُ) أَيْ كَالْفَوَاكِهِ اهـ قَوْلُهُ م ر كَمَا فِي الْآيَةِ أَيْ قَوْله تَعَالَى {ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلا} [الفرقان: 45] قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ فَإِنَّهُ لَا يَظْهَرُ لِلْحِسِّ حَتَّى تَطْلُعَ فَيَقَعَ ضَوْءُهَا عَلَى بَعْضِ الْأَجْرَامِ، أَوْ لَا يُوجَدُ وَيَتَفَاوَتُ إلَّا بِسَبَبِ حَرَكَتِهَا اهـ انْتَهَى سم

(قَوْلُهُ: وَيَعْلَمُ بِزِيَادَةِ الظِّلِّ إلَخْ) وَإِذَا أَرَدْت مَعْرِفَةَ الزَّوَالِ فَاعْتَبِرْهُ بِقَامَتِك، أَوْ شَاخِصٍ تُقِيمُهُ فِي أَرْضٍ مُسْتَوِيَةٍ وَعَلِّمْ عَلَى رَأْسِ الظِّلِّ فَمَا زَالَ الظِّلُّ يَنْقُصُ عَنْ الْخَطِّ فَهُوَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَإِنْ وَقَفَ لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ فَهُوَ وَقْتُ الِاسْتِوَاءِ وَإِنْ أَخَذَ الظِّلُّ فِي الزِّيَادَةِ عُلِمَ أَنَّ الشَّمْسَ زَالَتْ، وَالشَّمْسُ عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ

أَصْلُ الْوُجُوبِ مُعَلَّقًا عَلَى الْكَيْفِيَّةِ وَهُنَا تَوْجِيهٌ آخَرُ لِعَدَمِ وُجُوبِ صُبْحِ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَهُوَ أَنَّ الْخَمْسَ إنَّمَا وَجَبَتْ عَلَى وَجْهِ الِابْتِدَاءِ بِالظُّهْرِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْخَمْسَ وَجَبَتْ مِنْ ظُهْرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَا يَخْفَى مَا بَيْنَ هَذَيْنِ التَّوْجِيهَيْنِ مِنْ الْبَوْنِ الْبَائِنِ خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَ أَنَّهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ كَيْفَ وَحَاصِلُ الثَّانِي أَوْجَبَتْ مَا عَدَا صُبْحَ يَوْمِ هَذِهِ اللَّيْلَةِ حَتَّى لَوْ بَيَّنَ كَيْفِيَّتَهَا لَمْ تَجِبْ وَحَاصِلُ الْأَوَّلِ أَوْجَبَتْ مَا تَبَيَّنَ كَيْفِيَّتُهُ فِي وَقْتِهِ حَتَّى لَوْ بَيَّنَ كَيْفِيَّةَ الصُّبْحِ وَجَبَتْ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِكَيْفِيَّتِهَا) قَدْ يُسْتَغْنَى عَنْهُ بِأَنَّهُ فُرِضَتْ الْخَمْسُ مَا عَدَا صُبْحَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَإِلَّا لَبَيَّنَ كَيْفِيَّتَهَا كَمَا مَرَّ

(قَوْلُهُ: فَإِنَّ جِبْرِيلَ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَبَيَّنَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي مَغَازِيهِ أَنَّ هَذِهِ الصَّلَوَاتِ الَّتِي صَلَّاهَا جِبْرِيلُ

ص: 417

كَمَا فِي الْآيَةِ لَكِنْ فِي الدُّنْيَا بِدَلِيلِ {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} [الواقعة: 30] وَلَا شَمْسَ ثَمَّ فَلَيْسَ هُوَ عَدَمَهَا خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَهُ (مِثْلُهُ سِوَى ظِلِّ اسْتِوَاءِ الشَّمْسِ) أَيْ الظِّلِّ الْمَوْجُودِ عِنْدَهُ فِي غَالِبِ الْبِلَادِ وَقَدْ يَنْعَدِمُ فِي بَعْضِهَا كَمَكَّةَ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ وَاخْتَلَفُوا فِي قَدْرِهِ فِيهَا فَقِيلَ يَوْمٌ وَاحِدٌ هُوَ أَطْوَلُ أَيَّامِ السَّنَةِ وَقِيلَ جَمِيعُ أَيَّامِ الصَّيْفِ وَقِيلَ سِتَّةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا وَقِيلَ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ قَبْلَ انْتِهَاءِ الطُّولِ وَمِثْلُهَا عَقِبَهُ

وَقِيلَ يَوْمَانِ يَوْمٌ قَبْلَ الْأَطْوَلِ بِسِتَّةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا وَيَوْمٌ بَعْدَهُ بِسِتَّةٍ وَعِشْرِينَ وَمَا عَدَا الْأَخِيرَ، وَالْأَوَّلَ غَلَطٌ وَاَلَّذِي بَيَّنَهُ أَئِمَّةُ الْفَلَكِ هُوَ الْأَخِيرُ وَقَوْلُ أَصْحَابِنَا أَنَّ صَنْعَاءَ كَمَكَّةَ فِي ذَلِكَ لَا يُوَافِقُ مَا حَرَّرَهُ أَئِمَّةُ الْفَلَكِ؛ لِأَنَّ عَرْضَ مَكَّةَ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً وَعَرْضَ صَنْعَاءَ عَلَى مَا فِي زِيجَ ابْنِ الشَّاطِرِ خَمْسَ عَشْرَةَ دَرَجَةً تَقْرِيبًا فَلَا يَنْعَدِمُ الظِّلُّ فِيهَا إلَّا قَبْلَ الْأَطْوَلِ بِنَحْوِ خَمْسِينَ يَوْمًا وَبَعْدَهُ بِنَحْوِهَا أَيْضًا وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَيُوَضِّحُهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَلَهَا وَقْتُ فَضِيلَةٍ أَوَّلُ الْوَقْتِ، وَجَوَازٌ إلَى مَا يَسَعُ كُلَّهُ، ثُمَّ حُرْمَةٌ وَنُوزِعَ فِيهِ بِأَنَّ الْمُحَرَّمَ التَّأْخِيرُ إلَيْهِ لَا إيقَاعُهَا فِيهِ وَيُرَدُّ بِأَنَّ هَذَا لَا يَمْنَعُ تَسْمِيَتَهُ وَقْتَ حُرْمَةٍ بِذَلِكَ الِاعْتِبَارِ، وَضَرُورَةٌ وَسَيَأْتِي وَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ تُجْزِئُ فِي الْبَقِيَّةِ وَعُذْرٌ وَهُوَ وَقْتُ الْعَصْرِ لِمَنْ يَجْمَعُ، وَاخْتِيَارٌ وَهُوَ وَقْتُ الْجَوَازِ

(وَهُوَ) أَيْ مَصِيرُ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ سِوَى ظِلِّ الِاسْتِوَاءِ أَيْ عَقِبَهُ هُوَ (أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ) لَكِنْ لَا يَكَادُ يَتَحَقَّقُ ظُهُورُ ذَلِكَ إلَّا بِأَدْنَى زِيَادَةٍ وَهِيَ مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ فَلَوْ فَرَضَ مُقَارَنَةَ تَحَرُّمِهِ لَهَا بِاعْتِبَارِ مَا يَظْهَرُ لَنَا صَحَّ نَظِيرُ مَا قَالُوهُ فِي عَرْضِ الشِّرَاكِ أَنَّ فِعْلَ الظُّهْرِ لَا يُسَنُّ تَأْخِيرُهُ عَنْهُ، وَالتَّأْخِيرُ

أَرْبَابِ عِلْمِ الْهَيْئَةِ فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ وَقَالَ بَعْضُ مُحَقِّقِي الْمُتَأَخِّرِينَ فِي السَّادِسَةِ وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ الْقَمَرِ لِكَثْرَةِ نَفْعِهَا شَيْخُنَا وَمُغْنِي

(قَوْلُهُ: وَلَا شَمْسٌ ثَمَّ) أَيْ: فِي الْجَنَّةِ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى وُجُودِ الظِّلِّ فِي الْجَنَّةِ مَعَ أَنَّهُ لَا شَمْسَ فِيهَا (قَوْلُهُ: أَيْ الظِّلِّ الْمَوْجُودِ إلَخْ) أَيْ: فَالْإِضَافَةُ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ وَإِلَّا فَالزَّوَالُ لَا ظِلَّ لَهُ، بَلْ الظِّلُّ لِلشَّيْءِ عِنْدَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَنْعَدِمُ) أَيْ: ظِلُّ الِاسْتِوَاءِ (قَوْلُهُ: فِي قَدْرِهِ) أَيْ: الِانْعِدَامِ (قَوْلُهُ: فَقِيلَ يَوْمٌ وَاحِدٌ هُوَ إلَخْ) اقْتَصَرَ عَلَيْهِ النِّهَايَةُ، وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: أَحَدٌ وَعِشْرُونَ) الْأَوْلَى إحْدَى وَعِشْرُونَ (قَوْلُهُ: وَلَهَا) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَيَبْقَى فِي النِّهَايَةِ، وَالْمُغَنِّي إلَّا قَوْلَهُ أَيْ عَقِبَهُ هُوَ وَقَوْلُهُ فَلَوْ فَرَضَ إلَى وَذَلِكَ

(قَوْلُهُ: وَلَهَا وَقْتُ فَضِيلَةٍ إلَخْ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا وَلَهَا سِتَّةُ أَوْقَاتٍ: وَقْتُ فَضِيلَةٍ أَيْ وَقْتٌ لِإِيقَاعِ الصَّلَاةِ فِيهِ فَضِيلَةٌ زَائِدَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا بَعْدَهُ وَهُوَ أَوَّلُ الْوَقْتِ بِحَيْثُ يَقَعُ الِاشْتِغَالُ بِأَسْبَابِهَا وَمَا يُطْلَبُ فِيهَا وَلِأَجْلِهَا وَلَوْ كَمَالًا كَمَا ضَبَطُوهُ فِي الْمُغْرِبِ وَوَقْتُ اخْتِيَارٍ أَيْ وَقْتٌ يَخْتَارُ إتْيَانَ الصَّلَاةِ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا بَعْدَهُ وَهُوَ يَسْتَمِرُّ بَعْدَ فَرَاغِ وَقْتِ الْفَضِيلَةِ وَإِنْ دَخَلَ مَعَهُ إلَى أَنْ يَبْقَى مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُهَا فَيَكُونُ مُسَاوِيًا لِوَقْتِ الْجَوَازِ الْآتِي وَقِيلَ إلَى نِصْفِهِ كَمَا حَكَاهُ الْخَطِيبُ عَنْ الْقَاضِي وَهُوَ ضَعِيفٌ وَوَقْتُ جَوَازٍ بِلَا كَرَاهَةٍ أَيْ وَقْتٍ يَجُوزُ إيقَاعُ الصَّلَاةِ فِيهِ بِلَا كَرَاهَةٍ وَهُوَ يَسْتَمِرُّ بَعْدَ فَرَاغِ وَقْتِ الْفَضِيلَةِ وَإِنْ دَخَلَ مَعَهُ وَمَعَ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ إلَى أَنْ يَبْقَى مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُهَا فَالثَّلَاثَةُ تَدْخُلُ مَعًا وَيَخْرُجُ وَقْتُ الْفَضِيلَةِ أَوَّلًا وَيَسْتَمِرُّ وَقْتُ الِاخْتِيَارِ وَوَقْتُ الْجَوَازِ بِلَا كَرَاهَةٍ إلَى الْقَدْرِ الْمَذْكُورِ فَهُمَا مُتَّحِدَانِ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً وَلَيْسَ لَهُ وَقْتُ جَوَازٍ بِكَرَاهَةٍ وَوَقْتُ حُرْمَةٍ أَيْ وَقْتٌ يَحْرُمُ التَّأْخِيرُ إلَيْهِ فَالْإِضَافَةُ فِيهِ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ وَإِلَّا فَإِيقَاعُ الصَّلَاةِ فِيهِ وَاجِبٌ وَهُوَ آخِرُ الْوَقْتِ بِحَيْثُ يَبْقَى مِنْ الْوَقْتِ مَا لَا يَسَعُهَا وَإِنْ وَقَعَتْ أَدَاءً بِأَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ فَهُوَ أَدَاءٌ مَعَ الْإِثْمِ وَوَقْتُ ضَرُورَةٍ وَهُوَ آخِرُ الْوَقْتِ إذَا زَالَتْ الْمَوَانِعُ، وَالْبَاقِي مِنْ الْوَقْتِ قَدْرُ التَّكْبِيرِ فَأَكْثَرُ فَتَجِبُ هِيَ وَمَا قَبْلَهَا إنْ جُمِعَتْ مَعَهَا وَوَقْتُ عُذْرٍ أَيْ وَقْتٌ سَبَبُهُ الْعُذْرُ وَهُوَ وَقْتُ الْعَصْرِ لِمَنْ يَجْمَعُ جَمْعَ تَأْخِيرٍ اهـ

(قَوْلُهُ: أَوَّلَ الْوَقْتِ) قَالَ الْقَاضِي إلَى أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ الشَّيْءِ مِثْلَ رُبْعِهِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: ثُمَّ حُرْمَةٌ) وَهُوَ آخِرُ وَقْتِهَا بِحَيْثُ لَا يَسَعُهَا مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: لَا يَمْنَعُ تَسْمِيَتَهُ إلَخْ) كَيْفَ، وَالْإِضَافَةُ يَكْفِي فِيهَا أَدْنَى مُلَابَسَةٍ سم (قَوْلُهُ: وَنُوزِعَ فِيهِ إلَخْ) وَتَنْظِيرُهُ يَجْرِي فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ أَقُولُ: وَيُرَدُّ بِنَظِيرِ مَا رُدَّ بِهِ فِي وَقْتِ الْحُرْمَةِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَاخْتِيَارٌ إلَخْ) لَيْسَ هَذَا وَقْتًا مُسْتَقِلًّا فَمَا وَجْهُ عَدِّهِ عَلَى أَنَّ صِدْقَ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ عَلَيْهِ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ إذْ هُوَ وَقْتٌ يَخْتَارُ عَدَمَ التَّأْخِيرِ عَنْهُ مَعَ مَا تَأْتِيهِ فِيهِ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ بَصْرِيٌّ

(قَوْلُهُ: ظُهُورُ ذَلِكَ) أَيْ: مَعْرِفَةُ الْمَصِيرِ الْمَذْكُورِ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي مَعْرِفَةُ وَقْتِ الْعَصْرِ اهـ، وَالْمَآلُ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ) وَقِيلَ مِنْ وَقْتِ الظُّهْرِ وَقِيلَ فَاصِلَةٌ بَيْنَهُمَا مُغْنِي زَادَ شَيْخُنَا وَيَنْبَنِي عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا مِنْ وَقْتِ الظُّهْرِ أَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تَفُوتُ حِينَئِذٍ وَعَلَى الْأَوَّلِ، وَالْأَخِيرِ تَفُوتُ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَهِيَ مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ) مُنَافٍ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْأَحْكَامَ لَا تُنَاطُ إلَّا بِمَا يَظْهَرُ لَنَا إذْ مُقْتَضَاهُ أَنَّ الزِّيَادَةَ قَبْلَ الظُّهُورِ لَيْسَتْ مِنْ الْعَصْرِ بَصْرِيٌّ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مُفَادَ كَلَامِ الشَّارِحِ تَعَسُّرُ الظُّهُورِ لَا تَعَذُّرُهُ وَاسْتِحَالَتُهُ عَادَةً

(قَوْلُهُ: فَلَوْ فُرِضَ مُقَارَنَةُ تَحَرُّمِهِ لَهَا إلَخْ) إنْ أَرَادَ بِهِ أَنَّ التَّحَرُّمَ قَارَنَ الزِّيَادَةَ الْغَيْرَ الظَّاهِرَةِ بِاعْتِبَارِ مَا يَظْهَرُ لَنَا أَيْ بِاعْتِبَارِ مَا نَظُنُّهُ بِأَنْ اتَّصَلَ بِتَمَامِ التَّحَرُّمِ ظُهُورُهُ، أَوْ ظَهَرَتْ فِي أَثْنَائِهِ فَهُوَ مُطَابِقٌ لِلْمُفَرَّعِ عَلَيْهِ غَيْرَ أَنَّ فِيهِ الْمُنَافَاةَ الْمَذْكُورَةَ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ التَّحَرُّمَ قَارَنَ الزِّيَادَةَ الظَّاهِرَةَ لَنَا فَغَيْرُ مُطَابِقٍ لِلْمُفَرَّعِ عَلَيْهِ وَإِنْ سَلِمَ مِنْ الْمُنَافَاةِ الْمَذْكُورَةِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: فِي عَرْضِ الشِّرَاكِ) بِالْكَسْرِ اسْمٌ لِلسَّيْرِ الرَّقِيقِ بِظَاهِرِ النَّعْلِ ع ش

بِهِ كَانَتْ صَبِيحَةَ لَيْلَةِ فَرْضِهَا لَمَّا أُسْرِيَ بِهِ وَأَنَّهُ يَصِحُّ بِالصَّلَاةِ جَامِعَةٌ أَيْ؛ لِأَنَّ الْأَذَانَ لَمْ يُشْرَعْ إلَّا بَعْدُ بِالْمَدِينَةِ وَإِنَّ جِبْرِيلَ صَلَّى بِهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِأَصْحَابِهِ أَيْ كَانَ مُتَقَدِّمًا عَلَيْهِمْ وَمُبَالِغًا لَهُمْ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ رِوَايَةِ النَّسَائِيّ السَّابِقَةِ وَبِذَلِكَ يُعْلَمُ الرَّدُّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ بَيَانَ الْأَوْقَاتِ إنَّمَا وَقَعَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ فَحَصْرُهُ ذَلِكَ بَاطِلٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْآيَةِ) أَيْ: قَوْله تَعَالَى {ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلا} [الفرقان: 45] قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ فَإِنَّهُ لَا يَظْهَرُ لِلْحِسِّ حَتَّى تَطْلُعَ فَيَقَعَ ضَوْءُهَا عَلَى بَعْضِ الْأَجْرَامِ، أَوْ لَا يُوجَدُ وَيَتَفَاوَتُ إلَّا بِسَبَبِ حَرَكَتِهَا اهـ

(قَوْلُهُ: لَا يَمْنَعُ تَسْمِيَتَهُ) كَيْفَ، وَالْإِضَافَةُ

ص: 418

فِي خَبَرِ جِبْرِيلَ لِمَصِيرِ الْفَيْءِ مِثْلَهُ لَيْسَ لِلِاشْتِرَاطِ، بَلْ؛ لِأَنَّ الزَّوَالَ لَا يَتَبَيَّنُ بِأَقَلَّ مِنْ قَدْرِهِ عَادَةً فَإِنْ فَرَضَ تَبَيُّنَهُ بِأَقَلَّ مِنْهُ عَمِلَ بِهِ وَذَلِكَ لِمَا فِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ «وَصَلَّى بِي الْعَصْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ أَيْ الشَّيْءِ مِثْلَهُ» وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ «وَصَلَّى بِي الظُّهْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَهُ» ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ فَرَغَ مِنْهَا حِينَئِذٍ كَمَا شَرَعَ فِي الْعَصْرِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ حِينَئِذٍ فَلَا اشْتِرَاكَ بَيْنَ الْوَقْتَيْنِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «وَقْتُ الظُّهْرِ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ مَا لَمْ يَحْضُرْ الْعَصْرُ» (وَيَبْقَى) وَقْتُهُ (حَتَّى تَغْرُبَ) الشَّمْسُ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «وَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَغْرُبْ الشَّمْسُ» سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِمُعَاصَرَتِهَا الْغُرُوبَ كَذَا قِيلَ وَلَوْ قِيلَ لِتَنَاقُصِ ضَوْءِ الشَّمْسِ مِنْهَا حَتَّى يَفْنَى تَشْبِيهًا بِتَنَاقُصِ الْغُسَالَةِ مِنْ الثَّوْبِ بِالْعَصْرِ حَتَّى تَفْنَى لَكَانَ أَوْضَحَ (، وَالِاخْتِيَارُ أَنْ لَا يُؤَخَّرَ) بِالْفَوْقِيَّةِ (عَنْ) وَقْتِ (مَصِيرِ الظِّلِّ) لِلشَّيْءِ (مِثْلَيْنِ) سِوَى ظِلِّ الِاسْتِوَاءِ إنْ كَانَ؛ لِأَنَّ جِبْرِيلَ صَلَّاهَا بِهِ فِي ثَانِي يَوْمٍ حِينَئِذٍ وَلَهَا غَيْرُ الْأَوْقَاتِ الْأَرْبَعَةِ السَّابِقَةِ وَقْتُ اخْتِيَارٍ وَهُوَ هَذَا وَوَقْتُ عُذْرٍ وَهُوَ وَقْتُ الظُّهْرِ لِمَنْ يَجْمَعُ وَوَقْتُ كَرَاهَةٍ بَعْدَ الِاصْفِرَارِ فَأَوْقَاتُهَا سَبْعَةٌ وَزِيدَ ثَامِنٌ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ صَلَاتُهَا فِيهِ بَعْدَ إفْسَادِهَا فَإِنَّهَا قَضَاءٌ عِنْدَ جَمْعٍ وَمَعَ ضَعْفِهِ هُوَ لَا يَخْتَصُّ بِالْعَصْرِ وَهِيَ الصَّلَاةُ الْوُسْطَى لِصِحَّةِ الْحَدِيثِ بِهِ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ فَهِيَ أَفْضَلُ الصَّلَوَاتِ وَتَلِيهَا الصُّبْحُ، ثُمَّ الْعِشَاءُ، ثُمَّ الظُّهْرُ، ثُمَّ الْمَغْرِبُ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ الْأَدِلَّةِ وَإِنَّمَا فَضَلُّوا جَمَاعَةَ الصُّبْحِ، وَالْعِشَاءِ؛ لِأَنَّهَا فِيهِمَا أَشَقُّ

(فَرْعٌ)

عَادَتْ بَعْدَ الْغُرُوبِ عَادَ الْوَقْتُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْعِمَادِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ خِلَافُهُ وَأَنَّهُ لَوْ تَأَخَّرَ غُرُوبُهَا عَنْ وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ قَدْرَ غُرُوبِهَا عِنْدَهُ وَخَرَجَ الْوَقْتُ وَإِنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً اهـ وَمَا ذَكَرَهُ آخِرًا بَعِيدٌ، وَكَذَا أَوَّلًا

فِي خَبَرِ جِبْرِيلَ إلَخْ) وَهُوَ «أَمَّنِي جِبْرِيلُ عِنْدَ الْبَيْتِ مَرَّتَيْنِ فَصَلَّى بِي الظُّهْرَ حِينَ زَالَتْ الشَّمْسُ وَكَانَ الْفَيْءُ قَدْرَ الشِّرَاكِ» نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: مِثْلُهُ) أَيْ: مِثْلُ عَرْضِ الشِّرَاكِ

(قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) رَاجِعٌ لِمَا فِي الْمَتْنِ وَهُوَ دُخُولُ وَقْتِ الْعَصْرِ بِالْمَصِيرِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ) أَيْ مَا فِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ وَصَلَّى بِي الْعَصْرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ) أَيْ سُمِّيَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ بِلَفْظِ الْعَصْرِ (قَوْلُهُ: لِمُعَاصَرَتِهَا إلَخْ) أَيْ: مُقَارَنَتِهَا لَهُ تَقُولُ فُلَانٌ عَاصَرَ فُلَانًا إذَا قَارَنَهُ لَكِنَّ الْمُرَادَ بِالْمُقَارَنَةِ هُنَا الْمُقَارَبَةُ شَيْخُنَا قَوْلُ الْمَتْنِ (، وَالِاخْتِيَارُ أَنْ لَا تُؤَخِّرَ إلَخْ) وَسُمِّيَ مُخْتَارًا لِأَرْجَحِيَّتِهِ عَلَى مَا بَعْدَهُ، أَوْ لِاخْتِيَارِ جِبْرِيلَ إيَّاهُ نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي وَقَوْلُهُ فِيهِ الْوَقْتُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ مَحْمُولٌ عَلَى وَقْتِ الِاخْتِيَارِ وَقَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ يَخْرُجُ وَقْتُ الْعَصْرِ بِمَصِيرِ الظِّلِّ مِثْلَيْهِ وَوَقْتُ الْعِشَاءِ بِالثُّلُثِ، وَالصُّبْحِ بِالْإِسْفَارِ لِظَاهِرِ بَيَانِ جِبْرِيلَ السَّابِقِ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِمَا تَقَدَّمَ اهـ.

(قَوْلُهُ: سِوَى ظِلِّ الِاسْتِوَاءِ) إلَى قَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ فِي النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي

(قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ: بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَ (قَوْلُهُ: حِينَئِذٍ) أَيْ: حِينَ مَصِيرِ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلَيْهِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ إفْسَادِهَا) أَيْ: عَمْدًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا قَضَاءٌ إلَخْ)، وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا أَدَاءٌ كَمَا كَانَتْ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي أَيْ فَلَا يَجِبُ فِعْلُهَا فَوْرًا وَإِنْ أَوْقَعَ رَكْعَةً مِنْهَا فِي الْوَقْتِ فَأَدَاءٌ وَإِلَّا فَقَضَاءٌ ع ش (قَوْلُهُ: لِصِحَّةِ الْحَدِيثِ بِهِ) وَقِرَاءَةِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - وَإِنْ كَانَتْ شَاذَّةً حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ، وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةِ الْعَصْرِ ر شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَهِيَ الصَّلَاةُ الْوُسْطَى) أَيْ: عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَقْوَالِ شَيْخِنَا

(قَوْلُهُ: فَهِيَ أَفْضَلُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا وَأَفْضَلُ الصَّلَوَاتِ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ عَصْرُهَا، ثُمَّ عَصْرُ غَيْرِهَا، ثُمَّ صُبْحُهَا، ثُمَّ صُبْحُ غَيْرِهَا، ثُمَّ الْعِشَاءُ، ثُمَّ الظُّهْرُ، ثُمَّ الْمَغْرِبُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اسْتِوَاءُ كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا وَقَدْ يَظْهَرُ خِلَافُهُ وَأَفْضَلُ الْجَمَاعَاتِ جَمَاعَةُ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ جَمَاعَةُ صُبْحِهَا، ثُمَّ جَمَاعَةُ صُبْحِ غَيْرِهَا، ثُمَّ جَمَاعَةُ الْعِشَاءِ، ثُمَّ جَمَاعَةُ الْعَصْرِ، ثُمَّ جَمَاعَةُ الظُّهْرِ، ثُمَّ جَمَاعَةُ الْمَغْرِبِ اهـ.

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا فِيهِمَا أَشَقُّ) لَا يُقَالُ هَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي أَصْلِ فِعْلِهِمَا؛ لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ إنَّمَا زَادَتْ بِالذَّهَابِ إلَى مَحَالِّ الْجَمَاعَاتِ وَأَصْلُ فِعْلِهِمَا لَا يَقْتَضِي ذَلِكَ الذَّهَابَ سم

(قَوْلُهُ: عَادَتْ) أَيْ: لَوْ عَادَتْ الشَّمْسُ (قَوْلُهُ: عَادَ الْوَقْتُ) أَيْ: وَوَجَبَ إعَادَةُ الْمَغْرِبِ إنْ كَانَ صَلَّاهَا وَيَجِبُ عَلَى مَنْ أَفْطَرَ فِي الصَّوْمِ الْإِمْسَاكُ، وَالْقَضَاءُ لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ أَفْطَرَ نَهَارًا وَمَنْ لَمْ يَكُنْ صَلَّى الْعَصْرَ يُصَلِّيهَا أَدَاءً وَهَلْ يَأْثَمُ بِالتَّأْخِيرِ بِلَا عُذْرٍ إلَى الْغُرُوبِ الْأَوَّلِ، أَوْ يَتَبَيَّنُ عَدَمُ إثْمِهِ الظَّاهِرُ الثَّانِي حَلَبِيٌّ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ وَفِي كَلَامِ سم الْمَيْلُ إلَى ذَلِكَ كُلِّهِ إلَّا الْأَخِيرَ فَمَالَ فِيهِ إلَى الْإِثْمِ وَهُوَ الظَّاهِرُ الْمُوَافِقُ لِقَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى خِلَافِهِ (قَوْلُهُ: عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ

(قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ آخِرًا بَعِيدٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَسَيَأْتِي أَنَّهَا تَأَخَّرَتْ لَهُ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْغُرُوبِ سَاعَةً فَيَمْتَدُّ الْوَقْتُ لِغُرُوبِهَا وَإِنْ جَاوَزَ حَدَّ الْمُعْتَادِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ أَيْضًا اهـ وَقَدْ يُتَّجَهُ أَنَّهُ حَيْثُ طَالَ اللَّيْلُ، أَوْ الْيَوْمُ فَإِنْ لَزِمَ مِنْ طُولِهِ فَوَاتُ نَهَارٍ، أَوْ لَيْلٍ قُدِّرَ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَفُتْ شَيْءٌ مِنْ لَيَالِيِ الشَّهْرِ وَلَا أَيَّامِهِ لَمْ يُقَدَّرْ؛ لِأَنَّهُ لَيْلَةٌ

يَكْفِي فِيهَا أَدْنَى مُلَابَسَةٍ

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ فَرَغَ مِنْهَا حِينَئِذٍ) مَا الْمَانِعُ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ كَوْنِ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ لَا يَخْرُجُ بِهِ وَقْتُ الظُّهْرِ إذْ لَا بُدَّ مِنْ قَدْرِ ظِلِّ الِاسْتِوَاءِ أَيْضًا وَهُوَ قَدْ يَسَعُ الظُّهْرَ فَلْيُتَأَمَّلْ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا الْكَلَامُ عَلَى التَّنَزُّلِ وَتَسْلِيمِ أَنَّ الْمُرَادَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَهُ أَيْ سِوَى ظِلِّ الِاسْتِوَاءِ لَا بِظِلِّ الِاسْتِوَاءِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا فِيهِمَا أَشَقُّ) لَا يُقَالُ الْمَعْنَى الَّذِي أَوْجَبَ أَنَّهَا فِيهِمَا أَشَقُّ مَوْجُودٌ فِي أَصْلِ فِعْلِهِمَا؛ لِأَنَّ هَذَا مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ إنَّمَا زَادَتْ بِالذَّهَابِ إلَى مَحَالِّ الْجَمَاعَاتِ وَأَصْلُ فِعْلِهِمَا لَا يَقْتَضِي ذَلِكَ الذَّهَابَ

(قَوْلُهُ: عَادَ الْوَقْتُ) فِيهِ أَبْحَاثٌ مِنْهَا أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ حَاصِلَ عَوْدِ الْوَقْتِ أَنَّهُ زِيدَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ زِيَادَةً وَأَنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ لَا تَنْقُصُ مِنْ اللَّيْلَةِ الْآتِيَةِ وَمِنْهَا أَنَّهُ إذَا قُلْنَا عَادَ الْوَقْتُ فَهَلْ يَلْزَمُ مَنْ كَانَ صَلَّى الْمَغْرِبَ بَعْدَ الْغُرُوبِ أَنْ يُصَلِّيَهَا بَعْدَ الْغُرُوبِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ بِعَوْدِهَا تَبَيَّنَ بَقَاءُ النَّهَارِ وَهَلْ يَلْزَمُ مَنْ كَانَ أَفْطَرَ فِي صَوْمِ الْفَرْضِ الْإِمْسَاكُ، وَالْقَضَاءُ لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ أَفْطَرَ نَهَارًا، أَوْ لَا يَلْزَمُ وَاحِدٌ مِنْهَا مَا ذُكِرَ، وَالْعَوْدُ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ ذَلِكَ وَمِنْهَا أَنَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ صَلَّى الْعَصْرَ يُصَلِّيهِ أَدَاءً وَإِنْ أَثِمَ بِتَعَمُّدِ تَأْخِيرِهِ بِلَا عُذْرٍ إلَى الْغُرُوبِ الْأَوَّلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ نَظَرٌ

(قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ آخِرًا بَعِيدٌ إلَخْ) قَالَ فِي

ص: 419

فَالْأَوْجَهُ كَلَامُ ابْنِ الْعِمَادِ وَلَا يَضُرُّ كَوْنُ عَوْدِهَا مُعْجِزَةً لَهُ صلى الله عليه وسلم كَمَا صَحَّ حَدِيثُهَا فِي وَقْعَةِ الْخَنْدَقِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ ضَعْفَهُ، أَوْ وَضْعَهُ، وَكَذَا صَحَّ أَنَّهَا حُبِسَتْ لَهُ عَنْ الْغُرُوبِ سَاعَةً مِنْ نَهَارِ لَيْلَةِ الْإِسْرَاءِ؛ لِأَنَّ الْمُعْجِزَةَ فِي نَفْسِ الْعَوْدِ

وَأَمَّا بَقَاءُ الْوَقْتِ بِعَوْدِهَا فَبِحُكْمِ الشَّرْعِ وَمِنْ ثَمَّ لَمَّا عَادَتْ صَلَّى عَلَى الْعَصْرِ أَدَاءً، بَلْ عَوْدُهَا لَمْ يَكُنْ إلَّا لِذَلِكَ لِاشْتِغَالِهِ حَتَّى غَرَبَتْ بِنَوْمِهِ صلى الله عليه وسلم فِي حِجْرِهِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَيَحْتَاجُ لِمَعْرِفَةِ وَقْتِ الْعَصْرِ إذَا طَلَعَتْ مِنْ مَغْرِبِهَا اهـ وَأَقُولُ: جَاءَ فِي حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ «أَنَّهَا إذَا طَلَعَتْ مِنْ مَغْرِبِهَا تَسِيرُ إلَى وَسَطِ السَّمَاءِ، ثُمَّ تَرْجِعُ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَطْلُعُ مِنْ الْمَشْرِقِ كَعَادَتِهَا» وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ يَدْخُلُ وَقْتُ الظُّهْرِ بِرُجُوعِهَا؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ زَوَالِهَا وَوَقْتُ الْعَصْرِ إذَا صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ، وَالْمَغْرِبُ بِغُرُوبِهَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ لَيْلَةَ طُلُوعِهَا مِنْ مَغْرِبِهَا تَطُولُ بِقَدْرِ ثَلَاثِ لَيَالٍ لَكِنَّ ذَلِكَ لَا يُعْرَفُ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّهَا لِانْبِهَامِهَا عَلَى النَّاسِ فَحِينَئِذٍ قِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي التَّنْبِيهِ الْآتِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الْخَمْسِ؛ لِأَنَّ الزَّائِدَ لَيْلَتَانِ فَيُقَدَّرَانِ عَنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَوَاجِبُهُمَا الْخَمْسُ

(، وَالْمَغْرِبُ) يَدْخُلُ وَقْتُهُ (بِالْغُرُوبِ) أَيْ غَيْبُوبَةِ جَمِيعِ قُرْصِ الشَّمْسِ وَإِنْ بَقِيَ الشُّعَاعُ وَيُعْرَفُ فِي الْعُمْرَانِ، وَالصَّحَارِي الَّتِي بِهَا جِبَالٌ بِزَوَالِ الشُّعَاعِ مِنْ أَعَالِي الْحِيطَانِ، وَالْجِبَالِ مِنْ غَرْبٍ بَعْدُ (وَيَبْقَى) وَقْتُهَا (حَتَّى يَغِيبَ الشَّفَقُ الْأَحْمَرُ فِي الْقَدِيمِ) لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ فِيهِ، وَالْأَحْمَرُ صِفَةٌ كَاشِفَةٌ

وَاحِدَةٍ زِيدَ فِيهَا، أَوْ يَوْمٍ وَاحِدٍ كَذَلِكَ بِخِلَافِ أَيَّامِ الدَّجَّالِ؛ لِأَنَّهُ فَاتَ فِيهَا عَدَدٌ مِنْ الْأَيَّامِ، وَاللَّيَالِيِ سم بِحَذْفِ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ كَلَامُ ابْنِ الْعِمَادِ) فَيَجِبُ عَلَى مَنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ إعَادَتُهَا بَعْدَ الْغُرُوبِ وَعَلَى مَنْ أَفْطَرَ قَضَاءُ الصَّوْمِ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُحَشِّي وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ الشَّيْخِ سُلْطَانٍ عَدَمَ وُجُوبِ قَضَاءِ الصَّوْمِ؛ لِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَكَلَ نَاسِيًا وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ اتِّفَاقًا شَيْخُنَا وَمَرَّ آنِفًا مَا يُوَافِقُهُ جَمِيعَهُ إلَّا مَا نَقَلَهُ عَنْ الشَّيْخِ سُلْطَانٍ

(قَوْلُهُ: حَدِيثُهَا) أَيْ: حَدِيثُ عَوْدِ الشَّمْسِ، وَالتَّأْنِيثُ مُكْتَسَبٌ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْمُعْجِزَةَ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَلَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: بَلْ عَوْدُهَا) أَيْ: بِدُعَائِهِ صلى الله عليه وسلم وَقَوْلُهُ إلَّا لِذَلِكَ أَيْ لِيُصَلِّيَ عَلَى الْعَصْرِ أَدَاءً وَقَوْلُهُ لِاشْتِغَالِهِ إلَخْ أَيْ فِكْرُهُ أَنْ يُوقِظَهُ فَفَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: بِنَوْمِهِ صلى الله عليه وسلم) هَلْ كَانَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ إيقَاظُهُ وَهَلَّا تَيَمَّمَ وَصَلَّى بِالْإِيمَاءِ سم أَقُولُ: وَلَعَلَّهُ اجْتَهَدَ جَوَازَ التَّأْخِيرِ، بَلْ أَفْضَلِيَّتَهُ مِمَّا قَدْ يُؤَدِّي إلَى إيقَاظِهِ صلى الله عليه وسلم (قَوْلُهُ: لِمَعْرِفَةِ وَقْتِ الْعَصْرِ) مَا وَجْهُ تَخْصِيصِ الْعَصْرِ سم (قَوْلُهُ: جَاءَ فِي حَدِيثٍ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ

(قَوْلُهُ: وَالْمَغْرِبُ بِغُرُوبِهَا) وَلَوْ غَرَبَتْ الشَّمْسُ فِي بَلَدٍ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ، ثُمَّ سَافَرَ إلَى بَلَدٍ آخَرَ فَوَجَدَ الشَّمْسَ لَمْ تَغْرُبْ فِيهِ وَجَبَ عَلَيْهِ إعَادَةُ الْمَغْرِبِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نِهَايَةٌ وَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ يَدْخُلُ إلَخْ) قَضِيَّةُ سُكُوتِهِ عَنْ وَقْتِ الصُّبْحِ أَنَّهُ لَا يَنْزِلُ طُلُوعُهَا مِنْ الْمَغْرِبِ مَنْزِلَةَ طُلُوعِهَا مِنْ الْمَشْرِقِ فَلَا تَجِبُ صَلَاةُ الصُّبْحِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ (قَوْلُهُ: فَحِينَئِذٍ قِيَاسُ مَا يَأْتِي إلَخْ) قَدْ يُقَالُ الْوَجْهُ حَيْثُ لَمْ تَنْقُصْ أَيَّامُ الشَّهْرِ وَلَا لَيَالِيهِ أَنَّهَا لَيْلَةٌ وَاحِدَةٌ طَالَتْ فَلَا يَجِبُ فِيهَا غَيْرُ مَغْرِبٍ وَعِشَاءٍ بِخِلَافِ أَيَّامِ الدَّجَّالِ فَتَأَمَّلْهُ سم وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى مُضِيِّ قَدْرٍ تَجِبُ فِيهِ الصَّلَاةُ بِدُونِهَا

(قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الْخَمْسِ) وَعَلَيْهِ فَيُسَنُّ الْبُدَاءَةُ فِيمَا يَظْهَرُ بِالصُّبْحِ، ثُمَّ بِمَا بَعْدَهَا عَلَى التَّرْتِيبِ فَإِنَّ الْفَرْضَ يَقْتَضِي تَرْتِيبَهَا كَذَلِكَ وَسَيَأْتِي أَنَّ التَّرْتِيبَ فِي قَضَاءِ الْفَوَائِتِ مَنْدُوبٌ بَصْرِيٌّ

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَالْمَغْرِبُ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِفِعْلِهَا عَقِبَ الْغُرُوبِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي فَالْعَلَاقَةُ الْمُجَاوَرَةُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: يَدْخُلُ) إلَى قَوْلِهِ وَيُؤْخَذُ فِي النِّهَايَةِ، وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ صِفَةٌ إلَى خَرَجَ (قَوْلُهُ: وَيُعْرَفُ) أَيْ الْغُرُوبُ (قَوْلُهُ: فِي الْعُمْرَانِ، وَالصَّحَارِي الَّتِي بِهَا إلَخْ) أَيْ: وَيَكْفِي فِي غَيْرِهِمَا تَكَامُلُ سُقُوطِ الْقُرْصِ فَقَطْ شَيْخُنَا

(قَوْلُهُ: مِنْ غَرْبٍ إلَخْ) أَيْ: الْغُرُوبُ مَأْخُوذٌ مِنْ غَرَبَ بِفَتْحِ الرَّاءِ إذَا بَعُدَ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: صِفَةٌ كَاشِفَةٌ) الْأَوْلَى مُؤَكَّدَةٌ سم عَلَى حَجّ أَقُولُ: بَلْ الْأَوْلَى لَازِمَةٌ وَهِيَ الَّتِي لَا تَنْفَكُّ عَنْ الْمَوْصُوفِ، وَأَمَّا الْكَاشِفَةُ فَهِيَ الْمُبَيِّنَةُ لِحَقِيقَةِ مَوْصُوفِهَا وَهِيَ هُنَا لَيْسَتْ كَذَلِكَ فَبِالتَّعْبِيرِ بِالْكَاشِفَةِ، وَاللَّازِمَةِ يَتَمَيَّزُ حَقِيقَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ الْأُخْرَى، وَأَمَّا الْمُؤَكَّدَةُ فَإِنَّهَا

شَرْحِ الْعُبَابِ وَسَيَأْتِي أَنَّهَا تَأَخَّرَتْ لَهُ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْغُرُوبِ سَاعَةً فَيَمْتَدُّ الْوَقْتُ لِغُرُوبِهَا وَإِنْ جَاوَزَ حَدَّ الْمُعْتَادِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ أَيْضًا اهـ وَقَدْ يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ تَقْدِيرِ غُرُوبِهَا مَا تَقَرَّرَ فِي أَيَّامِ الدَّجَّالِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الشَّارِعَ أَمَرَ بِالتَّقْدِيرِ فِي أَيَّامِ الدَّجَّالِ لَا فِي هَذَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ بِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَلَوْ أَمَرَ بِذَلِكَ لَنُقِلَ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ الْآتِيَ قُبَيْلَ يَكْرَهُ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِيمَا لَوْ مَكَثَتْ الشَّمْسُ طَالِعَةً عِنْدَ قَوْمٍ مُدَّةً اهـ وَهُوَ يُخَالِفُ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ عَلَى وَفْقِ اسْتِبْعَادِهِ هُنَا مَا ذَكَرَهُ آخِرًا مِنْ امْتِدَادِ الْوَقْتِ لِغُرُوبِهَا وَقَدْ تُمْنَعُ الْمُخَالَفَةُ بِتَصْوِيرِ مَا هُنَا بِمَا إذَا امْتَدَّ النَّهَارُ لَكِنْ لَمْ يَفُتْ اللَّيْلُ وَمَا يَأْتِي بِمَا إذَا امْتَدَّ بِحَيْثُ فَاتَ كَأَنْ امْتَدَّ قَدْرَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَقَدْ يُتَّجَهُ أَنَّهُ حَيْثُ طَالَ اللَّيْلُ، أَوْ الْيَوْمُ فَإِنْ لَزِمَ مِنْ طُولِهِ فَوَاتُ نَهَارٍ، أَوْ لَيْلٍ قُدِّرَ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَفُتْ شَيْءٌ مِنْ لَيَالِيِ الشَّهْرِ وَلَا أَيَّامِهِ لَمْ يُقَدَّرْ؛ لِأَنَّهُ لَيْلَةٌ وَاحِدَةٌ زِيدَ فِيهَا عَدَدٌ مِنْ الْأَيَّامِ، وَاللَّيَالِيِ فَلْيُتَأَمَّلْ فَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيمَا قُلْنَاهُ بِأَنَّ هَذَا الْفَرْقَ إنَّمَا يَظْهَرُ إنْ كَانَ الشَّهْرُ الَّذِي فِيهِ الْيَوْمُ الَّذِي كَجُمُعَةٍ يَنْقُصُ عَدَدُ أَيَّامِهِ الْبَاقِيَةِ بِقَدْرِ الْجُمُعَةِ، وَالْوَجْهُ اتِّجَاهُ هَذَا الْفَرْقِ وَإِنَّ أَيَّامَ الدَّجَّالِ إنَّمَا كَانَ فِيهَا مَا بَيَّنَهُ فِي الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا شَهْرٌ مُتَمَيِّزُ الطَّرَفَيْنِ فَإِنَّ بَعْضَ أَيَّامِهِ كَجُمُعَةٍ مَثَلًا مَعَ تَحَقُّقِ عَدَدِ أَيَّامِهِ أَمَّا لَوْ كَانَ فِيهَا شَيْءٌ كَذَلِكَ فَالْوَجْهُ عَدَمُ التَّقْدِيرِ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: بِنَوْمِهِ صلى الله عليه وسلم) هَلْ كَانَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ إيقَاظُهُ وَهَلَّا تَيَمَّمَ وَصَلَّى بِالْإِيمَاءِ (قَوْلُهُ: لِمَعْرِفَةِ وَقْتِ الْعَصْرِ) مَا وَجْهُ تَخْصِيصِ الْعَصْرِ (قَوْلُهُ: قِيَاسُ مَا يَأْتِي إلَخْ) قَدْ يُقَالُ الْوَجْهُ حَيْثُ لَمْ تَنْقُصْ أَيَّامُ الشَّهْرِ وَلَا لَيَالِيهِ أَنَّهَا لَيْلَةٌ وَاحِدَةٌ طَالَتْ فَلَا يَجِبُ فِيهَا غَيْرُ مَغْرِبٍ وَعِشَاءٍ بِخِلَافِ أَيَّامِ الدَّجَّالِ فَتَأَمَّلْهُ

(قَوْلُهُ: كَاشِفَةٌ) الْأَوْلَى مُؤَكَّدَةٌ

ص: 420

إذْ الشَّفَقُ حَيْثُ أُطْلِقَ إنَّمَا يَنْصَرِفُ لِلْأَحْمَرِ وَخَرَجَ بِهِ الْأَصْفَرُ، وَالْأَبْيَضُ وَلَوْ لَمْ يَغِبْ، أَوْ لَمْ يَكُنْ بِمَحَلٍّ اُعْتُبِرَ حِينَئِذٍ غَيْبَتُهُ بِأَقْرَبِ مَحَلٍّ إلَيْهِ وَلَهَا غَيْرُ الْأَرْبَعَةِ السَّابِقَةِ وَقْتُ عُذْرٍ وَهُوَ وَقْتُ الْعِشَاءِ لِمَنْ يَجْمَعُ وَوَقْتُ اخْتِيَارٍ وَهُوَ وَقْتُ الْفَضِيلَةِ لِنَقْلِ التِّرْمِذِيِّ عَنْ الْعُلَمَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ كَرَاهَةَ تَأْخِيرِهَا عَنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ إذْ مِنْ هَؤُلَاءِ الْقَائِلُونَ بِالْجَدِيدِ كَرَاهَةَ هَذَا التَّأْخِيرِ حَتَّى عَلَى الْجَدِيدِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُتَصَوَّرُ عَلَيْهَا أَنَّ لَهَا وَقْتَ جَوَازٍ بِلَا كَرَاهَةٍ وَكَأَنَّهُ؛ لِأَنَّ فِي وَقْتِهَا مِنْ الْخِلَافِ مَا لَيْسَ فِي غَيْرِهِ

فَإِنْ قُلْت يَأْتِي فِي ضَبْطِهِ وَقْتُ الْفَضِيلَةِ مَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ يَقْرُبُ مِنْ وَقْتِ الْجَوَازِ هُنَا عَلَى الْجَدِيدِ قُلْت ادِّعَاءُ قُرْبِهِ مِنْهُ مَمْنُوعٌ إذْ الْمُعْتَبَرُ فِي وَقْتِ الْجَوَازِ عَلَى الْجَدِيدِ زَمَنُ مَا يَجِبُ وَيُنْدَبُ بِتَقْدِيرِ وُقُوعِهِ وَإِنْ نَدَرَ وَهَذَا يَقْرُبُ مِنْ نِصْفِ وَقْتِهَا عَلَى الْقَدِيمِ وَفِي وَقْتِ الْفَضِيلَةِ عَلَيْهِمَا مَا يَحْتَاجُهُ بِالْفِعْلِ وَهُوَ يَنْقُصُ عَنْ ذَلِكَ بِكَثِيرٍ فَيُتَصَوَّرُ حَتَّى عَلَى الْجَدِيدِ وَقْتُ فَضِيلَةٍ أَوَّلَ الْوَقْتِ وَمَا فَضَلَ عَنْهُ كَرَاهَةٌ فَتَأَمَّلْهُ (وَفِي الْجَدِيدِ يَنْقَضِي بِمُضِيِّ قَدْرِ) زَمَنِ (وُضُوءٍ) وَغُسْلٍ وَتَيَمُّمٍ وَطَلَبٍ خَفِيفٍ

تُجَامِعُ كُلًّا مِنْ اللَّازِمَةِ، وَالْكَاشِفَةِ ع ش (قَوْلُهُ: إذْ الشَّفَقُ إلَخْ) فِي إثْبَاتِهِ الْمَطْلُوبِ نَظَرٌ سم (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَغِبْ، أَوْ يَكُنْ) أَيْ: لَوْ لَمْ يَغِبْ الشَّفَقُ الْأَحْمَرُ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ، أَوْ لَمْ يُوجَدْ أَصْلًا شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ حِينَئِذٍ إلَخْ) يَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

(قَوْلُهُ: وَلَهَا غَيْرُ الْأَرْبَعَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي وَلَهَا خَمْسَةُ أَوْقَاتٍ وَقْتُ فَضِيلَةٍ وَاخْتِيَارٍ أَوَّلُ الْوَقْتِ وَوَقْتُ جَوَازٍ مَا لَمْ يَغِبْ الشَّفَقُ وَوَقْتُ عُذْرٍ وَقْتُ الْعِشَاءِ لِمَنْ يَجْمَعُ وَوَقْتُ ضَرُورَةٍ وَوَقْتُ حُرْمَةٍ وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ نَقْلًا عَنْ التِّرْمِذِيِّ وَوَقْتُ كَرَاهَةٍ وَهُوَ تَأْخِيرُهَا عَنْ وَقْتِ الْجَدِيدِ ظَاهِرٌ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ اهـ فَصَارَتْ سِتَّةً عِبَارَةُ شَيْخِنَا، وَالرَّاجِحُ أَنَّ لَهَا سَبْعَةً وَقْتُ فَضِيلَةٍ وَوَقْتُ اخْتِيَارٍ وَوَقْتُ جَوَازٍ بِلَا كَرَاهَةٍ وَهِيَ بِمِقْدَارِ الِاشْتِغَالِ بِهَا وَمَا يُطْلَبُ لَهَا فَالثَّلَاثَةُ هُنَا تَدْخُلُ مَعًا وَتَخْرُجُ مَعًا وَيَدْخُلُ بَعْدَهَا الْجَوَازُ بِكَرَاهَةٍ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا إلَى أَنْ يَبْقَى مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُهَا، ثُمَّ وَقْتُ حُرْمَةٍ، ثُمَّ وَقْتُ ضَرُورَةٍ وَلَهَا وَقْتُ عُذْرٍ وَهُوَ وَقْتُ الْعِشَاءِ لِمَنْ يَجْمَعُ جَمْعَ تَأْخِيرٍ فَإِنْ زِدْت وَقْتَ الْإِدْرَاكِ وَهُوَ الْوَقْتُ الَّذِي طَرَأَتْ الْمَوَانِعُ بَعْدَهُ بِحَيْثُ يَكُونُ مَضَى مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ الصَّلَاةَ وَطُهْرَهَا كَانَتْ ثَمَانِيَةً اهـ

وَقَالَ ع ش قَوْلُهُ: م ر وَقْتُ فَضِيلَةٍ وَاخْتِيَارٍ عَدَّهُمَا وَاحِدًا لِاتِّحَادِهِمَا بِالذَّاتِ وَلِذَا جَعَلَ أَوْقَاتَهَا خَمْسَةً وَلَك أَنْ تَجْعَلَهَا سِتَّةً لِاخْتِلَافِ وَقْتَيْ الْفَضِيلَةِ، وَالِاخْتِيَارِ بِحَسَبِ الْمَفْهُومِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ.

(قَوْلُهُ: عَنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ) أَيْ: عَنْ وَقْتِ الْجَدِيدِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ هَذَا الْمَنْقُولِ (قَوْلُهُ: مِنْ هَؤُلَاءِ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ لِمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: بِالْجَدِيدِ) لَعَلَّ الصَّوَابَ هُنَا وَفِي قَوْلِهِ الْآتِي عَلَى الْجَدِيدِ: الْقَدِيمِ (قَوْلُهُ: كَرَاهَةٌ إلَخْ) نَائِبُ فَاعِلٍ يُؤْخَذُ (قَوْلُهُ: فَلَا يُتَصَوَّرُ إلَخْ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الْجَوَازِ مَا زَادَ عَلَى وَقْتِ الْفَضِيلَةِ لَا مَا يَشْمَلُهُ سم (قَوْلُهُ: عَلَيْهِمَا) أَيْ: الْجَدِيدِ، وَالْقَدِيمِ (قَوْلُهُ: وَكَأَنَّهُ) أَيْ: عَدَمُ تَصَوُّرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قُلْت إلَخْ) كَانَ حَاصِلُ السُّؤَالِ أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى الْكَرَاهَةُ فِي وَقْتِ الْجَوَازِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ فَضِيلَةٍ وَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ سم

(قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ: فِي الْمَغْرِبِ (قَوْلُهُ: مَا يَحْتَاجُهُ إلَخْ) أَيْ: زَمَنُ مَا يَحْتَاجُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِالْفِعْلِ إلَخْ) ذَكَرَ فِيمَا سَيَأْتِي فِي مَبْحَثِ التَّعْجِيلِ مَا قَدْ يُنَافِيهِ فَرَاجِعْهُ وَيُجَابُ بِعَدَمِ التَّنَافِي كَمَا يَظْهَرُ بِالتَّأَمُّلِ؛ لِأَنَّ مَا فَعَلَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ الْآتِي ذِكْرُهُ قَدْ احْتَاجَ إلَيْهِ بِالْفِعْلِ فِي الْجُمْلَةِ وَلَوْ كَانَ قَدْ فَعَلَهُ قَبْلُ بِخِلَافِ مَا لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ يَحْتَاجُ إلَيْهِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: وُضُوءٍ وَغُسْلٍ وَتَيَمُّمٍ) يَنْبَغِي اعْتِبَارُ قَدْرِ الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْتَاجُ إلَيْهَا وَلَوْ نَدَبًا فِي بَعْضِهَا بَلْ يَنْبَغِي اعْتِبَارُ قَدْرِ أَرْبَعِ تَيَمُّمَاتٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْتَاجُ إلَيْهَا بِأَنْ يَكُونَ بِأَعْضَاءِ وُضُوئِهِ الْأَرْبَعَةِ عِلَلٌ غَيْرُ عَامَّةٍ لِغَيْرِ الرَّأْسِ وَعَامَّةٍ لِلرَّأْسِ وَقَدْ يَحْتَاجُ لِتَيَمُّمٍ خَامِسٍ وَسَادِسٍ لِاسْتِحْبَابِ إفْرَادِ كُلِّ يَدٍ وَرِجْلٍ بِتَيَمُّمٍ وَلِتَيَمُّمٍ سَابِعٍ لِعِلَّةٍ فِي غَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَالْوَجْهُ اعْتِبَارُ قَدْرِ سَبْعِ تَيَمُّمَاتٍ مُطْلَقًا مَعَ قَدْرِ الْوُضُوءِ، وَالْغُسْلِ نَاقِصًا قَدْرَ غُسْلِ مَا تَيَمَّمَ عَنْهُ مِنْ الْأَعْضَاءِ فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّ ذَلِكَ قَدْ يُشْكِلُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُصِيبُهُ نَجَاسَةٌ لَا تَزُولُ إلَّا بِحَتٍّ وَقَرْضٍ يَسْتَغْرِقُ الْوَقْتَ فَإِنْ اُعْتُبِرَ مَعَ ذَلِكَ، أَوْ وَحْدَهَا لَزِمَ امْتِدَادُ الْوَقْتِ إلَى أَثْنَاءِ وَقْتِ الثَّانِيَةِ، أَوْ مَا بَعْدَهُ وَلَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ بِذَلِكَ سم وَفِي ع ش نَحْوُهُ

وَقَوْلُهُ إذْ الشَّفَقُ إلَخْ فِي إثْبَاتِهِ الْمَطْلُوبَ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: أَوْ بَقِيَ) قَدْ يُقَالُ هُوَ بِمَعْنَى الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُتَصَوَّرُ عَلَيْهِمَا أَنَّ لَهَا وَقْتَ جَوَازٍ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الْجَوَازِ مَا زَادَ عَلَى وَقْتِ الْفَضِيلَةِ لَا مَا يَشْمَلُهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قُلْت إلَخْ) كَانَ حَاصِلُ السُّؤَالِ أَنَّهُ لَا تَتَأَتَّى الْكَرَاهَةُ فِي وَقْتِ الْجَوَازِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ فَضِيلَةٍ وَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: وُضُوءٌ وَغُسْلٌ وَتَيَمُّمٌ) يَنْبَغِي اعْتِبَارُ قَدْرِ الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْتَاجُ إلَيْهَا وَلَوْ نَدْبًا فِي بَعْضِهَا فَإِنَّ الْوُضُوءَ مِنْ سُنَنِ الْغُسْلِ وَإِنْ كَفَى الْغُسْلُ عَنْهُ وَقَدْ يَكُونُ بِأَعْضَاءِ وُضُوئِهِ عِلَّةٌ تُحْوِجُ لِلتَّيَمُّمِ، بَلْ يَنْبَغِي اعْتِبَارُ قَدْرِ أَرْبَعَةِ تَيَمُّمَاتٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْتَاجُ إلَيْهَا بِأَنْ يَكُونَ بِأَعْضَاءِ وُضُوئِهِ الْأَرْبَعَةِ أَرْبَعُ عِلَلٍ غَيْرِ عَامَّةٍ لِغَيْرِ الرَّأْسِ وَعَامَّةٍ لِلرَّأْسِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْقُصَ مِنْ زَمَنِ الْوُضُوءِ، وَالْغُسْلِ قَدْرُ التَّيَمُّمَاتِ لِسُقُوطِ غُسْلِ مَا تَيَمَّمَ عَنْهُ مِنْهُمَا وَقَدْ يَحْتَاجُ لِتَيَمُّمٍ خَامِسٍ وَسَادِسٍ لِاسْتِحْبَابِ إفْرَادِ كُلِّ يَدٍ وَرِجْلٍ بِتَيَمُّمٍ فَإِذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ فِي كُلٍّ مِنْ الْيَدَيْنِ، وَالرِّجْلَيْنِ اُسْتُحِبَّ أَرْبَعُ تَيَمُّمَاتٍ وَلِتَيَمُّمٍ سَابِعٍ لِعِلَّةٍ فِي غَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَالْوَجْهُ اعْتِبَارُ قَدْرِ سَبْعِ تَيَمُّمَاتٍ مُطْلَقًا مَعَ قَدْرِ الْوُضُوءِ، وَالْغُسْلِ نَاقِصًا قَدْرَ غُسْلِ مَا تَيَمَّمَ عَنْهُ مِنْ الْأَعْضَاءِ فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّ ذَلِكَ قَدْ يُشْكِلُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُصِيبُهُ نَجَاسَةٌ لَا تَزُولُ إلَّا بِحَتٍّ وَقَرْضٍ يَسْتَغْرِقُ الْوَقْتَ فَإِنْ اُعْتُبِرَتْ مَعَ ذَلِكَ، أَوْ وَحْدَهَا لَزِمَ امْتِدَادُ الْوَقْتِ إلَى أَثْنَاءِ وَقْتِ الثَّانِيَةِ، أَوْ مَا بَعْدَهُ وَلَا يُمْكِنُ

ص: 421

وَإِزَالَةِ خَبَثٍ يَعُمُّ الْبَدَنَ، وَالثَّوْبَ، وَالْمَحَلَّ وَيُقَدَّرُ مُغَلَّظًا (وَسَتْرُ عَوْرَةٍ) وَاجْتِهَادٌ فِي الْقِبْلَةِ (وَأَذَانٌ) وَلَوْ فِي حَقِّ امْرَأَةٍ عَلَى الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّهُ يُنْدَبُ لَهَا إجَابَتُهُ (وَإِقَامَةٌ) وَأَلْحَقَ بِهِمَا سَائِرَ سُنَنِ الصَّلَاةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَيْهَا كَتَعَمُّمٍ وَتَقَمُّصٍ وَمَشْيٍ لِمَحَلِّ الْجَمَاعَةِ وَأَكْلِ جَائِعٍ حَتَّى يَشْبَعَ (وَخَمْسُ رَكَعَاتٍ) ، بَلْ سَبْعٌ لِنَدْبِ ثِنْتَيْنِ قَبْلَهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّ جِبْرِيلَ صَلَّاهَا فِي الْيَوْمَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمُبَيَّنَ فِيهِ إنَّمَا هُوَ أَوْقَاتُ الِاخْتِيَارِ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ وَقْتَ اخْتِيَارِهَا هُوَ وَقْتُ فَضِيلَتِهَا عَلَى أَنَّهُ مُتَقَدِّمٌ بِمَكَّةَ وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ مُتَأَخِّرَةٌ بِالْمَدِينَةِ فَقُدِّمَتْ لَا سِيَّمَا وَهِيَ أَكْثَرُ رُوَاةً وَأَصَحُّ إسْنَادًا وَاسْتُثْنِيَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ لِتَوَقُّفِ بَعْضِهَا عَلَى دُخُولِهِ وَعَدَمِ وُجُوبِ تَقْدِيمِ بَاقِيهَا، وَالْعِبْرَةُ فِي جَمِيعِهَا بِالْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ مِنْ فِعْلِ كُلِّ إنْسَانٍ وَاسْتَشْكَلَ الْجَدِيدُ بِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى جَمْعِ التَّقْدِيمِ فِيهِ وَمِنْ شَرْطِهِ وُقُوعُ الثَّانِيَةِ فِي وَقْتِ الْأُولَى وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْوَقْتَ السَّابِقَ يَسَعُهُمَا سِيَّمَا إنْ قُدِّمَتْ تِلْكَ الْأُمُورُ عَلَى الْوَقْتِ

(وَلَوْ شَرَعَ فِي الْوَقْتِ) عَلَى الْجَدِيدِ وَقَدْ بَقِيَ مِنْهُ مَا يَسَعُهَا

(قَوْلُهُ: وَإِزَالَةُ خَبَثٍ إلَخْ) أَيْ: وَاسْتِنْجَاءٌ وَتَحَفُّظُ دَائِمِ حَدَثٍ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَيُقَدَّرُ مُغَلَّظًا) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَقَعُ سم (قَوْلُهُ: وَتَقَمُّصٍ) أَيْ: وَلَوْ لِلتَّجَمُّلِ ع ش (قَوْلُهُ: حَتَّى يَشْبَعَ) أَيْ: الشِّبَعَ الشَّرْعِيَّ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَهُوَ بِقَدْرِ ثُلُثِ الْبَطْنِ وَلَا يَكْفِيهِ لُقَيْمَاتٌ يَكْسِرُ بِهَا حِدَةَ الْجُوعِ كَمَا صَوَّبَهُ فِي التَّنْقِيحِ وَلَا يُعْتَبَرُ الشِّبَعُ الزَّائِدُ عَلَى الشَّرْعِيِّ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي؛ لِأَنَّ هَذَا مَذْمُومٌ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: بَلْ سَبْعٌ) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي، وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلُهُ مِنْ فِعْلِ كُلِّ إنْسَانٍ (قَوْلُهُ: أَيْضًا) أَيْ: كَنَدْبِ ثِنْتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ (قَوْلُهُ: صَلَّاهَا فِي الْيَوْمَيْنِ إلَخْ) أَيْ: بِخِلَافِ غَيْرِهَا نِهَايَةٌ

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْمُبَيَّنَ فِيهِ) أَيْ: فِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ (قَوْلُهُ: إنَّمَا هُوَ أَوْقَاتُ الِاخْتِيَارِ إلَخْ) أَيْ: وَأَمَّا الْوَقْتُ الْجَائِزُ وَهُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ فَلَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لَهُ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ) أَيْ: خَبَرُ جِبْرِيلَ (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ) أَيْ: أَحَادِيثُ الْقَدِيمِ (قَوْلُهُ: وَاسْتُثْنِيَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ) أَيْ اُسْتُثْنِيَ مُضِيُّ قَدْرِ هَذِهِ الْأُمُورِ عَلَى الْجَدِيدِ لِلضَّرُورَةِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: هَذِهِ الْأُمُورُ) أَيْ: السَّابِقَةُ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَخَمْسُ رَكَعَاتٍ عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ وَلِلْحَاجَةِ إلَى فِعْلِ مَا ذُكِرَ مَعَهَا اُعْتُبِرَ مُضِيُّ قَدْرِ زَمَنِهِ اهـ

(قَوْلُهُ: عَلَى دُخُولِهِ) أَيْ: الْوَقْتِ سم (قَوْلُهُ: مِنْ فِعْلِ نَفْسِهِ) وَافَقَهُ الْمُغْنِي دُونَ النِّهَايَةِ وسم وَشَيْخُنَا فَقَالُوا، وَالْمُعْتَبَرُ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ الْوَسَطُ الْمُعْتَدِلُ مِنْ النَّاسِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَا مِنْ فِعْلِ نَفْسِهِ خِلَافًا لِلْقَفَّالِ وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ يَخْرُجَ الْوَقْتُ فِي حَقِّ بَعْضٍ وَيَبْقَى فِي حَقِّ بَعْضٍ وَلَا نَظِيرَ لَهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: عَلَى جَمْعِ التَّقْدِيمِ فِيهِ) أَيْ: عَلَى جَوَازِهِ فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ شَرْطِهِ) أَيْ: شَرْطِ صِحَّةِ الْجَمْعِ (قَوْلُهُ: وُقُوعُ الثَّانِيَةِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِصِحَّةِ جَمْعِ التَّقْدِيمِ مِنْ وُقُوعِ الثَّانِيَةِ كَامِلَةً فِي وَقْتِ الْأُولَى وَفِي الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ فِي بَابِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ مَا نَصُّهُ وَرَابِعُهَا أَيْ شُرُوطُ التَّقْدِيمِ دَوَامُ سَفَرِهِ إلَى عَقْدِهِ ثَانِيَةً فَلَوْ أَقَامَ قَبْلَهُ فَلَا جَمْعَ لِزَوَالِ السَّبَبِ اهـ وَعَلَيْهِ فَيَحْتَاجُ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْوَقْتِ، وَالسَّفَرِ وَفِي حَاشِيَةِ سم عَلَى حَجّ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ مَا حَاصِلُهُ اشْتِرَاطُ كَوْنِ الثَّانِيَةِ بِتَمَامِهَا فِي الْوَقْتِ وَذَكَرَ عَنْ وَالِدِ م ر أَنَّهُ رَدَّهُ وَاكْتَفَى بِإِدْرَاكِ مَا دُونَ الرَّكْعَةِ قَالَ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الرُّويَانِيُّ وَأَطَالَ فِي تَقْرِيرِهِ وَذَكَرَ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمَنْهَجِ أَنَّ م ر اعْتَمَدَهُ وَعَلَيْهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَقْتِ، وَالسَّفَرِ وَحِينَئِذٍ فَيَسْقُطُ السُّؤَالُ مِنْ أَصْلِهِ ع ش

(قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْوَقْتَ يَسَعُهُمَا) أَيْ وُقُوعُ الْأُولَى تَامَّةً وَوُقُوعُ عَقْدِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ع ش أَيْ عَلَى مُعْتَمَدِ م ر فِي غَيْرِ نِهَايَةٍ وَإِلَّا فَتَعْبِيرُ النِّهَايَةِ هُنَا كَالْمُغْنِي وَالشَّارِحِ كَالصَّرِيحِ فِي اشْتِرَاطِ وُقُوعِ الثَّانِيَةِ كَامِلَةً (قَوْلُهُ: سِيَّمَا إنْ قُدِّمَتْ إلَخْ) فَإِنْ فَرَضَ ضِيقَهُ عَنْهُمَا لِأَجْلِ اشْتِغَالِهِ بِالْأَسْبَابِ امْتَنَعَ الْجَمْعُ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلَوْ شَرَعَ) أَيْ: فِي الْمَغْرِبِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: عَلَى الْجَدِيدِ) إلَى قَوْلِهِ وَلِظُهُورٍ إلَخْ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ كَذَا أَطْلَقُوهُ فِي الْمَتْنِ، وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ إلَّا الْجُمُعَةَ (قَوْلُهُ: وَقَدْ بَقِيَ مِنْهُ مَا يَسَعُهَا) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَيْ أَقَلُّ

الْقَوْلُ بِذَلِكَ

(قَوْلُهُ: وَيُقَدَّرُ مُغَلَّظًا) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَقَعُ (قَوْلُهُ: عَلَى دُخُولِهِ) أَيْ: الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: مِنْ فِعْلِ كُلٍّ) هَذَا يُوجِبُ اخْتِلَافَ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْوَقْتَ السَّابِقَ يَسَعُهُمَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ فَإِنْ قِيلَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ، وَالْعِشَاءِ تَقْدِيمًا جَائِزٌ وَمِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الْجَمْعِ أَنْ يَقَعَ أَدَاءُ الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقْتِ إحْدَاهُمَا وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الْمَغْرِبِ لَا يَنْحَصِرُ فِيمَا ذَكَرْتُمْ قُلْنَا لَا يَلْزَمُ فَإِنَّ الْوَقْتَ الْمَذْكُورَ يَسَعُ الصَّلَاتَيْنِ خُصُوصًا إذَا كَانَتْ الشَّرَائِطُ عِنْدَ الْوَقْتِ مُجْتَمِعَةً فِيهِ فَإِنْ فَرَضْنَا ضِيقَهُ عَنْهُمَا لِأَجْلِ اشْتِغَالِهِ بِالْأَسْبَابِ امْتَنَعَ الْجَمْعُ لِفَوَاتِ شَرْطِهِ وَهُوَ وُقُوعُ الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقْتِ إحْدَاهُمَا وَأَجَابَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الْجَمْعِ مَا ذَكَرْتُمْ، بَلْ شَرْطُهُ أَنْ تُؤَدَّى إحْدَى الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقْتِهَا، ثُمَّ تُوجَدُ الْأُخْرَى عَقِبَهَا وَهَذَا الْجَوَابُ ضَعِيفٌ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فَإِنَّهُ نَظِيرُ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ، وَالْعَصْرِ فِي آخِرِ وَقْتِ الْعَصْرِ بِحَيْثُ وَقَعَتْ الظُّهْرُ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَالْعَصْرُ بَعْدَ الْغُرُوبِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ اهـ، ثُمَّ نَقَلَ جَوَابًا آخَرَ عَنْ الْكِفَايَةِ وَرَدَّهُ فَرَاجِعْهُ

(قَوْلُهُ: وَقَدْ بَقِيَ مِنْهُ مَا يَسَعُهَا) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَيْ أَقَلُّ مُجْزِئٍ مِنْ أَرْكَانِهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْحَدِّ الْوَسَطِ مِنْ فِعْلِ نَفْسِهِ فِيمَا يَظْهَرُ وَإِنْ لَمْ نَقُلْ بِمَا مَرَّ عَنْ الْقَفَّالِ فِي الْمَغْرِبِ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا إذْ الْمَدَارُ هُنَا عَلَى أَنْ يَشْرَعَ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يُمْكِنُ فِعْلُهَا فِيهِ مِنْ غَيْرِ إثْمٍ يَلْحَقُهُ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَبْقَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ فَيَلْزَمُهُ الْمُبَادَرَةُ إلَى مَا يُمْكِنُهُ فِيهَا فِي الْوَقْتِ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الْمَدُّ انْتَهَى وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَبْقَ ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ فِي الْوُصُولِ لِذَلِكَ الْحَدِّ كَنَوْمٍ جَائِزٍ

ص: 422

وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ الْمَدُّ كَذَا أَطْلَقُوهُ وَبِهِ يَنْدَفِعُ بَحْثُ بَعْضِهِمْ أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً لَزِمَهُ الْمُبَادَرَةُ بِإِيقَاعِ مَا يُمْكِنُهُ مِنْهَا فِي الْوَقْتِ، أَوْ دُونَ رَكْعَةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ (وَمَدَّ) فِي صَلَاتِهِ الْمَغْرِبَ وَهِيَ مِثَالٌ إذْ سَائِرُ الْخَمْسِ إلَّا الْجُمُعَةَ كَذَلِكَ بِقِرَاءَةٍ، أَوْ ذِكْرٍ، بَلْ، أَوْ سُكُوتٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (حَتَّى) خَرَجَ وَقْتُهَا عَلَى الْجَدِيدِ جَازَ قِيلَ بِلَا خِلَافٍ فَلَا كَرَاهَةَ وَلَا خِلَافَ الْأَوْلَى، أَوْ حَتَّى (غَابَ الشَّفَق جَازَ) لَهُ ذَلِكَ الْمَدُّ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى (عَلَى الصَّحِيحِ) وَإِنْ لَمْ يُوقِعْ مِنْهَا رَكْعَةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِمَا صَحَّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ فِيهَا الْأَعْرَافَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ كِلْتَيْهِمَا» وَأَنَّ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه طَوَّلَ فِي الصُّبْحِ فَقِيلَ لَهُ كَادَتْ الشَّمْسُ أَنْ تَطْلُعَ فَقَالَ لَوْ طَلَعَتْ لَمْ تَجِدْنَا غَافِلِينَ وَلِظُهُورِ شُذُوذِ الْمُقَابِلِ قَطَعَ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ بِالْجَوَازِ نَعَمْ يَحْرُمُ الْمَدُّ إنْ ضَاقَ وَقْتُ الثَّانِيَةِ عَنْهَا وَيَظْهَرُ أَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ فَائِتَةٌ فَوْرِيَّةٌ وَسَيَأْتِي آخِرَ سُجُودِ السَّهْوِ بَسْطٌ يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ فَرَاجِعْهُ

(قُلْت الْقَدِيمُ أَظْهَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ، بَلْ هُوَ جَدِيدٌ؛ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ رضي الله عنه عَلَّقَ الْقَوْلَ بِهِ فِي الْإِمْلَاءِ عَلَى صِحَّةِ الْحَدِيثِ وَقَدْ صَحَّتْ فِيهِ أَحَادِيثُ

مُجْزِئٍ مِنْ أَرْكَانِهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْحَدِّ الْوَسَطِ مِنْ فِعْلِ نَفْسِهِ فِيمَا يَظْهَرُ وَإِنْ لَمْ نَقُلْ بِمَا مَرَّ عَنْ الْقَفَّالِ فِي الْمَغْرِبِ لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا اهـ اهـ سم

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مَا يَسَعُهَا (قَوْلُهُ: وَبِهِ يَنْدَفِعُ إلَخْ) أَيْ، بَلْ يَلْزَمُهُ الْمُبَادَرَةُ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَظَاهِرُهُ: وَإِنْ كَانَ انْتِفَاءُ الْبَقَاءِ بِعُذْرٍ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ فِي الثَّانِيَةِ إذَا تَعَمَّدَ التَّأْخِيرَ فَإِنْ كَانَ بِعُذْرٍ كَنَوْمٍ قَبْلَ الْوَقْتِ إلَى أَنْ يَبْقَى مِنْهُ دُونَ رَكْعَةٍ فَيَنْبَغِي عَدَمُ وُجُوبِ الْمُبَادَرَةِ سم (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ الْمُبَادَرَةُ) هَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى أَقَلِّ وَاجِبٍ سم (قَوْلُهُ: وَمَدَّ فِي صَلَاتِهِ الْمَغْرِبَ إلَخْ) خَرَجَ بِهِ مُجَرَّدُ الْإِتْيَانِ بِالسُّنَنِ بِأَنْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ جَمِيعَ وَاجِبَاتِهَا دُونَ سُنَنِهَا فَإِنَّ الْإِتْيَانَ بِالسُّنَنِ حِينَئِذٍ مَنْدُوبٌ فَلَيْسَ خِلَافَ الْأَوْلَى كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَنْوَارُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْأَفْضَلَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْبَغَوِيّ الْمَنْقُولِ عَنْهُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَكِنْ قَيَّدَهُ م ر بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش

(قَوْلُهُ: إلَّا الْجُمُعَةَ) فَيُمْتَنَعُ تَطْوِيلُهَا إلَى مَا بَعْدَ وَقْتِهَا بِلَا خِلَافٍ لِتَوَقُّفِ صِحَّتِهَا عَلَى وُقُوعِ جَمِيعِهَا فِي وَقْتِهَا بِخِلَافِ غَيْرِهَا نِهَايَةٌ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر فَيُمْتَنَعُ إلَخْ يَنْبَغِي إلَّا فِي حَقِّ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ سم عَلَى حَجّ وَعَلَيْهِ فَتَنْقَلِبُ ظُهْرًا بِخُرُوجِ الْوَقْتِ اهـ.

(قَوْلُهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ) نَعَمْ يَظْهَرُ أَنَّ إيقَاعَ رَكْعَةٍ فِيهِ شَرْطٌ لِتَسْمِيَتِهَا مُؤَدَّاةً وَإِلَّا فَتَكُونُ قَضَاءً لَا إثْمَ فِيهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: فَرَائِضُهَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي كَأَنْ يَقْرَأَ فِيهَا إلَخْ وَقِرَاءَتُهُ صلى الله عليه وسلم تَقْرُبُ مِنْ مَغِيبِ الشَّفَقِ لِتَدَبُّرِهِ لَهَا اهـ.

(قَوْلُهُ: شُذُوذِ الْمُقَابِلِ) أَيْ: لِلصَّحِيحِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَحْرُمُ الْمَدُّ إلَخْ)(فَرْعٌ)

شَرَعَ فِي الْمَغْرِبِ مَثَلًا وَقَدْ بَقِيَ مِنْ وَقْتِهَا مَا يَسَعُهَا وَمَدَّ إلَى أَنْ بَقِيَ مِنْ وَقْتِ الْعِشَاءِ مَا يَسَعُ الْعِشَاءَ، أَوْ رَكْعَةً مِنْهَا فَهَلْ يَجِبُ قَطْعُ الْمَغْرِبِ وَفِعْلُ الْعِشَاءِ مُطْلَقًا، أَوْ يُفَصَّلُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ أَدْرَكَ مِنْ الْمَغْرِبِ رَكْعَةً فِي وَقْتِهَا فَلَا يَجِبُ، بَلْ لَا يَجُوزُ قَطْعُهَا؛ لِأَنَّهَا مُؤَدَّاةٌ وَبَيْنَ أَنْ لَا يَكُونَ كَذَلِكَ فَيَجِبُ قَطْعُهَا؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ فَائِتَةٌ، وَالْفَائِتَةُ يَجِبُ قَطْعُهَا إذَا خِيفَ فَوْتُ الْحَاضِرَةِ عَلَى مَا يَأْتِي فِيهِ نَظَرٌ سم عَلَى حَجّ أَقُولُ: لَا يَبْعُدُ إلْحَاقُهَا بِالْفَائِتَةِ فِي وُجُوبِ الْقَطْعِ إذَا خَافَ فَوْتَ الْحَاضِرَةِ ع ش، وَظَاهِرُهُ: اخْتِيَارُ الشِّقِّ الْأَوَّلِ مِنْ وُجُوبِ الْقَطْعِ مُطْلَقًا

(قَوْلُهُ: إنْ ضَاقَ إلَخْ) أَيْ: إلَى أَنْ ضَاقَ إلَخْ سم وع ش (قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ جَدِيدٌ) أَيْ: كَمَا أَنَّهُ قَدِيمٌ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: فِي الْإِمْلَاءِ إلَخْ) أَيْ: وَهُوَ مِنْ الْكُتُبِ الْجَدِيدَةِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: اسْمٌ لِأَوَّلِ الظَّلَّامِ) ظَاهِرُهُ فَقَطْ وَقَالَ الْمُحَشِّي يَعْنِي الْبِرْمَاوِيَّ أَيْ اسْمٌ لِلظَّلَامِ مِنْ أَوَّلِ وُجُودِهِ عَادَةً، وَظَاهِرُهُ: يَشْمَلُ غَيْرَ أَوَّلِ الظَّلَامِ شَيْخُنَا قَوْلُ الْمَتْنِ (بِمَغِيبِ الشَّفَقِ إلَخْ)(تَنْبِيهٌ)

قَدْ يُشَاهِدُ غُرُوبَ الشَّفَقِ الْأَحْمَرِ قَبْلَ مُضِيِّ الْوَقْتِ الَّذِي قَدَّرَهُ الْمُوَقِّتُونَ فِيهِ وَهُوَ عِشْرُونَ دَرَجَةً فَهَلْ الْعِبْرَةُ بِمَا قَدَّرُوهُ، أَوْ بِالْمُشَاهَدِ وَقَاعِدَةُ الْبَابِ، وَكَذَا الْأَحَادِيثُ تَقْتَضِي تَرْجِيحَ الثَّانِي، وَالْإِجْمَاعُ الْفِعْلِيُّ يُرَجِّحُ الْأَوَّلَ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا لَوْ مَضَى مَا قَدَّرُوهُ وَلَمْ يَغِبْ الشَّفَقُ الْأَحْمَرُ فَتْحُ الْجَوَّادِ لِابْنِ حَجّ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالشَّفَقِ لَا بِالدَّرَجِ وَلَا يُعْمَلُ بِقَوْلِهِمْ مَدَابِغِيٌّ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: لِفِعْلِهَا فِيهِ) أَيْ: لِفِعْلِ الصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَالْعَلَاقَةُ الْحَالِيَّةُ، وَالْمَحَلِّيَّةُ شَيْخُنَا

فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مَا يَسَعُهَا، وَظَاهِرُهُ: وَإِنْ كَانَ انْتِفَاءُ الْبَقَاءِ بِعُذْرٍ

(قَوْلُهُ: وَبِهِ يَنْدَفِعُ بَحْثُ بَعْضِهِمْ إلَخْ) أَيْ: بَلْ يَلْزَمُهُ الْمُبَادَرَةُ فِي الصُّورَتَيْنِ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ فِي الثَّانِيَةِ إذَا تَعَمَّدَ التَّأْخِيرَ فَإِنْ كَانَ بِعُذْرٍ كَنَوْمٍ قَبْلَ الْوَقْتِ إلَى أَنْ بَقِيَ مِنْهُ دُونَ رَكْعَةٍ فَيَنْبَغِي عَدَمُ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ الْمُبَادَرَةُ) هَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى أَقَلِّ وَاجِبٍ (قَوْلُهُ: وَمَدَّ إلَى أَنْ قَالَ بِقِرَاءَةٍ، أَوْ ذِكْرٍ إلَخْ) خَرَجَ مُجَرَّدُ الْإِتْيَانِ بِالسُّنَنِ بِأَنْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ جَمِيعَ وَاجِبَاتِهَا دُونَ سُنَنِهَا فَإِنَّ الْإِتْيَانَ بِالسُّنَنِ حِينَئِذٍ مَنْدُوبٌ فَلَيْسَ خِلَافَ الْأَوْلَى كَالْمَدِّ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْأَنْوَارِ بِأَنَّهُ لَوْ أَدْرَكَ آخِرَ الْوَقْتِ بِحَيْثُ لَوْ أَدَّى الْفَرِيضَةَ بِسُنَنِهَا لَفَاتَ الْوَقْتُ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَرْكَانِ تَقَعُ فِي الْوَقْتِ بِأَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يُتِمَّ السُّنَنَ اهـ، وَظَاهِرُهُ: أَنَّ الْأَفْضَلَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْبَغَوِيّ الْمَنْقُولِ عَنْهُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَمَا بَيَّنَّاهُ آخِرَ سُجُودِ السَّهْوِ لَكِنْ قَيَّدَهُ م بِأَنْ يُدْرِكَ رَكْعَةً (فَرْعٌ)

شَرَعَ فِي الْمَغْرِبِ مَثَلًا وَقَدْ بَقِيَ مِنْ وَقْتِهَا مَا يَسَعُهَا وَمَدَّ إلَى أَنْ بَقِيَ مِنْ وَقْتِ الْعِشَاءِ مَا يَسَعُ الْعِشَاءَ، أَوْ رَكْعَةً مِنْهَا فَهَلْ يَجِبُ قَطْعُ الْمَغْرِبِ وَفِعْلُ الْعِشَاءِ مُطْلَقًا أَوْ يُفَصَّلُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ أَدْرَكَ مِنْ وَقْتِ الْمَغْرِبِ قَدْرَ رَكْعَةٍ فَلَا يَجِبُ قَطْعُهَا، بَلْ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهَا مُؤَدَّاةٌ وَبَيْنَ أَنْ لَا يَكُونَ أَدْرَكَ مِنْ وَقْتِهَا قَدْرَ رَكْعَةٍ فَيَجِبُ قَطْعُهَا؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ فَائِتَةٌ، وَالْفَائِتَةُ يَجِبُ قَطْعُهَا إذَا خِيفَ فَوْتُ الْحَاضِرَةِ عَلَى مَا يَأْتِي فِيهِ نَظَرٌ، وَظَاهِرُهُ: حُرْمَةُ الْمَدِّ إلَى أَنْ يَبْقَى مِنْ وَقْتِ الثَّانِيَةِ مَا لَا يَسَعُهَا (قَوْلُهُ: إلَّا الْجُمُعَةَ)

ص: 423

مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ

(، وَالْعِشَاءُ) يَدْخُلُ وَقْتُهَا وَهِيَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ، وَالْمَدِّ لُغَةً اسْمٌ لِأَوَّلِ الظَّلَامِ وَسُمِّيَتْ بِهِ الصَّلَاةُ لِفِعْلِهَا حِينَئِذٍ (بِمَغِيبِ الشَّفَقِ) الْأَحْمَرِ لِمَا مَرَّ وَيَنْبَغِي نَدْبُ تَأْخِيرِهَا لِزَوَالِ الْأَصْفَرِ، وَالْأَبْيَضِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَ ذَلِكَ وَمَرَّ أَنَّ مَنْ لَا شَفَقَ لَهُمْ يُعْتَبَرُ بِأَقْرَبِ بَلَدٍ إلَيْهِمْ وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يُؤَدِّ اعْتِبَارُ ذَلِكَ إلَى طُلُوعِ فَجْرِ هَؤُلَاءِ بِأَنْ كَانَ مَا بَيْنَ الْغُرُوبِ وَمَغِيبِ الشَّفَقِ عِنْدَ هُمْ بِقَدْرِ لَيْلِ هَؤُلَاءِ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُ مَغِيبِ الشَّفَقِ لِانْعِدَامِ وَقْتِ الْعِشَاءِ حِينَئِذٍ وَإِنَّمَا الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُنْسَبَ وَقْتُ الْمَغْرِبِ عِنْدَ أُولَئِكَ إلَى لَيْلِهِمْ فَإِنْ كَانَ السُّدُسُ مَثَلًا جَعَلْنَا لَيْلَ هَؤُلَاءِ سُدُسَهُ وَقْتَ الْمَغْرِبِ وَبَقِيَّتَهُ وَقْتَ الْعِشَاءِ وَإِنْ قَصُرَ جِدًّا، ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ ذَكَرَ فِي صُورَتِنَا هَذِهِ اعْتِبَارَ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ بِالْأَقْرَبِ وَإِنْ أَدَّى إلَى طُلُوعِ فَجْرِ هَؤُلَاءِ فَلَا يَدْخُلُ بِهِ وَقْتُ الصُّبْحِ عِنْدَ هُمْ، بَلْ يَعْتَبِرُونَ أَيْضًا بِفَجْرِ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِمْ وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا إذْ مَعَ وُجُودِ فَجْرٍ لَهُمْ حِسِّيٍّ كَيْفَ يُمْكِنُ إلْغَاؤُهُ وَيُعْتَبَرُ فَجْرُ الْأَقْرَبِ إلَيْهِمْ

وَالِاعْتِبَارُ بِالْغَيْرِ إنَّمَا يَكُونُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُهُمْ فِيمَنْ انْعَدَمَ عِنْدَ هُمْ ذَلِكَ الْمُعْتَبَرُ دُونَ مَا إذَا وُجِدَ فَيُدَارُ الْأَمْرُ عَلَيْهِ لَا غَيْرُ وَلَا يُنَافِي هَذَا إطْلَاقُ أَبِي حَامِدٍ الْآتِي لِتَعَيُّنِ حَمْلِهِ عَلَى اعْتِبَارِ مَا قَرَّرْته مِنْ النِّسْبَةِ (وَيَبْقَى) وَقْتُهَا (إلَى الْفَجْرِ) الصَّادِقِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ إنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ الْأُخْرَى» خَرَجَتْ الصُّبْحُ إجْمَاعًا فَيَبْقَى عَلَى مُقْتَضَاهُ فِي غَيْرِهَا

(، وَالِاخْتِيَارُ أَنْ لَا تُؤَخَّرَ عَنْ ثُلُثِ اللَّيْلِ) اتِّبَاعًا لِفِعْلِ جِبْرِيلَ (وَفِي قَوْلِهِ نِصْفُهُ) لِحَدِيثٍ صَحِيحٍ فِيهِ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ وَلَهَا غَيْرُ هَذَا، وَالْأَرْبَعَةُ السَّابِقَةُ وَقْتُ كَرَاهَةٍ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْفَجْرَيْنِ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَهُوَ أَوْجَهُ مِنْ قَوْلِ الرُّويَانِيِّ بِاتِّحَادِهِ مَعَ وَقْتِ الْجَوَازِ وَإِنْ حَكَاهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ، وَوَقْتُ عُذْرٍ وَهُوَ وَقْتُ الْمَغْرِبِ لِمَنْ يَجْمَعُ تَقْدِيمًا

(تَنْبِيهٌ)

لَوْ عُدِمَ وَقْتُ الْعِشَاءِ كَأَنْ طَلَعَ الْفَجْرُ كَمَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ وَجَبَ قَضَاؤُهَا عَلَى الْأَوْجَهِ مِنْ اخْتِلَافٍ فِيهِ بَيْنَ الْمُتَأَخِّرِينَ

قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ) ، وَأَمَّا حَدِيثُ صَلَاةِ جِبْرِيلَ فِي الْيَوْمَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَمَحْمُولٌ عَلَى وَقْتِ الِاخْتِيَارِ كَمَا مَرَّ مُغْنِي

(قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ فِي شَرْحٍ وَيَبْقَى حَتَّى يَغِيبَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي) إلَى قَوْلِهِ وَيَظْهَرُ فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى قَوْلِهِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ يَظْهَرُ إلَى قَوْلِهِ يَنْبَغِي (قَوْله مَنْ أَوْجَبَ ذَلِكَ) كَالْإِمَامِ فِي الْأَوَّلِ، وَالْمَزْنِيُّ فِي الثَّانِي مُغْنِي (قَوْلُهُ: لَا شَفَقَ لَهُمْ) أَيْ: أَوْ لَا يَغِيبُ شَفَقُهُمْ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَمَنْ لَا عِشَاءَ لَهُمْ لِكَوْنِهِمْ فِي نَوَاحٍ تَقْصُرُ لَيَالِيُهُمْ وَلَا يَغِيبُ عَنْهُمْ الشَّفَقُ أَيْ الْأَحْمَرُ تَكُونُ الْعِشَاءُ فِي حَقِّهِمْ بِمُضِيِّ زَمَنٍ يَغِيبُ فِيهِ الشَّفَقُ فِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِمْ اهـ

(قَوْلُهُ: يُعْتَبَرُ بِأَقْرَبِ بَلَدٍ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ اسْتَوَى فِي الْقُرْبِ إلَيْهِمْ بَلَدَانِ، ثُمَّ كَانَ الشَّفَقُ يَغِيبُ فِي إحْدَاهُمَا قَبْلَ الْأُخْرَى فَهَلْ يُعْتَبَرُ الْأَوَّلُ، أَوْ الثَّانِي فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى فِعْلِ الْعِشَاءِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا عَلَى احْتِمَالِ ع ش (قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّهُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ الزِّيَادِيُّ وع ش وَالرَّشِيدِيُّ وَشَيْخُنَا (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُؤَدِّ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ فِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ لَهُمْ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ لَيْلِهِمْ مَا يُمْكِنُ فِيهِ فِعْلُ الْعِشَاءِ ع ش (قَوْلُهُ: إلَى طُلُوعِ فَجْرِهَا) أَيْ فَجْرِ بَلْدَةِ مَنْ لَا شَفَقَ لَهُمْ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا الَّذِي يَنْبَغِي إلَخْ) اعْتَمَدَهُ الْمُغْنِي وَالزِّيَادِيُّ وَغَيْرُهُمَا كَمَا مَرَّ

(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ السُّدُسُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْأُجْهُورِيِّ وَشَيْخِنَا، وَاللَّفْظُ لِلْأَوَّلِ مِثَالُهُ إذَا كَانَ مَنْ لَا يَغِيبُ شَفَقُهُمْ، أَوْ لَا شَفَقَ لَهُمْ لَيْلُهُمْ عِشْرُونَ دَرَجَةً مَثَلًا وَلَيْلُ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِمْ الَّذِينَ لَهُمْ شَفَقٌ يَغِيبُ ثَمَانُونَ دَرَجَةً مَثَلًا وَشَفَقُهُمْ يَغِيبُ بَعْدَ مُضِيِّ عِشْرِينَ دَرَجَةً فَإِذَا نُسِبَ عِشْرُونَ إلَى ثَمَانِينَ كَانَتْ رُبْعًا فَيُعْتَبَرُ لِمَنْ لَا يَغِيبُ شَفَقُهُمْ مُضِيُّ رُبْعِ لَيْلِهِمْ وَهُوَ فِي مِثَالِنَا خَمْسُ دَرَجٍ فَنَقُولُ لَهُمْ إذَا مَضَى مِنْ لَيْلِكُمْ خَمْسُ دَرَجٍ دَخَلَ وَقْتُ عِشَائِكُمْ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ قَصُرَ جِدًّا) فَإِنْ لَمْ يَسَعْ إلَّا وَاحِدَةً مِنْ الْمَغْرِبِ، وَالْعِشَاءِ قَضَى الْعِشَاءَ وَإِنْ لَمْ يَسَعْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا قَضَاهُمَا كَمَا يَأْتِي مَا يُفِيدُهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ ذَكَرَ إلَخْ) وِفَاقًا لِظَاهِرِ النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: دُونَ مَا إذَا إلَخْ) الْأَنْسَبُ لِمَا قَبْلَهُ دُونَ مَنْ وَجَدَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي هَذَا) أَيْ قَوْلُهُ: وَالِاعْتِبَارُ بِالْغَيْرِ إنَّمَا يَكُونُ إلَخْ (قَوْلُهُ: الْآتِي) أَيْ: فِي التَّنْبِيهِ (قَوْلُهُ: الصَّادِقُ) إلَى قَوْلِهِ وَلَهَا فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى قَوْلِهِ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ

(قَوْلُهُ: لِخَبَرِ مُسْلِمٍ لَيْسَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي امْتِدَادَ وَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ إلَى دُخُولِ وَقْتِ الْأُخْرَى مِنْ الْخَمْسِ مُغْنِي وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ

(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ كَانَ عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ) وَرَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَلَهَا غَيْرُ هَذَا، وَالْأَرْبَعَةُ السَّابِقَةُ وَقْتُ كَرَاهَةٍ) فَأَوْقَاتُهَا سَبْعَةٌ مُغْنِي وَشَرْحُ الْمَنْهَجِ زَادَ شَيْخُنَا فَإِنْ زِدْت وَقْتَ الْإِدْرَاكِ وَهُوَ وَقْتُ طُرُوُّ الْمَوَانِعِ بَعْدَ أَنْ يُدْرِكَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ الصَّلَاةَ كَانَتْ ثَمَانِيَةً اهـ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا بَيْنَ الْفَجْرَيْنِ) وَهُوَ خَمْسُ دَرَجٍ وَفِيهِ تَسَمُّحٌ؛ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ وَقْتَ الْحُرْمَةِ وَوَقْتَ الضَّرُورَةِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَهُوَ مَا بَعْدَ الْفَجْرِ الْأَوَّلِ حَتَّى يَبْقَى مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُهَا، وَقَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ أَيْ الْغَزَالِيُّ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: مِنْ قَوْلِ الرُّويَانِيِّ بِاتِّحَادِهِ) أَيْ: وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ حَدِيثُ «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتهمْ بِتَأْخِيرِ الْعِشَاءِ إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ» سم

(قَوْلُهُ: وَجَبَ قَضَاؤُهَا) أَيْ: وَقَضَاءُ الْمَغْرِبِ شَيْخُنَا وَالْبُجَيْرِمِيُّ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَوْجَهِ) لَمْ يُبَيِّنْ حُكْمَ صَوْمِ رَمَضَانَ هَلْ يَجِبُ بِمُجَرَّدِ

يَنْبَغِي إلَّا فِي حَقِّ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ

(قَوْلُهُ: وَهُوَ أَوْجَهُ مِنْ قَوْلِ الرُّويَانِيِّ بِاتِّحَادِهِ إلَخْ) أَيْ وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ حَدِيثُ «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتهمْ بِتَأْخِيرِ الْعِشَاءِ إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ»

(قَوْلُهُ: وَجَبَ قَضَاؤُهَا عَلَى الْوَجْهِ) لَمْ يُبَيِّنْ حُكْمَ صَوْمِ رَمَضَانَ هَلْ يَجِبُ بِمُجَرَّدِ طُلُوعِ الْفَجْرِ عِنْدَ هُمْ أَوْ يُعْتَبَرُ قَدْرُ طُلُوعِهِ بِأَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِمْ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَوَالِي الصَّوْمِ الْقَاتِلِ، أَوْ الْمُضِرِّ إضْرَارًا لَا يُحْتَمَلُ لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ تَنَاوُلِ مَا يَدْفَعُ ذَلِكَ لِعَدَمِ اسْتِمْرَارِ الْغُرُوبِ زَمَنًا يَسَعُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَهُوَ مُشْكِلٌ بِالْحُكْمِ بِانْعِدَامِ وَقْتِ الْعِشَاءِ، بَلْ قِيَاسُ اعْتِبَارِ قَدْرِ طُلُوعِهِ بِأَقْرَبِ الْبِلَادِ بَقَاءُ وَقْتِ الْعِشَاءِ وَوُقُوعُهَا أَدَاءً فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ وَهَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ بَعْضِهِمْ فِيمَا إذَا لَمْ يَغِبْ الشَّفَقُ فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الشَّارِحِ الْآتِي وَفَرَّعَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ الْعِمَادِ إلَخْ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ حُكْمُ

ص: 424

وَلَوْ لَمْ تَغِبْ إلَّا بِقَدْرِ مَا بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ فَأَطْلَقَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ حَالُهُمْ بِأَقْرَبِ بَلَدٍ يَلِيهِمْ وَفَرَّعَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ الْعِمَادِ أَنَّهُمْ يُقَدِّرُونَ فِي الصَّوْمِ لَيْلَهُمْ بِأَقْرَبِ بَلَدٍ إلَيْهِمْ، ثُمَّ يُمْسِكُونَ إلَى الْغُرُوبِ بِأَقْرَبِ بَلَدٍ إلَيْهِمْ وَمَا قَالَاهُ إنَّمَا يَظْهَرُ إنْ لَمْ تَسَعْ مُدَّةَ غَيْبُوبَتِهَا أَكَلَ مَا يُقِيمُ بِنْيَةَ الصَّائِمِ لِتَعَذُّرِ الْعَمَلِ بِهِ عِنْدَهُمْ فَاضْطَرَرْنَا إلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ بِخِلَافِ مَا إذَا وَسِعَ ذَلِكَ وَلَيْسَ هَذَا حِينَئِذٍ كَأَيَّامِ الدَّجَّالِ لِوُجُودِ اللَّيْلِ هُنَا وَإِنْ قَصُرَ وَلَوْ لَمْ يَسَعْ ذَلِكَ إلَّا قَدْرُ الْمَغْرِبِ أَوْ أَكَلَ الصَّائِمُ قَدَّمَ أَكْلَهُ وَقَضَى الْمَغْرِبَ فِيمَا يَظْهَرُ

(وَالصُّبْحُ) يَدْخُلُ وَقْتُهَا (بِالْفَجْرِ الصَّادِقِ) ؛ لِأَنَّ جِبْرِيلَ صَلَّاهَا أَوَّلَ يَوْمٍ حِينَ حَرُمَ الْفِطْرُ عَلَى الصَّائِمِ وَإِنَّمَا يَحْرُمُ بِالصَّادِقِ إجْمَاعًا وَلَا نَظَرَ لِمَنْ شَذَّ فَلَمْ يُحَرِّمْهُ إلَّا بِطُلُوعِ الشَّمْسِ وَمِنْ ثَمَّ رُدَّ وَإِنْ نُقِلَ عَنْ أَجِلَّاءِ صَحَابَةٍ وَتَابِعِينَ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْإِجْمَاعِ وَإِنْ اسْتَدَلَّ لَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً} [الإسراء: 12] الدَّالُّ عَلَى أَنَّهُ لَا آيَةَ لِلنَّهَارِ إلَّا الشَّمْسُ الْمُؤَيَّدُ بِآيَةٍ {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ} [الحج: 61] الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّهُ لَا فَاصِلَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ سَفْسَافٌ وَمِنْ ثَمَّ اسْتَبْعَدَ غَيْرُ وَاحِدٍ صِحَّةَ ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ يُعْتَدُّ بِهِ (وَهُوَ) بَيَاضُ شُعَاعِ الشَّمْسِ عِنْدَ قُرْبِهَا مِنْ الْأُفُقِ الشَّرْقِيِّ (الْمُنْتَشِرِ ضَوْءُهُ مُعْتَرِضًا بِالْأُفُقِ) أَيْ نَوَاحِي السَّمَاءِ بِخِلَافِ الْكَاذِبِ وَهُوَ مَا يَبْدُو مُسْتَطِيلًا وَأَعْلَاهُ أَضْوَأُ مِنْ بَاقِيهِ، ثُمَّ تَعْقُبُهُ ظُلْمَةٌ

(تَنْبِيهٌ)

فِي تَحْقِيقِ هَذَا وَكَوْنِهِ مُسْتَطِيلًا كَلَامٌ طَوِيلٌ لِأَهْلِ الْهَيْئَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْحَدْسِ الْمَبْنِيِّ عَلَى قَوَاعِدِ الْحُكَمَاءِ الْبَاطِلَةِ شَرْعًا مِنْ مَنْعِ الْخَرْقِ، وَالِالْتِئَامِ، أَوْ الَّتِي لَمْ يَشْهَدْ بِصِحَّتِهَا

طُلُوعِ الْفَجْرِ عِنْدَ هُمْ، أَوْ يُعْتَبَرُ قَدْرُ طُلُوعِهِ بِأَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِمْ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الشَّارِحِ الْآتِي وَفَرَّعَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ الْعِمَادِ إلَخْ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ حُكْمُ مَا نَحْنُ فِيهِ سم عَلَى حَجّ أَيْ وَهُوَ أَنَّهُمْ يُقَدِّرُونَ فِي الصَّوْمِ لَيْلَهُمْ بِأَقْرَبِ بَلَدٍ إلَيْهِمْ ع ش بِحَذْفٍ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ تَغِبْ إلَخْ) وَلَوْ تَأَخَّرَ غَيْبُوبَتُهُ فِي بَلَدٍ فَوَقْتُ الْعِشَاءِ لِأَهْلِهَا غَيْبُوبَتُهُ عِنْدَ هُمْ وَإِنْ تَأَخَّرَتْ عَنْ غَيْبُوبَتِهِ عِنْدَ غَيْرِهِمْ تَأَخُّرًا كَثِيرًا كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ سم عَلَى الْبَهْجَةِ أَقُولُ وَعَلَى هَذَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ كَوْنُ الْبَاقِي مِنْ اللَّيْلِ بَعْدَ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ عِنْدَ هُمْ زَمَنًا يَسَعُ الْعِشَاءَ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ الشَّفَقُ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِمْ خَوْفًا مِنْ فَوَاتِ الْعِشَاءِ ع ش (قَوْلُهُ: إنَّهُ يُعْتَبَرُ حَالُهُمْ إلَخْ) تَقَدَّمَ أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يُؤَدِّ اعْتِبَارُ ذَلِكَ إلَى طُلُوعِ فَجْرِهِمْ وَإِلَّا فَيُنْسَبُ وَقْتُ الْمَغْرِبِ عِنْدَ أُولَئِكَ إلَى لَيْلِهِمْ، ثُمَّ تُعْتَبَرُ هَذِهِ النِّسْبَةُ فِي لَيْلِهِمْ الْقَصِيرِ (قَوْلُهُ: إذَا وَسِعَ) الظَّاهِرُ التَّأْنِيثُ

(قَوْلُهُ: وَقَضَى الْمَغْرِبَ) يَنْبَغِي، وَالْعِشَاءَ عَلَى قِيَاسِ مَا تَقَدَّمَ وَقِيَاسِ مَا مَرَّ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّهُ لَوْ قَصُرَ النَّهَارُ جِدًّا بِأَنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى ثَلَاثِ دَرَجٍ مَثَلًا أَنْ يُعْتَبَرَ حَالُهُمْ بِأَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِمْ فَيُعْتَبَرُ أَنْ يَمْضِيَ بَعْدَ الْفَجْرِ مَا تَزُولُ فِيهِ الشَّمْسُ فِي الْأَقْرَبِ فَيَدْخُلُ وَقْتُ الظُّهْرِ وَهَكَذَا لَكِنْ فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ بَعْدَ كَلَامٍ مَا نَصُّهُ، وَأَمَّا كَيْفِيَّةُ التَّقْدِيرِ إذَا كَانَ الْيَوْمُ مَثَلًا ثَلَاثَ دَرَجٍ فَلَا يَتَسَاوَى فِيهِ حِصَّةُ الصُّبْحِ، وَالظُّهْرِ، وَالْعَصْرِ، بَلْ تَتَفَاوَتُ عَلَى حَسَبِ تَفَاوُتِهَا الْآنَ فَإِنَّ مِنْ أَوَّلِ وَقْتِ الصُّبْحِ الْآنَ إلَى وَقْتِ الظُّهْرِ أَكْثَرُ مِنْ أَوَّلِ وَقْتِ الظُّهْرِ إلَى وَقْتِ الْعَصْرِ وَمِنْ أَوَّلِ وَقْتِ الظُّهْرِ إلَى أَوَّلِ وَقْتِ الْعَصْرِ أَكْثَرُ مِنْ أَوَّلِ وَقْتِ الْعَصْرِ إلَى وَقْتِ الْمَغْرِبِ فَيُقَدَّرُ إذْ ذَاكَ عَلَى حَسَبِ هَذَا التَّفَاوُتِ إلَخْ اهـ وَقَدْ أَطَالَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَفُرُوعِهَا بِمَا يَتَعَيَّنُ الْإِحَاطَةُ بِهِ وَتَأَمُّلُهُ سم بِحَذْفِ

قَوْلِ الْمَتْنِ (، وَالصُّبْحُ) بِضَمِّ الصَّادِ وَحَكَى كَسْرَهَا فِي اللُّغَةِ أَوَّلَ النَّهَارِ فَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ بِهِ هَذِهِ الصَّلَاةُ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ: مِنْ أَجْلِ عَدَمِ النَّظَرِ، وَالِاعْتِبَارِ لِذَلِكَ الْقَوْلِ الشَّاذِّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَدَلَّ لَهُ) أَيْ: لِذَلِكَ الْقَوْلِ الشَّاذِّ (قَوْلُهُ: الدَّالُّ) أَيْ: هَذَا الْقَوْلُ الْكَرِيمُ أَيْ فِي زَعْمِ الْمُسْتَدِلِّ (قَوْلُهُ: الْمُؤَيَّدُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ صِفَةٌ ثَانِيَةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى إلَخْ وَلَوْ قَالَ وَأُيِّدَ بِآيَةٍ إلَخْ عَطْفًا عَلَى اسْتَدَلَّ إلَخْ لَكَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَلَا نَظَرَ إلَخْ وَمُتَعَلِّقٌ بَعْدَ الِانْبِغَاءِ الْمَفْهُومِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: صِحَّةُ ذَلِكَ) أَيْ: النَّقْلِ الْمَذْكُورِ، أَوْ الْحَصْرِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: سَفْسَافٌ) أَيْ: رَدِيءٌ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ: أَيْ نَوَاحِي السَّمَاءِ) أَيْ فِيمَا بَيْنَ الْجَنُوبِ، وَالشِّمَالِ مِنْ جِهَةِ الْمَشْرِقِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: مُسْتَطِيلًا) أَيْ مُمْتَدًّا إلَى جِهَةِ الْعُلُوِّ كَذَنَبِ السِّرْحَانِ بِكَسْرِ السِّينِ وَهُوَ الذِّئْبُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ تَعْقُبُهُ ظُلْمَةٌ) أَيْ غَالِبًا وَقَدْ يَتَّصِلُ بِالصَّادِقِ شَيْخُنَا وَبُجَيْرِمِيٌّ

(قَوْلُهُ: فِي تَحْقِيقِ هَذَا) أَيْ فِي بَيَانِ حَقِيقَةِ الْفَجْرِ الْكَاذِبِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْحَدْسِ) أَيْ: الْوَهْمِ، وَالْخَيَالِ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ: كَمَنْعِ الْخَرْقِ إلَخْ) أَيْ: خَرْقِ السَّمَاءِ، وَالْتِئَامِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَشْهَدْ إلَخْ) أَيْ الشَّرْعُ يَعْنِي لَمْ يَرِدْ فِي الشَّرْعِ مَا يُصَحِّحُهَا وَلَا مَا يُبْطِلُهَا وَكَانَ الْأَوْلَى إبْرَازَ الضَّمِيرِ

مَا نَحْنُ فِيهِ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ تَغِبْ إلَّا بِقَدْرِ مَا بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ فَأَطْلَقَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ إلَخْ) قِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ قَصُرَ النَّهَارُ جِدًّا بِأَنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى ثَلَاثِ دَرَجٍ مَثَلًا أَنْ يُعْتَبَرَ حَالُهُمْ بِأَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِمْ فَيُعْتَبَرُ أَنْ يَمْضِيَ بَعْدَ الْفَجْرِ مَا تَزُولُ فِيهِ الشَّمْسُ فِي الْأَقْرَبِ فَيَدْخُلُ وَقْتُ الظُّهْرِ وَهَكَذَا لَكِنْ فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّا رُوِيَ فِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ مِنْ وَصْفِ آخِرِ أَيَّامِهِ بِالْقِصَرِ جِدًّا وَأَنَّهُ «قِيلَ يَا رَسُولُ اللَّهِ كَيْفَ نُصَلِّي فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ الْقِصَارِ قَالَ تُقَدِّرُونَ فِيهَا الصَّلَاةَ كَمَا تُقَدِّرُونَهَا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الطِّوَالِ، ثُمَّ صَلُّوا» قَالَ السَّائِلُ لِلسُّيُوطِيِّ وَمَا كَيْفِيَّةُ التَّقْدِيرِ فِي الْقَصِيرِ هَلْ هُوَ مَثَلًا إذَا كَانَ الْيَوْمُ مَثَلًا ثَلَاثَ دَرَجٍ فَيَكُونُ حِصَّةُ الصُّبْحِ دَرَجَةً، وَالظُّهْرُ كَذَلِكَ، وَالْعَصْرُ كَذَلِكَ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ أَمَّا كَيْفِيَّةُ التَّقْدِيرِ إذَا كَانَ الْيَوْمُ ثَلَاثَ دَرَجٍ فَلَا يَتَسَاوَى فِيهِ حِصَّةُ الصُّبْحِ، وَالظُّهْرِ، وَالْعَصْرِ، بَلْ تَتَفَاوَتُ عَلَى حَسَبِ تَفَاوُتِهَا الْآنَ فَإِنَّ مِنْ أَوَّلِ وَقْتِ الصُّبْحِ الْآنَ إلَى وَقْتِ الظُّهْرِ أَكْثَرُ مِنْ أَوَّلِ وَقْتِ الظُّهْرِ إلَى وَقْتِ الْعَصْرِ وَمِنْ أَوَّلِ وَقْتِ الظُّهْرِ إلَى وَقْتِ الْعَصْرِ أَكْثَرُ مِنْ أَوَّلِ وَقْتِ الْعَصْرِ إلَى وَقْتِ الْمَغْرِبِ فَيُقَدَّرُ إذْ ذَاكَ عَلَى حَسَبِ هَذَا التَّفَاوُتِ إلَخْ اهـ

وَقَدْ أَطَالَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَفُرُوعِهَا بِمَا يَتَعَيَّنُ الْإِحَاطَةُ بِهِ وَتَأَمُّلُهُ (قَوْلُهُ: قَدَّمَ أَكْلَهُ إلَخْ) هَذَا وَاضِحٌ إنْ لَمْ نَعْتَبِرْهُمْ بِأَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِمْ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: وَقُضِيَ الْمَغْرِبُ) يَنْبَغِي، وَالْعِشَاءُ

ص: 425

عَلَى أَنَّهُ لَا يَفِي بِبَيَانِ سَبَبِ كَوْنِ أَعْلَاهُ أَضْوَأَ مَعَ أَنَّهُ أَبْعَدُ مِنْ أَسْفَلِهِ مِنْ مُسْتَمَدِّهِ وَهُوَ الشَّمْسُ وَلَا بِبَيَانِ سَبَبِ انْعِدَامِهِ بِالْكُلِّيَّةِ حَتَّى تَعْقُبَهُ ظُلْمَةٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَئِمَّةُ وَقَدَّرُوهَا بِسَاعَةٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ مُطْلَقُ الزَّمَنِ؛ لِأَنَّهَا تَطُولُ تَارَةً وَتَقْصُرُ أُخْرَى وَزَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْهَيْئَةِ عَدَمَ انْعِدَامِهِ وَإِنَّمَا يَتَنَاقَصُ حَتَّى يَنْغَمِرَ فِي الْفَجْرِ الصَّادِقِ وَلَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ التَّقْدِيرِ لَا الْحِسِّ وَفِي خَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا يَغُرَّنَّكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ وَلَا هَذَا الْعَارِضُ لِعَمُودِ الصُّبْحِ حَتَّى يَسْتَطِيرَ» أَيْ يَنْتَشِرَ ذَلِكَ الْعَمُودُ أَيْ فِي نَوَاحِي الْأُفُقِ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ تَسْمِيَةِ الْفَجْرِ الْأَوَّلِ عَارِضًا لِلثَّانِي شَيْئَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَعْرِضُ لِلشُّعَاعِ النَّاشِئِ عِنْدَ الْفَجْرِ الثَّانِي انْحِبَاسُ قُرْبِ ظُهُورِهِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ التَّنَفُّسُ فِي قَوْله تَعَالَى {وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ} [التكوير: 18] وَعِنْدَ ذَلِكَ الِانْحِبَاسِ يَتَنَفَّسُ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ شِبْهِ كُوَّةٍ، وَالْمُشَاهَدُ فِي الْمُنْحَبِسِ إذَا خَرَجَ بَعْضُهُ دَفْعَةً أَنْ يَكُونَ أَوَّلُهُ أَكْثَرَ مِنْ آخِرِهِ وَهَذَا لِكَوْنِ كَلَامِ الصَّادِقِ قَدْ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَلِإِنْبَائِهِ عَنْ سَبَبِ طُولِهِ وَإِضَاءَةِ أَعْلَاهُ وَاخْتِلَافِ زَمَنِهِ وَانْعِدَامِهِ بِالْكُلِّيَّةِ الْمُوَافِقِ لِلْحِسِّ أَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ أَهْلُ الْهَيْئَةِ الْقَاصِرِ عَنْ كُلِّ ذَلِكَ، ثَانِيهِمَا أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَشَارَ بِالْعَارِضِ إلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالذَّاتِ هُوَ الصَّادِقُ وَأَنَّ الْكَاذِبَ إنَّمَا قُصِدَ بِطَرِيقِ الْعَرْضِ لِيَتَنَبَّهَ النَّاسُ بِهِ لِقُرْبِ ذَلِكَ فَيَتَهَيَّئُوا لِيُدْرِكُوا فَضِيلَةَ أَوَّلِ الْوَقْتِ لِاشْتِغَالِهِمْ بِالنَّوْمِ الَّذِي لَوْلَا هَذِهِ الْعَلَامَةُ لَمَنَعَهُمْ إدْرَاكَ أَوَّلِ الْوَقْتِ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ نُورٌ يُبْرِزُهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ الشُّعَاعِ، أَوْ يَخْلُقُهُ حِينَئِذٍ عَلَامَةً عَلَى قُرْبِ الصُّبْحِ وَمُخَالِفًا لَهُ فِي الشَّكْلِ لِيَحْصُلَ التَّمْيِيزُ وَتَتَّضِحَ الْعَلَامَةُ الْعَارِضَةُ مِنْ الْمُعَلِّمِ عَلَيْهِ الْمَقْصُودِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ غَرِيبٌ مُهِمٌّ

وَفِي حَدِيثٍ عِنْدَ أَحْمَدَ «لَيْسَ الْفَجْرُ الْأَبْيَضَ الْمُسْتَطِيلَ فِي الْأُفُقِ وَلَكِنَّ الْفَجْرَ الْأَحْمَرَ الْمُعْتَرِضَ» وَفِيهِ شَاهِدٌ لِمَا ذَكَرْته آخِرًا وَمِمَّا يُؤَيِّدُ مَا أَشَرْت إلَيْهِ مِنْ الْكُوَّةِ مَا أَخْرَجَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ لِلشَّمْسِ ثَلَثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ كُوَّةً تَطْلُعُ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ كُوَّةٍ فَلَا بِدَعَ أَنَّهَا عِنْدَ قُرْبِهَا مِنْ تِلْكَ الْكُوَّةِ يَنْحَبِسُ شُعَاعُهَا، ثُمَّ يَتَنَفَّسُ كَمَا مَرَّ، ثُمَّ رَأَيْت لِلْقَرَافِيِّ الْمَالِكِيِّ وَغَيْرِهِ كَالْأَصْبَحِيِّ مِنْ أَئِمَّتِنَا فِيهِ كَلَامًا يُوَضِّحُهُ وَيُبَيِّنُ صِحَّةَ مَا ذَكَرْته مِنْ الْكُوَّةِ وَيُوَافِقُ اسْتِشْكَالِي لِكَوْنِهِ يَظْهَرُ، ثُمَّ يَغِيبُ وَحَاصِلُهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ طُولٌ لِمَسِّ الْحَاجَةِ إلَيْهِ أَنَّهُ بَيَاضٌ يَطْلُعُ قَبْلَ الْفَجْرِ الصَّادِقِ، ثُمَّ يَذْهَبُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْأَبْصَارِ دُونَ الرَّاصِدِ الْمُجْتَهِدِ الْقَوِيِّ النَّظَرِ

وَذَكَرَ ابْنُ بَشِيرٍ الْمَالِكِيُّ أَنَّهُ مِنْ نُورِ الشَّمْسِ إذَا قَرُبَتْ مِنْ الْأُفُقِ فَإِذَا ظَهَرَ أَنِسَتْ بِهِ الْأَبْصَارُ فَيَظْهَرُ لَهَا أَنَّهُ غَابَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَنَقَلَ الْأَصْبَحِيُّ إبْرَاهِيمُ أَنَّ بَعْضَهُمْ ذَكَرَ أَنَّهُ يَذْهَبُ بَعْدَ طُلُوعِهِ وَيَعُودُ مَكَانَهُ لَيْلًا وَهَذَا الْبَعْضُ كَثِيرُونَ مِنْ أَئِمَّتِنَا كَمَا مَرَّ وَأَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ الْبَصْرِيَّ بَعْدَ أَنْ عَرَّفَهُ بِأَنَّهُ عِنْدَ بَقَاءِ نَحْوِ سَاعَتَيْنِ يَطْلُعُ مُسْتَطِيلًا إلَى نَحْوِ رُبْعِ السَّمَاءِ كَأَنَّهُ عَمُودٌ وَرُبَّمَا لَمْ يُرَ إذَا كَانَ الْجَوُّ نَقِيًّا شِتَاءً وَأَبْيَنُ مَا يَكُونُ إذَا كَانَ الْجَوُّ كَدِرًا صَيْفًا أَعْلَاهُ دَقِيقٌ وَأَسْفَلُهُ وَاسِعٌ أَيْ وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا قَدَّمْته أَنَّ أَعْلَاهُ أَضْوَأُ؛ لِأَنَّ ذَاكَ عِنْدَ أَوَّلِ الطُّلُوعِ وَهَذَا عِنْدَ مَزِيدِ قُرْبِهِ مِنْ الصَّادِقِ

لِأَنَّهُ صِلَةٌ جَرَتْ عَلَى غَيْرِ مَا هِيَ لَهُ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ) أَيْ: ذَلِكَ الْكَلَامَ (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ) أَيْ: أَعْلَاهُ (قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ) أَيْ: بِانْعِدَامِهِ بِالْكُلِّيَّةِ (قَوْلُهُ: وَقَدَّرُوهَا) أَيْ: الظُّلْمَةَ (قَوْلُهُ: أَنَّ مُرَادَهُمْ) أَيْ: بِالسَّاعَةِ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَنْغَمِرَ فِي الْفَجْرِ الصَّادِقِ) أَيْ: يَتَّصِلُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّهُ) أَيْ: مَا زَعَمَهُ ذَلِكَ الْبَعْضُ مِنْ عَدَمِ الِانْعِدَامِ (بِاعْتِبَارِ التَّقْدِيرِ) أَيْ تَخْمِينِ الْقُوَّةِ الْوَاهِمَةِ

(قَوْلُهُ: النَّاشِئُ عَنْهُ) أَيْ: عَنْ الشُّعَاعِ وَقَوْلُهُ الْفَجْرُ إلَخْ فَاعِلُ النَّاشِئِ وَقَوْلُهُ انْحِبَاسٌ فَاعِلُ يَعْرِضُ وَقَوْلُهُ قَرُبَ ظُهُورُهُ أَيْ الشُّعَاعُ ظَرْفُ يَعْرِضُ وَرَجَّعَ الْكُرْدِيُّ الضَّمِيرَ لِلْفَجْرِ (قَوْلُهُ: يَتَنَفَّسُ مِنْهُ إلَخْ) أَيْ: مِنْ ذَلِكَ الشُّعَاعِ وَقَوْلُهُ مِنْ شِبْهِ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِيَتَنَفَّسُ أَيْضًا لَكِنْ مِنْ هُنَا لِلِابْتِدَاءِ وَفِي الْأَوَّلِ لِلتَّبْعِيضِ (قَوْلُهُ: وَالْمُشَاهَدُ إلَخْ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ: الشَّيْءُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَإِضَاءَةُ أَعْلَاهُ) عُطِفَ عَلَى طُولِهِ وَقَوْلُهُ وَاخْتِلَافٌ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَانْعِدَامٌ إلَخْ عَطْفَانِ عَلَيْهِ أَيْضًا، أَوْ عَلَى سَبَبٍ إلَخْ وَقَوْلُهُ الْمُوَافِقُ يَظْهَرُ رُجُوعُهُ لِلِاخْتِلَافِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: أَوْلَى إلَخْ) خَبَرٌ وَهَذَا (قَوْلُهُ: ثَانِيهِمَا) أَيْ الشَّيْئَيْنِ (قَوْلُهُ: لِقُرْبِ ذَاكَ) أَيْ الصَّادِقِ

(قَوْلُهُ: لِاشْتِغَالِهِمْ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلْقَصْدِ لِلتَّنَبُّهِ لَكِنْ فِيهَا خَفَاءٌ إذْ قَدْ يُوهِمُ أَنَّ هَذِهِ الْعَلَامَةَ تُوقِظُ النَّائِمِينَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَالْحَاصِلُ) أَيْ: حَاصِلُ الْمَأْخُوذِ مِنْ حَدِيثِ مُسْلِمٍ كُرْدِيٌّ لَعَلَّ الْأَوْلَى وَحَاصِلُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَقَامِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ) أَيْ الْفَجْرَ الْكَاذِبَ (قَوْلُهُ: حِينَئِذٍ) أَيْ: حِينَ قَرُبَ ظُهُورُ ذَلِكَ الشُّعَاعِ وَقَوْلُهُ عَلَامَةً إلَخْ تَنَازَعَ فِيهِ الْفِعْلَانِ (قَوْلُهُ: وَمُخَالِفًا لَهُ إلَخْ) فِي أَخْذِهِ مِنْ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ تَوَقُّفٌ (قَوْلُهُ: فِي الشَّكْلِ) إنْ أَرَادَ بِهِ الْهَيْئَةَ كَالِاسْتِطَالَةِ، وَالِاعْتِرَاضِ فَظَاهِرٌ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ اللَّوْنَ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ الْآتِي وَفِيهِ شَاهِدٌ إلَخْ فَفِيهِ تَأَمُّلٌ فَإِنَّ الْمُخَالَفَةَ فِي اللَّوْنِ إنَّمَا تُوجَدُ فِي أَوَاخِرِ وَقْتِ الصُّبْحِ، وَالْكَلَامُ هُنَا فِي أَوَّلِهِ

(قَوْلُهُ: وَتَتَّضِحُ الْعَلَامَةُ إلَخْ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَقَوْلُهُ مِنْ الْمُعَلِّمِ عَلَيْهِ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ) أَيْ: الشَّيْءَ الثَّانِيَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْأَوَّلِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: لِمَا ذَكَرْته آخِرًا) إشَارَةٌ إلَى ثَانِي الشَّيْئَيْنِ كُرْدِيٌّ أَقُولُ: بَلْ إلَى قَوْلِهِ وَمُخَالِفًا لَهُ فِي الشَّكْلِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَا أَشَرْت إلَيْهِ) أَيْ: فِي الشَّيْءِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ: فِي بَيَانِ الْفَجْرِ الْكَاذِبِ (قَوْلُهُ: يُوَضِّحُهُ) أَيْ: الْفَجْرُ الْكَاذِبُ (قَوْلُهُ: صِحَّةُ مَا ذَكَرْته) أَيْ: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ (قَوْلُهُ: وَيُوَافِقُ) أَيْ: الْكَلَامُ (قَوْلُهُ: اسْتِشْكَالِي إلَخْ) أَيْ: بِقَوْلِهِ وَزَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْهَيْئَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَحَاصِلُهُ) أَيْ: ذَلِكَ الْكَلَامِ، وَكَذَا مَرْجِعُ ضَمِيرِ قَوْلِهِ فِيهِ

(قَوْلُهُ: لِمَسِّ الْحَاجَةِ إلَيْهِ) أَيْ: وَإِنَّمَا أَطَالُوا الْكَلَامَ فِيهِ لِمَسِّ الْحَاجَةِ إلَى الطُّولِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ إلَخْ) أَيْ: الْفَجْرُ الْكَاذِبُ (قَوْلُهُ: دُونَ الرَّاصِدِ) أَيْ: الْمُرَاقِبِ لِلْأَوْقَاتِ (قَوْلُهُ: الْمُجِيدِ) مِنْ الْإِجَادَةِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا ظَهَرَ) أَيْ الْفَجْرُ الْكَاذِبُ (قَوْلُهُ: مَكَانَهُ لَيْلًا) فَاعِلٌ فَمَفْعُولٌ عَلَى الْقَلْبِ وَلِذَا قَالَ السَّيِّدُ الْبَصْرِيُّ قَوْلُهُ لَيْلًا يُتَأَمَّلُ وَجْهُ نَصْبِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَئِمَّةُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّ أَبَا جَعْفَرٍ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ إلَخْ فَهُوَ مِمَّا نَقَلَهُ الْأَصْبَحِيُّ أَيْضًا وَ (قَوْلُهُ: عِنْدَ بَقَاءِ نَحْوِ سَاعَتَيْنِ) أَيْ: مِنْ اللَّيْلِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي هَذَا) أَيْ: قَوْلُهُ أَعْلَاهُ دَقِيقٌ إلَخْ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ ذَلِكَ) أَيْ: مَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ وَهَذَا أَيْ قَوْلُهُ أَعْلَاهُ دَقِيقٌ

عَلَى قِيَاسِ مَا تَقَدَّمَ

ص: 426

وَتَحْتَهُ سَوَادٌ، ثُمَّ بَيَاضٌ، ثُمَّ يَظْهَرُ ضَوْءٌ يُغَشِّي ذَلِكَ كُلَّهُ، ثُمَّ يَعْتَرِضُ: وَرَدَّهُ بِأَنَّهُ رَصَدَهُ نَحْوُ خَمْسِينَ سَنَةً فَلَمْ يَرَهُ غَابَ وَإِنَّمَا يَنْحَدِرُ لِيَلْتَقِيَ مَعَ الْمُعْتَرِضِ فِي السَّوَادِ وَيَصِيرَانِ فَجْرًا وَاحِدًا وَزَعْمُ غَيْبَتِهِ، ثُمَّ عَوْدِهِ وَهْمٌ، أَوْ رَآهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْفُصُولِ فَظَنَّهُ يَذْهَبُ وَبَعْضُ الْمُوَقِّتِينَ يَقُولُ هُوَ الْمَجَرَّةُ إذَا كَانَ الْفَجْرُ بِالسُّعُودِ وَيَلْزَمُهُ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ إلَّا نَحْوُ شَهْرَيْنِ فِي السَّنَةِ قَالَ الْقَرَافِيُّ وَقَالَ آخَرُونَ هُوَ شُعَاعُ الشَّمْسِ يَخْرُجُ مِنْ طَاقٍ بِجَبَلِ قَافٍ، ثُمَّ أَبْطَلَهُ بِأَنَّ جَبَلَ قَافٍ لَا وُجُودَ لَهُ وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ بِمَا يَرُدُّهُ مَا جَاءَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ طُرُقٍ خَرَّجَهَا الْحُفَّاظُ وَجَمَاعَةٌ مِنْهُمْ مِمَّنْ الْتَزَمُوا تَخْرِيجَ الصَّحِيحِ وَقَوْلُ الصَّحَابِيِّ ذَلِكَ وَنَحْوُهُ مِمَّا لَا مَجَالَ لِلرَّأْيِ فِيهِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَرْفُوعِ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْهَا «أَنَّ وَرَاءَ أَرْضِنَا بَحْرًا مُحِيطًا، ثُمَّ جَبَلًا يُقَالُ لَهُ قَافٌ، ثُمَّ أَرْضًا، ثُمَّ بَحْرًا، ثُمَّ جَبَلًا وَهَكَذَا حَتَّى عَدَّ سَبْعًا مِنْ كُلٍّ»

وَأَخْرَجَ بَعْضُ أُولَئِكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ أَنَّهُ جَبَلٌ مِنْ زُمُرُّدٍ مُحِيطٌ بِالدُّنْيَا عَلَيْهِ كَنَفَا السَّمَاءِ وَعَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلُهُ وَكَمَا انْدَفَعَ بِذَلِكَ قَوْلُهُ لَا وُجُودَ لَهُ انْدَفَعَ قَوْلُهُ: أَثَرُهُ وَلَا يَجُوزُ اعْتِقَادُ مَا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِالدَّلِيلِ مُطْلَقَ الْإِمَارَةِ فَهَذَا عَلَيْهِ أَدِلَّةٌ أَوْ الْإِمَارَةُ الْقَطْعِيَّةُ فَهَذَا مِمَّا يَكْفِي فِيهِ الظَّنُّ كَمَا هُوَ جَلِيٌّ، ثُمَّ نَقَلَ أَعْنِي الْقَرَافِيَّ عَنْ أَهْلِ الْهَيْئَةِ أَنَّهُ يَظْهَرُ، ثُمَّ يَخْفَى دَائِمًا، ثُمَّ اسْتَشْكَلَهُ، ثُمَّ أَطَالَ فِي جَوَابِهِ بِمَا لَا يَتَّضِحُ إلَّا لِمَنْ أَتْقَنَ عِلْمَيْ الْهَنْدَسَةِ، وَالْمُنَاظَرَةِ وَأَوْلَى مِنْهُ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّظَرِ لِاخْتِلَافِهِ بِاخْتِلَافِ الْفُصُولِ، وَالْكَيْفِيَّاتِ الْعَارِضَةِ لِمَحَلِّهِ قَدْ يَدُقُّ فِي بَعْضِ ذَلِكَ حَتَّى لَا يَكَادَ يُرَى أَصْلًا وَحِينَئِذٍ فَهَذَا عُذْرُ مَنْ عَبَّرَ بِأَنَّهُ يَغِيبُ وَتَعْقُبُهُ ظُلْمَةٌ (وَيَبْقَى حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ بِذَلِكَ وَيَكْفِي طُلُوعُ بَعْضِهَا بِخِلَافِ الْغُرُوبِ إلْحَاقًا لِمَا لَمْ يَظْهَرْ بِمَا ظَهَرَ لِقُوَّتِهِ (وَالِاخْتِيَارُ أَنْ لَا تُؤَخَّرَ عَنْ الْإِسْفَارِ) وَهُوَ الْإِضَاءَةُ بِحَيْثُ يُمَيِّزُ النَّاظِرُ الْقَرِيبُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ جِبْرِيلَ صَلَّاهَا ثَانِيَ يَوْمٍ كَذَلِكَ وَلَهَا غَيْرُ هَذَا، وَالْأَوْقَاتُ الْأَرْبَعَةُ السَّابِقَةُ وَقْتُ كَرَاهَةٍ مِنْ الْحُمْرَةِ إلَى أَنْ يَبْقَى مَا يَسَعُهَا

(تَنْبِيهٌ)

الْمُرَادُ بِوَقْتِ الْفَضِيلَةِ مَا يَزِيدُ فِيهِ الثَّوَابُ مِنْ حَيْثُ الْوَقْتُ وَبِوَقْتِ الِاخْتِيَارِ مَا فِيهِ ثَوَابٌ دُونَ ذَلِكَ مِنْ تِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ وَبِوَقْتِ الْجَوَازِ مَا لَا ثَوَابَ فِيهِ مِنْهَا وَبِوَقْتِ الْكَرَاهِيَةِ مَا فِيهِ مَلَامٌ مِنْهَا وَبِوَقْتِ الْحُرْمَةِ مَا فِيهِ إثْمٌ مِنْهَا وَحِينَئِذٍ فَلَا يُنَافِي هَذَا مَا يَأْتِي أَنَّ الصَّلَاةَ غَيْرُ ذَاتِ السَّبَبِ فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ، أَوْ الْمُتَحَرَّى هُوَ بِهَا لَا تَنْعَقِدُ؛ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ ثَمَّ مِنْ حَيْثُ إيقَاعُهَا فِيهِ وَهُنَا مِنْ حَيْثُ التَّأْخِيرُ إلَيْهِ لَا الْإِيقَاعُ وَإِلَّا لَنَافَى أَمْرَ الشَّارِعِ بِإِيقَاعِهَا فِي جَمِيعِ أَجْزَاءِ الْوَقْتِ فَإِنْ قُلْت ظَاهِرُ مَا ذُكِرَ فِي وَقْتِ الْفَضِيلَةِ، وَالِاخْتِيَارِ تُغَايِرُهُمَا وَقَدْ صَرَّحُوا بِاتِّحَادِهِمَا فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ كَمَا مَرَّ وَفِي قَوْلِهِمْ فِي نَحْوِ الْعَصْرِ وَقْتُ اخْتِيَارِهَا مِنْ مَصِيرِ الْمِثْلِ إلَى مَصِيرِ الْمِثْلَيْنِ وَفَضِيلَتُهَا أَوَّلَ الْوَقْتِ قُلْت الِاخْتِيَارُ لَهُ إطْلَاقَانِ إطْلَاقٌ يُرَادِفُ وَقْتَ الْفَضِيلَةِ وَإِطْلَاقٌ يُخَالِفُهَا وَهُوَ الْأَكْثَرُ الْمُتَبَادَرُ فَلَا تَنَافِيَ وَمِمَّا يُصَرَّحُ بِالثَّانِي قَوْلُهُمْ فِي كُلٍّ مِنْ الْعَصْرِ، وَالصُّبْحِ لَهُ وَقْتُ فَضِيلَةٍ أَوَّلُ الْوَقْتِ، ثُمَّ اخْتِيَارٌ إلَى مَصِيرِ الْمِثْلَيْنِ، أَوْ الْإِسْفَارِ فَصَرَّحُوا بِتَخَالُفِهِمَا

إلَخْ (قَوْلُهُ: وَتَحْتَهُ سَوَادٌ، ثُمَّ بَيَاضٌ) يُتَأَمَّلُ فِيهِ (قَوْلُهُ: رَدَّهُ إلَخْ) خَبَرُ أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ يَعْنِي أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ بَعْدَ تَعْرِيفِهِ الْمَذْكُورِ رَدَّ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يَذْهَبُ إلَخْ

(قَوْلُهُ: يَنْحَدِرُ) أَيْ يَتَنَاقَصُ مِنْ جَانِبِ أَعْلَاهُ وَيَنْزِلُ (قَوْلُهُ: أَوْ رَآهُ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى وَهْمٍ (قَوْلُهُ: هُوَ الْمَجَرَّةُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَالْجِيمِ نُجُومٌ مُجْتَمِعَةٌ تَظْهَرُ قَبْلَ الْفَجْرِ الصَّادِقِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: بِالسُّعُودِ) مَنْزِلُ لِلْقَمَرِ كُرْدِيٌّ عِبَارَةُ الْقَامُوسِ وَسُعُودُ النُّجُومِ عَشْرَةٌ سَعَدَ بَلَعَ وَسَعْدُ الْأَخْبِيَةِ وَسَعْدُ الذَّابِحِ وَسَعْدُ السُّعُودِ وَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ مِنْ مَنَازِلِ الْقَمَرِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِ الْبَقِيَّةِ وَهَذِهِ السِّتَّةُ لَيْسَتْ مِنْ الْمَنَازِلِ كُلٌّ مِنْهَا كَوْكَبَانِ بَيْنَهُمَا نَحْوُ ذِرَاعٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ أَبْطَلَهُ) أَيْ: أَبْطَلَ الْقَرَافِيُّ مَا قَالَهُ الْآخَرُونَ (قَوْلُهُ: وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ) أَيْ: اسْتَدَلَّ الْقَرَافِيُّ عَلَى عَدَمِ وُجُودِ جَبَلِ قَافٍ (قَوْلُهُ: وَجَمَاعَةٌ مِنْهُمْ) أَيْ: مِنْ الْحُفَّاظِ مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ مِمَّنْ الْتَزَمَ إلَخْ خَبَرُهُ، وَالْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الصَّحَابِيِّ ذَلِكَ) أَيْ وُجُودُ جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ قَافٌ (قَوْلُهُ: مِمَّا لَا مَجَالَ إلَخْ) فِيهِ تَوَقُّفٌ إذْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَنْشَأُ ذَلِكَ الْقَوْلِ مِنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما مُجَرَّدَ اشْتِهَارِهِ بَيْنَ الْعَرَبِ

(قَوْلُهُ: مِنْهَا) أَيْ: تِلْكَ الطُّرُقُ (قَوْلُهُ: إنَّهُ) أَيْ قَافٌ (قَوْلُهُ: بِذَلِكَ) أَيْ: بِمَا جَاءَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ وَمُجَاهِدٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - (قَوْلُهُ: أَثَرُهُ) أَيْ عَقِبَ قَوْلِهِ لَا وُجُودَ لَهُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ) أَيْ: الْقَرَافِيُّ، وَالْجَارُّ مُتَعَلِّقٌ بِانْدَفَعَ (قَوْلُهُ: فَهَذَا) أَيْ: وُجُودُ جَبَلِ قَافٍ (قَوْلُهُ: إنَّهُ يَظْهَرُ) أَيْ: الْفَجْرُ الْكَاذِبُ (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى مِنْهُ) أَيْ: مِنْ جَوَابِ الْقَرَافِيِّ (قَوْلُهُ: فَقَدْ يَدُقُّ) يَعْنِي بَعْدَ الظُّهُورِ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ مُسْلِمٍ) إلَى التَّنْبِيهِ فِي النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ بِحَيْثُ إلَى؛ لِأَنَّ (قَوْلَهُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ)«وَقْتُ صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعْ الشَّمْسُ» مُغْنِي وَنِهَايَةٌ

(قَوْلُهُ: إلْحَاقًا لِمَا لَمْ يَظْهَرْ إلَخْ) أَيْ: فِيهِمَا مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَلَهَا غَيْرُ هَذَا إلَخْ) فَأَوْقَاتُهَا سِتَّةٌ مُغْنِي وَشَيْخُنَا

(قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ) أَيْ: حِينَ إذْ قَيَّدَ كُلَّ مِنْ التَّعَارِيفِ الْمَذْكُورَةِ بِالْحَيْثِيَّةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُنَافِي هَذَا) أَيْ: انْعِقَادُ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ، أَوْ الْحُرْمَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْمُتَحَرِّي هُوَ بِهَا) أَيْ: أَوْ الصَّلَاةُ الَّتِي يَتَحَرَّى الْوَقْتَ الْمَكْرُوهَ بِهَا أَيْ يَقْصِدُ إيقَاعَهَا فِيهِ مِنْ ذَاتِ السَّبَبِ الْمُتَقَدِّمِ أَوْ الْمُقَارِنِ كُرْدِيٌّ وَبِهِ يَنْدَفِعُ تَوَقُّفُ السَّيِّدِ الْبَصْرِيِّ حَيْثُ قَالَ قَوْلُهُ أَوْ الْمُتَحَرِّي هُوَ بِهَا يَتَأَمَّلُ الْمُرَادَ بِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ: بِأَنْ كَانَتْ الْكَرَاهَةُ مِنْ حَيْثُ الْإِيقَاعُ فِيهِ

(قَوْلُهُ: وَفِي قَوْلِهِمْ فِي نَحْوِ الْعَصْرِ إلَخْ) لَيْسَ فِي هَذَا تَصْرِيحٌ بِاتِّحَادِهِمَا فَتَأَمَّلْهُ سم عِبَارَةُ السَّيِّدِ الْبَصْرِيِّ قَدْ يُقَالُ هَذَا أَيْ قَوْلُهُمْ: م فِي نَحْوِ الْعَصْرِ إلَخْ صَرِيحٌ فِي التَّغَايُرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَأَنَّى يَجْعَلُهُ مِنْ الصَّرِيحِ فِي الِاتِّحَادِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِالتَّغَايُرِ التَّبَايُنُ بِقَرِينَةِ مَا سَبَقَ فِي التَّفَاسِيرِ لِلْأَوْقَاتِ اهـ أَيْ وَبِالِاتِّحَادِ غَيْرِ التَّبَايُنِ فَيَشْمَلُ الْعُمُومَ، وَالْخُصُوصَ (قَوْلُهُ: قُلْت إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِإِثْبَاتِ إطْلَاقَيْنِ وَيَكْفِي فِي الْجَوَابِ أَنَّ وَقْتَ الِاخْتِيَارِ قَدْ يُسَاوِي وَقْتَ الْفَضِيلَةِ وَقَدْ لَا لِلْمُدْرِكِ الْمُقْتَضِي لِذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ سم وَقَدْ يُقَالُ هَذَا اعْتِرَافٌ بِثُبُوتِ إطْلَاقَيْنِ (قَوْلُهُ: إطْلَاقٌ يُرَادِفُ وَقْتَ الْفَضِيلَةِ وَإِطْلَاقٌ إلَخْ) أَيْ: فَيَكُونُ الْإِطْلَاقُ فِي

قَوْلُهُ: وَفِي قَوْلِهِمْ فِي نَحْوِ الْعَصْرِ) لَيْسَ فِي هَذَا تَصْرِيحٌ بِاتِّحَادِهِمَا فَتَأَمَّلْهُ

ص: 427

هُنَا جَرْيًا عَلَى الْإِطْلَاقِ الثَّانِي

(فَائِدَتَانِ)

إحْدَاهُمَا قِيلَ الْحِكْمَةُ فِي كَوْنِ الْمَكْتُوبَاتِ سَبْعَ عَشْرَةَ رَكْعَةً أَنَّ زَمَنَ الْيَقِظَةِ مِنْ الْيَوْمِ، وَاللَّيْلَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ سَاعَةً غَالِبًا اثْنَا عَشْرَ النَّهَارِ وَنَحْوُ ثَلَاثِ سَاعَاتٍ مِنْ الْغُرُوبِ وَسَاعَتَيْنِ مِنْ قُبَيْلِ الْفَجْرِ فَجَعَلَ لِكُلِّ سَاعَةٍ رَكْعَةً لِتَجْبُرَ مَا يَقَعُ فِيهَا مِنْ التَّقْصِيرَاتِ

ثَانِيَتُهُمَا اخْتِصَاصُ الْخَمْسِ بِهَذِهِ الْأَوْقَاتِ تَعَبُّدٌ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَأَبْدَى غَيْرُهُمْ لَهُ حُكْمًا مِنْ أَحْسَنِهَا تَذَكُّرُ الْإِنْسَانِ بِهَا نَشْأَتَهُ إذْ وِلَادَتُهُ كَطُلُوعِ الشَّمْسِ وَنَشْؤُهُ كَارْتِفَاعِهَا وَشَبَابُهُ كَوُقُوفِهَا عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ وَكُهُولَتُهُ كَمَيْلِهَا وَشَيْخُوخَتُهُ كَقُرْبِهَا لِلْغُرُوبِ وَمَوْتُهُ كَغُرُوبِهَا وَفِيهِ نَقْصٌ فَيُزَادُ عَلَيْهِ وَفِنَاءُ جِسْمِهِ كَانْمِحَاقِ أَثَرِهَا وَهُوَ الشَّفَقُ الْأَحْمَرُ فَوَجَبَتْ الْعِشَاءُ حِينَئِذٍ تَذْكِيرًا بِذَلِكَ كَمَا أَنَّ كَمَالَهُ فِي الْبَطْنِ وَتَهْيِئَتَهُ لِلْخُرُوجِ كَطُلُوعِ الْفَجْرِ الَّذِي هُوَ مُقَدِّمَةٌ لِطُلُوعِ الشَّمْسِ الْمُشَبَّهِ بِالْوِلَادَةِ فَوَجَبَتْ الصُّبْحُ حِينَئِذٍ لِذَلِكَ أَيْضًا وَكَانَ حِكْمَةُ كَوْنِ الصُّبْحِ رَكْعَتَيْنِ بَقَاءَ كَسَلِ النَّوْمِ وَالْعَصْرَيْنِ أَرْبَعًا أَرْبَعًا تَوَفَّرَ النَّشَاطُ عِنْدَ هُمَا بِمُعَانَاةِ الْأَسْبَابِ وَكَانَ حِكْمَةُ خُصُوصِهَا تَرَكُّبَ الْإِنْسَانِ مِنْ عَنَاصِرَ أَرْبَعَةٍ وَفِيهِ أَخْلَاطٌ أَرْبَعَةٌ فَجُعِلَ لِكُلٍّ مِنْ ذَلِكَ فِي حَالِ النَّشَاطِ رَكْعَةً لِتُصْلِحَهُ وَتَعْدِلَهُ وَهَذَا أَوْلَى وَأَظْهَرُ مِنْ قَوْلِ الْقَفَّالِ إنَّمَا لَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ مَجْمُوعَ آحَادِهَا عَشْرَةٌ وَلَا شَيْءَ مِنْ الْعَدَدِ يَخْرُجُ أَصْلُهُ عَنْهَا، وَالْمَغْرِبُ ثَلَاثًا أَنَّهَا وِتْرُ النَّهَارِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ فَتَعُودُ عَلَيْهِ بَرَكَةُ الْوَتَرِيَّةِ «أَنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ» وَلَمْ تَكُنْ وَاحِدَةً؛ لِأَنَّهَا تُسَمَّى الْبُتَيْرَاءُ مِنْ الْبَتْرِ وَهُوَ الْقَطْعُ وَأُلْحِقَتْ الْعِشَاءُ بِالْعَصْرَيْنِ لِيَنْجَبِرَ نَقْصُ اللَّيْلِ عَنْ النَّهَارِ إذْ فِيهِ فَرْضَانِ وَفِي النَّهَارِ ثَلَاثَةٌ لِكَوْنِ النَّفْسِ عَلَى الْحَرَكَةِ فِيهِ أَقْوَى

(فَرْعٌ)

صَحَّ أَنَّ أَوَّلَ أَيَّامِ الدَّجَّالِ كَسَنَةٍ وَثَانِيَهَا كَشَهْرٍ وَثَالِثَهَا كَجُمُعَةٍ، وَالْأَمْرُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَقِيسَ بِهِ الْأَخِيرَانِ بِالتَّقْدِيرِ بِأَنْ تُحَرَّرَ قَدْرُ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ وَتُصَلَّى، وَكَذَا الصَّوْمُ وَسَائِرُ الْعِبَادَاتِ الزَّمَانِيَّةِ وَغَيْرُ الْعِبَادَاتِ كَحُلُولِ الْآجَالِ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِيمَا لَوْ مَكَثَتْ الشَّمْسُ طَالِعَةً عِنْدَ قَوْمٍ مُدَّةً

(تَنْبِيهٌ)

ذَكَرَ أَصْحَابُنَا أَنَّ الْمَوَاقِيتَ مُخْتَلِفَةٌ بِاخْتِلَافِ ارْتِفَاعِ الْبِلَادِ فَقَدْ يَكُونُ الزَّوَالُ بِبَلَدٍ طُلُوعُهَا بِآخَرَ وَعَصْرًا بِآخَرَ وَمَغْرِبًا بِآخَرَ وَعِشَاءً بِآخَرَ وَمَا ذَكَرُوهُ أَنَّ سَبَبَ ذَلِكَ اخْتِلَافُ ارْتِفَاعِ الْأَرْضِ لَا يُوَافِقُ كَلَامَ عُلَمَاءِ الْهَيْئَةِ، وَالْمِيقَاتِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَنْبَنِي عَلَى كُرَيَّةِ الْأَرْضِ، وَالْفَلَكِ دُونَ ارْتِفَاعِ الْأَرْضِ وَانْخِفَاضِهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ كَبِيرُ ظُهُورٍ فِي الْحِسِّ إذْ أَعْظَمُ جَبَلٍ ارْتِفَاعًا عَلَى الْأَرْضِ فَرْسَخَانِ وَثُلُثُ فَرْسَخٍ

الصُّورَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ مِنْ الْأَوَّلِ وَهُوَ إطْلَاقُهُ عَلَى وَقْتِ الْفَضِيلَةِ وَفِيهِ وَقْفَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِلصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَقَدْ يُجَابُ أَخْذًا مِمَّا ذُكِرَ بِأَنَّ الَّذِي فِيهَا إطْلَاقُ الْمُشْتَرَكِ عَلَى مَعْنَيَيْهِ إنْ كَانَ مِنْهُ أَوْ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ إنْ كَانَ مِنْهُمَا بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ: فِي تَفْسِيرِ وَقْتِ الْفَضِيلَةِ وَوَقْتِ الِاخْتِيَارِ

(قَوْلُهُ: فَائِدَتَانِ) إلَى قَوْلِهِ وَمَا ذَكَرُوهُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ قِيلَ وَقَوْلُهُ وَكَانَ حِكْمَةً إلَى وَالْمَغْرِبِ (قَوْلُهُ: وَكُهُولَتُهُ كَمَيْلِهَا) فَوَجَبَتْ الظُّهْرُ حِينَئِذٍ تَذْكِيرًا لِذَلِكَ وَ (قَوْلُهُ: شَيْخُوخَتُهُ كَقُرْبِهَا إلَخْ) أَيْ: فَوَجَبَتْ الْعَصْرُ حِينَئِذٍ تَذْكِيرًا لِذَلِكَ وَ (قَوْلُهُ: وَمَوْتُهُ كَغُرُوبِهَا) أَيْ فَوَجَبَتْ الْمَغْرِبُ حِينَئِذٍ تَذْكِيرًا لِذَلِكَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَفِيهِ) أَيْ: فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الْحِكْمَةِ نَقْصٌ أَيْ لِسُكُوتِهِ عَنْ بَيَانِ حِكْمَةِ اخْتِصَاصِ الْعِشَاءِ، وَالصُّبْحِ بِوَقْتِهِمَا (قَوْلُهُ: فَيُزَادُ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى مَا سَبَقَ عَنْ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ: وَفَنَاءُ جِسْمِهِ) بِالْفَتْحِ، وَالْمَدِّ، وَأَمَّا بِالْكَسْرِ فَاسْمٌ لِمَا اتَّسَعَ أَمَامَ الدَّارِ ع ش (قَوْلُهُ: وَكَانَ حِكْمَةُ خُصُوصِهَا) أَيْ: الْأَرْبَعَةِ (قَوْلُهُ: تَرَكُّبَ الْإِنْسَانِ مِنْ عَنَاصِرَ أَرْبَعَةٍ) التَّرَكُّبُ مِنْ الْعَنَاصِرِ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَلَا ثَابِتٍ كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَحَلِّهِ سم (قَوْلُهُ: مِنْ عَنَاصِرَ أَرْبَعَةٍ) هِيَ النَّارُ، وَالْهَوَاءُ، وَالتُّرَابُ، وَالْمَاءُ (وَأَخْلَاطٌ أَرْبَعَةٌ) هِيَ الصَّفْرَاءُ، وَالسَّوْدَاءُ، وَالدَّمُ، وَالْبَلْغَمُ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: لِكُلٍّ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ: مِنْ الْعَنَاصِرِ الْأَرْبَعَةِ، وَالْأَخْلَاطِ الْأَرْبَعَةِ

(قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ قَوْلُهُ: وَكَانَ حِكْمَةُ خُصُوصِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَيْهَا) أَيْ: عَلَى الْأَرْبَعَةِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ مَجْمُوعَ آحَادِهَا) أَيْ: آحَادِ الْأَرْبَعَةِ مِنْ الْوَاحِدِ، وَالِاثْنَيْنِ، وَالثَّلَاثَةِ، وَالْأَرْبَعَةِ (قَوْلُهُ: عَنْهَا) أَيْ: عَنْ الْعَشَرَةِ (قَوْلُهُ: وَالْمَغْرِبُ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ الصُّبْحُ رَكْعَتَيْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا) أَيْ الْوَاحِدَةَ ع ش

(قَوْلُهُ: صَحَّ إلَخْ) أَيْ: فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ سم عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَالْأَسْنَى فَائِدَةٌ رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ قَالَ «ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الدَّجَّالَ وَلُبْثَهُ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا يَوْمٌ كَسَنَةٍ وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ قُلْنَا فَذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَسَنَةٍ يَكْفِينَا فِيهِ صَلَاةُ يَوْمٍ قَالَ لَا اُقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ» قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فَيُسْتَثْنَى هَذَا الْيَوْمُ مِمَّا ذُكِرَ فِي الْمَوَاقِيتِ وَيُقَاسُ بِهِ الْيَوْمَانِ التَّالِيَانِ لَهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: الدَّجَّالُ) هُوَ بَشَرٌ مِنْ بَنِي آدَمَ وَمَوْجُودٌ الْآنَ وَاسْمُهُ صَافِ بْنُ صَيَّادٍ وَكُنْيَتُهُ أَبُو يُوسُفَ وَهُوَ يَهُودِيٌّ مُنَاوِيٌّ اهـ ع ش

(قَوْلُهُ: وَالْأَمْرُ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ أَنَّ أَوَّلَ إلَخْ ع ش أَيْ وَ (قَوْلُهُ: وَقِيسَ بِهِ الْأَخِيرَانِ) جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْمُبْتَدَأِ، وَالْخَبَرِ مُدْرَجَةٌ فِي الْحَدِيثِ وَلَيْسَتْ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَسَائِرُ الْعِبَادَاتِ إلَخْ) أَيْ: كَالْحَجِّ، وَالزَّكَاةِ (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي ذَلِكَ) أَيْ: التَّقْدِيرُ

(قَوْلُهُ: وَقَدْ يَكُونُ الزَّوَالُ) أَيْ وَقْتُ زَوَالِ الشَّمْسِ وَ (قَوْلُهُ: طُلُوعُهَا) أَيْ وَقْتُ طُلُوعِهَا (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ ذَلِكَ) أَيْ اخْتِلَافَ الْمَوَاقِيتِ سم (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ) أَيْ: ارْتِفَاعَ

قَوْلُهُ: جَرْيًا عَلَى الْإِطْلَاقِ الثَّانِي) قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ إلَى إثْبَاتِ إطْلَاقَيْنِ وَيَكْفِي فِي الْجَوَابِ أَنَّ وَقْتَ الِاخْتِيَارِ قَدْ يُسَاوِي وَقْتَ الْفَضِيلَةِ وَقَدْ لَا لِلْمُدْرِكِ الْمُقْتَضِي لِذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: تَرَكُّبُ الْإِنْسَانِ مِنْ عَنَاصِرَ أَرْبَعَةٍ) التَّرْكِيبُ مِنْ الْعَنَاصِرِ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَلَا ثَابِتٌ كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَحَلِّهِ

(قَوْلُهُ: صَحَّ أَنَّ أَوَّلَ أَيَّامِ الدَّجَّالِ) أَيْ فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي ذَلِكَ فِيمَا لَوْ مَكَثَتْ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْعُبَابِ وَفِي الْخَادِمِ عَنْ بَعْضِهِمْ لَوْ أَنَّ قَوْمًا مَكَثَتْ الشَّمْسُ طَالِعَةً عِنْدَ هُمْ مُدَّةً طَوِيلَةً فَإِنَّهُمْ يُقَدِّرُونَ لِلصَّلَاةِ قَالَ وَلَعَلَّ مُسْتَنَدَهُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ مُسْلِمٍ السَّابِقُ اهـ كَلَامُ شَرْحِ الْعُبَابِ قُلْت لَا يَرِدُ هَذَا عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الشَّارِحِ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ عَلَى قَوْلِهِ فَرْعٌ: عَوْدُ الشَّمْسِ بِالْغُرُوبِ بِحَمْلِ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَسْتَمِرَّ الطُّلُوعُ بِحَيْثُ يَذْهَبُ اللَّيْلُ كُلُّهُ

1 -

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ) أَيْ: اخْتِلَافِ الْمَوَاقِيتِ (قَوْلُهُ:

ص: 428

وَنِسْبَتُهُ إلَى كُرَةِ الْأَرْضِ تَقْرِيبًا كَنِسْبَةِ سَبْعٍ عَرْضَ شَعِيرَةٍ إلَى كُرَةٍ قُطْرُهَا ذِرَاعٌ فَلَمْ يَنْشَأْ ذَلِكَ الِاخْتِلَافُ إلَّا مِنْ اخْتِلَافِ أَوْضَاعِ الشَّمْسِ بِالنِّسْبَةِ إلَى كُرَةِ الْأَرْضِ فَمَا مِنْ دَرَجَةٍ مِنْ الْفُلْكِ تَكُونُ فِيهَا الشَّمْسُ فِي وَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ إلَّا وَهِيَ طَالِعَةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى بُقْعَةٍ غَارِبَةٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى أُخْرَى مُتَوَسِّطَةٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى أُخْرَى فِي وَقْتِ عَصْرٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى أُخْرَى وَعِشَاءٍ وَصُبْحٍ كَذَلِكَ

(قُلْت يُكْرَهُ تَسْمِيَةُ الْمَغْرِبِ عِشَاءً وَ) تَسْمِيَةُ (الْعِشَاءِ عَتَمَةً) لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْهُمَا وَوُرُودِ تَسْمِيَةِ الثَّانِي لِبَيَانِ الْجَوَازِ

(وَ) يُكْرَهُ (النَّوْمُ قَبْلَهَا) أَيْ قَبْلَ فِعْلِهَا بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا وَلَوْ وَقْتَ الْمَغْرِبِ لِمَنْ يَجْمَعُ «؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَكْرَهُهُ» وَمَا بَعْدَهُ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا اسْتَمَرَّ نَوْمُهُ حَتَّى فَاتَ الْوَقْتُ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي سَائِرِ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ وَمَحَلُّ جَوَازِ النَّوْمِ إنْ غَلَبَهُ بِحَيْثُ صَارَ لَا تَمْيِيزَ لَهُ وَلَمْ يُمْكِنْهُ دَفْعَهُ، أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَسْتَيْقِظُ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُهَا وَطُهْرَهَا وَإِلَّا حَرُمَ وَلَوْ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ عَلَى مَا قَالَهُ كَثِيرُونَ وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي مِنْ وُجُوبِ السَّعْيِ لِلْجُمُعَةِ عَلَى بَعِيدِ الدَّارِ قَبْلَ وَقْتِهَا إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهَا مُضَافَةٌ لِلْيَوْمِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا

الْأَرْضِ (قَوْلُهُ: وَنِسْبَتُهُ) أَيْ أَعْظَمُ الْجِبَالِ فِي الْأَرْضِ (قَوْلُهُ: قُطْرُهَا) وَهُوَ الْخَطُّ الْمَفْرُوضُ فِي مُنْتَصَفِ الْكُرَةِ

(قَوْلُهُ: إلَى أُخْرَى) كَأَنَّهُ صِفَةُ بَلْدَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ، أَوْ بُقْعَةٍ سم

قَوْلُ الْمَتْنُ (يُكْرَهُ تَسْمِيَةُ الْمَغْرِبِ إلَخْ) وَلَا يُكْرَهُ تَسْمِيَةُ الصُّبْحِ غَدَاةً كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَالْأَوْلَى عَدَمُ تَسْمِيَتِهَا بِذَلِكَ وَتُسَمَّى صُبْحًا وَفَجْرًا؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ جَاءَ بِالثَّانِيَةِ، وَالسُّنَّةُ بِهِمَا مَعًا مُغْنِي وَنِهَايَةٌ قَوْلُ الْمَتْنِ (تَسْمِيَةُ الْمَغْرِبِ عِشَاءً إلَخْ) قَالَ فِي الْعُبَابِ وَلَا يُكْرَهُ أَنْ يُقَالَ لَهُمَا الْعِشَاءَانِ انْتَهَى اهـ سم وَنَقَلَ ع ش عَنْ م ر مِثْلَهُ وَزَادَ الْمُغْنِي وَلَا لِلْعِشَاءِ الْعِشَاءُ الْآخِرَةُ اهـ.

(قَوْلُهُ: لِلنَّهْيِ) إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ قَبْلَ دُخُولٍ إلَخْ فِي النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَلَوْ وَقْتَ الْمَغْرِبِ لِمَنْ يَجْمَعُ (قَوْلُهُ: تَسْمِيَةُ الثَّانِي) الْأَوْلَى التَّسْمِيَةُ الثَّانِيَةُ أَيْ تَسْمِيَةُ الْعِشَاءِ عَتَمَةً

(قَوْلُهُ: بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُكْرَهَ أَيْضًا قَبْلَهُ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ فِعْلِ الْمَغْرِبِ لِلْمَعْنَى السَّابِقِ أَيْ مَخَافَةَ اسْتِمْرَارِهِ إلَى خُرُوجِ الْوَقْتِ نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُخَاطَبْ بِهَا اهـ وَنَقَلَ الرَّشِيدِيُّ عَنْ الزِّيَادِيِّ مِثْلَهُ وَاعْتَمَدَ الشبراملسي مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَكَذَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا عِبَارَتُهُ وَيُكْرَهُ نَوْمٌ قَبْلَهَا وَلَوْ قَبْلَ دُخُولِهَا بِخِلَافِ غَيْرِهَا فَإِنَّهُ لَا يُكْرَهُ النَّوْمُ قَبْلَهُ إلَّا بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهِ اهـ وَقَالَ السَّيِّدُ الْبَصْرِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ أَيْ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ إذَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ الِاسْتِغْرَاقُ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ يُكْرَهَ لِلْخِلَافِ الْقَوِيِّ حِينَئِذٍ فِي الْحُرْمَةِ اهـ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ وَقْتَ الْمَغْرِبِ لِمَنْ يَجْمَعُ) قَدْ يُقَالُ النَّوْمُ الْمَحْذُورُ هُنَا إذَا وَقَعَ قَبْلَهَا فَصَلَهَا وَأَوْجَبَ تَأْخِيرَهَا إلَى وَقْتِهَا فَلَمْ يَقَعْ إلَّا قَبْلَ وَقْتِهَا لَا فِيهِ قَبْلَ فِعْلِهَا وَقَدْ يُصَوَّرُ بِالنَّوْمِ قَبْلَ فِعْلِ الْمَغْرِبِ مِمَّنْ قَصَدَ الْجَمْعَ وَإِنْ كَانَتْ الْكَرَاهَةُ مِنْ جِهَةِ الْمَغْرِبِ أَيْضًا سم بِحَذْفٍ (قَوْلُهُ: وَمَا بَعْدَهُ) أَيْ: الْآتِي فِي الْمَتْنِ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ كَأَنْ يُكْرَهَ النَّوْمُ قَبْلَهَا، وَالْحَدِيثُ بَعْدَهَا اهـ (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي ذَلِكَ) أَيْ الْكَرَاهَةُ الْمَذْكُورَةُ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ جَوَازِ النَّوْمِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ لَكِنْ صَرَّحَ النِّهَايَةُ، وَالْمُغْنِي بِأَنَّهُ إذَا غَلَبَ عَلَيْهِ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَعَزْمِهِ عَلَى الْفِعْلِ وَأَزَالَ تَمْيِيزَهُ فَلَا حُرْمَةَ فِيهِ وَلَا كَرَاهَةَ اهـ

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ انْتَفَى كُلٌّ مِنْ غَلَبَةِ النَّوْمِ وَغَلَبَةِ ظَنِّ الِاسْتِيقَاظِ وَقَالَ الْبَصْرِيُّ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ الِاسْتِيقَاظُ بِأَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ الِاسْتِمْرَارُ، أَوْ شَكَّ وَقَدْ تُشْكِلُ مَسْأَلَةُ الشَّكِّ بِالنِّسْبَةِ إلَى التَّعْمِيمِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَلَوْ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ فَتَدَبَّرْ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ) خَالَفَهُ النِّهَايَةُ، وَالْمُغْنِي فَقَالَا فَإِنْ نَامَ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ لَمْ يَحْرُمْ وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ تَيَقُّظِهِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُخَاطَبْ بِهَا اهـ

(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُجَابَ إلَخْ) عَلَى هَذَا هَلْ يُسْتَثْنَى الْجُمُعَةُ فَيَحْرُمُ النَّوْمُ قَبْلَ وَقْتِهَا إذَا ظَنَّ بِهِ فَوَاتَهَا، أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ نَظَرٌ، وَالْحُرْمَةُ هِيَ قِيَاسُ وُجُوبِ السَّعْيِ عَلَى بَعِيدِ الدَّارِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بَعِيدَ الدَّارِ وَوَجَبَ عَلَيْهِ السَّعْيُ قَبْلَ الْوَقْتِ حَرُمَ النَّوْمُ الْمُفَوِّتُ لِذَلِكَ السَّعْيِ الْوَاجِبِ سم وَقَالَ ع ش لَا يُكْرَهُ النَّوْمُ قَبْلَ الْوَقْتِ لِغَيْرِ بَعِيدِ الدَّارِ وَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ

إلَى أُخْرَى) كَأَنَّهُ صِفَةُ بَلْدَةٍ، أَوْ قَرْيَةٍ أَوْ بُقْعَةٍ

(قَوْلُهُ: تَسْمِيَةُ الْمَغْرِبِ عِشَاءً) قَالَ فِي الْعُبَابِ وَلَا يُكْرَهُ أَنْ يُقَالَ لَهُمَا الْعِشَاءَانِ اهـ

(قَوْلُهُ: بَعْد دُخُول وَقْتِهَا) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ سِيَاقُ كَلَامِهِمْ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُصَوَّرَةٌ بِمَا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ يَنْبَغِي أَنْ يُكْرَهَ أَيْضًا قَبْلَهُ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ فِعْلِ الْمَغْرِبِ لِلْمَعْنَى السَّابِقِ أَيْ مَخَافَةَ اسْتِمْرَارِهِ إلَى خُرُوجِ الْوَقْتِ اهـ.

وَفِي الْقُوتِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ كَرَاهَةُ النَّوْمِ تَعُمُّ سَائِرَ الْأَوْقَاتِ وَكَانَ مُرَادُهُ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ كَلَامُهُمْ فِي الْعِشَاءِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُكْرَهَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ الْعِشَاءِ لِخَوْفِ الِاسْتِغْرَاقِ، أَوْ التَّكَاسُلِ، وَكَذَا قُبَيْلَ الْمَغْرِبِ لَا سِيَّمَا عَلَى الْجَدِيدِ وَيَظْهَرُ تَحْرِيمُهُ بَعْدَ الْغُرُوبِ عَلَى الْجَدِيدِ اهـ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ وَقْتَ الْمَغْرِبِ لِمَنْ يَجْمَعُ) قَدْ يُقَالُ النَّوْمُ الْمَحْذُورُ هُنَا إذَا أُوقِعَ قَبْلَهَا فَصَلَهَا وَأَوْجَبَ تَأْخِيرَهَا إلَى وَقْتِهَا فَلَمْ تَقَعْ إلَّا قَبْلَ وَقْتِهَا لَا فِيهِ قَبْلَ فِعْلِهَا وَقَدْ يُصَوَّرُ بِالنَّوْمِ قَبْلَ فِعْلِ الْمَغْرِبِ مِمَّنْ قَصَدَ الْجَمْعَ وَإِنْ كَانَتْ الْكَرَاهَةُ مِنْ جِهَةِ الْمَغْرِبِ أَيْضًا وَيُمْكِنُ أَنْ يُصَوَّرَ أَيْضًا بِنَوْمٍ خَفِيفٍ لَا يَمْنَعُ الْجَمْعَ فَإِذَا أَرَادَ الْجَمْعَ كُرِهَ أَنْ يَنَامَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ قَبْلَ فِعْلِ الْعِشَاءِ وَإِنْ اتَّفَقَ زَوَالُ النَّوْمِ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُجَابَ إلَخْ) عَلَى هَذَا هَلْ تُسْتَثْنَى الْجُمُعَةُ فَيَحْرُمُ النَّوْمُ قَبْلَ وَقْتِهَا إذَا ظَنَّ بِهِ فَوَاتَهَا، أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْحُرْمَةُ هِيَ قِيَاسُ وُجُوبِ السَّعْيِ عَلَى بَعِيدِ الدَّارِ، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ بَعِيدَ الدَّارِ وَوَجَبَ عَلَيْهِ السَّعْيُ قَبْلَ الْوَقْتِ حَرُمَ عَلَيْهِ النَّوْمُ الْمُفَوِّتُ لِذَلِكَ السَّعْيِ الْوَاجِبِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهَا مُضَافَةٌ لِلْيَوْمِ) أَيْ وَلِإِضَافَتِهَا لِلْيَوْمِ حَرُمَ أَكْلُ ذِي رِيحٍ كَرِيهٍ بِقَصْدِ إسْقَاطِهَا وَلَمْ تَسْقُطْ

(قَوْلُهُ:

ص: 429

وَمِنْ ثَمَّ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الْمَنْقُولُ خِلَافُ مَا قَالَهُ أُولَئِكَ

(وَالْحَدِيثُ بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا وَفِعْلُهَا فِيهِ، أَوْ قَدْرِهِ إنْ جَمَعَهَا تَقْدِيمًا لَا قَبْلَ ذَلِكَ عَلَى الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا فَوَّتَهُ صَلَاةَ اللَّيْلِ، أَوْ أَوَّلَ وَقْتِ الصُّبْحِ، أَوْ جَمِيعَهُ وَلِيَخْتِمَ عَمَلَهُ بِأَفْضَلِ الْأَعْمَالِ وَقَضِيَّةُ الْأَوَّلِ كَرَاهَتُهُ قَبْلَهَا أَيْضًا لَكِنْ فَرَّقَ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ إبَاحَةَ الْكَلَامِ قَبْلَهَا تَنْتَهِي بِالْأَمْرِ بِإِيقَاعِهَا فِي وَقْتِ الِاخْتِيَارِ، وَأَمَّا بَعْدَهَا فَلَا ضَابِطَ لَهُ فَكَانَ خَوْفُ الْفَوَاتِ فِيهِ أَكْثَرَ وَهُوَ أَوْجَهُ مِنْ قَوْلِ غَيْرِهِ: هُوَ قَبْلَهَا أَوْلَى بِالْكَرَاهَةِ لِتَفْوِيتِهِ فَضِيلَةَ أَوَّلِ الْوَقْتِ، وَيُرَدُّ بِمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَنَّ مُطْلَقَ الْحَدِيثِ قَبْلَهَا لَا يَسْتَلْزِمُ تَفْوِيتَ ذَلِكَ فَصَحَّ تَقْيِيدُهُمْ بِبَعْدِهَا، وَأَمَّا مَا قَبْلَهَا فَإِنْ فَوَّتَ وَقْتَ الِاخْتِيَارِ كُرِهَ أَيْ كَانَ خِلَافَ الْأَوْلَى وَإِلَّا فَلَا (إلَّا) لِمُنْتَظِرِ الْجَمَاعَةِ لِيُعِيدَهَا مَعَهُمْ وَلَوْ بَعْدَ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ وَلِلْمُسَافِرِ لِخَبَرِ أَحْمَدَ «لَا سَمَرَ بَعْدَ الْعِشَاءِ إلَّا لِمُصَلٍّ، أَوْ مُسَافِرٍ وَإِلَّا لِعُذْرٍ» ، أَوْ (فِي خَيْرٍ) كَعِلْمٍ شَرْعِيٍّ، أَوْ آلَةٍ لَهُ، أَوْ قِرَاءَةٍ أَوْ ذِكْرٍ، أَوْ مُذَاكَرَةِ آثَارِ الصَّالِحِينَ، أَوْ إينَاسِ ضَيْفٍ، أَوْ زَوْجَةٍ عِنْدَ زِفَافِهَا، أَوْ الْمُلَاطَفَةِ بِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِمَا صَحَّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُحَدِّثُهُمْ عَامَّةَ لَيْلِهِ عَنْ بَنِي إسْرَائِيلَ» وَلِأَنَّهُ خَيْرٌ نَاجِزٌ فَلَا يُتْرَكُ لِمَفْسَدَةٍ مُتَوَهَّمَةٍ

(وَيُسَنُّ تَعْجِيلُ الصَّلَاةِ لِأَوَّلِ الْوَقْتِ) إذَا تُيُقِّنَ دُخُولُهُ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ أَنَّ الصَّلَاةَ أَوَّلَ وَقْتِهَا أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ وَيَحْصُلُ بِاشْتِغَالِهِ بِأَسْبَابِهَا عَقِبَ دُخُولِهِ وَلَا يُكَلَّفُ الْعَجَلَةَ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ وَيُغْتَفَرُ لَهُ مَعَ ذَلِكَ شُغْلٌ خَفِيفٌ وَكَلَامٌ قَصِيرٌ وَأَكْلُ لُقَمٍ تُوَفِّرُ خُشُوعَهُ

مُخَاطَبًا بِهَا قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَإِنْ قُلْنَا بِوُجُوبِ السَّعْيِ عَلَى بَعِيدِ الدَّارِ اهـ.

وَفِي الْبُجَيْرِمِيِّ عَنْ الْقَلْيُوبِيِّ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ: مِنْ أَجْلِ هَذَا الْفَرْقِ بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: الْمَنْقُولُ خِلَافُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ، وَالْمُغْنِي كَمَا مَرَّ آنِفًا

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَالْحَدِيثُ بَعْدَهَا) الْمُرَادُ الْحَدِيثُ الْمُبَاحُ فِي غَيْرِ هَذَا الْوَقْتِ أَمَّا الْمَكْرُوهُ فَهُوَ أَشَدُّ كَرَاهَةً مُغْنِي وَنِهَايَةٌ زَادَ سم، وَكَذَا الْمُحَرَّمُ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ كَسِيرَةِ الْبَطَّالِ وَغَيْرِهِ، وَالْأَخْبَارِ الْكَاذِبَةِ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ سَمَاعُهَا إيعَابٌ وَأُلْحِقَ بِالْحَدِيثِ نَحْوُ الْخِيَاطَةِ قَالَهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَغَيْرِهِ اهـ سم عِبَارَةُ الْبُجَيْرِمِيِّ وَأُلْحِقَ بِالْحَدِيثِ نَحْوُ الْخِيَاطَةِ وَلَعَلَّهُ لِغَيْرِ سَاتِرِ الْعَوْرَةِ وَمِثْلُ الْخِيَاطَةِ الْكِتَابَةُ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَكُونَ لِلْقُرْآنِ أَوْ لِعِلْمٍ مُنْتَفَعٍ بِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحَلَبِيُّ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَيْ بَعْدَ) إلَى قَوْلِهِ وَهُوَ أَوْجَهُ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَدْرَهُ إلَخْ) عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ، وَالْأَوْجَهُ خِلَافًا لِابْنِ الْعِمَادِ أَنَّهُ إذَا جَمَعَهَا تَقْدِيمًا لَا يُكْرَهُ الْحَدِيثُ إلَّا بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا وَمُضِيِّ وَقْتِ الْفَرَاغِ مِنْهَا غَالِبًا انْتَهَى اهـ سم وَفِي ع ش عَنْ الْإِسْنَوِيِّ مَا يُوَافِقُهُ

(قَوْلُهُ: عَلَى الْأَوْجَهِ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَخِلَافًا لِلْمُغْنِي قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَيْ الْحَدِيثَ بَعْدَ الْعِشَاءِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا فَوَّتَهُ صَلَاةَ اللَّيْلِ) أَيْ: إنْ كَانَ لَهُ صَلَاةُ لَيْلٍ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَلِيَخْتِمَ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ الْأَوَّلِ) وَهُوَ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا إلَخْ (قَوْلُهُ: يَنْتَهِي) الْأَوْلَى التَّأْنِيثُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ: مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ عَدَمِ الْكَرَاهَةِ قَبْلَهَا لِلْفَرْقِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: مِنْ قَوْلِ غَيْرِهِ هُوَ قَبْلَهَا إلَخْ) نَقَلَ الْمُغْنِي هَذَا الْقَوْلَ عَنْ ابْنِ النَّقِيبِ وَأَقَرَّهُ (قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ) أَيْ قَوْلُ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ: مِمَّا يَأْتِي) أَيْ: مِنْ الِاسْتِثْنَاءَاتِ لَا سِيَّمَا مِنْ قَوْلِهِ، بَلْ لَوْ قَدَّمَهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَوَّتَ وَقْتَ الِاخْتِيَارِ) هَلَّا قَالَ، أَوْ وَقْتَ الْفَضِيلَةِ سم وَبَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلِلْمُسَافِرِ) أَيْ: فَلَا يُكْرَهُ فِي حَقِّهِ الْحَدِيثُ بَعْدَهَا مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ السَّفَرُ طَوِيلًا، أَوْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ الْحَدِيثُ فِي خَيْرٍ، أَوْ لِحَاجَةِ السَّفَرِ لَكِنْ نَازَعَ فِيهِ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ ابْنِ الْعِمَادِ بِأَنَّ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسَافِرِ وَغَيْرِهِ، ثُمَّ حُمِلَ الْحَدِيثُ عَلَى مَا حَاصِلُهُ أَنْ يَحْتَاجَ إلَيْهِ الْمُسَافِرُ لِإِعَانَتِهِ عَلَى السَّهَرِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ ع ش

(قَوْلُهُ: لَا سَمَرَ) أَيْ: لَا حَدِيثَ ع ش (قَوْلُهُ: أَوْ إينَاسِ ضَيْفٍ) أَيْ: مَا لَمْ يَكُنْ فَاسِقًا وَإِلَّا حَرُمَ إلَّا لِعُذْرٍ كَخَوْفٍ مِنْهُ عَلَى نَفْسٍ، أَوْ مَالٍ وَهَذَا إذَا كَانَ لَهُ إينَاسُهُ لِكَوْنِهِ فَاسِقًا أَمَّا لَوْ كَانَ مِنْ حَيْثُ الضِّيَافَةُ، أَوْ كَوْنُهُ شَيْخَهُ، أَوْ مُعَلِّمَهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فَإِنْ لَمْ يُلَاحِظْ فِي إينَاسِهِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَيَظْهَرْ إلْحَاقُهُ بِالْأَوَّلِ فَيَحْرُمُ ع ش (قَوْلُهُ: وَنَحْوِ ذَلِكَ) كَتَكَلُّمٍ بِمَا دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ كَحِسَابٍ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: عَامَّةَ لَيْلِهِ) أَيْ: أَكْثَرَهُ ع ش

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيُسَنُّ تَعْجِيلُ الصَّلَاةِ إلَخْ) أَيْ: وَلَوْ عِشَاءً نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: إذَا تُيُقِّنَ) إلَى قَوْلِهِ عَلَى مَا فِي الذَّخَائِرِ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: لِلْأَحَادِيثِ) إلَى قَوْلِهِ وَيُنْدَبُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ ذَكَرْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ (قَوْلُهُ: لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ إلَخْ)، وَأَمَّا خَبَرُ «أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ» فَمُعَارَضٌ بِهَا وَلِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِسْفَارِ ظُهُورُ الْفَجْرِ الَّذِي بِهِ يُعْلَمُ طُلُوعُهُ فَالتَّأْخِيرُ إلَيْهِ أَفْضَلُ مِنْ تَعْجِيلِهِ عِنْدَ ظَنِّ طُلُوعِهِ نِهَايَةٌ وَيُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَمْرِ بِالْإِسْفَارِ إنَّمَا هُوَ النَّهْيُ عَنْ التَّأْخِيرِ عَنْهُ دُونَ التَّقْدِيمِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيَحْصُلُ) أَيْ التَّعْجِيلُ، أَوْ سُنَّةٌ (قَوْلُهُ: بِأَسْبَابِهَا) أَيْ كَالطَّهَارَةِ، وَالْأَذَانِ، وَالسِّتْرِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: مَعَ ذَلِكَ) أَيْ: الِاشْتِغَالِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: نَحْوَ شُغْلٍ إلَخْ) أَيْ كَإِخْرَاجِ حَدَثٍ يُدَافِعُهُ وَتَحْصِيلِ مَاءٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: يُوَفِّرُ خُشُوعَهُ) ، بَلْ الصَّوَابُ الشِّبَعُ كَمَا مَرَّ فِي الْمَغْرِبِ مُغْنِي عِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ يُوَفِّرُ خُشُوعَهُ قَضِيَّتُهُ أَنَّ الشِّبَعَ يُفَوِّتُ وَقْتَ الْفَضِيلَةِ وَقَدْ يُخَالِفُهُ مَا مَرَّ لَهُ

وَالْحَدِيثُ بَعْدَهَا) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ، وَالْمُرَادُ الْحَدِيثُ الْمُبَاحُ فِي غَيْرِ هَذَا الْوَقْتِ أَمَّا الْمَكْرُوهُ ثَمَّ فَهُوَ هُنَا أَشَدُّ كَرَاهَةً، وَكَذَا الْمُحَرَّمُ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: كَسِيرَةِ الْبَطَّالِ وَغَيْرِهِ، وَالْأَخْبَارِ الْكَاذِبَةِ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ سَمَاعُهَا؛ لِعَدَمِ صِحَّتِهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ فِي الِاعْتِكَافِ وَعَدَمُ صِحَّتِهَا لَا يَكْفِي فِي التَّعْلِيلِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ تَحَقُّقَ كَذِبِهَا كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ فِي سِيرَةِ الْبَطَّالِ وَغَيْرِهِ اهـ وَأُلْحِقَ بِالْحَدِيثِ نَحْوُ الْخِيَاطَةِ قَالَهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَدْرُهُ إنْ جَمَعَهَا تَقْدِيمًا) عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ، وَالْأَوْجَهُ خِلَافًا لِابْنِ الْعِمَادِ أَنَّهُ إذَا جَمَعَهَا تَقْدِيمًا لَا يُكْرَهُ الْحَدِيثُ إلَّا بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا وَمُضِيِّ وَقْتِ الْفَرَاغِ مِنْهَا غَالِبًا اهـ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ فَوَّتَ وَقْتَ الِاخْتِيَارِ) هَلَّا قَالَ، أَوْ الْفَضِيلَةِ (قَوْلُهُ: وَلِلْمُسَافِرِ) نَازَعَ فِيهِ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ ابْنِ الْعِمَادِ بِأَنَّ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسَافِرِ وَغَيْرِهِ، ثُمَّ حَمَلَ

ص: 430

وَتَقْدِيمُ سُنَّةٍ رَاتِبَةٍ، بَلْ لَوْ قَدَّمَهَا أَعْنِي الْأَسْبَابَ قَبْلَ الْوَقْتِ وَأَخَّرَ بِقَدْرِهَا مِنْ أَوَّلِهِ حَصَلَ سُنَّةُ التَّعْجِيلِ عَلَى مَا فِي الذَّخَائِرِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ نَدْبِ التَّعْجِيلِ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ ذَكَرْتهَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَغَيْرِهِ

وَضَابِطُهَا أَنَّ كُلَّ مَا تَرَجَّحَتْ مَصْلَحَةُ فِعْلِهِ وَلَوْ أُخِّرَ فَاتَتْ يُقَدَّمُ عَلَى الصَّلَاةِ وَأَنَّ كُلَّ كَمَالٍ كَالْجَمَاعَةِ اقْتَرَنَ بِالتَّأْخِيرِ وَخَلَا عَنْهُ التَّقْدِيمُ يَكُونُ التَّأْخِيرُ لِمَنْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَى صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى لَا يُنَافِيَ مَا يَأْتِي فِي الْإِبْرَادِ مَعَهُ أَفْضَلُ وَيَنْدُبُ لِلْإِمَامِ الْحِرْصُ عَلَى أَوَّلِ الْوَقْتِ لَكِنْ بَعْدَ مُضِيِّ وَقْتِ اجْتِمَاعِ النَّاسِ وَفِعْلِهِمْ لِأَسْبَابِهَا عَادَةً وَبَعْدَهُ يُصَلِّي بِمَنْ حَضَرَ وَإِنْ قَلَّ؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْجَمَاعَةَ الْقَلِيلَةَ أَوَّلَهُ أَفْضَلُ مِنْ الْكَثِيرَةِ آخِرَهُ وَلَا يَنْتَظِرُ وَلَوْ نَحْوَ شَرِيفٍ وَعَالِمٍ فَإِنْ انْتَظَرَهُ كُرِهَ وَمِنْ ثَمَّ لَمَّا «اشْتَغَلَ صلى الله عليه وسلم عَنْ وَقْتِ عَادَتِهِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ فَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ مَرَّةً وَابْنُ عَوْفٍ أُخْرَى مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَطُلْ تَأَخُّرُهُ، بَلْ أَدْرَكَ صَلَاتَهُمَا وَاقْتَدَى بِهِمَا وَصَوَّبَ فِعْلَهُمَا» نَعَمْ يَأْتِي فِي تَأَخُّرِ الرَّاتِبِ تَفْصِيلٌ لَا يُنَافِيهِ هَذَا لِعِلْمِهِمْ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم بِالْحِرْصِ عَلَى أَوَّلِ الْوَقْتِ وَقَدْ يَجِبُ التَّأْخِيرُ وَلَوْ عَنْ الْوَقْتِ كَمَا فِي مُحْرِمٍ خَافَ فَوْتَ الْحَجِّ لَوْ صَلَّى الْعِشَاءَ وَكَمَنْ رَأَى نَحْوَ غَرِيقٍ، أَوْ أَسِيرٍ لَوْ أَنْقَذَهُ أَوْ صَائِلٍ عَلَى مُحْتَرَمٍ لَوْ دَفَعَهُ خَرَجَ الْوَقْتُ وَيَجِبُ التَّأْخِيرُ أَيْضًا لِلصَّلَاةِ عَلَى مَيِّتٍ خِيفَ انْفِجَارُهُ

(تَنْبِيهٌ)

تَجِبُ الصَّلَاةُ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ وُجُوبًا مُوَسَّعًا إلَى أَنْ لَا يَبْقَى إلَّا مَا يَسَعُهَا كُلَّهَا بِشُرُوطِهَا وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا عَنْ أَوَّلِهِ إلَّا إنْ عَزَمَ عَلَى فِعْلِهَا

فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ، وَالْأَقْرَبُ إلْحَاقُ مَا هُنَا بِمَا هُنَاكَ اهـ

(قَوْلُهُ: وَتَقْدِيمُ سُنَّةٍ إلَخْ) جَعْلُهُ فِي حَيِّزِ الِاغْتِفَارِ يُوهِمُ أَنَّ الْأَفْضَلَ خِلَافُهُ مَعَ أَنَّ الْأَفْضَلَ تَقْدِيمُ السُّنَّةِ الرَّاتِبَةِ كَمَا لَا يَخْفَى، بَلْ قَدْ يُقَالُ أَيْضًا الْأَفْضَلُ تَقْدِيمُ أَكْلِ اللُّقَمِ الْمُوَفِّرَةِ لِلْخُشُوعِ سم (قَوْلُهُ: بَلْ لَوْ قَدَّمَهَا إلَخْ) فِيهِ مَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ ع ش قَدْ بَيَّنَ فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَسْبَابِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي وَقْتِ الْفَضِيلَةِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ بِالْفِعْلِ وَلَعَلَّ مُرَادَهُ مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُحْتَاجَ إلَيْهِ بِالْفِعْلِ حَتَّى لَا يُنَافِيَ مَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَدَّمَ الْأَسْبَابَ إلَخْ اهـ.

(قَوْلُهُ: حَصَلَ سُنَّةُ التَّعْجِيلِ) أَيْ: لَكِنَّ الْفِعْلَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَفْضَلُ وَإِنْ كَانَ لَوْ فَعَلَ بَعْدُ صَدُقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ فَعَلَ فِي وَقْتِ الْفَضِيلَةِ كَمَنْ أَدْرَكَ التَّحَرُّمَ مَعَ الْإِمَامِ وَمَنْ أَدْرَكَ التَّشَهُّدَ فَالْحَاصِلُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا ثَوَابُ الْجَمَاعَةِ لَكِنْ دَرَجَاتُ الْأَوَّلِ أَكْمَلُ ع ش

(قَوْلُهُ: عَلَى مَا) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ كَمَا اهـ.

(قَوْلُهُ: فِي الذَّخَائِرِ) هُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ ع ش (قَوْلُهُ: مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ) نَحْوُ أَرْبَعِينَ صُورَةً مِنْهَا نَدْبُ التَّأْخِيرِ لِمَنْ يَرْمِي الْجِمَارَ وَلِمُسَافِرٍ سَائِرِ وَقْتِ الْأُولَى وَلِلْوَاقِفِ فَيُؤَخِّرُ وَإِنْ كَانَ نَازِلًا وَقْتَهَا لِيَجْمَعَهَا مَعَ الْعِشَاءِ بِمُزْدَلِفَةَ أَيْ إذَا كَانَ سَفَرُهُ سَفَرَ قَصْرٍ وَلِمَنْ تَيَقَّنَ وُجُودَ الْمَاءِ، أَوْ السُّتْرَةِ أَوْ الْجَمَاعَةِ، أَوْ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ آخِرَ الْوَقْتِ وَلِدَائِمِ الْحَدَثِ إذَا رَجَا الِانْقِطَاعَ وَلِمَنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْوَقْتُ فِي يَوْمِ غَيْمٍ حَتَّى يَتَيَقَّنَهُ، أَوْ يَظُنَّ فَوَاتَهُ لَوْ أَخَّرَهَا نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي وَلِلْمَعْذُورِ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ فَيُؤَخِّرُ الظُّهْرَ إلَى الْيَأْسِ مِنْ الْجُمُعَةِ إذَا أَمْكَنَ زَوَالُ عُذْرِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْجُمُعَةِ اهـ وَقَوْلُهُمَا وَلِمُسَافِرٍ إلَخْ اسْتَشْكَلَهُ السَّيِّدُ الْبَصْرِيُّ بِأَنَّهُ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ الْجَمْعَ مُطْلَقًا خِلَافُ الْأَوْلَى خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَانِعِهِ اهـ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ كَلَامَهُمَا مَفْرُوضٌ فِيمَنْ أَرَادَ الْجَمْعَ

(قَوْلُهُ: كَالْجَمَاعَةِ) ظَاهِرُ السِّيَاقِ تَقْيِيدُهَا بِالْمَطْلُوبَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَكُنْ مَطْلُوبَةً لِكَوْنِ الْإِمَامِ فَاسِقًا، أَوْ مُخَالِفًا، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يُكْرَهُ فِيهِ الِاقْتِدَاءُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لِمَنْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ إلَخْ) أَيْ: بِخِلَافِ مَا لَوْ أَرَادَ التَّعَدُّدَ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ الِاقْتِصَارِ نَعَمْ وَاضِحٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا كَانَ الْكَمَالُ فِي الثَّانِيَةِ مِمَّا يَقْتَضِي مَشْرُوعِيَّةَ الْإِعَادَةِ كَالْجَمَاعَةِ وَإِلَّا فَالتَّأْخِيرُ أَوْلَى وَلَا يَتَأَتَّى التَّعَدُّدُ كَالصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: عَلَى صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ) أَيْ: وَمَعَ ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يُلَاحِظَ مَا تَقَدَّمَ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ فِي التَّيَمُّمِ وَلَوْ تَيَقَّنَهُ آخِرَ الْوَقْتِ إلَخْ وَمَا بَيَّنَّاهُ ثَمَّ سم (قَوْلُهُ: وَيُنْدَبُ لِلْإِمَامِ إلَخْ) سَيَأْتِي لَهُ قُبَيْلَ فَصْلِ الِاسْتِقْبَالِ مَا لَفْظُهُ وَيُسَنُّ تَأْخِيرُهَا قَدْرُ مَا يَجْتَمِعُ النَّاسُ إلَّا فِي الْمَغْرِبِ أَيْ لِلْخِلَافِ الْقَوِيِّ فِي ضِيقِ وَقْتِهَا وَمِنْ ثَمَّ أَطْبَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى كَرَاهَةِ تَأْخِيرِهَا مِنْ أَوَّلِهِ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ الْجَمْعُ بَيْنَ إطْلَاقِهِ هُنَا وَتَقْيِيدِهِ ثَمَّ بَصْرِيٌّ

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْجَمَاعَةَ الْقَلِيلَةَ أَوَّلُهُ أَفْضَلُ إلَخْ) قَدْ يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِ السَّابِقِ أَنَّ كُلَّ كَمَالٍ كَالْجَمَاعَةِ اقْتَرَنَ إلَخْ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ مُرَادَهُ بِالْكَمَالِ السُّنَّةَ الَّتِي تَحْصُلُ مَعَ التَّأْخِيرِ وَتَفُوتُ مِنْ أَصْلِهَا بِالتَّقْدِيمِ بِخِلَافِ صُورَةِ الْجَمَاعَةِ فَإِنَّهَا حَاصِلَةٌ مَعَ كُلٍّ مِنْ التَّقْدِيمِ، وَالتَّأْخِيرِ وَإِنْ فَاتَ بِتَقْدِيمِهَا صِفَةُ كَمَالٍ فِيهَا لَكِنْ يُعَارِضُهُ قَوْلُهُ: فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَلَوْ قَصَدَ الصَّلَاةَ فِي نَحْوِ مَسْجِدٍ بَعِيدٍ لِنَحْوِ كِبَرِهِ، أَوْ فِقْهِ إمَامِهِ نُدِبَ لَهُ الْإِبْرَادُ وَإِنْ أَمْكَنَهُ فِي قَرِيبٍ عَلَى الْأَوْجَهِ انْتَهَى اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ: مِنْ أَجْلِ كَرَاهَةِ الِانْتِظَارِ لِنَحْوِ شَرِيفٍ إلَخْ

(قَوْلُهُ: فِي تَأَخُّرِ الرَّاتِبِ إلَخْ) أَيْ: الْإِمَامِ الرَّاتِبِ لِمَسْجِدٍ (قَوْلُهُ: لِعِلْمِهِمْ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم إلَخْ) وَقَدْ يُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّهُمْ ظَنُّوا بِالْقَرَائِنِ قِيَامَ عَارِضٍ بِهِ صلى الله عليه وسلم يَمْنَعُ عَادَةً مِنْ الْحُضُورِ سم (قَوْلُهُ: نَحْوُ غَرِيقٍ إلَخْ) أَيْ: كَحَرِيقٍ (قَوْلُهُ: عَلَى مَيِّتٍ خِيفَ انْفِجَارُهُ) بَقِيَ مَا لَوْ تَعَارَضَ عَلَيْهِ فَوْتُ عَرَفَةَ وَانْفِجَارُ الْمَيِّتِ فَهَلْ يُقَدَّمُ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ تَقْدِيمُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ فِيهِ هَتْكًا لِحُرْمَتِهِ وَلَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ بِخِلَافِ الْحَجِّ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ ع ش

(قَوْلُهُ: تَجِبُ الصَّلَاةُ) إلَى قَوْلِهِ فَإِنْ قُلْت فِي النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ، وَكَذَا إلَى وَإِذَا وَقَوْلُهُ وَمِثْلُهُ فَائِتَةٌ بِعُذْرٍ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ عَزَمَ إلَخْ) أَيْ: فَإِنْ لَمْ يَعْزِمْ أَثِمَ وَإِنْ فَعَلَهَا فِي الْوَقْتِ وَهَذَا عَزْمٌ خَاصٌّ وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَيْضًا عَزْمٌ عَامٌّ وَهُوَ أَنْ يَعْزِمَ عَقِبَ الْبُلُوغِ عَلَى فِعْلِ كُلِّ الْوَاجِبَاتِ

الْحَدِيثَ عَلَى مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمُسَافِرُ لِإِعَانَتِهِ عَلَى السَّهَرِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ

(قَوْلُهُ: وَتَقْدِيمُ سُنَّةٍ رَاتِبَةٍ) جَعْلُهُ فِي حَيِّزِ الِاغْتِفَارِ يُوهِمُ أَنَّ الْأَفْضَلَ خِلَافُهُ مَعَ أَنَّ الْأَفْضَلَ تَقْدِيمُ السُّنَّةِ الرَّاتِبَةِ كَمَا لَا يَخْفَى، بَلْ قَدْ يُقَالُ الْأَفْضَلُ أَيْضًا تَقْدِيمُ أَكْلِ اللُّقَمِ الْمُوَفِّرَةِ لِلْخُشُوعِ (قَوْلُهُ: عَلَى صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ) أَيْ: وَمَعَ ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يُلَاحِظَ مَا تَقَدَّمَ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ فِي التَّيَمُّمِ وَلَوْ تَيَقَّنَهُ آخِرَ الْوَقْتِ إلَخْ وَمَا بَيَّنَّاهُ، ثُمَّ (قَوْلُهُ: لِعِلْمِهِمْ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم إلَخْ) قَدْ يُجَابُ

ص: 431

أَثْنَاءَهُ، وَكَذَا كُلُّ وَاجِبٍ مُوَسَّعٍ قِيلَ إنَّمَا يَجِبُ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يُسَنَّ التَّأْخِيرُ لَا كَالْإِبْرَادِ وَفِيهِ نَظَرٌ، ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ رَدَّهُ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ مُرِيدَ جَمْعِ التَّأْخِيرِ الشَّامِلِ لِلْمَنْدُوبِ، وَالْجَائِزِ نِيَّتُهُ وَإِلَّا عَصَى وَكَانَتْ قَضَاءً وَكَانَ وَجْهُ الرَّدِّ بِهِ إنْ نُدِبَ التَّأْخِيرُ لَمْ يُنَافِ وُجُوبَ النِّيَّةِ وَإِنْ اخْتَلَفَ مَلْحَظُ الْبَابَيْنِ، وَالْأَوْلَى فِي وَجْهِهِ أَنَّ نَدْبَ التَّأْخِيرِ عَارِضٌ فَلَا يَرْفَعُ حُكْمَ الْوَاجِبِ الْأَصْلِيِّ وَهُوَ تَوَقُّفُ جَوَازِ التَّأْخِيرِ عَلَى الْعَزْمِ

وَإِذَا أَخَّرَهَا بِالنِّيَّةِ وَلَمْ يَظُنَّ مَوْتَهُ فِيهِ فَمَاتَ لَمْ يَعْصِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقَصِّرْ لِكَوْنِ الْوَقْتِ مَحْدُودًا وَلَمْ يُخْرِجْهَا عَنْهُ وَبِهِ فَارَقَ مَا يَأْتِي فِي الْحَجِّ وَمِثْلُهُ فَائِتَةٌ بِعُذْرٍ؛ لِأَنَّ وَقْتَهَا الْعُمْرُ أَيْضًا فَإِنْ قُلْت مَرَّ فِي النَّوْمِ أَنَّهُ لَوْ تَوَهَّمَ الْفَوْتَ مَعَهُ حَرُمَ فَهَلْ قِيَاسُهُ هَذَا حَتَّى يَتَضَيَّقَ بِتَوَهُّمِ الْفَوْتِ قُلْت نَعَمْ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ النَّوْمِ التَّفْوِيتَ فَلَمْ يَجُزْ إلَّا مَعَ ظَنِّ الْإِدْرَاكِ بِخِلَافِهِ هُنَا

(وَفِي قَوْلِهِ تَأْخِيرُ) فِعْلِ (الْعِشَاءِ أَفْضَلُ) مَا لَمْ يُجَاوِزْ وَقْتَ الِاخْتِيَارِ لِأَحَادِيثَ فِيهِ وَمِنْ ثَمَّ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ

وَتَرْكِ كُلِّ الْمَعَاصِي كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ سم فِي الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ ع ش عِبَارَةُ السَّيِّدِ الْبَصْرِيِّ قَوْلُهُ إلَّا إنْ عَزَمَ إلَخْ أَيْ عَلَى الْأَصَحِّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَالتَّحْقِيقِ وَصَحَّحَ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ ابْنُ شُهْبَةَ، وَكَذَا صَحَّحَ عَدَمَ الْوُجُوبِ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَبَالَغَ فِي مَنْعِ الْمَوَانِعِ فَقَالَ إنَّ الْإِيجَابَ إثْبَاتُ حُكْمٍ بِغَيْرِ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ اهـ

(قَوْلُهُ: أَثْنَاءَهُ) أَيْ: قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهَا (قَوْلُهُ: إنَّمَا يَجِبُ ذَلِكَ) أَيْ: الْعَزْمُ (قَوْلُهُ: لَا كَالْإِبْرَادِ) يَعْنِي لَا فِي نَحْوِ الْإِبْرَادِ مِمَّا يُسَنُّ فِيهِ التَّأْخِيرُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ) هُوَ ابْنُ شُهْبَةَ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: الشَّامِلِ) أَيْ: جَمْعِ التَّأْخِيرِ (قَوْلُهُ: لِلْمَنْدُوبِ) أَيْ: كَمَا لِلْوَاقِفِ بِعَرَفَةَ الْمُسَافِرِ سَفَرَ قَصْرٍ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى فِي وَجْهِهِ إلَخْ) الْوَجْهُ أَنَّ حَاصِلَ الْمَقَامِ فِيمَنْ لَهُ الْجَمْعُ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ إمَّا فِعْلُهَا، أَوْ الْعَزْمُ عَلَى فِعْلِهَا فِي الْوَقْتِ، أَوْ نِيَّةُ تَأْخِيرِهَا لِيَجْمَعَهَا مَعَ الثَّانِيَةِ فِي وَقْتِهَا، ثُمَّ إنْ اتَّفَقَ فِعْلُهَا فِي الْوَقْتِ فَذَاكَ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ التَّأْخِيرِ فِي وَقْتٍ يَسَعُهَا إنْ لَمْ تَتَقَدَّمْ هَذِهِ النِّيَّةُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ سم (قَوْلُهُ: فِي وَجْهِهِ) أَيْ: وَجْهِ رَدِّ الْقِيلِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَظُنَّ مَوْتَهُ فِيهِ إلَخْ) فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَمُوتُ فِي أَثْنَاءِ الْوَقْتِ بَعْدَ مُضِيِّ قَدْرِهَا كَأَنْ لَزِمَهُ قَوَدٌ فَطَالَبَهُ وَلِيُّ الدَّمِ بِاسْتِيفَائِهِ فَأَمَرَ الْإِمَامُ بِقَتْلِهِ تَعَيَّنَتْ الصَّلَاةُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ فَيَعْصِي بِتَأْخِيرِهَا عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ تُضَيِّقَ عَلَيْهِ بِظَنِّهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ التَّحْقِيقِ أَنَّ الشَّكَّ كَالظَّنِّ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ زَادَ سم عَنْ الْعُبَابِ وَشَرْحِهِ مَا نَصُّهُ وَهَلْ يُلْحَقُ بِالْمَوْتِ نَحْوُ الْجُنُونِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْإِلْحَاقُ، ثُمَّ رَأَيْت الْإِسْنَوِيَّ ذَكَرَ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ اهـ

(قَوْلُهُ: فَمَاتَ) أَيْ: فِي أَثْنَاءِ الْوَقْتِ وَقَدْ بَقِيَ مِنْهُ مَا يَسَعُهَا قَبْلَ فِعْلِهَا مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَبِهِ) أَيْ: بِقَوْلِهِ لِكَوْنِ الْوَقْتِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَا يَأْتِي فِي الْحَجِّ) أَيْ: مِنْ أَنَّهُ يَفْسُقُ إنْ مَاتَ وَلَمْ يَحُجَّ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ الْحَجِّ فِيمَا يَأْتِي فِيهِ (قَوْلُهُ: فَائِتَةٌ بِعُذْرٍ إلَخْ) أَيْ: مِنْ صَلَاةٍ وَمِثْلُهَا الصَّوْمُ وَمُقْتَضَى هَذَا التَّشْبِيهِ أَنَّهُ بِالْمَوْتِ يَتَبَيَّنُ إثْمُهُ مِنْ آخِرِ وَقْتِ الْإِمْكَانِ ع ش (قَوْلُهُ: فَإِنْ قُلْت إلَخْ) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ وَإِذَا أَخَّرَهَا بِالنِّيَّةِ إلَخْ

(قَوْلُهُ: مَرَّ فِي النَّوْمِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ الَّذِي مَرَّ جَوَازُهُ عِنْدَ غَلَبَةِ ظَنِّ الِاسْتِيقَاظِ وَهِيَ لَا تُنَافِي تَوَهُّمَ عَدَمِ الِاسْتِيقَاظِ فَلَوْ أَبْدَلَ التَّوَهُّمَ بِالشَّكِّ لَكَانَ حَسَنًا لِتَمَامِهِ مَعَ كِفَايَتِهِ فِي الْإِيرَادِ عَلَى مَا هُنَا فَلْيُتَأَمَّلْ بَصْرِيٌّ وَيَأْتِي عَنْ سم مِثْلُهُ وَعِبَارَةُ ع ش بَعْدَ سَوْقِ كَلَامِ الشَّارِحِ نَصُّهُ وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ م ر فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ مَوْتُهُ فِي أَثْنَاءِ الْوَقْتِ أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ إلَخْ أَنَّهُ لَوْ تَوَهَّمَ مَوْتَهُ لَمْ يَأْثَمْ بِالتَّأْخِيرِ بِنَاءً عَلَى مَا اقْتَضَاهُ الْعَطْفُ لِلشَّكِّ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ اسْتِوَاءُ الطَّرَفَيْنِ فَلَا يَكُونُ التَّوَهُّمُ مُلْحَقًا بِتَوَهُّمِ الْفَوَاتِ بِالنَّوْمِ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَهَلْ قِيَاسُهُ هَذَا) أَيْ: قِيَاسُ الْفَوْتِ بِالنَّوْمِ الْفَوْتُ بِنَحْوِ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَتَضَيَّقَ) أَيْ: وَقْتُ الْأَدَاءِ سم (قَوْلُهُ: بِتَوَهُّمِ الْفَوْتِ) أَيْ: بِغَيْرِ النَّوْمِ ع ش (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَجُزْ إلَّا مَعَ ظَنِّ الْإِدْرَاكِ) هَذَا صَرِيحٌ فِي جَوَازِ النَّوْمِ مَعَ ظَنِّ الْإِدْرَاكِ فِي الْوَقْتِ وَمِنْ لَازِمِ الْجَوَازِ مَعَ ظَنِّ الْإِدْرَاكِ احْتِمَالُ تَوَهُّمِ الْفَوْتِ فَهَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ إنَّهُ لَوْ تَوَهَّمَ الْفَوْتَ مَعَهُ حَرُمَ؛ لِأَنَّ تَوَهُّمَ الْفَوْتِ صَادِقٌ مَعَ ظَنِّ الْإِدْرَاكِ، بَلْ التَّوَهُّمُ الْمُصْطَلَحُ لَا يَكُونُ إلَّا مَعَ ظَنِّ الْإِدْرَاكِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم

(قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُجَاوِزْ) إلَى قَوْلِهِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ كُلُّهُمْ، أَوْ بَعْضُهُمْ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ عَارِضٌ إلَى وَمَنْ يُصَلِّي، وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَمِنْ ثَمَّ إلَى لَكِنْ (قَوْلُهُ: لَكِنْ تَقْدِيمُهَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَالْمَشْهُورُ اسْتِحْبَابُ التَّعْجِيلِ لِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ؛ وَلِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي وَاظَبَ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ الْقَوْلَيْنِ عَلَى حَالَيْنِ فَحَيْثُ قِيلَ التَّعْجِيلُ أَفْضَلُ أُرِيدَ مَا إذَا خِيفَ النَّوْمُ وَحَيْثُ قِيلَ

أَيْضًا بِأَنَّهُمْ ظَنُّوا بِالْقَرَائِنِ قِيَامَ عَارِضٍ بِهِ صلى الله عليه وسلم يَمْنَعُ عَادَةً مِنْ الْحُضُورِ

(قَوْلُهُ:، وَالْأَوْلَى فِي وَجْهِهِ إلَخْ) الْوَجْهُ أَنَّ حَاصِلَ الْمَقَامِ فِيمَنْ لَهُ الْجَمْعُ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ إمَّا فِعْلُهَا، أَوْ الْعَزْمُ عَلَى فِعْلِهَا فِي الْوَقْتِ أَوْ نِيَّةِ تَأْخِيرِهَا لِيَجْمَعَهَا مَعَ الثَّانِيَةِ فِي وَقْتِهَا، ثُمَّ إنْ اتَّفَقَ فِعْلُهَا فِي الْوَقْتِ فَذَاكَ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ التَّأْخِيرِ فِي وَقْتٍ يَسَعُهَا إنْ لَمْ تَتَقَدَّمْ هَذِهِ النِّيَّةُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَتَضَيَّقَ بِتَوَهُّمِ الْفَوْتِ إلَخْ) قَالَ فِي الْعُبَابِ وَإِنَّمَا يَتَوَسَّعُ الْأَدَاءُ إنْ لَمْ يَشْرَعْ فِيهَا وَلَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ مَوْتُهُ بَعْدَ قَدْرِهَا وَإِلَّا تَضِيقُ اهـ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الشَّكَّ كَالظَّنِّ وَهُوَ قِيَاسُ مَا مَرَّ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ وَغَيْرِهِ وَهَلْ يُلْحَقُ بِالْمَوْتِ نَحْوُ الْجُنُونِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْإِلْحَاقُ، ثُمَّ رَأَيْت الْإِسْنَوِيَّ ذَكَرَ عَنْهُ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَجُزْ إلَّا مَعَ ظَنِّ الْإِدْرَاكِ) صَرِيحٌ فِي جَوَازِ النَّوْمِ مَعَ ظَنِّ الْإِدْرَاكِ فِي الْوَقْتِ وَمِنْ لَازِمِ الْجَوَازِ مَنْ ظَنَّ الْإِدْرَاكَ احْتِمَالُ تَوَهُّمِ الْفَوْتِ فَهَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَوَهَّمَ الْفَوْتَ مَعَهُ حَرُمَ؛ لِأَنَّ تَوَهُّمَ الْفَوْتِ صَادِقٌ مَعَ ظَنِّ الْإِدْرَاكِ، بَلْ التَّوَهُّمُ الْمُصْطَلَحُ لَا يَكُونُ إلَّا مَعَ ظَنِّ الْإِدْرَاكِ

ص: 432

لَكِنْ تَقْدِيمُهَا هُوَ الَّذِي وَاظَبَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَالْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ

(وَ) مَرَّ أَنَّ مَحَلَّ نَدْبِ التَّعْجِيلِ مَا لَمْ تُعَارِضْهُ مَصْلَحَةٌ رَاجِحَةٌ فَلِذَلِكَ (يُسَنُّ الْإِبْرَادُ بِالظُّهْرِ) أَيْ إدْخَالُهَا وَقْتَ الْبَرْدِ بِتَأْخِيرِهَا دُونَ أَذَانِهَا عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا إلَى أَنْ يَبْقَى لِلْحِيطَانِ ظِلٌّ يَمْشِي فِيهِ قَاصِدُ الْجَمَاعَةِ وَلَا يُجَاوِزُ نِصْفَ الْوَقْتِ (فِي شِدَّةِ الْحَرِّ) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «إذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالظُّهْرِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ» أَيْ غَلَيَانِهَا وَانْتِشَارِ لَهَبِهَا وَخَرَجَ بِالظُّهْرِ الْجُمُعَةُ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَهَا مُعَرِّضٌ لِفَوَاتِهَا لِكَوْنِ الْجَمَاعَةِ شَرْطًا فِيهَا وَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ حُمِلَ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ (، وَالْأَصَحُّ اخْتِصَاصُهُ) أَيْ سُنَّ الْإِبْرَادُ (بِبَلَدٍ حَارٍّ) أَيْ شَدِيدِ الْحَرِّ كَالْحِجَازِ وَبَعْضِ الْعِرَاقِ، وَالْيَمَنِ (وَجَمَاعَةِ مَسْجِدٍ) أَوْ مَحَلٍّ آخَرَ غَيْرَهُ (يَقْصِدُونَهُ) كُلُّهُمْ، أَوْ بَعْضُهُمْ بِمَشَقَّةٍ فِي طَرِيقِهِمْ إلَيْهِ شَدِيدَةٍ بِحَيْثُ تَسْلُبُ خُشُوعَهُمْ كَأَنْ يَأْتُوهُ (مِنْ بُعْدٍ) فِي الشَّمْسِ لِمَشَقَّةِ التَّعْجِيلِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ وَقْتٍ بَارِدٍ أَوْ مُعْتَدِلٍ وَإِنْ كَانَ بِبَلَدٍ حَارٍّ وَبَلَدٍ بَارِدَةٍ، أَوْ مُعْتَدِلَةٍ وَإِنْ وَقَعَ فِيهَا شِدَّةُ حَرٍّ أَيْ؛ لِأَنَّهُ عَارِضٌ لِوَضْعِهَا فَلَمْ يُعْتَبَرْ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْبَلَدَ لَوْ خَالَفَتْ قُطْرَهَا فِي أَصْلِ وَضْعِهِ بِأَنْ كَانَ شَأْنُهُ الْحَرَارَةَ دَائِمًا وَشَأْنُهَا الْبُرُودَةَ كَذَلِكَ كَالطَّائِفِ بِالنِّسْبَةِ لِقُطْرِ الْحِجَازِ أَوْ عَكْسُهَا لَمْ يُعْتَبَرْ الْقُطْرُ هُنَا، بَلْ تِلْكَ الْبَلَدُ الَّتِي هُوَ فِيهَا وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ مَنْ عَبَّرَ بِبَلَدٍ وَمَنْ عَبَّرَ بِقُطْرٍ فَالْأَوَّلُ فِي بَلَدٍ خَالَفَتْ وَضْعَ الْقُطْرِ

وَالثَّانِي فِي بَلَدٍ لَمْ تُخَالِفْهُ كَذَلِكَ لَكِنْ قَدْ يَعْرِضُ لَهَا مُخَالَفَتُهُ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ الزَّرْكَشِيّ اشْتِرَاطُ شِدَّةِ الْحَرِّ مُخَالِفٌ لِتَعْلِيلِ الرَّافِعِيِّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ أَيْ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ لَا بِالنِّسْبَةِ إلَى أَفْرَادِ الْبِقَاعِ، وَالْأَشْخَاصِ اهـ

التَّأْخِيرِ أَفْضَلُ أُرِيدَ مَا إذَا لَمْ يَخَفْ اهـ.

(قَوْلُهُ: لَكِنْ تَقْدِيمُهَا هُوَ الَّذِي وَاظَبَ إلَخْ) أَيْ: وَأَمَّا التَّأْخِيرُ فَكَانَ لِعُذْرٍ وَمَصْلَحَةٍ تَقْتَضِي التَّأْخِيرَ ع ش

(قَوْلُهُ: وَمَرَّ أَنَّ مَحَلَّ نَدْبِ التَّعْجِيلِ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَيُسَنُّ الْإِبْرَادُ إلَخْ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ وَيُسَنُّ تَعْجِيلُ الصَّلَاةِ إلَخْ لَكِنَّ مَحَلَّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الدَّجَّالِ أَمَّا هِيَ فَلَا يُسَنُّ الْإِبْرَادُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُرْجَى فِيهَا زَوَالُ الْحَرِّ فِي وَقْتٍ يَذْهَبُ فِيهِ لِمَحَلِّ الْجَمَاعَةِ مَعَ بَقَاءِ الْوَقْتِ الْمُقَدَّرِ كَمَا نُقِلَ عَنْ الزِّيَادِيِّ مُعَلِّلًا لَهُ انْتِفَاءَ الظِّلِّ، وَأَمَّا الْبَوَادِي الَّتِي لَيْسَ فِيهَا نَحْوُ حِيطَانٍ يَمْشِي فِي ظِلِّهَا طَالِبُ الْجَمَاعَةِ فَالظَّاهِرُ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ سَنُّ الْإِبْرَادِ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا الظِّلُّ تَنْكَسِرُ سَوْرَةُ الْحَرِّ ع ش

(قَوْلُهُ: بِتَأْخِيرِهَا دُونَ أَذَانِهَا) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَخَرَجَ بِالصَّلَاةِ الْأَذَانُ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَطْلَبِ وَحُمِلَ أَمْرُهُ صلى الله عليه وسلم بِالْإِبْرَادِ بِهِ عَلَى مَا إذَا عَلِمَ مِنْ حَالِ السَّامِعِينَ حُضُورَهُمْ عَقِبَ الْأَذَانِ لِتَنْدَفِعَ عَنْهُمْ الْمَشَقَّةُ، ثُمَّ قَالَ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْإِقَامَةِ وَلَا بُعْدَ فِيهِ وَإِنْ ادَّعَى بُعْدَهُ فَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ التَّصْرِيحُ بِتَأْخِيرِ الْإِقَامَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: إلَى أَنْ يَبْقَى) أَيْ: يَصِيرَ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَلَا يُجَاوِزُ نِصْفَ إلَخْ) أَيْ: لَا يُؤَخِّرُهَا عَنْهُ مُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (فِي شِدَّةِ الْحَرِّ) أَيْ: لَا فِي شِدَّةِ الْبَرْدِ إلَى أَنْ يَخِفَّ قِيَاسًا عَلَى شِدَّةِ الْحَرِّ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَادَ فِي الْحَرِّ رُخْصَةٌ فَلَا يُقَاسَ عَلَيْهِ م ر اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ أَقُولُ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْحَرَّ لَهُ وَقْتٌ تَنْكَسِرُ سَوْرَتُهُ فِيهِ بِخِلَافِ الْبَرْدِ وَإِنَّمَا قُلْنَا هَذَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ جَوَازُ جَرَيَانِ الْقِيَاسِ فِي الرُّخْصِ ع ش وَحَلَبِيٌّ (قَوْلُهُ: فَأَبْرِدُوا بِالظُّهْرِ) الْبَاءُ لِلتَّعَدِّيَةِ وَقِيلَ زَائِدَةٌ وَمَعْنَى أَبْرِدُوا أَخِّرُوا عَلَى سَبِيلِ التَّضْمِينِ فَتْحُ الْبَارِي اهـ شَوْبَرِيٌّ

(قَوْلُهُ: مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَخْرَجَهُ مَخْرَجَ التَّشْبِيهِ، وَالتَّمْثِيلِ أَيْ كَأَنَّهُ نَارُ جَهَنَّمَ فِي حَرِّهَا انْتَهَى اهـ ع ش (قَوْلُهُ: أَيْ غَلَيَانِهَا إلَخْ) هُوَ مِنْ كَلَامِ الرَّاوِي وَ (قَوْلُهُ: وَانْتِشَارٌ إلَخْ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ ع ش (قَوْلُهُ: وَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ إلَخْ) أَيْ: مِنْ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُبْرِدُ بِهَا» نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: حُمِلَ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ) جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي مَعَ أَنَّ الْخَبَرَ رَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي صَحِيحِهِ فِي الظُّهْرِ فَتَعَارَضَتْ الرِّوَايَتَانِ فَيُعْمَلُ بِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ سَلَمَةَ «كُنَّا نَجْمَعُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ» لِعَدَمِ الْمُعَارِضِ اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: بِبَلَدٍ حَارٍّ) رَجَّحَ السُّبْكِيُّ عَدَمَ اخْتِصَاصِهِ بِبَلَدٍ حَارٍّ وَقَالَ شِدَّةُ الْحَرِّ كَافِيَةٌ وَلَوْ فِي أَبْرَدِ الْبِلَادِ ابْنُ شُهْبَةَ اهـ بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا يَخْتَصُّ بِذَلِكَ فَيُسَنُّ فِي كُلِّ مَا ذُكِرَ لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ اهـ

(قَوْلُهُ: أَوْ مَحَلٌّ آخَرَ إلَخْ) كَرِبَاطٍ وَمَدْرَسَةٍ وَلَوْ عَبَّرَ بِمُصَلًّى بَدَلَ مَسْجِدٍ لَشَمَلَ مَا قَدَّرْنَاهُ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالْمَسْجِدِ مَوْضِعُ الِاجْتِمَاعِ لِلصَّلَاةِ فَيَشْمَلُ مَا ذُكِرَ مُغْنِي (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضُهُمْ) صَادِقٌ بِوَاحِدٍ بَصْرِيٌّ وَبُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ تَسْلُبُ خُشُوعَهُمْ) أَيْ: أَوْ كَمَا لَهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَهَلْ يُعْتَبَرُ خُصُوصُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى انْفِرَادِهِ مِنْ الْمُصَلِّينَ حَتَّى لَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ مَرِيضًا، أَوْ شَيْخًا يَزُولُ خُشُوعُهُ بِمَجِيئِهِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَلَوْ مِنْ قُرْبٍ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْإِبْرَادُ، أَوْ الْعِبْرَةُ بِغَالِبِ النَّاسِ فَلَا يُلْتَفَتُ لِمَنْ ذُكِرَ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الثَّانِي، ثُمَّ رَأَيْت حَجّ صَرَّحَ بِهِ ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ (مِنْ بُعْدٍ) ضَابِطُ الْبُعْدِ مَا يَتَأَثَّرُ قَاصِدُهُ بِالشَّمْسِ مُغْنِي عِبَارَةُ النِّهَايَةِ مَا يَذْهَبُ مَعَهُ الْخُشُوعُ أَوْ كَمَالُهُ لِتَأَثُّرِهِ بِالشَّمْسِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَبَلْدَةٌ بَارِدَةٌ) أَيْ: كَالشَّامِ وَقَوْلُهُ، أَوْ مُعْتَدِلَةٌ أَيْ كَمِصْرِ قَلْيُوبِيٌّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَقَعَ إلَخْ) أَيْ: اتَّفَقَ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ) أَيْ: وُقُوعُ شِدَّةِ الْحَرِّ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: لَوْ خَالَفَتْ) أَيْ: وَضْعَهُ (قَوْلُهُ: دَائِمًا) أَيْ: فِي وَقْتِ الْحَرِّ كَالصَّيْفِ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ دَائِمًا (قَوْلُهُ: أَوْ عَكْسُهَا) أَيْ: كَحَوْرَانَ بِالنِّسْبَةِ لِلشَّامِ وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَ بَلْدَةٌ شَأْنُ بَعْضِ شُهُورِهَا كَالْأَسَدِ الْحَرَارَةُ دَائِمًا وَعَدَمُهَا فِي غَيْرِهِ فَهَلْ يُسَنُّ الْإِبْرَادُ فِيهَا فِي ذَلِكَ الشَّهْرِ الْحَارِّ أَمْ لَا وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا) أَيْ: الْمَأْخُوذِ (قَوْلُهُ: بَيْنَ مَنْ عَبَّرَ) أَيْ: عِنْدَ ذِكْرِ شُرُوطِ سَنِّ الْإِبْرَادِ وَقَوْله بِبَلَدٍ أَيْ كَالْمُصَنَّفِ (قَوْلُهُ: فِي بَلَدٍ خَالَفَتْ إلَخْ) أَيْ: لِأَجْلِ إدْخَالِهَا (قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا) أَيْ: الثَّانِي (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُرِيدَ) أَيْ: الْمُصَنِّفُ كَالرَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: أَيْ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ

فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْبَلَدَ لَوْ خَالَفَتْ قُطْرَهَا) عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ فِي قُطْرٍ حَرٍّ بِشِدَّتِهِ اهـ وَهِيَ مُصَرِّحَةٌ بِأَنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ فِي غَيْرِ قُطْرِ الْحَرِّ لَا أَثَرَ لَهُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَأْتِهِمْ غَيْرُهُمْ) مَفْهُومُهُ سُنَّ الْإِبْرَادُ لَهُمْ إذَا كَانَ يَأْتِيهِمْ غَيْرُهُمْ فَفِي

ص: 433

فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ وَقْتَ الْحَرِّ وَإِنْ تَخَلَّفَ بِالنِّسْبَةِ لِبُقْعَةٍ، أَوْ شَخْصٍ وَبَلَدٍ حَارٍّ وَضْعًا وَمَنْ يُصَلِّي بِبَيْتِهِ مُنْفَرِدًا أَوْ جَمَاعَةً وَجَمَعَ بِمُصَلًّى يَأْتُونَهُ بِلَا مَشَقَّةٍ، أَوْ حَضَرُوهُ وَلَمْ يَأْتِهِمْ غَيْرُهُمْ أَوْ يَأْتِيهِمْ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ عَلَيْهِ لِنَحْوِ قُرْبِ مَنْزِلِهِ، أَوْ وُجُودِ ظِلٍّ يَمْشِي فِيهِ فَلَا يُسَنُّ الْإِبْرَادُ لِهَؤُلَاءِ لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ نَعَمْ نَحْوُ إمَامِ مَحَلِّ الْجَمَاعَةِ الْمُقِيمِ بِهِ يُسَنُّ لَهُ تَبَعًا لَهُمْ لِلِاتِّبَاعِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّ الْأَفْضَلَ لَهُ فِعْلُهَا أَوَّلًا، ثُمَّ مَعَهُمْ؛ لِأَنَّ سَنَّ الْإِبْرَادِ فِي حَقِّهِ بِطَرِيقِ التَّبَعِ كَمَا تَقَرَّرَ فَشَمَلَ ذَلِكَ قَوْلَهُمْ: يُسَنُّ لِرَاجِي الْجَمَاعَةِ أَثْنَاءَ الْوَقْتِ فِعْلُهَا أَوَّلَهُ، ثُمَّ مَعَهُمْ وَعَدَمُ نَقْلِ الْإِعَادَةِ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم لَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ نَدْبِهَا وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ مَا هُنَا وَقَوْلِهِمْ يُسَنُّ إلَى آخِرِهِ بِمَا لَا يَصِحُّ فَاحْذَرْهُ

وَكَذَا يُسَنُّ الْإِبْرَادُ لِمَنْ يَقْصِدُ الْمَسْجِدَ لِلصَّلَاةِ فِيهِ مُنْفَرِدًا كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَفِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ إشْعَارٌ بِهِ

(وَمَنْ وَقَعَ بَعْضُ صَلَاتِهِ فِي الْوَقْتِ) وَبَعْضُهَا خَارِجَهُ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ وَقَعَ) فِي الْوَقْتِ مِنْهَا (رَكْعَةٌ) كَامِلَةٌ بِأَنْ فَرَغَ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ

اشْتِرَاطَ شِدَّةِ الْحَرِّ بِالنِّسْبَةِ إلَى جُمْلَةِ الْبَلَدِ وَمَجْمُوعِهِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَمِيعُ الْبِقَاعِ كَذَلِكَ، أَوْ عَلَى جَمِيعِ الْأَشْخَاصِ كَذَلِكَ كُرْدِيٌّ وَقَوْلُهُ إلَى جُمْلَةِ الْبَلَدِ لَعَلَّ الْمُنَاسِبَ إلَى جُمْلَةِ الْقُطْرِ

(قَوْلُهُ: فَالْحَاصِلُ) أَيْ: حَاصِلُ قَوْلِ الزَّرْكَشِيّ بَعْدَ الْإِجْمَالِ وَقَوْلُهُ مِنْ كَوْنِهِ أَيْ الْإِبْرَادِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَبَلَدٍ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ وَقْتَ الْحَرِّ عَلَى تَوَهُّمِ اقْتِرَانِهِ بِفِي (قَوْلُهُ: وَمَنْ يُصَلِّي إلَخْ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ وَقْتٌ بَارِدٌ، وَكَذَا (قَوْلُهُ: وَجَمَعَ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَجَمَعَ بِمُصَلًّى يَأْتُونَهُ بِلَا مَشَقَّةٍ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي وَشُرِحَ بِأَفْضَلَ، أَوْ بِمَحَلٍّ حَضَرَهُ جَمَاعَةٌ لَا يَأْتِيهِمْ غَيْرُهُمْ، أَوْ يَأْتِيهِمْ غَيْرُهُمْ مِنْ قُرْبٍ أَوْ مِنْ بُعْدٍ لَكِنْ يَجِدُ ظِلًّا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَأْتِهِمْ غَيْرُهُمْ) مَفْهُومُهُ سَنُّ الْإِبْرَادِ لَهُمْ إذَا كَانَ يَأْتِيهِمْ غَيْرُهُمْ فَفِي الِاقْتِصَارِ عَلَى الْإِمَامِ فِي قَوْلِهِ نَعَمْ إلَخْ فِيهِ مَا فِيهِ سم

(قَوْلُهُ: نَعَمْ نَحْوَ إمَامٍ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَلَوْ حَضَرَ مَوْضِعَ جَمَاعَةٍ أَوَّلَ الْوَقْتِ، أَوْ كَانَ مُقِيمًا بِهِ لَكِنْ يَنْتَظِرُ غَيْرَهُ سُنَّ لَهُ الْإِبْرَادُ إمَامًا كَانَ، أَوْ مَأْمُومًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَهُوَ ظَاهِرُ النَّصِّ اهـ.

وَفِي سم بَعْدَ ذِكْرِ مِثْلِهِ عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِلشَّارِحِ مَا نَصُّهُ وَقَوْلُهُ نَحْوُ الْإِمَامِ شَامِلٌ لِلْإِمَامِ وَغَيْرِهِ فَقَوْلُهُ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ إلَخْ هَلْ الْمُرَادُ مِنْهُ إذَا كَانَ مَعَ الْإِمَامِ غَيْرُهُ أَنَّ الْأَفْضَلَ فِعْلُهَا أَوَّلًا جَمَاعَةً فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَقَدْ يُقَالُ يَلْزَمُ فَوَاتُ الْمَقْصُودِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَقَوْلُهُ الْمُقِيمُ بِهِ قَدْ يُقَالُ، وَكَذَا غَيْرُ الْمُقِيمِ إذَا حَضَرَ مُتَحَمِّلًا الْمَشَقَّةَ وَقَدْ يُرِيدُ بِالْمُقِيمِ مَنْ حَضَرَ أَوَّلَ الْوَقْتِ اهـ عِبَارَةُ السَّيِّدِ الْبَصْرِيِّ قَوْلُهُ نَعَمْ إلَخْ مَا مَحَلُّ هَذَا الِاسْتِدْرَاكِ بَعْدَ قَوْلِهِ السَّابِقِ، أَوْ بَعْضُهُمْ، ثُمَّ قَوْلُهُ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ إلَخْ يَظْهَرُ أَنَّهُ يَتَأَتَّى فِيمَنْ يَكُونُ فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْمُقِيمِينَ بِالْمَسْجِدِ، بَلْ يَظْهَرُ أَنَّهُ يَتَأَتَّى فِي كُلِّ مَنْ حَضَرَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْجَمَاعَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ

(قَوْلُهُ: لِلِاتِّبَاعِ) أَيْ؛ لِأَنَّ بَيْتَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَ عِنْدَ الْمَسْجِدِ وَفِيهِ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ مُقِيمُونَ فِيهِ وَمَعَ ذَلِكَ كَانُوا يُبْرِدُونَ انْتِظَارًا لِلْغَائِبِينَ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْأَفْضَلَ لَهُ إلَخْ) فَإِنْ قُلْت غَيْرُ الْإِمَامِ لَا مَحْذُورَ يَتَرَتَّبُ عَلَى إعَادَتِهِ بِخِلَافِ الْإِمَامِ فَإِنَّ إعَادَتَهُ تُحْمَلُ عَلَى اقْتِدَاءِ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ وَفِيهِ خِلَافٌ قُلْت ذَكَرُوا فِي صَلَاةِ بَطْنِ نَخْلٍ أَنَّ الْخِلَافَ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْمُعَادَةِ؛ لِأَنَّهُ قِيلَ أَنَّ الثَّانِيَةَ هِيَ الْفَرْضُ ع ش وَفِيهِ تَوَقُّفٌ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: بِطَرِيقِ التَّبَعِ) قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ غَيْرَ الْمُقِيمِ بِهِ لَا يَكُونُ الْأَفْضَلُ لَهُ فِعْلَهَا أَوَّلًا فِي مَنْزِلِهِ، ثُمَّ مَعَهُمْ وَفِيهِ تَأَمُّلٌ اهـ سم (قَوْلُهُ: فَشَمَلَ ذَلِكَ) أَيْ: نَحْوُ الْإِمَامِ الْمَذْكُورِ

(قَوْلُهُ: الْإِعَادَةُ) الْأَوْلَى فِعْلُهَا أَوَّلًا (قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) أَيْ: قَائِلًا بَعْدَ أَفْضَلِيَّةِ مَا تَقَدَّمَ قَالَ سم وَمَشَى الشَّارِحِ عَلَى الْفَرْقِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ اهـ.

(قَوْلُهُ: بَيَّنَ مَا هُنَا) أَيْ: بَيَّنَ نَحْوُ الْإِمَامِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا يُسَنُّ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي

(قَوْلُهُ: وَبَعْضُهَا) إلَى قَوْلِهِ، وَالْحَدِيثُ فِي النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ (قَوْلُهُ: بِأَنْ فَرَغَ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ) أَيْ: بِأَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى حَدٍّ تُجْزِئُهُ فِيهِ الْقِرَاءَةُ كَمَا يَأْتِي وَبَقِيَ مَا لَوْ قَارَنَ رَفْعَ رَأْسِهِ خُرُوجُ الْوَقْتِ هَلْ يَكُونُ قَضَاءً أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ مَا لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ مَثَلًا قَضَاءً، أَوْ أَدَاءً ع ش عِبَارَةُ السَّيِّدِ الْبَصْرِيِّ هَلْ الْمُرَادُ بِالْفَرَاغِ مِنْهَا رَفْعُ رَأْسِهِ عَنْ الْأَرْضِ، أَوْ حُصُولُ الْقَدْرِ الْمُجْزِئِ حَتَّى لَوْ سَجَدَ الثَّانِيَةَ وَاطْمَأَنَّ فِيهَا فَخَرَجَ الْوَقْتُ قَبْلَ رَفْعِهِ رَأْسَهُ كَانَتْ أَدَاءً مَحَلُّ تَأَمُّلٍ لَعَلَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ الْفَرَاغِ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي أَوْجَهَ مَعْنًى اهـ وَقَوْلُهُ هُوَ الْمُتَبَادِرِ أَقُولُ: بَلْ هُوَ الْمُتَعَيِّنُ كَمَا مَرَّ عَنْ ع ش

قَوْلُ الْمَتْنِ (فَالْأَصَحُّ إلَخْ) ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ الْجَمِيعَ أَدَاءٌ مُطْلَقًا تَبَعًا لِمَا فِي الْوَقْتِ، وَالثَّالِثُ أَنَّهُ قَضَاءٌ مُطْلَقًا تَبَعًا لِمَا بَعْدَ الْوَقْتِ، وَالرَّابِعُ أَنَّ مَا وَقَعَ فِي الْوَقْتِ أَدَاءً وَمَا بَعْدَهُ قَضَاءً وَهُوَ التَّحْقِيقُ وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي مُسَافِرٍ شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ بِنِيَّةِ الْقَصْرِ وَخَرَجَ الْوَقْتُ وَقُلْنَا إنَّ الْمُسَافِرَ إذَا فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ فَإِنْ قُلْنَا إنَّ صَلَاتَهُ كُلَّهَا أَدَاءٌ فَلَهُ الْقَصْرُ وَإِلَّا لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ مُغْنِي وَفِي ع ش عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ

الِاقْتِصَارِ عَلَى الْإِمَامِ فِي قَوْلِهِ نَعَمْ إلَخْ فِيهِ مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إلَخْ) عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَلَوْ حَضَرَ مَوْضِعَ الْجَمَاعَةِ أَوَّلَ الْوَقْتِ، أَوْ كَانَ مُقِيمًا بِهِ وَلَكِنْ يَنْتَظِرُ غَيْرَهُ سُنَّ لَهُ إمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا الْإِبْرَادُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَهُوَ ظَاهِرُ النَّصِّ اهـ وَقَوْلُهُ نَحْوَ إمَامٍ شَامِلٌ لِلْإِمَامِ وَغَيْرِهِ فَقَوْلُهُ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّ الْأَفْضَلَ لَهُ فِعْلُهَا أَوَّلًا جَمَاعَةً فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَقَدْ يُقَالُ يَلْزَمُ فَوَاتُ الْمَقْصُودِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: الْمُقِيمُ بِهِ) قَدْ يُقَالُ، وَكَذَا غَيْرُ الْمُقِيمِ إذَا حَضَرَ مُتَحَمِّلًا الْمَشَقَّةَ وَقَدْ يُرِيدُ بِالْمُقِيمِ مَنْ حَضَرَ أَوَّلَ الْوَقْتِ

(قَوْلُهُ: بِطَرِيقِ التَّبَعِ) قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ غَيْرَ الْمُقِيمِ بِهِ لَا يَكُونُ الْأَفْضَلُ لَهُ فِعْلَهَا أَوَّلًا فِي مَنْزِلِهِ، ثُمَّ مَعَهُمْ وَفِيهِ تَأَمُّلٌ (قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) مَشَى عَلَى الْفَرْقِ

ص: 434

(فَالْجَمِيعُ أَدَاءٌ وَإِلَّا) يَقَعْ فِيهِ مِنْهَا رَكْعَةٌ كَذَلِكَ (فَقَضَاءٌ) كُلُّهَا سَوَاءٌ أَخَّرَ لِعُذْرٍ أَمْ لَا لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ» أَيْ مُؤَدَّاةً، وَالْفَرْقُ اشْتِمَالُ الرَّكْعَةِ عَلَى مُعْظَمِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ إذْ غَالِبُ مَا بَعْدَهَا تَكْرِيرٌ لَهَا فَجُعِلَ مَا بَعْدَ الْوَقْتِ تَابِعًا لَهَا بِخِلَافِ مَا دُونَهَا وَلَمَّا كَانَ فِي هَذِهِ التَّبَعِيَّةِ مَا فِيهَا كَانَ التَّحْقِيقُ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ أَنَّ مَا فِي الْوَقْتِ أَدَاءٌ مُطْلَقًا وَمَا بَعْدَهُ قَضَاءٌ مُطْلَقًا

وَالْحَدِيثُ كَمَا تَرَى ظَاهِرٌ فِي رَدِّ هَذَا وَلَا خِلَافَ فِي الْإِثْمِ عَلَى الْأَقْوَالِ كُلِّهَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ أَنَّ مَنْ قَالَ بِخِلَافِ ذَلِكَ لَا يُعْتَدُّ بِهِ وَثَوَابُ الْقَضَاءِ دُونَ ثَوَابِ الْأَدَاءِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ اسْتِوَاءَهُمَا عَلَى أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ فَرْضُهُ فِي قَضَاءِ مَا أَخَّرَهُ لِعُذْرٍ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لَهُ وَمَرَّ أَنَّ مَنْ أَفْسَدَ صَلَاتَهُ فِي الْوَقْتِ، ثُمَّ أَعَادَهَا فِيهِ كَانَتْ أَدَاءً لَا قَضَاءً خِلَافًا لِكَثِيرَيْنِ

(وَمَنْ جَهِلَ الْوَقْتَ) لِنَحْوِ غَيْمٍ (اجْتَهَدَ) جَوَازًا إنْ قَدَرَ عَلَى الْيَقِينِ وَوُجُوبًا إنْ لَمْ يَقْدِرْ وَلَوْ أَعْمَى نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْأَوَانِي نَعَمْ إنْ أَخْبَرَهُ ثِقَةٌ عَنْ مُشَاهَدَةٍ، أَوْ سَمِعَ أَذَانَ عَدْلٍ عَارِفٍ بِالْوَقْتِ فِي صَحْوٍ لَزِمَهُ قَبُولُهُ وَلَمْ يَجْتَهِدْ إذْ لَا حَاجَةَ بِهِ لِلِاجْتِهَادِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَمْكَنَهُ الْخُرُوجُ لِرُؤْيَةِ نَحْوِ الشَّمْسِ

مِثْلُهُ قَوْلُ الْمَتْنِ (فَالْجَمِيعُ أَدَاءٌ) أَيْ: وَيَنْوِي بِهِ الْأَدَاءَ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ كَامِلَةً (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ إلَخْ) مَفْهُومُهُ دَلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَإِلَّا إلَخْ وَمَنْطُوقُهُ لِمَا قَبْلَهُ

(قَوْلُهُ: أَيْ مُؤَدَّاةً) أَيْ وَإِلَّا فَمُطْلَقُ إدْرَاكِهَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى رَكْعَةٍ فِي الْوَقْتِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: عَلَى مُعْظَمِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ) قَيَّدَ بِالْمُعْظَمِ؛ لِأَنَّ الرَّكْعَةَ لَيْسَ فِيهَا تَشَهُّدٌ، وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ عليه السلام ع ش أَيْ، وَالْمُرَادُ بِالْأَفْعَالِ مَا يَشْمَلُ الْأَقْوَالَ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: إذْ غَالِبُ مَا بَعْدَهَا إلَخْ) مَرَّ وَجْهُ التَّقْيِيدِ بِالْغَالِبِ (قَوْلُهُ: تَكْرِيرٌ لَهَا) أَيْ كَالتَّكْرِيرِ كَمَا فِي الْمَحَلِّيِّ وَغَيْرِهِ وَإِلَّا فَلَيْسَتْ تَكْرِيرًا حَقِيقَةً؛ لِأَنَّ كُلَّ رَكْعَةٍ مَقْصُودَةٌ بِأَفْعَالِهَا مُسْتَقِلَّةٌ بِالْقَصْدِ وَإِنَّمَا يُشْبِهُ التَّكْرَارَ صُورَةً ع ش عِبَارَةُ الشَّوْبَرِيُّ عَلَى الْمَنْهَجِ قَوْلُهُ كَالتَّكْرِيرِ قَالَ الشَّيْخُ سم فِي آيَاتِهِ إنَّمَا لَمْ يَجْعَلْهُ تَكْرِيرًا حَقِيقَةً؛ لِأَنَّ التَّكْرِيرَ إنَّمَا هُوَ الْإِتْيَانُ بِالشَّيْءِ ثَانِيًا مُرَادًا بِهِ تَأْكِيدُ الْأَوَّلِ وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ إذْ مَا بَعْدَ الرَّكْعَةِ مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ كَالْأُولَى كَمَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ خَمْسِ الْيَوْمِ لَيْسَتْ تَكْرِيرًا لِمِثْلِهَا فِي الْأَمْسِ اهـ

(قَوْلُهُ: عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ) فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ هَذَا التَّقْيِيدُ سم يَعْنِي أَنَّ هَذَا التَّحْقِيقَ إنَّمَا هُوَ لِبَعْضِ الْفُقَهَاءِ كَمَا فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ، وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: أَنَّ مَا فِي الْوَقْتِ أَدَاءٌ مُطْلَقًا إلَخْ) وَنَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ كَالْقَمُولِيِّ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ حَيْثُ شَرَعَ فِيهَا فِي الْوَقْتِ نَوَى الْأَدَاءَ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ رَكْعَةً وَقَالَ الْإِمَامُ لَا وَجْهَ لِنِيَّةِ الْأَدَاءِ إذَا عَلِمَ أَنَّ الْوَقْتَ مَا يَسَعُهَا بَلْ لَا يَصِحُّ وَاسْتَوْجَهَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ حَمْلَ كَلَامِ الْإِمَامِ عَلَى مَا إذَا نَوَى الْأَدَاءَ الشَّرْعِيَّ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَنْوِهِ، وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَبِهِ أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش

(قَوْلُهُ:، وَالصَّوَابُ إلَخْ) لَعَلَّهُ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْحَمْلِ الْمَذْكُورِ وَإِلَّا فَلَا يَظْهَرُ لِلتَّخْطِئَةِ وَجْهٌ (قَوْلُهُ: ظَاهِرٌ فِي رَدِّ هَذَا) قَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بَيَانَ كَمَالِ إدْرَاكِهَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا دُونَهَا، وَالْمَعْنَى مَنْ أَدْرَكَهَا فَكَأَنَّهُ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ فِي الْكَمَالِ، وَالْفَضْلِ لَا فِي الْأَدَاءِ بَصْرِيٌّ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا جَوَّزَهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ فَلَا يُنَافِي مَا قَالَهُ الشَّارِحِ وَلَا يُورِثُ التَّوَقُّفَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَلَا خِلَافَ فِي الْإِثْمِ إلَخْ) أَيْ: إنْ كَانَ التَّأْخِيرُ بِغَيْرِ عُذْرٍ (قَوْلُهُ: وَثَوَابُ الْقَضَاءِ دُونَ ثَوَابِ الْأَدَاءِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ فَاتَ بِعُذْرٍ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا فَاتَ بِعُذْرٍ وَكَانَ عَزْمُهُ عَلَى الْفِعْلِ وَإِنَّمَا تَرَكَهُ لِقِيَامِ الْعُذْرِ بِهِ حَصَلَ لَهُ ثَوَابٌ عَلَى الْعَزْمِ يُسَاوِي ثَوَابَ الْأَدَاءِ، أَوْ يَزِيدُ عَلَيْهِ ع ش أَقُولُ: وَيُرَجِّحُ كَلَامَ الشَّارِحِ مَا تَقَدَّمَ فِي تَفَاسِيرِ أَوْقَاتِ الْفَضِيلَةِ، وَالِاخْتِيَارِ وَغَيْرِهِمَا إذْ نِسْبَةُ فِعْلِ الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ إلَى فِعْلِهَا فِي خَارِجِهِ لَا تَنْقُصُ عَنْ نِسْبَةِ فِعْلِهَا فِي وَقْتِ الْفَضِيلَةِ، أَوْ الِاخْتِيَارِ إلَى فِعْلِهَا فِي وَقْتِ الْجَوَازِ مَعَ الْعَزْمِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَأَيْضًا قَوْلُهُ، أَوْ يَزِيدُ عَلَيْهِ لَا يَظْهَرُ لَهُ وَجْهٌ

(قَوْلُهُ: وَمَرَّ) أَيْ: فِي بَيَانِ وَقْتِ الْعَصْرِ (قَوْلُهُ: وَأَفْسَدَ) أَيْ: عَمْدًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: كَانَتْ أَدَاءً إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا تَجِبُ إعَادَتُهَا فَوْرًا ع ش وَبَصْرِيٌّ

(قَوْلُهُ: لِنَحْوِ غَيْمٍ) أَيْ: كَحَبْسٍ فِي مَكَان مُظْلِمٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: جَوَازًا) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى قَوْلِهِ وَوَقَعَ فِي الْمُغْنِي إلَّا مَا أُنَبِّهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: إنْ قَدَرَ عَلَى الْيَقِينِ) أَيْ: بِالصَّبْرِ حَتَّى تَيَقَّنَ الْوَقْتَ، أَوْ الْخُرُوجَ وَرُؤْيَةَ الشَّمْسِ مَثَلًا مُغْنِي وع ش (قَوْلُهُ: نَعَمْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: إنْ أَخْبَرَهُ) أَيْ مَنْ جَهِلَ الْوَقْتَ (قَوْلُهُ: ثِقَةٌ) أَيْ: مِنْ رَجُلٍ، أَوْ امْرَأَةٍ وَلَوْ رَقِيقًا مُغْنِي قَالَ ع ش وَفِي مَعْنَى إخْبَارِ الثِّقَةِ مُزَاوَلَةُ وَضْعِهَا عَدْلٌ، أَوْ فَاسِقٌ وَمَضَى عَلَيْهَا زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ اطِّلَاعُ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ، وَالْعَدْلُ عَلَيْهَا وَلَمْ يَطْعَنُوا فِيهَا اهـ

(قَوْلُهُ: عَنْ مُشَاهَدَةٍ) كَأَنْ قَالَ رَأَيْت الْفَجْرَ طَالِعًا، أَوْ الشَّفَقَ غَارِبًا مُغْنِي (قَوْلُهُ: فِي صَحْوَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ سَمِعَ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ قَبُولُهُ وَلَمْ يَجْتَهِدْ) مِنْ عَطْفِ الْمُرَادِ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ اهـ وَعِبَارَةُ الْمُغْنِي فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَمَلُ بِقَوْلِهِ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْعِلْمُ بِنَفْسِهِ وَجَازَ إنْ أَمْكَنَهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: إذْ لَا حَاجَةَ بِهِ) أَيْ: لِمَنْ جَهِلَ الْوَقْتَ حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ وُجُودِ الْإِخْبَارِ أَوْ السَّمْعِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ إلَخْ) حَالٌ مِنْ فَاعِلٍ لَمْ يَجْتَهِدْ (قَوْلُهُ: لَوْ أَمْكَنَهُ الْخُرُوجُ

فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ

(قَوْلُهُ: عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ) فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ هَذَا التَّقْيِيدُ (قَوْلُهُ: إنَّ مَا فِي الْوَقْتِ أَدَاءً مُطْلَقًا إلَخْ) وَنَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ كَالْقَمُولِيِّ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ حَيْثُ شَرَعَ فِيهَا فِي الْوَقْتِ نَوَى الْأَدَاءَ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ رَكْعَةً وَقَالَ الْإِمَامُ لَا وَجْهَ لِنِيَّةِ الْأَدَاءِ إذَا عَلِمَ أَنَّ الْوَقْتَ لَا يَسَعُهَا، بَلْ لَا يَصِحُّ وَاسْتَوْجَهَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ حَمْلَ كَلَامِ الْإِمَامِ عَلَى مَا إذَا نَوَى الْأَدَاءَ الشَّرْعِيَّ وَكَلَامَ الْأَصْحَابِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَنْوِهِ، وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَبِهِ أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ أَمْكَنَهُ إلَخْ) سَيَأْتِي نَظِيرُ هَذَا فِي الْقِبْلَةِ كَمَا لَوْ حَالَ حَائِلٌ وَأَمْكَنَهُ صُعُودَهُ

ص: 435

؛ لِأَنَّ فِيهِ مَشَقَّةً عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنَّمَا حَرُمَ عَلَى الْقَادِرِ عَلَى الْعِلْمِ بِالْقِبْلَةِ التَّقْلِيدُ وَلَوْ لِمُخْبِرٍ عَنْ عِلْمٍ لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ فَإِنَّهُ إذَا عَلِمَ عَيْنَ الْقِبْلَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً اكْتَفَى بِهَا مَا لَمْ يَنْتَقِلْ عَنْ ذَلِكَ الْمَحَلِّ، وَالْأَوْقَاتُ مُتَكَرِّرَةٌ فَيَعْسُرُ الْعِلْمُ كُلَّ وَقْتٍ وَلِلْمُنَجِّمِ الْعَمَلُ بِحِسَابِهِ وَلَا يُقَلِّدُهُ فِيهِ غَيْرُهُ

وَإِذَا أَخْبَرَ ثِقَةٌ عَنْ اجْتِهَادٍ لَمْ يَجُزْ لِقَادِرٍ تَقْلِيدُهُ إلَّا أَعْمَى الْبَصَرِ، أَوْ الْبَصِيرَةِ فَإِنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ تَقْلِيدِهِ، وَالِاجْتِهَادِ نَظَرًا لِعَجْزِهِ فِي الْجُمْلَةِ (بِوِرْدٍ) كَقِرَاءَةٍ وَدَرْسٍ (وَنَحْوِهِ) كَصَنْعَةٍ مِنْهُ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَصِيَاحِ دِيكٍ مُجَرَّبٍ وَكَثْرَةِ الْمُؤَذِّنِينَ يَوْمَ الْغَيْمِ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُمْ لِكَثْرَتِهِمْ لَا يُخْطِئُونَ، وَكَذَا ثِقَةٌ عَارِفٌ بِأَوْقَاتِ

إلَخْ) سَيَأْتِي نَظِيرُ هَذَا فِي الْقِبْلَةِ كَمَا لَوْ حَالَ حَائِلٌ وَأَمْكَنَهُ صُعُودَهُ لِرُؤْيَةِ الْكَعْبَةِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ لِلْمَشَقَّةِ وَيَجُوزُ تَقْلِيدُ الْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ فَلْيُتَأَمَّلْ بَعْدَ ذَلِكَ إطْلَاقُ قَوْلِهِ وَإِنَّمَا حَرُمَ إلَخْ سم (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ فِيهِ إلَخْ) أَيْ فَيَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ؛ لِأَنَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ: الْخُرُوجِ (قَوْلُهُ: وَلِلْمُنَجِّمِ إلَخْ) أَيْ: يَجُوزُ لَهُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَهُوَ مَنْ يَرَى أَنَّ أَوَّلَ الْوَقْتِ طُلُوعُ النَّجْمِ الْفُلَانِيِّ وَفِي مَعْنَاهُ الْحَاسِبُ وَهُوَ مَنْ يَعْتَمِدُ مَنَازِلَ النُّجُومِ وَتَقْدِيرَ سَيْرِهَا مُغْنِي وَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ مِثْلُهُ

(قَوْلُهُ: الْعَمَلُ بِحِسَابِهِ) أَيْ: جَوَازًا لَا وُجُوبًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ وَهُوَ شَامِلٌ لِمَا لَوْ عَجَزَ عَنْ الْيَقِينِ وَقَدْ يَنْظُرُ فِيهِ حِينَئِذٍ فَإِنَّ جَرَيَانَ الْعَادَةِ الْإِلَهِيَّةِ بِوُصُولِ النَّجْمِ الْمَخْصُوصِ إلَى الْمَحَلِّ الْمَخْصُوصِ فِي الْوَقْتِ الْمَخْصُوصِ أَقْوَى فِي إفَادَةِ الظَّنِّ بِدُخُولِ الْوَقْتِ مِنْ سَمَاعِ صَوْتِ الدِّيكِ فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى الْمَنْهَجِ نَقَلَ عَنْ م ر وُجُوبَ عَمَلِهِ بِحِسَابِهِ كَنَظِيرِهِ فِي الصَّوْمِ عِنْدَهُ بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ ع ش، بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَمَا نَقَلَهُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ عَنْ الشَّارِحِ م ر اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُقَلِّدُهُ فِيهِ غَيْرُهُ) سَيَأْتِي فِي الصَّوْمِ أَنَّ لِغَيْرِهِ الْعَمَلَ بِهِ فَيُحْتَمَلُ مَجِيئُهُ هُنَا وَأَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ أَمَارَاتِ دُخُولِ الْوَقْتِ أَكْثَرُ وَأَيْسَرُ مِنْ أَمَارَاتِ دُخُولِ رَمَضَانَ سم عَلَى حَجّ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْفَرْقِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ م ر فِي فَتَاوِيهِ ع ش عِبَارَةُ الْبُجَيْرِمِيِّ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ مَتَى غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُمَا أَيْ الْمُنَجِّمِ، وَالْحَاسِبِ جَازَ تَقْلِيدُهُمَا قِيَاسًا عَلَى الصَّوْمِ كَمَا فِي ع ش وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْحِفْنِيُّ اهـ عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ عَلَى شَرْحٍ بَافَضْلَ وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ الْمُغْنِي، وَالتُّحْفَةُ، وَالنِّهَايَةُ وَغَيْرُهَا عَدَمُ جَوَازِ تَقْلِيدِهِمَا هُنَا، وَكَذَلِكَ الصَّوْمُ فِي التُّحْفَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالْأَسْنَى

وَجَرَى الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَوَافَقَهُ الطَّبَلَاوِيُّ وَالْجَمَالُ الرَّمْلِيُّ عَلَى وُجُوبِ تَقْلِيدِهِمَا فِيهِ أَيْ الصَّوْمِ وَقَيَّدَهُ الْجَمَالُ الرَّمْلِيُّ بِمَا إذَا ظَنَّ صِدْقَهُمَا وَقَالَ سم الْقِيَاسُ الْوُجُوبُ إذَا لَمْ يَظُنَّ صِدْقَهُمَا وَلَا كَذِبَهُمَا وَهُمَا عَدْلَانِ اهـ.

(قَوْلُهُ: غَيْرُهُ) صَادِقٌ بِالْأَعْمَى وَقَدْ يُنْظَرُ فِيهِ بِأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ بِالتَّقْلِيدِ حَيْثُ سَاغَ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ لِقَادِرٍ تَقْلِيدُهُ) ؛ لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا يُقَلِّدُ مُجْتَهِدًا حَتَّى لَوْ أَخْبَرَهُ بِاجْتِهَادٍ أَنَّ صَلَاتَهُ وَقَعَتْ قَبْلَ الْوَقْتِ لَمْ يَلْزَمْهُ إعَادَتُهَا مُغْنِي وَشَرْحِ بَافَضْلَ وَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَعْمَى إلَخْ) مُنْقَطِعٌ بِالنِّسْبَةِ لِأَعْمَى الْبَصِيرَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقَادِرٍ عَلَى الِاجْتِهَادِ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ وَلِلْأَعْمَى كَالْبَصِيرِ الْعَاجِزِ تَقْلِيدُ مُجْتَهِدٍ لِعَجْزِهِ فِي الْجُمْلَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ مُخَيَّرٌ إلَخْ) كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَاَلَّذِي يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ غَيْرِهِمَا أَنَّ مَحَلَّ التَّخْيِيرِ فِي أَعْمَى الْبَصَرِ فَقَطْ دُونَ أَعْمَى الْبَصِيرَةِ وَهُوَ الَّذِي يُتَّجَهُ إذْ الْمُرَادُ بِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ الْعَاجِزُ عَنْ الِاجْتِهَادِ بَصْرِيٌّ أَيْ فَيَجِبُ عَلَيْهِ تَقْلِيدُ الْمُجْتَهِدِ بِشَرْطِهِ

(قَوْلُهُ: كَقِرَاءَةٍ إلَخْ) أَيْ: وَمُطَالَعَةٍ وَصَلَاةٍ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَصِيَاحُ دِيكٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُصَلِّي بِمُجَرَّدِ سَمَاعِ صَوْتِ الدِّيكِ وَنَحْوِهِ وَقَالَ شَيْخُنَا الْحَلَبِيُّ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ، بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَجْعَلُ ذَلِكَ عَلَامَةً يَجْتَهِدُ بِهَا كَأَنْ يَتَأَمَّلَ فِي الْخِيَاطَةِ الَّتِي فَعَلَهَا هَلْ أَسْرَعَ فِيهَا عَنْ عَادَتِهِ، أَوْ لَا؟ وَهَلْ أَذَّنَ الدِّيكُ قَبْلَ عَادَتِهِ بِأَنْ كَانَ ثَمَّ عَلَامَةٌ يُعْرَفُ بِهَا وَقْتُ أَذَانِهِ الْمُعْتَادِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا ذُكِرَ قَالَ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ اجْتَهَدَ بِوِرْدٍ وَنَحْوِهِ فَجَعَلَ الْوِرْدَ وَنَحْوَهُ آلَةً لِلِاجْتِهَادِ وَلَمْ يَقُلْ اعْتَمَدَ عَلَى وِرْدٍ وَنَحْوِهِ انْتَهَى وَهُوَ ظَاهِرٌ ع ش وَيَأْتِي عَنْ شَيْخِنَا وَالْبَصْرِيِّ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: دِيكٌ مُجَرَّبٌ) يُتَّجَهُ، أَوْ حَيَوَانٌ آخَرُ مُجَرَّبٌ سم (قَوْلُهُ: وَكَثْرَةُ الْمُؤَذِّنِينَ إلَخْ) ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ هُنَا وَتَقْيِيدُهُ مَا بَعْدَهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُمْ ثِقَاتٍ وَلَا عِلْمَهُمْ بِالْأَوْقَاتِ، وَالثَّانِي وَاضِحٌ فَإِنْ تَوَافَقَ اجْتِهَادَاتُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا عَارِفِينَ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ دُخُولُهُ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَمَحَلُّ تَأَمُّلٍ حَيْثُ لَمْ يَبْلُغُوا عَدَدَ التَّوَاتُرِ وَلَمْ يَقَعْ فِي الْقَلْبِ صِدْقُهُمْ، ثُمَّ مَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِيمَا يَظْهَرُ فِي مُسْتَقِلَّيْنِ أَمَّا لَوْ كَانُوا مُتَابِعَيْنِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ فِي مُؤَذِّنِي الْحَرَمَيْنِ فَالْحُكْمُ مُتَعَلِّقٌ بِمَتْبُوعِهِمْ فِيمَا يَظْهَرُ فَإِنْ كَانَ ثِقَةً عَارِفًا بِالْأَوْقَاتِ جَازَ عَلَى مُرَجَّحِ الْإِمَامِ النَّوَوِيِّ فَلْيُتَأَمَّلْ بَصْرِيٌّ

(قَوْلُهُ: وَكَذَا ثِقَةٌ عَارِفٌ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هُوَ فِي يَوْمِ الْغَيْمِ مُجْتَهِدٌ فَالتَّعْوِيلُ عَلَيْهِ فِي الْمَعْنَى تَقْلِيدٌ لِمُجْتَهِدٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ امْتِنَاعُهُ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ أَعْلَى رُتْبَةً مِنْ الْمُجْتَهِدِ فَهُوَ رُتْبَةٌ بَيْنَ الْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ، وَالْمُجْتَهِدِ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّ أَذَانَهُ عَنْ اجْتِهَادٍ امْتَنَعَ تَقْلِيدُهُ م ر اهـ سم

لِرُؤْيَةِ الْكَعْبَةِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ لِلْمَشَقَّةِ وَيَجُوزُ تَقْلِيدُ الْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ فَلْيُتَأَمَّلْ بَعْدَ ذَلِكَ إطْلَاقُ قَوْلِهِ وَإِنَّمَا حَرُمَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلِلْمُنَجِّمِ الْعَمَلُ بِحِسَابِهِ وَلَا يُقَلِّدُهُ فِيهِ غَيْرُهُ) سَيَأْتِي فِي الصَّوْمِ أَنَّ لِغَيْرِهِ الْعَمَلَ بِهِ فَيُحْتَمَلُ مَجِيئُهُ هُنَا وَأَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ أَمَارَاتِ دُخُولِ الْوَقْتِ أَكْثَرُ وَأَيْسَرُ مِنْ أَمَارَاتِ دُخُولِ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ: دِيكٍ مُجَرَّبٍ) يُتَّجَهُ، أَنَّ حَيَوَانًا آخَرَ مُجَرَّبٌ (قَوْلُهُ: وَكَذَا ثِقَةٌ عَارِفٌ بِالْأَوْقَاتِ يَوْمَهُ) أَيْ: يَوْمَ الْغَيْمِ قَدْ يُقَالُ هُوَ فِي يَوْمِهِ مُجْتَهِدٌ فَالتَّعْوِيلُ عَلَيْهِ فِي

ص: 436

يَوْمِهِ إذْ لَا يَتَقَاعَدُ عَنْ الدِّيكِ الْمُجَرَّبِ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ حُرْمَةُ الصَّلَاةِ وَعَدَمُ انْعِقَادِهَا مَعَ الشَّكِّ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ وَإِنْ بَانَ أَنَّهَا فِي الْوَقْتِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ظَنِّ دُخُولِهِ بِأَمَارَةٍ وَوَقَعَ فِي حَدِيثٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُد مَا ظَاهِرُهُ يُخَالِفُ ذَلِكَ فِي الْمُسَافِرِ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ وَاقِعَةُ حَالٍ مُحْتَمِلَةٍ أَنَّهَا لِلْمُبَالَغَةِ فِي الْمُبَادَرَةِ وَغَيْرِهَا، بَلْ عِنْدَ التَّأَمُّلِ لَا دَلَالَةَ فِيهِ أَصْلًا؛ لِأَنَّ قَوْلَ أَنَسٍ «كُنَّا إذَا كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي السَّفَرِ فَقُلْنَا زَالَتْ الشَّمْسُ، أَوْ لَمْ تَزُلْ صَلَّى الظُّهْرَ» ؛ لِأَنَّ الَّذِي فِيهِ أَنَّهُمْ إنَّمَا شَكُّوا قَبْلَ صَلَاتِهِ بِهِمْ لِاسْتِحَالَةِ شَكِّهِمْ مَعَهَا

عِبَارَةُ شَيْخِنَا وَهَذَا أَيْ الْعِلْمُ بِنَفْسِهِ بِدُخُولِ الْوَقْتِ الْمَرْتَبَةُ الْأُولَى وَمِثْلُهُ إخْبَارُ الثِّقَةِ عَنْ عِلْمٍ وَفِي مَعْنَاهُ أَذَانُ الْمُؤَذِّنِ الْعَارِفِ فِي الصَّحْوِ فَيُمْتَنَعُ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ مَعَهُ وَيَجُوزُ لَهُ تَقْلِيدُهُ فِي الْغَيْمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ إلَّا فِي الْوَقْتِ غَالِبًا نَعَمْ إنْ عَلِمَ أَنَّ أَذَانَهُ عَنْ اجْتِهَادٍ امْتَنَعَ تَقْلِيدُهُ وَلَوْ كَثُرَ الْمُؤَذِّنُونَ وَغَلَبَ عَلَى الظَّنِّ إصَابَتُهُمْ جَازَ اعْتِمَادُهُمْ مُطْلَقًا مَا لَمْ يَكُنْ بَعْضُهُمْ أَخَذَ مِنْ بَعْضٍ وَإِلَّا فَهُمْ كَالْمُؤَذِّنِ الْوَاحِدِ وَمِثْلُ الْعِلْمِ بِالنَّفْسِ أَيْضًا رُؤْيَةُ الْمَزَاوِلِ الصَّحِيحَةِ، وَالْمَنَاكِبِ الصَّحِيحَةِ، وَالسَّاعَاتِ الْمُجَرَّبَةِ وَبَيْتُ الْإِبْرَةِ لِعَارِفٍ بِهِ فَهَذَا كُلُّهُ أَيْ الْعِلْمُ بِنَفْسِهِ وَإِخْبَارُ الثِّقَةِ عَنْ عِلْمٍ وَأَذَانُهُ فِي الصَّحْوِ، وَالْمَزَاوِلُ، وَالْمَنَاكِبُ، وَالسَّاعَاتُ وَبَيْتُ الْإِبْرَةِ الصَّحِيحَةِ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ، وَالْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ الِاجْتِهَادُ بِوِرْدٍ مِنْ قُرْآنٍ، أَوْ دَرْسٍ، أَوْ مُطَالَعَةِ عِلْمٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ كَخِيَاطَةٍ وَصَوْتِ دِيكٍ، أَوْ نَحْوِهِ كَحِمَارٍ وَمَعْنَى الِاجْتِهَادِ بِذَلِكَ أَنْ يَتَأَمَّلَ فِيهِ كَأَنْ يَتَأَمَّلَ فِي الْخِيَاطَةِ هَلْ أَسْرَعَ فِيهَا، أَوْ لَا؟ وَفِي أَذَانِ الدِّيكِ هَلْ قَبْلَ عَادَتِهِ أَوْ لَا وَهَكَذَا وَمَعْنَى كَوْنِ الِاجْتِهَادِ مَرْتَبَةً ثَانِيَةً أَنَّهُ إنْ حَصَلَ الْعِلْمُ بِالنَّفْسِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْمَرْتَبَةِ الْأُولَى امْتَنَعَ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ كَانَ لَهُ الِاجْتِهَادُ، وَالْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ تَقْلِيدُ الْمُجْتَهِدِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الِاجْتِهَادِ فَلَا يُقَلِّدُ الْمُجْتَهِدَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الِاجْتِهَادِ وَهَذَا فِي حَقِّ الْبَصِيرِ

وَأَمَّا الْأَعْمَى فَلَهُ تَقْلِيدُ الْمُجْتَهِدِ وَلَوْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الِاجْتِهَادِ؛ لِأَنَّ شَأْنَهُ الْعَجْزُ اهـ بِحَذْفٍ وَعِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ عَلَى شَرْحِ بَافَضْلَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَرَاتِبَ سِتٌّ: أَحَدُهَا إمْكَانُ مَعْرِفَةِ الْوَقْتِ بِيَقِينٍ ثَانِيهَا وُجُودُ مَنْ يُخْبِرُ عَنْ عِلْمٍ ثَالِثُهَا رُتْبَةٌ دُونَ الْإِخْبَارِ عَنْ عِلْمٍ وَفَوْقَ الِاجْتِهَادِ وَهِيَ الْمَنَاكِيبُ الْمُحَرَّرَةُ، وَالْمُؤَذِّنُ الثِّقَةُ فِي الْغَيْمِ رَابِعُهَا إمْكَانُ الِاجْتِهَادِ مِنْ الْبَصِيرِ خَامِسُهَا إمْكَانُهُ مِنْ الْأَعْمَى سَادِسُهَا عَدَمُ إمْكَانِ الِاجْتِهَادِ مِنْ الْأَعْمَى، وَالْبَصِيرِ فَصَاحِبُ الْأُولَى يُخَيَّرُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الثَّانِيَةِ حَيْثُ وَجَدَ مَنْ يُخْبِرُ عَنْ عِلْمٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ خُيِّرَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الثَّالِثَةِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ الثَّالِثَةَ خُيِّرَ بَيْنَ الْأُولَى، وَالرَّابِعَةِ وَصَاحِبُ الثَّانِيَةِ لَا يَجُوزُ لَهُ الْعُدُولُ إلَى مَا دُونَهَا وَصَاحِبُ الثَّالِثَةِ يُخَيَّرُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الِاجْتِهَادِ وَصَاحِبُ الرَّابِعَةِ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّقْلِيدُ وَصَاحِبُ الْخَامِسَةِ تَخَيَّرَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ السَّادِسَةِ وَصَاحِبُ السَّادِسَةِ يُقَلِّدُ ثِقَةً عَارِفًا اهـ

(قَوْلُهُ: يَوْمَهُ) أَيْ: يَوْمَ الْغَيْمِ بِخِلَافِ يَوْمِ الصَّحْوِ كَمَا قَالَ فِي الْعُبَابِ وَأَذَانُ الْعَدْلِ الْعَارِفِ فِي الصَّحْوِ كَالْإِخْبَارِ عَنْ عِلْمٍ وَفِي الْغَيْمِ كَالْمُجْتَهِدِ لَكِنْ لِلْبَصِيرِ تَقْلِيدُهُ اهـ اهـ سم (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَتَقَاعَدُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هُوَ لَا يُقَلِّدُ الدِّيكَ، بَلْ يَجْتَهِدُ مَعَ سَمَاعِهِ فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ بِهِ دُخُولُ الْوَقْتِ عَمِلَ بِهِ فَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فِي سَمَاعِ الْمُؤَذِّنِ الثِّقَةِ الْعَارِفِ فِي يَوْمِ الْغَيْمِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى صَنِيعِ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَوَاضِحٌ وَإِنْ كَانَ يُقَلِّدُهُ بِمُجَرَّدِ اسْتِمَاعِهِ مِنْ غَيْرِ اجْتِهَادٍ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ غَيْرِهِ فَقِيَاسُهُ عَلَى الدِّيكِ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ يُعْرَفُ مِمَّا تَقَرَّرَ فَلْيُحَرَّرْ، وَكَذَا صَنِيعُهُ يَقْتَضِي أَنَّ كَثْرَةَ الْمُؤَذِّنِينَ مُسْتَنَدُ الِاجْتِهَادِ كَمَا هُوَ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّ الْمُصَرَّحَ بِهِ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّ اتِّبَاعَهُمْ تَقْلِيدٌ لَهُمْ فَلْيُتَأَمَّلْ بَصْرِيٌّ

(قَوْلُهُ: وَعُلِمَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي فَلَوْ صَلَّى بِلَا اجْتِهَادٍ أَعَادَ مُطْلَقًا لِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ وَعَلَى الْمُجْتَهِدِ التَّأْخِيرُ حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ دُخُولُ الْوَقْتِ وَتَأْخِيرُهُ إلَى خَوْفِ الْفَوَاتِ أَفْضَلُ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَوَقَعَ فِي حَدِيثٍ إلَخْ) الْأَوْلَى الْأَخْصَرُ وَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُد مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ فِي الْمُسَافِرِ لَا حُجَّةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: يُخَالِفُ ذَلِكَ) أَيْ: عَدَمَ الِانْعِقَادِ (قَوْلُهُ: وَغَيْرُهَا) أَيْ غَيْرُ الْمُبَالَغَةِ (قَوْلُهُ: كُنَّا إذَا إلَخْ) خَبَرٌ؛ لِأَنَّ وَقَوْلُهُ صَلَّى الظُّهْرَ جَوَابٌ إذَا، وَالْجُمْلَةُ الشَّرْطِيَّةُ جَوَابُ كَانَ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الَّذِي إلَخْ عِلَّةٌ لِعِلِّيَّةِ الْعِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَلَوْ حَذَفَ؛ لِأَنَّ لَكَانَ أَوْضَحَ وَأَخْصَرَ (قَوْلُهُ: لِاسْتِحَالَةِ شَكِّهِمْ إلَخْ) دَعْوَى الِاسْتِحَالَةِ لَا وَجْهَ لَهَا إذْ لَا مَانِعَ مِنْ تَجْوِيزِهِمْ وُقُوعَ صَلَاتِهِمْ قَبْلَ الزَّوَالِ بِنَاءً عَلَى تَجْوِيزِهِمْ اغْتِفَارَ ذَلِكَ لِلْمُسَافِرِ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ سم أَقُولُ وَيَمْنَعُ الظُّهُورَ مَا يُشْعِرُ بِهِ الْحَدِيثُ مِنْ كَوْنِهِ صلى الله عليه وسلم مُنْتَظِرًا مَعَهُمْ لِلزَّوَالِ (قَوْلُهُ:

الْمَعْنَى تَقْلِيدٌ لِمُجْتَهِدٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ امْتِنَاعُهُ فِي قَوْلِهِ وَإِذَا أَخْبَرَ ثِقَةٌ عَنْ اجْتِهَادٍ إلَخْ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ أَعْلَى رُتْبَةً مِنْ الْمُجْتَهِدِ وَلِذَا عَبَّرَ فِي الْعُبَابِ بِقَوْلِهِ كَالْمُجْتَهِدِ، وَالْعَادَةُ أَنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ إلَّا فِي الْوَقْتِ وَقَدْ يَكُونُ اعْتَمَدَ عَلَى أَمْرٍ أَقْوَى مِمَّا يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ الْمُجْتَهِدُ فَهُوَ أَبْعَدُ عَنْ الْخَطَأِ مِنْ الْمُجْتَهِدِ فَهُوَ رُتْبَةٌ بَيْنَ الْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ، وَالْمُجْتَهِدِ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّ أَذَانَهُ عَنْ اجْتِهَادٍ امْتَنَعَ تَقْلِيدُهُ م ر

(قَوْلُهُ: يَوْمَهُ) أَيْ: يَوْمَ الْغَيْمِ بِخِلَافِ يَوْمِ الصَّحْوِ كَمَا قَالَ فِي الْعُبَابِ وَأَذَانُ الْعَدْلِ الْعَارِفِ فِي الصَّحْوِ كَالْإِخْبَارِ عَنْ عِلْمٍ، وَفِي الْغَيْمِ كَالْمُجْتَهِدِ لَكِنْ لِلْبَصِيرِ تَقْلِيدُهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: لِاسْتِحَالَةِ شَكِّهِمْ مَعَهَا) دَعْوَى الِاسْتِحَالَةِ لَا وَجْهَ لَهَا إذْ لَا مَانِعَ مِنْ تَجْوِيزِهِمْ وُقُوعَ صَلَاتِهِمْ قَبْلَ الزَّوَالِ بِنَاءً عَلَى تَجْوِيزِهِمْ اغْتِفَارَ ذَلِكَ لِلْمُسَافِرِ

ص: 437

وَبِفَرْضِهِ هُوَ لَا عِبْرَةَ بِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَجُوزُ اعْتِمَادُ خَبَرِ الْعَدْلِ وَإِنْ شَكَّ فِيهِ إلْغَاءً لِلشَّكِّ وَاكْتِفَاءً بِوَصْفِ الْعَدَالَةِ فَفِعْلُهُ صلى الله عليه وسلم أَوْلَى بِذَلِكَ وَبِهَذَا يَتَّضِحُ انْدِفَاعُ قَوْلِ الْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ لَا يَبْعُدُ تَخْصِيصُ الْمُسَافِرِ بِمَا فِيهِ مِنْ جَوَازِ الظُّهْرِ عِنْدَ الشَّكِّ فِي الزَّوَالِ أَيْ مَثَلًا كَمَا خُصَّ بِالْقَصْرِ وَنَحْوِهِ

(فَإِنْ) اجْتَهَدَ وَصَلَّى، ثُمَّ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ (تَيَقَّنَ صَلَاتَهُ) أَيْ إحْرَامَهُ بِهَا (قَبْلَ الْوَقْتِ) وَلَوْ بِخَبَرِ عَدْلٍ رِوَايَةً عَنْ عِلْمٍ لَا اجْتِهَادٍ (قَضَى فِي الْأَظْهَرِ) لِفَوَاتِ شَرْطِهَا وَهُوَ الْوَقْتُ فَإِنْ تَيَقَّنَ فِي الْوَقْتِ أَعَادَ قَطَعَهَا قِيلَ لَوْ قَالَ أَعَادَ كَانَ أَوْلَى اهـ وَهُوَ وَهْمٌ لِمَا عَلِمْت أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إنَّمَا هُوَ فِي تَبَيُّنِ ذَلِكَ بَعْدَ الْوَقْتِ (وَإِلَّا) يَتَيَقَّنْهَا قَبْلَهُ وَلَوْ بَانَ لَمْ يَبْنِ الْحَالُ (فَلَا) قَضَاءَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ تَيَقُّنِ الْمُفْسِدِ

(فَرْعٌ)

صَلَّى فِي الْوَقْتِ، ثُمَّ وَصَلَ قَبْلَهُ لِبَلَدٍ يُخَالِفُ مَطْلَعُهَا مَطْلَعَ بَلَدِهِ لَزِمَهُ إعَادَتُهَا نَظِيرَ مَا يَأْتِي فِي الصَّوْمِ كَذَا بَحَثَ وَلَك أَنْ تَقُولَ إنْ أَرَادَ بِمَا يَأْتِي الْمُوَافَقَةَ مَعَهُمْ فِي الْآخِرِ صَوْمًا، أَوْ فِطْرًا فَلَيْسَ نَظِيرَ مَسْأَلَتِنَا لِاخْتِلَافِ يَوْمِ الرُّؤْيَةِ وَيَوْمِ الْمُوَافَقَةِ وَإِنَّمَا الَّذِي يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ نَظِيرُهَا أَنْ يَرَى بِبَلَدِهِ فَيَصُومَ، ثُمَّ يُسَافِرَ وَيَصِلَ أَثْنَاءَ يَوْمِهِ لِبَلَدٍ لَمْ يَرَ أَهْلَهُ وَحُكْمُ هَذِهِ لَمْ أَرَهُ صَرِيحًا، بَلْ كَلَامُهُمْ مُحْتَمِلٌ إذْ قَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِمْ بِأَنَّهُ بِالِانْتِقَالِ إلَيْهِمْ صَارَ مِثْلَهُمْ الْفِطْرُ وَقَضِيَّةُ تَخْصِيصِ الشُّرَّاحِ قَوْلَ الْحَاوِي، وَالْإِرْشَادِ فِطْرًا بِمَنْ سَافَرَ مِنْ بَلَدِ غَيْرِ الرُّؤْيَةِ إلَى بَلَدِهَا أَنَّهُ يَسْتَمِرُّ صَائِمًا وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ اسْتَنَدَ هُنَا إلَى حَقِيقَةِ الرُّؤْيَةِ فَلَمْ يُعَارِضْهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ إلَّا مَا هُوَ أَضْعَفُ مِنْهَا وَهُوَ اسْتِصْحَابُ الْمُنْتَقِلِ إلَيْهِمْ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَصْبَحَ آخِرَهُ صَائِمًا فَانْتَقَلَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لِبَلَدِ عَيَّدَ فَإِنَّهُ يُفْطِرُ؛ لِأَنَّهُ عَارَضَ الِاسْتِصْحَابَ مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ وَهُوَ الرُّؤْيَةُ وَعَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ خُفِّفَ فِيهَا مِنْ حَيْثُ الْوَقْتُ مَا لَمْ يُخَفِّفْ فِي رَمَضَانَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ غَيْرَهُ بِخِلَافِهَا فَاحْتِيطَ لَهُ أَكْثَرُ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ جَمَعَ تَقْدِيمًا، ثُمَّ دَخَلَ الْمَقْصِدَ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ لَمْ تَلْزَمْهُ إعَادَةُ الْعَصْرِ

ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ

وَبِفَرْضِهِ) أَيْ: بَقَاءُ الشَّكِّ مَعَ الصَّلَاةِ

(قَوْلُهُ: وَبِهَذَا) أَيْ: بِقَوْلِهِ وَوَقَعَ فِي حَدِيثٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: انْدِفَاعُ قَوْلِ الْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ إلَخْ) كَلَامُ الْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ قَرِيبٌ وَلَكِنَّ الْأَقْرَبَ الْأَوْفَقَ بِقَوَاعِدِهِ الْحَمْلُ عَلَى أَنَّهُ مُبَالَغَةٌ فِي الْمُبَادَرَةِ سم (قَوْلُهُ: بِمَا فِيهِ) أَيْ: فِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُد، وَالْبَاءُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمَقْصُورَةِ وَقَوْلُ الْكُرْدِيِّ أَيْ بِالشَّيْءِ الَّذِي يَجُوزُ فِعْلُهُ فِي السَّفَرِ اهـ سَبْقُ قَلَمٍ (قَوْلُهُ: مِنْ جَوَازٍ إلَخْ) بَيَانٌ لِمَا

(قَوْلُهُ: اجْتَهَدَ) إلَى الْفَرْعِ فِي النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ لَا عَنْ اجْتِهَادٍ (قَوْلُهُ: قِيلَ) إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَيَقَّنَ) أَيْ: وُقُوعَ صَلَاتِهِ قَبْلَ الْوَقْتِ. وَ (قَوْلُهُ: فِي الْوَقْتِ) أَيْ، أَوْ قَبْلَهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (قَضَى إلَخْ) حَتَّى لَوْ فُرِضَ أَنَّهُ صَلَّى الصُّبْحَ مَثَلًا سَنَتَيْنِ قَبْلَ الْوَقْتِ لَزِمَهُ أَنْ يَقْضِيَ صَلَاةً فَقَطْ وَبَيَانُهُ أَنَّ صَلَاةَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ تُقْضَى بِصَلَاةِ الْيَوْمِ الثَّانِي، وَالثَّانِي بِالثَّالِثِ وَهَكَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْأَدَاءِ وَلَا نِيَّةُ الْقَضَاءِ وَأَنَّهُ يَصِحُّ الْأَدَاءُ بِنِيَّةِ الْقَضَاءِ وَعَكْسُهُ عِنْدَ الْجَهْلِ بِالْوَقْتِ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ مُغْنِي

(قَوْلُهُ: فِي تَبَيُّنِ ذَلِكَ) أَيْ: وُقُوعِ صَلَاتِهِ قَبْلَ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: يَتَيَقَّنُهَا قَبْلَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ وُقُوعَهَا قَبْلَ الْوَقْتِ بِأَنْ لَمْ يَبِنْ الْحَالُ، أَوْ بَانَ وُقُوعُهَا فِيهِ، أَوْ بَعْدَهُ اهـ قَالَ ع ش (فَرْعٌ)

سُئِلَ م ر عَمَّنْ اجْتَهَدَ فِي الْوَقْتِ لِنَحْوِ غَيْمٍ وَصَلَّى وَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ الْحَالُ لَكِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ صَلَاتَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي هَذَا الْجَوَابِ بِأَنَّهُ حَيْثُ بَنَى فِعْلَهُ عَلَى الِاجْتِهَادِ لَا يَنْقُضُ إلَّا بِتَبَيُّنِ خِلَافِهِ وَمُجَرَّدُ ظَنِّ أَنَّهَا وَقَعَتْ قَبْلَ الْوَقْتِ لَا أَثَرَ لَهُ، بَلْ الْقِيَاسُ أَنَّهُ لَوْ اجْتَهَدَ ثَانِيًا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَأَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى خِلَافِ مَا بَنَى عَلَيْهِ فِعْلَهُ الْأَوَّلَ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ اهـ

(قَوْلُهُ: فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ) ظَاهِرُهُ لَا وُجُوبًا وَلَا نَدْبًا وَلَوْ قِيلَ بِالنَّدْبِ لِتَرَدُّدِهِ فِي الْفِعْلِ هَلْ وَقَعَ فِي الْوَقْتِ، أَوْ لَا؟ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا ع ش (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ تَيَقُّنِ الْمُفْسِدِ) لَكِنَّ الْوَاقِعَةَ بَعْدَ الْوَقْتِ قَضَاءً لَا إثْمَ فِيهِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ

(قَوْلُهُ: ثُمَّ وَصَلَ قَبْلَهُ) أَيْ: الْوَقْتِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ قَبْلَ خُرُوجِهِ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ فَيَشْمَلُ صُورَتَيْنِ (قَوْلُهُ: يُخَالِفُ مَطْلَعُهَا مَطْلَعَ بَلَدِهِ) أَيْ وَيَدْخُلُ أَوْقَاتُ صَلَوَاتِهَا بَعْدَ أَوْقَاتِ صَلَوَاتِ بَلَدِهِ (قَوْلُهُ: كَذَا بَحَثَ) اعْتَمَدَهُ م ر اهـ سم أَيْ وِفَاقًا لِوَالِدِهِ وَأَقَرَّهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لِاخْتِلَافِ يَوْمِ الرُّؤْيَة وَيَوْم الْمُوَافَقَةِ) قَدْ يُقَالُ الِاخْتِلَافُ حَاصِلٌ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ أَيْضًا إذْ يَوْمُ الرُّؤْيَةِ فِي مَسْأَلَةِ الصَّوْمِ نَظِيرُهُ هُنَا وَقْتُ الصَّلَاةِ الَّذِي دَخَلَ بِبَلَدِهِ وَيَوْمُ الْمُوَافَقَةِ فِيهَا نَظِيرُهُ هُنَا وَقْتُ الصَّلَاةِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي وَصَلَ إلَيْهِ وَكَوْنُ الْمُخْتَلِفِ هُنَا وَقْتَيْنِ وَفِي مَسْأَلَةِ الصَّوْمِ يَوْمَيْنِ لَا أَثَرَ لَهُ فِي الْفَرْقِ سم

(قَوْلُهُ: لَمْ يَرَ أَهْلَهُ) أَيْ: بِسَبَبِ اخْتِلَافِ الْمَطَالِعِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَحُكْمُ هَذِهِ) أَيْ مَسْأَلَةِ أَنْ يَرَى بِبَلَدِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: إذْ قَضِيَّتُهُ إلَخْ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ الْآتِي الْفِطْرُ وَقَوْلُهُ تَعْلِيلُهُمْ أَيْ لِمَا يَأْتِي فِي الصَّوْمِ مِنْ الْمُوَافَقَةِ مَعَهُمْ فِي الْآخِرِ إلَخْ وَقَوْلُهُ فِطْرًا أَيْ الْمُوَافَقَةُ مَعَهُمْ فِي الْفِطْرِ (قَوْلُهُ: بِمَنْ سَافَرَ إلَخْ) الْبَاءُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمَقْصُورِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ إنَّهُ يَسْتَمِرُّ إلَخْ خَبَرٌ وَقَضِيَّةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيُوَجَّهُ) أَيْ: اسْتِمْرَارُ الصَّوْمِ (قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ: فِي السَّفَرِ مِنْ بَلَدِ الرُّؤْيَةِ إلَى غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: آخِرَهُ) أَيْ: آخِرَ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ: لِبَلَدِ عَيَّدَ) أَيْ: لِبَلَدِ عَيَّدَ أَهْلُهَا بِالرُّؤْيَةِ بِسَبَبِ اخْتِلَافِ الْمَطَالِعِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ) وَهُوَ الْفِطْرِ فِي مَسْأَلَتِنَا وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَرَضِيٍّ (يُفَرَّقُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ إلَخْ) أَيْ وَعَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي لَا إشْكَالَ؛ لِأَنَّا لَمْ نُلْزِمْهُ بِمُوَافَقَتِهِمْ فِي الْفِطْرِ فَكَذَا فِي الصَّلَاةِ بَاقُشَيْرٍ وَقَوْلُهُ فِي مَسْأَلَتِنَا يَعْنِي فِي مَسْأَلَةِ أَنْ يَرَى بِبَلَدِهِ فَيَصُومَ إلَخْ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ) أَيْ: رَمَضَانَ

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِهَا) أَيْ: الصَّلَاةِ مِنْ حَيْثُ الْوَقْتُ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ إلَخْ) إنْ كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى الْفَرْقِ فَمُحْتَاجٌ

فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: قَوْلِ الْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ لَا يَبْعُدُ إلَخْ) كَلَامُ الْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ قَرِيبٌ وَلَكِنَّ الْأَقْرَبَ الْأَوْفَقَ بِقَوَاعِدِهِ الْحَمْلُ عَلَى أَنَّهُ لِلْمُبَالَغَةِ فِي الْمُبَادَرَةِ

(قَوْلُهُ: كَذَا بَحَثَ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: لِاخْتِلَافِ يَوْمِ الرُّؤْيَةِ وَيَوْمِ الْمُوَافَقَةِ) قَدْ يُقَالُ الِاخْتِلَافُ حَاصِلٌ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ أَيْضًا إذْ يَوْمُ الرُّؤْيَةِ فِي مَسْأَلَةِ الصَّوْمِ نَظِيرُهُ هُنَا وَقْتُ الصَّلَاةِ الَّذِي دَخَلَ بِبَلَدِهِ وَيَوْمُ الْمُوَافَقَةِ فِيهَا نَظِيرُهُ هُنَا وَقْتُ الصَّلَاةِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي وَصَلَ إلَيْهِ وَكَوْنُ الْمُخْتَلِفِ هُنَا وَقْتَيْنِ

ص: 438

رَجَّحَ مُقْتَضَى هَذَا فَقَالَ الْأَقْرَبُ عَدَمُ لُزُومِ الْإِعَادَةِ كَصَبِيٍّ صَلَّى، ثُمَّ بَلَغَ فِي الْوَقْتَ

(وَيُبَادِرُ بِالْفَائِتِ) الَّذِي عَلَيْهِ وُجُوبًا إنْ فَاتَ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَإِلَّا كَنَوْمٍ لَمْ يَتَعَدَّ بِهِ وَنِسْيَانٍ كَذَلِكَ بِأَنْ لَمْ يَنْشَأْ عَنْ تَقْصِيرٍ بِخِلَافِ مَا إذَا نَشَأَ عَنْهُ كَلَعِبِ شِطْرَنْجٍ، أَوْ كَجَهْلٍ بِالْوُجُوبِ وَعُذْرٍ فِيهِ بِبُعْدِهِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ إكْرَاهٍ عَلَى التَّرْكِ، أَوْ التَّلَبُّسِ بِالْمُنَافِي فَنَدَبَا تَعْجِيلًا لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ (وَيُسَنُّ تَرْتِيبُهُ وَتَقْدِيمُهُ) إنْ فَاتَ بِعُذْرٍ (عَلَى الْحَاضِرَةِ الَّتِي لَا يَخَافُ فَوْتَهَا) وَإِنْ خَشِيَ فَوْتَ جَمَاعَتِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَ ذَلِكَ وَلِلِاتِّبَاعِ وَلَمْ يَجِبْ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَكَقَضَاءِ رَمَضَانَ، وَالتَّرْتِيبُ فِي الْمُؤَدَّيَانِ إنَّمَا هُوَ لِضَرُورَةِ الْوَقْتِ وَفِعْلُهُ صلى الله عليه وسلم الْمُجَرَّدُ لِلنَّدْبِ وَقُدِّمَ

إلَى التَّأَمُّلِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: رَجَّحَ) أَيْ فِي مَسْأَلَتِنَا، وَ (قَوْلُهُ: مُقْتَضَى هَذَا) أَيْ قَوْلِهِ لَوْ جَمَعَ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَصَبِيٍّ صَلَّى إلَخْ) قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الصَّبِيَّ أَدَّى وَظِيفَةَ الْوَقْتِ مُطْلَقًا وَهَذَا لَمْ يُؤَدِّهَا بِاعْتِبَارِ الْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ الَّذِي ثَبَتَ حُكْمُهُ عَلَيْهِ سم وَقَدْ يَمْنَعُ دَعْوَى الْإِطْلَاقِ بِأَنَّ الصَّبِيَّ إنَّمَا أَدَّى الْوَظِيفَةَ بِاعْتِبَارِ نَدْبِهَا لَا وُجُوبِهَا

(قَوْلُهُ: الَّذِي) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ لَمْ يَتَعَدَّ بِهِ وَقَوْلُهُ كَذَلِكَ إلَى فَنُدِبَا (قَوْلُهُ: وُجُوبًا إلَخْ) لَا يُنَافِي الْبِدَارُ الْوَاجِبُ تَرْكَ التَّرْتِيبِ وَتَقْدِيمَ الرَّاتِبَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ م ر سم أَيْ خِلَافًا لِلشَّارِحِ، وَالْمُغْنِي كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ عُذْرٍ) قَدْ مَرَّ أَنَّ مَنْ أَفْسَدَ الصَّلَاةَ فِي وَقْتِهَا لَا تَصِيرُ قَضَاءً خِلَافًا لِلْمُتَوَلِّي وَمَنْ تَبِعَهُ لَكِنْ تَجِبُ إعَادَتُهَا فَوْرًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْعُبَابِ كَذَا فِي الْمُغْنِي وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا كَانَ بِغَيْرِ عُذْرٍ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ قَالَ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا تَجِبُ إعَادَتُهَا فَوْرًا اهـ اهـ بَصْرِيٌّ أَيْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ بِعُذْرٍ، أَوْ بِدُونِهِ كَمَا مَرَّ عَنْ ع ش

(قَوْلُهُ: لَمْ يَتَعَدَّ بِهِ) أَيْ: بِأَنْ كَانَ قَبْلَ الْوَقْتِ، أَوْ بَعْدَهُ لَكِنْ غَلَبَهُ وَلَمْ يُمْكِنْهُ دَفْعُهُ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَسْتَيْقِظُ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُهَا وَطُهْرَهَا (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَنْشَأْ عَنْ تَقْصِيرِهِ بِخِلَافٍ إلَخْ) وَبِهَذَا يُخَصَّصُ خَبَرُ «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ، وَالنِّسْيَانُ» وَبَقِيَ مَا لَوْ دَخَلَ الْوَقْتُ وَعَزَمَ عَلَى الْفِعْلِ، ثُمَّ تَشَاغَلَ فِي مُطَالَعَةٍ، أَوْ صَنْعَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ وَهُوَ غَافِلٌ هَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ هَذَا نِسْيَانٌ لَمْ يَنْشَأْ عَنْ تَقْصِيرٍ مِنْهُ كَمَا حُكِيَ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ أَنَّهُ شَرَعَ فِي الْمُطَالَعَةِ بَعْدَ الْعِشَاءِ فَاسْتَغْرَقَ فِيهَا حَتَّى لَذَعَهُ حَرُّ الشَّمْسِ فِي جَبْهَتِهِ ع ش (قَوْلُهُ: فَنُدِبَا) وَلَوْ تَيَقَّظَ مِنْ نَوْمِهِ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ مَا لَا يَسَعُ إلَّا الْوُضُوءَ، أَوْ بَعْضَهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ فَاتَتْهُ بِعُذْرٍ فَلَا يَجِبُ قَضَاؤُهَا فَوْرًا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نِهَايَةٌ قَالَ ع ش قَوْلُهُ: م ر مَا لَا يَسَعُ إلَّا الْوُضُوءَ إلَخْ أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ اسْتَيْقَظَ وَقَدْ بَقِيَ مَا يَسَعُ الْوُضُوءَ وَبَعْضَ الصَّلَاةِ كَالتَّحَرُّمِ وَجَبَ فِعْلُهُ حَتَّى لَوْ أَخَّرَ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ عَصَى بِذَلِكَ وَوَجَبَ قَضَاؤُهَا فَوْرًا وَمِثْلُ الْوُضُوءِ الْغُسْلُ مِنْ الْجَنَابَةِ، بَلْ كُلُّ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّةُ الصَّلَاةِ كَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ مِنْ بَدَنِهِ وَسِتْرِ عَوْرَتِهِ اهـ

(قَوْلُهُ: تَعْجِيلًا إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلْمَتْنِ الشَّامِلِ لِلْوُجُوبِ، وَالنَّدْبِ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيُسَنُّ تَرْتِيبُهُ) أَيْ: الْفَائِتُ فَيَقْضِي الصُّبْحَ قَبْلَ الظُّهْرِ وَهَكَذَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (وَتَقْدِيمُهُ إلَخْ) وَمَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعِشَاءِ هَلْ لَهُ صَلَاةُ الْوِتْرِ قَبْلَ قَضَائِهَا وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا عَدَمُ الْجَوَازِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: إنْ فَاتَ بِعُذْرٍ) قَيْدٌ فِيهِمَا وَمِثْلُهُ فِي الْأَوَّلِ لَوْ فَاتَتْ كُلُّهَا بِغَيْرِ عُذْرٍ فِيمَا يَظْهَرُ بَصْرِيٌّ وَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ قَوْلُ النِّهَايَةِ وَأَطْلَقَ الْأَصْحَابُ تَرْتِيبَ الْفَوَائِتِ فَاقْتَضَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَفُوتَ كُلُّهَا بِعُذْرٍ، أَوْ عَمْدًا، أَوْ بَعْضُهَا بِعُذْرٍ وَبَعْضُهَا بِغَيْرِ عُذْرٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ وَقَوْلُ الْمُغْنِي قَدْ أَطْلَقُوا اسْتِحْبَابَ تَرْتِيبِ الْفَوَائِتِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا فَاتَتْ كُلُّهَا بِعُذْرٍ، أَوْ غَيْرِهِ فَإِنْ فَاتَ بَعْضُهَا بِعُذْرٍ وَبَعْضُهَا بِغَيْرِ عُذْرٍ وَجَبَ قَضَاءُ مَا فَاتَ بِلَا عُذْرٍ عَلَى الْفَوْرِ كَمَا مَرَّ وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يُقَالُ تَجِبُ الْبُدَاءَةُ بِهِ اهـ وَقَوْلُهُ فَقَدْ يُقَالُ إلَخْ خِلَافًا لِمَا مَرَّ عَنْ النِّهَايَةِ وَوِفَاقًا لِمَا يَأْتِي فِي الشَّارِحِ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ خَشِيَ) إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ شَكَّ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ بِأَنْ يَقَعَ إلَى وَيَجِبُ (قَوْلُهُ: مَنْ أَوْجَبَ ذَلِكَ) أَيْ: الْمَذْكُورَ مِنْ التَّرْتِيبِ، وَالتَّقْدِيمِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَلِلِاتِّبَاعِ) فَإِنَّهُ صلى الله عليه وسلم «فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَصَلَّاهَا بَعْدَ الْغُرُوبِ، ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ» مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَجِبْ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَإِنْ لَمْ يُرَتِّبْ وَلَمْ يُقَدِّمْ الْفَائِتَةَ جَازَ؛ لِأَنَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَكَقَضَاءِ رَمَضَانَ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ إلَخْ قَالَ الْكُرْدِيُّ أَيْ كَمَا يُسَنُّ تَقْدِيمُ قَضَاءِ رَمَضَانَ عَلَى رَمَضَانَ آخَرَ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ التَّقْدِيمَ هُنَا وَاجِبٌ كَمَا يَأْتِي فِي الصِّيَامِ فَتَعَيَّنَ أَنَّهُ عِلَّةٌ لِعَدَمِ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ صَنِيعِ الْمُغْنِي

(قَوْلُهُ: لِضَرُورَةِ الْوَقْتِ) أَيْ فَإِنَّهُ حِينَ وَجَبَ الصُّبْحُ لَمْ يَجِبْ الظُّهْرُ مُغْنِي (قَوْلُهُ: الْمُجَرَّدُ) أَيْ: عَنْ قَيْدِ الْإِيجَابِ سم (قَوْلُهُ: وَقَدَّمَ) أَيْ: تَقْدِيمُ الْفَائِتِ عَلَى

وَمَسْأَلَةُ الصَّوْمِ يَوْمَيْنِ لَا أَثَرَ لَهُ فِي الْفَرْقِ (قَوْلُهُ: كَصَبِيٍّ صَلَّى، ثُمَّ بَلَغَ) قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الصَّبِيَّ أَدَّى وَظِيفَةَ الْوَقْتِ مُطْلَقًا وَهَذَا لَمْ يُؤَدِّهَا بِاعْتِبَارِ الْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ الَّذِي ثَبَتَ حُكْمُهُ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ: وُجُوبًا) لَا يُنَافِي الْبِدَارُ الْوَاجِبُ تَرْكَ التَّرْتِيبِ وَتَقْدِيمَ الرَّاتِبَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ م ر (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ تَرْتِيبُهُ) أَيْ سَوَاءٌ فَاتَ بِعُذْرٍ، أَوْ لَا فَيَجُوزُ تَرْكُ التَّرْتِيبِ وَإِنْ كَانَ الْفَوَاتُ بِغَيْرِ عُذْرٍ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ اسْتِحْبَابُ التَّرْتِيبِ وَإِنْ وَجَبَ الْبِدَارُ؛ لِأَنَّ تَقْدِيمَ مَا وَجَبَ الْبِدَارُ فِيهِ أَيْضًا عَلَى مَا تَقَدَّمَهُ لَا يُنَافِي الْبِدَارَ كَمَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ الرَّاتِبَةِ الْقَبْلِيَّةَ عَلَى مَا وَجَبَ فِيهِ الْبِدَارُ م ر (قَوْلُهُ: وَفِعْلُهُ صلى الله عليه وسلم الْمُجَرَّدُ لِلنَّدْبِ) كَأَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى قَوْلِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ، وَالنَّدْبُ أَيْ وَيَخُصُّ النَّدْبُ مُجَرَّدَ قَصْدِ الْقُرْبَةِ أَيْ عَنْ

ص: 439

عَلَى الْجَمَاعَةِ مَعَ كَوْنِهِ سُنَّةً وَهِيَ فَرْضُ كِفَايَةٍ لِاتِّفَاقِ مُوجِبِيهِ عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ لِلصِّحَّةِ وَقَوْلُ أَكْثَرِ مُوجِبِيهَا عَيْنًا أَنَّهَا لَيْسَتْ شَرْطًا لِلصِّحَّةِ فَكَانَتْ رِعَايَةُ الْخِلَافِ فِيهِ آكَدَ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا لِلْإِسْنَوِيِّ وَغَيْرِهِ هُنَا أَمَّا إذَا خَافَ فَوْتَ الْحَاضِرَةِ بِأَنْ يَقَعَ بَعْضُهَا

وَإِنْ قَلَّ خَارِجَ الْوَقْتِ فَيَلْزَمُهُ الْبُدَاءَةُ بِهَا لِحُرْمَةِ خُرُوجِ بَعْضِهَا عَنْ الْوَقْتِ مَعَ إمْكَانِ فِعْلِ كُلِّهَا فِيهِ وَيَجِبُ تَقْدِيمُ مَا فَاتَ بِغَيْرِ عُذْرٍ عَلَى مَا فَاتَ بِعُذْرٍ وَإِنْ فُقِدَ التَّرْتِيبُ؛ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ، وَالْبِدَارُ وَاجِبٌ وَمِنْ ثَمَّ وَجَبَ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْحَاضِرَةِ إنْ اتَّسَعَ وَقْتُهَا، بَلْ لَا يَجُوزُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِمَنْ عَلَيْهِ فَائِتَةٌ بِغَيْرِ عُذْرٍ أَنْ يَصْرِفَ زَمَنًا لِغَيْرِ قَضَائِهَا كَالتَّطَوُّعِ إلَّا مَا يُضْطَرُّ إلَيْهِ لِنَحْوِ نَوْمٍ، أَوْ مُؤْنَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ، أَوْ لِفِعْلِ وَاجِبٍ آخَرَ مُضَيَّقٍ يُخْشَى فَوْتُهُ وَلَوْ تَذَكَّرَ فَائِتَةً وَهُوَ فِي حَاضِرَةٍ لَمْ يَقْطَعْهَا مُطْلَقًا، أَوْ شَرَعَ فِي فَائِتَةٍ ظَانًّا سَعَةَ وَقْتِ الْحَاضِرَةِ فَبَانَ ضِيقُهُ لَزِمَهُ قَطْعُهَا وَلَوْ شَكَّ فِي قَدْرِ فَوَائِتَ عَلَيْهِ لَزِمَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِكُلِّ مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ فِعْلَهُ، أَوْ بَعْدَ الْوَقْتِ فِي فِعْلِ مُؤَدَّاتِهِ لَزِمَهُ قَضَاؤُهَا، أَوْ فِي كَوْنِهَا عَلَيْهِ فَلَا.

وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ شَكَّهُ فِي اللُّزُومِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْفِعْلِ شَكٌّ فِي اسْتِجْمَاعِ شُرُوطِ اللُّزُومِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ بِخِلَافِهِ فِي الْفِعْلِ فَإِنَّهُ مُسْتَلْزِمٌ لِتَيَقُّنِ اللُّزُومِ، وَالشَّكُّ فِي الْمُسْقِطِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا تَجُوزُ إعَادَةُ الْفَرْضِ فِي غَيْرِ جَمَاعَةٍ إلَّا إنْ شَكَّ فِي شَرْطٍ لَهُ، أَوْ جَرَى فِي صِحَّتِهِ خِلَافٌ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ حَدِيثِ الصُّبْحِ الَّتِي نَامُوا عَنْهَا مَا يَقْتَضِي عَلَى مَا زَعَمَهُ شَارِحُ نَدْبِ فِعْلِهَا ثَانِيًا فِي مِثْلِ وَقْتِهَا مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي قَالَ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ عَزِيزَةٌ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهَا اهـ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ لِمَا عَلِمْت أَنَّ قَوَاعِدَنَا تَقْتَضِي حُرْمَةَ ذَلِكَ وَلَا حُجَّةَ فِي تِلْكَ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّ لَفْظَهَا «صَلُّوهَا الْغَدَ لِوَقْتِهَا» أَيْ لَا تَظُنُّوا أَنَّ وَقْتَهَا تَغَيَّرَ بِصَلَاتِنَا لَهَا فِي غَيْرِهِ، بَلْ دُومُوا عَلَى مَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ صَلَاتِهَا فِي وَقْتِهَا وَيُؤَيِّدُهُ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمَّا صَلَّى بِهِمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا نَقْضِيهَا لِوَقْتِهَا مِنْ الْغَدِ قَالَ نَهَاكُمْ رَبُّكُمْ عَنْ الرِّبَا وَيَقْبَلُهُ مِنْكُمْ» فَهَذَا صَرِيحٌ فِيمَا قُلْنَاهُ مِنْ مَعْنَى تِلْكَ الرِّوَايَةِ، بَلْ فِي حُرْمَةِ فِعْلِ الْفَائِتَةِ ثَانِيًا

الْحَاضِرَةِ (عَلَى الْجَمَاعَةِ) أَيْ: جَمَاعَةِ الْحَاضِرَةِ (مَعَ كَوْنِهِ) أَيْ: التَّقْدِيمِ (قَوْلُهُ: لِاتِّفَاقِ مُوجِبِيهِ) كَالسَّادَةِ الْحَنَفِيَّةِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ) أَيْ: تَقْدِيمَ الْفَائِتَةِ مُطْلَقًا عَلَى الْحَاضِرَةِ (شَرْطٌ لِلصِّحَّةِ) أَيْ: صِحَّةِ الْحَاضِرَةِ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ أَكْثَرِ إلَخْ) مِنْهُمْ الْإِمَامُ أَحْمَدُ (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ: فِي التَّقْدِيمِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَقَعَ بَعْضُهَا إلَخْ) وَجَرَى شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَالشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ، وَالنِّهَايَةُ، وَالْمُغْنِي عَلَى اسْتِحْبَابِ التَّرْتِيبِ إذَا أَمْكَنَهُ إدْرَاكُ رَكْعَةٍ مِنْ الْحَاضِرَةِ فِي الْوَقْتِ وَحَمَلُوا إطْلَاقَ تَحْرِيمِ إخْرَاجِ بَعْضِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ إلَخْ) وِفَاقًا لِلْمُغْنِي وَخِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالطَّبَلَاوِيِّ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ فُقِدَ التَّرْتِيبُ إلَخْ) يُفِيدُ فِيمَنْ فَاتَهُ الظُّهْرُ، وَالْعَصْرُ بِعُذْرٍ، وَالْمَغْرِبُ، وَالْعِشَاءُ بِغَيْرِ عُذْرٍ وُجُوبُ تَقْدِيمِ الْأَخِيرَيْنِ عَلَيْهِمَا لَكِنْ أَفْتَى م ر بِأَنَّ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ اسْتِحْبَابَ التَّرْتِيبِ تَقْدِيمُ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ مُطْلَقًا وَإِنْ خَالَفَ الْأَذْرَعِيُّ فِي ذَلِكَ اهـ أَيْ: وَالتَّرْتِيبُ الْمَطْلُوبُ لَا يُنَافِي الْبِدَارَ؛ لِأَنَّهُ مُشْتَغِلٌ بِالْعِبَادَةِ وَغَيْرُ مُقَصِّرٍ كَمَا أَنَّ تَقْدِيمَ رَاتِبَةِ الْمَقْضِيَّةِ الْقَبْلِيَّةَ عَلَيْهَا لَا يُنَافِي الْبِدَارَ الْوَاجِبَ خِلَافًا لِمَنْ خَالَفَ م ر اهـ سم (قَوْلُهُ: كَالتَّطَوُّعِ) أَيْ: يَأْثَمُ بِهِ مَعَ الصِّحَّةِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَذَكَّرَ) إلَى قَوْلِهِ وَيُفَرَّقُ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقْطَعْهَا) أَيْ: وَجَبَ عَلَيْهِ إتْمَامُ الْحَاضِرَةِ، ثُمَّ يَقْضِي الْفَائِتَةَ وَيُسَنُّ لَهُ إعَادَةُ الْحَاضِرَةِ نِهَايَةٌ أَيْ وَلَوْ مُنْفَرِدًا وَبَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ قَالَ بِبُطْلَانِهَا إذَا عَلِمَ بِالْفَائِتَةِ قَبْلَ فَرَاغِ الْحَاضِرَةِ ع ش

(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: ضَاقَ وَقْتُهَا أَمْ اتَّسَعَ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: سَعَةَ وَقْتٍ إلَخْ) بِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِهَا ع ش (قَوْلُهُ: فَبَانَ ضِيقُهُ) أَيْ: عَنْ إدْرَاكِهَا مُؤَدَّاةً وَلَوْ بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ فِي الْوَقْتِ عَلَى قِيَاسِ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ، بَلْ أَوْلَى كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ سم أَيْ وَعَنْ إدْرَاكِهَا بِتَمَامِهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ قَطْعُهَا) هَلَّا سُنَّ قَلْبُهَا، وَالسَّلَامُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ فَرَاجِعْ، ثُمَّ رَأَيْت م ر قَالَ إنَّهُ يُسَنُّ قَلْبُهَا نَفْلًا سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَيُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِهِ وَجَبَ قَطْعُهَا عَلَى مَعْنَى امْتَنَعَ إتْمَامُهَا فَرْضًا فَلَا يُنَافِي سَنُّ قَلْبِهَا نَفْلًا ع ش زَادَ الْبُجَيْرِمِيُّ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَقُمْ لِثَالِثَةٍ وَإِلَّا وَجَبَ قَطْعُهَا وَقَالَ شَيْخُنَا الْحِفْنِيُّ وَيُشْتَرَطُ لِنَدْبِ قَلْبِهَا نَفْلًا أَنْ يَكُونَ فِي الثَّانِيَةِ فَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِهَا مِنْ أُولَى، أَوْ ثَالِثَةٍ كَانَ الْقَلْبُ مُبَاحًا اهـ

(قَوْلُهُ: أَوْ فِي كَوْنِهَا عَلَيْهِ) أَيْ كَمَا لَوْ انْقَطَعَ دَمُ الْحَائِضِ، أَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ وَشَكَّ فِي أَنَّ ذَلِكَ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ، أَوْ بَعْدَهُ ع ش وَرَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: فَلَا) فَلَوْ فَعَلَهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ عَلَيْهِ لَا يُجْزِئُهُ فَتَجِبُ إعَادَتُهَا سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ) أَيْ: بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ (قَوْلُهُ: عَدَمُهُ) أَيْ: الِاسْتِجْمَاعِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ إلَخْ) أَيْ: الشَّكِّ (قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي) أَيْ فِي بَابِ الْجَمَاعَةِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: نُدِبَ فِعْلُهَا ثَانِيًا) أَيْ: بَعْدَ قَضَائِهَا أَوَّلًا قَبْلَ مِثْلِ وَقْتِهَا (قَوْلُهُ: صَلُّوهَا) بِصِيغَةِ الْأَمْرِ، وَالضَّمِيرُ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ الْمَقْضِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ) أَيْ: التَّفْسِيرُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: وَيَقْبَلُهُ إلَخْ) اسْتِفْهَامٌ إنْكَارِيٌّ (قَوْلُهُ: بَلْ فِي حُرْمَةِ فِعْلٍ إلَخْ) أَيْ بِاعْتِبَارِ مَا اقْتَضَاهُ مِنْ تَشْبِيهِهِ

قَيْدِ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَقَعَ بَعْضُهَا وَإِنْ قَلَّ خَارِجَ الْوَقْتِ) خَالَفَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ حَيْثُ قَالَ فِي قَوْلِ الرَّوْضِ آخِرَ شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَتَقْدِيمِهَا عَلَى حَاضِرَةٍ لَمْ يَخَفْ فَوْتَهَا مَا نَصُّهُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَهُ بَعْدَ فِعْلِ الْفَائِتَةِ إدْرَاكُ رَكْعَةٍ جَازَ تَقْدِيمُهَا وَيُحْمَلُ تَحْرِيمُ إخْرَاجِ بَعْضِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا عَلَى غَيْرِ هَذَا وَلِإِفَادَةِ ذَلِكَ عَدَلَ إلَى مَا قَالَهُ تَبَعًا لِلْمُحَرَّرِ، وَالْمِنْهَاجِ، وَالتَّحْقِيقِ، وَالتَّنْبِيهِ عَنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحَيْنِ عَلَى حَاضِرَةٍ اتَّسَعَ وَقْتُهَا اهـ وَاعْتَمَدَ ذَلِكَ فِي الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ فُقِدَ التَّرْتِيبُ) يُفِيدُ فِيمَنْ فَاتَهُ الظُّهْرُ، وَالْعَصْرُ بِعُذْرٍ، وَالْمَغْرِبُ، وَالْعِشَاءُ بِغَيْرِ عُذْرٍ وُجُوبُ تَقْدِيمِ الْأَخِيرَيْنِ عَلَيْهِمَا لَكِنْ أَفْتَى م ر بِأَنَّ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ اسْتِحْبَابَ التَّرْتِيبِ تَقْدِيمُ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلُ مُطْلَقًا وَإِنْ خَالَفَ الْأَذْرَعِيُّ فِي ذَلِكَ اهـ أَيْ، وَالتَّرْتِيبُ الْمَطْلُوبُ لَا يُنَافِي الْبِدَارِ؛ لِأَنَّهُ مُشْتَغِلٌ بِالْعِبَادَةِ وَغَيْرُ مُقَصِّرٍ كَمَا أَنَّ تَقْدِيمَ رَاتِبَةِ الْمَقْضِيَّةِ الْقَبْلِيَّةَ عَلَيْهَا لَا يُنَافِي فِي الْبِدَارِ الْوَاجِبَ خِلَافًا لِمَنْ خَالَفَ م ر (قَوْلُهُ: فَبَانَ ضِيقُهُ) أَيْ: عَنْ إدْرَاكِهَا مُؤَدَّاةً وَلَوْ بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ فِي الْوَقْتِ عَلَى قِيَاسِ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي مَسْأَلَةِ

ص: 440

مِنْ غَيْرِ مُوجِبٍ

(وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ) وَإِنْ ضَاقَ وَقْتُهُ؛ لِأَنَّهُ يَسَعُ التَّحْرِيمَ لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْهُ (إلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ) وَلَوْ لِمَنْ لَمْ يَحْضُرْهَا لِحَدِيثٍ فِيهِ لَكِنْ فِيهِ مَقَالٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ اعْتَضَدَ (وَبَعْدَ) أَدَاءِ فِعْلِ (الصُّبْحِ حَتَّى) تَطْلُعَ الشَّمْسُ بِخِلَافِهِ قَبْلَ فِعْلِهَا يَجُوزُ النَّفَلُ مُطْلَقًا وَمِنْ طُلُوعِهَا حَتَّى (تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ كَرُمْحٍ) طُولُهُ نَحْوُ سَبْعَةِ أَذْرُعٍ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ وَإِلَّا فَالْمَسَافَةُ طَوِيلَةٌ سَوَاءٌ أَصْلَى الصُّبْحَ أَمْ لَا (وَ) بَعْدَ أَدَاءِ فِعْلِ (الْعَصْرِ) وَلَوْ لِمَنْ جَمَعَ تَقْدِيمًا (حَتَّى) تَصْفَرَّ الشَّمْسُ بِخِلَافِهِ قَبْلَ فِعْلِهَا يَجُوزُ النَّفَلُ مُطْلَقًا وَمِنْ الِاصْفِرَارِ حَتَّى (تَغْرُبَ) لِمَنْ صَلَّى الْعَصْرَ وَمَنْ لَمْ يُصَلِّهَا فَالْكَرَاهَةُ تَتَعَلَّقُ بِالْفِعْلِ فِي وَقْتَيْنِ وَبِالزَّمَنِ فِي ثَلَاثَةِ أَوْقَاتٍ كَمَا تَقَرَّرَ وَهِيَ لِلتَّحْرِيمِ وَقِيلَ لِلتَّنْزِيهِ وَعَلَيْهِمَا لَا تَنْعَقِدُ؛ لِأَنَّهَا لِذَاتِ كَوْنِهَا صَلَاةً وَإِلَّا لَحَرُمَتْ كُلُّ عِبَادَةٍ وَهِيَ تُنَافِي الِانْعِقَادَ إذْ لَا يَتَنَاوَلُهَا مُطْلَقُ الْأَمْرِ وَإِلَّا كَانَ مَطْلُوبًا مَنْهِيًّا عَنْهُ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ مُحَالٌ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي الْأُصُولِ

وَأَصْلُ ذَلِكَ مَا صَحَّ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ فِي تِلْكَ الْأَوْقَاتِ» مَعَ التَّقْيِيدِ بِالرُّمْحِ، أَوْ الرُّمْحَيْنِ فِي رِوَايَةِ أَبِي نُعَيْمٍ فِي مُسْتَخْرَجِهِ عَلَى مُسْلِمٍ لَكِنَّهُ مُشْكِلٌ بِمَا يَأْتِي فِي الْعَرَايَا أَنَّهُمْ عِنْدَ الشَّكِّ فِي الْخَمْسَةِ أَوْ الدُّونِ

بِالرِّبَا الْمُحَرَّمِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ مُوجَبٍ)(تَنْبِيهٌ)

يُسَنُّ إيقَاظُ النَّائِمِينَ لِلصَّلَاةِ لَا سِيَّمَا عِنْدَ ضِيقِ وَقْتِهَا فَإِنْ عَصَى بِنَوْمِهِ وَجَبَ عَلَى مَنْ عَلِمَ بِحَالِهِ إيقَاظُهُ، وَكَذَا يُسْتَحَبُّ إيقَاظُهُ إذَا رَآهُ نَائِمًا أَمَامَ الْمُصَلِّينَ، أَوْ الصَّفِّ الْأَوَّلِ، أَوْ مِحْرَابِ الْمَسْجِدِ، أَوْ عَلَى سَطْحٍ لَا إجَّارَ لَهُ أَيْ لَا حَاجِزَ لَهُ، أَوْ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَقَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَيْ وَلَوْ كَانَ صَلَّى الصُّبْحَ، أَوْ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ أَيْ وَلَوْ كَانَ صَلَّاهَا، أَوْ نَامَ خَالِيًا فِي بَيْتٍ وَحْدَهُ، أَوْ نَامَتْ الْمَرْأَةُ مُسْتَلْقِيَةً وَوَجْهُهَا إلَى السَّمَاءِ، أَوْ نَامَ الرَّجُلُ أَيْ، أَوْ الْمَرْأَةُ مُنْبَطِحًا عَلَى وَجْهِهِ فَإِنَّهَا ضَجْعَةٌ يَبْغَضُهَا اللَّهُ تَعَالَى، وَيُسَنُّ إيقَاظُ غَيْرِهِ أَيْضًا لِصَلَاةِ اللَّيْلِ وَلِلتَّسَحُّرِ وَمَنْ نَامَ وَفِي يَدِهِ غَمْرٌ أَيْ دُهْنٌ وَنَحْوُهُ، وَالنَّائِمُ بِعَرَفَاتٍ وَقْتَ الْوُقُوفِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ طَلَبٍ وَتَضَرُّعٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي بِزِيَادَةٍ مِنْ ع ش

قَوْلُ الْمَتْنِ (عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ) أَيْ يَقِينًا فَلَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ لَمْ يُكْرَهْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ ع ش (قَوْلُهُ: وَإِنْ ضَاقَ) إلَى قَوْلِهِ وَإِلَّا لَحَرُمَتْ فِي النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ لَكِنْ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِهِ قَبْلَ فِعْلِهَا يَجُوزُ النَّفَلُ مُطْلَقًا فِي مَوْضِعَيْنِ

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ يَسَعُ التَّحَرُّمَ) مَحَلُّ تَأَمُّلٍ وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ أَنْ يُقَالَ يُقَارِنُهُ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: عَنْهُ) أَيْ: عَنْ الصَّلَاةِ عِنْدَهُ، وَالتَّذْكِيرُ بِاعْتِبَارِ الْفِعْلِ، أَوْ التَّنَفُّلِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِمَنْ لَمْ يَحْضُرْهَا) كَذَا فِي النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: لَكِنْ فِيهِ مَقَالٌ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَالْأَسْنَى وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُ مُرْسَلًا لِاعْتِضَادِهِ بِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اسْتَحَبَّ التَّبْكِيرَ إلَيْهَا، ثُمَّ رَغَّبَ فِي الصَّلَاةِ إلَى خُرُوجِ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ اسْتِثْنَاءٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: بَعْدَ أَدَاءِ فِعْلِ الصُّبْحِ) أَيْ: أَدَاءً مُغْنِيًا عَنْ الْقَضَاءِ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ قَبْلَ فِعْلِهَا) أَيْ فَلَا تُكْرَهُ هَذِهِ الْكَرَاهَةُ الْمَخْصُوصَةُ فَلَا يُنَافِي مَا نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ فِي بَابِ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْفَصْلِ بَيْنَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الصُّبْحِ بِاضْطِجَاعٍ، أَوْ حَدِيثٍ غَيْرِ دُنْيَوِيٍّ مِنْ أَنَّهُ جَزَمَ الْمُتَوَلِّي بِكَرَاهَةِ التَّنَفُّلِ حِينَئِذٍ انْتَهَى اهـ سم عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَالْمُرَادُ بِحَصْرِ الْكَرَاهَةِ فِي الْأَوْقَاتِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوْقَاتِ الْأَصْلِيَّةِ فَسَتَأْتِي كَرَاهَةُ التَّنَفُّلِ فِي وَقْتِ إقَامَةِ الصَّلَاةِ وَوَقْتِ صُعُودِ الْإِمَامِ لِخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ اهـ

وَالْأُولَى إنَّمَا تُرَدُّ إذَا قُلْنَا بِأَنَّ الْكَرَاهَةَ لِلتَّنْزِيهِ وَهُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ، وَأَمَّا إذَا قُلْنَا بِأَنَّهَا لِلتَّحْرِيمِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ فَلَا وَلَا تُرَدُّ الثَّانِيَةُ أَيْضًا لِذِكْرِهِمْ لَهَا فِي بَابِهَا وَزَادَ بَعْضُهُمْ كَرَاهَةَ وَقْتَيْنِ آخَرَيْنِ وَهُوَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى صَلَاتِهِ وَبَعْدَ الْغُرُوبِ إلَى صَلَاتِهِ، وَالْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الْكَرَاهَةَ فِيهِمَا لِلتَّنْزِيهِ اهـ بِحَذْفٍ (قَوْلُهُ: طُولُهُ إلَخْ) وَتَرْتَفِعُ قَدْرَهُ فِي أَرْبَعِ دَرَجٍ بِرْمَاوِيٌّ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: فِي رَأْيِ الْعَيْنِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الْمَتْنِ كَرُمْحٍ

(قَوْلُهُ: كَمَا تَقَرَّرَ) وَتَجْتَمِعُ الْكَرَاهَتَانِ فِيمَنْ فَعَلَ الْفَرْضَ وَدَخَلَ عَلَيْهِ كَرَاهَةُ الْوَقْتِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: لَا تَنْعَقِدُ) وَيَأْثَمُ فَاعِلُهَا نِهَايَةٌ وَيُعَزَّرُ مُغْنِي (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا) أَيْ: الْكَرَاهَةَ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ: بِأَنْ كَانَتْ الْكَرَاهَةُ لِعُمُومِ كَوْنِهَا عِبَادَةً (قَوْلُهُ: لَحَرُمَتْ كُلُّ عِبَادَةٍ) هَذِهِ الْمُلَازَمَةُ مَمْنُوعَةٌ قَطْعًا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ لِخَارِجٍ غَيْرِ لَازِمٍ وَيَخْتَصُّ بِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْخَارِجَ لَا يُوجَدُ إلَّا فِيهَا، بَلْ كَوْنُهُ لِخَارِجٍ صَرِيحُ كَلَامِهِمْ فَلْيُتَأَمَّلْ سم أَقُولُ: صَرَّحَ الْمُغْنِي كَالشَّارِحِ بِأَنَّ النَّهْيَ رَاجِعٌ إلَى نَفْسِ الصَّلَاةِ (وَهِيَ) أَيْ: كَرَاهَةُ الصَّلَاةِ لِذَاتِهَا (قَوْلُهُ: مَطْلُوبًا وَمَنْهِيًّا عَنْهُ) أَيْ: مَطْلُوبِ الْفِعْلِ، وَالتَّرْكِ مَحَلِّيٌّ

(قَوْلُهُ: وَأَصْلُ ذَلِكَ) أَيْ: الْكَرَاهَةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْخَمْسَةِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ) أَيْ: التَّقْيِيدَ (قَوْلُهُ: بِمَا يَأْتِي فِي الْعَرَايَا أَنَّهُمْ إلَخْ) عِبَارَتُهُ هُنَاكَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ لِخَبَرِهِمَا أَيْ الصَّحِيحَيْنِ «رَخَّصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، أَوْ

الْمَتْنِ، بَلْ أَوْلَى كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ اعْتَضَدَ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُ مُرْسَلًا لِاعْتِضَادِهِ بِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اسْتَحَبَّ التَّبْكِيرَ إلَيْهَا، ثُمَّ رَغَّبَ فِي الصَّلَاةِ إلَى خُرُوجِ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ اسْتِثْنَاءٍ اهـ وَقَدْ يُقَالُ قَضِيَّةُ هَذَا الْعَاضِدِ اسْتِثْنَاءُ مَا بَعْدَ الصُّبْحِ وَمَا بَعْدَ الطُّلُوعِ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا إنَّمَا ذُكِرَ تَقْوِيَةً لِلنَّصِّ الْوَارِدِ فِي الزَّوَالِ فَلَا يُتَوَسَّعُ فِيهِ مَعَ كَوْنِ الْقَاعِدَةِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ الْمَنْعَ إلَّا مَا نَصَّ عَلَى اسْتِثْنَائِهِ، ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بَعْدَ حِكَايَتِهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ اسْتَحَبَّ التَّبْكِيرَ، ثُمَّ رَغَّبَ إلَخْ عَنْ الْبَيْهَقِيّ قَالَ وَاعْتَرَضَهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى صِحَّةِ التَّرْغِيبِ فِيهِ بِدَلِيلٍ خَاصٍّ حَتَّى يُقَدَّمَ عَلَى حَدِيثِ النَّهْيِ اهـ

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ قَبْلَ فِعْلِهَا) أَيْ: فَلَا يُكْرَهُ هَذِهِ الْكَرَاهَةَ الْمَخْصُوصَةَ فَلَا يُنَافِي مَا نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ فِي بَابِ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْفَصْلِ بَيْنَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الصُّبْحِ بِاضْطِجَاعٍ، أَوْ حَدِيثٍ غَيْرِ دُنْيَوِيٍّ مِنْ أَنَّهُ جَزَمَ الْمُتَوَلِّي بِكَرَاهَةِ التَّنَفُّلِ حِينَئِذٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَحَرُمَتْ إلَخْ) هَذِهِ الْمُلَازَمَةُ مَمْنُوعَةٌ قَطْعًا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ لِخَارِجٍ غَيْرِ لَازِمٍ وَيَخْتَصُّ بِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ

ص: 441

أَخَذُوا بِالْأَكْثَرِ وَهُوَ الْخَمْسَةُ احْتِيَاطًا فَقِيَاسُهُ هُنَا امْتِدَادُ الْحُرْمَةِ لِلرُّمْحَيْنِ لِذَلِكَ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْأَصْلَ جَوَازُ الصَّلَاةِ إلَّا مَا تَحَقَّقَ مَنْعُهُ وَحُرْمَةُ الرِّبَا إلَّا مَا تَحَقَّقَ حِلُّهُ فَأَثَرُ الشَّكِّ هُنَا الْأَخْذُ بِالزَّائِدِ وَثَمَّ الْأَخْذُ بِالْأَقَلِّ عَمَلًا بِكُلٍّ مِنْ الْأَصْلَيْنِ فَتَأَمَّلْهُ وَمَعَ الْإِشَارَةِ إلَى حِكْمَةِ النَّهْيِ بِأَنَّهَا تَطْلُعُ وَتَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الْكُفَّارُ وَمَعْنَى كَوْنِهَا بَيْنَ قَرْنَيْهِ وِفَاقًا لِجَمْعٍ مُحَقِّقِينَ وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ آخَرُونَ وَأَطَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الِانْتِصَارِ إلَى أَنَّهُ تَعَبُّدٌ مَحْضٌ وَأَنَّ مَا أَبْدَى لَهُ مِنْ الْحِكَمِ الْكَثِيرَةِ كُلِّهَا غَيْرُ مُتَّضِحَةٍ، بَلْ مُتَكَلَّفَةٌ وَقَدْ نُهِينَا عَنْ التَّكَلُّفِ أَنَّهُ يُلْصِقُ نَاصِيَتَهُ بِهَا حَتَّى يَكُونَ سُجُودُ عَابِدِيهَا سُجُودًا لَهُ (إلَّا لِسَبَبٍ) لَمْ يَتَحَرَّهُ مُتَقَدِّمٍ عَلَى الْفِعْلِ، أَوْ مُقَارِنٍ لَهُ (كَفَائِتَةٍ) وَلَوْ نَافِلَةً اتَّخَذَهَا وِرْدَا «لِصَلَاتِهِ صلى الله عليه وسلم سُنَّةَ الظُّهْرِ بَعْدَ الْعَصْرِ لَمَّا شُغِلَ عَنْهَا» ، وَالْمُخْتَصُّ بِهِ إدَامَتُهَا بَعْدُ لَا أَصْلُ فِعْلِهَا (تَنْبِيهٌ)

عَلَّلَ غَيْرُ وَاحِدٍ اخْتِصَاصَ هَذِهِ الْإِدَامَةِ بِهِ صلى الله عليه وسلم بِأَنَّهُ «كَانَ إذَا عَمِلَ عَمَلًا دَاوَمَ عَلَيْهِ» وَيَرُدُّهُ مَا يَأْتِي فِي مَعْنَى الرَّاتِبِ الْمُؤَكَّدِ وَغَيْرِهِ وَمَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم فِي نَوْمِهِمْ عَنْ الصُّبْحِ قَضَى سُنَّتَهَا وَلَمْ يُدَاوِمْ عَلَيْهَا» وَبِتَسْلِيمِهِ فَمَعْنَى دَاوَمَ عَلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ لَا يَتْرُكُهُ إلَّا لِمَا هُوَ أَهَمُّ، أَوْ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُتَكَلِّمُونَ فِي الْخَصَائِصِ أَنَّ مِنْهَا مُدَاوَمَتَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِمَا سِوَاهَا وَوَجْهُ الْخُصُوصِيَّةِ حُرْمَةُ الْمُدَاوَمَةِ فِيهَا عَلَى أُمَّتِهِ وَإِبَاحَتُهَا لَهُ عَلَى مَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ أَوْ نَدْبُهَا لَهُ عَلَى مَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَعَلَيْهِمَا فَتَرْكُهُ صلى الله عليه وسلم لِلْمُدَاوَمَةِ لَا إشْكَالَ فِيهِ بِوَجْهٍ فَتَأَمَّلْهُ (وَكُسُوفٌ) ؛ لِأَنَّهَا مُعَرَّضَةٌ لِلْفَوَاتِ (وَتَحِيَّةٌ) لَمْ يَدْخُلْ الْمَسْجِدَ بِقَصْدِهَا فَقَطْ (وَسَجْدَةُ شُكْرٍ) وَتِلَاوَةٍ كَمَا بِأَصْلِهِ وَكَانَ إيثَارُهَا؛ لِأَنَّهَا مَحَلُّ النَّصِّ؛ لِأَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه فَعَلَهَا بَعْدَ الصُّبْحِ لَمَّا نَزَلَتْ تَوْبَتُهُ وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ تُقْرَأْ قَبْلَ الْوَقْتِ، أَوْ فِيهِ بِقَصْدِ السُّجُودِ فَقَطْ فِيهِ وَإِلَّا لَمْ تَنْعَقِدْ

دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ» وَدُونَهَا جَائِزٌ يَقِينًا فَأَخَذْنَا بِهِ؛ لِأَنَّهَا لِلشَّكِّ مَعَ أَصْلِ التَّحْرِيمِ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَخَذُوا بِالْأَكْثَرِ إلَخْ) لَعَلَّ الصَّوَابَ بِالْأَقَلِّ يُعْرَفُ بِتَأَمُّلِ الْحَدِيثِ، وَالْحُكْمِ سم وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مُرَادَ الشَّارِحِ حَرَّمُوا بَيْعَ الْأَكْثَرِ بِأَخْذِ الْأَقَلِّ مِنْ الشَّكِّ (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ: لِلِاحْتِيَاطِ (قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ: فِي خَبَرِ الْعَرَايَا (قَوْلُهُ: الْأَخْذَ) مَفْعُولٌ أَثَّرَ (قَوْلُهُ: بِالزَّائِدِ) وَهُوَ الْخَمْسَةُ أَوْسُقٍ وَفِيهِ مَا مَرَّ آنِفًا عَنْ سم (قَوْلُهُ: وَثَمَّ) أَيْ: فِي خَبَرِ النَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: بِالْأَقَلِّ) وَهُوَ الرُّمْحُ (قَوْلُهُ: وَمَعَ الْإِشَارَةِ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ مَعَ التَّقْيِيدِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهَا تَطْلُعُ إلَخْ) وَفِي رِوَايَةٍ «أَنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ وَمَعَهَا قَرْنُ الشَّيْطَانِ فَإِذَا ارْتَفَعَتْ فَارَقَهَا فَإِذَا اسْتَوَتْ قَارَنَهَا فَإِذَا زَالَتْ فَارَقَهَا فَإِذَا دَنَتْ لِلْغُرُوبِ قَارَنَهَا فَإِذَا غَرَبَتْ فَارَقَهَا» ع ش (قَوْلُهُ: بَيْنَ قَرْنَيْ الشَّيْطَانِ إلَخْ) وَهَذِهِ الْحِكْمَةُ خَاصَّةٌ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِالزَّمَنِ فَإِنْ قُلْت إنَّهَا مَوْجُودَةٌ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي لَهَا سَبَبٌ أَيْضًا قُلْت هِيَ تُحَالُ عَلَى سَبَبِهَا وَغَيْرُهَا عَلَى مُوَافَقَةِ عُبَّادِ الشَّمْسِ إطْفِيحِيٌّ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ وَنَقَلَ فِي الْهَامِشِ عَنْ حَوَاشِي الْبَهْجَةِ لِعُمَرَ الدِّمْيَاطِيِّ مَا نَصُّهُ هَذِهِ حِكْمَةٌ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِالزَّمَنِ

وَأَمَّا حِكْمَةُ كَرَاهَةِ مَا يَتَعَلَّقُ بِفِعْلِ الصُّبْحِ، وَالْعَصْرِ أَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَجْعَلْ لَهُمَا رَاتِبَةً بَعْدِيَّةً فَكَأَنَّ الْمُتَنَفِّلَ بَعْدَهُمَا اسْتَدْرَكَ عَلَى الشَّارِعِ فَلَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَأَطَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ) الْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ وَمَعْنَى كَوْنِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَى أَنَّهُ إلَخْ) أَيْ: النَّهْيَ عَنْ الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْخَمْسَةِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُلْصِقُ إلَخْ) خَبَرُ قَوْلِهِ وَمَعْنَى كَوْنِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَحَرَّهُ) إلَى التَّنْبِيهِ فِي النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَحَرَّهُ) لَعَلَّ أَصْلَهُ مَا لَمْ يَتَحَرَّهُ أَيْ وَقْتَ الْكَرَاهَةِ فَسَقَطَتْ لَفْظَةٌ مَا مِنْ قَلَمِ النَّاسِخِ عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ بَافَضْلَ كَفَائِتَةٍ وَلَوْ نَفْلًا مَا لَمْ يَقْصِدْ تَأْخِيرَهَا إلَيْهَا لِيَقْضِيَهَا فِيهَا فَإِنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ وَإِنْ كَانَتْ وَاجِبَةً عَلَى الْفَوْرِ اهـ وَعِبَارَةُ الْمُغْنِي وَمَحَلُّ صِحَّةِ مَا ذُكِرَ إذَا لَمْ يَتَحَرَّ بِهِ وَقْتَ الْكَرَاهَةِ لِيُوقِعَهَا فِيهِ وَإِلَّا بِأَنْ قَصَدَ تَأْخِيرَ الْفَائِتَةِ، وَالْجِنَازَةِ لِيُوقِعَهَا فِيهِ إلَخْ لَمْ يَصِحَّ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَوْ مُقَارِنٌ) يَأْتِي مَا فِيهِ

(قَوْلُهُ: لِصَلَاتِهِ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلْمَتْنِ (قَوْلُهُ: سُنَّةُ الظُّهْرِ إلَخْ) رَكْعَتَيْنِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَالْمُخْتَصُّ إدَامَتُهَا) فَلَيْسَ لِمَنْ قَضَى فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ صَلَاةٌ أَنْ يُدَاوِمَ عَلَيْهَا وَيَجْعَلَهَا وِرْدًا مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: لَا أَصْلَ فِعْلِهَا) أَيْ فِعْلِ سُنَّةِ الظُّهْرِ الْفَائِتَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ بِلَا إدَامَتِهَا فَيَجُوزُ لِلْأُمَّةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَيَرُدُّهُ) أَيْ: ذَلِكَ التَّعْلِيلُ، وَكَذَا ضَمِيرُ وَبِتَسْلِيمِهِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُدَاوِمْ عَلَيْهَا) وَلَعَلَّ حِكْمَةَ الْفَرْقِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ سُنَّةِ الظُّهْرِ أَنَّهَا فَاتَتْ بِالنَّوْمِ وَهُوَ لَيْسَ فِيهِ تَفْرِيطٌ وَسُنَّةُ الظُّهْرِ فَاتَتْ بِالِاشْتِغَالِ بِقُدُومِ وَفْدِ عَبْدِ قَيْسِ بَابِلِيّ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ لِبَيَانٍ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى لِمَا هُوَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ الْمُتَكَلِّمُونَ إلَخْ) كَذَا فِي أَصْلِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مَا يَأْتِي إلَخْ فَهُوَ مِمَّا يُرَدُّ بِهِ مَا مَرَّ فَالْأَنْسَبُ تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ وَبِتَسْلِيمِهِ إلَخْ فَلْيُتَأَمَّلْ بَصْرِيٌّ

(قَوْلُهُ: فِي الْخَصَائِصِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْمُتَكَلِّمُون (قَوْلُهُ: أَنَّ مِنْهَا) أَيْ: مِنْ الْخَصَائِصِ (قَوْلُهُ: فِي هَذِهِ الصُّورَةِ) أَيْ: فِعْلِ سُنَّةِ الظُّهْرِ بَعْدَ الْعَصْرِ (قَوْلُهُ: وَوَجْهُ الْخُصُوصِيَّةِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَبِتَسْلِيمِهِ فَمَعْنَى دَوَامَ إلَخْ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ تَقْدِيمَ قَوْلِهِ وَمَا ذَكَرَهُ إلَخْ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ عَنْ السَّيِّدِ الْبَصْرِيِّ، ثُمَّ يَقُولُ فَمَعْنَى الْخُصُوصِيَّةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِبَاحَتُهَا إلَخْ) أَيْ: لَا وُجُوبُهَا (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِمَا) أَيْ: الْإِبَاحَةِ، وَالنَّدْبِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا مُعَرَّضَةٌ إلَخْ) وَلِأَنَّ سَبَبَهَا مُتَقَدِّمٌ مُغْنِي (قَوْلُهُ: لَمْ يَدْخُلْ) إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ عَلَى غَائِبٍ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَكَانَ إيثَارُهَا؛ لِأَنَّهَا مَحَلُّ النَّصِّ وَقَوْلُهُ أَيْ إنْ اسْتَمَرَّ إلَى وَرَكْعَتَيْ طَوَافٍ (قَوْلُهُ: لَمْ يَدْخُلْ الْمَسْجِدَ بِقَصْدِهَا فَقَطْ) أَيْ: بِأَنْ دَخَلَهُ لَا لِغَرَضٍ، أَوْ لِغَرَضٍ غَيْرِ التَّحِيَّةِ، أَوْ لِغَرَضِهِمَا مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَكَانَ إيثَارُهَا) أَيْ: سَجْدَةِ الشُّكْرِ (قَوْلُهُ: فَعَلَهَا إلَخْ) أَيْ: وَأَقَرَّهُ صلى الله عليه وسلم

(قَوْلُهُ: بَعْدَ الصُّبْحِ) أَيْ: بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَقَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ) أَيْ: عَدَمُ

الْخَارِجَ لَا يُوجَدُ إلَّا فِيهَا، بَلْ كَوْنُهُ لِخَارِجٍ صَرِيحُ كَلَامِهِمْ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَخَذُوا بِالْأَكْثَرِ) لَعَلَّ الصَّوَابَ بِالْأَقَلِّ يُعْرَفُ بِتَأَمُّلِ الْحَدِيثِ، وَالْحُكْمِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهَا تَطْلُعُ وَتَغْرُبُ) اُنْظُرْ هَلْ يَشْمَلُ هَذَا مَا بَعْدُ فَعَلَى الصُّبْحِ

ص: 442

أَيْ إنْ اسْتَمَرَّ قَصْدُ تَحَرِّيهِ إلَى دُخُولِ الْوَقْتِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَكَذَا يُقَالُ فِي كُلِّ تَحَرٍّ؛ لِأَنَّ قَصْدَ الشَّيْءِ قَبْلَ وَقْتِهِ الْمُنْقَطِعِ قَبْلَهُ لَا وَجْهَ لِلنَّظَرِ إلَيْهِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي فِي رَدِّ قَوْلِ جَمْعٍ الْمَكْرُوهُ تَأْخِيرُهَا إلَيْهِ إلَى آخِرِهِ وَرَكْعَتَيْ طَوَافٍ وَصَلَاةِ جِنَازَةٍ وَلَوْ عَلَى غَائِبٍ عَلَى الْأَوْجَهِ وَإِعَادَةٍ مَعَ جَمَاعَةٍ وَلَوْ إمَامًا خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ نَعَمْ يَلْزَمُهُ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ كَمَا يَأْتِي وَصَلَاةُ اسْتِسْقَاءٍ وَسُنَّةُ وُضُوءٍ

وَكَذَا عِيدٌ وَضُحًى بِنَاءً عَلَى دُخُولِ وَقْتِهِمَا بِالطُّلُوعِ وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعَ عَلَى فِعْلِ الْفَائِتَةِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ بَعْدَ الصُّبْحِ، وَالْعَصْرِ وَيُقَاسُ بِهِمَا مَا فِي مَعْنَاهُمَا مِمَّا ذُكِرَ أَمَّا مَا لَا سَبَبَ لَهَا كَصَلَاةِ التَّسْبِيحِ وَذَاتُ السَّبَبِ الْمُتَأَخِّرِ كَرَكْعَتَيْ الِاسْتِخَارَةِ وَرَكْعَتَيْ الْإِحْرَامِ وَنُوزِعَ فِيهِ بِأَنَّ سَبَبَهُمَا إرَادَتُهُ لَا فِعْلُهُ وَيُرَدُّ بِمَنْعِ ذَلِكَ، بَلْ هُوَ السَّبَبُ الْأَصْلِيُّ، وَالْإِرَادَةُ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ وُقُوعِهِ أَمَّا إذَا تَحَرَّى إيقَاعَ صَلَاةٍ غَيْرِ صَاحِبَةِ الْوَقْتِ فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَكْرُوهًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الزَّرْكَشِيّ الصَّوَابُ الْجَزْمُ بِالْمَنْعِ إذَا عَلِمَ بِالنَّهْيِ وَقَصَدَ تَأْخِيرَهَا لِيَفْعَلَهَا فِيهِ فَيَحْرُمُ مُطْلَقًا وَلَوْ فَائِتَةً يَجِبُ قَضَاؤُهَا فَوْرًا؛ لِأَنَّهُ مُعَانِدٌ لِلشَّرْعِ وَعَبَّرَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ بِمُرَاغِمٍ لِلشَّرْعِ بِالْكُلِّيَّةِ وَهُوَ مُشْكِلٌ بِتَكْفِيرِهِمْ مَنْ قِيلَ لَهُ قُصَّ أَظْفَارَك فَقَالَ لَا أَفْعَلُهُ رَغْبَةً عَنْ السُّنَّةِ فَإِذَا اقْتَضَتْ الرَّغْبَةُ عَنْ السُّنَّةِ التَّكْفِيرَ فَأَوْلَى هَذِهِ الْمُعَانَدَةُ، وَالْمُرَاغَمَةُ وَيُجَابُ بِتَعَيُّنِ حَمْلِ هَذَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُشْبِهُ الْمُرَاغَمَةَ، وَالْمُعَانَدَةَ لَا أَنَّهُ مَوْجُودٌ فِيهِ حَقِيقَتُهُمَا وَقَوْلُ جَمْعٍ الْمَكْرُوهُ وَتَأْخِيرُهَا إلَيْهِ لَا إيقَاعُهَا فِيهِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ بِالذَّاتِ الْإِيقَاعُ لَا التَّأْخِيرُ

وَكَذَا إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ بِقَصْدِ التَّحِيَّةِ فَقَطْ بِخِلَافِ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَلَى مَيِّتٍ حَضَرَ قَبْلَ الصُّبْحِ، وَالْعَصْرِ لِكَثْرَةِ الْمُصَلِّينَ عَلَيْهِ بَعْدَهُمَا (تَنْبِيهٌ)

فِيهِ تَحْقِيقٌ لِكَثِيرٍ مِمَّا سَبَقَ وَرَدٌّ لِأَوْهَامٍ وَقَعَتْ فِيهِ اعْلَمْ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُتَأَخِّرِ وَقَسِيمَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ لَا لِلْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ فَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ، وَالْفَائِتَةِ وَنَحْوُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ، وَالْكُسُوفِ

كَرَاهَةِ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ إنْ اسْتَمَرَّ قَصْدُ تَحَرِّيهِ) فَإِنْ نَسِيَ ذَلِكَ الْقَصْدَ انْعَقَدَتْ كَذَا نُقِلَ عَنْ النَّاصِرِ الطَّبَلَاوِيِّ وَهُوَ وَاضِحٌ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: الْمُنْقَطِعُ قَبْلَهُ) يَخْرُجُ الْمُنْقَطِعُ فِيهِ سم (قَوْلُهُ: قَبْلَهُ) أَيْ: قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهِ (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ) أَيْ: قَوْلُهُ: لِأَنَّ قَصْدَ الشَّيْءِ إلَخْ، أَوْ التَّقْيِيدَ بِاسْتِمْرَارِ الْقَصْدِ (قَوْلُهُ: رَكْعَتَيْ طَوَافٍ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى فَائِتَةٍ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: مَعَ جَمَاعَةٍ) أَيْ: أَوْ طَهَارَةِ مَاءٍ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى دُخُولِ وَقْتِهِمَا بِالطُّلُوعِ) مُعْتَمَدٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعِيدِ وَضَعِيفٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الضُّحَى كَمَا يَأْتِي أَيْ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِدُخُولِهِ بِارْتِفَاعِ الشَّمْسِ كَرُمْحٍ فَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ لِخُرُوجِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ بِارْتِفَاعِهَا (قَوْلُهُ: أَمَّا مَا) إلَى قَوْلِهِ وَعَبَّرَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَنُوزِعَ إلَى أَمَّا إذَا وَقَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ إلَى فَتَحْرُمُ (قَوْلُهُ: أَمَّا مَا لَا سَبَبَ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِ الْمَتْنِ إلَّا لِسَبَبٍ وَ (قَوْلُهُ: وَذَاتُ السَّبَبِ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِ الشَّارِحِ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الْفِعْلِ إلَخْ وَجَوَابُ أَمَّا مَحْذُوفٌ لِعِلْمِهِ مِنْ جَوَابِ أَمَّا الْآتِي فِي قَوْلِهِ أَمَّا إذَا تَحَرَّى إلَخْ وَلَوْ أَبْدَلَ أَمَّا هُنَاكَ بِأَوْ بِأَنْ يَقُولَ، أَوْ الَّتِي تَحَرَّى إيقَاعَهَا إلَخْ لَكَانَ وَاضِحًا مَعَ الِاخْتِصَارِ

وَقَوْلُ الْكُرْدِيِّ أَنَّ أَمَّا مَا إلَخْ مُبْتَدَأٌ وَكَصَلَاةِ التَّسْبِيحِ خَبَرُهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ مَعَ خُلُوِّهِ عَنْ فَائِدَةٍ مُعْتَدٍ بِهَا عَدَمُ اقْتِرَانِ جَوَابِ أَمَّا بِالْفَاءِ. عِبَارَةُ النِّهَايَةِ أَمَّا مَا سَبَبُهُ مُتَأَخِّرٌ كَصَلَاةِ الِاسْتِخَارَةِ، وَالْإِحْرَامِ فَيُمْتَنَعُ فِي وَقْتِهَا مُطْلَقًا أَيْ قَصَدَ التَّأْخِيرَ إلَيْهِ أَمْ لَا اهـ زَادَ الْمُغْنِي كَالصَّلَاةِ الَّتِي لَا سَبَبَ لَهَا اهـ.

(قَوْلُهُ: وَنُوزِعَ فِيهِ) أَيْ: فِي جَعْلِ رَكْعَتَيْ الْإِحْرَامِ وَرَكْعَتَيْ الِاسْتِخَارَةِ مِنْ ذَاتِ السَّبَبِ الْمُتَأَخِّرِ وَ (قَوْلُهُ: إرَادَتُهُ إلَخْ) أَيْ: مَا ذُكِرَ مِنْ الِاسْتِخَارَةِ، وَالْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ: غَيْرَ صَاحِبَةِ الْوَقْتِ) أَيْ: بِخِلَافِ تَحَرِّي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ بِالْمُؤَدَّاةِ كَأَنْ أَخَّرَ الْعَصْرَ لِيَفْعَلَهَا فِي وَقْتِ الِاصْفِرَارِ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا تَصِحُّ لِوُقُوعِهَا فِي وَقْتِهَا مُغْنِي وَفِي الْكُرْدِيِّ عَلَى شَرْحِ بَافَضْلَ بَعْدَ ذِكْرِ مِثْلِهِ عَنْ الْإِمْدَادِ وَابْنِ قَاسِمٍ مَا نَصُّهُ وَفِي حَوَاشِي الْمَحَلِّيِّ لِلْقَلْيُوبِيِّ وَلَا تُكْرَهُ صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ، وَكَذَا الْكُسُوفُ وَإِنْ تَحَرَّى فِعْلَهَا فِيهِ؛ لِأَنَّهَا صَاحِبَةُ الْوَقْتِ كَسُنَّةِ الْعَصْرِ لَوْ تَحَرَّى تَأْخِيرَهَا عَنْهَا انْتَهَى اهـ

(قَوْلُهُ: أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الزَّرْكَشِيّ إلَخْ) أَيْ: وَمِنْ التَّعْلِيلِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ مُعَانَدَتَهُ لِلشَّرْعِ لَا تَتَأَتَّى إلَّا حِينَئِذٍ شَرْحُ الْعُبَابِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) سَوَاءٌ كَانَ لَهَا سَبَبٌ مُتَقَدِّمٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ مُعَانِدٌ إلَخْ) وَلِأَنَّ الْمَانِعَ يُقَدَّمُ عَلَى الْمُقْتَضِي عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا، وَأَمَّا مُدَاوَمَتُهُ صلى الله عليه وسلم عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ فَقَدْ تَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَنْهَا مُغْنِي أَيْ مِنْ أَنَّهَا مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ صلى الله عليه وسلم (قَوْلُهُ: وَهُوَ إلَخْ) أَيْ التَّعْلِيلُ بِالْمُعَانَدَةِ، وَالْمُرَاغَمَةِ (قَوْلُهُ: وَيُجَابُ إلَخْ) وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ فِيمَا سَبَقَ صَرَّحَ بِلَفْظٍ مُشْعِرٍ بِانْتِفَاءِ التَّصْدِيقِ الْمُوجِبِ لِلْحُكْمِ بِالْكُفْرِ كَسَائِرِ أَلْفَاظِ الرِّدَّةِ هُوَ قِيَاسُهُ لَوْ قِيلَ لَهُ لَا تَتَحَرَّ بِهَا الْوَقْتَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ فَقَالَ أَفْعَلُ مُرَاغَمَةً إلَخْ بَصْرِيٌّ

(قَوْلُهُ: وَقَوْلُ جَمْعٍ) إلَى قَوْلِهِ بِخِلَافِ إلَخْ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ جَمْعٍ إلَخْ) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ أَمَّا إذَا تَحَرَّى إلَخْ وَمُقَابِلٌ لَهُ (قَوْلُهُ: لَا التَّأْخِيرُ) أَيْ: وَإِنَّمَا كُرِهَ التَّأْخِيرُ لِكَوْنِهِ مُؤَدِّيًا لِلْإِيقَاعِ لَا لِذَاتِهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا) إلَى التَّنْبِيهِ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ إلَخْ) هَذَا مِنْ مُحْتَرَزَاتِ قَوْلِهِ السَّابِقِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَكْرُوهًا سم عِبَارَةُ الْبَصْرِيِّ قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَلَيْسَ مِنْ تَأْخِيرِهَا لِإِيقَاعِهَا فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ حَتَّى لَا تَنْعَقِدَ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ تَأْخِيرِ الْجِنَازَةِ لِيُصَلَّى عَلَيْهَا بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا يَقْصِدُونَ بِذَلِكَ كَثْرَةَ الْمُصَلِّينَ عَلَيْهَا كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اهـ أَقُولُ: فِيهِ تَأْيِيدٌ لِاعْتِبَارِ الْحَيْثِيَّةِ الَّتِي أَشَارَ إلَيْهَا الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِقَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ وَمِنْ حَيْثُ إلَخْ اهـ

(قَوْلُهُ: اعْلَمْ) إلَى قَوْلِهِ فَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى قَوْلِهِ وَهَذَا التَّفْصِيلُ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: أَنَّ الْمُعْتَمَدَ إلَخْ) وَعَلَيْهِ لَمْ يَظْهَرْ لِلْفَقِيرِ صُورَةُ السَّبَبِ الْمُقَارِنِ، بَلْ السَّبَبُ إمَّا مُتَقَدِّمٌ، أَوْ مُتَأَخِّرٌ قَالَهُ الْكُرْدِيُّ وَفِي الْبُجَيْرِمِيِّ عَنْ الْبِرْمَاوِيِّ مَا يُوَافِقُهُ وَيَرُدُّهُمَا قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي، وَالْمُعَادَةُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقَسِيمَيْهِ) وَهُمَا التَّقَدُّمُ، وَالْمُقَارَنَةُ (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ) أَيْ: كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَ (قَوْلُهُ: لَا لِلْوَقْتِ) أَيْ: عَلَى

وَالْعَصْرِ وَمَا عِنْدَ الزَّوَالِ (قَوْلُهُ: الْمُنْقَطِعِ قَبْلَهُ) يَخْرُجُ الْمُنْقَطِعُ فِيهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ إلَخْ) هَذَا مِنْ

ص: 443

وَالنَّذْرُ وَسُنَّةُ الطَّوَافِ، وَالتَّحِيَّةِ، وَالْوُضُوءِ أَسْبَابُهَا مِنْ طُهْرِ الْمَيِّتِ وَتَذَكُّرِ الْفَائِتَةِ، وَالْقَحْطِ، وَالْكُسُوفِ، وَالنَّذْرِ، وَالطَّوَافِ وَدُخُولِ الْمَسْجِدِ، وَالْوُضُوءِ مُتَقَدِّمَةً عَلَى الْأَوَّلِ وَعَلَى الثَّانِي إنْ تَقَدَّمَتْ عَلَى الْوَقْتِ فَمُتَقَدِّمَةٌ وَإِلَّا فَمُقَارِنَةٌ وَهَذَا التَّفْصِيلُ أَوْلَى مِنْ إطْلَاقِ الْمَجْمُوعِ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّ سَبَبَهَا مُتَقَدِّمٌ وَغَيْرَهُ أَنَّهُ مُقَارِنٌ وَقِيلَ تَحْرُمُ؛ لِأَنَّ سَبَبَهَا مُتَأَخِّرٌ أَيْ وَهُوَ الْغَيْثُ وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْقَحْطَ هُوَ الْحَامِلُ عَلَيْهَا لِطَلَبِ الْغَيْثِ فَالْأَوَّلُ هُوَ السَّبَبُ الْأَصْلِيُّ فَكَانَتْ إنَاطَةُ الْحُكْمِ بِهِ أَوْلَى قِيلَ وَقَعَ فِي الْمَجْمُوعِ حُرْمَتُهَا وَهُوَ سَبْقُ قَلَمٍ انْتَهَى وَلَيْسَ فِي مَحَلِّهِ، بَلْ الَّذِي فِيهِ حِلُّهَا وَنَازَعَ الْغَزَالِيُّ فِي جَوَازِ سُنَّةِ الْوُضُوءِ بِأَنَّهُ لَا يَكُونُ سَبَبًا لِلصَّلَاةِ، بَلْ هِيَ سَبَبُهُ فَاسْتَحَالَتْ نِيَّتُهُ بِهَا بِأَنْ يُضِيفَهَا إلَيْهِ

وَيُرَدُّ بِأَنَّ مَعْنَى كَوْنِهِ سَبَبًا لَهَا أَنَّهُ سَبَبٌ لِنَدْبِ صَلَاةٍ مَخْصُوصَةٍ عَقِبَهُ لَا لِمُطْلَقِ الصَّلَاةِ وَكَوْنُهَا سَبَبَهُ أَنَّ مَشْرُوعِيَّتَهُ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ صَلَاةٌ وَوَاضِحٌ فُرْقَانُ مَا بَيْنَ الْمَقَامَيْنِ فَبَطَلَتْ الِاسْتِحَالَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا، وَالْمُعَادَةُ لِتَيَمُّمٍ، أَوْ انْفِرَادٍ لَا يَكُونُ سَبَبُهَا إلَّا مُقَارِنًا لِاسْتِحَالَةِ وُجُودِ سَبَبٍ لَهَا قَبْلَ الْوَقْتِ، وَكَذَا الْعِيدُ، وَالضُّحَى بِنَاءً عَلَى دُخُولِ وَقْتِهِمَا بِالطُّلُوعِ وَيَأْتِي فِي التَّحِيَّةِ حَالَ الْخُطْبَةِ وَفِيمَنْ شَرَعَ فِي صَلَاةٍ قَبْلَ الْخُطْبَةِ فَصَعِدَ الْخَطِيبُ الْمِنْبَرَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ فَيُحْتَمَلُ الْقِيَاسُ وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بِأَنَّ ذَاكَ أَغْلَظُ لِاسْتِوَاءِ ذَاتِ السَّبَبِ وَغَيْرِهَا، ثُمَّ لَا هُنَا وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ الْقِيَاسُ فِي الْأُولَى بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ إلَّا فِي رَكْعَتَيْنِ فَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِمَا كَإِنْشَاءِ صَلَاةٍ أُخْرَى مُطْلَقًا، ثُمَّ وَلَا سَبَبَ لَهَا هُنَا لَا فِي الثَّانِيَةِ فَإِذَا نَوَى أَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ، ثُمَّ دَخَلَ وَقْتُ الْكَرَاهَةِ وَلَمْ يَتَحَرَّ تَأْخِيرَ بَعْضِهَا إلَيْهِ لَمْ يَلْزَمْهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ بِدُخُولِهِ؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ (وَإِلَّا) صَلَاةٌ (فِي) بُقْعَةٍ مِنْ بِقَاعِ (حَرَمِ مَكَّةَ) الْمَسْجِدُ وَغَيْرُهُ مِمَّا حَرُمَ صَيْدُهُ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا

مَا فِي الرَّوْضَةِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَالنَّذْرُ) أَيْ: الْمُطْلَقُ، وَأَمَّا الْمُقَيَّدُ بِوَقْتِ الْكَرَاهَةِ فَلَا يَنْعَقِدُ كَمَا فِي الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ: الْمُعْتَمَدِ مِنْ كَوْنِ التَّأْخِيرِ وَقَسِيمَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ وَ (قَوْلُهُ: عَلَى الثَّانِي) أَيْ: مِنْ كَوْنِهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْوَقْتِ (قَوْلُهُ: إنْ تَقَدَّمَتْ) أَيْ الْأَسْبَابُ الْمَذْكُورَةُ (قَوْلُهُ: وَهَذَا التَّفْصِيلُ) أَيْ: قَوْلُهُ وَعَلَى الثَّانِي إنْ تَقَدَّمَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي الثَّانِيَةِ) إشَارَةٌ إلَى نَحْوِ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ كُرْدِيٌّ عِبَارَةُ الْبَصْرِيِّ الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ بِالثَّانِيَةِ بِقَرِينَةِ السِّيَاقِ صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ وَحِينَئِذٍ فَهِيَ فِي التَّرْتِيبِ ثَالِثَةٌ لَا ثَانِيَةٌ فَلْيُحَرَّرْ اهـ أَقُولُ: وَنَحْوُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ ثَانِي التَّرَاكِيبِ الْإِضَافِيَّةِ بِالْأَصَالَةِ الثَّلَاثَةِ وَأَوَّلُهَا صَلَاةُ الْجِنَازَةِ وَثَالِثُهَا سُنَّةُ الظُّهْرِ

(قَوْلُهُ: وَغَيْرُهُ) أَيْ: إطْلَاقُ غَيْرِ الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ تَحْرُمُ) أَيْ الثَّانِيَةُ (قَوْلُهُ: أَيْ وَهُوَ الْغَيْثُ) لَعَلَّ الْأَوْلَى طَلَبُ الْغَيْثِ فَلْيُتَأَمَّلْ بَصْرِيٌّ وَقَالَ الْمُحَشِّي عَبْدُ اللَّهِ بَاقُشَيْرٌ الظَّاهِرُ، بَلْ الْمُتَعَيَّنُ الْغَيْثُ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَأَخِّرُ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْقِيلُ وَإِلَّا لَوْ كَانَ طَلَبُهُ لَكَانَ مُتَقَدِّمًا، أَوْ مُقَارِنًا اهـ وَيَأْتِي عَنْ سم مَا يُوَافِقُهُ لَكِنْ يَرُدُّهُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي الْحَامِلِ عَلَيْهَا لِطَلَبِ الْغَيْثِ الْمُفِيدِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالطَّلَبِ مَا جَعَلَ الصَّلَاةَ وَسِيلَةً مُتَقَدِّمَةً لِقَبُولِهِ (قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْقَحْطَ إلَخْ) وَيُرَدُّ أَيْضًا بِأَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ فَالسَّبَبُ طَلَبُ الْغَيْثِ لَا نَفْسِهِ، وَالطَّلَبُ قَطْعًا غَيْرُ مُتَأَخِّرٍ قَالَهُ سم وَتَقَدَّمَ مَا يَرُدُّهُ (قَوْلُهُ: فَالْأَوَّلُ) أَيْ الْقَحْطُ (قَوْلُهُ: أَوْلَى) أَيْ: مِنْ إنَاطَتِهِ بِالْغَيْثِ وَطَلَبِهِ (قَوْلُهُ: حُرْمَتُهَا) أَيْ حُرْمَةُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَقْتَ الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: فِي جَوَازِ سُنَّةِ الْوُضُوءِ) أَيْ: فِي جَوَازِ التَّعْبِيرِ بِهَا وَنِيَّتِهَا إلَّا فِي جَوَازِ فِعْلِهَا (قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ بِأَنَّ مَعْنَى كَوْنِهِ إلَخْ) أَقُولُ: وَأَوْضَحُ مِنْهُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْوُضُوءَ بِاعْتِبَارِ الْوُجُودِ الْخَارِجِيِّ سَبَبٌ لِلصَّلَاةِ وَبِاعْتِبَارِ الْوُجُودِ الذِّهْنِيِّ مُسَبَّبٌ عَنْهَا نَظِيرُ مَا قَرَّرُوهُ فِي الْعِلَّةِ الْغَائِبَةِ (قَوْلُهُ: وَكَوْنِهَا إلَخْ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى كَوْنِهِ إلَخْ

(قَوْلُهُ: وَوَاضِحٌ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ لِقَوْلِهِ فُرْقَانٌ إلَخْ وَهُوَ عَلَى وَزْنِ قُرْآنٍ مَصْدَرٌ كَفَرَقَ (قَوْلُهُ: وَالْمُعَادَةُ) أَيْ بِطَهَارَةِ مَاءٍ، أَوْ بِجَمَاعَةٍ وَ (قَوْلُهُ: لِتَيَمُّمٍ إلَخْ) أَيْ: لِمَا فُعِلَ بِتَيَمُّمٍ أَوْ انْفِرَادٍ قَالَ الرَّشِيدِيُّ وَانْظُرْ مَا وَجْهُ كَوْنِ الْمُعَادَةِ مِمَّا سَبَبُهُ مُقَارِنٌ مَعَ أَنَّ السَّبَبَ فِيهَا وُجُودُ الْمَاءِ مَثَلًا اهـ أُجِيبَ بِأَنَّهُ لَيْسَ السَّبَبُ لِسَنِّ الْإِعَادَةِ وُجُودَ الْمَاءِ، بَلْ كَوْنُهَا بِوُضُوءٍ، أَوْ نَحْوِهِ وَهُوَ مُقَارِنٌ لَهَا جَزْمًا أَيْ بِاعْتِبَارِ الدَّوَامِ (قَوْلُهُ: فَصَعِدَ الْخَطِيبُ إلَخْ) أَيْ: وَلَوْ فِي حَرَمِ مَكَّةَ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: فَيُحْتَمَلُ الْقِيَاسُ) أَيْ: لِمَا هُنَا عَلَى مَا هُنَاكَ سم أَيْ قِيَاسُ مَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ، أَوْ شَرَعَ فِي صَلَاةٍ قَبْلَهُ عَلَى مَنْ دَخَلَ حَالَ الْخُطْبَةِ، أَوْ شَرَعَ فِي صَلَاةٍ قَبْلَهَا، ثُمَّ صَعِدَ الْخَطِيبُ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى رَكْعَتَيْنِ (قَوْلُهُ: الْقِيَاسُ فِي الْأُولَى) أَيْ فَيُمْتَنَعُ عَلَى دَاخِلِ الْمَسْجِدِ وَقْتَ الْكَرَاهَةِ صَلَاةُ التَّحِيَّةِ أَرْبَعًا مَثَلًا سم (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَتْ ذَاتَ سَبَبٍ، أَوْ لَا وَ (قَوْلُهُ: ثُمَّ) أَيْ: فِي الدُّخُولِ حَالَ الْخُطْبَةِ وَ (قَوْلُهُ: وَلَا سَبَبَ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى مُطْلَقًا وَ (قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ: فِي الدُّخُولِ وَقْتَ الْكَرَاهَةِ

(قَوْلُهُ: لَا فِي الثَّانِيَةِ) وَهِيَ مَا إذَا شَرَعَ فِي نَفْلٍ لَا سَبَبَ لَهَا وَدَخَلَ فِي أَثْنَائِهِ وَقْتَ الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ كَانَ أَطْلَقَ نِيَّتَهُ فَلَمْ يَنْوِ عَدَدًا مَخْصُوصًا فَهَلْ يُصَلِّي مَا شَاءَ إذَا دَخَلَ الْوَقْتُ أَوْ يَقْتَصِرُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ وَيَظْهَرُ الثَّانِي وَعَلَيْهِ فَلَوْ دَخَلَ الْوَقْتُ وَهُوَ فِي ثَالِثَةٍ، أَوْ رَابِعَةٍ مَثَلًا فَهَلْ يُتِمُّهَا وَيَقْتَصِرُ عَلَيْهَا فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ سم قَوْلُ الْمَتْنِ (وَإِلَّا فِي حَرَمِ مَكَّةَ) عَنْ «أَبِي ذَرٍّ قَالَ وَقَدْ صَعِدَ عَلَى دَرَجَةِ الْكَعْبَةِ مَنْ عَرَفَنِي فَقَدْ عَرَفَنِي وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْنِي فَأَنَا جُنْدُبٌ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لَا صَلَاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَلَا بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ إلَّا بِمَكَّةَ إلَّا بِمَكَّةَ»

مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ السَّابِقِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَكْرُوهًا

(قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْقَحْطَ إلَخْ) يُرَدُّ أَيْضًا بِأَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ فَالسَّبَبُ طَلَبُ الْغَيْثِ لَا نَفْسُهُ، وَالطَّلَبُ قَطْعًا غَيْرُ مُتَأَخِّرٍ (قَوْلُهُ: فَيُحْتَمَلُ الْقِيَاسُ) أَيْ: لِمَا هُنَا عَلَى مَا هُنَاكَ (قَوْلُهُ: يُتَّجَهُ الْقِيَاسُ فِي الْأُولَى) أَيْ: فَيُمْتَنَعُ عَلَى دَاخِلِ الْمَسْجِدِ وَقْتَ الْكَرَاهَةِ صَلَاةُ التَّحِيَّةِ أَرْبَعًا مَثَلًا (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ كَانَ أَطْلَقَ نِيَّتَهُ فَلَمْ يَنْوِ عَدَدًا مَخْصُوصًا فَهَلْ يُصَلِّي مَا شَاءَ إذَا دَخَلَ الْوَقْتُ، أَوْ يَقْتَصِرُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ وَيَظْهَرُ الثَّانِي وَعَلَيْهِ فَلَوْ دَخَلَ الْوَقْتُ وَهُوَ فِي ثَالِثَةٍ، أَوْ رَابِعَةٍ مَثَلًا فَهَلْ يُتِمُّهَا وَيَقْتَصِرُ عَلَيْهَا فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ

ص: 444