المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب النجاسة وإزالتها] - تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي - جـ ١

[ابن حجر الهيتمي]

الفصل: ‌[باب النجاسة وإزالتها]

إفْرَادَ كُلٍّ بِغُسْلٍ وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ الظُّهْرُ وَسُنَّتُهُ وَخُطْبَةُ الْجُمُعَةِ وَالْكُسُوفُ بِنِيَّةٍ؛ لِأَنَّ مَبْنَى الطِّهَارَاتِ عَلَى التَّدَاخُلِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا كَالْخُطْبَةِ (أَوْ لِأَحَدِهِمَا حَصَلَ فَقَطْ) عَمَلًا بِمَا نَوَاهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَنْدَرِجْ الْمَسْنُونُ فِي الْوَاجِبِ؛ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ وَمِنْ ثَمَّ تَيَمَّمَ لِلْعَجْزِ عَنْهُ بِخِلَافِ التَّحِيَّةِ وَمِنْ ثَمَّ حَصَلَتْ بِغَيْرِهَا وَإِنْ لَمْ تُنْوَ عَلَى مَا يَأْتِي؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ إشْغَالُ الْبُقْعَةِ وَأَفْهَمَ الْمَتْنُ عَدَمَ صِحَّةِ الْوَاجِبِ بِنِيَّةِ النَّفْلِ وَكَذَا عَكْسُهُ لَكِنْ يَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّهُ إنْ تَعَمَّدَ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي حُصُولُ السُّنَّةِ بِذَلِكَ لِعُذْرِهِ وَأَنَّهُ لَوْ اغْتَسَلَ لِأَحَدِ وَاجِبَيْنِ أَوْ أَحَدِ نَفَلَيْنِ فَأَكْثَرَ بِنِيَّتِهِ فَقَطْ حَصَلَ الْآخَرُ وَهُوَ كَذَلِكَ لِمَا مَرَّ أَنَّ مَبْنَى الطِّهَارَاتِ عَلَى التَّدَاخُلِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِحُصُولِ غَيْرِ الْمَنْوِيِّ سُقُوطُ طَلَبِهِ كَمَا فِي التَّحِيَّةِ. (قُلْت وَلَوْ أَحْدَثَ ثُمَّ أَجْنَبَ أَوْ عَكْسُهُ) أَوْ وُجِدَا مَعًا (كَفَى الْغُسْلُ) وَإِنْ لَمْ يَنْوِ مَعَهُ الْوُضُوءَ وَلَا رَتَّبَ أَعْضَاءَهُ (عَلَى الْمَذْهَبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِانْدِرَاجِ الْأَصْغَرِ فِي الْأَكْبَرِ وَلَا نَظَرَ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ مَعَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ كَفَى أَنَّ الْأَصْغَرَ اضْمَحَلَّ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ حُكْمٌ وَهُوَ كَذَلِكَ.

(بَابُ النَّجَاسَةِ

تَطْهِيرٍ عَنْ الْحَدَثِ بَصْرِيٌّ.

(قَوْلُهُ إفْرَادُ كُلٍّ بِغُسْلٍ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَعَمِيرَةَ أَنْ يَغْتَسِلَ لِلْجَنَابَةِ ثُمَّ لِلْجُمُعَةِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْأَصْحَابِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَخُطْبَةُ الْجُمُعَةِ إلَخْ) بِأَنْ قَدَّمَ الْكُسُوفَ ثُمَّ خَطَبَ وَنَوَى بِخُطْبَتِهِ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ وَالْكُسُوفِ مُغْنِي (قَوْلُهُ بِنِيَّةٍ) أَيْ لِلظُّهْرِ وَسُنَّتِهِ وَلِخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَخُطْبَةِ الْكُسُوفِ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ) أَيْ مَعَ عَدَمِ مُسَاوَاةِ الْمَسْنُونِ الْغَيْرِ الْمَنْوِيِّ الْوَاجِبَ الْمَنْوِيَّ أَيْ فِي الْمَقْصُودِ فَأَشْبَهَ سُنَّةَ الظُّهْرِ مَعَ فَرْضِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي وَصَرَّحَ بِذَلِكَ الْحَلَبِيُّ فَانْدَفَعَ بِذَلِكَ مَا أَطَالَ بِهِ السَّيِّدُ الْبَصْرِيُّ هُنَا (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ تَيَمَّمَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَفَارَقَ مَا لَوْ نَوَى بِصَلَاتِهِ الْفَرْضَ دُونَ التَّحِيَّةِ حَيْثُ تَحْصُلُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا بِأَنَّ الْمَقْصُودَ ثَمَّ إشْغَالُ الْبُقْعَةِ بِصَلَاةٍ وَقَدْ حَصَلَ وَلَيْسَ الْقَصْدُ هُنَا النَّظَافَةَ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ عِنْدَ عَجْزِهِ عَنْ الْمَاءِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ تُنْوَ) أَيْ بِأَنْ لَمْ تَتَعَرَّضْ أَمَّا لَوْ نُفِيَتْ فَلَا تَحْصُلُ بِخِلَافِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ فَإِنَّهُ يَرْتَفِعُ وَإِنْ نَفَاهُ لِاضْمِحْلَالِهِ مَعَ الْجَنَابَةِ ع ش (قَوْلُهُ إشْغَالُ الْبُقْعَةِ) التَّعْبِيرُ بِهِ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ شَغْلُ الْبُقْعَةِ وَفِي الْمُخْتَارِ شُغْلٌ بِسُكُونِ الْغَيْنِ وَضَمِّهَا وَشَغْلٌ بِفَتْحِ الشِّينِ وَسُكُونِ الْغَيْنِ وَبِفَتْحَتَيْنِ فَصَارَتْ أَرْبَعَ لُغَاتٍ وَالْجَمْعُ أَشْغَالٌ وَشَغَلَهُ مِنْ بَابِ قَطَعَ فَهُوَ شَاغِلٌ وَلَا تَقُلْ أَشْغَلَهُ؛ لِأَنَّهُ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ اهـ.

ع ش (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي حُصُولُ السُّنَّةِ إلَخْ) فَعَلَى هَذَا لَوْ نَوَى يَوْمَ الْجُمُعَةِ رَفْعَ الْجَنَابَةِ غَلَطًا حَصَلَ غُسْلُ الْجُمُعَةِ سم.

(قَوْلُهُ لِأَحَدِ وَاجِبَيْنِ إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي وَاجِبَيْنِ عَنْ حَدَثٍ أَمَّا وَاجِبَانِ أَحَدُهُمَا عَنْ حَدَثٍ كَجَنَابَةٍ وَالْآخَرُ عَنْ نَذْرٍ فَالْمُتَّجَهُ أَيْ كَمَا قَالَهُ م ر أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ أَحَدُهُمَا بِنِيَّةِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ أَحَدِهِمَا لَا يَتَضَمَّنُ الْآخَرَ أَمَّا نِيَّةُ الْمَنْذُورِ فَلَيْسَ فِيهَا تَعَرُّضٌ لِرَفْعِ الْحَدَثِ مُطْلَقًا وَأَمَّا نِيَّةُ الْآخَرِ فَلِأَنَّ الْمَنْذُورَ جِنْسٌ آخَرُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ مَا عَنْ الْحَدَثِ بَلْ لَوْ كَانَ عَنْ نَذْرَيْنِ اُتُّجِهَ عَدَمُ حُصُولِ أَحَدِهِمَا بِنِيَّةِ الْآخَرِ أَيْضًا فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى حَجّ وَذَلِكَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ النَّذْرَيْنِ أَوْجَبَ فِعْلًا مُسْتَقِلًّا غَيْرَ مَا أَوْجَبَهُ الْآخَرُ مِنْ حَيْثُ الشَّخْصُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ كَانَ عَلَى الْمَرْأَةِ حَيْضٌ وَنِفَاسٌ وَجَنَابَةٌ حَيْثُ أَجْزَأَهَا نِيَّةٌ وَاحِدَةٌ مِنْهَا أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الثَّلَاثَةِ رَفْعُ مَانِعِ الصَّلَاةِ وَهُوَ إذَا ارْتَفَعَ بِالنِّسْبَةِ لِأَحَدِهَا ارْتَفَعَ ضَرُورَةً بِالنِّسْبَةِ لِبَاقِيهَا إذْ الْمَنْعُ لَا يَتَبَعَّضُ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ نَفَى بَعْضَهَا لَمْ يَنْتَفِ فَكَانَتْ كُلُّهَا كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ ع ش (قَوْلُهُ أَنَّ مَبْنَى الطِّهَارَاتِ إلَخْ) أَيْ الْمُشْتَرَكَةَ فِي الْمَقْصُودِ مِنْهَا (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ) هَذَا جَارٍ عَلَى مَا جَرَى عَلَيْهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ لَكِنْ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ م ر لَوْ طُلِبَتْ مِنْهُ أَغْسَالٌ مُسْتَحَبَّةٌ كَعِيدٍ وَكُسُوفٍ وَاسْتِسْقَاءٍ وَجُمُعَةٍ وَنَوَى أَحَدَهَا حَصَلَ الْجَمِيعُ إلَخْ حُصُولُ ثَوَابِ الْكُلِّ وَهُوَ قِيَاسُ مَا اعْتَمَدَهُ فِي تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ إذَا لَمْ يَنْوِهَا ع ش عِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ الْمُعْتَمَدُ حُصُولُ الثَّوَابِ أَيْضًا خِلَافًا لِحَجِّ وَمَنْ سَبَقَهُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ مَعَهُ الْوُضُوءَ) بَلْ لَوْ نَفَاهُ لَمْ يَنْتَفِ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ اضْمِحْلَالِ الْأَصْغَرِ مَعَ الْأَكْبَرِ ع ش (قَوْلُهُ وَأَفْهَمَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَقَدْ نَبَّهَ الرَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ إنَّمَا يَقَعُ عَنْ الْجَنَابَةِ وَأَنَّ الْأَصْغَرَ يَضْمَحِلُّ مَعَهُ أَيْ لَا يَبْقَى لَهُ حُكْمٌ فَلِهَذَا عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ كَفَى اهـ.

(قَوْلُهُ فَلَمْ يَبْقَ لَهُ حُكْمٌ) فَالْغُسْلُ عَنْ الْأَكْبَرِ فَقَطْ لَا عَنْهُ وَعَنْ الْأَصْغَرِ بَصْرِيٌّ.

[بَابُ النَّجَاسَةِ وَإِزَالَتُهَا]

(بَابُ النَّجَاسَةِ)

تَصِحُّ قَبْلَهَا حَتَّى مَعَ الْأُولَى؛ لِأَنَّ كُلَّ غَسْلَةٍ لَهَا مَدْخَلٌ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ فَقَدْ اقْتَرَنَتْ النِّيَّةُ بِأَوَّلِ الْغُسْلِ الْوَاقِعِ وَالسَّابِعَةُ وَحْدَهَا لَمْ تَرْفَعْ إذْ لَوْلَا الْغَسَلَاتُ السَّابِقَةُ عَلَيْهَا مَا رَفَعَتْ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ أَوْ لِأَحَدِهِمَا حَصَلَ) إنْ كَانَ لَفْظُ الْمُصَنِّفِ إحْدَاهُمَا بِتَأْنِيثِ إحْدَى فَقَوْلُهُ حَصَلَ أَيْ غَسْلُ تِلْكَ الْإِحْدَى (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي حُصُولُ السُّنَّةِ) فَعَلَى هَذَا لَوْ نَوَى يَوْمَ الْجُمُعَةِ رَفْعَ الْجَنَابَةِ غَلَطًا حَصَلَ غُسْلُ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ لِأَحَدِ وَاجِبَيْنِ إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي وَاجِبَيْنِ عَنْ حَدَثٍ أَمَّا وَاجِبَانِ أَحَدُهُمَا عَنْ حَدَثٍ كَجَنَابَةٍ وَالْآخَرُ عَنْ نَذْرٍ فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ أَحَدُهُمَا بِنِيَّةِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ أَحَدِهِمَا لَا تَتَضَمَّنُ الْآخَرَ أَمَّا نِيَّةُ الْمَنْذُورِ فَلَيْسَ فِيهَا تَعَرُّضٌ لِرَفْعِ الْحَدَثِ مُطْلَقًا، وَأَمَّا نِيَّةُ الْآخَرِ فَلِأَنَّ الْمَنْذُورَ جِنْسٌ آخَرُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ مَا عَلَى الْمُحْدِثِ بَلْ لَوْ كَانَا عَنْ نَذْرَيْنِ اُتُّجِهَ عَدَمُ حُصُولِ أَحَدِهِمَا بِنِيَّةِ الْآخَرِ أَيْضًا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ كَفَى) فِي شَرْحِ م ر، وَقَدْ نَبَّهَ الرَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ إنَّمَا يَقَعُ عَنْ الْجَنَابَةِ وَأَنَّ الْأَصْغَرَ يَضْمَحِلُّ مَعَهُ أَيْ لَا يَبْقَى لَهُ حُكْمٌ فَلِهَذَا عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ كَفَى اهـ.

(بَابُ النَّجَاسَةِ)

ص: 286

وَإِزَالَتُهَا) قِيلَ كَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُهَا عَنْ التَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَمَّا قَبْلَهَا لَا عَنْهَا أَوْ تَقْدِيمُهَا عَقِبَ الْمِيَاهِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ لِهَذَا الصَّنِيعِ وَجْهًا أَيْضًا وَهُوَ أَنَّ إزَالَتَهَا لَمَّا كَانَتْ شَرْطًا لِلْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ عَلَى مَا مَرَّ وَكَانَ لَا بُدَّ فِي بَعْضِهَا مِنْ تُرَابِ التَّيَمُّمِ كَانَتْ آخِذَةً طَرَفًا مِمَّا قَبْلَهَا وَمِمَّا بَعْدَهَا فَتَوَسَّطَتْ بَيْنَهُمَا إشَارَةً لِذَلِكَ (هِيَ) لُغَةً الْمُسْتَقْذَرُ وَشَرْعًا بِالْحَدِّ مُسْتَقْذَرٌ يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ حَيْثُ لَا مُرَخِّصَ وَحُدَّتْ بِغَيْرِ ذَلِكَ، وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بِمَا لَا يُسْتَغْنَى عَنْ مُرَاجَعَتِهِ لِكَثْرَةِ فَوَائِدِهِ وَعِزَّةِ أَكْثَرِهَا وَبِالْعَدِّ وَسَلَكَهُ لِسُهُولَةِ مَعْرِفَتِهَا بِهِ وَإِشَارَةً إلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَعْيَانِ الطَّهَارَةُ؛ لِأَنَّهَا خُلِقَتْ لِمَنَافِعِ الْعِبَادِ وَإِنَّمَا تَحْصُلُ أَوْ تَكْمُلُ بِالطَّهَارَةِ وَإِلَى أَنَّ مَا عَدَا مَا ذَكَرَهُ

أَيْ فِي بَيَانِ أَفْرَادِهَا وَقَوْلُهُ وَإِزَالَتُهَا فِيهِ اسْتِخْدَامٌ إذْ الْمُرَادُ بِالنَّجَاسَةِ هُنَا أَعْيَانُهَا وَبِضَمِيرِهَا فِي إزَالَتِهَا الْوَصْفُ الْقَائِمُ بِالْمَحَلِّ الْمَانِعِ مِنْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ حَيْثُ لَا مُرَخِّصَ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ وَإِزَالَتُهَا) أَيْ فَتُرْجِمَ لِشَيْءٍ وَزَادَ عَلَيْهِ وَهُوَ غَيْرُ مَعِيبٍ عَلَى أَنَّهُ قِيلَ إنَّ هَذَا لَا يُعَدُّ زِيَادَةً فَإِنَّ الْكَلَامَ عَلَى شَيْءٍ يَسْتَدْعِي ذِكْرَ مُتَعَلِّقَاتِهِ وَلَوَازِمَهُ وَلَوْ عَرْضِيَّةً ع ش (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) أَيْ التَّيَمُّمَ (قَوْلُهُ عَمَّا قَبْلَهَا) أَيْ عَنْ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ (قَوْلُهُ أَوْ تَقَدَّمَهَا عَقِبَ الْمِيَاهِ) أَيْ لِتَوَقُّفِ الْإِزَالَةِ عَلَى الْمَاءِ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُجَابُ إلَخْ) قَدْ يُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّهَا أُخِّرَتْ عَنْ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهِمَا تَقْدِيمُ إزَالَتِهَا وَأَنَّهُ يَكْفِي مُقَارَنَةُ إزَالَتِهَا لَهُمَا وَقُدِّمَتْ عَلَى التَّيَمُّمِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهِ تَقْدِيمُ إزَالَتِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّهُ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ سم عَلَى حَجّ وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَكْفِي مُقَارَنَةٌ إلَخْ أَيْ فِيمَا لَوْ كَانَتْ فِيمَا يَجِبُ غَسْلُهُ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ أَمَّا لَوْ كَانَتْ فِي غَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَيَصِحُّ مَعَ وُجُودِهَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ تَقْدِيمُ الِاسْتِنْجَاءِ عَلَى وُضُوءِ السَّلِيمِ ع ش عِبَارَةُ السَّيِّدِ عُمَرَ الْبَصْرِيِّ قَدْ يُقَالُ الْأَوْلَى تَوْجِيهُ هَذَا الصَّنِيعِ بِأَنَّ فِيهِ الْإِشَارَةَ إلَى أَنَّهَا شَرْطٌ لِلتَّيَمُّمِ وَلَيْسَتْ شَرْطًا لِلْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ بِاتِّفَاقِهِمْ وَإِلَّا لَمَا صَحَّ تَطْهِيرُ مَا عَدَا مَحَلَّهَا فِيهِمَا قَبْلَ إزَالَتِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا الِاخْتِلَافُ فِي الِاكْتِفَاءِ فِي الْغَسْلَةِ فَأَمْرٌ آخَرُ لَيْسَ الْمُلْحَظُ فِيهِ أَنَّ رَفْعَ الْحَدَثِ مَوْقُوفٌ عَلَى إزَالَتِهَا بَلْ إنَّهُمَا وَاجِبَانِ مُخْتَلِفَا الْجِنْسِ فَلَا يَتَدَاخَلَانِ وَعَلَى التَّنَزُّلِ فَالْمُصَنِّفُ لَا يَرَى ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ وَأَنْصِفْ اهـ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا عَيْنُ جَوَابِ سم إلَّا أَنَّ فِيهِ زِيَادَةَ تَفْصِيلٍ.

(قَوْلُهُ عَلَى مَا مَرَّ) لَعَلَّهُ أَرَادَ بِهِ رَأْيَ الرَّافِعِيِّ دُونَ رَأْيِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ فِي بَعْضِهَا) وَهُوَ النَّجَاسَةُ الْمُغَلَّظَةُ (قَوْلُهُ مِنْ تُرَابِ التَّيَمُّمِ) أَيْ مِنْ جِنْسِ التُّرَابِ الَّذِي يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ التَّيَمُّمُ (قَوْلُهُ الْمُسْتَقْذَرُ) أَيْ وَلَوْ طَاهِرًا كَالْبُصَاقِ وَالْمُخَاطِ وَالْمَنِيِّ فَالْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ أَعَمُّ مِنْ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ مُسْتَقْذَرٌ إلَخْ) اعْتِبَارُ الِاسْتِقْذَارِ هُنَا يُنَافِيهِ اعْتِبَارُ عَدَمِهِ فِي الْحَدِّ الْمَذْكُورِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ بِقَوْلِهِمْ كُلُّ عَيْنٍ حَرُمَ تَنَاوُلُهَا إلَى أَنْ قَالُوا لَا لِحُرْمَتِهَا وَلَا لِاسْتِقْذَارِهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمَعْنَى أَنَّ حُرْمَةَ تَنَاوُلِهَا لَا لِكَوْنِهَا مُسْتَقْذَرَةً سم عَلَى مَنْهَجٍ اهـ ع ش زَادَ الرَّشِيدِيُّ.

وَاعْلَمْ أَنَّ قَضِيَّةَ هَذَا التَّعْرِيفِ أَنَّ النَّجَاسَاتِ مُسْتَقْذَرَةٌ وَلَكَ مَنْعُهُ فِي الْكَلْبِ الْحَيِّ، وَلِهَذَا يَأْلَفُهُ مَنْ لَا يَعْتَقِدُ نَجَاسَتَهُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَحْوِ الذِّئْبِ وَلَا يُقَالُ الْمُرَادُ اسْتِقْذَارُهَا شَرْعًا إذْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ الدَّوْرُ اهـ. (قَوْلُهُ يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ) إنْ قُلْت هَذَا حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِ النَّجَاسَةِ وَإِدْخَالُ الْحُكْمِ فِي التَّعْرِيفِ يُوجِبُ الدَّوْرَ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ عَلَى الشَّيْءِ فَرْعٌ عَنْ تَصَوُّرِهِ فَيَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَيْهَا وَهِيَ مَوْقُوفَةٌ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ جُزْءًا مِنْ تَعْرِيفِهَا أُجِيبُ بِأَنَّهُ رَسْمٌ وَالرَّسْمُ لَا يَضُرُّ فِيهِ ذَلِكَ اهـ حِفْنِي أَيْ فَتَعْبِيرُ الشَّارِحِ بِالْحَدِّ عَلَى اصْطِلَاحِ الْأُصُولِيِّينَ لَا الْمَنَاطِقَةِ.

(قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا مُرَخِّصَ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ هُنَاكَ مُرَخِّصٌ أَيْ مُجَوِّزٌ كَمَا فِي فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَعَلَيْهِ نَجَاسَةٌ فَإِنَّهُ يُصَلِّي لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ وَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ شَيْخُنَا عِبَارَةُ الْبُجَيْرِمِيِّ هَذَا الْقَيْدُ لِلْإِدْخَالِ فَيَدْخُلُ الْمُسْتَنْجِي بِالْحَجَرِ فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْ أَثَرِ الِاسْتِنْجَاءِ وَتَصِحُّ إمَامَتُهُ وَمَعَ ذَلِكَ مَحْكُومٌ عَلَى هَذَا الْأَثَرِ بِالتَّنْجِيسِ إلَّا أَنَّهُ عُفِيَ عَنْهُ اهـ.

(قَوْلُهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ إلَخْ) ذَكَرَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي وَبَسَطَا فِيهِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ وَبِالْعَدِّ) عَطْفٌ عَلَى بِالْحَدِّ (قَوْلُهُ وَسَلَكَهُ إلَخْ) أَيْ سَلَكَ الْمُصَنِّفُ التَّعْرِيفَ بِالْعَدِّ. (قَوْلُهُ لِسُهُولَةِ مَعْرِفَتِهَا بِهِ) أَيْ بِخِلَافِ مَعْرِفَتِهَا بِالْحَدِّ فَإِنَّهَا عَسِرَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُنْتَهِينَ فَضْلًا عَنْ غَيْرِهِمْ (قَوْلُهُ إلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَعْيَانِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْأَعْيَانَ جَمَادٌ وَحَيَوَانٌ فَالْجَمَادُ كُلُّهُ طَاهِرٌ إلَّا مَا نَصَّ الشَّارِعُ عَلَى نَجَاسَتِهِ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ كُلُّ مُسْكِرٍ مَائِعٍ وَكَذَا الْحَيَوَانُ كُلُّهُ طَاهِرٌ إلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ الشَّارِعُ أَيْضًا وَقَدْ نَبَّهَ الْمُصَنِّفُ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَكَلْبٌ إلَخْ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَالْمُرَادُ بِالْحَيَوَانِ مَا لَهُ رُوحٌ وَبِالْجَمَادِ مَا لَيْسَ بِحَيَوَانٍ وَلَا أَصْلِ حَيَوَانٍ وَلَا جَزْءِ حَيَوَانٍ وَلَا مُنْفَصِلٍ عَنْ حَيَوَانٍ، وَأَصْلُ كُلِّ حَيَوَانٍ وَهُوَ الْمَنِيُّ وَالْعَلَقَةُ وَالْمُضْغَةُ تَابِعٌ لِحَيَوَانِهِ طَهَارَةً وَنَجَاسَةً

قَوْلُهُ وَقَدْ يُجَابُ إلَخْ) قَدْ يُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّهَا أُخِّرَتْ عَنْ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهِمَا تَقْدِيمُ إزَالَتِهَا؛ لِأَنَّهُ يَكْفِي مُقَارَنَةُ إزَالَتِهَا لَهُمَا وَقُدِّمَتْ عَلَى التَّيَمُّمِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهِ تَقْدِيمُ إزَالَتِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّهُ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ (قَوْلُهُ مُسْتَقْذَرٌ) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ اعْتِبَارُ الِاسْتِقْذَارِ فِيهَا يُنَاقِضُ اعْتِبَارَ عَدَمِهِ فِي الْحَدِّ الْآخَرِ الْمَذْكُورِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَغَيْرِهِ بِقَوْلِهِ كُلُّ عَيْنٍ حَرُمَ تَنَاوُلُهَا إلَى أَنْ قَالَ لَا لِحُرْمَتِهَا وَلَا لِاسْتِقْذَارِهَا إلَخْ وَنَفْيُهُ فِي قَوْلِهِمْ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى نَجَاسَةِ الْمَيْتَةِ، كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَغَيْرِهِ لِحُرْمَةِ تَنَاوُلِهَا قَالَ تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: 3]

ص: 287

وَنَحْوَهُ طَاهِرٌ (كُلُّ مُسْكِرٍ) أَيْ صَالِحٍ لِلْإِسْكَارِ فَدَخَلَتْ الْقَطْرَةُ مِنْ الْمُسْكِرِ وَأُرِيدَ بِهِ هُنَا مُطْلَقُ الْمُغَطِّي لِلْعَقْلِ لَا ذُو الشِّدَّةِ الْمُطْرِبَةِ وَإِلَّا لَمْ يُحْتَجْ لِقَوْلِهِمْ (مَائِعٍ) كَخَمْرٍ بِسَائِرِ أَنْوَاعِهَا وَهِيَ الْمُتَّخَذَةُ مِنْ الْعِنَبِ، وَنَبِيذٍ وَهُوَ الْمُتَّخَذُ مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ تَعَالَى سَمَّاهَا رِجْسًا وَهُوَ شَرْعًا النَّجَسُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ نَجَاسَةُ مَا بَعْدَهَا فِي الْآيَةِ؛ لِأَنَّ النَّجَسَ إمَّا مَجَازٌ فِيهِ وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ جَائِزٌ وَعَلَى امْتِنَاعِهِ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ

وَجُزْءُ الْحَيَوَانِ كَمَيْتَتِهِ كَذَلِكَ وَالْمُنْفَصِلُ مِنْ الْحَيَوَانِ النَّجِسِ نَجِسٌ مُطْلَقًا وَمِنْ الطَّاهِرِ إنْ كَانَ رَشْحًا كَالْعَرَقِ وَالرِّيقِ وَنَحْوِهِمَا فَطَاهِرٌ أَوْ مِمَّا لَهُ اسْتِحَالَةٌ فِي الْبَاطِنِ فَنَجِسٌ كَالْبَوْلِ نَعَمْ مَا اسْتَحَالَ لِصَلَاحٍ كَاللَّبَنِ مِنْ الْمَأْكُولِ وَالْآدَمِيِّ وَكَالْبَيْضِ طَاهِرٌ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ جَمِيعَ مَا فِي الْكَوْنِ إمَّا جَمَادٌ أَوْ حَيَوَانٌ أَوْ فَضَلَاتٌ فَالْحَيَوَانُ كُلُّهُ طَاهِرٌ إلَّا الْكَلْبَ وَالْخِنْزِيرَ وَفَرْعَ كُلٍّ مِنْهُمَا وَالْجَمَادُ كُلُّهُ طَاهِرٌ إلَّا الْمُسْكِرَ، وَالْفَضَلَاتُ قَدْ عَلِمْت تَفْصِيلَهَا شَيْخُنَا (قَوْلُهُ خُلِقَتْ لِمَنَافِعِ الْعِبَادِ) أَيْ وَلَوْ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُ) أَشَارَ بِهِ إلَى عَدَمِ انْحِصَارِ النَّجَاسَةِ فِيمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَعَرَّفَهَا الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ بِالْعَدِّ لَكِنَّ ظَاهِرَهُ حَصْرُهَا فِيمَا عَدَّهُ وَلَيْسَ مُرَادًا؛ لِأَنَّ مِنْهَا أَشْيَاءَ لَمْ يَذْكُرْهَا وَسَأُنَبِّهُ عَلَى بَعْضِهَا فَلَوْ ذَكَرَ لَهَا ضَابِطًا إجْمَالِيًّا كَمَا تَقَدَّمَ كَانَ أَوْلَى اهـ.

(قَوْلُهُ: فَدَخَلَتْ الْقَطْرَةُ) مَحَلُّ تَأَمُّلٍ إلَّا إنْ كَانَ الْمُرَادُ الصَّالِحُ وَلَوْ مَعَ ضَمِيمَةٍ لِغَيْرِهِ بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ سم فِي هَذَا التَّفْرِيعِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْقَطْرَةَ لَا تَصْلُحُ لِلْإِسْكَارِ وَكَانَ الْوَجْهُ أَنْ يُزَادَ عَقِبَ قَوْلِهِ صَالِحٌ لِلْإِسْكَارِ قَوْلُهُ وَلَوْ بِانْضِمَامِهِ لِمِثْلِهِ أَوْ يَقُولُ مُسْكِرٌ وَلَوْ بِاعْتِبَارِ نَوْعِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَأُرِيدَ بِهِ هُنَا إلَخْ) ظَاهِرُ تَفْسِيرِهِمْ الْمُسْكِرَ بِالْمُغَطِّي وَإِخْرَاجِهِمْ الْحَشِيشَةَ بِالْمَائِعِ أَنَّ عَصِيرَ الْعِنَبِ إذَا ظَهَرَ فِيهِ التَّغَيُّرُ وَصَارَ مُغَطِّيًا لِلْعَقْلِ وَلَمْ تَصِرْ فِيهِ شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ صَارَ نَجِسًا وَقَدْ يَقْتَضِي قَوْلُهُ م ر الْآتِي فِي التَّخَلُّلِ الْمُحَصِّلِ لِطَهَارَةِ الْخَمْرِ وَيَكْفِي زَوَالُ النَّشْوَةِ إلَخْ خِلَافَهُ وَأَنَّ الْعَصِيرَ مَا لَمْ تَصِرْ فِيهِ شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ لَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ وَإِنْ حَرُمَ تَنَاوُلُهُ ع ش (قَوْلُ وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ إلَخْ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ عِبَارَتُهُ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِهِ عَلَى أَصْلِهِ مَائِعُ غَيْرِهِ كَالْحَشِيشَةِ وَالْبَنْجِ وَالْأَفْيُونِ فَإِنَّهُ وَإِنْ أَسْكَرَ طَاهِرٌ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ بِأَنَّ الْبَنْجَ وَالْحَشِيشَ طَاهِرَانِ مُسْكِرَانِ اهـ.

قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر، وَقَدْ صَرَّحَ إلَخْ أَشَارَ بِهِ إلَى جَوَابِ اعْتِرَاضٍ وَارِدٍ عَلَى الْمَتْنِ تَقْدِيرُهُ أَنَّ الْبَنْجَ وَالْحَشِيشَةَ مُخَدِّرَانِ لَا مُسْكِرَانِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى زِيَادَةِ مَائِعٍ لِيُخْرِجَ بِهِ الْبَنْجَ وَالْحَشِيشَةَ؛ لِأَنَّهُمَا خَارِجَانِ بِقَيْدِ الْإِسْكَارِ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ صَرَّحَ شَرْحُ الْمُهَذَّبِ بِأَنَّهُمَا مُسْكِرَانِ لَا مُخَدِّرَانِ اهـ. (قَوْلُهُ لَمْ يَحْتَجْ لِقَوْلِهِمْ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ مَا فِيهِ شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ لَا يَكُونُ إلَّا مَائِعًا حِفْنِي.

(قَوْلُهُ كَخَمْرٍ) إلَى قَوْلِهِ وَلَا يَلْزَمُ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِهِ وَعَلَى امْتِنَاعِهِ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ كَخَمْرٍ بِسَائِرِ أَنْوَاعِهَا) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ خَمْرًا كَانَ وَهُوَ الْمُشْتَدُّ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ وَلَوْ مُحْتَرَمَةً وَمُثَلَّثَةً وَبَاطِنِ حَبَّاتِ عُنْقُودٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا شَأْنُهُ الْإِسْكَارُ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا اهـ زَادَ الْمُغْنِي وَهِيَ أَيْ الْمُثَلَّثَةُ الْمَغْلِيُّ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ حَتَّى صَارَ عَلَى الثُّلُثِ، وَالْخَمْرُ مُؤَنَّثَةٌ وَتَذْكِيرُهَا لُغَةٌ ضَعِيفَةٌ وَتَلْحَقُهَا التَّاءُ عَلَى قِلَّةٍ اهـ.

(قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ كَمَاءِ الزَّبِيبِ وَنَحْوِهِ مُغْنِي (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ تَعَالَى إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ أَمَّا الْخَمْرُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ} [المائدة: 90] وَالرِّجْسُ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ النَّجَسُ إلَخْ، وَأَمَّا النَّبِيذُ فَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْخَمْرِ مَعَ التَّنْفِيرِ عَنْ الْمُسْكِرِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَصَدَّ عَمَّا عَدَاهَا أَيْ الْخَمْرِ الْإِجْمَاعُ فَبَقِيَتْ هِيَ وَاسْتَدَلَّ عَلَى نَجَاسَتِهَا الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ بِالْإِجْمَاعِ وَحُمِلَ عَلَى إجْمَاعِ الصَّحَابَةِ فَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ رَبِيعَةَ شَيْخِ مَالِكٍ أَنَّهُ ذَهَبَ إلَى طَهَارَتِهَا وَنَقَلَهُ بَعْضُهُمْ عَنْ الْحَسَنِ وَاللَّيْثِ اهـ. (قَوْلُهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ كَوْنِ الرِّجْسِ شَرْعًا النَّجَسُ وَقَالَ الْكُرْدِيُّ أَيْ مِنْ تَسْمِيَتِهِ تَعَالَى الْخَمْرَ رِجْسًا اهـ. (قَوْلُهُ مَا مَجَازٌ فِيهِ) يَعْنِي أَنَّ الرِّجْسَ فِيمَا بَعْدَهَا بِمَعْنَى الْقَذَرِ الَّذِي تَعَافُ عَنْهُ النَّفْسُ مَجَازًا كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ جَائِزٌ) أَيْ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ نِهَايَةٌ أَيْ وَالْمُحَقِّقِينَ (قَوْلُهُ وَعَلَى امْتِنَاعِهِ) أَيْ الْجَمْعِ (قَوْلُهُ هُوَ مِنْ عُمُومِ الْمَجَازِ إلَخْ) وَهُوَ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي مَعْنًى مَجَازِيٍّ شَامِلٍ لِلْمَعْنَى الْوَضْعِيِّ وَغَيْرِهِ كَالْمُسْتَقْذَرِ هُنَا الشَّامِلِ لِلنَّجِسِ وَغَيْرِهِ.

قَالَ سم قَدْ يُقَالُ إذَا كَانَ مِنْ عُمُومِ الْمَجَازِ فَهُوَ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ النَّجِسِ وَغَيْرِهِ مَجَازًا فَلَا يَدُلُّ عَلَى الْمَطْلُوبِ إلَّا بِقَرِينَةٍ تُفْهِمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْخَمْرِ هُوَ النَّجَسُ

وَتَحْرِيمُ مَا لَيْسَ بِمُحْتَرَمٍ وَلَا مُسْتَقْذَرٍ وَلَا ضَرَرَ فِيهِ يَدُلُّ عَلَى نَجَاسَتِهِ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَدَخَلَتْ الْقَطْرَةُ) فِي هَذَا التَّفْرِيعِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْقَطْرَةَ لَا تَصْلُحُ لِلْإِسْكَارِ فَكَانَ الْوَجْهُ أَنْ يُزَادَ عَقِبَ قَوْلِهِ صَالِحٍ لِلْإِسْكَارِ، قَوْلُهُ وَلَوْ بِانْضِمَامِهِ لِمِثْلِهِ أَوْ يَقُولُ مُسْكِرٌ وَلَوْ بِاعْتِبَارِ نَوْعِهِ (قَوْلُهُ هُوَ مِنْ عُمُومِ الْمَجَازِ) قَدْ يُقَالُ إذَا كَانَ مِنْ عُمُومِ الْمَجَازِ فَهُوَ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ النَّجَسِ وَغَيْرِهِ مَجَازًا فَلَا يَدُلُّ عَلَى الْمَطْلُوبِ إلَّا بِقَرِينَةٍ تُفْهِمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْخَمْرِ هُوَ النَّجَسُ، وَأَيُّ قَرِينَةٍ لِذَلِكَ وَكَذَا إذَا كَانَ مِنْ بَابِ اسْتِعْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فِي مَعْنَيَيْهِ لَا يَدُلُّ عَلَى الْمَطْلُوبِ إلَّا بِقَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَحَدَ الْمَعْنَيَيْنِ الرَّاجِعَ لِلْخَمْرِ هُوَ النَّجَسُ وَأَيُّ قَرِينَةٍ لِذَلِكَ فَتَدَبَّرْ فَأَيُّ انْدِفَاعٍ لِمَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ

ص: 288

هُوَ مِنْ عُمُومِ الْمَجَازِ أَوْ حَقِيقَةٌ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى مُطْلَقِ الْمُسْتَقْذَرِ وَاسْتِعْمَالُ الْمُشْتَرَكِ فِي مَعَانِيهِ جَائِزٌ اسْتِغْنَاءً بِالْقَرِينَةِ كَمَا فِي الْآيَةِ فَانْدَفَعَ مَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ هُنَا وَفِي الْحَدِيثِ «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ» وَخَرَجَ بِالْمَائِعِ نَحْوُ الْبَنْجِ وَالْحَشِيشِ وَالْأَفْيُونِ وَجَوْزَةِ الطِّيبِ وَكَثِيرِ الْعَنْبَرِ وَالزَّعْفَرَانِ فَهَذِهِ كُلُّهَا مُسْكِرَةٌ لَكِنَّهَا جَامِدَةٌ فَكَانَتْ طَاهِرَةً وَالْمُرَادُ بِالْإِسْكَارِ هُنَا الَّذِي وَقَعَ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ فِي نَحْوِ الْحَشِيشِ مُجَرَّدُ تَغْيِيبِ الْعَقْلِ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَعْبِيرِ غَيْرِهِ بِأَنَّهَا مُخَدِّرَةٌ خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ فِيهِ وَمَا ذَكَرَتْهُ فِي الْجَوْزَةِ مِنْ أَنَّهَا مُسْكِرَةٌ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ وَأَنَّهَا حَرَامٌ صَرَّحَ بِهِ أَئِمَّةُ الْمَذَاهِبِ الثَّلَاثَةِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْحَنَفِيَّةِ وَلَا يَرِدُ عَلَى الْمَتْنِ جَامِدُ الْخَمْرِ وَدُرْدِيُّهُ وَلَا ذَائِبُ نَحْوِ حَشِيشٍ لَمْ تَصِرْ فِيهِ شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ نَظَرًا لِأَصْلِهِمَا

وَأَيُّ قَرِينَةٍ كَذَلِكَ وَكَذَا إذَا كَانَ مِنْ بَابِ اسْتِعْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فِي مَعَانِيهِ لَا يَدُلُّ عَلَى الْمَطْلُوبِ إلَّا بِقَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَحَدَ الْمَعْنَيَيْنِ الرَّاجِعَ لِلْخَمْرِ هُوَ النَّجَسُ وَأَيُّ قَرِينَةٍ كَذَلِكَ فَتَدَبَّرْ فَأَيُّ انْدِفَاعٍ لِمَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ هُنَا مَعَ ذَلِكَ فَتَدَبَّرْ وَتَعَجَّبْ اهـ وَأُجِيبُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْقَرِينَةَ عَدَمُ الْمَانِعِ عَنْ إرَادَةِ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ بِالنِّسْبَةِ لِلْخَمْرِ وَوُجُودُهُ بِالنِّسْبَةِ لِمَا عَدَاهَا وَهُوَ الْإِجْمَاعُ وَيَأْتِي الْجَوَابُ عَنْ الثَّانِي آنِفًا (قَوْلُهُ أَوْ حَقِيقَةً) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ مَجَازٌ فِيهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ) ظَاهِرُهُ شَرْعًا (أَيْضًا) أَيْ كَمَا يُطْلَقُ عَلَى النَّجَسِ (قَوْلُهُ عَلَى مُطْلَقِ الْمُسْتَقْذَرِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى هَذَا يَكُونُ رِجْسٌ فِي الْآيَةِ كَحَيَوَانٍ فِي قَوْلِك الْإِنْسَانُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ وَالْإِبِلُ حَيَوَانٌ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْمُشْتَرَكِ الْمَعْنَوِيِّ فِي مَعْنَاهُ الْأَعَمِّ الشَّامِلِ لِأَنْوَاعٍ مُخْتَلِفَةٍ لَا مِنْ اسْتِعْمَالِ الْمُشْتَرَكِ اللَّفْظِيِّ فِي مَعَانِيهِ الَّذِي يَدَّعِيهِ (قَوْلُهُ اسْتِغْنَاءً بِالْقَرِينَةِ إلَخْ) وَهِيَ بِالنِّسْبَةِ لِلْخَمْرِ اشْتِهَارُ الرِّجْسِ فِي النَّجَسِ كَمَا فِي ع ش وَبِالنِّسْبَةِ لِمَا عَدَاهَا الْإِجْمَاعُ كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.

(قَوْلُهُ: وَفِي الْحَدِيثِ «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ» ) فِيهِ تَأَمُّلٌ إذْ الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ الْحُرْمَةُ لَا النَّجَاسَةُ وَلِهَذَا اسْتَدَلَّ الشَّيْخَانِ عَلَى نَجَاسَةِ النَّبِيذِ بِقِيَاسِهِ عَلَى الْخَمْرِ وَتَبِعَهُمَا مَنْ بَعْدَهُمَا حَتَّى الشَّارِحِ فِي الْإِيعَابِ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ نَقْلًا عَنْ الْبَيْهَقِيّ النَّبِيذُ كَثِيرُهُ يُسْكِرُ فَكَانَ حَرَامًا وَمَا كَانَ حَرَامًا الْتَحَقَ بِالْخَمْرِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ نَحْوُ الْبَنْجِ) بِفَتْحِ الْبَاءِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ وَقَوْلُهُ وَالْحَشِيشُ لَوْ صَارَ فِي الْحَشِيشِ الْمُذَابِ شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ اُتُّجِهَ النَّجَاسَةُ كَالْمُسْكِرِ الْمَائِعِ الْمُتَّخَذِ مِنْ خُبْزٍ وَنَحْوِهِ وِفَاقًا لِشَيْخِنَا الطَّبَلَاوِيِّ وَخَالَفَ م ر ثُمَّ جَزَمَ بِالْمُوَافَقَةِ وَفِي الْإِيعَابِ لَوْ انْتَفَتْ الشِّدَّةُ الْمُطْرِبَةُ عَنْ الْخَمْرِ لِجُمُودِهَا وَوُجِدَتْ فِي الْحَشِيشَةِ لِذَوْبِهَا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ بَقَاءُ الْخَمْرِ عَلَى نَجَاسَتِهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَطْهُرُ إلَّا بِالتَّخْلِيلِ وَلَمْ يُوجَدْ وَنَجَاسَةُ نَحْوِ الْحَشِيشَةِ إذْ غَايَتُهَا أَنَّهَا صَارَتْ كَمَاءِ خُبْزٍ وُجِدَتْ فِيهِ الشِّدَّةُ الْمُطْرِبَةُ ع ش.

(قَوْلُهُ وَكَثِيرُ الْعَنْبَرِ إلَخْ) اُنْظُرْ التَّقْيِيدَ بِالْكَثِيرِ هُنَا وَتَرْكَهُ فِيمَا قَبْلُ سم عِبَارَةُ السَّيِّدِ الْبَصْرِيِّ هَذَا الصَّنِيعُ مُشْعِرٌ بِحُرْمَةِ الْقَلِيلِ مِمَّا قَبْلَهُ لَكِنْ يُخَالِفُهُ قَوْلُهُ الْآتِي فِي الْأَشْرِبَةِ وَخَرَجَ بِالشَّرَابِ مَا حَرُمَ مِنْ الْجَمَادَاتِ فَلَا حَدَّ فِيهَا وَإِنْ حَرُمَتْ وَأَسْكَرَتْ عَلَى مَا مَرَّ أَوَّلَ النَّجَاسَةِ بَلْ التَّعْزِيرُ لِانْتِفَاءِ الشِّدَّةِ الْمُطْرِبَةِ عَنْهَا كَكَثِيرِ الْبَنْجِ وَالزَّعْفَرَانِ وَالْعَنْبَرِ وَالْجَوْزَةِ وَالْحَشِيشَةِ الْمَعْرُوفَةِ فَهَذَا كَمَا تَرَى دَالٌّ عَلَى حِلِّ الْقَلِيلِ الَّذِي لَمْ يَصِلْ إلَى حَدِّ الْإِسْكَارِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ اهـ أَقُولُ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى حِلِّهِ عِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي شَرْحِ بَافَضْلٍ أَمَّا الْجَامِدُ فَطَاهِرٌ وَمِنْهُ الْحَشِيشَةُ وَالْأَفْيُونُ وَجَوْزَةُ الطِّيبِ وَالْعَنْبَرُ وَالزَّعْفَرَانُ فَيَحْرُمُ تَنَاوُلُ الْقَدْرِ الْمُسْكِرِ مِنْ كُلِّ مَا ذَكَرَ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ اهـ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَخَرَجَ بِالْمَائِعِ غَيْرُهُ كَبَنْجٍ وَحَشِيشٍ مُسْكِرٍ فَلَيْسَ بِنَجِسٍ وَإِنْ كَانَ كَثِيرُهُ حَرَامًا اهـ وَعِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ عَلَى الْأَوَّلِ قَوْلُهُ الْقَدْرُ الْمُسْكِرُ إلَخْ أَمَّا الْقَدْرُ الَّذِي لَا يُسْكِرُ فَلَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ طَاهِرٌ غَيْرُ مُضِرٍّ وَلَا مُسْتَقْذَرٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْإِسْكَارِ إلَخْ) تَقَدَّمَ عَنْ النِّهَايَةِ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ) أَيْ مُجَرَّدِ تَغْيِيبِ الْعَقْلِ (قَوْلُهُ الثَّلَاثَةُ) أَيْ غَيْرُ الْحَنَفِيَّةِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَلَا يَرِدُ عَلَى الْمَتْنِ) أَيْ مَفْهُومِهِ وَمَنْطُوقِهِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى جَمْعِهِ وَمَنْعِهِ (قَوْلُهُ جَامِدُ الْخَمْرِ إلَخْ) سُئِلَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ الْكِشْكِ هَلْ هُوَ نَجِسٌ؛ لِأَنَّهُ مُسْكِرٌ كَالْبُوظَةِ وَهَلْ يَكُونُ جَفَافُهُ كَالتَّخَلُّلِ فِي الْخَمْرِ فَيَطْهُرُ أَوْ يَكُونُ كَالْخَمْرِ الْمُنْعَقِدَةِ فَلَا يَطْهُرُ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِقَوْلِ هَذَا الْقَائِلِ فَإِنَّهُ لَوْ فُرِضَ كَوْنُهُ مُسْكِرًا لَكَانَ طَاهِرًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَائِعٍ اهـ أَيْ حَالَ إسْكَارِهِ لَوْ كَانَ مُسْكِرًا وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْبُوظَةَ نَجِسَةٌ وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ لَوْ نُظِرَ إلَى جُمُودِهَا قَبْلَ إسْكَارِهَا لَوَرَدَ عَلَى ذَلِكَ الزَّبِيبُ وَالتَّمْرُ وَنَحْوُهُمَا مِنْ الْجَامِدَاتِ وَهَذَا ظَاهِرٌ جَلِيٌّ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَنَقَلَ فِي الْمُغْنِي الْإِفْتَاءَ الْمَنْسُوبَ لِوَالِدِ الْمُؤَلِّفِ م ر عَنْهُ ثُمَّ قَالَ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْبُوظَةَ طَاهِرَةٌ وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ.

وَقَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ إلَخْ اللَّائِقُ بِجَلَالَتِهِ عِلْمًا وَحَالًا لِكَوْنِهِ بِمَعْزِلٍ عَنْ أَحْوَالِ الْعَامَّةِ حَمْلُ مَقَالَتِهِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى تَقْدِيرِ تَصْوِيرِ الْبُوظَةِ عَلَى أَنَّهَا فِي حَالِ إسْكَارِهَا مِنْ مَقُولَةِ الْجَامِدِ الَّذِي لَا يَسِيلُ بِطَبْعِهِ وَالْجَهْلُ بِحَقِيقَتِهَا عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ لَيْسَ بِنَقْصٍ بَلْ قَدْ يُعَدُّ كَمَالًا فَلَا عِبْرَةَ بِتَشْنِيعِ مَنْ شَنَّعَ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ بَرِيءٌ مِنْهُ وَلَا يَلِيقُ بِجَلَالَتِهِ وَشَأْنُ الْمُؤْمِنِ الْتِمَاسُ الْمَحَامِلِ الْحَسَنَةِ لِعُمُومِ الْخَلْقِ فَكَيْفَ بِخَوَاصِّهِمْ سَيِّدِ عُمَرَ وَقَوْلُهُ بِتَشْنِيعِ مَنْ شَنَّعَ إلَخْ وَمِنْهُمْ سم عِبَارَتُهُ عَلَى الْمَنْهَجِ سُئِلَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ عَنْ الْكِشْكِ إذَا صَارَ

هُنَا مَعَ ذَلِكَ فَتَدَبَّرْ وَتَعَجَّبَ (قَوْلُهُ وَكَثِيرُ الْعَنْبَرِ) اُنْظُرْ التَّقْيِيدَ بِالْكَثِيرِ هُنَا وَتَرْكَهُ فِيمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ لَمْ تَصِرْ فِيهِ شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ) أَمَّا إذَا صَارَتْ فِيهِ فَلَا إشْكَالَ فِي نَجَاسَتِهِ فَلَا إشْكَالَ فِي نَجَاسَةِ الْبُوظَةِ وَزَعْمُ طَهَارَتِهَا لَمْ

ص: 289

(وَكَلْبٌ) لِلْأَمْرِ بِالتَّطْهِيرِ مِنْ وُلُوغِهِ سَبْعًا مَعَ التَّعْفِيرِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّعَبُّدِ إلَّا لِدَلِيلٍ بِعَيْنِهِ وَلَا دَلِيلَ عَلَى ذَلِكَ (وَخِنْزِيرٌ) لِأَنَّهُ أَسْوَأُ حَالًا مِنْهُ إذْ لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي حَالَةِ الِاخْتِيَارِ بِحَالٍ مَعَ صَلَاحِيَّتِهِ لَهُ فَلَا يَرِدُ نَحْوُ الْحَشَرَاتِ؛ وَلِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ إلَى قَتْلِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ

(وَفَرْعُهُمَا) أَيْ فَرْعُ كُلٍّ مِنْهُمَا مَعَ الْآخَرِ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ وَلَوْ آدَمِيًّا تَغْلِيبًا لِلنَّجَسِ إذْ الْفَرْعُ يَتْبَعُ أَخَسَّ أَبَوَيْهِ فِي النَّجَاسَةِ وَتَحْرِيمِ الذَّبِيحَةِ وَالْمُنَاكَحَةِ وَأَشْرَفَهُمَا فِي الدِّينِ وَإِيجَابِ الْبَدَلِ وَعَقْدِ الْجِزْيَةِ وَالْأَبَ فِي النَّسَبِ وَالْأُمَّ فِي الْحُرِّيَّةِ

مُسْكِرًا ثُمَّ قُطِعَ وَجُفِّفَ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ طَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ جَامِدٌ فَأَخَذَ بَعْضُ النَّاسِ مِنْ ذَلِكَ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمِنْهَاجِ أَنَّ مَا يُسَمَّى بِالْبُوظَةِ طَاهِرٌ وَهَذَا الْأَخْذُ بَاطِلٌ إذْ الْعِبْرَةُ بِكَوْنِ الشَّيْءِ جَامِدًا أَوْ مَائِعًا بِحَالَةِ الْإِسْكَارِ فَالْجَامِدُ حَالَ إسْكَارِهِ طَاهِرٌ وَالْمَائِعُ حَالَ إسْكَارِهِ نَجِسٌ وَإِنْ كَانَ فِي أَصْلِهِ جَامِدًا وَلَوْ صَحَّ مَا تَوَهَّمَهُ لَزِمَ طَهَارَةُ النَّبِيذِ؛ لِأَنَّ أَصْلَهُ جَامِدٌ وَهُوَ الزَّبِيبُ وَلَا يَقُولُهُ عَاقِلٌ اهـ.

وَعِبَارَتُهُ هُنَا قَوْلُهُ لَمْ تَصِرْ فِيهِ شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ أَمَّا إذَا صَارَتْ فِيهِ فَلَا إشْكَالَ فِي نَجَاسَتِهِ فَلَا إشْكَالَ فِي نَجَاسَةِ الْبُوظَةِ وَزَعْمُ طَهَارَتِهَا لَمْ يَصْدُرْ عَنْ تَأَمُّلٍ صَحِيحٍ وَلَا الْتِفَاتٍ إلَيْهِ اهـ.

وَفِي الْبُجَيْرِمِيِّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا فِيهِ شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ نَجِسٌ سَوَاءٌ كَانَ مَائِعًا أَوْ جَامِدًا فَالْكِشْكُ الْجَامِدُ لَوْ صَارَ فِيهِ شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ كَانَ نَجِسًا، وَقَدْ يُقَالُ مَا فِيهِ شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ وَهُوَ جَامِدٌ إنْ كَانَ مُسْكِرًا قَبْلَ جُمُودِهِ كَانَ نَجِسًا كَالْخَمْرَةِ الْمُنْعَقِدَةِ وَإِلَّا فَهُوَ طَاهِرٌ كَالْكِشْكِ وَمَا لَا شِدَّةَ فِيهِ غَيْرُ نَجِسٍ مَائِعًا أَوْ جَامِدًا حَلَبِيٌّ عِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ.

وَأَمَّا الْكِشْكُ فَطَاهِرٌ مَا لَمْ تَصِرْ فِيهِ شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ وَإِلَّا فَهُوَ نَجِسٌ أَيْ إنْ كَانَ مَائِعًا اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْقَلْيُوبِيِّ اهـ وَقَوْلُ الْحَلَبِيِّ، وَقَدْ يُقَالُ إلَخْ هُوَ الْمُعْتَمَدُ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ غَيْرِهِ دُونَ مَا قَبْلَهُ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَكَلْبٌ) أَيْ وَلَوْ مُعَلَّمًا نِهَايَةٌ وَخَطِيبٌ وَشَرْحُ بَافَضْلٍ وَفِي الْبُجَيْرِمِيِّ عَنْ الْإِطْفِيحِيِّ قَوْلُهُ وَلَوْ مُعَلَّمًا رَدٌّ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِطَهَارَتِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ لِلْأَمْرِ إلَخْ) وَلِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ وَغَيْرِهِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم دُعِيَ إلَى دَارٍ فَلَمْ يُجِبْ وَإِلَى أُخْرَى فَأَجَابَ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ فِي دَارِ فُلَانٍ كَلْبٌ قِيلَ وَفِي دَارِ فُلَانٍ هِرَّةٌ فَقَالَ إنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجِسَةٍ» فَدَلَّ إيمَاؤُهُ لِلْعِلَّةِ بِإِنَّ الَّتِي هِيَ مِنْ صِيَغِ التَّعْلِيلِ عَلَى أَنَّ الْكَلْبَ نَجِسٌ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) إلَى قَوْلِهِ وَقَضِيَّةُ إلَخْ فِي الْمُغْنِي وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَلَوْ آدَمِيًّا (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَسْوَأُ إلَخْ) وَادَّعَى ابْنُ الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعَ عَلَى نَجَاسَتِهِ وَعُورِضَ بِمَذْهَبِ مَالِكٍ وَرِوَايَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ بِأَنَّهُ طَاهِرٌ مُغْنِي (قَوْلُهُ مَعَ صَلَاحِيَّتِهِ إلَخْ) أَيْ صَلَاحِيَّةٍ لَهَا وَقْعٌ فَلَا يُنَافِي مَا ذَكَرُوهُ فِي أَوَائِلِ الْبَيْعِ مِنْ أَنَّ بَعْضَ الْحَشَرَاتِ لَهُ مَنَافِعُ لَكِنَّهَا تَافِهَةٌ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ لَهُ) أَيْ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ بِحَمْلِ شَيْءٍ عَلَيْهِ مُغْنِي (قَوْلُهُ فَلَا تَرِدُ إلَخْ) الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْ التَّعْلِيلِ الْآتِي أَيْضًا كَمَا فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ إلَخْ) وَلِأَنَّهُ مَنْصُوصٌ عَلَى تَحْرِيمِهِ نِهَايَةٌ وَعِبَارَةُ الْمُغْنِي وَقَالَ تَعَالَى {أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام: 145] إذْ الْمُرَادُ جُمْلَتُهُ؛ لِأَنَّ لَحْمَهُ دَخَلَ فِي عُمُومِ الْمَيْتَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ مَنْدُوبٌ إلَى قَتْلِهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ عَقُورًا لَكِنْ فِي الْعُبَابِ فِي بَابِ الْبَيْعِ وُجُوبُ قَتْلِ الْعَقُورِ وَجَوَازُ قَتْلِ غَيْرِهِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ ع ش عِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ أَيْ مَدْعُوٌّ إلَى قَتْلِهِ بَلْ قَدْ يَجِبُ إنْ كَانَ عَقُورًا اهـ أَيْ وَالْمُرَادُ بِالْمَنْدُوبِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ الشَّامِلُ لِلْوَاجِبِ فَلَا يُخَالِفُ مَا فِي الْعُبَابِ (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ) خَرَجَ بِهِ الْفَوَاسِقُ الْخَمْسُ فَإِنَّهُنَّ يُقْتَلْنَ لِضَرَرِهِنَّ بُجَيْرِمِيٌّ

(قَوْلُهُ وَلَوْ آدَمِيًّا) لَكِنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ آدَمِيٍّ أَوْ آدَمِيَّةٍ وَمُغَلَّظٍ لَهُ حُكْمُ الْمُغَلَّظِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى صُورَةِ الْآدَمِيِّ خِلَافًا لِلشَّارِحِ، وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ حِينَئِذٍ وَإِنْ تَكَلَّمَ وَمَيَّزَ وَبَلَغَ مُدَّةَ بُلُوغِ الْآدَمِيِّ إذْ هُوَ بِصُورَةِ الْكَلْبِ أَيْ أَوْ الْخِنْزِيرِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ آدَمِيَّتِهِ وَلَوْ مُسِخَ آدَمِيٌّ كَلْبًا فَيَنْبَغِي طَهَارَتُهُ اسْتِصْحَابًا لِمَا كَانَ وَلَوْ مُسِخَ الْكَلْبُ آدَمِيًّا فَيَنْبَغِي اسْتِصْحَابُ نَجَاسَتِهِ وَلَمْ نَرَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا وَوَقَعَ الْبَحْثُ فِيهِ مَعَ الْفُضَلَاءِ فَتَحَرَّرْ ذَلِكَ بَحْثًا سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ يَتْبَعُ أَخَسَّ أَبَوَيْهِ فِي النَّجَاسَةِ) أَيْ كَالْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ كَلْبَةٍ وَشَاةٍ فَهُوَ نَجِسٌ وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ الْآدَمِيُّ وَلَوْ فِي نِصْفِهِ إلَّا عَلَى الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ آدَمِيٍّ وَكَلْبَةٍ أَوْ بِالْعَكْسِ فَإِنَّهُ طَاهِرٌ عِنْدَ الرَّمْلِيِّ وَوَالِدِهِ وَقَوْلُهُ وَتَحْرِيمُ الذَّبِيحَةِ إلَخْ فَالْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ كِتَابِيٍّ وَمَجُوسِيٍّ لَا تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ وَلَا نِكَاحُهُ وَإِنْ كَانَ أُنْثَى وَقَوْلُهُ وَإِيجَابُ الْبَدَلِ فَالْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ حِمَارٍ وَحْشِيٍّ وَحِمَارٍ أَهْلِيٍّ إذَا قَتَلَهُ الْمُحْرِمُ وَجَبَ بَدَلُهُ مِنْ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ وَعَقْدُ الْجِزْيَةِ فَمَنْ كَانَ لِأَبِيهِ دُونَ

يَصْدُرْ عَنْ تَأَمُّلٍ صَحِيحٍ وَلَا الْتِفَاتَ إلَيْهِ

(قَوْلُهُ وَلَوْ آدَمِيًّا تَغْلِيبًا لِلنَّجَسِ) هُوَ كَمَا قَالَ وَإِنْ قُلْنَا بِطَهَارَةِ آدَمِيٍّ تَوَلَّدَ بَيْنَ آدَمِيٍّ أَوْ آدَمِيَّةٍ وَمُغَلَّظٍ فَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى صُورَةِ الْآدَمِيِّ خِلَافًا لِلشَّارِحِ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ حِينَئِذٍ وَإِنْ تَكَلَّمَ وَمَيَّزَ وَبَلَغَ مُدَّةَ بُلُوغِ الْآدَمِيِّ إذْ هُوَ بِصُورَةِ الْكَلْبِ أَيْ أَوْ الْخِنْزِيرِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ آدَمِيَّتِهِ، وَلَوْ مُسِخَ آدَمِيٌّ كَلْبًا فَيَنْبَغِي طَهَارَتُهُ اسْتِصْحَابًا لِمَا كَانَ وَهُوَ ظَاهِرٌ عَلَى مَا يَأْتِي فِي التَّنْبِيهِ الْآتِي قُبَيْلَ وَجِلْدٌ نَجِسَ بِالْمَوْتِ عَنْ بَعْضِ الْمُتَكَلِّمِينَ إنَّ الْمُتَبَدِّلَ الصِّفَةُ دُونَ الذَّاتِ أَمَّا عَلَى مَا يَأْتِي فِيهِ عَنْ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَنَّهُ تُعْدَمُ الذَّاتُ الْأُولَى وَتَخْلُفُ أُخْرَى فَفِيهِ نَظَرٌ يُحْتَمَلُ أَنْ يُحْكَمَ بِنَجَاسَتِهِ؛ لِأَنَّهُ كَلْبٌ وَيُحْتَمَلَ أَنْ يُحْكَمَ بِطَهَارَتِهِ؛ لِأَنَّ مَا ادَّعَوْهُ غَيْرُ قَطْعِيٍّ، بَلْ يَحْتَمِلُ الصِّفَةَ فَقَطْ وَلَا تَنْجَسُ بِالشَّكِّ وَعَلَى الْجُمْلَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُكَلَّفَ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ

ص: 290

وَالرِّقِّ وَأَخَفَّهُمَا فِي نَحْوِ الزَّكَاةِ وَالْأُضْحِيَّةِ وَقَضِيَّةُ مَا تَقَرَّرَ مِنْ الْحُكْمِ بِتَبَعِيَّتِهِ لِأَخَسِّ أَبَوَيْهِ أَنَّ الْآدَمِيَّ الْمُتَوَلِّدَ بَيْنَ آدَمِيٍّ أَوْ آدَمِيَّةٍ وَمُغَلَّظٍ لَهُ حُكْمُ الْمُغَلَّظِ فِي سَائِرِ أَحْكَامِهِ وَهُوَ وَاضِحٌ فِي النَّجَاسَةِ وَنَحْوِهَا وَبَحْثُ طَهَارَتِهِ نَظَرًا لِصُورَتِهِ بَعِيدٌ مِنْ كَلَامِهِمْ بِخِلَافِهِ فِي التَّكْلِيفِ؛ لِأَنَّ مَنَاطَهُ الْعَقْلُ وَلَا يُنَافِيهِ نَجَاسَةُ عَيْنِهِ لِلْعَفْوِ عَنْهَا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ بَلْ وَإِلَى غَيْرِهِ نَظِيرُ مَا يَأْتِي فِي الْوَشْمِ وَلَوْ بِمُغَلَّظٍ إذَا تَعَذَّرَتْ إزَالَتُهُ فَيَدْخُلُ الْمَسْجِدَ وَيُمَاسُّ النَّاسَ وَلَوْ مَعَ الرُّطُوبَةِ وَيَؤُمُّهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ إعَادَةٌ وَمَالَ الْإِسْنَوِيُّ إلَى عَدَمِ حِلِّ مُنَاكَحَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ فِي أَحَدِ أَصْلَيْهِ مَا لَا يَحِلُّ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً وَلَوْ لِمَنْ هُوَ مِثْلُهُ وَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الدِّينِ وَقَضِيَّةُ مَا يَأْتِي فِي النِّكَاحِ مِنْ أَنَّ شَرْطَ حِلِّ التَّسَرِّي حِلُّ الْمُنَاكَحَةِ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْءُ أَمَتِهِ بِالْمِلْكِ أَيْضًا لَكِنْ لَوْ قِيلَ بِاسْتِثْنَاءِ هَذَا إذَا تَحَقَّقَ الْعَنَتُ لَمْ يَبْعُدْ وَيُقْتَلُ بِالْحُرِّ الْمُسْلِمِ

أُمِّهِ كِتَابٌ أَوْ شُبْهَةُ كِتَابٍ أَقَرَّ هُوَ بِالْجِزْيَةِ كَأَبِيهِ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ وَالرِّقُّ) قَدْ يَشْمَلُ بِإِطْلَاقِ الْمَوْطُوءَةِ بِالْمِلْكِ مَعَ أَنَّ الْوَلَدَ لَا يَتْبَعُهَا فِي الرِّقِّ ع ش عِبَارَةُ الْبُجَيْرِمِيِّ قَوْلُهُ فِي الرِّقِّ أَيْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَظُنَّ الْوَاطِئُ فِي حَالِ وَطْئِهِ أَنَّهَا حُرَّةٌ فَخَرَجَ مَا إذَا ظَنَّ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ الْحُرَّةُ أَوْ غُرَّ بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ فَإِنَّ وَلَدَهَا حُرٌّ اهـ.

(قَوْلُهُ وَأَخَفُّهُمَا فِي نَحْوِ الزَّكَاةِ إلَخْ) أَيْ فِي مُتَوَلِّدٍ بَيْنَ إبِلٍ وَبَقَرٍ مَثَلًا كُرْدِيٌّ وَعِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي فِي عَدَمِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ اهـ. (قَوْلُهُ وَهُوَ إلَخْ) أَيْ مَا اقْتَضَاهُ مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ الْآدَمِيَّ الْمُتَوَلِّدَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَبَحْثُ طَهَارَتِهِ نَظَرًا لِصُورَتِهِ إلَخْ) إشَارَةٌ لِرَدِّ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الرَّمْلِيِّ وَوَالِدِهِ عِبَارَةُ شَيْخِنَا وَفِي الْبُجَيْرِمِيِّ نَحْوُهَا فَإِنْ كَانَ الْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ كَلْبٍ وَآدَمِيٍّ عَلَى صُورَةِ الْكَلْبِ فَنَجِسٌ وَإِنْ كَانَ عَلَى صُورَةِ الْآدَمِيِّ فَطَاهِرٌ عِنْدَ الرَّمْلِيِّ وَنَجِسٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ عِنْدَ ابْنِ حَجّ فَيُصَلِّي إمَامًا وَيَدْخُلُ الْمَسَاجِدَ وَيُخَالِطُ النَّاسَ وَلَا يُنَجِّسُهُمْ بِلَمْسِهِ مَعَ رُطُوبَةٍ وَلَا يُنَجِّسُ الْمَاءَ الْقَلِيلَ وَلَا الْمَائِعَ وَيَتَوَلَّى الْوِلَايَاتِ كَالْقَضَاءِ وَوَلَايَةِ النِّكَاحِ وَخَالَفَ الشَّيْخُ الْخَطِيبُ فِي ذَلِكَ وَلَهُ حُكْمُ النَّجِسِ فِي الْأَنْكِحَةِ وَالتَّسَرِّي وَالذَّبِيحَةِ وَالتَّوَارُثِ وَجَوَّزَ لَهُ ابْنُ حَجّ التَّسَرِّيَ إنْ خَافَ الْعَنَتَ وَالْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ كَلْبَيْنِ نَجِسٌ وَلَوْ كَانَ عَلَى صُورَةِ الْآدَمِيِّ وَالْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ آدَمِيَّيْنِ طَاهِرٌ وَلَوْ كَانَ عَلَى صُورَةِ الْكَلْبِ فَإِذَا كَانَ يَنْطِقُ وَيَعْقِلُ فَهَلْ يُكَلَّفُ قَالَ بَعْضُهُمْ يُكَلَّفُ؛ لِأَنَّ مَنَاطَ التَّكْلِيفِ الْعَقْلُ وَهُوَ مَوْجُودٌ.

وَكَذَا الْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ شَاتَيْنِ وَهُوَ عَلَى صُورَةِ الْآدَمِيِّ إذَا كَانَ يَنْطِقُ وَيَعْقِلُ وَيَجُوزُ ذَبْحُهُ وَأَكْلُهُ وَإِنْ صَارَ خَطِيبًا وَإِمَامًا اهـ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ إلَخْ) حَالٌ مِنْ فَاعِلِ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ وَلَا يُنَافِيهِ) أَيْ كَوْنُهُ مُكَلَّفًا (قَوْلُهُ بَلْ وَإِلَى غَيْرِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَتَنَجَّسُ مَا أَصَابَهُ مَعَ الرُّطُوبَةِ مِنْ الْمَسْجِدِ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ أَنَّهُ يُنَجِّسُهُ لَكِنْ يُعْفَى عَنْهُ إذْ الْعَفْوُ يَصْدُقُ بِكُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ سم (قَوْلُهُ فَيَدْخُلُ الْمَسْجِدَ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَالِكِيَّ الَّذِي أَصَابَهُ مُغَلَّظٌ وَلَمْ يُسَبِّعْهُ مَعَ التُّرَابِ يَجُوزُ لَهُ دُخُولُ الْمَسْجِدِ عَمَلًا بِاعْتِقَادِهِ لَكِنْ هَلْ لِلْحَاكِمِ مَنْعُهُ لِتَضَرُّرِ غَيْرِهِ بِدُخُولِهِ حَيْثُ يَتَلَوَّثُ الْمَسْجِدُ مِنْهُ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنْ قُلْنَا لَهُ مَنْعُهُ فَهَلْ لَهُ الْمَنْعُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ أَيْضًا أَوْ يُفَرَّقُ فِيهِ نَظَرٌ سم عَلَى حَجّ وَنُقِلَ عَنْ فَتَاوَى حَجّ أَنَّ لَهُ مَنْعَهُ أَيْ الْمَالِكِيِّ الْمَذْكُورِ حَيْثُ خِيفَ التَّلْوِيثُ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ عَدَمَ مَنْعِهِ مِنْهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ إفْسَادُ عِبَادَةِ غَيْرِهِ ع ش وَقَوْلُهُ فَهَلْ لَهُ الْمَنْعُ إلَخْ لَا مَوْقِعَ لِهَذَا التَّرَدُّدِ مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَنْجَسُ إلَخْ بَلْ قَوْلُ الشَّارِحِ وَلَوْ مَعَ الرُّطُوبَةِ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ إفْسَادِ عِبَادَةِ غَيْرِهِ فَلَا وَجْهَ لِلْمَنْعِ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ أَصْلًا (قَوْلُهُ وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُهُ) اعْتَمَدَهُ الْبُجَيْرِمِيُّ وَشَيْخُنَا كَمَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ فِي أَحَدِ أَصْلَيْهِ) لَعَلَّ الْأَنْسَبَ تَرْكُ فِي بَصْرِيٌّ أَيْ وَمَا (قَوْلُهُ لَكِنْ لَوْ قِيلَ إلَخْ) هَلْ هَذَا الِاسْتِدْرَاكُ مَقْصُورٌ عَلَى التَّسَرِّي أَوْ جَارٍ فِيهِ وَفِي النِّكَاحِ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ وَالْأَقْرَبُ مَعْنًى إرْجَاعُهُ إلَيْهِمَا مَعًا لَا سِيَّمَا، وَقَدْ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى صَدَاقِ الزَّوْجَةِ قَدْ يَكُونُ أَيْسَرَ مِنْ قِيمَةِ الْأَمَةِ وَأَيْضًا فَدَائِرَةُ الْأَوَّلِ أَوْسَعُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ الْمُكَاتَبَ يَحِلُّ لَهُ التَّزَوُّجُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَلَا يَحِلُّ لَهُ التَّسَرِّي بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ بَصْرِيٌّ وَتَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا مَا يُفِيدُ الْجَزْمَ بِالْأَوَّلِ وَسَيَأْتِي عَنْ ع ش مَا يُؤَيِّدُ عَدَمَ تَزَوُّجِهِ مُطْلَقًا وَفِي الْبُجَيْرِمِيِّ مَا يُصَرِّحُ بِهِ عِبَارَتُهُ وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ م ر أَنَّهُ طَاهِرٌ فَيَدْخُلُ الْمَسْجِدَ وَيَمَسُّ النَّاسَ وَلَوْ رَطْبًا وَيَؤُمُّهُمْ وَلَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً؛ لِأَنَّ فِي أَحَدِ أَصْلَيْهِ مَا لَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ وَلَوْ لِمِثْلِهِ وَيُقْتَلُ بِالْحُرِّ لَا عَكْسُهُ وَيَتَسَرَّى وَيُزَوِّجُ أَمَتَهُ لَا عَتِيقَهُ أَجَهْوَرِيٌّ وَزِيَادِيٌّ اهـ.

(قَوْلُهُ لَمْ يَبْعُدْ) تَقَدَّمَ اعْتِمَادُهُ عَنْ الزِّيَادِيِّ وَغَيْرِهِ وَأَقَرَّهُ ع ش ثُمَّ قَالَ وَانْظُرْ لَوْ كَانَ أُنْثَى وَتَحَقَّقَتْ الْعَنَتَ فَهَلْ يَحِلُّ لَهَا التَّزَوُّجُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَى الْغَيْرِ نِكَاحُهَا؛ لِأَنَّ فِي أَحَدِ أُصُولِهَا مَا لَا يَحِلُّ

لَوْ مُسِخَ الزَّوْجُ حَيَوَانًا اعْتَدَّتْ زَوْجَتُهُ عِدَّةَ الْحَيَاةِ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي بَيْنُونَتِهَا وَخُرُوجِهِ عَنْ حُكْمِ الْآدَمِيِّينَ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِبَيْنُونَةِ زَوْجَتِهِ، وَلَوْ مُسِخَ الْكَلْبُ آدَمِيًّا فَيَنْبَغِي اسْتِصْحَابُ نَجَاسَتِهِ عَلَى الرَّأْيَيْنِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ وَهُوَ ظَاهِرٌ عَلَى رَأْيِ بَعْضِ الْمُتَكَلِّمِينَ وَكَذَا عَلَى رَأْيِ الْمُحَقِّقِينَ لِعَدَمِ الْقَطْعِ بِذَلِكَ وَلَا يَطْهُرُ مَا كَانَ نَجِسَ الْعَيْنِ بِالشَّكِّ وَلَمْ نَرَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا وَوَقَعَ الْبَحْثُ فِيهِ مَعَ الْفُضَلَاءِ فَتَحَرَّرْ ذَلِكَ بَحْثًا (قَوْلُهُ بَلْ وَإِلَى غَيْرِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَنْجَسُ مَا أَصَابَهُ مَعَ الرُّطُوبَةِ مِنْ الْمَسْجِدِ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ أَنَّهُ يُنَجِّسُهُ، لَكِنْ يُعْفَى عَنْهُ إذْ الْعَفْوُ يَصْدُقُ بِكُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ نَظِيرُ مَا يَأْتِي فِي الْوَشْمِ) يُتَأَمَّلُ فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيمَا سَيَأْتِي فِي الْوَشْمِ تَصْرِيحًا بِالْعَفْوِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ إذَا مَسَّهُ مَعَ الرُّطُوبَةِ بِلَا حَاجَةٍ، وَقَدْ يُؤَيِّدُ عَدَمَ الْعَفْوِ حِينَئِذٍ أَنَّهُ لَوْ مَسَّ نَجَاسَةً مَعْفُوًّا عَنْهَا عَلَى غَيْرِهِ مَعَ الرُّطُوبَةِ بِلَا حَاجَةٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَتَنَجَّسُ إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ (قَوْلُهُ فَيَدْخُلُ الْمَسْجِدَ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَالِكِيَّ الَّذِي أَصَابَهُ مُغَلَّظٌ وَلَمْ يُسَبِّعْهُ

ص: 291

قِيلَ لَا عَكْسُهُ لِنَقْصِهِ وَقِيَاسُهُ فَطْمُهُ عَنْ مَرَاتِبِ الْوِلَايَاتِ وَنَحْوِهَا كَالْقِنِّ بَلْ أَوْلَى نَعَمْ فِيهِ دِيَةٌ إنْ كَانَ حُرًّا؛ لِأَنَّهَا تُعْتَبَرُ بِأَشْرَفِ الْأَبَوَيْنِ كَمَا مَرَّ قَالَ بَعْضُهُمْ وَبَعِيدٌ أَنْ يُلْحَقَ نَسَبُهُ بِنَسَبِ الْوَاطِئِ حَتَّى يَرِثَهُ اهـ وَالْوَجْهُ عَدَمُ اللُّحُوقِ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ حِلُّ الْوَطْءِ أَوْ اقْتِرَانُهُ بِشُبْهَةِ الْوَاطِئِ وَهُمَا مُنْتَفِيَانِ هُنَا نَعَمْ يَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي وَاطِئٍ مَجْنُونٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمَحَلُّ الْمَوْطُوءُ هُنَا غَيْرُ قَابِلٍ لِلْوَطْءِ فَتَعَذَّرَ الْإِلْحَاقُ بِالْوَاطِئِ هُنَا مُطْلَقًا فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا قَرِيبَ لَهُ إلَّا مِنْ جِهَةِ أُمِّهِ إنْ كَانَتْ آدَمِيَّةً وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ أَمَتَهُ؛ لِأَنَّهُ بِالْمِلْكِ لَا عَتِيقَتَهُ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ بَعِيدٌ عَنْ الْوِلَايَاتِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَلَوْ وَطِئَ آدَمِيٌّ بَهِيمَةً فَوَلَدُهَا الْآدَمِيُّ مِلْكٌ لِمَالِكِهَا اهـ وَهُوَ مَقِيسٌ.

(وَمَيْتَةُ غَيْرِ الْآدَمِيِّ وَالسَّمَكِ وَالْجَرَادِ) لِتَحْرِيمِهَا مَعَ عَدَمِ إضْرَارِهَا فَلَمْ يَكُنْ إلَّا لِنَجَاسَتِهَا وَزَعْمُ إضْرَارِهَا مَمْنُوعٌ وَهِيَ مَا زَالَتْ حَيَاتُهُ بِغَيْرِ ذَكَاةِ شَرْعِيَّةٍ فَخَرَجَ مَوْتُ الْجَنِينِ بِذَكَاةِ أُمِّهِ وَالصَّيْدُ بِالضَّغْطَةِ أَوْ قَبْلَ إمْكَانِ ذَكَاتِهِ وَالنَّادُّ بِالسَّهْمِ؛ لِأَنَّ هَذَا ذَكَاتُهَا شَرْعًا وَاسْتَثْنَى مِنْهَا الْآدَمِيَّ لِتَكْرِيمِهِ بِالنَّصِّ

نِكَاحُهُ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَيَتَعَذَّرُ تَزْوِيجُهَا وَيَجِبُ عَلَيْهَا الصَّبْرُ وَمَنْعُ نَفْسِهَا عَنْ الزِّنَا بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ اهـ. (قَوْلُهُ قِيلَ لَا عَكْسُهُ إلَخْ) أَقُولُ هُوَ وَاضِحٌ فَمَا وَجْهُ حِكَايَتِهِ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ وَإِنَّمَا التَّرَدُّدُ فِي قَتْلِ الْقِنِّ الْمُسْلِمِ بِهِ لِتَمَيُّزِهِ عَلَيْهِ بِشَرَفِ الطَّرَفَيْنِ، وَالْقِصَاصُ يُرْعَى فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ بَصْرِيٌّ وَتَقَدَّمَ آنِفًا عَنْ الزِّيَادِيِّ وَالْأُجْهُورِيِّ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ وَقِيَاسُهُ) أَيْ قِيَاسُ عَدَمِ الْعَكْسِ وَقَوْلُهُ فَطْمُهُ عَنْ مَرَاتِبِ الْوِلَايَاتِ إلَخْ وِفَاقًا لِلْخَطِيبِ وَخِلَافًا لِلرَّمْلِيِّ كَمَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا وَعِبَارَةُ الْبُجَيْرِمِيِّ فَإِنْ كَانَ أَحَدُ أَصْلَيْهِ آدَمِيًّا وَكَانَ عَلَى صُورَةِ الْآدَمِيِّ وَلَوْ فِي نِصْفِهِ الْأَعْلَى فَقَطْ فَقَالَ شَيْخُنَا م ر هُوَ طَاهِرٌ وَيُعْطَى أَحْكَامَ الْآدَمِيِّينَ مُطْلَقًا وَعَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَتِهِ يُعْطَى حُكْمَ الطَّاهِرِ فِي الطِّهَارَاتِ وَالْعِبَادَاتِ وَالْوِلَايَاتِ وَغَيْرِهَا إلَّا فِي عَدَمِ حِلِّ ذَبِيحَتِهِ وَمُنَاكَحَتِهِ وَارِثَهُ وَقَتْلِ قَاتِلِهِ قَلْيُوبِيٌّ اهـ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ شَرْطَهُ) أَيْ شَرْطَ اللُّحُوقِ (قَوْلُهُ أَنْ يُقَالَ الْمَحَلُّ إلَخْ) وَهُوَ الْكَلْبُ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ مَجْنُونًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا قَرِيبَ لَهُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْقَرِيبَ يَشْمَلُ الْأَوْلَادَ وَهُمْ مُتَصَوَّرُونَ فِي حَقِّهِ فِي وَطْءِ أَمَتِهِ عِنْدَ تَحَقُّقِ الْعَنَتِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِهِ الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ بَلْ قَدْ يَدَّعِي اعْتِبَارَ الشُّبْهَةِ فِي حَقِّهِ وَلَوْ بِأَنْ يَخْرُجَ مَنِيُّهُ فَتَسْتَدْخِلُهُ امْرَأَةٌ بِشُبْهَةٍ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي يَتَّجِهْ إلَخْ) تَقَدَّمَ اعْتِمَادُهُ عَنْ الزِّيَادِيِّ وَالْأُجْهُورِيِّ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَقِيسٌ) أَقُولُ وَلَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُ مَأْكُولَةً؛ لِأَنَّ الْمُتَوَلِّدَ بَيْنَ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَبَقِيَ مَا لَوْ وَطِئَ خَرُوفٌ آدَمِيَّةً فَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَحُكْمُهُ أَنَّهُ لَيْسَ مِلْكًا لِصَاحِبِ الْخَرُوفِ ثُمَّ إنْ كَانَتْ أُمُّهُ حَرَّةً فَهُوَ حُرٌّ تَبَعًا لَهَا وَإِنْ كَانَتْ رَقِيقَةً فَهُوَ مِلْكٌ لِمَالِكِهَا وَمَعَ ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُجْزِئَ فِي الْكَفَّارَةِ تَبَعًا لِأَخَسِّ أَصْلَيْهِ كَمَا لَا يُجْزِئُ الْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ مَا يُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ وَغَيْرِهِ فِيهَا بَلْ لَعَلَّ هَذَا أَوْلَى مِنْهُ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ لِانْتِفَاءِ اسْمِ الْآدَمِيِّ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ عَلَى صُورَتِهِ فَتَنَبَّهْ لَهُ وَلَا تَغْتَرَّ بِمَا يُخَالِفُهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ تَوَلَّدَ بَيْنَ مَأْكُولَيْنِ مَا هُوَ عَلَى صُورَةِ الْآدَمِيِّ وَصَارَ مُمَيِّزًا عَاقِلًا هَلْ تَصِحُّ إمَامَتُهُ وَبَقِيَّةُ عِبَادَاتِهِ وَهَلْ يَجُوزُ ذَبْحُهُ وَأَكْلُهُ أَمْ لَا وَإِذَا مَاتَ هَلْ يُعْطَى حُكْمَ الْآدَمِيِّ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ.

وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ بِصِحَّةِ إمَامَتِهِ وَسَائِرِ عِبَادَاتِهِ وَأَنَّهُ يُعَدُّ مِنْ الْأَرْبَعِينَ فِي الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهَا مَنُوطَةٌ بِالْعَقْلِ، وَقَدْ وَجَدُوا أَنَّهُ يَجُوزُ ذَبْحُهُ وَأَكْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مَأْكُولٌ تَبَعًا لِأَصْلَيْهِ وَإِنَّهُ لَا يُعْطَى حُكْمَ الْآدَمِيِّ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَحْكَامِ لَا فِي الْحَيَاةِ وَلَا فِي الْمَمَاتِ ع ش.

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَمَيْتَةُ غَيْرِ الْآدَمِيِّ إلَخْ) وَلَوْ نَحْوَ ذُبَابٍ كَدَّ وَدَخَلَ مَعَ شَعْرِهَا وَصُوفِهَا وَوَبَرِهَا وَرِيشِهَا وَعَظْمِهَا وَظِلْفِهَا وَظُفْرِهَا وَحَافِرِهَا وَسَائِرِ أَجْزَائِهَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (وَالسَّمَكُ) وَلَوْ كَانَ طَافِيًا نِهَايَةٌ بِأَنْ ظَهَرَ بَعْدَ الْمَوْتِ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ (وَالْجَرَادُ) هُوَ اسْمُ جِنْسٍ وَاحِدُهُ جَرَادَةٌ تُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ لِتَحْرِيمِهَا) إلَى قَوْلِهِ وَاسْتَثْنَى فِي النِّهَايَةِ وَمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَزَعْمُ إضْرَارِهَا مَمْنُوعٌ (قَوْلُهُ مَعَ عَدَمِ إضْرَارِهَا) أَيْ وَعَدَمِ احْتِرَامِهَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَزَعْمُ إضْرَارِهَا إلَخْ) رَدٌّ لِقَوْلِ ابْنِ الرِّفْعَةِ إنَّ الِاسْتِدْلَالَ عَلَى نَجَاسَةِ الْمَيْتَةِ بِالْإِجْمَاعِ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ فِي أَكْلِ الْمَيْتَةِ ضَرَرًا سم عَلَى الْبَهْجَةِ اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ الْمَيْتَةُ شَرْعًا نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ مَا زَالَتْ حَيَاتُهُ إلَخْ) كَذَبِيحَةِ الْمَجُوسِيِّ وَالْمُحْرِمِ بِضَمِّ الْمِيمِ وَمَا ذُبِحَ بِالْعَظْمِ وَغَيْرِ الْمَأْكُولِ إذَا ذُبِحَ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر وَالْمُحْرِمُ أَيْ إذَا كَانَ مَا ذَكَّاهُ صَيْدًا وَحْشِيًّا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ أَمَّا لَوْ كَانَ مَذْبُوحُهُ غَيْرَ وَحْشِيٍّ كَعَنْزٍ مَثَلًا فَلَا يَحْرُمُ اهـ (قَوْلُهُ وَالنَّادُّ) أَيْ وَالْمُتَرَدِّي مُغْنِي (قَوْلُهُ أَوْ قَبْلَ إمْكَانِ ذَكَاتِهِ) أَيْ الْمَعْهُودَةِ فَلَا يُنَافِيهِ مَا بَعْدَهُ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ مِنْهَا) أَيْ الْمَيْتَةِ (قَوْلُهُ الْآدَمِيُّ) وَمِثْلُهُ الْمَلَكُ وَالْجِنُّ فَإِنَّ مَيْتَتَهُمَا طَاهِرَةٌ كَذَا بِهَامِشِ شَرْحِ الْبَهْجَةِ بِخَطِّ الزِّيَادِيِّ وَفِي فَتَاوَى الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ مَا يُوَافِقُهُ وَيُوَجَّهُ بِمَا وُجِّهَ بِهِ طَهَارَةُ الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ الْكَلْبِ وَالْآدَمِيِّ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «إنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجَسُ حَيًّا وَلَا مَيِّتًا» حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدْ ذَلِكَ بِالْآدَمِيِّ وَلَا يُشْكِلُ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي نَجَاسَةَ الْكَافِرِ؛ لِأَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْمُؤْمِنِ فِي هَذَا وَنَظَائِرِهِ لَيْسَ لِإِخْرَاجِ الْكَافِرِ بَلْ لِلثَّنَاءِ عَلَى

مَعَ التُّرَابِ يَجُوزُ لَهُ دُخُولُ الْمَسْجِدِ عَمَلًا بِاعْتِقَادِهِ، لَكِنْ هَلْ لِلْحَاكِمِ مَنْعُهُ لِتَضَرُّرِ غَيْرِهِ بِدُخُولِهِ حَيْثُ يَتَلَوَّثُ الْمَسْجِدُ مِنْهُ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنْ قُلْنَا لَهُ مَنْعُهُ فَهَلْ لَهُ الْمَنْعُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ أَيْضًا أَوْ يُفَرِّقُ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا قَرِيبَ لَهُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْقَرِيبَ يَشْمَلُ الْأَوْلَادَ وَهُمْ مُتَصَوَّرُونَ فِي حَقِّهِ فِي وَطْءِ أَمَتِهِ عِنْدَ تَحَقُّقِ الْعَنَتِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِهِ الَّذِي جَوَّزَهُ كَمَا تَقَدَّمَ، بَلْ قَدْ يَدَّعِي اعْتِبَارَ الشُّبْهَةِ فِي حَقِّهِ وَلَوْ بِأَنْ يَخْرُجَ بِاحْتِلَامٍ فَتَسْتَدْخِلَهُ امْرَأَةٌ

ص: 292

وَهُوَ فِي الْكَافِرِ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ فَلَا يُنَافِي إهْدَارَهُ لِوَصْفٍ عَرَضِيٍّ قَامَ بِهِ وَلِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «لَا تُنَجِّسُوا مَوْتَاكُمْ فَإِنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَنْجَسُ حَيًّا وَلَا مَيِّتًا» وَذَكَرَ الْمُسْلِمَ لِلْغَالِبِ وَمَعْنَى نَجَاسَةِ الْمُشْرِكِينَ فِي الْآيَةِ نَجَاسَةُ اعْتِقَادِهِمْ أَوْ الْمُرَادُ اجْتِنَابُهُمْ كَالنَّجَسِ وَالْخِلَافُ فِي غَيْرِ مَيْتَةِ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ قِيلَ وَمِثْلُهُمْ الشُّهَدَاءُ وَالسَّمَكُ لِلْإِجْمَاعِ وَالْجَرَادُ لِلْإِجْمَاعِ أَيْضًا عَلَى مَا قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَلِلْخَبَرِ الْحَسَنِ «أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ السَّمَكُ وَالْجَرَادُ وَالْكَبِدُ وَالطِّحَالُ» لَكِنَّ الصَّحِيحَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ الْقَائِلَ أُحِلَّتْ إلَى آخِرِهِ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما لَكِنَّهُ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ وَرِوَايَةُ رَفْعِ ذَلِكَ ضَعِيفَةٌ جِدًّا وَمِنْ ثَمَّ قَالَ أَحْمَدُ إنَّهَا مُنَكَّرَةٌ وَخَبَرُ «الْجَرَادُ أَكْثَرُ جُنُودِ اللَّهِ لَا آكُلُهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ» صَرِيحٌ فِي حِلِّهِ خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ فِيهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَأْكُلْهُ لِعُذْرٍ كَالضَّبِّ عَلَى أَنَّهُ جَاءَ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ «أَنَّهُمْ غَزَوْا سَبْعَ غَزَوَاتٍ يَأْكُلُونَهُ وَيَأْكُلُهُ مَعَهُمْ» وَرِوَايَةُ يَأْكُلُونَهُ صَحَّتْ فِي الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ.

(وَدَمٌ) إجْمَاعًا حَتَّى مَا يَبْقَى عَلَى الْعِظَامِ وَمَنْ صَرَّحَ بِطَهَارَتِهِ أَرَادَ أَنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ وَاسْتَثْنَى مِنْهُ الْكَبِدَ وَالطِّحَالَ وَالْمِسْكَ أَيْ وَلَوْ مِنْ

الْإِيمَانِ وَالتَّرْغِيبِ فِيهِ ع ش عِبَارَةُ شَيْخِنَا هُنَا وَمِثْلُ الْآدَمِيِّ الْجِنُّ وَالْمَلَكُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَلَائِكَةَ أَجْسَامٌ لَهَا مَيْتَةٌ وَهُوَ الرَّاجِحُ.

وَأَمَّا إنْ قُلْنَا بِأَنَّهَا أَشْبَاحٌ نُورَانِيَّةٌ تَنْطِفِي بِمَوْتِهَا فَلَا مَيْتَةَ لَهَا اهـ.

وَفِي بَابِ الطَّهَارَةِ وَمِثْلُ الْآدَمِيِّ الْجِنُّ وَالْمَلَكُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَلَائِكَةَ أَجْسَامٌ كَثِيفَةٌ وَالْحَقُّ أَنَّهُمْ أَجْسَامٌ لَطِيفَةٌ؛ لِأَنَّهُمْ أَجْسَامٌ نُورَانِيَّةٌ لَا يَبْقَى لَهُمْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ صُورَةٌ اهـ.

(قَوْلُهُ لِتَكْرِيمِهِ إلَخْ) وَقَضِيَّةُ التَّكْرِيمِ أَنْ لَا يُحْكَمَ بِنَجَاسَتِهِ بِالْمَوْتِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ إلَخْ) وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ نَجِسًا لِمَا أَمَرَ بِغَسْلِهِ كَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ أَيْ الْعَيْنِيَّةِ لَا يُقَالُ وَلَوْ كَانَ طَاهِرًا لَمَا أَمَرَ بِغَسْلِهِ كَسَائِرِ الْأَعْيَانِ الطَّاهِرَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ غَسْلُ الطَّاهِرِ مَعْهُودٌ فِي الْحَدَثِ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ النَّجِسِ عَلَى أَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ تَكْرِيمُهُ وَإِزَالَةُ الْأَوْسَاخِ عَنْهُ نِهَايَةٌ قَالَ ع ش قَوْلُهُ بِخِلَافِ النَّجِسِ قَضِيَّتُهُ أَنَّ عَظْمَ الْمَيْتَةِ إذَا تَنَجَّسَ بِمُغَلَّظَةٍ لَا يَصِحُّ تَطْهِيرُهُ مِنْهُ لِيَرْجِعَ إلَى أَصْلِهِ حَتَّى لَوْ أَصَابَ ثَوْبًا رَطْبًا مَثَلًا بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَحْتَجْ لِلتَّسْبِيعِ وَبِهَذِهِ الْقَضِيَّةِ صَرَّحَ سم عَلَى حَجّ فِيمَا يَأْتِي لَكِنْ فِي فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ مَا نَصُّهُ فَرْعٌ سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَنْ الْإِنَاءِ الْعَاجِ إذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَوْ نَحْوُهُ وَغُسِلَ سَبْعَ مَرَّاتٍ إحْدَاهَا بِتُرَابٍ فَهَلْ يُكْتَفَى بِذَلِكَ عَنْ تَطْهِيرِهِ أَوْ لَا فَأَجَابَ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْعَاجَ يَطْهُرُ بِمَا ذُكِرَ عَنْ النَّجَاسَةِ الْمُغَلَّظَةِ اهـ وَهُوَ الْأَقْرَبُ ع ش.

(قَوْلُهُ وَذِكْرُ الْمُسْلِمِ لِلْغَالِبِ) كَذَا قَالُوا، وَقَدْ يُقَالُ مَا الْمَانِعُ مِنْ أَنَّ وَجْهَ الدَّلَالَةِ مِنْهُ لِطَهَارَةِ الْكَافِرِ أَنَّ الْخَصْمَ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ فِي النَّجَاسَةِ بِالْمَوْتِ فَإِذَا ثَبَتَتْ طَهَارَةُ الْمُسْلِمِ فَالْكَافِرُ مِثْلُهُ لِعَدَمِ الْفَرْقِ اتِّفَاقًا رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ نَجَاسَةُ اعْتِقَادِهِمْ إلَخْ) أَيْ لَا نَجَاسَةَ أَبْدَانِهِمْ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَالْخِلَافُ) إلَى قَوْلِهِ لَكِنَّهُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ عَلَى مَا قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ وَالْخِلَافُ إلَخْ) لَمْ يَتَقَدَّمْ حِكَايَةُ الْخِلَافِ فِي كَلَامِهِ فِي مَيْتَةِ الْآدَمِيِّ لَكِنَّهُ ثَابِتٌ وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ وَكَذَا مَيْتَةُ الْآدَمِيِّ فِي الْأَظْهَرِ ع ش (قَوْلُهُ قِيلَ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ الْمَالِكِيُّ اهـ.

(قَوْلُهُ وَمِثْلُهُمْ الشَّهِيدُ) ضَعِيفٌ ع ش (قَوْلُهُ وَالسَّمَكُ) وَهُوَ مَا يُؤْكَلُ مِنْ حَيَوَانِ الْبَحْرِ وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ سَمَكًا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْأَطْعِمَةِ (وَالْجَرَادُ) سَوَاءٌ أَمَاتَا بِاصْطِيَادٍ أَمْ بِقَطْعِ رَأْسٍ وَلَوْ مِمَّنْ لَا يَحِلُّ ذَبْحُهُ مِنْ الْكُفَّارِ أَوْ حَتْفَ أَنْفِهِ نِهَايَةٌ أَيْ بِلَا جِنَايَةٍ ع ش (قَوْلُهُ إنَّهَا) أَيْ رِوَايَةُ الرَّفْعِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَدَمٌ) أَيْ وَلَوْ تَحَلَّبَ مِنْ سَمَكٍ وَكَبِدٍ وَطِحَالٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي أَيْ سَالَ ع ش (قَوْلُهُ حَتَّى مَا يَبْقَى) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ أَيْ إلَى وَمَتَى (قَوْلُهُ وَمَنْ صَرَّحَ إلَخْ) ظَاهِرُ صَنِيعِ الْمُغْنِي أَنَّ النِّزَاعَ مَعْنَوِيٌّ عِبَارَتُهُ، وَأَمَّا الدَّمُ الْبَاقِي عَلَى اللَّحْمِ وَعِظَامِهِ فَقِيلَ إنَّهُ طَاهِرٌ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي الْمَجْمُوعِ وَجَرَى عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ وَيَدُلُّ لَهُ مِنْ السُّنَّةِ «قَوْلُ عَائِشَةَ رضي الله عنها كُنَّا نَطْبُخُ الْبُرْمَةَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَعْلُوهَا الصُّفْرَةُ مِنْ الدَّمِ فَنَأْكُلُ وَلَا يُنْكِرُهُ» وَظَاهِرُ كَلَامِ الْحَلِيمِيِّ وَجَمَاعَةٍ أَنَّهُ نَجِسٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهُ دَمٌ مَسْفُوحٌ وَإِنْ لَمْ يَسِلْ لِقِلَّتِهِ وَلَا يُنَافِيهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ السُّنَّةِ اهـ.

(قَوْلُهُ الْكَبِدُ وَالطِّحَالُ) أَيْ وَإِنْ سُحِقَا وَصَارَا كَالدَّمِ فِيمَا يَظْهَرُ ع ش (قَوْلُهُ أَنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ) صَوَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِالدَّمِ الْبَاقِي عَلَى اللَّحْمِ الَّذِي لَمْ يَخْتَلِطْ بِشَيْءٍ كَمَا لَوْ ذُبِحَتْ شَاةٌ وَقُطِعَ لَحْمُهَا وَبَقِيَ عَلَيْهِ أَثَرٌ مِنْ الدَّمِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اخْتَلَطَ بِغَيْرِهِ كَمَا يُفْعَلُ فِي الَّتِي تُذْبَحُ فِي الْمَحَلِّ الْمُعَدِّ لِلذَّبْحِ الْآنَ مِنْ صَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهَا لِإِزَالَةِ الدَّمِ عَنْهَا فَإِنَّ الْبَاقِيَ مِنْ الدَّمِ عَلَى اللَّحْمِ بَعْدَ صَبِّ الْمَاءِ لَا يُعْفَى عَنْهُ وَإِنْ قَلَّ لِاخْتِلَاطِهِ بِأَجْنَبِيٍّ وَهُوَ تَصْوِيرٌ حَسَنٌ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ وَلَا فَرْقَ فِي عَدَمِ الْعَفْوِ عَمَّا ذَكَرَ بَيْنَ الْمُبْتَلَى بِهِ كَالْجَزَّارِينَ وَغَيْرِهِمْ وَلَوْ شَكَّ فِي الِاخْتِلَاطِ وَعَدَمِهِ لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ ع ش عِبَارَةُ الْجَمَلِ عَلَى شَرْحِ الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ لِمَنْظُومَةِ ابْنِ الْعِمَادِ.

قَوْلُهُ فَقَبْلَ غَسْلٍ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ بَعْدَ الْغَسْلِ لَا يُعْفَى عَنْهُ أَيْ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَهُ حَتَّى يَزُولَ الدَّمُ وَيُغْتَفَرُ بَقَايَاهُ الْيَسِيرَةُ؛ لِأَنَّهَا ضَرُورِيَّةٌ لَا يُمْكِنُهُ قَطْعُهَا اهـ وَعِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ عَلَيْهِ بَعْدَ ذِكْرِهِ عَنْ شَيْخِهِ ع ش مِثْلَهَا، وَقَدْ سَأَلْته عَنْ ذَلِكَ مَرَّةً فَقَالَ يَغْسِلُ الْغَسْلَ الْمُعْتَادَ وَيُعْفَى عَمَّا زَادَ اهـ.

(قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ أَيْ إلَيَّ وَمِنِّي (قَوْلُهُ أَيْ وَلَوْ مِنْ

بِشُبْهَةٍ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ فِي الْكَافِرِ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ) قَالَ فِي شَرْحِهِ لِلْعُبَابِ مِنْ جُمْلَةِ كَلَامٍ طَوِيلٍ فَالْآدَمِيُّ تَثْبُتُ لَهُ الْحُرْمَةُ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ تَارَةً وَمِنْ حَيْثُ وَصْفُهُ أُخْرَى فَالْحُرْمَةُ الثَّابِتَةُ لَهُ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ تَقْتَضِي الطَّهَارَةَ؛ لِأَنَّهُ وَصْفٌ ذَاتِيٌّ أَيْضًا فَلَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَفْرَادِ وَالثَّابِتَةُ لَهُ مِنْ حَيْثُ وَصْفُهُ تَقْتَضِي احْتِرَامَهُ وَتَعْظِيمَهُ بِحَسَبِ مَا يَلِيقُ بِهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْحَرْبِيَّ تَثْبُتُ لَهُ الْحُرْمَةُ الْأُولَى فَكَانَ طَاهِرًا حَيًّا وَمَيِّتًا وَلَمْ تَثْبُتْ

ص: 293

مَيْتَةٍ إنْ تَجَسَّدَ وَانْعَقَدَ وَإِلَّا فَهُوَ نَجِسٌ تَبَعًا لَهَا وَالْعَلَقَةُ وَالْمُضْغَةُ وَمَنِيٌّ أَوْ لَبَنٌ خَرَجَا بِلَوْنِ الدَّمِ وَدَمُ بَيْضَةٍ لَمْ تَفْسُدْ (وَقَيْحٌ) لِأَنَّهُ دَمٌ مُسْتَحِيلٌ وَصَدِيدٌ وَهُوَ مَاءٌ رَقِيقٌ يُخَالِطُهُ دَمٌ وَكَذَا مَاءُ قُرْحٍ أَوْ نَفْطٍ إنْ تَغَيَّرَ كَمَا سَيَذْكُرُهُ (وَقَيْءٌ) وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ وَإِلَّا اسْتَقَرَّ فِي الْمَعِدَةِ؛ لِأَنَّهُ فَضْلَةٌ وَبَلْغَمُ الْمَعِدَةِ بِخِلَافِهِ مِنْ رَأْسٍ أَوْ صَدْرٍ كَالسَّائِلِ مِنْ فَمِ النَّائِمِ مَا لَمْ يَعْلَمْ

مَيْتَةٍ إلَخْ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي عِبَارَةُ الْأَوَّلِ وَالْمِسْكُ طَاهِرٌ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «الْمِسْكُ أَطْيَبُ الطِّيبِ» ، وَكَذَا فَأْرَتُهُ بِشَعْرِهَا انْفَصَلَتْ فِي حَالِ حَيَاةِ الظَّبْيَةِ وَلَوْ احْتِمَالًا فِيمَا يَظْهَرُ أَوْ بَعْدَ ذَكَاتِهَا وَإِلَّا فَنَجِسَانِ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ فِي الْمِسْكِ قِيَاسًا عَلَى الْإِنْفَحَةِ اهـ.

وَعِبَارَةُ الثَّانِي وَفَأْرَتُهُ طَاهِرَةٌ وَهِيَ خُرَّاجٌ بِجَانِبِ سُرَّةِ الظَّبْيَةِ كَالسَّلْعَةِ فَتَحْتَكُّ حَتَّى تُلْقِيَهَا وَقِيلَ إنَّهَا فِي جَوْفِهَا تُلْقِيهَا كَالْبَيْضَةِ وَلَوْ انْفَصَلَ كُلٌّ مِنْ الْمِسْكِ وَالْفَأْرَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَنَجِسٌ كَاللَّبَنِ وَالشَّعْرِ اهـ.

وَفِي الْبُجَيْرِمِيِّ عَنْ الشبراملسي مَا يُوَافِقُ كَلَامَ الشَّارِحِ عِبَارَتُهُ وَمَحَلُّ طَهَارَةِ الْمِسْكِ وَفَأْرَتِهِ إنْ انْفَصَلَتْ إلَخْ وَكَذَا بَعْدَ مَوْتِهَا إنْ تَهَيَّأَتْ لِلْخُرُوجِ وَلَوْ شَكَّ فِي نَحْوِ شَعْرٍ أَوْ رِيشٍ أَهُوَ مِنْ مَأْكُولٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ انْفَصَلَ مِنْ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ أَوْ فِي عَظْمٍ أَوْ جِلْدٍ أَهُوَ مِنْ مُذَكَّى الْمَأْكُولِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ فِي لَبَنٍ أَهُوَ لَبَنُ مَأْكُولٍ أَوْ لَبَنُ غَيْرِهِ فَهُوَ طَاهِرٌ وَمِنْ ذَلِكَ مَا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى فِي مِصْرِنَا مِنْ الْفِرَاءِ الَّتِي تُبَاعُ وَلَا يُعْرَفُ أَصْلُ حَيَوَانِهَا الَّذِي أُخِذَتْ مِنْهُ هَلْ هُوَ مَأْكُولُ اللَّحْمِ أَوْ لَا وَهَلْ أُخِذَ بَعْدَ تَذْكِيَتِهِ أَوْ مَوْتِهِ وَقِيَاسُ مَا ذُكِرَ طَهَارَتُهَا كَطَهَارَةِ الْفَأْرَةِ مُطْلَقًا إذَا شَكَّ فِي انْفِصَالِهَا مِنْ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ خِلَافًا لِتَفْصِيلٍ فِيهَا لِلْإِسْنَوِيِّ ع ش اهـ.

(قَوْلُهُ: وَمَنِيٌّ أَوْ لَبَنٌ خَرَجَا إلَخْ) هَذَا إذَا كَانَتْ خَوَاصُّ الْمَنِيِّ أَوْ اللَّبَنِ مَوْجُودَةً فِيهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ أَوْ لَبَنٌ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ الْهَمْزَةِ (قَوْلُهُ لَمْ تَفْسُدْ) أَيْ بِأَنْ تَصْلُحَ لِلتَّخَلُّقِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) إلَى قَوْلِهِ وَمَا رَجَعَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ دَمٌ مُسْتَحِيلٌ) أَيْ إلَى نَتْنٍ وَفَسَادٍ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ) أَيْ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (وَقَيْءٌ) وَهُوَ الرَّاجِعُ بَعْدَ الْوُصُولِ إلَى الْمَعِدَةِ وَلَوْ مَاءً وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ كَمَا قَالَاهُ وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ وُصُولُهُ لِمَا جَاوَزَ مَخْرَجَ الْحَرْفِ الْبَاطِنِ؛ لِأَنَّهُ بَاطِنٌ فِيمَا يَظْهَرُ نَعَمْ لَوْ رَجَعَ مِنْهُ حَبٌّ صَحِيحٌ صَلَابَتُهُ بَاقِيَةٌ بِحَيْثُ لَوْ زُرِعَ نَبَتَ كَانَ مُتَنَجِّسًا لَا نَجِسًا وَقِيَاسُهُ فِي الْبَيْضِ لَوْ خَرَجَ مِنْهُ صَحِيحًا بَعْدَ ابْتِلَاعِهِ بِحَيْثُ تَكُونُ فِيهِ قُوَّةُ خُرُوجِ الْفَرْخِ أَنْ يَكُونَ مُتَنَجِّسًا لَا نَجِسًا وَلَوْ اُبْتُلِيَ شَخْصٌ بِالْقَيْءِ عُفِيَ عَنْهُ مِنْهُ فِي الثَّوْبِ وَغَيْرِهِ كَدَمِ الْبَرَاغِيثِ وَإِنْ كَثُرَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ نِهَايَةٌ.

قَالَ ع ش وَمِثْلُهُ بِالْأُولَى لَوْ اُبْتُلِيَ بِدَمِ اللِّثَةِ، وَالْمُرَادُ بِالِابْتِلَاءِ بِهِ أَنْ يَكْثُرَ وُجُودُهُ بِحَيْثُ يَقِلُّ خُلُوُّهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ) يَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي الْمَائِعِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي فِي الْحَبِّ وَالْعَنْبَرِ الْمَبْلُوعِ وَعَلَيْهِ فَمَا الْفَرْقُ لَا يُقَالُ إنَّ مُلَاقَاةَ النَّجَاسَةِ لِبَعْضِ الْمَائِعِ تُنَجِّسُهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ غَايَةُ مَا يَلْزَمُهُ تَنَجُّسُهُ لَا صَيْرُورَتُهُ نَجِسًا ثُمَّ رَأَيْت نَقْلًا عَنْ الْإِسْنَوِيِّ أَنَّهُ بَحَثَ أَنَّ الْمَاءَ الَّذِي يَتَغَيَّرُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُتَنَجِّسًا فَيَطْهُرُ بِالْمُكَاثَرَةِ وَهُوَ وَجِيهٌ مَعْنًى بَصْرِيٌّ أَيْ لَا نَقْلًا كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ النِّهَايَةِ التَّصْرِيحُ بِخِلَافِ ذَلِكَ الْبَحْثِ وَاعْتَمَدَهُ الْحَلَبِيُّ وَشَيْخُنَا وَيُفِيدُهُ قَوْلُ الْمُغْنِي، وَقِيلَ غَيْرُ الْمُتَغَيِّرِ مُتَنَجِّسٌ لَا نَجِسٌ وَمَالَ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ اهـ فَذَكَرَ ذَلِكَ الْبَحْثَ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ فَضْلَةٌ) أَيْ مُسْتَحِيلَةٌ كَالْبَوْلِ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَبَلْغَمُ الْمَعِدَةِ) وَيُعْرَفُ كَوْنُهُ مِنْهَا بِمَا يَأْتِي فِي الْمَاءِ السَّائِلِ مِنْ الْفَمِ ع ش (قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ مِنْ رَأْسٍ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ الْبَلْغَمِ النَّازِلِ مِنْ الرَّأْسِ أَوْ أَقْصَى الْحَلْقِ فَإِنَّهُ طَاهِرٌ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُعْلَمْ إلَخْ) دَخَلَ فِيهِ صُورَةُ الشَّكِّ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمَاءُ السَّائِلُ مِنْ فَمِ النَّائِمِ نَجِسٌ إنْ كَانَ مِنْ الْعِدَّةِ كَأَنْ خَرَجَ مُنْتِنًا بِصُفْرَةٍ لَا إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهَا أَوْ شَكَّ فِي أَنَّهُ مِنْهَا أَوْ لَا فَإِنَّهُ طَاهِرٌ اهـ.

قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر كَأَنْ خَرَجَ إلَخْ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ مَعَ

لَهُ الْحُرْمَةُ الثَّانِيَةُ فَلَمْ يُحْتَرَمْ وَلَمْ يُعَظَّمْ فَجَازَ الِاسْتِنْجَاءُ بِجِلْدِهِ وَإِغْرَاءِ الْكِلَابِ عَلَى جِيفَتِهِ وَاِتِّخَاذِ الْأَوَانِي مِنْ جِلْدِهِ لِأَنَّهُ أَوَجَدَ مِنْ عَوَارِضِ الْمُخَالَفَاتِ مَا أَوْجَبَ إهْدَارَ عَوَارِضِ الصِّفَاتِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ يَتَّضِحْ لَك أَنَّهُ لَا إشْكَالَ فِي كَلَامِهِمْ اهـ. لَكِنْ قَدْ يُقَالُ إنْ أَرَادَ بِأَنَّ الطَّهَارَةَ وَصْفٌ ذَاتِيٌّ أَنَّهَا مُقْتَضَى الذَّاتِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ وَلِذَا اخْتَلَفَتْ الْأَئِمَّةُ فِيهَا أَوْ أَنَّهَا قَائِمَةٌ بِالذَّاتِ فَكُلُّ الْأَوْصَافِ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ أَرَادَ بِالذَّاتِيِّ الْحَقِيقِيَّ، وَقَدْ يُقَالُ لِمَ اقْتَضَتْ الذَّاتِيَّةُ الطَّهَارَةَ دُونَ الِاحْتِرَامِ.

(قَوْلُهُ وَقَيْءٌ) فِي شَرْحِ م ر وَهُوَ الرَّاجِعُ بَعْدَ الْوُصُولِ إلَى الْمَعِدَةِ، وَلَوْ مَاءً وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ، وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ وُصُولُهُ لِمَا جَاوَزَ مَخْرَجَ الْحَرْفِ الْبَاطِنَ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بَاطِنٌ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ. وَلِمَ اعْتَبَرَ مُجَاوَزَةَ مَخْرَجِ الْحَرْفِ الْبَاطِنَ وَهَلَّا كَفَى وُصُولُهُ وَفِي شَرْحِهِ أَيْضًا، وَلَوْ اُبْتُلِيَ شَخْصٌ بِالْقَيْءِ عُفِيَ عَنْهُ مِنْهُ فِي الثَّوْبِ وَغَيْرِهِ كَدَمِ الْبَرَاغِيثِ وَإِنْ كَثُرَ، كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَجِرَّة وَمِرَّة وَمِثْلُهُمَا سُمُّ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ وَسَائِرُ الْهَوَامِّ فَيَكُونُ نَجِسًا.

قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِلَسْعَةِ الْحَيَّةِ؛ لِأَنَّ سُمَّهَا يَظْهَرُ عَلَى مَحَلِّ اللَّسْعَةِ لَا الْعَقْرَبِ لِأَنَّ إبْرَتَهَا تَغُوصُ فِي بَاطِنِ اللَّحْمِ وَتَمُجُّ السُّمَّ فِي بَاطِنِهِ وَهُوَ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ بُطْلَانِهَا بِالْحَيَّةِ دُونَ الْعَقْرَبِ هُوَ

ص: 294

أَنَّهُ مِنْ الْمَعِدَةِ نَعَمْ مَنْ اُبْتُلِيَ بِهِ عُفِيَ عَنْهُ مِنْهُ فِي الثَّوْبِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ كَثُرَ كَدَمِ الْبَرَاغِيثِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَمَا رَجَعَ مِنْ الطَّعَامِ قَبْلَ وُصُولِهِ لِلْمَعِدَةِ مُتَنَجِّسٌ عَلَى مَا قَالَهُ الْقَفَّالُ وَأَطْلَقَ غَيْرُهُ طَهَارَتَهُ وَكَلَامُ الْمَجْمُوعِ فِي مَوَاضِعَ يُؤَيِّدُهَا وَمِمَّا يُصَرِّحُ بِهِمَا مَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ ابْنِ عَدْلَانِ وَأَقَرُّوهُ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ بُطْلَانِ صَلَاةِ مَنْ ابْتَلَعَ طَرَفَ خَيْطٍ وَبَقِيَ بَعْضُهُ بَارِزًا إنْ وَصَلَ طَرَفُهُ لِلْمَعِدَةِ لِاتِّصَالِ مَحْمُولِهِ وَهُوَ طَرَفُهُ الْبَارِزُ بِالنَّجَاسَةِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَصِلْ إلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ الْآنَ لَيْسَ حَامِلًا لِمُتَّصِلٍ بِنَجَسٍ وَيَظْهَرُ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّ مَا جَاوَزَ مَخْرَجَ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بَاطِنٌ وَجِرَّةٌ وَهِيَ مَا يُخْرِجُهُ الْحَيَوَانُ لِيَجْتَرَّهُ وَمِرَّةٌ سَوْدَاءُ أَوْ صَفْرَاءُ وَهِيَ مَا فِي الْمَرَارَةِ لِاسْتِحَالَتِهِمَا لِفَسَادٍ.

(وَرَوْثٌ) بِالْمُثَلَّثَةِ وَهُوَ إمَّا خَاصٌّ بِمَا مِنْ الْآدَمِيِّ

النَّتْنِ وَالصُّفْرَةِ يُقْطَعُ بِأَنَّهُ مِنْ الْمَعِدَةِ وَلَا يَكُونُ مِنْ مَحَلِّ الشَّكِّ وَقَوْلُهُ أَوْ شَكَّ إلَخْ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ أَكَلَ شَيْئًا نَجِسًا أَوْ مُتَنَجِّسًا وَغَسَلَ مَا يَظْهَرُ مِنْ الْفَمِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ بَلْغَمٌ مِنْ الصَّدْرِ فَإِنَّهُ طَاهِرٌ؛ لِأَنَّ مَا فِي الْبَاطِنِ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالنَّجَاسَةِ فَلَا يَنْجَسُ مَا مَرَّ عَلَيْهِ وَلِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ مُرُورَهُ عَلَى مَحَلٍّ نَجِسٍ اهـ. (قَوْلُهُ مِنْ الْمَعِدَةِ) أَخْرَجَ مَا قَبْلَهَا سم (قَوْلُهُ بِهِ) أَيْ بِالسَّائِلِ مِنْ الْمَعِدَةِ (قَوْلُهُ عُفِيَ عَنْهُ إلَخْ) أَيْ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُعْفَى عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ مَنْ اُبْتُلِيَ بِهِ إذَا مَسَّهُ بِلَا حَاجَةٍ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ سم فِي نَظِيرِهِ وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ شَرِبَ مِنْ إنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ قَلِيلٌ أَوْ أَكَلَ مِنْ طَعَامٍ وَمَسَّ الْمِلْعَقَةَ مَثَلًا بِفَمِهِ وَوَضَعَهَا فِي الطَّعَامِ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يَنْجَسُ مَا فِي الْإِنَاءِ مِنْ الْمَاءِ أَوْ الطَّعَامِ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ النَّجَاسَةِ التَّنْجِيسُ فَلَوْ انْصَبَّ مِنْ ذَلِكَ الطَّعَامِ عَلَى غَيْرِهِ شَيْءٌ لَا يُنَجِّسُهُ؛ لِأَنَّا لَا نَحْكُمُ بِنَجَاسَةِ الطَّعَامِ بَلْ هُوَ بَاقٍ عَلَى طَهَارَتِهِ ع ش (قَوْلُهُ وَأَطْلَقَ غَيْرُهُ طَهَارَتَهُ) قَدْ يُقَالُ إنْ عُلِمَ تَنَجُّسُ مَا قَبْلَ الْمَعِدَةِ بِنَحْوِ قَيْءٍ وَصَلَ إلَيْهِ فَنَجِسٌ وَإِلَّا فَطَاهِرٌ لِلْأَصْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم وَتَقَدَّمَ آنِفًا عَنْ ع ش مَا يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَوَّلِ) وَهُوَ مَا قَالَهُ الْقَفَّالُ.

(قَوْلُهُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مُتَنَجِّسٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ بَاطِنٌ) أَقُولُ هَذَا يُشْكِلُ بِمَا تَقَدَّمَ آنِفًا مِنْ إطْلَاقِ طَهَارَةِ بَلْغَمِ الصَّدْرِ مَعَ أَنَّ الصَّدْرَ مُجَاوِزٌ لِمَخْرَجِ الْحَاءِ ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ عَقَّبَ كَلَامَ الْقَفَّالِ بِذَلِكَ ثُمَّ قَالَ وَلِمَنْ جَرَى عَلَى كَلَامِ الْقَفَّالِ أَنْ يُجِيبَ بِالْفَرْقِ بِشِدَّةِ الِابْتِلَاءِ بِذَلِكَ وَبِأَنَّ مُلَاقَاةَ الْبَاطِنِ لِبَاطِنٍ مِثْلِهِ لَا يُؤَثِّرُ وَإِنْ خَرَجَ ثُمَّ رَأَيْت مَا يُمْكِنُ الْفَرْقُ بِهِ بَيْنَ بَلْغَمِ الصَّدْرِ وَالْقَيْءِ الرَّاجِعِ مِنْهُ أَوْ قَبْلَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ الْآتِي وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُلْحِقُوا بِهِ بَلْغَمَ الصَّدْرِ كَمَا مَرَّ اهـ فَتَأَمَّلْهُ لَكِنَّ قَضِيَّةَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ بَلْغَمُ الصَّدْرِ مُتَنَجِّسًا وَحِينَئِذٍ لَا يَظْهَرُ كَبِيرُ فَائِدَةٍ لِلْحُكْمِ بِطَهَارَتِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الِابْتِلَاءَ يَقْتَضِي الْحُكْمَ بِطَهَارَتِهِ وَإِنْ لَاقَى نَجِسًا سم بِحَذْفٍ (قَوْلُهُ وَجِرَّةٌ) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ سَوْدَاءُ أَوْ صَفْرَاءُ.

(قَوْلُهُ وَجِرَّةٌ) مِثْلُهَا سُمُّ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ وَسَائِرِ الْهَوَامِّ فَيَكُونُ نَجِسًا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِلَسْعَةِ الْحَيَّةِ؛ لِأَنَّ سُمَّهَا يَظْهَرُ عَلَى مَحَلِّ اللَّسْعَةِ لَا الْعَقْرَبِ؛ لِأَنَّ إبْرَتَهَا تَغُوصُ فِي بَاطِنِ اللَّحْمِ وَتَمُجُّ السُّمَّ فِي بَاطِنِهِ وَهُوَ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ بُطْلَانِهَا بِالْحَيَّةِ دُونَ الْعَقْرَبِ هُوَ الْأَوْجَهُ إلَّا إنْ عُلِمَ مُلَاقَاةُ السُّمِّ لِلظَّاهِرِ نِهَايَةٌ وَأَقَرَّهُ سم (قَوْلُهُ وَجِرَّةٌ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَهُوَ مَا يُخْرِجُهُ الْحَيَوَانُ أَيْ مِنْ بَعِيرٍ أَوْ غَيْرِهِ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَمِرَّةٌ) بِكَسْرِ الْمِيمِ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَهِيَ مَا فِي الْمَرَارَةِ) إنْ كَانَ الضَّمِيرُ رَاجِعًا إلَى الصَّفْرَاءِ فَقَطْ وَافَقَ مُصَرِّحُ الْأَطِبَّاءِ أَنَّ السَّوْدَاءَ فِي الطِّحَالِ لَا فِي الْمَرَارَةِ لَكِنْ يَكُونُ فِي بَيَانِهِ نَوْعُ قُصُورٍ وَإِنْ كَانَ رَاجِعًا إلَى الْمِرَّةِ كَانَ مُنَافِيًا لَلْمُقَرَّرِ عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ فَلْيُتَأَمَّلْ بَصْرِيٌّ، وَقَدْ يُخْتَارُ الثَّانِي وَيُقَالُ إنَّ الْمُرَادَ بِهِمَا الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ لَا مُصْطَلَحُ الْأَطِبَّاءِ (قَوْلُهُ لِاسْتِحَالَتِهِمَا) أَيْ الْجِرَّةِ وَالْمِرَّةِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَرَوْثٌ) وَلَوْ مِنْ طَيْرٍ مَأْكُولٍ أَوْ مِمَّا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ أَوْ سَمَكٍ أَوْ جَرَادٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَهُوَ إمَّا خَاصٌّ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْعَذِرَةُ

الْأَوْجَهُ إلَّا إنْ عَلِمَ مُلَاقَاةَ السُّمِّ فِي الظَّاهِرِ أَوْ لِمَا لَاقَى سُمَّهَا، وَأَمَّا الْخُرْزَةُ الَّتِي تُوجَدُ فِي الْمَرَارَةِ وَتُسْتَعْمَلُ فِي الْأَدْوِيَةِ فَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ فِي الْخَادِمِ نَجَاسَتُهَا؛ لِأَنَّهَا تُجَسَّدُ مِنْ النَّجَاسَةِ فَأَشْبَهَتْ الْمَاءَ النَّجَسَ إذَا انْعَقَدَ مِلْحًا اهـ.

(قَوْلُهُ مِنْ الْمَعِدَةِ) أَخْرَجَ مَا قَبْلَهَا (قَوْلُهُ وَأَطْلَقَ غَيْرُهُ طَهَارَتَهُ) قَدْ يُقَالُ إنْ عَلِمَ تَنَجُّسَ مَا قَبْلَ الْمَعِدَةِ بِنَحْوِ قَيْءٍ وَصَلَ إلَيْهِ فَنَجِسٌ وَإِلَّا فَطَاهِرُ الْأَصْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ إنَّ مَا جَاوَزَ مَخْرَجَ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ بَاطِنٌ) أَقُولُ هَذَا يُشْكِلُ بِمَا تَقَدَّمَ آنِفًا مِنْ إطْلَاقِ طَهَارَةِ بَلْغَمِ الصَّدْرِ مَعَ أَنَّ الصَّدْرَ مُجَاوِزٌ لِمَخْرَجِ الْحَاءِ بِكَثِيرٍ ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ عَقِبَ كَلَامِ الْقَفَّالِ.

قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ وَقَوْلُهُمْ بِطَهَارَةِ الْبَلْغَمِ الْخَارِجِ مِنْ الصَّدْرِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْوَاصِلَ إلَى الصَّدْرِ وَمَا فَوْقَهُ إذَا عَادَ قَبْلَ وُصُولِهِ لِلْمَعِدَةِ لَا يَكُونُ نَجِسًا وَلَا مُتَنَجِّسًا وَسَيَأْتِي قَرِيبًا عَنْ الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِتَنَجُّسِ الْخَيْطِ الْمُبْتَلَعِ وُصُولُهُ لِلْمَعِدَةِ وَعَنْ الزَّرْكَشِيّ فِي الْوَاصِلِ لِحَوْصَلَةِ الطَّيْرِ أَنَّ بَاطِنَ حُلْقُومِ الْآدَمِيِّ لَا نَجَاسَةَ فِيهِ وَكُلُّ ذَلِكَ يَرُدُّ كَلَامَ الْقَفَّالِ وَلِمَنْ جَرَى عَلَى كَلَامِ الْقَفَّالِ أَنْ يُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِالْفَرْقِ بِشِدَّةِ الِابْتِلَاءِ بِذَلِكَ وَبِأَنَّ مُلَاقَاةَ الْبَاطِنِ لِبَاطِنٍ مِثْلِهِ لَا يُؤَثِّرُ وَإِنْ خَرَجَ، كَمَا قَالُوهُ فِي الْمَنِيِّ يُلَاقِي الْبَوْلَ بِفَرْضِ اتِّحَادِ مَخْرَجِهِمَا أَوْ اخْتِلَافِهِ فَإِنَّهُ مَعَ ذَلِكَ يُلَاقِيهِ قُبَيْلَ رَأْسِ الذَّكَرِ وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ ذِكْرَ الْمَعِدَةِ مِثَالٌ وَعَنْ الثَّالِثِ بِمَنْعِهِ؛ لِأَنَّ الزَّرْكَشِيَّ لَمْ يَنْقُلْهُ عَنْ أَحَدٍ فَلَا يُعَارَضُ بِهِ كَلَامُ الْقَفَّالِ اهـ، ثُمَّ رَأَيْت مَا يُمْكِنُ الْفَرْقُ بِهِ بَيْنَ بَلْغَمِ الصَّدْرِ وَالْقَيْءِ الرَّاجِعِ مِنْهُ أَوْ قَبْلَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ الْآتِي.

وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُلْحِقُوا بِهِ بَلْغَمَ الصَّدْرِ كَمَا مَرَّ اهـ فَتَأَمَّلْهُ لَكِنَّ قَضِيَّةَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ بَلْغَمُ الصَّدْرِ مُتَنَجِّسًا وَحِينَئِذٍ

ص: 295

كَالْعَذِرَةِ أَوْ بِمَا مِنْ غَيْرِ الْآدَمِيِّ أَوْ بِمَا مِنْ ذِي الْحَافِرِ أَوْ أَعَمَّ وَهُوَ مَا فِي الدَّقَائِقِ فَعَلَى غَيْرِهِ أُرِيدَ بِهِ الْأَعَمُّ تَوَسُّعًا (وَبَوْلٌ) وَلَوْ مِنْ طَائِرٍ وَسَمَكٍ وَجَرَادٍ وَمَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم سَمَّى الرَّوْثَ رِكْسًا وَهُوَ شَرْعًا النَّجَسُ وَأَمَرَ بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَى الْبَوْلِ، وَحِكَايَةُ جَمْعٍ مَالِكِيَّةِ قَوْلًا لِلشَّافِعِيِّ بِطَهَارَةِ بَوْلِ الطِّفْلِ غَلَطٌ.

وَاخْتَارَ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ وَمُتَأَخِّرُونَ طَهَارَةَ فَضَلَاتِهِ صلى الله عليه وسلم وَأَطَالُوا فِيهِ وَلَوْ قَاءَتْ أَوْ رَاثَتْ بَهِيمَةٌ حَبًّا صُلْبًا بِحَيْثُ لَوْ زُرِعَ نَبَتَ فَهُوَ مُتَنَجِّسٌ يُغْسَلُ وَيُؤْكَلُ وَالْعَسَلُ يَخْرُجُ قِيلَ مِنْ فَمِ النَّحْلِ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ الْقَيْءِ وَقِيلَ مِنْ دُبُرِهَا فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ الرَّوْثِ وَقِيلَ مِنْ ثُقْبَتَيْنِ تَحْتَ جَنَاحِهَا فَلَا اسْتِثْنَاءَ إلَّا بِالنَّظَرِ إلَى أَنَّهُ حِينَئِذٍ كَاللَّبَنِ وَهُوَ مِنْ غَيْرِ الْمَأْكُولِ نَجِسٌ وَلَيْسَ الْعَنْبَرُ رَوْثًا خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ بَلْ هُوَ نَبَاتٌ فِي الْبَحْرِ فَمَا تَحَقَّقَ مِنْهُ أَنَّهُ مَبْلُوعٌ مُتَنَجِّسٌ؛ لِأَنَّهُ مُتَجَسِّدٌ غَلِيظٌ لَا يَسْتَحِيلُ وَجِلْدَةُ الْمَرَارَةِ طَاهِرَةٌ دُونَ مَا فِيهَا كَالْكَرِشِ وَمِنْهُ الْخَرَزَةُ الْمَعْرُوفَةُ فِيهَا لِانْعِقَادِهَا مِنْ النَّجَاسَةِ كَحَصَى الْكُلَى أَوْ الْمَثَانَةِ وَجِلْدَةُ الْإِنْفَحَةِ مِنْ مَأْكُولٍ طَاهِرَةٍ تُؤْكَلُ وَكَذَا مَا فِيهَا إنْ أُخِذَتْ مِنْ مَذْبُوحٍ

وَالرَّوْثُ قِيلَ بِتَرَادُفِهِمَا وَقَالَ النَّوَوِيُّ إنَّ الْعَذِرَةَ مُخْتَصَّةٌ بِالْآدَمِيِّ وَالرَّوْثُ أَعَمُّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَقَدْ يُمْنَعُ بَلْ هُوَ مُخْتَصٌّ بِغَيْرِ الْآدَمِيِّ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ صَاحِبِ الْمُحْكَمِ وَابْنِ الْأَثِيرِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِذِي الْحَافِرِ وَعَلَيْهِ فَاسْتِعْمَالُ الْفُقَهَاءِ لَهُ فِي سَائِرِ الْبَهَائِمِ تَوَسُّعٌ اهـ وَعَلَى قَوْلِ التَّرَادُفِ فَأَحَدُهُمَا يُغْنِي عَنْ الْآخَرِ وَعَلَى قَوْلِ النَّوَوِيِّ الرَّوْثُ يُغْنِي عَنْ الْعَذِرَةِ اهـ وَفِي الْبَصْرِيِّ بَعْدَ ذِكْرِ مِثْلِهَا عَنْ الْأَسْنَى مَا نَصُّهُ وَقَوْلُهُ قِيلَ مُتَرَادِفَانِ يُتَصَوَّرُ التَّرَادُفُ بِطَرِيقَيْنِ إمَّا بِأَنْ يُسْتَعْمَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ الْمُتَبَادَرُ وَإِمَّا بِأَنْ يَخْتَصَّا بِفَضْلَةِ الْآدَمِيِّ وَهَذَا مَا فَهِمَهُ صَاحِبُ التُّحْفَةِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ بُعْدٍ فَتَأَمَّلْ اهـ.

(قَوْلُهُ: كَالْعَذِرَةِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ أَسْنَى (قَوْلُهُ أَوْ بِمَا مِنْ غَيْرِ الْآدَمِيِّ) أَيْ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ طَائِرٍ) إلَى قَوْلِهِ وَحِكَايَةُ جَمْعٍ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ طَائِرٍ إلَخْ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الرَّوْثِ وَالْبَوْلِ (قَوْلُهُ عَلَى الْبَوْلِ) أَيْ بَوْلِ الْأَعْرَابِيِّ فِي الْمَسْجِدِ وَقِيسَ بِهِ سَائِرُ الْأَبْوَالِ، وَأَمَّا «أَمْرُهُ صلى الله عليه وسلم الْعُرَنِيِّينَ بِشُرْبِ أَبْوَالِ الْإِبِلِ» فَكَانَ لِلتَّدَاوِي وَالتَّدَاوِي بِالنَّجِسِ جَائِزٌ عِنْدَ فَقْدِ الطَّاهِرِ الَّذِي يَقُومُ مَقَامَهُ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «لَمْ يُجْعَلْ شِفَاءُ أُمَّتِي فِيمَا حُرِّمَ عَلَيْهَا» فَمَحْمُولٌ عَلَى صِرْفِ الْخَمْرِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي أَيْ فَلَا يَجُوزُ التَّدَاوِي بِهِ بِخِلَافِ صِرْفِ غَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ النَّجَاسَاتِ حَيْثُ لَمْ يَقُمْ غَيْرُهُ مَقَامَهُ ع ش (قَوْلُهُ وَاخْتَارَ جَمْعٌ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي وِفَاقًا لِلشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ وَخِلَافًا لِلشَّارِحِ كَمَا يَأْتِي عِبَارَتُهُمَا وَاللَّفْظُ لِلْأَوَّلِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَحُمِلَ تَنَزُّهُهُ صلى الله عليه وسلم مِنْهَا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَمَزِيدِ النَّظَافَةِ، وَأَمَّا الْحَصَاةُ الَّتِي تَخْرُجُ مَعَ الْبَوْلِ أَوْ بَعْدَهُ أَحْيَانًا وَتُسَمِّيهَا الْعَامَّةُ الْحَصِيَّةَ فَأَفْتَى فِيهَا الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّهُ إنْ أَخْبَرَ طَبِيبٌ عَدْلٌ بِأَنَّهَا مُنْعَقِدَةٌ مِنْ الْبَوْلِ فَنَجِسَةٌ وَإِلَّا فَمُتَنَجِّسَةٌ اهـ.

وَقَوْلُهُمَا وَأَمَّا الْحَصَاةُ إلَخْ يَأْتِي فِي الشَّارِحِ إطْلَاقُ نَجَاسَتِهَا (قَوْلُهُ طَهَارَةُ فَضَلَاتِهِ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي طَرْدُ الطَّهَارَةِ فِي فَضَلَاتِ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ نِهَايَةٌ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ طَهَارَتِهَا حِلُّ تَنَاوُلِهَا فَيَنْبَغِي تَحْرِيمُهُ إلَّا لِغَرَضٍ كَالْمُدَوَاةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الطَّهَارَةِ أَيْضًا احْتِرَامُهَا بِحَيْثُ يَحْرُمُ وَطْؤُهَا لَوْ وُجِدَتْ بِأَرْضٍ وَعَلَيْهِ فَيَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهَا إذَا جَمَدَتْ ع ش (قَوْلُهُ وَأَطَالُوا فِيهِ) وَكَذَا أَطَالَ فِيهِ النِّهَايَةُ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَاءَ) إلَى قَوْلِهِ وَالْعَسَلُ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِهِ وَقِيلَ مِنْ ثَقْبَيْنِ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ بَهِيمَةٌ) لَيْسَ بِقَيْدٍ وَمِثْلُهَا الْآدَمِيُّ (قَوْلُهُ قِيلَ مِنْ فَمِ النَّحْلِ) وَهُوَ الْأَشْبَهُ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ بَلْ هُوَ نَبَاتٌ فِي الْبَحْرِ) كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي أَيْ فِي بَحْرِ الصِّينِ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْأَقَالِيمِ السَّبْعَةِ يَقْذِفُهُ الْبَحْرُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَأْكُلُهُ الْحُوتُ فَيَمُوتُ فَيَنْبِذُهُ الْبَحْرُ فَيُؤْخَذُ وَيُشَقُّ بَطْنُهُ وَيُسْتَخْرَجُ مِنْهُ وَيُغْسَلُ عَنْهُ مَا أَصَابَهُ مِنْ أَذَاهُ وَاَلَّذِي يُؤْخَذُ قَبْلَ أَنْ يَلْتَقِطَهُ السَّمَكُ هُوَ أَطْيَبُ الْعَنْبَرِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَجِلْدَةُ الْمَرَارَةِ) إلَى قَوْلِهِ وَعَنْ الْعِدَّةِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ كَحَصَى الْكُلَى أَوْ الْمَثَانَةِ (قَوْلُهُ وَجِلْدَةُ الْمَرَارَةِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ مِنْ إضَافَةِ الْأَعَمِّ إلَى الْأَخَصِّ (قَوْلُهُ طَاهِرَةٌ إلَخْ) أَيْ مُتَنَجِّسَةٌ كَالْكَرِشِ فَتَطْهُرُ بِغَسْلِهَا نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ) أَيْ مِمَّا فِي الْمَرَارَةِ النَّجَسُ (قَوْلُهُ كَحَصَى الْكُلَى وَالْمَثَانَةِ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي كَمَا مَرَّ.

وَقَالَ الْبَصْرِيُّ أَقُولُ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِ أَيْ الشَّارِحِ أَنَّهُ نَجِسٌ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ تَوَلُّدُهُ مِنْ الْبَوْلِ وَهُوَ أَوْجَهُ مِمَّنْ قَيَّدَ بِذَلِكَ أَيْ كَالنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُتَوَلِّدَةً مِنْ الْبَوْلِ لَكِنَّهَا مُتَوَلِّدَةٌ مِنْ رُطُوبَةٍ كَائِنَةٍ فِي مَعْدِنِ النَّجَاسَةِ فَهِيَ نَجِسَةٌ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْبَلْغَمِ الْخَارِجِ مِنْ الْمَعِدَةِ فَتَأَمَّلْ اهـ وَكَذَا اسْتَشْكَلَ ع ش مَا قَالَاهُ بِعَدَمِ ظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْحَصَاةِ الْمَذْكُورَةِ وَبَيْنَ خَرَزَةِ الْمِرَّةِ الَّتِي أَطْلَقَا نَجَاسَتَهَا (قَوْلُهُ وَجِلْدَةُ الْإِنْفَحَةِ) إلَى قَوْلِهِ وَعَنْ الْعِدَّةِ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَجِلْدَةُ الْإِنْفَحَةِ إلَخْ) هِيَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَتَخْفِيفِ الْحَاءِ عَلَى الْأَفْصَحِ لَبَنٌ فِي جَوْفِ نَحْوِ سَخْلَةٍ فِي جِلْدَةٍ تُسَمَّى إنْفَحَةً أَيْضًا مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ إنْ أُخِذَتْ مِنْ مَذْبُوحٍ إلَخْ) بِخِلَافِ مَا إذَا

لَا يَظْهَرُ كَبِيرُ فَائِدَةٍ لِلْحُكْمِ بِطَهَارَتِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الِابْتِلَاءَ يَقْتَضِي الْحُكْمَ بِطَهَارَتِهِ وَإِنْ لَاقَى نَجِسًا.

(قَوْلُهُ فَضَلَاتِهِ صلى الله عليه وسلم) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي طَرْدُ الطَّهَارَةِ فِي فَضَلَاتِ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ وَنَازَعَهُ الْجَوْجَرِيُّ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ حَبًّا صَلْبًا إلَخْ) وَقِيَاسُهُ فِي الْبَيْضِ لَوْ خَرَجَ مِنْهُ صَحِيحًا بَعْدَ ابْتِلَاعِهِ بِحَيْثُ يَكُونُ فِيهِ قُوَّةُ خُرُوجِ الْفَرْخِ أَنْ يَكُونَ مُتَنَجِّسًا لَا نَجِسًا شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ كَحَصَى الْكُلَى) خَالَفَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ فَأَفْتَى بِطَهَارَةِ عَيْنِ الْحَصَاةِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا حَجَرٌ خَلَقَهُ اللَّهُ فِي هَذَا الْمَحَلِّ وَلَيْسَ مُنْعَقِدًا مِنْ نَفْسِ الْبَوْلِ إلَّا أَنْ يُخْبِرَ عَدْلٌ طَبِيبٌ بِأَنَّهَا

ص: 296

لَمْ يَأْكُلْ غَيْرَ اللَّبَنِ وَإِنْ جَاوَزَ سَنَتَيْنِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّفْلِ الْآتِي غَيْرُ خَفِيٍّ وَعَنْ الْعُدَّةِ وَالْحَاوِي الْجَزْمُ بِنَجَاسَةِ نَسْجِ الْعَنْكَبُوتِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْغَزَالِيِّ وَالْقَزْوِينِيُّ أَنَّهُ مِنْ لُعَابِهَا مَعَ قَوْلِهِمْ إنَّهَا تَتَغَذَّى بِالذُّبَابِ الْمَيِّتِ لَكِنَّ الْمَشْهُورَ الطَّهَارَةُ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ أَيْ لِأَنَّ نَجَاسَتَهُ تَتَوَقَّفُ عَلَى تَحَقُّقِ كَوْنِهِ مِنْ لُعَابِهَا وَأَنَّهَا لَا تَتَغَذَّى إلَّا بِذَلِكَ وَأَنَّ ذَلِكَ النَّسْجَ قَبْلَ احْتِمَالِ طَهَارَةِ فَمِهَا وَأَنَّى بِوَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ فِيمَا يَخْرُجُ مِنْ جِلْدِ نَحْوِ حَيَّةٍ أَوْ عَقْرَبٍ فِي حَيَاتِهَا بِطَهَارَتِهِ كَالْعَرَقِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِبُعْدِ تَشْبِيهِهِ بِالْعَرَقِ بَلْ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ نَجِسٌ؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مُتَجَسِّدٌ مُنْفَصِلٌ مِنْ حَيٍّ فَهُوَ كَمَيْتَتِهِ.

وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّيْخِ نَصْرِ الْعَفْوُ عَنْ بَوْلِ بَقَرِ الدِّيَاسَةِ عَلَى الْحَبِّ وَعَنْ الْجُوَيْنِيِّ تَشْدِيدُ النَّكِيرِ عَلَى الْبَحْثِ عَنْهُ وَتَطْهِيرُهُ (وَمَذْيٌ) لِلْأَمْرِ بِغَسْلِ الذَّكَرِ مِنْهُ وَهُوَ بِمُعْجَمَةٍ وَيَجُوزُ إهْمَالُهَا سَاكِنَةً، وَقَدْ تُكْسَرُ مَعَ تَخْفِيفِ الْيَاءِ وَتَشْدِيدِهَا مَاءٌ أَصْفَرُ رَقِيقٌ غَالِبًا يَخْرُجُ غَالِبًا عِنْدَ شَهْوَةٍ ضَعِيفَةٍ (وَوَدْيٌ) إجْمَاعًا وَهُوَ بِمُهْمَلَةٍ وَيَجُوزُ إعْجَامُهَا سَاكِنَةً مَاءٌ أَبْيَضُ كَدِرٌ ثَخِينٌ غَالِبًا يَخْرُجُ غَالِبًا إمَّا عَقِبَ الْبَوْلِ حَيْثُ اسْتَمْسَكَتْ الطَّبِيعَةُ أَوْ عِنْدَ حَمْلِ شَيْءٍ ثَقِيلٍ.

(وَكَذَا مَنِيُّ غَيْرِ الْآدَمِيِّ فِي الْأَصَحِّ) كَسَائِرِ الْمُسْتَحِيلَاتِ أَمَّا مَنِيُّ الْآدَمِيِّ، وَلَوْ خَصِيًّا وَمَمْسُوحًا وَخُنْثَى إذَا تَحَقَّقَ كَوْنُهُ مَنِيًّا فَطَاهِرٌ لِمَا صَحَّ «عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها كُنْت أَحُكُّهُ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُصَلِّي» وَصَحَّ الِاسْتِدْلَال بِهِ؛ لِأَنَّ الْمُخَالِفَ يَرَى فِي فَضَلَاتِهِ صلى الله عليه وسلم مَا هُوَ مَذْهَبُنَا

أُخِذَتْ مِنْ مَيِّتٍ أَوْ مِنْ مَذْبُوحٍ أَكَلَ غَيْرَ اللَّبَنِ وَلَوْ لِلتَّدَاوِي مُغْنِي (قَوْلُهُ لَمْ يَأْكُلْ غَيْرَ اللَّبَنِ) سَوَاءٌ فِي اللَّبَنِ لَبَنُ أُمِّهَا أَمْ غَيْرِهَا شَرِبَتْهُ أَمْ سُقِيَ لَهَا كَانَ طَاهِرًا أَمْ نَجِسًا وَلَوْ مِنْ نَحْوِ كَلْبَةٍ خَرَجَ عَلَى هَيْئَتِهِ حَالًا أَمْ لَا نَعَمْ يُعْفَى عَنْ الْجُبْنِ الْمَعْمُولِ بِالْإِنْفَحَةِ مِنْ حَيَوَانٍ تَغَذَّى بِغَيْرِ اللَّبَنِ لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِهِ فِي هَذَا الزَّمَانِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذْ مِنْ الْقَوَاعِدِ أَنَّ الْمَشَقَّةَ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ وَأَنَّ الْأَمْرَ إذَا ضَاقَ اتَّسَعَ نِهَايَةٌ وَفِي الْمُغْنِي مِثْلُهَا إلَّا قَوْلَهُ نَعَمْ إلَخْ وَقَالَ ع ش قَوْلُ م ر نَعَمْ يُعْفَى إلَخْ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ بِالْعَفْوِ الطَّهَارَةَ كَمَا فِي شَرْحِهِ عَلَى الْعُبَابِ أَيْ فَتَصِحُّ صَلَاةُ حَامِلِهِ وَلَا يَجِبُ غَسْلُ الْفَمِ مِنْهُ عِنْدَ إرَادَةِ الصَّلَاةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَهَلْ يُلْحَقُ بِالْإِنْفَحَةِ الْخُبْزُ الْمَخْبُوزُ بِالسِّرْجِينِ أَمْ لَا الظَّاهِرُ الْإِلْحَاقُ كَمَا نُقِلَ عَنْ الزِّيَادِيِّ بِالدَّرْسِ فَلْيُرَاجَعْ وَقَوْلُهُ م ر لِعُمُومِ الْبَلْوَى إلَخْ وَلَا يُكَلَّفُ غَيْرُهُ إذَا سَهُلَ تَحْصِيلُهُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ) أَيْ بَيْنَ ذَلِكَ الْمَذْبُوحِ الْمُجَاوِزِ سَنَتَيْنِ (قَوْلُهُ غَيْرُ خَفِيٍّ) لِأَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ فِيهِ عَلَى التَّغَذِّي وَعَدَمِهِ وَشُرْبِهِ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ يُسَمَّى تَغَذِّيًا وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِيهَا مَا يُسَمَّى إنْفَحَةً وَهِيَ مَا دَامَتْ تَشْرَبُ اللَّبَنَ لَا تَخْرُجُ عَنْ ذَلِكَ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَعَنْ الْعِدَّةِ) وَهُوَ لِلْقَاضِي شُرَيْحٍ أَبِي الْمَكَارِمِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَأَنَّى بِوَاحِدٍ إلَخْ) أَيْ مِنْ أَيْنَ لَنَا وَاحِدٌ إلَخْ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ) وَبِفَرْضِ تَحَقُّقِهَا فَهُوَ حِينَئِذٍ مُتَنَجِّسٌ لَا نَجِسٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُهُ خِلَافَهُ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَكَلَامُهُ يُخَالِفُهُ اهـ. (قَوْلُهُ بَلْ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ نَجِسٌ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ ع ش، وَقَالَ الْبَصْرِيُّ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ تَحَقَّقَ كَوْنُهُ جُزْءًا مِنْ الْجِلْدِ فَنَجِسٌ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحِ أَوْ كَوْنُهُ يَتَرَشَّحُ كَالْعَرَقِ ثُمَّ يَتَجَسَّدُ فَطَاهِرٌ وَكَذَا إنْ شَكَّ فِيمَا يَظْهَرُ نَظَرًا لِمَا ذَكَرَهُ أَوَّلَ الْبَابِ مِنْ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَشْيَاءِ الطَّهَارَةُ اهـ.

(قَوْلُهُ بَقَرُ الدِّيَاسَةِ) أَيْ مَثَلًا فَمِثْلُهُ خَيْلُهَا (قَوْلُهُ عَلَى الْحَبِّ) أَيْ مَثَلًا فَمِثْلُهُ التِّبْنُ رَشِيدِيٌّ وَجَمَلٌ (قَوْلُهُ عَنْهُ) أَيْ الْحَبِّ الَّذِي بَالَ عَلَيْهِ بَقَرُ الدِّيَاسَةِ (قَوْلُهُ تَطْهِيرِهِ) لَعَلَّهُ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الْبَحْثِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْعِمَادِ فِي مَنْظُومَتِهِ فَاتْرُكْ غَسْلَ حِنْطَتِهِ وَمِنْ قَوْلِ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَمِنْ الْبِدَعِ الْمَذْمُومَةِ غَسْلُ ثَوْبٍ جَدِيدٍ وَقَمْحٍ اهـ. (قَوْلُهُ لِلْأَمْرِ إلَخْ) أَيْ فِي قِصَّةِ عَلِيٍّ رضي الله عنه نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ بِغَسْلِ الذَّكَرِ) أَيْ مَا مَسَّهُ مِنْهُ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَهُوَ بِمُعْجَمَةٍ سَاكِنَةٍ) هَذِهِ هِيَ اللُّغَةُ الْفُصْحَى كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ غَالِبًا) وَفِي تَعْلِيقِ ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّهُ يَكُونُ فِي الشِّتَاءِ أَبْيَضَ ثَخِينًا وَفِي الصَّيْفِ أَصْفَرَ رَقِيقًا وَرُبَّمَا لَا يُحِسُّ بِخُرُوجِهِ وَهُوَ أَغْلَبُ فِي النِّسَاءِ مِنْهُ فِي الرِّجَالِ خُصُوصًا عِنْدَ هَيَجَانِهِنَّ نِهَايَةٌ أَيْ هَيَجَانِ شَهْوَتِهِنَّ ع ش.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ بِمُهْمَلَةٍ سَاكِنَةٍ) هِيَ اللُّغَةُ الْفُصْحَى كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ حَيْثُ اسْتَمْسَكَتْ الطَّبِيعَةُ) أَيْ يَبِسَ مَا فِيهَا قَلْيُوبِيٌّ عِبَارَةُ الْبَصْرِيِّ هَلْ الْمُرَادُ بِالْبَوْلِ أَوْ بِالْغَائِطِ يَنْبَغِي أَنْ يُحَرَّرَ اهـ وَيَظْهَرُ الثَّانِي (قَوْلُهُ أَوْ عِنْدَ حَمْلِ شَيْءٍ ثَقِيلٍ) أَيْ فَلَا يَخْتَصُّ بِالْبَالِغِينَ، وَأَمَّا الْمَذْيُ فَيُحْتَمَلُ اخْتِصَاصُهُ بِالْبَالِغِينَ؛ لِأَنَّ خُرُوجَهُ نَاشِئٌ عَنْ الشَّهْوَةِ ع ش عِبَارَةُ الْحَلَبِيِّ وَالْوَدْيُ يَكُونُ لِلصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَالْمَذْيُ خَاصٌّ بِالْكَبِيرِ اهـ.

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَكَذَا مَنِيُّ غَيْرِ الْآدَمِيِّ إلَخْ) أَيْ وَنَحْوِ الْكَلْبِ أَمَّا مَنِيُّ نَحْوِهِ فَنَجِسٌ بِلَا خِلَافٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَلَوْ خَصِيًّا إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً أَوْ خُنْثَى وَغَايَتُهُ أَيْ مَنِيِّ الْخُنْثَى أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ وَهُوَ لَا يُؤَثِّرُ فَالْقَوْلُ بِنَجَاسَتِهِ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَسَوَاءٌ فِي الطَّهَارَةِ مَنِيُّ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ وَالْخَصِيِّ وَالْمَجْبُوبِ وَالْمَمْسُوحِ فَكُلُّ مَنْ تُصُوِّرَ لَهُ مَنِيٌّ مِنْهُمْ كَانَ كَغَيْرِهِ وَخَرَجَ مَنْ لَا يُمْكِنُ بُلُوغُهُ لَوْ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ فَإِنَّهُ يَكُونُ نَجِسًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَنِيٍّ اهـ قَالَ ع ش أَيْ وَإِنْ وُجِدَتْ فِيهِ خَوَاصُّ الْمَنِيِّ وَلِذَا جَزَمَ سم بِنَجَاسَتِهِ حَيْثُ خَرَجَ فِي دُونِ التِّسْعِ وَوَجَّهَهُ بِأَنَّ الْمَنِيَّ إنَّمَا حُكِمَ بِطَهَارَتِهِ لِكَوْنِهِ مُنْشَأً لِلْآدَمِيِّ وَفِيمَا دُونَ التِّسْعِ لَا يَصْلُحُ لِذَلِكَ وَهَذَا التَّوْجِيهُ مُطَّرِدٌ فِيمَا وُجِدَتْ فِيهِ خَوَاصُّ الْمَنِيِّ وَغَيْرِهِ اهـ. (قَوْلُهُ وَهُوَ يُصَلِّي) وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَيُصَلِّي فِيهِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ مَا هُوَ مَذْهَبُنَا إلَخْ) تَقَدَّمَ عَنْ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي اعْتِمَادُ

مُنْعَقِدَةٌ مِنْ نَفْسِ الْبَوْلِ فَيُحْكَمُ بِنَجَاسَةِ عَيْنِهَا (قَوْلُهُ لَمْ يَأْكُلْ غَيْرَ اللَّبَنِ) قَالَ فِي الْعُبَابِ تَبَعًا لِبَحْثِ الزَّرْكَشِيّ الطَّاهِرِ قَالَ فِي شَرْحِهِ فَتَكُونُ إنْفَحَةُ آكِلَتِهِ أَيْ اللَّبَنِ النَّجِسِ نَجِسَةٌ لَكِنَّهُ مَرْدُودٌ بِمُخَالَفَتِهِ لِإِطْلَاقِهِمْ وَلِقَوْلِهِ هُوَ أَيْ الزَّرْكَشِيُّ تَفْرِيعًا عَلَى طَهَارَةِ بَوْلِ الْمَأْكُولِ أَنَّهُ لَوْ أَكَلَ نَجَاسَةً فَالْأَقْرَبُ طَهَارَتُهُ أَيْضًا وَلِأَنَّ الْمُسْتَحِيلَ فِي الْمَعِدَةِ كَالْمُسْتَحَالِ إلَيْهِ طَهَارَةً وَنَجَاسَةً إلَخْ مَا أَطَالَ بِهِ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ جَاوَزَ سَنَتَيْنِ) اعْتَمَدَهُ م ر.

(قَوْلُهُ

ص: 297

أَنَّهَا كَغَيْرِهَا عَلَى أَنَّهُ كَانَ مِنْ جَمْعٍ فَيَلْزَمُ اخْتِلَاطُ مَنِيِّ الْمَرْأَةِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَلِمُ كَالْأَنْبِيَاءِ صلى الله عليه وسلم وَتَجْوِيزُ احْتِلَامِهِ الَّذِي أَفْهَمَهُ قَوْلُ عَائِشَةَ فِي إصْبَاحِهِ صَائِمًا جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ غَيْرِ احْتِلَامٍ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْمُمْتَنِعَ احْتِلَامٌ مِنْ فِعْلٍ بِرُؤْيَةٍ؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي يَكُونُ مِنْ الشَّيْطَانِ بِخِلَافِهِ لَا عَنْ رُؤْيَةِ شَيْءٍ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْشَأُ عَنْ نَحْوِ مَرَضٍ أَوْ امْتِلَاءِ أَوْعِيَةِ الْمَنِيِّ وَبِفَرْضِ صِحَّةِ هَذَا فَهُوَ نَادِرٌ فَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِهِ وَزَعْمُ خُرُوجِهِ مِنْ مَخْرَجِ الْبَوْلِ غَيْرُ مُحَقَّقٍ بَلْ قَالَ أَهْلُ التَّشْرِيحِ إنَّ فِي الذَّكَرِ ثَلَاثَ مَجَارِي مَجْرًى لِلْمَنِيِّ وَمَجْرًى لِلْبَوْلِ وَالْوَدْيِ وَمَجْرًى لِلْمَذْيِ بَيْنَ الْأَوَّلَيْنِ وَبِفَرْضِهِ فَالْمُلَاقَاةُ بَاطِنًا لَا تُؤَثِّرُ بِخِلَافِهَا ظَاهِرًا وَمِنْ ثَمَّ يَتَنَجَّسُ مِنْ مُسْتَنْجٍ بِغَيْرِ الْمَاءِ لِمُلَاقَاتِهِ لَهَا طَاهِرًا وَلَا يُنَافِي الْأَوَّلُ مَا مَرَّ فِي الطَّعَامِ الْخَارِجِ؛ لِأَنَّ الْمُلَاقَاةَ هُنَا ضَرُورِيَّةٌ فِي بَاطِنَيْنِ بِخِلَافِهَا ثَمَّ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُلْحِقُوا بِهِ بَلْغَمَ نَحْوِ الصَّدْرِ كَمَا مَرَّ.

وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ مَا فِي الْبَاطِنِ نَجِسٌ لَكِنَّهُ فِي الْحَيِّ لَا يُدَارُ عَلَيْهِ حُكْمُ النَّجَسِ إلَّا إنْ اتَّصَلَ بِالظَّاهِرِ أَوْ اتَّصَلَ بَعْضُ الظَّاهِرِ كَعَوْدٍ بِهِ وَفِي قَوَاعِدِ الزَّرْكَشِيّ إسْهَابٌ فِي ذَلِكَ وَهَذَا خُلَاصَةُ الْمُعْتَمَدِ مِنْهُ بَلْ قَوْلُنَا نَجِسٌ لَكِنَّهُ إلَى آخِرِهِ يُجْمَعُ بِهِ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْجَوْفِ نَجَاسَةٌ وَمُقَابِلُهُ وَيُسَنُّ غَسْلُهُ رَطْبًا وَفَرْكُهُ يَابِسًا لَكِنْ غَسْلُهُ أَفْضَلُ.

(قُلْت الْأَصَحُّ طَهَارَةُ مَنِيِّ غَيْرِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَفَرْعِ أَحَدِهِمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهُ أَصْلُ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ فَأَشْبَهَ مَنِيَّ الْآدَمِيِّ وَمِثْلُهُ بَيْضُ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَهُوَ طَاهِرٌ مُطْلَقًا يَحِلُّ أَكْلُهُ مَا لَمْ يُعْلَمْ ضَرَرُهُ وَبَيْضُ الْمَيْتَةِ إنْ تَصَلَّبَ طَاهِرٌ وَإِلَّا فَنَجِسٌ.

(وَلَبَنُ مَا لَا يُؤْكَلُ غَيْرُ الْآدَمِيِّ) لِأَنَّهُ فَضْلَةٌ وَلَيْسَ أَصْلَ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ وَبِهِ فَارَقَ مَنِيَّهُ أَمَّا لَبَنُ الْمَأْكُولِ كَالْفَرَسِ فَطَاهِرٌ إجْمَاعًا إلَّا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ جَلَّالَةٍ فَهُوَ نَجِسٌ عَلَى قَوْلٍ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ.

(تَنْبِيهٌ)

لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ صَرَّحَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ فِي لَبَنِ الرُّمْكَةِ وَهِيَ الْفَرَسُ

خِلَافِهِ (قَوْلُهُ إنَّهَا إلَخْ) بَيَانٌ لِلْمَوْصُولِ (قَوْلُهُ كَغَيْرِهَا) أَيْ فِي النَّجَاسَةِ وَكَانَ الْأَوْلَى كَفَضَلَاتِ غَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَهَذَا لَا يَتِمُّ الِاسْتِدْلَال بِهِ إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَةِ فَضَلَاتِهِ صلى الله عليه وسلم وَأُجِيبُ بِصِحَّةِ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ مُطْلَقًا وَلَوْ قُلْنَا بِطَهَارَةِ فَضَلَاتِهِ؛ لِأَنَّ مَنِيَّهُ عليه الصلاة والسلام كَانَ مِنْ جِمَاعٍ إلَخْ (قَوْلُهُ فَيَلْزَمُ إلَخْ) فِي اللُّزُومِ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مِنْ نَحْوِ النَّظَرِ قَالَهُ الْبَصْرِيُّ وَحَقُّهُ أَنْ يَكْتُبَ عَلَى قَوْلِ الشَّارِحِ كَانَ مِنْ جِمَاعٍ مَعَ أَنَّ الشَّارِحَ أَشَارَ إلَى دَفْعِ ذَلِكَ النَّظَرِ بِقَوْلِهِ الْآتِي وَبِفَرْضِ إلَخْ (قَوْلُهُ عَنْ فِعْلٍ) أَيْ إيلَاجٍ بِرُؤْيَةٍ أَيْ لِصُورَةِ حَيَوَانٍ آدَمِيٍّ أَوَّلًا (قَوْلُهُ لِأَنَّ هَذَا) أَيْ الِاحْتِلَامَ مِنْ فِعْلٍ بِرُؤْيَةِ شَيْءٍ (قَوْلُهُ عَنْ نَحْوِ مَرَضٍ) كَكَثْرَةِ الذِّكْرِ وَالْمُرَاقَبَةِ (قَوْلُهُ وَبِفَرْضِ صِحَّةِ هَذَا) أَيْ كَوْنِهِ نَشَأَ عَنْ نَحْوِ مَرَضٍ أَوْ امْتِلَاءِ أَوْعِيَةِ الْمَنِيِّ ع ش.

(قَوْلُهُ: وَبِفَرْضِهِ) أَيْ فَرْضِ اتِّحَادِ الْمَخْرَجِ (قَوْلُهُ وَزَعْمُ خُرُوجِهِ) إلَى قَوْلِهِ وَلَا يُنَافِي فِي الْمُغْنِي مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ يَتَنَجَّسُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَلَوْ بَالَ الشَّخْصُ وَلَمْ يَغْسِلْ مَحَلَّهُ تَنَجَّسَ مَنِيُّهُ وَإِنْ كَانَ مُسْتَجْمِرًا بِالْأَحْجَارِ وَعَلَى هَذَا لَوْ جَامَعَ رَجُلٌ مَنْ اسْتَنْجَتْ بِالْأَحْجَارِ تَنَجَّسَ مَنِيُّهُمَا وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُنَجِّسُ ذَكَرَهُ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ مَنْ اسْتَنْجَتْ إلَخْ وَكَذَا لَوْ كَانَ هُوَ مُسْتَجْمِرًا بِالْحَجَرِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ جِمَاعُهَا وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا تَمْكِينُهُ وَلَا تَصِيرُ بِالِامْتِنَاعِ نَاشِزَةً وَعَلَيْهِ فَلَوْ فَقَدَ الْمَاءَ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْجِمَاعُ وَلَا يَكُونُ فَقْدُهُ عُذْرًا فِي جَوَازِهِ نَعَمْ إنْ خَافَ الزِّنَا اُتُّجِهَ أَنَّهُ عُذْرٌ فَيَجُوزُ الْوَطْءُ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُسْتَجْمِرُ بِالْحَجَرِ الرَّجُلَ أَوْ الْمَرْأَةَ وَيَجِبُ عَلَيْهَا التَّمْكِينُ فِيمَا إذَا كَانَ الرَّجُلُ مُسْتَجْمِرًا بِالْحَجَرِ وَهِيَ بِالْمَاءِ وَقَوْلُهُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَيْ وَعَلَيْهَا أَيْضًا اهـ.

(قَوْلُهُ لِمُلَاقَاتِهِ) أَيْ الْمَنِيِّ لَهَا أَيْ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ الْأَوَّلُ) وَهُوَ عَدَمُ تَأْثِيرِ الْمُلَاقَاةِ بَاطِنًا (قَوْلُهُ مَا مَرَّ فِي الطَّعَامِ إلَخْ) أَيْ تَنَجُّسُهُ عِنْدَ الْقَفَّالِ (قَوْلُهُ فِي بَاطِنَيْنِ) أَيْ فِي أَمْرَيْنِ بَاطِنَيْنِ وَهُمَا الْمَنِيُّ وَالْبَوْلُ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ بِخِلَافِهَا ثُمَّ) أَيْ بِخِلَافِ الْمُلَاقَاةِ فِي الطَّعَامِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ ضَرُورِيَّةً وَفِي ظَاهِرِيٍّ وَبَاطِنِيٍّ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ لَمْ يُلْحِقُوا بِهِ) أَيْ بِالطَّعَامِ الْخَارِجِ قَبْلَ وُصُولِهِ لِلْمَعِدَةِ فِي التَّنَجُّسِ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي شَرْحِ وَقَيْءٌ (قَوْلُهُ إسْهَابٌ إلَخْ) أَيْ إطَالَةُ كَلَامٍ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ قَوْلُهُ إنَّ مَا فِي الْبَاطِنِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَيُسَنُّ غَسْلُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَيُسَنُّ غَسْلُ الْمَنِيِّ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ اهـ قَالَ ع ش أَيْ مُطْلَقًا رَطْبًا كَانَ أَوْ جَافًّا لَكِنْ يُعَارِضُهُ أَنَّ مَحَلَّ مُرَاعَاةِ الْخِلَافِ مَا لَمْ تَثْبُتْ سُنَّةٌ صَحِيحَةٌ بِخِلَافِهِ، وَقَدْ ثَبَتَ فَرْكُهُ يَابِسًا هُنَا فَلَا يُلْتَفَتُ لِخِلَافِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَفَرْكُهُ يَابِسًا إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يُتَأَمَّلَ مَعْنَى اسْتِحْبَابِ فَرْكِهِ مَعَ كَوْنِ غَسْلِهِ أَفْضَلَ فَإِنَّ كَوْنَ الْغَسْلِ أَفْضَلَ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْفَرْكَ خِلَافُ الْأَوْلَى فَكَيْفَ يَكُونُ سُنَّةً إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُمَا سُنَّتَانِ إحْدَاهُمَا أَفْضَلُ مِنْ الْأُخْرَى كَمَا قِيلَ فِي الْإِقْعَاءِ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ أَنَّهُ سُنَّةٌ وَالِافْتِرَاشُ أَفْضَلُ مِنْهُ وَلَكِنْ فِي سم عَلَى حَجّ عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَيُسَنُّ غَسْلُهُ رَطْبًا وَفَرْكُهُ يَابِسًا لِحَدِيثٍ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ وَلَا نَظَرَ لِعَدَمِ إجْزَاءِ الْفَرْكِ عِنْدَ الْمُخَالِفِ لِمُعَارَضَتِهِ لِسُنَّةٍ صَحِيحَةٍ ع ش (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ مُطْلَقًا إلَى وَبَيْضِ الْمَيْتَةِ (قَوْلُهُ بَيْضُ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ إلَخْ) أَيْ حَيَوَانٌ طَاهِرٌ لَا يُؤْكَلُ إلَخْ وَبَزْرُ الْقَزِّ وَهُوَ الْبَيْضُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ دُودُ الْقَزِّ طَاهِرٌ وَلَوْ اسْتَحَالَتْ الْبَيْضَةُ دَمًا وَصَلُحَ لِلتَّخَلُّقِ فَطَاهِرَةٌ وَإِلَّا فَلَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَمِنْ هَذَا الْبَيْضُ الَّذِي يَحْصُلُ مِنْ الْحَيَوَانِ بِلَا كَبْسِ ذَكَرٍ فَإِنَّهُ إذَا صَارَ دَمًا كَانَ نَجِسًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ حَيَوَانٌ اهـ حَجّ بِالْمَعْنَى اهـ ع ش (قَوْلُهُ فَهُوَ طَاهِرٌ إلَخْ) شَامِلٌ لِغَيْرِ الْمُتَصَلِّبِ إذَا خَرَجَ مِنْ حَيٍّ أَوْ مُذَكَّاةٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ كَالْمَنِيِّ أَوْ الْعَلَقَةِ أَوْ الْمُضْغَةِ سم وَعِ ش (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ عُلِمَ ضَرَرُهُ أَمْ لَا تَصَلَّبَ أَمْ لَا.

قَوْلُ الْمَتْنِ (غَيْرُ الْآدَمِيِّ) أَيْ وَالْجِنِّيِّ فِيمَا يَظْهَرُ ع ش (قَوْلُهُ وَبِهِ إلَخْ) أَيْ بِقَوْلِهِ وَلَيْسَ إلَخْ (قَوْلُهُ كَالْفَرَسِ) وَإِنْ وَلَدَتْ بَغْلًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ الْأَصَحُّ خِلَافُهُ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ) أَيْ لِمَا

وَيُسَنُّ غَسْلُهُ رَطْبًا) عِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ يُسَنُّ غَسْلُهُ رَطْبًا وَفَرْكُهُ يَابِسًا لِحَدِيثٍ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ وَلَا نَظَرَ لِعَدَمِ إجْزَاءِ الْفَرْكِ عِنْدَ الْمُخَالِفِ لِمُعَارَضَتِهِ لِسُنَّةٍ صَحِيحَةٍ (قَوْلُهُ فَهُوَ طَاهِرٌ مُطْلَقًا) شَامِلٌ لِغَيْرِ الْمُتَصَلِّبِ إذَا خَرَجَ مِنْ

ص: 298

أَوْ الْبِرْذَوْنَةِ الْمُتَّخَذَةِ لِلنَّسْلِ بِأَنَّهُ مُسْكِرٌ فِيهِ شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ جِدًّا فَإِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ فِي لَبَنٍ بِعَيْنِهِ قُلْنَا بِنَجَاسَتِهِ دُونَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الطِّبَاعِ وَأَمَّا الْحُكْمُ عَلَى الْجِنْسِ كُلِّهِ لِوُجُودِهِ فِي أَفْرَادٍ مِنْهُ فَبَعِيدٌ نَعَمْ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْمَيْتَةِ الَّتِي لَا نَفْسَ لَهَا سَائِلَةٌ أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ ذَلِكَ فِي أَكْثَرِ أَفْرَادِ الْجِنْسِ حَكَمْنَا بِهِ عَلَى كُلِّهِ ثُمَّ رَأَيْت فِي بَعْضِ كُتُبِهِمْ الْمُعْتَمَدَةِ أَنَّ الْخِلَافَ فِيهِ لَيْسَ مِنْ حَيْثُ إسْكَارُهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَبِزْرِ الْبَنْجِ عِنْدَهُمْ وَهُوَ مُبَاحٌ أَيْ الْقَلِيلُ مِنْهُ بَلْ مِنْ حَيْثُ إنَّ اللَّبَنَ تَبَعٌ لِلَّحْمِ وَأَبُو حَنِيفَةَ لَهُ فِيهِ رِوَايَةٌ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ، وَالْأَصَحُّ حِلُّهُ عِنْدَهُ وَأَنَّ الْكَلَامَ لَيْسَ فِي اللَّبَنِ نَفْسِهِ مُطْلَقًا بَلْ فِي الْمُتَّخَذِ مِنْهُ أَيْ وَهُوَ أَنَّهُ يَحْمُضُ فَإِذَا حَمَضَ كَانَ إسْكَارُهُ عَلَى قَدْرِ حَمْضِهِ، وَقَدْ يُتَّخَذُ مِنْهُ عَرَقٌ لِيَشْتَدَّ السُّكْرُ مِنْهُ وَهَذَا لَا شَكَّ فِي نَجَاسَتِهِ لِصِدْقِ حَدِّ الْمُسْكِرِ عَلَيْهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَكْلِ الْمُحْبَلِ وَعَدَمِهِ كَحِمَارٍ أَحْبَلَ فَرَسًا وَشَاةٍ وَلَدَتْ كَلْبًا كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ إنَّهُ نَجِسٌ قَطْعًا مَمْنُوعٌ.

وَأَمَّا لَبَنُ الْآدَمِيِّ وَلَوْ ذَكَرًا وَصَغِيرَةً وَمَيِّتًا فَظَاهِرٌ أَيْضًا إذْ لَا يَلِيقُ بِكَرَامَتِهِ أَنْ يَكُونَ مُنْشَؤُهُ نَجِسًا وَالزَّبَادُ لَبَنُ مَأْكُولٍ بَحْرِيٍّ كَمَا فِي الْحَاوِي رِيحُهُ كَالْمِسْكِ وَبَيَاضُهُ بَيَاضُ اللَّبَنِ فَهُوَ طَاهِرٌ أَوْ عَرَقُ سِنَّوْرٍ بَرِّيٍّ كَمَا هُوَ الْمَعْرُوفُ الْمُشَاهَدُ وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَنَا وَيُعْفَى عَنْ قَلِيلِ شَعْرِهِ كَالثَّلَاثِ كَذَا أَطْلَقُوهُ وَلَمْ يُبَيِّنُوا أَنَّ الْمُرَادَ الْقَلِيلَ فِي الْمَأْخُوذِ لِلِاسْتِعْمَالِ أَوْ فِي الْإِنَاءِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ الْأَوَّلُ إنْ كَانَ جَامِدًا لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِيهِ بِمَحَلِّ النَّجَاسَةِ فَقَطْ فَإِنْ كَثُرَتْ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ لَمْ يُعْفَ عَنْهُ وَإِلَّا عُفِيَ بِخِلَافِ الْمَائِعِ فَإِنَّ جَمِيعَهُ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ فَإِنْ قَلَّ الشَّعْرُ فِيهِ عُفِيَ عَنْهُ وَإِلَّا فَلَا وَلَا نَظَرَ لِلْمَأْخُوذِ.

(وَالْجُزْءُ الْمُنْفَصِلُ مِنْ الْحَيِّ كَمَيْتَتِهِ) طَهَارَةً وَنَجَاسَةً فَيَدُ الْآدَمِيِّ طَاهِرَةٌ خِلَافًا لِكَثِيرِينَ وَأَلْيَةُ الْخَرُوفِ نَجِسَةٌ لِلْخَبَرِ الْحَسَنِ أَوْ الصَّحِيحِ «مَا قُطِعَ مِنْ حَيٍّ فَهُوَ مَيِّتٌ» نَعَمْ فَارَةُ الْمَسْكِ الْمُنْفَصِلَةِ فِي الْحَيَاةِ

تَضَمَّنَهُ هَذَا التَّنْبِيهُ مِنْ حُكْمِ لَبَنِ الرُّمْكَةِ الْآتِي (قَوْلُهُ أَوْ الْبِرْذَوْنَةِ) يَأْتِي تَعْرِيفُهَا فِي قِسْمِ الصَّدَقَاتِ كُرْدِيٌّ وَفِي الْأَوْقَيَانُوسِ أَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الْفَرَسِ فِيمَا وَرَاءَ النَّهْرِ لَهُ كَمَالُ صَلَاحِيَّةٍ لِلْحَمْلِ اهـ.

(قَوْلُهُ الْمُتَّخَذَةِ لِلنَّسْلِ) لِيُتَأَمَّلْ فَائِدَةُ هَذَا الْقَيْدِ بَصْرِيٌّ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لِبَيَانِ الْمُعْتَادِ فِيمَا وَرَاءَ النَّهْرِ مِنْ اتِّخَاذِهَا لِلنَّسْلِ دُونَ الرُّكُوبِ وَالْحَمْلِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) أَيْ اللَّبَنَ حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ إسْكَارِهِ (قَوْلُهُ أَيْ الْقَلِيلُ مِنْهُ) أَيْ الْقَدْرُ الَّذِي لَا يُسْكِرُ لِقِلَّتِهِ (قَوْلُهُ فِيهِ) أَيْ فِي لَحْمِ الْفَرَسِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ حَمَضَ أَوْ لَا (قَوْلُهُ وَلَا فَرْقَ) إلَى قَوْلِهِ كَالثَّلَاثِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَشَاةٌ إلَى وَأَمَّا لَبَنُ الْآدَمِيِّ وَإِلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ كَمَا هُوَ الْمَعْرُوفُ إلَى وَيُعْفَى (قَوْلُهُ وَلَا فَرْقَ إلَخْ) أَيْ فِي طَهَارَةِ لَبَنِ الْمَأْكُولِ.

(فَائِدَةٌ)

اللَّبَنُ أَفْضَلُ مِنْ عَسَلِ النَّحْلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ السُّبْكِيُّ وَاللَّحْمُ أَفْضَلُ مِنْهُ كَمَا اعْتَمَدَهُ الرَّمْلِيُّ خِلَافًا لِوَالِدِهِ شَوْبَرِيٌّ أَيْ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «سَيِّدُ أُدْمِ أَهْلِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ اللَّحْمُ» وَلِقَوْلِهِ أَيْضًا «أَفْضَلُ طَعَامِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ اللَّحْمُ» اهـ الْجَامِعُ الصَّغِيرُ لِلسُّيُوطِيِّ وَفِي الْإِحْيَاءِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ مُدَاوَمَةَ أَكْلِهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا تُورِثُ قَسْوَةَ الْقَلْبِ وَتَرْكُهُ فِيهَا يُورِثُ سُوءَ الْخُلُقِ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ وَشَاةٌ وَلَدَتْ كَلْبًا إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَكَذَا لَبَنٌ وَكَذَا لَبَنُ الشَّاةِ أَوْ الْبَقَرَةِ إذَا أَوْلَدَهَا كَلْبٌ أَوْ خِنْزِيرٌ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ فِي خَادِمِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ لَبَنِ الْبَقَرَةِ وَالْعِجْلَةِ وَالثَّوْرِ وَالْعِجْلِ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ وَلَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَلَى لَوْنِ الدَّمِ أَوْ لَا إنْ وُجِدَتْ فِيهِ خَوَاصُّ اللَّبَنِ كَنَظِيرِهِ فِي الْمَنِيِّ أَمَّا مَا أُخِذَ مِنْ ضَرْعِ بَهِيمَةٍ مَيْتَةٍ فَإِنَّهُ نَجِسٌ اتِّفَاقًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ اهـ.

(قَوْلُهُ مَنْشَؤُهُ) أَيْ مَا يُرَبَّى هُوَ بِهِ (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ الْمَعْرُوفُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي كَمَا سَمِعْته مِنْ ثِقَاتِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِهَذَا اهـ وَعِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ الْمَشْهُورُ الَّذِي سَمِعْنَاهُ مِنْ ثِقَاتِ أَهْلِ الْحَبَشَةِ الَّذِينَ يَأْتِي الزَّبَادُ مِنْ بَلَدِهِمْ اهـ. (قَوْلُهُ وَيُعْفَى إلَخْ) وَلْيَحْتَرِزْ أَنْ يُصِيبَ النَّجَاسَةَ الَّتِي فِي دُبُرِهِ فَإِنَّ الْعَرَقَ الْمَذْكُورَ مِنْ نَقْرَتَيْنِ عِنْدَ دُبُرِهِ لَا مِنْ سَائِرِ جَسَدِهِ كَمَا أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ مَنْ أَثِقُ بِهِ مُغْنِي (قَوْلُهُ إنْ كَانَ جَامِدًا إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْعِبْرَةُ بِالْمُلَاقِي سَوَاءٌ الْمَأْخُوذُ وَالْمَأْخُوذُ مِنْهُ فِي الْإِنَاءِ أَوْ فِي نَحْوِ مِقْلَمَةٍ عَلَى قَاعِدَةِ تَنَجُّسِ الْجَامِدِ وَحِينَئِذٍ إذَا كَانَ الشَّعْرُ كَثِيرًا تَنَجَّسَ مَا لَاقَاهُ فَقَطْ وَبَعْدَ الْحُكْمِ بِتَنَجُّسِ الْمُلَاقِي فَمَا أُخِذَ مِنْهُ فَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ مُتَنَجِّسٍ سَوَاءٌ وُجِدَ فِيهِ مِنْ الشَّعْرِ شَيْءٌ أَمْ لَا وَإِذَا كَانَ الشَّعْرُ قَلِيلًا فَيُعْفَى عَمَّا لَاقَاهُ مِنْهُ فَإِنْ أُخِذَ مِنْ الْمُلَاقِي شَيْءٌ فَهُوَ مِمَّا عُفِيَ عَنْهُ فَإِذَا انْفَصَلَ هَذَا الْمُلَاقِي الْمَعْفُوُّ عَنْهُ بِلَا شَعْرٍ فَوَاضِحٌ أَوْ بِشَعْرٍ قَلِيلٍ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ فَكَذَلِكَ أَوْ كَثِيرٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَثِيرًا بِالنِّسْبَةِ لِمَا كَانَ فَلَا عَفْوَ فَتَأَمَّلْ هَذَا التَّفْصِيلَ فَإِنَّهُ لَا يَكَادُ يُسْتَفَادُ مِنْ التُّحْفَةِ وَلَا مِنْ كَلَامِ السَّيِّدِ وَإِنْ كَانَ عِبَارَتُهُ أَقْرَبَ إلَيْهِ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ وَإِنْ كَانَ الشَّعْرُ فِي مَأْخُوذِهِ كَثِيرًا لَكِنْ بِحَيْثُ إلَخْ لَا يَخْلُو عَنْ شَيْءٍ اهـ عَبْدُ اللَّهِ بَاقُشَيْرٍ عِبَارَةُ السَّيِّدِ عُمَرَ مَا ذَكَرَهُ فِي الْمَائِعِ وَاضِحٌ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ فِي الْجَامِدِ فَمَحَلُّ تَأَمُّلٍ إذْ الْعِبْرَةُ فِيهِ كَمَا أَفَادَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِمَحَلِّ النَّجَاسَةِ فَإِنْ أُخِذَ مِمَّا لَاقَاهُ كَثِيرُ الشَّعْرِ فَنَجِسٌ وَإِنْ كَانَ الشَّعْرُ فِي مَأْخُوذِهِ قَلِيلًا بَلْ أَوْ مَعْدُومًا وَإِنْ أُخِذَ مِمَّا لَمْ يُلَاقِهِ كَثِيرُهُ فَظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ الشَّعْرُ فِي مَأْخُوذِهِ كَثِيرًا لَكِنْ بِحَيْثُ يَكُونُ كُلُّ جَزْءٍ مِنْ الْمَأْخُوذِ لَمْ يُلَاقِهِ إلَّا قَلِيلٌ وَحِينَئِذٍ فَيَخْرُجُ الشَّعْرُ الْمَأْخُوذُ كُلُّهُ أَوْ مَا عَدَا قَلِيلَهُ ثُمَّ يَتَطَيَّبُ بِهِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ فِي الْكَثْرَةِ بِالْمَأْخُوذِ مُطْلَقًا اهـ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يُعْفَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْمَأْخُوذِ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا أَيْ بِأَنْ قُلْت عُفِيَ أَيْ عَنْ الْمَأْخُوذِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَالْجُزْءُ الْمُنْفَصِلُ إلَخْ) وَمِنْهُ الْمَشِيمَةُ الَّتِي فِيهَا الْوَلَدُ طَاهِرَةٌ مِنْ الْآدَمِيِّ نَجِسَةٌ مِنْ غَيْرِهِ أَمَّا الْمُنْفَصِلُ مِنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَهُ حُكْمُ مَيْتَتِهِ بِلَا نِزَاعٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ طَهَارَةٌ) إلَى قَوْلِهِ وَإِلَّا لِتَنَجُّسٍ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ فَيَدُ الْآدَمِيِّ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ مَقْطُوعَةً فِي سَرِقَةٍ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ الْمُنْفَصِلَةُ فِي الْحَيَاةِ إلَخْ) سَكَتَ عَنْ هَذَا الْقَيْدِ بِالنِّسْبَةِ لِنَفْسِ الْمِسْكِ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَالْأَصْلِ أَنَّ الْمِسْكَ طَاهِرٌ مُطْلَقًا وَجَرَى عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ

حَيٍّ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ كَالْمَنِيِّ أَوْ الْعَلَقَةِ أَوْ الْمُضْغَةِ.

(قَوْلُهُ إنْ كَانَ جَامِدًا) أَيْ وَكَانَ حُصُولُ الشَّعْرِ فِيهِ حَالَ الْجُمُودِ.

(قَوْلُهُ الْمُنْفَصِلَةُ فِي الْحَيَاةِ إلَخْ) سَكَتَ عَنْ هَذَا الْقَيْدِ بِالنِّسْبَةِ لِنَفْسِ الْمَسْكِ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ

ص: 299

وَلَوْ احْتِمَالًا عَلَى الْأَوْجَهِ أَوْ بَعْدَ ذَكَاتِهِ طَاهِرَةٌ وَإِلَّا لَتَنَجَّسَ الْمَسْكُ بِهَا لِرُطُوبَتِهِ قَبْلَ انْعِقَادِهِ قِيلَ وَمِنْهُ نَوْعٌ مِنْ غَيْرِ مَأْكُولٍ هُوَ أَطْيَبُهُ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالتُّرْكِيِّ فَيَتَعَيَّنُ اجْتِنَابُ مَا عُلِمَ فِيهِ ذَلِكَ لِنَجَاسَتِهِ.

(إلَّا شَعْرَ الْمَأْكُولِ فَطَاهِرٌ) إجْمَاعًا وَكَذَا الصُّوفُ وَالْوَبَرُ وَالرِّيشُ سَوَاءٌ أَنُتِفَ أَمْ جُزَّ أَمْ تَنَاثَرَ وَخَرَجَ بِشَعْرِ الْمَأْكُولِ عُضْوٌ أُبِينَ وَعَلَيْهِ شَعْرٌ فَإِنَّهُ نَجِسٌ وَكَذَا شَعْرُهُ وَكَذَا لَحْمَةٌ عَلَيْهَا رِيشَةٌ وَلَا أَثَرَ لِمَا بِأَصْلِهَا مِنْ الْحُمْرَةِ حَيْثُ لَا لَحْمَ بِهِ وَلَا لِشَعْرٍ خَرَجَ مَعَ أَصْلِهِ بِخِلَافِهِ مَعَ قِطْعَةِ جِلْدٍ هِيَ مَنْبَتُهُ وَإِنْ قَلَّتْ أَخْذًا مِمَّا تَقَرَّرَ فِي لَحْمَةٍ عَلَيْهَا رِيشَةٌ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ بَعْضِهِمْ، وَلَوْ شَكَّ فِي شَعْرٍ أَوْ نَحْوِهِ أَهُوَ مِنْ مَأْكُولٍ أَمْ غَيْرِهِ أَوْ هَلْ انْفَصَلَ مِنْ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ فَهُوَ طَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ طَهَارَةُ نَحْوِ الشَّعْرِ وَقِيَاسُهُ أَنَّ الْعَظْمَ كَذَلِكَ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْجَوَاهِرِ

(وَلَيْسَتْ الْعَلَقَةُ) وَهِيَ دَمٌ غَلِيظٌ اسْتَحَالَ عَنْ الْمَنِيِّ سُمِّي بِذَلِكَ لِعُلُوقِهِ بِكُلِّ مَا لَامَسَهُ. (وَالْمُضْغَةُ) وَهِيَ قِطْعَةُ لَحْمٍ بِقَدْرِ مَا يُمْضَغُ اسْتَحَالَتْ عَنْ الْعَلَقَةِ. (وَرُطُوبَةُ الْفَرْجِ) أَيْ الْقُبُلِ وَهُوَ مَاءٌ أَبْيَضُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْمَذْيِ وَالْعَرَقِ يَخْرُجُ مِنْ بَاطِنِ الْفَرْجِ

وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ كَالْإِنْفَحَةِ إلَخْ وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ لَكِنَّ الْمُتَّجَهَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا مِنْ طَهَارَتِهِ مُطْلَقًا مَا لَمْ يَكُنْ فِي أَحَدِهِمَا رُطُوبَةٌ وَإِلَّا فَهُوَ مُتَنَجِّسٌ إلَخْ وَقَالَ م ر أَيْ وَالْخَطِيبُ لَا بُدَّ فِي طَهَارَةِ الْمِسْكِ مِنْ انْفِصَالِهِ حَالَ الْحَيَاةِ أَيْضًا سم (قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ) أَيْ حَيَاةِ الظَّبْيَةِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ احْتِمَالًا) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ رَأَى ظَبْيَةً مَيِّتَةً وَفَأْرَةً مُنْفَصِلَةً عِنْدَهَا وَاحْتُمِلَ أَنَّ انْفِصَالَهَا قَبْلَ مَوْتِهَا حُكِمَ بِطَهَارَتِهَا وَهُوَ مُتَّجَهٌ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ طَاهِرَةً قَبْلَ الْمَوْتِ فَتُسْتَصْحَبُ طَهَارَتُهَا وَلَمْ يُعْلَمْ مَا يُزِيلُ الطَّهَارَةَ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش (وَبَعْدَ ذَكَاتِهِ) الْأَوْلَى التَّأْنِيثُ كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَتَنَجَّسَ الْمِسْكُ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَالْأَسْنَى وَإِلَّا أَيْ وَإِنْ لَمْ تَنْفَصِلْ فِي الْحَيَاةِ فَنَجِسَانِ اهـ. (قَوْلُهُ بِالتُّرْكِيِّ) مَنْسُوبٌ إلَى التُّرْكِ الَّذِينَ فِيمَا وَرَاءَ النَّهْرِ (قَوْلُهُ ذَلِكَ) أَيْ كَوْنُهُ مِنْ غَيْرِ الْمَأْكُولِ.

(قَوْلُهُ إجْمَاعًا) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ بِخِلَافِهِ إلَى وَلَوْ شَكَّ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَقِيَاسُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَكَذَا الصُّوفُ) أَيْ لِلضَّأْنِ (وَالْوَبَرُ) أَيْ لِلْإِبِلِ (وَالرِّيشُ) أَيْ لِلطَّيْرِ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ أَنُتِفَ إلَخْ) وَيُكْرَهُ نَتْفُ شَعْرِ الْحَيَوَانِ حَيْثُ كَانَ تَأَلُّمُهُ بِهِ يَسِيرًا وَإِلَّا حَرُمَ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ تَنَاثَرَ) أَيْ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِشَعْرِ الْمَأْكُولِ عُضْوٌ إلَخْ) وَكَذَا خَرَجَ بِذَلِكَ الْقَرْنُ وَالظِّلْفُ وَالظُّفْرُ الْمُبَانَةُ فَهِيَ نَجِسَةٌ شَرْحُ بَافَضْلٍ وَكُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ قُلْت إلَخْ) يَأْتِي عَنْ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي خِلَافُهُ (قَوْلُهُ كَلَامُ بَعْضِهِمْ) لَعَلَّهُ أَرَادَ بِهِ كَلَامَ الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ الَّذِي اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي عِبَارَتُهُمَا وَاللَّفْظُ لِلْأَوَّلِ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَنْفَصِلْ مَعَ الشَّعْرِ شَيْءٌ مِنْ أُصُولِهِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ مَعَ رُطُوبَةٍ فَهُوَ مُتَنَجِّسٌ يَطْهُرُ بِغَسْلِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اهـ قَالَ ع ش أَيْ فَلَوْ كَانَ يَسِيرًا لَا وَقْعَ لَهُ كَقِطْعَةِ لَحْمٍ يَسِيرَةٍ انْفَصَلَتْ مَعَ الرِّيشِ لَمْ يَضُرَّ وَيَكُونُ الرِّيشُ طَاهِرًا م ر اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ شَكَّ فِي شَعْرٍ إلَخْ) وَمِثْلُ الشَّعْرِ اللَّبَنُ إذَا شَكَكْنَا فِيهِ هَلْ هُوَ مِنْ حَيَوَانٍ مَأْكُولٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ انْفَصَلَ قَبْلَ التَّذْكِيَةِ أَوْ بَعْدَهَا فَإِنَّهُ طَاهِرٌ سَوَاءٌ كَانَ فِي ظَرْفٍ أَوْ لَا عِبَارَةُ سم لَوْ شَكَّ فِي اللَّبَنِ أَوْ فِي الشَّعْرِ مِنْ مَأْكُولٍ أَوْ آدَمِيٍّ أَوْ لَا فَهُوَ طَاهِرٌ خِلَافًا لِمَا فِي الْأَنْوَارِ وَإِنْ كَانَ مُلْقًى فِي الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ وَلَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِحِفْظِ مَا يُلْقَى مِنْهُ عَلَى الْأَرْضِ بِخِلَافِ اللَّحْمَةِ فَلِهَذَا فَصَّلَ فِيهَا تَفْصِيلَهَا الْمَعْرُوفَ اهـ. (قَوْلُهُ فَهُوَ طَاهِرٌ إلَخْ) وَإِنَّمَا لَمْ يَجْرِ هُنَا تَفْصِيلُ اللَّحْمَةِ الْمُلْقَاةِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِإِلْقَاءِ هَذِهِ الْأُمُورِ وَعَدَمِ حِفْظِهَا وَإِنْ كَانَتْ طَاهِرَةً بِخِلَافِ اللَّحْمَةِ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ أَنَّ الْعَظْمَ إلَخْ) أَيْ وَالْجِلْدَ سم فِي شَرْحِ الْغَايَةِ وَعِ ش عَلَى م ر اهـ بُجَيْرِمِيٌّ.

(قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ وَإِنْ كَانَ مَرْمِيًّا لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِرَمْيِ الْعَظْمِ الطَّاهِرِ م ر اهـ سم (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْجَوَاهِرِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَأَيْنَا قِطْعَةَ لَحْمٍ مُلْقَاةً وَشَكَكْنَا هَلْ هِيَ مِنْ مُذَكَّاةٍ أَوْ لَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّذْكِيَةِ نِهَايَةٌ وَعِبَارَتُهُ فِيمَا سَبَقَ فِي شَرْحِ وَلَوْ أَخْبَرَ بِتَنَجُّسِهِ إلَخْ وَلَوْ وَجَدَ قِطْعَةَ لَحْمٍ فِي إنَاءٍ أَوْ خِرْقَةٍ بِبَلَدٍ لَا مَجُوسَ فِيهِ فَهِيَ طَاهِرَةٌ أَوْ مَرْمِيَّةً مَكْشُوفَةً فَنَجِسَةٌ أَوْ فِي إنَاءٍ أَوْ خِرْقَةٍ وَالْمَجُوسُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَلَيْسَ الْمُسْلِمُونَ أَغْلَبَ فَكَذَلِكَ فَإِنْ غَلَبَ الْمُسْلِمُونَ فَطَاهِرَةٌ ع ش.

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلَيْسَتْ الْعَلَقَةُ وَالْمُضْغَةُ إلَخْ) وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ أَكْلُ الْمُضْغَةِ وَالْعَلَقَةِ مِنْ الْمُذَكَّاةِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ شَرْحُ الرَّوْضِ فِي الْأَطْعِمَةِ وَالْأُضْحِيَّةِ ع ش (قَوْلُهُ وَهِيَ دَمٌ) إلَى قَوْلِهِ الَّذِي لَا يَجِبُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (وَرُطُوبَةُ الْفَرْجِ) وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا يُلَاقِيهِ بَاطِنُ الْفَرْجِ مِنْ دَمِ الْحَيْضِ هَلْ يَتَنَجَّسُ بِذَلِكَ فَيَتَنَجَّسُ بِهِ ذَكَرُ الْمُجَامِعِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ مَا فِي الْبَاطِنِ لَا يَنْجُسُ أَقُولُ

كَالْأَصْلِ إنَّ الْمَسْكَ طَاهِرٌ مُطْلَقًا وَجَرَى عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ كَالْإِنْفَحَةِ إلَخْ وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ لَكِنَّ الْمُتَّجَهَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا مِنْ طَهَارَتِهِ مُطْلَقًا مَا لَمْ يَكُنْ فِي أَحَدِهِمَا رُطُوبَةٌ وَإِلَّا فَهُوَ مُتَنَجِّسٌ إلَخْ وَقَالَ م ر وَلَا بُدَّ فِي طَهَارَةِ الْمَسْكِ مِنْ انْفِصَالِهِ حَالَ الْحَيَاةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَلَوْ احْتِمَالًا) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ رَأَى ظَبْيَةً مَيْتَةً وَفَأْرَةً مُنْفَصِلَةً عِنْدَهَا وَاحْتَمَلَ أَنَّ انْفِصَالَهَا قَبْلَ مَوْتِهَا حُكِمَ بِطَهَارَتِهَا وَهُوَ مُتَّجَهٌ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ طَاهِرَةً قَبْلَ الْمَوْتِ فَيُسْتَصْحَبُ طَهَارَتُهُ وَلَمْ يُعْلَمْ مَا يُزِيلُ الطَّهَارَةَ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ شَكَّ إلَخْ) لَوْ شَكَّ فِي اللَّبَنِ مِنْ مَأْكُولٍ أَوْ آدَمِيٍّ أَوْ لَا فَهُوَ طَاهِرٌ خِلَافًا لِلْأَنْوَارِ وَإِنْ كَانَ مُلْقًى فِي الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ وَلَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِحِفْظِ مَا يُلْقَى مِنْهُ عَلَى الْأَرْضِ بِخِلَافِ اللَّحْمَةِ فَلِهَذَا فَصَّلَ فِيهَا تَفْصِيلَهَا السَّابِقَ (قَوْلُهُ فَهُوَ طَاهِرٌ إلَخْ) وَإِنَّمَا لَمْ يُجْرِ هُنَا تَفْصِيلَ اللَّحْمَةِ الْمُلْقَاةِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِإِلْقَاءِ هَذِهِ الْأُمُورِ وَعَدَمِ حِفْظِهَا وَإِنْ كَانَتْ طَاهِرَةً بِخِلَافِ اللَّحْمَةِ م ر (قَوْلُهُ وَقِيَاسُهُ أَنَّ الْعَظْمَ كَذَلِكَ)

ص: 300

الَّذِي لَا يَجِبُ غَسْلُهُ بِخِلَافِ مَا يَخْرُجُ مِمَّا يَجِبُ غَسْلُهُ فَإِنَّهُ طَاهِرٌ قَطْعًا وَمِنْ وَرَاءِ بَاطِنِ الْفَرْجِ فَإِنَّهُ نَجِسٌ قَطْعًا كَكُلِّ خَارِجٍ مِنْ الْبَاطِنِ كَالْمَاءِ الْخَارِجِ مَعَ الْوَلَدِ أَوْ قُبَيْلَهُ وَالْقَطْعُ فِي ذَلِكَ ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْمَنْقُولَ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِي الْكُلِّ (بِنَجَسٍ) مِنْ الْحَيَوَانِ الطَّاهِرِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ مِنْ الْآدَمِيِّ لَيْسَ لِإِخْرَاجِهَا مِنْ غَيْرِهِ بَلْ لِبَيَانِ أَنَّ مُقَابِلَ الْأَصَحِّ فِيهَا أَقْوَى مِنْ غَيْرِهِ مِنْهُ فِيهَا مِنْ الْآدَمِيِّ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ تَقْرِيرِهِ لَهُ (فِي الْأَصَحِّ) أَمَّا الْأُولَيَانِ فَأَوْلَى مِنْ الْمَنِيِّ؛ لِأَنَّهُمَا أَقْرَبُ مِنْهُ إلَى الْحَيَوَانِيَّةِ وَأَمَّا قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ شَرْطُهُمَا عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ أَنْ يَكُونَا مِنْ الْآدَمِيِّ لِنَجَاسَةِ مَنِيِّ غَيْرِهِ عِنْدَهُ وَهُمَا أَوْلَى مِنْهُ بِالنَّجَاسَةِ وَيَدُلُّ لَهُ جَزْمُ الرَّافِعِيِّ بِطَهَارَةِ مَنِيِّ الْآدَمِيِّ وَحِكَايَتُهُ خِلَافًا قَوِيًّا فِي نَجَاسَتِهِمَا مِنْهُ اهـ.

فَمَرْدُودٌ بِأَنَّهُمَا أَقْرَبُ إلَى الْحَيَوَانِيَّةِ مِنْهُ وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الدَّمَوِيَّةِ مِنْهُمَا وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ أَصَالَةَ الْمَنِيِّ لَمْ يُعَارِضْهَا فِيهِ مَا يُبْطِلُهَا وَأَصَالَتُهُمَا عَارَضَهَا عِنْدَ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ الْقَائِلِ بِنَجَاسَتِهِمَا مَا أَبْطَلَهَا وَهُوَ أَنَّ الْعَلَقَةَ دَمٌ كَالْحَيْضِ وَالْمُضْغَةُ قِطْعَةُ لَحْمٍ فَهِيَ كَمَيْتَةِ الْآدَمِيِّ النَّجِسَةِ عَلَى قَوْلٍ لِلشَّافِعِيِّ فَلِهَذَا اتَّضَحَ جَزْمُ الرَّافِعِيِّ بِطَهَارَةِ الْمَنِيِّ وَحِكَايَتُهُ الْخِلَافَ الْقَوِيَّ فِي نَجَاسَتِهِمَا لَكِنَّا مَعَ ذَلِكَ لَا نَجْزِمُ عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ بِمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ تَقْيِيدِهِمَا بِكَوْنِهِمَا مِنْ الْآدَمِيِّ بَلْ ذَلِكَ مُحْتَمِلٌ لِمَا ذَكَرَ وَلِإِطْلَاقِ طَهَارَتِهِمَا مِنْ الْحَيَوَانِ الطَّاهِرِ نَظَرًا إلَى أَقْرَبِيَّتِهِمَا مِنْ الْحَيَوَانِيَّةِ وَلَا يُعَارِضُهُ جَزْمُ الرَّافِعِيِّ بِطَهَارَتِهِ وَحِكَايَتُهُ الْخِلَافَ فِي نَجَاسَتِهِمَا؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ فِي ذَلِكَ لِلْأَصْحَابِ النَّاظِرِينَ لِمَا ذَكَرْته أَنَّ أَصَالَةَ الْمَنِيِّ لَمْ يُعَارِضْهَا شَيْءٌ بِخِلَافِ أَصَالَتِهِمَا وَأَمَّا الْأَخِيرَةُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ انْفِصَالِهَا وَعَدَمِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَلِأَنَّهَا كَالْعَرَقِ

الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَتَنَجَّسُ بِذَلِكَ وَمَعَ هَذَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْفَى عَنْ ذَلِكَ فَلَا يَنْجَسُ ذَكَرُ الْمُجَامِعِ لِكَثْرَةِ الِابْتِلَاءِ بِهِ وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ أَيْضًا مَا لَوْ أَدْخَلَتْ أُصْبُعَهَا لِغَرَضٍ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَعُمَّ الِابْتِلَاءُ بِهِ كَالْجِمَاعِ لَكِنَّهَا قَدْ تَحْتَاجُ إلَيْهِ كَأَنْ أَرَادَتْ الْمُبَالَغَةَ فِي تَنْظِيفِ الْمَحَلِّ وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنَّهُ إنْ طَالَ ذَكَرُهُ وَخَرَجَ عَنْ الِاعْتِدَالِ أَنْ لَا يَنْجَسَ بِمَا أَصَابَهُ مِنْ الرُّطُوبَةِ الْمُتَوَلِّدَةِ مِنْ الْبَاطِنِ الَّذِي لَا يَصِلُ إلَيْهِ ذَكَرُ الْمُجَامِعِ الْمُعْتَدِلُ لِعَدَمِ إمْكَانِ التَّحَفُّظِ مِنْهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اُبْتُلِيَ النَّائِمُ بِسَيَلَانِ الْمَاءِ مِنْ فَمِهِ فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ فَكَذَا هُنَا ع ش.

(قَوْلُهُ الَّذِي لَا يَجِبُ غَسْلُهُ) خِلَافًا لِلْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ لَكِنَّ مُقْتَضَى آخِرِ كَلَامِ الثَّانِي أَنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ عِبَارَتُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا مَتَى خَرَجَتْ مِنْ مَحَلٍّ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ فَهِيَ نَجِسَةٌ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ رُطُوبَةٌ جَوْفِيَّةٌ وَهِيَ إذَا خَرَجَتْ إلَى الظَّاهِرِ يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهَا فَلَا تُنَجِّسُ ذَكَرَ الْمُجَامِعِ عِنْدَ الْحُكْمِ بِطَهَارَتِهَا وَلَا يَجِبُ غَسْلُ الْوَلَدِ الْمُنْفَصِلِ مِنْ أُمِّهِ وَالْأَمْرُ بِغَسْلِ الذَّكَرِ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَلَا تُنَجِّسُ أَيْ الرُّطُوبَةُ مَنِيَّ الْمَرْأَةِ عَلَى مَا مَرَّ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر وَالْحَاصِلُ إلَخْ يُتَأَمَّلُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ بِعَدَمِ وُجُوبِ غَسْلِ ذَكَرِ الْمُجَامِعِ فَإِنَّهُ يَصِلُ إلَى مَا لَا يَجِبُ غَسْلُهُ مِنْ الْمَرْأَةِ وَعَلَيْهِ فَكَانَ الْقِيَاسُ نَجَاسَتَهُ نَعَمْ فِي كَلَامِ سم عَلَى الْبَهْجَةِ مَا يُفِيدُ أَنَّا وَإِنْ قُلْنَا بِنَجَاسَتِهِ يُعْفَى عَنْهُ وَقَوْلُهُ فَهِيَ نَجِسَةٌ خِلَافًا لِحَجِّ حَيْثُ قَالَ بِطَهَارَتِهَا إنْ خَرَجَتْ مِمَّا يَصِلُ إلَيْهِ ذَكَرُ الْمُجَامِعِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ اهـ.

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا يَخْرُجُ مِمَّا يَجِبُ غَسْلُهُ إلَخْ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ رُطُوبَةَ الْفَرْجِ ثَلَاثُ أَقْسَامٍ طَاهِرَةٌ قَطْعًا وَهِيَ مَا تَكُونُ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي يَظْهَرُ عِنْدَ جُلُوسِهَا وَهُوَ الَّذِي يَجِبُ غَسْلُهُ فِي الْغُسْلِ وَالِاسْتِنْجَاءِ، وَنَجِسَةٌ قَطْعًا وَهِيَ مَا وَرَاءَ ذَكَرِ الْمُجَامِعِ، وَطَاهِرَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ وَهِيَ مَا يَصِلُهُ ذَكَرُ الْمُجَامِعِ شَيْخُنَا اهـ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ وَمِنْ وَرَاءِ بَاطِنِ الْفَرْجِ إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهَا الْخَارِجَةُ مِنْ دَاخِلِ الْجَوْفِ وَهُوَ فَوْقَ مَا لَا يَلْحَقُهُ الْمَاءُ مِنْ الْفَرْجِ سم (قَوْلُهُ وَالْقَطْعُ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِيمَا يَخْرُجُ مِنْ وَرَاءِ بَاطِنِ الْفَرْجِ (قَوْلُهُ فِي الْكُلِّ) أَيْ مِنْ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ قَوْلُ الْمَتْنِ (بِنَجَسٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ مُغْنِي (قَوْلُهُ مِنْ الْحَيَوَانِ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ مِنْ الْحَيَوَانِ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ غَيْرَ مَأْكُولٍ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ الطَّاهِرُ) خَرَجَ بِهِ النَّجِسُ كَكَلْبٍ وَنَحْوِهِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ فِيهَا) أَيْ الثَّلَاثِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَتْنِ حَالٌ مِنْ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ عَلَى مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ (مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْآدَمِيِّ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ فِيهَا (أَقْوَى مِنْهُ) أَيْ مِنْ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ خَبَرَانِ أَيْ تِلْكَ الثَّلَاثُ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ مِنْهُ (مِنْ الْآدَمِيِّ) حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ فِيهَا (قَوْلُهُ مِنْ تَقْرِيرِهِ) أَيْ الشَّارِحِ الْمُحَقِّقِ (لَهُ) أَيْ لِمُقَابِلِ الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ أَمَّا الْأُولَيَانِ) أَيْ طَهَارَةُ الْعَلَقَةِ وَالْمُضْغَةِ (فَأَوْلَى مِنْ الْمَنِيِّ) أَيْ بِالطَّهَارَةِ (قَوْلُهُ شَرْطُهُمَا) يَعْنِي شَرْطَ طَهَارَةِ الْأُولَيَيْنِ (قَوْلُهُ أَنْ يَكُونَا) الْأَوْلَى التَّأْنِيثُ (قَوْلُهُ وَهُمَا) أَيْ الْأُولَيَانِ مِنْ غَيْرِ الْآدَمِيِّ (أَوْلَى مِنْهُ) أَيْ مِنْ مَنِيِّ غَيْرِ الْآدَمِيِّ (قَوْلُهُ وَيَدُلُّ لَهُ) أَيْ لِكَوْنِهِمَا أَوْلَى مِنْ الْمَنِيِّ بِالنَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ مِنْهُ) أَيْ الْآدَمِيِّ (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ) أَيْ فِي الرَّدِّ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ فِيهِ) أَيْ فِي الْآدَمِيِّ (قَوْلُهُ بِنَجَاسَتِهِمَا) أَيْ الْعَلَقَةِ وَالْمُضْغَةِ مِنْ الْآدَمِيِّ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ مَا أَبْطَلَهَا (قَوْلُهُ وَلِهَذَا) أَيْ لِأَنَّ أَصَالَةَ الْمَنِيِّ لَمْ يُعَارِضْهَا شَيْءٌ وَأَصَالَةَ الْعَلَقَةِ وَالْمُضْغَةِ عَارَضَهَا مَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ مَعَ ذَلِكَ) أَيْ النَّظَرِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ بَلْ ذَلِكَ) أَيْ قَوْلُ الْمِنْهَاجِ وَلَيْسَتْ الْعَلَقَةُ وَالْمُضْغَةُ بِنَجَسٍ وَقَوْلُهُ لِمَا ذَكَرَهُ أَيْ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ التَّقْيِيدِ الْمَذْكُورِ وَقَوْلُهُ وَلَا يُعَارِضُهُ أَيْ احْتِمَالُ الْإِطْلَاقِ وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ تَابِعٌ أَيْ الرَّافِعِيُّ (فِي ذَلِكَ) أَيْ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ الْجَزْمِ وَالْحِكَايَةِ الْمَذْكُورَيْنِ.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْأَخِيرَةُ)

أَيْ وَإِنْ كَانَ مَرْمِيًّا لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِرَمْيِ الْعَظْمِ الطَّاهِرِ م ر.

(قَوْلُهُ وَمِنْ وَرَاءِ بَاطِنِ الْفَرَجِ فَإِنَّهُ نَجِسٌ قَطْعًا) جَعَلَ الرُّطُوبَةَ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ كَمَا تَرَى، وَقَدْ ذَكَرَهُ كَذَلِكَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ ثُمَّ خَالَفَهُ حَيْثُ قَالَ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْخَارِجَةِ مِمَّا لَا يَنْفَرِجُ لِجُلُوسِ الْمَرْأَةِ وَلَا يَلْحَقُهُ الْغَسْلُ بِالْمَاءِ، وَأَمَّا مَا يَلْحَقُهُ الْغَسْلُ فَلَهُ حُكْمُ الظَّاهِرِ اهـ. وَنَقَلَهُ فِي الْخَادِمِ عَنْ صَاحِبِ الْمُعِينِ ثُمَّ كَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ الْمَذْكُورُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْخَارِجَةَ مِمَّا يَلْحَقُهُ الْمَاءُ لَا خِلَافَ فِي طَهَارَتِهَا أَوْ مِمَّا لَا يَلْحَقُهُ فِيهَا خِلَافٌ وَالْأَصَحُّ الطَّهَارَةُ وَيُنَافِيهِ مَا يَأْتِي مِنْ نَجَاسَةِ

ص: 301

وَتَوَلُّدُهَا مِنْ مَحَلِّ النَّجَاسَةِ غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ فَلَا يُنْظَرُ إلَيْهِ وَبِفَرْضِهِ فَضَرُورَةُ وُصُولِ ذَكَرِ الْمُجَامِعِ وَالْبَيْضِ وَالْوَلَدِ لِمَحَلِّهَا أَوْجَبَتْ طَهَارَتَهَا حَتَّى لَا يَتَنَجَّسُ ذَكَرُهُ بِهَا كَالْبَيْضِ وَالْوَلَدِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي مَوْضِعٍ لَا يَجِبُ غَسْلُ الْمَوْلُودِ إجْمَاعًا وَإِنْ قُلْنَا بِنَجَاسَةِ الرُّطُوبَةِ.

وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ رُطُوبَةَ ثُقْبَةِ بَوْلِ الْمَرْأَةِ نَجِسَةٌ قَطْعًا إنْ كَانَ أَصْلُهَا

أَيْ رُطُوبَةُ الْفَرْجِ (قَوْلُهُ وَتَوَلُّدُهَا مِنْ مَحَلِّ النَّجَاسَةِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَيْ وَالنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي بَعْدَ كَلَامٍ طَوِيلٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَوْجَهَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ أَنَّهَا مَتَى خَرَجَتْ مِمَّا لَا يَجِبُ غَسْلُهُ كَانَتْ نَجِسَةً؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ رُطُوبَةٌ جَوْفِيَّةٌ وَالرُّطُوبَةُ الْجَوْفِيَّةُ إذَا خَرَجَتْ إلَى الظَّاهِرِ يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهَا اهـ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ السَّابِقِ هُنَا وَهِيَ مَاءٌ أَبْيَضُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْمَذْيِ وَالْعَرَقِ يَخْرُجُ إلَخْ سم.

(قَوْلُهُ وَبِفَرْضِهِ إلَخْ) مَحَلُّ تَأَمُّلٍ؛ لِأَنَّ غَايَةَ مَا يَقْتَضِيهِ الضَّرُورَةُ الْعَفْوَ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ مَعَ

كَثْرَةِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ

لَا الطَّهَارَةِ بَصْرِيٌّ وَسَمِّ، وَقَدْ يُمْنَعُ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ طَهَارَةِ الطَّعَامِ الْخَارِجِ وَطَهَارَةِ الْبَلْغَمِ النَّازِلِ مِنْ أَقْصَى الْحَلْقِ لِلضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ فَضَرُورَةٌ) إلَى قَوْلِهِ وَإِنْ قُلْنَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ حَتَّى لَا يَتَنَجَّسَ ذَكَرُهُ إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي شُمُولِ الرُّطُوبَةِ الطَّاهِرَةِ لِلْخَارِجِ مِمَّا وَرَاءَ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ مِنْ الْفَرْجِ لِظُهُورِ أَنَّ الذَّكَرَ مُجَاوِزٌ فِي الدُّخُولِ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ، وَقَدْ يُقَالُ الْوَلَدُ خَارِجٌ مِنْ الْجَوْفِ الَّذِي لَا كَلَامَ فِي نَجَاسَةِ مَا فِيهِ سم.

(قَوْلُهُ كَالْبَيْضِ وَالْوَلَدِ إلَخْ) وَقَيَّدَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ عَدَمَ وُجُوبِ غَسْلِ الْوَلَدِ بِالْمُنْفَصِلِ فِي حَيَاةِ أُمِّهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا الْوَلَدُ الْمُنْفَصِلُ بَعْدَ مَوْتِ أُمِّهِ فَعَيْنُهُ طَاهِرَةٌ بِلَا خِلَافٍ وَيَجِبُ غَسْلُهُ بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ اهـ.

وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ وُجُوبِ غَسْلِ الْبَيْضَةِ وَالْوَلَدِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمَا رُطُوبَةٌ نَجِسَةٌ انْتَهَى اهـ سم (قَوْلُهُ لَا يَجِبُ غَسْلُ الْمَوْلُودِ) أَيْ لِطَهَارَتِهِ بِدَلِيلِ تَفْرِيعِ كَلَامِ

الْخَارِجَةِ مِنْ الْبَاطِنِ إلَّا أَنْ يُقَالَ عَلَى بُعْدٍ يُمْكِنُ حَمْلُ هَذِهِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْخَارِجَةُ مِنْ دَاخِلِ الْجَوْفِ وَهُوَ فَوْقَ مَا لَا يَلْحَقُهُ الْمَاءُ مِنْ الْفَرْجِ وَفَسَّرَ فِي الْمَجْمُوعِ الرُّطُوبَةَ الطَّاهِرَةَ بِأَنَّهَا مَاءٌ أَبْيَضُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْمَذْيِ وَالْعَرَقِ وَفِيهِ أَنَّ الْخَارِجَةَ مِنْ بَاطِنِ الْفَرْجِ نَجِسَةٌ وَكَلَامُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ يَقْتَضِيهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَوْجَهَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ أَنَّهَا إذَا خَرَجَتْ مِمَّا لَا يَجِبُ غَسْلُهُ كَانَتْ نَجِسَةً اهـ.

بِاخْتِصَارٍ كَبِيرٍ وَلَمْ يَزِدْ الْإِسْنَوِيُّ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهُمَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ وَتَوَلُّدُهَا مِنْ مَحَلِّ النَّجَاسَةِ غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بَعْدَ كَلَامٍ طَوِيلٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَوْجَهَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ أَنَّهَا مَتَى خَرَجَتْ مِمَّا لَا يَجِبُ غَسْلُهُ كَانَتْ نَجِسَةً؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ رُطُوبَةٌ جَوْفِيَّةٌ وَالرُّطُوبَةُ الْجَوْفِيَّةُ إذَا خَرَجَتْ إلَى الظَّاهِرِ يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهَا اهـ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ السَّابِقِ هُنَا وَهِيَ مَاءٌ أَبْيَضُ إلَخْ، ثُمَّ قَالَ فِيهِ قِيلَ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ أَيْضًا فِي رُطُوبَةِ الْفَرْجِ قَبْلَ الْبُلُوغِ بِالْحَيْضِ وَإِلَّا فَهِيَ نَجِسَةٌ لِمَا يُلَاقِيهَا مِنْ الدَّمِ فِي الْبَاطِنِ فَتَنْجَسُ بِهِ وَيُرَدُّ وَإِنْ حُكِيَ عَنْ ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ وَالْمَعْنَى أَمَّا الْأَوَّلُ فَظَاهِرٌ.

وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ الْحُكْمُ بِنَجَاسَتِهَا فِي حَالِ الْحَيْضِ فَظَاهِرٌ كَمَا مَرَّ أَخْذُهُ مِنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ وَإِنْ أُرِيدَ الْإِطْلَاقُ كَانَ غَيْرَ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ لَا حَيْضَ حَتَّى يَنْجَسَ أَوْ وُجُودُهُ فِي الْجَوْفِ فَكَذَلِكَ إذْ لَا عِبْرَةَ بِالْمُلَاقَاةِ فِيهِ كَمَا يَأْتِي اهـ، ثُمَّ قَالَ فِي قَوْلِ الْعُبَابِ نَعَمْ إنْ انْفَصَلَتْ رُطُوبَةُ فَرْجِهَا فَنَجِسَةٌ مَا نَصُّهُ بِأَنْ خَرَجَتْ مِنْ جَوْفِهَا وَلَوْ إلَى دَاخِلِهِ الَّذِي يَجِبُ غَسْلُهُ خِلَافًا لِمَا تُوهِمُهُ عِبَارَتُهُ كَغَيْرِهِ فَالِانْفِصَالُ لَيْسَ بِشَرْطٍ إذْ الرُّطُوبَةُ الْخَارِجَةُ مِنْ الْجَوْفِ طَاهِرَةٌ وَإِنْ انْفَصَلَتْ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ اهـ.

ثُمَّ قَالَ وَتَرَدَّدَ ابْنُ الْعِمَادِ فِي طَهَارَةِ الْقَصَّةِ الْبَيْضَاءِ وَهِيَ الَّتِي تَخْرُجُ عَقِبَ انْقِطَاعِ الْحَيْضِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ تَحَقَّقَ خُرُوجُهَا مِنْ بَاطِنِ الْفَرْجِ أَوْ أَنَّهَا نَحْوُ دَمٍ مُتَجَمِّدٍ فَنَجِسَةٌ وَإِلَّا فَطَاهِرَةٌ اهـ، وَلَا يَخْفَى إشْكَالُ الْحُكْمِ بِعَدَمِ نَجَاسَةِ ذَكَرِ الْمُجَامِعِ بَعْدَ وُجُودِ الْحَيْضِ وَإِنْ انْقَطَعَ وَاغْتَسَلَتْ؛ لِأَنَّ الْمَحَلَّ الَّذِي وَصَلَ إلَيْهِ تَنَجَّسَ بِدَمِ الْحَيْضِ وَمُلَاقَاةُ الذَّكَرِ لَهُ مُلَاقَاةُ شَيْءٍ مِنْ الظَّاهِرِ وَهُوَ لَا يَمْنَعُ التَّنَجُّسَ وَإِنْ حَكَمْنَا بِعَدَمِ التَّنَجُّسِ بِالْمُلَاقَاةِ فِي الْبَاطِنِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَضَرُورَةٌ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذِهِ الضَّرُورَةُ لَا تَقْتَضِي الطَّهَارَةَ لِكِفَايَةِ الْعَفْوِ عَنْهَا (قَوْلُهُ حَتَّى لَا يَتَنَجَّسَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ الْوَلَدُ خَارِجٌ مِنْ الْجَوْفِ الَّذِي لَا كَلَامَ فِي نَجَاسَةِ مَا فِيهِ (قَوْلُهُ حَتَّى لَا يَتَنَجَّسَ ذَكَرُهُ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي شُمُولِ الرُّطُوبَةِ الطَّاهِرَةِ لِلْخَارِجِ مِمَّا وَرَاءَ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ مِنْ الْفَرْجِ لِظُهُورِ أَنَّ الذَّكَرَ يُجَاوِزُ فِي الدُّخُولِ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ (قَوْلُهُ لَا يَجِبُ غَسْلُ الْمَوْلُودِ) قَدْ يُشْكِلُ مَعَ قَوْلِهِ وَإِنْ قُلْنَا إلَخْ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلتَّلَاقِي بَيْنَ الْبَاطِنَيْنِ فِي الْبَاطِنِ أَوْ أَنَّهُ عُفِيَ عَنْ مُلَاقَاتِهِ لَهَا (قَوْلُهُ لَا يَجِبُ غَسْلُ الْمَوْلُودِ) أَيْ لِطَهَارَتِهِ بِدَلِيلِ تَفْرِيعِ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ عَلَى قَوْلِهِ حَتَّى لَا يَتَنَجَّسَ إلَخْ، لَكِنْ هَذَا قَدْ لَا يُنَاسِبُ مَعَ قَوْلِهِ وَإِنْ قُلْنَا إلَخْ وَقَيَّدَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ عَدَمَ وُجُوبِ غَسْلِ الْوَلَدِ الْمُنْفَصِلِ فِي حَيَاةِ أُمِّهِ.

ثُمَّ قَالَ أَمَّا الْوَلَدُ الْمُنْفَصِلُ حَيًّا بَعْدَ مَوْتِ أُمِّهِ فَعَيْنُهُ طَاهِرَةٌ بِلَا خِلَافٍ وَيَجِبُ غَسْلُهُ بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ

ص: 302

مِنْ الْخَارِجِ وَكَذَا إنْ شَكَّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي مِثْلِ هَذِهِ النَّجَاسَةِ إلَّا مَا تَحَقَّقَ اسْتِثْنَاؤُهُ وَكَذَا رُطُوبَةُ فَرْجِ الْحَيَوَانِ الطَّاهِرِ فَإِنَّهُ مَخْرَجُ الْبَوْلِ وَكَذَا رُطُوبَةُ الدُّبُرِ قَالَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْبَغَوِيّ الْجَزْمُ بِطَهَارَةِ رُطُوبَةِ بَاطِنِ الذَّكَرِ أَيْ وَصَرَّحَ بِهِ جَمْعٌ وَلَا شَكَّ أَنَّ مَخْرَجَيْ الْمَنِيِّ وَالْبَوْلِ يَجْتَمِعَانِ فِي ثُقْبَتِهِ فَإِنْ كَانَ الْبَلَلُ مِنْ مَجْرَى الْمَنِيِّ فَطَاهِرٌ أَوْ مِنْ مَجْرَى الْبَوْلِ أَوْ شَكَّ فَنَجِسٌ اهـ.

وَمَا ذَكَرَهُ ظَاهِرٌ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ فَرْجِ الْحَيَوَانِ لِمَا مَرَّ فِيهِ وَإِلَّا فِي مَسْأَلَةِ الشَّكِّ فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ فِيهِ فِي الْجَمِيعِ الطَّهَارَةُ وَدَعْوَاهُ الْأَصْلَ السَّابِقَ مَمْنُوعَةٌ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الرُّطُوبَةَ مُشَابِهَةٌ لِلْعَرَقِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فَلَا نَحْكُمُ بِنَجَاسَتِهَا إلَّا إنْ عُلِمَ اخْتِلَاطُهَا بِنَجِسٍ.

(وَلَا يَطْهُرُ نَجِسُ الْعَيْنِ) بِغَسْلٍ لِأَنَّهُ إنَّمَا شُرِعَ لِإِزَالَةِ مَا طَرَأَ عَلَى الْعَيْنِ وَلَا اسْتِحَالَةٍ إلَى نَحْوِ مِلْحٍ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الِاسْتِحَالَةِ هُنَا أَنْ يَبْقَى الشَّيْءُ بِحَالِهِ وَإِنَّمَا تَغَيَّرَتْ صِفَاتُهُ فَقَطْ لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا شَيْئَانِ لَا ثَالِثَ لَهُمَا فِي الْحَقِيقَةِ لِلنَّصِّ عَلَيْهِمَا

وَلِعُمُومِ الِاحْتِيَاجِ بَلْ الِاضْطِرَارُ إلَيْهِمَا

وَمِنْ ثَمَّ قَالَ (إلَّا خَمْرًا) وَلَوْ غَيْرَ مُحْتَرَمَةٍ وَأَرَادَ بِهَا هُنَا مُطْلَقَ الْمُسْكِرِ وَلَوْ مِنْ نَحْوِ زَبِيبٍ وَتَمْرٍ وَحَبٍّ لِتَصْرِيحِهِ كَالْأَصْحَابِ فِي بَابَيْ الرِّبَا وَالسَّلَمِ بِحِلِّ تِلْكَ الْمُسْتَلْزِمِ لِطَهَارَتِهَا عَلَى أَنَّ أَهْلَ الْأَثَرِ وَمَالِكًا وَأَحْمَدَ عَلَى وَصْفِهِ بِذَلِكَ كَمَا هُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ (تَخَلَّلَتْ) بِنَفْسِهَا مِنْ غَيْرِ مُصَاحَبَةِ عَيْنٍ أَجْنَبِيَّةٍ لَهَا لِأَنَّ عِلَّةَ النَّجَاسَةِ وَالتَّحْرِيمِ الْإِسْكَارُ، وَقَدْ زَالَ وَلِحِلِّ اتِّخَاذِ الْخَلِّ إجْمَاعًا وَهُوَ مَسْبُوقٌ بِالتَّخَمُّرِ قِيلَ إلَّا فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ فَلَوْ لَمْ يَطْهُرْ لَتَعَذَّرَ اتِّخَاذُهُ وَلَا يَرِدُ عَلَى إطْلَاقِهِ خِلَافًا لِمَنْ زَعْمُهُ تَخَلُّلُ مَا وَقَعَ فِيهِ خَمْرٌ أَوْ عَظْمٌ نَجِسٌ ثُمَّ نُزِعَ قَبْلَ تَخَلُّلِهِ لِأَنَّ مَانِعَ الطَّهَارَةِ هُنَا تَنَجُّسُهُ لَا كَوْنُهُ

الْمَجْمُوعِ عَلَى قَوْلِهِ حَتَّى لَا يَتَنَجَّسَ إلَخْ لَكِنَّ هَذَا قَدْ لَا يُنَاسِبُ مَعَ قَوْلِهِ وَإِنْ قُلْنَا إلَخْ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلتَّلَاقِي بَيْنَ الْبَاطِنَيْنِ فِي الْبَاطِنِ أَوْ أَنَّهُ عُفِيَ عَنْ مُلَاقَاتِهِ لَهَا سم، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ شِدَّةَ الضَّرُورَةِ اقْتَضَتْ الطَّهَارَةَ كَمَا مَرَّ عَنْهُ فِي الطَّعَامِ الْخَارِجِ وَالْبَلْغَمِ النَّازِلِ عَنْ أَقْصَى الْحَلْقِ (قَوْلُهُ مِنْ الْخَارِجِ) أَيْ مِمَّا خَرَجَ مِنْ الْبَاطِنِ وَقَالَ الْكُرْدِيُّ أَيْ مِنْ الْبَوْلِ اهـ.

(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ) أَيْ الْفَرْجَ (قَوْلُهُ قَالَ) أَيْ الْبُلْقِينِيُّ (قَوْلُهُ فِي ثُقْبَتِهِ) أَيْ ثُقْبَةِ الذَّكَرِ (قَوْلُهُ اهـ) أَيْ بَحْثُ الْبُلْقِينِيِّ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ إلَخْ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ فَلِأَنَّهَا كَالْعَرَقِ إلَخْ (قَوْلُهُ فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ فِيهِ) أَيْ فِي الشَّكِّ (قَوْلُهُ فِي الْجَمِيعِ) أَيْ فِي رُطُوبَةِ ثُقْبَةِ بَوْلِ الْمَرْأَةِ وَرُطُوبَةِ بَاطِنِ الذَّكَرِ بَصْرِيٌّ أَيْ فِيمَا لَوْ شَكَّ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا هَلْ أَصْلُهَا مِنْ الْخَارِجِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ السَّابِقُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي مِثْلِ إلَخْ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ فَلِأَنَّهَا كَالْعَرَقِ إلَخْ (قَوْلُهُ إلَّا إنْ عُلِمَ اخْتِلَاطُهَا بِنَجِسٍ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا عُلِمَ مُلَاقَاةٌ بِدُونِ اخْتِلَاطٍ فَطَاهِرٌ وَوَجْهُهُ مَا مَرَّ أَنَّ الْمُلَاقَاةَ فِي بَاطِنَيْنِ لَا تَضُرُّ فَتَدَبَّرْ بَصْرِيٌّ.

(قَوْلُهُ بِغَسْلٍ) إلَى قَوْلِهِ وَلَا يَرِدُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ قِيلَ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ لِتَصْرِيحِهِ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ وَلَا اسْتِحَالَةٍ إلَى نَحْوِ مِلْحٍ) كَمَيْتَةٍ وَقَعَتْ فِي مَلَّاحَةٍ فَصَارَتْ مِلْحًا أَوْ أُحْرِقَتْ فَصَارَتْ رَمَادًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا تَغَيَّرَتْ صِفَاتُهُ) بِأَنْ يَنْقَلِبَ مِنْ صِفَةٍ إلَى صِفَةٍ أُخْرَى (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ) الْمُشَارُ إلَيْهِ قَوْلُهُ لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَوْ غَيْرَ مُحْتَرَمَةٍ) وَالْمُحْتَرَمَةُ هِيَ الَّتِي عُصِرَتْ لَا بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ بِأَنْ عُصِرَتْ بِقَصْدِ الْخَلِّيَّةِ أَوْ لَا بِقَصْدِ شَيْءٍ وَغَيْرُ الْمُحْتَرَمَةِ هِيَ الَّتِي عُصِرَتْ بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ وَيَجِبُ إرَاقَتُهَا حِينَئِذٍ قَبْلَ التَّخَلُّلِ وَيَتَغَيَّرُ الْحُكْمُ بِتَغَيُّرِ الْقَصْدِ بَعْدُ وَهَذَا التَّفْصِيلُ فِي الَّتِي عَصَرَهَا الْمُسْلِمُ.

وَأَمَّا الَّتِي عَصَرَهَا الْكَافِرُ فَهِيَ مُحْتَرَمَةٌ مُطْلَقًا شَيْخُنَا وَبُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ بِحِلِّ تِلْكَ) يَعْنِي بِحِلِّ بَيْعِ خِلَالِهَا وَالسَّلَمِ فِيهَا (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ أَهْلَ الْأَثَرِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْعُبَابِ أَيْ وَالنِّهَايَةُ ظَاهِرُ كَلَامِهِ تَغَايُرُهُمَا أَيْ الْخَمْرِ وَالنَّبِيذِ وَهُوَ مَا حَكَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ لَكِنْ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَأَهْلِ الْأَثَرِ أَنَّهَا اسْمٌ لِكُلِّ مُسْكِرٍ اهـ اهـ سم (قَوْلُهُ عَلَى وَصْفِهِ بِذَلِكَ) أَيْ جَرَوْا عَلَى تَسْمِيَةِ كُلِّ مُسْكِرٍ بِالْخَمْرِ حَقِيقَةً وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ هَلْ الْخَمْرُ حَقِيقَةٌ فِي الْمُعْتَصَرَةِ مِنْ الْعِنَبِ مَجَازٌ فِي غَيْرِهَا أَوْ حَقِيقَةٌ فِي كُلِّ مُسْكِرٍ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ إلَخْ) أَيْ كَوْنُ الْخَمْرِ حَقِيقَةً فِي مُطْلَقِ الْمُسْكِرِ (قَوْلُهُ تَخَلَّلَتْ) أَيْ صَارَتْ خَلًّا (قَوْلُهُ وَالتَّحْرِيمُ) اسْتِطْرَادِيٌّ (قَوْلُهُ قِيلَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْخَطِيبِ قَالَ الْحَلِيمِيُّ قَدْ يَصِيرُ الْعَصِيرُ خَلًّا مِنْ غَيْرِ تَخَمُّرٍ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ إحْدَاهَا أَنْ يُصَبَّ فِي الدَّنِّ الْمُعَتَّقِ بِالْخَلِّ، ثَانِيهَا أَنْ يُصَبَّ الْخَلُّ فِي الْعَصِيرِ فَيَصِيرَ بِمُخَالَطَتِهِ خَلًّا مِنْ غَيْرِ تَخَمُّرٍ لَكِنَّ مَحَلَّهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنْ لَا يَكُونَ الْعَصِيرُ غَالِبًا، ثَالِثُهَا أَنْ تُجَرَّدَ حَبَّاتُ الْعِنَبِ مِنْ عَنَاقِيدِهِ وَيُمْلَأَ بِهَا الدَّنُّ وَيُطَيَّنَ رَأْسُهُ اهـ.

وَجَزَمَ شَيْخُنَا بِذَلِكَ بِلَا عَزْوٍ وَكَذَا يَجْزِمُ بِهِ الشَّارِحُ فِي التَّنْبِيهِ الثَّانِي (قَوْلُهُ لِتَعَذُّرِ اتِّخَاذِهِ) أَيْ اُنْظُرْهُ مَعَ إلَّا إلَخْ إلَّا أَنْ يُقَالَ غَالِبًا سم عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَلِأَنَّ الْعَصِيرَ لَا يَتَخَلَّلُ إلَّا بَعْدَ التَّخَمُّرِ غَالِبًا فَلَوْ لَمْ نَقُلْ بِالطَّهَارَةِ لَرُبَّمَا تَعَذَّرَ الْخَلُّ وَهُوَ حَلَالٌ إجْمَاعًا وَلَوْ بَقِيَ فِي قَعْرِ الْإِنَاءِ دُرْدِيُّ خَمْرٍ فَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ أَنَّهُ يَطْهُرُ تَبَعًا لِلْإِنَاءِ سَوَاءٌ اسْتَحْجَرَ أَمْ لَا كَمَا يَطْهُرُ بَاطِنُ جَوْفِ الدَّنِّ بَلْ هَذَا أَوْلَى اهـ.

(قَوْلُهُ عَلَى إطْلَاقِهِ) أَيْ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ تَخَلَّلَ مَا وَقَعَ فِيهِ خَمْرٌ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ عَلَى الْخَمْرِ خَمْرٌ ثُمَّ تَخَلَّلَتْ لَمْ تَطْهُرْ، وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ يَنْبَغِي أَنَّهَا تَطْهُرُ وَيَدُلُّ لَهُ مَا يَأْتِي عَنْ الْبَغَوِيّ فِيمَا لَوْ ارْتَفَعَتْ بِفِعْلِ فَاعِلٍ ثُمَّ غَمَرَ الْمُرْتَفِعَ قَبْلَ الْجَفَافِ بِخَمْرٍ أُخْرَى بَلْ لَا بُدَّ أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ عَلَى الْخَمْرِ نَبِيذٌ ثُمَّ تَخَلَّلَتْ طَهُرَتْ لِلْمُجَانَسَةِ فِي الْجُمْلَةِ ثُمَّ رَأَيْته قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ عَنْ الزَّرْكَشِيّ وَابْنِ الْعِمَادِ وَاحْتَرَزَ الشَّيْخَانِ

اهـ.

وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ أَيْ مَحَلَّ عَدَمِ وُجُوبِ غَسْلِ الْبَيْضَةِ وَالْوَلَدِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمَا رُطُوبَةٌ نَجِسَةٌ اهـ.

(قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ فِيهِ) لَكِنْ يَحْتَاجُ إلَى دَفْعِ اسْتِدْلَالِهِ بِأَنَّهُ مَخْرَجُ الْبَوْلِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُدْفَعَ بِأَنَّ مُلَاقَاةَ الْبَاطِنَيْنِ فِي الْبَاطِنِ لَا تُؤَثِّرُ إلَّا أَنَّ قَضِيَّةَ ذَلِكَ تَأْثِيرُ الْمُلَاقَاةِ فِي ظَاهِرِ الْفَرْجِ وَلَا مَانِعَ مِنْ الْتِزَامِهِ.

(قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ أَهْلَ الْأَثَرِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْعُبَابِ ظَاهِرُ كَلَامِهِ تَغَايُرُهُمَا أَيْ الْخَمْرِ وَالنَّبِيذِ وَهُوَ مَا حَكَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ فِي الْأَشْرِبَةِ إلَى أَنْ قَالَ لَكِنْ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَأَهْلِ الْأَثَرِ أَنَّهَا اسْمٌ لِكُلِّ مُسْكِرٍ اهـ.

(قَوْلُهُ لِتَعَذُّرِ اتِّخَاذِهِ) اُنْظُرْهُ مَعَ إلَّا إلَخْ إلَّا أَنْ يُقَالَ غَالِبًا (قَوْلُهُ تَخَلُّلُ مَا وَقَعَ فِيهِ خَمْرٌ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ عَلَى

ص: 303

خَمْرًا (تَنْبِيهٌ)

الْمُسْتَثْنَى إنَّمَا هُوَ الْخَمْرُ بِقَيْدِ التَّخَلُّلِ لَا مُطْلَقًا كَمَا هُوَ وَاضِحٌ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ فِي عِبَارَتِهِ تَسَاهُلٌ؛ لِأَنَّ الطُّهْرَ لِلْخَلِّ لَا لِلْخَمْرِ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى سَبْقِ الْخَلِّ بِالتَّخَمُّرِ الْحِنْثُ فِي أَنْتِ طَالِقٌ إنْ تَخَمَّرَ هَذَا الْعَصِيرُ فَتَخَلَّلَ وَلَمْ يُعْلَمْ تَخَمُّرُهُ نَظَرًا لِلْغَالِبِ أَوْ الْمُطَّرِدِ (وَكَذَا إنْ نُقِلَتْ مِنْ شَمْسٍ إلَى ظِلٍّ وَعَكْسُهُ) فَتَطْهُرُ (فِي الْأَصَحِّ) إذْ لَا عَيْنَ (فَإِنْ خُلِّلَتْ بِطَرْحِ شَيْءٍ) كَمِلْحٍ أَوْ وَقَعَ فِيهَا بِلَا طَرْحٍ وَبَقِيَ إلَى تَخَلُّلِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَثَرٌ فِي التَّخَلُّلِ أَوْ نُزِعَ، وَقَدْ انْفَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ أَوْ كَانَ نَجِسًا وَإِنْ نُزِعَ فَوْرًا كَمَا مَرَّ نَعَمْ يُسْتَثْنَى نَحْوُ حَبَّاتِ الْعَنَاقِيدِ مِمَّا يَعْسُرُ التَّنَقِّي مِنْهُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ وَجَرَى عَلَيْهِ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ وَمُتَأَخِّرُونَ خِلَافًا لِآخَرِينَ وَإِنْ أَوَّلُوا كَلَامَ الْمَجْمُوعِ وَبَنَوْا كَلَامَ غَيْرِهِ عَلَى ضَعِيفٍ إذْ لَا مُلْجِئَ لَهُمْ إلَى ذَلِكَ

بِفَرْضِهِمَا التَّفْصِيلَ الْآتِي فِي طَرْحِ الْعَصِيرِ عَلَى خَلٍّ عَمَّا لَوْ طُرِحَ خَمْرٌ فَوْقَ خَمْرٍ فَإِنَّهَا تَطْهُرُ وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْخَمْرُ مِنْ جِنْسِهَا فَتَطْهُرُ أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا كَمَا إذَا صُبَّ النَّبِيذُ عَلَى الْخَمْرِ فَلَا تَطْهُرُ اهـ اهـ سم وَيُمْكِنُ أَنْ يُدْفَعَ النَّظَرُ بِإِرْجَاعِ ثُمَّ نَزَعَ إلَخْ إلَى خَمْرٍ أَيْضًا وَقَوْلُهُ لَمْ تَطْهُرْ أَيْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي فَتْحِ الْجَوَادِ وَقَوْلُهُ مَا يَأْتِي عَنْ الْبَغَوِيّ إلَخْ اعْتَمَدَهُ الْأَسْنَى وَالشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَالنِّهَايَةُ وَشَيْخُنَا وَالْبُجَيْرِمِيُّ وَكَذَا اعْتَمَدَهُ الْخَطِيبُ إلَّا فِي قَيْدِ قَبْلَ الْجَفَافِ فَقَالَ وَلَوْ بَعْدَ جَفَافِهِ خِلَافًا لِلْبَغَوِيِّ فِي تَقْيِيدِهِ بِقَبْلِ الْجَفَافِ اهـ.

(قَوْلُهُ الْمُسْتَثْنَى إنَّمَا هُوَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ بَلْ الْمُسْتَثْنَى الْخَمْرُ مِنْ حَيْثُ هِيَ؛ لِأَنَّ مَعْنَى وَلَا يَطْهُرُ إلَخْ لَا يَصِيرُ طَاهِرًا أَوْ لَا يَقْبَلُ الطَّهَارَةَ وَحِينَئِذٍ فَاَلَّذِي يَصِيرُ طَاهِرًا أَوْ يَقْبَلُ الطَّهَارَةَ إنَّمَا هُوَ الْخَمْرُ لَا الْخَلُّ إذْ هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ سم قَدْ يُقَالُ الْخَلُّ هُوَ الْخَمْرُ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ الْعَيْنُ وَإِنَّمَا تَغَيَّرَ الْوَصْفُ وَالِاسْمُ فَيَصِحُّ أَنَّ الْخَمْرَ أَيْ عَيْنَهَا طَهُرَتْ اهـ.

(قَوْلُهُ نَظَرًا إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ يَتَفَرَّعُ وَقَوْلُهُ لِلْغَالِبِ أَيْ إذَا صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ الْمَذْكُورُ وَهُوَ الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ النِّهَايَةُ وَالْخَطِيبُ وَغَيْرُهُمَا وَسَيَجْزِمُ الشَّارِحُ بِهِ آنِفًا فِي التَّنْبِيهِ الثَّانِي وَقَوْلُهُ أَوْ الْمُطَّرِدُ أَيْ لَوْ لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ الِاسْتِثْنَاءُ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَكَذَا إنْ نُقِلَتْ مِنْ شَمْسٍ إلَخْ) أَوْ مِنْ دَنٍّ إلَى آخَرَ أَوْ فُتِحَ رَأْسُهُ لِلْهَوَاءِ سَوَاءٌ أَقُصِدَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا التَّخَلُّلُ أَمْ لَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أُخْرِجَتْ مِنْهُ ثُمَّ صُبَّ فِيهِ عَصِيرٌ فَتَخَمَّرَ ثُمَّ تَخَلَّلَ مُغْنِي زَادَ النِّهَايَةُ وَكَذَا لَوْ صُبَّ عَصِيرٌ فِي دَنٍّ مُتَنَجِّسٍ أَوْ كَانَ الْعَصِيرُ مُتَنَجِّسًا اهـ وَهَلْ هَذَا النَّقْلُ حَرَامٌ أَوْ مَكْرُوهٌ وَالرَّاجِحُ الْكَرَاهَةُ شَيْخُنَا وَبُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ فَتَطْهُرُ) أَيْ إذَا لَمْ يَحْصُلْ بِذَلِكَ هُبُوطٌ لِلْخَمْرِ عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ أَوْ لَا وَإِلَّا تَنَجَّسَتْ لِاتِّصَالِهَا بِمَوْضِعِ الدَّنِّ النَّجِسِ بِسَبَبِ الْهُبُوطِ بُجَيْرِمِيٌّ قَوْلُ الْمَتْنِ (بِطَرْحِ شَيْءٍ) أَيْ لَيْسَ مِنْ جِنْسِهَا أَمَّا الَّتِي مِنْ جِنْسِهَا فَلَا تَضُرُّ فَلَوْ صُبَّ عَلَى الْخَمْرِ خَمْرٌ آخَرُ أَوْ نَبِيذٌ طَهُرَ الْجَمِيعُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ زِيَادِيٌّ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ.

(قَوْلُهُ كَمِلْحٍ) أَيْ وَبَصَلٍ وَخُبْزٍ حَارٍّ وَلَوْ قَبْلَ التَّخَمُّرِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ أَوْ وَقَعَ) إلَى قَوْلِهِ كَمَا يُصَرِّحُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ أَوْ وَقَعَ فِيهَا إلَخْ) وَلَيْسَ مِنْهُ فِيمَا يَظْهَرُ الدُّودُ الْمُتَوَلِّدُ مِنْ الْعَصِيرِ فَلَا يَضُرُّ ع ش وَأَقَرَّهُ الْبُجَيْرِمِيُّ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَثَرٌ فِي التَّخَلُّلِ) مُقْتَضَى هَذِهِ الْغَايَةِ أَنَّ بَاءَ بِطَرْحِ بِمَعْنَى مَعَ لَا لِلسَّبَبِيَّةِ ثُمَّ رَأَيْت فِي الْبُجَيْرِمِيِّ عَنْ ع ش مَا نَصُّهُ وَالْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ لَا سَبَبِيَّةً؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُفِيدُ قَصْرَ الْحُكْمِ عَلَى عَيْنٍ تُؤْثِرُ التَّخَلُّلَ عَادَةً اهـ.

(قَوْلُهُ وَقَدْ انْفَصَلَ مِنْهُ إلَخْ) أَيْ أَوْ هَبَطَتْ الْخَمْرُ بِنَزْعِهَا قَلْيُوبِيٌّ اهـ قَالَ ع ش بَقِيَ مَا لَوْ كَانَ مِنْ شَأْنِهِ التَّخَلُّلُ ثُمَّ أَخْبَرَ مَعْصُومٌ بِأَنَّهُ لَمْ يَتَخَلَّلْ مِنْهُ شَيْءٌ هَلْ يَطْهُرُ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِمَّا أَقَامَ الشَّارِعُ فِيهِ الْمَظِنَّةَ مَقَامَ الْيَقِينِ بَلْ مِمَّا بَنَى فِيهِ الْحُكْمَ عَلَى ظَاهِرِ الْحَالِ مِنْ التَّخَلُّلِ مِنْ الْعَيْنِ وَبِإِخْبَارِ الْمَعْصُومِ قَطَعَ بِانْتِفَاءِ ذَلِكَ فَوَجَبَ الْحُكْمُ بِطَهَارَتِهِ بِالتَّخَلُّلِ اهـ. (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ قَبْلَ التَّنْبِيهِ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ نَجِسًا إلَخْ) كَالْمُتَنَجِّسِ بِالْعَيْنِ الْعَنَاقِيدِ وَحَبَّاتِهَا إذَا تَخَمَّرَتْ فِي الدَّنِّ ثُمَّ تَخَلَّلَتْ نِهَايَةٌ قَالَ ع ش عَنْ سم أَنَّ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا يُخَالِفُهُ اهـ.

وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ مُرَادُ م ر بِهِ الرَّدُّ عَلَى الشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ اهـ وَفِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ مَا نَصُّهُ قَالَ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ لَوْ أَدْخَلَ الْعِنَبَ

الْخَمْرِ خَمْرٌ ثُمَّ تَخَلَّلَتْ لَمْ تَطْهُرْ وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ يَنْبَغِي أَنَّهَا تَطْهُرُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي عَنْ الْبَغَوِيّ فِيمَا لَوْ ارْتَفَعَتْ بِفِعْلِ فَاعِلٍ ثُمَّ غُمِرَ الْمُرْتَفِعُ قَبْلَ الْجَفَافِ بِخَمْرٍ أُخْرَى، بَلْ لَا يَبْعُدُ أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ عَلَى الْخَمْرِ نَبِيذٌ ثُمَّ تَخَلَّلَتْ طَهُرَتْ لِلْمُجَانَسَةِ فِي الْجُمْلَةِ ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ عَنْ الزَّرْكَشِيّ وَابْنِ الْعِمَادِ وَاحْتَرَزَ الشَّيْخَانِ بِفَرْضِهِمَا التَّفْصِيلَ الْآتِيَ فِي طَرْحِ الْعَصِيرِ عَلَى خَلٍّ عَمَّا لَوْ طُرِحَ خَمْرٌ فَوْقَ خَمْرٍ فَإِنَّهَا تَطْهُرُ وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْخَمْرُ مِنْ جِنْسِهَا فَتَطْهُرُ أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا كَمَا إذَا صَبَّ النَّبِيذَ عَلَى الْخَمْرِ فَلَا تَطْهُرُ اهـ.

(فَرْعٌ)

فِي شَرْحِ م ر وَلَوْ بَقِيَ فِي قَعْرِ الْإِنَاءِ رَدِيءُ خَمْرٍ فَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ أَنَّهُ يَطْهُرُ تَبَعًا لِلْإِنَاءِ سَوَاءٌ اسْتَحْجَرَ أَمْ لَا كَمَا يَطْهُرُ بَاطِنُ جَوْفِ الدَّنِّ، بَلْ هَذَا أَوْلَى وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَيْضًا أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْعَصِيرِ بَيْنَ الْمُتَّخَذِ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ وَغَيْرِهِ فَلَوْ جَعَلَ فِيهِ عَسَلًا أَوْ سُكَّرًا أَوْ اتَّخَذَهُ مِنْ نَحْوِ عِنَبٍ وَرُمَّانٍ أَوْ بُرٍّ وَزَبِيبٍ طَهُرَ بِانْقِلَابِهِ خَلًّا وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الْعِمَادِ وَلَيْسَ فِيهِ تَخْلِيلٌ بِمُصَاحَبَةِ عَيْنٍ؛ لِأَنَّ نَفْسَ الْعَسَلِ أَوْ الْبُرِّ وَنَحْوِهِمَا يَتَخَمَّرُ كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَكَذَلِكَ السُّكَّرُ فَلَمْ يَصْحَبْ الْخَمْرَ عَيْنٌ أُخْرَى اهـ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ الطُّهْرَ لِلْخَلِّ لَا لِلْخَمْرِ) قَدْ يُقَالُ الْخَلُّ هُوَ الْخَمْرُ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ الْعَيْنُ وَإِنَّمَا تَغَيَّرَ الْوَصْفُ وَالِاسْمُ فَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْخَمْرَ أَيْ عَيْنَهَا طَهُرَتْ (قَوْلُهُ فَإِنْ خُلِّلَتْ بِطَرْحِ شَيْءٍ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ لَا مَعَ عَيْنٍ قَالَ فِي

ص: 304

وَكَذَا مَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ لِعَصْرِ يَابِسٍ أَوْ اسْتِقْصَاءِ عَصْرِ رَطْبٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ ضَرُورَتِهِ (فَلَا) تَطْهُرُ وَيَحْرُمُ تَعَمُّدُ ذَلِكَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ الْخَمْرِ تُتَّخَذُ خَلًّا فَقَالَ لَا» وَعِلَّتُهُ تَنَجُّسُ الْمَطْرُوحِ بِالْمُلَاقَاةِ فَيَنْجَسُ الْخَلُّ، وَقِيلَ لِأَنَّهُ اسْتَعْجَلَ إلَى مَقْصُودِهِ بِفِعْلِ مُحَرَّمٍ فَعُوقِبَ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ كَمَا لَوْ قَتَلَ مُورِثَهُ وَعَلَى هَذَا لَا تَطْهُرُ بِالنَّقْلِ السَّابِقِ وَهُوَ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ ثَمَّ وَيَطْهُرُ بِطُهْرِهَا طَرَفُهَا وَمَا ارْتَفَعَتْ إلَيْهِ لَكِنْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ تَبَعًا لَهَا وَفِي مَعْنَى تَخَلُّلِ الْخَمْرِ انْقِلَابُ دَمِ الظَّبْيَةِ مِسْكًا وَنَحْوَهُ لَا دَمُ الْبَيْضَةِ فَرْخًا؛ لِأَنَّهُ بِانْقِلَابِهِ إلَيْهِ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ طَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ أَصْلُ حَيَوَانٍ كَالْمَنِيِّ وَعِنْدَ عَدَمِ انْقِلَابِهِ إنْ كَانَتْ عَنْ كَبْسِ ذَكَرٍ

مَعَ الْعَنَاقِيدِ فِي الدَّنِّ وَصَارَ خَلًّا حَلَّ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ لِأَنَّ حَبَّاتِ الْعِنَبِ لَيْسَتْ بِعَيْنٍ أَجْنَبِيَّةٍ وَكَذَا عَرَاجِينُهُ وَالْوَرَقُ الَّذِي لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ غَالِبًا وَقَالَ الْغَزَالِيُّ التَّنْقِيَةُ مِنْ الْحَبَّاتِ وَالْعَنَاقِيدِ لَمْ يُوجِبْهَا أَحَدٌ وَهَذَا كُلُّهُ صَرِيحٌ وَاضِحٌ فِي الْمَسْأَلَةِ فَلَا يَعْدِلُ عَنْهُ وَإِنْ قَالَ الْعُبَابُ وَتَبِعَهُ النِّهَايَةُ وَمِثْلُهُ أَيْ الْمُتَنَجِّسُ بِالْعَيْنِ الْعَنَاقِيدُ وَحَبَّاتُهَا إذَا تَخَمَّرَتْ فِي الدَّنِّ ثُمَّ تَخَلَّلَتْ فَإِنَّهُ تَبِعَ فِيهِ شَرْحَ الْبَهْجَةِ التَّابِعِ لِلْجَلَالِ الْبُلْقِينِيِّ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ، وَقَدْ أَطَالَ شَارِحُهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ فَرَاجِعْهُ وَعِبَارَتُهُ فِي الْإِمْدَادِ وَيُسْتَثْنَى الْعَنَاقِيدُ وَحَبَّاتُهَا فَلَا يَضُرُّ مُصَاحَبَتُهَا لِلْخَمْرِ إذَا تَخَلَّلَتْ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ وَصَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ كَالْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ وَجَزَمَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَمَشَى عَلَيْهِ الْأَنْوَارُ وَنَوَى الرُّطَبِ كَحَبَّاتِ الْعَنَاقِيدِ انْتَهَتْ وَعِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ عَلَى شَرْحِ بَافَضْلٍ وَيُعْفَى عَنْ حَبَّاتِ الْعَنَاقِيدِ وَنَوَى التَّمْرِ وَثُفْلِهِ وَشَمَارِيخِ الْعَنَاقِيدِ عَلَى الْمَنْقُولِ كَمَا أَوْضَحْته فِي بَعْضِ الْفَتَاوَى خِلَافًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ وَالْخَطِيبِ وَالرَّمْلِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَوِفَاقًا فِي ذَلِكَ لِلشَّارِحِ اهـ.

(قَوْلُهُ مَا اُحْتِيجَ إلَخْ) لَعَلَّهُ بِالْمَدِّ كَمَا هُوَ صَرِيحُ تَعْبِيرِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ تَعَمُّدُ ذَلِكَ) أَيْ بِخِلَافِ النَّقْلِ مِنْ شَمْسٍ إلَى ظِلٍّ وَعَكْسُهُ فَلَا يَحْرُمُ كَمَا بَيَّنَهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ سم أَيْ بَلْ يَكْرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ تُتَّخَذُ خَلًّا) أَيْ تُعَالَجُ بِشَيْءٍ حَتَّى تَصِيرَ خَلًّا بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ وَعِلَّتُهُ) إلَى قَوْلِهِ وَفِي مَعْنَى التَّخَلُّلِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ كَمَا لَوْ قَتَلَ مُورِثَهُ (قَوْلُهُ وَعِلَّتُهُ) أَيْ عَدَمِ الطَّهَارَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) إلَى قَوْلِهِ وَفِي مَعْنَى التَّخَلُّلِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ مُحْرِمٌ وَقَوْلُهُ كَمَا لَوْ قَتَلَ إلَى وَيَطْهُرُ (قَوْلُهُ بِفِعْلِ مُحْرِمٍ) مَا وَجْهُ ذِكْرِ الْحُرْمَةِ فِي بَيَانِ حِكْمَةِ النَّهْيِ وَالْحَالُ أَنَّهَا لَمْ تَثْبُتْ إلَّا بِهِ بِخِلَافِ مَنْعِ مِيرَاثِ الْقَاتِلِ فَإِنَّ مَنْعَ الْقَتْلِ مَعْلُومٌ قَبْلَ ذَلِكَ بِغَيْرِ الدَّلِيلِ الدَّالِّ عَلَى مَنْعِ الْإِرْثِ وَلَعَلَّ هَذَا وَجْهُ ضَعْفِ هَذِهِ الْعِلَّةِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهِ ضَعْفُ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا) أَيْ التَّعْلِيلِ الثَّانِي (قَوْلُهُ بِالنَّقْلِ السَّابِقِ) أَيْ فِي الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ ثَمَّ أَيْ فِي النَّقْلِ السَّابِقِ (قَوْلُهُ وَمَا ارْتَفَعَتْ إلَيْهِ لَكِنْ إلَخْ) بِخِلَافِ مَا لَوْ نَقَصَ مِنْ خَمْرِ الدَّنِّ بِأَخْذِ شَيْءٍ مِنْهَا أَوْ أُدْخِلَ فِيهِ شَيْءٌ فَارْتَفَعَتْ بِسَبَبِهِ ثُمَّ أُخْرِجَ فَعَادَتْ كَمَا كَانَتْ إلَّا إنْ صُبَّ عَلَيْهَا خَمْرٌ حَتَّى ارْتَفَعَتْ إلَى الْمَوْضِعِ الْأَوَّلِ وَاعْتَبَرَ الْبَغَوِيّ كَوْنَهُ قَبْلَ جَفَافِهِ وَاعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَطْهُرُ الدَّنُّ تَبَعًا لَهَا وَإِنْ تَشَرَّبَ بِهَا أَوْ غَلَتْ وَلَوْ اخْتَلَطَ عَصِيرٌ بِخَلٍّ مَغْلُوبٍ ضَرّ أَوْ غَالِبٌ فَلَا فَإِنْ كَانَ مُسَاوِيًا فَكَذَلِكَ إنْ أَخْبَرَ بِهِ عَدْلَانِ يَعْرِفَانِ مَا يَمْنَعُ التَّخَمُّرَ وَعَدَمَهُ أَوْ عَدْلٌ وَاحِدٌ فِيمَا يَظْهَرُ أَمَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ خَبِيرٌ أَوْ وُجِدَ وَشَكَّ فَالْأَوْجَهُ إدَارَةُ الْحُكْمِ عَلَى الْغَالِبِ حِينَئِذٍ نِهَايَةٌ.

وَفِي الْمُغْنِي مَا يُوَافِقُهُ إلَّا فِي تَقْيِيدِ الصَّبِّ بِقَبْلِ الْجَفَافِ وَتَقْيِيدُ الْمُسَاوَاةِ بِمَا إذَا أَخْبَرَ بِهِ عَدْلَانِ إلَخْ قَالَ سم إنَّ شَرْحَ الرَّوْضِ نَقَلَ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ مِنْ التَّقْيِيدِ الْمَذْكُورِ وَأَقَرَّهُ اهـ وَقَالَ الْكُرْدِيُّ أَنَّ الزِّيَادِيَّ اعْتَمَدَهُ اهـ وَقَوْلُهُ م ر إلَّا إنْ صُبَّ عَلَيْهَا خَمْرٌ إلَخْ أَيْ أَوْ نَبِيذٌ أَوْ سُكَّرٌ أَوْ عَسَلٌ أَوْ نَحْوُهَا كَمَا قَالَهُ الْقَلْيُوبِيُّ فَالْخَمْرُ لَيْسَ بِقَيْدٍ وَلَيْسَ فِيهِ تَخْلِيلٌ بِمُصَاحَبَةِ عَيْنٍ؛ لِأَنَّ الْعَسَلَ وَنَحْوَهُ يَتَخَمَّرُ مَدَابِغِيٌّ وَسَيَأْتِي عَنْ النِّهَايَةِ مَا يُفِيدُهُ (قَوْلُهُ لَكِنْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ) أَيْ بَلْ بِالِاشْتِدَادِ وَالْغَلَيَانِ أَسْنَى وَخَطِيبٌ (قَوْلُهُ تَبَعًا لَهَا) وَبَحَثَ فِي ذَلِكَ سم وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ كَانَ يَكْفِي أَنْ يُعْفَى عَنْهُ لِلضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِطَهَارَةِ الْبَدَنِ فَإِنَّهُ لَا تُؤَثِّرُ فِيهِ الِاسْتِحَالَةُ كَمَا لَا يُخْفِي شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُ) لَعَلَّهُ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى انْقِلَابٌ إلَخْ وَيُحْتَمَلُ جَرُّهُ عَطْفًا عَلَى دَمِ الظَّبْيَةِ مِسْكًا

شَرْحِهِ كَحَصَاةٍ وَحَبَّةِ عِنَبٍ تَخَمَّرَ جَوْفُهَا اهـ.

وَكَانَ صُورَةُ الْحَبَّةِ الْمَذْكُورَةِ إذَا طَرَأَتْ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَقِيَتْ فِي الْعَصِيرِ ابْتِدَاءً فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَضُرَّ إذَا تَخَمَّرَ ثُمَّ تَخَلَّلَ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَا فِي جَوْفِ هَذِهِ الْحَبَّةِ إذَا تَخَلَّلَ طَهُرَ وَالْحَبَّةُ لَهُ كَالْإِنَاءِ فَيَنْبَغِي طَهَارَةُ جَوْفِهَا تَبَعًا (قَوْلُهُ يَحْرُمُ تَعَمُّدُ ذَلِكَ) أَيْ بِخِلَافِ النَّقْلِ مِنْ شَمْسٍ إلَى ظِلٍّ وَعَكْسُهُ فَلَا يَحْرُمُ كَمَا بَيَّنَهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ كَمَا فِيهِ، وَظَاهِرُ الْحَدِيثَيْنِ حُرْمَةُ التَّخْلِيلِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ بِعَيْنٍ أَمْ بِنَحْوِ نَقْلٍ مِنْ شَمْسٍ إلَى ظِلٍّ وَجَرَى عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ، لَكِنْ يَرُدُّهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ فِي الرَّهْنِ فَإِنَّهُ مُصَرِّحٌ بِأَنَّ الْمُحَرَّمَ إنَّمَا هُوَ التَّخْلِيلُ بِالْعَيْنِ لَا بِنَحْوِ النَّقْلِ مِنْ شَمْسٍ إلَى ظِلٍّ وَعِبَارَتُهُمَا اتِّخَاذُ الْخَمْرِ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ ثُمَّ قَالَا قَوْلُهُ الْخَمْرُ بِطَرْحِ الْعَصِيرِ أَوْ الْمِلْحِ أَوْ الْخُبْزِ الْحَارِّ أَوْ غَيْرِهَا فِيهَا حَرَامٌ وَالْخَلُّ الْحَاصِلُ مِنْهَا نَجِسٌ لِعِلَّتَيْنِ:

إحْدَاهُمَا: تَحْرِيمُ التَّخْلِيلِ وَالثَّانِيَةُ نَجَاسَةُ الْمَطْرُوحِ بِالْمُلَاقَاةِ فَتَسْتَمِرُّ نَجَاسَتُهُ إذْ لَا مُزِيلَ لَهَا إلَخْ مَا أَطَالَ بِهِ عَنْهُمَا وَعَنْ غَيْرِهِمَا وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ طَرَحَ الْعَيْنَ الطَّاهِرَةَ الَّتِي لَا يَنْفَصِلُ عَنْهَا شَيْءٌ بِقَصْدِ نَزْعِهَا قَبْلَ التَّخَلُّلِ ثُمَّ نَزَعَهَا لَمْ يَحْرُمْ ذَلِكَ وَطَهُرَ الْخَلُّ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَكِنْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ) خَرَجَ مَا بِفِعْلِهِ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَإِنْ ارْتَفَعَتْ بِلَا

ص: 305

فَكَذَلِكَ لِصَلَاحِيَّتِهِ لِمَجِيءِ الْفَرْخِ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا وَبِهِ يَجْمَعُ بَيْنَ تَنَاقُضِ الْمُصَنِّفِ فِيهِ (تَنْبِيهٌ)

يَكْثُرُ السُّؤَالُ عَنْ زَبِيبٍ يُجْعَلُ مَعَهُ طِيبٌ مُتَنَوِّعٌ وَيُنْقَعُ ثُمَّ يُصَفَّى فَتَصِيرُ رَائِحَتُهُ كَرَائِحَةِ الْخَمْرِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ فِيهِ أَنَّ ذَلِكَ الطِّيبَ إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الزَّبِيبِ تَنَجَّسَ وَإِلَّا فَلَا وَلَا عِبْرَةَ بِالرَّائِحَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لَوْ أُلْقِيَ عَلَى عَصِيرٍ خَلٌّ دُونَهُ أَيْ وَزْنًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ تَنَجَّسَ؛ لِأَنَّهُ لِقِلَّةِ الْخَلِّ فِيهِ يَتَخَمَّرُ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ الْأَصْلَ وَالظَّاهِرَ عَدَمُ التَّخَمُّرِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُمْ نَظَرُوا فِي هَذَا لِلْمَظِنَّةِ حَتَّى لَوْ قَالَ خَبِيرٌ إنْ شَاهَدْنَاهُ مِنْ حِينِ الْخَلْطِ فِي الْأُولَى إلَى التَّخَلُّلِ وَلَمْ يَشْتَدَّ وَلَا قَذَفَ بِالزَّبَدِ لَمْ يُلْتَفَتْ لِقَوْلِهِمَا وَكَذَا لَوْ قَالَا فِي الْأَخِيرَتَيْنِ شَاهَدْنَاهُ اشْتَدَّ وَقَذَفَ بِالزَّبَدِ وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الِاشْتِدَادَ قَدْ يَخْفَى فَلَمْ يُنْظَرْ لِقَوْلِهِمَا فِي الْأُولَى بِخِلَافِ مَا بَعْدَهَا؛ لِأَنَّهُمَا أَخْبَرَا بِمُشَاهَدَةِ الِاشْتِدَادِ فَلَمْ يُمْكِنُ إلْغَاءُ قَوْلِهِمْ إلَّا إنْ قُلْنَا إنَّ مَا نِيطَ بِالْمَظِنَّةِ لَا نَظَرَ لِتَخَلُّفِهِ فِي بَعْضِ أَفْرَادِهِ وَأَنَّ الْعَلَامَةَ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهَا وُجُودُ مَا هِيَ عَلَامَةٌ عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، فَحِينَئِذٍ يُتَّجَهُ إطْلَاقُهُمْ النَّجَاسَةَ وَالْحُرْمَةَ فِي الْأُولَى وَعَدَمُهُمَا فِي الْأَخِيرَتَيْنِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْخَلَّ فِي كَلَامِهِمْ مِثَالٌ فَيَلْحَقُ بِهِ كُلُّ مَا فِي مَعْنَاهُ مِمَّا لَا يَقْبَلُ التَّخَمُّرَ وَيَمْنَعُ مِنْ وُجُودِهِ إنْ غَلَبَ أَوْ سَاوَى (تَنْبِيهٌ آخَرُ)

اُخْتُلِفَ فِي انْقِلَابِ الشَّيْءِ عَنْ حَقِيقَتِهِ كَالنُّحَاسِ إلَى الذَّهَبِ فَقِيلَ نَعَمْ لِانْقِلَابِ الْعَصَا ثُعْبَانًا حَقِيقَةً بِدَلِيلِ {فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى} [طه: 20] وَإِلَّا لَبَطَلَ الْإِعْجَازُ وَلَا مَانِعَ فِي الْقُدْرَةِ مِنْ تَوَجُّهِ الْأَمْرِ التَّكْوِينِيِّ إلَى ذَلِكَ وَتَخْصِيصِ الْإِرَادَةِ لَهُ، وَقِيلَ لَا لِأَنَّ قَلْبَ الْحَقَائِقِ مُحَالٌ وَالْقُدْرَةُ لَا تَتَعَلَّقُ بِهِ، وَالْحَقُّ الْأَوَّلُ بِمَعْنَى أَنَّهُ تَعَالَى يَخْلُقُ بَدَلَ النُّحَاسِ ذَهَبًا عَلَى مَا هُوَ رَأْيُ الْمُحَقِّقِينَ أَوْ بِأَنْ يَسْلُبَ عَنْ أَجْزَاءِ النُّحَاسِ الْوَصْفَ الَّذِي صَارَ بِهِ نُحَاسًا وَيَخْلُقُ فِيهِ الْوَصْفَ الَّذِي يَصِيرُ بِهِ ذَهَبًا عَلَى مَا هُوَ رَأْيُ بَعْضِ الْمُتَكَلِّمِينَ مِنْ تَجَانُسِ الْجَوَاهِرِ وَاسْتِوَائِهَا فِي قَبُولِ الصِّفَاتِ، وَالْمُحَالُ إنَّمَا هُوَ انْقِلَابُهُ ذَهَبًا مَعَ كَوْنِهِ نُحَاسًا لِامْتِنَاعِ كَوْنِ الشَّيْءِ فِي الزَّمَنِ الْوَاحِدِ نُحَاسًا وَذَهَبًا، وَمِنْ ثَمَّ اتَّفَقَ أَئِمَّةُ التَّفْسِيرِ عَلَى مَا مَرَّ فِي الْعَصَا بِأَحَدِ هَذَيْنِ الِاعْتِبَارَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَبِثَانِيهِمَا يُتَّجَهُ قَوْلُ أَئِمَّتِنَا فِي كَلْبٍ مَثَلًا وَقَعَ فِي مَمْلَحَةٍ فَاسْتَحَالَ مِلْحًا أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى نَجَاسَتِهِ بَلْ وَعَلَى الْأَوَّلِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ فَعَمِلُوا بِالْأَصْلِ (تَنْبِيهٌ آخَرُ)

كَثِيرًا مَا يُسْأَلُ عَنْ عِلْمِ الْكِيمْيَاءِ وَتَعَلُّمِهِ هَلْ يَحِلُّ أَوْ لَا وَلَمْ نَرَ لِأَحَدٍ كَلَامًا فِي ذَلِكَ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَنْبَنِي عَلَى هَذَا الْخِلَافِ فَعَلَى الْأَوَّلِ

وَأَرَادَ بِنَحْوِهِ صَيْرُورَةَ نَحْوِ الْمَيْتَةِ دُودًا عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَيَطْهُرُ كُلُّ نَجِسٍ اسْتَحَالَ حَيَوَانًا كَدَمِ بَيْضَةٍ اسْتَحَالَ فَرْخًا عَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَتِهِ وَلَوْ كَانَ دُودَ كَلْبٍ؛ لِأَنَّ لِلْحَيَاةِ أَثَرًا بَيِّنًا فِي دَفْعِ النَّجَاسَةِ وَلِهَذَا تَطْرَأُ بِزَوَالِهَا؛ وَلِأَنَّ الدُّودَ مُتَوَلِّدٌ فِيهِ لَا مِنْهُ وَلَوْ صَارَ الزِّبْلُ الْمُخْتَلِطُ بِالتُّرَابِ عَلَى هَيْئَةِ التُّرَابِ لِطُولِ الزَّمَانِ لَمْ يَطْهُرْ اهـ.

(قَوْلُهُ لِصَلَاحِيَّتِهِ إلَخْ) كَأَنَّ اللَّامَ بِمَعْنَى عِنْدَ فَيُوَافِقُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ النِّهَايَةِ مِنْ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى صَلَاحِيَّتِهِ لِلتَّخَلُّقِ وَإِلَّا فَدَعْوَى كُلِّيَّةِ الصَّلَاحِيَّةِ فِيمَا إذَا كَانَتْ عَنْ كَبْسِ ذَكَرٍ مَحَلُّ نَظَرٍ (قَوْلُهُ تَنْبِيهٌ يَكْثُرُ السُّؤَالُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَلَوْ جَعَلَ مَعَ نَحْوِ الزَّبِيبِ طِيبًا مُتَنَوِّعًا وَنُقِعَ ثُمَّ صُفِّيَ وَصَارَتْ رَائِحَتُهُ كَرَائِحَةِ الْخَمْرِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إنَّ ذَلِكَ الطِّيبَ إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الزَّبِيبِ تَنَجَّسَ وَإِلَّا فَلَا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لَوْ أُلْقِيَ عَلَى عَصِيرِ خَلٍّ دُونَهُ تَنَجَّسَ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ وَالظَّاهِرَ عَدَمُ التَّخَمُّرِ وَلَا عِبْرَةَ بِالرَّائِحَةِ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ وَهُوَ أَوْجُهُ اهـ.

أَقُولُ لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّ خِلَافَهُ إطْلَاقُ الطَّهَارَةِ أَوْ إطْلَاقُ النَّجَاسَةِ لَكِنَّ الثَّانِيَ أَقْرَبُ؛ لِأَنَّ إطْلَاقَ الطَّهَارَةِ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ لِشُمُولِهِ مَا إذَا قَلَّ الطِّيبُ جِدًّا مَعَ الْقَطْعِ حِينَئِذٍ بِالتَّخَمُّرِ وَلَعَلَّ وَجْهَ اعْتِمَادِ إطْلَاقِ النَّجَاسَةِ وَإِنْ كَثُرَ الطِّيبُ وَقَلَّ الزَّبِيبُ أَنَّ الطِّيبَ لَيْسَ بِمَانِعٍ مِنْ التَّخَمُّرِ وَإِنْ كَثُرَ بِخِلَافِ الْخَلِّ مَعَ الْعَصِيرِ فَلْيُتَأَمَّلْ بَصْرِيٌّ وَجَزَمَ بِالْأَوَّلِ الْأُجْهُورِيُّ وَكَذَا ع ش وَأَقَرَّهُ الرَّشِيدِيُّ عِبَارَتُهُ قَوْلُهُ م ر وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ إلَخْ وَهُوَ الطَّهَارَةُ مُطْلَقًا وَهُوَ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ ع ش اهـ.

وَيُؤَيِّدُهُ سَابِقُ كَلَامِ النِّهَايَةِ لَاحِقُهُ كَمَا يَظْهَرُ بِمُرَاجَعَتِهِ (قَوْلُهُ مُتَنَوِّعٌ) لَيْسَ بِقَيْدٍ فِي الْحُكْمِ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ لِكَوْنِهِ الْوَاقِعَ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ غَلَبَهُ الْخَلُّ أَوْ سَاوَاهُ خَطِيبٌ (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ التَّعْلِيلِ بِأَنَّ الْأَصْلَ إلَخْ (قَوْلُهُ فِي الْأُولَى) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْخَلُّ دُونَ الْعَصِيرِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَشْتَدَّ إلَخْ) الْأَسْبَكُ الْمُوَافِقُ لِنَظِيرِهِ الْآتِي إسْقَاطُ الْوَاوِ (قَوْلُهُ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْخَلُّ أَكْثَرَ مِنْ الْعَصِيرِ أَوْ سَاوَاهُ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ) أَيْ بَيْنَ الْأُولَى وَبَيْنَ الْأَخِيرَتَيْنِ وَتَقَدَّمَ عَنْ ع ش آنِفًا مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ هُوَ الْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا بَعْدَهَا) أَيْ الْأَخِيرَتَيْنِ.

(قَوْلُهُ فَحِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ قُلْنَا إنَّ مَا نِيطَ بِالْمَظِنَّةِ إلَخْ (قَوْلُهُ مِنْ وُجُودِهِ) أَيْ التَّخَمُّرِ (قَوْلُهُ فِي انْقِلَابِ الشَّيْءِ) أَيْ الْمُمْكِنِ (عَنْ حَقِيقَتِهِ) أَيْ إلَى حَقِيقَةٍ أُخْرَى (قَوْلُهُ حَقِيقَةً) أَيْ انْقِلَابًا حَقِيقِيًّا وَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَقِيقِيًّا (قَوْلُهُ إلَى ذَلِكَ) أَيْ الِانْقِلَابِ (قَوْلُهُ وَالْحَقُّ الْأَوَّلُ) أَيْ وَقَوْلُهُمْ قَلْبُ الْحَقَائِقِ مُحَالٌ مَفْرُوضٌ فِي حَقَائِقِ الْوَاجِبِ وَالْمُمْكِنِ وَالْمُمْتَنِعِ وَالْمُرَادُ اسْتِحَالَةُ قَلْبِ الْوَاجِبِ مُمْكِنًا أَوْ مُمْتَنِعًا وَعَكْسُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ لِأَجْلِ أَنَّ الْحَقَّ هُوَ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ الِانْقِلَابِ حَقِيقَةً (قَوْلُهُ وَبِثَانِيهِمَا) وَهُوَ انْقِلَابُ الصِّفَّةِ فَقَطْ (قَوْلُهُ إنَّهُ بَاقٍ عَلَى نَجَاسَتِهِ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ مُسِخَ آدَمِيٌّ كَلْبًا فَهُوَ عَلَى طَهَارَتِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ) وَهُوَ الْإِبْدَالُ ذَاتًا وَصِفَةً (قَوْلُهُ أَنَّهُ يَنْبَنِي) أَيْ الْخِلَافُ فِي تَعَلُّمِ الْكِيمْيَاءِ وَالْعَمَلِ بِهِ (عَلَى هَذَا الْخِلَافِ) أَيْ فِي انْقِلَابِ الشَّيْءِ عَنْ حَقِيقَتِهِ (فَعَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ جَوَازِ الِانْقِلَابِ

غَلَيَانٍ، بَلْ بِفِعْلِ فَاعِلٍ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ فَلَا يَطْهُرُ الدَّنُّ إذْ لَا ضَرُورَةَ وَكَذَا الْخَمْرُ لِاتِّصَالِهَا بِالْمُرْتَفِعِ النَّجِسِ نَعَمْ لَوْ غُمِرَ الْمُرْتَفِعُ قَبْلَ جَفَافِهِ بِخَمْرٍ أُخْرَى طَهُرَتْ بِالتَّخَلُّلِ اهـ.

مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - التَّقْيِيدَ بِالْجَفَافِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ فِيمَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي خَمْرِ الْمُرْتَفِعِ دَلَالَةً عَلَى أَنَّهُ لَوْ صَبَّ عَلَى الْخَمْرِ خَمْرًا أُخْرَى مِنْ غَيْرِ ارْتِفَاعٍ لِلْأُولَى طَهُرَتْ بِالتَّخَلُّلِ وَهُوَ الظَّاهِرُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ إلَخْ) فِي شَرْحِ م ر وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ وَهُوَ أَوْجَهُ (قَوْلُهُ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى نَجَاسَتِهِ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ مُسِخَ آدَمِيٌّ كَلْبًا فَهُوَ عَلَى

ص: 306

مَنْ عَلِمَ الْعِلْمَ الْمُوصِلَ لِذَلِكَ الْقَلْبِ عِلْمًا يَقِينِيًّا جَازَ لَهُ عَمَلُهُ وَتَعْلِيمُهُ إذْ لَا مَحْذُورَ فِيهِ حِينَئِذٍ بِوَجْهٍ وَمَا تُخُيِّلَ أَنَّهُ مِنْ هَتْكِ سِرِّ الْقَدَرِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ إفْشَاؤُهُ كَمَا فِي تَفْسِيرِ الْبَيْضَاوِيِّ فِي {بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} [المائدة: 67] فَيُرَدُّ بِمَنْعِ أَنَّ هَذَا مِنْهُ؛ لِأَنَّ مَا وُضِعَ لَهُ عِلْمٌ يُتَوَصَّلُ إلَيْهِ بِهِ لَا يُسَمَّى الْعَمَلُ بِهِ هَتْكًا لِذَلِكَ وَإِنَّمَا الَّذِي مِنْهُ فِعْلُ الْخَضِرِ صلى الله عليه وسلم فِي قَتْلِ الْغُلَامِ وَفِي بَعْضِ حَوَاشِي الْبَيْضَاوِيِّ الْمُعْتَمَدَةِ هَذَا مِنْهُ مَنْزَعٌ صُوفِيٌّ وَهُوَ يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْته أَنَّ الْهَتْكَ إنَّمَا هُوَ فِي نَحْوِ فِعْلِ الْخَضِرِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا يَكْشِفُهُ اللَّهُ لِأَخِصَّائِهِ مَوْهِبَةً إلَهِيَّةً مِنْ غَيْرِ تَعَلُّمٍ وَلَا اسْتِعْدَادٍ، وَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي أَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْإِنْسَانُ ذَلِكَ الْعِلْمَ الْيَقِينِيَّ وَكَانَ ذَلِكَ وَسِيلَةً لِلْغِشِّ فَالْوَجْهُ الْحُرْمَةُ وَكَذَا تَطْهِيرُ نَحْوِ نُحَاسٍ حَتَّى يَقْبَلَ صَبْغًا أَوْ خَلْطًا؛ لِأَنَّهُ غِشٌّ صِرْفٌ نَعَمْ إنْ بَاعَهُ لِمَنْ يَعْلَمُهُ بِحَقِيقَتِهِ جَازَ مَا لَمْ يَظُنَّ أَنَّهُ يَغُشُّ بِهِ غَيْرَهُ كَبَيْعِ الْعِنَبِ لِعَاصِرِ الْخَمْرِ وَتَخَيُّلُ أَنَّ الصِّبْغَ الَّذِي لَا يَنْكَشِفُ مُلْحَقٌ بِقَلْبِ الْأَعْيَانِ فَاسِدٌ لِقَوْلِهِمْ ضَابِطُ الْغِشِّ أَنْ يَكُونَ فِيهِ وَصْفٌ لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ لَمْ يَرْغَبْ فِيهِ بِذَلِكَ الثَّمَنِ أَيْ وَلَا تَقْصِيرَ مِنْ الْمُشْتَرِي لِمَا يَأْتِي فِي زُجَاجَةٍ ظَنَّهَا جَوْهَرَةً وَهُنَا لَا تَقْصِيرَ إذْ يَعِزُّ الِاطِّلَاعُ عَلَى حَقِيقَةِ ذَلِكَ الْمَصْبُوغِ، فَإِنْ قُلْت صَرَّحُوا بِكَرَاهَةِ ضَرْبِ مِثْلِ سِكَّةِ الْإِمَامِ، وَظَاهِرُهُ حِلُّ ضَرْبِ مَغْشُوشٍ غِشُّهُ بِقَدْرِ غِشِّ مَضْرُوبِ الْإِمَامِ قُلْت هَذَا الظَّاهِرُ مُتَّجَهٌ إذْ لَا مَحْذُورَ حِينَئِذٍ حَيْثُ كَانَ يُسَاوِيهِ غِشًّا وَلُيُونَةً بِحَيْثُ لَا يَتَفَاوَتُ ثَمَنُهُمَا.

(وَ) إلَّا (جِلْدٌ نَجِسَ بِالْمَوْتِ) خَرَجَ بِهِ جِلْدُ الْمُغَلَّظِ (فَيَطْهُرُ بِدَبْغِهِ) وَانْدِبَاغِهِ وَآثَرَ الْأَوَّلَ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ (ظَاهِرُهُ) وَهُوَ مَا لَاقَاهُ الدِّبَاغُ (وَكَذَا بَاطِنُهُ) وَهُوَ مَا لَمْ يُلَاقِهِ

قَوْلُهُ: جَازَ لَهُ عَمَلُهُ) يَعْنِي الْعَمَلَ بِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ لَا يُسَمَّى الْعَمَلُ بِهِ إلَخْ وَبِذَلِكَ التَّأْوِيلِ يَظْهَرُ حَمْلُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ أَنَّهُ) الْعَمَلُ بِعِلْمِ الْكِيمْيَاءِ وَتَعْلِيمِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ إلَخْ) أَيْ سِرُّ الْقَدَرِ (قَوْلُهُ كَمَا فِي تَفْسِيرِ الْبَيْضَاوِيِّ) أَيْ إنَّ عِلْمَ الْكِيمْيَاءِ وَتَعَلُّمَهُ مِنْ هَتْكِ سِرِّ الْقَدَرِ (قَوْلُهُ بِمَنْعِ أَنَّ هَذَا) أَيْ الْعَمَلَ بِعِلْمِ الْكِيمْيَاءِ وَتَعْلِيمِهِ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ هَتْكِ سِرِّ الْقَدَرِ (قَوْلُهُ لِذَلِكَ) أَيْ لِسِرِّ الْقَدَرِ (قَوْلُهُ قَتْلِ الْغُلَامِ) مِنْ ظَرْفِيَّةِ الْخَاصِّ لِلْعَامِّ (قَوْلُهُ هَذَا) أَيْ الْقَوْلُ بِأَنَّ الْعَمَلَ بِالْكِيمْيَاءِ مِنْ هَتْكِ سِرِّ الْقَدَرِ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْبَيْضَاوِيِّ.

(مَنْزَعٌ صُوفِيٌّ) أَيْ مَشْرَبٌ صُوفِيٌّ وَخِلَافُ التَّحْقِيقِ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ مَا فِي بَعْضِ الْحَوَاشِي (قَوْلُهُ مِمَّا يَكْشِفُهُ اللَّهُ إلَخْ) أَيْ مِنْ إظْهَارِ مَا يَكْشِفُهُ اللَّهُ وَالْعَمَلِ بِهِ (قَوْلُهُ وَلَا اسْتِعْدَادٍ) مَا الدَّاعِي إلَى نَفْيِ الِاسْتِعْدَادِ مَعَ أَنَّ الصُّوفِيَّةَ يَعْتَبِرُونَهُ وَيُبَيِّنُونَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ وَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي) الْمُرَادُ بِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَنَبَّهَ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ الْقَوْلُ بِامْتِنَاعِ الِانْقِلَابِ السَّابِقِ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَقِيلَ لَا لَا الثَّانِي مِنْ الِاعْتِبَارَيْنِ السَّابِقِ فِي قَوْلِهِ أَوْ بِأَنْ يُسْلَبَ إلَخْ كَمَا فَهِمَهُ سم وَبَنَى عَلَيْهِ اعْتِرَاضَهُ بِمَا نَصُّهُ قَوْلُهُ وَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّا إذَا قُلْنَا بِتَجَانُسِ الْجَوَاهِرِ وَفَرَضْنَا أَنَّ خَاصِّيَّةَ النُّحَاسِ سُلِبَتْ وَحَصَلَ بَدَلُهَا خَاصِّيَّةُ الذَّهَبِ فَهَذَا ذَهَبٌ حَقِيقَةً وَلَا فَرْقَ فِي الْمَعْنَى بَيْنَ حُصُولِ الذَّهَبِ بِهَذَا الطَّرِيقِ وَحُصُولِهِ بِالطَّرِيقِ الْأَوَّلِ وَهُوَ إعْدَامُ النُّحَاسِ وَخَلْقُ الذَّهَبِ بَدَلَهُ وَلَا غِشَّ حِينَئِذٍ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.

(قَوْلُهُ ذَلِكَ) أَيْ عِلْمَ الْكِيمْيَاءِ (قَوْلُهُ وَكَانَ) لَعَلَّ الْأَوْلَى إسْقَاطُ الْوَاوِ (قَوْلُهُ ذَلِكَ) أَيْ الْعَمَلُ بِالْكِيمْيَاءِ (قَوْلُهُ فَالْوَجْهُ الْحُرْمَةُ) إطْلَاقُ مَنْعِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِالثَّانِي مَحَلُّ تَأَمُّلٍ عَلَى أَنَّ فِي النَّفْسِ شَيْئًا مِنْ إطْلَاقِ تَحْرِيمِ الْعِلْمِ الْمُجَرَّدِ الْخَالِي عَنْ الْعَمَلِ وَأَنَّ فَرْضَ حُرْمَةِ الْعَمَلِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى نَحْوِ غِشٍّ لَا سِيَّمَا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَنْ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّ عِلْمَ ذَلِكَ لَا يَجُرُّهُ إلَى عَمَلِهِ وَكَانَ الْمُلْحَظُ فِيهِ أَيْ فِي إطْلَاقِ الْمَنْعِ بِفَرْضِ تَسْلِيمِهِ جِسْمَ الْبَابِ بَصْرِيٌّ وَهَذَا مِثْلُ مَا مَرَّ عَنْ سم مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالثَّانِي ثَانِي الِاعْتِبَارَيْنِ لَا ثَانِي الْقَوْلَيْنِ الْمَرْجُوحُ، وَقَدْ مَرَّ مَا فِيهِ وَعَلَى فَرْضِ إرَادَتِهِ فَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ الشَّارِحِ مِنْ إطْلَاقِ حُرْمَةِ تَعَلُّمِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِالثَّانِي؛ لِأَنَّ شَأْنَ عِلْمِهِ أَنْ يَكُونَ وَسِيلَةً لِنَحْوِ غِشٍّ وَلَوْ بِتَعْلِيمِهِ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ إنْ بَاعَهُ) أَيْ بَعْدَ نَحْوِ صَبْغِهِ كُرْدِيٌّ.

وَظَاهِرٌ أَنَّ الْبَيْعَ لَيْسَ بِقَيْدٍ فَمِثْلُهُ نَحْوُ الْهِبَةِ (قَوْلُهُ جَازَ إلَخْ) فِيهِ تَوَقُّفٌ؛ لِأَنَّ شَأْنَهُ أَنْ يَكُونَ وَسِيلَةً لِلْغِشِّ بِتَدَاوُلِ الْأَيْدِي (قَوْلُهُ لِمَنْ يَعْلَمُهُ) مِنْ الْإِعْلَامِ (قَوْلُهُ كَبَيْعِ الْخَمْرِ إلَخْ) رَاجِعٌ لِلْمَنْفِيِّ بِالْمِيمِ (قَوْلُهُ فَاسِدٌ إلَخْ) قَدْ يَمْنَعُ الْفَسَادَ وَدَلَالَةَ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَنْ تَصَوَّرَ تَجَانُسَ الْجَوَاهِرِ وَانْسِلَابَ خَاصِّيَّةِ النُّحَاسِ وَحُصُولَ خَاصِّيَّةِ الذَّهَبِ حَقِيقَةً رَغِبَ أَيْ فِي ذَلِكَ الْمَصْبُوغِ سم وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الصَّبْغِ سَلْبُ الْخَاصِّيَّةِ وَانْقِلَابُهَا كَمَا هُوَ صَرِيحُ جَعْلِ الشَّارِحِ كُلًّا مِنْ الصَّبْغِ وَالْخَلْطِ مُقَابِلًا لِلْكِيمْيَاءِ.

(قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ حِلُّ إلَخْ) قَدْ يُنَاقَشُ فِيهِ بِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ الْمُمَاثَلَةُ مِنْ حَيْثُ الصُّورَةُ لَا مِنْ حَيْثُ الْمَادَّةُ قَالَهُ الْبَصْرِيُّ وَدَعْوَاهُ التَّبَادُرَ الْمَذْكُورَ ظَاهِرُ الْمَنْعِ (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَ يُسَاوِيهِ إلَخْ) يَنْبَغِي وَيَأْمَنُ فِتْنَةَ ظُهُورِهِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَجِلْدٌ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مَأْكُولٍ مُغْنِي وَنِهَايَةُ قَوْلِ الْمَتْنِ (نَجِسَ) بِتَثْلِيثِ الْجِيمِ لَكِنَّ الضَّمَّ قَلِيلٌ بُجَيْرِمِيٌّ قَوْلُ الْمَتْنِ (بِالْمَوْتِ) أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَيَشْمَلُ مَا لَوْ سَلَخَ جِلْدَ حَيَوَانٍ وَهُوَ حَيٌّ ع ش وَحِفْنِي (قَوْلُهُ خَرَجَ بِهِ جِلْدُ الْمُغَلَّظِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ؛ لِأَنَّ الْحَيَاةَ فِي إفَادَةِ الطَّهَارَةِ أَبْلَغُ مِنْ الدَّبْغِ وَالْحَيَاةُ لَا تُفِيدُ طَهَارَتَهُ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَانْدِبَاغِهِ) أَيْ وَلَوْ بِوُقُوعِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِإِلْقَاءِ رِيحٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ أَوْ بِإِلْقَاءِ الدَّابِغِ عَلَيْهِ وَلَوْ بِنَحْوِ رِيحٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ) أَوْ الْمُرَادُ بِالدَّبْغِ الْحَاصِلُ بِالْمَصْدَرِ بَصْرِيٌّ.

(قَوْلُهُ مَا لَاقَاهُ الدِّبَاغُ) أَيْ مِنْ الْوَجْهَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا قَوْلُ الْمَتْنِ (وَكَذَا بَاطِنُهُ) وَيُؤْخَذُ مِنْ طَهَارَةِ بَاطِنِهِ بِهِ أَنَّهُ لَوْ نُتِفَ الشَّعْرُ بَعْدَ دَبْغِهِ صَارَ مَوْضِعُهُ مُتَنَجِّسًا يَطْهُرُ بِغَسْلِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي هَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَثُرَ الشَّعْرُ، وَأَمَّا الشَّعْرُ الْقَلِيلُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِي مَنْبَتِهِ بَعْدَ نَتْفِهِ

طَهَارَتِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّا إذَا قُلْنَا بِتَجَانُسِ الْجَوَاهِرِ وَفَرَضْنَا أَنَّ خَاصِّيَّةَ النُّحَاسِ سُلِبَتْ وَحَصَلَ بَدَلَهَا خَاصِّيَّةُ الذَّهَبِ فَهَذَا ذَهَبٌ حَقِيقَةً وَلَا فَرْقَ فِي الْمَعْنَى بَيْنَ حُصُولِ الذَّهَبِ بِهَذَا الطَّرِيقِ وَحُصُولِهِ بِالطَّرِيقِ الْأَوَّلِ وَهُوَ إعْدَامُ النُّحَاسِ وَخَلْقُ الذَّهَبِ بَدَلَهُ وَلَا غِشَّ حِينَئِذٍ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَاسِدٌ إلَخْ)

ص: 307

مِنْ أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ أَوْ مَا بَيْنَهُمَا (عَلَى الْمَشْهُورِ) لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِيهِ كَخَبَرِ «إذَا دُبِغَ الْإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ» وَدَعْوَى أَنَّ الدِّبَاغَ لَا يَصِلُ لِبَاطِنِهِ مَمْنُوعَةٌ بَلْ يُصْلِحُهُ بِوَاسِطَةِ الرُّطُوبَةِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ وَالصَّلَاةُ فِيهِ وَاسْتِعْمَالُهُ فِي الرُّطَبِ نَعَمْ يَحْرُمُ أَكْلُهُ مِنْ مَأْكُولٍ لِانْتِقَالِهِ لِطَبْعِ الثِّيَابِ وَلَا يَطْهُرُ شَعْرُهُ إذْ لَا يَتَأَثَّرُ بِالدِّبَاغِ لَكِنْ يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ عُرْفًا فَيَطْهُرُ حَقِيقَةً تَبَعًا كَدَنِّ الْخَمْرِ وَاخْتَارَ كَثِيرُونَ طَهَارَةَ جَمِيعِهِ؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ قَسَمُوا الْفِرَاءَ وَهِيَ مِنْ دِبَاغِ الْمَجُوسِ وَذَبْحِهِمْ وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ بَلْ نَقَلَ جَمْعٌ أَنَّ الشَّافِعِيَّ رَجَعَ عَنْ تَنَجُّسِ شَعْرِ الْمَيْتَةِ وَصُوفِهَا وَيُجَابُ بِأَنَّ الرُّجُوعَ لَمْ يَصِحَّ وَالِاخْتِيَارُ لَمْ يَتَّضِحْ؛ لِأَنَّهَا وَاقِعَةُ حَالٍ فِعْلِيَّةٌ مُحْتَمِلَةٌ ذَبْحَ الْمَجُوسِ مِنْ حَيْثُ الْجِنْسُ وَهُوَ لَا يُؤَثِّرُ إلَّا إنْ شُوهِدَ فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ فَعَلَى مُدَّعِي ذَلِكَ إثْبَاتُهُ وَمِنْ ثَمَّ عُلِمَ ضَعْفُ مَا مَالَ إلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ وَإِنْ أَلَّفَ فِيهِ بَعْضُهُمْ مِنْ مَنْعِ الصَّلَاةِ فِي فِرَاءِ السِّنْجَابِ لِأَنَّهُ لَا يُذْبَحُ ذَبْحًا صَحِيحًا بَلْ الصَّوَابُ حِلُّهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يُعْلَمْ فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ مُطْلَقًا فَهُوَ مِنْ بَابِ مَا غَلَبَ تَنَجُّسُهُ يُرْجَعُ لِأَصْلِهِ وَكَذَا يُقَالُ فِي نَظَائِرِ ذَلِكَ كَالْجُبْنِ الشَّامِيِّ الْمُشْتَهِرِ عَمَلُهُ بِإِنْفَحَةِ الْخِنْزِيرِ، وَقَدْ «جَاءَهُ صلى الله عليه وسلم جُبْنَةٌ مِنْ عِنْدِهِمْ فَأَكَلَ مِنْهَا وَلَمْ يَسْأَلْ عَنْ ذَلِكَ» (وَالدَّبْغُ نَزْعُ فُضُولِهِ) أَيْ هُوَ حَقِيقَتُهُ أَوْ الْمَقْصُودُ مِنْهُ وَالِانْدِبَاغُ انْتِزَاعُهَا وَهُوَ مَا يُعَفِّنُهُ مِنْ نَحْوِ لَحْمٍ وَدَمٍ (بِحِرِّيفٍ) وَهُوَ مَا يَلْذَعُ اللِّسَانَ بِحَرَافَتِهِ

الْخِلَافُ الْآتِي فِي نَفْسِهِ مِنْ الطَّهَارَةِ عِنْدَ الشَّارِحِ وَمَنْ وَافَقَهُ وَالْعَفْوِ عِنْدَ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ مِنْ أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ إلَخْ) الْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ مِنْ أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَمَا بَيْنَهُمَا أَوْ مِمَّا بَيْنَهُمَا فَلْيُتَأَمَّلْ سم، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ أَوْ لِمَنْعِ الْخُلُوِّ فَقَطْ (قَوْلُهُ لِلْأَخْبَارِ) إلَى قَوْلِهِ عُرْفًا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ لِانْتِقَالِهِ لِطَبْعِ الثِّيَابِ (قَوْلُهُ فَقَدْ طَهُرَ) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَضَمِّهَا بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ بِوَاسِطَةِ الرُّطُوبَةِ) أَيْ الْمَوْجُودَةِ فِي الْجِلْدِ أَصَالَةً أَوْ بِوَاسِطَةِ الْمَاءِ الْمَصْبُوبِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لِانْتِقَالِهِ لِطَبْعِ الثِّيَابِ) هَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي حُرْمَةَ أَكْلِ جِلْدِ الْمُذَكَّاةِ إذَا دُبِغَ بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ ع ش وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ تَعْلِيلَ حَجّ أَنَّ جِلْدَ الْمُذَكَّاةِ إذَا دُبِغَ يَحِلُّ أَكْلُهُ مَعَ أَنَّهُ انْتَقَلَ إلَى طَبْعِ الثِّيَابِ وَلَا يَرِدُ مِثْلُهُ عَلَى قَوْلِ الشَّارِحِ م ر لِخُرُوجِ حَيَوَانِهِ بِمَوْتِهِ عَنْ الْمَأْكُولِ اهـ.

وَعِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ قَوْلُهُ م ر لِخُرُوجِ حَيَوَانِهِ إلَخْ خَرَجَ بِهِ جَلْدُ الْمُذَكَّى وَإِنْ كَانَ مَدْبُوغًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَكْلُهُ اهـ. (قَوْلُهُ فَيَطْهُرُ إلَخْ) وِفَاقًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ، وَقَالَ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي أَنَّهُ نَجِسٌ يُعْفَى عَنْهُ اهـ. (قَوْلُهُ تَبَعًا إلَخْ) أَيْ لِلْمَشَقَّةِ زِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ كَدَنِّ الْخَمْرِ) كَذَا قَالَ الشَّيْخُ وَهُوَ مَحَلُّ وَقْفَةٍ إذْ يُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ الشَّعْرِ وَالدَّنِّ بِأَنَّ الثَّانِيَ مَحَلُّ

ضَرُورَةٍ

إذْ لَوْلَا الْحُكْمُ بِطَهَارَتِهِ لَمْ يُمْكِنْ طَهَارَةُ خَلٍّ أَصْلًا بِخِلَافِ الشَّعْرِ

لَا ضَرُورَةَ

إلَى الْقَوْلِ بِطَهَارَتِهِ لِإِمْكَانِ الِانْتِفَاعِ بِهِ لَا مِنْ جِهَةِ الشَّعْرِ نِهَايَةٌ.

قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر مَحَلُّ ضَرُورَةٍ قَدْ تُمْنَعُ الضَّرُورَةُ بِأَنْ يُقَالَ يُعْفَى عَنْ مُلَاقَاةِ الدَّنِّ لِلْخَلِّ مَعَ نَجَاسَةِ الدَّنِّ لِلضَّرُورَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ النَّجَاسَةِ التَّنْجِيسُ فَالْفَرْقُ حِينَئِذٍ فِيهِ نَظَرٌ سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ. (قَوْلُهُ طَهَارَةُ جَمِيعِهِ) أَيْ شَعْرِ الْمَدْبُوغِ وَإِنْ كَثُرَ (قَوْلُهُ وَهِيَ مِنْ دِبَاغِ الْمَجُوسِ) كَوْنُهَا مِنْ دِبَاغِهِمْ لَا دَخْلَ لَهُ فَالْأَوْلَى إسْقَاطُهُ لِإِيهَامِ ذِكْرِهِ بَصْرِيٌّ وَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا إلَخْ) أَيْ قِسْمَةَ الْفِرَاءِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ فِعْلِيَّةٌ مُحْتَمِلَةٌ) صِفَةُ وَاقِعَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ وَهُوَ لَا يُؤَثِّرُ) أَيْ ذِبْحُ الْمَجُوسِ إلَخْ (قَوْلُهُ إلَّا إنْ شُوهِدَ إلَخْ) يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرُوهُ فِي مَسْأَلَةِ قِطْعَةِ لَحْمٍ وُجِدَتْ مَرْمِيَّةً فِي إنَاءٍ أَوْ خِرْقَةٍ فِي بَلَدٍ لَمْ يَغْلِبْ فِيهِ مُسْلِمُوهُ عَلَى مَجُوسِيِّهِ مِنْ نَجَاسَتِهَا وَفَرَّقَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْخَطِيبُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالشَّعْرِ الْمَشْكُوكِ فِي انْتِتَافِهِ مِنْ مَأْكُولٍ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الشَّعْرِ الطَّهَارَةُ وَفِي اللَّحْمِ عَدَمُ التَّذْكِيَةِ اهـ.

وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْجِلْدَ كَاللَّحْمِ؛ لِأَنَّ طَهَارَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا وَحِلَّ تَنَاوُلِهِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى التَّذْكِيَةِ فَعِنْدَ الشَّكِّ فِيهَا الْأَصْلُ عَدَمُهُ فَتَبَيَّنَ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَدِّ هَذَا الِاخْتِيَارِ وَفِي مَسْأَلَةِ السِّنْجَابِ الْآتِيَةِ بَصْرِيٌّ وَتَقَدَّمَ عَنْ ع ش اعْتِمَادُ مَا قَالَهُ الشَّارِحِ فِي فِرَاءِ السِّنْجَابِ وَعَنْ سم وَغَيْرِهِ اعْتِمَادُ أَنَّ الْجِلْدَ الْمَشْكُوكَ فِيهِ كَالشَّعْرِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ فِي الطَّهَارَةِ لَا كَاللَّحْمِ فِي تَفْصِيلِهِ وَأَيْضًا أَنَّ الْخِلَافَ هُنَا فِي طَهَارَةِ الْفِرَاءِ مِنْ حَيْثُ شَعْرُهَا، وَأَمَّا جِلْدُهَا فَطَاهِرٌ بِالدِّبَاغِ بِلَا خِلَافٍ (قَوْلُهُ فَعَلَى مُدَّعِي ذَلِكَ إلَخْ) الْمُتَبَادَرُ أَنَّ الْإِشَارَةَ لِلْمُشَاهَدَةِ فَعَلَيْهِ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ الْعَمَلُ بِهِ بَدَلَ إثْبَاتِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا لِلْمُخْتَارِ الْمُتَقَدِّمِ (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ لِأَجْلِ عَدَمِ تَأْثِيرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يُذْبَحُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلْمَنْعِ (قَوْلُهُ بَلْ الصَّوَابُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ ع ش وَأَقَرَّهُ الْبُجَيْرِمِيُّ (قَوْلُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ) أَيْ عَدَمَ وُجُودِ ذَبْحٍ صَحِيحٍ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ أَصْلًا (قَوْلُهُ فَهُوَ) أَيْ جِلْدُ السِّنْجَابِ الْمَعْمُولُ فَرْوَةً (قَوْلُهُ مِنْ بَابِ إلَخْ) قَدْ مَرَّ عَنْ الْبَصْرِيِّ مَنْعُهُ.

(قَوْلُهُ كَالْجُبْنِ الشَّامِيِّ إلَخْ) فِي جَعْلِ الْجُبْنِ نَظِيرًا تَأَمُّلٌ؛ لِأَنَّ أَصْلَهُ وَهُوَ اللَّبَنُ طَاهِرٌ وَشَكَّ فِي تَنَجُّسِهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَإِنْ فُرِضَ غَالِبًا قَالَهُ الْبَصْرِيُّ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ بَعْضَ أَصْلِهِ الْإِنْفَحَةُ النَّجِسَةُ كَمَا أَشَارَ الشَّارِحِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ الْمُشْتَهِرُ إلَخْ (قَوْلُهُ كَالْجُبْنِ الشَّامِيِّ إلَخْ) أَيْ وَالسُّكَّرِ الْإِفْرِنْجِيِّ الْمُشْتَهِرِ تَصْفِيَتُهُ بِدَمِ الْخِنْزِيرِ وَالْأَدْوِيَةِ الْإِفْرِنْجِيَّةِ الْمُشْتَهِرِ تَرْبِيَتُهَا بِالْعِرْقِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ جَاءَهُ صلى الله عليه وسلم جُبْنَةٌ إلَخْ) فِي الِاسْتِدْلَالِ بِهَذَا شَيْءٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّ أَكْلَهُ مِنْهَا لِطَهَارَةِ الْخِنْزِيرِ إذْ لَيْسَ لَنَا دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى نَجَاسَتِهِ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ سم.

وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْكَلَامُ هُنَا فِي إنْفَحَةِ الْخِنْزِيرِ الثَّابِتِ نَجَاسَةُ لَحْمِهِ بِالنَّصِّ لَا فِي حَيِّهِ الَّذِي كَلَامُ النَّوَوِيِّ مَفْرُوضٌ فِيهِ (قَوْلُهُ هُوَ) أَيْ النَّزْعُ (حَقِيقَتُهُ) أَيْ الدَّبْغُ (قَوْلُهُ وَهِيَ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَا يَجِبُ فِي النِّهَايَةِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ أَوْ هُوَ أَعَمُّ إلَى الْمَتْنِ قَوْلُ الْمَتْنِ (بِحِرِّيفٍ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي

قَدْ يَمْنَعُ الْفَسَادَ وَدَلَالَةَ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَيْهِ؛ أَنَّ مَنْ تَصَوَّرَ تَجَانُسَ الْجَوَاهِرِ وَانْسِلَابَ خَاصِّيَّةِ النُّحَاسِ وَحُصُولَ خَاصِّيَّةِ الذَّهَبِ حَقِيقَةً رَغِبَ.

(قَوْلُهُ مِنْ أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) الْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ مِنْ أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَمَا بَيْنَهُمَا أَوْ مِمَّا بَيْنَهُمَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَقَدْ جَاءَهُ صلى الله عليه وسلم جُبْنَةٌ إلَخْ) فِي الِاسْتِدْلَالِ بِهَذَا شَيْءٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّ أَكْلَهُ

ص: 308

كَقَرَظٍ وَشَبٍّ بِالْمُوَحَّدَةِ وَشَثٍّ بِالْمُثَلَّثَةِ وَذَرْقِ طَيْرٍ لِلْخَبَرِ الْحَسَنِ يُطَهِّرُهَا أَيْ الْمَيْتَةَ الْمَاءُ وَالْقَرَظُ وَضَابِطُ نَزْعِهَا مِنْهُ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ نُقِعَ فِي الْمَاءِ لَمْ يَعُدْ إلَيْهِ النَّتْنُ وَهُوَ مُرَادُ مَنْ عَبَّرَ بِالْفَسَادِ أَوْ هُوَ أَعَمُّ لِيَشْمَلَ نَحْوَ شِدَّةِ تَصَلُّبِهِ وَسُرْعَةَ بِلَائِهِ لَكِنْ فِي إطْلَاقِ ذَلِكَ نَظَرٌ.

وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّ مَا عَدَا النَّتْنَ إنْ قَالَ خَبِيرَانِ إنَّهُ لِفَسَادِ الدَّبْغِ ضَرَّ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّا نَجِدُ مَا اُتُّفِقَ عَلَى إتْقَانِ دَبْغِهِ يَتَأَثَّرُ بِالْمَاءِ فَلَا يَنْبَغِي النَّظَرُ لِمُطْلَقِ التَّأَثُّرِ بِهِ بَلْ لِتَأَثُّرِ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ الدَّبْغِ (لَا شَمْسٍ وَتُرَابٍ) وَمِلْحٍ وَإِنْ جَفَّ وَطَابَ رِيحُهُ لِأَنَّهَا لَمْ تَزُلْ لِعَوْدِ عُفُونَتِهِ بِنَقْعِهِ فِي الْمَاءِ (وَلَا يَجِبُ الْمَاءُ) وَفِي نُسْخَةٍ مَاءٌ (فِي أَثْنَائِهِ) أَيْ الدَّبْغِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ إحَالَةٌ لَا إزَالَةٌ وَالْمَقْصُودُ يَحْصُلُ بِرَطْبٍ غَيْرِهِ، وَذِكْرُ الْمَاءِ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ شَرْطٌ لِحُصُولِ الطَّهَارَةِ الْكَامِلَةِ لَا لِأَصْلِهَا بِدَلِيلِ حَذْفِهِ مِنْ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ (وَالْمَدْبُوغُ كَثَوْبٍ نَجِسٍ) أَيْ مُتَنَجِّسٍ لِمُلَاقَاتِهِ لِلدِّبَاغِ النَّجِسِ أَوْ الَّذِي تَنَجَّسَ بِهِ قَبْلَ طُهْرِ عَيْنِهِ فَيَجِبُ غَسْلُهُ بِمَاءٍ طَهُورٍ مَعَ التَّتْرِيبِ وَالتَّسْبِيعِ إنْ أَصَابَهُ مُغَلَّظٌ وَإِنْ سَبَّعَ وَتَرَّبَ قَبْلَ الدَّبْغِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَقْبَلُ الطَّهَارَةَ.

(وَمَا نَجِسَ) وَلَوْ مِنْ صَيْدٍ مَا عَدَا التُّرَابَ

قَوْلُهُ كَقَرَظٍ إلَخْ) أَيْ وَعَفَصٍ وَقُشُورِ الرُّمَّانِ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَشَبٍّ بِالْمُوَحَّدَةِ) هُوَ مِنْ جَوَاهِرِ الْأَرْضِ مَعْرُوفٌ يُشْبِهُ الزَّاجَ يُدْبَغُ بِهِ وَقَوْلُهُ وَشَثٍّ إلَخْ هُوَ شَجَرٌ مُرُّ الطَّعْمِ طَيِّبُ الرِّيحِ يُدْبَغُ بِهِ أَيْضًا مُغْنِي وَرَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ وَذَرْقِ طَيْرٍ) أَيْ وَزِبْلٍ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ النَّتِنُ (قَوْلُهُ أَوْ هُوَ إلَخْ) أَيْ لِفَاسِدٍ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ وَسُرْعَةَ بِلَائِهِ) بِكَسْرِ الْبَاءِ مَعَ الْقَصْرِ أَوْ بِفَتْحِهَا مَعَ الْمَدِّ ع ش (قَوْلُهُ لَكِنَّ إطْلَاقَ ذَلِكَ) أَيْ الْفَسَادَ الْأَعَمَّ (قَوْلُهُ أَنَّ مَا عَدَا النَّتِنِ إلَخْ) أَيْ أَمَّا النَّتِنُ فَيَضُرُّ مُطْلَقًا ع ش (قَوْلُهُ وَإِنْ جَفَّ وَطَابَ إلَخْ) فَلَوْ مُلِّحَ ثُمَّ نُقِعَ فِي الْمَاءِ فَلَمْ يَعُدْ إلَيْهِ نَتْنٌ وَلَا غَيْرُهُ مِمَّا مَرَّ يَنْبَغِي أَنْ يَطْهُرَ فِيمَا يَظْهَرُ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بَصْرِيٌّ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّهَا إلَخْ) أَيْ الْفُضُولُ مُغْنِي (قَوْلُهُ أَيْ الدَّبْغُ) إلَى قَوْلِهِ مَعَ التَّرْتِيبِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ بِدَلِيلِ إلَى الْمَتْنِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ شَرْطٌ إلَى الْمَتْنِ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلَا يَجِبُ الْمَاءُ إلَخْ) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْجِلْدِ وَالدَّابِغِ جَافًّا فَلَا بُدَّ مِنْ مَائِعٍ لِيَتَأَثَّرَ الْجِلْدُ بِوَاسِطَتِهِ بِالدَّابِغِ سم وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ لَا إزَالَةٌ) وَلِهَذَا جَازَ بِالنَّجَسِ الْمُحَصِّلِ لِذَلِكَ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ شَرْطٌ إلَخْ) أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ بِدَلِيلِ حَذْفِهِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ سم أَيْ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ حَمْلُ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ لَا الْعَكْسُ (قَوْلُهُ أَوْ الَّذِي تَنَجَّسَ بِهِ) أَيْ الدَّابِغُ الَّذِي تَنَجَّسَ بِالْجِلْدِ (قَوْلُهُ فَيَجِبُ غَسْلُهُ) أَيْ مَا لَاقَاهُ الدِّبَاغُ مِنْهُ دُونَ مَا لَمْ يُلَاقِهِ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ سَبَبَ وُجُوبِ الْغَسْلِ مُلَاقَاةُ النَّجَسِ أَوْ الَّذِي تَنَجَّسَ بِهِ كَمَا ذَكَرَهُ وَهَذَا مُنْتَفٍ فِيمَا لَمْ يُلَاقِهِ الدِّبَاغُ مِنْ الْوَجْهِ الْآخَرِ وَسَرَيَانُ النَّجَاسَةِ لَا نَقُولُ بِهِ عَلَى الصَّحِيحِ فَلْيُحَرَّرْ فَإِنْ عَمَّ الدِّبَاغُ الْوَجْهَيْنِ وَجَبَ غَسْلُهُمَا وَهُوَ ظَاهِرٌ سم وَجَزَمَ الشَّوْبَرِيُّ بِمَا اسْتَظْهَرَهُ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ سَبَّعَ وَتَرَّبَ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ وَهُوَ مَا لَوْ بَالَ كَلْبٌ عَلَى عَظْمِ مَيْتَةِ غَيْرِ الْمُغَلَّظِ فَغَسَلَ سَبْعًا إحْدَاهَا بِتُرَابٍ فَهَلْ يَطْهُرُ مِنْ حَيْثُ النَّجَاسَةُ الْمُغَلَّظَةُ حَتَّى لَوْ أَصَابَ ثَوْبًا رَطْبًا مَثَلًا بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَحْتَجْ لِلتَّسْبِيعِ وَالْجَوَابُ لَا يَطْهُرُ أَخْذًا مِمَّا ذُكِرَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَسْبِيعِ ذَلِكَ الثَّوْبِ سم وَفِي ع ش بَعْدَ نَقْلِ كَلَامِ الشَّارِحِ الْمَذْكُورِ مَا نَصُّهُ وَفِيهِ مَا مَرَّ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَيْتَةُ غَيْرِ الْآدَمِيِّ إلَخْ اهـ أَيْ مِنْ أَنَّ الْأَقْرَبَ مَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ مِنْ الطَّهَارَةِ مِنْ حَيْثُ النَّجَاسَةُ الْمُغَلَّظَةُ.

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَمَا نَجِسَ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ النَّجَاسَةَ إمَّا مُغَلَّظَةٌ أَوْ مُخَفَّفَةٌ أَوْ مُتَوَسِّطَةٌ، وَقَدْ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ عَلَى التَّرْتِيبِ فَبَدَأَ بِأَوَّلِهَا فَقَالَ وَمَا نَجِسَ إلَخْ مُغْنِي وَنِهَايَةُ قَوْلِ الْمَتْنِ (نَجِسَ) بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ كَمَا فِي مِصْبَاحِ الْقُرْطُبِيِّ ع ش وَتَقَدَّمَ عَنْ الْبُجَيْرِمِيِّ أَنَّهُ بِتَثْلِيثِ الْجِيمِ (قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ صَيْدٍ) إلَى قَوْلِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى قَوْلِهِ وَيُوَجَّهُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ الْمُفَاعَلَةُ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ صَيْدٍ) أَيْ مَعَضِّ الْكَلْبِ مِنْ صَيْدٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ مَا عَدَا التُّرَابَ) لَوْ أَصَابَ هَذَا التُّرَابُ شَيْئًا آخَرَ كَبَدَنٍ أَوْ ثَوْبٍ فَهَلْ يُحْتَاجُ فِي تَطْهِيرِ ذَلِكَ الشَّيْءِ إلَى التَّتْرِيبِ أَوْ لَا أَفْتَى شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَوَّلًا بِالثَّانِي وَثَانِيًا بِالْأَوَّلِ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَهُ أَيْ وَعِنْدَ وَلَدِهِ م ر لِأَنَّهُ رُجُوعٌ عَنْ الْإِفْتَاءِ الْأَوَّلِ سم

مِنْهَا لِطَهَارَةِ الْخِنْزِيرِ إذْ لَيْسَ لَنَا دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى نَجَاسَتِهِ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ (قَوْلُهُ وَلَا يَجِبُ الْمَاءُ) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْجِلْدِ وَالدَّابِغِ جَافًّا فَلَا بُدَّ مِنْ مَائِعٍ لِيَتَأَثَّرَ الْجِلْدُ بِوَاسِطَتِهِ بِالدَّابِغِ (قَوْلُهُ بِدَلِيلِ حَذْفِهِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ لِمُلَاقَاتِهِ لِلدِّبَاغِ النَّجَسِ إلَخْ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ غَسْلُ مَا لَاقَى الدِّبَاغَ فَلَا يَجِبُ غَسْلُ الْوَجْهِ الَّذِي لَمْ يُلَاقِهِ الدِّبَاغُ لِانْتِفَاءِ سَبَبِ الْغَسْلِ وَهُوَ مُلَاقَاةُ مَا ذَكَرَ وَسَرَيَانُ النَّجَاسَةِ لَا نَقُولُ بِهِ عَلَى الصَّحِيحِ وَعَلَى هَذَا فَلَوْ كَانَ فِي الْوَجْهِ الْآخَرِ الَّذِي لَمْ يُلَاقَ شَعْرٌ وَحَكَمْنَا بِنَجَاسَتِهِ ثُمَّ نَتَفَهُ لَمْ يَجِبْ غَسْلُ مَا ظَهَرَ مِنْ مَوْضِعِ نَبَاتِهِ كَمَا لَوْ شَقَّ الْجِلْدَ بِحَيْثُ ظَهَرَ مَا بَيْنَ الْوَجْهَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ نَعَمْ إنْ حَصَلَ فِي مَنَابِتِ الشَّعْرِ رُطُوبَةٌ اتَّصَلَتْ بِمَنَابِتِهِ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ النَّابِتِ فِيهَا مِنْ الشَّعْرِ اتَّجَهَ وُجُوبُ غَسْلِ مَا ظَهَرَ مِنْ مَوْضِعِ نَبَاتِهِ بَلْ نَتْفِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ فَيَجِبُ غَسْلُهُ) أَيْ مَا لَاقَاهُ الدِّبَاغُ مِنْهُ دُونَ مَا لَمْ يُلَاقِهِ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ سَبَبَ وُجُوبِ الْغَسْلِ مُلَاقَاتُهُ لِلدِّبَاغِ النَّجِسِ أَوْ الَّذِي تَنَجَّسَ بِهِ كَمَا ذَكَرَهُ وَهَذَا مُنْتَفٍ فِيمَا لَمْ يُلَاقِهِ الدِّبَاغُ مِنْ الْوَجْهِ الْآخَرِ وَسَرَيَانُ النَّجَاسَةِ لَا نَقُولُ بِهِ عَلَى الصَّحِيحِ فَلْيُحَرَّرْ فَإِنْ عَمَّ الدِّبَاغُ الْوَجْهَيْنِ وَجَبَ غَسْلُهُمَا وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ سَبَّعَ وَتَرَّبَ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ وَهُوَ مَا لَوْ بَالَ كَلْبٌ عَلَى عَظْمِ مَيْتَةِ غَيْرِ الْمُغَلَّظِ فَغُسِلَ سَبْعًا إحْدَاهَا بِتُرَابٍ فَهَلْ يَطْهُرُ مِنْ حَيْثُ النَّجَاسَةُ الْمُغَلَّظَةُ حَتَّى لَوْ أَصَابَ ثَوْبًا رَطْبًا مَثَلًا بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَحْتَجْ لِتَسْبِيعٍ وَالْجَوَابُ لَا يَطْهُرُ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرَ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَسْبِيعِ ذَلِكَ الثَّوْبِ.

(قَوْلُهُ مَا عَدَا التُّرَابِ) لَوْ أَصَابَ هَذَا التُّرَابُ شَيْئًا آخَرَ كَبَدَنٍ أَوْ ثَوْبٍ فَهَلْ

ص: 309

إذْ لَا مَعْنَى لِتَتْرِيبِهِ (بِمُلَاقَاةِ) الْمُفَاعَلَةُ هُنَا غَيْرُ مُرَادَةٍ كَعَاقَبْت اللِّصَّ (شَيْءٍ) غَيْرِ دَاخِلِ مَاءٍ كَثِيرٍ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ التَّحْقِيقِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْكَثِيرَ بِمُجَرَّدِهِ لَا يُطَهِّرُ الْمُغَلَّظَ فَلَا يَمْنَعُهُ ابْتِدَاءً وَكَانَ هَذَا هُوَ وَجْهُ اعْتِمَادِ الْأَذْرَعِيِّ وَغَيْرِهِ لِلثَّانِي وَلَمْ يُنْظَرْ وَالتَّصْرِيحُ لِلْإِمَامِ وَغَيْرِهِ بِالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ وَمَنْ تَبِعَهُ بِطَهَارَةِ الْإِنَاءِ تَبَعًا فِي الصُّورَةِ الْآتِيَةِ قَرِيبًا مَعَ بَيَانِ ضَعْفِهِ

وَاعْتَمَدَهُ أَيْضًا الشَّارِحِ فِي شَرْحَيْ الْعُبَابِ وَالْإِرْشَادِ وَجَرَى عَلَيْهِ سم فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ أَبِي شُجَاعٍ وَقَالَ الزِّيَادِيُّ الْأَقْرَبُ الثَّانِي أَيْ عَدَمُ الِاحْتِيَاجِ إلَى التَّتْرِيبِ كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الطَّنْدَتَائِيُّ اهـ وَعَوَّلَ عَلَيْهِ الْخَطِيبُ كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَاعْتَمَدَهُ الشَّارِحِ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ قَضِيَّةٌ قَوْلُهُ هُنَا أَوْ مُتَنَجِّسٌ وَيَأْتِي عَنْ ع ش عَنْ سم مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ إذْ لَا مَعْنَى لِتَتْرِيبِهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ التُّرَابِ الْمُسْتَعْمَلِ وَغَيْرِهِ فَلَا يَجِبُ تَتْرِيبُهُ مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْأَرْضِ الْحَجَرِيَّةِ وَالرَّمْلِيَّةِ الَّتِي لَا غُبَارَ فِيهِمَا فَلَا بُدَّ مِنْ تَتْرِيبِهِمَا نِهَايَةٌ، وَقَدْ يُقَالُ قِيَاسُهُ عَدَمُ الْفَرْقِ أَيْضًا بَيْنَ الطَّاهِرِ وَالنَّجِسِ سم قَالَ ع ش وَلَا يَصِيرُ التُّرَابُ مُسْتَعْمَلًا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُطَهِّرْ شَيْئًا وَإِنَّمَا سَقَطَ اسْتِعْمَالُ التُّرَابِ فِيهِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ ثُمَّ ظَاهِرُ قَوْلِهِ م ر بِخِلَافِ الْأَرْضِ الْحَجَرِيَّةِ أَنَّهُ إذَا بَالَ كَلْبٌ عَلَى حَجَرٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ وَوَصَلَ بَوْلُهُ إلَى الْحَجَرِ لَا يُحْتَاجُ فِي تَطْهِيرِ الْحَجَرِ إلَى تَتْرِيبٍ وَقِيَاسُ مَا قَالَهُ سم فِيمَا لَوْ تَطَايَرَ مِنْ الْأَرْضِ التُّرَابِيَّةِ شَيْءٌ عَلَى ثَوْبٍ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي تَطْهِيرِ الثَّوْبِ إنْ أَصَابَتْهُ رُطُوبَةٌ مِنْ التُّرَابِ مِنْ غَسْلِ الرُّطُوبَةِ الَّتِي أَصَابَتْهُ وَتَتْرِيبِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي تَطْهِيرِ الْحَجَرِ الْمَذْكُورِ مِنْ التُّرَابِ وَهُوَ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ بِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِتَتْرِيبِ التُّرَابِ وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ سم عَلَى الْبَهْجَةِ مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ اهـ.

(قَوْلُهُ غَيْرُ دَاخِلِ مَاءٍ كَثِيرٍ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي كَمَا يَأْتِي قَالَ سم تَوَهَّمَ بَعْضُهُمْ مِنْ ذَلِكَ صِحَّةَ الصَّلَاةِ مَعَ مَسِّ دَاخِلٍ فِي الْمَاءِ الْكَثِيرِ وَهُوَ خَطَأٌ لِأَنَّهُ مَاسٌّ لِلنَّجَاسَةِ قَطْعًا وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ مُصَاحَبَةَ الْمَاءِ الْكَثِيرِ مَانِعَةٌ مِنْ التَّنْجِيسِ وَمَسَّ النَّجَاسَةِ فِي الصَّلَاةِ مُبْطِلٌ لَهَا وَإِنْ لَمْ يَنْجَسْ كَمَا لَوْ مَسَّ نَجَاسَةً جَافَّةً وَتَوَهَّمَ بَعْضُ الطَّلَبَةِ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ مَسَّ فَرْجَهُ الدَّاخِلَ فِي الْمَاءِ الْكَثِيرِ لَمْ يَنْتَقِضْ وُضُوءُهُ وَهُوَ خَطَأٌ؛ لِأَنَّهُ مَاسٌّ قَطْعًا اهـ.

وَقَوْلُهُ: مَانِعَةٌ مِنْ التَّنْجِيسِ إلَخْ أَيْ إذَا حَالَ الْمَاءُ بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ مَا إذَا مَسَّ الْكَلْبَ بِيَدِهِ مَثَلًا وَتَحَامَلَ عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَمْ يَصِرْ بَيْنَهُمَا إلَّا مُجَرَّدُ الْبَلَلِ فَإِنَّهُ يَنْجَسُ كَمَا يَأْتِي عَنْهُ وَعَنْ ع ش مَا يُصَرِّحُ بِهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُتَنَجِّسِ وَمُبْطِلِ الصَّلَاةِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ صَنِيعُهُ (قَوْلُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ سم عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلَوْ كَانَ فِي إنَاءٍ مَاءٌ كَثِيرٌ فَوَلَغَ فِيهِ نَحْوُ الْكَلْبِ وَلَمْ يَنْقُصْ بِوُلُوغِهِ عَنْ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَنْجَسْ الْمَاءُ وَلَا الْإِنَاءُ إنْ لَمْ يَكُنْ أَصَابَ جِرْمَهُ الَّذِي لَمْ يَصِلْهُ الْمَاءُ مَعَ رُطُوبَةِ أَحَدِهِمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَصَابَ مَا وَصَلَهُ الْمَاءُ مِمَّا هُوَ فِيهِ لَمْ يَنْجَسْ وَتَكُونُ كَثْرَةُ الْمَاءِ مَانِعَةً مِنْ تَنَجُّسِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ وَهُوَ مُقَيِّدٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِ التَّحْقِيقِ لَمْ يَنْجَسْ الْإِنَاءُ إنْ لَمْ يُصِبْ جِرْمَهُ وَلَوْ وَلَغَ فِي إنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ قَلِيلٌ ثُمَّ كَوْثَرَ حَتَّى بَلَغَ قُلَّتَيْنِ طَهُرَ الْمَاءُ دُونَ الْإِنَاءِ كَمَا نَقَلَهُ الْبَغَوِيّ فِي تَهْذِيبِهِ عَنْ ابْنِ الْحَدَّادِ وَأَقَرَّهُ وَجَزَمَ بِهِ جَمْعٌ وَصَحَّحَ الْإِمَامُ طَهَارَتَهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ إلَى حَالَةٍ لَوْ كَانَ عَلَيْهَا حَالَةَ الْوُلُوغِ لَمْ يَنْجَسْ وَتَبِعَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالدَّمِيرِيُّ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ اهـ.

وَفِي النِّهَايَةِ مَا يُوَافِقُهُ.

قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر مَانِعَةٌ مِنْ تَنَجُّسِهِ إلَخْ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ لَاقَى بَدَنُهُ شَيْئًا مِنْ الْكَلْبِ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ فَإِنَّهُ لَا يَنْجَسُ؛ لِأَنَّ مَا لَاقَاهُ مِنْ الْبَلَلِ الْمُتَّصِلِ بِالْكَلْبِ بَعْضُ الْمَاءِ الْكَثِيرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَمْسَكَهُ بِيَدِهِ وَتَحَامَلَ عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَمْ يَصِرْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رِجْلِهِ إلَّا مُجَرَّدُ الْبَلَلِ فَإِنَّهُ يَنْجَسُ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ الْمُلَاقِيَ لِيَدِهِ الْآنَ نَجِسٌ وَكَتَحَامُلِهِ عَلَيْهِ بِيَدِهِ مَا لَوْ عَلِمْنَا تَحَامُلَ الْكَلْبِ عَلَى مَحَلِّ وُقُوفِهِ كَالْحَوْضِ بِحَيْثُ لَا يَصِيرُ بَيْنَ رِجْلَيْهِ وَمَقَرِّهِ حَائِلٌ مِنْ الْمَاءِ اهـ.

(قَوْلُهُ لِلثَّانِي) وَعَلَى الْأَوَّلِ فَيُتَّجَهُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا عُدَّ الْمَاءُ حَائِلًا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَبَضَ بِيَدِهِ عَلَى رِجْلِ الْكَلْبِ دَاخِلِ الْمَاءِ شَدِيدًا بِحَيْثُ لَا يَبْقَى بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ مَاءٌ فَإِنَّهُ لَا يَتَّجِهُ إلَّا التَّنْجِيسُ سم وَتَقَدَّمَ عَنْ ع ش مِثْلُهُ (قَوْلُهُ فِي الصُّورَةِ الْآتِيَةِ) أَيْ آنِفًا فِيمَا إذَا طَهُرَ الْمَاءُ الْكَثِيرُ

يَحْتَاجُ فِي تَطْهِيرِ ذَلِكَ الشَّيْءِ إلَى التَّتْرِيبِ أَخْذًا مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى اسْتِثْنَاءِ التُّرَابِ وَالِاسْتِثْنَاءُ مِعْيَارُ الْعُمُومِ أَوْ لَا أَخْذًا مِنْ أَنَّ حُكْمَ الْمُنْتَقَلِ إلَيْهِ حُكْمُ الْمُنْتَقَلِ عَنْهُ أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ أَوَّلًا بِالثَّانِي وَثَانِيًا بِالْأَوَّلِ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ عَنْ الْإِفْتَاءِ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِتَتْرِيبِهِ قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الطَّهُورِ وَالْمُسْتَعْمَلِ انْتَهَى، وَقَدْ يُقَالُ قِيَاسُهُ عَدَمُ الْفَرْقِ أَيْضًا بَيْنَ الطَّاهِرِ وَالنَّجِسِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: غَيْرُ دَاخِلِ مَاءٍ كَثِيرٍ) تَوَهَّمَ بَعْضُهُمْ مِنْ ذَلِكَ صِحَّةَ الصَّلَاةِ مَعَ مَسِّ الدَّاخِلِ فِي الْمَاءِ الْكَثِيرِ وَهُوَ خَطَأٌ؛ لِأَنَّهُ مَاسٌّ لِلنَّجَاسَةِ قَطْعًا وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ مُصَاحَبَةَ الْمَاءِ الْكَثِيرِ مَانِعَةٌ مِنْ التَّنْجِيسِ وَمَسُّ النَّجَاسَةِ فِي الصَّلَاةِ مُبْطِلٌ لَهَا وَإِنْ لَمْ يَنْجَسْ كَمَا لَوْ مَسَّ نَجَاسَةً جَافَّةً وَتَوَهَّمَ بَعْضُ الطَّلَبَةِ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ مَسَّ فَرْجَهُ الدَّاخِلَ فِي الْمَاءِ الْكَثِيرِ لَا يَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ وَهُوَ خَطَأٌ لِأَنَّهُ مَاسٌّ قَطْعًا (قَوْلُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ لِلثَّانِي) وَعَلَى الْأَوَّلِ فَيُتَّجَهُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا

ص: 310

وَلَوْ وَصَلَ شَيْءٌ مِنْ مُغَلَّظٍ وَرَاءَ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ مِنْ الْفَرْجِ فَهَلْ يُنَجِّسُهُ فَيَتَنَجَّسُ مَا وَصَلَ إلَيْهِ كَذَكَرِ الْمُجَامِعِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْبَاطِنَ لَا يُنَجِّسُهُ مَا لَاقَاهُ كُلُّ مُحْتَمَلٍ فَعَلَى الثَّانِي يُسْتَثْنَى هَذَا مِنْ الْمَتْنِ (مِنْ نَحْوِ بَدَنِ) أَوْ عَرَقِ (كَلْبٍ) وَإِنْ تَعَدَّدَ أَوْ مُتَنَجِّسٌ بِهِ (غُسِلَ سَبْعًا)

بِزَوَالِ التَّغَيُّرِ وَالْقَلِيلُ بِالْمُكَاثَرَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ وَصَلَ شَيْءٌ إلَخْ) فَرْعٌ

حَمَّامٌ غُسِلَ دَاخِلَهُ كَلْبٌ وَلَمْ يُعْهَدْ تَطْهِيرُهُ وَاسْتَمَرَّ النَّاسُ عَلَى دُخُولِهِ وَالِاغْتِسَالِ فِيهِ مُدَّةً طَوِيلَةً وَانْتَشَرَتْ النَّجَاسَةُ إلَى حُصُرِ الْحَمَّامِ وَفُوَطِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَمَا تُيُقِّنَ إصَابَةُ شَيْءٍ لَهُ مِنْ ذَلِكَ فَنَجِسٌ وَإِلَّا فَطَاهِرٌ؛ لِأَنَّا لَا نُنَجِّسُ بِالشَّكِّ وَيَطْهُرُ الْحَمَّامُ الْمَذْكُورُ بِمُرُورِ الْمَاءِ عَلَيْهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ إحْدَاهُنَّ بِطَفْلٍ مِمَّا يُغْتَسَلُ بِهِ فِيهِ؛ لِأَنَّ الطَّفْلَ يَحْصُلُ بِهِ التَّتْرِيبُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَلَوْ مَضَتْ مُدَّةٌ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مَرَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَلَوْ بِوَاسِطَةِ الطِّينِ الَّذِي فِي نِعَالِ دَاخِلِيهِ لَمْ يُحْكَمْ بِنَجَاسَتِهِ كَمَا فِي الْهِرَّةِ إذَا أَكَلَتْ نَجَاسَةً وَغَابَتْ غَيْبَةً يُحْتَمَلُ طَهَارَةُ فَمِهَا خَطِيبٌ وَنِهَايَةٌ وَقَوْلُهُ مَا لَمْ يُحْكَمْ بِنَجَاسَتِهِ أَيْ نَجَاسَةِ دَاخِلِيهِ مَعَ بَقَاءِ الْحَمَّامِ عَلَى نَجَاسَتِهِ ع ش وَرَشِيدِيٌّ وَشَيْخُنَا وَمَدَابِغِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَرَاءَ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ إلَخْ) وَلَوْ أَكَلَ لَحْمَ كَلْبٍ لَمْ يَجِبْ تَسْبِيعُ دُبُرِهِ مِنْ خُرُوجِهِ خَطِيبٌ زَادُ النِّهَايَةِ وَإِنْ خَرَجَ بِعَيْنِهِ قَبْلَ اسْتِحَالَتِهِ فِيمَا يَظْهَرُ وَأَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ؛ لِأَنَّ الْبَاطِنَ مُحِيلٌ اهـ قَالَ ع ش خَرَجَ بِاللَّحْمِ الْعَظْمُ فَيَجِبُ التَّسْبِيعُ بِخُرُوجِهِ مِنْ الدُّبُرِ وَلَوْ عَلَى غَيْرِ صُورَتِهِ وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ اللَّحْمِ الْعَظْمُ الرَّقِيقُ الَّذِي يُؤْكَلُ عَادَةً مَعَهُ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا تَنَجَّسَ بِهِ وَقَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَقَايَأَهُ أَيْ اللَّحْمَ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَسْبِيعُ فَمِهِ مَعَ التَّتْرِيبِ اهـ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّتْرِيبُ مِنْ الْقَيْءِ إذَا اسْتَحَالَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ مِنْ وُجُوبِ التَّسْبِيعِ إذَا خَرَجَ مِنْ فَمِهِ يُفْهِمُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ م ر لَمْ يَجِبْ تَسْبِيعُ دُبُرِهِ إلَخْ حَيْثُ قَيَّدَ بِالْخُرُوجِ مِنْ الدُّبُرِ وَقَوْلُهُ مُحِيلٌ أَيْ مِنْ شَأْنِهِ الْإِحَالَةُ اهـ.

وَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ قَبْلَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَمَا نَجِسَ بِغَيْرِهِمَا إلَخْ خِلَافُ مَا مَرَّ عَنْ الْخَطِيبِ وَالنِّهَايَةِ (قَوْلُهُ فَيَتَنَجَّسُ مَا وَصَلَ إلَيْهِ إلَخْ) أَمَّا أَصْلُ تَنْجِيسِ مَا وَصَلَ إلَيْهِ فَلَا يَنْبَغِي التَّوَقُّفُ فِيهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمُغَلَّظَ الْوَاصِلَ إلَى مَا ذُكِرَ بَاقٍ عَلَى نَجَاسَتِهِ وَمُلَاقَاةُ الظَّاهِرِ كَذَكَرِ الْمُجَامِعِ لِلنَّجَاسَةِ فِي الْبَاطِنِ يَقْتَضِي التَّنْجِيسَ وَلَيْسَ كَلَامُهُ فِي أَصْلِ التَّنْجِيسِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَعَلَى الثَّانِي إلَخْ، وَأَمَّا تَنْجِيسُهُ تَنْجِيسَ الْمُغَلَّظِ فَقَدْ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِهِ أَنَّهُ لَوْ أَكَلَ مُغَلَّظًا ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ لَمْ يَجِبْ تَسْبِيعُ الْمَخْرَجِ، وَقَدْ يُقَالُ ذَاكَ إذَا وَصَلَ لِمَحَلِّ الْإِحَالَةِ وَهُوَ الْمَعِدَةُ فَلْيُتَأَمَّلْ سم وَقَوْلُهُ وَقَدْ يُقَالُ إلَخْ هَذَا قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْقَيْءِ (قَوْلُهُ فَعَلَى الثَّانِي إلَخْ) قَدْ يُقَالُ بَلْ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ؛ لِأَنَّا وَإِنْ قُلْنَا بِالتَّنْجِيسِ لَا نَقُولُ بِوُجُوبِ تَطْهِيرِ الْمُلَاقِي لِلْمُغَلَّظِ بَلْ الْمُلَاقِي لِلْمُلَاقِي، بَلْ قَدْ يُقَالُ لَا يَتِمُّ الِاسْتِثْنَاءُ إلَّا عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ مَا نَجِسَ وَعَلَى الثَّانِي مَا نَحْنُ فِيهِ لَيْسَ مِنْ أَفْرَادِ الْمَوْضُوعِ نَعَمْ لَوْ كَانَ الْحُكْمُ كُلَّمَا لَاقَى فَهُوَ نَجِسٌ لَاحْتِيجَ إلَيْهِ عَلَى الثَّانِي وَبِمَا تَقَرَّرَ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ بَلْ لَا وَجْهَ لِقَوْلِهِ آنِفًا غَيْرُ دَاخِلِ مَاءٍ كَثِيرٍ إلَخْ فَتَأَمَّلْ بَصْرِيٌّ وَقَوْلُهُ لَا نَقُولُ إلَخْ لَا يَنْسَجِمُ مَعَ قَوْلِ الشَّارِحِ هُنَا فَيَتَنَجَّسُ وَقَوْلُهُ الْآتِي أَوْ مُتَنَجِّسٌ بِهِ وَقَوْلُهُ بِوُجُوبِ تَطْهِيرِ الْمُلَاقِي لِلْمُغَلَّظِ بَلْ الْمُلَاقِي لِلْمُلَاقِي لَعَلَّ صَوَابَهُ بِوُجُوبِ تَطْهِيرِ الْمُلَاقِي لِلْمُلَاقِي لِلْمُغَلَّظِ الْمُلَاقِي لِلْمُغَلَّظِ وَقَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ كَانَ الْحُكْمُ إلَخْ قَدْ يُدَّعَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بِمُلَاقَاةِ شَيْءٍ إلَخْ مُتَضَمِّنٌ لِهَذَا الْحُكْمِ لِمَا تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْمُنَاظَرَةِ أَنَّ كُلَّ قَيْدٍ مِنْ قُيُودِ الْكَلَامِ مُتَضَمِّنٌ لِحُكْمٍ فَمُفَادُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَمَا لَاقَى شَيْئًا مِنْ كَلْبٍ يَتَنَجَّسُ بِهِ وَيَطْهُرُ بِسَبْعِ غَسَلَاتٍ إحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ (قَوْلُهُ مِنْ نَحْوِ بَدَنٍ إلَخْ) أَيْ كَبَوْلِهِ وَرَوْثِهِ وَسَائِرِ رُطُوبَاتِهِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ تَعَدَّدَ) أَيْ وَإِنْ تَعَدَّدَ الْوَالِغُ أَوْ الْوُلُوغُ وَكَذَا لَوْ لَاقَى الْمَحَلَّ الْمُتَنَجِّسَ بِذَلِكَ نَجَاسَةٌ أُخْرَى نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ أَوْ مُتَنَجِّسٌ بِهِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ نَحْوِ بَدَنٍ

عَدَّ الْمَاءَ حَائِلًا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَبَضَ بِيَدِهِ عَلَى رِجْلِ الْكَلْبِ دَاخِلَ الْمَاءِ شَدِيدًا بِحَيْثُ لَا يَبْقَى بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ مَاءٌ فَإِنَّهُ لَا يُتَّجَهُ إلَّا التَّنْجِيسُ (قَوْلُهُ فَيَتَنَجَّسُ مَا وَصَلَ إلَيْهِ كَذَكَرِ الْمُجَامِعِ) أَقُولُ أَمَّا أَصْلُ تَنْجِيسِ مَا وَصَلَ إلَيْهِ فَلَا يَنْبَغِي التَّوَقُّفُ فِيهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمُغَلَّظَ الْوَاصِلَ مَا ذَكَرَ بَاقٍ عَلَى نَجَاسَتِهِ وَمُلَاقَاةُ الطَّاهِرِ كَذَكَرِ الْمُجَامِعِ لِلنَّجَاسَةِ فِي الْبَاطِنِ يَقْتَضِي التَّنْجِيسَ وَلَيْسَ كَلَامُهُ فِي أَصْلِ التَّنْجِيسِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَعَلَى الثَّانِي إلَخْ.

وَأَمَّا تَنَجُّسُهُ بِتَنْجِيسِ الْمُغَلَّظِ فَقَدْ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِهِ أَنَّهُ لَوْ أَكَلَ مُغَلَّظًا ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ لَمْ يَجِبْ تَسْبِيعُ الْمَخْرَجِ، وَقَدْ يُقَالُ ذَاكَ إذَا وَصَلَ لِمَحَلِّ الْإِحَالَةِ وَهِيَ الْمَعِدَةُ فَلْيُتَأَمَّلْ لَا يُقَالُ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ أَصْلِ التَّنْجِيسِ أَيْضًا طَهَارَةُ الْإِنْفَحَةِ وَإِنْ كَانَ مَا شَرِبَتْهُ السَّخْلَةُ لَبَنًا نَجِسًا؛ لِأَنَّ الْجَوْفَ مُحِيلٌ مُطَهِّرٌ لِأَنَّا نَقُولُ الْجَوْفُ لَا يُحِيلُ النَّجَسَ إلَى الطَّهَارَةِ مُطْلَقًا بِدَلِيلِ مَا لَوْ شَرِبَ بَوْلَ مُغَلَّظٍ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ وَلَوَّثَ الْمَخْرَجَ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهِ كَمَا سَيَأْتِي وَبِدَلِيلِ نَجَاسَةِ الْقَيْءِ وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ فَإِذَا صَارَ الْقَيْءُ نَجِسًا بِوُصُولِهِ الْبَاطِنَ مَعَ طَهَارَةِ أَصْلِهِ فَكَيْفَ يَنْجَسُ الْأَصْلُ، بَلْ قَدْ يُحِيلُهُ إلَى الطَّهَارَةِ وَقَدْ لَا (قَوْلُهُ غَسَلَ سَبْعًا) فِي

ص: 311

فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ أَوْرَدَ عَلَيْهِ تَنَجُّسَ مَاءٍ كَثِيرٍ بِنَحْوِ بَوْلِهِ فَإِنَّهُ يَطْهُرُ بِزَوَالِ التَّغَيُّرِ عَلَى أَنَّ الْقَلِيلَ كَذَلِكَ وَيَطْهُرُ بِالْكَثِيرَةِ فَهُوَ الَّذِي يَرِدُ بِبَادِئِ الرَّأْيِ أَمَّا ظَرْفُهُ فَلَا يَطْهُرُ إلَّا بِمَا يَأْتِي فَإِنَّهُ بَعْدَ تَنَجُّسِهِ بِمُغَلَّظٍ لَمْ يُعْهَدْ طُهْرُهُ بِغَيْرِ التَّسْبِيعِ بِخِلَافِ الْمَاءِ عُهِدَ فِيهِ الطُّهْرُ بِزَوَالِ التَّغَيُّرِ وَالْمُكَاثَرَةِ فَلَا تَبَعِيَّةَ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهَا (إحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ) الطَّهُورِ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «طَهُورُ إنَاءِ أَحَدِكُمْ إذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ» وَإِذَا وَجَبَ ذَلِكَ فِي وُلُوغِهِ مَعَ أَنَّ فَمَه أَطْيَبُ مَا فِيهِ لِكَثْرَةِ لَهْثِهِ فَغَيْرُهُ أَوْلَى وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَاهُنَّ، وَفِي أُخْرَى الثَّامِنَةُ أَيْ لِمُصَاحَبَةِ التُّرَابِ لَهَا بِدَلِيلِ رِوَايَةِ السَّابِعَةِ وَفِي أُخْرَى إحْدَاهُنَّ وَهِيَ مُبَيِّنَةٌ لِأَنَّ النَّصَّ عَلَى الْأُولَى لِبَيَانِ الْأَفْضَلِ وَالْأُخْرَى لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَبِفَرْضِ عَدَمِ ثُبُوتِهَا فَالْقَاعِدَةُ أَنَّ الْقُيُودَ إذَا تَنَافَتْ سَقَطَتْ وَبَقِيَ أَصْلُ الْحُكْمِ وَأَوْفَى رِوَايَةٍ أُولَاهُنَّ أَوْ أُخْرَاهُنَّ شَكٌّ مِنْ الرَّاوِي كَمَا بَيَّنَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَمُزِيلُ الْعَيْنِ غَسْلَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنْ تَعَدَّدَ وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ بِبِنَائِهِ عَلَى التَّخْفِيفِ وَبُحِثَ أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِالتَّتْرِيبِ قَبْلَ إزَالَةِ الْعَيْنِ

عِبَارَةُ النِّهَايَةِ سَوَاءٌ أَكَانَ بِجُزْءٍ مِنْهُ أَوْ مِنْ فَضَلَاتِهِ أَوْ بِمَا تَنَجَّسَ بِشَيْءٍ مِنْهُمَا كَأَنْ وَلَغَ فِي بَوْلٍ أَوْ مَاءٍ كَثِيرٍ مُتَغَيِّرٍ بِنَجَاسَةٍ ثُمَّ أَصَابَ ذَلِكَ الَّذِي وَلَغَ فِيهِ ثَوْبًا أَوْ مَعَضَّهُ مِنْ صَيْدٍ أَوْ غَيْرِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ جَافًّا وَلَاقَى رَطْبًا أَمْ عَكْسَهُ اهـ.

(قَوْلُهُ فِيهِ رَدٌّ) وَجْهُ الرَّدِّ خُرُوجُهُ بِالْغَسْلِ سم، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ حَاصِلَ الْإِيرَادِ أَنَّ فِي كَلَامِ الْمَتْنِ حَمْلَ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ خُصُوصَ الْمَحْمُولِ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَوْضُوعِ هُوَ الْخَاصُّ أَيْ الْجَامِدُ كَمَا هُوَ حَاصِلُ الرَّدِّ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ وَالْأَوْلَى مَا قَالَهُ الشَّوْبَرِيُّ مِنْ أَنَّ قَرِينَةَ التَّخْصِيصِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَلَوْ تَنَجَّسَ مَائِعٌ إلَخْ وَلِلْكُرْدِيِّ هُنَا كَلَامٌ ظُهُورُ خَطَئِهِ يُغْنِي عَنْ التَّنْبِيهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ يَتَنَجَّسُ بِنَحْوِ بَوْلِ الْكَلْبِ (قَوْلُهُ فَهُوَ الَّذِي يَرِدُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَنَجَّسُ بِالْمُلَاقَاةِ سم أَيْ وَأَمَّا الْكَثِيرُ فَإِنَّمَا يَتَنَجَّسُ بِالتَّغَيُّرِ.

(قَوْلُهُ: أَمَّا ظَرْفُهُ إلَخْ) لَمْ يُبَيِّنْ حُكْمَ ظَرْفِ الْمَاءِ الْكَثِيرِ الْمُتَغَيِّرِ فَلْيُرَاجَعْ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَهُ أَمَّا ظَرْفُهُ إلَخْ فِي مُطْلَقِ الظَّرْفِ بَصْرِيٌّ أَيْ الشَّامِلُ لِظَرْفِ الْمَاءِ الْكَثِيرِ الْمُتَغَيِّرِ وَظَرْفُ الْمَاءِ الْقَلِيلِ بِخِلَافِ ظَرْفِ الْمَاءِ الْكَثِيرِ الْغَيْرِ الْمُتَغَيِّرِ فَإِنَّهُ لَا يَنْجَسُ بِلَا خِلَافٍ كَمَا مَرَّ عَنْ الْخَطِيبِ وَالنِّهَايَةِ.

(قَوْلُهُ إلَّا بِمَا يَأْتِي) لَعَلَّ فِي الْحَدِيثِ مِنْ التَّسْبِيعِ وَالتَّتْرِيبِ وَيُحْتَمَلُ فِي الْمَتْنِ بِتَغْلِيبِ التَّتْرِيبِ عَلَى التَّسْبِيعِ عِبَارَةُ ع ش بِأَنْ مُزِجَ بِالْمَاءِ تُرَابٌ يُكَدِّرُهُ وَحُرِّكَ فِيهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَإِلَّا فَهُوَ بَاقٍ عَلَى نَجَاسَتِهِ حَتَّى لَوْ نَقَصَ عَنْ الْقُلَّتَيْنِ عَادَ عَلَى الْمَاءِ بِالتَّنْجِيسِ اهـ.

(قَوْلُهُ فَلَا تَبَعِيَّةَ) أَيْ لِظَرْفِ الْمَاءِ لَهُ (قَوْلُهُ لِمَنْ زَعَمَهَا) يَعْنِي الْإِمَامَ وَمَنْ تَبِعَهُ (قَوْلُهُ أَيْ الطَّهُورُ) إلَى قَوْلِهِ وَهِيَ مُبَيَّنَةٌ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ طَهُورُ إنَاءٍ إلَخْ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ الْأَشْهَرُ فِيهِ ضَمُّ الطَّاءِ وَيُقَالُ بِفَتْحِهَا وَهُمَا لُغَتَانِ اهـ وَالْأَوَّلُ هُنَا أَوْلَى لِلْإِخْبَارِ عَنْهُ بِالْغَسْلِ الَّذِي هُوَ مَصْدَرٌ ع ش وَمَعْنَاهُ بِالضَّمِّ التَّطْهِيرُ وَبِالْفَتْحِ مُطَهِّرٌ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ إذَا وَلَغَ إلَخْ) الْوُلُوغُ أَخْذُ الْمَاءِ بِطَرَفِ اللِّسَانِ وَهُوَ لَيْسَ بِقَيْدٍ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ فَغَيْرُهُ إلَخْ) أَيْ مِنْ بَوْلِهِ وَرَوْثِهِ وَعَرَقِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ نِهَايَةٌ زَادُ الْمُغْنِي وَفِي وَجْهٍ أَنَّ غَيْرَ لُعَابِهِ كَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ اقْتِصَارًا عَلَى مَحَلِّ النَّصِّ اهـ.

(قَوْلُهُ وَفِي أُخْرَى الثَّامِنَةُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ أَيْ بِأَنْ يُصَاحِبَ السَّابِعَةَ لِرِوَايَةِ السَّابِعَةِ بِالتُّرَابِ الْمُعَارِضَةِ لِرِوَايَةِ أُولَاهُنَّ فِي مَحَلٍّ فَيَتَسَاقَطَانِ فِي تَعْيِينِ مَحَلِّهِ وَيَكْفِي فِي وَاحِدَةٍ مِنْ السَّبْعِ كَمَا فِي رِوَايَةِ إحْدَاهُنَّ بِالْبَطْحَاءِ عَلَى أَنَّهُ لَا تَعَارُضَ لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ بِحَمْلِ رِوَايَةِ أُولَاهُنَّ عَلَى الْأَكْمَلِ لِعَدَمِ احْتِيَاجِهِ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى تَتْرِيبِ مَا يَتَرَشَّشُ مِنْ جَمِيعِ الْغَسَلَاتِ وَرِوَايَةُ السَّابِعَةِ عَلَى الْجَوَازِ وَرِوَايَةُ إحْدَاهُنَّ عَلَى الْإِجْزَاءِ وَهُوَ لَا يُنَافِي الْجَوَازَ أَيْضًا اهـ.

(قَوْلُهُ أَيْ لِمُصَاحَبَةِ التُّرَابِ لَهَا) أَيْ لِلسَّابِعَةِ فَنَزَّلَ التُّرَابَ الْمُصَاحِبَ لِلسَّابِعَةِ مَنْزِلَةَ الثَّانِيَةِ وَسَمَّاهُ بِاسْمِهَا ع ش (قَوْلُهُ وَهِيَ مُبَيِّنَةٌ إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ سم أَيْ إذْ الْقَاعِدَةُ الْأُصُولِيَّةُ حَمْلُ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَيُجَابُ بِأَنَّهَا فِيمَا إذَا لَمْ يَتَعَدَّدْ الْمُقَيَّدُ بِقُيُودٍ فَنَافِيَةٌ وَإِلَّا فَيُحْمَلُ الْمُقَيَّدُ عَلَى الْمُطْلَقِ كَمَا نَبَّهُوا عَلَيْهِ فِي دَفْعِ تَعَارُضِ رِوَايَاتِ الْبَدْءِ بِالْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدَلَةِ (قَوْلُهُ لِبَيَانِ الْأَفْضَلِ) أَيْ لِعَدَمِ احْتِيَاجِهِ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى تَتْرِيبِ مَا يَتَرَشَّشُ مِنْ جَمِيعِ الْغَسَلَاتِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ عَدَمُ ثُبُوتِهَا) أَيْ رِوَايَةُ إحْدَاهُنَّ (قَوْلُهُ أَنَّ الْقُيُودَ إلَخْ) الْمُرَادُ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ وَمُزِيلُ الْعَيْنِ) إلَى قَوْلِهِ وَبَحَثَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَمُزِيلُ الْعَيْنِ) يُتَّجَهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَيْنِ مُقَابِلُ الْحُكْمِيَّةِ سم فَتَشْمَلُ الْجِرْمَ وَالْأَوْصَافَ حَلَبِيٌّ زَادَ ع ش فَلَوْ غَسَلَ النَّجَاسَةَ الْمُغَلَّظَةَ وَوَضَعَ الْمَاءَ مَمْزُوجًا بِالتُّرَابِ فِي الْأُولَى وَلَمْ تَزَلْ بِهِ الْأَوْصَافُ ثُمَّ ضُمَّ إلَيْهِ غَسَلَاتٌ أُخْرَى بِحَيْثُ زَالَتْ

شَرْحِ م ر وَلَوْ أَكَلَ لَحْمَ كَلْبٍ لَمْ يَجِبْ تَسْبِيعُ دُبُرٍ فِي خُرُوجِهِ وَإِنْ خَرَجَ بِعَيْنِهِ قَبْلَ اسْتِحَالَتِهِ فِيمَا يَظْهَرُ وَأَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ؛ لِأَنَّ الْبَاطِنَ مُحِيلٌ وَقَدْ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي حَمَّامٍ غُسِلَ دَاخِلَهُ كَلْبٌ وَلَمْ يُعْهَدْ تَطْهِيرُهُ وَاسْتَمَرَّ النَّاسُ عَلَى دُخُولِهِ وَالِاغْتِسَالِ فِيهِ مُدَّةً طَوِيلَةً وَانْتَشَرَتْ النَّجَاسَةُ إلَى حُصُرِهِ وَفُوَطِهِ وَنَحْوِهِمَا بِأَنَّ مَا تُيُقِّنَ إصَابَةُ شَيْءٍ لَهُ مِنْ ذَلِكَ نَجِسٌ وَإِلَّا فَطَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا تَنَجُّسَ بِالشَّكِّ وَيَطْهُرُ الْحَمَّامُ بِمُرُورِ الْمَاءِ عَلَيْهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ إحْدَاهَا بِطَفْلٍ مِمَّا يُغْتَسَلُ بِهِ فِيهِ لِحُصُولِ التَّتْرِيبِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ، وَلَوْ مَضَتْ مُدَّةٌ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مَرَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَلَوْ بِوَاسِطَةِ الطِّينِ الَّذِي فِي نِعَالِ دَاخِلِيهِ لَمْ يُحْكَمْ بِالنَّجَاسَةِ كَمَا فِي الْهِرَّةِ إذَا أَكَلَتْ نَجَاسَةً وَغَابَتْ غَيْبَةً يُحْتَمَلُ فِيهَا طَهَارَةُ فَمِهَا اهـ.

(قَوْلُهُ فِيهِ رَدٌّ) وَجْهُ الرَّدِّ خُرُوجُهُ بِالْغُسْلِ (قَوْلُهُ فَهُوَ الَّذِي يَرُدُّ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ الَّذِي يَنْجَسُ بِالْمُلَاقَاةِ (قَوْلُهُ وَهِيَ مُبَيِّنَةٌ) فِيهِ شَيْءٌ (قَوْلُهُ وَمُزِيلُ الْعَيْنِ) يُتَّجَهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَيْنِ مُقَابِلُ الْحُكْمِيَّةِ (قَوْلُهُ

ص: 312

وَهُوَ مُتَّجَهُ الْمَعْنَى وَيَكْفِي مُرُورُ سَبْعِ جِرْيَاتٍ وَتَحْرِيكُهُ سَبْعًا.

وَيَظْهَرُ أَنَّ الذَّهَابَ مَرَّةً وَالْعَوْدَ أُخْرَى وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يَأْتِي فِي تَحْرِيكِ الْيَدِ فِي الْحَكِّ فِي الصَّلَاةِ بِأَنَّ الْمَدَارَ ثَمَّ عَلَى الْعُرْفِ فِي الرَّاكِدِ مِنْ غَيْرِ تُرَابٍ فِي نَحْوِ النِّيلِ أَيَّامَ زِيَادَتِهِ فَعُلِمَ أَنَّ الْوَاجِبَ مِنْ التُّرَابِ مَا يُكَدِّرُ الْمَاءَ وَيَصِلُ بِوَاسِطَتِهِ لِجَمِيعِ أَجْزَاءِ النَّجِسِ سَوَاءٌ أَمَزَجَهُمَا قَبْلُ ثُمَّ صَبَّهُمَا عَلَيْهِ وَهُوَ الْأَوْلَى خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ أَمْ سَبَقَ وَضْعُ الْمَاءِ أَوْ التُّرَابِ وَإِنْ كَانَ الْمَحَلُّ رَطْبًا لِأَنَّهُ وَارِدٌ كَالْمَاءِ وَقَوْلُهُمْ لَا يَكْفِي ذَرُّهُ عَلَيْهِ وَلَا مَسْحُهُ أَوْ دَلْكُهُ بِهِ الْمُرَادُ بِمُجَرَّدِهِ (وَالْأَظْهَرُ تَعَيُّنُ التُّرَابِ)

الْأَوْصَافُ بِمَجْمُوعِهَا فَهَلْ يُعْتَدُّ بِمَا وَضَعَهُ مِنْ التُّرَابِ قَبْلَ زَوَالِ الْأَوْصَافِ وَعُدَّ كُلُّهُ غَسْلَةً مَصْحُوبَةً بِالتُّرَابِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ تَزُلْ بِمَا وُضِعَ فِيهِ أُلْغِيَ وَاعْتُدَّ بِمَا بَعْدَهُ فَقَطْ قَالَ سم فِيهِ نَظَرٌ أَقُولُ وَلَا يَبْعُدُ الْقَوْلُ بِالْأَوَّلِ اهـ.

أَقُولُ الْبَحْثُ الْآتِي آنِفًا صَرِيحٌ فِي الثَّانِي إذَا أُرِيدَ بِالْعَيْنِ فِيهِ مَا يَشْمَلُ الْأَوْصَافَ (قَوْلُهُ وَهُوَ مُتَّجَهُ الْمَعْنَى) لَعَلَّ وَجْهَهُ حَيْلُولَةُ الْعَيْنِ بَيْنَ التُّرَابِ وَأَجْزَاءِ الْمَحَلِّ الْمَطْلُوبِ تَطْهِيرُهُ أَيْ فَلَوْ فُرِضَ أَنَّ الْمَاءَ الْمَمْزُوجَ أَزَالَهَا اُتُّجِهَ الْإِجْزَاءُ بَصْرِيٌّ وَيَأْتِي عَنْ سم وَشَيْخِنَا زِيَادَةُ بَسْطٍ فِي الْمَقَامِ (قَوْلُهُ وَيَكْفِي) إلَى قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ الْمَحَلُّ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ وَإِلَى قَوْلِهِ وَقَوْلُهُمْ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَيَظْهَرُ إلَى فِي الرَّاكِدِ (قَوْلُهُ وَتَحْرِيكُهُ سَبْعًا) أَيْ وَلَوْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ شَيْءٌ بِأَنْ حَرَّكَ دَاخِلَ الْمَاءِ سَبْعًا مُغْنِي (قَوْلُهُ فِي الرَّاكِدِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَتَحْرِيكُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ فِي نَحْوِ النِّيلِ) أَيْ وَمَاءِ السَّيْلِ الْمُتَتَرِّبِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ أَمَزَجَهُمَا إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ لَا يَبْلُغَا بِالْمَزْجِ إلَى حَيْثُ لَا يُسَمَّيَانِ إلَّا طِينًا لِمَا مَرَّ أَنَّ الْمَاءَ حِينَئِذٍ تُسْلَبُ طَهُورِيَّتُهُ فَلَا تَغْفُلْ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ فِي اشْتِرَاطِ الْمَزْجِ قَبْلَ الْوَضْعِ عَلَى الْمَحَلِّ اهـ.

(قَوْلُهُ أَمْ سَبَقَ وَضْعُ الْمَاءِ أَوْ التُّرَابِ وَإِنْ كَانَ الْمَحَلُّ رَطْبًا) وَفِي سم بَعْدَ ذِكْرِ مِثْلِهِ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ مَا نَصُّهُ وَهَذَا الْكَلَامُ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَحَلُّ رَطْبًا بِالنَّجَاسَةِ كَفَى وَضْعُ التُّرَابِ أَوَّلًا لَكِنْ أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّهُ لَوْ وَضَعَ التُّرَابَ أَوَّلًا عَلَى عَيْنِ النَّجَاسَةِ لَمْ يَكْفِ لِتَنَجُّسِهِ، وَظَاهِرُهُ الْمُخَالَفَةُ لِمَا ذَكَرَ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ وَوَقَعَ الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ مَعَ م ر وَحَاصِلُ مَا تَحَرَّرَ مَعَهُ بِالْفَهْمِ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَتْ النَّجَاسَةُ عَيْنِيَّةً بِأَنْ يَكُونَ جِرْمُهَا أَوْ أَوْصَافُهَا مِنْ طَعْمٍ أَوْ لَوْنٍ أَوْ رِيحٍ مَوْجُودًا فِي الْمَحَلِّ لَمْ يَكْفِ وَضْعُ التُّرَابِ أَوَّلًا عَلَيْهَا وَهَذَا مَحْمَلُ مَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا بِخِلَافِ وَضْعِ الْمَاءِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى بَلْ هُوَ الْمُزِيلُ وَإِنَّمَا التُّرَابُ شَرْطٌ وَبِخِلَافِ مَا لَوْ زَالَتْ أَوْصَافُهَا فَيَكْفِي وَضْعُ التُّرَابِ أَوَّلًا، وَإِنْ كَانَ الْمَحَلُّ نَجِسًا وَهَذَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ وَإِنَّهَا إذَا كَانَتْ أَوْصَافُهَا فِي الْمَحَلِّ مِنْ غَيْرِ جِرْمٍ وَصَبَّ عَلَيْهَا مَاءً مَمْزُوجًا بِالتُّرَابِ فَإِنْ زَالَتْ الْأَوْصَافُ بِتِلْكَ الْغَسْلَةِ حُسِبَتْ وَإِلَّا فَلَا فَالْمُرَادُ بِالْعَيْنِ فِي قَوْلِهِمْ مُزِيلُ الْعَيْنِ وَاحِدَةٌ وَإِنْ تَعَدَّدَ مَا يَشْمَلُ أَوْصَافَهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جِرْمٌ اهـ.

وَأَقَرَّهُ ع ش وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا وَحَاصِلُ كَيْفِيَّاتِ الْمَزْجِ أَنْ يُمْزَجَ الْمَاءُ بِالتُّرَابِ قَبْلَ وَضْعِهِمَا عَلَى الشَّيْءِ الْمُتَنَجِّسِ أَوْ يُوضَعُ الْمَاءُ أَوَّلًا ثُمَّ يُتْبَعُ بِالتُّرَابِ أَوْ بِالْعَكْسِ فَهَذِهِ ثَلَاثُ كَيْفِيَّاتٍ ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَحَلِّ جِرْمُ النَّجَاسَةِ وَكَانَ جَافًّا كَفَى كُلٌّ مِنْ الثَّلَاثِ وَلَوْ مَعَ بَقَاءِ الْأَوْصَافِ وَإِنْ كَانَ فِي الْمَحَلِّ جِرْمُ النَّجَاسَةِ لَمْ يَكْفِ وَاحِدَةٌ مِنْ الثَّلَاثِ وَلَوْ زَالَ الْجِرْمُ فَإِنْ كَانَ الْمَحَلُّ رَطْبًا كَفَى كُلٌّ مِنْ الْأَوَّلِيَّيْنِ وَلَا يَكْفِي وَضْعُ التُّرَابِ أَوَّلًا ثُمَّ اتِّبَاعُهُ بِالْمَاءِ كَذَا فِي تَقْرِيرِ الشَّيْخِ عِوَضٍ وَارْتَضَاهُ شَيْخُنَا وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يَكْفِي حَيْثُ لَا أَوْصَافَ؛ لِأَنَّ الْوَارِدَ لَهُ قُوَّةٌ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ الْخَطِيبِ وَنَقَلَهُ بَعْضُهُمْ عَنْ الشَّيْخِ الْحَفْنِي اهـ وَقَوْلُهُ وَلَوْ زَالَ الْجِرْمُ تَقَدَّمَ عَنْ سم مَا يُوَافِقُهُ وَعَنْ الْبَصْرِيِّ مَا يُخَالِفُهُ وَقَوْلُهُ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ إلَخْ مُوَافِقٌ لِمَا مَرَّ عَنْ سم فِي مَحْمَلِ كَلَامِ شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ وَارِدٌ) الْوَجْهُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَكْفِي طَهَارَتُهُمَا حَالَ الْوُرُودِ وَإِلَّا فَهِيَ قَطْعًا لَا تَبْقَى إذْ لِمُخَالَطَتِهِمَا الرُّطُوبَةَ يَتَنَجَّسَانِ بَلْ الْمَاءُ فِي كُلِّ غَسْلَةٍ مَا عَدَا السَّابِعَةِ يَنْجَسُ بِمُلَاقَاةِ الْمَحَلِّ لِبَقَاءِ نَجَاسَتِهِ وَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ فِي طُهْرِ الْمَحَلِّ عِنْدَ السَّابِعَةِ سم.

(قَوْلُهُ الْمُرَادُ بِمُجَرَّدِهِ) أَيْ بِدُونِ اتِّبَاعِهِ بِالْمَاءِ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَالْأَظْهَرُ تَعَيُّنُ التُّرَابِ) وَلَوْ غُبَارَ رَمْلٍ وَإِنْ عَدِمَ أَوْ أَفْسَدَ الثَّوْبَ أَوْ زَادَ الْغَسَلَاتِ فَجَعَلَهَا ثَمَانِيًا مَثَلًا نِهَايَةٌ أَيْ فَلَا يَكُونُ عِنْدَ التُّرَابِ وَإِفْسَادُهُ الثَّوْبَ وَالزِّيَادَةُ فِي الْغَسَلَاتِ مُسْقِطًا

وَهُوَ مُتَّجَهُ الْمَعْنَى) يَنْبَغِي تَعَيُّنُهُ إنْ أُرِيدَ بِالْعَيْنِ الْجِرْمُ، وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْأَثَرِ مِنْ طَعْمٍ أَوْ لَوْنٍ أَوْ رِيحٍ فَفِي الِاعْتِدَادِ بِالتَّتْرِيبِ قَبْلَ زَوَالِهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ وَارِدٌ كَالْمَاءِ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ بِأَنْ يُوضَعَا أَيْ الْمَاءُ وَالتُّرَابُ وَلَوْ مُتَرَتِّبَيْنِ ثُمَّ يُمْزَجَا قَبْلَ الْغَسْلِ وَإِنْ كَانَ الْمَحَلُّ رَطْبًا إذْ الطَّهُورُ الْوَارِدُ عَلَى الْمَحَلِّ بَاقٍ عَلَى طَهُورِيَّتِهِ مَعَ الْقَطْعِ بِعَدَمِ طُهْرِ الْمَحَلِّ قَبْلَ تَمَامِ السَّبْعِ فَلْيُنْظَرْ هَذَا الَّذِي ذَكَرَ مِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَيْضًا مَعَ مَا يَأْتِي عَنْهُ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الْوَارِدِ لَا يَنْجَسُ إذَا أَزَالَ النَّجَاسَةَ عَقِبَ وُرُودِهِ إلَّا أَنْ يُسْتَثْنَى التُّرَابُ كَالْمَاءِ هُنَا وَإِلَّا لَزِمَ عَدَمُ إمْكَانِ التَّطْهِيرِ بِالْقَلِيلِ وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ وَارِدٌ) الْوَجْهُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَكْفِي طَهَارَتُهُمَا حَالَ الْوُرُودِ وَإِلَّا فَهِيَ قَطْعًا لَا تَبْقَى إذْ بِمُخَالَطَتِهِمَا الرُّطُوبَةَ يَتَنَجَّسَانِ، بَلْ الْمَاءُ فِي كُلِّ غَسْلَةٍ مَا عَدَا السَّابِعَةَ يَنْجَسُ بِمُلَاقَاةِ الْمَحَلِّ لِبَقَاءِ نَجَاسَتِهِ وَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ فِي طُهْرِ الْمَحَلِّ عِنْدَ

ص: 313

لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ لِلتَّطْهِيرِ إذْ الْقَصْدُ مِنْهُ الْجَمْعُ بَيْنَ نَوْعَيْ الطَّهُورِ فَلَمْ يَقُمْ غَيْرُهُ مِنْ نَحْوِ أُشْنَانٍ أَوْ صَابُونٍ مَقَامَهُ كَالتَّيَمُّمِ وَبِهِ فَارَقَ عَدَمُ تَعَيُّنِ نَحْوِ الْقَرَظِ فِي الدِّبَاغِ (وَ) الْأَظْهَرُ (أَنَّ الْخِنْزِيرَ كَكَلْبٍ) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ أَسْوَأُ حَالًا مِنْهُ وَمِثْلُهُ الْمُتَوَلِّدُ مِنْهُ أَوْ مِنْ كَلْبٍ مَعَ طَاهِرٍ آخَرَ (وَلَا يَكْفِي تُرَابٌ نَجِسٌ) وَلَا مُسْتَعْمَلٌ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ الْجَمْعُ بَيْنَ نَوْعَيْ الطَّهُورِ وَمِنْ ثَمَّ اُشْتُرِطَ فِي التُّرَابِ هُنَا مَا يَأْتِي فِي التَّيَمُّمِ نَعَمْ الْمُخْتَلِطُ بِرَمْلٍ خَشِنٍ أَوْ نَاعِمٍ وَنَحْوِ دَقِيقٍ قَلِيلٍ لَا يُؤَثِّرُ فِي التَّغَيُّرِ يَكْفِي هُنَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ

لِلتُّرَابِ ع ش (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) إلَى قَوْلِهِ وَمِنْ ثَمَّ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَبِهِ فَارَقَ إلَى الْمَتْنِ وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَا مَمْزُوجَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا مَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ فَلَمْ يَقُمْ غَيْرُهُ إلَخْ) وَالثَّانِي لَا يَتَعَيَّنُ وَيَقُومُ مَا ذَكَرَ وَنَحْوُهُ مَقَامُهُ وَجَرَى عَلَيْهِ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ وَالثَّالِثُ يَقُومُ مَقَامَهُ عِنْدَ فَقْدِهِ لِلضَّرُورَةِ وَلَا يَقُومُ عِنْدَ وُجُودِهِ وَقِيلَ يَقُومُ مَقَامَهُ فِيمَا يُفْسِدُهُ التُّرَابُ كَالثِّيَابِ دُونَ مَا لَا يُفْسِدُهُ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَبِهِ فَارَقَ إلَخْ) أَيْ بِالتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ مَعَ طَاهِرٍ إلَخْ) أَوْ مَعَ الْآخَرِ سم (قَوْلُهُ آخَرَ) الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ قَوْلُ الْمَتْنِ (نَجِسٌ) أَيْ مُتَنَجِّسٌ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلَا مُسْتَعْمَلٌ) أَيْ فِي حَدَثٍ أَوْ نَجَسٍ نِهَايَةٌ وَشَرْحُ الرَّوْضِ.

أَقُولُ وَصُورَةُ الْمُسْتَعْمَلِ فِي خَبَثِ التُّرَابِ الْمُصَاحِبِ لِلسَّابِعَةِ فِي الْمُغَلَّظَةِ فَإِنَّهُ طَاهِرٌ وَمُسْتَعْمَلٌ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ شَرْطٌ لَا شَطْرٌ؛ لِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ زَوَالُ النَّجَاسَةِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَقِلَّ بِذَلِكَ كَمَا أَنَّ الْمَاءَ لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ أَيْضًا بَلْ وَيُتَصَوَّرُ أَيْضًا فِي الْمُصَاحِبِ لِغَيْرِ السَّابِعَةِ إذَا طَهُرَ لِأَنَّهُ نَجِسٌ هُوَ ظَاهِرٌ وَمُسْتَعْمَلٌ لِمَا مَرَّ فَإِذَا طَهُرَ زَالَ التَّنَجُّسُ دُونَ الِاسْتِعْمَالِ نَعَمْ لَوْ طَهُرَ بِغَمْسِهِ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ عَادَ طَهُورًا كَالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ إذَا صَارَ كَثِيرًا كَذَا قَالَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَفِيهِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهِ فَإِنَّ الْوَجْهَ خِلَافُهُ سم عَلَى حَجّ أَيْ لِأَنَّ وَصْفَ التُّرَابِ بِالِاسْتِعْمَالِ بَاقٍ وَإِنْ زَالَتْ النَّجَاسَةُ وَفِيهِ عَلَى الْبَهْجَةِ يَتَّجِهُ أَنْ يُعَدَّ مِنْ الْمُسْتَعْمَلِ مَا لَوْ اسْتَنْجَى بِطِينٍ مُسْتَحْجَرٍ ثُمَّ طَهَّرَهُ مِنْ النَّجَاسَةِ ثُمَّ جَفَّفَهُ ثُمَّ دَقَّهُ؛ لِأَنَّهُ أَزَالَ الْمَانِعَ وِفَاقًا لِ م ر اهـ.

وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَعُدُّوا حَجَرَ الِاسْتِنْجَاءِ مِنْ الْمُطَهِّرَاتِ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْمَحَلَّ بَاقٍ عَلَى نَجَاسَتِهِ، وَقَدْ يُقَالُ هُوَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُطَهِّرًا لِلْمَحَلِّ لَكِنَّهُ مُزِيلٌ لِلْمَانِعِ فَأُلْحِقَ بِالتُّرَابِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي التَّيَمُّمِ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ الشَّارِحِ م ر فِي حَدَثٍ أَوْ نَجَسٍ ع ش (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْقَصْدَ الْجَمْعُ بَيْنَ نَوْعَيْ الطَّهُورِ (قَوْلُهُ مَا يَأْتِي إلَخْ) فَلَا يَكْفِي التُّرَابُ الْمُحَرَّقُ وَلَا الْمُتَنَجِّسُ بِعَيْنِيَّةٍ أَوْ حُكْمِيَّةٍ مُتَوَسِّطَةٍ أَوْ غَيْرِهَا نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ الْمُخْتَلِطُ إلَخْ) أَيْ الْغُبَارُ الْمُخْتَلِطُ إلَخْ وَإِنْ كَانَ نَدِيًّا نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَنَحْوُ دَقِيقٍ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى رَمْلٍ وَجَزَمَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ بِإِطْلَاقِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي الْمُخْتَلِطُ بِالدَّقِيقِ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا يُؤَثِّرُ فِي التَّغَيُّرِ فَلَا يُنَافِي مَا قَالَهُ هُنَا سم (قَوْلُهُ فِي التَّغَيُّرِ) أَيْ تَغَيُّرِ الْمَاءِ (قَوْلُهُ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ

السَّابِعَةِ (قَوْلُهُ مَعَ طَاهِرٍ آخَرَ) أَيْ أَوْ مَعَ الْآخَرِ (قَوْلُهُ وَلَا يَكْفِي تُرَابٌ نَجِسٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي قَوْلِ الرَّوْضِ مَمْزُوجًا بِالْمَاءِ مَا نَصُّهُ قَبْلَ وَضْعِهِمَا عَلَى الْمَحَلِّ أَوْ بَعْدَهُ بِأَنْ يُوضَعَا وَلَوْ مُتَرَتِّبَيْنِ ثُمَّ يُمْزَجَا قَبْلَ الْغَسْلِ وَإِنْ كَانَ الْمَحَلُّ رَطْبًا إذْ الطَّهُورُ الْوَارِدُ عَلَى الْمَحَلِّ بَاقٍ عَلَى طَهُورِيَّتِهِ وَبِذَلِكَ جَزَمَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيمَا لَوْ وُضِعَ التُّرَابُ أَوَّلًا وَمِثْلُهُ عَكْسُهُ بِلَا رَيْبٍ وَهَذَا مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ إلَخْ وَهَذَا الْكَلَامُ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَحَلُّ رَطْبًا بِالنَّجَاسَةِ كَفَى وَضْعُ التُّرَابِ أَوَّلًا، لَكِنْ أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّهُ لَوْ وُضِعَ التُّرَابُ أَوَّلًا عَلَى عَيْنِ النَّجَاسَةِ لَمْ يَكْفِ لِتَنَجُّسِهِ وَظَاهِرُهُ الْمُخَالَفَةُ لِمَا ذَكَرَ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ وَوَقَعَ الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ مَعَ م ر وَحَاصِلُ مَا تَحَرَّرَ مَعَهُ بِالْفَهْمِ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَتْ النَّجَاسَةُ عَيْنِيَّةً بِأَنْ يَكُونَ جِرْمُهَا أَوْ أَوْصَافُهَا مِنْ طَعْمٍ أَوْ لَوْنٍ أَوْ رِيحٍ مَوْجُودًا فِي الْمَحَلِّ لَمْ يَكْفِ وَضْعُ التُّرَابِ أَوَّلًا عَلَيْهَا وَهَذَا مَحْمَلُ مَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا بِخِلَافِ وَضْعِ الْمَاءِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى، بَلْ هُوَ الْمُزِيلُ وَإِنَّمَا التُّرَابُ شَرْطٌ وَبِخِلَافِ مَا لَوْ زَالَتْ أَوْصَافُهَا فَيَكْفِي وَضْعُ التُّرَابِ أَوَّلًا وَإِنْ كَانَ الْمَحَلُّ نَجِسًا وَهَذَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ وَأَنَّهَا إذَا كَانَتْ أَوْصَافُهَا فِي الْمَحَلِّ مِنْ غَيْرِ جِرْمٍ وَصَبَّ عَلَيْهَا مَاءً مَمْزُوجًا بِالتُّرَابِ فَإِنْ زَالَتْ الْأَوْصَافُ بِتِلْكَ الْغَسْلَةِ حُسِبَتْ وَإِلَّا فَلَا فَالْمُرَادُ بِالْعَيْنِ فِي قَوْلِهِمْ مُزِيلُ الْعَيْنِ وَاحِدَةٌ وَإِنْ تَعَدَّدَ مَا يَشْمَلُ أَوْصَافَهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جِرْمٌ (قَوْلُهُ وَلَا مُسْتَعْمَلٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي حَدَثٍ أَوْ خَبَثٍ اهـ.

أَقُولُ صُورَةُ الْمُسْتَعْمَلِ فِي خَبَثِ التُّرَابِ الْمُصَاحِبِ لِلسَّابِعَةِ فِي الْمُغَلَّظَةِ فَإِنَّهُ طَاهِرٌ لَكِنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ لَا يُقَالُ إنَّمَا يَظْهَرُ كَوْنُهُ مُسْتَعْمَلًا إنْ قُلْنَا إنَّهُ شَرْطٌ فِي طَهَارَةِ الْمُغَلَّظَةِ لَا شَرْطٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ، بَلْ هُوَ مُسْتَعْمَلٌ وَإِنْ قُلْنَا شَرْطٌ؛ لِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ زَوَالُ النَّجَاسَةِ وَإِنْ كَانَ شَرْطًا فَقَدْ أَدَّى بِهِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَسْتَقِلَّ بِذَلِكَ كَمَا أَنَّ الْمَاءَ لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ أَيْضًا، بَلْ وَيُتَصَوَّرُ أَيْضًا فِي الْمُصَاحِبِ لِغَيْرِ السَّابِعَةِ إذَا طَهُرَ؛ لِأَنَّهُ نَجِسٌ مُسْتَعْمَلٌ فَإِذَا طَهُرَ زَالَ التَّنَجُّسُ دُونَ الِاسْتِعْمَالِ أَمَّا أَنَّهُ نَجِسٌ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا أَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ فَلِأَنَّهُ أَدَّى بِهِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّ طَهَارَةَ الْمَحَلِّ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى هَذِهِ الْغَسْلَةِ وَإِنْ تَوَقَّفَتْ عَلَى غَيْرِهَا أَيْضًا نَعَمْ لَوْ طَهُرَ بِغَسْلِهِ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ عَادَ طَهُورًا كَالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ إذَا صَارَ كَثِيرًا كَذَا قَالَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَفِيهِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهِ فَإِنَّ الْوَجْهَ خِلَافُهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَنَحْوُ دَقِيقٍ) جَزَمَ

ص: 314

بِهِ هُنَا لَا ثَمَّ وَالطِّينُ تُرَابُ تَيَمُّمٍ بِالْقُوَّةِ فَيَكْفِي (وَلَا) تُرَابٌ (مَمْزُوجٌ بِمَائِعٍ) وَهُوَ هُنَا مَا عَدَا الْمَاءَ الطَّهُورَ (فِي الْأَصَحِّ) لِلنَّصِّ عَلَى غَسْلِهِ بِالْمَاءِ سَبْعًا مَعَ مُصَاحَبَةِ التُّرَابِ لِإِحْدَاهُنَّ.

وَمَحَلُّ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ فِيمَا إذَا غَسَلَهُ بِالْمَاءِ سَبْعًا الَّذِي أَطْلَقَهُ فِي التَّنْقِيحِ أَنَّ غَيْرَ الْمَائِعِ الْمَاءُ أَوْ كَأَنْ وَضَعَ الْمَمْزُوجَ بِمَائِعٍ بَعْدَ جَفَافِ الْمَحَلِّ بِحَيْثُ لَا يَمْتَزِجُ بِالْمَاءِ وَفِي تَحْقِيقِ مَحَلِّ الْخِلَافِ الَّذِي فِي الْمَتْنِ بَسْطٌ لَيْسَ هَذَا مَحَلَّهُ.

(وَمَا نَجِسَ بِبَوْلِ صَبِيٍّ) ذَكَرَ مُحَقِّقٌ (لَمْ يَطْعَمْ) بِفَتْحٍ أَوَّلِهِ أَيْ يَذُقْ لِلتَّغَذِّي (غَيْرَ لَبَنٍ) وَلَمْ يُجَاوِزْ سَنَتَيْنِ

بِهِ هُنَا لِإِثْمٍ) إذْ الرَّمْلُ وَنَحْوُ الدَّقِيقِ لَا يَمْنَعَانِ مِنْ كُدُورَةِ الْمَاءِ بِالتُّرَابِ وَيَمْنَعَانِ مِنْ وُصُولِ التُّرَابِ بِالْعُضْوِ ع ش (قَوْلُهُ مَا عَدَا الْمَاءِ الطَّهُورِ) أَيْ وَمِنْهُ الْمُسْتَعْمَلُ سم.

(قَوْلُهُ الَّذِي إلَخْ) نَعْتٌ لِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ إلَخْ وَقَوْلُهُ أَنَّ غَيْرَ إلَخْ خَبَرُ وَمَحَلُّ إلَخْ (قَوْلُهُ أَنَّ غَيْرَ الْمَاءِ إلَخْ) فَلَوْ مُزِجَ التُّرَابُ بِالْمَاءِ بَعْدَ مَزْجِهِ بِغَيْرِهِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ الْمَاءُ بِذَلِكَ تَغَيُّرًا فَاحِشًا كَفَى (تَنْبِيهٌ)

هَلْ يَجِبُ إرَاقَةُ الْمَاءِ الَّذِي تَنَجَّسَ بِوُلُوغِ الْكَلْبِ وَنَحْوِهِ أَوْ يُنْدَبُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الثَّانِي وَحَدِيثُ الْأَمْرِ بِإِرَاقَتِهِ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ أَرَادَ اسْتِعْمَالَ الْإِنَاءِ وَلَوْ أَدْخَلَ رَأْسَهُ فِي إنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ قَلِيلٌ فَإِنْ خَرَجَ فَمُهُ جَافًّا لَمْ يُحْكَمْ بِنَجَاسَتِهِ أَوْ رَطْبًا فَكَذَا فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ وَرُطُوبَتُهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهَا مِنْ لُعَابِهِ خَطِيبٌ.

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَمَا نَجِسَ إلَخْ) أَيْ مِنْ جَامِدٍ مُغْنِي عِبَارَةُ ع ش دَخَلَ فِي مَا غَيْرُ الْآدَمِيِّ كَإِنَاءٍ أَوْ أَرْضٍ فَيَطْهُرُ بِالنَّضْحِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ وَفَارَقَتْ الذُّكُورَ إلَخْ؛ لِأَنَّ الِابْتِلَاءَ الْمَذْكُورَ حِكْمَتُهُ فِي الْأَصْلِ فَلَا يُنَافِي تَخَلُّفَهُ فِي غَيْرِ الْآدَمِيِّ وَعُمُومُ الْحُكْمِ سم عَلَى حَجّ قَالَ شَيْخُنَا الْحَلَبِيُّ لَوْ وَقَعَتْ قَطْرَةٌ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ وَأَصَابَ شَيْئًا وَجَبَ غَسْلُهُ وَلَا يَكْفِي نَضْحُهُ وَلَوْ أَصَابَ ذَلِكَ الْبَوْلُ الصِّرْفُ شَيْئًا كَفَى النَّضْحُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي أَوَّلِ خُرُوجِهِ اهـ أَقُولُ وَإِنَّمَا لَمْ يُكْتَفَ بِالنَّضْجِ فِي الْوَاصِلِ مِنْ الْمَاءِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَنَجَّسَ بِالْبَوْلِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَنَجَّسَ بِغَيْرِ الْبَوْلِ انْتَهَتْ قَوْلُ الْمَتْنِ (بِبَوْلِ صَبِيٍّ) خَرَجَ غَيْرُهُ كَقَيْئِهِ وَكَانَ وَجْهُهُ أَنَّ الِابْتِلَاءَ بِبَوْلِهِ أَكْثَرُ سم (قَوْلُهُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ) أَيْ وَثَالِثِهِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ أَيْ يَذُقْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْعُبَابِ أَيْ وَالنِّهَايَةِ أَيْ لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ اهـ وَعِبَارَةُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ لَمْ يَطْعَمْ وَلَمْ يَشْرَبْ اهـ سم.

(قَوْلُهُ لِلتَّغَذِّي) إلَى قَوْلِهِ وَأَجْزَاءُ الْحَجَرِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ مَعَ قَوْلِهِ الْمُرَادُ بِهِ الْإِنْشَاءُ (قَوْلُهُ لِلتَّغَذِّي) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً وَلَوْ قَلِيلًا وَإِنْ لَمْ يَسْتَغْنِ عَنْ اللَّبَنِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ حَلَبِيٌّ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ قَوْلُ الْمَتْنِ (غَيْرُ لَبَنٍ) يَشْمَلُ الْمَاءَ وَهَلْ قِشْدَةُ اللَّبَنِ كَاللَّبَنِ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ سم عَلَى حَجّ وَقَوْلُهُ أَوْ لَا اعْتَمَدَهُ م ر وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ شَيْخِنَا الْحَلَبِيِّ أَنَّهَا مِثْلُ اللَّبَنِ وَهُوَ قَرِيبٌ لَا يَتَّجِهُ غَيْرُهُ ع ش عِبَارَةُ الْبُجَيْرِمِيِّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ اللَّبَنِ الْقِشْدَةُ أَيْ مِنْ أُمِّهِ أَوْ لَا وَإِنْ كَانَ لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِهَا مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ اللَّبَنَ.

قَالَ الْقَلْيُوبِيُّ وَدَخَلَ فِي اللَّبَنِ الرَّائِبِ وَمَا فِيهِ الْإِنْفَحَةُ وَالْأَقِطُ وَلَوْ مِنْ مُغَلَّظٍ وَإِنْ وَجَبَ تَسْبِيعُ فَمِهِ لَا سَمْنٌ وَجُبْنَةٌ وَقِشْدَةٌ إلَّا قِشْدَةَ لَبَنِ أُمِّهِ فَقَطْ اهـ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْجُبْنَ الْخَالِيَ مِنْ الْإِنْفَحَةِ لَا يَضُرُّ وَكَذَا الْقِشْدَةُ مُطْلَقًا وَلَوْ قِشْدَةَ غَيْرِ أُمِّهِ وَمِثْلُهُ الزُّبْدُ حِفْنِي وَقِيلَ الزُّبْدُ كَالسَّمْنِ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ وَقَوْلُهُ وَالْأَقِطُ فِيهِ وَقْفَةٌ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُجَاوِزْ سَنَتَيْنِ) أَيْ تَحْدِيدًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الزِّيَادِيِّ لَوْ شَرِبَ اللَّبَنَ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ ثُمَّ بَالَ بَعْدَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَأْكُلَ غَيْرَ اللَّبَنِ فَهَلْ يَكْفِي فِيهِ النَّضْحُ أَوْ يَجِبُ فِيهِ الْغَسْلُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الثَّانِي كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الطَّنْدَتَائِيُّ اهـ.

وَفِي سم عَلَى الْبَهْجَةِ وَمِثْلُ مَا قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ الْبَوْلُ الْمُصَاحِبُ لِآخِرِهِمَا اهـ، وَلَوْ شَكَّ هَلْ الْبَوْلُ قَبْلَهُمَا أَوْ بَعْدَهُمَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكْتَفِي فِيهِ بِالنَّضْحِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ بُلُوغِ الْحَوْلَيْنِ وَعَدَمُ كَوْنِ الْبَوْلِ بَعْدَهُمَا ع ش.

وَفِي الْكُرْدِيِّ مَا نَصُّهُ ذَكَرَ الرَّمْلِيُّ عَلَى التَّحْرِيرِ وَالْأُجْهُورِيُّ عَلَى الْإِقْنَاعِ أَنَّ ذِكْرَ الْحَوْلَيْنِ عَلَى التَّقْرِيبِ فَلَا تَضُرُّ زِيَادَةُ يَوْمَيْنِ حَرِّرْهُ اهـ وَقَالَ الْبُجَيْرِمِيُّ الْمُعْتَمَدُ الضَّرَرُ لِأَنَّ الْحَوْلَيْنِ تَحْدِيدِيَّةٌ هِلَالِيَّةٌ

فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ بِإِطْلَاقِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي الْمُخْتَلِطُ بِالدَّقِيقِ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا يُؤَثِّرُ فِي التَّغَيُّرِ فَلَا يُنَافِي مَا قَالَهُ هُنَا (قَوْلُهُ بِمَائِعٍ) أَيْ وَمِنْهُ الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ.

(قَوْلُهُ: وَمَا نَجِسَ بِبَوْلِ صَبِيٍّ إلَخْ) دَخَلَ فِيمَا غَيْرِ الْآدَمِيِّ كَإِنَاءٍ وَأَرْضٍ فَيَطْهُرُ بِالنَّضْحِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ الْآتِي وَفَارَقَتْ الذَّكَرَ إلَخْ؛ لِأَنَّ الِابْتِلَاءَ الْمَذْكُورَ حِكْمَتُهُ فِي الْأَصْلِ فَلَا يُنَافِي تَخَلُّفَهُ فِي غَيْرِ الْآدَمِيِّ وَعُمُومِ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ بِبَوْلِ صَبِيٍّ) خَرَجَ غَيْرُهُ كَقَيْئِهِ وَكَانَ وَجْهُهُ أَنَّ الِابْتِلَاءَ بِبَوْلِهِ أَكْثَرُ (قَوْلُهُ لَمْ يَطْعَمْ غَيْرَ لَبَنٍ) هَلْ قِشْدَةُ اللَّبَنِ وَسَمْنُهُ كَاللَّبَنِ أَوْ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا لَبَنًا وَلِهَذَا لَا يَحْنَثُ بِهِمَا مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَبَنًا فِيهِ نَظَرٌ.

وَقَوْلُهُ نَضَحَ لَا يَبْعُدُ أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَخْتَلِطْ بِرُطُوبَةٍ فِي الْمَحَلِّ مَثَلًا وَإِلَّا وَجَبَ الْغَسْلُ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الرُّطُوبَةَ صَارَتْ نَجِسَةً وَهِيَ لَيْسَتْ بَوْلَ صَبِيٍّ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ قَطْرَةٌ مِنْهُ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ ثُمَّ أَصَابَ هَذَا الْمَاءُ شَيْئًا فَإِنَّ مِنْ أَبْعَدِ الْبَعِيدِ أَنْ يَكْفِي فِيهِ النَّضْحُ ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الشَّارِحِ كَسَمْنٍ فَصَرَّحَ بِأَنَّ السَّمْنَ لَيْسَ كَاللَّبَنِ (قَوْلُهُ أَيْ يَذُقْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْعُبَابِ أَيْ لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ غَيْرَ اللَّبَنِ انْتَهَى، وَعِبَارَةُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ لَمْ يَطْعَمْ وَلَمْ يَشْرَبْ سِوَى اللَّبَنِ اهـ.

(قَوْلُهُ غَيْرَ لَبَنٍ) يَشْمَلُ الْمَاءَ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُجَاوِزْ سَنَتَيْنِ) أَيْ

ص: 315

(نُضِحَ) بِأَنْ يَعُمَّهُ الْمَاءُ وَإِنْ لَمْ يَسِلْ كَمَا فَعَلَهُ صلى الله عليه وسلم مَعَ قَوْلِهِ الْمُرَادُ بِهِ الْإِنْشَاءُ فِي الْخَبَرِ الصَّحِيحِ «يُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الْجَارِيَةِ وَيُرَشُّ مِنْ بَوْلِ الْغُلَامِ» وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى وَفَارَقَتْ الذَّكَرَ بِأَنَّ الِابْتِلَاءَ بِحَمْلِهِ أَكْثَرَ أَمَّا إذَا أَكَلَ غَيْرَ لَبَنٍ لِلتَّغَذِّي كَسَمْنٍ أَوْ جَاوَزَ سَنَتَيْنِ فَيَتَعَيَّنُ الْغَسْلُ وَلَا يَضُرُّ تَنَاوُلُ شَيْءٍ لِلتَّحْنِيكِ أَوْ لِلْإِصْلَاحِ وَلَا لَبَنُ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ نَجِسًا عَلَى الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّ لِلْمُسْتَحِيلِ فِي الْبَاطِنِ حُكْمَ الْمُسْتَحَالِ إلَيْهِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ مُغَلَّظًا لَزِمَهُ غَسْلُ قُبُلِهِ وَدُبُرِهِ مَرَّةً لَا غَيْرُ وَأَجْزَأَهُ الْحَجْرُ وَالنَّصُّ بِوُجُوبِ السَّبْعِ مَعَ التُّرَابِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا نَزَلَ الْمُغَلَّظُ بِعَيْنِهِ غَيْرَ مُسْتَحِيلٍ خِلَافًا لِمَا فِي فَتَاوَى الْبُلْقِينِيِّ.

(وَمَا نَجِسَ بِغَيْرِهِمَا) أَيْ الْمُغَلَّظِ وَالْمُخَفَّفِ (إنْ لَمْ يَكُنْ) أَيْ يُوجَدْ فِيهِ (عَيْنٌ)

كَمَا ذَكَرَهُ ع ش وَنُقِلَ عَنْ الْقَلْيُوبِيِّ اهـ.

(قَوْلُهُ سَنَتَيْنِ) أَيْ مِنْ تَمَامِ انْفِصَالِهِ سم قَوْلُ الْمَتْنِ (نُضِحَ) وَلَا بُدَّ مَعَ النَّضْحِ مِنْ إزَالَةِ أَوْصَافِهِ كَبَقِيَّةِ النَّجَاسَاتِ وَسَكَتُوا عَنْهَا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ سُهُولَةُ زَوَالِهَا خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ مِنْ أَنَّ بَقَاءَ اللَّوْنِ وَالرِّيحِ لَا يَضُرُّ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ وَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ مِثْلُهُ وَزَادَ شَيْخُنَا وَلَا بُدَّ مِنْ عَصْرِ مَحَلِّ الْبَوْلِ أَوْ جَفَافِهِ حَتَّى لَا يَبْقَى فِيهِ رُطُوبَةٌ تَنْفَصِلُ بِخِلَافِ الرُّطُوبَةِ الَّتِي لَا تَنْفَصِلُ اهـ عِبَارَةُ الْبُجَيْرِمِيِّ قَوْلُهُ مِنْ إزَالَةِ أَوْصَافِهِ أَيْ وَلَوْ بِالنَّضْحِ أَمَّا الْجِرْمُ فَلَا بُدَّ مِنْ إزَالَتِهِ قَبْلَ ذَلِكَ اهـ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَسِلْ) الْأَوْلَى بِلَا سَيَلَانٍ لِأَنَّ كَلَامَهُ يُوهِمُ أَنَّ حَقِيقَةَ النَّضْحِ تُوجَدُ مَعَ سَيَلَانِ الْمَاءِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ شَيْخُنَا وَفِي الْكُرْدِيِّ عَنْ الْإِيعَابِ النَّضْحُ غَلَبَةُ الْمَاءِ لِلْمَحَلِّ بِلَا سَيَلَانٍ وَإِلَّا فَهُوَ الْغَسْلُ اهـ. (قَوْلُهُ مَعَ قَوْلِهِ الْمُرَادُ بِهِ الْإِنْشَاءُ) لَا يَخْفَى أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ فَمَا وَجْهُ الْحَمْلِ عَلَيْهِ الَّذِي هُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا أَكَلَ غَيْرَ لَبَنٍ إلَخْ) وَلَوْ أَكَلَ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ طَعَامًا لِلتَّغَذِّي ثُمَّ تَرَكَهُ وَشَرِبَ اللَّبَنَ فَقَطْ غُسِلَ مِنْ بَوْلِهِ وَلَا يُنْضَحُ عَلَى الْأَوْجَهِ نِهَايَةٌ وَزِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ كَسَمْنٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مِنْ أُمِّهِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَيُغْسَلُ مِنْهُ وَمِثْلُ السَّمْنِ الْجُبْنُ ع ش.

(قَوْلُهُ: فَيَتَعَيَّنُ الْغَسْلُ) سَوَاءٌ اسْتَغْنَى بِغَيْرِ اللَّبَنِ لِلتَّغَذِّي عَنْ اللَّبَنِ أَمْ لَا نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ أَوْ لِلْإِصْلَاحِ) أَيْ وَإِنْ حَصَلَ بِهِ التَّغَذِّي سم عِبَارَةُ الْبَصْرِيِّ قَوْلُهُ لِلْإِصْلَاحِ صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ الْمُتَنَاوَلُ غِذَاءً يُتَدَاوَى بِهِ وَبِمَا إذَا اسْتَعْمَلَهُ مُدَّةً مَدِيدَةً وَلَوْ اسْتَغْرَقَتْ الْحَوْلَيْنِ وَالْأَوَّلُ وَاضِحٌ وَيُؤَيِّدُهُ اغْتِفَارُهُمْ التَّحْنِيكَ بِتَمْرٍ وَنَحْوِهِ وَالثَّانِي مَحَلُّ تَأَمُّلٍ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى اهـ أَقُولُ بَلْ تَعْبِيرُهُمْ يُشْعِرُ بِقِصَرِ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ نَجِسًا) أَيْ وَلَوْ مِنْ مُغَلَّظَةٍ نِهَايَةٌ وَسَمِّ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَا فِي فَتَاوَى الْبُلْقِينِيِّ) أَيْ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ السَّبْعِ إذَا نَزَلَ بِعَيْنِهِ قَالَ م ر أَيْ وَالْخَطِيبُ وَلَوْ ابْتَلَعَ قِطْعَةَ لَحْمٍ مُغَلَّظٍ وَخَرَجَتْ أَيْ مِنْ دُبُرِهِ حَالًا لَمْ يَجِبْ تَسْبِيعٌ أَوْ عَظْمَتِهِ وَخَرَجَتْ وَجَبَ لِأَنَّ الْبَاطِنَ سَرِيعُ الْإِحَالَةِ لِمَا يَقْبَلُ الْإِحَالَةَ سم وَجَزَمَ بِذَلِكَ شَيْخُنَا بِلَا عَزْوٍ.

(قَوْلُهُ أَيْ الْمُغَلَّظِ) إلَى قَوْلِهِ وَيُفَرَّقُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَحَبٌّ نُقِعَ فِي بَوْلٍ وَقَوْلُهُ بَاطِنُهَا أَيْضًا (قَوْلُهُ أَيْ الْمُغَلَّظِ) وَهُوَ الْكَلْبُ وَنَحْوُهُ (وَالْمُخَفَّفُ) وَهُوَ بَوْلُ الصَّبِيِّ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ إلَخْ) أَيْ عِنْدَ إرَادَةِ غَسْلِهِ فَيَدْخُلُ مَا لَوْ كَانَتْ عَيْنِيَّةً بِأَنْ أَدْرَكَ أَثَرَهَا ثُمَّ انْقَطَعَ فَصَارَتْ حُكْمِيَّةً سم.

(قَوْلُهُ وَهِيَ الَّتِي إلَخْ) أَيْ النَّجَاسَةُ الْمُتَيَقَّنَةُ الَّتِي إلَخْ مُغْنِي (قَوْلُهُ لَا بِحِسٍّ بِبَصَرٍ إلَخْ) أَيْ لَا يُدْرَكُ لَهُ جِرْمٌ وَلَا لَوْنٌ وَلَا طَعْمٌ وَلَا رِيحٌ سَوَاءٌ أَكَانَ عَدَمُ الْإِدْرَاكِ لِخَفَاءِ أَثَرِهَا بِالْجَفَافِ كَبَوْلٍ جَفَّ وَلَمْ يُدْرَكْ لَهُ طَعْمٌ وَلَا لَوْنٌ وَلَا رِيحٌ أَوْ لِكَوْنِ الْمَحَلِّ صَقِيلًا لَا تَثْبُتُ عَلَيْهِ النَّجَاسَةُ كَالْمِرْآةِ وَالسَّيْفِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ نَقِيضُ ذَلِكَ) وَهِيَ الَّتِي لَهَا جِرْمٌ أَوْ طَعْمٌ أَوْ لَوْنٌ أَوْ رِيحٌ شَيْخُنَا قَوْلُ

مِنْ تَمَامِ انْفِصَالِهِ فَلَا يُحْسَبُ مِنْهُمَا زَمَنُ اجْتِنَانِهِ وَإِنْ طَالَ (قَوْلُهُ أَوْ لِلْإِصْلَاحِ) أَيْ وَإِنْ حَصَلَ بِهِ التَّغَذِّي (قَوْلُهُ وَلَوْ نَجِسًا) كَلَبَنِ كَلْبَةٍ وَقَوْلُهُ عَلَى الْأَوْجَهِ اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ لِمَا فِي فَتَاوَى الْبُلْقِينِيِّ) أَيْ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ السَّبْعِ إذَا نَزَلَ بِعَيْنِهِ قَالَ م ر وَلَوْ ابْتَلَعَ قِطْعَةَ لَحْمٍ مُغَلَّظٍ وَخَرَجَتْ حَالًا لَمْ يَجِبْ تَسْبِيعٌ أَوْ عَظْمَتَهُ وَخَرَجَتْ وَجَبَ؛ لِأَنَّ الْبَاطِنَ سَرِيعُ الْإِحَالَةِ لِمَا يَقْبَلُ الْإِحَالَةَ.

(قَوْلُهُ وَمَا نَجِسَ بِغَيْرِهِمَا إلَخْ) فَرْعٌ لَوْ صَبَّ الْمَاءَ عَلَى مَكَانِ النَّجَاسَةِ وَانْتَشَرَ حَوْلَهَا لَمْ يُحْكَمْ بِنَجَاسَةِ مَحَلِّ الِانْتِشَارِ كَمَا فِي الرَّوْضِ وَأَصْلُهُ قَالَ فِي شَرْحِهِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ الْوَارِدَ عَلَى النَّجَاسَةِ طَهُورٌ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ وَلَمْ يَنْفَصِلْ كَمَا مَرَّ اهـ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَةِ مَحَلِّ الِانْتِشَارِ وَإِنْ لَمْ يَطْهُرْ مَكَانُ النَّجَاسَةِ الْمَصْبُوبُ عَلَيْهِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ إذْ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ مَحَلَّ النَّجَاسَةِ طَهُرَ بِالصَّبِّ لَكَانَ الْمَاءُ طَهُورًا وَإِنْ انْفَصَلَ، وَقَدْ يُجَابُ عَنْ هَذَا بِأَنَّ التَّقْيِيدَ بِعَدَمِ الِانْفِصَالِ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ الِانْفِصَالِ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا فَلَا يُوصَفُ حِينَئِذٍ بِأَنَّهُ طَهُورٌ، وَقَدْ يَسْتَشْكِلُ الْحُكْمُ بِالطَّهُورِيَّةِ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ مَكَانِ النَّجَاسَةِ، بَلْ يَنْبَغِي الْحُكْمُ بِالِاسْتِعْمَالِ حِينَئِذٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَا بُدَّ فِي الِاسْتِعْمَالِ مِنْ مُجَاوَزَةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَقَدْ يُقَالُ لِمَ اعْتَبَرَ فِي التَّعْلِيلِ الطَّهُورِيَّةَ فَإِنَّهُ يَكْفِي فِي عَدَمِ الْحُكْمِ بِنَجَاسَةِ مَحَلِّ الِانْتِشَارِ الطَّاهِرِيَّةُ هَذَا وَلَكِنْ ظَهَرَ مَعَ م ر أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَطْهُرْ مَكَانُ النَّجَاسَةِ تَنَجَّسَ مَحَلُّ الِانْتِشَارِ حَتَّى لَوْ كَانَ فِيهِ دَمٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ لَمْ يُعْفَ عَنْ إصَابَةِ الْمَاءِ لَهُ وَلَا يُقَالُ إنَّ هَذَا مِنْ إصَابَةِ مَاءِ الطَّهَارَةِ وَيُحْمَلُ كَلَامُ الرَّوْضِ وَأَصْلِهِ عَلَى مَا لَوْ طَهُرَ مَكَانُ النَّجَاسَةِ بِالصَّبِّ ثُمَّ انْتَشَرَتْ الرُّطُوبَةُ اهـ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَيْنٌ كَفَى جَرْيُ الْمَاءِ) فَإِنْ قُلْت تَخْصِيصُ كِفَايَةِ جَرْيِ الْمَاءِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَيْنٌ مُشْكِلٌ إذْ قَدْ يَكْفِي جَرْيُ الْمَاءِ وَإِنْ وُجِدَتْ الْعَيْنُ كَأَثَرِ الْبَوْلِ الْخَفِيفِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ

ص: 316

بِأَنْ كَانَ الَّذِي نَجَّسَهُ حُكْمِيَّةً وَهِيَ الَّتِي لَا تُحَسُّ بِبَصَرٍ وَلَا شَمٍّ وَلَا ذَوْقٍ وَالْعَيْنِيَّةُ نَقِيضُ ذَلِكَ (كَفَى جَرْيُ الْمَاءِ) عَلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ مَرَّةً إذْ لَيْسَ ثَمَّ مَا يُزَالُ وَمِنْ ذَلِكَ سِكِّينٌ سُقِيَتْ نَجِسًا وَحَبٌّ نُقِعَ فِي بَوْلٍ وَلَحْمٌ طُبِخَ بِهِ فَيَطْهُرُ بَاطِنُهَا أَيْضًا بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَى ظَاهِرِهَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ نَحْوِ آجُرٍّ نُقِعَ فِي نَجِسٍ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نَقْعِهِ فِيهِ حَتَّى يُظَنَّ وُصُولُهُ لِجَمِيعِ مَا وَصَلَ إلَيْهِ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْأَوَّلَ يُشْبِهُ تَشَرُّبَ الْمَسَامِّ وَهُوَ لَا يُؤَثِّرُ كَمَا لَوْ نَزَلَ صَائِمٌ فِي مَاءٍ فَأَحَسَّ بِهِ فِي جَوْفِهِ وَأَيْضًا فَبَاطِنُ تِلْكَ يُشْبِهُ الْأَجْوَافَ وَهِيَ لَا طَهَارَةَ عَلَيْهَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ بِخِلَافِ نَحْوِ الْآجُرِّ فِيهِمَا وَفَارَقَ نَحْوُ السِّكِّينِ لَبِنًا عُجِنَ بِمَائِعٍ نَجِسٍ ثُمَّ حُرِقَ فَإِنَّهُ لَا يَطْهُرُ بَاطِنُهُ بِالْغَسْلِ إلَّا إذَا دُقَّ وَصَارَ تُرَابًا أَوْ نُقِعَ حَتَّى وَصَلَ الْمَاءُ لِبَاطِنِهِ بِتَيَسُّرِ رَدِّهِ إلَى التُّرَابِ وَتَأْثِيرِ نَقْعِهِ فِيهِ بِخِلَافِ تِلْكَ فَإِنَّ فِي رَدِّ أَجْزَاءِ بَعْضِهَا حَتَّى تَصِيرَ كَالتُّرَابِ مَشَقَّةً تَامَّةً وَضَيَاعَ مَالٍ

الْمَتْنِ (كَفَى جَرْيُ الْمَاءِ) فَإِنْ قُلْت تَخْصِيصُ كِفَايَةِ جَرْيِ الْمَاءِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَيْنٌ مُشْكِلٌ إذْ قَدْ يَكْفِي جَرْيُ الْمَاءِ وَإِنْ وُجِدَتْ الْعَيْنُ كَأَثَرِ الْبَوْلِ الْخَفِيفِ الَّذِي يُحَسُّ بِبَصَرٍ أَوْ شَمٍّ أَوْ ذَوْقٍ لَكِنْ لَا يُمْكِنُ تَحْصِيلُ شَيْءٍ مِنْهُ قُلْت لَا نُسَلِّمُ كِفَايَةَ جَرْيِ الْمَاءِ فِي نَحْوِ الْأَثَرِ الْمَذْكُورِ بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ زَوَالِ الْأَوْصَافِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ نَحْوَ ذَلِكَ الْأَثَرِ لِضَعْفِهِ تَزُولُ أَوْصَافُهُ بِجَرْيِ الْمَاءِ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَكْفِي فِي غَيْرِ الْعَيْنِ مُجَرَّدُ الْجَرْيِ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْعَيْنِ مِنْ زَوَالِ الْأَوْصَافِ لَكِنَّهَا قَدْ تَزُولُ بِمُجَرَّدِ الْجَرْيِ فَيُكْتَفَى بِهِ لَا لِكَوْنِهِ مُجَرَّدَ جَرْيٍ بَلْ لِتَضَمُّنِهِ زَوَالَ الْأَوْصَافِ.

(فَرْعٌ)

لَوْ صُبَّ الْمَاءُ عَلَى مَكَانِ النَّجَاسَةِ وَانْتَشَرَ حَوْلَهَا لَمْ يُحْكَمْ بِنَجَاسَةِ مَحَلِّ الِانْتِشَارِ كَمَا فِي الرَّوْضِ وَأَصْلِهِ أَيْ وَالْمُغْنِي وَلَكِنْ ظَهَرَ مَعَ م ر أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَطْهُرْ مَكَانُ النَّجَاسَةِ تَنَجَّسَ مَحَلُّ الِانْتِشَارِ حَتَّى لَوْ كَانَ فِيهِ دَمٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ لَمْ يُعْفَ عَنْ إصَابَةِ الْمَاءِ لَهُ وَلَا يُقَالُ إنَّ هَذَا مِنْ إصَابَةِ مَاءِ الطَّهَارَةِ وَيُحْمَلُ كَلَامُ الرَّوْضِ وَأَصْلِهِ عَلَى مَا لَوْ طَهُرَ مَكَانُ النَّجَاسَةِ بِالصَّبِّ ثُمَّ انْتَشَرَتْ الرُّطُوبَةُ اهـ فَلْيُحَرَّرْ سم بِحَذْفِ قَوْلِ الْمَتْنِ (كَفَى جَرْيُ الْمَاءِ) مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ نِيَّةٍ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ وَيَأْتِي؛ لِأَنَّهَا مِنْ بَابِ التُّرُوكِ شَرْحُ بَافَضْلٍ وَقِيلَ تَجِبُ النِّيَّةُ وَنُسِبَ لِجَمْعٍ مِنْهُمْ ابْنُ سُرَيْجٍ لَكِنْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إنَّهُ وَجْهٌ بَاطِلٌ مُخَالِفٌ لِلْإِجْمَاعِ.

وَقَالَ الشَّارِحِ فِي الْإِيعَابِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُنْدَبُ الْخُرُوجُ مِنْ خِلَافِهِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَمِنْ ذَلِكَ) أَيْ الْمُتَنَجِّسِ بِالنَّجَاسَةِ الْحُكْمِيَّةِ (قَوْلُهُ وَحَبٌّ نُقِعَ إلَخْ) أَيْ حَتَّى انْتَفَخَ شَيْخُنَا عِبَارَةُ الْبَصْرِيِّ ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تَبْقَ فِيهِ قُوَّةُ الْإِنْبَاتِ وَكَانَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ أَيْ فِي شَرْحِ وَبَوْلِ أَنَّ الْمَدَارَ ثَمَّ عَلَى الِاسْتِحَالَةِ فِي الْبَاطِنِ وَوُصُولُهُ لِتِلْكَ الْحَالَةِ قَرِينَةٌ عَلَيْهَا اهـ. (قَوْلُهُ فَيَطْهُرُ بَاطِنُهَا) أَيْ حَتَّى لَوْ حَمَلَهَا فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَضُرَّ سم وَقَالَ شَيْخُنَا بِلَا عَزْوٍ وَيُعْفَى عَنْ بَاطِنِهَا اهـ.

(قَوْلُهُ بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَى ظَاهِرِهَا) أَيْ فَلَا يُحْتَاجُ إلَى سَقْيِ السِّكِّينِ مَاءً طَهُورًا وَإِغْلَاءِ اللَّحْمِ وَلَا إلَى عَصْرِهِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا) أَيْ السِّكِّينِ وَالْحَبِّ وَاللَّحْمِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ حَتَّى يَظُنَّ وُصُولَهُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ظَنِّ الْوُصُولِ عَلَى وَجْهِ السَّيَلَانِ حَتَّى تُوجَدَ حَقِيقَةُ الْغَسْلِ وَيُحْتَمَلُ الِاكْتِفَاءُ بِمُطْلَقِ الْوُصُولِ لِلضَّرُورَةِ مَعَ تَعَذُّرِ أَوْ تَعَسُّرِ حَقِيقَةِ الْغَسْلِ بَصْرِيٌّ أَقُولُ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ كَغَيْرِهِ هُوَ الثَّانِي أَيْ الِاكْتِفَاءُ بِمُطْلَقِ الْوُصُولِ (قَوْلُهُ بِأَنَّ الْأَوَّلَ) أَيْ سَقْيَ السِّكِّينِ نَجِسًا (قَوْلُهُ فَبَاطِنُ تِلْكَ) أَيْ السِّكِّينِ وَالْحَبِّ وَاللَّحْمِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ نَحْوِ الْآجُرِّ فِيهِمَا) أَيْ الْمُشَابِهَتَيْنِ وَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ وَفَارَقَ نَحْوُ السِّكِّينِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَاللَّبِنُ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ إنْ خَالَطَ نَجَاسَةً جَامِدَةً كَالرَّوْثِ لَمْ يَطْهُرْ وَإِنْ طُبِخَ وَصَارَ آجُرًّا لِعَيْنِ النَّجَاسَةِ وَإِنْ خَالَطَهُ غَيْرُهَا كَالْبَوْلِ طَهُرَ ظَاهِرُهُ بِالْغَسْلِ وَكَذَا بَاطِنُهُ إنْ نُقِعَ فِي الْمَاءِ وَلَوْ مَطْبُوخًا إنْ كَانَ رَخْوًا يَصِلُهُ الْمَاءُ كَالْعَجِينِ أَوْ مَدْقُوقًا بِحَيْثُ يَصِيرُ تُرَابًا فَإِنْ قِيلَ لِمَ اكْتَفَى بِغَسْلِ ظَاهِرِ السِّكِّينِ أَيْ فِي طَهَارَةِ ظَاهِرِهَا وَبَاطِنِهَا وَلَمْ يُكْتَفَ بِذَلِكَ فِي الْآجُرِّ أُجِيبُ بِأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يُكْتَفَ بِالْمَاءِ فِي الْآجُرِّ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِهِ مُتَأَتٍّ مِنْ غَيْرِ مُلَابَسَةٍ لَهُ فَلَا حَاجَةَ لِلْحُكْمِ بِطَهَارَةِ بَاطِنِهِ مِنْ غَيْرِ إيصَالِ الْمَاءِ إلَيْهِ بِخِلَافِ السِّكِّينِ اهـ زَادُ النِّهَايَةِ وَلَا يُؤْمَرُ بِسَحْقِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ مَالِيَّتِهَا وَنَقْصِهَا وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ جَازَ أَنْ تَكُونَ النَّجَاسَةُ دَاخِلَ الْأَجْزَاءِ الصِّغَارِ اهـ.

قَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ لَمْ يَطْهُرْ وَإِنْ طُبِخَ أَيْ لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا كَمَا هُوَ صَرِيحُ السِّيَاقِ وَصَرِيحُ كَلَامِهِمْ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ فَإِنَّ فِي رَدِّ أَجْزَاءِ بَعْضِهَا إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ فِي الْحَبِّ الْمُتَبَادَرِ إرَادَتُهُ مَعَ اللَّحْمِ مِنْ هَذَا الْبَعْضِ وَلَوْ سَلِمَ فَيُقَالُ إنَّهُ يُؤَثِّرُ فِيهِ النَّقْعُ فَلْيَطْهُرْ بِهِ (قَوْلُهُ حَتَّى يَصِيرَ كَالتُّرَابِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذِهِ ضَرُورَةٌ وَغَايَةُ مَا تَقْتَضِيهِ الْعَفْوُ لَا الطَّهَارَةُ بَصْرِيٌّ وَتَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا

تَحْصِيلُ شَيْءٍ مِنْهُ فَإِنَّهُ عَيْنٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا هُنَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحِ مَا يُحَسُّ بِبَصَرٍ أَوْ شَمٍّ أَوْ ذَوْقٍ وَالْأَثَرُ الْمَذْكُورُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُحَسُّ بِالْبَصَرِ وَقَدْ يُحَسُّ بِالشَّمِّ وَالذَّوْقِ مَعَ أَنَّهُ يَكْفِي جَرْيُ الْمَاءِ عَلَيْهِ قُلْت لَا نُسَلِّمُ كِفَايَةَ جَرْيِ الْمَاءِ فِي نَحْوِ الْأَثَرِ الْمَذْكُورِ، بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ زَوَالِ الْأَوْصَافِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ نَحْوَ ذَلِكَ الْأَثَرِ لِضَعْفِهِ تَزُولُ أَوْصَافُهُ بِجَرْيِ الْمَاءِ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَكْفِي فِي غَيْرِ الْعَيْنِ مُجَرَّدُ الْجَرْيِ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْعَيْنِ مِنْ زَوَالِ الْأَوْصَافِ لَكِنَّهَا قَدْ تَزُولُ بِمُجَرَّدِ الْجَرْيِ فَيُكْتَفَى بِهِ لَا لِكَوْنِهِ مُجَرَّدَ جَرْيٍ، بَلْ لِتَضَمُّنِهِ زَوَالَ الْأَوْصَافِ، وَلَوْ سُلِّمَ فَالْمُرَادُ أَنَّ الَّذِي يَخُصُّ الْحُكْمِيَّةَ إطْلَاقُ كِفَايَةِ جَرْيِ الْمَاءِ وَذَلِكَ لَا يُنَافِي أَنَّهُ قَدْ يَكْفِي فِي بَعْضِ أَفْرَادِ الْعَيْنِيَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ) أَيْ عِنْدَ إرَادَةِ غَسْلِهِ فَيَدْخُلُ مَا لَوْ كَانَتْ عَيْنِيَّةً بِأَنْ أَدْرَكَ أَثَرَهَا ثُمَّ انْقَطَعَ فَصَارَتْ حُكْمِيَّةً (قَوْلُهُ فَيَطْهُرُ بَاطِنُهَا)

ص: 317

وَبَعْضُهَا لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ النَّقْعُ وَإِنْ طَالَ نَعَمْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه عَلَى الْعَفْوِ عَمَّا عُجِنَ مِنْ الْخَزَفِ بِنَجِسٍ أَيْ يُضْطَرُّ إلَيْهِ فِيهِ وَاعْتَمَدَهُ كَثِيرُونَ وَأَلْحَقُوا بِهِ الْآجُرَّ الْمَعْجُونَ بِهِ (وَإِنْ كَانَتْ) عَيْنٌ فِيهِ مِنْ غَيْرِهِمَا بَلْ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا عَلَى الْأَوْجَهِ فِي الْمُخَفَّفَةِ وَالِاكْتِفَاءُ بِالنَّضْحِ فِيهَا إنَّمَا هُوَ لِلْغَالِبِ مِنْ زَوَالِ أَوْصَافِهَا بِهِ (وَجَبَ) بَعْدَ زَوَالِ عَيْنِهَا (إزَالَةُ) أَوْصَافِهَا مِنْ (الطَّعْمِ) وَإِنْ عَسُرَ لِأَنَّ بَقَاءَهُ دَلِيلٌ عَلَى بَقَاءِ الْعَيْنِ، وَالْأَوْجَهُ جَوَازُ ذَوْقِ الْمَحَلِّ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ زَوَالُ طَعْمِهِ لِلْحَاجَةِ

(وَلَا يَضُرُّ) فِي الْحُكْمِ بِطُهْرِ الْمَحَلِّ حَقِيقَةً (بَقَاءُ لَوْنٍ أَوْ رِيحٍ) يُدْرَكُ بِشَمِّ الْمَحَلِّ أَوْ بِالْهَوَاءِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ بَعْدَ ظَنِّ الطُّهْرِ لَا يَجِبُ شَمٌّ وَلَا نَظَرٌ نَعَمْ يَنْبَغِي سَنَّهُ هُنَا فَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ زَالَ شَمُّهُ أَوْ بَصَرُهُ خِلْقَةً أَوْ لِعَارِضٍ لَمْ يَلْزَمْهُ سُؤَالُ غَيْرِهِ أَنْ يَشُمَّ أَوْ يَنْظُرَ لَهُ (عُسْرُ زَوَالِهِ)

مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ وَبَعْضَهَا) بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى اسْمِ إنَّ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهَذَا الْبَعْضِ السِّكِّينُ (قَوْلُهُ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ النَّقْعُ) هَذَا لَا يَظْهَرُ فِي الْحَبِّ وَاللَّحْمِ وَهُمَا مِنْ نَحْوِ السِّكِّينِ سم وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا الْبَعْضِ السِّكِّينُ فَلَا إيرَادَ هُنَا وَإِنَّمَا الْإِشْكَالُ فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ فَإِنَّ فِي رَدِّ بَعْضِ أَجْزَائِهَا إلَخْ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ بِنَجِسٍ) ظَاهِرُهُ مُطْلَقًا جَامِدًا كَانَ كَرَمَادِ السِّرْجِينِ أَوْ مَائِعًا كَالْبَوْلِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ أَيْ يُضْطَرُّ إلَيْهِ) قَدْ يُقَالُ أَوْ تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ وَأَلْحَقُوا بِهِ الْآجُرَّ إلَخْ) وَعَلَيْهِ فَلَا يَنْجَسُ مَا أَصَابَهُ مَعَ تَوَسُّطِ رُطُوبَةٍ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ ع ش.

(قَوْلُهُ الْمَعْجُونُ بِهِ) أَيْ بِالنَّجِسِ ظَاهِرُهُ وَلَوْ جَامِدًا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ عَيْنٌ فِيهِ) أَيْ فِي مُطْلَقِ الْمُتَنَجِّسِ بِدُونِ قَيْدٍ بِغَيْرِهِمَا وَإِنَّمَا رَجَعَ الضَّمِيرُ إلَيْهِ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِخْدَامِ حَتَّى احْتَاجَ إلَى قَوْلِهِ مِنْ غَيْرِهِمَا لِيَعْطِفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ بَلْ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا فَيَنْدَفِعُ بِذَلِكَ اعْتِرَاضُ السَّيِّدِ الْبَصْرِيِّ بِأَنَّ ضَمِيرَ فِيهِ عَائِدٌ عَلَى مَا نَجِسَ بِغَيْرِهِمَا فَلَا ضَرُورَةَ لِقَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِمَا بَلْ هُوَ تَكْرَارٌ اهـ.

(قَوْلُهُ عَيْنٌ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَا يَضُرُّ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِ الشَّارِحِ نَعَمْ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ يُدْرِكُ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ بَعْدَ زَوَالِ عَيْنِهَا) أَيْ جِرْمِهَا فَالْمُرَادُ بِالْعَيْنِ هُنَا غَيْرُ مَا أَرَادَهُ بِهَا فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَيْنٌ سم وَعِ ش أَيْ وَلِلتَّنَبُّهِ عَلَيْهِ أَظْهَرَ فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ (قَوْلُهُ أَوْصَافِهَا مِنْ) لَا تَظْهَرُ لِتَقْدِيرِهِ ثَمَرَةَ (قَوْلُهُ مِنْ الطَّعْمِ وَإِنْ عَسُرَ) لِسُهُولَتِهِ غَالِبًا فَأُلْحِقَ بِهِ نَادِرُهَا نَعَمْ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ لَوْ لَمْ يَزُلْ إلَّا بِالْقَطْعِ عُفِيَ عَنْهُ نِهَايَةٌ اهـ سم قَالَ ع ش أَيْ فَيُحْكَمُ بِطَهَارَةِ مَحَلِّهِ مَعَ بَقَاءِ الطَّعْمِ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ م ر فِيمَا لَوْ عَسُرَ زَوَالُ اللَّوْنِ أَوْ الرِّيحِ اهـ وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ أَيْ وَلَوْ يَطْهُرُ بِخِلَافِ مَا سَيَأْتِي فِي اللَّوْنِ وَالرِّيحِ خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ فِيهِ اهـ عِبَارَةُ شَيْخِنَا فَيُعْفَى عَنْهُ أَيْ الطَّعْمِ الْمُتَعَذِّرِ مَا دَامَ مُتَعَذِّرًا فَيَكُونُ الْمَحَلُّ نَجِسًا مَعْفُوًّا عَنْهُ لَا طَاهِرًا، وَضَابِطُ التَّعَذُّرِ أَنْ لَا يَزُولَ إلَّا بِالْقَطْعِ فَإِنْ قَدَرَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى زَوَالِهِ وَجَبَ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ مَا صَلَّاهُ بِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لِلْعَفْوِ اهـ.

وَيَأْتِي عَنْ الْقَلْيُوبِيِّ مِثْلُهَا (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ جَوَازُ ذَوْقِ الْمَحَلِّ إلَخْ) أَيْ وَأَنَّ مَحَلَّ مَنْعِهِ إذَا تَحَقَّقَ وُجُودُهَا فِيمَا يُرِيدُ ذَوْقَهُ أَوْ انْحَصَرَتْ فِيهِ نِهَايَةٌ وَعَلَيْهِ فَلَوْ أُصِيبَ الثَّوْبُ بِنَجَاسَةٍ لَا يَعْرِفُ طَعْمَهَا فَأَرَادَ ذَوْقَهَا قَبْلَ الْغَسْلِ لِيَعْلَمَهُ فَيَخْتَبِرَهُ بِذَوْقِهِ بَعْدَ صَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ فَظَاهِرُ عِبَارَتِهِ امْتِنَاعُ ذَلِكَ لِتَحَقُّقِ النَّجَاسَةِ حَالَ ذَوْقِ الْمَحَلِّ فَيُغْسَلُ إلَى أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ زَوَالُ النَّجَاسَةِ ثُمَّ إذَا ذَاقَهُ فَوَجَدَ فِيهِ طَعْمًا حَمَلَهُ عَلَى النَّجَاسَةِ ثُمَّ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ م ر أَوْ انْحَصَرَتْ فِيهِ أَنَّهُ لَوْ ذَاقَ أَحَدَهُمَا امْتَنَعَ عَلَيْهِ ذَوْقُ الْآخَرِ لِانْحِصَارِ النَّجَاسَةِ فِيهِ، وَقَدْ مَرَّ لَهُ مَا يُخَالِفُهُ ع ش.

(قَوْلُهُ فِي الْحُكْمِ بِطُهْرِ الْمَحَلِّ حَقِيقَةً) أَيْ لَا أَنَّهُ نَجِسٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ حَتَّى لَوْ أَصَابَهُ بَلَلٌ لَمْ يَتَنَجَّسْ إذْ لَا مَعْنَى لِلْغَسْلِ إلَّا الطَّهَارَةُ وَالْأَثَرُ الْبَاقِي شَبِيهٌ بِمَا يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ نِهَايَةٌ أَيْ وَهُوَ لَا يَنْجَسُ ع ش عِبَارَةُ شَيْخِنَا وَالْقَلْيُوبِيِّ وَضَابِطُ التَّعَسُّرِ أَنْ لَا يَزُولَ بِالْحَتِّ بِالْمَاءِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَمَتَى حَتَّهُ أَيْ اللَّوْنَ أَوْ الرِّيحَ ثَلَاثًا وَلَمْ يَزُلْ طَهُرَ الْمَحَلُّ فَإِذَا قَدَرَ عَلَى زَوَالِهِ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ؛ لِأَنَّ الْمَحَلَّ طَاهِرٌ نَعَمْ إنْ بَقِيَا مَعًا فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ مِنْ نَجَاسَةٍ وَاحِدَةٍ فَيَجِبُ زَوَالُهُمَا إلَّا إنْ تَعَذَّرَ كَمَا مَرَّ فِي بَقَاءِ الطَّعْمِ لِقُوَّةِ دَلَالَتِهِمَا عَلَى بَقَاءِ النَّجَاسَةِ فَإِنْ بَقِيَا مُتَفَرِّقَيْنِ أَوْ مِنْ نَجَاسَتَيْنِ وَعَسُرَ زَوَالُهُمَا لَمْ يَضُرَّ اهـ وَقَوْلُهُ فَمَتَى حَتَّهُ إلَى نَعَمْ يَأْتِي عَنْ النِّهَايَةِ مَا قَدْ يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ) إلَى الْمَتْنِ اعْتَمَدَهُ ع ش (قَوْلُهُ لَا يَجِبُ شَمٌّ إلَخْ) تَنْبَغِي زِيَادَةُ وَلَا ذَوْقٌ قَوْلُ الْمَتْنِ (عَسُرَ زَوَالُهُ) أَيْ بِحَيْثُ لَا يَزُولُ بِالْمُبَالَغَةِ بِنَحْوِ الْحَتِّ وَالْقَرْصِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْأَرْضُ وَالثَّوْبُ وَالْإِنَاءُ وَسَوَاءٌ أَطَالَ بَقَاءَ الرَّائِحَةِ أَمْ لَا نِهَايَةٌ.

قَالَ الْبُجَيْرِمِيُّ وَسُئِلَ م ر عَنْ صَبَّاغٍ يَصْبُغُ الْغَزْلَ بِمَاءِ الْفَوْهِ وَدَمِ الْمَعْزِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَغْسِلُهُ غَسْلًا جَيِّدًا حَتَّى يَصْفُوَ مَاؤُهُ وَتَبْقَى الْحُمْرَةُ فِي الْغَزْلِ فَهَلْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ يُعْفَى عَنْ لَوْنٍ عَسُرَ زَوَالُهُ أَوْ لَا فَأَجَابَ نَعَمْ يُعْفَى عَنْ لَوْنٍ عَسُرَ زَوَالُهُ

أَيْ حَتَّى لَوْ حَمَلَهَا فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَضُرَّ (قَوْلُهُ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ النَّقْعُ) هَذَا لَا يَظْهَرُ فِي الْحَبِّ وَاللَّحْمِ وَهُمَا مِنْ نَحْوِ السِّكِّينِ (قَوْلُهُ بَعْدَ زَوَالِ عَيْنِهَا) أَرَادَ بِالْعَيْنِ هُنَا غَيْرَ مَا أَرَادَهُ بِهَا فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَيْنٌ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ مِنْ الطَّعْمِ) أَيْ وَإِنْ عَسُرَ نَعَمْ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ لَوْ لَمْ يَزُلْ إلَّا بِالْقَطْعِ عُفِيَ عَنْهُ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ وَلَا يَضُرُّ بَقَاءُ لَوْنٍ أَوْ رِيحٍ عَسُرَ زَوَالُهُ) فَرْعٌ

قَالَ شَيْخُنَا نَاصِرُ الدِّينِ الطَّبَلَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أُرِيدَ تَطْهِيرُ شَيْءٍ عَلَيْهِ عَجِينٌ أَوْ سِدْرٌ فَتَغَيَّرَ الْمَاءُ الْمَصْبُوبُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ فَلَا يَضُرُّ، وَقَدْ ذَكَرْت ذَلِكَ لِلرَّمْلِيِّ فَلَمْ يُوَافِقْهُ عَلَيْهِ وَقَالَ يَضُرُّ التَّغَيُّرُ هُنَا أَيْضًا (قَوْلُهُ لَوْ زَالَ شَمَّهُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِهَذَا مَعَ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ

ص: 318

وَلَوْ مِنْ مُغَلَّظٍ بِأَنْ لَمْ تَتَوَقَّفْ إزَالَتُهُ عَلَى شَيْءٍ أَوْ تَوَقَّفَتْ عَلَى نَحْوِ صَابُونٍ وَلَمْ يَجِدْهُ فِيمَا يَظْهَرُ لِلْمَشَقَّةِ فَإِنْ وَجَدَهُ أَيْ بِثَمَنِ مِثْلِهِ فَاضِلًا عَمَّا يُعْتَبَرُ فِي التَّيَمُّمِ فِيمَا يَظْهَرُ أَيْضًا بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا فِيهِ تَحْصِيلُ وَاجِبٍ خُوطِبَ بِهِ وَمِنْ ثَمَّ اُتُّجِهَ أَيْضًا أَنْ يَأْتِيَ هُنَا التَّفْصِيلُ الْآتِي فِيمَا إذَا وَجَدَهُ بِحَدِّ الْغَوْثِ أَوْ الْقُرْبِ نَعَمْ لَا يَجِبُ قَبُولُ هِبَةِ هَذَا؛ لِأَنَّ فِيهَا مِنَّةً بِخِلَافِ الْمَاءِ أَوْ تَوَقَّفَتْ عَلَى نَحْوِ حَتٍّ وَقَرْصٍ لَزِمَهُ وَتَوَقَّفَتْ الطَّهَارَةُ عَلَيْهِ وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمَدَارَ فِي التَّوَقُّفِ عَلَى ظَنِّ الْمُطَهِّرِ.

وَعَلَيْهِ يَظْهَرُ أَيْضًا أَنَّ مَحَلَّهُ إنْ كَانَ لَهُ خِبْرَةٌ وَحِينَئِذٍ لَا يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ لِقَوْلِ غَيْرِهِ وَإِلَّا سَأَلَ خَبِيرًا وَيَظْهَرُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ عَرَفَ مِنْ مُغَيِّرٍ شَيْئًا لَمْ يَطْرُدْهُ فِيهِ لِاخْتِلَافِ اللُّصُوقِ بِالْمَحَلِّ بِالْإِعْرَاضِ مِنْ نَحْوِ هَوَاءٍ وَمِزَاجٍ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ وَأَفْهَمَ الْمَتْنُ أَنَّ الْمَصْبُوغَ بِالنَّجِسِ مَتَى تُيُقِّنَتْ فَهِيَ عَيْنُ النَّجَاسَةِ بِأَنْ ثَقُلَ

اهـ وَيَظْهَرُ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ التَّمْوِيهِ أَنَّ الْفِعْلَ حَرَامٌ مُطْلَقًا فَلْيُرَاجَعْ وَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِالصَّبْغِ بِالنَّجَسِ فِي بَحْثِ الْغُسَالَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ مُغَلَّظٍ) فَلَوْ عَسُرَتْ إزَالَةُ لَوْنِ نَحْوِ دَمٍ مُغَلَّظٍ أَوْ رِيحِهِ طَهُرَ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ فِي خَادِمِهِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ بِأَنْ لَمْ يَتَوَقَّفْ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ لَا تَزُولَ إلَّا بِالْقَطْعِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الطَّعْمِ (قَوْلُهُ أَوْ تَوَقَّفَتْ عَلَى نَحْوِ صَابُونٍ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَلَوْ تَوَقَّفَ زَوَالُ ذَلِكَ وَنَحْوُهُ عَلَى أُشْنَانٍ أَوْ صَابُونٍ أَوْ حَتٍّ أَوْ قَرْصٍ وَجَبَ وَإِلَّا اُسْتُحِبَّ وَبِهِ يُجْمَعُ بَيْنَ قَوْلِ الْوُجُوبِ وَالِاسْتِحْبَابِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ لِوُجُوبِ نَحْوِ الصَّابُونِ أَنْ يُفَضَّلَ ثَمَنُهُ عَمَّا يُفَضَّلُ عَنْهُ ثَمَنُ الْمَاءِ فِي التَّيَمُّمِ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْحَتِّ وَنَحْوِهِ لَزِمَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ عَلَيْهِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ إذَا وَجَدَهَا فَاضِلَةً عَنْ ذَلِكَ أَيْضًا وَأَنَّهُ لَوْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ أَيْ نَحْوُ الصَّابُونِ حِسًّا أَوْ شَرْعًا احْتَمَلَ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ اسْتِعْمَالُهُ بَعْدَ ذَلِكَ لِطَهَارَةِ الْمَحَلِّ حَقِيقَةً وَيَحْتَمِلُ اللُّزُومُ وَإِنَّ كُلًّا مِنْ الطُّهْرِ وَالْعَفْوِ إنَّمَا كَانَ لِلتَّعَذُّرِ.

وَقَدْ زَالَ وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِلْقَوَاعِدِ بَلْ قِيَاسُ فَقْدِ الْمَاءِ عِنْدَ حَاجَتِهِ عَدَمُ الطُّهْرِ مُطْلَقًا وَهُوَ الْأَوْجَهُ اهـ وَأَقَرَّهَا سم وَعِ ش قَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ وَلَوْ تَوَقَّفَ زَوَالُ ذَلِكَ أَيْ لَوْنِ النَّجَاسَةِ أَوْ رِيحِهَا وَلَيْسَ هَذَا خَاصًّا بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ قُلْت فَإِنْ بَقِيَا إلَخْ وَإِنْ أَوْهَمَهُ سِيَاقُهُ اهـ وَقَوْلُ النِّهَايَةِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ تَقَدَّمَ عَنْهُ وَعَنْ شَيْخِنَا وَفِي الشَّارِحِ مَا يُخَالِفُهُ فِيمَا إذَا بَقِيَ اللَّوْنُ أَوْ الرِّيحُ وَحْدَهُ وَكَذَا يُخَالِفُهُ قَوْلُ الْبُجَيْرِمِيِّ مَا نَصُّهُ فَإِنْ قُلْت حَيْثُ أَوْجَبْتُمْ الِاسْتِعَانَةَ فِي زَوَالِ الْأَثَرِ مِنْ الطَّعْمِ أَوْ اللَّوْنِ أَوْ الرِّيحِ أَوْ هُمَا بِنَحْوِ صَابُونٍ إذَا تَوَقَّفَتْ الْإِزَالَةُ عَلَيْهِ فَمَا مَحَلُّ قَوْلِهِمْ يُعْفَى عَنْ اللَّوْنِ وَالرِّيحِ دُونَ الطَّعْمِ مَعَ اسْتِوَاءِ الْكُلِّ فِي وُجُوبِ إزَالَةِ الْأَثَرِ وَإِنْ تَوَقَّفَ عَلَى غَيْرِ الْمَاءِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ تَجِبُ الِاسْتِعَانَةُ بِمَا ذَكَرَ فِي الْجَمِيعِ ثُمَّ إنْ لَمْ يَزُلْ بِذَلِكَ وَبَقِيَ اللَّوْنُ أَوْ الرِّيحُ حَكَمْنَا بِالطَّهَارَةِ وَإِنْ بَقِيَا مَعًا أَوْ بَقِيَ الطَّعْمُ وَحْدَهُ عُفِيَ عَنْهُ فَقَطْ إنْ تَعَذَّرَ لَا أَنَّهُ يَصِيرُ طَاهِرًا وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّا إذَا قُلْنَا بِالطَّهَارَةِ وَقَدَرَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى إزَالَتِهِ لَمْ تَجِبْ وَإِنْ قُلْنَا بِالْعَفْوِ وَجَبَتْ مَدَابِغِيٌّ اهـ.

(قَوْلُهُ خُوطِبَ إلَخْ) جَوَابُ قَوْلِهِ فَإِنْ وَجَدَهُ وَقَوْلُهُ بِهِ أَيْ بِنَحْوِ الصَّابُونِ (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ لِأَجْلِ ذَلِكَ الْجَامِعِ (قَوْلُهُ فِيمَا إذَا وَجَدَهُ) أَيْ الْمَاءَ (قَوْلُهُ قَبُولُ هِبَةِ هَذَا) أَيْ نَحْوِ الصَّابُونِ (قَوْلُهُ أَوْ تَوَقَّفَتْ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَجَدَهُ (قَوْلُهُ عَلَى نَحْوِ حَتٍّ) وَالْحَتُّ بِالْمُثَنَّاةِ الْحَكُّ بِنَحْوِ عُودٍ وَالْقَرْصُ بِالْمُهْمَلَةِ تَقْطِيعُهُ بِنَحْوِ الظُّفْرِ أَيْ حَكُّهُ بِهِ كُرْدِيٌّ وَقَالَ ع ش وَالْقَرْصُ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ الْغَسْلُ بِأَطْرَافِ الْأَصَابِعِ وَقِيلَ هُوَ الْقَلْعُ وَنَحْوُهُ اهـ وَقَالَ الْبُجَيْرِمِيُّ وَالْقَرْضُ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَوْ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ الْحَتُّ بِأَطْرَافِ الْأَصَابِعِ اهـ. (قَوْلُهُ أَنَّ مَحَلَّهُ) أَيْ مَحَلَّ اعْتِبَارِ ظَنِّ الْمُطَهِّرِ (قَوْلُهُ شَيْئًا) أَيْ مِنْ عُسْرِ الزَّوَالِ أَوْ سُهُولَتِهِ فِي مَحَلٍّ وَتَوَقُّفِ زَوَالِهِ فِيهِ عَلَى نَحْوِ الصَّابُونِ وَعَدَمِهِ (لَمْ يَطْرُدْهُ فِيهِ) أَيْ فِي ذَلِكَ الْمُغَيِّرِ أَيْ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ)(فَرْعٌ)

مَاءٌ نُقِلَ مِنْ الْبَحْرِ وَوُضِعَ فِي زِيرٍ فَوُجِدَ فِيهِ طَعْمُ زِبْلٍ أَوْ رِيحُهُ أَوْ لَوْنُهُ حُكِمَ بِنَجَاسَتِهِ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَإِنْ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ جَائِفَةٍ بِقُرْبِهِ لَمْ يُحْكَمْ بِنَجَاسَتِهِ خَطِيبٌ وَفِي النِّهَايَةِ وَسَمِّ عَنْ إفْتَاءِ الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ مِثْلُهُ قَالَ ع ش قَوْلُ م ر حُكِمَ بِنَجَاسَتِهِ ضَعِيفٌ، وَقَدْ نُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ فَتَاوَى وَالِدِهِ الْقَوْلُ بِعَدَمِ النَّجَاسَةِ اهـ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ هَذَا مِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى وَمَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يَنْجَسُ اهـ.

وَفِي الْبُجَيْرِمِيِّ عَنْ الْحَلَبِيِّ وَالْحِفْنِيّ مَا نَصُّهُ وَحَاصِلُ الْمُعْتَمَدِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ حَاشِيَةِ الْأُجْهُورِيِّ أَنَّ الْمَاءَ الَّذِي فِي الزِّيرِ إذَا وُجِدَ فِيهِ طَعْمُ أَوْ رِيحُ بَوْلٍ مَثَلًا يُحْكَمُ بِالطَّهَارَةِ إلَّا إنْ وُجِدَ سَبَبٌ يُحَالُ عَلَيْهِ النَّجَاسَةُ وَفِي الْقَلْيُوبِيِّ عَلَى الْجَلَالِ لَا يُحْكَمُ بِالنَّجَاسَةِ بِغَيْرِ تَحَقُّقِ سَبَبِهَا فَالْمَاءُ الْمَنْقُولُ مِنْ الْبَحْرِ لِلْأَزْيَارِ فِي الْبُيُوتِ مَثَلًا إذَا وُجِدَ فِيهِ وَصْفُ النَّجَاسَةِ مَحْكُومٌ بِطَهَارَتِهِ لِلشَّكِّ قَالَهُ شَيْخُنَا م ر وَأَجَابَ عَمَّا نُقِلَ عَنْ وَالِدِهِ مِنْ الْحُكْمِ بِالنَّجَاسَةِ تَبَعًا لِلْبَغَوِيِّ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا وُجِدَ سَبَبُهَا اهـ أَيْ فِي الْبَحْرِ الْمَنْقُولِ مِنْهُ بِأَنْ أَخْبَرَ بِهِ عَدْلٌ اهـ.

(قَوْلُهُ أَنَّ الْمَصْبُوغَ) إلَى قَوْلِهِ وَمَرَّ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي كَمَا يَأْتِي قَالَ الْبُجَيْرِمِيُّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَصْبُوغَ بِعَيْنِ النَّجَاسَةِ كَالدَّمِ أَوْ بِمُتَنَجِّسٍ تَفَتَّتَ النَّجَاسَةُ فِيهِ أَوْ لَمْ تَتَفَتَّتْ وَكَانَ الْمَصْبُوغُ رَطْبًا يَطْهُرُ إذَا صَفَتْ الْغُسَالَةُ مَعَ الصَّبْغِ بَعْدَ زَوَالِ

وَلَمْ يَجِدْهُ فِيمَا يَظْهَرُ) وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَطْهُرُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِعَانَةَ بِنَحْوِ الصَّابُونِ مِنْ شُرُوطِ الطَّهَارَةِ فَلَا تُوجَدُ بِدُونِهَا وَعَلَى هَذَا فَهَلْ يَلْزَمُهُ طَلَبُهُ وَلَوْ مِنْ حَدِّ الْبُعْدِ مُطْلَقًا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ بِأَنَّ لَهُ بَدَلًا وَهُوَ التُّرَابُ وَلَا كَذَلِكَ مَا هُنَا أَوْ إنْ كَانَ الْمُتَنَجِّسُ بَدَنَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ ثَوْبَهُ لَا يَلْزَمُهُ مِنْ حَدِّ الْبُعْدِ؛ لِأَنَّ مَنْ صَلَّى عَارِيًّا لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَنْ صَلَّى بِالنَّجَاسَةِ فِيهِ نَظَرٌ وَالثَّانِي غَيْرُ بَعِيدٍ ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ

ص: 319

أَوْ كَانَتْ تَنْفَصِلُ مَعَ الْمَاءِ اُشْتُرِطَ زَوَالُهَا أَوْ لَوْنُهَا أَوْ رِيحُهَا فَقَطْ وَعَسُرَ عُفِيَ عَنْهُ وَمَرَّ أَوَائِلَ الطَّهَارَةِ مَا لَوْ زَالَ الرِّيحُ ثُمَّ عَادَ وَفِي الِاسْتِنْجَاءِ جَوَازُ الِاسْتِعَانَةِ بِنَحْوِ الْعَسَلِ وَالْمِلْحِ (وَفِي الرِّيحِ) الْعُسْرُ الزَّوَالُ (قَوْلُ) إنَّهُ يَضُرُّ وَفِي اللَّوْنِ وَجْهٌ أَيْضًا (قُلْت فَإِنْ بَقِيَا مَعًا) بِمَحَلٍّ وَاحِدٍ (ضَرَّ عَلَى الصَّحِيحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِقُوَّةِ دَلَالَتِهِمَا عَلَى بَقَاءِ الْعَيْنِ وَنُدْرَةِ الْعَجْزِ عَنْهُمَا بِخِلَافِ مَا لَوْ بَقِيَا بِمَحَلَّيْنِ أَوْ مَحَالٍّ مِنْ نَحْوِ ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ الْخِلَافُ فِيمَا لَوْ تَفَرَّقَتْ دِمَاءٌ فِي ثَوْبِ كُلٍّ مِنْهَا قَلِيلٌ وَلَوْ اجْتَمَعَتْ لَكَثُرَتْ لِأَنَّ مَا هُنَا طَاهِرٌ مَحَلُّهُ حَقِيقَةً وَتِلْكَ نَجِسَةٌ مَعْفُوٌّ عَنْهَا بِشَرْطِ الْقِلَّةِ فَإِذَا كَثُرَتْ وَلَوْ بِالنَّظَرِ لِمَجْمُوعِهَا ضَرَّ عِنْدَ الْمُتَوَلِّي وَلَمْ يَضُرَّ عِنْدَ الْإِمَامِ وَاسْتُفِيدَ مِنْ الْمَتْنِ أَنَّ الْأَرْضَ إذَا لَمْ تَتَشَرَّبْ مَا تَنَجَّسَتْ بِهِ لَا بُدَّ مِنْ إزَالَةِ عَيْنِهِ قَبْلَ صَبِّ الْمَاءِ الْقَلِيلِ عَلَيْهَا كَمَا لَوْ كَانَ فِي إنَاءٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمَرَّ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ فَإِنْ كُوثِرَ بِإِيرَادِ طَهُورٍ إلَى آخِرِهِ مَا يُؤَيِّدُهُ وَإِفْتَاءُ بَعْضِهِمْ بِخِلَافِ ذَلِكَ تَوَهُّمًا مِنْ بَعْضِ الْعِبَارَاتِ غَيْرُ صَحِيحٍ وَبَعْضُهُمْ بِأَنَّ صَبَّ الْمَاءِ عَلَى عَيْنِ بَوْلٍ يُطَهِّرُهُ إذَا لَمْ يَزِدْ بِهَا وَزْنُ الْغُسَالَةِ يُحْمَلُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ التَّقْيِيدُ عَلَى آثَارِ الْعَيْنِ دُونَ جِرْمِهَا.

وَقَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ إذَا صَبَّ عَلَيْهَا مَاءً فَغَمَرَهَا أَيْ بِحَيْثُ اُسْتُهْلِكَتْ فِيهِ طَهُرَ الْمَحَلُّ وَالْمَاءُ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ أَصْحَابُنَا طَرِيقَةٌ ضَعِيفَةٌ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ الْعِرَاقِيُّونَ وَهُمْ قَائِلُونَ بِالضَّعْفِ الْمَارِّ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ فَلَوْ كُوثِرَ بِإِيرَادِ طَهُورٍ إلَى آخِرِهِ وَلَوْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ جَامِدَةً فَتَفَتَّتْ وَاخْتَلَطَتْ بِالتُّرَابِ لَمْ يَطْهُرْ كَالْمُخْتَلَطِ بِنَحْوِ صَدِيدٍ بِإِفَاضَةِ الْمَاءِ عَلَيْهِ مُطْلَقًا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إزَالَةِ جَمِيعِ التُّرَابِ الْمُخْتَلِطِ بِهَا.

(وَيُشْتَرَطُ) فِي طُهْرِ الْمَحَلِّ (وُرُودُ الْمَاءِ) الْقَلِيلِ عَلَى الْمَحَلِّ النَّجِسِ وَإِلَّا تَنَجَّسَ لِمَا مَرَّ فَلَا يُطَهِّرُ غَيْرَهُ لِاسْتِحَالَتِهِ وَفَارَقَ الْوَارِدَ بِقُوَّتِهِ لِكَوْنِهِ عَامِلًا وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَفْتَرِقْ الْحَالُ بَيْنَ الْمُنْصَبِّ مِنْ أُنْبُوبٍ وَالصَّاعِدِ مِنْ فَوَّارَةٍ مَثَلًا فَلَوْ تَنَجَّسَ فَمُهُ كَفَى أَخْذُ الْمَاءِ بِيَدِهِ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُعْلِهَا عَلَيْهِ وَيَجِبُ غَسْلُ كُلِّ مَا فِي حَدِّ الظَّاهِرِ مِنْهُ وَلَوْ بِالْإِدَارَةِ كَصَبِّ مَاءٍ فِي إنَاءٍ مُتَنَجِّسٍ وَإِدَارَتِهِ بِجَوَانِبِهِ

عَيْنِهِ، وَأَمَّا إذَا صُبِغَ بِمُتَنَجِّسٍ وَلَمْ تَتَفَتَّتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ وَكَانَ الْمَصْبُوغُ جَافًّا فَإِنَّهُ يَطْهُرُ مَعَ صَبْغِهِ وَقَوْلُهُمْ لَا بُدَّ فِي طُهْرِ الْمَصْبُوغِ بِنَجِسٍ مِنْ أَنْ تَصْفُوَ الْغُسَالَةُ مَحْمُولٌ عَلَى صَبْغِ نَجِسٍ أَوْ مُخْتَلَطٍ بِأَجْزَاءٍ نَجِسَةِ الْعَيْنِ وِفَاقًا فِي ذَلِكَ لِشَيْخِنَا الطَّبَلَاوِيِّ سم مُلَخَّصًا اهـ وَيَأْتِي عَنْ ع ش مِثْلُهُ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَتْ) أَيْ عَيْنُ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ أَوْ لَوْنُهَا إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَيْنُ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ وَمَرَّ أَوَائِلَ إلَخْ) الَّذِي يَتَلَخَّصُ مِنْ كَلَامِهِ ثُمَّ إنَّ الْعَوْدَ لَا يَضُرُّ وَقَوْلُهُ وَفِي الِاسْتِنْجَاءِ إلَخْ الَّذِي اسْتَوْجَهَهُ ثَمَّ جَوَازُ الِاسْتِعَانَةِ بِنَحْوِ الْمِلْحِ مِمَّا اُعْتِيدَ امْتِحَانُهُ وَكَوْنُ الْغَسْلِ كَذَلِكَ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ بِمَحَلٍّ وَاحِدٍ) إلَى قَوْلِهِ وَلَا يَتَأَتَّى فِي النِّهَايَةِ وَالْخَطِيبِ.

(قَوْلُهُ بِمَحَلٍّ وَاحِدٍ) أَيْ مِنْ نَجَاسَةٍ وَاحِدَةٍ بَابِلِيٌّ قَوْلُ الْمَتْنِ (ضَرَّ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الضَّرَرِ إذَا بَقِيَا مَعًا بَيْنَ كَوْنِهِمَا مِنْ نَجَاسَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ نَجَاسَتَيْنِ لَكِنْ نُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ تَقْيِيدُ الضَّرَرِ فِيمَا إذَا كَانَا فِي مَحَلٍّ بِكَوْنِهِمَا مِنْ نَجَاسَةٍ وَاحِدَةٍ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ بَقَاءَهُمَا مِنْ نَجَاسَتَيْنِ لَا تَقْوَى دَلَالَتُهُ عَلَى بَقَاءِ الْعَيْنِ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مُسْتَقِلَّةٌ لَا ارْتِبَاطَ لَهَا بِالْأُخْرَى وَكُلُّ وَاحِدَةٍ بِانْفِرَادِهَا ضَعِيفَةٌ اهـ وَتَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا اعْتِمَادُهُ (قَوْلُهُ لِقُوَّةِ دَلَالَتِهِمَا إلَخْ) لَكِنْ إذَا تَعَذَّرَ عُفِيَ عَنْهُمَا مَا دَامَ التَّعَذُّرُ وَتَجِبُ إزَالَتُهُمَا عِنْدَ الْقُدْرَةِ وَلَا تَجِبُ إعَادَةُ مَا صَلَّاهُ مَعَهُمَا، وَكَذَا يُقَالُ فِي الطَّعْمِ قَلْيُوبِيٌّ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ وَتَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا وَالْمَدَابِغِيِّ اعْتِمَادُهُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ لَوْ بَقْلِيًّا بِمَحَلَّيْنِ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَضُرُّ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ الَّتِي هِيَ قُوَّةُ دَلَالَتِهِمَا عَلَى بَقَائِهَا نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ بَعْضُهُمْ بِأَنْ صَبَّ إلَخْ) أَيْ وَإِفْتَاءُ بَعْضِهِمْ بِأَنَّ إلَخْ (قَوْلُهُ يُحْمَلُ إلَخْ) فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ التَّقْيِيدُ) أَيْ بِقَوْلِهِ إذَا لَمْ يَزِدْ بِهَا (قَوْلُهُ عَلَى آثَارِ الْعَيْنِ) أَيْ الضَّعِيفَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ جَامِدَةً) تَقَدَّمَ عَنْ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ لَا ظَاهِرُهُ وَلَا بَاطِنُهُ وَسَوَاءٌ وَصَلَ الْمَاءُ إلَى جَمِيعِ أَجْزَائِهِ أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ الْقَلِيلُ) أَيْ بِخِلَافِ الْكَثِيرِ فَيَطْهُرُ الْمَحَلُّ بِهِ وَارِدًا كَانَ أَوْ مَوْرُودًا شَيْخُنَا (قَوْلُهُ النَّجِسُ) أَيْ الْمُتَنَجِّسُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ وَرَدَ الْمَحَلُّ الْمُتَنَجِّسُ عَلَى الْمَاءِ الْقَلِيلِ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ فِيمَا دُونَ الْقُلَّتَيْنِ أَنَّهُ يَنْجَسُ بِوُصُولِ النَّجِسِ الْغَيْرِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ لَهُ (قَوْلُهُ لِاسْتِحَالَتِهِ) أَيْ لِأَنَّ تَكْمِيلَ الشَّيْءِ لِغَيْرِهِ فَرْعُ كَمَالِهِ فِي نَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِالْإِدَارَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ فَلَوْ طَهُرَ إنَاءٌ أَدَارَ الْمَاءَ عَلَى جَوَانِبِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ يَطْهُرُ قَبْلَ أَنْ يَصُبَّ النَّجَاسَةَ مِنْهُ وَهُوَ كَذَلِكَ إذَا لَمْ تَكُنْ النَّجَاسَةُ مَائِعَةً بَاقِيَةً فِيهِ أَمَّا إذَا كَانَتْ مَائِعَةً بَاقِيَةً فِيهِ لَمْ يَطْهُرْ مَا دَامَ عَيْنُهَا مَغْمُورًا بِالْمَاءِ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ إلَخْ مِنْهُ مَا لَوْ تَنَجَّسَ فَمُهُ بِدَمِ اللِّثَةِ أَوْ بِمَا يَخْرُجُ بِسَبَبِ الْجُشَاءِ فَتَفَلَهُ ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَأَدَارَ الْمَاءَ فِي فَمِهِ بِحَيْثُ يَعُمُّهُ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ بِالنَّجَاسَةِ فَإِنَّ فَمَه يَطْهُرُ وَلَا يَتَنَجَّسُ الْمَاءُ فَيَجُوزُ

الْآتِي وَمِنْ ثَمَّ اتَّجَهَ أَيْضًا أَنْ يَأْتِيَ هُنَا التَّفْصِيلُ الْآتِي إلَخْ.

(فَرْعٌ)

أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ فِي مَاءٍ نُقِلَ مِنْ الْبَحْرِ فَوُضِعَ فِي زِيرٍ فَوُجِدَ فِيهِ طَعْمُ زَبْلٍ أَوْ رِيحُهُ أَوْ لَوْنُهُ بِنَجَاسَتِهِ فَقَدْ قَالَ الْأَصْحَابُ شُرِعَ تَقَدُّمُ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ لِيَعْرِفَ طَعْمَ الْمَاءِ وَرَائِحَتَهُ اهـ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ فِي مَاءٍ طَعْمًا مَثَلًا لَا يَكُونُ إلَّا لِلنَّجَاسَةِ حُكِمَ بِنَجَاسَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ وَلَا يُشْكِلُ بِأَنَّهُ لَا يُحَدُّ بِرِيحِ الْخَمْرِ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ بِقُرْبِهِ جِيفَةٌ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْهَا وَنَظِيرُهُ وُجُوبُ الْغَسْلِ إذَا رَأَى فِي فِرَاشِهِ أَوْ ثَوْبِهِ مَنِيًّا لَا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِهِ هَذَا وَالْأَوْجَهُ خِلَافُ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ لِأَصْلِ الطَّهَارَةِ وَعَدَمِ وُقُوعِ النَّجَاسَةِ وَعَدَمِ التَّنْجِيسِ بِالشَّكِّ وَيُفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا ذُكِرَ مِنْ نَظَائِرِهِ وَلَا يَرِدُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ فَتْوَى شَيْخِنَا؛ لِأَنَّهُ عَدَّ بَوْلَ الْحَيَوَانَاتِ فِي الْمَاءِ الْمَنْقُولِ مِنْهُ فِي الْجُمْلَةِ فَأَشْبَهَ السَّبَبَ الظَّاهِرَ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا لَيْسَ فِيهَا مَا يُمْكِنُ الْإِحَالَةُ عَلَيْهِ وَلَا مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْأَصْحَابِ إذْ لَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الطَّعْمَ مُقْتَضٍ لِلنَّجَاسَةِ لِإِمْكَانِ حَمْلِهِ عَلَى الْبَحْثِ عَنْ حَالِهِ إذَا وَجَدَ طَعْمَهُ أَوْ رِيحَهُ مُتَغَيِّرًا نَعَمْ يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْبَغَوِيّ عَلَى مَا إذَا عَلِمَ سَبْقَ مَا يُحَالُ عَلَيْهِ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ بِمَحَلَّيْنِ أَوْ مَحَالِّ) أَقُولُ هُوَ كَمَا لَوْ بَقِيَ

ص: 320

وَلَا يَجُوزُ لَهُ ابْتِلَاعُ شَيْءٍ قَبْلَ تَطْهِيرِهِ وَأَفْتَى ابْنُ كَبَّنَ فِي مَطَرٍ نَازِلٍ وَسَطَ إنَاءٍ مُتَنَجِّسٍ كُلُّهُ بِنَجَاسَتِهِ فَلَا يُطَهِّرُهُ وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى نُقَطٍ قَلِيلَةٍ لَمْ يَتَجَاوَزْ كُلٌّ مَحَلَّهَا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ وَارِدَةٍ حِينَئِذٍ إذْ هُوَ كَمَا تَقَرَّرَ الْعَامِلُ بِأَنْ أَزَالَ النَّجَاسَةَ عَنْ مَحَلِّ نُزُولِهِ فَمَا تَقَرَّرَ هُنَا وَأَوَّلَ الطَّهَارَةِ فِي طَهَارَةِ نَحْوِ الْإِنَاءِ بِالْإِدَارَةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَقِبَ الصَّبِّ مَفْرُوضٌ فِي وَارِدٍ لَهُ قُوَّةٌ قَهَرَتْ النَّجَاسَةَ بِخِلَافِ تِلْكَ النُّقَطِ وَلَوْ عَلَى ثَوْبٍ مُتَنَجِّسٍ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهَا لَمَّا لَمْ تَتَجَاوَزْ مَحَلَّهَا لَمْ تَكُنْ وَارِدَةً فَمَحَلُّهَا بَاقٍ عَلَى نَجَاسَتِهِ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا عَمَّتَهُ لَمْ تَكُنْ لِلنُّقَطِ النَّازِلَةِ بِالْبَعْضِ قُوَّةٌ عَلَى تَطْهِيرِهِ (لَا الْعَصْرُ) وَلَوْ فِيمَا لَهُ حَمْلٌ كَالْبِسَاطِ (فِي الْأَصَحِّ) لِطَهَارَةِ الْغُسَالَةِ بِشَرْطِهَا الْآتِي وَالْبَلَلِ الْبَاقِي فِيهِ بَعْضُهَا.

وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إنْ صُبَّ عَلَيْهِ فِي إجَّانَةٍ مَثَلًا فَإِنْ صَبَّ عَلَيْهِ وَهُوَ بِيَدِهِ لَمْ يَحْتَجْ لِعَصْرٍ قَطْعًا كَالنَّجَاسَةِ الْمُخَفَّفَةِ وَالْحُكْمِيَّةِ (وَالْأَظْهَرُ طَهَارَةُ غُسَالَةٍ) لِنَجَاسَةٍ عُفِيَ عَنْهَا كَدَمٍ أَوْ لَا وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَهُمَا غَيْرُ صَحِيحَةٍ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهَا قَبْلَ الْغَسْلِ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا مَرَّ أَنَّ مَاءَ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ مُسْتَعْمَلٌ (تَنْفَصِلُ) عَنْ الْمَحَلِّ وَهِيَ قَلِيلَةٌ (بِلَا تَغَيُّرٍ) وَلَا زِيَادَةِ وَزْنٍ

ابْتِلَاعُهُ لِطَهَارَتِهِ فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَتْ لِثَتُهُ تُدْمِي مِنْ بَعْضِ الْمَآكِلِ بِتَشْوِيشِهَا عَلَى لَحْمِ الْأَسْنَانِ فَهَلْ يُعْفَى عَنْهُ فِيمَا تُدْمِي بِهِ لِثَتُهُ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ أَمْ لَا لِإِمْكَانِ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِتَنَاوُلِ مَا لَا تُدْمِي لِثَتُهُ فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى حِينَئِذٍ اهـ.

وَمَيْلُ الْقَلْبِ إلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ (قَوْلُهُ وَيَجِبُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَإِذَا غَسَلَ فَمَه الْمُتَنَجِّسَ فَيُبَالِغُ فِي الْغَرْغَرَةِ لِيَغْسِلَ كُلَّ مَا فِي حَدِّ الظَّاهِرِ وَلَا يَبْلَعُ طَعَامًا وَلَا شَرَابًا قَبْلَ غَسْلِهِ لِئَلَّا يَكُونَ أَكَلَ النَّجَاسَةَ اهـ وَتَقَدَّمَ عَنْ ع ش أَنَّهُ لَوْ اُبْتُلِيَ شَخْصٌ بِدَمْيِ اللِّثَةِ بِأَنْ يَكْثُرَ وُجُودُهُ مِنْهُ بِحَيْثُ يَقِلُّ خُلُوُّهُ عَنْهُ يُعْفَى عَنْهُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَأَفْتَى ابْنُ كَبَّنَ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ الْمُشَدَّدَةِ ثُمَّ نُونٍ بَامَخْرَمَةَ (قَوْلُهُ كُلِّهِ) لَعَلَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ وَإِنَّمَا الْمَدَارُ عَلَى عَدَمِ عُمُومِ الْمَطَرِ لِلْمَحَلِّ الْمُتَنَجِّسِ كَمَا يُفِيدُهُ آخِرُ كَلَامِهِ (قَوْلُهُ بِنَجَاسَتِهِ فَلَا يُطَهِّرُهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ إذْ مَحَلُّ كَوْنِ الْوَارِدِ لَا يَتَنَجَّسُ بِمُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ إذَا أَزَالَهَا عَقِبَ وُرُودِهِ مِنْ غَيْرِ تَغَيُّرٍ وَلَا زِيَادَةِ وَزْنٍ اهـ اهـ سم.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا غَيْرُ وَارِدَةٍ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ سَلَّمْنَا أَنَّهَا وَارِدَةٌ إلَّا أَنَّهَا لَيْسَ فِيهَا السَّيَلَانُ الَّذِي يَتَحَقَّقُ بِهِ الْغَسْلُ وَعَلَى هَذَا فَلَا يَبْعُدُ الِاكْتِفَاءُ بِهَا فِي النَّجَاسَةِ الْمُخَفَّفَةِ سم (قَوْلُهُ إذْ هُوَ) أَيْ الْوَارِدُ وَقَوْلُهُ كَمَا تَقَرَّرَ أَيْ فِي قَوْلِهِ لِكَوْنِهِ عَامِلًا وَقَوْلُهُ الْعَامِلُ خَبَرُ هُوَ وَقَوْلُ بِأَنَّ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِالْعَامِلِ وَالْبَاءُ لِلتَّصْوِيرِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ) أَيْ الْإِدَارَةُ وَالتَّذْكِيرُ بِتَأْوِيلِ أَنْ يُدِيرَ (قَوْلُهُ مَفْرُوضٌ فِي وَارِدٍ إلَخْ) عِبَارَتُهُ فِي أَوَّلِ الطَّهَارَةِ مَحَلُّهُ فِي وَارِدٍ عَلَى حُكْمِيَّةٍ أَوْ عَيْنِيَّةٍ أَزَالَ جَمِيعَ أَوْصَافِهَا اهـ.

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ تِلْكَ النُّقَطِ) أَيْ فَلَيْسَ لَهَا تِلْكَ الْقُوَّةُ وَعَلَى فَرْضِ وُجُودِهَا فِيهِ تَطْهُرُ مَحَلُّهَا كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا عَمَّتُهُ) أَيْ عَمَّتْ النَّجَاسَةُ الْمَحَلَّ قَوْلُ الْمَتْنِ (لَا الْعَصْرُ إلَخْ) لَكِنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِيمَا يَكُنْ عَصْرُهُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَلَوْ فِيمَا لَهُ خَمْلٌ إلَخْ) كَذَا فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ فِيهِ) أَيْ فِي الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ) ذَكَرَهُ ع ش عَنْهُ وَأَقَرَّهُ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَالْأَظْهَرُ طَهَارَةُ غُسَالَةٍ تَنْفَصِلُ إلَخْ) وَلَيْسَتْ بِطَهُورٍ لِاسْتِعْمَالِهَا فِي خَبَثٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَهُمَا) لَعَلَّ بِإِطْلَاقِ الْعَفْوِ عَنْ غُسَالَةِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ كَمَا يَأْتِي فِي حَاشِيَةِ قَوْلِهِ وَأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ فِي نَحْوِ الدَّمِ إلَخْ عَنْ الزَّرْكَشِيّ وَالْجَمَّالِ وَالرَّمْلِيِّ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ مَحَلَّهَا) أَيْ التَّفْرِقَةِ قَوْلُ الْمَتْنِ (تَنْفَصِلُ إلَى إلَخْ) وَيَطْهُرُ بِالْغَسْلِ مَصْبُوغٌ بِمُتَنَجِّسٍ انْفَصَلَ عَنْهُ وَلَمْ يَزِدْ الْمَصْبُوغُ وَزْنًا بَعْدَ الْغَسْلِ عَلَى وَزْنِهِ قَبْلَ الصَّبْغِ وَإِنْ بَقِيَ اللَّوْنُ لِعُسْرِ زَوَالِهِ فَإِنْ زَادَ وَزْنُهُ ضَرَّ فَإِنْ لَمْ يَنْفَصِلْ عَنْهُ لِتَعَقُّدِهِ بِهِ لَمْ يَطْهُرْ لِبَقَاءِ النَّجَاسَةِ فِيهِ مُغْنِي، وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا أَنَّهُ زَادَ أَوْ نَجِسَ عَقَّبَ بِمُتَنَجِّسٍ وَسَكَتَ عَنْ قَوْلِهِ فَإِنْ زَادَ إلَخْ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر مَصْبُوغٌ إلَخْ أَيْ حَيْثُ كَانَ الصَّبْغُ رَطْبًا فِي الْمَحَلِّ فَإِنْ جَفَّ الثَّوْبُ الْمَصْبُوغُ بِالْمُتَنَجِّسِ كَفَى صَبُّ الْمَاءِ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ تَصْفُ غُسَالَتُهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الصَّبْغُ مَخْلُوطًا بِأَجْزَاءٍ نَجِسَةِ الْعَيْنِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَقَوْلُهُ م ر انْفَصَلَ عَنْهُ إلَخْ هَذَا قَدْ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَعْمَلَ لِلْمَصْبُوغِ مَا يَمْنَعُ مِنْ انْفِصَالِ الصَّبْغِ مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ اسْتِعْمَالِ مَا يُسَمُّونَهُ فِطَامًا لِلثَّوْبِ كَقِشْرِ الرُّمَّانِ وَنَحْوِهِ لَمْ يَطْهُرْ بِالْغَسْلِ لِلْعِلْمِ بِبَقَاءِ النَّجَاسَةِ فِيهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ اُشْتُرِطَ زَوَالُهَا بِأَنْ كَانَتْ رَطْبَةً أَوْ مَخْلُوطَةً بِنَجِسِ الْعَيْنِ أَمَّا حَيْثُ لَمْ يُشْتَرَطْ زَوَالُهَا بِأَنْ جَفَّتْ أَيْ وَلَمْ تَكُنْ مَخْلُوطَةً بِنَجِسِ الْعَيْنِ فَلَا يَضُرُّ اسْتِعْمَالُ ذَلِكَ اهـ.

(قَوْلُهُ لِنَجَاسَةٍ) إلَى قَوْلِهِ فَعُلِمَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَالتَّفْرِقَةُ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ وَيَظْهَرُ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ كَدَمٍ) أَيْ قَلِيلٍ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي شَرْحِ وَالْمُسْتَعْمَلُ فِي فَرْضِ الطَّهَارَةِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَهِيَ قَلِيلَةٌ) أَمَّا الْكَثِيرَةُ فَطَاهِرَةٌ (مَا لَمْ تَتَغَيَّرْ) وَإِنْ لَمْ يَطْهُرْ الْمَحَلُّ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي بَابِ الطَّهَارَةِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ قَوْلُ الْمَتْنِ (بِلَا تَغَيُّرٍ إلَخْ) وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ اللَّحْمَ يُغْسَلُ مِرَارًا وَلَا تَصْفُو غُسَالَتُهُ ثُمَّ يُطْبَخُ وَيَظْهَرُ فِي مَرَقَتِهِ لَوْنُ الدَّمِ هَلْ يُعْفَى عَنْهُ أَمْ لَا أَقُولُ الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ ع ش وَقَدَّمْت عَنْ الْمُغْنِي عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَدَمُ مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ

أَحَدُهُمَا بِذَيْنِك الْمَحَلَّيْنِ أَوْ تِلْكَ الْمَحَالِّ.

(قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ ابْتِلَاعُ شَيْءٍ قَبْلَ تَطْهِيرِهِ) شَامِلٌ لِلرِّيقِ عَلَى الْعَادَةِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَيُحْتَمَلُ الْمُسَامَحَةُ بِهِ لِلْمَشَقَّةِ وَكَوْنُهُ مِنْ مَعْدِنٍ خَلَقَتْهُ (قَوْلُهُ بِنَجَاسَتِهِ فَلَا يُطَهِّرُهُ إلَخْ) فِي شَرْحِ الْعُبَابِ إذْ مَحَلُّ كَوْنِ الْوَارِدِ لَا يَتَنَجَّسُ بِمُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ إذَا أَزَالَهَا عَقِبَ وُرُودِهِ مِنْ غَيْرِ تَغَيُّرٍ وَلَا زِيَادَةِ وَزْنٍ ثُمَّ قَالَ عَنْ الزَّرْكَشِيّ لَوْ وَضَعَ ثَوْبًا فِي إجَّانَةٍ وَفِيهِ دَمٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَصَبَّ عَلَيْهِ الْمَاءَ تَنَجَّسَ بِمُلَاقَاتِهِ؛ لِأَنَّ دَمَ نَحْوِ الْبَرَاغِيثِ لَا يَزُولُ بِالصَّبِّ فَلَا بُدَّ بَعْدَ زَوَالِهِ مِنْ صَبِّ مَاءٍ طَهُورٍ عَلَيْهِ اهـ.

(قَوْلُهُ لَمْ تَكُنْ لِلنُّقَطِ النَّازِلَةِ إلَخْ)

ص: 321

بَعْدَ اعْتِبَارِ مَا يَأْخُذُهُ الثَّوْبُ مِنْ الْمَاءِ وَيُعْطِيهِ مِنْ الْوَسَخِ الطَّاهِرِ وَيَظْهَرُ الِاكْتِفَاءُ فِيهِمَا بِالظَّنِّ (وَقَدْ طَهُرَ الْمَحَلُّ) بِأَنْ لَمْ يَبْقَ فِيهِ طَعْمٌ وَلَا لَوْنٌ أَوْ رِيحٌ سَهْلُ الزَّوَالِ وَنَجَاسَتُهَا إنْ تَغَيَّرَ أَحَدُ أَوْصَافِهَا أَوْ زَادَ وَزْنُ الْمَاءِ أَوْ لَمْ يَطْهُرْ الْمَحَلُّ؛ لِأَنَّ الْبَلَلَ الْبَاقِيَ بِهِ بَعْضُ الْمُنْفَصِلِ فَلَزِمَ مِنْ طَهَارَتِهِ بَعْدَهُ طَهَارَتُهُ وَمِنْ نَجَاسَتِهِ نَجَاسَتُهُ وَإِلَّا وُجِدَ التَّحَكُّمُ فَعُلِمَ أَنَّهَا قَبْلَ الِانْفِصَالِ عَنْ الْمَحَلِّ حَيْثُ لَمْ تَتَغَيَّرْ هِيَ طَاهِرَةٌ قَطْعًا وَأَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الْمَحَلِّ بَعْدَ الْغَسْلِ فَلَوْ تَطَايَرَ شَيْءٌ مِنْ أَوَّلِ غَسَلَاتِ الْمُغَلَّظِ قَبْلَ التَّتْرِيبِ غُسِلَ مَا أَصَابَهُ سِتًّا إحْدَاهُنَّ بِتُرَابٍ أَوْ مِنْ السَّابِعَةِ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ وَأَنَّ غُسَالَةَ الْمَنْدُوبِ كَالْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ بَعْدَ طُهْرِ الْمَحَلِّ فِي الْمُتَوَسِّطَةِ وَالْمُغَلَّظَةِ، وَكَذَا الْمُخَفَّفَةُ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَسُقُوطُ وُجُوبِ الْغَسْلِ فِيهَا لِلتَّرْخِيصِ لَا يَقْتَضِي سُقُوطَ نَدْبِ التَّثْلِيثِ فِيهَا أَلَا تَرَى أَنَّ الْغَسْلَ لَمَّا سَقَطَ عَنْ الرَّأْسِ فِي الْوُضُوءِ لِذَلِكَ لَمْ يَسْقُطْ تَثْلِيثُهُ وَإِذَا نُدِبَ فِي الْمُتَوَهَّمَةِ كَمَا مَرَّ ثَمَّ فَأُولَى الْمُتَيَقَّنَةِ طَهُورٌ وَأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ فِي نَحْوِ الدَّمِ إذَا أُرِيدَ غَسْلُهُ بِالصَّبِّ عَلَيْهِ فِي جَفْنَةٍ مَثَلًا وَالْمَاءُ قَلِيلٌ

بَعْدَ اعْتِبَارِ مَا يَأْخُذُهُ الثَّوْبُ إلَخْ) فَإِذَا كَانَتْ الْغُسَالَةُ قَبْلَ الْغَسْلِ بِهَا قَدْرُ رَطْلٍ وَكَانَ مِقْدَارُ مَا يَتَشَرَّبُهُ الْمَغْسُولُ مِنْ الْمَاءِ قَدْرَ أُوقِيَّةٍ وَمَا يَمُجُّهُ مِنْ الْوَسَخِ نِصْفَ أُوقِيَّةٍ وَكَانَتْ بَعْدَ الْغَسْلِ رَطْلًا إلَّا نِصْفَ أُوقِيَّةٍ صَدَقَ أَنَّهُ لَمْ يَزِدْ وَزْنُهَا بَعْدَ اعْتِبَارِ مِقْدَارِ مَا يَتَشَرَّبُهُ الْمَغْسُولُ مِنْ الْمَاءِ وَمَا يَمُجُّهُ مِنْ الْوَسَخِ الطَّاهِرِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ الِاكْتِفَاءُ فِيهِمَا) يُحْتَمَلُ عَوْدُهُ لِعَدَمِ التَّغَيُّرِ وَعَدَمِ الزِّيَادَةِ وَلِلْمَأْخُوذِ وَالْمُعْطِي وَالثَّانِي أَقْرَبُ مَعْنًى بَصْرِيٌّ.

وَجَزَمَ الْحَلَبِيُّ بِالثَّانِي (قَوْلُهُ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ فِيهِ طَعْمٌ) أَيْ غَيْرُ مُتَعَذِّرِ الزَّوَالِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ عَنْ النِّهَايَةِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَنَجَاسَتُهَا إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى طَهَارَةِ غُسَالَةٍ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَطْهُرْ الْمَحَلُّ) بِأَنْ بَقِيَ الْجِرْمُ أَوْ الطَّعْمُ إلَّا إنْ تَعَذَّرَ أَوْ اللَّوْنُ أَوْ الرِّيحُ إلَّا إنْ تَعَسَّرَ أَوْ هُمَا إلَّا إنْ تَعَذَّرَا (قَوْلُهُ بَعْضُ الْمُنْفَصِلِ) فِي التَّعْبِيرِ بِهِ تَسَامُحٌ فَإِنَّ الْبَاقِيَ وَالْمُنْفَصِلَ بَعْضَانِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ بَصْرِيٌّ وَالْأُولَى مِنْ الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ مِنْ طَهَارَتِهِ) أَيْ الْمَحَلِّ (طَهَارَتُهُ) أَيْ الْمُنْفَصِلِ (قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ تَتَغَيَّرْ إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ، وَقَدْ طَهُرَ الْمَحَلُّ (قَوْلُهُ وَأَنَّ حُكْمَهَا) إلَى قَوْلِهِ بَعْدَ اسْتِقْرَارِهِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَالْمُغَلَّظَةُ وَقَوْلُهُ وَسُقُوطٌ إلَى وَإِذَا نُدِبَ وَإِلَى قَوْلِهِ وَمَرَّ فِي النِّهَايَةِ إلَّا مَا ذَكَرَ، وَقَوْلُهُ وَإِذَا نُدِبَ إلَى وَأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ (قَوْلُهُ مِنْ أَوَّلِ غَسَلَاتِ الْكَلْبِ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِ فَيُغْسَلُ قَدْرُ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ السَّبْعِ مَعَ التَّتْرِيبِ إنْ لَمْ يُتَرِّبْ (قَوْلُهُ قَبْلَ التَّتْرِيبِ) أَيْ وَإِلَّا فَلَا تَتْرِيبَ فَلَوْ جُمِعَتْ الْغَسَلَاتُ كُلُّهَا فِي نَحْوِ طَشْتٍ ثُمَّ تَطَايَرَ مِنْهَا شَيْءٌ إلَى نَحْوِ ثَوْبٍ وَجَبَ غَسْلُهُ سِتًّا لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُتَطَايِرَ مِنْ الْأُولَى فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَرَّبَ فِي الْأُولَى وَجَبَ التَّتْرِيبُ وَإِلَّا فَلَا شَيْخُنَا وَعِ ش (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ إلَخْ) لَعَلَّ حَقَّ التَّعْلِيلِ؛ لِأَنَّ الْمَجْمُوعَ يُعْطَى حُكْمَ الْأُولَى (قَوْلُهُ وَأَنَّ غُسَالَةَ الْمَنْدُوبِ إلَخْ) خَبَرُ هَذَا قَوْلُهُ طَهُورٌ سم (قَوْلُهُ وَالْمُغَلَّظَةُ) خَالَفَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي فَقَالَا وَاللَّفْظُ لِلْأَوَّلِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُغْسَلَ مَحَلُّ النَّجَاسَةِ بَعْدَ طُهْرِهَا غَسْلَتَيْنِ تَكْمِيلُ الثَّلَاثِ وَلَوْ مُخَفَّفَةً فِي الْأَوْجَهِ أَمَّا الْمُغَلَّظَةُ فَلَا كَمَا قَالَهُ الْجَيْلَوِيُّ فِي بَحْر الْفَتَاوَى فِي نَشْرِ الْحَاوِي وَبِهِ جَزَمَ التَّقِيُّ بْنُ قَاضِي شُهْبَةَ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ؛ لِأَنَّ الْمُكَبَّرَ لَا يُكَبَّرُ كَمَا أَنَّ الْمُصَغَّرَ لَا يُصَغَّرُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ نِيَّةٌ، وَتَجِبُ إزَالَتُهَا فَوْرًا إنْ عَصَى بِهَا وَإِلَّا فَلِنَحْوِ صَلَاةٍ نَعَمْ يُسَنُّ الْمُبَادَرَةُ بِإِزَالَتِهَا حَيْثُ لَمْ تَجِبْ اهـ وَزَادَ الْمُغْنِي وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُغَلَّظَةِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي وُجُوبُ الْمُبَادَرَةِ بِالْمُغَلَّظَةِ مُطْلَقًا اهـ عِبَارَةُ شَيْخِنَا بَعْدَ ذِكْرِهِ مَا مَرَّ عَنْ الْجَيْلَوِيِّ وَقِيلَ يُسَنُّ التَّثْلِيثُ فِيهَا أَيْ الْمُغَلَّظَةِ بِزِيَادَةِ مَرَّتَيْنِ بَعْدَ السَّبْعِ وَقِيلَ بِزِيَادَةِ سَبْعَتَيْنِ بَعْدَهَا وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ ضَعِيفَانِ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَسُقُوطُ وُجُوبِ الْغَسْلِ إلَخْ) أَيْ بِكِفَايَةِ النَّضْحِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ لِذَلِكَ) أَيْ لِلتَّرْخِيصِ (فِي الْمُتَوَهَّمَةِ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي حَدِيثِ «إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ» إلَخْ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ فِي نَحْوِ الدَّمِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ بَافَضْلٍ وَمِثْلُهُ فِي سم عَنْ الْإِيعَابِ مَا نَصُّهُ وَلَوْ وَضَعَ ثَوْبًا فِي إجَّانَةٍ وَفِيهِ دَمٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَصَبَّ الْمَاءَ عَلَيْهِ تَنَجَّسَ بِمُلَاقَاتِهِ؛ لِأَنَّ دَمَ نَحْوِ الْبَرَاغِيثِ لَا يَزُولُ بِالصَّبِّ فَلَا بُدَّ بَعْدَ زَوَالِهِ مِنْ صَبِّ مَاءٍ طَهُورٍ وَهَذَا مِمَّا يَغْفُلُ عَنْهُ أَكْثَرُ النَّاسِ اهـ وَفِي الْكُرْدِيِّ قَالَ فِي الْإِيعَابِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْخَادِمِ وَيَنْبَغِي لِغَاسِلِ هَذَا الثَّوْبِ أَنْ لَا يَغْسِلَ فِي إنَائِهِ قَبْلَ تَطْهِيرِهِ ثَوْبًا آخَرَ طَاهِرًا وَيَتَحَرَّزُ عَمَّا يُصِيبُهُ مِنْ غُسَالَتِهِ وَيَنْبَغِي الْعَفْوُ عَنْ مِثْلِ هَذِهِ الْغُسَالَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّوْبِ وَإِنْ لَمْ تَزُلْ عَيْنُ النَّجَاسَةِ الْمَعْفُوُّ عَنْهُ اهـ وَقَوْلُهُ وَيَنْبَغِي الْعَفْوُ إلَخْ مَمْنُوعٌ وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا عَفْوَ اهـ.

وَفِي فَتَاوَى الْجَمَالِ الرَّمْلِيِّ لَوْ غَسَلَ الثَّوْبَ الَّذِي فِيهِ دَمُ بَرَاغِيثَ لِأَجْلِ تَنْظِيفِهِ مِنْ الْأَوْسَاخِ لَمْ يَضُرَّ

قَدْ يُقَالُ نُسَلِّمُ أَنَّ تِلْكَ النُّقَطَ وَارِدَةٌ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ بِهَا الْغَسْلُ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ لِعَدَمِ السَّيَلَانِ الَّذِي يَتَحَقَّقُ بِهِ وَعَلَى هَذَا فَلَا يَبْعُدُ الِاكْتِفَاءُ بِهَا فِي النَّجَاسَةِ الْمُخَفَّفَةِ (قَوْلُهُ وَقَدْ طَهُرَ الْمَحَلُّ) فِي شَرْحِ م ر وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُغْسَلَ مَحَلُّ النَّجَاسَةِ بَعْدَ طُهْرِهَا غَسْلَتَيْنِ لِتَكْمُلَ الثَّلَاثُ وَلَوْ مُخَفَّفَةً فِي الْأَوْجَهِ أَمَّا الْمُغَلَّظَةُ فَلَا كَمَا قَالَهُ الْجَيْلَوِيُّ فِي بَحْرِ الْفَتَاوَى فِي نَشْرِ الْحَاوِي وَبِهِ جَزَمَ التَّقِيُّ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ؛ لِأَنَّ الْمُكَبَّرَ لَا يُكَبَّرُ كَالْمُصَغَّرِ لَا يُصَغَّرُ وَمَعْنَى الْمُكَبَّرِ لَا يُكَبَّرُ أَنَّ الشَّارِعَ بَالَغَ فِي تَكْبِيرِهِ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ، كَمَا أَنَّ الشَّيْءَ إذَا صُغِّرَ مَرَّةً لَا يُصَغَّرُ أُخْرَى وَهَذَا نَظِيرُ قَوْلِهِمْ الشَّيْءُ إذَا انْتَهَى لِغَايَتِهِ فِي التَّغْلِيظِ لَا يَقْبَلُ التَّغْلِيظَ كَالْأَيْمَانِ فِي الْقَسَامَةِ وَكَقَتْلِ الْعَمْدِ وَشِبْهِهِ لَا تُغَلَّظُ فِيهِ الدِّيَةُ وَإِنْ غُلِّظَتْ فِي الْخَطَأِ وَهَذَا أَقْرَبُ إلَى الْقَوَاعِدِ وَيَقْرَبُ مِنْهُ قَوْلُهُمْ فِي الْجِزْيَةِ أَنَّ الْحَيَوَانَ لَا يَضْعُفُ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَإِنَّ غُسَالَةَ الْمَنْدُوبِ) خَبَرُ هَذَا قَوْلُهُ الْآتِي طَهُورٌ (قَوْلُهُ وَالْمُغَلَّظَةُ) يُفِيدُ نَدْبَ

ص: 322

إزَالَةُ عَيْنِهِ وَإِلَّا تَنَجَّسَ الْمَاءُ بِهَا بَعْدَ اسْتِقْرَارِهِ مَعَهَا فِيهَا وَمَالَ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ إلَى الْمُسَامَحَةِ مَعَ زِيَادَةِ الْوَزْنِ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ الزِّيَادَةِ النَّجَاسَةُ فِي الْمَاءِ وَالْمَحَلِّ أَوْ أَحَدِهِمَا وَلَكِنْ أَسْقَطَ الشَّارِعُ اعْتِبَارَهُ فَلَمْ يَفْتَرِقْ الْحَالُّ بَيْنَ الزِّيَادَةِ وَعَدَمِهَا وَيُرَدُّ بِأَنَّهَا حَيْثُ لَمْ تُوجَدْ فَالْمَاءُ قَهَرَ النَّجَاسَةَ وَأَعْدَمَهَا فَكَأَنَّهَا لَمْ تُوجَدْ وَلَا كَذَلِكَ مَعَ وُجُودِهَا.

وَمَرَّ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ مَتَى عَسُرَتْ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ عَنْ الْمَحَلِّ نُظِرَ لِلْغُسَالَةِ فَقَطْ فَإِنْ لَمْ يَنْقَطِعْ اللَّوْنُ أَوْ الرِّيحُ مَعَ الْإِمْعَانِ وَيَظْهَرُ ضَبْطُهُ بِأَنْ يَحْصُلَ بِالزِّيَادَةِ عَلَيْهِ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً بِالنِّسْبَةِ لِلْمُطَهِّرِ فِي الْغَسْلِ مَعَ نَحْوِ صَابُونٍ أَوْ قَرْضٍ ارْتَفَعَ التَّكْلِيفُ وَاسْتَثْنَى مِنْ أَنَّ لَهَا حُكْمَ الْمَحَلِّ تَغَيُّرَهُ بِالْمُغَلَّظَةِ أَوْ زِيَادَةَ وَزْنِهَا فَيَجِبُ التَّسْبِيعُ بِالتُّرَابِ مِنْ رَشَاشِهَا مَعَ أَنَّ الْمَحَلَّ يَطْهُرُ بِمَا بَقِيَ مِنْ السَّبْعِ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَكَلَامُهُمْ يَأْبَاهُ وَكَمَا سُومِحَ فِي الِاكْتِفَاءِ فِي الْمَحَلِّ بِمَا بَقِيَ مِنْ السَّبْعِ مَعَ أَنَّ الْبَاقِيَ بِهِ فِيهِ عَيْنُ النَّجَاسَةِ فَكَذَا غُسَالَتُهُ عَلَى أَنَّ لَك أَنْ تَأْخُذَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ مُزِيلَ الْعَيْنِ مَرَّةً أَنَّهُ مَتَى نَزَلَتْ الْغُسَالَةُ مُتَغَيِّرَةَ أَوْ زَائِدَةَ الْوَزْنِ لَا تُحْسَبُ مِنْ السَّبْعِ وَإِنَّمَا يُبْتَدَأُ حُسْبَانُهَا بَعْدَ زَوَالِ التَّغَيُّرِ وَعَدَمِ الزِّيَادَةِ وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ فِي مُصْحَفٍ تَنَجَّسَ بِغَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ بِوُجُوبِ غَسْلِهِ وَإِنْ أَدَّى إلَى تَلَفِهِ

بَقَاءُ الدَّمِ فِيهِ وَيُعْفَى عَنْ إصَابَةِ هَذَا الْمَاءِ وَمِثْلُهُ إذَا تَلَوَّثَتْ رِجْلُهُ مِنْ طِينِ الشَّوَارِعِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ بِشَرْطِهِ وَأَرَادَ غَسْلَ رِجْلِهِ مِنْ الْحَدَثِ فَيُعْفَى عَمَّا أَصَابَهُ مَاءُ الْوُضُوءِ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ بِأَصَابِعِهِ أَوْ كَفِّهِ نَجَاسَةٌ مَعْفُوٌّ عَنْهَا فَأَكَلَ رَطْبًا وَمِثْلُهُ إذَا تَوَضَّأَ لِلصُّبْحِ ثُمَّ بَعْدَ الطَّهَارَةِ وَجَدَ عَيْنَ دَمِ الْبَرَاغِيثِ فِي كَفِّهِ فَلَا يَتَنَجَّسُ الْمَاءُ الْمُلَاقِي لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَاءُ طَهَارَةٍ فَهُوَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ اهـ وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ إرَادَةِ غَسْلِهِ عَنْ الْحَدَثِ أَوْ عَنْ نَحْوِ الْأَوْسَاخِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْإِيعَابِ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ قَرَّرَهُ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ غَسَلَ ثَوْبَهُ وَفِيهِ نَجِسٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ لِنَظَافَةٍ أَوْ خَبَثٍ آخَرَ أَوْ يَدَهُ لِحَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ وَهُوَ عَلَيْهَا احْتَاجَ لِزَوَالِ أَوْصَافِهَا كَغَيْرِهَا بِمَا مَرَّ بِشَرْطِهِ اهـ اهـ كَلَامُ الْكُرْدِيِّ (قَوْلُهُ فِي نَحْوِ الدَّمِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَلَوْ صَبَّ عَلَى مَوْضِعٍ نَحْوِ بَوْلٍ أَوْ خَمْرٍ مِنْ أَرْضٍ مَاءً غَمَرَهُ طَهَّرَهُ وَإِنْ لَمْ يَنْضُبْ أَيْ يَنْشَفْ فَإِنْ صَبَّ عَلَى عَيْنٍ نَحْوَ الْبَوْلِ لَمْ يَطْهُرْ اهـ زَادَ الْمُغْنِي لِمَا عَلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ شَرْطَ طَهَارَةِ الْغُسَالَةِ أَنْ لَا يَزِيدَ وَزْنُهَا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا يَزِيدُ وَزْنُهُ اهـ.

(قَوْلُهُ إزَالَةُ عَيْنِهِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْعَيْنِ هَذَا الْجِرْمُ فَقَطْ (قَوْلُهُ بَعْدَ اسْتِقْرَارِهِ مَعَهَا) يُفْهَمُ أَنَّهُ قَبْلَ اسْتِقْرَارِهِ لَا يَنْجَسُ حَتَّى لَوْ مَرَّ عَلَى جَزْءٍ مِنْ الْعَيْنِ فَلَمْ يُزِلْهُ وَوَصَلَ إلَى جَزْءٍ آخَرَ فَأَزَالَهُ طَهَّرَهُ فَلْيُرَاجَعْ سم وَلَا يَخْفَى بَعْدَهُ بَلْ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهُ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ عِنْدَ قَوْلِ الشَّارِحِ بِنَجَاسَتِهِ فَلَا يُطَهِّرُهُ كَالصَّرِيحِ فِي خِلَافِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَنْقَطِعْ اللَّوْنُ أَوْ الرِّيحُ إلَخْ) وَمَثَّلَهُ كَمَا مَرَّ وَأَشَارَ إلَيْهِ سم هُنَا تَعَذَّرَ زَوَالُهُمَا مَعًا وَتَعَذَّرَ زَوَالُ الطَّعْمِ (قَوْلُهُ وَمَرَّ) أَيْ فِي شَرْحِ أَوْ رِيحٌ عَسُرَ زَوَالُهُ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَيَظْهَرُ ضَبْطُهُ) أَيْ الْإِمْعَانُ (بِأَنْ تَحْصُلَ إلَخْ) تَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا ضَبْطٌ آخَرُ رَاجِعْهُ (قَوْلُهُ ارْتَفَعَ التَّكْلِيفُ) هَلْ الْمُرَادُ بِارْتِفَاعِهِ الْعَفْوُ مَعَ بَقَاءِ النَّجَاسَةِ أَوْ الْحُكْمُ بِالطَّهَارَةِ لِلضَّرُورَةِ سم أَقُولُ الْمُرَادُ بِذَلِكَ الْأَوَّلُ عِنْدَ النِّهَايَةِ مُطْلَقًا وَالثَّانِي عِنْدَ الشَّارِحِ مُطْلَقًا وَالتَّفْصِيلُ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ بِإِرَادَةِ الْأَوَّلِ فِي الطَّعْمِ وَفِي الرِّيحِ وَاللَّوْنِ مَعًا وَبِإِرَادَةِ الثَّانِي فِي الرِّيحِ أَوْ اللَّوْنِ فَقَطْ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى إلَخْ) اعْتَمَدَ هَذَا صَاحِبُ الْإِسْعَادِ وَفِي فَتَاوَى شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ سم (قَوْلُهُ مِنْ أَنَّ لَهَا) أَيْ لِلْغُسَالَةِ (قَوْلُهُ تَغَيُّرُهُ) أَيْ الْغُسَالَةِ وَالتَّذْكِيرُ بِتَأْوِيلِ الْمُنْفَصِلِ (قَوْلُهُ أَوْ زِيَادَةُ وَزْنِهَا) أَيْ وَزْنِ غُسَالَةِ الْمُغَلَّظَةِ (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ) أَيْ فِي الِاسْتِثْنَاءِ (قَوْلُهُ وَكَمَا سُومِحَ إلَخْ) لَعَلَّ الْأَوْلَى التَّفْرِيعُ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ لَك أَنْ تَأْخُذَ إلَخْ) هُوَ مُتَعَيِّنٌ إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْعَيْنِ فِيمَا مَرَّ مَا لَهُ أَحَدُ الْأَوْصَافِ سم وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ عَنْهُ وَعَنْ غَيْرِهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَيْنِ هُنَاكَ مَا يَشْمَلُ الْأَوْصَافَ (قَوْلُهُ وَعَدَمُ الزِّيَادَةِ) عَطْفٌ عَلَى زَوَالِ التَّغَيُّرِ (قَوْلُهُ وَأَفْتَى) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ فِي مُصْحَفٍ) هَلْ مِثْلُ الْمُصْحَفِ كُتُبُ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ

التَّثْلِيثِ فِي الْمُغَلَّظَةِ بِأَنْ يَأْتِيَ بَعْدَ سَبْعٍ إحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابُ بِغَسْلَتَيْنِ أَيْضًا فَانْظُرْ مَا سَبَقَ (قَوْلُهُ بَعْدَ اسْتِقْرَارِهِ مَعَهَا) يُفْهَمُ أَنَّهُ قَبْلَ اسْتِقْرَارِهِ لَا يَنْجَسُ حَتَّى لَوْ مَرَّ عَلَى جَزْءٍ مِنْ الْعَيْنِ فَلَمْ يُزِلْهُ وَوَصَلَ إلَى جَزْءٍ آخَرَ فَأَزَالَهُ طَهَّرَهُ فَلْيُرَاجَعْ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَنْقَطِعْ اللَّوْنُ أَوْ الرِّيحُ مَعَ الْإِمْعَانِ إلَخْ) لَوْ انْضَمَّ إلَى اللَّوْنِ وَالْحَالُ مَا ذَكَرَ الرِّيحَ فَهَلْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فَيَرْتَفِعُ التَّكْلِيفُ أَوْ لَا أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ قُلْت فَإِنْ بَقِيَا مَعًا ضَرَّ عَلَى الصَّحِيحِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَذَاكَ فَيُقَيَّدُ ذَاكَ بِعَدَمِ الْإِمْعَانِ حَتَّى لَوْ عَسُرَ مَعَ الْإِمْعَانِ ارْتَفَعَ التَّكْلِيفُ (قَوْلُهُ ارْتَفَعَ التَّكْلِيفُ) هَلْ الْمُرَادُ بِارْتِفَاعِ التَّكْلِيفِ الْعَفْوُ مَعَ بَقَاءِ النَّجَاسَةِ أَوْ الْحُكْمُ بِالطَّهَارَةِ لِلضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى مِنْ أَنَّ لَهَا حُكْمَ الْمَحَلِّ إلَخْ) اعْتَمَدَ هَذَا صَاحِبُ الْإِسْعَادِ حَيْثُ قَالَ فِي قَوْلِ الْإِرْشَادِ وَكَمَغْسُولٍ غُسَالَةٌ لَمْ تَتَغَيَّرْ وَلَمْ تَثْقُلْ مَا نَصُّهُ فَإِنْ تَغَيَّرَتْ الْغُسَالَةُ أَوْ زَادَ وَزْنُهَا فَلَيْسَ لَهَا حُكْمُ الْمَغْسُولِ، بَلْ يَسْتَأْنِفُ التَّطْهِيرَ مِنْهَا ثُمَّ قَالَ وَقَوْلُنَا إنَّ الْغُسَالَةَ الْمُتَغَيِّرَةَ وَاَلَّتِي ثَقُلَتْ وَزْنًا تُخَالِفُ حُكْمَ الْمَغْسُولِ أَيْ فِي النَّجَاسَةِ يُنَبِّهُ عَلَى أَنَّ الْمُغَلَّظَةَ يَسْتَأْنِفُ التَّطْهِيرَ مِنْهَا بِسَبْعٍ إحْدَاهَا بِالتُّرَابِ وَإِنْ كَانَ الْمَحَلُّ الَّذِي انْفَصَلَتْ عَنْهُ يَطْهُرُ بِمَا بَقِيَ مِنْ السَّبْعِ إلَخْ انْتَهَى وَفِي فَتَاوَى شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ فِيهِ عَيْنُ النَّجَاسَةِ) قَدْ يُقَالُ حَيْثُ كَانَ فِيهِ عَيْنُ النَّجَاسَةِ لَمْ تَتِمَّ الْمَرَّةُ الْأُولَى حَتَّى يُقَالَ الْبَاقِي مِنْ السَّبْعِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ لَك أَنْ تَأْخُذَ) يُتَأَمَّلُ هَذَا الْأَخْذُ فَفِيهِ مَا لَا يَخْفَى، وَقَدْ يُقَالُ هُوَ مُتَعَيِّنٌ إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْعَيْنِ فِيمَا مَرَّ مَا لَهُ أَحَدُ الْأَوْصَافِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ مَتَى نَزَلَتْ الْغُسَالَةُ مُتَغَيِّرَةً إلَخْ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَيْنِ فِي قَوْلِهِمْ مُزِيلُ الْعَيْنِ مَرَّةً وَإِنْ تَعَدَّدَ هِيَ مُقَابِلُ الْحُكْمِيَّةِ لَا الْجِرْمِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَا تُحْسَبُ مِنْ السَّبْعِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ قَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ إنَّ مُزِيلَ الْعَيْنِ وَاحِدَةٌ أَنْ يُحْسَبَ

ص: 323