المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

أَظْهَرُ شَاهِدٍ لِعَطْفِ كُلٍّ عَلَى ثَلَاثٍ (بِيَسَارِهِ) لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْهُ - تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي - جـ ١

[ابن حجر الهيتمي]

الفصل: أَظْهَرُ شَاهِدٍ لِعَطْفِ كُلٍّ عَلَى ثَلَاثٍ (بِيَسَارِهِ) لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْهُ

أَظْهَرُ شَاهِدٍ لِعَطْفِ كُلٍّ عَلَى ثَلَاثٍ (بِيَسَارِهِ) لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْهُ بِالْيَمِينِ فَيُكْرَهُ كَمَسِّهِ بِهَا وَالِاسْتِعَانَةِ بِهَا فِي الِاسْتِنْجَاءِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَقِيلَ يَحْرُمُ وَعَلَيْهِ جَمْعٌ مِنَّا وَكَثِيرُونَ مِنْ غَيْرِنَا

. (وَلَا اسْتِنْجَاءَ) وَاجِبٌ (لِدُودٍ وَبَعْرٍ بِلَا لَوْثٍ فِي الْأَظْهَرِ) إذْ لَا مَعْنَى لَهُ كَالرِّيحِ وَمُقَابِلُهُ يُوجِبُهُ اكْتِفَاءً بِمَظِنَّةِ التَّلْوِيثِ، وَإِنْ تَحَقَّقَ عَدَمُهُ وَبِهِ فَارَقَ الرِّيحَ عِنْدَهُ وَبِهَذَا يَظْهَرُ قُوَّتُهُ وَمِنْ ثَمَّ تَأَكَّدَ الِاسْتِنْجَاءُ مِنْهُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ وَيُكْرَهُ مِنْ الرِّيحِ إلَّا إنْ خَرَجَ وَالْمَحَلُّ رَطْبٌ فَلَا يُكْرَهُ وَقِيلَ يَحْرُمُ وَقِيلَ يُكْرَهُ وَبَحْثُ وُجُوبِهِ شَاذٌّ وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ الِاسْتِنْجَاءِ هَلْ غَسَلَ ذَكَرَهُ أَوْ هَلْ مَسَحَ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا لَمْ تَلْزَمْهُ إعَادَتُهُ كَمَا لَوْ شَكَّ بَعْدَ الْوُضُوءِ أَوْ سَلَامِ الصَّلَاةِ فِي تَرْكِ فَرْضٍ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَقَوْلُهُ لَكِنْ لَا يُصَلِّي صَلَاةً أُخْرَى حَتَّى يَسْتَنْجِيَ لِتَرَدُّدِهِ حَالَ شُرُوعِهِ فِي كَمَالِ طَهَارَتِهِ ضَعِيفٌ، وَإِنَّمَا ذَاكَ حَيْثُ تَرَدَّدَ فِي أَصْلِ الطَّهَارَةِ عَلَى أَنَّ الَّذِي يَتَّجِهُ فِي الْأُولَى وُجُوبُ الِاسْتِنْجَاءِ فِي الذَّكَرِ وَلَيْسَ قِيَاسَ مَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ دَاخِلٌ فِيهِمَا وَقَدْ تَيَقَّنَ الْإِتْيَانُ بِهِمَا بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ كُلًّا مِنْ الذَّكَرِ وَالدُّبُرِ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ فَتَيَقُّنُهُ مُطْلَقَ الِاسْتِنْجَاءِ لَا يَقْتَضِي دُخُولَ غَسْلِ الذَّكَرِ فِيهِ

(بَابُ الْوُضُوءِ)

هُوَ اسْمُ مَصْدَرٍ وَهُوَ التَّوَضُّؤُ وَالْأَفْصَحُ ضَمُّ وَاوِهِ إنْ أُرِيدَ بِهِ الْفِعْلُ الَّذِي هُوَ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ فِي الْأَعْضَاءِ الْآتِيَةِ مَعَ النِّيَّةِ، وَهُوَ الْمُبَوَّبُ لَهُ وَفَتْحُهَا إنْ أُرِيدَ بِهِ الْمَاءُ الَّذِي يُتَوَضَّأُ بِهِ مَأْخُوذٌ مِنْ الْوَضَاءَةِ وَهِيَ النَّضَارَةُ لِإِزَالَتِهِ لِظُلْمَةِ الذُّنُوبِ وَفُرِضَ مَعَ الصَّلَاةِ

انْطَبَقَتْ أَلْيَتَاهُ وَمُنِعَ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْحَجَرِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ انْتَهَى اهـ كُرْدِيٌّ

(وَقَوْلُهُ أَظْهَرُ شَاهِدٍ) هُوَ شَاهِدٌ لَيِّنٌ سم قَوْلُ الْمَتْنِ (بِيَسَارِهِ) سُئِلَ م ر عَمَّا لَوْ خُلِقَ عَلَى يَسَارِهِ صُورَةُ جَلَالَةٍ وَنَحْوُهَا مِنْ اسْمٍ مُعَظَّمٍ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَتَخَيَّرُ حَيْثُ لَمْ يُخَالِطْ الِاسْمَ نَجَاسَةٌ وَإِلَّا فَبِالْيَمِينِ انْتَهَى أَقُولُ وَلَوْ خُلِقَ ذَلِكَ فِي الْكَفَّيْنِ مَعًا فَهَلْ يُكَلَّفُ لَفُّ خِرْقَةٍ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ تَكْلِيفِهِ ذَلِكَ ثُمَّ يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِ م ر فَبِالْيَمِينِ أَنَّهُ يُسَنُّ ذَلِكَ لَا أَنَّهُ يَجِبُ؛ لِأَنَّ فِي وُجُوبِهِ عَلَيْهِ مَشَقَّةً فِي الْجُمْلَةِ ع ش (قَوْلُهُ: لِلنَّهْيِ) إلَى قَوْلِهِ وَقِيلَ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ حَاجَةٍ) كَكَوْنِهِ مَقْطُوعَ الْيُسْرَى أَوْ مَشْلُولَهَا كُرْدِيٌّ

(قَوْلُهُ: وَبِهِ إلَخْ) أَيْ بِالتَّعْلِيلِ بِالِاكْتِفَاءِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: عِنْدَهُ) أَيْ الْمُقَابِلِ (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا) أَيْ الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: قُوَّتُهُ) أَيْ الْمُقَابِلِ (قَوْلُهُ: تَأَكَّدَ الِاسْتِنْجَاءُ إلَخْ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: مِنْهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الدُّودِ وَالْبَعْرِ وَجَمَعَ الْمُصَنِّفُ بَيْنَهُمَا لِيُعْلَمَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الطَّاهِرِ وَالنَّجِسِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ إلَخْ) وَفِي الْإِيعَابِ بَعْدَ كَلَامٍ طَوِيلٍ مَا نَصُّهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَقْرَبَ إلَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ الِاسْتِنْجَاءُ مِنْهُ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ لِلتَّفْصِيلِ السَّابِقِ وَجْهٌ وَجِيهٌ اهـ فَعَلَى مَا فِي التُّحْفَةِ وَالنِّهَايَةِ هُوَ مُبَاحٌ وَذَكَرَ فِي السِّيَرِ مِنْ التُّحْفَةِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ «لَيْسَ مِنَّا مَنْ اسْتَنْجَى مِنْ الرِّيحِ» وَذَكَرَ أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ لَا يَفْعَلَهُ لَكِنْ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِرُطُوبَةِ الْمَحَلِّ وَفِي فَتْحِ الْجَوَادِ يُسَنُّ مِنْهُ إنْ كَانَ الْمَحَلُّ رَطْبًا فَتَلَخَّصَ مِنْ هَذِهِ النُّقُولِ أَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ مِنْ الرِّيحِ مُبَاحٌ عَلَى الرَّاجِحِ حَيْثُ كَانَ الْمَحَلُّ رَطْبًا، وَأَنَّهُ بِحَسَبِ مَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ تَعْتَرِيهِ الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ كُرْدِيٌّ وَقَوْلُهُ وَالنِّهَايَةُ فِيهِ نَظَرٌ إذْ ظَاهِرُ صَنِيعِهَا وَصَرِيحُ الْمُغْنِي اعْتِمَادُ الْكَرَاهَةِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَحْرُمُ إلَخْ) أَيْ إذَا كَانَ الْمَحَلُّ رَطْبًا (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ إلَخْ) أَيْ قَوْلُهُ: وَلَوْ شَكَّ إلَى هُنَا (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ) أَيْ قَوْلُ الْبَغَوِيّ عَقِبَ كَلَامِهِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ صَلَاةً أُخْرَى) أَيْ فِيمَا إذَا طَرَأَ الشَّكُّ بَعْدَ صَلَاةٍ أَوْ أَثْنَاءَهَا (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا ذَاكَ) أَيْ عَدَمُ جَوَازِ شُرُوعِ الصَّلَاةِ مَعَ التَّرَدُّدِ وَقَوْلُهُ حَيْثُ تَرَدَّدَ فِي أَصْلِ الطَّهَارَةِ أَيْ وَمَا هُنَا فِي مُقَدِّمَةِ الطَّهَارَةِ لَا فِي أَصْلِهَا (قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الشَّكِّ فِي غَسْلِ الذَّكَرِ (قَوْلُهُ: فِي الذَّكَرِ) يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى (قَوْلُهُ قِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ) أَيْ بِقَوْلِهِ كَمَا لَوْ شَكَّ بَعْدَ الْوُضُوءِ إلَخْ.

[بَابُ الْوُضُوءِ]

(قَوْلُهُ: هُوَ اسْمُ مَصْدَرٍ) إلَى قَوْلِهِ لَا نَحْوُ خِضَابٍ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ، وَهُوَ مِنْ الشَّرَائِعِ إلَى وَمُوجِبُهُ وَقَوْلُهُ، وَهُوَ مَعْقُولُ الْمَعْنَى إلَى وَشَرْطُهُ وَقَوْلُهُ أَيْ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ وَإِلَى قَوْلِهِ كَمَا مَرَّ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ أَمَّا الْكَيْفِيَّةُ إلَى الْغُرَّةِ وَقَوْلُهُ أَيْ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ (قَوْلُهُ: اسْمُ مَصْدَرٍ) وَقَدْ اُسْتُعْمِلَ اسْتِعْمَالَ الْمَصْدَرِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَهُوَ التَّوَضُّؤُ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إذْ قِيَاسُ الْمَصْدَرِ التَّوَضُّؤُ بِوَزْنِ التَّكَلُّمِ وَالتَّعَلُّمِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَالْأَفْصَحُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ بِضَمِّ الْوَاوِ اسْمٌ لِلْفِعْلِ إلَخْ وَبِفَتْحِهَا اسْمٌ لِلْمَاءِ إلَخْ وَقِيلَ بِفَتْحِهَا فِيهِمَا وَقِيلَ بِضَمِّهَا فِيهِمَا، وَهُوَ أَضْعَفُهَا اهـ قَالَ ع ش فَجُمْلَةُ الْأَقْوَالِ ثَلَاثَةٌ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِهَذِهِ بِالْوُضُوءِ بَلْ هِيَ جَارِيَةٌ فِيمَا كَانَ عَلَى وَزْنِ فَعُولٍ نَحْوَ طَهُورٍ وَسَحُورٍ اهـ.

(قَوْلُهُ الَّذِي هُوَ إلَخْ) أَيْ شَرْعًا وَلَا حَاجَةَ إلَى زِيَادَةٍ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ لِيَشْمَلَ التَّرْتِيبَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَعْضَاءِ الْآتِيَةِ ذَاتُهَا مِنْ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَالرَّأْسِ وَالرِّجْلَيْنِ وَصِفَتُهَا مِنْ التَّرْتِيبِ فِيهَا وَالتَّعْبِيرُ بِالْفِعْلِ وَالِاسْتِعْمَالُ لِلْغَالِبِ، وَالْمَدَارُ عَلَى وُصُولِ الْمَاءِ إلَى الْأَعْضَاءِ بِالنِّيَّةِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ.

وَأَمَّا مَعْنَاهُ لُغَةً فَهُوَ غَسْلُ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ سَوَاءٌ كَانَ بِنِيَّةٍ أَمْ لَا شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: يُتَوَضَّأُ بِهِ) أَيْ يُعَدُّ وَيُهَيَّأُ لِلْوُضُوءِ بِهِ كَالْمَاءِ الَّذِي فِي الْإِبْرِيقِ أَوْ فِي الْمِيضَأَةِ لَا لِمَا يَصِحُّ مِنْهُ الْوُضُوءُ كَمَاءِ الْبَحْرِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسْمَعْ إطْلَاقُهُ عَلَى مَاءِ الْبَحْرِ مَثَلًا شَيْخُنَا وَبُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ مِنْ الْوَضَاءَةِ إلَخْ) أَيْ الْوُضُوءُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْوَضَاءَةِ سم (قَوْلُهُ: لِإِزَالَتِهِ لِظُلْمَةِ الذُّنُوبِ) أَيْ سُمِّيَ بِذَلِكَ

فِي الْمَجْمُوعِ فِي هَذَا التَّفْصِيلِ الْمَنْقُولِ عَنْ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ

(قَوْلُهُ أَظْهَرُ شَاهِدٍ) هُوَ شَاهِدُ لِينٍ

(قَوْلُهُ: فَلَا يُكْرَهُ) عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لَكِنَّهُ يُسَنُّ فِي نَحْوِ الْبَعْرَةِ وَالرِّيحِ مَعَ الرُّطُوبَةِ انْتَهَى، فَإِنْ رَجَعَ قَوْلُهُ: مَعَ الرُّطُوبَةِ لِنَحْوِ الْبَعْرَةِ أَيْضًا فَهُوَ مُشْكِلٌ بَلْ الْوَجْهُ الْوُجُوبُ حِينَئِذٍ لِتَنَجُّسِ الْمَحَلِّ فَلْيُرَاجَعْ انْتَهَى

(بَابُ الْوُضُوءِ)

(قَوْلُهُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْوَضَاءَةِ) أَيْ الْوُضُوءُ مَأْخُوذٌ

ص: 185

لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ، وَهُوَ مِنْ الشَّرَائِعِ الْقَدِيمَةِ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ وَاَلَّذِي مِنْ خَصَائِصِنَا إمَّا الْكَيْفِيَّةُ الْمَخْصُوصَةُ أَوْ الْغُرَّةُ وَالتَّحْجِيلُ وَمُوجِبُهُ الْحَدَثُ مَعَ إرَادَةِ نَحْوِ الصَّلَاةِ، وَيَخْتَصُّ حُلُولُهُ بِالْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ وَحُرْمَةُ مَسِّ الْمُصْحَفِ بِغَيْرِهَا لِانْتِفَاءِ الطَّهَارَةِ الْكَامِلَةِ الْمُبِيحَةِ لِلْمَسِّ، وَهُوَ مَعْقُولُ الْمَعْنَى، وَإِنَّمَا اُكْتُفِيَ بِمَسْحِ جُزْءٍ مِنْ الرَّأْسِ؛ لِأَنَّهُ مَسْتُورٌ غَالِبًا فَكَفَاهُ أَدْنَى طَهَارَةٍ؛ لِأَنَّ تَشْرِيفَهُ الْمَقْصُودَ يَحْصُلُ بِذَلِكَ

وَشَرْطُهُ كَالْغُسْلِ مَاءٌ مُطْلَقٌ وَظَنُّ أَنَّهُ مُطْلَقٌ أَيْ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ وَعَدَمُ نَحْوِ حَيْضٍ فِي غَيْرِ نَحْوِ أَغْسَالِ الْحَجِّ وَأَنْ لَا يَكُونَ عَلَى الْعُضْوِ مَا يُغَيِّرُ الْمَاءَ

لِإِزَالَتِهِ إلَخْ ع ش.

(قَوْلُهُ: لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ) لَكِنْ مَشْرُوعِيَّتُهُ سَابِقَةٌ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ رُوِيَ «أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى لَهُ صلى الله عليه وسلم فِي ابْتِدَاءِ الْبِعْثَةِ فَعَلَّمَهُ الْوُضُوءَ ثُمَّ صَلَّى بِهِ رَكْعَتَيْنِ» شَيْخُنَا عِبَارَةُ الْبُجَيْرِمِيِّ وَفُرِضَ أَوَّلًا لِكُلِّ صَلَاةٍ ثُمَّ نُسِخَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ إلَّا مَعَ الْحَدَثِ وَالصَّلَاةُ الَّتِي كَانَ يُصَلِّيهَا قَبْلَ فَرْضِ الْوُضُوءِ هَلْ كَانَ يَتَوَضَّأُ لَهَا أَوْ لَا وَعَلَى الْأَوَّلِ هَلْ كَانَ مَنْدُوبًا أَوْ مُبَاحًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُمْ هُنَا فُرِضَ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ وَلَمْ يَقُولُوا شُرِعَ اهـ.

(قَوْلُهُ: الْحَدَثِ إلَخْ) أَيْ بِشَرْطِ الِانْقِطَاعِ وَقَوْلُهُ مَعَ إرَادَةِ إلَخْ أَيْ وَلَوْ حُكْمًا لِيَدْخُلَ مَا إذَا دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ فِعْلَهَا فِي أَوَّلِهِ ع ش وَبُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ نَحْوَ الصَّلَاةِ) كَطَوَافٍ وَسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَعْقُولُ الْمَعْنَى) خِلَافًا لِلْإِمَامِ وَمَنْ تَبِعَهُ نِهَايَةٌ أَيْ حَيْثُ أَقَرَّهُ عِبَارَتُهُ قَالَ الْإِمَامُ، وَهُوَ تَعَبُّدٌ لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَسْحًا وَلَا تَنْظِيفَ فِيهِ اهـ.

قَالَ الْبُجَيْرِمِيُّ عَلَيْهِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ مَعْقُولُ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ مُنَاجَاةٌ لِلرَّبِّ تَعَالَى فَطُلِبَ التَّنْظِيفُ لِأَجْلِهَا، وَإِنَّمَا اخْتَصَّ الرَّأْسُ بِالْمَسْحِ لِسَتْرِهِ غَالِبًا فَاكْتُفِيَ فِيهِ بِأَدْنَى طَهَارَةٍ وَخُصَّتْ الْأَعْضَاءُ الْأَرْبَعَةُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مَحَلُّ اكْتِسَابِ الْخَطَايَا أَوْ؛ لِأَنَّ آدَمَ تَوَجَّهَ إلَى الشَّجَرَةِ بِوَجْهِهِ وَمَشَى إلَيْهَا بِرِجْلَيْهِ وَتَنَاوَلَ مِنْهَا بِيَدَيْهِ وَمَسَّ بِرَأْسِهِ وَرَقَهَا وَالتَّعَبُّدِيُّ أَفْضَلُ مِنْ مَعْقُولِ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الِامْتِثَالَ فِيهِ أَشَدُّ كَمَا فِي الْفَتَاوَى الْحَدِيثِيَّةِ لِابْنِ حَجَرٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا اكْتَفَى إلَخْ) رَدٌّ لِدَلِيلِ مَنْ قَالَ إنَّهُ تَعَبُّدِيٌّ ع ش

(قَوْلُهُ وَشَرْطُهُ) مُفْرَدُ مُضَافٌ إلَى مَعْرِفَةٍ فَيَعُمُّ وَعَبَّرَ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي بِشُرُوطِهِ (قَوْلُهُ: وَظَنَّ أَنَّهُ مُطْلَقٌ) قَدْ يُنْظَرُ فِي اشْتِرَاطِ الظَّنِّ بِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ التَّطَهُّرُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَظُنَّ الْإِطْلَاقَ أَوْ ظَنَّ عَدَمَهُ فَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ ظَنَّ أَنَّهُ مُطْلَقٌ أَوْ اسْتِصْحَابُ الْإِطْلَاقِ حَالَ عَدَمِ الْتِبَاسٍ بِمُتَنَجِّسٍ سم وَدَفَعَ الشَّارِحُ هَذَا الْإِشْكَالَ بِزِيَادَةٍ أَيْ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ وَفِي الْكُرْدِيِّ عَنْ حَاشِيَةِ فَتْحِ الْجَوَادِ مَا نَصُّهُ وَلَا يَحْتَاجُ لِظَنِّ الطَّهَارَةِ إلَّا عِنْدَ وُجُودِ مُعَارِضٍ وَهُوَ الِاشْتِبَاهُ فِيمَا إذَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ طَاهِرٌ بِنَجِسٍ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ التَّوَضُّؤُ مِنْ أَحَدِهِمَا إلَّا بَعْدَ أَنْ يَجْتَهِدَ مَا يَظُنُّ طَهَارَةَ وَاحِدٍ ظَنًّا مُؤَكَّدًا نَاشِئًا عَنْ الِاجْتِهَادِ وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ رَأَى مَاءً وَلَمْ يَظُنَّ فِيهِ طَهَارَةً فَلَهُ التَّطَهُّرُ بِهِ اسْتِنَادًا لِأَصْلِ طَهَارَتِهِ، وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ تَنَجُّسُهُ بِوُقُوعِ مَا الْغَالِبُ فِي جِنْسِهِ النَّجَاسَةُ، وَإِنَّمَا لَمْ يُلْتَفَتْ لِهَذَا الظَّنِّ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ أَلْغَاهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَيْ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ) وَإِلَّا فَلَوْ شَكَّ فِي تَنَجُّسِ الْمَاءِ الْمُتَيَقَّنِ الطَّهَارَةِ جَازَ الطُّهْرُ بِهِ لِتَرَجُّحِ طَرَفِ الطَّهَارَةِ وَاعْتِضَادِهِ بِالْيَقِينِ فَيُمْكِنُ إبْقَاءُ كَلَامِهِمْ عَلَى عُمُومِهِ نَظَرًا لِمَا ذُكِرَ بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ ع ش عَقِبَ مَا مَرَّ عَنْ سم آنِفًا نَصُّهَا قُلْت أَوْ يُقَالُ إنَّ اسْتِصْحَابَ الطَّهَارَةِ مُحَصِّلٌ لِلظَّنِّ فَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِظَنَّ أَنَّهُ مُطْلَقُ الْأَعَمِّ مِنْ ظَنٍّ سَبَبُهُ الِاجْتِهَادُ أَوْ اسْتِصْحَابُ الطَّهَارَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: نَحْوَ حَيْضٍ إلَخْ) كَالنِّفَاسِ عِبَارَةُ الْخَطِيبِ وَعَدَمُ الْمُنَافِي مِنْ نَحْوِ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ فِي غَيْرِ إلَخْ وَمَسِّ ذَكَرٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ نَحْوِ أَغْسَالِ الْحَجِّ) أَيْ فِي الْوُضُوءِ لِغَيْرِ إلَخْ أَمَّا الْوُضُوءُ لَهَا فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ عَدَمُ الْمُنَافِي ع ش (قَوْلُهُ نَحْوِ أَغْسَالِ

قَوْلُهُ وَشَرْطُهُ كَالْغُسْلِ مَاءٌ مُطْلَقٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَجَعْلُ الْمَاءِ شَرْطًا هُوَ مَا صَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَدْ يُسْتَشْكَلُ بِجَعْلِهِمْ التُّرَابَ فِي التَّيَمُّمِ مِنْ الْأَرْكَانِ إلَى أَنْ قَالَ وَالزَّرْكَشِيُّ نَقَلَ أَنَّ كُلًّا شَرْطٌ ثُمَّ قَالَ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمَاءَ لَمَّا لَمْ يَكُنْ خَاصًّا بِالْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ بَلْ يَعُمُّهُمَا وَالْخَبَثُ كَانَ بِالشُّرُوطِ أَشْبَهَ بِخِلَافِ التُّرَابِ فَإِنَّهُ خَاصٌّ بِغَيْرِ الْخَبَثِ وَهُوَ فِي الْمُغَلَّظَةِ غَيْرُ مُطَهِّرٍ بَلْ الْمُطَهِّرُ الْمَاءُ بِشَرْطِ مَزْجِهِ بِهِ فَكَانَ بِالْأَرْكَانِ أَشْبَهَ انْتَهَى وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَاسْتَشْكَلَ بَعْضُهُمْ جَعْلَ التُّرَابِ رُكْنًا فِي التَّيَمُّمِ بِأَنَّ التَّيَمُّمَ مِنْ قَبِيلِ الْعَرَضِ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ وَالتُّرَابَ مِنْ قَبِيلِ الْجَوْهَرِ؛ لِأَنَّهُ جِسْمٌ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ الْجِسْمُ جُزْءًا مِنْ الْعَرَضِ انْتَهَى وَأَقُولُ هُوَ إشْكَالٌ سَاقِطٌ لِوُجُوهٍ مِنْهَا أَنَّ هَذَا نَظِيرُ عَدِّهِمْ الْعَاقِدَ رُكْنًا لِلْبَيْعِ مَعَ أَنَّ الْبَيْعَ هُوَ الْعَقْدُ وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ الْعَاقِدُ جُزْءًا مِنْ الْعَقْدِ.

وَقَدْ أَجَابَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُ هُنَاكَ بِمَا يَأْتِي نَظِيرُهُ هُنَا وَمِنْهَا أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِ التُّرَابِ رُكْنًا أَوْ شَرْطًا أَنَّ ذَاتَه هِيَ الرُّكْنُ أَوْ الشَّرْطُ ضَرُورَةَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الرُّكْنِ وَالشَّرْطِ مُتَعَلِّقُ الْوُجُوبِ وَالْوُجُوبُ لَا يَتَعَلَّقُ بِالذَّوَاتِ بَلْ بِالْأَفْعَالِ بَلْ الْمُرَادُ بِالرُّكْنِ أَوْ الشَّرْطِ هُوَ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ أَوْ التُّرَابِ أَوْ يُقَالُ كَوْنُ الْمَسْحِ بِالتُّرَابِ وَالْغُسْلِ بِالْمَاءِ وَمِنْهَا أَنَّ جَعْلَهُ رُكْنًا لَا يَقْتَضِي كَوْنَهُ جُزْءًا مِنْ الْفِعْلِ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ مَجْمُوعُ أُمُورٍ مِنْهَا الْمَسْحُ وَمِنْهَا التُّرَابُ فَكَوْنُهُ رُكْنًا إنَّمَا يَقْتَضِي كَوْنَهُ جُزْءًا مِنْ هَذَا الْمَجْمُوعِ لَا مِنْ الْفِعْلِ الَّذِي هُوَ جُزْءٌ هَذَا الْمَجْمُوعِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَظَنَّ أَنَّهُ مُطْلَقٌ) قَدْ يَنْظُرُ فِي اشْتِرَاطِهِ

ص: 186

تَغَيُّرًا ضَارًّا أَوْ جُرْمٌ كَثِيفٌ يَمْنَعُ وُصُولَهُ لِلْبَشَرَةِ لَا نَحْوُ خِضَابٍ وَدُهْنٍ مَائِعٍ وَقَوْلُ الْقَفَّالِ تَرَاكُمُ الْوَسَخِ عَلَى الْعُضْوِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْوُضُوءِ وَلَا النَّقْضُ بِلَمْسِهِ يَتَعَيَّنُ فَرْضُهُ فِيمَا إذَا صَارَ جُزْءًا مِنْ الْبَدَنِ لَا يُمْكِنُ فَصْلُهُ عَنْهُ كَمَا مَرَّ وَلَا يَضُرُّ اخْتِلَاطُ الْخِضَابِ بِالنَّشَادِرِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ الطَّهَارَةُ فَقَدْ أَخْبَرَنِي بَعْضُ الْخُبَرَاءِ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ مِنْ الْهِبَابِ مِنْ غَيْرِ إيقَادٍ عَلَيْهِ بِالنَّجَاسَةِ فَغَايَتُهُ أَنَّهُ نَوْعَانِ وَعِنْدَ الشَّكِّ لَا نَجَاسَةَ

الْحَجِّ) كَالْغُسْلِ لِدُخُولِ مَكَّةَ لِغَيْرِ حَاجٍّ وَمُعْتَمِرٍ وَكَغُسْلِ الْعِيدَيْنِ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: تَغَيُّرًا ضَارًّا) قَالَ فِي الْأَمْدَادِ وَمِنْهُ الطِّيبُ الَّذِي يُحَسَّنُ بِهِ الشَّعْرُ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَنْشَفُ فَيَمْنَعُ وُصُولَ الْمَاءِ لِلْبَاطِنِ فَيَجِبُ إزَالَتُهُ اهـ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ مِنْ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ: أَوْ جُرْمٌ كَثِيفٌ) كَدُهْنٍ جَامِدٍ وَكَوَسَخٍ تَحْتَ الْأَظْفَارِ نِهَايَةٌ زَادَ شَرْحُ بَافَضْلٍ خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ اهـ.

قَالَ الْكُرْدِيُّ عَلَيْهِ قَالَ الزِّيَادِيُّ فِي شَرْحِ الْمُحَرَّرِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِمَّا تَعُمُّ بِهَا الْبَلْوَى فَقَلَّ مَنْ يَسْلَمُ مِنْ وَسَخٍ تَحْتَ أَظْفَارِ يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ فَلْيُتَفَطَّنْ لِذَلِكَ انْتَهَى وَقَالَ الشَّارِحُ فِي حَاشِيَةِ التُّحْفَةِ وَفِي زِيَادَاتِ الْعَبَّادِيِّ وَسَخُ الْأَظْفَارِ لَا يَمْنَعُ جَوَازَ الطَّهَارَةِ؛ لِأَنَّهُ تَشُقُّ إزَالَتُهُ بِخِلَافِ نَحْوِ الْعَجِينِ تَجِبُ إزَالَتُهُ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ نَادِرٌ وَلَا يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ وَاخْتَارَ فِي الْإِحْيَاءِ وَالذَّخَائِرِ هَذَا فَقَالَ يُعْفَى عَنْهُ، وَإِنْ مَنَعَ وُصُولَ الْمَاءِ لِمَا تَحْتَهُ وَاسْتَدَلَّ هُوَ وَغَيْرُهُ «بِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْمُرُ بِتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ وَرَمْيِ مَا تَحْتَهَا» وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ انْتَهَى اهـ كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ: يَمْنَعُ وُصُولَهُ لِلْبَشَرَةِ) .

(فَرْعٌ)

وَقَعَتْ شَوْكَةٌ فِي عُضْوِهِ، فَإِنْ ظَهَرَ بَعْضُهَا لَمْ يَصِحَّ الْوُضُوءُ قَبْلَ قَلْعِهَا؛ لِأَنَّ مَا وَصَلَتْ إلَيْهِ صَارَ فِي حُكْمِ الظَّاهِرِ، وَإِنْ غَاصَتْ فِي اللَّحْمِ وَاسْتَتَرَتْ بِهِ صَحَّ الْوُضُوءُ سم، وَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ بِتَفْصِيلٍ (قَوْلُهُ: لَا نَحْوَ خِضَابٍ إلَخْ) فِي شَرْحِ الْعُبَابِ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ أَنَّ مَا يُغَطِّي جُرْمُهُ الْبَشَرَةَ إنْ أَمْكَنَ زَوَالُهُ عِنْدَ الطُّهْرِ الْوَاجِبِ لَمْ يَمْتَنِعْ وَإِلَّا حَرُمَ قَبْلَ الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ مَنْعِ الْمُكَلَّفِ مِنْ تَعَمُّدِ تَنْجِيسِ بَدَنِهِ بِمَا لَا يُعْفَى عَنْهُ قَبْلَ دُخُولِهِ وَبَعْدَهُ مَعَ فَقْدِ الْمَاءِ بِخِلَافِ تَعَمُّدِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ أَوْ الْأَكْبَرِ وَلَوْ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَلَوْ مَعَ فَقْدِ الْمَاءِ وَالتُّرَابِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَطْرُقُ الْمُكَلَّفُ غَالِبًا فَطُرِدَ الْبَابُ فِيهِ بِخِلَافِ التَّضَمُّخِ بِالنَّجَاسَةِ انْتَهَى فَلْيُتَنَبَّهْ لِقَوْلِهِ وَإِلَّا حَرُمَ إلَخْ وَلْيُتَأَمَّلْ مَا أَفَادَهُ كَلَامُهُ مِنْ جَوَازِ تَعَمُّدِ الْحَدَثِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ مَعَ فَقْدِ الْمَاءِ وَالتُّرَابِ فَإِنَّهُ مُشْكِلٌ مَعَ نَحْوِ قَوْلِهِمْ بِعِصْيَانِ مَنْ أَتْلَفَ الْمَاءَ عَبَثًا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ فَإِنَّهُ لَا سَبَبَ لِلْعِصْيَانِ الْمَذْكُورِ إلَّا الْمُحَافَظَةُ عَلَى بَقَاءِ الطَّهَارَةِ سم أَقُولُ وَالْإِشْكَالُ الْمَذْكُورُ دَفَعَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَطْرُقُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَدُهْنٍ مَائِعٍ) قَالَ الشَّارِحُ فِي حَاشِيَةِ التُّحْفَةِ وَفِي الْمَجْمُوعِ وَالرَّوْضَةِ وَلَوْ كَانَ عَلَى أَعْضَائِهِ أَثَرُ دُهْنٍ مَائِعٍ فَتَوَضَّأَ وَأَمَسَّ الْمَاءَ الْبَشَرَةَ وَجَرَى عَلَيْهَا وَلَمْ يَثْبُتْ صَحَّ وُضُوءُهُ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْمَاءِ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَفِي الْخَادِمِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا، وَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا أَصَابَ الْعُضْوَ بِحَيْثُ يُسَمَّى غَسْلًا فَلَوْ جَرَى عَلَيْهِ فَتَقَطَّعَ بِحَيْثُ يَظْهَرُ عَدَمُ إصَابَتِهِ لِذَلِكَ الْعُضْوِ لَمْ يَكْفِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: لَا يُمْكِنُ فَصْلُهُ عَنْهُ) أَيْ بِحَيْثُ يَخْشَى مِنْ فَصْلِهِ عَنْهُ مَحْظُورَ تَيَمُّمٍ ع ش.

(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي أَسْبَابِ الْحَدَثِ فِي شَرْحِ الثَّالِثِ الْتِقَاءُ بَشَرَتَيْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ مِمَّا نَصُّهُ وَعُلِمَ مِنْ الِالْتِقَاءِ أَنَّهُ لَا نَقْضَ بِاللَّمْسِ مِنْ وَرَاءِ حَائِلٍ، وَإِنْ دَقَّ وَمِنْهُ مَا تَجَمَّدَ مِنْ غُبَارٍ يُمْكِنُ فَصْلُهُ أَيْ مِنْ غَيْرِ خَشْيَةِ مُبِيحِ

الظَّنَّ بِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ التَّطْهِيرُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَظُنَّ الْإِطْلَاقَ أَوْ ظَنَّ عَدَمَهُ فَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ ظَنَّ أَنَّهُ مُطْلَقٌ أَوْ اسْتِصْحَابُ الْإِطْلَاقِ حَالَ عَدَمِ التَّلَبُّسِ بِمُتَنَجِّسٍ (قَوْلُهُ: لَا نَحْوَ خِضَابٍ) فِي شَرْحِ الْعُبَابِ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ أَنَّ مَا يُغَطِّي جُرْمَ الْبَشَرَةِ إنْ أَمْكَنَ زَوَالُهُ عِنْدَ التَّطَهُّرِ الْوَاجِبِ لَمْ يَمْتَنِعْ وَإِلَّا حَرُمَ قَبْلَ الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ مَنْعِ الْمُكَلَّفِ مِنْ تَعَمُّدِ تَنْجِيسِ بَدَنِهِ بِمَا لَا يُعْفَى عَنْهُ قَبْلَ دُخُولِهِ وَبَعْدَهُ مَعَ فَقْدِ الْمَاءِ بِخِلَافِ تَعَمُّدِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ أَوْ الْأَكْبَرِ وَلَوْ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَلَوْ مَعَ فَقْدِ الْمَاءِ أَوْ التُّرَابِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَطْرُقُ الْمُكَلَّفُ غَالِبًا فَطَرْدُ الْبَابِ فِيهِ بِخِلَافِ التَّضَمُّخِ بِالنَّجَاسَةِ انْتَهَى فَلْيُتَنَبَّهْ لِقَوْلِهِ وَإِلَّا حَرُمَ قَبْلَ الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ وَلْيُتَأَمَّلْ مَا أَفَادَهُ كَلَامُهُ مِنْ جَوَازِ تَعَمُّدِ الْحَدَثِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ مَعَ فَقْدِ الْمَاءِ وَالتُّرَابِ فَإِنَّهُ مُشْكِلٌ مَعَ نَحْوِ قَوْلِهِمْ بِعِصْيَانِ مَنْ أَتْلَفَ الْمَاءَ عَبَثًا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَإِيجَابِهِمْ مَسْحَ الْخُفِّ لِمَنْ كَانَ لَابِسُهُ بِشَرْطِهِ وَمَعَهُ مَاءٌ لَا يَكْفِيهِ لَوْ غَسَلَ، وَيَكْفِيهِ لَوْ مَسَحَ فَإِنَّهُ لَا سَبَبَ لِلْعِصْيَانِ الْمَذْكُورِ إلَّا تَفْوِيتُ الطَّهَارَةِ وَلَا لِلْإِيجَابِ الْمَذْكُورِ إلَّا الْمُحَافَظَةُ عَلَى بَقَاءِ الطَّهَارَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(فَرْعٌ)

وَقَعَتْ شَوْكَةٌ فِي عُضْوِهِ، فَإِنْ ظَهَرَ بَعْضُهَا لَمْ يَصِحَّ الْوُضُوءُ قَبْلَ قَلْعِهَا؛ لِأَنَّ مَا وَصَلَتْ إلَيْهِ صَارَ فِي حُكْمِ الظَّاهِرِ، وَإِنْ غَاصَتْ فِي اللَّحْمِ وَاسْتَتَرَتْ بِهِ صَحَّ الْوُضُوءُ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَلَمْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ لِتَنَجُّسِهَا بِالدَّمِ فَهِيَ كَالْوَشْمِ انْتَهَى وَنَازَعَهُ السَّيِّدُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ جَرَيَانُ التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِي الْعَفْوِ عَنْ قَلِيلِ الدَّمِ وَكَثِيرِهِ فِي ذَلِكَ ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَشْمِ بِأَنَّهُ بِفِعْلِهِ وَعُدْوَانِهِ لِحُرْمَتِهِ بِخِلَافِهَا فَإِنَّهَا فِي مَحَلِّ الْحَاجَةِ سِيَّمَا فِي حَقِّ مَنْ يَكْثُرُ مَشْيُهُ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) كَأَنَّهُ يُرِيدُ قَوْلَهُ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي أَسْبَابِ الْحَدَثِ الثَّالِثِ الْتِقَاءُ بَشَرَتَيْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ

ص: 187

عَلَى أَنَّ الْأَوَّلَ مِنْهُ مَا مَادَّتُهُ طَاهِرَةٌ، وَهِيَ التِّبْنُ وَنَحْوُهُ وَلَا يَضُرُّ الْوُقُودُ عَلَيْهِ بِالنَّجَاسَةِ وَتَخَيَّلَ أَنَّ رَأْسَ إنَائِهِ مُنْعَقِدٌ مِنْ دُخَانِهَا مَعَ الْهِبَابِ؛ لِأَنَّ هَذَا غَيْرُ مُحَقَّقٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مُنْعَقِدٌ مِنْ الْهِبَابِ وَحْدَهُ، وَأَنَّ دُخَانَهَا سَبَبٌ لِذَلِكَ الْعَقْدِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ عَيْنِهِ وَبِهَذَا يُعْلَمُ اسْتِرْوَاحُ مَنْ جَزَمَ بِنَجَاسَةِ النَّشَادِرِ حَيْثُ وُجِدَ وَلَا يَضُرُّ فِي الْخِضَابِ تَنْقِيطُهُ لِلْجِلْدِ وَتَرْبِيَتُهُ الْقِشْرَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْقِشْرَةَ مِنْ عَيْنِ الْجِلْدِ لَا مِنْ جُرْمِ الْخِضَابِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ وَجَرْيُ الْمَاءِ عَلَيْهِ وَإِزَالَةُ النَّجَاسَةِ عَلَى تَفْصِيلٍ يَأْتِي وَتَحَقُّقُ الْمُقْتَضِي إنْ بَانَ الْحَالُ وَإِلَّا فَطُهْرُ الِاحْتِيَاطِ بِأَنْ تَيَقَّنَ الطُّهْرَ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ فَتَوَضَّأَ مِنْ غَيْرِ نَاقِضٍ صَحِيحٍ إذَا لَمْ يَبِنْ الْحَالُ وَلَا يُكَلَّفُ النَّقْضُ قَبْلَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ نَوْعِ مَشَقَّةٍ لَكِنْ الْأَوْلَى فِعْلُهُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ، وَإِنَّمَا صَحَّ وُضُوءُ الشَّاكِّ فِي طُهْرِهِ بَعْدَ تَيَقُّنِ حَدَثِهِ مَعَ تَرَدُّدِهِ، وَإِنْ بَانَ الْحَالُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَدَثِ بَلْ لَوْ نَوَى فِي هَذِهِ إنْ كَانَ مُحْدِثًا وَإِلَّا فَتَجْدِيدٌ صَحَّ، وَإِنْ تَذَكَّرَ

وَإِسْلَامٌ وَتَمْيِيزٌ إلَّا فِي نَحْوِ غُسْلِ كِتَابِيَّةٍ مَعَ نِيَّتِهَا لِتَحِلَّ لِحَلِيلِهَا الْمُسْلِمِ وَتَغْسِيلُهُ لِحَلِيلَتِهِ الْمَجْنُونَةِ أَوْ الْمُمْتَنِعَةِ مَعَ النِّيَّةِ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَكْرَهَهَا لَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ لِلضَّرُورَةِ وَتَجِبُ إعَادَتُهُ بَعْدَ زَوَالِ الْكُفْرِ أَوْ الْجُنُونِ أَوْ الِامْتِنَاعِ لِزَوَالِ الضَّرُورَةِ وَعَدَمِ الصَّارِفِ بِأَنْ لَا يَأْتِيَ بِمُنَافٍ لِلنِّيَّةِ كَرِدَّةٍ أَوْ قَوْلِ إنْ شَاءَ اللَّهُ

تَيَمُّمٍ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْوَشْمِ لِوُجُوبِ إزَالَتِهِ لَا مِنْ نَحْوِ عِرْقٍ حَتَّى صَارَ كَالْجُزْءِ مِنْ الْجِلْدِ انْتَهَى اهـ سم (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ الْأَوَّلَ) أَيْ مَا أُوقِدَ عَلَيْهِ بِالنَّجَاسَةِ وَقَوْلُهُ مِنْهُ أَيْ مِنْ الْأَوَّلِ مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ مَا مَادَّتُهُ إلَخْ خَبَرُهُ وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ أَنَّ (قَوْلُهُ: وَتَخَيَّلَ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى الْوُقُودِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا) أَيْ الِانْعِقَادَ الْمَذْكُورَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ) الْوَاوُ حَالِيَّةٌ وَقَوْلُهُ مِنْ عَيْنِهِ أَيْ عَيْنِ دُخَانِ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ وُجِدَ) أَيْ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَلَا يَضُرُّ فِي الْخِضَابِ إلَخْ) وَمِنْهُ أَيْ مِمَّا لَا يَمْنَعُ وُصُولَ الْمَاءِ لِلْبَشَرَةِ الْخِضَابُ بِالْعَفْصِ وَلَا نَظَرَ لِتَنْقِيطِ الْجِسْمِ مِنْ حَرَارَتِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْجُرْمَ حِينَئِذٍ مِنْ نَفْسِ الْبَدَنِ إمْدَادٌ اهـ كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَجَرْيُ الْمَاءِ) إلَى قَوْلِهِ وَتَحَقُّقُ الْمُقْتَضِي فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى قَوْلِهِ وَإِلَّا فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَجَرْيُ الْمَاءِ عَلَيْهِ) يَعْنِي عَلَى الْعُضْوِ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي الشُّرُوطِ الْخَارِجَةِ عَنْ حَقِيقَةِ الْوُضُوءِ وَمَاهِيَّتِه وَجَرْيُ الْمَاءِ دَاخِلٌ فِي حَقِيقَةِ الْغَسْلِ؛ لِأَنَّهُ سَيَلَانُ الْمَاءِ عَلَى الْعُضْوِ وَغَسْلُ الْأَعْضَاءِ الْمَخْصُوصَةِ دَاخِلٌ فِي حَقِيقَةِ الْوُضُوءِ وَمَاهِيَّتِه فَتَدَبَّرْ بَصْرِيٌّ وَدَفَعَ النِّهَايَةُ وَالْإِمْدَادُ هَذَا الْإِشْكَالَ بِمَا نَصُّهُ وَلَا يَمْنَعُ مَنْ عَدَّ هَذَا شَرْطًا كَوْنُهُ مَعْلُومًا مِنْ مَفْهُومِ الْغَسْلِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُرَادُ بِهِ مَا يَعُمُّ النَّضْحَ اهـ لَكِنْ الْإِشْكَالُ أَقْوَى (قَوْلُهُ: وَإِزَالَةُ النَّجَاسَةِ إلَخْ) أَيْ الْعَيْنِيَّةِ شَرْحُ بَافَضْلٍ أَيْ وَلَوْ بِغَسْلَةٍ وَاحِدَةٍ لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ تُزِيلَ الْغَسْلَةُ عَيْنَهُ وَأَوْصَافَهُ إلَّا مَا عَسُرَ مِنْ لَوْنٍ أَوْ رِيحٍ وَأَنْ يَكُونَ الْمَاءُ وَارِدًا عَلَى النَّجِسِ إنْ كَانَ دُونَ الْقُلَّتَيْنِ وَأَنْ لَا تَتَغَيَّرَ الْغُسَالَةُ وَلَا يَزِيدُ وَزْنُهَا بَعْدَ اعْتِبَارِ مَا يَتَشَرَّبُهُ الْمَغْسُولُ وَيُعْطِيهِ مِنْ الْوَسَخِ الطَّاهِرِ، وَإِنَّمَا قَيَّدَهَا بِالْعَيْنِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا الَّتِي تَحْتَاجُ إزَالَتُهَا إلَى هَذِهِ الشُّرُوطِ فَاحْتَاجَ إلَى التَّنْبِيهِ عَلَى إزَالَتِهَا وَأَمَّا النَّجِسُ الْحُكْمِيُّ فَالْغَسْلَةُ الْوَاحِدَةُ تَكْفِي فِيهِ عَنْ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ حَيْثُ كَانَ الْمَاءُ الْقَلِيلُ وَارِدًا وَعَمَّ مَوْضِعَ النَّجَاسَةِ بِلَا تَفْصِيلٍ كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَتَحَقَّقَ الْمُقْتَضِي إلَخْ) وَكَذَا عَدَّهُ الشَّارِحُ مِنْ الشُّرُوطِ فِي الْإِيعَابِ وَالْخَطِيبُ وَرَدَّهُ النِّهَايَةُ وَالْإِمْدَادُ بِأَنَّهُ بِالْأَرْكَانِ أَشْبَهُ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: إنْ بَانَ الْحَالُ) فَلَوْ شَكَّ هَلْ أَحْدَثَ أَوْ لَا فَتَوَضَّأَ ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ كَانَ مُحْدِثًا لَمْ يَصِحَّ وُضُوءُهُ عَلَى الْأَصَحِّ مُغْنِي نِهَايَةٌ وَأَسْنَى (قَوْلُهُ صَحِيحٌ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ إذَا بَانَ الْحَالُ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ وُجُوبُ إعَادَةِ مَا صَلَّاهُ بِهِ قَبْلَ بَيَانِ الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ صَلَّى مُحْدِثًا سم.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ بَانَ الْحَالُ) أَيْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ مُحْدِثًا (قَوْلُهُ: بَلْ لَوْ نَوَى فِي هَذِهِ إلَخْ) اُنْظُرْ لَوْ لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ وَبَانَ مُتَطَهِّرًا سم أَيْ فَهَلْ يَحْصُلُ التَّجْدِيدُ أَمْ لَا أَقُولُ الْأَقْرَبُ حُصُولُهُ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ السَّيِّدِ عُمَرَ الْبَصْرِيِّ قَوْلُهُ: صَحَّ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ تَحَقُّقَ الْمُقْتَضِي إنْ بَانَ الْحَالُ شَرْطُ مَحَلِّهِ فِي غَيْرِ التَّجْدِيدِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ تَذَكَّرَ) أَيْ أَنَّهُ كَانَ مُحْدِثًا

(قَوْلُهُ: وَإِسْلَامٌ وَتَمْيِيزٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ وَالْكَافِرُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا، وَأَنَّ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ لَا تَصِحُّ عِبَادَتُهُ فَعُلِمَ أَنَّ هَذَيْنِ شَرْطَانِ لِكُلِّ عِبَادَةٍ شَرْحُ بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ: لِحَلِيلِهَا الْمُسْلِمِ) تَقَدَّمَ مَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ فِي كَوْنِهِ قَيْدًا (قَوْلُهُ: أَوْ الْمُمْتَنِعَةُ) لَيْسَ عَلَى مَا يَنْبَغِي؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمُسْتَثْنَيَاتِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ اسْتِطْرَادًا لِمُنَاسَبَةِ مَسْأَلَةِ الْمَجْنُونَةِ فِي كَوْنِ النِّيَّةِ مِنْ الْحَلِيلِ فَلَا تَغْفُلْ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا أَكْرَهَهَا إلَخْ) أَيْ فَبَاشَرَتْهُ بِنَفْسِهَا مُكْرَهَةً وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ الِاعْتِدَادُ بِغُسْلِ الْمُكْرَهَةِ، وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ نِيَّتِهَا وَفِي النَّفْسِ مِنْهُ شَيْءٌ بَصْرِيٌّ.

(قَوْلُهُ لِلضَّرُورَةِ) عِلَّةٌ لِلْمُسْتَثْنَيَاتِ بِقَوْلِهِ إلَّا فِي نَحْوِ إلَخْ لَا لِقَوْلِهِ لَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ، وَإِنْ أَوْهَمَتْهُ الْعِبَارَةُ بَصْرِيٌّ أَقُولُ يَدْفَعُ الْإِيهَامَ قَوْلُهُ الْآتِي لِزَوَالِ الضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ الصَّارِفِ) إلَى قَوْلِهِ كَمَا يَأْتِي فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَعَدَمُ الصَّارِفِ) وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِدَوَامِ النِّيَّةِ حُكْمًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: كَرِدَّةٍ أَوْ قَوْلٍ إلَخْ) أَوْ قَطْعٍ أَمْثِلَةُ الْمُنَافِي لِلنِّيَّةِ، فَإِنْ فَعَلَ وَاحِدًا مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فِي الْأَثْنَاءِ انْقَطَعَتْ النِّيَّةُ فَيُعِيدُهَا لِلْبَاقِي كُرْدِيٌّ لَا بِنِيَّةِ التَّبَرُّكِ أَيْ بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ أَوْ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ الدَّالَّةِ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ

إلَخْ مَا نَصُّهُ وَعُلِمَ مِنْ الِالْتِقَاءِ أَنَّهُ لَا نَقْضَ بِاللَّمْسِ مِنْ وَرَاءِ حَائِلٍ، وَإِنْ رَقَّ وَمِنْهُ مَا تَجَمَّدَ مِنْ غُبَارٍ يُمْكِنُ فَصْلُهُ أَيْ مِنْ غَيْرِ خَشْيَةِ مُبِيحِ تَيَمُّمٍ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْوَشْمِ لِوُجُوبِ إزَالَتِهِ لَا مِنْ نَحْوِ عِرْقٍ حَتَّى صَارَ كَالْجُزْءِ مِنْ الْجِلْدِ اهـ لَكِنْ هَذَا لَا يَقْتَضِي أَنْ يَقُولَ كَمَا مَرَّ بَلْ أَنْ يَقُولَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ

1 -

(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ نَاقِضٍ صَحِيحٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ إذَا بَانَ الْحَالُ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ وُجُوبُ إعَادَةِ مَا صَلَّاهُ بِهِ قَبْلَ بَيَانِ الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ صَلَّى مُحْدِثًا (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَبِنْ الْحَالُ) فِي الرَّوْضِ وَلَوْ تَوَضَّأَ الشَّاكُّ احْتِيَاطًا فَبَانَ مُحْدِثًا لَمْ يَجُزْ اهـ.

وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَانَ مُحْدِثًا، وَإِنْ كَانَ قَالَ إنْ كَانَ مُحْدِثًا وَإِلَّا فَتَجْدِيدٌ (قَوْلُهُ: بَلْ لَوْ نَوَى فِي هَذِهِ إلَخْ) اُنْظُرْ لَوْ لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ وَبَانَ مُتَطَهِّرًا

ص: 188

لَا بِنِيَّةِ التَّبَرُّكِ أَوْ قَطْعٍ لَا نَوْمٍ طَوِيلٍ مَعَ التَّمَكُّنِ فَلَا يَحْتَاجُ لِتَجْدِيدِهَا إنْ كَانَ الْبِنَاءُ بِفِعْلِهِ كَمَا يَأْتِي، فَإِنْ قُلْت لِمَ أَلْحَقَ الْإِطْلَاقَ هُنَا بِقَصْدِ التَّعْلِيقِ وَفِي الطَّلَاقِ بِقَصْدِ التَّبَرُّكِ قُلْت يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْجَزْمَ الْمُعْتَبَرَ فِي النِّيَّةِ يَنْتَفِي بِهِ لِانْصِرَافِهِ لِمَدْلُولِهِ مَا لَمْ يَصْرِفْهُ عَنْهُ بِنِيَّةِ التَّبَرُّكِ وَأَمَّا فِي الطَّلَاقِ فَقَدْ تَعَارَضَ صَرِيحَانِ لَفْظُ الصِّيغَةِ الصَّرِيحُ فِي الْوُقُوعِ وَلَفْظُ التَّعْلِيقِ الصَّرِيحُ فِي عَدَمِهِ لَكِنْ لَمَّا ضَعُفَ هَذَا الصَّرِيحُ بِكَوْنِهِ كَثِيرًا مَا يُسْتَعْمَلُ لِلتَّبَرُّكِ اُحْتِيجَ لِمَا يُخْرِجُهُ عَنْ هَذَا الِاسْتِعْمَالِ، وَهُوَ نِيَّةُ التَّعْلِيقِ بِهِ قَبْلَ فَرَاغِ لَفْظِ تِلْكَ الصِّيغَةِ حَتَّى يَقْوَى عَلَى رَفْعِهَا حِينَئِذٍ وَمَعْرِفَةُ كَيْفِيَّتِهِ وَإِلَّا، فَإِنْ ظَنَّ الْكُلَّ فَرْضًا أَوْ شَرَّكَ وَلَمْ يَقْصِدْ بِفَرْضٍ مُعَيَّنٍ النَّفْلِيَّةَ صَحَّ أَوْ نَفْلًا فَلَا، وَيَأْتِي هَذَا فِي الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا، وَهَذِهِ الْخَمْسَةُ الْأَخِيرَةُ شُرُوطٌ فِي الْحَقِيقَةِ لِلنِّيَّةِ وَزِيدَ وُجُوبُ غَسْلِ زَائِدٍ اشْتَبَهَ بِأَصْلِيٍّ وَجُزْءٍ يَتَحَقَّقُ بِهِ اسْتِيعَابُ الْعُضْوِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ هَذَيْنِ مِنْ جُمْلَةِ الْأَرْكَانِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ قَوْلُهُمْ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ وَاجِبٌ، وَيَزِيدُ السَّلَسُ بِدُخُولِ الْوَقْتِ وَظَنِّ دُخُولِهِ وَتَقْدِيمِ نَحْوِ اسْتِنْجَاءٍ وَتَحَفُّظٍ اُحْتِيجَ إلَيْهِ وَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْوُضُوءِ وَبَيْنَ أَفْعَالِهِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ وَسَيَأْتِي بَعْضُ ذَلِكَ

(فَرْضُهُ) أَيْ أَرْكَانُهُ (سِتَّةٌ) فَقَطْ فِي حَقِّ السَّلِيمِ وَغَيْرِهِ

أَوْ بِاتِّبَاعِهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذِكْرِهَا فِي كُلِّ أَوْ غَالِبِ أَوْقَاتِهِ بَعْدَ مَجِيءِ الْأَمْرِ بِهَا وَكَذَا إذَا أَتَى بِهَا بِنِيَّةِ أَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ لَا تَقَعُ إلَّا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى اهـ كُرْدِيٌّ عَنْ الْإِيعَابِ (قَوْلُهُ بِنِيَّةِ التَّبَرُّكِ) أَيْ وَحْدَهُ ع ش.

(قَوْلُهُ: أَوْ قَطْعٍ) أَيْ بِنِيَّةِ قَطْعٍ (قَوْلُهُ: لَا نَوْمٍ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى رِدَّةٍ (قَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي) أَيْ فِي مَبْحَثِ غَسْلِ الْوَجْهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قُلْت) إلَى قَوْلِهِ، وَيَأْتِي فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ الْإِطْلَاقُ) أَيْ فِي قَوْلِ إنْ شَاءَ اللَّهُ (قَوْلُهُ بِقَصْدِ التَّعْلِيقِ هُنَا) أَيْ فَاسِدُ الْوُضُوءِ وَقَوْلُهُ وَفِي الطَّلَاقِ بِقَصْدِ التَّبَرُّكِ أَيْ فَوَقَعَ الطَّلَاقُ (قَوْلُهُ: يَنْتَفِي بِهِ لِانْصِرَافِهِ إلَخْ) يَقْتَضِي أَنَّ الْكَلَامَ فِي لَفْظِ إنْ شَاءَ اللَّهُ كَمَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِ وَقَوْلِ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَحِينَئِذٍ فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي النِّيَّةِ هُوَ الْقَلْبُ دُونَ اللِّسَانِ، وَإِنْ خَالَفَهُ فَالنَّاوِي إنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ تَعْلِيقٌ بِقَلْبِهِ صَحَّتْ نِيَّتُهُ، وَإِنْ عَلَّقَ بِلِسَانِهِ وَلَا يَكُونُ التَّعْلِيقُ بِلِسَانِهِ مُنَافِيًا لِجَزْمِ قَلْبِهِ، وَإِنْ وُجِدَ مِنْهُ بِقَلْبِهِ لَمْ تَصِحَّ نِيَّتُهُ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ تَعْلِيقٌ بِلِسَانِهِ وَلَا يَتَأَتَّى تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِمُلَاحَظَةِ مَعْنَى إنْ شَاءَ اللَّهُ بِقَلْبِهِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ مُخَالَفَةِ ظَاهِرِ عِبَارَتِهِ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ التَّفْصِيلُ بَيْنَ التَّبَرُّكِ وَغَيْرِهِ إذْ التَّبَرُّكُ إنَّمَا هُوَ بِاللَّفْظِ لَا بِقَصْدِ مَعْنَى اللَّفْظِ فَلْيُتَأَمَّلْ فَقَدْ يَمْنَعُ أَنَّ التَّبَرُّكَ لَا يَكُونُ إلَّا بِاللَّفْظِ سم.

وَهَذَا الْمَنْعُ ظَاهِرٌ وَفِي الْبَصْرِيِّ بَعْدَ ذِكْرِ نَحْوِ عِبَارَتِهِ إلَى قَوْلِهِ وَلَا يَتَأَتَّى إلَخْ مَا نَصُّهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ إلْحَاقَ الْإِطْلَاقِ بِالتَّعْلِيقِ هُنَا وَبِالتَّبَرُّكِ ثَمَّ هُوَ الْأَحْوَطُ فِي الْبَابَيْنِ ثُمَّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَا ذُكِرَ حَيْثُ قَارَنَ التَّلَفُّظُ النِّيَّةَ الْقَلْبِيَّةَ، فَإِنْ تَأَخَّرَ فَلَا يَضُرُّ مُطْلَقًا لِمُضِيِّ النِّيَّةِ عَلَى الصِّحَّةِ ثُمَّ رَأَيْت كَلَامَ الشَّارِحِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ مَا يُنْدَبُ لَهُ وُضُوءٌ إلَخْ يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْتُهُ فَرَاجِعْهُ وَكَلَامُ الشَّيْخَيْنِ فِي نِيَّةِ الصَّلَاةِ تَعَرُّضًا لِمَسْأَلَةِ الْمَشِيئَةِ مَعَ قَصْدِ التَّعْلِيقِ وَقَصْدِ التَّبَرُّكِ فَقَطْ اهـ وَاسْتَحْسَنَ الْكُرْدِيُّ فَرْقَ الْبَصْرِيِّ الْمَذْكُورَ (قَوْلُهُ وَمَعْرِفَةُ كَيْفِيَّتِهِ) أَيْ كَيْفِيَّةُ الْوُضُوءِ كَنَظِيرِهِ الْآتِي فِي الصَّلَاةِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: لِمَدْلُولِهِ) ، وَهُوَ التَّعْلِيقُ (قَوْلُهُ هَذَا الصَّرِيحُ) أَيْ لَفْظُ التَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ: تِلْكَ الصِّيغَةُ) أَيْ صِيغَةُ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَقْوَى) أَيْ لَفْظُ التَّعْلِيقِ عَلَى رَفْعِهَا أَيْ تِلْكَ الصِّيغَةِ حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ نِيَّةِ التَّعْلِيقِ مِنْ لَفْظِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ شَرَّكَ) أَيْ بِأَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْوُضُوءَ مُشْتَمِلٌ عَلَى فَرْضٍ وَنَفْلٍ كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ: أَوْ نَفْلًا) أَيْ أَوْ ظَنَّ الْكُلَّ نَفْلًا، وَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ فِي الْعِبَارَةِ أَوْ شَرَّكَ وَقَصَدَ بِفَرْضٍ مُعَيَّنٍ النَّفْلِيَّةَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ، وَيَأْتِي هَذَا) أَيْ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا، فَإِنْ ظَنَّ إلَخْ وَقَالَ ع ش أَيْ شَرْطُ مَعْرِفَةِ الْكَيْفِيَّةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَنَحْوِهَا) أَيْ مِنْ كُلِّ مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ النِّيَّةُ ع ش (قَوْلُهُ وَهَذِهِ الْخَمْسَةُ الْأَخِيرَةُ) أَيْ الْمَبْدُوءَةُ بِقَوْلِهِ وَتَحَقُّقُ الْمُقْتَضِي (قَوْلُهُ: وَزِيدَ إلَخْ) جَزَمَ فِي الْمُغْنِي بِكَوْنِهِمَا شَرْطَيْنِ وَنَقَلَهُ فِي النِّهَايَةِ ثُمَّ رَدَّهُ بِأَنَّهُمَا بِالْأَرْكَانِ أَشْبَهُ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: وُجُوبُ غَسْلِ زَائِدٍ إلَخْ) فَلَوْ خُلِقَ لَهُ وَجْهَانِ أَوْ يَدَانِ أَوْ رِجْلَانِ وَاشْتَبَهَ الْأَصْلِيُّ بِالزَّائِدِ وَجَبَ غَسْلُ الْجَمِيعِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ إلَخْ) فِي كَوْنِهِ مُصَرِّحًا بِالرُّكْنِيَّةِ نَظَرٌ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَيَزِيدُ) إلَى قَوْلِهِ وَسَيَأْتِي فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.

(قَوْلُهُ: وَيَزِيدُ السَّلَسُ إلَخْ) مِنْهُ سَلِسُ الرِّيحِ فَتَجِبُ الْمُوَالَاةُ فِي أَفْعَالِ وُضُوئِهِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ وَظَاهِرٌ أَنَّهَا لَا تَجِبُ بَيْنَ اسْتِنْجَائِهِ وَبَيْنَ وُضُوئِهِ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ خُرُوجِ الرِّيحِ قَبْلَ وُضُوئِهِ لَا أَثَرَ لَهُ سم عَلَى حَجّ قُلْت وَيُشْتَرَطُ تَقْدِيمُ الِاسْتِنْجَاءِ عَلَى الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِطُهْرِ صَاحِبِ الضَّرُورَةِ تَقَدُّمُ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ ع ش أَقُولُ وَيُفِيدُهُ كَلَامُ سم الْمَذْكُورُ أَيْضًا فَتَأَمَّلَ (قَوْلُهُ: وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ) قَدْ يُقَالُ كَوْنُ الْمُوَالَاةِ بَيْنَهُمَا شَرْطًا لِصِحَّةِ الْوُضُوءِ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ نَعَمْ بِالْإِخْلَالِ بِهَا يَبْطُلُ الْوُضُوءُ كَحَدَثٍ طَارِئٍ بَصْرِيٌّ

قَوْلُ الْمَتْنِ (سِتَّةٌ) وَلَمْ يَعُدَّ الْمَاءَ رُكْنًا هُنَا مَعَ عَدِّ

قَوْلُهُ: لَا بِنِيَّةِ التَّبَرُّكِ) دَخَلَ الْإِطْلَاقُ وَقَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي أَيْ فِي قَوْلِهِ الثَّانِي غَسَلَ وَجْهَهُ (قَوْلُهُ: قُلْتُ يُفَرَّقُ إلَخْ) هَذَا الْفَرْقُ وَقَوْلُهُ فِيهِ لِانْصِرَافِهِ لِمَدْلُولِهِ يَقْتَضِي أَنَّ الْكَلَامَ فِي لَفْظِ إنْ شَاءَ اللَّهُ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ هُوَ الَّذِي لَهُ الْمَدْلُولُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِ أَوْ قَوْلِ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَحِينَئِذٍ فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي النِّيَّةِ هُوَ الْقَلْبُ دُونَ اللِّسَانِ حَتَّى لَوْ وَجَدَ بِالْقَلْبِ نِيَّةً مُعْتَبَرَةً اعْتَدَّ بِهَا، وَإِنْ وَجَدَ فِي اللِّسَانِ مَا يُخَالِفُهَا فَالنَّاوِي إنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ تَعْلِيقٌ بِقَلْبِهِ بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّعْلِيقَ صَحَّتْ نِيَّتُهُ، وَإِنْ عَلَّقَ بِلِسَانِهِ وَلَا يَكُونُ التَّعْلِيقُ بِلِسَانِهِ مُنَافِيًا لِجَزْمِ قَلْبِهِ، وَإِنْ وُجِدَ مِنْهُ تَعْلِيقٌ بِقَلْبِهِ لَمْ تَصِحَّ نِيَّتُهُ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ تَعْلِيقٌ بِلِسَانِهِ وَلَا يَتَأَتَّى تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِمُلَاحَظَةِ مُجَرَّدِ مَعْنَى إنْ شَاءَ اللَّهُ بِقَلْبِهِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ مُخَالَفَةِ ظَاهِرِ عِبَارَتِهِ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ التَّفْصِيلُ بَيْنَ التَّبَرُّكِ وَغَيْرِهِ إذْ التَّبَرُّكُ إنَّمَا هُوَ بِاللَّفْظِ لَا بِقَصْدِ مَعْنَى اللَّفْظِ وَقَدْ يَمْنَعُ أَنَّ التَّبَرُّكَ لَا يَكُونُ إلَّا بِاللَّفْظِ (قَوْلُهُ: وَيَزِيدُ السَّلِسُ) مِنْ السَّلَسِ سَلَسُ الرِّيحِ فَتَجِبُ الْمُوَالَاةُ فِي أَفْعَالِ

ص: 189

وَمَا تَمَيَّزَ بِهِ مِنْ وُجُوبِ زَائِدٍ عَلَيْهَا شُرُوطٌ كَمَا تَقَرَّرَ لَا أَرْكَانٌ أَرْبَعَةٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَاثْنَانِ بِالسُّنَّةِ وَلِكَوْنِهِ مُفْرَدًا مُضَافًا إلَى مَعْرِفَةٍ، وَهُوَ عَلَى الصَّحِيحِ حَيْثُ لَا عَهْدَ لِلْعُمُومِ الصَّالِحِ لِلْجَمْعِيَّةِ مِنْ حَيْثُ مَدْلُولُ لَفْظِهِ إذْ هُوَ حِينَئِذٍ الْمَعْنَى الَّذِي اسْتَغْرَقَهُ لَفْظُهُ الصَّالِحُ لَهُ مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ، وَإِنْ كَانَ مَدْلُولُهُ فِي التَّرْكِيبِ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ كُلِّيَّةً عَلَى الْأَصَحِّ أَيْ مَحْكُومًا فِيهِ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ مُطَابَقَةً؛ لِأَنَّهُ فِي قُوَّةِ قَضَايَا بِعَدَدِ أَفْرَادِهِ أَوْ الصَّرِيحِ فِيهَا بِنَاءً عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ النُّحَاةِ وَلَيْسَتْ الْعِبْرَةُ فِي مُطَابَقَةِ الْمُبْتَدَأِ لِلْخَبَرِ إلَّا بِاصْطِلَاحِهِمْ أَنَّ مَدْلُولَهُ كُلٌّ أَيْ مَحْكُومٌ فِيهِ عَلَى مَجْمُوعِ الْأَفْرَادِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَجْمُوعٌ أُخْبِرَ عَنْهُ بِالْجَمْعِ.

ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَ الْأُصُولِيِّينَ

التُّرَابِ رُكْنًا فِي التَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ غَيْرُ خَاصٍّ بِالْوُضُوءِ بِخِلَافِ التُّرَابِ فَإِنَّهُ خَاصٌّ بِالتَّيَمُّمِ وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ النَّجَاسَةُ الْمُغَلَّظَةُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُطَهِّرٍ فِيهَا وَحْدَهُ بَلْ الْمَاءُ بِشَرْطِ امْتِزَاجِهِ بِالتُّرَابِ عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ إنَّهُ لَا يَحْسُنُ عَدُّ التُّرَابِ رُكْنًا؛ لِأَنَّ الْآلَةَ جِسْمٌ وَالْفِعْلَ عَرَضٌ فَكَيْفَ يَكُونُ الْجِسْمُ جُزْءًا مِنْ الْعَرَضِ نِهَايَةٌ وَفِي سم بَعْدَ ذِكْرِ مِثْلِهِ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ مَا نَصُّهُ وَأَقُولُ هُوَ إشْكَالٌ سَاقِطٌ لِوُجُوهٍ مِنْهَا أَنَّ هَذَا نَظِيرُ عَدِّهِمْ الْعَاقِدَ رُكْنًا لِلْبَيْعِ مَعَ أَنَّ الْبَيْعَ هُوَ الْعَقْدُ وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ الْعَاقِدُ جُزْءًا مِنْ الْعَقْدِ وَقَدْ أَجَابَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُ هُنَاكَ بِمَا يَأْتِي نَظِيرُهُ هُنَا وَمِنْهَا أَنْ لَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِ التُّرَابِ رُكْنًا أَوْ شَرْطًا أَنَّ ذَاتَه هُوَ الرُّكْنُ أَوْ الشَّرْطُ ضَرُورَةَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الرُّكْنِ وَالشَّرْطِ مُتَعَلِّقُ الْوُجُوبِ وَالْوُجُوبُ لَا يَتَعَلَّقُ بِالذَّوَاتِ بَلْ بِالْأَفْعَالِ بَلْ الْمُرَادُ بِالرُّكْنِ أَوْ الشَّرْطِ هُوَ اسْتِعْمَالُ التُّرَابِ أَوْ الْمَاءِ أَوْ يُقَالُ كَوْنُ الْمَسْحِ بِالتُّرَابِ وَالْغَسْلِ بِالْمَاءِ وَمِنْهَا أَنَّ جَعْلَهُ رُكْنًا لَا يَقْتَضِي كَوْنَهُ جُزْءًا مِنْ الْفِعْلِ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ مَجْمُوعُ أُمُورٍ مِنْهَا الْمَسْحُ وَمِنْهَا التُّرَابُ فَكَوْنُهُ رُكْنًا إنَّمَا يَقْتَضِي كَوْنَهُ جُزْءًا مِنْ هَذَا الْمَجْمُوعِ لَا مِنْ الْفِعْلِ الَّذِي هُوَ جُزْءُ هَذَا الْمَجْمُوعِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَمَا تَمَيَّزَ بِهِ) أَيْ غَيْرُ السَّلِيمِ (مِنْ وُجُوبِ زَائِدٍ) بِالْإِضَافَةِ بَيَانٌ لِمَا (عَلَيْهَا) أَيْ السِّتَّةِ (شُرُوطٌ) خَبَرُ وَمَا إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا تَقَرَّرَ) أَيْ بِقَوْلِهِ، وَيَزِيدُ السَّلَسُ إلَخْ (لَا أَرْكَانٌ) عُطِفَ عَلَى شُرُوطٍ (قَوْلُهُ: أَرْبَعَةٌ) أَيْ مِنْ السِّتَّةِ فَمُسَوِّغُ الِابْتِدَاءِ الْوَصْفُ الْمُقَدَّرُ وَقَوْلُهُ بِنَصِّ إلَخْ خَبَرُهُ (قَوْلُهُ وَلِكَوْنِهِ) أَيْ لَفْظُ فُرِضَ فِي فَرْضِهِ وَالْجَارُّ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ الْآتِي أَخْبَرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْمُفْرَدُ الْمُضَافُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِلْعُمُومِ) أَيْ فَيَعُمُّ كُلَّ فَرْضٍ مِنْهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: الصَّالِحُ إلَخْ) نَعْتٌ لِلْعُمُومِ مُرَادًا بِهِ الْمَعْنَى الْعَامَّ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِخْدَامِ وَقَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِهِ (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ) أَيْ الْمَعْنَى الْعَامُّ (حِينَئِذٍ) أَيْ بِالنَّظَرِ إلَى دَلَالَةِ لَفْظِهِ عَلَيْهِ وَقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْحُكْمِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: الصَّالِحُ لَهُ) بِأَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ مَوْضُوعًا لِذَلِكَ الْمَعْنَى وَلَوْ فِي الْجُمْلَةِ بُنَانِيٌّ عَلَى شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مَدْلُولُهُ) أَيْ مَدْلُولُ اللَّفْظِ الْعَامِّ وَقَوْلُهُ فِي التَّرْكِيبِ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ احْتَرَزَ بِذَلِكَ عَنْ دَلَالَتِهِ مُجَرَّدًا عَنْ تَرْكِيبِهِ مَعَ غَيْرِهِ وَعَنْ دَلَالَتِهِ لَا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ فَإِنَّ مَدْلُولَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ هُوَ مَفْهُومُهُ الْمُتَقَدِّمُ إذْ النَّظَرُ فِيهِ حِينَئِذٍ مِنْ حَيْثُ تَصَوُّرُهُ، وَأَنَّهُ مَدْلُولُ اللَّفْظِ فَهُوَ مُلَاحَظٌ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ لَا مِنْ حَيْثُ تَرْكِيبُهُ مَعَ غَيْرِهِ وَالْحُكْمُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْغَيْرِ بُنَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ: كُلِّيَّةٌ) أَيْ قَضِيَّةٌ كُلِّيَّةٌ أَيْ يَتَحَصَّلُ مِنْهُ مَعَ مَا حَكَمَ بِهِ عَلَيْهِ قَضِيَّةٌ كُلِّيَّةٌ فَفِي الْكَلَامِ مُسَامَحَةٌ إذْ الْكُلِّيَّةُ مَدْلُولُ الْقَضِيَّةِ لَا مَدْلُولُ الْعَامِّ وَكَذَا قَوْلُهُ: أَيْ مَحْكُومًا فِيهِ إلَخْ إذْ الْمَحْكُومُ فِيهِ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ هُوَ الْقَضِيَّةُ لَا الْعَامُّ فَفِيهِ تَسَاهُلٌ وَالْأَصْلُ مَحْكُومًا فِي التَّرْكِيبِ الْمُشْتَمِلِ عَلَيْهِ أَيْ التَّرْكِيبِ الَّذِي جَعَلَ فِيهِ الْعَامَّ مَوْضُوعًا وَمَحْكُومًا عَلَيْهِ وَجَعَلَ غَيْرَهُ مَحْكُومًا بِهِ عَلَيْهِ بُنَانِيٌّ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ فِي قُوَّةِ قَضَايَا بِعَدَدِ أَفْرَادِهَا) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ مُطَابِقَةٌ وَلَخَّصَ فِيهَا جَوَابَ الْأَصْفَهَانِيِّ عَنْ سُؤَالِ عَصْرَيْهِ الْقَرَافِيِّ الَّذِي مَضْمُونُهُ أَنَّ دَلَالَةَ الْعَامِّ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ خَارِجَةٌ عَنْ الدَّلَالَاتِ الثَّلَاثِ الْمُطَابَقَةِ وَالتَّضْمِينِ وَالِالْتِزَامِ وَحِينَئِذٍ فَإِمَّا أَنْ يُبْطِلَ حَصْرَ الدَّلَالَةِ فِي الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ أَوْ لَا يَكُونُ الْعَامُّ إلَّا عَلَى كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ الَّذِي هُوَ مَعْنَى الْكُلِّيَّةِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي الْمُطَابَقَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِمْ فِيهَا دَلَالَةُ اللَّفْظِ عَلَى تَمَامِ مُسَمَّاهُ الْأَعَمُّ مِنْ الدَّلَالَةِ عَلَى تَمَامِ الْمُسَمَّى أَوْ الدَّلَالَةُ عَلَى مَا هُوَ فِي قُوَّةِ تَمَامِ الْمُسَمَّى بَنَانِيٌّ بِحَذْفٍ (قَوْلُهُ: أَوْ الصَّرِيحُ فِيهَا) أَيْ الْجَمْعِيَّةُ عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ الصَّالِحُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَتْ الْعِبْرَةُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ تَطَابُقَهُمَا أَمْرٌ مُعْتَبَرٌ فِي اللُّغَةِ لَا يَنْبَنِي عَلَى الِاصْطِلَاحِ بَلْ هُوَ ثَابِتٌ قَبْلَ وُجُودِ الِاصْطِلَاحِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي قَرَّرَهُ أَهْلُ الْأُصُولِ فِي مَدْلُولِ الْعَامِّ لَيْسَ بِمُجَرَّدِ الِاصْطِلَاحِ بَلْ هُوَ مَدْلُولٌ لُغَوِيٌّ لِلَّفْظِ لَا يُخَالِفُ فِيهِ النُّحَاةُ وَلَا غَيْرُهُمْ وَكَوْنُ الْحُكْمِ فِي الْعَامِّ تَارَةً عَلَى كُلِّ فَرْدٍ وَهُوَ الْأَكْثَرُ وَتَارَةً عَلَى الْمَجْمُوعِ أَمْرٌ مَشْهُورٌ فِي الْأُصُولِ وَغَيْرِهَا فَلَا حَاجَةَ لِهَذِهِ التَّكَلُّفَاتِ الَّتِي لَا يَخْفَى مَا فِيهَا عَلَى الْعَارِفِ سم.

(قَوْلُهُ أَنَّ مَدْلُولَهُ إلَخْ) بَدَلٌ مِنْ ظَاهِرِ إلَخْ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: أَخْبَرَ عَنْهُ إلَخْ) أَقُولُ يُمْكِنُ تَوْجِيهُ عِبَارَةِ الْمَتْنِ بِأَنَّ الْإِضَافَةَ لِلْجِنْسِ، وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ فِيهَا الِاسْتِغْرَاقَ وَالْمُرَادُ بِهِ الْمَاهِيَّةُ لَا بِشَرْطِ لَا أَوْ لِلْعَهْدِ الْخَارِجِيِّ وَالْمُرَادُ بِالْفَرْدِ الْمَخْصُوصِ الْمَعْهُودِ

وُضُوئِهِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ وَظَاهِرٌ أَنَّهَا لَا تَجِبُ بَيْنَ اسْتِنْجَائِهِ وَبَيْنَ وُضُوئِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ سَلِسًا بِغَيْرِ الرِّيحِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ خُرُوجِ الرِّيحِ قَبْلَ وُضُوئِهِ لَا أَثَرَ لَهُ

(قَوْلُهُ: فِي مُطَابَقَةِ الْمُبْتَدَأِ لِلْخَبَرِ) لَا يَخْفَى أَنَّ مُطَابَقَتَهُمَا أَمْرٌ مُعْتَبَرٌ فِي اللُّغَةِ

ص: 190

وَضَّحَ مَا أَشَرْت إلَيْهِ بِقَوْلِي الصَّالِحُ لِلْجَمْعِيَّةِ فَقَالَ قَدْ يَكُونُ مَعْنَى الْعُمُومِ شُمُولَ الْمَجْمُوعِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ لِكُلِّ فَرْدٍ، وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ عَلَى الْمَجْمُوعِ لَا عَلَى الْأَفْرَادِ وَمِثَالُهُ قَوْله تَعَالَى {إِلا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} [الأنعام: 38] فَإِنَّ الْحُكْمَ بِأَنَّهَا أُمَمٌ عَلَى مَجْمُوعِ الدَّوَابِّ وَالطُّيُورِ دُونَ أَفْرَادِهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ قَدْ تَقُومُ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْعَامِّ حُكْمٌ عَلَى مَجْمُوعِ الْأَفْرَادِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَجْمُوعٌ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى كَوْنِ أَفْرَادِ الْعَامِّ الْجَمْعُ أَوْ نَحْوُهُ آحَادًا أَوْ جُمُوعًا فَيَكُونُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ كُلًّا لَا كُلِّيَّةً، وَهُوَ مَا مَرَّ وَلَا كُلِّيًّا وَهُوَ الْمَحْكُومُ فِيهِ عَلَى الْمَاهِيَّةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ أَيْ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى الْأَفْرَادِ وَذَكَرَ بَعْضُ الْأُصُولِيِّينَ أَنَّ لِلْعَامِّ دَلَالَتَيْنِ دَلَالَةً عَلَى الْمَعْنَى الْمُشْتَرَكِ، وَهِيَ الَّتِي الْحُكْمُ فِيهَا عَلَى الْكُلِّيِّ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى خُصُوصِ الْأَفْرَادِ، وَهِيَ قَطْعِيَّةٌ وَدَلَالَةً عَلَى كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ مِنْ الْأَفْرَادِ بِالْخُصُوصِ، وَهِيَ ظَنِّيَّةٌ انْتَهَى.

وَفِيهِ تَأْيِيدٌ لِمَا مَرَّ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَظَرٌ وَمُخَالَفَةٌ لِمَا عَلَيْهِ مُحَقِّقُوهُمْ أَيْ إنْ أَرَادَ الدَّلَالَةَ الْحَقِيقِيَّةَ الْمُطَابِقَيَّةَ (أَحَدُهَا نِيَّةُ رَفْعِ حَدَثٍ) أَيْ رَفْعِ حُكْمِهِ كَحُرْمَةِ نَحْوِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْوُضُوءِ رَفْعُ ذَلِكَ فَإِذَا نَوَاهُ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِلْمَقْصُودِ فَالْحَدَثُ هُنَا الْأَسْبَابُ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْحُرْمَةَ مُتَرَتِّبَةٌ عَلَيْهَا

الْأَرْكَانُ بِقَرِينَةِ السِّيَاقِ وَتَعْدَادُهَا فِيمَا بَعْدُ بَصْرِيٌّ وَقَوْلُهُ الْمَاهِيَّةُ لَا بِشَرْطِ أَيْ لَا بِشَرْطِ شَيْءٍ مِنْ التَّحَقُّقِ فِي ضِمْنِ فَرْدٍ أَوْ أَكْثَرَ وَعَدَمِهِ، وَهِيَ الْمُسَمَّاةُ بِالْمَاهِيَّةِ الْمُطْلَقَةُ وَقَوْلُهُ لَا بِشَرْطِ لَا أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْجِنْسِ الْمَاهِيَّةُ بِشَرْطِ لَا شَيْءٍ أَيْ بِشَرْطِ عَدَمِ التَّحَقُّقِ فِي ضِمْنِ فَرْدٍ أَصْلًا وَهِيَ الْمُسَمَّاةُ بِالْمَاهِيَّةِ الْمُجَرَّدَةِ أَقُولُ، وَيَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يُرَادَ الْمَاهِيَّةُ بِشَرْطِ شَيْءٍ الْمُسَمَّاةُ بِالْمَاهِيَّةِ الْمَخْلُوطَةِ (قَوْلُهُ: وَضَّحَ مَا أَشَرْت إلَيْهِ إلَخْ) مُرَادُهُ أَنَّ قَوْلَهُ السَّابِقَ لِلْعُمُومِ الصَّالِحِ إلَخْ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْحُكْمَ عَلَى الْمَجْمُوعِ قَدْ يَكُونُ بِاعْتِبَارِ شُمُولِ الْمَجْمُوعِ لِكُلِّ فَرْدٍ أَيْ إحَاطَتِهِ عَلَيْهَا فَوَضَّحَ الْبَعْضُ ذَلِكَ الْإِشَارَةَ اهـ كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ لِكُلِّ فَرْدٍ) مُتَعَلِّقٌ بِشُمُولِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَمِثَالٌ) أَيْ مِثَالُ الْحُكْمِ عَلَى الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ وَالْحَاصِلُ) إلَى قَوْلِهِ وَذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ) أَيْ حَاصِلُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَقَامِ وَقَالَ الْكُرْدِيُّ أَيْ حَاصِلُ كَلَامِ الْبَعْضِ اهـ.

(قَوْلُهُ قَرِينَةٌ إلَخْ) كَمَا فِي قَوْلِهِمْ رِجَالُ الْبَلَدِ يَحْمِلُونَ الصَّخْرَةَ الْعَظِيمَةَ أَيْ مَجْمُوعُهُمْ لَا كُلُّ فَرْدٍ فَرْدٍ وَكَلَامُ الْمِنْهَاجِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ الْكُلِّيَّةُ وَقَوْلُهُ مَا مَرَّ أَيْ بِقَوْلِهِ أَيْ مَحْكُومًا فِيهِ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْكُلِّيُّ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ تَأْيِيدٌ إلَخْ) لَمْ يَظْهَرْ وَجْهُ التَّأْيِيدِ لِمَا ذَكَرَهُ نَعَمْ يُؤْخَذُ مِنْهُ بِفَرْضِ صِحَّتِهِ وَجْهٌ وَجِيهٌ لِمَا نَحْنُ فِيهِ بَصْرِيٌّ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ لِمَا مَرَّ إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ الصَّالِحُ لِلْجَمْعِيَّةِ إلَخْ وَقَالَ الْكُرْدِيُّ إنَّهُ إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ أَيْ مَحْكُومٌ فِيهِ إلَخْ وَعَلَيْهِ فَالتَّأْيِيدُ بَلْ التَّصْرِيحُ ظَاهِرٌ لَكِنَّهُ لَيْسَ مَطْلُوبَ الْإِثْبَاتِ هُنَا حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى التَّأْيِيدِ.

وَقَوْلُهُ وَجْهٌ وَجِيهٌ إلَخْ يَعْنِي بِهِ أَوَّلَ الْوَجْهَيْنِ السَّابِقَيْنِ مِنْهُ (قَوْلُهُ أَيْ إنْ أَرَادَ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا أَرَادَ الدَّلَالَةَ التَّضَمُّنِيَّةَ عِبَارَةُ الْبُنَانِيِّ اعْلَمْ أَنَّ الْعَلَّامَةَ اللَّقَانِيَّ اعْتَرَضَ كَوْنَ دَلَالَةِ الْعَامِّ عَلَى فَرْدِهِ مُطَابَقَةً بِأَنَّ الْمُطَابَقَةَ هِيَ دَلَالَةُ اللَّفْظِ عَلَى تَمَامِ مَا وُضِعَ لَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَوْضُوعٌ لَهُ، وَأَنَّ الْعَامَّ مَوْضُوعٌ لِجَمِيعِ الْأَفْرَادِ مِنْ حَيْثُ هُوَ جَمِيعُهَا لَا لِكُلٍّ مِنْهَا فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا بَعْضُ الْمَوْضُوعِ لَهُ لِإِتْمَامِهِ فَيَكُونُ الْعَامُّ دَالًّا عَلَيْهِ تَضَمُّنًا لَا مُطَابَقَةً وَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ مِنْ أَنَّهُ فِي قُوَّةِ قَضَايَا فَجَوَابُهُ أَنَّ مَا فِي قُوَّةِ الشَّيْءِ لَا يَلْزَمُ أَنْ يُسَاوِيَهُ فِي أَحْوَالِهِ وَأَحْكَامِهِ اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ.

(نِيَّةَ رَفْعِ حَدَثٍ) أَيْ عَلَى النَّاوِي وَالْكَلَامُ عَلَيْهَا مِنْ سَبْعَةِ أَوْجُهٍ جَمَعَهَا بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ

حَقِيقَةٌ حُكْمٌ مَحَلٌّ وَزَمَنٌ

كَيْفِيَّةُ شَرْطٍ وَمَقْصُودٌ حَسَنٌ

فَحَقِيقَتُهَا لُغَةً الْقَصْدُ وَشَرْعًا قَصْدُ الشَّيْءِ مُقْتَرِنًا بِفِعْلِهِ وَحُكْمُهَا الْوُجُوبُ غَالِبًا وَمِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ نِيَّةُ غُسْلِ الْمَيِّتِ وَمَحَلُّهَا الْقَلْبُ وَزَمَنُهَا أَوَّلُ الْعِبَادَاتِ إلَّا فِي الصَّوْمِ وَكَيْفِيَّتُهَا تَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْأَبْوَابِ وَشَرْطُهَا إسْلَامُ النَّاوِي وَتَمْيِيزُهُ وَعِلْمُهُ بِالْمَنْوِيِّ وَعَدَمُ إتْيَانِهِ بِمُنَافِيهَا بِأَنْ يَسْتَصْحِبَهَا حُكْمًا وَالْمَقْصُودُ بِهَا تَمْيِيزُ الْعِبَادَةِ عَنْ الْعَادَةِ كَالْجُلُوسِ لِلِاعْتِكَافِ تَارَةً وَلِلِاسْتِرَاحَةِ أُخْرَى أَوْ تَمْيِيزُ رُتَبِهَا كَالصَّلَاةِ تَكُونُ تَارَةً فَرْضًا وَأُخْرَى نَفْلًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي بِزِيَادَةٍ مِنْ حَاشِيَةِ شَيْخِنَا.

(قَوْلُهُ: أَيْ رَفْعَ) إلَى قَوْلِهِ أَوْ نَوَى فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ فَالْحَدَثُ إلَى، وَإِنْ نَوَى وَقَوْلُهُ وَبِهِ يَرِدُ إلَى أَوْ نَفْيِ (قَوْلُهُ: أَيْ رَفْعَ حُكْمِهِ) ؛ لِأَنَّ الْوَاقِعَ لَا يَرْتَفِعُ مُغْنِي (قَوْلُهُ: كَحُرْمَةِ نَحْوِ الصَّلَاةِ) الْكَافُ يُغْنِي عَنْ النَّحْوِ عِبَارَةُ شَيْخِنَا أَيْ رَفْعِ حُكْمِهِ الَّذِي هُوَ الْمَنْعُ مِنْ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَعْرِفْهُ اهـ وَقَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَعْرِفْهُ فِيهِ تَوَقُّفٌ فَلْيُرَاجَعْ وَعِبَارَةُ الْحَلَبِيِّ، وَإِنْ لَمْ يُلَاحِظْ الْمُتَوَضِّئُ هَذَا الْمَعْنَى اهـ.

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ، وَإِنَّمَا اكْتَفَى بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ؛ لِأَنَّ إلَخْ بُجَيْرِمِيٌّ عِبَارَةُ الْحَلَبِيِّ، وَإِنَّمَا كَانَ رَفْعُ الْحُكْمِ هُوَ الْمُرَادُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْوُضُوءِ رَفْعُ مَانِعِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا أَيْ الْمَنْعِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى وُجُودِ ذَلِكَ الْحَدَثِ فَإِذَا نَوَاهُ أَيْ رَفْعَ الْحَدَثِ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِلْقَصْدِ أَيْ لِمَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ الطَّهَارَةِ، وَهُوَ رَفْعُ مَانِعِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا الَّذِي هُوَ حُكْمُ الْحَدَثِ الَّذِي نَوَاهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَإِذَا نَوَاهُ) أَيْ رَفْعَ الْحَدَثِ ع ش وَبُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ لِلْمَقْصُودِ)، وَهُوَ رَفْعُ مَانِعِ نَحْوِ الصَّلَاةِ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ تِلْكَ إلَخْ) ؛ وَلِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي تَتَأَتَّى فِيهَا جَمِيعُ الْأَحْكَامِ الْآتِيَةِ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا مَا لَوْ نَوَى غَيْرَ مَا عَلَيْهِ رَشِيدِيٌّ

لَا يَنْبَنِي عَلَى الِاصْطِلَاحِ بَلْ هُوَ ثَابِتٌ قَبْلَ وُجُودِ الِاصْطِلَاحِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذَا الَّذِي قَرَّرَهُ أَهْلُ الْأُصُولِ فِي مَدْلُولِ الْعَامِّ لَيْسَ بِمُجَرَّدِ الِاصْطِلَاحِ بَلْ هُوَ مَدْلُولٌ لُغَوِيٌّ لِلَفْظٍ لَا يُخَالِفُ فِيهِ النُّحَاةَ وَلَا غَيْرَهُمْ وَكَوْنُ الْحُكْمِ فِي الْعَامِّ تَارَةً عَلَى كُلِّ فَرْدٍ وَهُوَ الْأَكْثَرُ وَتَارَةً عَلَى الْمَجْمُوعِ أَمْرٌ مَشْهُورٌ فِي الْأُصُولِ وَغَيْرِهَا فَلَا حَاجَةَ لِهَذِهِ التَّكَلُّفَاتِ الَّتِي لَا يَخْفَى مَا فِيهَا عَلَى الْعَارِفِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَوَى غَيْرَ مَا عَلَيْهِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بَعْدَ كَلَامٍ ذَكَرَهُ مَا نَصُّهُ

ص: 191

وَيَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْمَانِعُ أَوْ الْمَنْعُ فَلَا يَحْتَاجُ لِتَقْدِيرِ حُكْمٍ وَالْمُرَادُ رَفْعُ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَإِنْ نَوَى غَيْرَ مَا عَلَيْهِ مِنْ أَكْبَرَ أَوْ أَصْغَرَ لَكِنْ غَلَطًا لَا عَمْدًا لِتَلَاعُبِهِ وَبِهِ يَرِدُ اسْتِشْكَالُ تَصَوُّرِهِ إذْ التَّلَاعُبُ وَالْعَبَثُ كَثِيرًا مَا يَقَعُ مِنْ ضُعَفَاءِ الْعُقُولِ أَوْ نَفْيُ بَعْضِ أَحْدَاثِهِ أَوْ نَوَى رَفْعَهُ فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ دُونَ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَجَزَّأُ فَإِذَا ارْتَفَعَ بَعْضُهُ ارْتَفَعَ كُلُّهُ وَلَا يُعَارَضُ بِضِدِّهِ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَفِعَ حُكْمُ الْأَسْبَابِ لَا نَفْسُهَا وَهُوَ وَاحِدٌ تَعَدَّدَتْ أَسْبَابُهُ، وَهِيَ لَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهَا فَلَغَا ذِكْرُهَا وَلَوْ نَوَى رَفْعَهُ وَأَنْ لَا يَرْفَعَهُ أَوْ رَفْعَهُ فِي صَلَاةٍ وَأَنْ لَا يَرْتَفِعَ لَمْ يَصِحَّ لِلتَّنَاقُضِ وَكَذَا لَوْ نَوَى أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ بِمَحَلٍّ نَجِسٍ.

قِيلَ تَعْبِيرُ أَصْلِهِ بِرَفْعِ الْحَدَثِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ أَلْ فِيهِ لِلْعَهْدِ أَيْ الَّذِي عَلَيْهِ

وع ش.

(قَوْلُهُ الْمَانِعُ) أَيْ الْأَمْرُ الَّذِي يَقُومُ بِالْأَعْضَاءِ، وَيَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ حَيْثُ لَا مُرَخِّصَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْتَاجُ إلَخْ) بَلْ لَا يَصِحُّ إلَّا بِتَكَلُّفٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَوَى إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بَعْدَ كَلَامٍ ذَكَرَهُ مَا نَصُّهُ وَمِنْ ثَمَّ اشْتَرَطَ هُنَا كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ مَا يَأْتِي فِي الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ فِعْلِهَا، وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي إحْضَارُ نَفْسِ الْقَصْدِ فِي نَحْوِ الْوُضُوءِ أَوْ الطَّهَارَةِ مَعَ الْغَفْلَةِ عَنْ الْفِعْلِ انْتَهَى اهـ سم (قَوْلُهُ: غَيْرَ مَا عَلَيْهِ) أَيْ كَأَنْ بَالَ وَلَمْ يَنَمْ فَنَوَى رَفْعَ حَدَثِ النَّوْمِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَبِهِ يَرِدُ إلَخْ) أَيْ بِقَوْلِهِ لِتَلَاعُبِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ غَلَطًا) وَضَابِطُ مَا يَضُرُّ الْغَلَطُ فِيهِ وَمَا لَا يَضُرُّ كَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ أَنَّ مَا يُعْتَبَرُ التَّعَرُّضُ لَهُ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا أَوْ جُمْلَةً لَا تَفْصِيلًا يَضُرُّ الْغَلَطُ فِيهِ فَالْأَوَّلُ كَالْغَلَطِ مِنْ الصَّوْمِ إلَى الصَّلَاةِ وَعَكْسُهُ وَالثَّانِي كَالْغَلَطِ فِي تَعْيِينِ الْإِمَامِ وَمَا لَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ لَا جُمْلَةً وَلَا تَفْصِيلًا لَا يَضُرُّ الْغَلَطُ فِيهِ كَالْخَطَأِ هُنَا وَفِي تَعْيِينِ الْمَأْمُومِ حَيْثُ لَمْ يَجِبْ التَّعَرُّضُ لِلْإِمَامَةِ أَمَّا إذَا وَجَبَ التَّعَرُّضُ لَهَا كَإِمَامِ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ يَضُرُّ خَطِيبٌ.

(قَوْلُهُ: لَا عَمْدًا) وَمِنْ الْعَمْدِ كَمَا فِي الْإِمْدَادِ وَغَيْرِهِ مَا لَوْ نَوَى الذَّكَرُ رَفْعَ حَدَثِ نَحْوِ الْحَيْضِ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْغَلَطُ وَخَالَفَ الْجَمَالُ الرَّمْلِيُّ فَاعْتَمَدَ الصِّحَّةَ فِي الْغَلَطِ، وَإِنْ لَمْ يُتَصَوَّرْ مِنْهُ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ نَفْيِ بَعْضِ أَحْدَاثِهِ) أَيْ كَأَنْ نَامَ وَبَالَ فَنَوَى رَفْعَ حَدَثِ النَّوْمِ لَا الْبَوْلِ شَرْحُ بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ: أَوْ نَوَى) إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ نَوَى فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: أَوْ نَوَى رَفْعَهُ فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ إلَخْ) وِفَاقًا لِلْأَسْنَى وَاعْتَمَدَ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي وَالشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِي ذَلِكَ وِفَاقًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَأَقَرَّهُ سم وَمَالَ إلَيْهِ السَّيِّدُ الْبَصْرِيُّ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ نَوَى أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ الظُّهْرَ وَلَا يُصَلِّيَ بِهِ غَيْرَهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى بِهِ رَفْعَ حَدَثِهِ بِالنِّسْبَةِ لِصَلَاةٍ دُونَ غَيْرِهَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ وُضُوءُهُ قَوْلًا وَاحِدًا كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ؛ لِأَنَّ حَدَثَهُ لَا يَتَجَزَّأُ إذَا بَقِيَ بَعْضُهُ بَقِيَ كُلُّهُ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ قَالَ الشَّيْخُ أَنَّهُ مَرْدُودٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ نَوَى أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ إلَخْ) كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ بِمَحَلٍّ نَجِسٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَوْ ثَوْبٍ نَجِسٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِذَلِكَ أَيْ لِتَلَاعُبِهِ؛ وَلِأَنَّهُ نَوَى مَعْصِيَةً كَمَا يَأْتِي وَبِهِ يُعْلَمُ ضَعْفُ مَا فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ نَوَيْتُ الطَّهَارَةَ الْوَاجِبَةَ وَلَا أُصَلِّي بِهِ قَالَ الشَّيْخُ قِيلَ لَا يَصِحُّ وَالْأَصَحُّ عِنْدِي يَصِحُّ لِجَمِيعِ الصَّلَوَاتِ وَقِيلَ يَصِحُّ لِمَا سِوَى الصَّلَاةِ اهـ وَيَتَّجِهُ عِنْدِي الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ الْوُضُوءَ لِلْمَعْصِيَةِ، وَإِنْ نَوَاهَا مَعَهُ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ مِثْلَ مَا لَوْ نَوَاهَا بِهِ بِمَحَلٍّ نَجِسٍ مَا لَوْ نَوَى الْمُقِيمُ بَعْدَ الزَّوَالِ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ هَذِهِ الظُّهْرَ مَقْصُورَةً أَيْ حَالَ إقَامَتِهِ لِتَلَاعُبِهِ وَلَا يُنَافِيهِ الصِّحَّةُ

وَمِنْ ثَمَّ اشْتَرَطَ هُنَا كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ مَا يَأْتِي فِي الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ فِعْلِهَا، وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي إحْضَارُ نَفْسِ الْقَصْدِ فِي نَحْوِ الْوُضُوءِ أَوْ الطَّهَارَةِ مَعَ الْغَفْلَةِ عَنْ الْفِعْلِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: أَوْ نَوَى رَفْعَهُ فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ دُونَ غَيْرِهَا) نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ فِي هَذِهِ عَدَمَ الصِّحَّةِ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ، وَإِنْ رَدَّهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَتَجَزَّأُ فَإِذَا ارْتَفَعَ بَعْضُهُ ارْتَفَعَ كُلُّهُ) قَدْ يُقَالُ هَذِهِ الْعِبَارَةُ مُتَنَاقِضَةٌ؛ لِأَنَّ انْتِفَاءَ تَجَزُّئِهِ يُنَافِي ارْتِفَاعَ بَعْضِهِ إذْ لَا بَعْضَ إلَّا لِلْمُتَجَزِّئِ فَلَا يُتَصَوَّرُ ارْتِفَاعُ الْبَعْضِ فَإِذَا أُرِيدَ ارْتِفَاعُ بَعْضِهِ ارْتَفَعَ كُلُّهُ وَرُدَّ بِأَنَّ هَذَا هُوَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ فَلَا يُفِيدُ الِاسْتِدْلَال بِهِ.

(قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ نَوَى أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ بِمَحَلِّ نَجِسٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَوْ ثَوْبٍ نَجِسٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِذَلِكَ أَيْ لِتَلَاعُبِهِ؛ وَلِأَنَّهُ نَوَى مَعْصِيَةً كَمَا يَأْتِي وَبِهِ يُعْلَمُ ضَعْفُ مَا فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ نَوَيْت الطَّهَارَةَ الْوَاجِبَةَ وَلَا أُصَلِّي بِهِ قَالَ الشَّيْخُ قِيلَ لَا يَصِحُّ وَالْأَصَحُّ عِنْدِي يَصِحُّ لِجَمِيعِ الصَّلَوَاتِ وَقِيلَ يَصِحُّ لِمَا سِوَى الصَّلَاةِ اهـ.

وَيَتَّجِهُ عِنْدِي الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلَ الْوُضُوءَ لِلْمَعْصِيَةِ، وَإِنْ نَوَاهَا مَعَهُ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ مِثْلَ مَا لَوْ نَوَاهَا بِمَحَلِّ نَجِسٍ مَا لَوْ نَوَى الْمُقِيمُ بَعْدَ الزَّوَالِ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ هَذِهِ الظُّهْرَ مَقْصُورَةً أَيْ حَالَ إقَامَتِهِ لِتَلَاعُبِهِ وَلَا يُنَافِيهِ الصِّحَّةُ فِيمَا لَوْ نَوَى فِي رَجَبٍ اسْتِبَاحَةَ صَلَاةِ الْعِيدِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَبْعُدُ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا أَطْلَقَ، وَأَنَّهُ لَوْ نَوَى بِوُضُوئِهِ صَلَاتَهُ الْآنَ لَمْ يَصِحَّ لِتَلَاعُبِهِ وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْأَذْرَعِيَّ قَالَ فِي أَصْلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَعْنِي نِيَّةَ مَنْ فِي رَجَبٍ صَلَاةَ الْعِيدِ لَعَلَّ الْوَجْهَ الْقَائِلَ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ أَقْرَبُ؛ لِأَنَّهُ مُتَلَاعِبٌ اهـ مَعَ أَنَّ كَلَامَهُ خِلَافُ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَلَيْسَ هُنَاكَ صَرِيحُ تَلَاعُبٍ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّهُ قَصَدَ صَرِيحَ التَّلَاعُبِ وَلَوْ نَوَى أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ فِي مَحَلٍّ مُتَنَجِّسٍ بِمَعْفُوٍّ عَنْهُ لَمْ تَبْعُدْ الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ لِلصَّلَاةِ عَلَى وَجْهٍ مُبْطِلٍ وَقَدْ تَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَى النَّجِسِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ م ر وَلَوْ نَوَى أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ عَلَى مَنْ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ كَشَهِيدِ الْمَعْرَكَةِ فَالْوَجْهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ أَوْ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ فَالْوَجْهُ الصِّحَّةُ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا فِي الْقَضَاءِ وَمَا لَهُ سَبَبٌ نَعَمْ إنْ قَصَدَ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهَا صَلَاةً

ص: 192

أَوْ لِلشُّمُولِ الدَّاخِلِ فِيهِ مَا عَلَيْهِ بِخِلَافِ التَّنْكِيرِ؛ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ نِيَّةُ مَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ انْتَهَى، وَيُرَدُّ بِأَنَّ فِيهِ إيهَامَ اشْتِرَاطِ التَّعْرِيفِ فِي النِّيَّةِ، وَهُوَ أَضَرُّ مِمَّا أَوْهَمَهُ التَّنْكِيرُ عَلَى أَنَّ التَّعْرِيفَ يُوهِمُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا تَصِحُّ نِيَّةُ غَيْرِ مَا عَلَيْهِ مُطْلَقًا فَسَاوَى التَّنْكِيرَ فِي هَذَا فَالْحَقُّ أَنَّ كُلًّا أَحْسَنُ مِنْ وَجْهٍ، وَأَنَّ التَّنْكِيرَ أَخَفُّ إيهَامًا (أَوْ) نِيَّةُ الطَّهَارَةِ عَنْ الْحَدَثِ أَوْ نِيَّةُ (اسْتِبَاحَةِ مُفْتَقِرٍ إلَى طُهْرٍ) أَيْ وُضُوءٍ كَمَا أَوْمَأَ إلَيْهِ التَّعْبِيرُ بِالِاسْتِبَاحَةِ وَدَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: أَوْ مَا يُنْدَبُ لَهُ الْوُضُوءُ كَقِرَاءَةٍ فَلَا وَذَلِكَ كَطَوَافٍ، وَإِنْ كَانَ بِمِصْرَ مَثَلًا أَوْ عِيدٍ وَلَوْ فِي رَجَبٍ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ فِعْلُهُ مُتَضَمِّنَةٌ لِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ.

وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ قَالَ نَوَيْت اسْتِبَاحَةَ مُفْتَقِرٍ لِوُضُوءٍ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ لَمْ يَخْطِرْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ مُفْرَدَاتِهِ أَنَّهُ وَكَوْنُ نِيَّتِهِ حِينَئِذٍ تَصْدُقُ بِنِيَّةِ وَاحِدٍ مُبْهَمٍ مِمَّا يَفْتَقِرُ لَهُ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ مُتَضَمِّنٌ لِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ

(أَوْ) نِيَّةِ (أَدَاءِ فَرْضِ الْوُضُوءِ) وَتَدْخُلُ الْمَسْنُونَاتُ فِي هَذَا وَنَحْوِهِ تَبَعًا كَنَظِيرِهِ فِي نِيَّةِ فَرْضِ الظُّهْرِ مَثَلًا عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْفَرْضِ

فِيمَا لَوْ نَوَى فِي رَجَبٍ اسْتِبَاحَةَ صَلَاةِ الْعِيدِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَبْعُدُ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا أَطْلَقَ، وَأَنَّهُ لَوْ نَوَى بِوُضُوئِهِ صَلَاتَهُ الْآنَ لَمْ يَصِحَّ لِتَلَاعُبِهِ وَلَوْ نَوَى أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ فِي مَحَلٍّ مُتَنَجِّسٍ بِمَعْفُوٍّ عَنْهُ لَمْ تَبْعُدْ الصِّحَّةُ م ر.

وَلَوْ نَوَى أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ عَلَى مَنْ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ كَشَهِيدِ الْمَعْرَكَةِ فَالْوَجْهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ أَوْ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ فَالْوَجْهُ الصِّحَّةُ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ فِيهَا فِي الْجُمْلَةِ م ر كَمَا فِي الْقَضَاءِ وَمَالَهُ سَبَبٌ نَعَمْ إنْ قَصَدَ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهَا صَلَاةً لَا سَبَبَ لَهَا فَالْوَجْهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ م ر اهـ سم وَقَوْلُهُ نَعَمْ إلَخْ نَقَلَ الْبَصْرِيُّ عَنْ فَتَاوَى ابْنِ زِيَادٍ مِثْلَهُ وَأَقَرَّهُ (قَوْلُهُ: أَوْ لِلشُّمُولِ) أَيْ الْعُمُومِيِّ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ إلَخْ) التَّعْرِيفُ كَذَلِكَ سم وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الدُّخُولَ فِي التَّعْرِيفِ شُمُولِيٌّ وَفِي التَّنْكِيرِ بَدَلِيٌّ (قَوْلُهُ نِيَّةَ مَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ) أَيْ فَيُوهِمُ صِحَّتَهَا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَضَرُّ) أَطَالَ سم فِي رَدِّهِ رَاجِعْهُ.

(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ التَّعْرِيفَ يُوهِمُ إلَخْ) وَكَذَا التَّنْكِيرُ يُوهِمُ صِحَّةَ نِيَّةِ غَيْرِ مَا عَلَيْهِ مُطْلَقًا سم (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ عَمْدًا أَوْ خَطَأً (قَوْلُهُ: فِي هَذَا) يَعْنِي فِي نَظِيرِ هَذَا مِنْ إيهَامِ أَنَّهُ يَصِحُّ نِيَّةُ غَيْرِ مَا عَلَيْهِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: أَوْ نِيَّةَ الطَّهَارَةِ) إلَى قَوْلِهِ لَا نِيَّةَ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ أَوْ أَدَاءً فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ؛ لِأَنَّ إلَى وَظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: عَنْ الْحَدَثِ) أَوْ لَهُ أَوْ لِأَجْلِهِ نِهَايَةُ قَوْلِ الْمَتْنِ (اسْتِبَاحَةُ مُفْتَقِرٍ إلَخْ) أَيْ اسْتِبَاحَةُ شَيْءٍ مُفْتَقِرٍ صِحَّتُهُ إلَى طُهْرٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي أَيْ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ كَأَنْ قَالَ نَوَيْتُ اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ أَوْ مَسَّ الْمُصْحَفِ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: أَيْ وُضُوءَ إلَخْ) وَلَا يَرِدُ عَلَى تَعْبِيرِهِ بِطُهْرٍ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَالْمُكْثُ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ افْتِقَارِهِمَا إلَى طُهْرٍ، وَهُوَ الْغَسْلُ وَلَا يَصِحُّ الْوُضُوءُ بِنِيَّتِهِمَا؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ بِقَوْلِهِ اسْتِبَاحَةُ أُذُنَيْهِ اسْتِبَاحَتُهُمَا تَحْصِيلٌ لِلْحَاصِلِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.

قَالَ ع ش وَشَرْطُ نِيَّةِ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ قَصْدُ فِعْلِهَا بِتِلْكَ الطَّهَارَةِ فَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ فِعْلَ الصَّلَاةِ أَيْ وَلَا نَحْوَهَا بِوُضُوئِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فَهُوَ مُتَلَاعِبٌ لَا يُصَارُ إلَيْهِ اهـ خَطِيبٌ وَمِثْلُهُ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَدَلَّ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ وَلَوْ عَبَّرَ بِأَشْعَرَ قَرُبَ فِي الْجُمْلَةِ سم (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ الْمُفْتَقِرُ إلَى طُهْرٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ بِمِصْرَ مَثَلًا إلَخْ) أَيْ مَا لَمْ يُقَيِّدْهُ بِفِعْلِهِ حَالًّا وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ لِتَلَاعُبِهِ كَذَا قِيلَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مِنْ الْمُتَصَرِّفِينَ بِحَيْثُ يَقْدِرُ عَلَى الْوُصُولِ إلَى مَكَّةَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي عَيَّنَهُ الصِّحَّةُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ.

وَأَمَّا لَوْ كَانَ عَاجِزًا وَقْتَ النِّيَّةِ ثُمَّ عَرَضَتْ لَهُ الْقُدْرَةُ بَعْدُ بِأَنْ صَارَ مُتَصَرِّفًا أَوْ اتَّفَقَ لَهُ مَنْ يُوَصِّلُهُ إلَى مَكَّةَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنْ الْمُتَصَرِّفِينَ لَمْ يَصِحَّ لِفَسَادِ النِّيَّةِ عِنْدَ الْإِتْيَانِ بِهَا وَمَا وَقَعَ بَاطِلًا لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا هَذَا وَمُقْتَضَى تَعْلِيلِ ابْنِ حَجّ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ إلَخْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُقَيِّدَ ذَلِكَ بِفِعْلِهِ حَالًّا أَوْ لَا لَكِنْ يُنَافِيهِ عَدَمُ الصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ نَوَى بِوُضُوئِهِ الصَّلَاةَ بِمَحَلٍّ نَجِسٍ فَالْأَوْلَى الْأَخْذُ بِمَا قِيلَ مِنْ فَسَادِ النِّيَّةِ وَيُحْمَلُ مَا اقْتَضَاهُ التَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ عَلَى أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِمُنَافِيهِ ع ش وَتَقَدَّمَ عَنْ سم مَا يُوَافِقُهُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ عِيدٍ إلَخْ) أَيْ صَلَاةِ الْعِيدِ (قَوْلُهُ: شَيْءٍ مِنْ مُفْرَدَاتِهِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ خُصُوصُهُ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ تَصَوُّرِ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَفْتَقِرُ إلَى وُضُوءٍ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا يُعْتَدُّ بِهَا إذَا قَصَدَ فِعْلَ الْمَنْوِيِّ بِقَلْبِهِ ع ش.

قَوْلُ الْمَتْنِ (أَوْ أَدَاءِ فَرْضٍ إلَخْ) قَالَ فِي الْإِمْدَادِ الْمُرَادُ بِالْأَدَاءِ هُنَا أَدَاءُ مَا عَلَيْهِ لَا الْمُقَابِلُ لِلْقَضَاءِ لِاسْتِحَالَتِهِ اهـ كُرْدِيٌّ عِبَارَةُ ع ش الْمُرَادُ بِالْأَدَاءِ الْفِعْلُ وَالْإِتْيَانُ لَا مُقَابِلَ الْقَضَاءِ سم عَلَى الْبَهْجَةِ قُلْت وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ الْعِبَادَةَ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهَا وَالْوُضُوءُ لَيْسَ لَهُ وَقْتٌ مُقَدَّرٌ شَرْعًا بِحَيْثُ يَكُونُ فِعْلُهُ فِيهِ أَدَاءً وَبَعْدَهُ قَضَاءً اهـ.

(قَوْلُهُ: فِي هَذَا) أَيْ فِي فَرْضِ الْوُضُوءِ الْمَنْوِيِّ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ إلَخْ) يُوهِمُ أَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِفَرْضِ الْوُضُوءِ الطَّهَارَةَ الْمَشْرُوطَةَ إلَخْ لَا يَكُونُ دُخُولُ الْمَسْنُونَاتِ تَبَعًا وَهُوَ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ فَظَاهِرٌ أَنَّ الْمَشْرُوطَةَ لِنَحْوِ الصَّلَاةِ أَرْكَانُهَا

لَا سَبَبَ لَهَا فَالْوَجْهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ إلَخْ) التَّعْرِيفُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَيَرِدُ بِأَنَّ فِيهِ إيهَامَ إلَخْ) يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ التَّنْكِيرَ فِيهِ إيهَامُ اشْتِرَاطِ التَّنْكِيرِ وَهَذَا يُقَابِلُ إيهَامَ التَّعْرِيفِ اشْتِرَاطَ التَّعْرِيفِ وَفِيهِ إيهَامُ صِحَّةِ نِيَّةِ غَيْرِ مَا عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَهَذَا يُقَابِلُ إيهَامَ التَّعْرِيفِ عَدَمَ صِحَّةِ نِيَّةِ غَيْرِ مَا عَلَيْهِ مُطْلَقًا فَكَيْفَ يَسُوغُ الرَّدُّ بِأَنَّ إيهَامَ التَّعْرِيفِ أَضَرُّ وَأَزْيَدُ كَمَا هُوَ حَاصِلُ كَلَامِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ التَّعْرِيفَ يُوهِمُ) وَالتَّنْكِيرُ يُوهِمُ صِحَّةَ نِيَّةِ غَيْرِ مَا عَلَيْهِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: التَّعْبِيرُ بِالِاسْتِبَاحَةِ) قَدْ يُقَالُ التَّعْبِيرُ بِالِاسْتِبَاحَةِ شَامِلٌ لِنِيَّةِ اسْتِبَاحَةِ الْمُكْثِ بِالْمَسْجِدِ الْمُفْتَقِرِ إلَى طُهْرٍ أَيْ غُسْلٍ فَلَا إيمَاءَ فِيهِ إلَى الْوُضُوءِ وَقَوْلُهُ وَدَلَّ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ وَلَوْ عَبَّرَ بِأَشْعَرَ قَرُبَ فِي الْجُمْلَةِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ ارْتِبَاطُ هَذِهِ الْعِلَاوَةِ بِمَا قَبْلَهَا مَعَ قَوْلِهِ فِيهَا الْمَشْرُوطُ إلَخْ فَإِنَّ سِيَاقَهَا لِبَيَانِ حَمْلِ

ص: 193

هُنَا حَقِيقَتَهُ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ وُضُوءُ الصَّبِيِّ إذَا نَوَاهُ بَلْ فَعَلَ طَهَارَةَ الْحَدَثِ الْمَشْرُوطَةِ لِنَحْوِ الصَّلَاةِ وَشَرْطُ الشَّيْءِ يُسَمَّى فَرْضًا وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ صِحَّةُ نِيَّةِ الصَّبِيِّ فَرْضَ الظُّهْرِ مَثَلًا بَلْ وُجُوبُهَا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَرْضِ ثَمَّ صُورَتُهُ كَمَا فِي الْمُعَادَةِ أَوْ أَدَاءِ الْوُضُوءِ أَوْ فَرْضِ الْوُضُوءِ أَوْ الْوُضُوءِ وَالطَّهَارَةِ كَالْوُضُوءِ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ، فَإِنْ قُلْت خُرُوجُ الْخَبَثِ بِأَدَاءِ الطَّهَارَةِ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ.

وَأَمَّا اخْتِصَاصُ فَرْضِ الطَّهَارَةِ وَمِثْلُهُ الطَّهَارَةُ الْوَاجِبَةُ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ بِالْحَدَثِ فَمُشْكِلٌ إذْ طَهَارَةُ الْخَبَثِ كَذَلِكَ قُلْتُ الرَّبْطُ بِالْفَرْضِ وَالْوُجُوبِ إنَّمَا يَتَبَادَرُ مِنْهُ تِلْكَ لَا هَذِهِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ لَا تَجِبُ لِلْعَفْوِ عَنْهُ وَمِنْ ثَمَّ اخْتَصَّ بِتِلْكَ الطَّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ عَلَى أَنَّ رَبْطَهَا بِهَا يُمْحِضُهَا لَهَا وَلَا يَضُرُّ شُمُولُهَا لِلْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ كَمَا لَا يَضُرُّ شُمُولُ نِيَّةِ الْوُضُوءِ لَهُ وَطُهْرُ الْخَبَثِ الْغَيْرِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ وَاجِبٌ لِذَاتِهِ بِدَلِيلِ الْإِثْمِ بِالتَّضَمُّخِ بِهِ وَمِنْ ثَمَّ وَجَبَ الْفَوْرُ فِي إزَالَتِهِ حِينَئِذٍ وَلَمْ تَجِبْ فِيهِ نِيَّةٌ لِعَدَمِ تَمَحُّضِهِ لِلْعِبَادَةِ، فَإِنْ قُلْت هِيَ تَشْمَلُ الْغُسْلَ أَيْضًا قُلْت لَا يَضُرُّ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُ يَكْفِي عَنْ الْوُضُوءِ فَلَيْسَ بِأَجْنَبِيٍّ وَمِنْ ثَمَّ كَفَتْ فِي الْغُسْلِ أَيْضًا لِاسْتِلْزَامِهَا رَفْعَ الْحَدَثِ الْكَافِي فِيهِ أَيْضًا فَهِيَ مِثْلُهُ فِي الِاكْتِفَاءِ بِهَا فِي الْبَابَيْنِ لَا الرَّابِعَةِ؛ لِأَنَّهَا

لَا غَيْرُ بَصْرِيٌّ وَسَمِّ.

(قَوْلُهُ حَقِيقَةً) أَيْ لُزُومُ الْإِتْيَانِ بِهِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: إذَا نَوَاهُ) أَيْ أَدَاءَ فَرْضِ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: الْمَشْرُوطَةُ) الْأَوْلَى التَّذْكِيرُ كَمَا فِي عِبَارَةِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ إلَخْ) مَا كَيْفِيَّةُ الْإِيرَادِ سم أَقُولُ كَيْفِيَّتُهُ أَنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِ الشَّارِحِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ إلَخْ عَدَمُ صِحَّةِ نِيَّةِ الصَّبِيِّ فَرْضَ الظُّهْرِ مَثَلًا إذْ لَا يَتَأَتَّى فِيهَا نَظِيرُ قَوْلِهِ بَلْ فَعَلَ إلَخْ فَيَبْقَى الْفَرْضُ عَلَى حَقِيقَتِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْمُعَادَةِ) يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهَا حِينَئِذٍ لَا تَتَمَيَّزُ عَنْ الْمُعَادَةِ سم وَلَك أَنْ تَمْنَعَ مَضَرَّةَ عَدَمِ التَّمْيِيزِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَدَاءِ الْوُضُوءِ) إلَى قَوْلِهِ، فَإِنْ قُلْت فِي النِّهَايَةِ وَحَاشِيَةِ شَيْخِنَا وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ فَصَرَّحَ بِعَدَمِ كِفَايَةِ فَرْضِ الطَّهَارَةِ وَيُعْلَمُ مِنْ عَدَمِ كِفَايَةِ أَدَاءِ الطَّهَارَةِ عِنْدَهُ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: أَوْ فَرْضِ الْوُضُوءِ) أَوْ الْوُضُوءِ الْمَفْرُوضِ أَوْ الْوَاجِبِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَسْتَحْضِرَ ذَاتَ الْوُضُوءِ الْمُرَكَّبَةَ مِنْ الْأَرْكَانِ، وَيَقْصِدَ فِعْلَ ذَلِكَ الْمُسْتَحْضَرِ كَمَا قَالُوا نَظِيرُهُ فِي الصَّلَاةِ نَعَمْ لَوْ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ كَفَى، وَإِنْ لَمْ يَسْتَحْضِرْ مَا ذُكِرَ لِتَضَمُّنِ رَفْعِ الْحَدَثِ لِذَلِكَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَوْ الْوُضُوءِ) ، وَإِنَّمَا اكْتَفَى بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ فَقَطْ دُونَ نِيَّةِ الْغُسْلِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ لَا يَكُونُ إلَّا عِبَادَةً فَلَا يُطْلَقُ عَلَى غَيْرِهَا بِخِلَافِ الْغُسْلِ فَإِنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى غَسْلِ النَّجَاسَةِ وَالْجَنَابَةِ وَغَيْرِهِمَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَشَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ) أَيْ فَيُجْزِئُ أَدَاءُ فَرْضِ الطَّهَارَةِ أَوْ أَدَاءِ الطَّهَارَةِ أَوْ فَرْضِ الطَّهَارَةِ وَكَذَا يُجْزِئُ الطَّهَارَةُ لِلصَّلَاةِ سم قَوْلُهُ: وَكَذَا يُجْزِئُ إلَخْ أَيْ كَمَا يَأْتِي فِي الشَّارِحِ آنِفًا (قَوْلُهُ خُرُوجُ الْخَبَثِ) أَيْ خُرُوجَ الطَّهَارَةِ عَنْ الْخَبَثِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ الطَّهَارَةُ الْوَاجِبَةُ) جَزَمَ بِهِ النِّهَايَةُ (قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ كَطَهَارَةِ الْحَدَثِ فِي الْوُجُوبِ وَالْفَرْضِيَّةِ فَلَا يَحْصُلُ التَّمْيِيزُ (قَوْلُهُ: تِلْكَ) أَيْ طَهَارَةُ الْحَدَثِ (لَا هَذِهِ) أَيْ طَهَارَةِ الْخَبَثِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ) يَعْنِي مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ يَتَبَادَرُ مِنْ الطَّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ طَهَارَةُ الْحَدَثِ (قَوْلُهُ اخْتَصَّ بِتِلْكَ) أَيْ طَهَارَةِ الْحَدَثِ (الطَّهَارَةُ لِلصَّلَاةِ) أَيْ أَوْ غَيْرِهَا مِمَّا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْوُضُوءِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّنْبِيهِ وَالْمُهَذَّبِ وَوَافَقَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ فِي شَرْحِهِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ رَبْطَهَا بِهَا) أَيْ رَبْطَ الطَّهَارَةِ بِالصَّلَاةِ (قَوْلُهُ يُمْحِضُهَا لَهَا) أَيْ يُمْحِضُ الطَّهَارَةَ لِلصَّلَاةِ لِطَهَارَةِ الْحَدَثِ وَقَالَ الْبَصْرِيُّ أَيْ يُمَيِّزُ نِيَّةَ الطَّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ إلَخْ اهـ.

(قَوْلُهُ: شُمُولَهَا) أَيْ الطَّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: وَطُهْرِ الْخَبَثِ إلَخْ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ لَا تَجِبُ إلَخْ وَمِنْ تَتِمَّةِ تِلْكَ الْعِلَّةِ أَوْ بِقَوْلِهِ عَلَى أَنَّ رَبْطَهَا بِهَا إلَخْ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ السِّيَاقِ وَالسِّبَاقِ وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ وَاجِبٌ لِذَاتِهِ أَيْ لَا لِلصَّلَاةِ وَجَرَى الْكُرْدِيُّ عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ فَقَالَ فَالْمُتَبَادِرُ مِنْ الرَّبْطِ بِالْفَرْضِ وَالْوُجُوبِ هُوَ الْوَاجِبُ لِعَارِضٍ وَهُوَ إرَادَةُ نَحْوِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ التَّوْصِيفَ بِالْفَرْضِ وَالْوَاجِبِ إنَّمَا يُفِيدُ فِيهِ لَا فِي الْوَاجِبِ لِذَاتِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ وَجَبَ وَلَمْ تَجِبْ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى الْوُجُوبِ لِذَاتِهِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ تَضَمُّخِهِ بِذَلِكَ الْخَبَثِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قُلْت هِيَ إلَخْ) أَيْ الطَّهَارَةُ لِلصَّلَاةِ وَبِتَعَلُّقِ هَذَا السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ بِنِيَّةِ الطَّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ دُونَ نِيَّةِ فَرْضِ الطَّهَارَةِ يَتَبَيَّنُ بَعْدَمَا مَرَّ عَنْ الْكُرْدِيِّ (قَوْلُهُ لِمَا يَأْتِي) أَيْ فِي بَحْثِ التَّرْتِيبِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ) أَيْ الْغَسْلُ (قَوْلُهُ: كَفَتْ) أَيْ نِيَّةُ الطَّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: فَهِيَ) أَيْ الطَّهَارَةُ لِلصَّلَاةِ (مِثْلُهُ) أَيْ رَفْعِ الْحَدَثِ وَقَوْلُهُ بِهَا أَيْ الطَّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ الْأَوْلَى حَذْفُهُ أَوْ تَذْكِيرُ الضَّمِيرِ (قَوْلُهُ: فِي الْبَابَيْنِ) أَيْ بَابِ الْوُضُوءِ وَبَابِ الْغُسْلِ (قَوْلُهُ: لَا الرَّابِعَةِ) عُطِفَ عَلَى الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ سم، وَهِيَ نِيَّةُ الطَّهَارَةِ فَقَطْ بَصْرِيٌّ

الْفَرْضِ عَلَى مَعْنَى لَا يُنَافِي شُمُولَهُ الْمَسْنُونَاتِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ تَبَعِيَّةٍ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمَشْرُوطِيَّةَ تُنَافِي ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ إلَخْ) مَا كَيْفِيَّةُ الْإِيرَادِ (قَوْلُهُ كَمَا فِي الْمُعَادَةِ) يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهَا حِينَئِذٍ لَا تَتَمَيَّزُ عَنْ الْمُعَادَةِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ) أَيْ لَا فِي الْأَخِيرِ، وَهُوَ نِيَّةُ الْوُضُوءِ فَيُجْزِئُ أَدَاءُ فَرْضِ الطَّهَارَةِ أَوْ أَدَاءُ الطَّهَارَةِ أَوْ فَرْضُ الطَّهَارَةِ وَكَذَا يُجْزِئُ الطَّهَارَةُ لِلصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ إضَافَتِهَا لِلصَّلَاةِ طَهَارَةُ الْحَدَثِ دُونَ طَهَارَةِ النَّجِسِ لِعَدَمِ اخْتِصَاصِهَا بِالصَّلَاةِ وَقَدْ يُوَجَّهُ إجْزَاءُ نِيَّةِ الطَّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ لِشُمُولِ الطَّهَارَةِ لِرَفْعِ الْحَدَثِ وَإِزَالَةِ النَّجِسِ فَقَدْ تَضَمَّنَتْ رَفْعَ الْحَدَثِ وَهَذَا التَّوْجِيهُ جَارٍ فِي نِيَّةِ فَرْضِ الطَّهَارَةِ وَشُمُولِ الطَّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ لِرَفْعِ الْحَدَثِ لَا يَزِيدُ عَلَى شُمُولِ فَرْضِ الطَّهَارَةِ لَهُ إذْ كُلٌّ مِنْ فَرْضِ الطَّهَارَةِ أَوْ الطَّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ وَقَدْ صَرَّحُوا بِانْقِسَامِ الْإِضَافَةِ انْقِسَامَ اللَّامِ فَلَا تَفَاوُتَ بَيْنَهُمَا فَالْفَرْقُ بَيْنَ الطَّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ وَفَرْضِ الطَّهَارَةِ وَزَعْمُ إجْزَاءِ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي نَظَرًا لِلتَّوْجِيهِ الْمَذْكُورِ مَمْنُوعٌ نَعَمْ قَدْ يُقَالُ قِيَاسُ ذَلِكَ التَّوْجِيهِ إجْزَاءُ نِيَّةِ الطَّهَارَةِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: لَا الرَّابِعَةِ) عُطِفَ عَلَى الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ

ص: 194

تَشْمَلُ الطُّهْرَ عَنْ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ مِنْ غَيْرِ مُمَيِّزٍ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَعَدَمُ وُجُوبِ التَّعَرُّضِ لِلْفَرْضِيَّةِ يُشْعِرُ بِأَنَّ اعْتِبَارَ النِّيَّةِ هُنَا لَيْسَ لِلْقُرْبَةِ بَلْ لِلتَّمْيِيزِ؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ اعْتِبَارُ التَّعَرُّضِ لِلْفَرْضِيَّةِ فِي نِيَّةِ الْعِبَادَاتِ وَبِهِ إنْ سَلِمَ وَإِلَّا فَمَا يَأْتِي أَنَّ نِيَّةَ رَمَضَانَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا التَّعَرُّضُ لِلْفَرْضِيَّةِ يُنَازِعُ فِي عُمُومِهِ يَتَّضِحُ مَا مَرَّ أَنَّ الْكِتَابِيَّةَ تَنْوِي وَعُلِمَ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّ نِيَّةَ فَرْضِ الْوُضُوءِ كَافِيَةٌ وَلَوْ قَبْلَ الْوَقْتِ لِإِلْغَاءِ ذِكْرِ الْفَرْضِيَّةِ وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِ النِّيَّةِ الْحَدِيثُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ» أَيْ إنَّمَا صِحَّتُهَا لِإِكْمَالِهَا؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَصْلِ «بِالنِّيَّاتِ» جَمْعُ نِيَّةٍ، وَهِيَ شَرْعًا قَصْدُ الشَّيْءِ مُقْتَرِنًا بِفِعْلِهِ وَإِلَّا فَهُوَ عَزْمٌ وَمَحَلُّهَا الْقَلْبُ فَلَا عِبْرَةَ بِمَا فِي اللِّسَانِ نَعَمْ يُسَنُّ التَّلَفُّظُ بِهَا فِي سَائِرِ الْأَبْوَابِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مُوجِبِهِ وَالْقَصْدُ بِهَا تَمْيِيزُ الْعِبَادَةِ عَنْ الْعَادَةِ وَتَمْيِيزُ مَرَاتِبِ الْعِبَادَاتِ

(وَمَنْ دَامَ حَدَثُهُ كَمُسْتَحَاضَةٍ) وَسَلِسٍ (كَفَاهُ نِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ) وَغَيْرِهَا مِمَّا مَرَّ كَمَنْ لَمْ يَدُمْ حَدَثُهُ وَلَوْ مَاسِحَ الْخُفِّ (دُونَ) نِيَّةِ (الرَّفْعِ) لِلْحَدَثِ أَوْ الطَّهَارَةِ عَنْهُ (عَلَى الصَّحِيحِ فِيهِمَا) أَيْ فِي إجْزَاءِ نِيَّةِ نَحْوِ الِاسْتِبَاحَةِ وَحْدَهَا وَعَدَمِ إجْزَاءِ نِيَّةِ نَحْوِ الرَّفْعِ وَحْدَهَا؛ لِأَنَّ حَدَثَهُ لَا يَرْتَفِعُ وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ جَمْعِهِمَا لِتَكُونَ الْأُولَى لِلَّاحِقِ وَالْمُقَارِنِ وَالثَّانِيَةُ لِلسَّابِقِ وَعَلَى الْأَصَحِّ يُسَنُّ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا خُرُوجًا مِنْ هَذَا الْخِلَافِ وَقِيلَ تَكْفِي نِيَّةُ الرَّفْعِ لِتَضَمُّنِهَا الِاسْتِبَاحَةَ، وَيَرِدُ بِمَنْعِ عِلَّتِهِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ سَلِمَ كَانَ لَازِمًا بَعِيدًا، وَهُوَ لَا يَكْتَفِي بِهِ فِي النِّيَّاتِ وَحُكْمُهُ فِي نِيَّةِ مَا يَسْتَبِحْهُ حُكْمُ الْمُتَيَمِّمِ، وَيَأْتِي إجْزَاءُ نِيَّتِهِ لِرَفْعِ الْحَدَثِ إنْ أَرَادَ

(قَوْلُهُ: قَالَ الرَّافِعِيُّ) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ يَتَّضِحُ إلَى وَعَلِمَ إلَخْ وَمَا أُنَبِّهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ فِي الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ) أَيْ بِقَوْلِ الرَّافِعِيِّ أَنَّ الصَّحِيحَ إلَخْ (قَوْلُهُ: إنْ سَلِمَ) ، وَإِنْ لَمْ يَسْلَمْ فَوُجِّهَ أَنَّ الْكِتَابِيَّةَ تَنْوِي أَنَّ النِّيَّةَ تَارَةً تَكُونُ لِلتَّقَرُّبِ وَتَارَةً تَكُونُ لِلتَّمْيِيزِ سم (قَوْلُهُ وَإِلَّا إلَخْ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ نُقَيِّدْهُ بِالتَّسْلِيمِ فَلَا يَتِمُّ؛ لِأَنَّ مَا يَأْتِي إلَخْ فَقَوْلُهُ فَمَا يَأْتِي إلَخْ عِلَّةُ الْجَوَابِ وَقَائِمٌ مَقَامَهُ (قَوْلُهُ وَعُلِمَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ قَوْلِ الرَّافِعِيِّ عِبَارَةُ الْمُغْنِي قَالَ، وَإِنَّمَا صَحَّ الْوُضُوءُ بِنِيَّةِ فَرْضِهِ قَبْلَ الْوَقْتِ مَعَ أَنَّهُ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّ مُوجِبَهُ الْحَدَثُ أَوْ يُقَالُ لَيْسَ الْمُرَادُ هُنَا لُزُومَ الْإِتْيَانِ بِهِ وَإِلَّا لَامْتَنَعَ وُضُوءُ الصَّبِيِّ بِهَذِهِ النِّيَّةِ بَلْ الْمُرَادُ فِعْلُ طَهَارَةِ الْحَدَثِ الْمَشْرُوطُ لِلصَّلَاةِ وَشَرْطُ الشَّيْءِ يُسَمَّى فَرْضًا اهـ.

وَاقْتَصَرَ النِّهَايَةُ عَلَى الْجَوَابِ الثَّانِي وَحَذَفَ لَفْظَةَ قَالَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَبْلَ الْوَقْتِ) تَقَدَّمَ حَمْلُ الْفَرْضِ عَلَى مَعْنَى الشَّرْطِ فَلَا إشْكَالَ فِي الصِّحَّةِ قَبْلَ الْوَقْتِ وَلَا حَاجَةَ لِلْإِلْغَاءِ الْمَذْكُورِ سم وَبَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: مُقْتَرِنًا بِفِعْلِهِ) أَيْ فِعْلِ ذَلِكَ الشَّيْءِ فَيَجِبُ اقْتِرَانُهَا بِفِعْلِ الشَّيْءِ الْمَنْوِيِّ إلَّا فِي الصَّوْمِ فَلَا يَجِبُ فِيهِ الِاقْتِرَانُ بَلْ لَوْ فَرَضَ وَأَوْقَعَ النِّيَّةَ فِيهِ مُقَارِنَةً لِلْفَجْرِ لَمْ يَصِحَّ لِوُجُوبِ التَّبْيِيتِ فِي الْفَرْضِ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ وُجُوبِ الِاقْتِرَانِ أَوْ أَنَّ الشَّارِعَ أَقَامَ فِيهِ الْعَزْمَ مَقَامَ النِّيَّةِ لِعُسْرِ مُرَاقَبَةِ الْفَجْرِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ شَيْخُنَا عِبَارَةُ سم.

قَوْلُهُ مُقْتَرِنًا بِفِعْلِهِ اعْتِبَارُ الِاقْتِرَانِ فِي مَفْهُومِ النِّيَّةِ يَشْكُلُ بِتَحَقُّقِهَا بِدُونِهِ فِي الصَّوْمِ وَلَا مَعْنَى لِلِاسْتِثْنَاءِ فِي أَجْزَاءِ الْمَفْهُومِ اهـ.

(قَوْلُهُ: تَمْيِيزُ الْعِبَادَةِ عَنْ الْعَادَةِ) كَالْجُلُوسِ لِلِاعْتِكَافِ تَارَةً وَلِلِاسْتِرَاحَةِ أُخْرَى أَوْ تَمْيِيزَ مَرَاتِبِ الْعِبَادَةِ كَالصَّلَاةِ تَكُونُ تَارَةً فَرْضًا وَأُخْرَى نَفْلًا نِهَايَةٌ

(قَوْلُهُ: وَسَلِسٌ) إلَى قَوْلِهِ، وَيَرِدُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ كَمَنْ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ أَوْ الطَّهَارَةِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَسَلِسٌ) أَيْ سَلَسُ بَوْلٍ أَوْ نَحْوُهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي فَكَانَ الْأَنْسَبُ تَقْدِيمَهُ عَلَى قَوْلِهِ وَعَلَى الْأَصَحِّ إلَخْ كَمَا فَعَلَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي إلَّا أَنْ يُقَالَ أَخَّرَهُ لِيَرُدَّهُ بِمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْحَدَثِ سم (قَوْلُهُ: فِي أَجْزَاءِ نِيَّةِ الِاسْتِبَاحَةِ وَحْدَهَا إلَخْ) بَدَلٌ مِنْ فِيهِمَا فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ حَدَثَهُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلْمَعْطُوفِ فَقَطْ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي أَمَّا الِاكْتِفَاءُ بِنِيَّةِ الِاسْتِبَاحَةِ فَبِالْقِيَاسِ عَلَى التَّيَمُّمِ.

وَأَمَّا عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِرَفْعِ الْحَدَثِ فَلِبَقَاءِ حَدَثِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا بُدَّ إلَخْ) هُوَ مُقَابِلُ الصَّحِيحِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَقَوْلُهُ الْآتِي وَقِيلَ تَكْفِي إلَخْ مُقَابِلُهُ فِي الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: كَمَنْ لَمْ يَدُمْ إلَخْ) لَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا الْقِيَاسِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَاسِحَ الْخُفِّ) غَايَةٌ لِمَا فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَصَحِّ) الْأَوْلَى الصَّحِيحُ كَمَا فِي النِّهَايَةِ أَوْ الْأَوَّلِ كَمَا فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: يُسَنُّ الْجَمْعُ إلَخْ) أَيْ لِتَكُونَ نِيَّةُ الرَّفْعِ لِلْحَدَثِ السَّابِقِ وَنِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ أَوْ نَحْوِهَا لِلَّاحِقِ وَالْمُقَارِنِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ وَالْأَسْنَى، فَإِنْ قِيلَ نِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ وَحْدَهَا تُفِيدُ الرَّفْعَ كَنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ فَالْغَرَضُ يَحْصُلُ بِهَا وَحْدَهَا أُجِيبُ بِأَنَّ الْغَرَضَ الْخُرُوجُ مِنْ الْخِلَافِ، وَهُوَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِمَا يُؤَدِّي الْمَعْنَى مُطَابَقَةً لَا الْتِزَامًا وَذَلِكَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِجَمْعِ النِّيَّتَيْنِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَيَرِدُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِهَذَا الْمَنْعِ لِظُهُورِ أَنَّ رَفْعَ الْحَدَثِ يَسْتَلْزِمُ إبَاحَةَ الصَّلَاةِ فَالتَّضَمُّنُ صَحِيحٌ وَقَوْلُهُ كَانَ لَازِمًا بَعِيدًا فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ اللَّازِمَ الْبَعِيدَ مَا كَثُرَتْ وَسَائِطُهُ وَهَذَا مَفْقُودٌ هُنَا بَلْ لَا وَاسِطَةَ هُنَا أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ إذَا تَحَقَّقَ الرَّفْعُ تَحَقَّقَتْ إبَاحَةُ الصَّلَاةِ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَحُكْمُهُ فِي نِيَّةِ إلَخْ) لَعَلَّ فِي الْعِبَارَةِ قَلْبًا وَالْأَصْلُ

(قَوْلُهُ: وَبِهِ إنْ سَلِمَ)، وَإِنْ لَمْ يَسْلَمْ فَوُجِّهَ أَنَّ الْكِتَابِيَّةَ تَنْوِي أَنَّ النِّيَّةَ تَارَةً تَكُونُ لِلتَّقَرُّبِ وَتَارَةً تَكُونُ لِلتَّمْيِيزِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَبْلَ الْوَقْتِ) تَقَدَّمَ حَمْلُ الْفَرْضِ عَلَى مَعْنَى الشَّرْطِ فَلَا إشْكَالَ فِي الصِّحَّةِ قَبْلَ الْوَقْتِ وَلَا حَاجَةَ لِلْإِلْغَاءِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: مُقْتَرِنًا بِفِعْلِهِ) اعْتِبَارُ الِاقْتِرَانِ فِي مَفْهُومِ النِّيَّةِ يُشْكِلُ بِتَحَقُّقِهَا بِدُونِهِ فِي الصَّوْمِ وَلَا مَعْنَى لِلِاسْتِثْنَاءِ فِي أَجْزَاءِ الْمَفْهُومِ

(قَوْلُهُ لِلْحَدَثِ) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَنْهُ (قَوْلُهُ: يُسَنُّ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا خُرُوجًا مِنْ هَذَا الْخِلَافِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ لِتَكُونَ نِيَّةُ الرَّفْعِ لِلْحَدَثِ السَّابِقِ وَنِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ أَوْ نَحْوِهَا لِلَّاحِقِ قَالَ، فَإِنْ قُلْتَ نِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ وَنَحْوُهَا تُفِيدُ الرَّفْعَ كَنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ فَالْغَرَضُ يَحْصُلُ بِهَا وَحْدَهَا قُلْتُ لَا إذْ الْغَرَضُ الْخُرُوجُ مِنْ الْخِلَافِ وَهُوَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِمَا يُؤَدِّي الْمَعْنَى مُطَابَقَةً لَا الْتِزَامًا وَذَلِكَ بِجَمْعِ النِّيَّتَيْنِ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ: وَيَرِدُ بِمَنْعِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِهَذَا الْمَنْعِ لِظُهُورِ أَنَّ رَفْعَ الْحَدَثِ يَسْتَلْزِمُ إبَاحَةَ الصَّلَاةِ فَالتَّضَمُّنُ صَحِيحٌ لَا يُقَالُ قَدْ يَرْتَفِعُ الْحَدَثُ وَلَا تُبَاحُ الصَّلَاةُ لِوُجُودِ مَانِعٍ آخَرَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ الْتَفَتَ لِهَذَا لَمْ تَصِحَّ هَذِهِ النِّيَّةُ مِنْ السَّلِيمِ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: كَانَ لَازِمًا بَعِيدًا) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ اللَّازِمَ الْبَعِيدَ مَا كَثُرَتْ وَسَائِطُهُ وَهَذَا مَفْقُودٌ هُنَا بَلْ لَا وَاسِطَةَ هُنَا أَصْلًا

ص: 195

بِهِ رَفْعَهُ بِالنِّسْبَةِ لِغَرَضٍ فَقَطْ فَكَذَا هُنَا وَبِهِ يَنْدَفِعُ زَعْمُ أَنَّ تَفْسِيرَ رَفْعِ الْحَدَثِ بِرَفْعِ حُكْمِهِ فِيمَا مَرَّ يَلْزَمُهُ صِحَّةُ نِيَّةِ السَّلَسِ لَهُ بِهَذَا الْمَعْنَى وَوَجْهُ انْدِفَاعِهِ أَنَّ رَفْعَ حُكْمِهِ عَامٌّ وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِالسَّلِيمِ وَخَاصٌّ، وَهُوَ الْجَائِزُ لِلسَّلِسِ وَمُجَدِّدُ الْوُضُوءِ لَا تَحْصُلُ لَهُ سُنَّةُ التَّجْدِيدِ إلَّا بِنِيَّةٍ مِمَّا مَرَّ حَتَّى نِيَّةِ الرَّفْعِ أَوْ الِاسْتِبَاحَةِ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ وَهُوَ قَرِيبٌ إنْ أَرَادَ صُورَتَهُمَا كَمَا أَنَّ مُعِيدَ الصَّلَاةِ يَنْوِي بِهَا الْفَرْضَ وَزَعَمَ أَنَّ ذَاكَ فِي الْمُعَادَةِ خَارِجٌ عَنْ الْقَوَاعِدِ مَمْنُوعٌ كَيْفَ وَالشَّيْءُ لَا يُسَمَّى تَجْدِيدًا وَمُعَادًا إلَّا إنْ أُعِيدَ بِصِفَتِهِ الْأُولَى وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْإِطْلَاقَ هُنَا كَافٍ كَهُوَ ثَمَّ فَلَا تُشْتَرَطُ إرَادَةُ الصُّورَةِ بَلْ أَنْ لَا يُرِيدَ الْحَقِيقَةَ اكْتِفَاءً بِانْصِرَافِهَا لِمَدْلُولِهَا الشَّرْعِيِّ هُنَا مِنْ الصُّورَةِ بِقَرِينَةِ التَّجْدِيدِ هُنَا كَالْإِعَادَةِ ثَمَّ

(وَمَنْ نَوَى تَبَرُّدًا) أَوْ تَنَظُّفًا (مَعَ نِيَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ) مِمَّا مَرَّ (جَازَ) لَهُ ذَلِكَ أَيْ لَمْ يَضُرَّهُ فِي نِيَّتِهِ الْمُعْتَبَرَةِ (فِي الصَّحِيحِ) لِحُصُولِهِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ فَلَا تَشْرِيَكَ فِيهِ لَكِنْ مِنْ حَيْثُ الصِّحَّةُ بِخِلَافِهِ مِنْ حَيْثُ الثَّوَابُ وَمِنْ ثَمَّ اخْتَلَفُوا فِي حُصُولِهِ وَالْأَوْجَهُ كَمَا بَيَّنْته بِأَدِلَّتِهِ الْوَاضِحَةِ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ وَغَيْرِهَا إنْ قَصَدَ الْعِبَادَةَ يُثَابُ عَلَيْهِ بِقَدْرِهِ، وَإِنْ انْضَمَّ لَهُ غَيْرُهُ مِمَّا عَدَا الرِّيَاءِ وَنَحْوِهِ مُسَاوِيًا أَوْ رَاجِحًا وَخَرَجَ بِمَعَ طُرُوُّهَا بَعْدَ النِّيَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ فَيُبْطِلُهَا مَا لَمْ يَكُنْ

وَحُكْمُ نِيَّتِهِ فِيمَا يَسْتَبِيحُهُ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَحُكْمُ نِيَّةِ دَائِمِ الْحَدَثِ فِيمَا يَسْتَبِيحُهُ مِنْ الصَّلَوَاتِ حُكْمُ الْمُتَيَمِّمِ حَرْفًا بِحَرْفٍ، فَإِنْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ فَرْضٍ اسْتَبَاحَهُ وَإِلَّا فَلَا اهـ.

قَالَ ع ش قَوْلُهُ: م ر حَرْفًا بِحَرْفٍ هَذَا إذَا نَوَى الِاسْتِبَاحَةَ فَلَوْ نَوَى الْوُضُوءَ أَوْ فَرْضَ الْوُضُوءِ أَوْ أَدَاءَ الْوُضُوءِ هَلْ يَسْتَبِيحُ الْفَرْضَ وَالنَّفَلَ أَوْ النَّفَلَ أَجَابَ عَنْهُ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّهُ يَسْتَبِيحُ النَّفَلَ لَا الْفَرْضَ تَنْزِيلًا لَهُ عَلَى أَقَلِّ دَرَجَاتِ مَا يُقْصَدُ لَهُ غَالِبًا أَقُولُ وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الصَّلَاةَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ فَصِدْقُهَا عَلَى أَحَدِهِمَا كَصِدْقِهَا عَلَى الْآخَرِ فَحُمِلَتْ عَلَى أَقَلِّ الدَّرَجَاتِ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ رَفْعُ الْمَانِعِ مُطْلَقًا فَعَمِلَ بِهِ وَكَانَ نِيَّتُهُ كَنِيَّةِ اسْتِبَاحَةِ النَّفْلِ وَالْفَرْضِ مَعًا وَقَدْ يَجْعَلُ الْعُدُولَ إلَيْهِ دُونَ نِيَّةِ الِاسْتِبَاحَةِ قَرِينَةً عَلَيْهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَبِهِ يَنْدَفِعُ إلَخْ) أَيْ بِقَوْلِهِ فَكَذَا هُنَا (قَوْلُهُ: بِهَذَا الْمَعْنَى) أَيْ رَفْعِ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: عَامٌّ) أَيْ وَهُوَ الْمُتَبَادِرُ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: حَتَّى نِيَّةِ الرَّفْعِ أَوْ الِاسْتِبَاحَةِ) الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ لَا يَكْفِي الْمُجَدِّدَ نِيَّةُ الرَّفْعِ أَوْ الِاسْتِبَاحَةِ سم وَاعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي وَشَيْخُنَا أَيْضًا وَزَادَ الْأَوَّلَ وَمِثْلُ مَا ذُكِرَ أَيْ فِي امْتِنَاعِ نِيَّةِ الرَّفْعِ أَوْ الِاسْتِبَاحَةِ أَوْ الطَّهَارَةِ عَنْ الْحَدَثِ وُضُوءُ الْجُنُبِ إذَا تَجَرَّدَتْ جَنَابَتُهُ أَيْ عَنْ الْوُضُوءِ لِمَا يُسْتَحَبُّ لَهُ الْوُضُوءُ مِنْ أَكْلٍ أَوْ نَوْمٍ أَوْ نَحْوِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اهـ بِزِيَادَةٍ عَنْ ع ش.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ قَرِيبٌ) وَفِي الْإِيعَابِ الَّذِي يَتَّجِهُ فِيمَا لَوْ نَذَرَ التَّجْدِيدَ أَنَّهُ تَكْفِيهِ نِيَّةُ الْوُضُوءِ لَهُ وَنَحْوُهُ دُونَ نِيَّةِ الرَّفْعِ وَالِاسْتِبَاحَةِ، وَإِنْ قُلْنَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا أَيْ الْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ بِالِاكْتِفَاءِ بِأَحَدِهِمَا فِيهِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّةَ حِكَايَةُ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ دُونَ الثَّانِي بِخِلَافِهِ هُنَا اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ خَارِجٌ عَنْ الْقَوَاعِدِ) وَأَيْضًا أَنَّ الصَّلَاةَ اُخْتُلِفَ فِيهَا هَلْ فَرْضُهُ الْأُولَى أَمْ الثَّانِيَةُ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ فِي الْوُضُوءِ بِذَلِكَ فَافْتَرَقَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَسَمِّ.

(قَوْلُهُ: كَيْفَ إلَخْ) قَدْ يُنْظَرُ فِي هَذَا الدَّلِيلِ بِأَنَّهُ لَوْ تَمَّ تَوَقُّفُ صِحَّةِ التَّجْدِيدِ أَوْ تَسْمِيَتُهُ تَجْدِيدًا عَلَى حُصُولِ عَيْنِ النِّيَّةِ فِي الْأَوَّلِ فِي الثَّانِي وَلَيْسَ كَذَلِكَ سم (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ كَمَا أَنَّ مُعِيدَ الصَّلَاةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: إنَّ الْإِطْلَاقَ إلَخْ) أَيْ بِدُونِ مُلَاحَظَةِ شَيْءٍ مِنْ الْحَقِيقَةِ وَالصُّورَةِ وَنَحْوِهَا

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَمَنْ نَوَى) أَيْ بِوُضُوئِهِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: أَوْ تَنَظُّفًا) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ أَوْ مَا يُنْدَبُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَالْأَوْجَهُ إلَى وَخَرَجَ قَوْلُ الْمَتْنِ (مَعَ نِيَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ) أَيْ مُسْتَحْضِرًا عِنْدَ نِيَّةِ التَّبَرُّدِ وَنَحْوِهِ نِيَّةَ الْوُضُوءِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ لِحُصُولِهِ إلَخْ) أَيْ كَمَا لَوْ نَوَى الصَّلَاةَ وَدَفْعَ الْغَرِيمِ فَإِنَّهَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّ دَفْعَ الْغَرِيمِ حَاصِلٌ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ مُغْنِي وَشَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فَلَا تَشْرِيَك إلَخْ) أَيْ بَيْنَ قُرْبَةٍ وَغَيْرِهَا مُغْنِي (قَوْلُهُ: لَكِنْ مِنْ حَيْثُ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ أَيْ لَمْ يَضُرَّهُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ إلَخْ) وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ اعْتِبَارُ الْبَاعِثِ، فَإِنْ كَانَ الْأَغْلَبُ بَاعِثَ الْآخِرَةِ أُثِيبَ وَإِلَّا أَيْ بِأَنْ كَانَ الْأَغْلَبُ بَاعِثَ الدُّنْيَا أَوْ اسْتَوَيَا فَلَا نِهَايَةَ وَشَيْخُنَا وَظَاهِرُ الْمُغْنِي اعْتِمَادُهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ مِمَّا عَدَا الرِّيَاءِ) وَأَمَّا الرِّيَاءُ فَيُسْقِطُ الثَّوَابَ مُطْلَقًا كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ صَلَاةِ النَّفْلِ وَقَوْلُهُ وَنَحْوُهُ أَيْ كَالْعُجْبِ وَقَوْلُهُ مُسَاوِيًا إلَخْ تَفْصِيلٌ لِمَا عَدَا إلَخْ كُرْدِيٌّ وَالْأَوْلَى لِلْغَيْرِ (قَوْلُهُ بِمَعَ) أَيْ إلَى آخِرِهِ (طُرُوُّهَا) أَيْ نِيَّةِ التَّبَرُّدِ وَنَحْوِهِ مُغْنِي (قَوْلُهُ فَتُبْطِلُهَا إلَخْ) وَلَا يَقْطَعُ نِيَّةُ الِاغْتِرَافِ حُكْمَ النِّيَّةِ السَّابِقَةِ، وَإِنْ

؛ لِأَنَّهُ إذَا تَحَقَّقَ الرَّفْعُ تَحَقَّقَتْ إبَاحَةُ الصَّلَاةِ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: حَتَّى نِيَّةِ الرَّفْعِ أَوْ الِاسْتِبَاحَةِ) الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ لَا يَكْفِي الْمُجَدِّدَ نِيَّةُ الرَّفْعِ أَوْ الِاسْتِبَاحَةِ (قَوْلُهُ وَزَعَمَ أَنَّ ذَاكَ فِي الْمُعَادَةِ خَارِجٌ عَنْ الْقَوَاعِدِ) وَأَيْضًا فَقَدْ قِيلَ أَنَّ الْفَرْضَ إحْدَاهُمَا لَا بِعَيْنِهَا (قَوْلُهُ: كَيْفَ إلَخْ) قَدْ يُنْظَرُ فِي هَذَا الدَّلِيلِ بِأَنَّهُ لَوْ تَمَّ تَوَقَّفَ صِحَّةُ التَّجْدِيدِ أَوْ تَسْمِيَتُهُ تَجْدِيدًا عَلَى حُصُولِ عَيْنِ النِّيَّةِ فِي الْأَوَّلِ فِي الثَّانِي وَلَيْسَ كَذَلِكَ

(قَوْلُهُ وَمَنْ نَوَى تَبَرُّدًا مَعَ نِيَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ جَازَ فِي الصَّحِيحِ) .

(فَرْعٌ)

لَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ الْمَاءَ الْقَلِيلَ بَعْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ قَاصِدًا رَفْعَ الْحَدَثِ وَنِيَّةَ الِاغْتِرَافِ فَهَلْ يَغْلِبُ فِيهِ نِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ فَيَرْتَفِعُ حَدَثُ يَدِهِ أَوْ نِيَّةُ الِاغْتِرَافِ فَلَا يَرْتَفِعُ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ عَدَمُ الِارْتِفَاعِ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الِاغْتِرَافِ مُعَارِضَةٌ لِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ وَمُنَافِيَةٌ لَهَا فَلَمْ تُؤَثِّرْ وَقَدْ يُقَالُ نِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ وَنِيَّةُ الِاغْتِرَافِ تَعَارَضَتَا فَتَسَاقَطَا وَتَبْقَى النِّيَّةُ السَّابِقَةُ عِنْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ سَالِمَةً عَنْ الْمُعَارِضِ فَيَرْتَفِعُ حَدَثُ الْيَدِ بِمُقْتَضَاهَا، وَيَرِدُ عَلَى هَذَا أَنَّ نِيَّةَ الِاغْتِرَافِ مُعَارِضَةٌ لِلنِّيَّةِ السَّابِقَةِ أَيْضًا وَلِهَذَا لَوْ خَلَتْ عَنْ مُقَارَنَةِ نِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ مَنَعَتْ رَفْعَ حَدَثِ الْيَدِ مَعَ سَبْقِ النِّيَّةِ السَّابِقَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مُسَاوِيًا أَوْ رَاجِحًا) فِي شَرْحِ م ر وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ اعْتِبَارُ الْبَاعِثِ، فَإِنْ كَانَ الْأَغْلَبُ بَاعِثَ الْآخِرَةِ أُثِيبَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ فَيُبْطِلُهَا مَا لَمْ يَكُنْ ذَاكِرًا لَهَا) وَهَذَا بِخِلَافِ نِيَّةِ الِاغْتِرَافِ فَإِنَّهَا

ص: 196

ذَاكِرًا لَهَا؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ تُعَدُّ قَاطِعَةً لَهَا فَيَجِبُ إعَادَةُ مَا غَسَلَهُ لِلتَّبْرِيدِ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ

(أَوْ) نَوَى اسْتِبَاحَةَ (مَا يُنْدَبُ لَهُ وُضُوءٌ كَقِرَاءَةٍ) لِقُرْآنٍ أَوْ حَدِيثٍ أَوْ عِلْمٍ شَرْعِيٍّ أَوْ آلَةٍ لَهُ وَكَدَرْسٍ أَوْ كِتَابَةٍ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَكَدُخُولِ مَسْجِدٍ وَزِيَارَةِ قَبْرٍ وَبَعْدَ تَلَفُّظٍ بِمَعْصِيَةٍ وَأَلْحَقَ بِهِ فِعْلَهَا وَغَضَبٍ وَحَمْلِ مَيِّتٍ وَمَسِّهِ كَنَحْوِ أَبْرَصَ أَوْ يَهُودِيٍّ وَنَحْوِ فَصْدٍ وَقَصِّ ظُفْرٍ وَكُلُّ مَا قِيلَ إنَّهُ نَاقِضٌ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا اسْتَوْعَبْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ (فَلَا) يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ أَيْ لَا يَكْفِيهِ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ جَائِزٌ مَعَهُ فَلَا يَتَضَمَّنُ قَصْدُهُ قَصْدَ رَفْعِ الْحَدَثِ نَعَمْ إنْ نَوَى الْوُضُوءَ لِلْقِرَاءَةِ لَمْ يَبْطُلْ إلَّا إنْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ بِهَا أَوَّلًا بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَقْصِدْهُ إلَّا بَعْدَ ذِكْرِهِ الْوُضُوءَ مَثَلًا لِصِحَّةِ النِّيَّةِ حِينَئِذٍ فَلَا يُبْطِلُهَا مَا وَقَعَ بَعْدُ

عَزَبَتْ؛ لِأَنَّهَا لِمَصْلَحَةِ الطَّهَارَةِ لِصَوْنِهَا مَاءَهَا عَنْ الِاسْتِعْمَالِ شَرْحُ بَافَضْلٍ قَالَ سم وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ بِمَصْلَحَةِ الطَّهَارَةِ أَنَّ نِيَّةَ الِاغْتِرَافِ حَيْثُ لَا يُحْتَاجُ إلَيْهَا مَعَ الْغَفْلَةِ عَنْ النِّيَّةِ تَقْطَعُهَا وَلَيْسَ بَعِيدًا سم عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَهَلْ نِيَّةُ الِاغْتِرَافِ كَنِيَّةِ التَّبَرُّدِ فِي كَوْنِهَا تَقْطَعُ حُكْمَ مَا قَبْلَهَا أَوَّلًا وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا رَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَدَمُ قَطْعِهَا لِكَوْنِهَا لِمَصْلَحَةِ الطَّهَارَةِ إذْ تَصُونُ مَاءَهَا عَنْ الِاسْتِعْمَالِ لَا سِيَّمَا وَنِيَّةُ الِاغْتِرَافِ مُسْتَلْزِمَةٌ تَذَكُّرَ نِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ عِنْدَ وُجُودِهَا بِخِلَافِ نِيَّةِ التَّنْظِيفِ اهـ.

قَالَ ع ش قَوْلُهُ: م ر وَنِيَّةُ الِاغْتِرَافِ مُسْتَلْزِمَةٌ إلَخْ قَالَ سم عَلَى حَجّ لَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ وَإِلَّا فَيُمْكِنُ أَنْ يَقْصِدَ إخْرَاجَ الْمَاءِ لِيَتَطَهَّرَ بِهِ خَارِجَ الْإِنَاءِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُلَاحِظَ نِيَّتَهُ السَّابِقَةَ وَلَا أَنَّهُ طَهَّرَ وَجْهَهُ وَلَا أَرَادَ تَطْهِيرَ خُصُوصِ يَدِهِ بِهَذَا الْمَاءِ الَّذِي أَخْرَجَهُ فَقَدْ تُصُوِّرَتْ نِيَّةُ الِاغْتِرَافِ مَعَ الْغَفْلَةِ عَنْ النِّيَّةِ انْتَهَى وَقَدْ يَمْنَعُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ نِيَّةُ الِاغْتِرَافِ إذْ حَقِيقَتُهَا الشَّرْعِيَّةُ إخْرَاجُ الْمَاءِ خَارِجَ الْإِنَاءِ بِقَصْدِ التَّطْهِيرِ لِمَا بَقِيَ مِنْ أَعْضَائِهِ كَمَا ذَكَرَهُ حَجّ فِي الْإِيعَابِ وَعَلَيْهِ فَهِيَ مُسْتَلْزِمَةٌ لَهَا دَائِمًا لَا غَالِبًا اهـ.

(قَوْلُهُ: فَيَجِبُ إعَادَةُ إلَخْ) أَيْ دُونَ اسْتِئْنَافِ طَهَارَتِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ) أَيْ أَوْ نَحْوِهِ وَالْبَاءُ مُتَعَلِّقٌ بِالْإِعَادَةِ

قَوْلُ الْمَتْنِ (أَوْ مَا يُنْدَبُ لَهُ وُضُوءٌ إلَخْ) قَالَ الْمَحَلِّيُّ أَيْ نَوَى الْوُضُوءَ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَنَحْوِهَا انْتَهَى اهـ سم، وَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ مَا يُفَصِّلُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ عِلْمٍ شَرْعِيٍّ) أَيْ وَحَمْلِ كُتُبِهِ وَسَمَاعِ حَدِيثٍ وَفِقْهٍ وَاسْتِغْرَاقِ ضَحِكٍ وَخَوْفٍ نِهَايَةٌ قَالَ ع ش قَوْلُهُ: م ر وَسَمَاعِ حَدِيثٍ هُوَ، وَإِنْ كَانَ الْوُضُوءُ لَهُ سُنَّةً كَالْقُرْآنِ لَكِنَّهُ لَا ثَوَابَ فِي مُجَرَّدِ الْقِرَاءَةِ وَالسَّمَاعِ لِلْحَدِيثِ بَلْ لَا بُدَّ فِي حُصُولِ ذَلِكَ مِنْ قَصْدِ حِفْظِ أَلْفَاظِهِ وَتَعَلُّمِ أَحْكَامِهِ عَلَى مَا نَقَلَهُ ابْنُ الْعِمَادِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ وَرَدَّ بِهِ عَلَى مَنْ قَالَ بِحُصُولِ الثَّوَابِ مُطْلَقًا بِأَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ وَفِي فَتَاوَى ابْنِ حَجَرٍ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ ابْنِ الْعِمَادِ وَاسْتِظْهَارِهِ لِكَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ مَا نَصُّهُ وَإِفْتَاءُ بَعْضِهِمْ بِحُصُولِ الثَّوَابِ مُطْلَقًا هُوَ الْأَوْجَهُ عِنْدِي؛ لِأَنَّ سَمَاعَهُ لَا يَخْلُو عَنْ فَائِدَةٍ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ إلَّا عَوْدُ بَرَكَتِهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْقَارِئِ لَكَانَ ذَلِكَ كَافِيًا انْتَهَى وَمَا اسْتَوْجَهَهُ حَجّ يُوَافِقُهُ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الشَّارِحِ م ر وَلَهُ وَجْهٌ وَجِيهٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَبَعْدَ تَلَفُّظٍ إلَخْ) أَيْ سَبْقِهِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: كَنَحْوِ أَبْرَصَ إلَخْ) أَيْ كَمَسِّ نَحْوِ أَبْرَصَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِ فَصْدٍ) كَالْحِجَامَةِ ع ش (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ) إلَى قَوْلِهِ نَعَمْ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ) أَيْ مَا يُنْدَبُ لَهُ وُضُوءٌ جَائِزٌ مَعَهُ أَيْ الْحَدَثِ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ إلَخْ) بِأَنْ قَصَدَ أَنَّهُ لَا يَأْتِي بِالْوُضُوءِ إلَّا لِأَجْلِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَلَا يُقَالُ أَنَّ نِيَّةَ الْوُضُوءِ كَافِيَةٌ لِرَفْعِ الْحَدَثِ؛ لِأَنَّهُ هُنَا عَلَّقَهَا بِمَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى وُضُوءٍ م ر اهـ بُجَيْرِمِيٌّ وَفِي ع ش بَعْدَ ذِكْرِهِ كَلَامَ الشَّارِحِ وَإِقْرَارِهِ مَا نَصُّهُ قَالَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ، وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي حَالِ الْإِطْلَاقِ وَإِلْحَاقِهِ بِالْأَوَّلِ أَيْ التَّعْلِيقُ أَقْرَبُ وَفِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى وَلَعَلَّ وَجْهَ النَّظَرِ أَنَّهُ إذَا قَالَ نَوَيْت الْوُضُوءَ حُمِلَ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ لَفْظُهُ وَهُوَ رَفْعُ الْمَنْعِ مِنْ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا فَذِكْرُ الْقِرَاءَةِ طَارِئٌ بَعْدَهُ، وَهُوَ لَا يَضُرُّ وَالتَّعْلِيقُ إنَّمَا يَضُرُّ حَيْثُ قَارَنَ قَصْدُهُ اللَّفْظَ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ النِّيَّةِ الْجَزْمُ بِالِاسْتِبَاحَةِ فَذِكْرُ مَا هُوَ مُبَاحٌ بَعْدَهَا مُخِلٌّ لِلْجَزْمِ بِهَا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ نَوَيْت الْوُضُوءَ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَطْلَقَ اهـ عِبَارَةُ الْبَصْرِيِّ يَنْبَغِي أَنْ يُلْحِقَ الْإِطْلَاقَ بِالتَّعْلِيقِ نَظِيرُ مَا مَرَّ نَعَمْ تَعَقُّلُ التَّعْلِيقِ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ لَا يَخْلُو عَنْ خَفَاءٍ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ مُجَرَّدُ الِارْتِبَاطِ بَيْنَهُمَا وَكَوْنُهُ لِأَجْلِهَا اهـ.

(قَوْلُهُ: أَوَّلًا) أَيْ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ ذِكْرِ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُبْطِلُهَا مَا وَقَعَ بَعْدُ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الْقِرَاءَةِ بَعْدُ بِقَصْدِ تَعْلِيقِ الْوُضُوءِ بِهَا يَتَضَمَّنُ قَطْعَ النِّيَّةِ نَعَمْ مُجَرَّدُ نِيَّةِ الْقِرَاءَةِ بِدُونِ قَصْدِ

لَا تَقْطَعُ حُكْمَ النِّيَّةِ السَّابِقَةِ إذَا عَزَبَتْ كَمَا رَجَّحَهُ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ؛ لِأَنَّهَا لِمَصْلَحَةِ الطَّهَارَةِ إذْ تَصُونُ مَاءَهَا عَنْ الِاسْتِعْمَالِ؛ وَلِأَنَّهُمَا لَا يَرِدَانِ عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ بِخِلَافِ نِيَّةِ نَحْوِ التَّبَرُّدِ فَإِنَّهَا غَسْلُ الْأَعْضَاءِ بِنِيَّةٍ فَوَرَدَتْ هِيَ وَغَسْلُ الْأَعْضَاءِ لِرَفْعِ الْحَدَثِ عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ فَجَاءَ التَّنَافِي؛ وَلِأَنَّ نِيَّةَ الِاغْتِرَافِ مُسْتَلْزِمَةٌ لِتَذَكُّرِ نِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ عِنْدَ وُجُودِهَا انْتَهَى وَقَوْلُهُ مُسْتَلْزِمَةٌ إلَخْ لَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ وَإِلَّا فَيُمْكِنُ أَنْ يَقْصِدَ إخْرَاجَ الْمَاءِ لِيَتَطَهَّرَ بِهِ خَارِجَ الْإِنَاءِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُلَاحِظَ نِيَّتَهُ السَّابِقَةَ وَلَا أَنَّهُ طَهَّرَ وَجْهَهُ وَلَا أَرَادَ تَطْهِيرَ خُصُوصِ يَدِهِ بِهَذَا الْمَاءِ الَّذِي أَخْرَجَهُ فَقَدْ تُصُوِّرَتْ نِيَّةُ الِاغْتِرَافِ مَعَ الْغَفْلَةِ عَنْ النِّيَّةِ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ بِمَصْلَحَةِ الطَّهَارَةِ أَنَّ نِيَّةَ الِاغْتِرَافِ حَيْثُ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا مَعَ الْغَفْلَةِ عَنْ النِّيَّةِ تَقْطَعُهَا وَلَيْسَ بَعِيدًا فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: أَوْ مَا يُنْدَبُ لَهُ وُضُوءٌ) قَالَ الْمَحَلِّيُّ أَيْ إنْ نَوَى

ص: 197

أَوْ الْقِرَاءَةَ إنْ كَفَتْ وَإِلَّا فَالصَّلَاةُ صَحَّ عَلَى مَا مَالَ إلَيْهِ فِي الْبَحْرِ كَمَا لَوْ نَوَى زَكَاةَ مَالِهِ الْغَائِبِ إنْ بَقِيَ وَإِلَّا فَالْحَاضِرُ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْوُضُوءَ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ، وَهِيَ أَضْيَقُ لِعَدَمِ قَبُولِهَا النِّيَابَةَ بِخِلَافِ الْمَالِيَّةِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ كَوْنَهَا وَسِيلَةً أَضْعَفَهَا فَلَمْ يَبْعُدْ إلْحَاقُهَا بِالْمَالِيَّةِ أَمَّا مَا لَا يُنْدَبُ لَهُ وُضُوءٌ كَعِيَادَةٍ وَزِيَارَةِ نَحْوِ وَالِدٍ وَقَادِمٍ وَتَشْيِيعِ جِنَازَةٍ وَخُرُوجٍ لِسَفَرٍ وَعَقْدِ نِكَاحٍ وَصَوْمٍ وَنَحْوِ لُبْسٍ فَلَا تَكْفِي نِيَّتُهُ جَزْمًا

(وَيَجِبُ قَرْنُهَا) أَيْ النِّيَّةِ (بِأَوَّلِ) مَغْسُولٍ (مِنْ الْوَجْهِ) وَمِنْهُ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ مِنْ نَحْوِ اللِّحْيَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَمِنْ مُجَاوِرِهِ مِنْ نَحْوِ الرَّأْسِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ، وَيَظْهَرُ أَنَّ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ مِنْ الْأَنْفِ الْآتِي لَيْسَ كَالْمُجَاوِرِ؛ لِأَنَّ هَذَا بَدَلٌ عَنْ جُزْءٍ مِنْ الْوَجْهِ فَأُعْطِيَ حُكْمَهُ بِخِلَافِ ذَاكَ وَذَلِكَ لِيَعْتَدَّ بِمَا بَعْدَهُ فَلَوْ قَرَنَهَا بِأَثْنَائِهِ كَفَى وَوَجَبَ إعَادَةُ غَسْلِ مَا سَبَقَهَا لِوُقُوعِهِ لَغْوًا بِخُلُوِّهِ عَنْ النِّيَّةِ الْمُقَوِّمَةِ لَهُ (تَنْبِيهٌ)

الْأَوْجَهُ فِيمَنْ سَقَطَ غَسْلُ وَجْهِهِ فَقَطْ لِعِلَّةٍ وَلَا جَبِيرَةَ وُجُوبُ قَرْنِهَا بِأَوَّلِ مَغْسُولٍ مِنْ الْيَدِ، فَإِنْ سَقَطَتَا أَيْضًا فَالرَّأْسُ فَالرِّجْلُ

تَعْلِيقِهَا بِالْوُضُوءِ لَا إشْكَالَ فِيهِ سم (قَوْلُهُ: أَوْ الْقِرَاءَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ فَرْعٌ لَوْ نَوَى الْوُضُوءَ لِلتِّلَاوَةِ، فَإِنْ لَمْ يَصِحَّ فَلِلصَّلَاةِ فَيَحْتَمِلُ صِحَّتَهُ كَالزَّكَاةِ انْتَهَى اهـ سم (قَوْلُهُ صَحَّ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: زَكَاةَ مَالِهِ الْغَائِبِ) أَيْ بِمَحَلٍّ لَا يُعَدُّ إخْرَاجُهَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أَخْرَجَ فِيهِ نَقْلًا لِلزَّكَاةِ ع ش (قَوْلُهُ: وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْوُضُوءَ إلَخْ)، وَيُعْتَرَضُ أَيْضًا بِأَنَّ نِيَّةَ الْمَذْكُورِ أَوَّلًا فِي مَسْأَلَةِ الزَّكَاةِ صَحِيحَةٌ فِي نَفْسِهَا بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا سم أَيْ فَإِنَّ الْقِرَاءَةَ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِنِيَّتِهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ ع ش (قَوْلُهُ: بِأَنَّ كَوْنَهَا) أَيْ الْعِبَادَةِ الْبَدَنِيَّةِ الَّتِي هِيَ الْوُضُوءُ (قَوْلُهُ: أَمَّا مَا لَا يُنْدَبُ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي

(قَوْلُهُ: بِأَوَّلِ مَغْسُولٍ) يَنْبَغِي أَوْ مَمْسُوحٍ فِيمَا لَوْ كَانَ بِوَجْهِهِ جَبِيرَةٌ فَيَكْفِي قَرْنُ النِّيَّةِ بِأَوَّلِ مَسْحِهَا قَبْلَ غَسْلِ صَحِيحِ الْوَجْهِ فَتَعْبِيرُهُمْ بِالْغَسْلِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ سم، وَيَأْتِي عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ إلَخْ) عِبَارَةُ ع ش فَرْعٌ يَنْبَغِي جَوَازُ اقْتِرَانِ النِّيَّةِ بِغَسْلِ شَعْرِ الْوَجْهِ قَبْلَ غَسْلِ بَشَرَتِهِ؛ لِأَنَّ غَسْلَهُ أَصْلِيٌّ لَا بَدَلٌ وِفَاقًا لِ م ر وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَطَعَ الشَّعْرَ قَبْلَ غَسْلِ الْوَجْهِ لَا يَحْتَاجُ لِتَجْدِيدِ النِّيَّةِ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ اهـ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إلَخْ) عِبَارَةُ ع ش فَرْعٌ قَالَ م ر وَلَا يَكْفِي قَرْنُ النِّيَّةِ بِمَا يَجِبُ غَسْلُهُ زِيَادَةً عَلَى غَسْلِ الْوَجْهِ لِيُتِمَّ غَسْلَهُ إذَا بَدَأَ بِهِ لِتَمَحُّضِهِ لِلتَّبَعِيَّةِ بِخِلَافِ قَرْنِهَا بِالشَّعْرِ فِي اللِّحْيَةِ وَلَوْ الْخَارِجَ عَنْ حَدِّهَا إلَّا أَنْ يُوجَدَ مَا يُخَالِفُهُ أَيْ قَوْلُهُ وَلَوْ الْخَارِجَ إلَخْ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَمِثْلُ الشَّعْرِ بَاطِنُ اللِّحْيَةِ الْكَثِيفَةِ فَتَكْفِي النِّيَّةُ عِنْدَ غَسْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَجِبْ وَجَزَمَ بِجَمِيعِ ذَلِكَ الْبُجَيْرِمِيُّ ثُمَّ قَالَ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الْقَلْيُوبِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَكْفِي قَرْنُهَا بِبَاطِنِ الشَّعْرِ الْكَثِيفِ اهـ وَوَافَقَ شَيْخُنَا الْقَلْيُوبِيُّ عِبَارَتَهُ وَمِمَّا يُعْتَبَرُ قَرْنُ النِّيَّةِ بِهِ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ مِنْ شُعُورِهِ وَلَوْ الشَّعْرَ الْمُسْتَرْسِلَ لَا مَا يُنْدَبُ غَسْلُهُ كَبَاطِنِ لِحْيَةٍ كَثِيفَةٍ وَلَوْ قَصَّ الشَّعْرَ الَّذِي نَوَى مَعَهُ لَمْ تَجِبْ النِّيَّةُ عِنْدَ الشَّعْرِ الْبَاقِي أَوْ غَيْرِهِ مِنْ بَاقِي أَجْزَاءِ الْوَجْهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: لَيْسَ كَالْمُجَاوِرِ) أَيْ فَيُجْزِئُ الِاقْتِرَانُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ ذَاكَ) أَيْ الْمُجَاوِرِ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) إلَى التَّنْبِيهِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: لِيَعْتَدَّ بِمَا بَعْدَهُ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَالْمُغْنِي وَشَيْخِنَا فَوُجُوبُ قَرْنِهَا بِالْأَوَّلِ لِيَعْتَدَّ بِهِ اهـ أَيْ لَا لِيَعْتَدَّ بِهَا بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: بِأَثْنَائِهِ) أَيْ أَثْنَاءِ غَسْلِ الْوَجْهِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: كَفَى) أَيْ الْقَرْنُ وَالْأَوْلَى كَفَتْ بِالتَّأْنِيثِ كَمَا فِي الْمُغْنِي ثُمَّ قَالَ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ اسْتِصْحَابُ النِّيَّةِ إلَى آخِرِ الْوُضُوءِ لَكِنْ مَحَلُّهُ فِي الِاسْتِصْحَابِ الذِّكْرِيِّ وَأَمَّا الْحُكْمِيُّ، وَهُوَ أَنْ لَا يَنْوِيَ قَطْعَهَا وَلَا يَأْتِيَ بِمُنَافِيهَا كَالرِّدَّةِ فَوَاجِبٌ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَا جَبِيرَةَ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَمَحَلُّهُ حَيْثُ لَا جَبِيرَةَ وَإِلَّا أَجْزَأَتْهُ النِّيَّةُ عِنْدَ مَسْحِهَا بِالْمَاءِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ غَسْلِ مَا تَحْتَهَا عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ فِي التَّيَمُّمِ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ فَالرِّجْلُ) فَلَوْ عَمَّتْ الْعِلَّةُ جَمِيعَ أَعْضَائِهِ كَفَى تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ جَبِيرَةٌ، فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ جَبِيرَةٌ صَلَّى كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَتَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ ع ش اهـ بُجَيْرِمِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَلَا يَكْتَفِي بِنِيَّةِ التَّيَمُّمِ إلَخْ) سَنَذْكُرُ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ مَا نَصُّهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ لَوْ كَانَتْ يَدُهُ عَلِيلَةً، فَإِنْ نَوَى عِنْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ رَفْعَ الْحَدَثِ احْتَاجَ لِنِيَّةٍ أُخْرَى عِنْدَ التَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْدَرِجْ فِي النِّيَّةِ الْأُولَى أَوْ نِيَّةِ الِاسْتِبَاحَةِ فَلَا، وَإِنْ عَمَّتْ الْجِرَاحَةُ وَجْهَهُ لَمْ يَحْتَجْ عِنْدَ غَسْلِ غَيْرِهِ إلَى نِيَّةٍ أُخْرَى غَيْرِ نِيَّةِ التَّيَمُّمِ انْتَهَى وَقَوْلُهُ أَوْ نِيَّةِ الِاسْتِبَاحَةِ فَلَا كَقَوْلِهِ لَمْ يَحْتَجْ إلَخْ قِيَاسُهُمَا الِاكْتِفَاءُ بِنِيَّةِ الِاسْتِبَاحَةِ فِي التَّيَمُّمِ عَنْ النِّيَّةِ عِنْدَ أَوَّلِ مَغْسُولٍ مِنْ الْيَدِ هُنَا خِلَافُ قَوْلِهِ وَلَا يَكْتَفِي بِنِيَّةِ التَّيَمُّمِ لِاسْتِقْلَالِهِ وَبِنِيَّةِ الْوُضُوءِ إذَا كَانَتْ نِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ عَنْ نِيَّةِ التَّيَمُّمِ لِلْيَدِ سم عَلَى حَجّ أَقُولُ وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ حَجّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِمَا عَلَّلَ بِهِ مِنْ أَنَّ كُلًّا طَهَارَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا مَا لَا يُشْتَرَطُ لِلْأُخْرَى، وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْأَحْكَامِ مَا لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى غَيْرِهِ ع ش وَقَوْلُ

الْوُضُوءَ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَنَحْوِهَا انْتَهَى (قَوْلُهُ فَلَا يُبْطِلُهَا مَا وَقَعَ بَعْدُ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الْقِرَاءَةِ بَعْدُ بِقَصْدِ تَعْلِيقِ الْوُضُوءِ بِهَا تَتَضَمَّنُ قَطْعَ النِّيَّةِ نَعَمْ مُجَرَّدُ نِيَّةِ الْقِرَاءَةِ بِدُونِ قَصْدِ تَعْلِيقِهَا بِالْوُضُوءِ لَا إشْكَالَ فِيهِ (قَوْلُهُ أَوْ الْقِرَاءَةَ إنْ كَفَتْ إلَخْ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ فَرْعٌ لَوْ نَوَى الْوُضُوءَ لِلتِّلَاوَةِ، فَإِنْ لَمْ يَصِحَّ فَلِلصَّلَاةِ فَيَحْتَمِلُ صِحَّتَهُ كَالزَّكَاةِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَاعْتُرِضَ إلَخْ) يُعْتَرَضُ أَيْضًا بِأَنَّ نِيَّةَ الْمَذْكُورِ أَوَّلًا فِي مَسْأَلَةِ الزَّكَاةِ صَحِيحَةٌ فِي نَفْسِهَا بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا

(قَوْلُهُ: بِأَوَّلِ مَغْسُولٍ) يَنْبَغِي أَوْ مَمْسُوحٍ فِيمَا لَوْ كَانَ بِوَجْهِهِ جَبِيرَةٌ فَيَكْفِي قَرْنُ النِّيَّةِ بِأَوَّلِ مَسْحِهَا قَبْلَ غَسْلِ صَحِيحِ الْوَجْهِ فَتَعْبِيرُهُمْ بِالْغَسْلِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ مُجَاوِرِهِ إلَخْ) وَالْأَوْجَهُ فِيمَا لَوْ سَقَطَ غَسْلُ

ص: 198

وَلَا يَكْتَفِي بِنِيَّةِ التَّيَمُّمِ لِاسْتِقْلَالِهِ كَمَا لَا تَكْفِي نِيَّةُ الْوُضُوءِ فِي مَحَلِّهَا عَنْ التَّيَمُّمِ لِنَحْوِ الْيَدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (وَقِيلَ يَكْفِي) قَرْنُهَا (بِسُنَّةٍ قَبْلَهُ) ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَتِهِ وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ تَدُمْ لِغَسْلِ شَيْءٍ مِنْ الْوَجْهِ وَإِلَّا كَفَتْ قَطْعًا لِاقْتِرَانِهَا بِالْوَاجِبِ حِينَئِذٍ نَعَمْ إنْ نَوَى غَيْرَ الْوَجْهِ كَالْمَضْمَضَةِ عِنْدَ انْغِسَالِ حُمْرَةِ الشَّفَةِ كَانَ ذَلِكَ صَارِفًا عَنْ وُقُوعِ الْغَسْلِ عَنْ الْفَرْضِ لَا عَنْ الِاعْتِدَادِ بِالنِّيَّةِ؛ لِأَنَّ قَصْدَ الْمَضْمَضَةِ مَعَ وُجُودِ انْغِسَالِ جُزْءٍ مِنْ الْوَجْهِ لَا يَصْلُحُ صَارِفًا لَهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَا صَدَقَاتِ الْمَنْوِيِّ بِهَا بَلْ لِلِانْغِسَالِ عَنْ الْوَجْهِ

سم وَقِيَاسُهُمَا الِاكْتِفَاءُ إلَخْ أَقُولُ بَلْ هُوَ صَرِيحُهُمَا.

(قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ التَّيَمُّمِ) أَيْ بَدَلَ غَسْلِ الْوَجْهِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: فِي مَحَلِّهَا) أَيْ مَحَلِّ النِّيَّةِ، وَهُوَ الْوَجْهُ قَوْلُ الْمَتْنِ (بِسُنَّةٍ قَبْلَهُ) خَرَجَ بِهِ الِاسْتِنْجَاءُ فَلَا يَكْفِي قَرْنُهَا بِهِ قَطْعًا ع ش وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا) إلَى قَوْلِهِ لِتَوَارُدِهِمَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: مِنْ جُمْلَتِهِ) أَيْ الْوُضُوءِ وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ إذْ الْمَقْصُودُ مِنْ الْعِبَادَةِ أَرْكَانُهَا وَالسُّنَنُ تَوَابِعُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ.

وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا عَزَبَتْ قَبْلَ غَسْلِ الْوَجْهِ، فَإِنْ بَقِيَتْ إلَى غَسْلِهِ كَفَى بَلْ هُوَ أَفْضَلُ لِيُثَابَ عَلَى السُّنَنِ السَّابِقَةِ؛ لِأَنَّهَا إذَا خَلَتْ عَنْ النِّيَّةِ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ ثَوَابُهَا اهـ وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا وَيُنْدَبُ أَنْ يَنْوِيَ سُنَنَ الْوُضُوءِ عِنْدَ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ لِيَحْصُلَ لَهُ ثَوَابُ السُّنَنِ الَّتِي قَبْلَ غَسْلِ الْوَجْهَيْنِ كَغَسْلِ الْكَفَّيْنِ وَالْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ هَذِهِ النِّيَّةَ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ ثَوَابُهَا اهـ وَقَوْلُهُ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ هَذِهِ النِّيَّةَ قَدْ يُخَالِفُ مَا مَرَّ عَنْ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ لَا أَصَالَةَ وَلَا تَبَعِيَّةَ قَالَ ع ش قَوْلُهُ: م ر؛ لِأَنَّهَا إلَخْ قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ سُقُوطُ الطَّلَبِ بِفِعْلِ السُّنَنِ الْمُتَقَدِّمَةِ بِدُونِ النِّيَّةِ لَكِنْ لَا ثَوَابَ لَهُ لَكِنْ نَقَلَ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ عَنْ مُخْتَصَرِ الْكِفَايَةِ لِابْنِ النَّقِيبِ أَنَّ السُّنَّةَ لَا تَحْصُلُ بِدُونِ النِّيَّةِ فَلَا يَسْقُطُ الطَّلَبُ بِالْغَسْلِ الْمُجَرَّدِ عَنْهَا اهـ.

(قَوْلُهُ: نَعَمْ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَلَوْ اقْتَرَنَتْ النِّيَّةُ بِالْمَضْمَضَةِ أَوْ الِاسْتِنْشَاقِ وَانْغَسَلَ مَعَهُ جُزْءٌ مِنْ الْوَجْهِ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ عَزَبَتْ نِيَّتُهُ بَعْدَهُ سَوَاءٌ أَكَانَ بِنِيَّةِ الْوَجْهِ، وَهُوَ وَاضِحٌ أَمْ لَا لِوُجُودِ غَسْلِ جُزْءٍ مِنْ الْوَجْهِ مُقْتَرِنًا بِالنِّيَّةِ غَيْرَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ ذَلِكَ الْجُزْءِ مَعَ الْوَجْهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ لِوُجُودِ الصَّارِفِ وَلَا تُحْسَبُ لَهُ الْمَضْمَضَةُ وَلَا الِاسْتِنْشَاقُ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ بِنِيَّةِ الْوَجْهِ لِعَدَمِ تَقَدُّمِهِمَا عَلَى غَسْلِ الْوَجْهِ كَمَا قَالَهُ مُجَلِّي فِي الْمَضْمَضَةِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُبَابِ وَالْحَالَةُ الثَّانِيَةُ كَالْأُولَى كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ اسْتِصْحَابُ النِّيَّةِ ذِكْرًا إلَى تَمَامِهِ اهـ.

وَفِي الْأَسْنَى وَالْمُغْنِي نَحْوُهَا إلَّا قَوْلَهُ وَالْحَالَةُ الثَّانِيَةُ كَالْأُولَى وَقَوْلُهُ وَالْحَالَةُ الثَّانِيَةُ كَالْأُولَى كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ بِالنِّسْبَةِ لِقَصْدِ الْمَضْمَضَةِ أَوْ الِاسْتِنْشَاقِ فَقَطْ بَصْرِيٌّ وَوَافَقَ شَيْخُنَا وَالْبُجَيْرِمِيُّ النِّهَايَةَ فَقَالَ مَا نَصُّهُ وَلَا يَكْتَفِي بِقَرْنِ النِّيَّةِ بِمَا قَبْلَ الْوَجْهِ مِنْ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ أَوْ الْمَضْمَضَةِ أَوْ الِاسْتِنْشَاقِ إنْ لَمْ يَنْغَسِلْ مَعَهَا جُزْءٌ مِنْ الْوَجْهِ كَحُمْرَةِ الشَّفَتَيْنِ وَإِلَّا كَفَتْهُ مُطْلَقًا وَفَاتَهُ ثَوَابُ السُّنَّةِ مُطْلَقًا وَالتَّفْصِيلُ فِي وُجُوبِ إعَادَةِ غَسْلِ ذَلِكَ الْجُزْءِ، فَإِنْ قَصَدَ غَسْلَهُ عَنْ الْوَجْهِ فَقَطْ لَمْ تَجِبْ إعَادَتُهُ وَإِلَّا بِأَنْ قَصَدَ السُّنَّةَ فَقَطْ أَوْ قَصَدَهَا وَغَسَلَ الْوَجْهَ أَوْ أَطْلَقَ وَجَبَتْ إعَادَتُهُ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ لَا يُعِيدُهُ إلَّا إنْ قَصَدَ السُّنَّةَ فَقَطْ لَا إنْ قَصَدَ الْوَجْهَ فَقَطْ أَوْ قَصَدَهُ وَالسُّنَّةَ أَوْ أَطْلَقَ، فَإِنْ قَصَدَ تَحْصِيلَ الثَّوَابِ حِينَئِذٍ أَدْخَلَ الْمَاءَ بِأُنْبُوبَةٍ مَثَلًا وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَنْوِيَ أَوَّلًا السُّنَّةَ فَقَطْ كَأَنْ يَقُولَ نَوَيْت سُنَنَ الْوُضُوءِ ثُمَّ يَنْوِيَ عِنْدَ أَوَّلِ غَسْلِ الْوَجْهِ النِّيَّةَ الْمُعْتَبَرَةَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي ثَلَاثِ مَقَامَاتٍ الْأَوَّلِ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالنِّيَّةِ. الثَّانِي: فِي فَوَاتِ ثَوَابِ السُّنَّةِ، الثَّالِثِ فِي وُجُوبِ إعَادَةِ غَسْلِ ذَلِكَ الْجُزْءِ فَتَأَمَّلْ اهـ.

(قَوْلُهُ: إنْ نَوَى غَيْرَ الْوَجْهِ كَالْمَضْمَضَةِ إلَخْ) أَيْ نَوَى بِالْفِعْلِ الَّذِي أَتَى بِهِ مَقْرُونًا بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ غَيْرَ الْوَجْهِ بِأَنْ نَوَى الْوُضُوءَ عِنْدَ إدْخَالِ الْمَاءِ الْفَمَ لَكِنَّهُ نَوَى بِإِدْخَالِهِ الْمَضْمَضَةَ فَانْغَسَلَ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ الشَّفَةِ فَنِيَّةُ غَيْرِ الْوَجْهِ لَيْسَتْ هِيَ النِّيَّةُ الْمُعْتَدُّ بِهَا لِاقْتِرَانِهَا بِالشَّفَةِ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ وَإِلَّا لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا بَلْ هِيَ أَيْ نِيَّةُ غَيْرِ الْوَجْهِ قَصْدُ الْمَضْمَضَةِ بِالْفِعْلِ الَّذِي أَتَى بِهِ وَأَمَّا تِلْكَ أَيْ النِّيَّةُ الْمُعْتَدُّ بِهَا فَغَيْرُهَا كَمَا تَقَرَّرَ هَكَذَا يَظْهَرُ فِي تَقْرِيرِ ذَلِكَ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ نَعَمْ إنْ انْغَسَلَ مَعَهُ أَيْ مَا قَبْلَ الْوَجْهِ بَعْضُ الْوَجْهِ كَفَى لَكِنْ إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْوَجْهَ وَجَبَ إعَادَتُهُ سم.

(قَوْلُهُ: غَيْرَ الْوَجْهِ) أَيْ وَحْدَهُ بِأَنْ نَوَى غَيْرَ الْوَجْهِ فَقَطْ أَوْ نَوَاهُمَا أَوْ أَطْلَقَ قَلْيُوبِيٌّ (قَوْلُهُ: صَارِفًا لَهَا) أَيْ لِلنِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ أَيْ انْغِسَالُ جُزْءٍ مِنْ الْوَجْهِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: بَلْ لِلِانْغِسَالِ)

الْوَجْهِ سُقُوطُ غَسْلِ مَا يُجَاوِرُهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ لِأَجْلِ تَحَقُّقِ غَسْلِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَكْتَفِي بِنِيَّةِ التَّيَمُّمِ) سَيَأْتِي أَنَّنَا نَنْقُلُ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ بِإِزَاءِ قَوْلِهِ وَلَوْ نَوَى فَرْضَ التَّيَمُّمِ لَمْ يَكْفِ فِي الْأَصَحِّ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ مَا نَصُّهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ لَوْ كَانَتْ يَدُهُ عَلِيلَةً، فَإِنْ نَوَى عِنْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ رَفْعَ الْحَدَثِ احْتَاجَ لِنِيَّةٍ أُخْرَى عِنْدَ التَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْدَرِجْ فِي النِّيَّةِ الْأُولَى أَوْ نِيَّةِ الِاسْتِبَاحَةِ فَلَا، وَإِنْ عَمَّتْ الْجِرَاحَةُ وَجْهَهُ لَمْ يَحْتَجْ عِنْدَ غَسْلِ غَيْرِهِ إلَى نِيَّةٍ أُخْرَى غَيْرِ نِيَّةِ التَّيَمُّمِ انْتَهَى وَقَوْلُهُ أَوْ نِيَّةِ الِاسْتِبَاحَةِ فَلَا كَقَوْلِهِ لَمْ يَحْتَجْ إلَخْ قِيَاسُهُمَا الِاكْتِفَاءُ بِنِيَّةِ الِاسْتِبَاحَةِ فِي التَّيَمُّمِ عَنْ النِّيَّةِ عِنْدَ أَوَّلِ مَغْسُولٍ مِنْ الْيَدِ هُنَا خِلَافُ قَوْلِهِ وَلَا يَكْتَفِي بِنِيَّةِ التَّيَمُّمِ لِاسْتِقْلَالِهِ وَنِيَّةِ الْوُضُوء إذَا كَانَتْ نِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ عَنْ نِيَّةِ التَّيَمُّمِ لِلْيَدِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ نَوَى غَيْرَ الْوَجْهِ كَالْمَضْمَضَةِ) أَيْ نَوَى بِالْفِعْلِ الَّذِي أَتَى بِهِ مَقْرُونًا بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ غَيْرَ الْوَجْهِ بِأَنْ نَوَى

ص: 199

لِتَوَارُدِهِمَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ مَعَ تَنَافِيهِمَا فَاتَّضَحَ بِهَذَا الَّذِي ذَكَرْته أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ إجْزَاءِ النِّيَّةِ وَعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِالْمَغْسُولِ عَنْ الْوَجْهِ لِاخْتِلَافِ مَلْحَظَيْهِمَا فَتَأَمَّلْهُ لِتَعْلَمَ بِهِ انْدِفَاعَ مَا أَطَالَ بِهِ جَمْعٌ هُنَا

(وَلَهُ تَفْرِيقُهَا) أَيْ نِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ وَالطَّهَارَةِ عَنْهُ لَا غَيْرِهِمَا لِعَدَمِ تَصَوُّرِهِ فِيهِ (عَلَى أَعْضَائِهِ) أَيْ الْوُضُوءِ كَأَنْ يَنْوِيَ عِنْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ رَفْعَ الْحَدَثِ عَنْهُ أَوْ عَنْهُ لَا عَنْ غَيْرِهِ وَهَكَذَا (فِي الْأَصَحِّ) كَمَا يَجُوزُ تَفْرِيقُ أَفْعَالِ الْوُضُوءِ وَفِي كُلٍّ مِنْ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ يَحْتَاجُ لِتَجْدِيدِ النِّيَّةِ عِنْدَ كُلِّ عُضْوٍ لَمْ تَشْمَلْهُ نِيَّةُ مَا قَبْلَهُ لَوْ أَبْطَلَهُ أَوْ نَحْوَ الصَّلَاةِ فِي الْأَثْنَاءِ

أَيْ اعْتِدَادِهِ وَقَوْلُهُ عَنْ الْوَجْهِ مُتَعَلِّقٌ بِهَذَا الْمُضَافِ الْمُقَدَّرِ (قَوْلُهُ لِتَوَارُدِهِمَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ) الْمُتَبَادِرُ رُجُوعُ هَذَا الضَّمِيرِ الْمُثَنَّى لِقَصْدِ الْمَضْمَضَةِ أَوْ لِلْمَضْمَضَةِ وَانْغِسَالِ الْجُزْءِ الْمَذْكُورِ وَحِينَئِذٍ يَمْنَعُ دَعْوَى تَوَارُدِهِمَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْقَصْدِ وَالْمَضْمَضَةِ مَحَلُّهُ دَاخِلَ الْفَمِ وَانْغِسَالُ الْجُزْءِ الْمَذْكُورِ مَحَلُّهُ خَارِجَهُ، فَإِنْ أَرَادَ بِالْمَحَلِّ جُمْلَةَ الْوَجْهِ فَهَذَا لَا يُؤَثِّرُ مَعَ اخْتِلَافِ مَحَلِّهِمَا مِنْهُ.

(فَرْعٌ)

حَيْثُ أَجْزَأَتْ النِّيَّةُ فَاتَتْ الْمَضْمَضَةُ سم وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِالضَّمِيرِ اعْتِدَادُ الِانْغِسَالِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الشَّارِحِ بَعْدُ وَقَصْدُ الْمَضْمَضَةِ الْمُقْتَضِي لِعَدَمِ اعْتِدَادِ الِانْغِسَالِ سَوَاءٌ قَصَدَ الْمَضْمَضَةَ فَقَطْ، وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ مَعَ الْوَجْهِ كَمَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا وَلِقَوْلِ ع ش إذَا جَمَعَ فِي نِيَّتِهِ بَيْنَ فَرْضٍ وَسُنَّةٍ مَقْصُودَةٍ بَطَلَا فَالْقِيَاسُ فِيمَا إذَا قَصَدَ الْمَضْمَضَةَ وَالْوَجْهَ وُجُوبُ غَسْلِ ذَلِكَ الْجُزْءِ مَعَ الْوَجْهِ ثَانِيًا وَعَدَمُ الِاعْتِدَادِ بِمَا فَعَلَهُ أَوَّلًا اهـ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَحَلِّ الِانْغِسَالُ نَفْسُهُ

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلَهُ) أَيْ الْمُتَوَضِّئِ وَلَوْ دَائِمَ الْحَدَثِ، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ لَهُ تَفْرِيقُ أَفْعَالِهِ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: لَا غَيْرُهُمَا) خِلَافًا لِظَاهِرِ إطْلَاقِ الْمَنْهَجِ وَالنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَصَرِيحِ مُحَشِّيهَا الزِّيَادِيِّ وَعِ ش وَالْبُجَيْرِمِيُّ عِبَارَةُ الْأَخِيرَيْنِ قَوْلُهُ: تَفْرِيقُهَا أَيْ النِّيَّةِ أَيْ بِسَائِرِ صُوَرِهَا الْمُتَقَدِّمَةِ أَخْذًا مِنْ إطْلَاقِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِابْنِ حَجّ اهـ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ تَصَوُّرِهِ إلَخْ) قَدْ يُمْنَعُ بَلْ يَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ نَوَى عِنْدَ كُلِّ عُضْوٍ غَسْلَهُ عَنْ الْوُضُوءِ أَوْ لِأَجْلِ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ صَحَّ وَكَانَ مِنْ تَفْرِيقِ النِّيَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: كَأَنْ يَنْوِيَ) إلَى قَوْلِهِ وَظَاهِرٌ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ إلَخْ) وَكَيْفِيَّةُ تَفْرِيقِ النِّيَّةِ عِنْدَ الْمَسْنُونِ كَأَنْ يَقُولَ نَوَيْتُ مَسْحَ الْأُذُنَيْنِ عَنْ سُنَّةِ الْوُضُوءِ سم وَفَائِدَةُ التَّفْرِيقِ عَدَمُ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ بِإِدْخَالِ الْيَدِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ الِاغْتِرَافِ قَبْلَ نِيَّةِ رَفْعِ حَدَثِهَا شَوْبَرِيٌّ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ عَنْهُ إلَخْ) قَيْدٌ فَلَوْ لَمْ يَقُلْهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ التَّفْرِيقِ لِشُمُولِ النِّيَّةِ لِمَا بَعْدَهُ بُجَيْرِمِيٌّ، وَيَأْتِي عَنْ النِّهَايَةِ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: وَهَكَذَا) وَلَا فَرْقَ فِي جَوَازِ تَفْرِيقِهَا بَيْنَ أَنْ يَضُمَّ إلَيْهَا نَحْوَ نِيَّةِ تَبَرُّدٍ أَوْ لَا نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: مِنْ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ) أَيْ الْمَذْكُورَتَيْنِ بِقَوْلِهِ عَنْهُ أَوْ عَنْهُ لَا عَنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ كُلِّ عُضْوٍ إلَخْ) وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَوْ نَوَى عِنْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ رَفْعَ الْحَدَثِ عَنْهُ وَعِنْدَ غَسْلِ الْيَدَيْنِ رَفْعَ الْحَدَثِ وَلَمْ يَقُلْ عَنْهُمَا كَفَاهُ ذَلِكَ وَلَمْ يَحْتَجْ لِلنِّيَّةِ عِنْدَ مَسْحِ رَأْسِهِ وَغَسْلِ رِجْلَيْهِ إذْ نِيَّتُهُ عِنْدَ يَدِهِ الْآنَ كَنِيَّتِهِ عِنْدَ وَجْهِهِ نِهَايَةٌ أَيْ كَمَا لَوْ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ عِنْدَ وَجْهِهِ وَأَطْلَقَ فَإِنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالْجَمِيعِ ع ش (قَوْلُهُ: لَمْ تَشْمَلْهُ نِيَّةُ مَا قَبْلَهُ) بِخِلَافِ مَا لَوْ شَمِلَتْهُ كَأَنْ أَطْلَقَ عِنْدَ غَسْلِ الْيَدَيْنِ نِيَّةَ رَفْعِ الْحَدَثِ فَلَا يَحْتَاجُ لِتَجْدِيدِهَا لِمَا بَعْدَهُمَا

(فَرْعٌ)

اُخْتُلِفَ فِيمَا لَوْ نَوَى عِنْدَ كُلِّ عُضْوٍ رَفْعَ الْحَدَثِ وَأَطْلَقَ فَهَلْ يَصِحُّ، وَيَكُونُ كُلُّ نِيَّةٍ مُؤَكِّدَةً لِمَا قَبْلَهَا أَوْ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ كُلَّ نِيَّةٍ تَقْطَعُ النِّيَّةَ السَّابِقَةَ عَلَيْهَا كَمَا لَوْ نَوَى الصَّلَاةَ فِي أَثْنَائِهَا فَإِنَّهُ يَكُونُ قَاطِعًا لِنِيَّتِهَا وَقَدْ يَتَّجِهُ الْأَوَّلُ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ أَضْيَقُ سم وع ش زَادَ الْمُغْنِي بَعْدَ ذِكْرِ مَا يُوَافِقُهُ عَنْ ابْنِ شُهْبَةَ مَا نَصُّهُ وَهَذَا حَسَنٌ لَكِنَّهُ لَيْسَ مِنْ التَّفْرِيقِ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ الْأُولَى حَصَلَ بِهَا الْمَقْصُودُ لِجَمِيعِ الْأَعْضَاءِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَبْطَلَهُ) إلَى قَوْلِهِ

الْوُضُوءَ عِنْدَ إدْخَالِ الْمَاءِ الْفَمَ لَكِنَّهُ نَوَى بِإِدْخَالِهِ الْمَضْمَضَةَ فَانْغَسَلَ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ الشَّفَةِ فَنِيَّةُ غَيْرِ الْوَجْهِ لَيْسَتْ هِيَ النِّيَّةُ الْمُعْتَدُّ بِهَا لِاقْتِرَانِهَا بِالشَّفَةِ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ وَإِلَّا لَمْ يَعْتَدَّ بِهَا بَلْ هِيَ قَصْدُ الْمَضْمَضَةِ بِالْفِعْلِ الَّذِي أَتَى بِهِ وَأَمَّا تِلْكَ فَغَيْرُهَا كَمَا تَقَرَّرَ هَكَذَا يَظْهَرُ فِي تَقْرِيرِ ذَلِكَ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ نَعَمْ إنْ انْغَسَلَ مَعَهُ أَيْ مَا قَبْلَ الْوَجْهِ بَعْضُ الْوَجْهِ كَفَى لَكِنْ إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْوَجْهَ وَجَبَ إعَادَتُهُ (قَوْلُهُ: لِتَوَارُدِهِمَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ) الْمُتَبَادِرُ رُجُوعُ هَذَا الضَّمِيرِ الْمُثَنَّى لِقَصْدِ الْمَضْمَضَةِ أَوْ لِلْمَضْمَضَةِ وَانْغِسَالِ الْجُزْءِ الْمَذْكُورِ وَحِينَئِذٍ يَمْنَعُ دَعْوَى تَوَارُدِهِمَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْقَصْدِ وَالْمَضْمَضَةِ مَحَلُّهُ دَاخِلُ الْفَمِ وَانْغِسَالُ الْجُزْءِ الْمَذْكُورِ مَحَلُّهُ خَارِجُهُ، فَإِنْ أَرَادَ بِالْمَحَلِّ جُمْلَةَ الْوَجْهِ فَهَذَا لَا يُؤَثِّرُ مَعَ اخْتِلَافِ مَحَلِّهِمَا مِنْهُ (فَرْعٌ)

حَيْثُ أَجْزَأَتْ النِّيَّةُ فَاتَتْ الْمَضْمَضَةُ

(قَوْلُهُ: لِعَدَمِ تَصَوُّرِهِ فِيهِ) قَدْ يَمْنَعُ بَلْ يَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ نَوَى عِنْدَ كُلِّ عُضْوٍ غَسْلَهُ عَنْ الْوُضُوءِ أَوْ لِأَجْلِ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ صَحَّ وَكَانَ مِنْ تَفْرِيقِ النِّيَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: عِنْدَ كُلِّ عُضْوٍ لَمْ تَشْمَلْهُ نِيَّةُ مَا قَبْلَهُ) بِخِلَافِ مَا لَوْ شَمِلَتْهُ كَأَنْ أَطْلَقَ عِنْدَ غَسْلِ الْيَدَيْنِ نِيَّةَ رَفْعِ الْحَدَثِ فَلَا يَحْتَاجُ لِتَجْدِيدِهَا لِمَا بَعْدَهَا.

(فَرْعٌ)

اُخْتُلِفَ فِيمَا لَوْ نَوَى عِنْدَ كُلِّ عُضْوٍ رَفْعَ الْحَدَثِ وَأَطْلَقَ فَهَلْ يَصِحُّ وَتَكُونُ كُلُّ نِيَّةٍ مُؤَكِّدَةً لِمَا قَبْلَهَا أَوْ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ كُلَّ نِيَّةٍ تَقْطَعُ النِّيَّةَ السَّابِقَةَ عَلَيْهَا كَمَا لَوْ نَوَى الصَّلَاةَ فِي أَثْنَائِهَا فَإِنَّهُ يَكُونُ قَاطِعًا لِنِيَّتِهَا وَقَدْ يَتَّجِهُ الْأَوَّلُ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ أَضْيَقُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَفْرِيقُ

ص: 200

أُثِيبَ عَلَى مَا مَضَى إنْ كَانَ لِعُذْرٍ وَإِلَّا فَلَا وَظَاهِرٌ أَنَّ خِلَافَ التَّفْرِيقِ يَأْتِي فِي الْغَسْلِ وَقَدْ يُشْكِلُ مَا هُنَا بِالطَّوَافِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ تَفْرِيقُ النِّيَّةِ فِيهِ مَعَ جَوَازِ تَفْرِيقِهِ كَالْوُضُوءِ وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ يَجُوزُ التَّقَرُّبُ بِطَوْفَةٍ وَاحِدَةٍ ضَعِيفٌ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُمْ أَلْحَقُوا الطَّوَافَ فِي هَذِهِ بِالصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ شَبَهًا بِهَا مِنْ غَيْرِهَا

(الثَّانِي غَسْلُ وَجْهِهِ) يَعْنِي انْغِسَالَهُ وَلَوْ بِفِعْلِ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ أَوْ بِسُقُوطِهِ فِي نَحْوِ نَهْرٍ إنْ كَانَ ذَاكِرًا لِلنِّيَّةِ فِيهِمَا وَكَذَا فِي سَائِرِ الْأَعْضَاءِ بِخِلَافِ مَا وَقَعَ مِنْهَا بِفِعْلِهِ كَتَعَرُّضِهِ لِلْمَطَرِ وَمَشْيِهِ فِي الْمَاءِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ إقَامَةً لَهُ مَقَامَهَا قَالَ تَعَالَى {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6] وَخَرَجَ بِالْغَسْلِ هُنَا وَفِي سَائِرِ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ مَسُّ الْمَاءِ بِلَا جَرَيَانٍ فَلَا يَكْفِي اتِّفَاقًا بِخِلَافِ غَمْسِ الْعُضْوِ فِي الْمَاءِ فَإِنَّهُ يُسَمَّى غَسْلًا (وَهُوَ) طُولًا ظَاهِرُ (مَا بَيْنَ مَنَابِتِ) شَعْرِ (رَأْسِهِ غَالِبًا وَ) تَحْتَ (مُنْتَهَى) أَيْ طَرَفِ الْمُقْبِلِ مِنْ (لَحْيَيْهِ) بِفَتْحِ اللَّامِ عَلَى الْمَشْهُورِ فَهُوَ مِنْ الْوَجْهِ دُونَ مَا تَحْتَهُ وَالشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَى مَا تَحْتَهُ وَبِتَأْوِيلِ الرَّافِعِيِّ لَهُ بِأَنَّ الْمُنْتَهَى قَدْ يُرَادُ بِهِ مَا يَلِيهِ مِنْ جِهَةِ الْحَنَكِ لَا آخِرُهُ يَنْدَفِعُ الِاعْتِرَاضُ عَلَى الْمَتْنِ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي خُرُوجَ مُنْتَهَاهُمَا مِنْ الْبَيْنِيَّةِ وَهُمَا الْعَظْمَانِ اللَّذَانِ عَلَيْهِمَا الْأَسْنَانُ السُّفْلَى.

وَتَفْسِيرُ الْمُنْتَهَى بِمَا ذَكَرْته يَشْمَلُ طَرَفَ الْمُقْبَلِ

وَظَاهِرٌ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَبْطَلَهُ) أَيْ بِحَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: أُثِيبَ إلَخْ) ، وَيَبْطُلُ بِالرِّدَّةِ التَّيَمُّمُ وَنِيَّةُ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَلَوْ نَوَى قَطْعَ الْوُضُوءِ انْقَطَعَتْ النِّيَّةُ فَيُعِيدُهَا لِلْبَاقِي مُغْنِي وَنِهَايَةٌ قَالَ ع ش وَهَلْ مِنْ قَطْعِ النِّيَّةَ مَا لَوْ عَزَمَ عَلَى الْحَدَثِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ فِيهِ نَظَرٌ وَقِيَاسُ مَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ عَزَمَ عَلَى أَنْ يَأْتِيَ بِمُبْطِلٍ كَالْعَمَلِ الْكَثِيرِ لَمْ تَبْطُلْ إلَّا بِالشُّرُوعِ فِيهِ أَنَّهَا لَا تَنْقَطِعُ هُنَا بِمُجَرَّدِ الْعَزْمِ الْمَذْكُورِ فَلَا يَحْتَاجُ لِإِعَادَةِ مَا غَسَلَهُ بَعْدَ الْعَزْمِ اهـ.

(قَوْلُهُ لِعُذْرٍ) هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: يَأْتِي فِي الْغَسْلِ) فَيَنْوِي رَفْعَ جَنَابَةِ رَأْسِهِ فَقَطْ ثُمَّ شِقِّهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ الْأَيْسَرِ ثُمَّ أَسْفَلِهِ، وَيَجُوزُ عَلَى قِيَاسِهِ أَنْ يُفَرِّقَ النِّيَّةَ عَلَى عُضْوٍ وَاحِدٍ بِأَنْ يَنْوِيَ رَفْعَ حَدَثِ كَفِّهِ ثُمَّ سَاعِدِهِ كَمَا نَقَلَهُ الْإِطْفِيحِيُّ عَنْ ع ش اهـ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ تَفْرِيقُ النِّيَّةِ فِيهِ) قَدْ يُشْكِلُ الِامْتِنَاعُ فِيمَا لَوْ نَوَى عِنْدَ الْحَجَرِ أَنْ يَدُورَ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ عَنْ الطَّوَافِ أَوْ لِأَجْلِهِ وَهَكَذَا إلَى تَمَامِ السَّبْعِ سم (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَشْكُلُ) إلَى الْمَتْنِ نَقَلَهُ ع ش عَنْ الشَّارِحِ وَأَقَرَّهُ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ إلَخْ) أَيْ الْمُقْتَضِي لِجَوَازِ تَفْرِيقِ النِّيَّةِ فِي الطَّوَافِ (قَوْلُهُ: فِي هَذَا) أَيْ فِي عَدَمِ جَوَازِ تَفْرِيقِ النِّيَّةِ

قَوْلُ الْمَتْنِ (غَسَلَ وَجْهَهُ) وَفِي فَتَاوَى م ر وَلَوْ اُبْتُلِيَ بِالْكُحْلِ وَغَيَّرَ الْكُحْلُ مَاءَ غَسْلِ الْوَجْهِ لَمْ يَضُرَّ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ عَنْ الْأُجْهُورِيِّ (قَوْلُهُ: يَعْنِي) إلَى قَوْلِهِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ يَعْنِي انْغِسَالَهُ إلَخْ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مَصْدَرُ الْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ أَوْ الْحَاصِلُ بِالْمَصْدَرِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ بَلْ لَك أَنْ تَقُولَ يَجُوزُ إبْقَاؤُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَفِعْلُ الْغَيْرِ الْمُسْتَنِدُ لِإِذْنِهِ أَوْ الْمُقْتَرِنُ بِنِيَّتِهِ فِعْلُهُ حُكْمًا بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ انْغِسَالُهُ) أَيْ مَعَ النِّيَّةِ ذِكْرًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ رَشِيدِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِفِعْلِ غَيْرِهِ إلَخْ) وَلَوْ أَلْقَاهُ غَيْرُهُ فِي نَهْرٍ مُكْرَهًا فَنَوَى فِيهِ رَفْعَ الْحَدَثِ صَحَّ وُضُوءُهُ نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي وَلَوْ نَسِيَ لُمْعَةً فِي وُضُوئِهِ أَوْ غَسْلِهِ فَانْغَسَلَتْ فِي الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ بِنِيَّةِ التَّنَفُّلِ أَوْ فِي إعَادَةِ وُضُوءٍ أَوْ غُسْلٍ لِنِسْيَانٍ لَهُ أَجْزَأَ بِخِلَافِ مَا لَوْ انْغَسَلَتْ فِي تَجْدِيدِ وُضُوءٍ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّهُ طُهْرٌ مُسْتَقِلٌّ بِنِيَّةٍ لَمْ تَتَوَجَّهْ لِرَفْعِ الْحَدَثِ أَصْلًا وَبِخِلَافِ مَا لَوْ تَوَضَّأَ احْتِيَاطًا فَانْغَسَلَتْ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ أَيْضًا لِمَا مَرَّ اهـ.

(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ ذَاكِرًا لِلنِّيَّةِ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَزَبَتْ النِّيَّةُ فِيهِمَا فَلَا يُجْزِئُهُ لِانْتِفَاءِ فِعْلِهِ مَعَ النِّيَّةِ وَقَوْلُهُمْ لَا يُشْتَرَطُ فِعْلُهُ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ مُتَذَكِّرًا لِلنِّيَّةِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا وَقَعَ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْأَعْضَاءِ أَيْ انْغِسَالِهَا عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ (قَوْلُهُ: لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ إلَخْ) أَيْ تَذَكُّرُ النِّيَّةِ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ نَوَى الْوُضُوءَ عِنْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ وَغَسَلَ أَعْضَاءَهُ غَيْرَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ نَزَلَ فِي الْمَاءِ غَافِلًا عَنْ النِّيَّةِ ارْتَفَعَ حَدَثُهُمَا لِكَوْنِ النُّزُولِ مِنْ فِعْلِهِ ثُمَّ ظَاهِرُ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَوْ نَزَلَ لِغَرَضٍ كَإِزَالَةِ مَا عَلَى رِجْلَيْهِ مِنْ الْوَحْلِ أَوْ قَصَدَ أَنْ يَقْطَعَ الْبَحْرَ، وَيَخْرُجَ مِنْهُ إلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ ارْتَفَعَ حَدَثُهُمَا، وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ نُزُولَهُ لِذَلِكَ الْغَرَضِ يُعَدُّ صَارِفًا عَنْ الْحَدَثِ وَمَحَلُّ عَدَمِ اشْتِرَاطِ اسْتِحْضَارِ النِّيَّةِ حَيْثُ لَا صَارِفَ كَمَا قَالَهُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ ع ش.

عِبَارَةُ الْبُجَيْرِمِيِّ وَبَعْدَ هَذَا أَيْ قَرْنِ النِّيَّةِ بِأَوَّلِ غَسْلِ الْوَجْهِ يَكْفِي الِاسْتِصْحَابُ الْحُكْمِيُّ بِأَنْ لَا يَصْرِفَهَا بِنِيَّةِ قَطْعٍ أَوْ قَصْدِ تَبَرُّدٍ أَوْ نَحْوِهِمَا كَتَنْظِيفٍ وَمِنْهُ مَا إذَا تَوَضَّأَ عَلَى الْفَسْقِيَّةِ فِي مَوْضِعٍ ثُمَّ انْتَقَلَ قَبْلَ غَسْلِ رِجْلَيْهِ فَغَسَلَهُمَا بِقَصْدِ التَّنْظِيفِ فَإِنَّهُ صَارِفٌ فَلَا بُدَّ أَنْ يَسْتَحْضِرَ نِيَّةَ الْوُضُوءِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَتَحْتِ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى مَنَابِتِ وَتَقْدِيرُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى تَأْوِيلِ الرَّافِعِيِّ الْآتِي (قَوْلُهُ: أَيْ طَرَفَ إلَخْ) تَفْسِيرٌ لِمُنْتَهَى كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فَهُوَ إلَخْ) أَيْ فَمُنْتَهَى اللَّحْيَيْنِ مِنْ الْوَجْهِ كَمَا تَقَرَّرَ، وَإِنْ لَمْ تَشْمَلْهُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ دُونَ مَا تَحْتِهِ) أَيْ تَحْتِهِ الْمُنْتَهَى وَقَوْلُهُ وَالشَّعْرُ إلَخْ عُطِفَ عَلَى الْمَوْصُولِ وَقَوْلُهُ عَلَى مَا تَحْتَهُ إظْهَارٌ فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ (قَوْلُهُ: لَهُ) أَيْ لِقَوْلِ الْمَتْنِ وَمُنْتَهَى لَحْيَيْهِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْمُنْتَهَى) أَيْ لَفْظَ مُنْتَهَى اللَّحْيَيْنِ وَقَوْلُهُ يَلِيهِ أَيْ يَلِي الْمُتَبَادِرَ مِنْ الْمُنْتَهَى، وَهُوَ الْآخَرُ بَصْرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: لَا آخِرَهُ) أَيْ لَا آخِرَ الْمُنْتَهَى، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَهُمَا) أَيْ اللَّحْيَانِ (قَوْلُهُ: بِمَا ذَكَرْته) أَيْ بِطَرَفِ الْمُقْبَلِ إلَخْ (قَوْلُهُ: يَشْمَلُ طَرَفَ الْمُقْبَلِ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَأَسْفَلُ الْمُقْبَلِ مِنْ الذَّقَنِ وَاللَّحْيَيْنِ وَفَسَّرَ فِي

نِيَّتِهَا بِخِلَافِ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ تَفْرِيقُ النِّيَّةِ فِيهِ) قَدْ يُشْكِلُ الِامْتِنَاعُ فِيمَا لَوْ نَوَى عِنْدَ الْحَجَرِ أَنْ يَدُورَ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ عَنْ الطَّوَافِ أَوْ لِأَجْلِهِ وَهَكَذَا إلَى تَمَامِ السَّبْعِ

(قَوْلُهُ كَتَعَرُّضِهِ لِلْمَطَرِ) الَّذِي فِي الرَّوْضِ اعْتِبَارُ نِيَّتِهِ فِي هَذِهِ فَقَالَ أَوْ تَعَرَّضَ لِلْمَطَرِ نَاوِيًا لَمْ يَمْسَحْ أَجْزَأَهُ انْتَهَى (قَوْلُهُ: يَشْمَلُ طَرَفَ الْمُقْبَلِ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَأَسْفَلَ الْمُقْبَلِ مِنْ الذَّقَنِ وَاللَّحْيَيْنِ وَفَسَّرَ فِي شَرْحِهِ الذَّقَنَ بِمَجْمَعِ اللَّحْيَيْنِ وَفَسَّرَ فِيهِ اللَّحْيَيْنِ بِالْعَظْمَيْنِ

ص: 201

مِمَّا تَحْتَ الْعِذَارِ إلَى الذَّقَنِ الَّتِي هِيَ مِنْ مُنْتَهَاهُمَا أَيْ مُجْتَمَعُهُمَا وَمِنْ ثَمَّ عَبَّرَ غَيْرُهُ بِمُنْتَهَى اللَّحْيَيْنِ وَالذَّقَنِ (وَ) عَرْضًا ظَاهِرُ (مَا بَيْنَ أُذُنَيْهِ) حَتَّى مَا ظَهَرَ بِالْقَطْعِ مِنْ جُرْمِ نَحْوِ أَنْفٍ قُطِعَ لِوُقُوعِ الْمُوَاجَهَةِ الْمَأْخُوذِ مِنْهَا الْوَجْهُ بِذَلِكَ بِخِلَافِ بَاطِنِ عَيْنٍ بَلْ لَا يُسَنُّ بَلْ قَالَ بَعْضُهُمْ: يُكْرَهُ لِلضَّرَرِ وَأَنْفٍ وَفَمٍ، وَإِنْ ظَهَرَ بِقَطْعِ جَفْنٍ وَأَنْفٍ وَشَفَةٍ، وَإِنَّمَا جُعِلَ ظَاهِرًا إذَا تَنَجَّسَ لِغِلَظِ أَمْرِ النَّجَاسَةِ وَاخْتَلَفَتْ فَتَاوَى الْمُتَأَخِّرِينَ فِي أُنْمُلَةٍ أَوْ أَنْفٍ مِنْ نَقْدٍ الْتَحَمَ وَخَشِيَ مِنْ إزَالَتِهِ مَحْذُورٌ تَيَمَّمَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ وُجُوبُ غَسْلِ مَا فِي مَحَلِّ الِالْتِحَامِ مِنْ الْأَنْفِ لَا غَيْرُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَدَلًا إلَّا عَنْ هَذَا إذْ الْأَنْفُ الْمَقْطُوعُ لَا يَجِبُ أَنْ يُغْسَلَ مِمَّا ظَهَرَ بِالْقَطْعِ إلَّا مَا بَاشَرَهُ الْقَطْعُ فَقَطْ وَكُلُّهُ مِنْ الْأُنْمُلَةِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ جَمِيعِ مَا ظَهَرَ بِالْقَطْعِ وَلَيْسَ هَذَا كَالْجَبِيرَةِ حَتَّى يَمْسَحَ بَاقِيَهُ بَدَلًا عَمَّا أَخَذَهُ مِنْ مَحَلِّ الْقَطْعِ؛ لِأَنَّهَا رُخْصَةٌ وَبِصَدَدِ الزَّوَالِ، وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي عَظْمٍ وُصِلَ وَلَمْ يَكْتَسِ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَنْقُضُ لَمْسُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِاخْتِلَافِ الْمُدْرَكَيْنِ، وَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْوَجْهَ مَا ذُكِرَ (فَمِنْهُ) الْجَبِينَانِ وَهُمَا جَانِبَا الْجَبْهَةِ وَالْبَيَاضُ الَّذِي بَيْنَ الْأُذُنِ وَالْعِذَارِ

شَرْحِهِ الذَّقَنَ بِمُجْتَمَعِ اللَّحْيَيْنِ وَاللَّحْيَيْنِ بِالْعَظْمَيْنِ اللَّذَيْنِ يَنْبُتُ عَلَيْهِمَا الْأَسْنَانُ السُّفْلَى سم (قَوْلُهُ: مِنْ تَحْتِ الْعَذَارِ إلَخْ) بَيَانٌ لِلْمُقْبَلِ (قَوْلُهُ: هِيَ مِنْ مُنْتَهَاهُمَا) لَعَلَّ الْأَوْلَى إسْقَاطُ مِنْ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ إلَخْ) أَيْ مِنْ أَجْلِ إرَادَتِهِمْ الشُّمُولَ (قَوْلُهُ: إلَى الذَّقَنِ) دَاخِلٌ فِي الْمُغَيَّا قَوْلُ الْمَتْنِ (وَمَا بَيْنَ أُذُنَيْهِ) أَيْ بَيْنَ وَتَدَيْهِمَا وَلَوْ تَقَدَّمَتْ أُذُنَاهُ عَنْ مَحَلِّهِمَا أَوْ تَأَخَّرَتَا عَنْهُ فَالْعِبْرَةُ بِمَحَلِّهِمَا الْمُعْتَادِ فَيَجِبُ غَسْلُهُمَا فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُمْ أَنَاطُوا الْحُكْمَ بِمَا تَقَعُ بِهِ الْمُوَاجَهَةُ بِخِلَافِ الْمِرْفَقَيْنِ وَالْكَعْبَيْنِ وَالْحَشَفَةِ فَإِنَّهُمْ أَنَاطُوا الْحُكْمَ بِهَا وَلَوْ خَرَجَتْ عَنْ حَدِّ الِاعْتِدَالِ حَتَّى لَاصَقَ الْمِرْفَقُ الْمَنْكِبَ وَالْكَعْبُ الرُّكْبَةَ فَهُوَ الْمُعْتَبَرُ كَمَا فِي الْحَشَفَةِ شَيْخُنَا وع ش وَبُجَيْرِمِيٌّ.

(قَوْلُهُ حَتَّى مَا ظَهَرَ) إلَى قَوْلِهِ: وَاخْتُلِفَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَقَوْلُهُ حَتَّى مَا ظَهَرَ بِالْقَطْعِ إلَخْ أَيْ مَا بَاشَرَهُ الْقَطْعُ فَقَطْ أَمَّا بَاطِنُ الْأَنْفِ أَوْ الْفَمِ فَهُوَ عَلَى حَالِهِ بَاطِنٌ، وَإِنْ ظَهَرَ بِالْقَطْعِ فَلَا يَجِبُ غَسْلُهُ كَمَا يَأْتِي فِي الشَّارِحِ اهـ كُرْدِيٌّ عِبَارَةُ ع ش فَرْعٌ قَالُوا يَجِبُ غَسْلُ مَا ظَهَرَ بِقَطْعِ شَفَةٍ أَوْ أَنْفٍ وَالْمُرَادُ مَا ظَهَرَ مِنْ مَحَلِّ الْقَطْعِ لَا مَا كَانَ مُسْتَتِرًا بِالْمَقْطُوعِ فَلَا يَجِبُ غَسْلُ مَا ظَهَرَ بِقَطْعِ الشَّفَةِ مِنْ لَحْمِ الْأَسْنَانِ وَالْأَسْنَانِ وَكَذَا لَا يَجِبُ غَسْلُ مَا ظَهَرَ بِقَطْعِ الْأَنْفِ مِمَّا كَانَ تَحْتَهُ، وَإِنْ صَارَ بَارِزًا مُنْكَشِفًا وِفَاقًا لِمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا حَجّ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ م ر بِخِلَافِ بَاطِنِ الْأَنْفِ وَالْفَمِ وَالْعَيْنِ اهـ وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا مَا يُوَافِقُهُ.

وَقَالَ الْبَصْرِيُّ بَعْدَ ذِكْرِ مَا مَرَّ عَنْ سم عَلَى الْمَنْهَجِ مَا نَصُّهُ أَقُولُ يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَمَّلَ هَذَا الْإِفْتَاءَ فَإِنَّهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَلَّلَ الْأَصَحَّ مِنْ وُجُوبِ غَسْلِ مَا ظَهَرَ بِالْقَطْعِ مِنْ أَنْفٍ وَشَفَةٍ بِقَوْلِهِ كَمَا لَوْ كَشَطَ جِلْدَةَ وَجْهِهِ أَوْ يَدِهِ ثُمَّ حَكَى مُقَابِلَ الْأَصَحِّ بِقَوْلِهِ وَالثَّانِي لَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُهُ غَسْلُهُ قَبْلَ الْقَطْعِ وَلَمْ يَكُنْ وَاجِبًا فَبَقِيَ عَلَى مَا كَانَ اهـ وَبِهِ يَظْهَرُ أَنَّ الْإِفْتَاءَ الْمَذْكُورَ إنَّمَا يَتَخَرَّجُ عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: مِنْ جُزْمِ نَحْوِ أَنْفٍ) كَحُمْرَةِ الشَّفَتَيْنِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ بَاطِنِ الْعَيْنِ) .

(فَرْعٌ)

لَوْ نَبَتَ شَعْرٌ فِي الْعَيْنِ وَخَرَجَ إلَى حَدِّ الْوَجْهِ فَهَلْ يَجِبُ غَسْلُ مَا فِي حَدِّ الْوَجْهِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ فِي حَدِّ الْوَجْهِ أَوْ لَا تَبَعًا لِمَنْبَتِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْقَلْبُ إلَى الثَّانِي أَمْيَلُ سم وَجَزَمَ ع ش الثَّانِي بِلَا عَزْوٍ (قَوْلُهُ: لِضَرَرِهِ) أَيْ إنْ تَوَهَّمَ الضَّرَرَ وَمُقْتَضَاهُ الْحُرْمَةُ إنْ تَحَقَّقَ الضَّرَرُ طَبَلَاوِيٌّ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا جَعَلَ) أَيْ بَاطِنَ الْعَيْنِ وَالْأَنْفِ وَالْفَمِ (قَوْلُهُ: لِغِلَظِ أَمْرِ النَّجَاسَةِ) بِدَلِيلِ إزَالَتِهَا عَنْ الشَّهِيدِ حَيْثُ كَانَتْ غَيْرَ دَمِ الشَّهَادَةِ، وَيَجِبُ غَسْلُ مُوقِ الْعَيْنِ قَطْعًا، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ نَحْوُ رَمَاصٍ يَمْنَعُ وُصُولَ الْمَاءِ إلَى الْمَحَلِّ الْوَاجِبِ وَجَبَ إزَالَتُهُ وَغَسْلُ مَا تَحْتَهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: لَا غَيْرُ) قَدْ يُقَالُ هَلَّا وَجَبَ أَيْضًا غَسْلُ مَا صَارَ سَاتِرًا لِبَاطِنِ الْأَنْفِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ مَا كَانَ مِنْ الْأَنْفِ سَاتِرًا لَهُ وَكَانَ يَجِبُ غَسْلُهُ ثُمَّ سَمِعْت عَنْ فَتَاوَى شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ مَا يَقْتَضِي وُجُوبَ غَسْلِ جَمِيعِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَفِي شَرْحِ م ر أَيْ النِّهَايَةُ حَتَّى لَوْ اتَّخَذَ لَهُ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ وَجَبَ غَسْلُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ غَسْلُ مَا ظَهَرَ مِنْ أَنْفِهِ بِالْقَطْعِ وَقَدْ تَعَذَّرَ فَصَارَ الْأَنْفُ الْمَذْكُورُ فِي حَقِّهِ كَالْأَصْلِيِّ. اهـ. سم.

(قَوْلُهُ: إلَّا مَا بَاشَرَهُ إلَخْ) ظَاهِرُ الْمَنْعِ (قَوْلُهُ: وَكُلُّهُ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى مَا فِي مَحَلِّ الِالْتِحَامُ وَالضَّمِيرِ لِلنَّقْدِ وَلَوْ قَالَ وَكُلُّهَا أَيْ الْأُنْمُلَةُ مِنْهُ كَانَ أَوْلَى وَقَوْلُهُ وَلَيْسَ هَذَا أَيْ النَّقْدُ الْمَجْعُولُ أُنْمُلَةً (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا) أَيْ الْجَبِيرَةُ (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي هَذَا) أَيْ مَا ذُكِرَ فِي الْأُنْمُلَةِ الْمَأْخُوذَةِ مِنْ النَّقْدِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكْتَسِ) أَيْ بِلَحْمٍ (قَوْلُهُ: لِاخْتِلَافِ الْمُدْرَكَيْنِ) فَعِلَّةُ وُجُوبِ الْغَسْلِ أَنَّهُ

اللَّذَيْنِ تَنْبُتُ عَلَيْهِمَا الْأَسْنَانُ السُّفْلَى (قَوْلُهُ بِخِلَافِ بَاطِنِ عَيْنٍ) .

(فَرْعٌ)

لَوْ نَبَتَ شَعْرٌ فِي الْعَيْنِ وَخَرَجَ إلَى حَدِّ الْوَجْهِ فَهَلْ يَجِبُ غَسْلُ مَا فِي حَدِّ الْوَجْهِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ فِي حَدِّ الْوَجْهِ أَوْ لَا تَبَعًا لِمَنْبَتِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْقَلْبُ إلَى الثَّانِي أَمْيَلُ وَلَا يُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ وُجُوبُ غَسْلِ مَا حَاذَى مِنْ الْيَدِ الزَّائِدَةِ النَّابِتَةِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ الْيَدَ الْأَصْلِيَّةَ؛؛ لِأَنَّهَا تُسَمَّى يَدًا وَالْيَدُ يَجِبُ غَسْلُهَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ نَبَتَ شَعْرٌ فِي الْعَضُدِ وَتَدَلَّى وَحَاذَى الْيَدَ لَمْ يَجِبْ غَسْلُهُ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ وُجُوبَ غَسْلِ الْمُحَاذِي مِنْهَا لِوُجُودِ مُسَمَّى الْيَدِ لَا لِمُجَرَّدِ الْمُحَاذَاةِ وَإِلَّا لَوَجَبَ غَسْلُ الْمُحَاذِي مِنْ الشَّعْرِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: لَا غَيْرُ) قَدْ يُقَالُ هَلَّا وَجَبَ أَيْضًا غَسْلُ مَا صَارَ سَاتِرًا لِبَاطِنِ الْأَنْفِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ مَا كَانَ مِنْ الْأَنْفِ سَاتِرًا لَهُ وَكَانَ يَجِبُ غَسْلُهُ ثُمَّ سَمِعْت عَنْ فَتَاوَى شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ مَا يَقْتَضِي وُجُوبَ غَسْلِ جَمِيعِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَفِي شَرْحِ م ر حَتَّى لَوْ اتَّخَذَ لَهُ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ وَجَبَ عَلَيْهِ غَسْلُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ غَسْلُ مَا ظَهَرَ مِنْ

ص: 202

وَهُوَ الشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَى الْعَظْمِ النَّاتِئِ بِقُرْبِ الْأُذُنِ وَ (مَوْضِعُ الْغَمَمِ) ، وَهُوَ مَا يَنْبُتُ عَلَيْهِ الشَّعْرُ مِنْ الْجَبْهَةِ لَا مَوْضِعُ الصَّلَعِ، وَهُوَ مَا انْحَسَرَ عَنْهُ الشَّعْرُ مِنْ مُقَدَّمِ الرَّأْسِ وَعَنْهُمَا احْتَرَزُوا بِقَوْلِهِمْ غَالِبًا.

قَالَ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ وَهُوَ مُسْتَدْرَكٌ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ الْأَوَّلِ لَيْسَ مِنْ مَنَابِتِ الرَّأْسِ وَالثَّانِي لَيْسَ مِنْ مَنَابِتِ الْوَجْهِ قِيلَ الْأَحْسَنُ قَوْلُهُ أَصْلُهُ الرَّأْسُ؛ لِأَنَّ مَنَابِتَ شَعْرِ رَأْسِهِ شَيْءٌ مَوْجُودٌ لَا غَالِبٌ فِيهِ وَلَا نَادِرٌ اهـ وَلَيْسَ فِي مَحَلِّهِ؛ لِأَنَّ الْمَوْجُودَ كَذَلِكَ هُوَ الشَّعْرُ وَأَمَّا مَحَلُّ نَبْتِهِ الْغَالِبِ وَغَيْرِهِ فَلَا يَفْتَرِقُ الْحَالُ فِيهِ بَيْنَ التَّعْبِيرِ بِالرَّأْسِ وَرَأْسِهِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ (وَكَذَا التَّحْذِيفُ) بِإِعْجَامِ الذَّالِ أَيْ مَوْضِعُهُ مِنْ الْوَجْهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِمُحَاذَاتِهِ بَيَاضَ الْوَجْهِ إذْ هُوَ مَا بَيْنَ ابْتِدَاءِ الْعِذَارِ وَالنَّزْعَةِ يُعْتَادُ تَنْحِيَتُهُ لِيَتَّسِعَ الْوَجْهُ (لَا) الصُّدْغَانِ وَهُمَا الْمُتَّصِلَانِ بِالْعِذَارِ مِنْ فَوْقِ وَتَدِ الْأُذُنَيْنِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ غَسْلُ الْوَجْهِ إلَّا بِغَسْلِ

بَدَلٌ عَمَّا طَهُرَ وَعِلَّةُ عَدَمِ النَّقْضِ أَنَّهُ لَا يُلْتَذُّ بِهِ كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ الشَّعْرُ النَّابِتُ إلَخْ) هَذَا اقْتِصَارٌ عَلَى بَعْضِ الْعَذَارِ إذْ الْعَذَارُ يَتَّصِلُ بِالصُّدْغِ وَأَسْفَلُهُ بِالْعَارِضِ فَهُوَ الْمُحَاذِي لِلْأُذُنِ كُرْدِيٌّ عِبَارَةُ سم قَالَ فِي الرَّوْضِ وَهُمَا أَيْ الْعِذَارَانِ حِذَاءُ الْأُذُنَيْنِ قَالَ فِي شَرْحِهِ أَيْ مُحَاذِيَانِ لَهُمَا بَيْنَ الصُّدْغِ وَالْعَرْضِ وَقِيلَ هُمَا الْعَظْمَانِ النَّاتِئَانِ بِإِزَاءِ الْأُذُنَيْنِ اهـ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا يَنْبُتُ إلَخْ) وَالْغَمَمُ أَنْ يَسِيلَ الشَّعْرُ حَتَّى تَضِيقَ الْجَبْهَةُ أَوْ الْقَفَا يُقَالُ رَجُلٌ أَغَمُّ وَامْرَأَةٌ غَمَّاءُ وَالْعَرَبُ تَذُمُّ بِهِ وَتَمْدَحُ بِالنَّزْعِ؛ لِأَنَّ الْغَمَمَ يَدُلُّ عَلَى الْبَلَادَةِ وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ وَالنَّزْعُ بِضِدِّ ذَلِكَ كَمَا قِيلَ

فَلَا تَنْكِحِي إنْ فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَنَا

أَغَمَّ الْقَفَا وَالْوَجْهُ

لَيْسَ بِأَنْزَعَا مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: لَا مَوْضِعُ الصَّلَعِ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ الْجَبِينَانِ (قَوْلُهُ وَعَنْهُمَا احْتَرَزُوا إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَقَوْلُهُ غَالِبًا إيضَاحٌ لِبَيَانِ إخْرَاجِ الصَّلَعِ وَإِدْخَالِ الْغَمَمِ إذْ التَّعْبِيرُ بِالْمَنَابِتِ كَافٍ فِي ذَلِكَ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ مَوْضِعَ الصَّلَعِ مَنْبِتُ شَعْرِ الرَّأْسِ، وَإِنْ انْحَسَرَ الشَّعْرُ عَنْهُ لِسَبَبٍ وَالْجَبْهَةُ لَيْسَتْ مَنْبِتَهُ، وَإِنْ نَبَتَ عَلَيْهَا الشَّعْرُ وَلِذَا قَالَ الْإِمَامُ إلَخْ اهـ زَادَ الْمُغْنِي فَمَنْبِتُ الشَّيْءِ مَا صَلَحَ لِنَبَاتِهِ وَغَيْرُ مَنْبِتِهِ مَا لَمْ يَصْلُحْ لَهُ كَمَا يُقَالُ الْأَرْضُ مَنْبِتٌ لِصَلَاحِيَّتِهَا لِذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا نَبَاتٌ وَالْحَجَرُ لَيْسَ مَنْبِتًا لِعَدَمِ صَلَاحِيَّتِهِ، وَإِنْ وُجِدَ فِيهِ نَبَاتٌ اهـ وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ اعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا زَادَ غَالِبًا كَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ بِالْمَنْبِتِ مَا يَنْبُتُ عَلَيْهِ الشَّعْرُ بِالْفِعْلِ وَالْإِمَامُ بَنَى اعْتِرَاضَهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا مِنْ شَأْنِهِ النَّبَاتُ فَلَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ اهـ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَحَلَّ الْأَوَّلِ) أَيْ الْغَمَمِ وَقَوْلُهُ وَالثَّانِي أَيْ الصَّلَعِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ مِنْ مَنَابِتِ الْوَجْهِ) الْأَخْصَرُ الْمُنَاسِبُ مِنْ مَنَابِتِهِ أَيْ الرَّأْسِ (قَوْلُهُ: قِيلَ الْأَحْسَنُ إلَخْ) نَقَلَهُ الْمُغْنِي عَنْ الْوَلِيِّ الْعِرَاقِيِّ وَأَقَرَّهُ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَحَلُّ نِيَّتِهِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الرَّأْسَ الْمُعَيَّنَ لَا يَثْبُتُ لَهُ مَحَلُّ نَبْتٍ غَالِبًا غَالِبٌ إذْ لَا يَحْصُلُ فِيهِ إلَّا نَبْتٌ وَاحِدٌ أَبَدًا بِخِلَافِ مُطْلَقٍ وَقَوْلُهُ فَلَا يَفْتَرِقُ الْحَالُ إلَخْ فِي عَدَمِ الِافْتِرَاقِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ جِدًّا سم عِبَارَةُ السَّيِّدِ عُمَرَ قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ وَاضِحٌ فِي دَعْوَى الْوُضُوحِ خَفَاءٌ؛ لِأَنَّ الْمَنْبِتَ تَابِعٌ لِلنَّابِتِ فَحَيْثُ تَعَيَّنَ وَتَشَخَّصَ كَانَ الْمَنْبِتُ كَذَلِكَ فَلَا غَالِبَ فِيهِ وَلَا نَادِرَ نَعَمْ قَدْ يُقَالُ فِي دَفْعِ أَصْلِ الِاعْتِرَاضِ الضَّمِيرُ عَائِدٌ إلَى الْمُتَوَضِّئِ الْمُطْلَقِ أَوْ الشَّخْصِ الْمُطْلَقِ لَا خُصُوصَ الْمُتَوَضِّئِ نَفْسِهِ فَيَحْصُلُ فِيهِ عُمُومٌ يَقْبَلُ التَّعْمِيمَ اهـ.

(قَوْلُهُ بِإِعْجَامِ الذَّالِ) وَالْعَامَّةُ الْيَوْمَ يُبْدِلُونَ الذَّالَ بِالْفَاءِ فَيَقُولُونَ مَوْضِعُ التَّخْفِيفِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: أَيْ مَوْضِعَهُ) إلَى قَوْلِهِ، وَيَجِبُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ إلَّا أَنَّهُ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: أَيْ مَوْضِعُهُ مِنْ الْوَجْهِ) وَضَابِطُهُ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي دَقَائِقِهِ أَنْ تَضَعَ طَرَفَ خَيْطٍ عَلَى رَأْسِ الْأُذُنِ وَالطَّرَفَ الثَّانِيَ عَلَى أَعْلَى الْجَبْهَةِ وَيُفْرَضُ هَذَا الْخَطُّ مُسْتَقِيمًا فَمَا نَزَلَ عَنْهُ إلَى جَانِبِ الْوَجْهِ فَهُوَ مَوْضِعُ التَّحْذِيفِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَإِيعَابٌ قَالَ ع ش قَوْله م ر عَلَى رَأْسِ الْأُذُنِ الْمُرَادُ بِرَأْسِ الْأُذُنِ الْجُزْءُ الْمُحَاذِي لَا عَلَى الْعِذَارِ قَرِيبًا مِنْ الْوَتَدِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ أَعْلَى الْأُذُنِ مِنْ جِهَةِ الرَّأْسِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُحَاذِيًا لِمَبْدَأِ الْعَذَارِ وَقَوْلُهُ م ر إلَى جَانِبِ الْوَجْهِ أَيْ حَدُّ الْوَجْهِ وَحْدَهُ ابْتِدَاءُ الْعَذَارِ وَمَا يَلِيهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: إذْ هُوَ مَا بَيْنَ ابْتِدَاءِ الْعَذَارِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ مِنْ ابْتِدَاءِ الْعَذَارِ إلَى جِهَةِ النَّزْعَةِ جُزْءًا مِمَّا بَيْنَ الْأُذُنَيْنِ فَالْحُكْمُ بِأَنَّ عَرْضَ الْوَجْهِ مَا بَيْنَ الْأُذُنَيْنِ قَدْ يُنَافِيهِ خُرُوجُ التَّحْذِيفِ مِنْ حَدِّ الْوَجْهِ عَلَى مُصَحَّحِ الْجُمْهُورِ فَلْيُحَرَّرْ وَالْوَجْهُ أَنْ يَكُونَ مُصَحَّحُهُمْ فِي الْقَدْرِ الزَّائِدِ مِنْ التَّحْذِيفِ عَلَى مَا بَيْنَ الْأُذُنَيْنِ وِفَاقًا لِ م ر فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ يُعْتَادُ إلَخْ) أَيْ تَعْتَادُهُ النِّسَاءُ وَالْأَشْرَافُ

أَنْفِهِ بِالْقَطْعِ وَقَدْ تَعَذَّرَ فَصَارَ الْأَنْفُ الْمَذْكُورُ فِي حَقِّهِ كَالْأَصْلِيِّ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ الشَّعْرُ عَلَى الْعَظْمِ النَّاتِئِ بِقُرْبِ الْأُذُنِ) فِي الرَّوْضِ وَهُمَا أَيْ الْعِذَارَانِ حِذَاءَ الْأُذُنَيْنِ قَالَ فِي شَرْحِهِ أَيْ مُحَاذِيَانِ لَهُمَا بَيْنَ الصُّدْغِ وَالْعَارِضِ وَقِيلَ هُمَا الْعَظْمَانِ النَّابِتَانِ بِإِزَاءِ الْأُذُنَيْنِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَحَلُّ نَبْتِهِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الرَّأْسَ الْمُعَيَّنَ لَا يَثْبُتُ لَهُ مَحَلُّ نَبْتٍ غَالِبٍ وَغَيْرِ غَالِبٍ إذْ لَا يَحْصُلُ فِيهِ إلَّا نَبْتٌ وَاحِدٌ أَبَدًا بِخِلَافِ مُطْلَقِ الرَّأْسِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: فَلَا يَفْتَرِقُ الْحَالُ) فِي عَدَمِ الِافْتِرَاقِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ جِدًّا.

(قَوْلُهُ إذْ هُوَ مَا بَيْنَ ابْتِدَاءِ الْعِذَارِ وَالنَّزْعَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَرُبَّمَا يُقَالُ بَيْنَ الصُّدْغِ وَالنَّزْعَةِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالْمَعْنَى لَا يَخْتَلِفُ؛ لِأَنَّ الصُّدْغَ وَالْعِذَارَ مُتَلَاصِقَانِ اهـ وَفِي عَدَمِ الِاخْتِلَافِ تَأَمُّلٌ فَتَأَمَّلْ وَاعْلَمْ أَنَّهُ مِنْ ابْتِدَاءِ الْعَذَارِ إلَى جِهَةِ النَّزْعَةِ جُزْءٌ مِمَّا بَيْنَ الْأُذُنَيْنِ فَالْحُكْمُ بِأَنَّ عَرْضَ الْوَجْهِ مَا بَيْنَ الْأُذُنَيْنِ قَدْ يُنَافِيهِ خُرُوجُ التَّحْذِيفِ مِنْ حَدِّ الْوَجْهِ عَلَى مُصَحَّحِ الْجُمْهُورِ فَلْيُحَرَّرْ وَالْوَجْهُ أَنْ يَكُونَ مُصَحَّحُهُمْ فِي الْقَدْرِ

ص: 203

بَعْضِ كُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَلَا (النَّزَغَتَانِ) بِفَتْحِ الزَّايِ أَفْصَحُ مِنْ إسْكَانِهَا (وَهُمَا بَيَاضَانِ يَكْتَنِفَانِ النَّاصِيَةَ) أَيْ يُحِيطَانِ بِهَا فَلَيْسَا مِنْ الْوَجْهِ بَلْ مِنْ الرَّأْسِ؛ لِأَنَّهُمَا فِي تَدْوِيرِهِ (قُلْت صَحَّحَ الْجُمْهُورُ أَنَّ مَوْضِعَ التَّحْذِيفِ مِنْ الرَّأْسِ) لِاتِّصَالِ شَعْرِهِ بِشَعْرِهِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَيُسَنُّ غَسْلُ كُلِّ مَا قِيلَ إنَّهُ مِنْ الْوَجْهِ كَالصَّلَعِ وَالنَّزَعَتَيْنِ وَالتَّحْذِيفِ

(، وَيَجِبُ غَسْلُ) مُحَاذِيَهُ مِنْ سَائِرِ جَوَانِبِهِ مِمَّا لَا يَتَحَقَّقُ غَسْلُ جَمِيعِهِ إلَّا بِغَسْلِهِ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ الْمُطْلَقُ إلَّا بِهِ وَاجِبٌ، وَيَجِبُ غَسْلُ شَعْرِ الْمُحَاذِي، وَإِنْ كَثُفَ كَمَا يَجِبُ غَسْلُ (كُلُّ هُدْبٍ) بِالْمُهْمَلَةِ (وَحَاجِبٍ وَعِذَارٍ) بِالْمُعْجَمَةِ، وَهُوَ مَا مَرَّ وَمَا انْحَطَّ عَنْهُ إلَى اللِّحْيَةِ عَارِضٌ وَحُكْمُهُ حُكْمُهَا (وَشَارِبٍ وَخَدٍّ وَعَنْفَقَةٍ شَعْرًا وَبَشَرًا) تَحْتَهُ، وَإِنْ كَثُفَ لِنُدْرَةِ الْكَثَافَةِ فِيهَا فَأُلْحِقَتْ بِالْغَالِبِ وَمَيَّزَ بِهَذَيْنِ مَعَ أَنَّ تِلْكَ أَسْمَاءٌ لِلشُّعُورِ إلَّا الْخَدِّ لِيُبَيِّنَ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا هِيَ وَمَحَلُّهَا وَقِيلَ لِيَرْجِعَ شَعْرًا لِلْخَدِّ وَبَشَرًا لِغَيْرِهِ وَفِيهِ قَلَاقَةٌ بَلْ إيهَامٌ أَنَّ وَاجِبَ الْخَدِّ غَسْلُ شَعْرِهِ فَقَطْ وَغَيْرُهُ غَسْلُ بَشَرَتِهِ فَقَطْ (وَقِيلَ لَا يَجِبُ بَاطِنُ عَنْفَقَةٍ كَثِيفَةٍ) بِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ غَسْلُهُ شَعْرًا وَلَا بَشَرًا؛ لِأَنَّ بَيَاضَ الْوَجْهِ لَا يُحِيطُ بِهَا فَهِيَ عَلَيْهِ كَاللِّحْيَةِ فِي أَحْكَامِهَا الْآتِيَةِ

(وَاللِّحْيَةُ) بِكَسْرِ اللَّامِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا، وَهِيَ الشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَى الذَّقَنِ الَّتِي هِيَ مُجْتَمَعُ اللَّحْيَيْنِ وَمِثْلُهَا الْعَارِضُ وَأَطْلَقَهَا ابْنُ سِيدَهْ عَلَى ذَلِكَ وَشَعْرُ الْخَدَّيْنِ (إنْ خَفَّتْ كَهُدْبٍ) فَيَجِبُ غَسْلُ دَاخِلِهَا وَبَاطِنِهَا أَيْضًا (وَإِلَّا) تَخِفُّ بِأَنْ كَثُفَتْ بِأَنْ لَمْ تُرَ الْبَشَرَةُ مِنْ خِلَالِهَا فِي مَجْلِسِ التَّخَاطُبِ عُرْفًا قِيلَ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ الشَّارِبَ مَثَلًا لَا يَكُونُ إلَّا كَثِيفًا لِتَعَذُّرِ رُؤْيَةِ الْبَشَرَةِ مِنْ خِلَالِهِ غَالِبًا إنْ لَمْ يَكُنْ دَائِمًا مَعَ تَصْرِيحِهِمْ فِيهِ بِأَنَّهُ مِمَّا تَنْدُرُ فِيهِ الْكَثَافَةُ فَالْأَوْلَى الضَّبْطُ بِأَنَّ الْكَثِيفَ مَا لَا يَصِلُ الْمَاءُ لِبَاطِنِهِ إلَّا بِمَشَقَّةٍ بِخِلَافِ الْخَفِيفِ اهـ.

وَيَرِدُ بِأَنَّ هَذَا الضَّبْطَ فِيهِ إيهَامٌ لِعَدَمِ انْضِبَاطِ الْمَشَقَّةِ فَالْحَقُّ مَا قَالُوهُ وَلَا يَرِدُ مَا ذُكِرَ فِي الشَّارِبِ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُمْ أَنَّ جِنْسَ تِلْكَ الشُّعُورِ الْخِفَّةُ فِيهِ غَالِبَةٌ بِخِلَافِ جِنْسِ اللِّحْيَةِ وَالْعَارِضِ نَعَمْ لَمَّا حَكَى الرَّافِعِيُّ الْأَوَّلَ قَالَ: وَقِيلَ الْخَفِيفُ مَا يَصِلُ الْمَاءُ إلَى مَنْبَتِهِ بِلَا مُبَالَغَةٍ وَقَدْ يُرَجَّحُ بِأَنَّ الشَّارِبَ مِنْ الْخَفِيفِ وَالْغَالِبِ مَنْعُهُ الرُّؤْيَةَ اهـ وَيُجَابُ بِأَنَّ كَوْنَ الشَّارِبِ مِنْ الْخَفِيفِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْحُكْمِ إذْ كَثِيفُهُ كَخَفِيفِهِ حُكْمًا وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْحَدِّ فَالْوَجْهُ فِيهِ هُوَ الْأَوَّلُ وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ الشَّارِبُ لِمَا تَقَرَّرَ

نِهَايَةٌ وَمُغْنِي الْمُرَادُ بِالْأَشْرَافِ الْأَكَابِرُ وَمَنْ لَهُ وَجَاهَةٌ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ أَوْلَادِ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - بُجَيْرِمِيٌّ.

(قَوْلُهُ بَعْضِ كُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الصُّدْغَيْنِ (قَوْلُهُ: مِمَّا يَأْتِي) أَيْ آنِفًا قَوْلُ الْمَتْنِ (النَّاصِيَةَ) هِيَ مُقَدَّمُ الرَّأْسِ مِنْ أَعْلَى الْجَبِينِ مُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (أَنَّ مَوْضِعَ التَّحْذِيفِ مِنْ الرَّأْسِ إلَخْ) الْمُرَادُ بَعْضُ مَحَلِّ التَّحْذِيفِ، وَهُوَ أَعْلَاهُ وَإِلَّا فَبَعْضُهُ دَاخِلٌ فِي حَدِّ الْوَجْهِ عَلَى مَا حَدَّدُوهُ بُجَيْرِمِيٌّ وَمَرَّ عَنْ سم مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: كَالصَّلَعِ إلَخْ) أَيْ كَمَوْضِعِهِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَالتَّحْذِيفِ) أَيْ وَالصُّدْغَيْنِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيَجِبُ غَسْلُ إلَخْ) إلَّا إذَا سَقَطَ غَسْلُ الْوَجْهِ قَالَ ع ش وَلَوْ سَقَطَ غَسْلُ الْوَجْهِ مَثَلًا لَمْ يَجِبْ غَسْلُ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا سَقَطَ الْمَتْبُوعُ سَقَطَ التَّابِعُ اهـ.

(قَوْلُهُ: غَسْلُ مُحَاذِيهِ إلَخْ) أَيْ غَسْلُ جُزْءٍ مِنْ الرَّأْسِ وَمِنْ الْحَلْقِ وَمِنْ تَحْتِ الْحَنَكِ وَمِنْ الْأُذُنَيْنِ، وَيَجِبُ أَدْنَى زِيَادَةٍ فِي غَسْلِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ مَا لَا يَتِمُّ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ لَا يَأْتِي فِيمَا زَادَهُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي، وَيَجِبُ غَسْلُ شَعْرِ الْمُحَاذِي، وَإِنْ كَثُفَ (قَوْلُهُ: بِالْمُهْمَلَةِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ، وَهُوَ بِضَمِّ الْهَاءِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّهَا وَبِفَتْحِهِمَا مَعًا الشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَى أَجْفَانِ الْعَيْنِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا مَرَّ) أَيْ فِي شَرْحِ فَمِنْهُ إلَخْ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي، وَهُوَ بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ الشَّعْرُ النَّابِتُ الْمُحَاذِي لِلْأُذُنِ بَيْنَ الصُّدْغِ وَالْعَارِضِ أَوَّلَ مَا يَنْبُتُ لِأَمْرَدَ غَالِبًا اهـ.

(قَوْلُهُ: وَمَا انْحَطَّ) إلَى قَوْلِهِ وَفِيهِ قَلَاقَةٌ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ قِيلَ قَوْلُ الْمَتْنِ (شَعْرًا أَوْ بَشَرًا) أَيْ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَمَيَّزَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ، فَإِنْ قِيلَ كَانَ يَنْبَغِي إسْقَاطُ شَعْرٍ أَوْ يَقُولُ وَبَشَرَتُهَا أَيْ بَشَرَةُ جَمِيعِ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ شَعْرٍ تَكْرَارٌ فَإِنَّ مَا تَقَدَّمَ اسْمٌ لَهَا لَا لِمَنَابِتِهَا وَقَوْلُهُ وَبَشَرًا غَيْرُ صَالِحٍ لِتَفْسِيرِ مَا تَقَدَّمَ أُجِيبُ بِأَنَّهُ ذَكَرَ الْخَدَّ أَيْضًا فَنَصَّ عَلَى شَعْرِهِ كَمَا نَصَّ عَلَى بَشَرَةِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الشَّعْرِ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا هِيَ) أَيْ الشُّعُورُ الْمَذْكُورَةُ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْحَدِّ أَيْضًا الْمُرَادُ هُوَ وَالْحَالُ فِيهِ فَالْأَوْلَى ذِكْرُهُ، وَإِنْ كَانَ تَرْكُهُ لِلْعِلْمِ بِهِ بِالْمُقَايَسَةِ بَصْرِيٌّ أَقُولُ يُغْنِي عَنْهُ تَفْسِيرُ الْمُرَادِ بِالْمُرَادِ بِهَذَيْنِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ (قَوْلُهُ: قَلَاقَةٌ) أَيْ اضْطِرَابٌ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ بَيَاضَ إلَخْ) فِي هَذَا التَّعْلِيلِ تَوَقَّفَ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي كَاللِّحْيَةِ اهـ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ: فَهِيَ) أَيْ الْعَنْفَقَةُ الْكَثِيفَةُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَلَوْ قَالَ وَقِيلَ عَنْفَقَةٌ كَلِحْيَةٍ لَكَانَ أَشْمَلَ وَأَخْصَرَ مُغْنِي

(قَوْلُهُ وَمِثْلُهَا الْعَارِضُ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَأَطْلَقَهَا إلَخْ) أَيْ اللِّحْيَةَ وَلَعَلَّهُ جَوَابٌ عَمَّا مَرَّ عَنْ الْمُغْنِي آنِفًا قَوْلُهُ: عَلَى ذَلِكَ أَيْ الْعَارِضِ (قَوْلُهُ فَيَجِبُ) إلَى قَوْلِهِ قِيلَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى ضَبْطِ الْكَثِيفِ بِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: مَثَلًا) لَعَلَّهُ أَدْخَلَ بِهِ الْحَاجِبَ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ) أَيْ التَّعَذُّرُ (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ فِي الشَّارِبِ (قَوْلُهُ فِيهِ إيهَامٌ) كَذَا فِيمَا اطَّلَعْنَا مِنْ النُّسَخِ بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ وَالْأَنْسَبُ بِمَا بَعْدَهُ أَنْ يَكُونَ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ (قَوْلُهُ: مَا قَالُوهُ) أَيْ مِنْ الضَّبْطِ الْمُتَقَدِّمِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ مُرَادَهُمْ أَنَّ تِلْكَ إلَخْ) فِيهِ تَكَلُّفٌ ظَاهِرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ سم أَقُولُ بَلْ لَا يَظْهَرُ لَهُ وَجْهٌ إذَا أُرِيدَ بِتِلْكَ الشُّعُورِ الْكُلِّيَّةُ لَا الْكُلُّ (قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ) أَيْ مِنْ الضَّبْطَيْنِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُرَجَّحُ) أَيْ هَذَا الْقِيلُ الْمُوَافِقُ لِلضَّبْطِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَيُجَابُ إلَخْ) أَيْ عَنْ قَوْلِ الرَّافِعِيِّ وَقَدْ يُرَجَّحُ إلَخْ (قَوْلُهُ إذْ كَثِيفُهُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ هَذَا جَارٍ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ فَلِمَ خَصُّوهُ فَهَذَا يُضْعِفُ الْجَوَابَ سم.

(قَوْلُهُ: فَالْوَجْهُ فِيهِ) أَيْ الرَّاجِحُ فِي حَدِّ الْكَثِيفِ (قَوْلُهُ: لِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُمْ إلَخْ وَقَدْ مَرَّ مَا فِيهِ

الزَّائِدِ مِنْ التَّحْذِيفِ عَلَى مَا بَيْنَ الْأُذُنَيْنِ وِفَاقًا لِ م ر فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ مُرَادَهُمْ أَنَّ جِنْسَ تِلْكَ الشُّعُورِ إلَخْ) فِيهِ تَكَلُّفٌ ظَاهِرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إذْ كَثِيفُهُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ هَذَا جَارٍ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ فَلِمَ خَصُّوهُ فَهَذَا يُضْعِفُ

ص: 204

(فَلْيَغْسِلْ) الذَّكَرُ الْمُحَقَّقُ (ظَاهِرَهَا) وَلَا يُكَلَّفُ غَسْلُ بَاطِنِهَا، وَهُوَ الْبَشَرَةُ وَدَاخِلِهَا وَهُوَ مَا اسْتَتَرَ مِنْ شَعْرِهَا لِعُسْرِ إيصَالِ الْمَاءِ إلَيْهِمَا إذْ كَثَافَتُهَا غَيْرُ نَادِرَةٍ وَلَمَّا خَرَجَ مِنْهَا عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ بِأَنْ كَانَ لَوْ مُدَّ خَرَجَ بِالْمَدِّ عَنْ جِهَةِ نُزُولِهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي شَعْرِ الرَّأْسِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَنْقَطِعُ نِسْبَتُهُ عَنْ بَشَرَةِ الْوَجْهِ لِيَأْتِيَ فِيهِ الْخِلَافُ الْآتِي إلَّا حِينَئِذٍ وَيُؤَيِّدُهُ قِيَاسُ الضَّعِيفِ الْآتِي عَلَى ذُؤَابَةِ الرَّأْسِ، وَيُحْتَمَلُ ضَبْطُهُ بِأَنْ يَخْرُجَ عَنْ تَدْوِيرِهِ بِأَنْ طَالَ عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ حُكْمُهَا لِوُقُوعِ الْمُوَاجَهَةِ بِهِ كَهِيَ وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ وُجُوبِ هَذَا وَعَدَمِ إجْزَاءِ مَسْحِ ذَاكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى رَأْسًا فَيَجِبُ غَسْلُ بَاطِنِ الْخَفِيفِ أَيْضًا وَظَاهِرِ الْكَثِيفِ فَقَطْ كَالسِّلْعَةِ الْمُتَدَلِّيَةِ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ وَكَذَا خَارِجُ بَقِيَّةِ شُعُورِ الْوَجْهِ وَمُحَاذِيهِ مُسَامَحَةٌ فِيهِ دُونَ أُصُولِهِ لِوُقُوعِ الْخِلَافِ فِي وُجُوبِ غَسْلِهِ مِنْ أَصْلِهِ كَمَا قَالَ.

(وَفِي قَوْلٍ لَا يَجِبُ غَسْلُ) ظَاهِرٍ كَثِيفٍ وَلَا ظَاهِرٍ وَبَاطِنٍ خَفِيفٍ (خَارِجٍ عَنْ الْوَجْهِ) مِنْ اللِّحْيَةِ وَغَيْرِهَا لِخُرُوجِهِ عَنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ كَذُؤَابَةِ الرَّأْسِ، وَإِنَّمَا وَجَبَ التَّعْمِيمُ مُطْلَقًا اتِّفَاقًا فِي غَسْلِ الْجَنَابَةِ لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ فِيهِ لِقِلَّةِ وُقُوعِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْوُضُوءِ وَأَمَّا لِحْيَةُ الْخُنْثَى فَيَجِبُ غَسْلُ بَاطِنِهَا حَتَّى مِنْ الْخَارِجِ مُطْلَقًا لِلشَّكِّ فِي مُقْتَضَى الْمُسَامَحَةِ فِيهَا، وَهُوَ الذُّكُورَةُ فَتَعَيَّنَ الْعَمَلُ بِالْأَصْلِ مِنْ غَسْلِ الْبَاطِنِ فَانْدَفَعَ مَا لِبَعْضِهِمْ هُنَا وَكَذَا الْمَرْأَةُ لِنُدْرَةِ اللِّحْيَةِ لَهَا فَضْلًا عَنْ كَثَافَتِهَا؛ وَلِأَنَّهُ يُسَنُّ لَهَا نَتْفُهَا أَوْ حَلْقُهَا؛ لِأَنَّهَا مُثْلَةٌ فِي حَقِّهَا وَهَلْ خَارِجُ بَقِيَّةِ شُعُورِهِمَا كَذَلِكَ فَيَجِبُ غَسْلُ بَاطِنِهِ مُطْلَقًا لِأَمْرِهِمَا بِإِزَالَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مُشَوّّهٌ أَوْ هُمَا كَغَيْرِهِمَا فِيهِ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ

قَوْلُهُ: الذَّكَرُ الْمُحَقَّقُ) سَيَذْكُرُ مُحْتَرَزَهُمَا (قَوْلُهُ: مَا اسْتَتَرَ مِنْ شَعْرِهَا) مِمَّا يَلِي الصَّدْرَ وَمَا بَيْنَ الشَّعْرِ ع ش.

(قَوْلُهُ: وَلَمَّا خَرَجَ إلَخْ) خَبَرٌ لِقَوْلِهِ الْآتِي حُكْمُهَا (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ إلَخْ) تَصْوِيرٌ لِلْخُرُوجِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ اللِّحْيَةَ خَارِجَةٌ دَائِمًا مَعَ أَنَّهُمْ فَرَّقُوا فِيهَا بَيْنَ الْخَارِجِ وَغَيْرِهِ وَالْمَنْقُولُ عَنْ سم وَقَرَّرَهُ الْمَشَايِخُ أَنَّ الْمُرَادَ بِخُرُوجِهِ أَنْ يَلْتَوِيَ بِنَفْسِهِ إلَى غَيْرِ جِهَةِ نُزُولِهِ كَأَنْ يَلْتَوِيَ شَعْرُ الذَّقَنِ إلَى الشَّفَةِ أَوْ إلَى الْحَلْقِ أَوْ يَلْتَوِيَ الْحَاجِبُ إلَى جِهَةِ الرَّأْسِ شَيْخُنَا وع ش اهـ بُجَيْرِمِيٌّ.

(قَوْلُهُ: أَخْذًا إلَخْ) رَاجِعٌ لِلتَّصْوِيرِ الْمَذْكُورِ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ إلَخْ عِلَّةُ الْمَأْخُوذِ وَقَوْلُهُ لِيَأْتِيَ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِتَنْقَطِعُ إلَخْ وَقَوْلُهُ إلَّا حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ كَانَ لَوْ مُدٌّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ) أَيْ التَّصْوِيرَ الْمَذْكُورَ (قَوْلُهُ: الْآتِي) أَيْ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: لِوُقُوعِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَلَمَّا خَرَجَ مِنْهَا حُكْمُهَا (قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ بِمَا خَرَجَ إلَخْ (كَهِيَ) أَيْ اللِّحْيَةِ وَقَوْلُهُ وَبِهِ أَيْ بِقَوْلِهِ لِوُقُوعِ إلَخْ وَقَوْلُهُ بَيْنَ هَذَا أَيْ وُجُوبِ غَسْلِ الْخَارِجِ مِنْ اللِّحْيَةِ وَقَوْلُهُ مَسَحَ ذَلِكَ أَيْ الْخَارِجَ عَنْ حَدِّ الرَّأْسِ (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَمُحَاذِيهِ (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلِمَا خَرَجَ مِنْهَا حُكْمُهَا (قَوْلُهُ: غَسَلَ بَاطِنَ الْخَفِيفِ) الْأَوْلَى دَاخِلَ الْخَفِيفِ بِنَاءً عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَاطِنِ الْبَشَرَةُ وَلَا بَشَرَةَ هُنَا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْخَارِجِ فَمُرَادُهُ بِالْبَاطِنِ هُنَا الدَّاخِلُ الْمُتَقَدِّمُ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: الْمُتَدَلِّيَةِ) أَيْ الْخَارِجَةِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَكَذَا) أَيْ مِثْلُ خَارِجِ اللِّحْيَةِ وَقَالَ الْكُرْدِيُّ مِثْلَ اللِّحْيَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: خَارِجُ بَقِيَّةِ شُعُورِ الْوَجْهِ) فَمَا كَانَ خَفِيفًا مِنْهُ يَجِبُ غَسْلُ ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ وَمَا كَانَ كَثِيفًا يَجِبُ غَسْلُ بَاطِنِهِ فَقَطْ كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَمُحَاذِيهِ) أَيْ وَخَارِجَ شُعُورِ مُحَاذِي الْوَجْهِ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ (قَوْلُهُ: مُسَامَحَةً فِيهِ) أَيْ فِي خَارِجِ الْبَقِيَّةِ وَمُحَاذِي الْوَجْهِ وَكَذَا ضَمِيرُ أُصُولِهِ وَضَمِيرُ غَسْلِهِ (قَوْلُهُ: دُونَ أُصُولِهِ) أَيْ دُونَ مَا فِي حَدِّ الْوَجْهِ فَإِنَّهُ لَا مُسَامَحَةَ فِيهِ بَلْ يَجِبُ غَسْلُ ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ، وَإِنْ كَثُفَ كَمَا تَقَرَّرَ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: لِوُقُوعِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ مُسَامَحَةً فِيهِ قَوْلُ الْمَتْنِ (خَارِجٌ إلَخْ) أَيْ كُلٌّ مِنْ الْكَثِيفِ وَالْخَفِيفِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا وَجَبَ التَّعْمِيمُ) أَيْ لِلشُّعُورِ مُطْلَقًا أَيْ لِحْيَتِهِ أَوْ غَيْرِهَا كَثِيفًا أَوْ خَفِيفًا ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا (قَوْلُهُ: حَتَّى مِنْ الْخَارِجِ إلَخْ) وِفَاقًا لِشَرْحِ الْمَنْهَجِ وَخِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالْخَطِيبِ وَوَافَقَهُمَا ع ش وَالْبُجَيْرِمِيُّ وَشَيْخُنَا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ خَفِيفًا أَوْ كَثِيفًا (مُثْلَةٌ) أَيْ قَبَاحَةٌ كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَهَلْ خَارِجُ بَقِيَّةِ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ فِيمَا يُطْلَبُ إزَالَتُهُ كَالشَّارِبِ وَالْعَنْفَقَةِ لَا غَيْرُهُ كَالْحَاجِبِ وَالْهُدْبِ بَصْرِيٌّ أَيْ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ الْآتِي لِأَمْرِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ كَلِحْيَتِهِمَا (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ خَفِيفًا أَوْ كَثِيفًا (قَوْلُهُ: لِأَمْرِهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ أَيْ وَقِيَاسًا عَلَيْهَا فِي الْخُنْثَى وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ وَعَلَيْهِ فَيُوَافِقُ الدَّلِيلُ لِلْمُدَّعِي لَكِنْ لَا تَتِمُّ دَعْوَى أَمْرِ الْخُنْثَى بِالْإِزَالَةِ (قَوْلُهُ: كُلٌّ مُحْتَمَلٌ) فَرْضُ هَذَا التَّرَدُّدِ فِيمَا عَدَا خَارِجِ اللِّحْيَةِ فَهَلْ يَجْرِي فِي خَارِجِهَا حَتَّى يَصِيرَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ أَنَّهُمَا كَالرَّجُلِ فِي خَارِجِهَا سم أَقُولُ يُؤَيِّدُ الْإِلْحَاقَ كَلَامُ النِّهَايَةِ كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَغَيْرِهِمَا عِبَارَةُ الْأَوَّلَيْنِ وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ شُعُورَ الْوَجْهِ إنْ لَمْ تَخْرُجْ عَنْ حَدِّهِ فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ نَادِرَةَ الْكَثَافَةِ كَالْهُدْبِ وَالشَّارِبِ وَالْعَنْفَقَةِ وَلِحْيَةِ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى فَيَجِبُ غَسْلُهَا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا خَفَّتْ أَوْ كَثُفَتْ أَوْ غَيْرَ نَادِرَةِ الْكَثَافَةِ، وَهِيَ لِحْيَةُ الذَّكَرِ وَعَارِضَاهُ، فَإِنْ خَفَّتْ بِأَنْ تُرَى الْبَشَرَةُ مِنْ تَحْتِهَا فِي مَجْلِسِ التَّخَاطُبِ وَجَبَ غَسْلُ ظَاهِرِهَا وَبَاطِنِهَا، وَإِنْ كَثُفَتْ وَجَبَ غَسْلُ ظَاهِرِهَا فَقَطْ، فَإِنْ خَرَجَتْ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ وَكَانَتْ كَثِيفَةً وَجَبَ غَسْلُ ظَاهِرِهَا فَقَطْ أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ رَجُلٍ أَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى، وَإِنْ كَانَتْ نَادِرَةَ الْكَثَافَةِ، وَإِنْ خَفَّتْ وَجَبَ غَسْلُ ظَاهِرِهَا وَبَاطِنِهَا وَوَقَعَ لِبَعْضِهِمْ فِي هَذَا الْمَقَامِ مَا يُخَالِفُ مَا تَقَرَّرَ فَاحْذَرْهُ اهـ قَالَ ع ش.

قَوْلُهُ: م ر وَوَقَعَ لِبَعْضِهِمْ إلَخْ هُوَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ اهـ أَيْ وَابْنُ حَجَرٍ وَعِبَارَةُ الْبُجَيْرِمِيِّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ لِحْيَةَ الذَّكَرِ وَعَارِضَيْهِ وَمَا خَرَجَ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ وَلَوْ امْرَأَةً وَخُنْثَى إنْ كَثُفَتْ وَجَبَ غَسْلُ ظَاهِرِهَا فَقَطْ وَمَا عَدَا ذَلِكَ يَجِبُ غَسْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا وَلَوْ كَثُفَ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي شُعُورِ الْوَجْهِ فَاتَّبِعْهُ ع ش اهـ وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا حَاصِلُ شُعُورِ الْوَجْهِ سَبْعَةَ عَشَرَ، وَهِيَ الشَّعْرَانِ النَّابِتَانِ عَلَى الْخَدَّيْنِ وَالسِّبَالَانِ تَثْنِيَةُ سِبَالٍ بِكَسْرِ السِّينِ بِمَعْنَى الْمَسْبُولِ

الْجَوَابَ (قَوْلُهُ: كُلٌّ مُحْتَمَلٌ) فَرْضُ هَذَا التَّرَدُّدِ فِيمَا عَدَا خَارِجِ اللِّحْيَةِ فَهَلْ يَجْرِي فِي خَارِجِهَا حَتَّى يَكُونَ الْمُعْتَمَدُ

ص: 205

ثُمَّ رَأَيْتُ فِي كَلَامِ شَيْخِنَا مَا يُصَرِّحُ بِهِ وَلَوْ خَفَّ بَعْضُهَا، فَإِنْ تَمَيَّزَ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ وَإِلَّا وَجَبَ غَسْلُ بَاطِنِ الْكُلِّ احْتِيَاطًا وَتَضْعِيفُ الْمَجْمُوعِ الَّذِي نَقَلَهُ شَيْخُنَا عَنْهُ لِهَذَا بِأَنَّهُ خِلَافُ مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَمَا عَلَّلَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ لَا دَلَالَةَ فِيهِ لَمْ أَرَهُ فِي عِدَّةِ نُسَخٍ مِنْهُ؛ فَلِذَا جَزَمْتُ بِهِ وَمَنْ لَهُ وَجْهَانِ يَلْزَمُهُ غَسْلُهُمَا، وَإِنْ فُرِضَ أَنَّ أَحَدَهُمَا زَائِدٌ لِوُقُوعِ الْمُوَاجَهَةِ بِهِمَا أَوْ رَأْسَانِ

وَهُمَا طَرَفَا الشَّارِبِ وَالْعَارِضَانِ تَثْنِيَةُ عَارِضٍ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِتَعَرُّضِهِ لِزَوَالِ الْمُرْدَانِيَّةِ وَهُمَا الْمُنْخَفِضَانِ عَنْ الْأُذُنَيْنِ إلَى الذَّقَنِ وَالْعِذَارَانِ وَهُمَا الشَّعْرَانِ النَّابِتَانِ بَيْنَ الصُّدْغِ وَالْعَارِضِ الْمُحَاذِيَانِ لِلْأُذُنَيْنِ وَالْحَاجِبَانِ وَهُمَا الشَّعْرَانِ النَّابِتَانِ عَلَى أَعْلَى الْعَيْنَيْنِ سُمِّيَا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمَا يَحْجُبَانِ عَنْ الْعَيْنَيْنِ شُعَاعَ الشَّمْسِ وَالْأَهْدَابُ الْأَرْبَعَةُ، وَهِيَ الشُّعُورُ النَّابِتَةُ عَلَى جُفُونِ الْعَيْنَيْنِ وَاللِّحْيَةُ وَهِيَ الشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَى الذَّقَنِ وَالْعَنْفَقَةُ وَهِيَ الشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَى الشَّفَةِ السُّفْلَى وَالشَّارِبُ، وَهُوَ الشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَى الشَّفَةِ الْعُلْيَا سُمِّيَ بِذَلِكَ لِمُلَاقَاتِهِ الْمَاءَ عِنْدَ شُرْبِ الْإِنْسَانِ فَكَأَنَّهُ يَشْرَبُ مَعَهُ وَزَادَ فِي الْإِحْيَاءِ الْمُنْفَكَّتَيْنِ وَهُمَا الشَّعْرَانِ النَّابِتَانِ عَلَى الشَّفَةِ السُّفْلَى حَوَالَيْ الْعَنْفَقَةِ وَيُسَنُّ تَنْظِيفُهُمَا لِمَا قِيلَ إنَّ الْمَلَكَيْنِ يَجْلِسَانِ عَلَيْهِمَا فَتَصِيرُ الشُّعُورُ بِهِمَا تِسْعَةَ عَشَرَ، وَيَجِبُ غَسْلُ جَمِيعِهَا ظَاهِرِهَا وَبَاطِنِهَا إلَّا الْكَثِيفَ الْخَارِجَ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ فَيَجِبُ غَسْلُ ظَاهِرِهِ دُونَ بَاطِنِهِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ وَإِلَّا لِحْيَةُ الرَّجُلِ وَعَارِضَيْهِ الْكَثِيفَةِ فَيَجِبُ غَسْلُ ظَاهِرِهَا دُونَ بَاطِنِهَا، وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ بِخِلَافِ لِحْيَةِ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى وَعَارِضَيْهِمَا فَيَجِبُ غَسْلُ ظَاهِرِهَا وَبَاطِنِهَا، وَإِنْ كَثُفَتْ مَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ وَإِلَّا وَجَبَ غَسْلُ الظَّاهِرِ دُونَ الْبَاطِنِ كَمَا عَلِمْت اهـ.

(قَوْلُهُ: فِي كَلَامِ شَيْخِنَا إلَخْ) كَأَنَّهُ يُرِيدُ كَلَامَهُ فِي الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ فَإِنَّهُ يُصَرِّحُ بِذَلِكَ لَكِنْ خَالَفَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فَجَعَلَ الْخَارِجَ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ مِنْ الْمَرْأَةِ كَهُوَ مِنْ الرَّجُلِ اهـ وَعَلَيْهِ فَمِثْلُهَا الْخُنْثَى بَلْ أَوْلَى لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِ سم (قَوْلُهُ: وَلَوْ خَفَّ) إلَى قَوْلِهِ احْتِيَاطًا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَمَيَّزَ إلَخْ) وَالْمُرَادُ بِعَدَمِ التَّمَيُّزِ عَدَمُ إمْكَانِ إفْرَادِهِ بِالْغَسْلِ وَإِلَّا فَهُوَ مُتَمَيِّزٌ فِي نَفْسِهِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا إلَخْ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ بِأَنْ كَانَ الْكَثِيفُ مُتَفَرِّقًا بَيْنَ أَثْنَاءِ الْخَفِيفِ خَطِيبٌ وَإِيعَابٌ وَفِي الْبُجَيْرِمِيِّ بَعْدَ ذِكْرِ مِثْلِهِ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ مَا نَصُّهُ، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّمْيِيزِ كَوْنُهُ فِي جَانِبٍ وَاحِدٍ مَثَلًا تَأَمَّلْ سم ع ش.

وَقَرَّرَ شَيْخُنَا الْحِفْنِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّمَيُّزِ أَنْ يَسْهُلَ إفْرَادُ كُلٍّ بِالْغَسْلِ اهـ أَقُولُ وَفِي الْحَقِيقَةِ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: وَجَبَ غَسْلُ بَاطِنِ الْكُلِّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْخَطِيبِ وَجَبَ غَسْلُ الْكُلِّ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ؛ لِأَنَّ إفْرَادَ الْكَثِيفِ بِالْغَسْلِ يَشُقُّ وَإِمْرَارُ الْمَاءِ عَلَى الْخَفِيفِ لَا يُجْزِئُ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ خِلَافُ مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ اهـ.

(قَوْلُهُ: لِهَذَا) أَيْ قَوْلُهُ: وَإِلَّا وَجَبَ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِتَضْعِيفِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَا عَلَّلَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى اسْمِ أَنَّ وَخَبَرِهِ فَهُوَ مِمَّا فِي الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: لَمْ أَرَهُ إلَخْ) خَبَرُ وَتَضْعِيفُ الْمَجْمُوعِ إلَخْ وَقَوْلُهُ مِنْهُ أَيْ مِنْ الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ فَلِذَا جَزَمْت إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ إلْحَاقَهُ فِي الثَّابِتِ فِيهَا وَيُحْتَمَلُ إسْقَاطُهُ مِنْ الْمَتْرُوكِ فِيهَا فَحَصَلَ الشَّكُّ فِي نِسْبَتِهِ إلَيْهِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ بِوُجُوبِ الْغَسْلِ عِنْدَ عَدَمِ التَّمَيُّزِ (قَوْلُهُ وَمَنْ لَهُ) إلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ، وَإِنْ فُرِضَ إلَى أَوْ رَأْسَانِ (قَوْلُهُ وَمَنْ لَهُ وَجْهَانِ إلَخْ) نَعَمْ لَوْ كَانَ لَهُ وَجْهٌ مِنْ جِهَةِ قُبُلِهِ وَآخَرُ مِنْ جِهَةِ دُبُرِهِ وَجَبَ غَسْلُ الْأَوَّلِ فَقَطْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَسَمِّ.

قَالَ ع ش ظَاهِرُهُ م ر، وَإِنْ كَانَ الْإِحْسَاسُ بِاَلَّذِي مِنْ جِهَةِ الدُّبُرِ فَقَطْ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي أَسْبَابِ الْحَدَثِ مِنْ أَنَّ الْعَامِلَةَ مِنْ الْكَفَّيْنِ هِيَ الْأَصْلِيَّةُ أَنَّ مَا بِهِ الْإِحْسَاسُ مِنْهُمَا هُوَ الْأَصْلِيُّ وَنَقَلَ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ فِي حَوَاشِي الْمَنْهَجِ عَنْ خَطِّ الشَّارِحِ م ر - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَا يُوَافِقُهُ اهـ عِبَارَةُ شَيْخِنَا نَعَمْ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ جِهَةِ قُبُلِهِ وَالْآخَرُ مِنْ جِهَةِ دُبُرِهِ وَجَبَ غَسْلُ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي إنْ اسْتَوَيَا عَمَلًا، فَإِنْ كَانَ فِي أَحَدِهِمَا الْحَوَاسُّ دُونَ الْآخَرِ فَالْعَامِلُ هُوَ الْوَاجِبُ غَسْلُهُ، فَإِنْ وُجِدَ فِيهِمَا الْحَوَاسُّ وَأَحَدُهُمَا أَكْثَرُ عُوِّلَ عَلَيْهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ فُرِضَ أَنَّ أَحَدَهُمَا زَائِدٌ إلَخْ) يُرَاجَعُ وَسَيَأْتِي أَنَّ الْيَدَ الزَّائِدَةَ الْغَيْرَ الْمُحَاذِيَةَ لِلْأَصْلِيَّةِ لَا يَجِبُ غَسْلُهَا فَيَحْتَاجُ لِلْفَرْقِ إنْ عَمَّ هَذَا لِغَيْرِ الْمُحَاذِي أَيْضًا سم عِبَارَةُ شَيْخِنَا

عِنْدَ شَيْخَنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ أَنَّهَا كَالرَّجُلِ فِي خَارِجِهَا (قَوْلُهُ: فِي كَلَامِ شَيْخِنَا) كَأَنَّهُ يُرِيدُ كَلَامَهُ فِي الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ فَإِنَّهُ يُصَرِّحُ بِذَلِكَ لَكِنْ خَالَفَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ فَجَعَلَ الْخَارِجَ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ مِنْ الْمَرْأَةِ كَهُوَ مِنْ الرَّجُلِ اهـ وَعَلَيْهِ فَمِثْلُهَا الْخُنْثَى بَلْ أَوْلَى لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَمَيَّزَ إلَخْ) الْمُرَادُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِالتَّمَيُّزِ إمْكَانُ إفْرَادِ كُلٍّ بِالْغَسْلِ وَبِعَدَمِهِ تَعَذَّرَ الْإِفْرَادُ وَإِلَّا فَكُلٌّ مُتَمَيِّزٌ فِي نَفْسِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ م ر (قَوْلُهُ وَمَنْ لَهُ وَجْهَانِ إلَخْ) نَعَمْ لَوْ كَانَ لَهُ وَجْهٌ مِنْ جِهَةِ قُبُلِهِ وَآخَرُ مِنْ جِهَةِ دُبُرِهِ وَجَبَ غَسْلُ الْأَوَّلِ فَقَطْ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ رحمه الله (قَوْلُهُ: وَإِنْ فُرِضَ أَنَّ أَحَدَهُمَا زَائِدٌ) يُرَاجَعُ وَسَيَأْتِي أَنَّ الْيَدَ الزَّائِدَةَ الْغَيْرَ الْمُحَاذِيَةَ لِلْأَصْلِيَّةِ لَا يَجِبُ

ص: 206

كَفَى مَسْحُ بَعْضِ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ مَسْحُ جُزْءٍ مِمَّا رَأَسَ وَعَلَا وَكُلٌّ كَذَلِكَ، وَيُنْدَبُ أَنْ يَبْدَأَ بِأَعْلَى وَجْهِهِ وَأَنْ يَأْخُذَ الْمَاءَ بِيَدَيْهِ جَمِيعًا لِلِاتِّبَاعِ «وَكَانَ صلى الله عليه وسلم يُبَلِّغُ بِرَاحَتَيْهِ إذَا غَسَلَ وَجْهَهُ مَا أَقْبَلَ مِنْ أُذُنَيْهِ» .

(تَنْبِيهٌ)

ذَكَرُوا فِي الْغُسْلِ أَنَّهُ يُعْفَى عَنْ بَاطِنِ عَقْدِ الشَّعْرِ أَيْ إذَا تَعَقَّدَ بِنَفْسِهِ وَأُلْحِقَ بِهَا مَنْ اُبْتُلِيَ بِنَحْوِ طُبُوعٍ لَصِقَ بِأُصُولِ شَعْرِهِ حَتَّى مَنَعَ وُصُولَ الْمَاءِ إلَيْهَا وَلَمْ يُمْكِنْهُ إزَالَتُهُ لَكِنْ صَرَّحَ شَيْخُنَا بِخِلَافِهِ، وَأَنَّهُ يَتَيَمَّمُ وَحَمْلُهُ عَلَى مُمْكِنِ الْإِزَالَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ حِينَئِذٍ وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ الْعَفْوُ لِلضَّرُورَةِ، فَإِنْ أَمْكَنَهُ بِحَلْقِ مَحَلِّهِ فَاَلَّذِي يَتَّجِهُ أَيْضًا وُجُوبُهُ مَا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ بِهِ مُثْلَةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً

(الثَّالِثُ غَسْلُ يَدَيْهِ) مِنْ كَفَّيْهِ وَذِرَاعَيْهِ وَالْيَدُ مُؤَنَّثَةٌ (مَعَ مِرْفَقَيْهِ) بِكَسْرٍ ثُمَّ فَتْحٍ أَفْصَحُ مِنْ عَكْسِهِ وَدَلَّ عَلَى دُخُولِهِمَا الِاتِّبَاعُ وَالْإِجْمَاعُ بَلْ وَالْآيَةُ أَيْضًا بِجَعْلِ إلَى غَايَةً لِلتَّرْكِ الْمُقَدَّرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْيَدَ حَقِيقَةٌ إلَى الْمَنْكِبِ كَمَا هُوَ الْأَشْهَرُ لُغَةً، وَيَجِبُ غَسْلُ جَمِيعِ مَا فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ مِنْ نَحْوِ شَقٍّ وَغَوْرِهِ الَّذِي لَمْ يَسْتَتِرْ وَمَحَلُّ شَوْكَةٍ لَمْ تَغُصْ فِي الْبَاطِنِ

وَلَوْ كَانَ لَهُ وَجْهَانِ وَجَبَ غَسْلُهُمَا إنْ كَانَا أَصْلِيَّيْنِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَصْلِيًّا وَالْآخَرُ زَائِدًا وَاشْتَبَهَ أَوْ لَمْ يُشْتَبَهْ لَكِنَّهُ سَامَتَ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُشْتَبَهْ وَلَمْ يُسَامِتْ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكْتَفِيَ فِي صُورَةِ مَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمْ أَصْلِيًّا وَالْآخَرُ زَائِدًا وَاشْتَبَهَ بِغَسْلِهِمَا بِمَاءٍ وَاحِدٍ بِأَنْ غَسَلَ أَحَدَ الْوَجْهَيْنِ بِمَاءٍ ثُمَّ غَسَلَ بِهِ الثَّانِيَ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَحَدُهُمَا وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ لِوُجُوبِ غَسْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا ظَاهِرًا اهـ زَادَ ع ش، وَيَكْفِي قَرْنُ النِّيَّةِ بِأَحَدِهِمَا إذَا كَانَا أَصْلِيَّيْنِ فَقَطْ فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا زَائِدًا وَاشْتَبَهَ فَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ عِنْدَ كُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ تَمَيَّزَ الزَّائِدُ وَكَانَ عَلَى سَمْتِ الْأَصْلِيِّ وَجَبَ قَرْنُهَا بِالْأَصْلِيِّ دُونَ الزَّائِدِ، وَإِنْ وَجَبَ غَسْلُهُ اهـ زَادَ الْبُجَيْرِمِيُّ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَمِثْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا يَنْبَغِي تَحْقِيقُ الْمَنَاطِ فِيهَا وَلَا الِاشْتِغَالُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ يَنْدُرُ وُقُوعُهَا جِدًّا فَإِذَا وَقَعَتْ الْحَادِثَةُ بُحِثَ عَنْهَا فَالْمُشْتَغِلُ بِمِثْلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَمَنْ أَوْقَدَ تَنُّورًا فِي بَلَدٍ خَرِبَةٍ لَا يَسْكُنُ فِيهَا أَحَدٌ مُنْتَظِرًا مَنْ يَخْبِزُ فِيهِ اهـ أَقُولُ فِيهِ تَوَقُّفٌ وَلَوْ سَلِمَ فَمَخْصُوصٌ بِزَمَنِ أَهْلِ التَّخْرِيجِ وَالتَّرْجِيحِ كَزَمَنِهِ بِخِلَافِ زَمَنِنَا (قَوْلُهُ: كَفَى مَسْحُ بَعْضِ أَحَدِهِمَا) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ كَانَ زَائِدًا سم عِبَارَةُ شَيْخِنَا وع ش وَالْبُجَيْرِمِيُّ، فَإِنْ كَانَا أَصْلِيَّيْنِ كَفَى مَسْحُ بَعْضِ أَحَدِهِمَا، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَصْلِيًّا وَالْآخَرُ زَائِدًا وَتَمَيَّزَ وَجَبَ مَسْحُ بَعْضِ الْأَصْلِيِّ دُونَ الزَّائِدِ وَلَوْ سَامَتَ أَوْ اشْتَبَهَ وَجَبَ مَسْحُ بَعْضِ كُلٍّ مِنْهُمَا اهـ.

(قَوْلُهُ وَأَلْحَقَ بِهَا) أَيْ بِعَقْدِ الشَّعْرِ فِي الْعَفْوِ عَنْهَا (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ طَبُوعٍ) كَتَنُّورٍ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُمْكِنْهُ إزَالَتُهُ) يَنْبَغِي أَوْ يَشُقُّ إزَالَتُهُ مَشَقَّةً لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً سم (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ) أَيْ الْإِلْحَاقِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ يَتَيَمَّمُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ لِخِلَافِهِ (قَوْلُهُ: وَحَمَلَهُ) أَيْ كَلَامَ شَيْخِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ الْعَفْوُ) هُوَ كَذَلِكَ وَبِهِ أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ لَكِنْ لَوْ زَالَ بَعْدَ فَرَاغِ الْوُضُوءِ فَهَلْ يَجِبُ غَسْلُ مَا تَحْتَهُ وَمَا بَعْدَهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ نَعَمْ إنْ زَالَ الْتِحَامُهَا إلَخْ أَوْ يُفَرَّقُ فِيهِ نَظَرٌ سم وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَمْكَنَهُ) الْأَوْلَى تَأْنِيثُ الْفِعْلِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَحْصُلْ بِهِ مُثْلَةٌ إلَخْ) أَيْ كَحَلْقِ لِحْيَةِ الذَّكَرِ

(قَوْلُهُ: مِنْ كَفَّيْهِ) إلَى قَوْلِهِ، وَيَجِبُ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ الِاتِّبَاعُ) أَيْ الْمُتَّبَعُ مِنْ فِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم (قَوْلُهُ: بَلْ وَالْآيَةُ أَيْضًا إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6] وَجْهُ دَلَالَةِ الْآيَةِ عَلَى ذَلِكَ أَنْ تَجْعَلَ الْيَدَ الَّتِي هِيَ حَقِيقَةٌ إلَى الْمَنْكِبِ عَلَى الْأَصَحِّ مَجَازًا إلَى الْمَرَافِقِ مَعَ جَعْلِ إلَى غَايَةً لِلْغَسْلِ الدَّاخِلَةِ هُنَا فِي الْمُغَيَّا بِقَرِينَتَيْ الْإِجْمَاعِ وَالِاحْتِيَاطِ لِلْعِبَادَةِ وَالْمَعْنَى اغْسِلُوا أَيْدِيَكُمْ مِنْ رُءُوسِ أَصَابِعِهَا إلَى الْمَرَافِقِ أَوْ لِلْمَعِيَّةِ كَمَا فِي قَوْلِهِ {مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ} [آل عمران: 52]{وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ} [هود: 52] أَوْ تُجْعَلَ بَاقِيَةً عَلَى حَقِيقَتِهَا إلَى الْمَنْكِبِ مَعَ جَعْلِ إلَى غَايَةً لِلتَّرْكِ الْمُقَدَّرِ فَتَخْرُجُ الْغَايَةُ وَالْمَعْنَى اغْسِلُوا أَيْدِيَكُمْ وَاتْرُكُوا مِنْهَا إلَى الْمَرَافِقِ اهـ.

(قَوْلُهُ بِجَعْلِ إلَى غَايَةً إلَخْ) وَذَلِكَ بِأَنْ يَجْعَلَ التَّقْدِيرَ هُنَا اغْسِلُوا أَيْدِيَكُمْ مِنْ الْأَصَابِعِ وَاتْرُكُوا مِنْ أَعْلَاهَا إلَى الْمَرَافِقِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْغَسْلُ مِنْ الْأَصَابِعِ الْحَمْلُ عَلَى مَا هُوَ الْغَالِبُ فِي غَسْلِ الْأَيْدِي أَنَّهُ مِنْ الْأَصَابِعِ وَمِنْ لَازِمِهِ أَنْ يَكُونَ التَّرْكُ مِنْ الْأَعْلَى وَبَيَّنَ ذَلِكَ فِعْلُهُ صلى الله عليه وسلم ع ش وَفِيهِ مَا لَا يَخْفَى مِنْ التَّكَلُّفِ (قَوْلُهُ لِلتَّرْكِ الْمُقَدَّرِ) هَذَا يَحْتَاجُ لِقَرِينَةٍ سم (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَغَوْرُهُ إلَى وَسِلْعَةٍ وَقَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ إلَى وَجِلْدَةٍ وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ أَنَّهُ اضْطَرَبَ فِي غَسْلِ مَا جَاوَزَ أَصَابِعَ الْأَصْلِيَّةِ فَأَوَّلُ كَلَامِهِ يُفِيدُ وُجُوبَهُ وِفَاقًا لِلشَّارِحِ وَالْمُغْنِي وَآخِرُهُ يُفِيدُ عَدَمَهُ (قَوْلُهُ: نَحْوَ شِقٍّ وَغَوْرِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَشَرْحِ بَافَضْلٍ بَاطِنُ ثَقْبٍ أَوْ شِقٍّ فِيهِ نَعَمْ إنْ كَانَ لَهُمَا غَوْرٌ فِي اللَّحْمِ لَوْ يَجِبُ إلَّا غَسْلَ مَا ظَهَرَ مِنْهُمَا وَكَذَا يُقَالُ فِي بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ اهـ قَالَ الْكُرْدِيُّ اعْلَمْ أَنَّ الَّذِي ظَهَرَ لِي مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُمَا حَيْثُ كَانَا فِي الْجِلْدِ وَلَمْ يَصِلَا إلَى اللَّحْمِ الَّذِي وَرَاءَ الْجِلْدِ يَجِبُ غَسْلُهُمَا حَيْثُ لَمْ يَخْشَ مِنْهُ ضَرَرًا وَإِلَّا تَيَمَّمَ عَنْهُمَا وَحَيْثُ جَاوَزَ الْجِلْدَ إلَى اللَّحْمِ لَمْ يَجِبْ غَسْلُهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَسْتَتِرَا إلَّا إنْ ظَهَرَ الضَّوْءُ مِنْ الْجِهَةِ الْأُخْرَى فَيَجِبُ الْغَسْلُ حِينَئِذٍ إلَّا أَنْ خَشِيَ مِنْهُ ضَرَرًا إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَاحْمِلْ عَلَى هَذَا مَا تَرَاهُ فِي كَلَامِهِمْ مِمَّا يُوهِمُ خِلَافَهُ فَقَوْلُ التُّحْفَةِ وَغَوْرِهِ الَّذِي لَمْ يَسْتَتِرْ أَيْ بِأَنْ

غَسَلَهَا

فَيَحْتَاجُ لِلْفَرْقِ إنْ عَمَّ هَذَا الْغَيْرُ الْمُحَاذِي أَيْضًا (قَوْلُهُ: مَسَحَ بَعْضَ أَحَدِهِمَا) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ كَانَ زَائِدًا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُمْكِنْهُ إزَالَتُهُ) يَنْبَغِي أَوْ يَشُقُّ إزَالَتُهُ مَشَقَّةً لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ الْعَفْوُ) هُوَ كَذَلِكَ وَبِهِ أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ لَكِنْ لَوْ زَالَ بَعْدَ فَرَاغِ الْوُضُوءِ فَهَلْ يَجِبُ غَسْلُ مَا تَحْتَهُ وَمَا بَعْدَهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ نَعَمْ إنْ زَالَ الْتِحَامُهَا لَزِمَهُ غَسْلُ مَا ظَهَرَ مِنْ تَحْتِهَا أَوْ يُفَرِّقُ فِيهِ نَظَرٌ

(قَوْلُهُ: يُجْعَلُ إلَى غَايَةٍ لِلتَّرْكِ الْمُقَدَّرِ) وَهَذَا

ص: 207

حَتَّى اسْتَتَرَتْ وَالْأَصَحُّ الْوُضُوءُ وَكَذَا الصَّلَاةُ عَلَى الْأَوْجَهِ إذْ لَا حُكْمَ لِمَا فِي الْبَاطِنِ وَلَا يَرِدُ الْتِصَاقُ الْعُضْوِ بَعْدَ إبَانَتِهِ بِالْكُلِّيَّةِ بِحَرَارَةِ الدَّمِ؛ لِأَنَّ مَا بَانَ صَارَ ظَاهِرًا وَسِلْعَةٌ، وَإِنْ خَرَجَتْ عَنْهُ وَظُفْرٌ، وَإِنْ طَالَ وَلَا يُتَسَامَحُ بِشَيْءٍ مِمَّا تَحْتَهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَشَعْرٍ، وَإِنْ كَتُفَ وَطَالَ، وَيَدٌ، وَإِنْ زَادَتْ وَخَرَجَتْ عَنْ الْمُحَاذَاةِ وَمَا تُحَاذِيهِ فَقَطْ مِنْ نَحْوِ يَدٍ نَابِتَةٍ خَارِجَةٍ وَبَعْدَ قَطْعِ الْأَصْلِيَّةِ تُسْتَصْحَبُ تِلْكَ الْمُحَاذَاةُ عَلَى الْأَوْجَهِ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ مَا جَاوَزَ أَصَابِعَ الْأَصْلِيَّةِ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ يَجِبُ غَسْلُ الْجَمِيعِ وَقَوْلُهُمْ الْمُحَاذِي جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ ضَعِيفٌ وَجِلْدَةٌ مُتَدَلِّيَةٌ إلَيْهِ وَلَوْ اشْتَبَهَتْ الْأَصْلِيَّةُ بِالزَّائِدَةِ وَجَبَ غَسْلُهُمَا احْتِيَاطًا وَلَوْ تَجَافَتْ جِلْدَةٌ الْتَحَمَتْ بِالذِّرَاعِ عَنْهُ لَزِمَهُ غَسْلُ مَا تَحْتَهَا لِنُدْرَتِهِ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ بَلْ لَمْ يَجُزْ لَهُ فَتْقُهَا

ظَهَرَ الضَّوْءُ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ الضَّوْءُ فَهُوَ مُسْتَتِرٌ أَوْ الْمُرَادُ بِاَلَّذِي لَمْ يَسْتَتِرْ الَّذِي لَمْ يَصِلْ لِحَدِّ الْبَاطِنِ الَّذِي هُوَ اللَّحْمُ، فَإِنْ قُلْت مَا الْمُحْوِجُ إلَى هَذَا الْحَمْلِ، وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ مِنْ عِبَارَتِهِ قُلْت الْحَامِلُ عَلَيْهِ كَلَامُهُ فِي غَيْرِ التُّحْفَةِ ثُمَّ قَالَ بَعْدُ وَعِبَارَةُ الْإِيعَابِ وَحَاشِيَةِ فَتْحِ الْجَوَادِ، وَهِيَ نَصٌّ فِيمَا قُلْته فَتَأَمَّلْ بِإِنْصَافٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: حَتَّى اسْتَتَرَتْ) لَيْسَ بِقَيْدٍ فَقَدْ قَالَ فِي الْإِيعَابِ بَعْدَ ذِكْرِ قَوْلِ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ شَوْكَةٌ دَخَلَتْ أُصْبُعَهُ يَصِحُّ وُضُوءُهُ، وَإِنْ كَانَ رَأْسُهَا ظَاهِرًا؛ لِأَنَّ مَا حَوَالَيْهِ يَجِبُ غَسْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمَا سَتَرَتْهُ الشَّوْكَةُ فَهُوَ بَاطِنٌ، فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ نَقَشَ الشَّوْكَةَ بَقِيَ ثُقْبَةٌ حِينَئِذٍ لَا يَصِحُّ وُضُوءُهُ إنْ كَانَ رَأْسُ الشَّوْكَةِ خَارِجًا حَتَّى يَنْزِعَهُ اهـ.

مَا نَصُّهُ يَتَعَيَّنُ حَمْلُ الشِّقِّ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا جَاوَزَتْ الْجِلْدَ إلَى اللَّحْمِ وَغَاصَتْ فِيهِ فَلَا يَضُرُّ ظُهُورُ رَأْسِهَا حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهَا فِي الْبَاطِنِ وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا سَتَرَ رَأْسَهَا جُزْءٌ مِنْ ظَاهِرِ الْجِلْدِ إلَى اللَّحْمِ وَغَاصَتْ فِيهِ فَلَا يَضُرُّ ظُهُورُ رَأْسِهَا حِينَئِذٍ لَأَنَّهَا فِي الْبَاطِنِ وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا سَتَرَ رَأْسَهَا جُزْءًا مِنْ ظَاهِرِ الْجِلْدِ بِأَنْ بَقِيَ جُزْءٌ مِنْهَا اهـ فَيُحْمَلُ قَوْلُ التُّحْفَةِ اسْتَتَرَتْ عَلَى دُخُولِهَا عَنْ حَدِّ الظَّاهِرِ إلَى حَدِّ الْبَاطِنِ وَاعْتَمَدَ الْجَمَالُ الرَّمْلِيُّ الشِّقَّ الثَّانِيَ مِنْ كَلَامِ الْبَغَوِيّ فَعِنْدَهُ إنْ كَانَتْ بِحَيْثُ لَوْ نُقِشَتْ بَقِيَ مَوْضِعُهَا ثُقْبَةٌ وَجَبَ عَلَيْهِ قَلْعُهَا لِيَصِحَّ وُضُوءُهُ وَإِلَّا فَلَا وَرَأَيْت فِي فَتَاوِيهِ م ر أَنَّهُ عِنْدَ الشَّكِّ فِي كَوْنِ مَحَلِّهَا بَعْدَ الْقَلْعِ يَبْقَى مُجَوَّفًا أَوْ لَا الْأَصْلُ عَدَمُ التَّجَوُّفِ وَعَدَمُ وُجُوبِ غَسْلِ مَا عَدَا الظَّاهِرِ اهـ كُرْدِيٌّ عِبَارَةُ شَيْخِنَا وَالْبُجَيْرِمِيِّ، وَيَجِبُ غَسْلُ مَوْضِعِ شَوْكَةٍ بَقِيَ مَفْتُوحًا بَعْدَ قَلْعِهَا وَلَا يَصِحُّ الْوُضُوءُ مَعَ بَقَائِهَا إذَا كَانَتْ بِحَيْثُ لَوْ أُزِيلَتْ بَقِيَ مَحَلُّهَا مَفْتُوحًا وَالْأَصَحُّ الْوُضُوءُ مَعَ بَقَائِهَا لَكِنْ إنْ غَارَتْ فِي اللَّحْمِ وَاخْتَلَطَتْ بِالدَّمِ الْكَثِيرِ لَمْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ مَعَهَا، وَإِنْ صَحَّ الْوُضُوءُ وَكُلُّ هَذَا فِيمَا إذَا كَانَتْ رَأْسُهَا ظَاهِرَةً، فَإِنْ اسْتَتَرَ جَمِيعُهَا لَمْ تَضُرَّ لَا فِي الْوُضُوءِ وَلَا فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الْبَاطِنِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَرِدُ) أَيْ عَلَى قَوْلِهِ إذْ لَا حُكْمَ إلَخْ (الْتِصَاقُ الْعُضْوِ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ مَعَهُ فَتَجِبُ إزَالَتُهُ وَغَسْلُ مَا تَحْتَهُ (قَوْلُهُ: وَسِلْعَةٌ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى نَحْوِ شِقٍّ وَهِيَ كَمَا يَأْتِي فِي الصِّيَالِ بِكَسْرِ السِّينِ مَا يَخْرُجُ بَيْنَ الْجِلْدِ وَاللَّحْمِ مِنْ الْحِمَّصَةِ إلَى الْبِطِّيخَةِ اهـ.

وَفِي الْقَامُوسِ أَنَّهَا تَتَحَرَّكُ إذَا حُرِّكَتْ عِبَارَةُ شَيْخِنَا وَسِلْعَةٌ بِكَسْرِ السِّينِ عِدَّةٌ تَخْرُجُ إلَخْ وَأَمَّا بِالْفَتْحِ فَهِيَ أَمْتِعَةُ الْبَائِعِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي الزَّوَاجِرِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ سِلْعَةَ الْمَتَاعِ بِالْكَسْرِ أَيْضًا وَأَمَّا بِالْفَتْحِ فَالشَّجَّةُ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُتَسَامَحُ بِشَيْءٍ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا وَيُعْفَى عَنْ الْقَلِيلِ فِي حَقِّ مَنْ اُبْتُلِيَ بِهِ وَعِنْدَنَا قَوْلٌ بِالْعَفْوِ عَنْهُ مُطْلَقًا اهـ (قَوْلُهُ: وَشَعْرٌ) أَيْ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَطَالَ) أَيْ وَخَرَجَ عَنْ حَدِّهَا ع ش وَشَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَمَا يُحَاذِيهِ) أَيْ مَحَلَّ الْفَرْضِ وَالْمُرَادُ بِالْمُحَاذَاةِ الْمُسَامَتَةُ لِمَحَلِّ الْفَرْضِ كُرْدِيٌّ وَبُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: نَابِتَةً خَارِجَهُ) أَيْ خَارِجَ مَحَلِّ الْفَرْضِ كَأَنْ نَبَتَتْ فِي الْعَضُدِ وَتَدَلَّتْ لِلذِّرَاعِ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ تَسْتَصْحِبُ تِلْكَ الْمُحَاذَاةَ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمُتَّجَهُ بَلْ لَوْ لَمْ تَنْبُتْ الزَّائِدَةُ إلَّا بَعْدَ قَطْعِ الْأَصْلِيَّةِ فَقَدْ يَتَّجِهُ وُجُوبُ غَسْلِ مَا يُحَاذِي مِنْهَا الْأَصْلِيَّةَ لَوْ بَقِيَتْ نَظَرًا لِلْمُحَاذَاةِ بِاعْتِبَارِ مَا مِنْ شَأْنِهِ م ر اهـ سم وع ش.

(قَوْلُهُ: أَنَّ مَا جَاوَزَ إلَخْ) أَيْ: مِمَّا نَبَتَتْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: لَا يَجِبُ غَسْلُهُ) وِفَاقًا لِلْمُغْنِي وَلِلنِّهَايَةِ أَوَّلًا وَمُخَالِفًا لَهُ ثَانِيًا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُمْ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى يَجِبُ إلَخْ وَقَوْلُهُ ضَعِيفٌ خَبَرُ وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَجِلْدَةٌ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى نَحْوِ شِقٍّ (قَوْلُهُ: مُتَدَلِّيَةٌ إلَيْهِ) أَيْ مُنْتَهِيَةٌ إلَى مَحَلِّ الْفَرْضِ كُرْدِيٌّ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي، وَإِنْ تَدَلَّتْ جِلْدَةُ الْعَضُدِ مِنْهُ لَمْ يَجِبْ غَسْلُ شَيْءٍ مِنْهَا لَا الْمُحَاذِي وَلَا غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْيَدِ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا مَعَ خُرُوجِهَا عَنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ أَوْ تَقَلَّصَتْ جِلْدَةُ الذِّرَاعِ مِنْهُ وَجَبَ غَسْلُهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْهُ، وَإِنْ تَدَلَّتْ جِلْدَةُ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ بِأَنْ تَقَلَّعَتْ مِنْ أَحَدِهِمَا وَبَلَغَ التَّقَلُّعُ إلَى الْآخَرِ ثُمَّ تَدَلَّتْ مِنْهُ فَالِاعْتِبَارُ بِمَا انْتَهَى إلَيْهِ تَقَلُّعُهَا لَا بِمَا مِنْهُ تَقَلُّعُهَا فَيَجِبُ غَسْلُهَا فِيمَا إذَا بَلَغَ تَقَلُّعُهَا مِنْ الْعَضُدِ إلَى الذِّرَاعِ دُونَ مَا إذَا بَلَغَ مِنْ الذِّرَاعِ إلَى الْعَضُدِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ جُزْءًا مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ اشْتَبَهَتْ) إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ تَجَافَتْ حَقُّهُ أَنْ يُقَدَّمَ عَلَى قَوْلِهِ وَجِلْدَةٌ (قَوْلُهُ وَجَبَ غَسْلُهُمَا) سَوَاءٌ أَخَرَجَتَا مِنْ الْمَنْكِبِ أَمْ مِنْ غَيْرِهِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَجَافَتْ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ وَلَوْ الْتَصَقَتْ بَعْدَ تَقَلُّعِهَا مِنْ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ وَجَبَ غَسْلُ مُحَاذِي الْفَرْضِ مِنْهَا دُونَ غَيْرِهِ ثُمَّ إنْ تَجَافَتْ عَنْهُ لَزِمَهُ غَسْلُ مَا تَحْتَهَا

يَحْتَاجُ لِقَرِينَةٍ (قَوْلُهُ وَبَعْدَ قَطْعِ الْأَصْلِيَّةِ) إذْ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ، فَإِنْ تَدَلَّتْ الزَّائِدَةُ بَعْدَ قَطْعِ الْأَصْلِيَّةِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ أَيْ الْمُحَاذِي مُطْلَقًا وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: تُسْتَصْحَبُ تِلْكَ الْمُحَاذَاةُ) هُوَ الْمُتَّجَهُ بَلْ لَوْ لَمْ تَنْبُتْ الزَّائِدَةُ إلَّا بَعْدَ قَطْعِ الْأَصْلِيَّةِ فَقَدْ يَتَّجِهُ وُجُوبُ غَسْلِ مَا يُحَاذِي مِنْهَا الْأَصْلِيَّةَ لَوْ بَقِيَتْ نَظَرًا لِلْمُحَاذَاةِ بِاعْتِبَارِ مَا مِنْ شَأْنِهِ م ر

ص: 208

نَعَمْ إنْ زَالَ الْتِحَامُهَا لَزِمَهُ غَسْلُ مَا ظَهَرَ مِنْ تَحْتِهَا لِزَوَالِ الضَّرُورَةِ وَبِهِ فَارَقَ خَلْقَ اللِّحْيَةِ (فَإِنْ قُطِعَ بَعْضُهُ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ الْيَدَيْنِ (وَجَبَ) غَسْلُ (مَا بَقِيَ) مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَيْسُورَ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ (أَوْ) قُطِعَ (مِنْ مِرْفَقَيْهِ) بِأَنْ فَكَّ عَظْمَ الذِّرَاعِ مِنْ عَظْمِ الْعَضُدِ وَبَقِيَ الْعَظْمَانِ الْمُسَمَّيَانِ بِرَأْسِ الْعَضُدِ (فَرَأْسُ عَظْمِ الْعَضُدِ) يَجِبُ غَسْلُهُ (عَلَى الْمَشْهُورِ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَرْفِقِ إذْ هُوَ مَجْمُوعُ الْعِظَامِ الثَّلَاثِ (أَوْ) قُطِعَ مِنْ (فَوْقِهِ نُدِبَ) غَسْلُ (بَاقِي عَضُدِهِ) مُحَافَظَةً عَلَى التَّحْجِيلِ الْآتِي

(الرَّابِعُ مُسَمَّى مَسْحٍ) بِيَدٍ أَوْ غَيْرِهَا (لِبَشَرَةِ رَأْسِهِ) ، وَإِنْ قَلَّ حَتَّى الْبَيَاضِ الْمُحَاذِي لَا عَلَى الدَّائِرِ حَوْلَ الْأُذُنِ كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الصَّغِيرِ وَحَتَّى عَظْمِهِ إذَا ظَهَرَ دُونَ بَاطِنِ مَأْمُومَةٍ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَكَأَنَّهُ لَحَظَ أَنَّ الْأَوَّلَ يُسَمَّى رَأْسًا بِخِلَافِ الثَّانِي (أَوْ) مُسَمَّى مَسْحٍ لِبَعْضِ (شَعْرٍ) أَوْ شَعْرَةٍ وَاحِدَةٍ (فِي حَدِّهِ) أَيْ الرَّأْسِ بِأَنْ لَا يَخْرُجَ بِالْمَدِّ عَنْهُ مِنْ جِهَةِ نُزُولِهِ وَاسْتِرْسَالِهِ، فَإِنْ خَرَجَ مِنْهَا وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ غَيْرِهَا مَسَحَ غَيْرَ الْخَارِجِ، وَإِنَّمَا أَجْزَأَ تَقْصِيرُهُ فِي النُّسُكِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ ثَمَّ مَقْصُودٌ لِذَاتِهِ، وَهُنَا تَابِعٌ لِلْبَشَرَةِ وَالْخَارِجُ غَيْرُ تَابِعٍ لَهَا وَلَوْ وَضَعَ يَدَهُ الْمُبْتَلَّةَ عَلَى خِرْقَةٍ عَلَى رَأْسٍ فَوَصَلَ إلَيْهِ الْبَلَلُ أَجْزَأَ قِيلَ الْمُتَّجِهُ تَفْصِيلَ الْجُرْمُوقِ اهـ، وَيَرِدُ بِمَا مَرَّ أَنَّهُ حَيْثُ حَصَلَ الْغَسْلُ بِفِعْلِهِ بَعْدَ النِّيَّةِ لَمْ يُشْتَرَطْ تَذَكُّرُهَا عِنْدَهُ وَالْمَسْحُ مِثْلُهُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنِ الْجُرْمُوقِ بِأَنَّ ثَمَّ صَارِفًا، وَهُوَ مُمَاثَلَةُ غَيْرِ الْمَمْسُوحِ عَلَيْهِ لَهُ فَاحْتِيجَ لِقَصْدِ مُمَيِّزٍ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا

أَيْضًا لِنُدْرَتِهِ، وَإِنْ سَتَرَتْهُ اكْتَفَى بِغَسْلِ ظَاهِرِهَا اهـ.

(قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ زَالَ إلَخْ) وَلَوْ تَوَضَّأَ فَقُطِعَتْ يَدُهُ أَوْ تَثَقَّبَتْ لَمْ يَجِبْ غَسْلُ مَا ظَهَرَ إلَّا لِحَدَثٍ فَيَجِبُ غَسْلُهُ كَالظَّاهِرِ أَصَالَةً وَلَوْ عَجَزَ عَنْ الْوُضُوءِ لِقَطْعِ يَدِهِ مَثَلًا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُحَصِّلَ مَنْ يُوَضِّئُهُ وَلَوْ بِأُجْرَةِ مِثْلٍ وَالنِّيَّةُ مِنْ الْآذِنِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ تَيَمَّمَ وَصَلَّى وَأَعَادَ لِنُدْرَةِ ذَلِكَ مُغْنِي زَادَ شَيْخُنَا عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى مَا نَصُّهُ وَلَوْ كَانَ فَاقِدَ الْيَدَيْنِ فَمَسَحَ رَأْسَهُ بَعْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ وَتَمَّمَ وُضُوءَهُ ثُمَّ نَبَتَ لَهُ يَدَانِ بَدَلَ الْمَفْقُودَتَيْنِ لَمْ يَجِبْ غَسْلُهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُخَاطَبْ بِهِ حِينَ الْوُضُوءِ لِفَقْدِهِمَا حِينَهُ فَمَسْحُ الرَّأْسِ وَقَعَ مُعْتَدًّا بِهِ فَلَا يُبْطِلُهُ مَا عَرَضَ مِنْ نَبَاتِ الْيَدَيْنِ اهـ.

(قَوْلُهُ لَزِمَهُ غَسْلُ مَا ظَهَرَ إلَخْ) أَيْ وَإِعَادَةُ مَا بَعْدَهُ سم (قَوْلُهُ: لِزَوَالِ الضَّرُورَةِ وَبِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَقَ لِحْيَتَهُ الْكَثَّةَ؛ لِأَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى غَسْلِ ظَاهِرِ الْمُلْتَصِقَةِ كَانَ لِلضَّرُورَةِ وَقَدْ زَالَتْ وَلَا كَذَلِكَ اللِّحْيَةُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ غَسْلِ بَاطِنِهَا اهـ.

(قَوْلُهُ: أَيْ الْمَذْكُورُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي أَيْ بَعْضُ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ مِنْ الْيَدَيْنِ اهـ.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمَيْسُورَ إلَخْ) وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ قَوْلُ الْمَتْنِ (أَوْ مِنْ مَرْفِقِهِ إلَخْ) ، وَإِنْ قُطِعَ مِنْ مَنْكِبِهِ نُدِبَ غَسْلُ مَحَلِّ الْقَطْعِ بِالْمَاءِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه مُغْنِي

قَوْلُ الْمَتْنِ (مُسَمَّى مَسْحٍ) الْمُرَادُ بِهِ الِانْمِسَاحُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِفِعْلِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ لِبَشَرَةِ رَأْسِهِ وَلَوْ الْجُزْءُ الَّذِي يَجِبُ غَسْلُهُ مَعَ الْوَجْهِ تَبَعًا ثُمَّ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَكْفِي الْمَسْحُ عَلَى الْبَشَرَةِ وَلَوْ خَرَجَتْ عَنْ حَدِّ الرَّأْسِ كَسِلْعَةٍ نَبَتَتْ فِيهِ وَخَرَجَتْ عَنْهُ وَبِهِ قَالَ الْأُجْهُورِيُّ وَقَالَ الشبراملسي لَا يَكْفِي الْمَسْحُ عَلَى الْبَشَرَةِ الْخَارِجَةِ عَنْ حَدِّ الرَّأْسِ كَالشَّعْرِ الْخَارِجِ عَنْ حَدِّهِ فَفِيهَا تَفْصِيلُ الشَّعْرِ وَاسْتَوْجَهَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الرَّأْسَ اسْمٌ لِمَا رَأَسَ وَعَلَا فَلَا يَصْدُقُ بِذَلِكَ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ قَلَّ) أَيْ مُسَمَّى الْمَسْحِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلْبَشَرَةِ، وَهُوَ أَحْسَنُ مَعْنًى وَعَلَيْهِ فَالتَّذْكِيرُ بِتَأْوِيلِ الْجِلْدِ أَوْ لِمَا تَقَرَّرَ فِي مَحَلِّهِ أَنَّ مَا لَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا بِالتَّاءِ كَالْمَعْرِفَةِ وَالنَّكِرَةِ يَجُوزُ تَذْكِيرُهُ وَتَأْنِيثُهُ (قَوْلُهُ: حَتَّى الْبَيَاضِ الْمُحَاذِي إلَخْ) أَيْ الْبَيَاضِ الَّذِي وَرَاءَ الْأُذُنِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَحَتَّى عَظْمِهِ) إلَى الْمَتْنِ ذَكَرَهُ ع ش وَأَقَرَّهُ قَوْلُ الْمَتْنِ (أَوْ شَعْرٌ إلَخْ) وَلَوْ مَسَحَ شَعْرَ رَأْسِهِ ثُمَّ حَلَقَهُ لَمْ تَجِبْ إعَادَةُ الْمَسْحِ كَمَا تَقَدَّمَ مُغْنِي وَشَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ إنَّ الْأَوَّلَ) أَيْ عَظْمَ الرَّأْسِ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ الثَّانِي أَيْ بَاطِنِ الْمَأْمُومَةِ (قَوْلُهُ: لِبَعْضِ شَعْرٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْبَعْضُ مِمَّا وَجَبَ غَسْلُهُ مَعَ الْوَجْهِ مِنْ بَابِ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ فَيَكْفِي مَسْحُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الرَّأْسِ وَغَسْلُهُ أَوْ لَا كَانَ لِيَتَحَقَّقَ بِهِ غَسْلُ الْوَجْهِ لَا لِكَوْنِهِ فَرْضًا مِنْ فُرُوضِ الْوُضُوءِ ع ش وَبُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ أَيْ الرَّأْسِ) إلَى قَوْلِهِ، وَإِنَّمَا أَجْزَأَ فِي الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَا يَخْرُجَ بِالْمَدِّ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ تَقْدِيرًا بِأَنْ كَانَ مَعْقُودًا أَوْ مُتَجَعِّدًا غَيْرَ أَنَّهُ بِحَيْثُ لَوْ مَدَّ مَحَلَّ الْمَسْحِ مِنْهُ خَرَجَ عَنْ الرَّأْسِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَشَيْخُنَا (قَوْلُهُ: مِنْ جِهَةِ نُزُولِهِ) فَشَعْرُ النَّاصِيَةِ جِهَةُ نُزُولِهِ الْوَجْهُ وَشَعْرُ الْقَرْنَيْنِ جِهَةُ نُزُولِهِمَا الْمَنْكِبَانِ وَشَعْرُ الْقَذَالِ أَيْ مُؤَخَّرُ الرَّأْسِ جِهَةُ نُزُولِهِ الْقَفَا قَالَهُ الزِّيَادِيُّ فِي شَرْحِ الْمُحَرَّرِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَاسْتِرْسَالُهُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ لِنُزُولِهِ هُوَ فِي النِّهَايَةِ بِأَوْ بَدَلَ الْوَاوِ وَقَالَ ع ش هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَدِّ وَزَادَ الرَّشِيدِيُّ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَخْرُجَ عَنْ حَدِّهِ بِنَفْسِهِ وَلَا بِفِعْلٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَخْرُجْ إلَخْ)، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُنَا تَابِعٌ إلَخْ) وَالْأَصَحُّ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْبَشَرَةِ وَالشَّعْرِ هُنَا أَصْلٌ؛ لِأَنَّ الرَّأْسَ لِمَا رَأَسَ وَعَلَا وَكُلٌّ مِنْهُمَا عَالٍ نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي، فَإِنْ قِيلَ هَلَّا اكْتَفَى بِالْمَسْحِ عَلَى النَّازِلِ عَنْ حَدِّ الرَّأْسِ كَمَا اُكْتُفِيَ بِذَلِكَ لِلتَّقْصِيرِ فِي النُّسُكِ أُجِيبُ بِأَنَّ الْمَاسِحَ عَلَيْهِ غَيْرُ مَاسِحٍ عَلَى الرَّأْسِ وَالْمَأْمُورُ بِهِ فِي التَّقْصِيرِ إنَّمَا هُوَ شَعْرُ الرَّأْسِ وَهُوَ صَادِقٌ بِالنَّازِلِ اهـ.

(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ خَرَجَ عَنْ حَدِّ الرَّأْسِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: قِيلَ الْمُتَّجَهُ تَفْصِيلُ الْجُرْمُوقِ) وَهُوَ الْوَجْهُ وَلَا يَتَّجِهُ فَرْقٌ بَيْنَهُمَا فَتَأَمَّلْ م ر سم عَلَى الْبَهْجَةِ اهـ ع ش.

عِبَارَةُ شَيْخِنَا وَالْمَدَارُ عَلَى وُصُولِ الْمَاءِ لِمَا يُجْزِئُ مَسْحُهُ بِيَدٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ مِنْ وَرَاءِ حَائِلٍ لَكِنْ فِيهِ حِينَئِذٍ تَفْصِيلُ الْجُرْمُوقِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِابْنِ حَجّ حَيْثُ قَالَ بِأَنَّهُ يَكْتَفِي مُطْلَقًا اهـ.

(قَوْلُهُ: وَيَرُدُّ بِمَا مَرَّ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ مِمَّا مَرَّ مَفْرُوضٌ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَا يَقْبَلُ الصَّرْفَ إلَيْهِ وَإِلَّا اُشْتُرِطَتْ النِّيَّةُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ عَرَضَتْ لَهُ نِيَّةُ التَّبَرُّدِ فِي أَثْنَاءِ الْعُضْوِ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِحْضَارِ النِّيَّةِ مَعَهَا ذِكْرًا وَإِلَّا لَمْ يُعْتَدَّ بِذَلِكَ الْفِعْلِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ قِيَاسَهُ عَلَى الْجُرْمُوقِ وَاضِحٌ بَصْرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ ثَمَّ صَارِفًا إلَخْ) قَدْ يُقَالُ وَهُنَا أَيْضًا صَارِفٌ، وَهُوَ كَوْنُ الْمَمْسُوحِ عَلَيْهِ لَيْسَ مِنْ الرَّأْسِ وَكَفَى

(قَوْلُهُ: إذَا ظَهَرَ) هَلْ الْمُرَادُ بِظُهُورِهِ مُشَاهَدَتُهُ أَوْ بِحَيْثُ يَكُونُ إيضَاحًا، وَإِنْ لَمْ يُشَاهَدْ فِيهِ نَظَرٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ

ص: 209

وَذَلِكَ لِلْآيَةِ مَعَ فِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى مَسْحِ النَّاصِيَةِ، وَهِيَ مَا بَيْنَ النَّزَعَتَيْنِ وَهُوَ دُونَ الرُّبُعِ بَلْ دُونَ نِصْفِهِ وَلَيْسَ الْأُذُنَانِ مِنْهُ وَخَبَرُ «الْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ» ضَعِيفٌ، وَإِنَّمَا وَجَبَ تَعْمِيمُ الْوَجْهِ فِي التَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ فَأُعْطِيَ حُكْمَ مُبْدَلِهِ وَلَا يَرِدُ مَسْحُ الْخُفِّ لِجَوَازِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْأَصْلِ فَلَمْ تَتَحَقَّقْ فِيهِ الْبَدَلِيَّةُ (وَالْأَصَحُّ جَوَازُ غَسْلِهِ) بِلَا كَرَاهَةٍ؛ لِأَنَّهُ مُحَصِّلٌ لِمَقْصُودِ الْمَسْحِ مِنْ وُصُولِ الْبَلَلِ لِلرَّأْسِ وَزِيَادَةٍ وَهَذَا مُرَادُ مَنْ عَبَّرَ بِأَنَّهُ مَسْحٌ وَزِيَادَةٌ فَلَا يُقَالُ الْمَسْحُ ضِدُّ الْغَسْلِ فَكَيْفَ يُحَصِّلُهُ مَعَ زِيَادَةٍ.

(تَنْبِيهٌ)

عَلَّلُوا هُنَا عَدَمَ كَرَاهَةِ الْغَسْلِ بِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَفَرَّقُوا بَيْنَ وُجُوبِ التَّعْمِيمِ فِي الْمَسْحِ فِي التَّيَمُّمِ لَا هُنَا بِأَنَّهُ ثَمَّ بَدَلٌ وَهُنَا أَصْلٌ فَنَتَجَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْغَسْلِ وَالْمَسْحِ أَصْلٌ وَحِينَئِذٍ فَقِيَاسُهُ أَنَّ الْغَسْلَ أَحَدُ مَا صَدَقَاتِ الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ فَكَيْفَ يَقُولُونَ بِإِبَاحَتِهِ، وَأَنَّهُ غَيْرُ مَطْلُوبٍ وَقَدْ ذَكَرْتُ الْجَوَابَ عَنْهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الصَّغِيرِ وَقَدْ يُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ فِي الْغَسْلِ حَيْثِيَّتَيْنِ حُصُولَ الْبَلَلِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْمَسْحِ وَالزِّيَادَةَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ مِنْ الْحَيْثِيَّةِ الْأُولَى أَصْلِيٌّ وَوَاجِبٌ وَمِنْ الْحَيْثِيَّةِ الثَّانِيَةِ لَا وَلَا بَلْ مُبَاحٌ فَلَا تَنَافِي (تَنْبِيهٌ آخَرُ)

قَدْ يُقَالُ يُعَارِضُ مَا ذُكِرَ مِنْ إجْزَاءِ نَحْوِ الْغَسْلِ الْقَاعِدَةُ الْأُصُولِيَّةُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَنْبِطَ مِنْ النَّصِّ مَعْنًى يَعُودُ عَلَيْهِ بِالْإِبْطَالِ وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ تِلْكَ بَلْ مِنْ قَاعِدَةِ أَنَّهُ يُسْتَنْبَطُ مِنْ النَّصِّ مَعْنًى يُعَمِّمُهُ، وَهُوَ هُنَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مَعْقُولُ الْمَعْنَى الرُّخْصَةُ فِي هَذَا الْعُضْوِ لِسَتْرِهِ غَالِبًا كَمَا مَرَّ وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَمُ مِنْ الِاكْتِفَاءِ فِيهِ بِالْأَقَلِّ الِاكْتِفَاءُ فِيهِ بِالْأَكْمَلِ حَمْلًا لِلْمَسْحِ عَلَى وُصُولِ الْبَلَلِ الصَّادِقِ بِحَقِيقَةِ الْمَسْحِ وَحَقِيقَةِ الْغَسْلِ فَتَأَمَّلْهُ؛ وَبِهَذَا يُعْلَمُ وُرُودُ السُّؤَالِ عَلَى الْقَائِلِينَ بِالتَّعَبُّدِ إلَّا أَنْ يَكُونُوا قَائِلِينَ بِتَعْيِينِ الْمَسْحِ (وَ) جَوَازُ (وَضْعِ الْيَدِ) عَلَيْهِ (بِلَا مَدٍّ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ الْمَذْكُورِ بِهِ

(الْخَامِسُ غَسْلُ رِجْلَيْهِ مَعَ كَعْبَيْهِ) مِنْ كُلِّ رِجْلٍ أَوْ مَسْحِ خُفَّيْهِمَا بِشُرُوطِهِ قَالَ تَعَالَى {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6] بِنَصْبِهِ، وَهُوَ وَاضِحٌ وَبِجَرِّهِ عَلَى الْجَوَازِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ امْتِنَاعَهُ وَفَصَلَ بَيْنَ الْمَعْطُوفَيْنِ لِلْإِشَارَةِ إلَى وُجُوبِ التَّرْتِيبِ أَوْ عَطْفًا عَلَى الرُّءُوسِ حَمْلًا عَلَى مَسْحِ الْخُفَّيْنِ أَوْ عَلَى الْغَسْلِ الْخَفِيفِ إذْ الْعَرَبُ تُسَمِّيه مَسْحًا وَحِكْمَتُهُ أَنَّهُمَا مَظِنَّةٌ لِلْإِسْرَافِ فَأُشِيرُ لِتَرْكِهِ بِذَلِكَ وَالْحَامِلُ عَلَى ذَلِكَ

بِذَلِكَ صَارِفًا سم (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ لِلْآيَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي قَالَ تَعَالَى {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: 6] وَرَوَى مُسْلِمٌ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَعَلَى عِمَامَتِهِ» وَاكْتَفَى بِمَسْحِ الْبَعْضِ فِيمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ الْمَسْحِ عِنْدَ إطْلَاقِهِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِوُجُوبِ خُصُوصِ النَّاصِيَةِ وَالِاكْتِفَاءُ بِهَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الِاسْتِيعَابِ، وَيَمْنَعُ وُجُوبَ التَّقْدِيرِ بِالرُّبُعِ أَوْ أَكْثَرِ؛ لِأَنَّهَا دُونَهُ وَالْيَاءُ إذَا دَخَلَتْ عَلَى مُتَعَدٍّ كَمَا فِي الْآيَةِ تَكُونُ لِلتَّبْعِيضِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29] تَكُونُ لِلْإِلْصَاقِ اهـ.

وَفِي النِّهَايَةِ نَحْوُهَا إلَّا أَنَّهُ قَالَ بَدَلَ وَالْبَاءُ إذَا دَخَلَتْ إلَخْ؛ وَلِأَنَّ الْبَاءَ الدَّاخِلَةَ فِي حَيِّزِ مُتَعَدٍّ إلَخْ (قَوْلُهُ: بَلْ دُونَ نِصْفِهِ) أَيْ نِصْفِ الرُّبُعِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ إلَخْ) أَيْ وَمَسْحُ الرَّأْسِ أَصْلٌ فَاعْتُبِرَ لَفْظُهُ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَلَا يَرِدُ مَسْحُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي، فَإِنْ قِيلَ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ بَدَلٌ فَهَلَّا وَجَبَ تَعْمِيمُهُ كَمُبْدَلِهِ أُجِيبُ بِقِيَامِ الْإِجْمَاعِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ وَبِأَنَّ التَّعْمِيمَ يُفْسِدُهُ مَعَ أَنَّ مَسْحَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّخْفِيفِ لِجَوَازِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْغَسْلِ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ إنَّمَا جَازَ لِلضَّرُورَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ بِلَا كَرَاهَةٍ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَأَشَارَ بِالْجَوَازِ إلَى نَفْيِ كُلٍّ مِنْ اسْتِحْبَابِهِ وَكَرَاهَتِهِ اهـ وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا وَأَشْعَرَ تَعْبِيرُهُ بِالْجَوَازِ أَنَّ الْمَسْحَ أَفْضَلُ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْحَاوِي اهـ.

(قَوْلُهُ: فَنَتَجَ) أَيْ مَجْمُوعُ مَا تَضَمَّنَهُ التَّعْلِيلُ وَالْفَرْقُ (قَوْلُهُ: فَقِيَاسُهُ) أَيْ مُقْتَضَى أَصَالَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ إلَخْ) قَالَ فِيهِ، فَإِنْ قُلْت كَيْفَ هَذَا أَيْ تَعْلِيلُ عَدَمِ كَرَاهَةِ الْغَسْلِ بِأَنَّهُ الْأَصْلُ مَعَ أَنَّهُ مَرَّ أَنَّ الْمَسْحَ أَصْلٌ قُلْت الْأَصَالَةُ ثَمَّ إنَّمَا هِيَ بِالنِّسْبَةِ لِمَسْحِ الْبَعْضِ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَصَالَةَ الْغَسْلِ أَوْ هِيَ ثَمَّ بِالنِّسْبَةِ لِمَا بَعْدَ التَّخْفِيفِ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا قَبْلَهُ فَتَأَمَّلْهُ اهـ وَمَا ذَكَرَهُ أَخِيرًا هُوَ الْأَظْهَرُ بَصْرِيٌّ أَقُولُ مَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا لَا يَظْهَرُ وَجْهُهُ وَكَذَا مَا ذَكَرَهُ أَخِيرًا إلَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ مَا أَجَابَ بِهِ سم مِنْ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنَّ الْمُرَادَ بِكَوْنِ الْغَسْلِ أَصْلًا أَنَّهُ الْقِيَاسُ لَا أَنَّهُ وَجَبَ أَوَّلًا، وَيَكُونُ الْمَسْحُ أَصْلًا أَنَّهُ وَجَبَ غَيْرَ بَدَلٍ عَنْ شَيْءٍ آخَرَ كَانَ وَاجِبًا اهـ.

(قَوْلُهُ فَهُوَ مِنْ الْحَيْثِيَّةِ الْأُولَى أَصْلِيٌّ إلَخْ) وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ مِنْ مَا صَدَقَاتِ الْمَسْحِ لَا أَصْلٌ آخَرُ (قَوْلُهُ: مِنْ تِلْكَ) يَعْنِي مِنْ الْمَنْفِيَّاتِ بِتِلْكَ الْقَاعِدَةِ الْأُصُولِيَّةِ (قَوْلُهُ: مَعْنَى يَعُودُ إلَخْ)، وَهُوَ هُنَا كَوْنُ الْمَقْصُودِ حُصُولُ الْبَلَلِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ إلَخْ) أَيْ الْمَعْنَى الْمُسْتَنْبَطُ مِنْ النَّصِّ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إلَخْ) أَيْ بِنَاءً عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ أَنَّ الْوُضُوءَ مَعْقُولُ الْحِكْمَةِ وَقَوْلُهُ الرُّخْصَةُ خَبَرُ قَوْلِهِ، وَهُوَ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي أَوَّلِ الْبَابِ (قَوْلُهُ: مِنْ الِاكْتِفَاءِ فِيهِ) أَيْ الرَّأْسِ وَقَوْلُهُ بِالْأَقَلِّ أَيْ الْمَسْحِ وَقَوْلُهُ بِالْأَكْمَلِ أَيْ الْغَسْلِ (قَوْلُهُ: حَمْلًا لِلْمَسْحِ) أَيْ فِي الْآيَةِ (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا إلَخْ) أَيْ الْجَوَابِ الْمَذْكُورِ وَقَوْلُهُ وُرُودُ السُّؤَالِ أَيْ وُرُودُ السُّؤَالِ الْمُتَقَدِّمِ بِلَا جَوَابٍ عَنْهُ وَقَوْلُهُ عَلَى الْقَائِلِينَ إلَخْ أَيْ الْجَوَابُ الْمَذْكُورُ وَقَوْلُهُ وُرُودُ السُّؤَالِ أَيْ وُرُودُ السُّؤَالِ الْمُتَقَدِّمِ بِلَا جَوَابٍ عَنْهُ وَقَوْلُهُ عَلَى الْقَائِلِينَ إلَخْ أَيْ الْإِمَامِ وَمَنْ تَبِعَهُ

قَوْلُ الْمَتْنِ (غَسَلَ رِجْلَيْهِ إلَخْ) وَلَوْ قَطَعَ بَعْضَ الْقَدَمِ وَجَبَ غَسْلُ الْبَاقِي، وَإِنْ قَطَعَ فَوْقَ الْكَعْبِ فَلَا فَرْضَ عَلَيْهِ وَيُسَنُّ غَسْلُ الْبَاقِي كَمَا مَرَّ فِي الْيَدِ نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي وَعَلَى الْأَصَحِّ لَوْ قَطَّرَ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهِ أَوْ تَعَرَّضَ لِلْمَطَرِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْمَسْحَ أَجْزَأَهُ وَيُجْزِئُ مَسْحٌ بِبَرَدٍ وَثَلْجٍ لَا يَذُوبَانِ لِمَا تَقَدَّمَ اهـ.

(قَوْلُهُ مِنْ كُلِّ رِجْلٍ) إلَى قَوْلِهِ وَحِكْمَتُهُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ خِلَافًا إلَى أَوْ عَطْفًا وَإِلَى قَوْلِهِ وَالْحَامِلُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا ذَلِكَ الْقَوْلُ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ امْتِنَاعَهُ) وَقَالَ إنَّ شَرْطَهُ أَنْ يَكُونَ بِغَيْرِ حَرْفِ عَطْفٍ نَحْوَ هَذَا حُجْرٌ ضَبٍّ خَرِبٍ وَهُنَا بِعَاطِفٍ وَالْمُقَرَّرُ فِي الْعَرَبِيَّةِ خِلَافُ مَا زَعَمَهُ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ لِمَنْ زَعَمَ إلَخْ) كَابْنِ هِشَامٍ وَالرَّضِيِّ (قَوْلُهُ: أَوْ عَطْفًا إلَخْ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ عَلَى الْجِوَارِ (قَوْلُهُ: وَحِكْمَتُهُ) أَيْ حِكْمَةُ التَّعْبِيرِ عَنْ الْغَسْلِ بِلَفْظِ الْمَسْحِ (قَوْلُهُ: وَالْحَامِلُ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ التَّأْوِيلَاتِ رَشِيدِيٌّ.

(قَوْلُهُ:

يُضْبَطَ بِمَا يَجِبُ غَسْلُهُ فِي الْغَسْلِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ ثَمَّ صَارِفًا) قَدْ يُقَالُ وَهُنَا أَيْضًا صَارِفٌ، وَهُوَ كَوْنُ الْمَمْسُوحِ عَلَيْهِ لَيْسَ مِنْ الرَّأْسِ وَكَفَى بِذَلِكَ صَارِفًا (قَوْلُهُ: فَقِيَاسُهُ أَنَّ الْغَسْلَ أَحَدُ مَا صَدَقَاتِ الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ) يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ

ص: 210

الْإِجْمَاعُ عَلَى تَعَيُّنِ غَسْلِهِمَا حَيْثُ لَا خُفَّ وَخِلَافُ الشِّيعَةِ فِي ذَلِكَ وَغَيْرِهِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ وَدَلَّ عَلَى دُخُولِ الْكَعْبَيْنِ هُنَا مَا مَرَّ فِي الْمَرْفِقَيْنِ وَهُمَا الْعَظْمَانِ النَّاتِئَانِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ عِنْدَ مَفْصِلِ السَّاقِ وَالْقَدَمِ وَلَوْ فُقِدَ الْكَعْبُ أَوْ الْمَرْفِقُ اُعْتُبِرَ قَدْرُهُ أَيْ مِنْ غَالِبِ أَمْثَالِهِ فِيمَا يَظْهَرُ بِخِلَافِ مَا إذَا وُجِدَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ الْمُعْتَادِ كَأَنْ لَاصَقَ الْمِرْفَقُ الْمَنْكِبَ وَالْكَعْبُ الرُّكْبَةَ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ وَكَذَا فِي الْحَشَفَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ وَقَالَ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ: يُعْتَبَرُ قَدْرُهُ مِنْ غَالِبِ النَّاسِ وَالنُّصُوصُ وَكَلَامُهُمْ مَحْمُولَانِ عَلَى غَالِبٍ، وَيَجِبُ هُنَا جَمِيعُ مَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْيَدَيْنِ بِمَا عَلَيْهِمَا وَمَا حَاذَاهُمَا وَهُنَا وَثَمَّ إزَالَةُ مَا بِنَحْوِ شِقٍّ أَوْ جُرْحٍ مِنْ نَحْوِ شَمْعٍ أَوْ دَوَاءٍ مَا لَمْ يَصِلْ لِغَوْرِ اللَّحْمِ الْغَيْرِ الظَّاهِرِ أَوْ يَلْتَحِمُ فَلَا وُجُوبَ أَوْ يَضُرُّهُ فَيَتَيَمَّمُ

(السَّادِسُ: تَرْتِيبُهُ هَكَذَا) مِنْ تَقْدِيمِ غَسْلِ الْوَجْهِ فَالْيَدَيْنِ فَالرَّأْسِ فَالرِّجْلَيْنِ لِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم الْمُبَيِّنِ لِلْوُضُوءِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَلِقَوْلِهِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ «ابْدَءُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» وَالْعِبْرَةُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ؛ وَلِأَنَّ الْفَصْلَ بَيْنَ الْمُتَجَانِسَيْنِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ فَائِدَةٍ هِيَ وُجُوبُ التَّرْتِيبِ لَا نَدْبُهُ بِقَرِينَةِ الْأَمْرِ فِي الْخَبَرِ فَلَوْ غَسَلَ أَرْبَعَةَ أَعْضَائِهِ مَعًا لَمْ يَحْسِبْ إلَّا الْوَجْهَ وَلَا يَسْقُطُ كَبَقِيَّةِ الْفُرُوضِ وَالشُّرُوطِ لِنِسْيَانٍ أَوْ إكْرَاهٍ؛ لِأَنَّهَا مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ (فَلَوْ اغْتَسَلَ مُحْدِثٌ) فِي مَاءٍ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ بِنِيَّةٍ مِمَّا مَرَّ حَتَّى نِيَّةِ الْوُضُوءِ عَلَى الْأَوْجَهِ أَوْ نِيَّةِ نَحْوِ الْجَنَابَةِ أَوْ أَدَاءِ الْغَسْلِ غَلَطًا لَا عَمْدًا خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ تَقْدِيرُ) وُقُوعِ (تَرْتِيبٍ) فِي الْخَارِجِ (بِأَنْ غَطَسَ وَمَكَثَ) بِقَدْرِ زَمَنِ التَّرْتِيبِ (صَحَّ) لَهُ الْوُضُوءُ (وَإِلَّا) يَمْكُثُ بِأَنْ خَرَجَ حَالًا (فَلَا) يَصِحُّ (قُلْت الْأَصَحُّ الصِّحَّةُ

الْإِجْمَاعُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ الْجَمْعُ بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ وَمَا صُحِّحَ مِنْ وُجُوبِ الْغَسْلِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَخِلَافُ الشِّيعَةِ فِي ذَلِكَ) أَيْ ذَلِكَ الْإِجْمَاعِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْإِجْمَاعَاتِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ؛ لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ فِي الِاصْطِلَاحِ اتِّفَاقُ الْمُجْتَهِدِينَ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم عَلَى حُكْمٍ شَرْعِيٍّ وَلَيْسَ صَاحِبُ الْبِدْعَةِ الَّذِي يَدْعُو النَّاسَ إلَيْهَا مِنْ أُمَّةِ الدَّعْوَةِ دُونَ الْمُتَابَعَةِ وَمُطْلَقُ الِاسْمِ لِأُمَّةِ الْمُتَابَعَةِ كَذَا فِي التَّلْوِيحِ فَلَا يَنْتَفِي الْإِجْمَاعُ بِمُخَالَفَتِهِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَدَلَّ) إلَى قَوْلِهِ أَيْ إلَخْ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِهِ فِيمَا يَظْهَرُ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ وَهُمَا الْعَظْمَانِ إلَخْ) وَفِي وَجْهٍ أَنَّ الْكَعْبَ هُوَ الَّذِي فَوْقَ مُشْطِ الْقَدَمِ، وَهُوَ شَاذٌّ ضَعِيفٌ مُغْنِي (قَوْلُهُ: النَّاتِئَانِ) أَيْ الْبَارِزَانِ الْمُرْتَفِعَانِ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: عِنْدَ مَفْصِلِ السَّاقِ إلَخْ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الصَّادِ ع ش.

(قَوْلُهُ: كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ) اعْتَمَدَهُ الْبُجَيْرِمِيُّ وَشَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَقَالَ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ يُعْتَبَرُ) أَيْ فِيمَا إذَا وُجِدَ الْمَرْفِقِ أَوْ الْمَنْكِبُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ الْمُعْتَادِ (قَوْلُهُ وَالنُّصُوصُ إلَخْ) مِنْ مَقُولِ الْجَمْعِ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ) إلَى قَوْلِهِ أَوْ يَلْتَحِمُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ بِنَحْوِ شِقٍّ) أَيْ كَثَقْبٍ (قَوْلُهُ: مِنْ نَحْوِ شَمْعٍ) أَيْ كَحِنَّا وَلَا أَثَرَ لِدُهْنٍ ذَائِبٍ وَلَوْنِ حِنَّا مُغْنِي (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَصِلْ لِغَوْرِ اللَّحْمِ) عِبَارَةُ ع ش أَيْ حَيْثُ كَانَ فِيمَا يَجِبُ غَسْلُهُ مِنْ الشِّقِّ، وَهُوَ ظَاهِرُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَزَلَ إلَى اللَّحْمِ بِبَاطِنِ الْجُرْحِ فَلَا يَجِبُ إزَالَتُهُ وَلَوْ كَانَ يُرَى اهـ.

(قَوْلُهُ لِغَوْرِ اللَّحْمِ الْغَيْرِ الظَّاهِرِ) أَيْ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ وَقَوْلُهُ أَوْ يَلْتَحِمُ إلَخْ أَيْ بَعْدَ أَنْ كَانَ ظَاهِرًا مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ أَوْ الْمُرَادُ بِغَيْرِ الظَّاهِرِ الَّذِي وَصَلَ إلَى اللَّحْمِ، فَإِنْ وَصَلَ حِينَئِذٍ لِحَدِّ الْبَاطِنِ فَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ عِبَارَةُ إيعَابِهِ وَفِي الْخَادِمِ بَعْدَ قَوْلِ الرَّوْضَةِ يَجِبُ غَسْلُ بَاطِنِ الثَّقْبِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ ظَاهِرًا صُورَتُهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يَرَى الضَّوْءَ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ وَفِي تَبْصِرَةِ الْجُوَيْنِيِّ إنَّ شُقُوقَ الرِّجْلِ إذَا كَانَتْ يَسِيرَةً لَا تُجَاوِزُ الْجِلْدَ إلَى اللَّحْمِ وَالظَّاهِرَ إلَى الْبَاطِنِ وَجَبَ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى جَمِيعِهَا، وَإِنْ فَحَشَتْ حَتَّى اتَّصَلَتْ بِالْبَاطِنِ لَمْ يَلْزَمْهُ إيصَالُ الْمَاءِ لِذَلِكَ الْبَاطِنِ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ مَا كَانَ فِي حَدِّ الظَّاهِرِ، وَيَنْبَغِي إلْحَاقُ التَّيَمُّمِ بِالْوُضُوءِ فِي ذَلِكَ حَتَّى يَجِبَ إيصَالُ التُّرَابِ إلَيْهِ اهـ.

وَمَا نَقَلَهُ عَنْ الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ يُوَافِقُهُ مَا تَقَرَّرَ عَنْ الْمَجْمُوعِ إلَخْ اهـ كَلَامُ الْإِيعَابِ اهـ كُرْدِيٌّ

(قَوْلُهُ: مِنْ تَقْدِيمِ) إلَى قَوْلِهِ قِيلَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ كَبَقِيَّةِ الْفُرُوضِ وَالشُّرُوطِ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهَا إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَإِلَى قَوْلِهِ بَلْ لَوْ كَانَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا مَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ قِيلَ إلَى وَقَوْلِ الرُّويَانِيِّ (قَوْلُهُ: مِنْ تَقْدِيمِ غَسْلِ الْوَجْهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي أَيْ كَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْبُدَاءَةِ بِغَسْلِ الْوَجْهِ مَقْرُونًا بِالنِّيَّةِ ثُمَّ الْيَدَيْنِ ثُمَّ مَسْحِ الرَّأْسِ ثُمَّ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ اهـ.

(قَوْلُهُ: مِنْ تَقْدِيمِ غَسْلِ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَى لَفْظِ تَقْدِيمِ (قَوْلُهُ: لِفِعْلِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ «؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَتَوَضَّأْ إلَّا مُرَتَّبًا» وَلَوْ لَمْ يَجِبْ لَتَرَكَهُ فِي وَقْتٍ أَوْ دَلَّ عَلَيْهِ بَيَانًا لِلْجَوَازِ كَمَا فِي التَّثْلِيثِ وَنَحْوِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَالْعِبْرَةُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ) أَيْ وَهُوَ عَامٌّ وَشَامِلٌ لِلْوُضُوءِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْفَصْلَ إلَخْ) ؛ وَلِأَنَّ الْعَرَبَ إذَا ذَكَرَتْ مُتَعَاطِفَاتٍ بَدَأَتْ بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ فَلَمَّا ذَكَرَ فِيهَا الْوَجْهَ ثُمَّ الْيَدَيْنِ ثُمَّ الرَّأْسَ ثُمَّ الرِّجْلَيْنِ دَلَّتْ عَلَى الْأَمْرِ بِالتَّرْتِيبِ وَإِلَّا لَقَالَ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَاغْسِلُوا أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْفَصْلَ) أَيْ بِالْمَسْحِ بَيْنَ الْمُتَجَانِسَيْنِ أَيْ غَسْلَيْ الْوَجْهِ وَالرِّجْلَيْنِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ غَسَلَ أَرْبَعَةً إلَخْ) أَيْ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ حَيْثُ نَوَى مَعَ غَسْلِ الْوَجْهِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: لَمْ يَحْسِبْ إلَخْ) وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ التَّرْتِيبُ بَلْ الشَّرْطُ فِيهِ عَدَمُ التَّنْكِيسِ وَعَلَيْهِ صَحَّ وُضُوءُهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ إنْ نَوَى مُغْنِي (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ الضَّمِيرُ لِلشُّرُوطِ فَقَطْ أَوْ وَلِلْفُرُوضِ وَيُرَادُ بِهَا فُرُوضُ الْوُضُوءِ، وَيَدَّعِي أَنَّ لَمَّا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الشُّرُوطُ حُكْمُهَا.

(قَوْلُهُ: مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ) وَهُوَ خِطَابُ اللَّهِ الْمُتَعَلِّقُ بِكَوْنِ الشَّيْءِ سَبَبًا أَوْ شَرْطًا أَوْ مَانِعًا أَوْ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا أَيْ لَا مِنْ خِطَابِ التَّكْلِيفِ حَتَّى يَتَأَثَّرَ بِنَحْوِ النِّسْيَانِ قَوْلُ الْمَتْنِ (مُحْدِثٌ) أَيْ حَدَثًا أَصْغَرَ فَقَطْ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَوْجَهِ) أَيْ خِلَافًا لِمَا يَأْتِي عَنْ الرُّويَانِيِّ مَعَ رَدِّهِ (قَوْلُهُ بِنِيَّةٍ مِمَّا مَرَّ) أَيْ وَلَوْ مُتَعَمِّدًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ أَوْ بِنِيَّةِ نَحْوِ الْجَنَابَةِ) أَيْ نَحْوِ رَفْعِ الْجَنَابَةِ (قَوْلُهُ: غَلَطًا إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ بِنِيَّةِ نَحْوِ الْجَنَابَةِ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ (إنْ أَمْكَنَ تَقْدِيرُ تَرْتِيبٍ) الْأَوْلَى تَرْكُ

الْوَاجِبَ الْمُخَيَّرَ هُوَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ الْخِصَالِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنْ يَتَّصِفَ بَعْضُ الْخِصَالِ بِالْإِبَاحَةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ حَيْثُ خُصُوصُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ؛ وَبِأَنَّ الْمُرَادَ بِكَوْنِ الْغَسْلِ أَصْلًا أَنَّهُ الْقِيَاسُ لَا أَنَّهُ وَاجِبٌ أَوَّلًا

ص: 211

بِلَا مُكْثٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ)

؛ لِأَنَّ الْغَسْلَ فِيمَا إذَا أَتَى بِنِيَّةٍ صَالِحَةٍ لَهُ يَكْفِي لِلْأَكْبَرِ فَأَوْلَى الْأَصْغَرُ وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِ الْمَنْوِيِّ حِينَئِذٍ طُهْرًا غَيْرَ مُرَتَّبٍ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا تَتَعَلَّقُ بِخُصُوصِ التَّرْتِيبِ وَلِتَقْدِيرِ التَّرْتِيبِ فِي لَحَظَاتٍ لَطِيفَةٍ، وَإِنْ لَمْ تُحَسَّ قِيلَ هَذَا خِلَافُ الْفَرْضِ إذْ هُوَ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَقْدِيرُ تَرْتِيبِهِ، وَيَرِدُ بِمَنْعِ مَا عَلَّلَ بِهِ كَيْفَ وَالتَّقْدِيرُ مِنْ الْأُمُورِ الْوَهْمِيَّةِ لَا الْحِسِّيَّةِ وَشَتَّانَ مَا بَيْنَهُمَا وَقَوْلُ الرُّويَانِيِّ أَنَّ نِيَّةَ الْوُضُوءِ بِغَسْلِهِ أَيْ أَوْ رَفْعِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ لَا تُجْزِئُهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ التَّرْتِيبُ حَقِيقَةً مَبْنِيٌّ عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ بِنَاءَهُ عَلَى الطَّرِيقَتَيْنِ لِمَا يَأْتِي وَبَحَثَ ابْنُ الصَّلَاحِ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ عِنْدَ نِيَّةِ ذَلِكَ أَيْ، وَإِنْ أَمْكَنَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُمْ الْغُسْلُ مَقَامَ الْوُضُوءِ ضَعِيفٌ وَمَا عَلَّلَ بِهِ مَمْنُوعٌ إذْ لَا ضَرُورَةَ بَلْ وَلَا حَاجَةَ لِهَذِهِ الْإِقَامَةِ بَلْ الْعِلَّةُ الصَّحِيحَةُ هِيَ إمْكَانُ تَقْدِيرِ التَّرْتِيبِ فَكَفَتْهُ نِيَّةُ مَا يَتَضَمَّنُ ذَلِكَ مِنْ جَمِيعِ مَا ذُكِرَ حَتَّى قَصْدَهُ بِغَسْلِهِ الْوُضُوءَ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ نِسْيَانُ لُمْعَةٍ أَوْ لُمَعٍ فِي غَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ بَلْ لَوْ كَانَ عَلَى مَا عَدَا أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ مَانِعٌ كَشَمْعٍ لَمْ يُؤَثِّرْ فِيمَا يَظْهَرُ سَوَاءٌ أَمْكَنَ تَقْدِيرُ التَّرْتِيبِ أَمْ لَا.

وَمَنْ قَيَّدَ كَالْإِسْنَوِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ بِإِمْكَانِهِ إنَّمَا أَرَادَ التَّفْرِيعَ عَلَى الْعِلَّةِ الْأُولَى الضَّعِيفَةِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ تَفْرِيعَهُ عَلَى الْعِلَّتَيْنِ وَمَا أَفْهَمهُ الْمَتْنُ مِنْ أَنَّ الْغَمْسَ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي الْمُكْثِ هُوَ كَذَلِكَ؛

تَقْدِيرٍ؛ لِأَنَّ الْإِمْكَانَ يُغْنِي عَنْهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْغَسْلَ إلَخْ) اقْتَصَرَ النِّهَايَةُ عَلَى التَّعْلِيلِ الْآتِي ثُمَّ قَالَ وَمَنْ عَلَّلَهُ كَالشَّارِحِ بِأَنَّ الْغَسْلَ يَكْفِي لِلْأَكْبَرِ إلَخْ رُدَّ بِأَنَّهُ يَنْتَقِضُ بِغَسْلِ الْأَسَافِلِ قَبْلَ الْأَعَالِي اهـ أَيْ فَإِنَّهُ يَكْفِي لِلْغُسْلِ وَلَا يَكْفِي لِلْوُضُوءِ بَلْ يَحْصُلُ لَهُ الْوَجْهُ فَقَطْ وَسَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ الشَّارِحِ أَيْضًا بِقَوْلِهِ الْآتِي بَلْ الْعِلَّةُ الصَّحِيحَةُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَأَوْلَى الْأَصْغَرُ) قَدْ يَمْنَعُ الْمُسَاوَاةَ فَضْلًا عَنْ الْأَوْلَوِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْغَرَ يُعْتَبَرُ فِيهِ التَّرْتِيبُ الَّذِي لَا يَحْصُلُ بِدُونِ الْمُكْثِ بِخِلَافِ الْأَكْبَرِ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ تَرْتِيبٌ سم.

(قَوْلُهُ: وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِ الْمَنْوِيِّ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَاكْتَفَى بِنِيَّةِ الْجَنَابَةِ وَنَحْوِهَا مَعَ كَوْنِ الْمَنْوِيِّ إلَخْ (قَوْلُهُ: حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ نَوَى نَحْوَ الْجَنَابَةَ (قَوْلُهُ: لَا يَتَعَلَّقُ بِخُصُوصِ التَّرْتِيبِ) أَيْ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَلِتَقْدِيرِ التَّرْتِيبِ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْغَسْلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي لَحَظَاتٍ إلَخْ) رُبَّمَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ هَذِهِ اللَّحَظَاتِ اللَّطِيفَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ مُجَرَّدَ فَرْضِهِ وَتَقْدِيرِهِ فَرْضًا غَيْرَ مُطَابِقٍ لِلْوَاقِعِ فَهُوَ اعْتِرَافٌ بِانْتِفَاءِ اشْتِرَاطِ التَّرْتِيبِ فَلَا فَائِدَةَ فِي التَّقْدِيرِ حَلَبِيٌّ.

(قَوْلُهُ: قِيلَ هَذَا) أَيْ قَوْلُهُ وَلِتَقْدِيرِ التَّرْتِيبِ إلَخْ وَفِي سم بَعْدَ كَلَامٍ مَا نَصُّهُ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ عَلَى وَجْهِهِ عَلِمْت قُوَّةَ هَذَا الْقِيلِ وَضَعْفَ رَدِّهِ الْمَذْكُورِ، وَأَنَّ مَنْعَ مَا عَلَّلَ بِهِ مُكَابَرَةٌ وَاضِحَةٌ، وَأَنَّ سَنَدَ ذَلِكَ الْمَنْعِ لَا يَصْلُحُ لِلسَّنَدِيَّةِ فَقَوْلُهُ كَيْفَ إلَخْ يُقَالُ لَيْسَ الْكَلَامُ فِي التَّقْدِيرِ بَلْ فِي الْمُقَدَّرِ وَهُوَ التَّرْتِيبُ وَلَيْسَ أَمْرًا وَهْمِيًّا، فَإِنْ أُرِيدَ أَنَّهُ أَيْضًا وَهْمِيٌّ، فَإِنْ كَانَ بِمَعْنَى الِاكْتِفَاءِ بِفَرْضِهِ فَرْضًا غَيْرَ مُطَابِقٍ فَهُوَ اعْتِرَافٌ بِانْتِفَاءِ التَّرْتِيبِ فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي تَقْدِيرِهِ فَكَانَ يَكْفِي دَعْوَى سُقُوطِ اشْتِرَاطِ التَّرْتِيبِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَوْ مُطَابِقًا لِلْوَاقِعِ فَهُوَ غَيْرُ مُمْكِنٍ كَمَا تَقَرَّرَ فَلْيَتَأَمَّلْ الْمُتَأَمِّلُ اهـ.

(قَوْلُهُ: إذْ هُوَ إلَخْ) أَيْ الْفَرْضُ (قَوْلُهُ: وَيَرُدُّ بِمَنْعِ إلَخْ) الرَّدُّ إيضَاحٌ؛ لِأَنَّ الْمَنْفِيَّ تَقْدِيرُ التَّرْتِيبِ حَقِيقَةً سم (قَوْلُهُ: مَبْنِيٌّ عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ) أَيْ الطَّرِيقَةِ الَّتِي مَشَى عَلَيْهَا الرَّافِعِيُّ وَإِلَّا فَالرُّويَانِيُّ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الرَّافِعِيِّ ع ش (قَوْلُهُ: لِمَا يَأْتِي) أَيْ فِي بَيَانِ الْعِلَّةِ الصَّحِيحَةِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ عِنْدَ نِيَّةِ ذَلِكَ) أَيْ نِيَّةِ الْوُضُوءِ أَوْ رَفْعِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ أَيْ، وَإِنْ أَمْكَنَ أَيْ التَّرْتِيبُ حَقِيقَةً (قَوْلُهُ: ضَعِيفٌ) خَبَرُ وَبَحْثُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَمَا عَلَّلَ بِهِ مَمْنُوعٌ) هَذَا الْمَنْعُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُقَدِّمَةِ الْمَطْوِيَّةِ وَهِيَ وَالْإِقَامَةُ شَرْطٌ فِي إجْزَاءِ مَا ذُكِرَ وَيُرْشِدُك إلَى ذَلِكَ سَنَدُ الْمَنْعِ بَصْرِيٌّ.

(قَوْلُهُ فَكَفَتْهُ) أَيْ الْغَاطِسَ وَقَوْلُهُ ذَلِكَ أَيْ رَفْعُ الْحَدَثِ وَقَوْلُهُ مِنْ جَمِيعِ مَا ذُكِرَ أَيْ مِنْ النِّيَّاتِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْعِلَّةَ الصَّحِيحَةَ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ الْوَجْهُ) إلَى قَوْلِهِ بَلْ لَوْ كَانَ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: لُمْعَةٌ) بِضَمِّ اللَّامِ ع ش (قَوْلُهُ: بَلْ لَوْ كَانَ إلَخْ) أَقَرَّهُ ع ش (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَمْكَنَ تَقْدِيرُ التَّرْتِيبِ) أَيْ الْحَقِيقِيِّ (قَوْلُهُ: وَمِنْ قَيْدِ) أَيْ عَدَمِ تَأْثِيرِ الْمَانِعِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: بِإِمْكَانِهِ) أَيْ التَّرْتِيبِ الْحَقِيقِيِّ (قَوْلُهُ: إنَّمَا أَرَادَ التَّفْرِيعَ) أَيْ تَفْرِيعَ عَدَمِ تَأْثِيرِ الْمَانِعِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْعِلَّةِ الْأُولَى)، وَهِيَ قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْغَسْلَ فِيمَا إذَا أَتَى إلَخْ (قَوْلُهُ: هُوَ كَذَلِكَ) لَكِنْ أَلْحَقَ الْقَمُولِيُّ بِالِانْغِمَاسِ مَا لَوْ رَقَدَ تَحْتَ مِيزَابٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ صَبَّ غَيْرُهُ الْمَاءَ عَلَيْهِ دُفْعَةً وَاحِدَةً وَيُجَابُ عَمَّنْ رَدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِ الْقَمُولِيِّ دُفْعَةً وَاحِدَةً أَنَّ الْمَاءَ عَمَّ جَمِيعَ بَدَنِهِ فِي تِلْكَ الدُّفْعَةِ فَحِينَئِذٍ صَارَ كَالِانْغِمَاسِ لَا كَمَا لَوْ غَسَلَ أَرْبَعَةَ

وَبِكَوْنِ الْمَسْحِ أَصْلًا أَنَّهُ وَجَبَ غَيْرُ بَدَلٍ عَنْ شَيْءٍ آخَرَ كَانَ وَاجِبًا فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ فَأَوْلَى الْأَصْغَرُ) قَدْ تَمْنَعُ الْمُسَاوَاةُ فَضْلًا عَنْ الْأَوْلَوِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْغَرَ يُعْتَبَرُ فِيهِ التَّرْتِيبُ الَّذِي لَا يَحْصُلُ بِدُونِ الْمُكْثِ بِخِلَافِ الْأَكْبَرِ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ تَرْتِيبٌ (قَوْلُهُ: قِيلَ هَذَا خِلَافُ الْفَرْضِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ تَحَقُّقَ التَّرْتِيبِ حَقِيقَةٌ فِي الْوَاقِعِ يَتَوَقَّفُ عَلَى زَمَنٍ يَسَعُ مُمَاسَّةَ الْمَاءِ لِكُلِّ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ عَقِبَ مُمَاسَّتِهِ لِمَا قَبْلُ وَهَذَا هُوَ الْمُكْثُ الَّذِي اشْتَرَطَهُ الرَّافِعِيُّ قَطْعًا وَالْمُصَنِّفُ نَفَى اشْتِرَاطَ ذَلِكَ وَاكْتَفَى بِتَقْدِيرِ التَّرْتِيبِ، فَإِنْ أَرَادَ بِتَقْدِيرِهِ مُجَرَّدَ فَرْضِهِ فَرْضًا غَيْرَ مُطَابِقٍ لِلْوَاقِعِ فَهُوَ اعْتِرَافٌ بِانْتِفَاءِ اشْتِرَاطِ التَّرْتِيبِ حَقِيقَةً رَأْسًا فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي تَقْدِيرِهِ فَكَانَ يَكْفِي دَعْوَى سُقُوطِ اشْتِرَاطِ التَّرْتِيبِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَإِنْ أَرَادَ بِتَقْدِيرِهِ فَرْضَهُ فَرْضًا مُطَابِقًا لِلْوَاقِعِ فَهُوَ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ مَعَ مَا تَقَرَّرَ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ عَلَى وَجْهِهِ عَلِمْت قُوَّةَ هَذَا الْقِيلِ وَضَعْفَ رَدِّهِ الْمَذْكُورِ، وَأَنَّ مَنْعَ مَا عَلَّلَ بِهِ مُكَابَرَةٌ وَاضِحَةٌ، وَأَنَّ سَنَدَ ذَلِكَ الْمَنْعِ لَا يَصْلُحُ لِلسَّنَدِيَّةِ فَقَوْلُهُ كَيْفَ إلَخْ يُقَالُ عَلَيْهِ لَيْسَ الْكَلَامُ فِي التَّقْدِيرِ بَلْ فِي الْمُقَدَّرِ، وَهُوَ التَّرْتِيبُ وَلَيْسَ أَمْرًا وَهْمِيًّا، فَإِنْ أُرِيدَ أَنَّهُ أَيْضًا وَهْمِيٌّ، فَإِنْ كَانَ بِمَعْنَى الِاكْتِفَاءِ بِفَرْضِهِ فَرْضًا غَيْرَ مُطَابِقٍ فَهُوَ اعْتِرَافٌ بِانْتِفَاءِ التَّرْتِيبِ كَمَا تَقَدَّمَ أَوْ مُطَابِقًا لِلْوَاقِعِ فَهُوَ غَيْرُ مُمْكِنٍ كَمَا تَقَرَّرَ فَلْيَتَأَمَّلْ الْمُتَأَمِّلُ.

(قَوْلُهُ وَيُرَدُّ إلَخْ) الرَّدُّ إيضَاحٌ؛ لِأَنَّ الْمَنْفِيَّ تَقْدِيرُ

ص: 212

؛ لِأَنَّ تَقْدِيرَ التَّرْتِيبِ لَا يَأْتِي إلَّا عِنْدَ عُمُومِ الْمَاءِ لِأَعْضَاءِ الْوُضُوءِ مَعًا فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ وَمَا ذَكَرْتُهُ مِنْ أَنَّ الْغَمْسَ فِي الْقَلِيلِ أَيْ مَعَ تَأَخُّرِ النِّيَّةِ عَنْ الْغَمْسِ يَرْفَعُ الْحَدَثَ عَنْ جَمِيعِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ، وَإِنْ لَمْ يَمْكُثْ نَظَرًا لِذَلِكَ التَّقْدِيرِ هُوَ الْمَنْقُولُ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ رَفْعَهُ عَنْ الْوَجْهِ فَقَطْ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى تَقَدُّمِ النِّيَّةِ عَلَى غَمْسِهِ وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الْغَسْلِ أَنَّهُ لَوْ غَسَلَ جُنُبٌ بَدَنَهُ إلَّا أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ ثُمَّ أَحْدَثَ لَمْ يَجِبْ تَرْتِيبُهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْغَرَ انْدَرَجَ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ، وَإِنَّمَا سُنَّتْ نِيَّةُ رَفْعِهِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ لَمْ يَقُلْ بِانْدِرَاجِهِ فَلَا تَنَافِيَ خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ فِيهِ أَوْ إلَّا رِجْلَيْهِ مَثَلًا ثُمَّ أَحْدَثَ كَفَاهُ غَسْلُهُمَا عَنْ الْأَكْبَرِ بَعْدَ بَقِيَّةِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ أَوْ قَبْلَهَا أَوْ فِي أَثْنَائِهَا وَالْمَوْجُودُ فِي الْأَخِيرَيْنِ وُضُوءٌ خَالٍ عَنْ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَهُمَا مَكْشُوفَتَانِ بِلَا عِلَّةٍ إذْ لَمْ يَجِبْ فِيهِ غَسْلُهُمَا لَا عَنْ التَّرْتِيبِ لِوُجُوبِهِ فِيمَا عَدَاهُمَا

(وَسُنَنُهُ) أَيْ الْوُضُوءِ (السِّوَاكُ)

أَعْضَائِهِ مَعًا لِتَمَايُزِ مَا فِي هَذِهِ دُونَ تِلْكَ وَهَذَا ظَاهِرٌ مِنْ كَلَامِ الْقَمُولِيِّ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ اهـ إيعَابٌ اهـ.

كُرْدِيٌّ عِبَارَةُ الْإِطْفِيحِيِّ أَفْهَمَ قَوْلُ الْمَنْهَجِ وَلَوْ انْغَمَسَ مُحْدِثٌ أَجْزَأَهُ أَنَّ الِانْغِمَاسَ لَا بُدَّ مِنْهُ فَلَا يَكْفِي الِاغْتِسَالُ بِدُونِهِ لَكِنْ أَلْحَقَ الْقَمُولِيُّ مَا لَوْ رَقَدَ تَحْتَ مِيزَابٍ وَانْصَبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ بِأَنْ عَمَّ جَمِيعَ بَدَنِهِ دَفْعَةً وَاحِدَةً، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَارْتَضَاهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ اهـ.

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ تَقْدِيرَ التَّرْتِيبِ) أَيْ مُطْلَقًا حَقِيقِيًّا أَوْ لَا (قَوْلُهُ وَسَيُعْلَمُ) إلَى قَوْلِهِ لَا عَنْ التَّرْتِيبِ فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الْغَسْلِ إلَخْ) أَيْ وَلِذَا سَكَتَ هُنَا عَنْ اسْتِثْنَائِهِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْأَصْغَرَ انْدَرَجَ) أَيْ فِي الْأَكْبَرِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي بَلْ، وَإِنْ نَفَاهُ قَلْيُوبِيٌّ أَيْ خِلَافًا لسم حَيْثُ قَالَ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ مَا نَصُّهُ ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ لَمَّا عَلَّلَ الِانْدِرَاجَ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْغَرَ اضْمَحَلَّ فِي الْأَكْبَرِ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ حُكْمٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ قَالَ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ ارْتِفَاعُهُ، وَإِنْ نَوَى أَنْ لَا يَرْتَفِعَ اهـ.

وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ ثُمَّ أَطَالَ فِي تَأْيِيدِ النَّظَرِ رَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: فَلَا تَنَافِي) أَيْ بَيْنَ الِانْدِرَاجِ وَسَنِّ نِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ عِنْدَ الْغُسْلِ عَنْ الْأَكْبَرِ (قَوْلُهُ: مَثَلًا) أَيْ أَوْ يَدَيْهِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: بَعْدَ بَقِيَّةِ إلَخْ) فِيهِ مُنَافَاةٌ وِرْدٌ لِلدَّقِيقَةِ الَّتِي أَشَارَ إلَيْهَا فِي الْغُسْلِ وَنَظِيرُ الْيَدِ ثَمَّ مَا عَدَا الرِّجْلَيْنِ هُنَا بَصْرِيٌّ، وَيَأْتِي هُنَاكَ مَا يَنْدَفِعُ بِهِ الْمُنَافَاةُ (قَوْلُهُ: فِي الْأَخِيرَيْنِ) أَيْ الْقَبْلِيَّةَ وَالتَّوَسُّطَ (قَوْلُهُ: إذْ لَمْ يَجِبْ غَسْلُهُمَا) إنْ أُرِيدَ عَدَمُ الْوُجُوبِ مُطْلَقًا وَلَوْ ضِمْنًا لِغَيْرِهِ فَمَمْنُوعٌ، وَإِنْ أُرِيدَ عَدَمُ الْوُجُوبِ اسْتِقْلَالًا فَهَذَا لَا يَقْتَضِي الْخُلُوَّ عَنْ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ فَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْخُلُوِّ، وَإِنْ صَرَّحُوا بِهِ فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَكَذَا مَا ذَكَرُوهُ مِنْ عَدَمِ الْخُلُوِّ عَنْ التَّرْتِيبِ لِعَدَمِ وُجُوبِ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ رَدًّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاصِّ إنَّهُ خَالٍ عَنْهُ فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ أَيْضًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ بَانَ عَدَمُ الْخُلُوِّ عَنْ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ فِي الْجُمْلَةِ مَعَ عَدَمِ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ فَتَأَمَّلْهُ بِإِنْصَافٍ سم وَفِي الْبُجَيْرِمِيِّ عَنْ الْقَلْيُوبِيِّ وَالْعَزِيزِيِّ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: لَا عَنْ التَّرْتِيبِ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ عَنْ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَتَقْدِيمُ عَنْ سم آنِفًا أَنَّهُ رَدَّ عَلَى ابْنِ الْقَاصِّ مَعَ مَا فِيهِ

(قَوْلُهُ: أَيْ الْوُضُوءُ) سَوَاءٌ فِي اسْتِحْبَابِهِ لَهُ أَكَانَ حَالَ شُرُوعِهِ فِيهِ أَمْ فِي أَثْنَائِهِ قِيَاسًا عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي التَّسْمِيَةِ وَبَدْؤُهُ بِالسِّوَاكِ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ أَوَّلُ السُّنَنِ، وَهُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ جَمْعٌ وَجَرَى بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّ أَوَّلَهَا غَسْلُ كَفَّيْهِ وَالْأَوْجَهُ أَنْ يُقَالَ أَوَّلُ سُنَنِهِ الْفِعْلِيَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ

التَّرْتِيبِ حَقِيقَةً (قَوْلُهُ لَمْ يُؤَثِّرْ فِيمَا يَظْهَرُ) هَلْ كَذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ الْمَانِعُ مَا عَلَى أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ مَا عَدَا أَقَلِّ مَا يُجْزِئُ مَسْحُهُ مِنْ الرَّأْسِ أَيْضًا فِيهِ نَظَرٌ وَقِيَاسُ عَدَمِ التَّأْثِيرِ فِيمَا ذُكِرَ عَدَمُهُ هُنَا أَيْضًا وَقَدْ يُشْكِلُ بِقَوْلِهِمْ لَوْ غَسَلَ الْأَعْضَاءَ الْأَرْبَعَةَ دُفْعَةً وَاحِدَةً حَصَلَ الْوَجْهُ فَقَطْ إذْ لَا فَرْقَ فِي الْمَعْنَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَعْمِيمِ جَمِيعِ الْبَدَنِ مَعَ الْمَانِعِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ أَيْ مَعَ تَأَخُّرِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ يَنْبَغِي عَلَى طَرِيقَةِ مَا قَرَّرَهُ أَنَّ التَّقَدُّمَ مَعَ الِانْغِمَاسِ دُفْعَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: إذْ لَمْ يَجِبْ فِيهِ غَسْلُهُمَا) إنْ أُرِيدَ عَدَمُ الْوُجُوبِ مُطْلَقًا وَلَوْ ضِمْنًا فَمَمْنُوعٌ يُؤَيِّدُ الْمَنْعَ أَنَّهُ لَوْ قَصَدَ بِغَسْلِهِمَا رَفْعَ الْجَنَابَةِ عَنْهُمَا دُونَ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ بِأَنْ قَصَدَا هَذَا الْإِثْبَاتَ وَهَذَا النَّفْيَ مَعًا لَمْ يَحْصُلْ الْوُضُوءُ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ قَصْدَ رَفْعِ الْجَنَابَةِ دُونَ الْحَدَثِ صَارِفٌ لِلْغُسْلِ عَنْ الْحَدَثِ فَلَا يَرْتَفِعُ فَلَوْ لَمْ يَجِبْ مُطْلَقًا وَجَبَ أَنْ يَحْصُلَ، وَإِنْ أُرِيدَ عَدَمُ الْوُجُوبِ اسْتِقْلَالًا فَهَذَا لَا يَقْتَضِي الْخُلُوَّ عَنْ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ فَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْخُلُوِّ، وَإِنْ صَرَّحُوا بِهِ فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ.

وَكَذَا مَا ذَكَرُوهُ مِنْ عَدَمِ الْخُلُوِّ عَنْ التَّرْتِيبِ لِعَدَمِ وُجُوبِ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ رَدًّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاصِّ إنَّهُ خَالٍ عَنْهُ فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ أَيْضًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ بَانَ عَدَمُ الْخُلُوِّ عَنْ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ فِي الْجُمْلَةِ مَعَ عَدَمِ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ فَقَدْ لَزِمَ الْخُلُوُّ عَنْ التَّرْتِيبِ فَتَأَمَّلْهُ بِإِنْصَافٍ ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ لَمَّا عَلَّلَ الِانْدِرَاجَ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْغَرَ اضْمَحَلَّ فِي الْأَكْبَرِ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ حُكْمٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ قَالَ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ ارْتِفَاعُهُ، وَإِنْ نَوَى أَنْ لَا يَرْتَفِعَ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَيُؤَيِّدُ النَّظَرَ أَنَّ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ إذَا نَوَى غَيْرَ التَّحِيَّةِ دُونَ التَّحِيَّةِ انْصَرَفَ الْفِعْلُ عَنْهَا وَلَمْ تَحْصُلْ مَعَ انْدِرَاجِهَا فِي غَيْرِهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ التَّدَاخُلَ فِي الطِّهَارَاتِ أَقْوَى غَيْرُ قَوِيٍّ، فَإِنْ قُلْت يَدْفَعُ النَّظَرُ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ نَوَى بَعْضَ أَحْدَاثِهِ وَنَفَى غَيْرَهُ مِنْ بَاقِيهَا أَنَّهُ تَصِحُّ النِّيَّةُ، وَيَرْتَفِعُ حَدَثُهُ مُطْلَقًا قُلْت يُفَرَّقُ بِأَنَّ مُقْتَضَى إحْدَاثِهِ وَاحِدٌ بِخِلَافِ الْأَصْغَرِ مَعَ الْأَكْبَرِ لِاخْتِلَافِ مُقْتَضَاهُمَا فَإِنَّ الْأَكْبَرَ يُحَرِّمُ مَا لَا يُحَرِّمُهُ الْأَصْغَرُ فَلْيُتَأَمَّلْ وَقَدْ يُؤَيِّدُ النَّظَرُ أَنَّ انْدِرَاجَ الْأَصْغَرِ فِي الْأَكْبَرِ غَايَتُهُ أَنْ تَجْعَلَ نِيَّةَ الْأَكْبَرِ نِيَّةً لِلْأَصْغَرِ فَإِذَا نَوَى الْجَنَابَةَ وَنَوَى أَنْ لَا يَرْتَفِعَ الْأَصْغَرُ تَنَاقَضَتْ النِّيَّةُ وَصَارَ كَمَا لَوْ نَوَى رَفْعَ الْأَصْغَرِ وَأَنْ لَا يَرْتَفِعَ

ص: 213

هَذَا الْحَصْرُ إضَافِيٌّ بِاعْتِبَارِ الْمَذْكُورِ هُنَا فَلَا اعْتِرَاضَ، وَهُوَ مَصْدَرُ سَاكَ فَاهُ يَسُوكُهُ وَهُوَ لُغَةً الدَّلْكُ وَآلَتُهُ؛ وَشَرْعًا اسْتِعْمَالُ نَحْوِ عُودٍ فِي الْأَسْنَانِ وَمَا حَوْلَهَا وَأَقَلُّهُ مَرَّةٌ إلَّا إنْ كَانَ لِتَغَيُّرٍ فَلَا بُدَّ مِنْ إزَالَتِهِ فِيمَا يَظْهَرُ وَيُحْتَمَلُ الِاكْتِفَاءُ بِهَا فِيهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا تُخَفِّفُهُ وَذَلِكَ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتهمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ» أَيْ أَمْرًا يُجَابُ وَمَحَلُّهُ بَيْنَ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ وَالْمَضْمَضَةِ؛ لِأَنَّ أَوَّلَ سُنَنِهِ التَّسْمِيَةُ كَمَا يَأْتِي وَيُسَنُّ فِي السِّوَاكِ حَيْثُ نُدِبَ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ فِي الْوُضُوءِ، وَإِنْ أَوْهَمَتْهُ الْعِبَارَةُ

عَلَيْهِ السِّوَاكُ وَأَوَّلُ الْفِعْلِيَّةِ الَّتِي مِنْهُ غَسْلُ كَفَّيْهِ وَأَوَّلُ الْقَوْلِيَّةِ التَّسْمِيَةُ فَيَنْوِي مَعَهَا عِنْدَ غَسْلِ كَفَّيْهِ وَلَا يَخْتَصُّ طَلَبُهُ بِالْوُضُوءِ فَيُسَنُّ لِكُلِّ غُسْلٍ أَوْ تَيَمُّمٍ، وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ بِهِ نِهَايَةٌ عِبَارَةُ الْمُغْنِي بَعْدَ تَرْجِيحِهِ لِلْقَوْلِ الثَّانِي كَالشَّارِحِ كَمَا يَأْتِي مَا نَصُّهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَإِذَا تَرَكَهُ أَوْ لَهُ أَرَى أَنْ يَأْتِيَ بِهِ فِي أَثْنَائِهِ كَالتَّسْمِيَةِ وَأَوْلَى وَلَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا اهـ.

وَهُوَ حَسَنٌ وَقَضِيَّةُ تَخْصِيصِهِمْ الْوُضُوءَ بِالذِّكْرِ أَنَّهُ لَا يَطْلُبُ السِّوَاكَ لِلْغُسْلِ، وَإِنْ طُلِبَ لِكُلِّ حَالٍ قِيلَ وَلَعَلَّ سَبَبَ ذَلِكَ الِاكْتِفَاءُ بِاسْتِحْبَابِهِ فِي الْوُضُوءِ الْمَسْنُونِ فِيهِ (قَوْلُهُ: هَذَا الْحَصْرُ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ وَمِنْ سُنَنِهِ السِّوَاكُ إلَخْ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْمُحَرَّرُ لَكَانَ أَوْلَى لِئَلَّا يُوهِمَ الْحَصْرَ فَإِنَّ لَهُ سُنَنًا لَمْ يَذْكُرْهَا هُنَا وَحَاصِلُهُ أَنَّ هَذَا الْحَصْرَ إضَافِيٌّ بِاعْتِبَارِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَالْمَعْنَى وَسُنَنُهُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْكِتَابِ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتُ لَا جَمِيعُ سُنَنِهِ وَقَدْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْحَصْرَ الْمَذْكُورَ خَالٍ عَنْ الْفَائِدَةِ (قَوْلُهُ بِاعْتِبَارِ الْمَذْكُورِ هُنَا) يُتَأَمَّلُ مَعْنَاهُ فَفِيهِ خَفَاءٌ وَكَانَ مُرَادُهُ أَنَّهُ لَا سُنَنَ لِلْوُضُوءِ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إلَّا هَذِهِ الْمَذْكُورَاتُ لَكِنْ إنَّمَا يَحْسُنُ هَذَا لَوْ ذُكِرَتْ هَذِهِ السُّنَنُ فِيمَا سَبَقَ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ الْمَعْنَى لَا سُنَنَ مِمَّا نَذْكُرُهُ الْآنَ إلَّا هَذِهِ بِمَعْنَى لَا نَذْكُرُ الْآنَ مِنْ هَذِهِ السُّنَنِ إلَّا هَذِهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ تَكَلُّفٌ سم أَيْ وَخَالٍ عَنْ الْفَائِدَةِ (قَوْلُهُ الْمَذْكُورُ هُنَا) أَيْ: فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنْ أَفْعَالِ الْوُضُوءِ لَا مُطْلَقًا بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَصْدَرٌ إلَخْ) أَيْ إذَا كَانَ بِمَعْنَى الدَّلْكِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ لُغَةً الدَّلْكُ وَآلَتُهُ) فَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْمَصْدَرِ وَالْآلَةِ ع ش (قَوْلُهُ اسْتِعْمَالُ نَحْوِ عُودٍ) أَيْ مِنْ كُلِّ خَشِنٍ يُزِيلُ الْقُلْحَ أَيْ صُفْرَةَ الْأَسْنَانِ وَلَوْ نَحْوَ خِرْقَةٍ أَوْ أُصْبُعِ غَيْرِهِ الْخَشِنَةِ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: وَمَا حَوْلَهَا) يَعْنِي مَا يَقْرَبُ مِنْهَا فَيَشْمَلُ اللِّسَانَ وَسَقْفَ الْحَنَكِ ع ش (قَوْلُهُ: فَأَقَلُّهُ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى إطْلَاقِ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ لَكِنْ لَا يُنَاسِبُهُ الِاسْتِدْرَاكُ الْآتِي فَإِنَّ الْإِطْلَاقَ الْمَذْكُورَ يَشْمَلُ مَا لِتَغَيُّرٍ أَيْضًا (قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ إزَالَتِهِ) جَزَمَ بِهِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ إلَخْ) لَعَلَّ هَذَا الِاحْتِمَالَ أَقْرَبُ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا تُخَفِّفُهُ) وَلِإِطْلَاقِ التَّعْرِيفِ.

(قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ نُدِبَ السِّوَاكُ لِلْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ إلَخْ) أَيْ لَوْلَا خَوْفُ الْمَشَقَّةِ مَوْجُودٌ إلَخْ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ أَنَّ لَوْلَا حَرْفُ امْتِنَاعِ الْوُجُودِ وَهَذَا يَقْتَضِي الْعَكْسَ وَفِي عَمِيرَةَ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ مُفَادُ الْحَدِيثِ نَفْيُ أَمْرِ الْإِيجَابِ لِمَكَانِ الْمَشَقَّةِ وَلَيْسَ مِنْ لَازِمِ ذَلِكَ ثُبُوتُ الطَّلَبِ النَّدْبِيِّ فَمَا وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ بِهَذَا الْخَبَرِ نَعَمْ السِّيَاقُ وَقُوَّةُ الْكَلَامِ تُعْطِي ذَلِكَ. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ لَأَمَرْتهمْ إلَخْ) وَفِي رِوَايَةٍ لَفَرَضْت عَلَيْهِمْ السِّوَاكَ مَعَ كُلِّ وُضُوءٍ نِهَايَةٌ قَالَ ع ش، فَإِنْ قُلْت هُوَ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ لَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِالْفَرْضِ، وَإِنَّمَا يُبَلِّغُ مَا أُمِرَ بِتَبْلِيغِهِ مِنْ الْأَحْكَامِ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى قُلْنَا أُجِيبُ بِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ فُوِّضَ إلَيْهِ ذَلِكَ بِأَنْ خَيَّرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَ أَنْ يَأْمُرَهُمْ أَمْرَ إيجَابٍ وَأَنْ يَأْمُرَهُمْ أَمْرَ نَدْبٍ فَاخْتَارَ الْأَسْهَلَ لَهُمْ وَكَانَ صلى الله عليه وسلم رَءُوفًا رَحِيمًا اهـ.

(قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ بَيْنَ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ إلَخْ) أَيْ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَابْنُ النَّقِيبِ فِي عُمْدَتِهِ وَكَلَامُ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ يَمِيلُ إلَيْهِ، وَيَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ كَالْمَاوَرْدِيِّ وَالْقَفَّالُ مَحَلُّهُ قَبْلَ التَّسْمِيَةِ مُغْنِي وَجَرَى عَلَى مَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَالنِّهَايَةُ وَالزِّيَادِيُّ وَقَالَ شَيْخُنَا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَيْهِ فَالسِّوَاكُ أَوَّلُ سُنَنِ الْوُضُوءِ الْفِعْلِيَّةِ الْخَارِجَةِ عَنْهُ وَأَمَّا غَسْلُ الْكَفَّيْنِ فَأَوَّلُ سُنَنِ الْوُضُوءِ الْفِعْلِيَّةِ الدَّاخِلَةِ فِيهِ وَأَمَّا التَّسْمِيَةُ فَأَوَّلُ سُنَنِهِ الْقَوْلِيَّةِ الدَّاخِلَةِ فِيهِ.

وَأَمَّا الذِّكْرُ الْمَشْهُورُ بَعْدَهُ فَأَوَّلُ سُنَنِهِ الْقَوْلِيَّةِ الْخَارِجَةِ عَنْهُ فَلَا تَنَافِي اهـ.

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ أَوَّلَ سُنَنِهِ التَّسْمِيَةُ) أَيْ عِنْدَ أَوَّلِ غَسْلِ الْيَدَيْنِ الْمَقْرُونِ بِالنِّيَّةِ كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي وَبِذَلِكَ يَظْهَرُ التَّقْرِيبُ، وَيَنْدَفِعُ قَوْلُ السَّيِّدِ الْبَصْرِيِّ تَطْبِيقُ هَذِهِ الْعِلَّةِ عَلَى مَعْلُولِهَا يَحْتَاجُ لِتَأَمُّلٍ اهـ.

(قَوْلُهُ:

وَذَلِكَ مُبْطِلٌ لَهَا فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: هَذَا الْحَصْرُ إضَافِيٌّ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَعْنَى كَوْنِ الْحَصْرِ هُنَا إضَافِيًّا كَوْنُ الْمَقْصُودِ إثْبَاتُ السُّنِّيَّةِ لِلْمَذْكُورَاتِ وَنَفْيُهَا عَنْ بَعْضٍ مَا عَدَا الْمَذْكُورَاتِ، وَهُوَ مَا عَدَا بَقِيَّةِ السُّنَنِ فَانْظُرْ مَا قَالَهُ أَيُفِيدُ ذَلِكَ وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ مَا عَدَا الْمَذْكُورَاتِ مِنْ السُّنَنِ الْمَذْكُورَةِ قِسْمَانِ قِسْمٌ مَذْكُورٌ فِي هَذَا الْكِتَابِ كَبَقِيَّةِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ وَقِسْمٌ هُوَ سُنَنٌ أُخْرَى لِلْوُضُوءِ مَذْكُورٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ كَالرَّوْضَةِ وَالْمَقْصُودُ بِالنَّفْيِ الْقِسْمُ الْمَذْكُورُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ الْمَذْكُورِ هُنَا) يُتَأَمَّلُ مَعْنَاهُ فَفِيهِ خَفَاءٌ وَكَانَ مُرَادُهُ أَنَّهُ لَا سُنَنَ لِلْوُضُوءِ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إلَّا هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ لَكِنْ إنَّمَا يَحْسُنُ هَذَا لَوْ ذُكِرَتْ هَذِهِ السُّنَنَ فِيمَا سَبَقَ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ الْمَعْنَى لَا سُنَنَ مِمَّا نَذْكُرُهُ الْآنَ إلَّا هَذِهِ بِمَعْنَى لَا نَذْكُرُ الْآنَ مِنْ هَذِهِ السُّنَنِ إلَّا

ص: 214

اتِّكَالًا عَلَى مَا هُوَ وَاضِحٌ كَوْنُهُ (عَرْضًا) أَيْ فِي عَرْضِ الْأَسْنَانِ ظَاهِرِهَا وَبَاطِنِهَا لَا طُولًا بَلْ يُكْرَهُ لِخَبَرٍ مُرْسَلٍ فِيهِ وَخَشْيَةَ إدْمَاءِ اللِّثَةِ وَإِفْسَادِ عُمُورِ الْأَسْنَانِ وَمَعَ ذَلِكَ يَحْصُلُ بِهِ أَصْلُ السُّنَّةِ نَعَمْ اللِّسَانُ يَسْتَاكُ فِيهِ طُولًا لِخَبَرٍ فِيهِ فِي أَبِي دَاوُد وَشَرْطُ السِّوَاكِ أَنْ يَكُونَ بِمُزِيلٍ، وَهُوَ الْخِشِنُ فَيُجْزِئُ (بِكُلِّ خَشِنٍ) وَلَوْ نَحْوَ سُعْدٍ وَأُشْنَانٍ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ مِنْ النَّظَافَةِ وَإِزَالَةِ التَّغَيُّرِ نَعَمْ يُكْرَهُ بِمِبْرَدٍ وَعُودِ رَيْحَانٍ يُؤْذِي، وَيَحْرُمُ بِذِي سُمٍّ وَمَعَ ذَلِكَ يَحْصُلُ بِهِ أَصْلُ السُّنَّةِ؛ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ أَوْ الْحُرْمَةَ لِأَمْرٍ خَارِجٍ وَالْعُودُ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ وَأَوْلَاهُ ذُو الرِّيحِ الطَّيِّبِ وَأَوْلَاهُ الْأَرَاكُ لِلِاتِّبَاعِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ طِيبِ طَعْمٍ وَرِيحٍ وَتَشْعِيرَةٍ لَطِيفَةٍ تُنَقِّي مَا بَيْنَ الْأَسْنَانِ ثُمَّ بَعْدَهُ النَّخْلُ؛ لِأَنَّهُ آخِرُ سِوَاكٍ اسْتَاكَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَصَحَّ أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ أَرَاكًا لَكِنْ الْأَوَّلُ أَصَحُّ أَوْ كُلُّ رَاوٍ قَالَ بِحَسَبِ عِلْمِهِ ثُمَّ الزَّيْتُونُ لِخَبَرِ الدَّارَقُطْنِيّ «نِعْمَ السِّوَاكُ الزَّيْتُونُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ تُطَيِّبُ الْفَمَ وَتَذْهَبُ بِالْحَفْرِ أَيْ، وَهُوَ دَاءٌ فِي الْأَسْنَانِ، وَهُوَ سِوَاكِي وَسِوَاكُ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي»

اتِّكَالًا إلَخْ) أَيْ وَلَمْ يُبَالِ بِذَلِكَ الْإِيهَامِ اتِّكَالًا (عَلَى مَا هُوَ وَاضِحٌ) أَيْ مِنْ نَدْبِ ذَلِكَ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ كَوْنُهُ إلَخْ) فَاعِلُ يُسَنُّ (قَوْلُهُ: أَيْ فِي عَرْضِ الْأَسْنَانِ) إلَى قَوْلِهِ أَيْ مِنْ جِنْسِهِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ لِلِاتِّبَاعِ إلَى ثُمَّ بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ إلَى ثُمَّ الزَّيْتُونُ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ بِمِبْرَدٍ (قَوْلُهُ: أَيْ فِي عَرْضِ الْأَسْنَانِ إلَخْ) وَكَيْفِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ يَبْدَأَ بِجَانِبِ فَمِهِ الْأَيْمَنِ، وَيَذْهَبَ إلَى الْوَسَطِ ثُمَّ الْأَيْسَرِ، وَيَذْهَبَ إلَيْهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَشَرْحُ بَافَضْلٍ.

قَالَ ع ش الْمُتَبَادِرُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ يَبْدَأُ بِجَانِبِ فَمِهِ الْأَيْمَنِ فَيَسْتَوْعِبَهُ إلَى الْوَسَطِ بِاسْتِعْمَالِ السِّوَاكِ فِي الْأَسْنَانِ الْعُلْيَا وَالسُّفْلَى ظَهْرًا وَبَطْنًا إلَى الْوَسَطِ ثُمَّ الْأَيْسَرِ كَذَلِكَ اهـ.

(قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ فِي النَّهْيِ عَنْ الِاسْتِيَاكِ طُولًا (قَوْلُهُ وَخَشْيَةَ إدْمَاءِ اللِّثَةِ) بِكَسْرِ اللَّامِ وَتَخْفِيفِ الثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ لَحْمُ الْأَسْنَانِ الَّذِي حَوْلَهَا أَوْ اللَّحْمُ الَّذِي تَنْبُتُ فِيهِ الْأَسْنَانُ وَأَمَّا الَّذِي يَتَخَلَّلُ الْأَسْنَانَ فَهُوَ عَمْرٌ بِوَزْنِ تَمْرٍ كُرْدِيٌّ وَلَفْظُ الْبُجَيْرِمِيِّ وَهِيَ بِتَثْلِيثِ اللَّامِ مَا حَوْلَ الْأَسْنَانِ وَعِبَارَةُ الْقَلْيُوبِيِّ هِيَ اللَّحْمُ الْمَغْرُوزُ فِيهِ الْأَسْنَانُ وَأَصْلُ لِثَةٍ لِثَى حُذِفَتْ لَامُ الْكَلِمَةِ وَعُوِّضَ عَنْهَا التَّاءُ اهـ فَقَوْلُ الْكُرْدِيِّ أَوْ اللَّحْمُ إلَخْ مُجَرَّدُ تَفَنُّنٍ فِي التَّعْبِيرِ (قَوْلُهُ وَإِفْسَادُ عُمُورِ الْأَسْنَانِ) ، وَهِيَ مَا بَيْنَهَا مِنْ اللَّحْمِ وَاحِدُهُ عَمْرٌ اهـ بَصْرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَمَعَ ذَلِكَ) أَيْ الْكَرَاهَةِ فِي الطُّولِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ بِالنَّظَرِ لِظَاهِرِ الْمَتْنِ وَإِلَّا فَالْمُنَاسِبُ وَأَمَّا فِي اللِّسَانِ إلَخْ (قَوْلُهُ نَعَمْ اللِّسَانُ إلَخْ) وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُمِرَّ السِّوَاكَ عَلَى سَقْفِ فَمِهِ بِلُطْفٍ وَعَلَى كَرَاسِيِّ أَضْرَاسِهِ اهـ خَطِيبٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْعَلَ اسْتِعْمَالَهُ فِي كَرَاسِيِّ الْأَضْرَاسِ تَتْمِيمًا لِلْأَسْنَانِ ثُمَّ بَعْدَ الْأَسْنَانِ اللِّسَانُ وَبَعْدَ اللِّسَانِ سَقْفُ الْحَنَكِ ع ش (قَوْلُهُ: يَسْتَاكُ فِيهِ طُولًا) مُقْتَضَى تَخْصِيصِ الْعَرْضِ بِعَرْضِ الْأَسْنَانِ وَالطُّولِ بِاللِّسَانِ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ فِيمَا عَدَاهُمَا مِمَّا يُمِرُّ عَلَيْهِ السِّوَاكَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ طُولًا كَاللِّسَانِ فِي غَيْرِ اللِّثَةِ أَمَّا هِيَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَرْضًا؛ لِأَنَّهُ عَلَّلَ كَرَاهَةَ الطُّولِ فِي الْأَسْنَانِ بِالْخَوْفِ مِنْ إدْمَاءِ اللِّثَةِ ع ش وَقَالَ شَيْخُنَا وَيُسَنُّ أَنْ يُمِرَّهُ عَلَى سَقْفِ حَلْقِهِ طُولًا وَعَرْضًا بَعْدَ إمْرَارِهِ عَلَى كَرَاسِيِّ أَضْرَاسِهِ طُولًا وَعَرْضًا وَعَلَى بَقِيَّةِ أَسْنَانِهِ عَرْضًا وَعَلَى لِسَانِهِ طُولًا فَيُكْرَهُ فِي طُولِ اللِّسَانِ وَعَرْضِ الْأَسْنَانِ اهـ وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ فِي السَّقْفِ مَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِي الْكَرَاسِيِّ مَا قَالَهُ ع ش وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ بِمُزِيلٍ) أَيْ طَاهِرٍ فَلَا يَكْفِي النَّجِسُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَشَيْخُنَا، وَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ اخْتِيَارُ إجْزَائِهِ وِفَاقًا لِلْإِسْنَوِيِّ وَشَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْخِشِنُ) بِكَسْرَتَيْنِ كَمَا فِي الْأُشْمُونِيِّ لَكِنْ جَوَّزَ الْقَامُوسُ فِيهِ فَتْحَ الْخَاءِ وَكَسْرَ الشِّينِ بُجَيْرِمِيٌّ قَوْلُ الْمَتْنِ (بِكُلِّ خَشِنٍ) خَرَجَ بِهِ الْمَضْمَضَةُ بِنَحْوِ مَاءِ الْغَاسُولِ، وَإِنْ أَنْقَى الْأَسْنَانَ وَأَزَالَ الْقُلْحَ؛ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى سِوَاكًا بِخِلَافِهِ بِالْغَاسُولِ نَفْسِهِ نِهَايَةٌ وَشَرْحُ بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ نَحْوَ سُعُدٍ إلَخْ) أَيْ أَوْ خِرْقَةٍ مُغْنِي وَكُرْدِيٌّ وَفِي الْقَامُوسِ السُّعُدُ بِالضَّمِّ طِيبٌ مَعْرُوفٌ فِيهِ مَنْفَعَةٌ عَجِيبَةٌ فِي الْقُرُوحِ الَّتِي عَسِرَ انْدِمَالُهَا اهـ.

(قَوْلُهُ وَأُشْنَانٌ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ ع ش وَكَسْرِهَا لُغَةً وَهُوَ الْغَاسُولُ أَوْ حَبُّهُ بِرْمَاوِيٌّ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ يُكْرَهُ بِمِبْرَدٍ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ كَمَا مَرَّ وَخِلَافًا لِلْمُغْنِي حَيْثُ قَالَ بِعَدَمِ إجْزَائِهِ (قَوْلُهُ: وَعُودُ رَيْحَانٍ) وَفِي الْإِيعَابِ مَا مُلَخَّصُهُ يُكْرَهُ بِعُودِ رَيْحَانٍ وَقَضِيبِ الرُّمَّانِ وَطُرَفَاءَ وَبِالْعُصْفُرِ وَالْوَرْدِ وَالْكُزْبَرَةِ وَالْقَصَبِ وَالْآسِ وَبِطَرَفَيْ السِّوَاكِ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: يُؤْذِي) عِبَارَةُ شَيْخِنَا لِمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ يُورِثُ الْجُذَامَ اهـ.

(قَوْلُهُ: يَحْصُلُ بِهِ) أَيْ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْمِبْرَدِ وَعُودِ الرَّيْحَانِ وَذِي السُّمِّ (قَوْلُهُ: وَالْعُودُ أَفْضَلُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا وَالِاسْتِيَاكُ بِالْأَرَاكِ أَفْضَلُ ثُمَّ بِجَرِيدِ النَّخْلِ ثُمَّ الزَّيْتُونِ ثُمَّ ذِي الرِّيحِ الطَّيِّبَةِ ثُمَّ غَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْعِيدَانِ وَفِي مَعْنَاهُ الْخِرْقَةُ فَهَذِهِ خَمْسُ مَرَاتِبَ، وَيَجْرِي فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الْخَمْسَةِ خَمْسُ مَرَاتِبَ فَالْجُمْلَةُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ؛ لِأَنَّ أَفْضَلَ الْأَرَاكِ الْمُنَدَّى بِالْمَاءِ ثُمَّ الْمُنَدَّى بِمَاءِ الْوَرْدِ ثُمَّ الْمُنَدَّى بِالرِّيقِ ثُمَّ الْيَابِسُ غَيْرُ الْمُنَدَّى ثُمَّ الرَّطْبُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الطَّاءِ وَبَعْضُهُمْ يُقَدِّمُ الرَّطْبَ عَلَى الْيَابِسِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْجَرِيدِ وَهَكَذَا نَعَمْ نَحْوَ الْخِرْقَةِ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ الْمَرْتَبَةُ الْخَامِسَةُ اهـ زَادَ الْبُجَيْرِمِيُّ وَكُلٌّ مِنْ هَذِهِ الْخَمْسَةِ بِمَرَاتِبِهِ الْخَمْسَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا بَعْدَهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِهِ) كَأُشْنَانٍ وَخِرْقَةٍ كُرْدِيٌّ أَيْ وَأُصْبُعٍ (قَوْلُهُ: وَأُولَاهُ الْأَرَاكُ) وَفِي الْإِيعَابِ أَغْصَانُهُ أَوْلَى مِنْ عُرُوقِهِ اهـ وَعِبَارَةُ الرَّحِيمِيَّةِ عَنْ الْبَكْرِيِّ وَأُولَاهُ فُرُوعُ الْأَرَاكِ فَأُصُولُهُ الَّتِي فِي الْأَرْضِ انْتَهَتْ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ كُلُّ وَاوٍ إلَخْ) هَذَا أَوْلَى أَوْ مُتَعَيِّنٌ إذْ لَا مَعْدِلَ إلَى التَّرْجِيحِ مَعَ إمْكَانِ الْجَمْعِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَسِوَاكُ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي) أَيْ مِنْ عَهْدِ إبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا مُطْلَقًا

هَذِهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ تَكَلُّفٌ.

(قَوْلُهُ: بِكُلِّ خَشِنٍ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ طَاهِرًا فَلَا يَكْفِي النَّجِسُ فِيمَا يَظْهَرُ م ر (قَوْلُهُ:

ص: 215

وَالْيَابِسُ الْمُنَدَّى بِالْمَاءِ أَوْلَى مِنْ الرَّطْبِ وَمِنْ الْمُنَدَّى بِمَاءِ الْوَرْدِ أَيْ مِنْ جِنْسِهِ وَيُحْتَمَلُ مُطْلَقًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِي الْمَاءِ مِنْ الْجَلَاءِ مَا لَيْسَ فِي غَيْرِهِ

وَيَظْهَرُ أَنَّ الْيَابِسَ الْمُنَدَّى بِغَيْرِ الْمَاءِ أَوْلَى مِنْ الرَّطْبِ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِزَالَةِ (إلَّا أُصْبُعَهُ) الْمُتَّصِلَةَ فَلَا يَحْصُلُ بِهَا أَصْلُ سُنَّةِ السِّوَاكِ، وَإِنْ كَانَتْ خَشِنَةً (فِي الْأَصَحِّ) قَالُوا؛ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى سِوَاكًا وَلَمَّا كَانَ فِيهِ مَا فِيهِ اخْتَارَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ حُصُولَهُ بِهَا أَمَّا الْخَشِنَةُ مِنْ أُصْبُعِ غَيْرِهِ وَلَوْ مُتَّصِلَةً وَأُصْبُعِهِ الْمُنْفَصِلَةِ فَيُجْزِئُ، وَإِنْ قُلْنَا يَجِبُ دَفْنُهَا فَوْرًا وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ إجْزَاءَهَا، وَإِنْ قُلْنَا بِنَجَاسَتِهَا كَكُلِّ خَشِنٍ نَجِسٍ، وَيَلْزَمُهُ غَسْلُ الْفَمِ فَوْرًا لِعِصْيَانِهِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ قِيَاسَ عَدَمِ إجْزَاءِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمُحْتَرَمِ وَالنَّجِسِ عَدَمُهُ هُنَا وَجَوَابُهُ أَنَّ ذَاكَ رُخْصَةٌ، وَهِيَ لَا تُنَاطُ بِمَعْصِيَةٍ وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ الْإِبَاحَةُ، وَهِيَ لَا تَحْصُلُ بِنَجِسٍ بِخِلَافِ هَذَا لَيْسَ رُخْصَةً إذْ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ حَدُّهَا بَلْ هُوَ عَزِيمَةٌ الْمَقْصُودُ مِنْهُ مُجَرَّدُ النَّظَافَةِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ ذَلِكَ وَلَا يُنَافِيهِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ خَبَرُ «السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ» ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ آلَةٌ تُنَقِّيهِ وَتُزِيلُ تَغَيُّرَهُ فَهِيَ طَهَارَةٌ لُغَوِيَّةٌ لَا شَرْعِيَّةٌ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ وَلَا يَجِبُ عَيْنًا بَلْ الْوَاجِبُ عَلَى مَنْ أَكَلَ نَجِسًا لَهُ دُسُومَةٌ إزَالَتُهَا وَلَوْ بِغَيْرِ سِوَاكٍ

(وَيُسَنُّ) أَيْ يَتَأَكَّدُ (لِلصَّلَاةِ) فَرْضِهَا وَنَفْلِهَا، وَإِنْ سَلَّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَقَرُبَ الْفَصْلَ وَلَوْ لِفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ فَمُهُ.

وَالْقِيَاسُ

؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ اسْتَاكَ وَنَصَّ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّهُ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأُمَمِ السَّابِقَةِ لَا لِلْأَنْبِيَاءِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ لِلْأَنْبِيَاءِ مِنْ عَهْدِ إبْرَاهِيمَ دُونِ أُمَمِهِمْ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَالْيَابِسُ إلَخْ) أَيْ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ ع ش.

(قَوْلُهُ: مِنْ الرَّطْبِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ فَبِمَاءِ الْوَرْدِ فَبِغَيْرِهِ كَالرِّيقِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَمِنْ الْمُنَدَّى إلَخْ) وَمِنْ الْيَابِسِ الَّذِي لَمْ يُنَدَّ مُغْنِي (قَوْلُهُ: أَيْ مِنْ جِنْسِهِ) أَيْ جِنْسِ الْمُنَدَّى بِالْمَاءِ كُرْدِيٌّ عِبَارَةُ السَّيِّدِ عُمَرَ الْبَصْرِيِّ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ تَرْتِيبَ الْأَجْنَاسِ مَأْخُوذُ الِاتِّبَاعِ فِعْلًا أَوْ قَوْلًا اهـ وَعِبَارَةُ ع ش ظَاهِرُهُ م ر أَنَّهُ أَيْ الْأَرَاكَ مُقَدَّمٌ بِسَائِرِ أَقْسَامِهِ عَلَى مَا بَعْدَهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ أَنَّ الْيَابِسَ إلَخْ) وَقِيلَ بِالْعَكْسِ وَمَالَ إلَيْهِ الْبُجَيْرِمِيُّ وَكَلَامُ شَرْحِ بَافَضْلٍ يُفِيدُ أَنَّ السِّوَاكَ الرَّطْبَ أَوْلَى مِنْ الْيَابِسِ الْمُنَدَّى بِالْمَاءِ (قَوْلُهُ الْمُتَّصِلَةُ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَلَمَّا كَانَ فِيهِ مَا فِيهِ) أَيْ مِنْ لُزُومِ عَدَمِ إجْزَاءِ الْأُشْنَانِ وَالْخِرْقَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُسَمَّى سِوَاكًا فِي الْعُرْفِ (قَوْلُهُ: اخْتَارَ الْمُصَنِّفُ) أَيْ فِي الْمَجْمُوعِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَأُصْبُعُهُ الْمُنْفَصِلَةُ) وِفَاقًا لِلْمُغْنِي كَمَا يَأْتِي وَخِلَافًا لِلنِّهَايَةِ عِبَارَتُهُ، فَإِنْ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً وَلَوْ مِنْهُ فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ إجْزَائِهَا، وَإِنْ قُلْنَا بِطَهَارَتِهَا كَالِاسْتِنْجَاءِ بِجَامِعِ الْإِزَالَةِ كَمَا بَحَثَهُ الْبَدْرُ بْنُ شُهْبَةَ فَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ وَالِاسْتِيَاكُ عِنْدِي فِي مَعْنَى الِاسْتِجْمَارِ اهـ.

وَإِنْ جَرَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى إجْزَائِهَا اهـ قَالَ ع ش مِنْهُمْ شَيْخُ الْإِسْلَامِ اهـ وَقَالَ السَّيِّدُ الْبَصْرِيُّ وَمُقْتَضَى تَعْلِيلِهِ أَيْ النِّهَايَةِ أَنَّ أُصْبُعَ غَيْرِهِ الْمُتَّصِلَةَ كَذَلِكَ، وَهُوَ لَا يَقُولُ بِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ قُلْنَا يَجِبُ دَفْنُهَا) أَيْ عَلَى قَوْلٍ وَإِلَّا فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ دَفْنُ مَا انْفَصَلَ مِنْ حَيٍّ سم عِبَارَةُ الْمُغْنِي أَمَّا الْمُنْفَصِلَةُ الْخَشِنَةُ فَتُجْزِئُ إنْ قُلْنَا بِطَهَارَتِهَا، وَهُوَ الْأَصَحُّ وَدَفْنُهَا مُسْتَحَبٌّ لَا وَاجِبٌ، وَإِنْ قُلْنَا بِنَجَاسَتِهَا لَمْ تَجُزْ كَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ كَمَا لَا يُجْزِئُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهَا اهـ.

(قَوْلُهُ: عَدَمُهُ) أَيْ عَدَمُ إجْزَاءِ النَّجِسِ هُنَا أَيْ فِي الِاسْتِيَاكِ (قَوْلُهُ وَجَوَابُهُ) أَيْ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ سم.

(قَوْلُهُ: إنَّ ذَاكَ) أَيْ الِاسْتِنْجَاءَ بِالْحَجَرِ مُغْنِي وَكَذَا ضَمِيرُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ هَذَا) أَيْ الِاسْتِيَاكِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ رُخْصَةً) الِاسْتِيَاكُ فَإِنَّهُ لَيْسَ إلَخْ وَقَوْلُهُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ إلَخْ الْأَوْلَى الْعَطْفُ (قَوْلُهُ مُجَرَّدُ النَّظَافَةِ) أَيْ إزَالَةُ الرِّيحِ الْكَرِيهَةِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: ذَلِكَ) أَيْ النَّجِسِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ) أَيْ إجْزَاءُ السِّوَاكِ بِالنَّجِسِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ) مِنْهُمْ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: مَطْهَرَةٌ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا كُلُّ إنَاءٍ يُتَطَهَّرُ بِهِ أَيْ مِنْهُ فَشَبَّهَ السِّوَاكَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يُطَهِّرُ الْفَمَ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ مُغْنِي، وَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ مَا يُوَافِقُهُ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَعْنَاهُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ الْمَقْصُودُ التَّنْظِيفُ وَالنَّجِسُ مُسْتَقْذَرٌ فَلَا يَكُونُ مُنَظِّفًا سم (قَوْلُهُ فَهِيَ) أَيْ الطَّهَارَةُ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ مَطْهَرَةٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَوْ فُرِضَ تَوَقُّفُ زَوَالِهَا عَلَيْهِ عَيْنًا فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَجِبُ بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ شَيْخِنَا وَقَدْ يَجِبُ كَمَا إذَا نَذَرَهُ أَوْ تَوَقَّفَ عَلَيْهِ زَوَالُ نَجَاسَةٍ أَوْ رِيحٍ كَرِيهٍ فِي نَحْوِ جُمُعَةٍ وَعَلِمَ أَنَّهُ يُؤْذِي غَيْرَهُ وَقَدْ يَحْرُمُ كَأَنْ اسْتَاكَ بِسِوَاكِ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ وَلَا عَلِمَ رِضَاهُ، فَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ أَوْ عَلِمَ رِضَاهُ لَمْ يَحْرُمْ وَلَمْ يُكْرَهْ بَلْ هُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى إنْ لَمْ يَكُنْ لِلتَّبَرُّكِ بِهِ وَإِلَّا كَأَنْ كَانَ صَاحِبُ السِّوَاكِ عَالِمًا أَوْ وَلِيًّا لَمْ يَكُنْ خِلَافَ الْأَوْلَى وَمَا كَانَ أَصْلُهُ النَّدْبَ لَا يَعْتَرِيهِ الْإِبَاحَةُ اهـ.

قَوْلُ الْمَتْنِ (لِلصَّلَاةِ) أَيْ وَلَوْ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا شَوْبَرِيٌّ اهـ، وَيَأْتِي عَنْ سم مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: فَرْضُهَا) إلَى قَوْلِهِ وَالْقِيَاسُ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِهِ وَأَيْضًا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَيُفَرَّقُ إلَى وَلِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ سَلَّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ) أَيْ مِنْ نَحْوِ التَّرَاوِيحِ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ إلَخْ) أَفْتَى بِذَلِكَ

حُصُولُهُ بِهَا) أَيْ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ لَا لِخَبَرِ «يُجْزِئُ مِنْ السِّوَاكِ إلَّا الْأَصَابِعَ» ؛ لِأَنَّهُ ضَعِيفٌ، وَإِنْ قَالَ الضِّيَاءُ الْمَقْدِسِيَّ لَا أَرَى بِإِسْنَادِهِ بَأْسًا اهـ فَانْظُرْ هَلْ يُشْكِلُ بِالْعَمَلِ بِالضَّعِيفِ فِي الْفَضَائِلِ أَوْ لَا وَلَيْسَ هَذَا مِنْ ذَاكَ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْخَشِنَةُ مِنْ أُصْبُعِ غَيْرِهِ وَلَوْ مُتَّصِلَةً إلَخْ) فِي شَرْحِ م ر أَمَّا أُصْبُعُ غَيْرِهِ الْمُتَّصِلَةُ الْخَشِنَةُ فَتُجْزِئُ، فَإِنْ كَانَتْ أَيْ الْأُصْبُعُ مُنْفَصِلَةً وَلَوْ مِنْهُ فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ إجْزَائِهَا، وَإِنْ قُلْنَا بِطَهَارَتِهَا كَالِاسْتِنْجَاءِ بِجَامِعِ الْإِزَالَةِ كَمَا بَحَثَهُ الْبَدْرُ بْنُ شُهْبَةَ فَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ وَالِاسْتِيَاكُ عِنْدِي فِي مَعْنَى الِاسْتِنْجَاءِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ قُلْنَا يَجِبُ دَفْنُهَا) أَيْ عَلَى قَوْلٍ وَإِلَّا فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ دَفْنُ مَا انْفَصَلَ مِنْ حَيٍّ (قَوْلُهُ وَجَوَابُهُ) أَيْ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ وَلَا يُنَافِيهِ إلَخْ) أَيْ وَلَا يُقَالُ لَا إرْضَاءَ لِلرَّبِّ فِي اسْتِعْمَالِ النَّجِسِ الَّذِي حَرَّمَهُ وَذَلِكَ لِانْفِكَاكِ جِهَةِ التَّحْرِيمِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ قَطْعًا مَعَ إجْزَائِهَا فِي ثَوْبٍ وَمَكَانٍ مُحَرَّمَيْنِ لِانْفِكَاكِ جِهَةِ التَّحْرِيمِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ الْمَقْصُودُ التَّنْظِيفُ وَالنَّجِسُ مُسْتَقْذَرٌ فَلَا يَكُونُ مُنَظِّفًا

(قَوْلُهُ: وَالْقِيَاسُ إلَخْ) أَفْتَى بِذَلِكَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ

ص: 216

أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهُ أَوَّلَهَا سُنَّ لَهُ تَدَارُكُهُ أَثْنَاءَهَا بِفِعْلٍ قَلِيلٍ كَمَا يُسَنُّ لَهُ دَفْعُ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيْهِ بِشَرْطِهِ وَإِرْسَالُ شَعْرٍ أَوْ كَفُّ ثَوْبٍ وَلَوْ مِنْ مُصَلٍّ آخَرَ وَلِسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ أَوْ الشُّكْرِ، وَإِنْ تَسَوَّكَ لِلْقِرَاءَةِ عَلَى الْأَوْجَهِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَدَاخُلِ بَعْضِ الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ بِأَنَّ مَبْنَاهَا عَلَى التَّدَخُّلِ لِمَشَقَّتِهَا وَمِنْ ثَمَّ كَفَتْ نِيَّةُ أَحَدِهَا عَنْ بَاقِيهَا وَلَا كَذَلِكَ هُنَا لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ يُسَنُّ لِكُلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَإِنْ قَرُبَ الْفَصْلُ؛ وَلِأَنَّهُ يُسَنُّ لِلصَّلَاةِ، وَإِنْ تَسَوَّكَ لِوُضُوئِهَا وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَهُمَا، وَيَفْعَلُهُ الْقَارِئُ بَعْدَ فَرَاغِ الْآيَةِ وَكَذَا السَّامِعُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَا يَدْخُلُ وَقْتُهَا فِي حَقِّهِ أَيْضًا إلَّا بِهِ فَمَنْ قَالَ يُقَدِّمُهُ عَلَيْهِ لِتَتَّصِلَ هِيَ بِهِ لِعِلَّةِ لِرِعَايَةِ الْأَفْضَلِ وَلِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَلِلطَّوَافِ وَذَلِكَ لِخَبَرِ الْحُمَيْدِيِّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ «رَكْعَتَانِ بِسِوَاكٍ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ رَكْعَةً بِلَا سِوَاكٍ» وَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَفْضَلِيَّتِهِ عَلَى الْجَمَاعَةِ الَّتِي هِيَ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَّحِدْ الْجَزَاءُ فِي الْحَدِيثَيْنِ؛ لِأَنَّ دَرَجَةً مِنْ هَذِهِ قَدْ تَعْدِلُ كَثِيرًا مِنْ تِلْكَ السَّبْعِينَ رَكْعَةً وَأَيْضًا خَبَرُ الْجَمَاعَةِ أَصَحُّ بَلْ فِي الْمَجْمُوعِ إنَّ خَبَرَ السِّوَاكِ ضَعِيفٌ مِنْ سَائِرِ طُرُقِهِ، وَإِنَّ الْحَاكِمَ تَسَاهَلَ عَلَى عَادَتِهِ فِي تَصْحِيحِهِ فَضْلًا عَنْ قَوْلِهِ أَنَّهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.

وَقَوْلُ ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ الْمُرَادُ بِالدَّرَجَةِ الصَّلَاةُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَعْدِلُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ» مُنَازَعٌ فِيهِ بِأَنَّهُ لَيْسَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ أَيْ لِإِمْكَانِ الْأَخْذِ

شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ سم (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهُ) أَيْ نِسْيَانًا نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: سُنَّ لَهُ تَدَارُكُهُ إلَخْ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَقَالَ فِي الْمُغْنِي وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الِاسْتِحْبَابِ؛ لِأَنَّ الْكَفَّ مَطْلُوبٌ فِي الصَّلَاةِ فَمُرَاعَاتُهُ أَوْلَى اهـ، وَهُوَ أَوْلَى بِالِاعْتِمَادِ؛ لِأَنَّ الْمَسَائِلَ الْمَذْكُورَةَ خَرَجَ فِيهَا عَنْ الْأَصْلِ لِوُجُودِ الْمُقْتَضِي لَهُ مِنْ السُّنَّةِ بَصْرِيٌّ وَإِلَيْهِ مَيْلُ كَلَامِ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ وَلِسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ إلَخْ) .

قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَأَمَّا الِاسْتِيَاكُ لِلْقِرَاءَةِ بَعْدَ السُّجُودِ فَيَنْبَغِي بِنَاؤُهُ عَلَى الِاسْتِعَاذَةِ، فَإِنْ سُنَّتْ سُنَّ؛ لِأَنَّ هَذِهِ تِلَاوَةٌ جَدِيدَةٌ وَإِلَّا، وَهُوَ الْأَصَحُّ فَلَا انْتَهَى اهـ سم وع ش (قَوْلُهُ: أَوْ الشُّكْرِ) ، وَيَكُونُ وَقْتُهُ بَعْدَ وُجُودِ سَبَبِ السُّجُودِ ع ش (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَسَوَّكَ لِلْقِرَاءَةِ) هَذَا مَحَلُّهُ إذَا كَانَ خَارِجَ الصَّلَاةِ، فَإِنْ كَانَ فِيهَا وَسَجَدَ لِلتِّلَاوَةِ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ الِاسْتِيَاكُ لِانْسِحَابِ السِّوَاكِ الْأَوَّلِ عَلَى الصَّلَاةِ وَتَوَابِعِهَا اهـ ع ش عَنْ الْإِيعَابِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَوْجَهِ) أَيْ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ ثُمَّ قَالَ، وَإِنْ لَمْ يَكْتَفِ بِهِ أَيْ بِالسِّوَاكِ لِلْقِرَاءَةِ عَنْ التَّسَوُّكِ لِلسُّجُودِ فَلْيُسْتَحَبَّ لِقِرَاءَتِهِ أَيْضًا بَعْدَ السُّجُودِ اهـ اهـ سم وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ اسْتَاكَ لِلسُّجُودِ وَقَدْ مَرَّ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ) أَيْ بَيْنَ عَدَمِ تَدَاخُلِ سِوَاكِ التِّلَاوَةِ وَسِوَاكِ سَجْدَتِهَا (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ كَفَتْ إلَخْ) أَيْ فِي حُصُولِ أَصْلِ السُّنَّةِ وَسُقُوطِ الطَّلَبِ بِاتِّفَاقٍ وَفِي حُصُولِ الثَّوَابِ أَيْضًا عِنْدَ النِّهَايَةِ وَمَنْ وَافَقَهُ (قَوْلُهُ: وَيَفْعَلُهُ) أَيْ السِّوَاكَ (قَوْلُهُ وَقْتَهَا) أَيْ وَقْتَ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ (فِي حَقِّهِ أَيْضًا) أَيْ فِي حَقِّ السَّامِعِ كَالْقَارِئِ (إلَّا بِهِ) أَيْ بِالْفَرَاغِ (قَوْلُهُ لَعَلَّهُ لِرِعَايَةِ الْأَفْضَلِ) وَنَظِيرُهُ الْوُضُوءُ لِلصَّلَاةِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا فَإِنَّ الْأَفْضَلَ فِعْلُهُ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ لِيَتَهَيَّأَ لِلْعِبَادَةِ عَقِبَ دُخُولِ وَقْتِهَا لَا يُقَالُ يُشْكِلُ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ السِّوَاكِ قَبْلَ الْوَقْتِ حُرْمَةُ الْأَذَانِ قَبْلَهُ لِاشْتِغَالِهِ بِعِبَادَةٍ فَاسِدَةٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْأَذَانُ شُرِعَ لِلْإِعْلَامِ بِدُخُولِ الْوَقْتِ فَفِعْلُهُ قَبْلَهُ يُنَافِي مَا شُرِعَ هُوَ لَهُ بَلْ فِعْلُهُ قَبْلَهُ يُوقِعُ فِي لَبْسٍ بِخِلَافِ السِّوَاكِ فَإِنَّهُ شُرِعَ لِشَيْءٍ يُفْعَلُ بَعْدَهُ لِيَكُونَ عَلَى الْحَالَةِ الْكَامِلَةِ، وَهُوَ حَاصِلُهُ بِفِعْلِهِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهِ ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى حَجّ اسْتَشْكَلَ ذَلِكَ وَلَمْ يُجِبْ ع ش عِبَارَةُ سم قَوْلُهُ لَعَلَّهُ إلَخْ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِإِجْزَائِهِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا، وَأَنَّهُ الْأَفْضَلُ وَلَا يَخْلُو ذَلِكَ عَنْ شَيْءٍ مَعَ قَوْلِهِ إذْ لَا يَدْخُلُ إلَخْ وَكَذَا تَخْصِيصُ السَّامِعِ بِذَلِكَ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَذَا إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِاشْتِغَالِ الْقَارِئِ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يَكْفِي تَقَدُّمُ الِاسْتِيَاكِ لِصَلَاةِ الظُّهْرِ عَلَى الزَّوَالِ اهـ.

وَتَقَدَّمَ عَنْ الشَّوْبَرِيِّ الْجَزْمُ بِهَذَا (قَوْلُهُ وَلِلطَّوَافِ) وَلَوْ نَفْلًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ تَأَكُّدُ سَنِّ الِاسْتِيَاكِ لِلصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُعْتَمَدُ تَفْضِيلُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ أَيْ بِلَا سِوَاكٍ عَلَى صَلَاةِ الْمُنْفَرِدِ بِسِوَاكٍ لِكَثْرَةِ الْفَوَائِدِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَيْهَا اهـ.

(قَوْلُهُ: الَّتِي هِيَ بِسَبْعٍ إلَخْ) وَفِي رِوَايَةٍ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً كَمَا يَأْتِي فِي الشَّرْحِ (قَوْلُهُ: مِنْ هَذِهِ) أَيْ مِنْ السَّبْعِ وَالْعِشْرِينَ دَرَجَةً لِلْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يَرِدُ عَلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَّحِدْ الْجَزَاءُ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ) بِشَدِّ الذَّالِ أَيْ الْمُنْفَرِدِ (قَوْلُهُ: مُنَازَعٌ فِيهِ) خَبَرُ وَقَوْلُ ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ إلَخْ وَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ لَهُ وَأَمَّا ضَمِيرُ بِأَنَّهُ فَيَجُوزُ كَوْنُهُ لَهُ وَلِلْمُرَادِ خِلَافًا لِمَا فِي الْكُرْدِيِّ مِنْ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِخَبَرِ

ثُمَّ الْجَامِعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ هَذِهِ الْأُمُورِ الْمَنْصُوصَةِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا كَوْنُهُ أَمْرًا مَطْلُوبًا يَسِيرًا وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا حَدِيثُ «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» وَقَوْلُهُمْ الْمَيْسُورُ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ (قَوْلُهُ وَلِسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَأَمَّا الِاسْتِيَاكُ لِلْقِرَاءَةِ بَعْدَ السُّجُودِ فَيَنْبَغِي بِنَاؤُهُ عَلَى الِاسْتِعَاذَةِ، فَإِنْ سُنَّتْ سُنَّ؛ لِأَنَّ هَذِهِ تِلَاوَةٌ جَدِيدَةٌ وَإِلَّا، وَهُوَ الْأَصَحُّ فَلَا انْتَهَى.

(قَوْلُهُ: عَلَى الْأَوْجَهِ) أَيْ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ ثُمَّ قَالَ، وَإِنْ لَمْ يَكْتَفِ بِهِ أَيْ بِالتَّسَوُّكِ لِلْقِرَاءَةِ عَنْ التَّسَوُّكِ لِلسُّجُودِ فَلْيُسْتَحَبَّ لِقِرَاءَتِهِ أَيْضًا بَعْدَ السُّجُودِ اهـ.

(قَوْلُهُ لَعَلَّهُ لِرِعَايَةِ الْأَفْضَلِ) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِإِجْزَائِهِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا، وَأَنَّهُ الْأَفْضَلُ وَلَا يَخْلُو ذَلِكَ عَنْ شَيْءٍ مَعَ قَوْلِهِ إذْ لَا يَدْخُلُ إلَخْ وَكَذَا تَخْصِيصُ السَّامِعِ بِذَلِكَ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَذَا إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِاشْتِغَالِ الْقَارِئِ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يَكْفِي تَقَدُّمُ الِاسْتِيَاكِ لِصَلَاةِ الظُّهْرِ عَلَى الزَّوَالِ (قَوْلُهُ وَذَلِكَ لِخَبَرِ الْحُمَيْدِيِّ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، فَإِنْ قُلْتَ حَاصِلُهُ أَنَّ صَلَاةً بِهِ أَفْضَلُ مِنْ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ بِدُونِهِ وَقَضِيَّتُهُ مَعَ خَبَرِ «صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي الْجَمَاعَةِ تَضْعُفُ عَلَى صَلَاتِهِ مُنْفَرِدًا خَمْسًا وَعِشْرِينَ ضِعْفًا» أَنَّ السِّوَاكَ لِلصَّلَاةِ أَفْضَلُ مِنْ الْفَرْضِ، وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ ثُمَّ أَجَابَ بِبَعْضِ الْأَجْوِبَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحِ ثُمَّ قَالَ أَوْ يُحْمَلُ أَيْ أَوْ يُجَابُ بِحَمْلِ خَبَرِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ صَلَاتُهَا وَصَلَاةُ الِانْفِرَادِ بِسِوَاكٍ أَوْ بِدُونِهِ وَالْخَبَرُ الْآخَرُ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ بِسِوَاكٍ

ص: 217

بِقَضِيَّتِهِ مَضْمُومًا لِلدَّرَجَةِ الَّتِي فِي غَيْرِهِ فَتَكُونُ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ صَلَاةً وَخَمْسٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً وَهَذَا هُوَ الْأَلْيَقُ بِبَابِ الثَّوَابِ الْمَبْنِيِّ عَلَى سِعَةِ الْفَضْلِ وَالْمَانِعُ مِنْ حَصْرِهِ بِحَمْلِ الدَّرَجَةِ عَلَى الصَّلَاةِ، وَيَمْنَعُهُ أَيْضًا أَنَّ رِوَايَةَ الصَّلَاةِ خَمْسٌ وَعِشْرِينَ وَرِوَايَةَ الدَّرَجَةِ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ فَكَيْفَ يَتَأَتَّى الْحَمْلُ مَعَ ذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَلَا إشْكَالَ بِوَجْهٍ وَبِتَسْلِيمِ أَنَّ الدَّرَجَةَ الصَّلَاةُ فَلَا شَكَّ أَنَّ لِلْجَمَاعَةِ فَوَائِدَ أُخْرَى زَائِدَةً عَلَى هَذَا التَّضْعِيفِ فِي مُقَابَلَةِ الْخَطَأِ إلَيْهَا وَتَوَفُّرِ الْخُشُوعِ وَالْحِفْظِ مِنْ الشَّيْطَانِ الْمُقْتَضِي لِمَزِيدِ الْكَمَالِ وَالثَّوَابِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا وَرَدَتْ بِهِ السُّنَّةُ وَذَلِكَ يَزِيدُ عَلَى زِيَادَةِ السِّوَاكِ بِكَثِيرٍ فَلَا تَعَارُضَ.

وَأَمَّا الْحَمْلُ الَّذِي ذَكَرَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَلَا يَخْلُو عَنْ تَكَلُّفٍ وَمُخَالَفَةٍ لِظَاهِرِ الْحَدِيثَيْنِ فَيَحْتَاجُ لِدَلِيلٍ لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ بِغَيْرِهِ مِمَّا يُوَافِقُ ظَاهِرَهُمَا كَمَا عَلِمْت وَجَاءَ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ ابْنِ عِمْرَانَ «الْجَمَاعَةُ فِي مَسْجِدِ الْعَشِيرَةِ بِخَمْسَ عَشْرَةَ صَلَاةً وَفِي مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ» وَمِثْلُ هَذَا لَا دَخْلَ لِلرَّأْيِ فِيهِ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ أَيْضًا تَفْسِيرُ الدَّرَجَةِ بِالصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ أَحَادِيثَ الدَّرَجَةِ مُتَّفِقَةٌ عَلَى الْخَمْسِ وَالْعِشْرِينَ وَأَحَادِيثَ الصَّلَاةِ مُخْتَلِفَةٌ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الدَّرَجَةَ غَيْرُ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَخْتَلِفْ بِالْمَحَالِّ وَالصَّلَاةُ اخْتَلَفَتْ بِهَا وَحِينَئِذٍ فَتَكُونُ الصَّلَاةُ جَمَاعَةً فِي مَسْجِدِ الْعَشِيرَةِ، وَهُوَ مَا بِإِزَاءِ الدُّورِ بِاثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ صَلَاةً وَفِي مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ وَهُوَ الْجَامِعُ الْأَكْثَرُ جَمَاعَةً غَالِبًا

مُسْلِمٍ (قَوْلُهُ بِقَضِيَّتِهِ) أَيْ قَضِيَّةِ خَبَرِ مُسْلِمٍ مِنْ التَّفْضِيلِ بِالْعَدَدِ وَكَذَا ضَمِيرُ فِي غَيْرِهِ أَيْ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَخَمْسٍ إلَخْ) وَذَكَرَ الْخَمْسَ هُنَا بِنَاءً عَلَى رِوَايَةٍ أُخْرَى غَيْرِ رِوَايَةِ السَّبْعِ كُرْدِيٌّ أَيْ فَالْأَوْفَقُ لِمَا قَبْلَهُ وَسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً إلَّا أَنْ يَقْصِدَ بِهَذَا إلَى وُجُودِ تِلْكَ الرِّوَايَةِ.

(قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ الْأَخْذُ مَعَ الضَّمِّ (قَوْلُهُ وَالْمَانِعُ) عُطِفَ عَلَى الْمَبْنِيِّ (قَوْلُهُ: مِنْ حَصْرِهِ) أَيْ حَصْرِ ثَوَابِ الْجَمَاعَةِ عَلَى السَّبْعِ وَالْعِشْرِينَ وَأَرْجَعَ الْكُرْدِيُّ الضَّمِيرَ لِابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ (قَوْلُهُ: وَيَمْنَعُهُ) أَيْ الْحَصْرَ أَوْ الْحَمْلَ أَيْضًا أَيْ كَمَنْعِ الْأَلْيَقِ بِبَابِ الثَّوَابِ (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ الْأَخْذِ إلَخْ وَ (قَوْلُهُ: فَلَا إشْكَالَ) أَيْ عَلَى تَفْضِيلِ الْجَمَاعَةِ عَلَى السِّوَاكِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: فَلَا إشْكَالَ) كَانَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ رَكْعَتَانِ جَمَاعَةً بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ صَلَاةً كُلُّ صَلَاةٍ رَكْعَتَانِ فَرَكْعَتَانِ جَمَاعَةً بِخَمْسِينَ رَكْعَةً يَنْضَمُّ إلَيْهَا خَمْسٌ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً وَالْمَجْمُوعُ أَزْيَدُ مِنْ سَبْعِينَ رَكْعَةً فَلْيُتَأَمَّلْ سم.

(قَوْلُهُ: عَلَى هَذَا التَّضْعِيفِ) أَيْ السَّبْعِ وَالْعِشْرِينَ (قَوْلُهُ: فِي مُقَابَلَةِ الْخَطَأِ إلَخْ) صِفَةٌ بَعْدَ صِفَةٍ لِقَوْلِهِ فَوَائِدُ أُخْرَى وَ (قَوْلُهُ وَتَوَفُّرِ الْخُشُوعِ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى الْخَطَأِ وَ (قَوْلُهُ: الْمُقْتَضِي إلَخْ) صِفَةٌ لِتَوَفُّرِ إلَخْ وَ (قَوْلُهُ: وَغَيْرُ ذَلِكَ) أَيْ غَيْرُ مَا ذُكِرَ مِنْ الْخَطَأِ وَالتَّوَفُّرِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْحَمْلُ الَّذِي ذَكَرَهُ شَيْخُنَا إلَخْ) نَقَلَهُ سم ثُمَّ وَضَّحَهُ رَاجِعْهُ إنْ رُمْت (قَوْلُهُ: لِظَاهِرِ الْحَدِيثَيْنِ) أَيْ حَدِيثِ الْجَمَاعَةِ وَحَدِيثِ السِّوَاكِ (قَوْلُهُ: لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ هَذَا الْإِمْكَانَ إنَّمَا يُحْوِجُ لِدَلِيلٍ لَوْ عَيَّنَ الشَّيْخُ ذَلِكَ الْجَوَابَ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ عَلَى سَبِيلِ الِاحْتِمَالِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ سم (قَوْلُهُ كَمَا عَلِمْت) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لِإِمْكَانِ الْأَخْذِ إلَخْ كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَمِثْلُ هَذَا) أَيْ دَرَجَاتُ الْعِبَارَةِ وَ (قَوْلُهُ لِلرَّأْيِ) أَيْ الِاجْتِهَادِ وَ (قَوْلُهُ: فَهُوَ) أَيْ الْخَبَرُ الْمَذْكُورُ الْوَارِدُ عَنْ ابْنِ عَمْرٍو (قَوْلُهُ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ) أَيْ إلَيْهِ صلى الله عليه وسلم (قَوْلُهُ: وَبِهِ) أَيْ بِمَا جَاءَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ (قَوْلُهُ: يَنْدَفِعُ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ انْدِفَاعِ تَفْسِيرِ الدَّرَجَةِ بِمَا ذَكَرَهُ وَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَيْهِ كِلَاهُمَا مَمْنُوعَانِ إذْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الدَّرَجَةُ هِيَ الصَّلَاةُ، وَتَكُونُ أَحَادِيثُ الدَّرَجَةِ مَحْمُولَةً عَلَى أَحَدِ الْقِسْمَيْنِ فِي أَحَادِيثِ الصَّلَاةِ فَتَأَمَّلْهُ سم (قَوْلُهُ مُتَّفِقَةً إلَخْ) فِيهِ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْخَمْسِ وَالْعِشْرِينَ دَرَجَةً وَالسَّبْعِ وَالْعِشْرِينَ دَرَجَةً وَارِدٌ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِذَلِكَ عَدَمُ وُجُودِ رِوَايَةِ النَّقْصِ عَنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَلَى الْخَمْسِ وَالْعِشْرِينَ) كَذَا فِي النُّسَخِ وَالصَّوَابُ عَلَى السَّبْعِ وَالْعِشْرِينَ؛ لِأَنَّ الْأَحَادِيثَ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي الدَّرَجَةِ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ لَا خَمْسٌ وَعِشْرُونَ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَدَلَّ إلَخْ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ اتِّفَاقِ أَحَادِيثِ الدَّرَجَةِ وَاخْتِلَافِ أَحَادِيثِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ) أَيْ حِين إذْ كَانَتْ الدَّرَجَةُ غَيْرَ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: مَا بِإِزَاءِ الدُّورِ) أَيْ الْمَخْصُوصُ بِأَهْلِ الدُّورِ لِإِقَامَتِهِمْ فِيهِ غَيْرَ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: بِاثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ صَلَاةً إلَخْ) أَيْ بِاعْتِبَارِ رِوَايَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً ثُمَّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِقَوْلِهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الدَّرَجَةَ غَيْرُ الصَّلَاةِ أَنَّهَا غَيْرُهَا بِحَسَبِ الْحَقِيقَةِ وَإِلَّا فَمُجَرَّدُ مُغَايَرَتِهَا لَهَا كَذَلِكَ لَا يَتَفَرَّعُ عَنْهُ أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ جَمَاعَةً فِي مَسْجِدِ الْعَشِيرَةِ بِاثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ صَلَاةً وَفِي مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ بِاثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ صَلَاةً بَلْ يُنَافِي ذَلِكَ التَّفْرِيعَ، وَإِنَّمَا

وَالْأُخْرَى بِدُونِهِ فَصَلَاةُ الْجَمَاعَةِ بِسِوَاكٍ أَفْضَلُ مِنْهَا بِدُونِهِ بِعَشْرٍ فَعَلَيْهِ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ بِلَا سِوَاكٍ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْمُنْفَرِدِ بِسِوَاكٍ بَخَمْسَةَ عَشَرَ انْتَهَى.

قَوْلُهُ: بِعَشْرٍ وَجْهُهُ أَنَّهُمَا إذَا كَانَا بِلَا سِوَاكٍ تَزِيدُ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ فَإِذَا كَانَتْ زِيَادَتُهَا إذَا كَانَتْ وَحْدَهَا بِسِوَاكٍ خَمْسًا وَثَلَاثِينَ عَلِمْنَا أَنَّ الزِّيَادَةَ لِلسِّوَاكِ عَشْرٌ وَقَوْلُهُ بَخَمْسَةَ عَشَرَ وَجْهُهُ أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا بِلَا سِوَاكٍ كَانَتْ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَزِيدُ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ فَإِذَا كَانَ الِانْفِرَادُ بِسِوَاكٍ كَانَ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ السِّوَاكِ عَشْرٌ تَسْقُطُ مِنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ (قَوْلُهُ: فَلَا إشْكَالَ) كَانَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ رَكْعَتَانِ جَمَاعَةً بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ صَلَاةٍ كُلُّ صَلَاةٍ رَكْعَتَانِ فَرَكْعَتَانِ جَمَاعَةً بِخَمْسِينَ رَكْعَةٍ تَنْضَمُّ إلَيْهَا خَمْسٌ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً وَالْمَجْمُوعُ أَزْيَدُ مِنْ سَبْعِينَ رَكْعَةً فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ بِغَيْرِهِ) فِيهِ أَنَّ هَذَا الْإِمْكَانَ إنَّمَا يُحْوِجُ لِدَلِيلٍ لَوْ عَيَّنَ الشَّيْخُ ذَلِكَ الْجَوَابَ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ عَلَى سَبِيلِ الِاحْتِمَالِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ (قَوْلُهُ: وَبِهِ يَنْدَفِعُ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ انْدِفَاعِ تَفْسِيرِ الدَّرَجَةِ بِمَا ذُكِرَ وَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَيْهِ كِلَاهُمَا مَمْنُوعَانِ إذْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الدَّرَجَةُ هِيَ الصَّلَاةُ وَتَكُونُ أَحَادِيثُ الدَّرَجَةِ مَحْمُولَةً عَلَى أَحَدِ الْقِسْمَيْنِ فِي أَحَادِيثِ الصَّلَاةِ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ بِاثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ) أَيْ بِاعْتِبَارِ رِوَايَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً ثُمَّ -

ص: 218

بِاثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ صَلَاةً وَبِهَذَا يَتَأَيَّدُ مَا قَدَّمْتُهُ أَنَّ تَضْعِيفَ الْجَمَاعَةِ يَزِيدُ عَلَى تَضْعِيفِ السِّوَاكِ بِكَثِيرٍ وَلَوْ عَرَفَ مِنْ عَادَتِهِ إدْمَاءَ السِّوَاكِ لِفَمِهِ اسْتَاكَ بِلُطْفٍ وَإِلَّا تَرَكَهُ، وَيَفْعَلُهُ لَهَا وَلِغَيْرِهَا وَلَوْ بِالْمَسْجِدِ إنْ أَمِنَ وُصُولَ مُسْتَقْذَرٍ إلَيْهِ وَكَرَاهَةُ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ لَهُ فِيهِ أَطَالُوا فِي رَدِّهَا (وَتَغَيُّرِ الْفَمِ) رِيحًا أَوْ لَوْنًا بِنَحْوِ نَوْمٍ أَوْ أَكْلِ كَرِيهٍ أَوْ طُولِ سُكُوتٍ أَوْ كَثْرَةِ كَلَامٍ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ» أَيْ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِهَا مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ بِمَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ مِنْ التَّطْهِيرِ أَوْ اسْمٌ لِلْآلَةِ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ.

وَيَتَأَكَّدُ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ

أَرَادَ بِهِ أَنَّهَا زَائِدَةٌ عَلَيْهَا مَعَ كَوْنِهَا بِمَعْنَاهَا وَالْمَعْنَى أَنَّ الْخَمْسَ وَالْعِشْرِينَ دَرَجَةً خَمْسٌ وَعِشْرُونَ صَلَاةً زَائِدَةٌ عَلَى الْخَمْسَ عَشْرَةَ صَلَاةً فِي مَسْجِدِ الْعَشِيرَةِ وَعَلَى الْخَمْسِ وَالْعِشْرِينَ صَلَاةً فِي مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ إذْ عَلَى هَذَا يَظْهَرُ ذَلِكَ التَّفْرِيعُ فَلْيُتَأَمَّلْ سم أَيْ فَإِنَّ هَذَا خِلَافُ قَوْلِهِ السَّابِقِ أَيْ لِإِمْكَانِ الْأَخْذِ إلَخْ الَّذِي هُوَ كَالصَّرِيحِ فِي إرَادَةِ الْمُغَايَرَةِ بِحَسَبِ الْحَقِيقَةِ ثُمَّ قَوْلُ الْمُحَشِّي وَالْمَعْنَى أَنَّ الْخَمْسَ إلَخْ الْأَصْوَبُ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِ السَّابِقِ أَيْ بِاعْتِبَارِ إلَخْ وَلِمَا فِي الشَّارِحِ أَنَّ السَّبْعَ وَالْعِشْرِينَ دَرَجَةً سَبْعٌ وَعِشْرُونَ صَلَاةً إلَخْ (قَوْلُهُ: بِاثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ صَلَاةً) أَيْ، وَهِيَ تَزِيدُ عَلَى سَبْعِينَ رَكْعَةً سم أَيْ لِمَا مَرَّ أَنَّ كُلَّ صَلَاةٍ رَكْعَتَانِ (قَوْلُهُ وَبِهَذَا يَتَأَيَّدُ إلَخْ) أَيْ بِقَوْلِهِ فَتَكُونُ الصَّلَاةُ جَمَاعَةً إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَنْفَعْ اللُّطْفُ فِي دَفْعِ الْإِدْمَاءِ عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ بَافَضْلٍ، وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ خَشِيَ تَنَجُّسَ فَمِهِ لَمْ يُنْدَبْ لَهَا اهـ.

وَكَتَبَ عَلَيْهِ الْكُرْدِيُّ مَا نَصُّهُ وَفِي الْإِيعَابِ نَحْوُ مَا هُنَا ثُمَّ قَالَ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ وَعِنْدَهُ مَاءٌ يُطَهِّرُ فَمَه وَلَمْ يَخْشَ فَوَاتَ فَضِيلَةِ التَّحَرُّمِ وَنَحْوِهِ ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ صَرَّحَ بِحُرْمَتِهِ إذَا عَلِمَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ إذَا اسْتَاكَ دَمَى فَمُهُ وَلَيْسَ عِنْدَهُ مَاءٌ يَغْسِلُهُ بِهِ وَضَاقَ وَقْتُ الصَّلَاةِ اهـ اهـ.

(قَوْلُهُ: لَهَا) أَيْ لِلصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: لَهُ فِيهِ) أَيْ لِلِاسْتِيَاكِ فِي الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: أَطَالُوا إلَخْ) خَبَرُ وَكَرَاهَةُ إلَخْ وَ (قَوْلُهُ فِي رَدِّهَا) أَيْ الْكَرَاهَةِ يَعْنِي فِي رَدِّ قَوْلِهِ بِهَا قَوْلُ الْمَتْنِ (وَتَغَيُّرُ الْفَمِ) أَفْهَمَ تَعْبِيرُهُ بِالْفَمِ دُونَ السِّنِّ نَدْبَهُ لِتَغَيُّرِ فَمِ مَنْ لَا سِنَّ لَهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ نِهَايَةٌ وَشَيْخُنَا.

قَالَ ع ش هَذَا قَدْ يَشْمَلُ الْفَمَ فِي وَجْهٍ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ كَالْوَجْهِ الثَّانِي الَّذِي فِي جِهَةِ الْقَفَا وَلَيْسَ بَعِيدًا سم اهـ.

(قَوْلُهُ: رِيحًا أَوْ لَوْنًا) أَيْ أَوْ طَعْمًا فِيمَا يَظْهَرُ نَعَمْ فِي الْأَوَّلَيْنِ آكَدُ فِيمَا يَظْهَرُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ ضَرَرَهُمَا مُتَعَدٍّ بِخِلَافِهِ وَلَمْ يُقَيِّدْ صَاحِبُ الْمُغْنِي التَّغَيُّرَ بِوَصْفٍ وَلَعَلَّهُ جُنُوحٌ مِنْهُ إلَى التَّعْمِيمِ الَّذِي أَشَرْت إلَيْهِ بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ الْحَلَبِيِّ رِيحًا أَوْ لَوْنًا أَوْ طَعْمًا اهـ وَعِبَارَةُ الْبُجَيْرِمِيِّ عَلَى الْإِقْنَاعِ قَوْلُهُ: رَائِحَةُ الْفَمِ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهَا اللَّوْنُ كَصُفْرَةِ الْأَسْنَانِ وَالطَّعْمُ اهـ.

(قَوْلُهُ بِنَحْوِ نَوْمٍ) إلَى التَّنْبِيهِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ مَصْدَرٌ إلَى لِلْفَمِ وَقَوْلُهُ كَالتَّسْمِيَةِ إلَى وَمَنْزِلٍ وَقَوْلُهُ وَلَوْ لِغَيْرِهِ إلَى وَلِإِرَادَةِ أَكْلٍ (قَوْلُهُ بِنَحْوِ نَوْمٍ إلَخْ) أَيْ كَجُوعٍ مُغْنِي (قَوْلُهُ أَوْ أَكْلِ كَرِيهٍ) كَثُومٍ وَبَصَلٍ وَفُجْلٍ وَكُرَّاثٍ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ إلَخْ) نَشْرٌ عَلَى غَيْرِ تَرْتِيبِ اللَّفِّ (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ) قَدْ يُقَالُ أَوْ بَاقٍ عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ رِعَايَةً لِلْأَبْلَغِيَّةِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَيَتَأَكَّدُ) إلَى قَوْلِهِ أَوْ آلَتِهِ فِي

هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِقَوْلِهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الدَّرَجَةَ غَيْرُ الصَّلَاةِ أَنَّهَا غَيْرُهَا بِحَسَبِ الْحَقِيقَةِ وَإِلَّا فَمُجَرَّدُ مُغَايَرَتِهَا لَهَا كَذَلِكَ لَا يَتَفَرَّعُ عَنْهُ أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ جَمَاعَةً فِي مَسْجِدِ الْعَشِيرَةِ بِاثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ صَلَاةً وَفِي مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ بِاثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ صَلَاةً بَلْ يُنَافِي ذَلِكَ التَّفْرِيعَ.

وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ أَنَّهَا زَائِدَةٌ عَلَيْهَا مَعَ كَوْنِهَا بِمَعْنَاهَا وَالْمَعْنَى أَنَّ الْخَمْسَ وَالْعِشْرِينَ دَرَجَةً خَمْسٌ وَعِشْرُونَ صَلَاةً زَائِدَةٌ عَلَى الْخَمْسَ عَشْرَةَ صَلَاةً فِي مَسْجِدِ الْعَشِيرَةِ وَعَلَى الْخَمْسِ وَالْعِشْرِينَ صَلَاةً فِي مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ إذْ عَلَى هَذَا يَظْهَرُ ذَلِكَ التَّفْرِيعُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.

(قَوْلُهُ: بِاثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ صَلَاةً) أَيْ، وَهِيَ تَزِيدُ عَلَى سَبْعِينَ رَكْعَةً وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَوْ يُحْمَلُ خَبَرُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ صَلَاتُهَا وَصَلَاةُ الِانْفِرَادِ بِسِوَاكٍ أَوْ بِدُونِهِ وَالْخَبَرُ الْآخَرُ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ بِسِوَاكٍ وَالْأُخْرَى بِدُونِهِ فَصَلَاةُ الْجَمَاعَةِ بِسِوَاكٍ أَفْضَلُ مِنْهَا بِدُونِهِ بِعَشْرٍ فَعَلَيْهِ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ بِلَا سِوَاكٍ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْمُنْفَرِدِ بِسِوَاكٍ بَخَمْسَةَ عَشَرَ اهـ.

وَقَدْ قَدَّمْنَاهُ أَيْضًا فَقَدْ أَفَادَ هَذَا الْحَمْلُ أَنَّ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ وَلِفَضِيلَةِ السِّوَاكِ عَشْرًا وَبِهِ يَتَّضِحُ مَا فَرَّعَهُ فَإِذَا كَانَتْ الصَّلَاتَانِ جَمَاعَةً لَكِنْ إحْدَاهُمَا فَقَطْ بِسِوَاكٍ فَقَدْ اسْتَوَيَا فِيمَا لِلْجَمَاعَةِ وَصَارَتْ الَّتِي بِسِوَاكٍ زَائِدَةً بِمَا لِلسِّوَاكِ، وَهُوَ عَشْرٌ وَإِذَا كَانَتَا فُرَادَى وَإِحْدَاهُمَا فَقَطْ بِسِوَاكٍ زَادَتْ عَلَى الْأُخْرَى بِعَشْرٍ السِّوَاكِ، وَإِذَا كَانَتْ إحْدَاهُمَا جَمَاعَةً بِسِوَاكٍ وَالْأُخْرَى فُرَادَى بِلَا سِوَاكٍ زَادَتْ الْأُولَى بِمَا لِلْجَمَاعَةِ، وَهُوَ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ وَمَا لِلسِّوَاكِ، وَهُوَ عَشْرٌ وَمَجْمُوعُ ذَلِكَ خَمْسٌ وَثَلَاثُونَ، وَإِذَا كَانَتْ إحْدَاهُمَا جَمَاعَةً بِلَا سِوَاكٍ وَالْأُخْرَى فُرَادَى بِهِ فَزِيَادَةُ الْأُولَى لِلْجَمَاعَةِ، وَهِيَ الْخَمْسُ وَالْعِشْرُونَ يَسْقُطُ مِنْهَا زِيَادَةُ الثَّانِيَةِ لِلسِّوَاكِ، وَهِيَ الْعَشْرُ يَبْقَى خَمْسَ عَشْرَةَ زَائِدَةٌ عَلَى الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: وَتَغَيُّرُ الْفَمِ) لَوْ كَانَ لَهُ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا مِنْ جِهَةِ قَفَاهُ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ وَلَا يُطْلَبُ مَضْمَضَةٌ لِلْفَمِ الَّذِي فِيهِ وَلَا اسْتِنْشَاقٌ لِلْأَنْفِ الَّذِي فِيهِ وَهَلْ يُطْلَبُ السِّوَاكُ

ص: 219

كَقِرَاءَةِ قُرْآنٍ أَوْ حَدِيثٍ أَوْ عِلْمٍ شَرْعِيٍّ أَوْ آلَتِهِ وَكَذِكْرٍ كَالتَّسْمِيَةِ أَوَّلَ الْوُضُوءِ وَلِدُخُولِ مَسْجِدٍ وَلَوْ خَالِيًا وَمَنْزِلٍ وَلَوْ لِغَيْرِهِ ثُمَّ يُحْتَمَلُ تَقْيِيدُهُ بِغَيْرِ الْخَالِي وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ بِأَنَّ مَلَائِكَتَهُ أَفْضَلُ فَرُوعُوا كَمَا رُوعُوا بِكَرَاهَةِ دُخُولِهِ خَالِيًا لِمَنْ أَكَلَ كَرِيهًا بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَيَحْتَمِلُ التَّسْوِيَةَ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ وَلِإِرَادَةِ أَكْلٍ أَوْ نَوْمٍ وَلِاسْتِيقَاظٍ مِنْهُ وَبَعْدَ وِتْرٍ وَفِي السَّحَرِ وَعِنْدَ الِاحْتِضَارِ وَلِلصَّائِمِ قَبْلَ أَوَانِ الْخُلُوفِ (تَنْبِيهٌ)

نَدْبُهُ لِلذِّكْرِ الشَّامِلِ لِلتَّسْمِيَةِ مَعَ نَدْبِهَا لِكُلِّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ الشَّامِلِ لِلسِّوَاكِ يَلْزَمُهُ دَوْرٌ ظَاهِرٌ لَا مَخْلَصَ عَنْهُ

النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ كَقِرَاءَةِ قُرْآنٍ) ، وَيَكُونُ قَبْلَ الِاسْتِعَاذَةِ شَرْحُ بَافَضْلٍ وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَكَذِكْرٍ كَالتَّسْمِيَةِ إلَخْ) وَعَلَيْهِ فَيُسْتَحَبُّ السِّوَاكُ قَبْلَ التَّسْمِيَةِ فِي الْوُضُوءِ لِأَجْلِ التَّسْمِيَةِ وَبَعْدَ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ لِأَجْلِ الْوُضُوءِ.

(فَائِدَةٌ)

لَوْ نَذَرَ السِّوَاكَ هَلْ يُحْمَلُ عَلَى مَا هُوَ الْمُتَعَارَفُ فِيهِ مِنْ الْأَسْنَانِ وَمَا حَوْلَهَا أَمْ يَشْمَلُ اللِّسَانَ وَسَقْفَ الْحَلْقِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ الْمُرَادُ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «إذَا اسْتَكْتُمْ فَاسْتَاكُوا عَرْضًا» وَلِتَفْسِيرِهِمْ السِّوَاكَ شَرْعًا بِأَنَّهُ اسْتِعْمَالُ عُودٍ وَنَحْوِهِ فِي الْأَسْنَانِ وَمَا حَوْلَهَا ع ش وَفِي الْبُجَيْرِمِيِّ عَنْ الْبَابِلِيِّ مَا يُوَافِقُهُ فِي مَسْأَلَةِ النَّذْرِ (قَوْلُهُ: كَالتَّسْمِيَةِ أَوَّلَ الْوُضُوءِ) قَضِيَّتُهُ الِاسْتِيَاكُ مَرَّةً لَهَا وَمَرَّةً لِلْوُضُوءِ بَعْدَ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ وَبِهِ قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَالْمُتَّجَهُ أَيْضًا اسْتِحْبَابُهُ لِلْغُسْلِ، وَإِنْ اسْتَاكَ لِلْوُضُوءِ قَبْلَهُ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ لِبَعْضِهِمْ وَوِفَاقًا لِ م ر اهـ سم (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ) بَلْ التَّسْوِيَةُ أَقْرَبُ أَخْذًا بِإِطْلَاقِ الْأَصْحَابِ وَلَا دَاعِيَ لِلتَّخْصِيصِ بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ عَنْ الْإِيعَابِ وَإِلَيْهِ يُرْشِدُ إطْلَاقُهُمْ نَظَرَ الْمَلَائِكَةِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَعَلَيْهِ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِمَنْزِلِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلِإِرَادَةِ أَكْلٍ إلَخْ) أَيْ أَوْ جِمَاعٍ لِزَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ وَعِنْدَ اجْتِمَاعِهِ بِإِخْوَانِهِ وَعِنْدَ دُخُولِ الْكَعْبَةِ وَعِنْدَ الْعَطَشِ وَالْجُوعِ وَإِرَادَةِ السَّفَرِ وَالْقُدُومِ مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ اسْتَاكَ الْيَوْمَ وَاللَّيْلَةَ مَرَّةً وَفِيهِ فَضَائِلُ كَثِيرَةٌ وَخِصَالٌ عَدِيدَةٌ أَعْظَمُهَا أَنَّهُ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ مَسْخَطَةٌ لِلشَّيْطَانِ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مُطَيِّبٌ لِلنَّكْهَةِ مُصَفٍّ لِلْخِلْقَةِ مُزَكٍّ لِلْفِطْنَةِ وَالْفَصَاحَةِ قَاطِعٌ لِلرُّطُوبَةِ مُحِدٌّ لِلْبَصَرِ مُبْطِئٌ لِلشَّيْبِ مُسَوٍّ لِلظَّهْرِ مُضَاعِفٌ لِلْأَجْرِ مُرْهِبٌ لِلْعَدُوِّ مُهَضِّمٌ لِلطَّعَامِ مُرْغِمٌ لِلشَّيْطَانِ مُذَكِّرٌ لِلشَّهَادَةِ عِنْدَ الْمَوْتِ وَأَوْصَلَهَا بَعْضُهُمْ إلَى نَيِّفٍ وَسَبْعِينَ خَصْلَةً شَيْخُنَا وَأَكْثَرُهَا فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَالِاسْتِيقَاظِ مِنْهُ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ تَغَيُّرٌ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّتُهُ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَفِي السَّحَرِ) بِفَتْحَتَيْنِ مَا بَيْنَ الْفَجْرَيْنِ وَجَمْعُهُ أَسْحَارٌ وَإِدَامَتُهُ تُورِثُ السِّعَةَ وَالْغِنَى وَتُيَسِّرُ الرِّزْقَ وَتُسْكِنُ الصُّدَاعَ وَتُذْهِبُ جَمِيعَ مَا فِي الرَّأْسِ مِنْ الْأَذَى وَالْبَلْغَمِ وَتُقَوِّي الْأَسْنَانَ وَتَزِيدُ فَصَاحَةً وَحِفْظًا وَعَقْلًا وَتُطَهِّرُ الْقَلْبَ وَتُذْهِبُ الْجُذَامَ وَتُنَمِّي الْمَالَ وَالْأَوْلَادَ وَتُؤَانِسُ الْإِنْسَانَ فِي قَبْرِهِ، وَيَأْتِيهِ مَلَكُ الْمَوْتِ عِنْدَ قَبْضِ رُوحِهِ فِي صُورَةٍ حَسَنَةٍ بُجَيْرِمِيٌّ عَنْ الزَّاهِدِ.

(قَوْلُهُ: وَعِنْدَ الِاحْتِضَارِ) أَيْ بِنَفْسِ الْمَرِيضِ أَوْ بِغَيْرِهِ وَقِيلَ إنَّهُ يُسَهِّلُ خُرُوجَ الرُّوحِ مُغْنِي وَبُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ وَلِلصَّائِمِ إلَخْ) كَمَا يُسَنُّ التَّطَيُّبُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: أَوَانَ الْخُلُوفِ) أَيْ قَبْلَ الزَّوَالِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: نَدْبُهُ) أَيْ السِّوَاكِ وَ (قَوْلُهُ يَلْزَمُهُ دَوْرٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ طَلَبَ السِّوَاكِ يَقْتَضِي طَلَبَ التَّسْمِيَةِ قَبْلَهُ، وَهُوَ يَقْتَضِي طَلَبَ السِّوَاكِ قَبْلَهَا وَهُوَ يَقْتَضِي طَلَبَ التَّسْمِيَةِ قَبْلَهُ وَهَكَذَا إلَى مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّ اللَّازِمَ التَّسَلْسُلُ لَا الدَّوْرُ فَإِنَّ طَلَبَ السِّوَاكِ غَيْرُ مُتَوَقِّفٍ عَلَى طَلَبِ التَّسْمِيَةِ وَطَلَبُ التَّسْمِيَةِ لَهُ غَيْرُ مُتَوَقِّفٍ عَلَى طَلَبِ السِّوَاكِ لَهَا كَمَا لَا يَخْفَى، وَإِنْ اتَّفَقَ طَلَبُ كُلٍّ لِلْآخَرِ بَلْ اللَّازِمُ طَلَبُ تَكَرُّرِ السِّوَاكِ وَالتَّسْمِيَةِ مِنْ غَيْرِ نِهَايَةٍ فَلْيُتَأَمَّلْ.

وَقَدْ يُقَالُ لَوْ طُلِبَ كُلٌّ لِلْآخَرِ لَمْ يُمْكِنْ الِامْتِثَالُ؛ لِأَنَّ الْإِتْيَانَ بِأَيٍّ مِنْهُمَا يَقْتَضِي تَقَدُّمَ الْآخَرِ إلَى مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ فَتَأَمَّلْهُ سم وَتَعَقَّبَهُ الْهَاتِفِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى التُّحْفَةِ فَقَالَ قَوْلُهُ: دَوْرٌ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ السِّوَاكَ أَمْرٌ ذُو بَالٍ وَكُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ تُسْتَحَبُّ لَهُ التَّسْمِيَةُ وَالتَّسْمِيَةُ أَيْضًا ذِكْرٌ مِنْ الْأَذْكَارِ وَيُسْتَحَبُّ لِكُلِّ ذِكْرٍ السِّوَاكُ فَالتَّسْمِيَةُ طَلَبَتْ السِّوَاكَ وَالسِّوَاكُ طَلَبَ التَّسْمِيَةَ فَيَكُونُ تَسَلْسُلًا إلَى غَيْرِ النِّهَايَةِ، وَأَنَّ السِّوَاكَ الْمُعْتَدَّ بِهِ شَرْعًا يَتَوَقَّفُ وُجُودُهُ عَلَى التَّسْمِيَةِ وَكَوْنُ التَّسْمِيَةِ ذِكْرًا مُعْتَدًّا بِكَمَالِهَا شَرْعًا أَيْضًا مَوْقُوفٌ عَلَى السِّوَاكِ قَبْلَهَا فَيَكُونُ دَوْرًا قَطْعًا كَمَا

لِلْفَمِ الَّذِي فِيهِ، وَيَتَأَكَّدُ لِغَيْرِهِ وَلِلصَّلَاةِ فِيهِ نَظَرٌ وَالطَّلَبُ غَيْرُ بَعِيدٍ (قَوْلُهُ: كَالتَّسْمِيَةِ أَوَّلَ الْوُضُوءِ) قَضِيَّتُهُ الِاسْتِيَاكُ مَرَّةً لَهَا وَمَرَّةً لِلْوُضُوءِ بَعْدَ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ وَبِهِ قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَالْمُتَّجَهُ أَيْضًا اسْتِحْبَابُهُ لِلْغَسْلِ، وَإِنْ اسْتَاكَ لِلْوُضُوءِ قَبْلَهُ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ لِبَعْضِهِمْ وَوِفَاقًا لِ م ر (قَوْلُهُ تَنْبِيهٌ نَدْبُهُ) أَيْ نَدْبُ السِّوَاكِ وَقَوْلُهُ يَلْزَمُهُ دَوْرٌ أَيْ؛ لِأَنَّ طَلَبَ السِّوَاكِ يَقْتَضِي طَلَبَ التَّسْمِيَةِ قَبْلَهُ وَهُوَ يَقْتَضِي طَلَبَ السِّوَاكِ قَبْلَهَا، وَهُوَ يَقْتَضِي طَلَبَ التَّسْمِيَةِ قَبْلَهُ وَهَكَذَا إلَى مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّ اللَّازِمَ التَّسَلْسُلُ لَا الدَّوْرُ، فَإِنَّ طَلَبَ التَّسْمِيَةَ لِلسِّوَاكِ لَمْ يَقْتَضِ طَلَبَ السِّوَاكِ الَّذِي طُلِبَتْ لَهُ بَلْ سِوَاكًا آخَرَ لَهَا وَهَكَذَا فَتَأَمَّلْهُ عَلَى أَنَّهُ لَا تَسَلْسُلَ حَقِيقَةً أَيْضًا فَإِنَّ طَلَبَ السِّوَاكِ غَيْرُ مُتَوَقِّفٍ عَلَى طَلَبِ التَّسْمِيَةِ وَطَلَبُ التَّسْمِيَةِ لَهُ غَيْرُ مُتَوَقِّفٍ عَلَى طَلَبِ السِّوَاكِ لَهَا كَمَا لَا يَخْفَى، وَإِنْ اتَّفَقَ طَلَبُ كُلٍّ لِلْآخَرِ بَلْ اللَّازِمُ طَلَبُ تَكْرَارِ السِّوَاكِ وَالتَّسْمِيَةِ مِنْ غَيْرِ نِهَايَةٍ فَلْيُتَأَمَّلْ وَقَدْ يُقَالُ لَوْ طُلِبَ كُلٌّ لِلْآخَرِ لَمْ يُمْكِنْ

ص: 220

إلَّا بِمَنْعِ نَدْبِ التَّسْمِيَةِ لَهُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ حَصَلَ هُنَا مَانِعٌ مِنْهَا هُوَ عَدَمُ التَّأَهُّلِ لِكَمَالِ النُّطْقِ بِهَا وَيُسَنُّ أَنْ يَكُونَ بِالْيَمِينِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهَا لَا تُبَاشِرُ الْقَذَرَ مَعَ شَرَفِ الْفَمِ وَشَرَفِ الْمَقْصُودِ بِالسِّوَاكِ وَأَنْ يَبْدَأَ بِجَانِبِ الْفَمِ الْأَيْمَنِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْوِيَ بِالسِّوَاكِ السُّنَّةَ كَالنَّسْلِ بِالْجِمَاعِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ يَنْبَغِي بِمَعْنَى يَتَحَتَّمُ حَتَّى لَوْ فَعَلَ مَا لَمْ تَشْمَلْهُ نِيَّةُ مَا سُنَّ فِيهِ بِلَا نِيَّةِ السُّنَّةِ لَمْ يُثَبْ عَلَيْهِ وَأَنْ يُعَوِّدَهُ الصَّبِيَّ لِيَأْلَفَهُ وَأَنْ يَجْعَلَ خِنْصَرَهُ وَإِبْهَامَهُ تَحْتَهُ وَالْأَصَابِعَ الثَّلَاثَةَ الْبَاقِيَةَ فَوْقَهُ وَأَنْ يَبْلَعَ رِيقَهُ أَوَّلَ اسْتِيَاكِهِ

قَالَ الشَّارِحِ، وَإِنَّمَا اكْتَفَى الشَّارِحِ بِذِكْرِ الدَّوْرِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ أَخْفَى مِنْ التَّسَلْسُلِ إذْ تَصْوِيرُ التَّسَلْسُلِ فِي أَمْثَالِ هَذَا الْمَقَامِ ظَاهِرٌ وَشَائِعٌ انْتَهَى اهـ كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ: إلَّا بِمَنْعِ نَدْبِ التَّسْمِيَةِ لَهُ) يَرِدُ عَلَى هَذَا الْحَصْرِ حُصُولُ الْمَخْلَصِ بِعَكْسِ ذَاكَ أَيْ بِمَنْعِ نَدْبِهِ لَهَا قَالَهُ سم وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَنْشَأَ الدَّوْرِ إنَّمَا هُوَ التَّسْمِيَةُ الثَّانِيَةُ الْمَطْلُوبَةُ لِلسِّوَاكِ الْمَطْلُوبِ لِلتَّسْمِيَةِ الْأُولَى لَا السِّوَاكُ فَلِذَا تَعَيَّنَ مَنْعُ نَدْبِ التَّسْمِيَةِ الثَّانِيَةِ الْمُرَادَةِ لِلشَّارِحِ هُنَا لِلتَّخَلُّصِ مِنْ الدَّوْرِ ثُمَّ رَأَيْت فِي الْكُرْدِيِّ عَنْ الْهَاتِفِيِّ جَوَابًا آخَرَ نَصُّهُ قَوْلُهُ إلَّا بِمَنْعِ نَدْبِ التَّسْمِيَةِ لَهُ أَيْ لِلسِّوَاكِ لَا بِمَنْعِ نَدْبِ السِّوَاكِ لِلتَّسْمِيَةِ؛ لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ أَمْرٌ ذُو بَالٍ قَطْعًا فَالسِّوَاكُ مَنْدُوبٌ لَهُ قَطْعًا بِخِلَافِ السِّوَاكِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الِاسْتِيَاكَ عِنْدَ الْإِمَامِ وَمَنْ تَبِعَهُ فِي مَعْنَى الِاسْتِجْمَارِ لَا تُنْدَبُ لَهُ التَّسْمِيَةُ إذَا تَمَهَّدَ هَذَا انْدَفَعَ مَا قِيلَ يَرِدُ عَلَى هَذَا الْحَصْرِ إلَخْ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَيُوَجَّهُ إلَخْ) لَوْ تَمَّ لَزِمَ أَنَّهَا لَا تُسَنُّ مُطْلَقًا حَيْثُ لَمْ يَتَقَدَّمْهَا سِوَاكٌ قَالَهُ السَّيِّدُ الْبَصْرِيُّ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحِ تَوْجِيهٌ لِتَرْجِيحِ مَنْعِ نَدْبِ التَّسْمِيَةِ مَعَ حُصُولِ الْمَخْلَصِ ظَاهِرًا بِعَكْسِ ذَاكَ فَيَخْتَصُّ التَّوْجِيهُ الْمَذْكُورُ بِصُورَةِ الدَّوْرِ (قَوْلُهُ: هُوَ عَدَمُ التَّأَهُّلِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَهَّلُ لِذَلِكَ إلَّا بِالسِّوَاكِ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ) إلَى قَوْلِهِ، وَيَنْبَغِي فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى قَوْلِهِ وَأَنْ يُجْعَلَ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ، وَإِنْ كَانَ لِإِزَالَةِ تَغَيُّرٍ نِهَايَةٌ وَشَرْحُ بَافَضْلٍ زَادَ الْمُغْنِي وَقِيلَ إنْ كَانَ الْمَقْصُودُ بِهِ الْعِبَادَةَ فَبِالْيَمِينِ أَوْ إزَالَةَ الرَّائِحَةِ فَبِالْيَسَارِ وَقِيلَ بِالْيَسَارِ مُطْلَقًا وَفِي الْكُرْدِيِّ عَنْ الْإِيعَابِ لَوْ كَانَتْ الْآلَةُ أُصْبُعَهُ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ فِيهَا سُنَّ كَوْنُهَا الْيَسَارُ إنْ كَانَ ثَمَّ تَغَيُّرٌ؛ لِأَنَّهَا تُبَاشِرُهُ اهـ.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا لَا تُبَاشِرُ الْقَذَرَ) قَدْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْيَدَ لَا تُبَاشِرُ الْقَذَرَ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ مَعَ كَرَاهَتِهِ بِالْيَمِينِ وَلَعَلَّ قَوْلَهُ: مَعَ شَرَفِ الْفَمِ إلَخْ لِدَفْعِ وُرُودِ ذَلِكَ سم.

(قَوْلُهُ: وَأَنْ يَبْدَأَ بِجَانِبِ الْفَمِ إلَخْ) أَيْ إلَى نِصْفِهِ وَيُثَنِّيَ بِالْجَانِبِ الْأَيْسَرِ إلَى نِصْفِهِ أَيْضًا مِنْ دَاخِلِ الْأَسْنَانِ وَخَارِجِهَا شَيْخُنَا وَتَقَدَّمَ عَنْ عِ ش مِثْلُهُ بِزِيَادَةٍ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي إلَخْ) قَالَ الْمَحَلِّيُّ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَنْوِيَ الْوُضُوءَ أَوَّلَهُ لِيُثَابَ عَلَى سُنَنِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى غَسْلِ الْوَجْهِ انْتَهَى وَقَالَ سم قَوْلُهُ: لِيُثَابَ إلَخْ قَضِيَّتُهُ حُصُولُ السُّنَّةِ مِنْ غَيْرِ ثَوَابٍ لَكِنْ صَرَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنْ لَا تَحْصُلَ السُّنَّةُ أَيْضًا اهـ.

أَقُولُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ يَقَعُ عَنْ الْعِبَادَةِ وَغَيْرِهَا فَمُجَرَّدُ وُقُوعِهِ حَيْثُ لَمْ يَقْتَرِنْ بِالنِّيَّةِ يَنْصَرِفُ إلَى الْعَادَةِ فَلَا يَكُونُ عِبَادَةً ع ش (قَوْلُهُ: أَنْ يَنْوِيَ بِالسِّوَاكِ إلَخْ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْوُضُوءِ وَإِلَّا فَنِيَّتُهُ تَشْمَلُهُ مُغْنِي وَشَيْخُنَا عِبَارَةُ شَرْحِ بَافَضْلٍ، وَيَنْوِي بِهِ سُنَّةَ الْوُضُوءِ بِنَاءً عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِجَمَاعَةٍ مِنْ أَنَّهُ قَبْلَ التَّسْمِيَةِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ مَحَلَّهُ بَعْدَ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ وَقَبْلَ الْمَضْمَضَةِ فَحِينَئِذٍ لَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ إنْ نَوَى عِنْدَ التَّسْمِيَةِ لِشُمُولِ النِّيَّةِ لَهُ كَغَيْرِهِ اهـ.

وَفِي الْكُرْدِيِّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: لَا يَحْتَاجُ إلَخْ مُرَادُهُ بِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إلَى النِّيَّةِ عَدَمُ الِاحْتِيَاجِ لِاسْتِئْنَافِهَا عِنْدَ مَا ذُكِرَ وَإِلَّا فَاسْتِصْحَابُهَا لَا بُدَّ مِنْهُ كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ كَلَامُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ عِبَارَةُ فَتْحِ الْجَوَّادِ وَيُسَنُّ لَهُ أَنْ يَسْتَصْحِبَهَا فِيهِ مِنْ أَوَّلِهِ بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا أَوَّلَهُ عَلَى أَيِّ كَيْفِيَّةٍ مِنْ كَيْفِيَّاتِهَا السَّابِقَةِ، وَيَسْتَصْحِبَهَا إلَى غَسْلِ بَعْضِ الْوَجْهِ لِيَحْصُلَ لَهُ ثَوَابُ السُّنَنِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَيْهِ اهـ.

فَتَعْلِيلُهُ بِقَوْلِهِ لِيَحْصُلَ إلَخْ يُفِيدُ تَوَقُّفَ حُصُولِهَا عَلَى اسْتِحْضَارِهَا وَفِي الْإِيعَابِ عَنْ الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْأَكْمَلَ أَنْ يَنْوِيَ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً عِنْدَ ابْتِدَاءِ وُضُوئِهِ وَمَرَّةً عِنْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ اهـ عِبَارَةُ شَيْخِنَا وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَنْوِيَ أَوَّلًا السُّنَّةَ فَقَطْ كَأَنْ يَقُولَ نَوَيْت سُنَنَ الْوُضُوءِ ثُمَّ يَنْوِيَ عِنْدَ أَوَّلِ غَسْلِ الْوَجْهِ النِّيَّةَ الْمُعْتَبَرَةَ اهـ.

(قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْقِيَاسِ عَلَى الْجِمَاعِ (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى يَتَحَتَّمُ) أَيْ لِحُصُولِ الثَّوَابِ سم وَكُرْدِيٌّ بَلْ لِحُصُولِ أَصْلِ السُّنَّةِ كَمَا مَرَّ عَنْ ع ش (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَشْمَلْهُ إلَخْ) أَيْ عَمَلًا لَمْ تَشْمَلْهُ إلَخْ كَالسِّوَاكِ قَبْلَ التَّسْمِيَةِ فِي الْوُضُوءِ الْمَقْرُونَةِ بِالنِّيَّةِ أَوْ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُثَبْ عَلَيْهِ) بَلْ لَا يَسْقُطُ بِهِ الطَّلَبُ أَيْضًا كَمَا مَرَّ عَنْ ع ش (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَبْلَعَ رِيقَهُ أَوَّلَ اسْتِيَاكِهِ) كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَقَالَ ع ش وَلَعَلَّ حِكْمَتَهُ التَّبَرُّكُ بِمَا يَحْصُلُ فِي أَوَّلِ الْعِبَادَةِ، وَيَفْعَلُ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ السِّوَاكُ جَدِيدًا وَعِبَارَةُ فَتَاوَى الشَّارِحِ م ر الْمُرَادُ بِأَوَّلِ السِّوَاكِ مَا اجْتَمَعَ فِي فِيهِ مِنْ رِيقِهِ عِنْدَ ابْتِدَاءِ السِّوَاكِ اهـ.

عِبَارَةُ الْبُجَيْرِمِيِّ عَنْ

إلَّا الِامْتِثَالُ؛ لِأَنَّ الْإِتْيَانَ بِأَيٍّ مِنْهُمَا يَقْتَضِي تَقَدُّمَ الْآخَرِ إلَى مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إلَّا بِمَنْعِ نَدْبِ التَّسْمِيَةِ لَهُ) يَرِدُ عَلَى هَذَا الْحَصْرِ حُصُولُ الْمَخْلَصِ بِعَكْسِ ذَلِكَ أَيْ بِمَنْعِ نَدْبِهِ لَهَا.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَا تُبَاشِرُ الْقَذَرَ) قَدْ يَرِدُ أَنَّ الْيَدَ لَا تُبَاشِرُ الْقَذَرَ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ مَعَ كَرَاهَتِهِ بِالْيَمِينِ وَلَعَلَّ قَوْلَهُ مَعَ شَرَفِ الْفَمِ إلَخْ لِدَفْعِ وُرُودِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي)

ص: 221

إلَّا لِعُذْرٍ وَأَنْ لَا يَمُصَّهُ وَأَنْ يَضَعَهُ فَوْقَ أُذُنِهِ الْيُسْرَى لِخَبَرٍ فِيهِ وَاقْتِدَاءً بِالصَّحَابَةِ رضي الله عنهم، فَإِنْ كَانَ بِالْأَرْضِ نَصَبَهُ وَلَا يَعْرِضُهُ وَأَنْ يَغْسِلَهُ قَبْلَ وَضْعِهِ كَمَا إذَا أَرَادَ الِاسْتِيَاكَ بِهِ ثَانِيًا وَقَدْ حَصَلَ بِهِ نَحْوُ رِيحٍ وَلَا يُكْرَهُ إدْخَالُهُ مَاءَ وُضُوئِهِ أَيْ إلَّا إنْ كَانَ عَلَيْهِ مَا يُقَذِّرُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَأَنْ لَا يَزِيدَ فِي طُولِهِ عَلَى شِبْرٍ وَأَنْ لَا يَسْتَاكَ بِطَرَفِهِ الْآخَرِ قِيلَ؛ لِأَنَّ الْأَذَى يَسْتَقِرُّ فِيهِ.

وَهُوَ بِسِوَاكِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ وَلَا عِلْمِ رِضًا حَرَامٌ وَإِلَّا فَخِلَافُ الْأَوْلَى إلَّا لِلتَّبَرُّكِ كَمَا فَعَلَتْهُ عَائِشَةُ رضي الله عنها، وَيَتَأَكَّدُ التَّخْلِيلُ إثْرَ الطَّعَامِ قِيلَ بَلْ هُوَ أَفْضَلُ لِلِاخْتِلَافِ فِي وُجُوبِهِ، وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي السِّوَاكِ أَيْضًا مَعَ كَثْرَةِ فَوَائِدِهِ الَّتِي تَزِيدُ عَلَى السَّبْعِينَ وَلَا يَبْلَعُ مَا أَخْرَجَهُ بِالْخِلَالِ بِخِلَافِ لِسَانِهِ؛ لِأَنَّ الْخَارِجَ بِهِ يَغْلِبُ فِيهِ عَدَمُ التَّغَيُّرِ

(وَلَا يُكْرَهُ) فِي حَالَةٍ مِنْ الْحَالَاتِ بَلْ هُوَ سُنَّةٌ مُطْلَقًا وَلَوْ لِمَنْ لَا أَسْنَانَ لَهُ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ (إلَّا لِلصَّائِمِ بَعْدَ الزَّوَالِ) ؛ لِأَنَّ خُلُوفَ فَمِهِ، وَهُوَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَيُفْتَحُ فِي لُغَةٍ شَاذَّةٍ تَغَيُّرُهُ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا صَحَّ بِهِ الْحَدِيثُ وَذَكَرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْجَزَاءِ وَإِلَّا فَأَطْيَبِيَّتُهُ عِنْدَ اللَّهِ مَوْجُودَةٌ فِي الدُّنْيَا أَيْضًا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثٌ آخَرُ وَأَطْيَبِيَّتُهُ تَدُلُّ عَلَى طَلَبِ إبْقَائِهِ وَدَلَّ عَلَى تَخْصِيصِهِ بِمَا بَعْدَ الزَّوَالِ مَا فِي خَبَرٍ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ وَحَسَّنَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَنَّهُمْ يُمْسُونَ وَخُلُوفُ أَفْوَاهِهِمْ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ

الْمَرْحُومِيِّ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْلَعَ رِيقَهُ أَوَّلَ مَا يَسْتَاكُ وَفِي كُلِّ مَرَّةٍ وَقْتَ وَضْعِهِ فِي الْفَمِ وَقَبْلَ أَنْ يُحَرِّكَهُ كَثِيرًا لِمَا قِيلَ أَنَّهُ أَمَانٌ مِنْ الْجُذَامِ وَالْبَرَصِ وَكُلِّ دَاءٍ سِوَى الْمَوْتِ وَلَا يَبْلَعُ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْئًا لِمَا قِيلَ إنَّهُ يُورِثُ الْوَسْوَاسَ اهـ.

(قَوْلُهُ: إلَّا لِعُذْرٍ) أَيْ كَأَنْ يَعْلَقَ بِهِ قَذَرٌ (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَمُصَّهُ) فَإِنَّ ذَلِكَ يُورِثُ الْبَاسُورَ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ وَأَنْ يَضَعَهُ إلَخْ) كَذَا فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ) أَيْ وَضْعُ السِّوَاكِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ حَصَلَ بِهِ نَحْوُ رِيحٍ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ إنْ عَلِقَ بِهِ قَذَرٌ اهـ وَعِبَارَةُ الْمُغْنِي إذَا حَصَلَ عَلَيْهِ وَسَخٌ أَوْ رِيحٌ أَوْ نَحْوُهُ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَيْ إلَّا إنْ كَانَ عَلَيْهِ إلَخْ) وَأَطْلَقَ الْمُغْنِي الْكَرَاهَةَ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا قَالَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَزِيدَ إلَخْ) كَذَا فِي الْمُغْنِي وَالْإِقْنَاعِ وَزَادَ شَيْخُنَا لِمَا قِيلَ إنَّ الشَّيْطَانَ يَرْكَبُ الزَّائِدَ اهـ.

(قَوْلُهُ: عَلَى شِبْرٍ) أَيْ بِالشِّبْرِ الْمُعْتَدِلِ لَا بِشِبْرِ نَفْسِهِ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ وَأَنْ لَا يَسْتَاكَ إلَخْ) وَاسْتَحَبَّ بَعْضُهُمْ أَنْ يَقُولَ أَوَّلَهُ اللَّهُمَّ بَيِّضْ بِهِ أَسْنَانِي وَشُدَّ بِهِ لِثَاتِي وَثَبِّتْ بِهِ لَهَاتِي وَبَارِكْ لِي فِيهِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ شَيْخُنَا زَادَ الْمُغْنِي قَالَ الْمُصَنِّفُ وَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَصْلٌ فَإِنَّهُ دُعَاءٌ حَسَنٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: حَرَامٌ) كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَيَتَأَكَّدُ التَّخْلِيلُ إلَخْ) وَيُسَنُّ التَّخْلِيلُ قَبْلَ السِّوَاكِ وَبَعْدَهُ وَمِنْ آثَارِ الطَّعَامِ شَرْحُ بَافَضْلٍ زَادَ الْمُغْنِي وَكَوْنُ الْخِلَالِ مِنْ عُودِ السِّوَاكِ وَيُكْرَهُ بِنَحْوِ الْحَدِيدِ اهـ زَادَ شَيْخُنَا قِيلَ وَيُكْرَهُ إلَخْ أَوْ مِنْ الْخَلَّةِ الْمَعْرُوفَةِ اهـ.

وَفِي الْكُرْدِيِّ عَنْ الْإِيعَابِ وَيُكْرَهُ بِعُودِ الْقَصَبِ وَبِعُودِ الْآسِ وَوَرَدَ النَّهْيُ عَنْهُمَا وَعَنْ عُودِ الرُّمَّانِ وَالرَّيْحَانِ وَالتِّينِ مِنْ طُرُقٍ ضَعِيفَةٍ، وَأَنَّهَا تُحَرِّكُ عِرْقَ الْجُذَامِ إلَّا التِّينَ فَإِنَّهُ يُورِثُ الْأَكْلَةَ وَجَاءَ فِي طِبِّ أَهْلِ الْبَيْتِ النَّهْيُ عَنْ الْخِلَالِ بِالْخُوصِ وَالْقَصَبِ وَبِالْحَدِيدِ كَجَلَاءِ الْأَسْنَانِ وَبَرْدِهَا بِهِ وَيُسَنُّ بَلْ يَتَأَكَّدُ عَلَى مَنْ يَصْحَبُ النَّاسَ التَّنَظُّفَ بِالسِّوَاكِ وَنَحْوِهِ وَالتَّطَيُّبَ وَحُسْنَ الْأَدَبِ اهـ.

(قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ أَفْضَلُ) أَيْ مِنْ السِّوَاكِ وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ الْعِمَادِ، وَهُوَ أَيْ التَّخَلُّلُ مِنْ أَثَرِ الطَّعَامِ أَفْضَلُ مِنْ السِّوَاكِ؛ لِأَنَّهُ يَبْلُغُ مِمَّا بَيْنَ الْأَسْنَانِ الْمُغَيِّرِ لِلْفَمِ مَا لَا يَبْلُغُهُ السِّوَاكُ وَرُدَّ بِأَنَّ السِّوَاكَ مُخْتَلَفٌ فِي وُجُوبِهِ اهـ اهـ سم (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ مَوْجُودٌ) أَيْ الِاخْتِلَافُ

(قَوْلُهُ: فِي حَالَةٍ) إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ أَكَلَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَيُفْتَحُ فِي لُغَةٍ شَاذَّةٍ وَقَوْلُهُ، وَيَمْتَدُّ إلَى وَحِكْمَةٍ إلَخْ وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلَى وَأَطْيَبِيَّتِهِ (قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ سُنَّةٌ مُطْلَقًا) تَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا أَنَّهُ يَعْتَرِيهِ الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ إلَّا الْإِبَاحَةَ قَوْلُ الْمَتْنِ (إلَّا لِلصَّائِمِ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ كَانَ نَفْلًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي زَادَ شَيْخُنَا وَلَوْ حُكْمًا فَيَدْخُلُ الْمُمْسِكُ كَأَنْ نَسِيَ النِّيَّةَ لَيْلًا فِي رَمَضَانَ فَأَمْسَكَ فَهُوَ فِي حُكْمِ الصَّائِمِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ وَالْخَطِيبُ مِنْ عَدَمِ الْكَرَاهَةِ لِلْمُمْسِكِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي صِيَامٍ اهـ.

زَادَ الْبُجَيْرِمِيُّ، فَإِنْ قِيلَ لِأَيِّ شَيْءٍ كُرِهَ الِاسْتِيَاكُ بَعْدَ الزَّوَالِ لِلصَّائِمِ وَلَمْ تُكْرَهْ الْمَضْمَضَةُ مَعَ أَنَّهَا مُزِيلَةٌ لِلْخُلُوفِ أُجِيبُ بِأَنَّ السِّوَاكَ لَمَّا كَانَ مُصَاحِبًا لِلْمَاءِ وَمِثْلُهُ الرِّيقُ كَانَ أَبْلَغَ مِنْ مُجَرَّدِ الْمَاءِ الَّذِي بِهِ الْمَضْمَضَةُ اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ (بَعْدَ الزَّوَالِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ مَاتَ فَلَا يُكْرَهُ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ انْقَطَعَ بِالْمَوْتِ وَنُقِلَ عَنْ فَتَاوَى الشَّارِحِ م ر مَا يُوَافِقُهُ ع ش عَلَى م ر وَفِي حَاشِيَتِهِ هُنَا أَيْ عَلَى الْمَنْهَجِ مَا نَصُّهُ.

فَرْعٌ مَاتَ الصَّائِمُ بَعْدَ الزَّوَالِ هَلْ يَحْرُمُ عَلَى الْغَاسِلِ إزَالَةُ خُلُوفِهِ بِسِوَاكٍ وَقِيَاسُ دَمِ الشَّهِيدِ الْحُرْمَةُ وَقَالَ بِهِ الرَّمْلِيُّ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ، وَيَأْتِي عَنْ شَيْخِنَا مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: وَيُفْتَحُ إلَخْ) وَأَمَّا الرِّوَايَةُ فَبِالضَّمِّ فَقَطْ ع ش وَمُغْنِي (قَوْلُهُ تَغَيُّرُهُ) أَيْ تَغَيُّرُ رَائِحَتِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ إلَخْ) أَيْ أَكْثَرُ ثَوَابًا عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ الْمَطْلُوبِ فِي نَحْوِ الْجُمُعَةِ أَوْ أَنَّهُ عِنْدَ الْمَلَائِكَةِ أَطْيَبُ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ عِنْدَكُمْ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: كَمَا صَحَّ بِهِ) أَيْ بِأَنَّ خُلُوفَ فَمِهِ أَطْيَبُ إلَخْ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْجَزَاءِ) أَوْ مَحَلُّ ظُهُورِهَا بِإِعْطَاءِ صَاحِبِهَا أَنْوَاعَ الْكَرَامَةِ وَلَعَلَّ هَذَا أَظْهَرُ مِمَّا ذَكَرَهُ الشَّارِحِ قَالَهُ السَّيِّدُ عُمَرُ الْبَصْرِيُّ وَقَدْ يَدَّعِي أَنَّهُ هُوَ مُرَادُ الشَّارِحِ.

(قَوْلُهُ: تَدُلُّ عَلَى طَلَبِ إبْقَائِهِ) أَيْ فَتُكْرَهُ إزَالَتُهُ شَرْحُ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: عَلَى تَخْصِيصِهِ إلَخْ) أَيْ تَخْصِيصُ الْخُلُوفِ الْمُطْلَقِ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَخُلُوفُ أَفْوَاهِهِمْ إلَخْ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ مُقَيِّدَةٌ لِعَامِلِهَا فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا وَهُوَ الْأَصَحُّ

ظَاهِرُهُ أَنَّ النِّيَّةَ غَيْرُ شَرْطٍ، وَأَنَّ حُصُولَ السُّنَّةِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ أَفْضَلُ) أَيْ مِنْ السِّوَاكِ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ الْعِمَادِ، وَهُوَ أَيْ التَّخَلُّلُ مِنْ أَثَرِ الطَّعَامِ أَفْضَلُ مِنْ السِّوَاكِ؛ لِأَنَّهُ يَبْلُغُ مِمَّا بَيْنَ الْأَسْنَانِ الْمُغَيِّرِ لِلْفَمِ مَا لَا يَبْلُغُهُ السِّوَاكُ وَرُدَّ بِأَنَّ السِّوَاكَ مُخْتَلَفٌ فِي وُجُوبِهِ وَوَرَدَ فِيهِ «لَوْلَا

ص: 222

وَالْمَسَاءُ لِمَا بَعْدَ الزَّوَالِ، وَيَمْتَدُّ لُغَةً إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ وَمِنْهُ إلَى الزَّوَالِ صَبَاحٌ وَحِكْمَةُ اخْتِصَاصِهِ بِذَلِكَ أَنَّ التَّغَيُّرَ بَعْدَهُ يَتَمَحَّضُ عَنْ الصَّوْمِ لِخُلُوِّ الْمَعِدَةِ بِخِلَافِهِ قَبْلَهُ، وَإِنَّمَا حَرُمَتْ إزَالَةُ دَمِ الشَّهِيدِ؛ لِأَنَّهَا تَفْوِيتُ فَضِيلَةٍ عَلَى الْغَيْرِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ سَوَّكَ الصَّائِمُ غَيْرَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ حَرُمَ عَلَيْهِ لِذَلِكَ وَلَوْ تَمَحَّضَ التَّغَيُّرُ مِنْ الصَّوْمِ قَبْلَ الزَّوَالِ بِأَنْ لَمْ يَتَعَاطَ مُفْطِرًا يَنْشَأُ عَنْهُ تَغَيُّرٌ لَيْلًا كُرِهَ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ وَلَوْ أَكَلَ بَعْدَ الزَّوَالِ نَاسِيًا مُغَيِّرًا أَوْ نَامَ وَانْتَبَهَ كُرِهَ أَيْضًا عَلَى الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ تَغَيُّرَ الصَّوْمِ فَفِيهِ إزَالَةٌ لَهُ وَلَوْ ضِمْنًا وَأَيْضًا فَقَدْ وُجِدَ مُقْتَضٍ هُوَ التَّغَيُّرُ وَمَانِعٌ هُوَ الْخُلُوفُ وَالْمَانِعُ مُقَدَّمٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ ذَلِكَ التَّغَيُّرَ أَذْهَبَ تَغَيُّرَ الصَّوْمِ لِاضْمِحْلَالِهِ فِيهِ وَذَهَابِهِ بِالْكُلِّيَّةِ فَسُنَّ السِّوَاكُ لِذَلِكَ كَمَا عَلَيْهِ جَمْعٌ

عِنْدَ ابْنِ الصَّلَاحِ وَالسُّبْكِيِّ وَخَصَّهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِالْآخِرَةِ وَلَا مَانِعَ أَنْ يَكُونَ فِيهِمَا مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَالْمَسَاءُ لِمَا إلَخْ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ لِمَا (قَوْلُهُ: وَحِكْمَةُ اخْتِصَاصِهِ بِذَلِكَ) أَيْ اخْتِصَاصُ الْكَرَاهَةِ بِمَا بَعْدَ الزَّوَالِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ قَبْلَهُ) فَيُحَالُ عَلَى نَوْمٍ أَوْ أَكْلٍ فِي اللَّيْلِ أَوْ نَحْوِهِمَا وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ وَاصَلَ وَأَصْبَحَ صَائِمًا كُرِهَ لَهُ قَبْلَ الزَّوَالِ كَمَا قَالَهُ الْجِيلِيُّ وَتَبِعَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي كَصَاحِبِ الْأَنْوَارِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَلَوْ لَمْ يَتَسَحَّرْ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ التَّغَيُّرِ قَبْلَ الزَّوَالِ أَنَّهُ يُحَالُ عَلَى التَّغَيُّرِ مِنْ الطَّعَامِ بِخِلَافِهِ بَعْدَهُ فَأَنَاطُوهُ بِالْمَظِنَّةِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى الْإِفْرَادِ كَالْمَشَقَّةِ فِي السَّفَرِ نِهَايَةٌ وَإِيعَابٌ وَفِي الْمُغْنِي مَا يُوَافِقُهُ وَعِبَارَةُ الْإِمْدَادِ لَوْ تَنَاوَلَ لَيْلًا مَا يَمْنَعُ الْوِصَالَ وَلَا يَنْشَأُ مِنْهُ تَغَيُّرٌ فِي الْمَعِدَةِ بِوَجْهٍ وَكَذَا لَوْ ارْتَكَبَ الْوِصَالَ الْمُحَرَّمَ فِيمَا يَظْهَرُ كُرِهَ لَهُ السِّوَاكُ مِنْ الْفَجْرِ عَلَى مَا قَالَهُ جَمْعٌ؛ لِأَنَّ الْخُلُوفَ حِينَئِذٍ مِنْ الصَّوْمِ السَّابِقِ اهـ.

وَيُوَافِقُهَا قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي بِأَنْ لَمْ يَتَعَاطَ مُفْطِرًا يَنْشَأُ عَنْهُ إلَخْ وَفِي ع ش مَا نَصُّهُ وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ لِلشَّارِحِ م ر نَقْلًا عَنْ وَالِدِهِ مَا يُوَافِقُ مَا قَالَهُ ابْنُ حَجّ وَنَصُّ مَا نُقِلَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ فَرْضَ الْكَلَامِ فِيمَا يُحْتَمَلُ تَغَيُّرُهُ بِهِ أَمَّا لَوْ أَفْطَرَ بِمَا لَا يُحْتَمَلُ أَنْ يُحَالَ عَلَيْهِ التَّغَيُّرُ كَنَحْوِ سِمْسِمَةٍ أَوْ جِمَاعٍ فَحُكْمُهُ كَمَا لَوْ وَاصَلَ أَفَادَهُ الشَّارِحُ م ر فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَقَالَ إنَّ وَالِدَهُ أَفْتَى بِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ سَوَّكَ إلَخْ) أَوْ أَزَالَ الشَّهِيدُ الدَّمَ عَنْ نَفْسِهِ بِأَنْ جُرِحَ جُرْحًا يُقْطَعُ بِمَوْتِهِ مِنْهُ فَأَزَالَ الدَّمَ عَنْ نَفْسِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ كُرِهَ شَيْخُنَا زَادَ الْمُغْنِي فَتَفْوِيتُ الْمُكَلَّفِ الْفَضِيلَةَ عَلَى نَفْسِهِ جَائِزٌ وَتَفْوِيتُ غَيْرِهِ لَهَا عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ إلَّا بِإِذْنِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: حَرُمَ عَلَيْهِ إلَخْ) وَلَوْ تَعَمَّدْ مَسَّ أَوْ لَمْسَ غَيْرِهِ مَسًّا أَوْ لَمْسًا نَاقِضًا بِغَيْرِ إذْنِهِ كَأَنْ تَعَمَّدَتْ لَمْسَ رَجُلٍ أَوْ تَعَمَّدَ لَمْسَ امْرَأَةٍ بِلَا إذْنٍ فِي ذَلِكَ يَنْبَغِي التَّحْرِيمُ إذْ فِيهِ تَفْوِيتُ فَضِيلَةٍ عَلَى غَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ وَلَوْ تَعَمَّدَ نَقْضَ طَهَارَةِ نَفْسِهِ عَبَثًا يَنْبَغِي الْكَرَاهَةُ م ر اهـ سم.

(قَوْلُهُ: مُفْطِرًا يَنْشَأُ عَنْهُ إلَخْ) خَرَجَ بِهِ نَحْوُ الْجِمَاعِ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَوْجَهِ إلَخْ) وَجَرَى الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَالْخَطِيبُ وَالْجَمَالُ الرَّمْلِيُّ وَابْنُ قَاسِمٍ الْعَبَّادِيُّ وَغَيْرُهُمْ عَلَى عَدَمِ كَرَاهَةِ السِّوَاكِ حِينَئِذٍ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: فَسَنَّ السِّوَاكُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ الْمُغْنِي وَالزِّيَادِيُّ وَكَذَا النِّهَايَةُ وِفَاقًا لِوَالِدِهِ ثُمَّ قَالَ وَلَوْ أَكَلَ الصَّائِمُ نَاسِيًا بَعْدَ الزَّوَالِ أَوْ مُكْرَهًا أَوْ مُوجَرًا مَا زَالَ بِهِ الْخُلُوفُ أَوْ قَبْلَهُ مَا مَنَعَ ظُهُورَهُ وَقُلْنَا بِعَدَمِ فِطْرِهِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ فَهَلْ يُكْرَهُ السِّوَاكُ أَمْ لَا لِزَوَالِ الْمَعْنَى.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ مُحْتَمَلٌ وَإِطْلَاقُهُمْ يُفْهِمُ التَّعْمِيمَ اهـ زَادَ سم أَيْ فَيُكْرَهُ وَلَا يُخَالِفُ ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ إفْتَاءِ شَيْخِنَا؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِيمَا إذَا حَصَلَ تَغَيُّرٌ بِالنَّوْمِ أَوْ الْأَكْلِ نَاسِيًا مَثَلًا فَلَا يُكْرَهُ وَفُرِضَ هَذَا فِيمَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ تَغَيُّرٌ بِمَا ذُكِرَ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ زَوَالِ الْخُلُوفِ بِالْأَكْلِ نَاسِيًا مَثَلًا حُصُولُ تَغَيُّرٍ بِذَلِكَ الْأَكْلِ اهـ زَادَ الْكُرْدِيُّ وَعَلَى مَا قَالَهُ أَيْ سم إنْ حَصَلَ بِمَا ذُكِرَ تَغَيُّرُ الْفَمِ كُرِهَ السِّوَاكُ عِنْدَ الشَّارِحِ أَيْ ابْنِ حَجَرٍ دُونَ الْجَمَاعَةِ الْمَذْكُورِينَ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ تَغَيُّرٌ كُرِهَ عِنْدَ الشَّارِحِ وَغَيْرِهِ وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ كَرَاهَتَهُ لِلصَّائِمِ قَبْلَ الزَّوَالِ إنْ كَانَ يُدْمِي فَمَه

أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتهمْ بِالسِّوَاكِ أَوْ لَفَرَضْت عَلَيْهِمْ السِّوَاكَ» وَلَا كَذَلِكَ الْخِلَالُ اهـ

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ قَبْلَهُ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَتَسَحَّرْ عَلَى الْأَوْجَهِ م ر قَالَ الْجِيلِيُّ إلَّا إذَا لَمْ يُفْطِرْ لَيْلًا أَيْ فَحِينَئِذٍ يُكْرَهُ قَبْلَ الزَّوَالِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ التَّغَيُّرَ حِينَئِذٍ مِنْ أَثَرِ الصَّوْمِ وَلَا مَحْذُورَ فِيمَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ زَوَالُ الْكَرَاهَةِ بِالْغُرُوبِ وَعَوْدُهَا بِالْفَجْرِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ يَزُولُ بِزَوَالِ عِلَّتِهِ، وَهِيَ هُنَا إزَالَةُ الصَّائِمِ أَثَرَ صَوْمِهِ، وَيَثْبُتُ عِنْدَ وُجُودِهَا وَلَوْ جَامَعَ لَيْلًا فَقَطْ فَهَلْ تَزُولُ الْكَرَاهَةُ قَبْلَ الزَّوَالِ لِانْقِطَاعِ حُكْمِ الصَّوْمِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ الْجِمَاعَ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي التَّغَيُّرِ فِيهِ نَظَرٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ سَوَّكَ غَيْرَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ حَرُمَ) لَوْ تَعَمَّدَ مَسَّ أَوْ لَمْسَ غَيْرِهِ مَسًّا أَوْ لَمْسًا نَاقِضًا بِغَيْرِ إذْنِهِ كَأَنْ تَعَمَّدَتْ لَمْسَ رَجُلٍ أَوْ تَعَمَّدَ لَمْسَ امْرَأَةٍ أَوْ مَسَّ رَجُلٍ بِلَا إذْنٍ فِي ذَلِكَ يَنْبَغِي التَّحْرِيمُ إذْ فِيهِ تَفْوِيتُ فَضِيلَةٍ عَلَى غَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ وَلَوْ تَعَمَّدَ نَقْضَ طَهَارَةِ نَفْسِهِ عَبَثًا يَنْبَغِي الْكَرَاهَةُ م ر وَقِيَاسُ مَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَوْ أَزَالَ الشَّهِيدُ دَمَ نَفْسِهِ لَمْ يَحْرُمْ بِأَنْ جُرِحَ فِي الْحَرْبِ جِرَاحَةً يُقْطَعُ بِمَوْتِهِ مِنْهَا ثُمَّ أَزَالَهُ بِنَفْسِهِ ثُمَّ مَاتَ فِي الْحَرْبِ وَقَدْ يُقَالُ لَا يَتَحَقَّقُ عِنْدَ الْإِزَالَةِ أَنَّهُ شَهِيدٌ لِجَوَازِ أَنْ لَا يَمُوتَ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَأَيْضًا فَقَدْ وَجَدَ إلَخْ) قَدْ يُشْكِلُ كِلَا التَّوْجِيهَيْنِ بِجَوَازِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ عَنْ الشَّهِيدِ، وَإِنْ أَدَّتْ إلَى إزَالَةِ دَمِ الشَّهَادَةِ وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا قَرَّرَهُ أَنَّ سَبَبَ كَرَاهَةِ السِّوَاكِ إزَالَةُ الْخُلُوفِ وَقَضِيَّتُهُ كَرَاهَةُ إزَالَتِهَا بِغَيْرِ اسْتِيَاكٍ (قَوْلُهُ: كَمَا عَلَيْهِ جَمْعٌ) أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَلَوْ أَكَلَ الصَّائِمُ نَاسِيًا بَعْدَ الزَّوَالِ أَوْ مُكْرَهًا مَا زَالَ بِهِ الْخُلُوفُ أَوْ قَبْلَهُ

ص: 223

وَتَزُولُ الْكَرَاهَةُ بِالْغُرُوبِ (تَنْبِيهٌ)

هَلْ تُكْرَهُ إزَالَةُ الْخُلُوفِ بَعْدَ الزَّوَالِ بِغَيْرِ السِّوَاكِ كَأُصْبُعِهِ الْخَشِنَةِ الْمُتَّصِلَةِ؛ لِأَنَّ السِّوَاكَ لَمْ يُكْرَهْ لِعَيْنِهِ بَلْ لِإِزَالَتِهِ لَهُ كَمَا تَقَرَّرَ فَكَانَ مَلْحَظُ الْكَرَاهَةِ زَوَالَهُ، وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِسِوَاكٍ أَوْ بِغَيْرِهِ أَوَّلًا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ تَقْيِيدِهِمْ إزَالَتَهُ بِالسِّوَاكِ وَإِلَّا لَقَالُوا هُنَا أَوْ فِي الصَّوْمِ يُكْرَهُ لِلصَّائِمِ إزَالَةُ الْخُلُوفِ بِسِوَاكٍ أَوْ غَيْرِهِ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَالْأَقْرَبُ لِلْمُدْرَكِ الْأَوَّلُ وَلِكَلَامِهِمْ الثَّانِي فَتَأَمَّلْهُ

(وَالتَّسْمِيَةُ أَوَّلَهُ) أَيْ الْوُضُوءِ لِلِاتِّبَاعِ وَلِخَبَرِ «لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يُسْمَ» وَأَخَذَ مِنْهُ أَحْمَدُ وُجُوبَهَا وَرَدَّهُ أَصْحَابُنَا بِضَعْفِهِ أَوْ حَمَلَهُ عَلَى الْكَامِلِ لِمَا يَأْتِي فِي الْمَضْمَضَةِ وَأَقَلُّهَا بِسْمِ اللَّهِ وَأَكْمَلُهَا بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم (فَإِنْ تَرَكَ) هَا وَلَوْ عَمْدًا (فَفِي أَثْنَائِهِ) يَأْتِي بِهَا تَدَارُكًا لَهَا قَائِلًا بِسْمِ اللَّهِ

لِمَرَضٍ فِي لِثَتِهِ، وَيَخْشَى الْفِطْرَ مِنْهُ إلَخْ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَتَزُولُ الْكَرَاهَةُ بِالْغُرُوبِ) كَذَا فِي الْمُغْنِي وَشَرْحِ الْغَايَةِ لِلْغَزِّيِّ وَقَالَ شَيْخُنَا وَكَذَا بِالْمَوْتِ؛ لِأَنَّهُ الْآنَ لَيْسَ بِصَائِمٍ كَذَا قَالَ الشَّيْخُ الطُّوخِيُّ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا تَزُولُ بِالْمَوْتِ بَلْ قِيَاسُ دَمِ الشَّهِيدِ الْحُرْمَةُ وَبِهِ قَالَ الرَّمْلِيُّ اهـ.

(قَوْلُهُ: الْخَشِنَةِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: هَلْ يُكْرَهُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ سم وَشَيْخُنَا وَاعْتَمَدَ الْبُجَيْرِمِيُّ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَالتَّسْمِيَةُ أَوَّلَهُ) وَيُسَنُّ التَّعَوُّذُ قَبْلَهَا وَأَنْ يَزِيدَ بَعْدَهَا الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَنِعْمَتِهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ الْمَاءَ طَهُورًا وَالْإِسْلَامَ نُورًا رَبِّ أَعُوذُ بِك مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونَ وَيُسَنُّ الْإِسْرَارُ بِهَا شَيْخُنَا وَفِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي مِثْلُهُ إلَّا قَوْلَهُ وَالْإِسْلَامَ نُورًا وَقَوْلُهُ وَيُسَنُّ الْإِسْرَارُ بِهَا (قَوْلُهُ: أَيْ الْوُضُوءُ) وَلَوْ بِمَاءٍ مَغْصُوبٍ؛ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ وَالْعِصْيَانُ لِعَارِضٍ وَتُسَنُّ لِكُلِّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ عِبَادَةً أَوْ غَيْرَهَا كَغُسْلٍ وَتَيَمُّمٍ وَتِلَاوَةٍ وَلَوْ مِنْ أَثْنَاءِ سُورَةٍ وَجِمَاعٍ وَذَبْحٍ وَخُرُوجٍ مِنْ مَنْزِلٍ لَا لِلصَّلَاةِ وَالْحَجِّ وَالْأَذْكَارِ وَتُكْرَهُ لِمَكْرُوهٍ، وَيَظْهَرُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ تَحْرِيمُهَا لِمُحَرَّمٍ نِهَايَةٌ وَفِي الْمُغْنِي مَا يُوَافِقُهُ إلَّا أَنَّهُ قَالَ بِالْكَرَاهَةِ لِمُحَرَّمٍ عِبَارَةُ سم قَالَ فِي الْعُبَابِ وَتُكْرَهُ أَيْ التَّسْمِيَةُ لِمُحَرَّمٍ أَوْ مَكْرُوهٍ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمَا الْمُحَرَّمُ أَوْ الْمَكْرُوهُ لِذَاتِهِ فَتُسَنُّ فِي نَحْوِ الْوُضُوءِ بِمَغْصُوبٍ وَبَحْثُ الْأَذْرَعِيِّ حُرْمَتَهَا عِنْدَ الْمُحَرَّمِ ضَعِيفٌ اهـ اهـ وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ: م ر لِمُحَرَّمٍ أَيْ لِذَاتِهِ كَالزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ بَقِيَ الْمُبَاحَاتُ الَّتِي لَا شَرَفَ فِيهَا كَنَقْلِ مَتَاعٍ مِنْ مَكَان إلَى آخَرَ وَقَضِيَّةُ مَا ذُكِرَ أَنَّهَا مُبَاحَةٌ فِيهِ اهـ وَعِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ وَلْيُنْظَرْ لَوْ أَكَلَ مَغْصُوبًا هَلْ هُوَ مِثْلُ الْوُضُوءِ بِمَاءٍ مَغْصُوبٍ أَوْ الْحُرْمَةُ فِيهِ ذَاتِيَّةٌ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَحِينَئِذٍ فَصُورَةُ الْمُحَرَّمِ الَّذِي تَحْرُمُ التَّسْمِيَةُ عِنْدَهُ أَنْ يَشْرَبَ خَمْرًا أَوْ يَأْكُلَ مَيْتَةً لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَكْلِ الْمَغْصُوبِ أَنَّ الْغَصْبَ أَمْرٌ عَارِضٌ عَلَى حِلِّ الْمَأْكُولِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ بِخِلَافِ هَذَا اهـ.

(قَوْلُهُ: أَوْ حَمَلَهُ إلَخْ) اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ بَافَضْلٍ وَقَالَ الْكُرْدِيُّ عَلَيْهِ لَمْ يَقُلْ أَنَّهُ ضَعِيفٌ كَمَا قَالَ بِهِ فِي التُّحْفَةِ وَالْإِيعَابِ لِمَا بَيَّنْتُهُ فِي الْأَصْلِ مِنْ أَنَّ لَهُ طُرُقًا يَرْتَقِي بِهَا إلَى رُتْبَةِ الْحَسَنِ فَرَاجِعْهُ بَلْ بَعْضُ طُرُقِهِ حَسَنٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: لِمَا يَأْتِي إلَخْ) رَاجِعٌ لِلْمَعْطُوفِ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَأَقَلُّهَا) إلَى قَوْلِهِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَأَقَلُّهَا بِسْمِ اللَّهِ) فَيَحْصُلُ أَصْلُ السُّنَّةِ بِذَلِكَ وَلَا يَحْصُلُ بِغَيْرِهِ مِنْ الْأَذْكَارِ لِطَلَبِ التَّسْمِيَةِ بِخُصُوصِهَا شَيْخُنَا عِبَارَةُ سم.

(فَرْعٌ)

هَلْ يَقُومُ مَقَامَ التَّسْمِيَةِ فِي الْوُضُوءِ الْحَمْدُ لِلَّهِ أَوْ ذِكْرُ اللَّهِ كَمَا فِي بُدَاءَةِ الْأُمُورِ فَأَجَابَ م ر بِالْمَنْعِ؛ لِأَنَّ الْبُدَاءَةَ وَرَدَ فِيهَا طَلَبُ الْبُدَاءَةِ بِالْبَسْمَلَةِ وَبِالْحَمْدَلَةِ وَبِذِكْرِ اللَّهِ وَهَذِهِ لَمْ يَرِدْ فِيهَا إلَّا طَلَبُ الْبَسْمَلَةِ بِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام تَوَضَّئُوا بِسْمِ اللَّهِ أَيْ قَائِلِينَ ذَلِكَ كَمَا فَسَّرَهُ بِهِ الْأَئِمَّةُ وَأَقُولُ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ أَنَّ حَدِيثَ «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ» شَامِلٌ لِلْوُضُوءِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَأَكْمَلُهَا بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم)، وَيَأْتِي بِذَلِكَ وَلَوْ جُنُبًا وَحَائِضًا وَنُفَسَاءَ كَأَنْ يَتَوَضَّأَ كُلٌّ مِنْهُمْ لِسُنَّةِ الْغُسْلِ لَكِنْ يَقْصِدُ بِهَا الذِّكْرَ شَيْخُنَا قَوْلُ الْمَتْنِ (فَإِنْ تُرِكَ) إنْ بُنِيَ لِلْمَفْعُولِ فَالتَّذْكِيرُ بِتَأْوِيلِ التَّسْمِيَةِ بِمُذَكَّرٍ أَيْ قَوْلُ بِسْمِ اللَّهِ أَوْ ذِكْرُ بِسْمِ اللَّهِ أَوْ الْإِتْيَانُ بِهِ مَثَلًا سم (قَوْلُهُ: قَائِلًا بِسْمِ اللَّهِ إلَخْ) أَوْ

مَا مَنَعَ ظُهُورَهُ وَقُلْنَا بِعَدَمِ فِطْرِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ فَهَلْ يُكْرَهُ لَهُ السِّوَاكُ أَمْ لَا لِزَوَالِ الْمَعْنَى قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ مُحْتَمَلٌ وَإِطْلَاقُهُمْ يُفْهِمُ التَّعْمِيمَ أَيْ فَيُكْرَهُ وَلَا يُخَالِفُ ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ إفْتَاءِ شَيْخِنَا؛ لِأَنَّ ذَاكَ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا حَصَلَ تَغَيُّرٌ بِالنَّوْمِ أَوْ الْأَكْلِ نَاسِيًا مَثَلًا فَلَا يُكْرَهُ وَفُرِضَ هَذَا فِيمَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ تَغَيُّرٌ بِمَا ذُكِرَ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ زَوَالِ الْخُلُوفِ بِالْأَكْلِ نَاسِيًا مَثَلًا حُصُولُ تَغَيُّرٍ بِذَلِكَ الْأَكْلِ

(قَوْلُهُ وَالتَّسْمِيَةُ أَوَّلَهُ) قَالَ فِي الْعُبَابِ وَتُكْرَهُ أَيْ التَّسْمِيَةُ لِمُحَرَّمٍ وَمَكْرُوهٍ قَالَ فِي شَرْحِهِ بَعْدَ أَنْ بَيَّنَ نَقْلَ ذَلِكَ عَنْ الْجَوَاهِرِ مَا نَصُّهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمَا الْمُحَرَّمِ أَوْ الْمَكْرُوهِ لِذَاتِهِ فَتُسَنُّ فِي نَحْوِ الْوُضُوءِ بِمَاءٍ مَغْصُوبٍ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَبَحْثُ الْأَذْرَعِيِّ حُرْمَتَهَا عِنْدَ الْمُحَرَّمِ ضَعِيفٌ، وَإِنْ نَقَلَهُ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ عَنْ الْعُلَمَاءِ اهـ وَأَرَادَ بِمَا مَرَّ عَنْ الْعُلَمَاءِ قَوْلَهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهَا عَنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْأَفْعَالَ ثَلَاثٌ قِسْمٌ تُسَنُّ فِيهِ التَّسْمِيَةُ وَقِسْمٌ لَا تُسَنُّ فِيهِ وَقِسْمٌ تُكْرَهُ فِيهِ اهـ.

(فَرْعٌ)

وَقَعَ السُّؤَالُ هَلْ يَقُومُ مَقَامَ التَّسْمِيَةِ فِي الْوُضُوءِ الْحَمْدُ لِلَّهِ أَوْ ذِكْرُ اللَّهِ كَمَا فِي بُدَاءَةِ الْأُمُورِ فَأَجَابَ م ر بِالْمَنْعِ؛ لِأَنَّ الْبُدَاءَةَ وَرَدَ فِيهَا طَلَبُ الْبُدَاءَةِ بِالْبَسْمَلَةِ وَبِالْحَمْدِ لِلَّهِ وَبِذِكْرِ اللَّهِ وَهَذِهِ لَمْ يَرِدْ فِيهَا إلَّا طَلَبُ الْبَسْمَلَةِ بِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «تَوَضَّئُوا بِسْمِ اللَّهِ» أَيْ قَائِلِينَ ذَلِكَ كَمَا فَسَّرَهُ بِهِ الْأَئِمَّةُ وَأَقُولُ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ أَنَّ حَدِيثَ «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ» شَامِلٌ لِلْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تُرِكَ) إنْ بُنِيَ لِلْمَفْعُولِ أَشْكَلَ التَّذْكِيرُ فِي الضَّمِيرِ؛ لِأَنَّ ضَمِيرَ الْمُؤَنَّثِ

ص: 224

أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ لَا بَعْدَ فَرَاغِهِ وَكَذَا فِي الْأَكْلِ وَنَحْوِهِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا بِخِلَافِ نَحْوِ الْجِمَاعِ لِكَرَاهَةِ الْكَلَامِ عِنْدَهُ، وَهِيَ هُنَا سُنَّةُ عَيْنٍ وَفِي نَحْوِ الْأَكْلِ سُنَّةُ كِفَايَةٍ لِمَا يَأْتِي رَابِعُ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ، وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي الْجِمَاعِ هَلْ يَكْفِي تَسْمِيَةُ أَحَدِهِمَا وَالظَّاهِرُ نَعَمْ

(وَغَسْلُ كَفَّيْهِ) إلَى كُوعَيْهِ (وَإِنْ تَيَقَّنَ طُهْرَهُمَا) وَيُسَنُّ غَسْلُهُمَا مَعًا لِلِاتِّبَاعِ قِيلَ ظَاهِرُ تَقْدِيمِهِ السِّوَاكَ أَنَّهُ أَوَّلُ سُنَنِهِ ثُمَّ بَعْدَهُ التَّسْمِيَةُ ثُمَّ غَسْلُ الْكَفَّيْنِ ثُمَّ الْمَضْمَضَةُ ثُمَّ الِاسْتِنْشَاقُ وَبِهِ صَرَّحَ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ الْمَنْقُولُ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ الْحَدِيثُ وَالنَّصُّ اهـ.

وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بَلْ الْمَنْقُولُ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَكَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ أَنَّ أَوَّلَهُ التَّسْمِيَةُ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي مَجْمُوعِهِ وَغَيْرِهِ فَيَنْوِي مَعَهَا عِنْدَ غَسْلِ الْيَدَيْنِ إذْ هُوَ الْمُرَادُ بِأَوَّلِهِ فِي الْمَتْنِ بِأَنْ يَقْرُنَ النِّيَّةَ بِهَا عِنْدَ أَوَّلِ غَسْلِهِمَا كَقَرْنِهَا بِتَحَرُّمِ الصَّلَاةِ وَحِينَئِذٍ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَتَلَفَّظُ بِالنِّيَّةِ بَعْدَ الْبَسْمَلَةِ وَعَلَيْهِ جَرَيْتُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِتَشْمَلَهُ بَرَكَةُ التَّسْمِيَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَتَلَفَّظُ بِهَا قَبْلَهَا كَمَا يَتَلَفَّظُ بِهَا قَبْلَ التَّحَرُّمِ ثُمَّ يَأْتِي بِالْبَسْمَلَةِ مُقَارِنَةً لِلنِّيَّةِ الْقَلْبِيَّةِ كَمَا يَأْتِي بِتَكْبِيرِ التَّحَرُّمِ كَذَلِكَ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ قَرْنُهَا بِهَا مُسْتَحِيلٌ؛ لِأَنَّهُ يُسَنُّ التَّلَفُّظُ بِالنِّيَّةِ وَلَا يُعْقَلُ التَّلَفُّظُ مَعَهُ بِالتَّسْمِيَةِ وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ يَنْوِي عِنْدَ غَسْلِ الْيَدَيْنِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ فَالْمُرَادُ بِتَقْدِيمِ التَّسْمِيَةِ عَلَى غَسْلِهِمَا الَّذِي عَبَّرَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْفَرَاغِ مِنْهُ.

وَعَلَى هَذَا الْمُعْتَمَدُ يَكُونُ الِاسْتِيَاكُ بَيْنَ غَسْلِهِمَا وَالْمَضْمَضَةِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ كَالْإِمَامِ وَوَجَّهَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْمَاءَ حِينَئِذٍ يَكُونُ عَقِبَهُ كَمَا يُجْمَعُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ

بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ) أَيْ الْأَكْمَلُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَالسُّنَّةُ تَحْصُلُ بِدُونِهِ رَشِيدِيٌّ زَادَ ع ش وَالْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ مَا قَابَلَ الْآخِرَ فَيَدْخُلُ الْوَسَطُ اهـ أَيْ أَوْ الْمُرَادُ بِآخِرِهِ مَا عَدَا الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: لَا بَعْدَ فَرَاغِهِ) أَيْ الْوُضُوءِ أَيْ الْفَرَاغِ مِنْ أَفْعَالِهِ وَلَوْ بَقِيَ الدُّعَاءُ بَعْدَهُ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ ارْتَضَاهُ الرَّمْلِيُّ وَلَكِنْ نُقِلَ عَنْ الزِّيَادِيِّ والشَّبْرَامَلِّسِيّ أَنَّ الْمُرَادَ، فَإِنْ فَرَغَ مِنْ تَوَابِعِهِ حَتَّى ذَكَرَ بَعْدَهُ بَلْ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَسُورَةِ إنَّا أَنْزَلْنَاهُ وَهَذَا أَقْرَبُ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: كَذَا فِي الْأَكْلِ) قَالَ شَيْخُنَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَأْتِي بِهَا بَعْدَ فَرَاغِ الْأَكْلِ لِيَتَقَيَّأَ الشَّيْطَانُ مَا أَكَلَهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الشُّرْبُ كَالْأَكْلِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ قَالَ ع ش قَوْلُهُ: م ر أَنَّهُ يَأْتِي بِهَا إلَخْ يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا قَصَرَ الْفَصْلَ بِحَيْثُ يُنْسَبُ إلَيْهِ عُرْفًا اهـ عِبَارَةُ سم مَشَى شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَى سُنِّيَّةِ الْإِتْيَانِ بِهَا بَعْدَ فَرَاغِ الْأَكْلِ وَنَازَعَهُ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ ثُمَّ أَيَّدَ مَا قَالَهُ أَيْ شَيْخُ الْإِسْلَامِ بِحَدِيثٍ لِلطَّبَرَانِيِّ اهـ.

وَلَفْظُهُ كَمَا فِي الْكُرْدِيِّ «مَنْ نَسِيَ أَنْ يَذْكُرَ اللَّهَ فِي أَوَّلِ طَعَامِهِ فَلْيَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ فِي آخِرِهِ» (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُ) أَيْ مِمَّا يَشْتَمِلُ عَلَى أَفْعَالٍ مُتَعَدِّدَةٍ كَالِاكْتِحَالِ وَالتَّأْلِيفِ وَالشُّرْبِ اهـ كُرْدِيٌّ عَنْ شَرْحَيْ الْإِرْشَادِ لِلشَّارِحِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَحْوِ الْجِمَاعِ) أَقُولُ وَهَلْ يَأْتِي بِهَا بِقَلْبِهِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ أَوْ لَا لَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا وَلَعَلَّ الْأَوَّلَ أَقْرَبُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ إنَّ الْعَاطِسَ فِي الْخَلَاءِ يَحْمَدُ اللَّهَ بِقَلْبِهِ بَصْرِيٌّ وَبِرْمَاوِيٌّ وَمَالَ ع ش إلَى الثَّانِي (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ نَعَمْ) وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا دَفْعُ الشَّيْطَانِ، وَهُوَ حَاصِلٌ بِتَسْمِيَتِهَا وَنُقِلَ عَنْ الشَّارِحِ م ر عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِهَا مِنْ الْمَرْأَةِ، وَإِنَّمَا تَكْفِي مِنْ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ الْفَاعِلُ اهـ وَفِيهِ وَقْفَةٌ ع ش

(قَوْلُهُ: وَإِنْ تَيَقَّنَ طُهْرَهُمَا) أَيْ أَوْ تَوَضَّأَ مِنْ نَحْوِ إبْرِيقٍ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: قِيلَ إلَخْ) وَمِمَّنْ قَالَ بِهِ النِّهَايَةُ وَوَالِدُهُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: إنَّ أَوَّلَهُ التَّسْمِيَةُ إلَخْ) وَفِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ مَا نَصُّهُ وَكَانَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ يَجْمَعُ بَيْنَ مَنْ قَالَ أَوَّلُهُ السِّوَاكُ وَمَنْ قَالَ أَوَّلُهُ غَسْلُ الْكَفَّيْنِ بِأَنَّ مَنْ قَالَ أَوَّلُهُ السِّوَاكُ أَرَادَ أَوَّلَهُ الْمُطْلَقَ وَمَنْ قَالَ أَوَّلُهُ التَّسْمِيَةُ أَرَادَ أَوَّلَهُ مِنْ السُّنَنِ الْقَوْلِيَّةِ الَّتِي هِيَ مِنْهُ وَمَنْ قَالَ أَوَّلُهُ غَسْلُ الْكَفَّيْنِ أَرَادَ أَوَّلَهُ مِنْ السُّنَنِ الْفِعْلِيَّةِ الَّتِي هِيَ مِنْهُ بِخِلَافِ السِّوَاكِ فَإِنَّهُ سُنَّةٌ فِيهِ لَا مِنْهُ فَلَا يُنَافِي قَرْنُ النِّيَّةِ قَلْبًا بِالتَّسْمِيَةِ وَلَا تَقَدُّمُ السِّوَاكِ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ فِعْلِيَّةٌ فِي الْوُضُوءِ لَا مِنْ الْوُضُوءِ اهـ.

وَفِي النِّهَايَةِ نَحْوُهُ بِاخْتِصَارٍ بَصْرِيٌّ وَكُرْدِيٌّ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَا جَرَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ كَالْمُغْنِي خَارِجٌ عَنْ هَذَا الْجَمْعِ (قَوْلُهُ فَيَنْوِي) أَيْ بِالْقَلْبِ مَعَهَا أَيْ التَّسْمِيَةِ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ يَقْرِنَ إلَخْ) فَيَجْمَعَ فِي الْعَمَلِ بَيْنَ قَلْبِهِ وَلِسَانِهِ وَجَوَارِحِهِ فَيَكُونُ قَدْ شَغَلَ قَلْبَهُ بِالنِّيَّةِ وَلِسَانَهُ بِالتَّسْمِيَةِ وَأَعْضَاءَهُ بِالْغَسْلِ فِي آنٍ وَاحِدٍ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ يَتَلَفَّظُ بِالنِّيَّةِ) أَيْ سِرًّا نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ جَرَيْت إلَخْ) وَكَذَا جَرَى عَلَيْهِ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي وَغَيْرُهُمَا (قَوْلُهُ: فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ) أَيْ فِي الْإِمْدَادِ وَفَتْحِ الْجَوَادِ كُرْدِيٌّ وَكَذَا جَرَى عَلَيْهِ فِي شَرْحِ بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِهَا إلَخْ) قَدْ يُقَالُ يَقْدَحُ فِي هَذَا الثَّانِي خُلُوُّ التَّلَفُّظِ بِالنِّيَّةِ عَنْ شُمُولِ بَرَكَةِ التَّسْمِيَةِ لَهُ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: فَانْدَفَعَ) إلَى قَوْلِهِ وَعَلَى هَذَا فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ قَرْنُهَا) دَفْعُ اسْتِحَالَةِ الْمُقَارَنَةِ لَمْ يَحْصُلْ بِمَا أَجَابَ بِهِ، وَإِنَّمَا حَصَلَ بِهِ بَيَانُ الْمُرَادِ مِنْهَا مِنْ غَيْرِ حُصُولِ الْمُقَارَنَةِ الْمُسْتَحِيلَةِ فَفِيهِ اعْتِرَافٌ بِاسْتِحَالَةِ الْمُقَارَنَةِ الْحَقِيقِيَّةِ الَّتِي قَالَهَا الْمُعْتَرِضُ رَشِيدِيٌّ وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ فَانْدَفَعَ إلَخْ مُتَفَرِّعٌ عَلَى كُلٍّ مِنْ الِاحْتِمَالَيْنِ (قَوْلُهُ: قَرَنَهَا بِهَا) أَيْ قَرَنَ النِّيَّةَ بِالتَّسْمِيَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُعْقَلُ التَّلَفُّظُ مَعَهُ) أَيْ مَعَ التَّلَفُّظِ بِالنِّيَّةِ وَقَوْلُهُ بِالتَّسْمِيَةِ مُتَعَلِّقٌ بِالتَّلَفُّظِ أَيْ لَا يُمْكِنُ التَّلَفُّظُ بِهِمَا فِي آنٍ وَاحِدٍ وَلَوْ قَدَّمَ مَعَهُ عَلَى التَّلَفُّظِ لَاتَّصَلَ الْمُوجِبُ بِعَامِلِهِ وَاتَّضَحَ الْمَعْنَى الْمُرَادُ (قَوْلُهُ: وَمَنْ صَرَّحَ إلَخْ) تَأْيِيدٌ لِقَوْلِهِ فَيَنْوِي مَعَهَا إلَخْ وَكَذَا قَوْلُهُ فَالْمُرَادُ إلَخْ تَفْرِيعٌ عَلَيْهِ، وَيَجُوزُ تَفْرِيعُهُ عَلَى قَوْلِهِ وَمِمَّنْ صَرَّحَ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا الْمُعْتَمَدُ) أَيْ مِنْ أَنَّ أَوَّلَ سُنَنِ الْوُضُوءِ التَّسْمِيَةُ الْمَقْرُونَةُ بِالنِّيَّةِ عِنْدَ أَوَّلِ غَسْلِ

وَلَوْ مَجَازِيَّ التَّأْنِيثِ يَجِبُ تَأْنِيثُهُ وَيُجَابُ بِتَأْوِيلِ التَّسْمِيَةِ بِذِكْرٍ أَيْ قَوْلِ بِسْمِ اللَّهِ أَوْ ذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ أَوْ الْإِتْيَانِ بِهِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَكَذَا فِي الْأَكْلِ وَنَحْوِهِ) مَشَى شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَى سُنِّيَّةِ الْإِتْيَانِ بِهَا بَعْدَ فَرَاغِ الْأَكْلِ وَنَازَعَهُ الشَّارِحِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ ثُمَّ أَيَّدَ مَا قَالَهُ بِحَدِيثِ الطَّبَرَانِيِّ

(قَوْلُهُ: قِيلَ ظَاهِرُ تَقْدِيمِهِ السِّوَاكَ إلَخْ) فِي شَرْحِ م ر وَبَدْؤُهُ بِالسِّوَاكِ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ أَوَّلُ السُّنَنِ، وَهُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ جَمْعٌ وَجَرَى بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّ أَوَّلَهَا غَسْلُ كَفَّيْهِ وَالْأَوْجَهُ أَنْ

ص: 225

بَيْنَ الْمَاءِ وَالْحَجَرِ، وَيَلْزَمُ الْأَوَّلَ خُلُوُّ السِّوَاكِ عَنْ شُمُولِ بَرَكَةِ التَّسْمِيَةِ لَهُ أَوْ مُقَارَنَتِهَا لَهُ دُونَ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ وَهُوَ خِلَافُ مَا صَرَّحُوا بِهِ كَمَا عَلِمْت وَاعْتُبِرَ قَرْنُ النِّيَّةِ بِمَا ذُكِرَ لِيُثَابَ عَلَيْهِ إذْ مَا تَقَدَّمَهَا لَا ثَوَابَ فِيهِ، وَإِنَّمَا أُثِيبَ نَاوِي الصَّوْمِ ضَحْوَةً مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَجَزَّأُ وَيُجْزِئُ هُنَا نِيَّةٌ مِمَّا مَرَّ.

وَكَذَا لَوْ نَوَى بِكُلٍّ السُّنَّةَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ تَعَرَّضَ لِلْمَقْصُودِ (فَإِنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ طُهْرَهُمَا) بِأَنْ تَرَدَّدَ فِيهِ وَصِدْقُهُ بِتَيَقُّنِ نَجَاسَتِهِمَا غَيْرُ مُرَادٍ لِوُضُوحِهِ (كُرِهَ غَمْسُهُمَا) أَوْ غَمْسُ إحْدَاهُمَا (فِي الْإِنَاءِ) الَّذِي فِيهِ مَائِعٌ أَوْ مَاءٌ دُونَ الْقُلَّتَيْنِ (قَبْلَ غَسْلِهِمَا) ثَلَاثًا لِنَهْيِ الْمُسْتَيْقِظِ عَنْ غَمْسِ يَدِهِ فِي الْإِنَاءِ قَبْلَ غَسْلِهَا ثَلَاثًا

الْيَدَيْنِ (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْحَجَرِ وَالْمَاءِ) أَيْ بِتَعْقِيبِ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُ الْأَوَّلُ) أَيْ الْمَارُّ فِي قَوْلِهِ وَقِيلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: خُلُوُّ السِّوَاكِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَا مَحْذُورَ فِي هَذَا الْخُلُوِّ لِعَدَمِ اسْتِحْبَابِ التَّسْمِيَةِ لِلسِّوَاكِ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي التَّنْبِيهِ السَّابِقِ فِي جَوَابِ الدَّوْرِ الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ الْتِزَامِ عَدَمِ اسْتِحْبَابِهَا لِلسِّوَاكِ مَعَ تَوْجِيهِهِ سم أَقُولُ وَمَرَّ هُنَاكَ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ فِي خُصُوصِ التَّسْمِيَةِ ثَانِيًا لِلسِّوَاكِ الثَّانِي الْمَطْلُوبِ لِلتَّسْمِيَةِ فِي الْوُضُوءِ لِدَفْعِ الدَّوْرِ (قَوْلُهُ لَهُ) أَيْ لِلسِّوَاكِ (قَوْلُهُ أَوْ مُقَارَنَتُهَا) أَيْ التَّسْمِيَةِ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى خُلُوِّ إلَخْ وَفِي دَعْوَى لُزُومِهَا تَأَمُّلٌ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ كَوْنُ التَّسْمِيَةِ مُقَارِنَةً لِلسِّوَاكِ دُونَ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ، وَيَجُوزُ إرْجَاعُ الضَّمِيرِ لِعَدَمِ الْمُقَارَنَةِ بِغَسْلِ الْكَفَّيْنِ (قَوْلُهُ: كَمَا عَلِمْت) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِمَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ التَّسْوِيَةِ وَغَسْلِ الْكَفَّيْنِ (قَوْلُهُ: لَا ثَوَابَ فِيهِ) بَلْ لَا يَحْصُلُ بِهِ أَصْلُ السُّنَّةِ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ ع ش (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا أُثِيبَ إلَخْ) جَوَابُ سُؤَالٍ نَشَأَ عَنْ قَوْلِهِ إنَّ مَا تَقَدَّمَهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: نَاوِي الصَّوْمَ) أَيْ النَّفَلَ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَجَزَّأُ) فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ عَدَمَ تَجَزِّيهِ لَا يَقْتَضِي الثَّوَابَ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ بَلْ يَكْفِي فِي عَدَمِ تَجَزِّيهِ تَعَيُّنُ الْحُصُولِ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ ثَوَابٌ سم (قَوْلُهُ: وَتُجْزِئُ هُنَا) أَيْ فِي النِّيَّةِ الْمَقْرُونَةِ بِالتَّسْمِيَةِ عِنْدَ غَسْلِ الْيَدَيْنِ (قَوْلُهُ: نِيَّةٌ مِمَّا مَرَّ) أَيْ حَتَّى نِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ أَنَّ السُّنَنَ الْمُتَقَدِّمَةَ لَا تَرْفَعُ الْحَدَثَ؛ لِأَنَّ السُّنَنَ فِي كُلٍّ عِبَادَةٌ تَنْدَرِجُ فِي نِيَّتِهَا عَلَى سَبِيلِ التَّبَعِيَّةِ قَالَهُ م ر وَأَقُولُ نِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ مَعْنَاهَا قَصْدُ رَفْعِهِ بِمَجْمُوعِ أَعْمَالِ الْوُضُوءِ، وَهُوَ رَفْعٌ بِلَا شُبْهَةٍ سم اهـ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ نَوَى إلَخْ) تَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا أَنَّ الْأَحْسَنَ أَنْ يَنْوِيَ أَوَّلًا السُّنَّةَ فَقَطْ كَأَنْ يَقُولَ نَوَيْت سُنَنَ الْوُضُوءِ ثُمَّ يَنْوِيَ عِنْدَ أَوَّلِ غَسْلِ الْوَجْهِ النِّيَّةَ الْمُعْتَبَرَةَ اهـ.

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ) أَيْ النَّاوِي عِنْدَ كُلٍّ مِنْ السُّنَنِ الْمُتَقَدِّمَةِ السُّنَّةَ قَوْلُ الْمَتْنِ (فَإِنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ طُهْرَهُمَا إلَخْ) قَالَ الْمَحَلِّيُّ، فَإِنْ تَيَقَّنَ طُهْرَهُمَا لَمْ يُكْرَهْ غَمْسُهُمَا وَلَا يُسْتَحَبُّ الْغَسْلُ قَبْلَهُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ اهـ قُلْتُ فَيَكُونُ مُبَاحًا وَقَدْ يُقَالُ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَغْسِلَهُمَا خَارِجَ الْإِنَاءِ لِئَلَّا يَصِيرَ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا بِغَمْسِهِمَا فِيهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ فِي نَفْلِ الطَّهَارَةِ غَيْرُ طَهُورٍ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ غَمْسُهُمَا خَوْفَ النَّجَاسَةِ، وَإِنْ كُرِهَ غَمْسُهُمَا لِتَأْدِيَتِهِ لِاسْتِعْمَالِ الْمَاءِ الَّذِي يُرِيدُ الْوُضُوءَ مِنْهُ ع ش وَقَوْلُهُ وَقَدْ يُقَالُ إلَخْ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ (قَوْلُهُ بِأَنْ تَرَدَّدَ فِيهِ) أَيْ عَلَى السَّوَاءِ أَوْ لَا شَرْحُ بَافَضْلٍ.

قَالَ ع ش أَيْ وَلَوْ مَعَ تَيَقُّنِ الطَّهَارَةِ السَّابِقَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: غَيْرُ مُرَادٍ) يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا وَتُحْمَلُ الْكَرَاهَةُ عَلَى مَا يَشْمَلُ كُلًّا مِنْ التَّنْزِيهِ وَالتَّحْرِيمِ سم (قَوْلُهُ: لِوُضُوحِهِ) يَعْنِي لِوُضُوحِ أَنَّهُ لَوْ تَيَقَّنَ نَجَاسَةَ يَدِهِ كَانَ الْحُكْمُ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَيَكُونُ حَرَامًا، وَإِنْ قُلْنَا بِكَرَاهَةِ تَنْجِيسِ الْمَاءِ الْقَلِيلِ لِمَا فِيهِ هُنَا مِنْ التَّضَمُّخِ بِالنَّجَاسَةِ وَهُوَ حَرَامٌ نِهَايَةٌ وَشَيْخُنَا قَوْلُ (الْمَتْنِ كُرِهَ إلَخْ) لَوْ غَمَسَ حَيْثُ كُرِهَ الْغَمْسُ فَغَمَسَ بَعْدَهُ مَنْ غَسَلَ يَدَهُ ثَلَاثًا بِمَاءٍ طَهُورٍ ثُمَّ أَرَادَ غَمْسَهَا فِي مَاءٍ قَلِيلٍ قَبْلَ غَسْلِهَا ثَلَاثًا مِنْ ذَلِكَ الْغَمْسِ كَانَ مَكْرُوهًا لِوُجُودِ الْمَعْنَى وَهُوَ احْتِمَالُ النَّجَاسَةِ سم قَوْلُ الْمَتْنِ (غَمَسَهُمَا) أَيْ غَمَسَ كُلًّا مِنْهُمَا بِجَعْلِ الْإِضَافَةِ لِلِاسْتِغْرَاقِ فَيَشْمَلُ مَا زَادَهُ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَهُ الْبَصْرِيُّ وَفِيهِ تَأَمُّلٌ.

(قَوْلُهُ: أَوْ غَمَسَ إحْدَاهُمَا) أَيْ أَوْ بَعْضَ إحْدَاهُمَا أَوْ مَسَّهُ بِهِمَا أَوْ بِإِحْدَاهُمَا سم (قَوْلُهُ: الَّذِي) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ فِيهِ مَائِعٌ) أَيْ، وَإِنْ كَثُرَ أَوْ مَأْكُولٌ رَطْبٌ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: ثَلَاثًا) وَلَوْ كَانَ الشَّكُّ فِي نَجَاسَةٍ مُغَلَّظَةٍ

يُقَالَ أَوَّلُ سُنَنِهِ الْفِعْلِيَّةِ الْمُقَدَّمَةِ عَلَيْهِ السِّوَاكُ وَأَوَّلُ سُنَنِهِ الْفِعْلِيَّةِ الَّتِي مِنْهُ غَسْلُ كَفَّيْهِ وَأَوَّلُ الْقَوْلِيَّةِ التَّسْمِيَةُ فَيَنْوِي مَعَهَا عِنْدَ غَسْلِ كَفَّيْهِ بِأَنْ يَقْرِنَهَا بِهَا عِنْدَ أَوَّلِ غَسْلِهِمَا ثُمَّ يَتَلَفَّظَ بِهَا سِرًّا عَقِبَ التَّسْمِيَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُ الْأَوَّلُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَا مَحْذُورَ فِي هَذَا الْخُلُوِّ لِعَدَمِ اسْتِحْبَابِ التَّسْمِيَةِ لِلسِّوَاكِ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي التَّنْبِيهِ السَّابِقِ فِي جَوَابِ الدَّوْرِ الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ الْتِزَامِ عَدَمِ اسْتِحْبَابِهَا لِلسِّوَاكِ مَعَ تَوْجِيهِهِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَجَزَّأُ) فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ عَدَمَ تَجَزُّئِهِ لَا يَقْتَضِي الثَّوَابَ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ بَلْ يَكْفِي فِي عَدَمِ تَجَزُّئِهِ تَعَيُّنُ الْحُصُولِ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ ثَوَابٌ (قَوْلُهُ غَيْرُ مُرَادٍ) يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ مُرَادًا أَوْ تُحْمَلُ الْكَرَاهَةُ عَلَى مَا يَشْمَلُ كُلًّا مِنْ التَّنْزِيهِ وَالتَّحْرِيمِ (قَوْلُهُ: كُرِهَ غَمْسُهُمَا إلَخْ) لَوْ غَمَسَ حَيْثُ كُرِهَ الْغَمْسُ فَغَمَسَ بَعْدَهُ مَنْ غَسَلَ يَدَهُ ثَلَاثًا بِمَاءٍ طَهُورٍ ثُمَّ أَرَادَ غَمْسَهُمَا فِي مَاءٍ قَلِيلٍ قَبْلَ غَسْلِهَا ثَلَاثًا مِنْ ذَلِكَ الْغَمْسِ كَانَ مَكْرُوهًا لِوُجُودِ الْمَعْنَى، وَهُوَ احْتِمَالُ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ غَمَسَ إحْدَاهُمَا) أَيْ أَوْ بَعْضَ إحْدَاهُمَا أَوْ مَسَّهُ بِهِمَا أَوْ بِإِحْدَاهُمَا (قَوْلُهُ: ثَلَاثًا) يَتَّجِهُ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي غَيْرِ

ص: 226

مُعَلِّلًا لَهُ بِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ الدَّالُّ عَلَى أَنَّ سَبَبَ النَّهْيِ تَوَهُّمُ النَّجَاسَةِ لِنَوْمٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ تَزُلْ الْكَرَاهَةُ بِمَرَّةٍ مَعَ تَيَقُّنِ الطُّهْرِ بِهَا؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ إذَا غَيَّا حُكْمًا بِغَايَةٍ فَإِنَّمَا يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَتِهِ بِاسْتِيفَائِهَا فَانْدَفَعَ اسْتِشْكَالُ هَذَا بِأَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ عِنْدَ تَيَقُّنِ الطُّهْرِ ابْتِدَاءً.

وَمِنْ ثَمَّ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ مَحَلَّ هَذَا إذَا كَانَ مُسْتَنِدًا لِيَقِينِ غَسْلِهِمَا ثَلَاثًا فَلَوْ غَسَلَهُمَا فِيمَا مَضَى مِنْ نَجَسٍ مُتَيَقَّنٍ أَوْ مُتَوَهَّمٍ دُونَ ثَلَاثٍ بَقِيَتْ الْكَرَاهَةُ وَهَذِهِ الثَّلَاثُ هِيَ الثَّلَاثُ أَوَّلَ الْوُضُوءِ لَكِنَّهَا فِي حَالَةِ التَّرَدُّدِ يُسَنُّ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْغَمْسِ فِيمَا مَرَّ

(وَ) بَعْدَ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ تُسَنُّ (الْمَضْمَضَةُ وَ) بَعْدَ الْمَضْمَضَةِ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ: الْآتِي ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ يُسَنُّ (الِاسْتِنْشَاقُ) لِلِاتِّبَاعِ وَلَمْ يَجِبَا

فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَدَمُ زَوَالِ الْكَرَاهَةِ إلَّا بِغَسْلِ الْيَدِ سَبْعًا إحْدَاهَا بِتُرَابٍ نِهَايَةٌ زَادَ سم بَلْ تِسْعًا إنْ قُلْنَا بِسَنِّ الثَّامِنَةِ وَالتَّاسِعَةِ اهـ وَقَالَ ع ش قَوْلُهُ: م ر إحْدَاهَا بِتُرَابٍ أَيْ وَلَا يُسْتَحَبُّ ثَامِنَةٌ وَتَاسِعَةٌ بِنَاءً عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ م ر مِنْ عَدَمِ اسْتِحْبَابِ التَّثْلِيثِ فِي غَسْلِ النَّجَاسَةِ الْمُغَلَّظَةِ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْحَدَثِ فَيُسْتَحَبُّ ذَلِكَ اهـ عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ وَفِي الْإِمْدَادِ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ لَا تَزُولُ فِي الْمُغَلَّظَةِ إلَّا بِمَرَّتَيْنِ بَعْدَ السَّبْعِ اهـ.

وَنَقَلَ الْقَلْيُوبِيُّ عَنْ م ر مَا يُوَافِقُهُ وَابْنُ قَاسِمٍ عَنْ الطَّبَلَاوِيِّ وَالْمُغْنِي اعْتِمَادَهُ وَفِي الْعَنَانِيِّ عَلَى شَرْحِ التَّحْرِيرِ وَلَوْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ الْمَشْكُوكُ فِيهَا مُخَفَّفَةً زَالَتْ الْكَرَاهَةُ بِرَشِّهَا ثَلَاثًا اهـ انْتَهَتْ وَعِبَارَةُ الْبُجَيْرِمِيِّ فَرْعٌ لَوْ تَرَدَّدَ فِي نَجَاسَةٍ مُخَفَّفَةٍ هَلْ يَكْتَفِي فِيهَا بِالرَّشِّ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهَا ثَلَاثًا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي، وَإِنْ كَانَ الرَّشُّ فِيهَا كَافِيًا بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ كَمَا قَالَهُ ع ش وَاسْتَوْجَهَ سم الْأَوَّلَ وَقَالَ الْأُجْهُورِيُّ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ نَعَمْ يَظْهَرُ حَمْلُ مَا قَالَهُ سم عَلَى مَا إذَا أَرَادَ غَيْرَ الْوُضُوءِ كَإِدْخَالِ يَدِهِ فِي نَحْوِ مَاءٍ قَلِيلٍ اهـ.

وَقَالَ ابْنُ حَجّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَلَوْ تَيَقَّنَ النَّجَاسَةَ وَشَكَّ أَهِيَ مُخَفَّفَةٌ أَوْ مُتَوَسِّطَةٌ أَوْ مُغَلَّظَةٌ فَمَا الَّذِي يَأْخُذُ بِهِ وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ الثَّانِي أَيْ حَمْلًا عَلَى الْأَغْلَبِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: مُعَلِّلًا إلَخْ) حَالٌ مِنْ فَاعِلِ النَّهْيِ إلَخْ الْمَحْذُوفِ وَقَوْلُهُ الدَّالُّ إلَخْ نَعْتٌ لِقَوْلِهِ بِأَنَّهُ لَا يَدْرِي إلَخْ؛ لِأَنَّهُ فِي قُوَّةِ بِهَذَا التَّعْلِيلِ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَالْأَمْرُ بِذَلِكَ إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ تَوَهُّمِ النَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَصْحَابَ أَعْمَالٍ، وَيَسْتَنْجُونَ بِالْأَحْجَارِ، وَإِذَا نَامُوا جَالَتْ أَيْدِيهِمْ فَرُبَّمَا وَقَعَتْ عَلَى مَحَلِّ النَّجْوِ فَإِذَا صَادَفَتْ مَاءً قَلِيلًا نَجَّسَتْهُ فَهَذَا مَحْمَلُ الْحَدِيثِ لَا مُجَرَّدُ النَّوْمِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ لَمْ يَنَمْ وَاحْتَمَلَ نَجَاسَةَ يَدِهِ فَهُوَ فِي مَعْنَى النَّائِمِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِهِمْ اهـ.

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذَا وَاضِحٌ حَيْثُ لَمْ يُعَلِّلْهُ وَهُنَا قَدْ عَلَّلَهُ بِمَا يَقْتَضِي الِاكْتِفَاءَ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي إلَخْ سم وَبُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: إذَا غَيَّا حُكْمًا إلَخْ) وَالْحُكْمُ هُنَا كَرَاهَةُ الْغَمْسِ وَالْغَايَةُ الْغُسْلُ ثَلَاثًا (قَوْلُهُ فَإِنَّمَا يُخْرَجُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ بُجَيْرِمِيٌّ، وَيَجُوزُ بِنَاؤُهُ لِلْفَاعِلِ بِرُجُوعِ الضَّمِيرِ إلَى الْمُكَلَّفِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْمَقَامِ (قَوْلُهُ اسْتِشْكَالُ هَذَا) أَيْ عَدَمُ زَوَالِ الْكَرَاهَةِ بِمَرَّةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الشَّارِعَ إذَا غَيَّا إلَخْ (قَوْلُهُ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي أَيْضًا (قَوْلُهُ: أَنَّ مَحَلَّ هَذَا) أَيْ عَدَمِ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ تَيَقُّنِ الطَّهَارَةِ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ: دُونَ ثَلَاثٍ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ كُرِهَ غَمْسُهُمَا قَبْلَ إكْمَالِ الثَّلَاثِ اهـ.

(قَوْلُهُ: بَقِيَتْ الْكَرَاهَةُ) يَنْبَغِي إلَى تَكْمِيلِ مَا مَضَى ثَلَاثًا سم وَتَقَدَّمَ آنِفًا عَنْ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي الْجَزْمُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ الثَّلَاثُ هِيَ الثَّلَاثُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ بَلْ هِيَ غَيْرُهَا، وَأَنَّ هُنَا سُنَّتَيْنِ إحْدَاهُمَا الْغَسْلُ ثَلَاثًا لِلْوُضُوءِ وَالثَّانِيَةُ الْغَسْلُ ثَلَاثًا لِلشَّكِّ لِلنَّجَاسَةِ فَهُمَا، وَإِنْ حَصَلَا بِغُسْلٍ وَاحِدٍ ثَلَاثًا لَكِنْ الْأَفْضَلُ تَعَدُّدُ ذَلِكَ الْغُسْلِ وَأَتَوَهَّمُ أَنَّ بَعْضَهُمْ ذَكَرَ ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم وَفِي ع ش وَحَاشِيَةِ شَيْخِنَا مَا يُوَافِقُهُ بِلَا عَزْوٍ وَقَالَ الْكُرْدِيُّ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: هِيَ الثَّلَاثُ أَوَّلَ الْوُضُوءِ زَادَ فِي الْإِيعَابِ فَلَيْسَتْ غَيْرُهَا حَتَّى تَكُونَ سِتًّا عِنْدَ الشَّكِّ ثَلَاثًا لِلْوُضُوءِ وَثَلَاثًا لِلْإِدْخَالِ خِلَافًا لِمَنْ غَلِطَ فِيهِ اهـ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْقَلْبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ) أَيْ فِي الْإِنَاءِ الَّذِي فِيهِ مَائِعٌ إلَخْ وَقَوْلُ الْكُرْدِيِّ، وَهُوَ قَوْلُهُ: بِأَنْ تَرَدَّدَ فِيهِ يَرُدُّهُ لُزُومُ تَكَرُّرِهِ حِينَئِذٍ مَعَ قَوْلِ الشَّارِحِ فِي حَالَةِ التَّرَدُّدِ

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَالْمَضْمَضَةُ) مَأْخُوذٌ مِنْ الْمَضِّ، وَهُوَ وَضْعُ الْمَاءِ فِي الْفَمِ وَلَوْ تَعَدَّدَ الْفَمُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا فِي تَعَدُّدِ الْوَجْهِ، فَإِنْ كَانَا أَصْلِيَّيْنِ تَمَضْمَضَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَصْلِيًّا وَالْآخَرُ زَائِدًا وَتَمَيَّزَ الْأَصْلِيُّ مِنْ الزَّائِدِ وَلَمْ يُسَامِتْ فَالْعِبْرَةُ بِالْأَصْلِيِّ دُونَ الزَّائِدِ، وَإِنْ اشْتَبَهَ الْأَصْلِيُّ بِالزَّائِدِ تَمَضْمَضَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَكَذَا إنْ تَمَيَّزَ لَكِنْ سَامَتَ وَقَوْلُهُ وَالِاسْتِنْشَاقُ مَأْخُوذٌ مِنْ النَّشْقِ، وَهُوَ شَمُّ الْمَاءِ، وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْمَضْمَضَةِ؛ لِأَنَّ أَبَا ثَوْرٍ مِنْ أَئِمَّتِنَا قَالَ بِوُجُوبِ الِاسْتِنْشَاقِ دُونَ الْمَضْمَضَةِ وَهُمَا وَاجِبَانِ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَمَحَلُّ الْمَضْمَضَةِ أَفْضَلُ مِنْ مَحَلِّ

الْمُغَلَّظَةِ وَإِلَّا فَسَبْعًا مَعَ التُّرَابِ بَلْ تِسْعًا إنْ قُلْنَا يُسَنُّ الثَّامِنَةُ وَالتَّاسِعَةُ (قَوْلُهُ: إذَا غَيَّا حُكْمًا بِغَايَةٍ) قَدْ يُقَالُ لَكِنَّهُ عَلَّلَ الْغَايَةَ هُنَا بِمَا يَقْتَضِي الِاكْتِفَاءَ بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ (قَوْلُهُ: بَقِيَتْ الْكَرَاهَةُ) يَنْبَغِي إلَى تَكْمِيلِ مَا مَضَى ثَلَاثًا (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ الثَّلَاثُ هِيَ الثَّلَاثُ أَوَّلَ الْوُضُوءِ) قَدْ يُقَالُ بَلْ هِيَ غَيْرُهَا، وَأَنَّ هُنَا سُنَّتَيْنِ إحْدَاهُمَا الْغَسْلُ ثَلَاثًا لِلْوُضُوءِ وَالثَّانِيَةُ الْغَسْلُ ثَلَاثًا لِلشَّكِّ فِي النَّجَاسَةِ فَهُمَا، وَإِنْ حَصَلَا بِغَسْلٍ وَاحِدٍ ثَلَاثًا لَكِنْ الْأَفْضَلُ تَعَدُّدُ ذَلِكَ

ص: 227

لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «لَا تَتِمُّ صَلَاةُ أَحَدِكُمْ حَتَّى يُسْبِغَ الْوُضُوءَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ فَيَغْسِلَ وَجْهَهُ، وَيَدَيْهِ، وَيَمْسَحَ رَأْسَهُ، وَيَغْسِلَ رِجْلَيْهِ» وَخَبَرُ «تَمَضْمَضُوا وَاسْتَنْشِقُوا» ضَعِيفٌ وَحِكْمَتُهُمَا مَعْرِفَةُ أَوْصَافِ الْمَاءِ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّ فَصْلَهُمَا أَفْضَلُ) مِنْ جَمْعِهِمَا لِخَبَرٍ فِيهِ (ثُمَّ) عَلَى هَذَا (الْأَصَحُّ) أَنَّ الْأَفْضَلَ أَنَّهُ (يَتَمَضْمَضُ بِغُرْفَةٍ ثَلَاثًا ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ بِأُخْرَى ثَلَاثًا) حَتَّى لَا يَنْتَقِلَ عَنْ عُضْوٍ إلَّا بَعْدَ كَمَالِ طُهْرِهِ وَمُقَابِلُهُ ثَلَاثٌ لِكُلٍّ مُتَوَالِيَةٌ أَوْ مُتَفَرِّقَةٌ؛ لِأَنَّهُ أَنْظَفُ وَأَفَادَتْ ثُمَّ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ التَّرْتِيبَ هُنَا مُسْتَحَقٌّ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ لَا مُسْتَحَبٌّ لِاخْتِلَافِ الْمَحَلِّ كَسَائِرِ الْأَعْضَاءِ فَمَتَى قَدَّمَ شَيْئًا عَلَى مَحَلِّهِ كَأَنْ اقْتَصَرَ عَلَى الِاسْتِنْشَاقِ

الِاسْتِنْشَاقِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الذِّكْرِ وَالْقِرَاءَةِ وَنَحْوِهِمَا شَيْخُنَا (قَوْلُهُ لِلْحَدِيثِ إلَخْ) دَلِيلٌ لِنَفْيِ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6] الْآيَةَ ع ش وَسَمِّ.

(قَوْلُهُ: وَحِكْمَتُهُمَا) إلَخْ أَيْ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ أَيْ حِكْمَةُ تَقْدِيمِهِمَا نِهَايَةٌ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالدَّمِيرِيِّ وَمِنْ فَوَائِدِ غَسْلِ الْيَدَيْنِ وَالْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ أَوَّلًا مَعْرِفَةُ أَوْصَافِهِ، وَهِيَ اللَّوْنُ وَالطَّعْمُ وَالرَّائِحَةُ هَلْ تَغَيَّرَتْ أَوْ لَا اهـ زَادَ شَيْخُنَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ شُرِعَ غَسْلُ الْكَفَّيْنِ لِلْأَكْلِ مِنْ مَوَائِدِ الْجَنَّةِ وَالْمَضْمَضَةُ لِكَلَامِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَالِاسْتِنْشَاقُ لِشَمِّ رَوَائِحِ الْجَنَّةِ وَغَسْلُ الْوَجْهِ لِلنَّظَرِ إلَى وَجْهِ اللَّهِ الْكَرِيمِ وَغَسْلُ الْيَدَيْنِ لِلُبْسِ السِّوَارِ فِي الْجَنَّةِ وَمَسْحُ الرَّأْسِ لِلُبْسِ التَّاجِ وَالْإِكْلِيلِ فِيهَا وَمَسْحُ الْأُذُنَيْنِ لِسَمَاعِ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَغَسْلُ الرِّجْلَيْنِ لِلْمَشْيِ فِي الْجَنَّةِ انْتَهَى اهـ.

(قَوْلُهُ: مَعْرِفَةُ أَوْصَافِ الْمَاءِ) هَذَا قَدْ يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وُجِدَ فِي الْمَاءِ وَصْفُ النَّجَاسَةِ الْمُخْتَصُّ بِهَا وَلَمْ يَعْلَمْ وُقُوعَهَا فِيهِ حُكِمَ بِنَجَاسَتِهِ سم قَوْلُ الْمَتْنِ (أَنَّ فَصْلَهُمَا إلَخْ) وَضَابِطُهُ أَنْ لَا يَجْمَعَ بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ بِغَرْفَةٍ وَفِيهِ ثَلَاثُ كَيْفِيَّاتٍ الْأُولَى الْأَصَحُّ الْآتِي فِي الْمَتْنِ وَالثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ مُقَابِلُهُ الْآتِي فِي الشَّرْحِ (قَوْلُهُ: مِنْ جَمْعِهِمَا) أَيْ الْآتِي (قَوْلُهُ: عَلَى هَذَا) أَيْ الْأَظْهَرِ وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ عَنْ الْأَصَحِّ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي ثُمَّ الْأَصَحُّ عَلَى هَذَا الْأَفْضَلُ أَنَّهُ يَتَمَضْمَضُ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ (بِغَرْفَةٍ) فِيهِ لُغَتَانِ الْفَتْحُ وَالضَّمُّ، فَإِنْ جُمِعَتْ عَلَى لُغَةِ الْفَتْحِ تَعَيَّنَ فَتْحُ الرَّاءِ، وَإِنْ جُمِعَتْ عَلَى لُغَةِ الضَّمِّ جَازَ سُكُونُ الرَّاءِ وَضَمُّهَا وَفَتْحُهَا فَتَلَخَّصَ فِي غَرَفَاتٍ أَرْبَعُ لُغَاتٍ إقْنَاعٌ (قَوْلُهُ: حَتَّى) إلَى قَوْلِهِ فَمَتَى فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ أَوْ مُتَفَرِّقَةً (قَوْلُهُ: وَمُقَابِلُهُ) أَيْ الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ مُتَوَالِيَةٌ) أَيْ بِأَنْ يَتَمَضْمَضَ بِثَلَاثٍ مُتَوَالِيَةٍ ثُمَّ يَسْتَنْشِقَ كَذَلِكَ أَوْ مُتَفَرِّقَةٌ أَيْ بِأَنْ يَتَمَضْمَضَ بِوَاحِدَةٍ ثُمَّ يَسْتَنْشِقَ بِأُخْرَى وَكَذَا ثَانِيَةٌ وَثَالِثَةٌ.

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الثَّلَاثِ لِكُلٍّ مِنْ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ (قَوْلُهُ مُسْتَحَقٌّ) أَيْ شَرْطٌ فِي الِاعْتِدَادِ بِذَلِكَ كَتَرْتِيبِ الْأَرْكَانِ فِي صَلَاةِ النَّفْلِ وَالْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ وَقَوْلُهُ لَا مُسْتَحَبٌّ أَيْ كَتَقْدِيمِ الْيُمْنَى مِنْ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ فِي الْوُضُوءِ عَلَى الْيُسْرَى مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ نَحْوَ الْيَدَيْنِ عُضْوَانِ مُتَّفِقَانِ اسْمًا وَصُورَةً بِخِلَافِ الْفَمِ وَالْأَنْفِ فَوَجَبَ التَّرْتِيبُ بَيْنَهُمَا كَالْيَدِ وَالْوَجْهِ كُرْدِيٌّ عِبَارَةُ شَيْخِنَا وَضَابِطُ الْمُسْتَحَقِّ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيمُ شَرْطًا لِحُصُولِ السُّنَّةِ كَمَا فِي تَقْدِيمِ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ عَلَى الْمَضْمَضَةِ فَإِنَّهُ إنْ قَدَّمَ الْمُؤَخَّرَ وَأَخَّرَ الْمُقَدَّمَ فَاتَ مَا أَخَّرَهُ فَلَا ثَوَابَ لَهُ وَلَوْ فَعَلَهُ وَضَابِطُ الْمُسْتَحَبِّ أَنْ لَا يَكُونَ التَّقْدِيمُ شَرْطًا لِذَلِكَ بَلْ يُسْتَحَبُّ فَقَطْ، فَإِنْ أَخَّرَ وَقَدَّمَ اُعْتُبِرَ بِمَا فَعَلَهُ كَمَا فِي تَقْدِيمِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى اهـ وَقَوْلُهُ فَاتَ مَا أَخَّرَهُ إلَخْ هَذَا عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ الَّذِي اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي وَالزِّيَادِيُّ.

وَأَمَّا عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ الَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَالشَّارِحُ فَيَفُوتُ مَا قَدَّمَهُ إلَّا إذَا أَعَادَهُ (قَوْلُهُ: كَأَنْ اقْتَصَرَ إلَخْ) عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ بَافَضْلٍ فَمَا تَقَدَّمَ عَنْ مَحَلِّهِ لَغْوٌ فَلَوْ أَتَى بِالِاسْتِنْشَاقِ مَعَ الْمَضْمَضَةِ أَوْ قَدَّمَهُ عَلَيْهَا أَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لَمْ يُحْسَبْ وَلَوْ قَدَّمَهُمَا عَلَى غَسْلِ الْكَفَّيْنِ حُسِبَ دُونَهُمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ قَالَ الْكُرْدِيُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: فَمَا تَقَدَّمَ عَنْ مَحَلِّهِ لَغْوٌ هَذَا اعْتَمَدَهُ الشَّارِحِ فِي كُتُبِهِ تَبَعًا لِشَيْخِهِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَكَلَامُ الْمَجْمُوعِ يَقْتَضِيهِ وَقَالَ سم الْعَبَّادِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى مُخْتَصَرِ أَبِي شُجَاعٍ، وَهُوَ الْقِيَاسُ وَفِي حَاشِيَتِهِ عَلَى شَرْحِ الْمَنْهَجِ اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الطَّبَلَاوِيُّ وَأَقَرَّ الْقَلْيُوبِيُّ.

الْإِسْنَوِيَّ عَلَى أَنَّ مَا فِي الرَّوْضَةِ خِلَافُ الصَّوَابِ وَاعْتَمَدَ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَتَبِعَهُ الْخَطِيبُ الشِّرْبِينِيُّ وَوَلَدُهُ الْجَمَالُ الرَّمْلِيُّ مَا فِي الرَّوْضَةِ أَنَّ السَّابِقَ هُوَ الْمُعْتَدُّ بِهِ وَمَا بَعْدَهُ لَغْوٌ وَقَوْلُهُ لَمْ يُحْسَبْ أَيْ الِاسْتِنْشَاقُ لِإِتْيَانِهِ قَبْلَ مَحَلِّهِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ بَعْدَ الْمَضْمَضَةِ، وَهُوَ فِي الْأُولَى قَدَّمَهُ مَعَ الْمَضْمَضَةِ وَفِي الثَّانِيَةِ قَدَّمَهُ عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ الثَّالِثَةُ لَكِنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِالْمَضْمَضَةِ رَأْسًا أَمَّا الْأُولَى فَلَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ بَيْنَ الشَّارِحِ وَالْجَمَالِ الرَّمْلِيِّ فَقَدْ صَرَّحَ فِيهَا الْخَطِيبُ الشِّرْبِينِيُّ فِي شُرُوحِهِ عَلَى الْمِنْهَاجِ وَالتَّنْبِيهِ وَأَبِي شُجَاعٍ بِحُسْبَانِ الْمَضْمَضَةِ تَحْصُلُ دُونَ الِاسْتِنْشَاقِ، وَهُوَ مِنْ التَّابِعِينَ لِلشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ وَعِبَارَةُ الْعَنَانِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ وَاَلَّذِي يَتَعَيَّنُ

الْغَسْلِ وَأَتَوَهَّمُ أَنَّ بَعْضَهُمْ ذَكَرَ ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ.

(قَوْلُهُ: كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ)، فَإِنْ قِيلَ أَمْرُ اللَّهِ لَا يَنْحَصِرُ فِي الْقُرْآنِ قُلْنَا سِيَاقُ الْحَدِيثِ لِإِحَالَتِهِمْ عَلَى أَمْرٍ مَعْلُومٍ وَذَلِكَ لَيْسَ إلَّا الْقُرْآنُ بِخِلَافِ السُّنَّةِ فَإِنَّهَا لَا تُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ. وَلَمْ يُنَبِّهْنَا فَلَوْ أُرِيدَ أَمْرُ اللَّهِ وَلَوْ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ لَكَانَتْ الْحَوَالَةُ عَلَى مَجْهُولٍ وَلَمْ تُفِدْ شَيْئًا فَتَأَمَّلْهُ بِلُطْفٍ تُدْرِكُهُ (قَوْلُهُ: مَعْرِفَةَ أَوْصَافِ الْمَاءِ) هَذَا قَدْ يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ فِي الْمَاءِ وَصْفَ النَّجَاسَةِ الْمُخْتَصَّ بِهَا وَلَمْ يَعْلَمْ وُقُوعَهَا فِيهِ حُكِمَ بِنَجَاسَتِهِ (قَوْلُهُ وَأَفَادَتْ ثُمَّ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إنَّمَا أَفَادَتْ أَفْضَلِيَّةَ التَّرْتِيبِ (قَوْلُهُ:

ص: 228

لَغَا وَاعْتَدَّ بِمَا وَقَعَ بَعْدَهُ فِي مَحَلِّهِ مِنْ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ فَالْمَضْمَضَةُ فَالِاسْتِنْشَاقُ؛ لِأَنَّ اللَّاغِيَ كَالْمَعْدُومِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْعَفْوِ عَنْ الدِّيَةِ ابْتِدَاءً فَلَهُ الْعَفْوُ بَعْدَهُ عَنْ الْقَوَدِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ عَفْوَهُ الْأَوَّلَ لَمَّا وَقَعَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْمَعْدُومِ فَجَازَ لَهُ الْعَفْوُ عَنْ الْقَوَدِ عَلَيْهَا، فَإِنْ قُلْت قِيَاسُ مَا يَأْتِي أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِالتَّعَوُّذِ قَبْلَ دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ اعْتَدَّ بِالتَّعَوُّذِ وَفَاتَ دُعَاءُ الِافْتِتَاحِ الِاعْتِدَادُ بِالِاسْتِنْشَاقِ فِيمَا ذُكِرَ وَفَوَاتُ مَا قَبْلَهُ قُلْت يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْقَصْدَ بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ أَنْ يَقَعَ الِافْتِتَاحُ بِهِ وَلَا يَتَقَدَّمُهُ غَيْرُهُ وَبِالْبُدَاءَةِ بِالتَّعَوُّذِ فَإِنَّ ذَلِكَ لِتَعَذُّرِ الرُّجُوعِ إلَيْهِ وَالْقَصْدُ بِالتَّعَوُّذِ أَنْ تَلِيَهُ الْقِرَاءَةُ وَقَدْ وُجِدَ ذَلِكَ فَاعْتُدَّ بِهِ لِوُقُوعِهِ فِي مَحَلِّهِ.

وَمَا نَحْنُ فِيهِ لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ كُلَّ عُضْوٍ مِنْ الْأَعْضَاءِ الثَّلَاثَةِ الْمَقْصُودُ مِنْهُ بِالذَّاتِ تَطْهِيرُهُ وَبِالْعَرْضَلِ وُقُوعُهُ فِي مَحَلِّهِ وَبِالِابْتِدَاءِ بِالِاسْتِنْشَاقِ فَاتَ هَذَا الثَّانِي فَوَقَعَ لَغْوًا وَحِينَئِذٍ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا فَسُنَّ لَهُ غَسْلُ الْيَدَيْنِ فَالْمَضْمَضَةُ فَالِاسْتِنْشَاقُ لِيُوجَدَ الْمَقْصُودُ مِنْ التَّطْهِيرِ وَوُقُوعِ كُلٍّ فِي مَحَلِّهِ إذْ لَمْ يُوجَدْ مَانِعٌ مِنْ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ، وَيَأْتِي فِي تَقْدِيمِ الْأُذُنَيْنِ عَلَى مَحَلِّهِمَا مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ وَقُدِّمَتْ لِشَرَفِ مَنَافِعِ الْفَمِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ قِوَامِ الْبَدَنِ أَكْلًا وَنَحْوَهُ وَالرُّوحِ ذِكْرًا وَنَحْوَهُ وَأَقَلُّهُمَا وُصُولُ الْمَاءِ لِلْفَمِ وَالْأَنْفِ وَأَكْمَلُهُمَا أَنْ يُبَالِغَ فِي ذَلِكَ كَمَا قَالَ (وَيُبَالِغَ فِيهِمَا غَيْرُ) بِرَفْعِهِ فَاعِلًا وَنَصْبِهِ اسْتِثْنَاءً أَوْ حَالًا مِنْ ضَمِيرِ الْمُتَوَضِّئِ الدَّالِّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ (الصَّائِمِ) لِأَمْرٍ بِذَلِكَ فِي الْخَبَرِ الصَّحِيحِ بِأَنْ يَبْلُغَ الْمَاءُ إلَى أَقْصَى الْحَنَكِ وَوَجْهَيْ الْأَسْنَانِ وَاللِّثَاتِ وَيُسَنُّ إمْرَارُ الْأُصْبُعِ الْيُسْرَى عَلَيْهَا وَمَجُّ الْمَاءِ، وَيُصْعِدُ الْمَاءَ بِنَفَسِهِ إلَى خَيْشُومِهِ مَعَ إدْخَالِ خِنْصَرِ يُسْرَاهُ وَإِزَالَةِ مَا فِيهِ مِنْ أَذًى وَلَا يُسْتَقْصَى فِيهِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ سَعُوطًا لَا اسْتِنْشَاقًا أَيْ كَامِلًا وَإِلَّا فَقَدْ حَصَلَ بِهِ أَقَلُّهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي بَيَانِ أَقَلِّهِ أَمَّا الصَّائِمُ فَلَا يُبَالِغُ كَذَلِكَ خَشْيَةَ السَّبْقِ إلَى الْحَلْقِ أَوْ الدِّمَاغِ فَيُفْطِرُ وَمِنْ ثَمَّ كُرِهَتْ لَهُ.

وَإِنَّمَا حُرِّمَتْ الْقُبْلَةُ الْمُحَرِّكَةُ لِلشَّهْوَةِ

فِي الْمُقَارَنَةِ أَنَّ الْمَضْمَضَةَ تَحْصُلُ دُونَ الِاسْتِنْشَاقِ إلَّا إنْ أَعَادَهُ وَلَا يَكُونُ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ اهـ.

وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَالْمُعْتَدُّ بِهِ عِنْدَ الرَّمْلِيِّ وَأَتْبَاعِهِ هُوَ الِاسْتِنْشَاقُ بِخِلَافِ الشَّارِحِ وَأَتْبَاعِهِ فَلَوْ أَعَادَ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ ثَانِيًا فِي الثَّانِيَةِ حُسِبَ الِاسْتِنْشَاقُ عِنْدَ الشَّارِحِ دُونَ الرَّمْلِيِّ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ حُسِبَا عِنْدَ الشَّارِحِ وَلَمْ يُحْسَبْ مِنْهُمَا شَيْءٌ عِنْدَ الرَّمْلِيِّ اهـ.

(قَوْلُهُ لَغَا) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ أَرَادَ ابْتِدَاءً تَرْكَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاقْتِصَارَ عَلَى الِاسْتِنْشَاقِ وَهُوَ قَضِيَّةُ أَنَّ التَّرْتِيبَ مُسْتَحَقٌّ سم فَلَوْ أَتَى بَعْدُ بِالْمَضْمَضَةِ ثُمَّ بِالِاسْتِنْشَاقِ حُسِبَا لَهُ عِنْدَ الشَّارِحِ وَمَنْ نَحَا نَحْوَهُ وَلَا يُحْسَبَانِ عِنْدَ الرَّمْلِيِّ وَمَنْ نَحَا نَحْوَهُ، وَإِنَّمَا يُحْسَبُ عِنْدَهُمْ الِاسْتِنْشَاقُ الْأَوَّلُ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: لَغَا وَاعْتَدَّ بِمَا وَقَعَ بَعْدَهُ) خِلَافًا لِلْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ كَمَا مَرَّ عِبَارَةُ الْأَوَّلِ فَلَوْ أَتَى بِالِاسْتِنْشَاقِ مَعَ الْمَضْمَضَةِ حُسِبَتْ دُونَهُ أَوْ أَتَى بِهِ فَقَطْ حُسِبَ لَهُ دُونَهَا أَوْ قَدَّمَهُ عَلَيْهَا فَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ أَنَّ الْمُؤَخَّرَ يُحْسَبُ وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ لَوْ قَدَّمَ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ عَلَى غَسْلِ الْكَفِّ لَمْ يُحْسَبْ الْكَفُّ عَلَى الْأَصَحِّ.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَصَوَابُهُ لِيُوَافِقَ مَا فِي الْمَجْمُوعِ لَمْ تُحْسَبْ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ عَلَى الْأَصَحِّ وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَهُ شَيْخِي مَا فِي الرَّوْضَةِ قَالَ لِقَوْلِهِمْ فِي الصَّلَاةِ الثَّالِثَ عَشْرَ تَرْتِيبُ الْأَرْكَانِ فَخَرَجَ السُّنَنُ فَيُحْسَبُ مِنْهَا مَا أَوْقَعَهُ أَوَّلًا فَكَأَنَّهُ تَرَكَ غَيْرَهُ فَلَا يُعْتَدُّ بِفِعْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا لَوْ تَعَوَّذَ ثُمَّ أَتَى بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ اهـ وَفِي الثَّانِي نَحْوُهَا (قَوْلُهُ فَلَهُ) أَيْ لِوَلِيِّ الدَّمِ (الْعَفْوُ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْعَفْوِ عَنْ الدِّيَةِ إلَخْ (عَنْ الْقَوَدِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْعَفْوِ إلَخْ (عَلَيْهَا) أَيْ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ الِاعْتِدَادُ إلَخْ) خَبَرُ قَوْلِهِ قِيَاسُ مَا يَأْتِي إلَخْ (قَوْلُهُ: وَفَوَاتُ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى الِاعْتِدَادِ (قَوْلُهُ: مَا قَبْلَهُ) أَيْ فِي الرُّتْبَةِ مِنْ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ وَالْمَضْمَضَةِ (قَوْلُهُ: فَاتَ ذَلِكَ) أَيْ وُقُوعُ الِافْتِتَاحِ بِدُعَائِهِ (قَوْلُهُ: إلَيْهِ) إلَى دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَقْصُودِ (قَوْلُهُ مِنْ الْأَعْضَاءِ الثَّلَاثَةِ) أَيْ الْيَدِ وَالْفَمِ وَالْأَنْفِ.

(قَوْلُهُ: هَذَا الثَّانِي) أَيْ وُقُوعُهُ فِي مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ التَّطْهِيرُ وَوُقُوعُ إلَخْ) بَدَلٌ مِنْ الْمَقْصُودِ (قَوْلُهُ: وَقُدِّمَتْ) أَيْ الْمَضْمَضَةُ عَلَى الِاسْتِنْشَاقِ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) كَالشُّرْبِ (قَوْلُهُ: ذِكْرٌ أَوْ نَحْوُهُ) أَيْ كَالْقِرَاءَةِ شَيْخُنَا وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وُصُولُ الْمَاءِ لِلْفَمِ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يُدْرِهِ فِي الْفَمِ وَلَا مَجَّهُ (وَالْأَنْفِ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَجْذِبْهُ فِي الْأَنْفِ وَلَا نَثَرَهُ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: أَوْ حَالًا) أَيْ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ تَعَرُّفِهَا مِنْهَا بِالْإِضَافَةِ سم (قَوْلُهُ مِنْ ضَمِيرِ الْمُتَوَضِّئِ إلَخْ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ وَالْحَالِ يَعْنِي مِنْ الضَّمِيرِ الْمُسْتَكِنِّ فِي يُبَالِغُ الرَّاجِعِ إلَى الْمُتَوَضِّئِ الْمَعْلُومِ مِنْ السِّيَاقِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَبْلُغَ) بِبِنَاءِ الْفَاعِلِ مِنْ بَابِ التَّفْعِيلِ كَقَوْلِهِ، وَيَصْعَدُ الْآتِي (قَوْلُهُ إمْرَارُ الْأُصْبُعِ إلَخْ) الْأَوْلَى تَنْكِيرُ الْأُصْبُعِ (قَوْلُهُ: عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى أَقْصَى الْحَنَكِ وَوَجْهَيْ الْأَسْنَانِ إلَخْ أَوْ الْحَنَكِ وَوَجْهِ الْأَسْنَانِ إلَخْ أَوْ الْأَسْنَانِ وَاللِّثَاتِ احْتِمَالَاتٌ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: بِنَفَسِهِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ (قَوْلُهُ: إلَى خَيْشُومِهِ) أَيْ أَقْصَى أَنْفِهِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَإِزَالَةُ مَا فِيهِ) أَيْ فِي الْأَنْفِ (قَوْلُهُ وَلَا يُسْتَقْصَى فِيهِ) أَيْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ بِأَنْ يُجَاوِزَ الْمَاءُ أَقْصَى الْفَمِ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ سُعُوطًا) بِضَمِّ السِّينِ أَيْ إدْخَالِ الْمَاءِ أَقْصَى الْأَنْفِ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَبِفَتْحِهَا دَوَاءٌ يُصَبُّ فِي الْأَنْفِ مِصْبَاحٌ بُجَيْرِمِيٌّ وَقَوْلُهُ فِي أَقْصَى الْأَنْفِ الْأَوْلَى فَوْقَ أَقْصَى الْأَنْفِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا إلَخْ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ نَقْدِرْ كَامِلًا فَلَا يَظْهَرُ هَذَا التَّعْلِيلُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ حَصَلَ بِالِاسْتِقْصَاءِ أَقَلُّ الِاسْتِنْشَاقِ (قَوْلُهُ: أَمَّا الصَّائِمُ إلَخْ) وَكَذَا الْمُلْحَقُ بِهِ كَالْمُمْسِكِ لِتَرْكِ النِّيَّةِ عَلَى الْأَوْجَهِ شَوْبَرِيٌّ وَبِرْمَاوِيٌّ فَتُكْرَهُ لَهُ أَيْضًا ع ش.

(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ أَجْلِ خَوْفِ الْإِفْطَارِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: كُرِهَتْ لَهُ) أَيْ إلَّا أَنْ يَغْسِلَ فَمَه مِنْ نَجَاسَةٍ نِهَايَةٌ أَيْ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمُبَالَغَةُ حِينَئِذٍ وَعَلَيْهِ فَلَوْ سَبَقَهُ الْمَاءُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إلَى جَوْفِهِ لَمْ يُفْطِرْ؛ لِأَنَّهُ تَوَلَّدَ مِنْ مَأْمُورٍ بِهِ ع ش وَكُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا حُرِّمَتْ الْقُبْلَةُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْخَطِيبِ، فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَمْ يُحَرِّمْ ذَلِكَ كَمَا قَالُوا بِتَحْرِيمِ الْقُبْلَةِ إذَا خَشِيَ الْإِنْزَالَ مَعَ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا خَوْفُ الْإِفْطَارِ وَلِذَا سَوَّى

لَغَا) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ أَرَادَ ابْتِدَاءً تَرْكَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاقْتِصَارَ عَلَى الِاسْتِنْشَاقِ وَهُوَ قَضِيَّةُ أَنَّ التَّرْتِيبَ مُسْتَحَقٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ حَالًا) أَيْ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ تَعَرُّفِهَا هُنَا بِالْإِضَافَةِ

ص: 229

؛ لِأَنَّ أَصْلَهَا غَيْرُ مَنْدُوبٍ مَعَ أَنَّ قَلِيلَهَا يَدْعُو لِكَثِيرِهَا وَالْإِنْزَالُ الْمُتَوَلِّدُ مِنْهَا لَا حِيلَةَ فِي دَفْعِهِ وَهُنَا يُمْكِنُهُ مَجُّ الْمَاءِ (قُلْت الْأَظْهَرُ تَفْضِيلُ الْجَمْعِ) بَيْنَهُمَا لِصِحَّةِ أَحَادِيثِهِ عَلَى الْفَصْلِ لِعَدَمِ صِحَّةِ حَدِيثِهِ وَالْأَفْضَلُ عَلَى الْجَمْعِ كَوْنُهُ (بِثَلَاثِ غُرَفٍ يَتَمَضْمَضُ مِنْ كُلٍّ ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ) مِنْ كُلٍّ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِوُرُودِ التَّصْرِيحِ بِهِ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَقِيلَ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِغُرْفَةٍ وَاحِدَةٍ وَعَلَيْهِ قِيلَ يَتَمَضْمَضُ ثَلَاثًا وَلَاءً ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ ثَلَاثًا وَلَاءً وَقِيلَ يَتَمَضْمَضُ ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ ثُمَّ ثَانِيَةً كَذَلِكَ ثُمَّ ثَالِثَةً كَذَلِكَ وَالْكُلُّ مُجْزِئٌ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْأَفْضَلِ

(وَتَثْلِيثُ الْغَسْلِ) وَلَوْ لِلسَّلِسِ عَلَى الْأَوْجَهِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُ يُغْتَفَرُ لَهُ التَّأْخِيرُ لِمَنْدُوبٍ يَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ وَذَلِكَ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى طَلَبِهِ، وَيَحْصُلُ بِتَحْرِيكِ الْيَدِ ثَلَاثًا وَلَوْ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الِاغْتِرَافَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا بِالنِّسْبَةِ لَهَا إلَّا بِالْفَصْلِ كَبَدَنِ جُنُبٍ انْغَمَسَ نَاوِيًا فِي مَاءٍ قَلِيلٍ، وَيَأْتِي فِي تَثْلِيثِ الْغَسْلِ مَا يُوَضِّحُ ذَلِكَ فَبَحْثُ أَنَّهُ لَوْ رَدَّدَ مَاءَ الْأُولَى قَبْلَ انْفِصَالِهِ عَنْ نَحْوِ الْيَدِ عَلَيْهَا لَا تُحْسَبُ ثَانِيَةً؛ فِيهِ نَظَرٌ، وَإِنْ أَمْكَنَ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهَا النَّظَافَةُ وَالِاسْتِظْهَارُ فَلَا بُدَّ مِنْ مَاءٍ جَدِيدٍ وَقَدْ يَحْرُمُ بِأَنْ ضَاقَ الْوَقْتُ بِحَيْثُ لَوْ ثَلَّثَ لَمْ يُدْرِكْ الصَّلَاةَ كَامِلَةً فِيهِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ أَنَّ تَرْكَهُ حِينَئِذٍ سُنَّةٌ صَوَابُهُ وَاجِبٌ أَوْ احْتَاجَ لِمَائِهِ لِعَطَشِ مُحْتَرَمٍ أَوْ لِتَتِمَّةِ طُهْرِهِ وَلَوْ ثَلَّثَ لَمْ يَتِمَّ بَلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ مَاءٌ لَا يَكْفِيهِ حَرُمَ اسْتِعْمَالُهُ فِي شَيْءٍ مِنْ السُّنَنِ أَيْضًا وَقَدْ يُنْدَبُ تَرْكُهُ بِأَنْ خَافَ فَوْتَ نَحْوِ جَمَاعَةٍ لَمْ يَرْجُ غَيْرَهَا (وَالْمَسْحُ) إلَّا لِلْخُفِّ وَالْجَبِيرَةِ وَالْعِمَامَةِ

الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ بَيْنَهُمَا فَجَزَمَ بِتَحْرِيمِ الْمُبَالَغَةِ أَيْضًا أُجِيبُ بِأَنَّ الْقُبْلَةَ غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ أَصْلَهَا) الْأَوْلَى الْمُوَافِقُ لِتَعْبِيرِ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي؛ لِأَنَّهَا (قَوْلُهُ وَالْإِنْزَالُ) أَيْ أَوْ الْجِمَاعُ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: وَهُنَا يُمْكِنُهُ مَجُّ الْمَاءِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ حُرْمَةُ الْمُبَالَغَةِ عَلَى صَائِمِ فَرْضٍ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ سَبْقُ الْمَاءِ إلَى جَوْفِهِ إنْ فَعَلَهَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ نِهَايَةٌ اهـ بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ.

قَالَ فِي الْإِيعَابِ بَحَثَ بَعْضُهُمْ الْحُرْمَةَ هُنَا إنْ عَلِمَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ إنْ بَالَغَ نَزَلَ الْمَاءُ جَوْفَهُ مَثَلًا أَيْ وَكَانَ صَوْمُهُ فَرْضًا انْتَهَى اهـ.

(قَوْلُهُ بَيْنَهُمَا) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَتَثْلِيثُ الْغَسْلِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: عَلَى الْفَصْلِ) بِتَفْصِيلِ الْجَمْعِ (قَوْلُهُ: لِوُرُودِ التَّصْرِيحِ بِهِ) أَيْ بِكَوْنِ الْجَمْعِ بِثَلَاثِ غُرَفٍ يُمَضْمِضُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْكُلُّ مُجْزِئٌ) أَيْ فِي حُصُولِ السُّنَّةِ مُغْنِي

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَتَثْلِيثُ الْغَسْلِ وَالْمَسْحِ) الْمَفْرُوضُ وَالْمَنْدُوبُ وَبَاقِي سُنَنِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ سُنَّ تَثْلِيثُ الْغَسْلِ (قَوْلُهُ: وَيَحْصُلُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا، وَيَحْصُلُ التَّثْلِيثُ فِي الْمَاءِ الْجَارِي بِمُرُورِ ثَلَاثِ جِرْيَاتٍ وَفِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ بِالتَّحْرِيكِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا تَنْجُسُ قُلَّتَا الْمَاءِ (قَوْلُهُ: لَا تُحْسَبُ ثَانِيَةٌ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: فِيهِ نَظَرٌ) قِيلَ الْبَحْثُ ظَاهِرٌ وَالنَّظَرُ فِيهِ نَظَرٌ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَ فِي الْوَجْهِ لَوْ لَمْ يَنْفَصِلْ عَنْهُ وَرَدَّهُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى لَمْ يَحْصُلْ لَهُ سُنَّةُ التَّثْلِيثِ وَأُجِيبُ بِأَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ هُوَ الْأَصَحُّ أَيْ مُدْرَكًا كَمَا يَظْهَرُ مِمَّا يَأْتِي كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: فِيهِ نَظَرٌ) تَأَمَّلْ هَلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يَأْتِي لَهُ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ شِبْهُ تَنَاقُضٍ أَمْ لَا بَصْرِيٌّ أَقُولُ قَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى دَفْعِهِ هُنَاكَ بِقَوْلِهِ وَلِضَعْفِ الْبَلَلِ إلَخْ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَاءَ الْمَسْحِ تَافِهٌ وَلَيْسَ لَهُ قُوَّةٌ كَقُوَّةِ مَاءِ الْغَسْلَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَمْكَنَ تَوْجِيهُهُ إلَخْ) وَعَلَى هَذَا يُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَالتَّحْرِيكِ فِي الْمَاءِ وَلَوْ قَلِيلًا سم (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ مَاءٍ جَدِيدٍ) فِي تَوَقُّفِ الِاسْتِظْهَارِ عَلَى الْمَاءِ الْجَدِيدِ نَظَرٌ سم عِبَارَةُ السَّيِّدِ الْبَصْرِيِّ وَالْمُرَادُ بِالِاسْتِظْهَارِ الِاحْتِيَاطُ بِتَحَقُّقِ وُصُولِ الْمَاءِ إلَى جَمِيعِ أَجْزَاءِ الْمَغْسُولِ وَتَوَقُّفِهِ عَلَى مَاءٍ جَدِيدٍ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ اهـ أَيْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَحْصُلُ جَزْمًا بِالتَّرْدِيدِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَحْرُمُ) إلَى قَوْلِهِ، وَيَظْهَرُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَقَوْلُ شَارِحٍ إلَى أَوْ احْتَاجَ وَقَوْلُهُ بَلْ لَوْ كَانَ إلَى وَقَدْ يُنْدَبُ وَمَا أُنَبِّهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَقَدْ يَحْرُمُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَقَدْ يَجِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ عِنْدَ ضِيقِ وَقْتِ الْفَرْضِ بِحَيْثُ لَوْ ثَلَّثَ خَرَجَ وَقْتُهُ اهـ.

(قَوْلُهُ أَوْ احْتَاجَ لِمَائِهِ إلَخْ) كَذَا فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ثَلَّثَ إلَخْ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ لَمْ يُتِمَّ) .

فَرْعٌ

لَا يُعِيدُ فِيمَا لَوْ ثَلَّثَ وَتَيَمَّمَ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ فِي غَرَضِ التَّثْلِيثِ سم عَلَى الْبَهْجَةِ قُلْت وَكَذَا لَا يُعِيدُ لَوْ أَتْلَفَهُ بِلَا غَرَضٍ، وَإِنْ أَثِمَ لَمْ يَتَيَمَّمْ بِحَضْرَةِ مَاءٍ مُطْلَقٍ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ: م ر الْآتِي فِي التَّيَمُّمِ، وَإِنْ أَتْلَفَهُ بَعْدُ لِغَرَضٍ كَتَبَرُّدٍ وَتَنْظِيفِ ثَوْبٍ فَلَا قَضَاءَ أَيْضًا وَكَذَا لِغَيْرِ عُذْرٍ فِي الْأَظْهَرِ؛ لِأَنَّهُ فَاقِدٌ لِلْمَاءِ حَالَ التَّيَمُّمِ لَكِنَّهُ آثِمٌ فِي الشِّقِّ الْأَخِيرِ ع ش (قَوْلُهُ: لَا يَكْفِيهِ) أَيْ الْوُضُوءُ (قَوْلُهُ: فِي شَيْءٍ مِنْ السُّنَنِ) كَغَسْلِ الْكَفَّيْنِ وَالْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُنْدَبُ تَرْكُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْخَطِيبِ وَإِدْرَاكُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ تَثْلِيثِ الْوُضُوءِ وَسَائِرِ آدَابِهِ اهـ.

قَالَ الْبُجَيْرِمِيُّ قَوْلُهُ وَإِدْرَاكُ الْجَمَاعَةِ أَيْ بِأَنْ لَمْ يُسَلِّمْ الْإِمَامُ وَخَرَجَ بِهِ إدْرَاكُ بَعْضِ الرَّكَعَاتِ أَوْ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ قَلْيُوبِيٌّ وَقَوْلُهُ وَسَائِرِ آدَابِهِ أَيْ مَا لَمْ يَقُلْ الْمُخَالِفُ بِوُجُوبِهَا كَمَسْحِ جَمِيعِ الرَّأْسِ وَإِلَّا قُدِّمَ عَلَى الْجَمَاعَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: نَحْوَ جَمَاعَةٍ) هَلْ يَشْمَلُ تَكْبِيرَةَ التَّحَرُّمِ وَبَعْضَ الرَّكَعَاتِ فَيُخَالِفُ مَا مَرَّ آنِفًا عَنْ الْقَلْيُوبِيِّ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لَمْ يَرْجُ غَيْرَهَا) أَيْ وَإِلَّا قُدِّمَ عَلَى الْجَمَاعَةِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَالْجَبِيرَةُ وَالْعِمَامَةُ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ عِبَارَةُ سم الْأَوْجَهُ سَنُّ تَثْلِيثِ مَسْحِهِمَا بِخِلَافِ الْخُفِّ؛ لِأَنَّ تَثْلِيثَ مَسْحِهِ يَعِيبُهُ م ر اهـ.

قَالَ شَيْخُنَا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ وَقَالَ ع ش قَضِيَّتُهُ أَيْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْخُفُّ مِنْ نَحْوِ زُجَاجٍ يُسَنُّ تَثْلِيثُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخَافُ تَعْيِيبَهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَالْعِمَامَةُ) أَيْ فِيمَا إذَا

قَوْلُهُ وَتَثْلِيثُ الْغَسْلِ) لَوْ احْتَاجَ فِي تَعْلِيمِ غَيْرِهِ الْوُضُوءَ إلَى الِاقْتِصَارِ عَلَى مَرَّةٍ مَرَّةٍ أَوْ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ يَنْبَغِي أَنْ تَنْتَفِي الْكَرَاهَةُ م ر (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَمْكَنَ تَوْجِيهُهُ إلَخْ) عَلَى هَذَا يُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَالتَّحْرِيكِ فِي الْمَاءِ وَلَوْ قَلِيلًا (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ مَاءٍ جَدِيدٍ) فِي تَوَقُّفِ الِاسْتِظْهَارِ عَلَى الْمَاءِ الْجَدِيدِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ وَالْجَبِيرَةُ وَالْعِمَامَةُ) الْأَوْجَهُ سَنُّ تَثْلِيثِ مَسْحِهِمَا بِخِلَافِ الْخُفِّ؛ لِأَنَّ تَثْلِيثَ مَسْحِهِ يَعِيبُهُ م ر

ص: 230

لِلْحَدِيثِ الْحَسَنِ بَلْ الصَّحِيحُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ رَأْسَهُ ثَلَاثًا»

وَالدَّلْكُ وَالتَّخْلِيلُ، وَيَظْهَرُ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ تَأْخِيرِ ثَلَاثَةِ كُلٍّ مِنْ هَذَيْنِ عَنْ ثَلَاثَةِ الْغَسْلِ وَجَعْلِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَقِبَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ، وَأَنَّ الْأُولَى أَوْلَى وَالسِّوَاكُ وَسَائِرُ الْأَذْكَارِ كَالْبَسْمَلَةِ وَالذِّكْرِ عَقِبَهُ لِلِاتِّبَاعِ فِي أَكْثَرِ ذَلِكَ وَيُكْرَهُ النَّقْصُ عَنْ الثَّلَاثِ كَالزِّيَادَةِ عَلَيْهَا أَيْ بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ كَمَا بَحَثَهُ جَمْعٌ وَتَحْرُمُ مِنْ مَاءٍ مَوْقُوفٍ عَلَى التَّطْهِيرِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُعْطَ الْمَنْدُوبُ مِمَّا وُقِفَ لِلْأَكْفَانِ؛ لِأَنَّهُ يَتَسَامَحُ فِي الْمَاءِ لِتَفَاهَتِهِ مَا لَا يَتَسَامَحُ فِي غَيْرِهِ وَشَرْطُ حُصُولِ التَّثْلِيثِ حُصُولُ الْوَاجِبِ أَوَّلًا وَلَا

كَمَّلَ مَسْحَ الرَّأْسِ عَلَيْهَا كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: لِلْحَدِيثِ) تَعْلِيلٌ لِمَا فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَالدَّلْكُ) عُطِفَ عَلَى الْغَسْلِ (قَوْلُهُ: مِنْ هَذِهِ) أَيْ مِنْ ثَلَاثَةِ الْغَسْلِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الْأُولَى أَوْلَى) فِيهِ نَظَرٌ سم عِبَارَةُ السَّيِّدِ الْبَصْرِيِّ قَوْلُهُ، وَيَظْهَرُ أَنَّهُ إلَخْ هَذَا وَاضِحٌ وَقَوْلُهُ، وَأَنَّ الْأُولَى أَوْلَى مَحَلُّ تَأَمُّلٍ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ عَكْسُهُ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَيْسَ مَقْصُودًا بِالذَّاتِ بَلْ لِتَكْمِيلِ الْغَسْلِ وَحِينَئِذٍ فَالْأَلْيَقُ الْإِتْيَانُ بِكُلِّ غَسْلَةٍ مَعَ مُكَمِّلَاتِهَا ثُمَّ الِانْتِقَالُ مِنْهَا لِأُخْرَى اهـ.

(قَوْلُهُ: وَسَائِرُ الْأَذْكَارِ إلَخْ) قَالَ فِي حَاشِيَةِ فَتْحِ الْجَوَادِ، وَهِيَ تَشْمَلُ النِّيَّةَ اللَّفْظِيَّةَ فَيُسَنُّ تَكْرِيرُهَا ثَلَاثًا كَالتَّسْمِيَةِ اهـ.

وَفِي الْإِيعَابِ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ إلَّا مُسَاعَدَةُ الْقَلْبِ وَقَدْ حَصَلَتْ بِخِلَافِ غَيْرِهِ اهـ.

وَفِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ لِلْحَلَبِيِّ لَا يُنْدَبُ تَثْلِيثُهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ وَالِدُ شَيْخِنَا انْتَهَى اهـ كُرْدِيٌّ وَرَجَّحَ ع ش نَدْبَ تَثْلِيثِ النِّيَّةِ اللَّفْظِيَّةِ وَنَظَرَ الْبُجَيْرِمِيُّ فِي عِلَّتِهِ وَاسْتَظْهَرَ السَّيِّدُ الْبَصْرِيُّ عَدَمَ نَدْبِهِ.

وَقَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ أَيْ عَدَمُ النَّدْبِ الْمُعْتَمَدُ اهـ، وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ كَالْبَسْمَلَةِ) أَيْ أَوَّلَهُ (قَوْلُهُ: وَالذِّكْرِ عَقِبَهُ) وَدُعَاءِ الْأَعْضَاءِ وَقِرَاءَةِ سُورَةِ {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ} [القدر: 1] شَيْخُنَا وَفِي الْكُرْدِيِّ عَنْ الْإِيعَابِ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: لِلِاتِّبَاعِ فِي أَكْثَرِ ذَلِكَ) وَقِيَاسًا فِي غَيْرِهِ أَعْنِي نَحْوَ الدَّلْكِ وَالسِّوَاكِ وَالتَّسْمِيَةِ إيعَابٌ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ) إلَى قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يُعْطَ فِي الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ النَّقْصُ) .

وَأَمَّا وُضُوءُهُ صلى الله عليه وسلم مَرَّةً مَرَّةً وَمَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ فَإِنَّمَا كَانَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ شَيْخُنَا زَادَ الْمُغْنِي فَكَانَ فِي ذَلِكَ الْحَالِ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّ الْبَيَانَ فِي حَقِّهِ صلى الله عليه وسلم وَاجِبٌ اهـ.

وَفِي سم مَا نَصُّهُ لَوْ احْتَاجَ فِي تَعْلِيمِ غَيْرِهِ الْوُضُوءَ إلَى الِاقْتِصَارِ عَلَى مَرَّةٍ مَرَّةٍ أَوْ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ يَنْبَغِي أَنْ تَنْتَفِيَ الْكَرَاهَةُ م ر اهـ.

وَفِي ع ش مَا نَصُّهُ.

(فَرْعٌ)

لَوْ نَذَرَ الْوُضُوءَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ هَلْ يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ فِيهِ نَظَرٌ قَالَ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ لَا يَنْعَقِدُ قُلْتُ، فَإِنْ أَرَادَ بِعَدَمِ انْعِقَادِهِ إلْغَاءَهُ بِحَيْثُ يَجُوزُ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى وَاحِدَةٍ فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ مُسْتَحَبَّةٌ وَالْمَكْرُوهُ إنَّمَا هُوَ الِاقْتِصَارُ عَلَى الثِّنْتَيْنِ، وَإِنْ أَرَادَ بِعَدَمِ انْعِقَادِهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِمَا فَظَاهِرٌ اهـ.

(قَوْلُهُ كَالزِّيَادَةِ إلَخْ) وَيُكْرَهُ الْإِسْرَافُ فِي الْمَاءِ وَلَوْ عَلَى الشَّطِّ نِهَايَةٌ أَيْ شَطِّ الْبَحْرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ عَلَى نَفْسِ الْبَحْرِ فَلَا كَرَاهَةَ (قَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَهُ) أَيْ تَقْيِيدُ الزِّيَادَةِ بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: وَتَحْرُمُ مِنْ مَاءٍ مَوْقُوفٍ إلَخْ) أَيْ تَحْرُمُ الزِّيَادَةُ عَلَى الثَّلَاثِ مِنْ مَاءٍ مَوْقُوفٍ عَلَى مَنْ يَتَطَهَّرُ بِهِ أَوْ يَتَوَضَّأُ مِنْهُ كَالْمَدَارِسِ وَالرُّبُطِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهَا مُغْنِي وَنِهَايَةٌ.

قَالَ ع ش.

وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا حُرْمَةُ الْوُضُوءِ مِنْ مَغَاطِسِ الْمَسَاجِدِ وَالِاسْتِنْجَاءِ مِنْهَا لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّ الْوَاقِفَ إنَّمَا وَقَفَهُ لِلِاغْتِسَالِ مِنْهُ دُونَ غَيْرِهِ نَعَمْ يَجُوزُ الْوُضُوءُ وَالِاسْتِنْجَاءُ مِنْهَا لِمَنْ يُرِيدُ الْغُسْلَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ سُنَنِهِ وَكَذَا يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ حُرْمَةُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ يَدْخُلُونَ فِي مَحَلِّ الطَّهَارَةِ لِتَفْرِيغِ أَنْفُسِهِمْ ثُمَّ يَغْسِلُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَيْدِيَهُمْ مِنْ مَاءِ الْفَسَاقِيِ الْمُعَدَّةِ لِلْوُضُوءِ لِإِزَالَةِ الْغُبَارِ وَنَحْوِهِ بِلَا وُضُوءٍ وَلَا إرَادَةِ صَلَاةٍ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ حُرْمَةِ مَا ذُكِرَ مَا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِفِعْلِ مِثْلِهِ فِي زَمَنِ الْوَاقِفِ وَيُعْلَمُ بِهِ قِيَاسًا عَلَى مَا قَالُوهُ فِي مَاءِ الصَّهَارِيجِ الْمُعَدَّةِ لِلشُّرْبِ مِنْ أَنَّهُ إذَا جَرَتْ الْعَادَةُ فِي زَمَنِ الْوَاقِفِ بِاسْتِعْمَالِ مَائِهَا لِغَيْرِ الشُّرْبِ وَعَلِمَ بِهِ لَمْ يَحْرُمْ اسْتِعْمَالُهُ فِيمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَنُصَّ الْوَاقِفُ عَلَيْهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَيْ بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ) أَيْ أَوْ أَطْلَقَ فَلَوْ زَادَ عَلَيْهَا بِنِيَّةِ التَّبَرُّدِ أَوْ مَعَ قَطْعِ نِيَّةِ الْوُضُوءِ عَنْهَا لَمْ يُكْرَهْ مُغْنِي (قَوْلُهُ: الْمَنْدُوبُ) نَائِبُ فَاعِلِ لَمْ يُعْطَ وَقَوْلُهُ مِمَّا وُقِفَ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِهِ أَيْ بِلَمْ يُعْطَ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يُعْطَ الْمَنْدُوبُ إلَخْ) أَيْ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُعْطِيَ الزَّائِدَ عَلَى الْفَرْضِ لِلْمَيِّتِ مِنْ الْمَوْقُوفِ لِلْأَكْفَانِ مَعَ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّطَهُّرُ بِالزَّائِدِ عَلَى الْفَرْضِ إلَى الثَّلَاثِ مِنْ الْمَاءِ الْمَوْقُوفِ لِلتَّطَهُّرِ لِلْفَرْقِ الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ إلَخْ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ لِتَفَاهَتِهِ) أَيْ حَقَارَتِهِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَشَرْطُ) إلَى قَوْلِهِ وَيُفَرَّقُ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: حُصُولُ التَّثْلِيثِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي التَّعَدُّدُ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَا

(قَوْلُهُ: وَأَنَّ الْأُولَى أَوْلَى) فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْصُلُ لِمَنْ تَمَّمَ وُضُوءَهُ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظِيرِهِ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ أَنَّ الْوَجْهَ وَالْيَدَ مُتَبَاعِدَانِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَفْرُغَ مِنْ أَحَدِهِمَا ثُمَّ يَنْتَقِلَ إلَى الْآخَرِ وَأَمَّا الْفَمُ وَالْأَنْفُ فَكَعُضْوٍ فَجَازَ تَطْهِيرُهُمَا مَعًا كَالْيَدَيْنِ انْتَهَى وَفِي قَوْلِهِ كَالْيَدَيْنِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ تَثْلِيثَ الْيَدَيْنِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَثْلِيثِ إحْدَاهُمَا قَبْلَ الْأُخْرَى بَلْ لَوْ ثَلَّثَهُمَا مَعًا أَجْزَأَ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ وَهَذَا هُوَ الْمُتَّجَهُ إذْ لَا يُشْتَرَطُ تَرْتِيبٌ بَيْنَ تَطْهِيرِهِمَا.

وَاعْتِبَارُ التَّرْتِيبِ بَيْنَهُمَا بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ دُونَ الْأُولَى مِمَّا لَا وَجْهَ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ:

ص: 231

يَحْصُلُ لِمَنْ تَمَّمَ وُضُوءَهُ ثُمَّ أَعَادَهُ مَرَّتَيْنِ خِلَافًا لِجَمْعٍ مُتَقَدِّمِينَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ مَعَ تَبَاعُدِ غَسْلِ الْأَعْضَاءِ وَبِهِ فَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْفَمِ وَالْأَنْفِ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى مَسْحِ بَعْضِ رَأْسِهِ وَثُلُثُهُ حَصَلَتْ لَهُ سُنَّةُ التَّثْلِيثِ كَمَا شَمِلَهُ الْمَتْنُ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُهُمْ لَا يُحْسَبُ تَعَدُّدٌ قَبْلَ تَمَامِ الْعُضْوِ؛ مَفْرُوضٌ فِي عُضْوٍ يَجِبُ اسْتِيعَابُهُ بِالتَّطْهِيرِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حُسْبَانِ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ قَبْلَ الْفَرْضِ بِأَنَّ هَذَا غَسْلُ مَحَلٍّ آخَرَ قَصَدَ تَطْهِيرَهُ لِذَاتِهِ فَلَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى سَبْقِ غَيْرِهِ لَهُ وَذَاكَ تَكْرِيرُ غَسْلِ الْأَوَّلِ فَتَوَقَّفَ عَلَى وُجُودِ الْأُولَى إذْ لَا يَحْصُلُ التَّكْرِيرُ إلَّا حِينَئِذٍ (وَيَأْخُذُ الشَّاكُّ) فِي اسْتِيعَابٍ أَوْ عَدَدٍ (بِالْيَقِينِ) وُجُوبًا فِي الْوَاجِبِ وَنَدْبًا فِي الْمَنْدُوبِ وَلَوْ فِي الْمَاءِ الْمَوْقُوفِ نَعَمْ يَكْفِي ظَنُّ اسْتِيعَابِ الْعُضْوِ بِالْغَسْلِ، وَإِنْ لَمْ يَتَيَقَّنْهُ كَمَا بَيَّنْتُهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِ الْوُقُوعِ فِي رَابِعَةٍ، وَهِيَ بِدْعَةٌ؛ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ بِدْعَةً إلَّا مَعَ التَّحَقُّقِ (وَمَسَحَ كُلَّ رَأْسِهِ) لِلِاتِّبَاعِ إذْ هُوَ أَكْثَرُ مَا وَرَدَ فِي صِفَةِ وُضُوئِهِ صلى الله عليه وسلم وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مُوجِبِهِ وَالْأَفْضَلُ فِي كَيْفِيَّتِهِ أَنْ يَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى مُقَدَّمِ رَأْسِهِ مُلْصِقًا مُسَبِّحَتَهُ بِالْأُخْرَى وَإِبْهَامَهُ بِصُدْغَيْهِ، وَيَذْهَبُ بِهِمَا لِقَفَاهُ ثُمَّ إنْ انْقَلَبَ شَعْرُهُ رَدَّهُمَا لِمَبْدَئِهِ لِيَصِلَ الْمَاءُ لِجَمِيعِهِ وَمِنْ ثَمَّ كَانَا مَرَّةً وَفَارَقَا نَظِيرَهُمَا فِي السَّعْيِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّ قَطْعُ الْمَسَافَةِ وَإِلَّا لِنَحْوِ ضَفْرِهِ أَوْ طُولِهِ فَلَا لِصَيْرُورَةِ الْمَاءِ مُسْتَعْمَلًا أَيْ لِاخْتِلَاطِ بَلَلِهِ بِبَلَلِ يَدِهِ الْمُنْفَصِلِ عَنْهُ حُكْمًا بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِيَةِ

يَحْصُلُ) إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ اقْتَصَرَ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَعَادَهُ إلَخْ) وَحُكْمُ هَذِهِ الْإِعَادَةِ الْكَرَاهَةُ كَالزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَاثِ وَكَانَ وَجْهُ عَدَمِ حُرْمَةِ ذَلِكَ أَنَّهُ تَابِعٌ لِلطَّهَارَةِ وَتَتِمَّةٌ لَهَا فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يُقَالُ أَنَّهُ عِبَادَةٌ فَاسِدَةٌ فَتَحْرُمُ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش.

عِبَارَةُ الْبُجَيْرِمِيِّ وَهُوَ مَكْرُوهٌ كَتَجْدِيدِ الْوُضُوءِ قَبْلَ فِعْلِ صَلَاةٍ أَيْ تَنْزِيهًا لَا تَحْرِيمًا خِلَافًا لِابْنِ حَجّ وَعَلَّلَ الْحُرْمَةَ بِأَنَّهُ تَعَاطَى عِبَادَةً فَاسِدَةً وَرَدَّهُ م ر بِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ النَّظَافَةُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَلَمْ يَحْرُمْ نَظَرًا لِلْقَوْلِ بِحُصُولِ التَّثْلِيثِ بِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: مَعَ تَبَاعُدِ غَسْلِ الْأَعْضَاءِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ، فَإِنْ قِيلَ قَدْ مَرَّ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ أَنَّ التَّثْلِيثَ يَحْصُلُ بِذَلِكَ أُجِيبُ بِأَنَّ الْفَمَ وَالْأَنْفَ كَعُضْوٍ وَاحِدٍ فَجَازَ ذَلِكَ فِيهِمَا كَالْيَدَيْنِ بِخِلَافِ الْوَجْهِ وَالْيَدِ مَثَلًا لِتَبَاعُدِهِمَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَفْرُغَ مِنْ أَحَدِهِمَا ثُمَّ يَنْتَقِلَ إلَى الْآخَرِ اهـ.

وَفِي سم بَعْدَ ذِكْرِ مِثْلِهَا عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ مَا نَصُّهُ وَفِي قَوْلِهِ كَالْيَدَيْنِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ تَثْلِيثَ الْيَدَيْنِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَثْلِيثِ إحْدَاهُمَا قَبْلَ الْأُخْرَى بَلْ لَوْ ثَلَّثَهُمَا مَعًا أَيْ أَوْ مُرَتَّبًا أَجْزَأَ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ وَهَذَا هُوَ الْمُتَّجِهُ إذْ لَا يُشْتَرَطُ تَرْتِيبٌ بَيْنَ تَطْهِيرِهِمَا وَاعْتِبَارُ التَّرْتِيبِ بَيْنَهُمَا بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ دُونَ الْأُولَى مِمَّا لَا وَجْهَ لَهَا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ وَأَقَرَّهُ ع ش (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِجَمْعٍ مُتَقَدِّمِينَ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ وَالْفُورَانِيِّ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَبِهِ إلَخْ) أَيْ بِقَوْلِهِ مَعَ تَبَاعُدِ غَسْلِ الْأَعْضَاءِ (قَوْلُهُ وَثَلَّثَهُ) أَيْ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ ع ش وَأَمَّا لَوْ مَسَحَ بَعْضَ رَأْسٍ ثَلَاثًا فِي مَحَالِّ مُتَعَدِّدَةٍ فَنُقِلَ عَنْ الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ التَّثْلِيثُ وَرَدَّهُ وَلَدُهُ الشَّمْسُ م ر وَالرَّدُّ ظَاهِرٌ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ حَصَلَتْ سُنَّةُ التَّثْلِيثِ) فَهَلْ يُسَنُّ بَعْدَ ذَلِكَ مَسْحُ الْبَاقِي وَتَثْلِيثُهُ يَنْبَغِي نَعَمْ سم (قَوْلُهُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ) أَيْ بَيْنَ عَدَمِ حُسْبَانِ التَّثْلِيثِ وَالتَّعَدُّدِ قَبْلَ تَمَامِ الْعُضْوِ الْوَاجِبِ اسْتِيعَابُهُ بِالتَّطْهِيرِ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ التَّثْلِيثُ وَالتَّعَدُّدُ فِي الْعُضْوِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ وُجُوبًا) إلَى قَوْلِهِ أَيْ لِاخْتِلَاطِ بَلَلِهِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَلَوْ فِي الْمَاءِ إلَى وَلَا نَظَرَ وَقَوْلُهُ وَفَارَقَا إلَى وَإِلَّا (قَوْلُهُ: وُجُوبًا فِي الْوَاجِبِ وَنَدْبًا إلَخْ) فَلَوْ شَكَّ فِي اسْتِيعَابِ عُضْوٍ وَجَبَ عَلَيْهِ اسْتِيعَابُهُ أَوْ هَلْ غَسَلَ ثَلَاثًا أَوْ اثْنَتَيْنِ جَعَلَهُ اثْنَتَيْنِ وَغَسَلَ ثَالِثَةً شَرْحُ بَافَضْلٍ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَكْفِي ظَنُّ إلَخْ) أَيْ فَيُسْتَثْنَى هَذَا مِنْ قَوْلِهِمْ الْمُرَادُ بِالشَّكِّ فِي أَبْوَابِ الْفِقْهِ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ ع ش.

(قَوْلُهُ: وَلَا نَظَرَ إلَخْ) رَدٌّ لِمَا قِيلَ لَا يَأْخُذُ بِالْأَكْثَرِ حَذَرًا مِنْ أَنْ يَزِيدَ رَابِعَةً فَإِنَّهَا بِدْعَةٌ وَتَرْكُ سُنَّةٍ أَهْوَنُ مِنْ ارْتِكَابِ بِدْعَةٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا إلَخْ) عِلَّةٌ لِعَدَمِ النَّظَرِ (قَوْلُهُ: إلَّا مَعَ التَّحَقُّقِ) أَيْ عِنْدَ الْعِلْمِ بِكَوْنِهَا رَابِعَةً شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلْعِلَّةِ (قَوْلُهُ: وَخُرُوجًا) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ لِلِاتِّبَاعِ (قَوْلُهُ مِنْ خِلَافِ مُوجِبِهِ) أَيْ كَالْإِمَامِ مَالِكٍ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ انْقَلَبَ شَعْرُهُ إلَخْ) يَنْبَغِي إذَا لَمْ يَنْقَلِبْ لِطُولِهِ أَنْ يَتَوَقَّفَ تَمَامُ الْأُولَى عَلَى مَسْحِ الْجِهَةِ الَّتِي انْقَلَبَ الشَّعْرُ عَلَيْهَا إلَى جِهَةِ الْقَفَا؛ لِأَنَّ الِاسْتِيعَابَ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ حِينَئِذٍ سم (قَوْلُهُ: لِمَبْدَئِهِ) أَيْ مَبْدَأِ الْوَضْعِ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَى الْمَكَانِ الَّذِي ذَهَبَ مِنْهُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الرَّدَّ لِأَجْلِ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: كَانَا مَرَّةً) أَيْ كَانَ الذَّهَابُ وَالرَّدُّ مَسْحَةً وَاحِدَةً مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَفَارَقَا) أَيْ الذَّهَابُ وَالْعَوْدُ هُنَا نَظِيرَهَا فِي السَّعْيِ أَيْ حَيْثُ يُحْسَبُ كُلٌّ مِنْ الذَّهَابِ وَالْعَوْدِ فِي السَّعْيِ مَرَّةً (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَنْقَلِبْ شَعْرُهُ (قَوْلُهُ لِنَحْوِ ضَفْرِهِ) أَيْ أَوْ عَدَمِهِ وَقِصَرِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ فَلَا إلَخْ) أَيْ فَلَا يَرُدَّ إذْ لَا فَائِدَةَ لَهُ، فَإِنْ رَدَّ لَمْ تُحْسَبْ ثَانِيَةً لِصَيْرُورَةِ إلَخْ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ لِصَيْرُورَةِ الْمَاءِ مُسْتَعْمَلًا) تَأَمَّلْهُ مَعَ قَوْلِهِ آنِفًا فَبَحَثَ أَنَّهُ لَوْ رَدَّ إلَخْ انْتَهَى بَصْرِيٌّ وَمَرَّ هُنَاكَ جَوَابُهُ (قَوْلُهُ: بَلَلَهُ) أَيْ بَلَلَ شَعْرِهِ وَ (قَوْلُهُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الشَّعْرِ أَوْ بَلَلِهِ (قَوْلُهُ: لِلثَّانِيَةِ) أَيْ

ثُمَّ أَعَادَهُ) وَحُكْمُ هَذِهِ الْإِعَادَةِ الْكَرَاهَةُ كَالزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَاثِ وَكَأَنَّ عَدَمُ حُرْمَةِ ذَلِكَ أَنَّهُ تَابِعٌ لِلطَّهَارَةِ وَتَتِمَّةٌ لَهَا فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يُقَالُ إنَّهُ عِبَادَةٌ فَاسِدَةٌ فَتَحْرُمُ.

(قَوْلُهُ: حَصَلَتْ لَهُ سُنَّةُ التَّثْلِيثِ) فَهَلْ يُسَنُّ بَعْدَ ذَلِكَ مَسْحُ الْبَاقِي وَتَثْلِيثُهُ يَنْبَغِي نَعَمْ (قَوْلُهُ: وَمَسْحُ كُلِّ رَأْسِهِ) أَفْتَى الْقَفَّالُ بِأَنَّهُ يُسَنُّ لِلْمَرْأَةِ مَسْحُ ذَوَائِبِهَا الْمُسْتَرْسِلَةِ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا حَكَى اسْتِدْلَالَ الْمُخَالِفِينَ عَلَى عَدَمِ سَنِّ مَسْحِ أَسْفَلِ الْخُفِّ بِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلًّا لِلْفَرْضِ فَلَمْ يُسَنَّ كَالسَّاقِ قَالَ وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى السَّاقِ فَجَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدِهِمَا: أَنَّهُ لَيْسَ بِمُحَاذٍ لِلْفَرْضِ فَلَمْ يُسَنَّ مَسْحُهُ كَالذُّؤَابَةِ النَّازِلَةِ عَنْ حَدِّ الرَّأْسِ بِخِلَافِ أَسْفَلِهِ فَإِنَّهُ مُحَاذٍ مَحَلَّ الْفَرْضِ فَهُوَ كَشَعْرِ الرَّأْسِ الَّذِي لَمْ يَنْزِلْ عَنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ اهـ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ إطَالَةَ التَّحْجِيلِ غَيْرُ مَسْنُونٍ لِمَاسِحِ الْخُفِّ (قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ انْقَلَبَ شَعْرُهُ) يَنْبَغِي إذَا لَمْ يَنْقَلِبْ لِطُولِهِ أَنْ يَتَوَقَّفَ تَمَامُ الْأُولَى عَلَى مَسْحِ الْجِهَةِ الَّتِي انْقَلَبَ الشَّعْرُ عَلَيْهَا إلَى جِهَةِ الْقَفَا؛ لِأَنَّ الِاسْتِيعَابَ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ حِينَئِذٍ

ص: 232

وَلِضَعْفِ الْبَلَلِ أَثَّرَ فِيهِ أَدْنَى اخْتِلَاطٍ فَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ مِنْ التَّقْدِيرِ فِي اخْتِلَاطِ الْمُسْتَعْمَلِ بِغَيْرِهِ، وَيَقَعُ أَقَلُّ مُجْزِئٍ هُنَا وَفِي سَائِرِ نَظَائِرِهِ كَزِيَادَةِ نَحْوِ قِيَامِ الْفَرْضِ عَلَى الْوَاجِبِ إلَّا بَعِيرَ الزَّكَاةِ لِتَعَذُّرِ تَجَزُّئِهِ فَرْضًا وَالْبَاقِي نَفْلًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ تَنَاقُضٍ فِيهِ بَيَّنْتُهُ بِمَا فِيهِ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَعَلَى وُقُوعِ الْكُلِّ فَرْضًا فَمَعْنَى عَدِّهِمْ لَهُ مِنْ السُّنَنِ أَنَّهُ بِاعْتِبَارِ فِعْلِ الِاسْتِيعَابِ فَإِذَا فَعَلَهُ وَقَعَ وَاجِبًا

(ثُمَّ) مَسَحَ جَمِيعَ (أُذُنَيْهِ) ظَاهِرَهُمَا وَبَاطِنَهُمَا بِبَاطِنِ أُنْمُلَتَيْ سَبَّابَتَيْهِ وَإِبْهَامَيْهِ بِمَاءٍ غَيْرِ مَاءِ الرَّأْسِ وَمَسَحَ صِمَاخَيْهِمَا بِطَرَفَيْ سَبَّابَتَيْهِ بِمَاءٍ جَدِيدٍ أَيْضًا لِلِاتِّبَاعِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ نَعَمْ مَاءُ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ مِنْ مَاءِ الرَّأْسِ يُحَصِّلُ أَصْلَ سُنَّةِ مَسْحِهِمَا؛ لِأَنَّهُ طَهُورٌ وَأَفَادَتْ ثَمَّ إلْغَاءَ تَقْدِيمِهِمَا عَلَى مَسْحِ الرَّأْسِ فَيُسَنُّ فِعْلُهُمَا بَعْدَهُ (فَإِنْ عَسُرَ رَفْعُ الْعِمَامَةِ) أَوْ نَحْوِ الْقَلَنْسُوَةِ أَوْ الْخِمَارِ أَوْ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ نَعَمْ قَدْ يُوَجَّهُ تَقْيِيدُهُ بِأَنَّ سَبَبَهُ تَوَقُّفُ الْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ عَلَيْهِ (كَمَّلَ بِالْمَسْحِ عَلَيْهَا)

الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ الْحَاصِلَةِ بِالرَّدِّ (قَوْلُهُ وَلِضَعْفِ الْبَلَلِ إلَخْ) لَا يَخْفَى إشْكَالُهُ مَعَ قَاعِدَةِ أَنَّا لَا نَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ بِالشَّكِّ وَمَعَ أَنَّ الْفَرْضَ أَقَلُّ مُجْزِئٍ وَمَاؤُهُ يَسِيرٌ جِدًّا بِالنِّسْبَةِ لِمَاءِ الْبَاقِي فَالْغَالِبُ أَنَّهُ لَا يُغَيِّرُ لَوْ قُدِّرَ مُخَالِفًا وَسَطًا فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش.

وَقَدْ يُقَالُ إنَّ صَاحِبَ الْقَوْلِ الرَّاجِحِ لَا يَقْطَعُ نَظَرَهُ عَنْ الْمَرْجُوحِ وَهُوَ كَمَا يَأْتِي أَنَّ مَسْحَ الرَّأْسِ يَقَعُ كُلُّهُ فَرْضًا (قَوْلُهُ: وَيَقَعُ) إلَى قَوْلِهِ مِنْ تَنَاقُضٍ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: كَزِيَادَةِ نَحْوِ قِيَامِ الْفَرْضِ) أَيْ كَتَطْوِيلِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْقِيَامِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: إلَّا بَعِيرَ الزَّكَاةِ) أَيْ الْمُخْرَجَ عَنْهَا دُونَ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَعَلَى وُقُوعِ الْكُلِّ فَرْضًا) أَيْ الْمَرْجُوحِ وَ (قَوْلُهُ لَهُ) أَيْ لِمَسْحِ الْكُلِّ (وَقَوْلُهُ فَإِذَا فَعَلَهُ وَقَعَ وَاجِبًا) قَدْ يُقَالُ إنْ كَانَ الْوَاجِبُ مُطْلَقَ مَسْحِ الرَّأْسِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا فَوَاضِحٌ أَوْ مَسْحَ الْبَعْضِ فَمَحَلُّ تَأَمُّلٍ بَصْرِيٌّ

قَوْلُ الْمَتْنِ (ثُمَّ أُذُنَيْهِ) اعْلَمْ أَنَّ اسْتِحْبَابَ مَسْحِهِمَا غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِاسْتِيعَابِ مَسْحِ جَمِيعِ الرَّأْسِ وَمَنْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ مُتَمَسِّكًا بِذِكْرِهِمْ ذَلِكَ عَقِبَ مَسْحِ كُلِّهَا فَقَدْ وَهَمَ نِهَايَةٌ زَادَ سم بَلْ تَرْتِيبُ مَسْحِهِمَا عَلَى قَوْلِهِ وَمَسَحَ كُلَّ رَأْسِهِ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ أَصْلِ مَسْحِهَا نَعَمْ يَبْقَى الْكَلَامُ فِيمَا لَوْ أَرَادَ مَسْحَ جَمِيعِ رَأْسِهِ فَمَسَحَ بَعْضَ رَأْسِهِ ثُمَّ أُذُنَيْهِ فَهَلْ يَفُوتُ سُنَّةُ تَعْمِيمِ الرَّأْسِ بِالْمَسْحِ فِيهِ نَظَرٌ وَقِيَاسُ مَا قُلْنَا الْفَوَاتُ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ يُسَنُّ مَسْحُ الرَّأْسِ ثَلَاثًا قَبْلَ مَسْحِ الْأُذُنِ وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى طَرِيقِ الْمَجْمُوعِ فِي تَقْدِيمِ الِاسْتِنْشَاقِ أَمَّا عَلَى طَرِيقِ الرَّوْضَةِ فِيهِ فَلَا إشْكَالَ هُنَا فِي حُسْبَانِ مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ وَفَوَاتِ بَقِيَّةِ الرَّأْسِ اهـ.

(قَوْلُهُ: ظَاهِرُهُمَا وَبَاطِنُهُمَا) وَالْمُرَادُ بِظَاهِرِهِمَا مَا يَلِي الرَّأْسَ وَبِبَاطِنِهِمَا مَا يَلِي الْوَجْهَ شَيْخُنَا وَبُجَيْرِمِيٌّ فَقَوْلُهُ (سَبَّابَتَيْهِ وَإِبْهَامَيْهِ) نَشْرٌ لَا عَلَى تَرْتِيبِ اللَّفِّ (قَوْلُهُ بِمَاءٍ غَيْرِ مَاءِ الرَّأْسِ) أَيْ لِيَحْصُلَ الْأَكْمَلُ وَإِلَّا فَأَصْلُ السُّنَّةِ يَحْصُلُ بِبَلَلِ الرَّأْسِ فِي الْمَسْحَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ بِخِلَافِ الْأُولَى شَرْحُ بَافَضْلٍ وَشَيْخُنَا، وَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ (قَوْلُهُ بِمَاءٍ جَدِيدٍ إلَخْ) أَيْ غَيْرِ مَاءِ الرَّأْسِ وَالْأُذُنَيْنِ لِيَحْصُلَ الْأَفْضَلُ فَلَوْ مَسَحَهُمَا بِمَائِهِمَا حَصَلَ أَصْلُ السُّنَّةِ شَرْحُ بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ وَمَسَحَ صِمَاخَيْهِمَا إلَخْ) ثُمَّ يُلْصِقُ كَفَّيْهِ وَهُمَا مَبْلُولَتَانِ بِالْأُذُنَيْنِ اسْتِظْهَارًا إقْنَاعٌ وَشَرْحُ بَافَضْلٍ وَيُسَنُّ غَسْلُ الْأُذُنَيْنِ ثَلَاثًا مَعَ الْوَجْهِ لِمَا قِيلَ إنَّهُمَا مِنْهُ وَمَسْحُهُمَا مَعَ الرَّأْسِ ثَلَاثًا لِمَا قِيلَ إنَّهُمَا مِنْهُ وَمَسْحُهُمَا ثَلَاثًا اسْتِقْلَالًا لِكَوْنِهِمَا عُضْوَيْنِ مُسْتَقِلَّيْنِ عَلَى الرَّاجِحِ وَإِلْصَاقُ كَفَّيْهِ مَبْلُولَتَيْنِ بِهِمَا ثَلَاثًا اسْتِظْهَارًا فَجُمْلَةُ مَا فِيهِمَا اثْنَتَا عَشْرَةَ مَرَّةً شَيْخُنَا وَقَلْيُوبِيٌّ (قَوْلُهُ وَأَفَادَتْ ثَمَّ إلْغَاءَ تَقْدِيمِهِمَا إلَخْ) وَلَا يُشْتَرَطُ التَّرْتِيبُ فِي أَخْذِ الْمَاءِ لِمَسْحِ الرَّأْسِ وَمَسْحِ الْأُذُنَيْنِ فَلَوْ بَلَّ أَصَابِعَهُ وَمَسَحَ رَأْسَهُ بِبَعْضِهَا وَمَسَحَ أُذُنَيْهِ بِبَاقِيهَا كَفَى مُغْنِي وَشَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فَيُسَنُّ فِعْلُهُمَا إلَخْ) أَيْ يُشْتَرَطُ لِحُصُولِ السُّنَّةِ تَأْخِيرُهُمَا عَنْ مَسْحِ الرَّأْسِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَشَيْخُنَا (قَوْلُهُ أَوْ نَحْوِ الْخِمَارِ) إلَى قَوْلِهِ وَالْخَبَرُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ نَعَمْ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوِ الْقَلَنْسُوَةِ) بِضَمِّ السِّينِ عِرْقِيَّةٌ مَحْشِيَّةٌ بِقُطْنٍ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ) أَيْ، وَإِنْ سَهُلَ شَرْحُ بَافَضْلٍ فَالتَّعْبِيرُ بِالْعُسْرِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: نَعَمْ قَدْ يُوَجَّهُ إلَخْ) وَيُبْعِدُ هَذَا التَّوْجِيهُ عَدَمَ ذِكْرِ الْخِلَافِ هُنَا وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْخِلَافِ هُنَا خِلَافُ مُوجِبِ الِاسْتِيعَابِ عِنْدَ عَدَمِ الْعُذْرِ (قَوْلُهُ تَقْيِيدُهُ) أَيْ تَقْيِيدُ التَّكْمِيلِ بِالْعُسْرِ بِأَنَّ سَبَبَهُ أَيْ سَبَبَ التَّقْيِيدِ (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) أَيْ الْعُسْرِ قَوْلُ الْمَتْنِ (كَمَّلَ بِالْمَسْحِ إلَخْ) وَأَفْتَى الْقَفَّالُ بِأَنَّهُ يُسَنُّ لِلْمَرْأَةِ اسْتِيعَابُ

قَوْلُهُ: وَلِضَعْفِ الْبَلَلِ إلَخْ) لَا يَخْفَى إشْكَالُهُ مَعَ قَاعِدَةِ أَنَّا لَا نَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ بِالشَّكِّ وَمَعَ أَنَّ الْفَرْضَ أَقَلُّ مُجْزِئٍ وَمَاؤُهُ يَسِيرُ جِدًّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْبَاقِي فَالْغَالِبُ أَنَّهُ لَا يُغَيِّرُ لَوْ قُدِّرَ مُخَالِفًا وَسَطًا فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: ثُمَّ أُذُنَيْهِ) قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ تَرْتِيبِهِ عَلَى قَوْلِهِ وَمَسْحُ كُلِّ رَأْسِهِ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى مَسْحِ بَعْضِ رَأْسِهِ لَمْ يُسَنَّ مَسْحُهُمَا حِينَئِذٍ فَلَا تَحْصُلُ سُنَّةُ مَسْحِهِمَا، وَهُوَ فَاسِدٌ بَلْ تَرْتِيبُ مَسْحِهِمَا عَلَى قَوْلِهِ وَمَسْحُ كُلِّ رَأْسِهِ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ أَصْلِ مَسْحِهِمَا نَعَمْ يَبْقَى الْكَلَامُ فِيمَا لَوْ أَرَادَ مَسْحَ جَمِيعِ رَأْسِهِ فَمَسَحَ بَعْضَ رَأْسِهِ ثُمَّ أُذُنَيْهِ فَهَلْ تَفُوتُ سُنَّةُ تَعْمِيمِ الرَّأْسِ بِالْمَسْحِ فِيهِ نَظَرٌ وَقِيَاسُ مَا قُلْنَا الْفَوَاتُ وَقَدْ يُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ يُسَنُّ مَسْحُ الرَّأْسِ ثَلَاثًا قَبْلَ مَسْحِ الْأُذُنِ وَلَا يَسَعُ أَحَدًا أَنْ يَقُولَ إنَّهُ لَوْ مَسَحَ الْأُذُنَيْنِ بَعْدَ مَسْحِ الرَّأْسِ مَرَّةً وَاحِدَةً لَمْ يَجُزْ لِمُنَافَاةِ ذَلِكَ لِإِطْلَاقِ إجْزَاءِ الْوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً وَمَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ كَمَا صَحَّ عَنْهُ عليه الصلاة والسلام وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى طَرِيقِ الْمَجْمُوعِ فِي تَقْدِيمِ الِاسْتِنْشَاقِ أَمَّا عَلَى طَرِيقِ الرَّوْضَةِ فِيهِ فَلَا إشْكَالَ هُنَا فِي حُسْبَانِ مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ وَفَوَاتِ بَقِيَّةِ الرَّأْسِ (قَوْلُهُ: كَمَّلَ بِالْمَسْحِ عَلَيْهَا) فِي شَرْحِ م ر وَمُقْتَضَى

ص: 233

وَإِنْ لَمْ يَضَعْهَا عَلَى طُهْرٍ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «مَسَحَ نَاصِيَتَهُ وَعَلَى عِمَامَتِهِ» وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: كَمَّلَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي الْمَسْحُ عَلَيْهَا اسْتِقْلَالًا وَالْخَبَرُ الْمُقْتَصِرُ عَلَيْهِ فِيهِ اخْتِصَارٌ بِدَلِيلِ الْخَبَرِ الْأَوَّلِ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَقْتَصِرَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ الرُّبُعِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مُوجِبِهِ، وَإِنْ قِيلَ لَا وَجْهَ لَهُ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُمْ إنَّ التَّكْمِيلَ بِالْمَسْحِ عَلَيْهَا رُخْصَةٌ أَنَّ شَرْطَهُ أَنْ يَتَعَدَّى بِلُبْسِهَا مِنْ حَيْثُ اللُّبْسُ كَأَنْ لَبِسَهَا مُحْرِمٌ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ كَمَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْمَسْحُ عَلَى خُفٍّ كَذَلِكَ

(وَتَخْلِيلُ) مَا يَجِبُ غَسْلُ ظَاهِرِهِ فَقَطْ مِنْ نَحْوِ الْعَارِضِ وَ (اللِّحْيَةِ الْكَثَّةِ) مِنْ الذَّكَرِ وَالْأَفْضَلُ كَوْنُهُ بِأَصَابِعَ يُمْنَاهُ وَمِنْ أَسْفَلَ وَبِغُرْفَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ وَعَرْكِ عَارِضَيْهِ لِلِاتِّبَاعِ وَمَرَّ سَنُّ تَثْلِيثِهِ وَوَاضِحٌ أَنَّهُ لَا يُكْمِلُ إلَّا بِتَعَدُّدِ غَرَفَاتِهِ ثَلَاثًا خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ قَالَ إنَّ مَاءَ النَّفْلِ مُسْتَعْمَلٌ وَيُقَاسُ بِهِ غَيْرُهُ فِي ذَلِكَ وَيُخَلِّلُهَا الْمُحْرِمُ نَدْبًا بِرِفْقٍ أَيْ وُجُوبًا إنْ ظَنَّ أَنَّهُ يَحْصُلُ مِنْهُ انْفِصَالُ شَيْءٍ وَإِلَّا فَنَدْبًا (وَ) تَخْلِيلُ (أَصَابِعِهِ) الْيَدَيْنِ بِالتَّشْبِيكِ وَالرِّجْلَيْنِ بِأَيِّ كَيْفِيَّةٍ كَانَ

مَسْحِ رَأْسِهَا وَمَسْحِ ذَوَائِبِهَا الْمُسْتَرْسِلَةِ تَبَعًا وَأَلْحَقَ غَيْرُهُ ذَوَائِب الرَّجُلِ بِذَوَائِبِهَا فِي ذَلِكَ لَكِنْ جَزَمَ فِي الْمَجْمُوعِ بِعَدَمِ اسْتِحْبَابِ مَسْحِ الذَّوَائِبِ نِهَايَةٍ أَيْ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ قَالَ سم عَلَى حَجّ أَنَّ هَذَا أَيْ مَا فِي الْمَجْمُوعِ عُرِضَ عَلَى م ر بَعْدَ كَلَامِ الْقَفَّالِ فَرَجَعَ إلَيْهِ ع ش وَفِي الْكُرْدِيِّ إنَّ الْإِمْدَادَ أَقَرَّ إفْتَاءَ الْقَفَّالِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ وَزَادَ الْإِيعَابُ، وَإِنْ خَرَجَ عَنْ حَدِّ الرَّأْسِ بِحَيْثُ لَا يُجْزِئُ مَسْحُهُ اهـ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا فَقَالَ وَيُسَنُّ مَسْحُ الذَّوَائِبِ الْمُسْتَرْسِلَةِ، وَإِنْ جَاوَزَتْ حَدَّ الرَّأْسِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَضَعْهَا إلَخْ) وَفَارَقَتْ الْخُفَّ بِأَنَّهُ بَدَلٌ وَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ إجْزَاءُ الْمَسْحِ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ تَحْتَهَا عِرْقِيَّةٍ وَنَحْوُهَا وَيُؤَيِّدُهُ مَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ إجْزَاءِ الْمَسْحِ عَلَى الطَّيْلَسَانِ نِهَايَةٌ وَسَمِّ وَشَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لَا يَكْفِي الْمَسْحُ عَلَيْهَا إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ لَا يَكْفِي الِاقْتِصَارُ عَلَى الْعِمَامَةِ، وَإِنْ سَقَطَ مَسْحُ الرَّأْسِ لِنَحْوِ عِلَّةٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَظَاهِرُ تَعْبِيرِهِمْ بِالتَّكْمِيلِ أَنَّ الْمَسْحَ عَلَيْهَا مُتَأَخِّرٌ عَنْ مَسْحِ الرَّأْسِ وَيُحْتَمَلُ غَيْرُهُ، وَأَنَّهُ يَمْسَحُ مَا عَدَا مُقَابِلَ الْمَمْسُوحِ مِنْ الرَّأْسِ، وَيَكُونُ بِهِ مُحَصِّلًا لِلسُّنَّةِ اهـ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا أَنَّهُ اسْتَظْهَرَ عَدَمَ اشْتِرَاطِ التَّأَخُّرِ عَنْ مَسْحِ الرَّأْسِ وَأَقَرَّ سم مَا فِي النِّهَايَةِ، وَيَأْتِي عَنْ شَيْخِنَا مَا يُوَافِقُهُ وَكَلَامُ الشَّارِحِ يُفِيدُ الْحُكْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ أَيْ عَدَمَ كِفَايَةِ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْعِمَامَةِ وَاشْتِرَاطَ التَّأَخُّرِ عَنْ مَسْحِ الرَّأْسِ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَقْتَصِرَ إلَخْ) لَا يَظْهَرُ مُنَاسَبَةُ ذِكْرِهِ هُنَا بَلْ مَوْقِعُهُ شَرْحُ وَمَسَحَ كُلَّ رَأْسِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا رَاجِعًا إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: مِنْ خِلَافِ مُوجِبِهِ) أَيْ كَأَبِي حَنِيفَةَ (قَوْلُهُ: أَنَّ شَرْطَهُ إلَخْ) وَلِلتَّكْمِيلِ شُرُوطٌ خَمْسَةٌ الْأَوَّلُ أَنْ يَمْسَحَ الْوَاجِبَ مِنْ الرَّأْسِ قَبْلَ مَسْحِ مَا عَلَيْهَا مِنْ نَحْوِ الْعِمَامَةِ خِلَافًا لِلْعَلَّامَةِ الْخَطِيبِ الثَّانِي: أَنْ لَا يَمْسَحَ الْمُحَاذِي لِمَا مَسَحَهُ مِنْ الرَّأْسِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ قَالَ الْمُحَشِّي إنَّ مَسْحَ جَمِيعِ الْعِمَامَةِ أَكْمَلُ الثَّالِثُ أَنْ لَا يَرْفَعَ يَدَهُ بَعْدَ مَسْحِ الْوَاجِبِ مِنْ الرَّأْسِ وَقَبْلَ أَنْ يُكْمِلَ عَلَى نَحْوِ الْعِمَامَةِ وَإِلَّا احْتَاجَ إلَى مَاءٍ جَدِيدٍ فَهُوَ شَرْطٌ لِلتَّكْمِيلِ بِالْمَاءِ الْأَوَّلِ الرَّابِعُ أَنْ لَا يَكُونَ عَاصِيًا بِاللُّبْسِ لِذَاتِهِ كَأَنْ لَبِسَهَا مُحْرِمٌ لَا لِعُذْرٍ فَيَمْتَنِعُ التَّكْمِيلُ بِخِلَافِهِ لِعَارِضٍ كَأَنْ كَانَ غَاصِبًا لَهَا فَيُكْمِلُ الْخَامِسُ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى نَحْوِ الْعِمَامَةِ نَجَاسَةٌ مَعْفُوٌّ عَنْهَا كَدَمِ بَرَاغِيثَ شَيْخُنَا وَكَذَا فِي الْبُجَيْرِمِيِّ إلَّا أَنَّهُ ذَكَرَ الشَّرْطَ الثَّانِيَ عَنْ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ الْحِفْنِيِّ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِذَلِكَ حَقِيقَةَ الِاشْتِرَاطِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي تَأْدِيَةِ السُّنَّةِ مَسْحُهُ كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُ م ر اهـ.

(قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ لُبْسُهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ

(قَوْلُهُ: مَا يَجِبُ) إلَى قَوْلِهِ وَبِغَرْفَةٍ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: مَا يَجِبُ غَسْلُ ظَاهِرِهِ فَقَطْ إلَخْ) أَمَّا الشَّعْرُ الْخَفِيفُ أَوْ الْكَثِيفُ الَّذِي فِي حَدِّ الْوَجْهِ مِنْ لِحْيَةِ غَيْرِ الرَّجُلِ وَعَارِضِهِ فَيَجِبُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ وَمَنَابِتِهِ بِتَخْلِيلٍ أَوْ غَيْرِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: مِنْ نَحْوِ الْعَارِضِ) أَيْ الْكَثِيفِ سم (قَوْلُهُ وَعَرْكِ عَارِضَيْهِ) أَيْ يُسَنُّ دَلْكُهُمَا (قَوْلُهُ وَمَرَّ) أَيْ فِي شَرْحِ وَالْمَسْحُ سُنَّ تَثْلِيثُهُ أَيْ التَّخْلِيلِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ) أَيْ تَثْلِيثُ التَّخْلِيلِ وَكَذَا ضَمِيرُ أَوْ بِهِ وَغَيْرِهِ، وَيَجُوزُ إرْجَاعُهُمَا لِلتَّخْلِيلِ وَ (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي تَوَقُّفِ الْكَمَالِ عَلَى مَاءٍ جَدِيدٍ (قَوْلُهُ: وَيُخَلِّلُهَا الْمُحْرِمُ إلَخْ) وِفَاقًا لِلْمُغْنِي وَخِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالزِّيَادِيِّ.

وَمَالَ إلَيْهَا شَيْخُنَا ثُمَّ قَالَ وَحُمِلَ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى التَّخْلِيلِ تَسَاقُطُ شَعْرِهِ وَالثَّانِي عَلَى خِلَافِهِ وَهَذَا جَمْعٌ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ: وُجُوبًا) مُتَعَلِّقٌ بِالرِّفْقِ وَكَذَا قَوْلُهُ: نَدْبًا بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: الْيَدَيْنِ) إلَى قَوْلِهِ وَيُسَنُّ فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى قَوْلِهِ مُجْرِيًا فِي الْمُغْنِي إلَّا مَا أُبَيِّنُهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: الْيَدَيْنِ) أَيْ أَصَابِعَ الْيَدَيْنِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: بِالتَّشْبِيكِ) الْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ بِأَيِّ كَيْفِيَّةٍ كَانَ

إطْلَاقِهِمْ إجْزَاءَ الْمَسْحِ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ تَحْتَهَا عِرْقِيَّةٌ وَنَحْوُهَا وَيُؤَيِّدُهُ مَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ إجْزَاءِ الْمَسْحِ عَلَى الطَّيْلَسَانِ وَأَفْتَى الْقَفَّالُ بِأَنَّهُ يُسَنُّ لِلْمَرْأَةِ اسْتِيعَابُ مَسْحِ رَأْسِهَا وَمَسْحِ ذَوَائِبِهَا الْمُسْتَرْسِلَةِ تَبَعًا وَأَلْحَقَ غَيْرُهُ ذَوَائِبَ الرَّجُلِ بِذَوَائِبِهَا فِي ذَلِكَ وَظَاهِرُ تَعْبِيرِهِمْ بِالتَّكْمِيلِ أَنَّ الْمَسْحَ عَلَيْهَا مُتَأَخِّرٌ عَنْ مَسْحِ الرَّأْسِ وَيُحْتَمَلُ غَيْرُهُ، وَأَنَّهُ يَمْسَحُ مَا عَدَا مُقَابِلَ الْمَمْسُوحِ مِنْ الرَّأْسِ، وَيَكُونُ بِهِ مُحَصِّلًا لِلسُّنَّةِ اهـ وَتَقَدَّمَ عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ خِلَافُ مَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ فِي الذَّوَائِبِ وَعُرِضَ عَلَى م ر فَرَجَعَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَضَعْهَا عَلَى طُهْرٍ) وَفَارَقَتْ الْخُفَّ بِأَنَّهُ بَدَلٌ (قَوْلُهُ: كَمَّلَ) هَلْ يُعْتَدُّ بِالْمَسْحِ عَلَيْهَا قَبْلَ مَسْحِ بَعْضِ الرَّأْسِ فِيهِ نَظَرٌ وَقَوْلُهُ كَمَّلَ يُفْهِمُ الْمَنْعَ وَعَلَيْهِ فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إجْزَاءِ غَسْلِ مَا زَادَ عَلَى الْوَاجِبِ مِنْ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ مَثَلًا قَبْلَهُ لَائِحٌ؛ لِأَنَّ ذَاكَ أَصْلِيٌّ فِي الطَّهَارَةِ بِخِلَافِ هَذَا

(قَوْلُهُ: وَتَخْلِيلُ) قَالَ فِي الرَّوْضِ لَا لِمُحْرِمٍ اهـ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ م ر (قَوْلُهُ: الْعَارِضُ) أَيْ الْكَثِيفِ (قَوْلُهُ بِالتَّشْبِيكِ إلَخْ)

ص: 234

وَالْأَفْضَلُ بِخِنْصَرِ يُسْرَى يَدَيْهِ وَمِنْ أَسْفَلَ وَمُبْتَدِئًا بِخِنْصَرِ يُمْنَى رِجْلَيْهِ مُخْتَتِمًا بِخِنْصَرِ يُسْرَاهُمَا لِلْأَمْرِ بِتَخْلِيلِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ فِي حَدِيثٍ حَسَنٍ وَوَرَدَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْلُكُ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ بِخِنْصَرِهِ» ، وَيَجِبُ فِي مُلْتَفَّةٍ لَا يَصِلُ لِبَاطِنِهَا إلَّا بِهِ كَتَحْرِيكِ خَاتَمٍ كَذَلِكَ، وَيَحْرُمُ فَتْقُ مُلْتَحِمَةٍ وَيُسَنُّ أَنْ يَبْدَأَ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، وَإِنْ صَبَّ عَلَيْهِ غَيْرُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مُجْرِيًا لِلْمَاءِ بِيَدِهِ وَلَا يَكْتَفِي بِجَرَيَانِهِ بِطَبْعِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْقَطِعُ فَلَا يَعُمُّ وَقَوْلُهُمْ وَلَا يَكْتَفِي يَحْتَمِلُ عَطْفَهُ عَلَى يَبْدَأُ فَيَكُونُ ذَلِكَ سُنَّةً أَيْضًا وَاسْتِئْنَافُهُ لَكِنْ مَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَظُنَّ عُمُومَ الْمَاءِ لِلْعُضْوِ وَإِلَّا كَفَى، وَإِنْ جَرَى بِطَبْعِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (وَتَقْدِيمُ الْيُمْنَى) لِنَحْوِ الْأَقْطَعِ مُطْلَقًا أَيْ إنْ تَوَضَّأَ بِنَفْسِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلِغَيْرِهِ فِي الْيَدَيْنِ بَعْدَ الْوَجْهِ وَالرِّجْلَيْنِ بِخِلَافِ الْبَقِيَّةِ تَطْهُرُ مَعًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «كَانَ يُحِبُّ التَّيَمُّنَ فِي تَطَهُّرِهِ وَشَأْنِهِ كُلِّهِ» أَيْ مِمَّا هُوَ مِنْ بَابِ التَّكْرِيمِ وَيُلْحَقُ بِهِ مَا لَا تَكْرُمَةً فِيهِ وَلَا إهَانَةَ كَمَا مَرَّ وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ

وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ بِالتَّشْبِيكِ سم عِبَارَةُ شَرْحِ بَافَضْلٍ وَتَخْلِيلُ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ وَالْأَوْلَى كَوْنُهُ فِي أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ بِالتَّشْبِيكِ لِحُصُولِهِ بِسُرْعَةٍ وَسُهُولَةٍ، وَإِنَّمَا يُكْرَهُ لِمَنْ بِالْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ اهـ.

(قَوْلُهُ: لِمَنْ بِالْمَسْجِدِ إلَخْ) أَيْ وَكَانَ تَشْبِيكُهُ عَبَثًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلَا يَضُرُّ التَّشْبِيكُ فِي الْوُضُوءِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ رَشِيدِيٌّ.

(قَوْلُهُ بِخِنْصَرِ يُسْرَى يَدَيْهِ) كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَقَالَ الْمُغْنِي وَشَرْحُ بَافَضْلٍ بِخِنْصَرِ الْيَدِ الْيُسْرَى أَوْ الْيُمْنَى كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ اهـ وَقَالَ الْكُرْدِيُّ قَوْلُهُ: أَوْ الْيُمْنَى إلَخْ مَالَ إلَيْهِ فِي شَرْحَيْ الْإِرْشَادِ وَالْخَطِيبُ فِي الْإِقْنَاعِ وَاقْتَصَرَ شَرْحُ الْمَنْهَجِ وَالتُّحْفَةِ وَالنِّهَايَةِ عَلَى الْيُسْرَى، وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ خِنْصَرُ الْيُسْرَى أَلْيَقُ إذْ هِيَ لِإِزَالَةِ الْأَوْسَاخِ وَمَا بَيْنَ الْأَصَابِعِ لَا يَخْلُو عَنْ وَسَخٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ فِي مُلْتَفَّةٍ) أَيْ التَّخْلِيلُ وَنَحْوُهُ فِي أَصَابِعَ مُلْتَفَّةٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ، وَيَحْرُمُ فَتْقُ مُلْتَحِمَةٍ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ بِلَا ضَرُورَةٍ أَيْ إنْ خَافَ مَحْذُورَ تَيَمُّمٍ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ نِهَايَةٌ وَشَيْخُنَا زَادَ الْإِيعَابُ إنْ قَالَ لَهُ طَبِيبَانِ عَدْلَانِ أَنَّهُ يُمْكِنُ فَتْقُهَا وَرَجَا بِهِ قُوَّةً عَلَى الْعَمَلِ اُتُّجِهَ أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا سَيَأْتِي مِنْ التَّفْصِيلِ فِي قَطْعِ السِّلْعَةِ اهـ.

وَعَقَّبَ السَّيِّدُ الْبَصْرِيُّ كَلَامَ النِّهَايَةِ بِمَا نَصُّهُ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الَّذِي يَظْهَرُ وَيُؤْخَذُ مِنْ إطْلَاقِ التَّعْذِيبِ فِي الْعِلَّةِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ مَا ذُكِرَ اهـ وَفِيهِ تَوَقُّفٌ إذْ مُطْلَقُ التَّعْذِيبِ، وَإِنْ لَمْ يُبِحْ التَّيَمُّمَ لَا يَقْتَضِي الْحُرْمَةَ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ لِغَرَضٍ (قَوْلُهُ بِأَطْرَافٍ إلَخْ) أَيْ يَغْسِلُهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ صَبَّ عَلَيْهِ إلَخْ) وَقَالَ الزِّيَادِيُّ وَشَيْخُنَا، فَإِنْ صَبَّ عَلَيْهِ غَيْرُهُ بَدَأَ بِأَعْلَاهُمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ.

(قَوْلُهُ فَيَكُونُ ذَلِكَ سُنَّةً) وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الشَّارِحِ فِي الْإِيعَابِ عِبَارَتُهُ وَوَاضِحٌ أَنَّ قَوْلَهُ أَيْ الْمَجْمُوعِ وَلَا يَكْتَفِي إلَخْ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ أَيْ يُسَنُّ لَهُ أَنْ لَا يَكْتَفِيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَعُمُّ الْعُضْوَ أَمَّا لَوْ عَمَّهُ فَيَكْفِي فَمَنْ فَهِمَ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ، وَأَنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِجَرَيَانِهِ بِطَبْعِهِ مُطْلَقًا فَقَدْ وَهَمَ انْتَهَتْ اهـ كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إلَخْ) أَيْ الْمَاءَ (قَوْلُهُ وَاسْتِئْنَافُهُ) أَيْ فَيَكُونُ وَاجِبًا بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: لَكِنْ مَحَلُّهُ) أَيْ مَحَلُّ وُجُوبِ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِجَرَيَانِ الْمَاءِ بِطَبْعِهِ وَ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا كَفَى) أَيْ، وَإِنْ ظَنَّ الْعُمُومَ كَفَى جَرَيَانُهُ بِطَبْعِهِ وَعَلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ، وَإِنْ جَرَى بِطَبْعِهِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ لِنَحْوِ الْأَقْطَعِ) إلَى قَوْلِهِ، وَيَلْحَقُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ أَيْ إلَى وَلِغَيْرِهِ وَإِلَى قَوْلِهِ فَالْغُرَّةُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ أَيْ إلَى وَلِغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ وَيُلْحَقُ إلَى وَيُكْرَهُ (قَوْلُهُ: لِنَحْوِ الْأَقْطَعِ) أَيْ مِنْ مَغْلُولِ يَدٍ وَمَخْلُوقٍ بِدُونِهَا بَصْرِيٌّ أَيْ وَسَلِيمٍ لَمْ يَتَأَتَّ لَهُ إلَّا بِالتَّرْتِيبِ كَأَنْ أَرَادَ غَسْلَ كَفَّيْهِ بِالصَّبِّ مِنْ نَحْوِ إبْرِيقٍ فَيَتَّجِهُ تَقْدِيمُ الْيُمْنَى شَيْخُنَا، وَيَأْتِي عَنْ سم مِثْلُهُ.

(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ فِي جَمِيعِ الْأَعْضَاءِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: أَيْ إنْ تَوَضَّأَ بِنَفْسِهِ) أَيْ وَلَمْ يَكُنْ بِالْغَمْسِ فِيمَا يَظْهَرُ وَوَجْهُ تَقْيِيدِهِ بِذَلِكَ أَنَّهُ إنَّمَا يُسَنُّ لَهُ التَّيَامُنُ مُطْلَقًا لِتَعَذُّرِ الْمَعِيَّةِ الْمَطْلُوبَةِ أَصَالَةً فِي نَحْوِ الْخَدَّيْنِ وَلَا تَتَعَذَّرُ إلَّا حِينَئِذٍ بَصْرِيٌّ وَ (قَوْلُهُ بِالْغَمْسِ) يَنْبَغِي وَلَوْ حُكْمًا كَالْوُقُوفِ تَحْتَ مَاءٍ كَثِيرٍ مُحِيطٍ لِجَمِيعِ بَدَنِهِ فِي آنٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ وَلِغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ نَحْوِ الْأَقْطَعِ (قَوْلُهُ: فِي الْيَدَيْنِ إلَخْ) أَيْ، وَإِنْ سَهُلَ غَسْلُهُمَا مَعًا كَأَنْ كَانَ فِي بَحْرٍ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: بَعْدَ الْوَجْهِ) خَرَجَ بِهِ غَسْلُ الْكَفَّيْنِ أَوَّلَ الْوُضُوءِ فَيَطْهُرُ إنْ دَفْعَةً وَمَحَلُّهُ فِيمَا يَظْهَرُ إنْ غَسَلَهُمَا بِغَمْسٍ أَوْ اغْتِرَافٍ أَوْ صَبٍّ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ غَسْلُهُمَا إلَّا بِصَبِّهِ مِنْ نَحْوِ إبْرِيقٍ اُتُّجِهَ تَقْدِيمُ الْيُمْنَى سم (قَوْلُهُ: وَالرِّجْلَيْنِ) أَيْ، وَإِنْ كَانَ لَابِسَ خُفٍّ شَرْحُ بَافَضْلٍ وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْبَقِيَّةِ) أَيْ الْكَفَّيْنِ وَالْخَدَّيْنِ وَالْأُذُنَيْنِ نِهَايَةٌ وَجَانِبَيْ الرَّأْسِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ وَمُغْنِي زَادَ شَيْخُنَا وَهَذَا فِي السَّلِيمِ، وَكَذَا فِي نَحْوِ الْأَشَلِّ وَالْأَقْطَعِ إنْ طَهَّرَهُ غَيْرُهُ فَيُطَهِّرُهَا مَعًا وَيُكْرَهُ تَقْدِيمُ الْيُمْنَى كَالسَّلِيمِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ سَنُّ التَّيَامُنِ (قَوْلُهُ: أَيْ مِمَّا هُوَ مِنْ بَابِ التَّكْرِيمِ) كَتَسْرِيحِ شَعْرٍ وَاكْتِحَالٍ وَحَلْقِ رَأْسٍ وَنَتْفِ إبِطٍ وَقَصِّ شَارِبٍ وَلُبْسِ نَحْوِ نَعْلٍ وَثَوْبٍ وَتَقْلِيمِ ظُفْرٍ وَمُصَافَحَةٍ نِهَايَةٌ وَأَخْذٍ وَإِعْطَاءٍ شَرْحُ بَافَضْلٍ وَالسِّوَاكِ وَدُخُولِ الْمَسْجِدِ وَتَحْلِيلِ الصَّلَاةِ وَمُفَارَقَةِ الْخَلَاءِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَاسْتِلَامِ الْحَجَرِ وَالرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَيَلْحَقُ بِهِ إلَخْ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي فَصْلِ الْخَلَاءِ وَقَدَّمْنَا مَا فِيهِ ثَمَّ سم (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ)

الْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ بِأَيِّ كَيْفِيَّةٍ كَانَتْ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ بِالتَّشْبِيكِ (قَوْلُهُ: وَتَقْدِيمُ الْيُمْنَى إلَخْ) سَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي التَّيَمُّمِ وَيُقَدِّمُ يَمِينَهُ وَأَعْلَى وَجْهِهِ قَوْلُ الشَّارِحِ كَالْوُضُوءِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْوَجْهِ) خَرَجَ غَسْلُ الْكَفَّيْنِ أَوَّلَ الْوُضُوءِ فَيَطْهُرَانِ دُفْعَةً وَمَحَلُّهُ فِيمَا يَظْهَرُ إنْ غَسَلَهُمَا بِغَمْسٍ أَوْ اغْتِرَافٍ أَوْ صَبٍّ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ غَسْلُهُمَا إلَّا بِصَبِّهِ مِنْ نَحْوِ إبْرِيقٍ اُتُّجِهَ تَقْدِيمُ الْيُمْنَى (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي فَصْلِ الْخَلَاءِ وَقَدَّمْنَا مَا فِيهِ ثَمَّ

(قَوْلُهُ

ص: 235

(وَإِطَالَةُ غُرَّتِهِ) بِأَنْ يَغْسِلَ مَعَ الْوَجْهِ مُقَدَّمَ رَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ وَصَفْحَتَيْ عُنُقِهِ (وَ) إطَالَةُ (تَحْجِيلِهِ) بِأَنْ يَغْسِلَ مَعَ الْيَدَيْنِ بَعْضَ الْعَضُدَيْنِ وَمَعَ الرِّجْلَيْنِ بَعْضَ السَّاقَيْنِ، وَإِنْ سَقَطَ فِي الْكُلِّ غَسْلُ الْفَرْضِ لِعُذْرٍ وَغَايَتُهُ اسْتِيعَابُ الْعَضُدِ وَالسَّاقِ وَذَلِكَ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ» زَادَ مُسْلِمٌ «وَتَحْجِيلَهُ» أَيْ يُدْعَوْنَ بِيضَ الْوُجُوهِ وَالْأَيْدِي وَالْأَرْجُلِ فَالْغُرَّةُ وَالتَّحْجِيلُ اسْمَانِ لِلْوَاجِبِ وَإِطَالَتِهِمَا يَحْصُلُ أَقَلُّهَا بِأَدْنَى زِيَادَةٍ وَكَمَالُهَا بِاسْتِيعَابِ مَا مَرَّ وَمَنْ فَسَّرَهُمَا بِغَسْلِ مَا زَادَ عَلَى الْوَاجِبِ فَقَدْ أَبْعَدَ وَخَالَفَ مَدْلُولَهُمَا لُغَةً لِغَيْرِ مُوجِبٍ

(وَالْمُوَالَاةُ) بَيْنَ أَفْعَالِ وُضُوءِ السَّلِيمِ بِحَيْثُ لَا يَحْصُلُ زَمَنٌ يَجِفُّ فِيهِ الْمَغْسُولُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيمَا بَعْدَهُ مَعَ اعْتِدَالِ الْهَوَاءِ وَالْمَحَلِّ وَالزَّمَنِ وَالْبَدَنِ وَيُقَدِّرُ الْمَمْسُوحُ مَغْسُولًا لِلِاتِّبَاعِ وَمَرَّ وُجُوبُهَا فِي طُهْرِ السَّلِسِ وَإِذَا ثَلَّثَ فَالْعِبْرَةُ بِالْأَخِيرَةِ وَمَتَى كَانَ الْبِنَاءُ بَعْدَ زَوَالِ الْوَلَاءِ بِفِعْلِهِ لَمْ يُشْتَرَطْ اسْتِحْضَارُهُ لِلنِّيَّةِ كَمَا مَرَّ (وَأَوْجَبَهَا الْقَدِيمُ) مُطْلَقًا

أَيْ تَرْكُ التَّيَامُنِ بِأَنْ يُقَدِّمَ الْيُسْرَى عَلَى الْيُمْنَى أَوْ يَغْسِلَهُمَا مَعًا ع ش وَشَوْبَرِيٌّ وَشَيْخُنَا وَكَالْوُضُوءِ فِي ذَلِكَ كُلُّ مَا فِيهِ تَكْرِيمٌ فَيُكْرَهُ فِيهِ تَقْدِيمُ الْيَسَارِ وَالْمَعِيَّةُ، وَهَلْ يُكْرَهُ التَّيَامُنُ فِي نَحْوِ الْخَدَّيْنِ مِمَّا يَطْهُرُ دَفْعَةً وَاحِدَةً قِيَاسًا عَلَى ذَلِكَ أَوْ يُفَرَّقُ الْأَقْرَبُ الثَّانِي إيعَابٌ وَشَوْبَرِيٌّ قَالَ ع ش عَنْ سم مَالَ إلَيْهِ الْجَمَالُ الرَّمْلِيُّ اهـ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَرْحِ الرَّوْضِ الْأَوَّلَ أَيْ كَرَاهَةَ التَّيَامُنِ فِي نَحْوِ الْيَدَيْنِ

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَإِطَالَةُ غُرَّتِهِ إلَخْ) تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ مَا يُفِيدُ حُسْبَانَ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ قَبْلَ الْفَرْضِ سم وع ش (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَغْسِلَ) إلَى قَوْلِهِ فَالْغُرَّةُ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: فِي الْكُلِّ) أَيْ كُلٌّ مِنْ إطَالَةِ الْغُرَّةِ وَإِطَالَةِ التَّحْجِيلِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ سُنَّ الْإِطَالَةُ (قَوْلُهُ: إنَّ أُمَّتِي إلَخْ) أَيْ أُمَّةَ الْإِجَابَةِ وَالْمُرَادُ الْمُتَوَضِّئُونَ مِنْهُمْ بُجَيْرِمِيٌّ عِبَارَةُ ع ش قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَلَا يَحْصُلُ الْغُرَّةُ وَالتَّحْجِيلُ إلَّا لِمَنْ تَوَضَّأَ بِالْفِعْلِ أَمَّا مَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ فَلَا يَحْصُلَانِ لَهُ اهـ، وَيَنْبَغِي عَلَيْهِ أَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِمَنْ تَوَضَّأَ حَالَ حَيَاتِهِ فَلَا يَدْخُلُ مَنْ وَضَّأَهُ الْغَاسِلُ كَمَا أَشْعَرَ بِهِ تَعْبِيرُهُ بِتَوَضَّأَ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ أَوْلَادِ الْمُسْلِمِينَ طِفْلًا وَلَمْ يَتَّفِقْ لَهُ وُضُوءٌ كَذَلِكَ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ ذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَعْذُورًا وَبَقِيَ مَا لَوْ تَيَمَّمَ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ هَلْ يَحْصُلُ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي الْأَوَّلُ لِإِقَامَةِ الشَّارِعِ لَهُ مَقَامَ الْوُضُوءِ وَلِذَا تُسَنُّ إطَالَتُهُمَا فِيهِ أَيْضًا كَمَا يَأْتِي فِي بَابِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: لِلْوَاجِبِ) زَادَ النِّهَايَةُ وَالْمَنْدُوبُ (قَوْلُهُ: بِاسْتِيعَابِ مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ مُقَدَّمِ الرَّأْسِ إلَخْ فِي الْغُرَّةِ وَالْعَضُدِ وَالسَّاقِ فِي التَّحْجِيلِ (قَوْلُهُ: وَخَالَفَ مَدْلُولُهُمَا لُغَةً إلَخْ) يُتَأَمَّلُ سم

(قَوْلُهُ: بَيْنَ أَفْعَالِ الْوُضُوءِ) إلَى قَوْلِهِ، وَإِذَا ثَلَّثَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَالْمَحَلُّ وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ فَاضِلَةٌ إلَى، وَهِيَ وَقَوْلُهُ لِخَبَرِ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: بَيْنَ أَفْعَالِ وُضُوءِ السَّلِيمِ إلَخْ) وَكَذَا بَيْنَ الْغَسَلَاتِ وَكَذَا فِي أَجْزَاءِ كُلِّ عُضْوٍ قَلْيُوبِيٌّ عِبَارَةُ شَيْخِنَا عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ تَشْمَلُ الْمُوَالَاةَ بَيْنَ الْأَعْضَاءِ وَالْمُوَالَاةَ بَيْنِ الْغَسَلَاتِ وَالْمُوَالَاةَ بَيْنَ أَجْزَاءِ الْعُضْوِ الْوَاحِدِ فَيُعْتَبَرُ الشُّرُوعُ فِي الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ قَبْلَ جَفَافِ الْأُولَى وَفِي الثَّالِثَةِ قَبْلَ جَفَافِ الثَّانِيَةِ وَيُعْتَبَرُ غَسْلُ كُلِّ جُزْءٍ مِنْ الْعُضْوِ قَبْلَ جَفَافِ الْجُزْءِ الَّذِي قَبْلَهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: مَعَ اعْتِدَالِ الْهَوَاءِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ اشْتِرَاطُ اعْتِدَالِ الْهَوَاءِ يُغْنِي عَنْ اشْتِرَاطِ اعْتِدَالِ الْمَحَلِّ وَالزَّمَنِ أَمَّا الْمَحَلُّ فَلِاسْتِلْزَامِ خُرُوجِهِ عَنْ الِاعْتِدَالِ خُرُوجَ الْهَوَاءِ عَنْهُ لِتَأَثُّرِهِ بِهِ وَأَمَّا الزَّمَنُ فَوَصْفُهُ بِالِاعْتِدَالِ وَعَدَمِهِ تَجَوُّزٌ بِاعْتِبَارِ اعْتِدَالِ الْهَوَاءِ الْمَوْجُودِ فِيهِ وَعَدَمِهِ ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ الْمَحَلِّيَّ اقْتَصَرَ عَلَى الْهَوَاءِ وَالْمِزَاجِ وَكَذَا وَقَعَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِمَا بَصْرِيٌّ وَفِي تَقْرِيبِ دَلِيلِهِ نَظَرٌ نَعَمْ قَدْ يُقَالُ إنَّ الْعِبْرَةَ بِاعْتِدَالِ الْهَوَاءِ الرَّاهِنِ وَالْمِزَاجِ الرَّاهِنِ وَلَوْ كَانَ الْقُطْرُ وَالْفَصْلُ غَيْرَ مُعْتَدِلٍ (قَوْلُهُ: وَمَرَّ) أَيْ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمَتْنِ فَرْضُهُ سِتَّةٌ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وُجُوبُهَا فِي طُهْرِ السَّلِسِ) وَتَجِبُ أَيْضًا عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: فَالْعِبْرَةُ بِالْأَخِيرَةِ) ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَعْتَبِرَ أَيْضًا أَنْ لَا تَجِفَّ الْأُولَى قَبْلَ الثَّانِيَةِ وَلَا الثَّانِيَةُ قَبْلَ الثَّالِثَةِ سم وَتَقَدَّمَ مِثْلُهُ عَنْ الْقَلْيُوبِيِّ وَشَيْخِنَا.

وَفِي الْكُرْدِيِّ عَنْ الْإِيعَابِ مَا نَصُّهُ لَوْ غَسَلَ وَجْهَهُ مَرَّةً وَأَمْسَكَ حَتَّى جَفَّ فَغَسَلَ يَدَهُ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ ثَلَّثَ وَجْهَهُ لَمْ يَجِفَّ بَعْدُ فَاتَتْ الْمُوَالَاةُ وَلَوْ غَسَلَهُ مَرَّةً وَأَمْسَكَ زَمَنًا ثُمَّ ثَنَّى قَبْلَ جَفَافِهِ وَأَمْسَكَ زَمَنًا ثُمَّ ثَلَّثَ قَبْلَ جَفَافِهِ وَأَمْسَكَ زَمَنًا ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ قَبْلَ جَفَافِ ثَالِثَةِ وَجْهِهِ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ لَمْ يُثَلِّثْ جَفَّتْ الْأُولَى فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ حَصَلَتْ الْمُوَالَاةُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ فِيهِمَا خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ اهـ.

(قَوْلُهُ: بِفِعْلِهِ) وَمِنْهُ مَشْيُهُ فِي مَاءٍ يَغْسِلُ رِجْلَيْهِ وَانْظُرْ لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْفِعْلِ وَ (قَوْلُهُ: لَمْ يُشْتَرَطْ اسْتِحْضَارُهُ إلَخْ) أَيْ بَلْ الشَّرْطُ فَقْدُ الصَّارِفِ أَيْ وَمِنْ الصَّارِفِ قَصْدُ الْمَشْيِ فِي الْمَاءِ لِغَرَضٍ آخَرَ سم.

وَتَقَدَّمَ فِي مَبْحَثِ النِّيَّةِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ الْإِكْرَاهَ صَارِفٌ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي غَسْلِ الْوَجْهِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ فِي وُضُوءِ السَّلِيمِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ) إلَى قَوْلِهِ لِخَبَرٍ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَقَبُولُهَا إلَيَّ، وَهِيَ

وَإِطَالَةُ غُرَّتِهِ) تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ مَا يُفِيدُ حُسْبَانَ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ قَبْلَ الْفَرْضِ (قَوْلُهُ: وَخَالَفَ مَدْلُولُهُمَا لُغَةً إلَخْ) يُتَأَمَّلُ

(قَوْلُهُ: فَالْعِبْرَةُ بِالْأَخِيرَةِ) يَنْبَغِي أَنْ يَعْتَبِرَ أَيْضًا أَنْ لَا تَجِفَّ الْأُولَى قَبْلَ الثَّانِيَةِ وَلَا الثَّانِيَةُ قَبْلَ الثَّالِثَةِ حَتَّى لَوْ جَفَّتْ أُولَى الْوَجْهِ مَثَلًا قَبْلَ ثَانِيَتِهِ أَوْ ثَانِيَتُهُ قَبْلَ ثَالِثَتِهِ لَمْ يَحْصُلْ الْوَلَاءُ بَيْنَ الْوَجْهِ وَالْيَدِ، وَإِنْ لَمْ تَجِفَّ ثَالِثَةُ الْوَجْهِ قَبْلَ أُولَى الْيَدِ فَفِي الِاقْتِصَارِ عَلَى اعْتِبَارِ الْأَخِيرَةِ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ بِفِعْلِهِ) أَيْ وَمِنْهُ مَشْيُهُ فِي مَاءٍ لِغَسْلِ رِجْلَيْهِ وَانْظُرْ لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْفِعْلِ وَقَوْلُهُ لَمْ يُشْتَرَطْ اسْتِحْضَارُهُ النِّيَّةَ أَيْ بَلْ الشَّرْطُ فَقْدُ الصَّارِفِ أَيْ وَمِنْ الصَّارِفِ قَصْدُ الْمَشْيِ فِي الْمَاءِ لِغَرَضٍ آخَرَ ثُمَّ رَأَيْت فِي الْعُبَابِ فِي أَوَائِلِ الْبَابِ فِيمَنْ دَخَلَ الْمَاءَ لَا بِقَصْدِ غَسْلِ

ص: 236

حَيْثُ لَا عُذْرَ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي وَفِي ظَهْرِ قَدَمَيْهِ لُمْعَةٌ مِثْلُ الدِّرْهَمِ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ» وَأَجَابُوا عَنْهُ بِأَنَّ الْخَبَرَ ضَعِيفٌ مُرْسَلٌ وَبِأَنَّهُ صَحَّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما التَّفْرِيقُ بَعْدَ الْجَفَافِ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُنْكِرُوا عَلَيْهِ

(وَتَرْكُ الِاسْتِعَانَةِ) بِالصَّبِّ عَلَيْهِ لِغَيْرِ عُذْرٍ؛ لِأَنَّهَا تَرَفُّهٌ لَا يَلِيقُ بِمُتَعَبِّدٍ فَهِيَ خِلَافُ السُّنَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهَا وَالسِّينُ إمَّا لِلْغَالِبِ أَوْ التَّأْكِيدِ أَمَّا هِيَ فِي غَسْلِ الْأَعْضَاءِ فَمَكْرُوهَةٌ، وَيَجِبُ طَلَبُهَا وَلَوْ بِأُجْرَةِ مِثْلِ فَاضِلَةٍ عَمَّا يَأْتِي فِي الْفِطْرَةِ وَقَبُولُهَا عَلَى مَنْ تَعَيَّنَتْ طَرِيقًا لِطُهْرِهِ، فَإِنْ فَقَدَهَا تَيَمَّمَ وَصَلَّى وَأَعَادَ، وَهِيَ فِي إحْضَارِ نَحْوِ الْمَاءِ مُبَاحَةٌ

(وَ) تَرْكُ (النَّفْضِ) ؛ لِأَنَّهُ كَالتَّبَرِّي مِنْ الْعِبَادَةِ فَهُوَ خِلَافُ السُّنَّةِ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَشَرْحَيْ مُسْلِمٍ وَالْوَسِيطِ وَصَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ إبَاحَتَهُ وَالرَّافِعِيُّ كَرَاهَتَهُ لِخَبَرٍ فِيهِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ ضَعِيفٌ (وَكَذَا) كَأَنَّ حِكْمَتَهَا مَعَ أَنَّ الْخِلَافَ بِقُوَّتِهِ فِيمَا قَبْلَهُ أَيْضًا تَمَيُّزُ مُقَابِلِهِ بِصِحَّةِ حَدِيثِ الْحَاكِمِ الْآتِي بِهِ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ (التَّنْشِيفُ) ، وَهُوَ أَخْذُ الْمَاءِ بِنَحْوِ خِرْقَةٍ فَلَا إيهَامَ فِي عِبَارَتِهِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ يُسَنُّ تَرْكُهُ فِي طُهْرِ الْحَيِّ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ يُزِيلُ أَثَرَ الْعِبَادَةِ فَهُوَ خِلَافُ السُّنَّةِ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم

قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا عُذْرَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي التَّفْرِيقِ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَفِي طُولِ التَّفْرِيقِ أَمَّا بِالْعُذْرِ فَلَا يَضُرُّ قَطْعًا وَقِيلَ يَضُرُّ عَلَى الْقَدِيمِ.

وَأَمَّا الْيَسِيرُ فَلَا يَضُرُّ إجْمَاعًا اهـ وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَقِيلَ يَضُرُّ عَلَى الْقَدِيمِ (قَوْلُهُ: فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ إلَخْ) وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّهُ لَوْلَا أَنَّ التَّفْرِيقَ يَضُرُّهُ لَأَمَرَهُ بِمُجَرَّدِ غَسْلِ اللَّمْعَةِ لَا بِإِعَادَةِ الْوُضُوءِ سم (قَوْلُهُ وَبِأَنَّهُ صَحَّ إلَخْ) وَبِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «تَوَضَّأَ فِي السُّوقِ فَغَسَلَ وَجْهَهُ، وَيَدَيْهِ وَمَسَحَ رَأْسَهُ فَدُعِيَ إلَى جِنَازَةٍ فَأَتَى الْمَسْجِدَ فَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ وَصَلَّى عَلَيْهَا» قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ وَبَيْنَهُمَا تَفْرِيقٌ كَثِيرٌ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَتَرَكَ الِاسْتِعَانَةَ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْمُعِينُ كَافِرًا شَرْحُ بَافَضْلٍ وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ بِالصَّبِّ عَلَيْهِ إلَخْ)، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ ذَلِكَ الْوُضُوءِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا مُعَدَّةٌ لِلِاسْتِعْمَالِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِحَيْثُ لَا يَتَأَتَّى الِاسْتِعْمَالُ مِنْهَا عَلَى غَيْرِهِ فَلَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا مُجَرَّدَ التَّرَفُّهِ بَلْ يَتَرَتَّبُ عَلَى الْوُضُوءِ مِنْهَا الْخُرُوجُ مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَ الْوُضُوءَ مِنْ الْفَسَاقِيِ الصَّغِيرَةِ وَنَظَافَةِ مَائِهَا فِي الْغَالِبِ عَنْ مَاءِ غَيْرِهَا ع ش (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا تَرَفُّهٌ إلَخْ) وَلَيْسَ مِنْ التَّرَفُّهِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فِي الْعِبَادَةِ عُدُولُهُ مِنْ الْمَاءِ الْمَالِحِ إلَى الْعَذْبِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِرْمَاوِيٌّ وَحَلَبِيٌّ.

(قَوْلُهُ: خِلَافَ السُّنَّةِ) عَبَّرَ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي هُنَا وَفِي الْمَوْضِعَيْنِ الْآتِيَيْنِ بِخِلَافِ الْأُولَى وَقَالَ عَبْدُ الرَّءُوفِ فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الْإِيضَاحِ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ خِلَافَ الْأَوْلَى مِنْ أَقْسَامِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَخِلَافَ السُّنَّةِ لَا نَهْيَ فِيهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهَا) أَيْ الْإِعَانَةَ حَتَّى لَوْ أَعَانَهُ غَيْرُهُ، وَهُوَ سَاكِتٌ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَالسِّينُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَتَعْبِيرُهُ بِالِاسْتِعَانَةِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ عَلَى أَنَّ السِّينَ تَرِدُ لِغَيْرِ الطَّلَبِ كَاسْتَحْجَرَ الطِّينُ أَيْ صَارَ حَجَرًا فَلَوْ أَعَانَهُ غَيْرُهُ مَعَ قُدْرَتِهِ وَهُوَ سَاكِتٌ مُتَمَكِّنٌ مِنْ مَنْعِهِ كَانَ كَطَلَبِهَا اهـ.

(وَقَيَّدَ بِالْقُدْرَةِ عَلَى الْمَنْعِ) الشَّارِحِ أَيْضًا فِي الْإِمْدَادِ وَالْإِيعَابِ وَأَقَرَّهُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ لِلْغَالِبِ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَطْلُبُ الصَّبَّ عَلَيْهِ أَوْ التَّأْكِيدِ أَيْ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196] أَيْ تَيَسَّرَ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: طَلَبَهَا) أَيْ الْإِعَانَةَ وَكَذَا ضَمِيرُ تَعَيَّنَتْ (قَوْلُهُ: أَمَّا هِيَ) أَيْ الِاسْتِعَانَةُ لِغَيْرِ عُذْرٍ (قَوْلُهُ: عَمَّا يَأْتِي فِي الْفِطْرَةِ) أَيْ مِنْ مُؤْنَتِهِ وَمُؤْنَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ وَمِنْ دَيْنِهِ وَمَسْكَنٍ وَخَادِمٍ يَحْتَاجُ إلَيْهِمَا (قَوْلُهُ وَقَبُولُهَا) أَيْ، وَيَجِبُ قَبُولُ الْإِعَانَةِ عَلَى مَنْ تَعَيَّنَتْ إلَخْ أَيْ كَالْأَقْطَعِ (قَوْلُهُ: فِي إحْضَارِ نَحْوِ الْمَاءِ) أَيْ كَالْإِنَاءِ وَالدَّلْوِ إيعَابٌ اهـ كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ: مُبَاحَةٌ) قَدْ أَطْبَقُوا عَلَى هَذَا وَرَأَيْت فِي شَرْحِ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ لِلْقَسْطَلَّانِيِّ مَا نَصُّهُ وَأَمَّا إحْضَارُ الْمَاءِ فَلَا كَرَاهَةَ أَصْلًا قَالَ ابْنُ حَجَرٍ أَيْ الْعَسْقَلَانِيُّ لَكِنْ الْأَفْضَلُ خِلَافُهُ وَقَالَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ وَلَا يُقَالُ أَنَّهَا خِلَافُ الْأَوْلَى انْتَهَى اهـ كُرْدِيٌّ

(قَوْلُهُ: كَمَا فِي التَّحْقِيقِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُهُ وَالرَّافِعِيُّ كَرَاهَتُهُ قَدْ يُقَالُ هَذَا لَا يُنَافِي مَا فِي التَّحْقِيقِ بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِ الْأَقْدَمِينَ مِنْ إطْلَاقِ الْمَكْرُوهِ عَلَى خِلَافِ الْأَوْلَى سم وَفِيهِ أَنَّ الرَّافِعِيَّ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ لَا مِنْ الْأَقْدَمِينَ (قَوْلُهُ: كَانَ حِكْمَتُهَا) يَعْنِي حِكْمَةَ الْفَصْلِ بِكَذَا وَقَوْلُهُ بِقُوَّتِهِ حَالٌ مِنْ الْخِلَافِ وَقَوْلُهُ فِيمَا قَبْلَهُ إلَخْ خَبَرُ أَنَّ أَيْ مَوْجُودٌ فِي النَّفْضِ كَالتَّنْشِيفِ وَقَوْلُهُ تَمَيُّزَ مُقَابِلِهِ إلَخْ خَبَرُ كَانَ (قَوْلُهُ تَمَيُّزَ مَا قَبْلَهُ إلَخْ) لَوْ كَانَ الْمُقَابِلُ نَدْبَ التَّنْشِيفِ لَتَمَّ مَا قَالَهُ لَكِنْ الْمَفْهُومُ مِنْ صَنِيعِ الشُّرَّاحِ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنَّا وَالْمُقَابِلُ الْإِبَاحَةُ، وَأَنَّ فِعْلَهُ وَتَرْكَهُ سَوَاءٌ وَعَلَيْهِ فَحَدِيثُ الْحَاكِمِ بِرَدِّهَا لَا يُؤَيِّدُهَا وَبِتَسْلِيمِ مَا ذُكِرَ فَحَدِيثُ النَّفْضِ الْمُؤَيِّدِ لِمُقَابِلِ مَا قَبْلَهُ مُخْرَجٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ فَأَيُّ تَمَيُّزٍ يُفِيدُهُ حَدِيثُ الْحَاكِمِ مَعَ مَا ذُكِرَ بَصْرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: فَلَا اعْتِرَاضَ) أَيْ بِأَنَّهُ كَانَ الْأَوْلَى تَرْكَ قَوْلِهِ كَذَا لِيَعُودَ الْخِلَافُ إلَى النَّفْضِ قَوْلُ الْمَتْنِ (التَّنْشِيفُ) بِالرَّفْعِ بِخَطِّهِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) إلَى قَوْلِهِ وَخَبَرٌ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ فَلَا إيهَامَ فِي عِبَارَتِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَالتَّعْبِيرُ بِالتَّنْشِيفِ لَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمَسْنُونَ تَرْكُهُ إنَّمَا هُوَ الْمُبَالَغَةُ فِيهِ خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَهُ إذْ هُوَ كَمَا فِي الْقَامُوسِ أَخْذُ الْمَاءِ بِخِرْقَةٍ وَالتَّعْبِيرُ بِهِ هُنَا هُوَ الْمُنَاسِبُ وَأَمَّا النَّشْفُ بِمَعْنَى الشُّرْبِ فَلَا يَظْهَرُ هُنَا إلَّا بِنَوْعِ تَكَلُّفٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: يُسَنُّ إلَخْ) خَبَرُ التَّنْشِيفِ (قَوْلُهُ: فِي طُهْرِ الْحَيِّ) وَسَيَأْتِي

رِجْلَيْهِ فَانْغَسَلَتَا

أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ذَاكِرًا لِلنِّيَّةِ لَكِنْ الشَّارِحِ رَدَّهُ (قَوْلُهُ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ) لَا يُقَالُ إنَّ الْمُتَبَادِرَ عَدَمُ غَسْلِهَا مُطْلَقًا فَيُشْكِلُ الِاسْتِدْلَال؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ بَابِ التَّفْرِيقِ بَلْ مِنْ تَرْكِ غَسْلِ بَعْضِ الْعُضْوِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِإِعَادَةِ الْوُضُوءِ وَلَوْلَا أَنَّ التَّفْرِيقَ يَضُرُّهُ لَأَمَرَهُ بِمُجَرَّدِ غَسْلِ اللَّمْعَةِ

(قَوْلُهُ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُهُ وَالرَّافِعِيُّ كَرَاهَتُهُ قَدْ يُقَالُ هَذَا لَا يُنَافِي مَا فِي التَّحْقِيقِ بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِ الْأَقْدَمِينَ مِنْ

ص: 237

«رَدَّ مِنْدِيلًا جِيءَ بِهِ إلَيْهِ لِأَجْلِ ذَلِكَ؛ عَقِبَ الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ» مَا لَمْ يَحْتَجْهُ لِنَحْوِ بَرْدٍ أَوْ خَشْيَةِ الْتِصَاقِ نَجِسٍ بِهِ أَوْ لِتَيَمُّمٍ عَقِبَهُ فَلَا يُسَنُّ تَرْكُهُ بَلْ يَتَأَكَّدُ فِعْلُهُ وَاخْتَارَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إبَاحَتَهُ مُطْلَقًا وَخَبَرُ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَهُ مِنْدِيلٌ يَمْسَحُ بِهِ وَجْهَهُ مِنْ الْوُضُوءِ» وَفِي رِوَايَةٍ «خِرْقَةٌ يَتَنَشَّفُ بِهَا» صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَضَعَّفَهُ التِّرْمِذِيُّ وَعَلَى كُلٍّ يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ لِحَاجَةٍ وَالْأَوْلَى عَدَمُهُ بِنَحْوِ طَرَفِ ثَوْبِهِ وَفَعَلَهُ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ مَرَّةً لِبَيَانِ الْجَوَازِ، وَيَقِفُ هُنَا وَفِي الْغُسْلِ حَامِلُ الْمِنْشَفَةِ عَنْ يَمِينِهِ وَالصَّابُّ عَنْ يَسَارِهِ «وَكَانَتْ أُمُّ عَيَّاشٍ تُوَضِّئُهُ صلى الله عليه وسلم، وَهِيَ قَائِمَةٌ، وَهُوَ قَاعِدٌ»

(وَيَقُولُ بَعْدَهُ) أَيْ عَقِبَ الْوُضُوءِ بِحَيْثُ لَا يَطُولُ بَيْنَهُمَا فَاصِلٌ عُرْفًا فِيمَا يَظْهَرُ نَظِيرُ سُنَّةِ الْوُضُوءِ الْآتِيَةِ ثُمَّ رَأَيْتُ بَعْضَهُمْ قَالَ، وَيَقُولُ فَوْرًا قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ انْتَهَى وَلَعَلَّهُ بَيَانٌ لِلْأَكْمَلِ (أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ) لِتَكَفُّلِ ذَلِكَ بِفَتْحِ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ لِقَائِلِهِ يَدْخُلُ مِنْ أَيُّهَا شَاءَ كَمَا صَحَّ (اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِي مِنْ الْمُتَطَهِّرِينَ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ (سُبْحَانَك) مَصْدَرٌ جُعِلَ عَلَمًا لِلتَّسْبِيحِ وَهُوَ بَرَاءَةُ اللَّهِ مِنْ السُّوءِ أَيْ اعْتِقَادُ تَنْزِيهِهِ عَمَّا لَا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ اللَّفْظِ بِفِعْلِهِ الَّذِي لَمْ يُسْتَعْمَلْ

أَنَّ الْمَيِّتَ يُسَنُّ تَنْشِيفُهُ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: رَدَّ إلَخْ) أَيْ وَجَعَلَ يَنْفُضُ الْمَاءَ بِيَدِهِ وَلَا دَلِيلَ فِيهِ لِإِبَاحَةِ النَّفْضِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ فَعَلَهُ بَيَانًا لِلْجَوَازِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ مِنْدِيلًا) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَتُفْتَحُ وَسُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ يَنْدُلُ أَيْ يُزِيلُ الْوَسَخَ وَغَيْرَهُ بُجَيْرِمِيٌّ.

(قَوْلُهُ عَقِبَ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ جِيءَ بِهِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَحْتَجْهُ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ يُسَنُّ تَرْكُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ لِتَيَمُّمٍ عَقِبَهُ) أَيْ لِئَلَّا يَمْنَعَ الْبَلَلُ فِي وَجْهِهِ، وَيَدَيْهِ التَّيَمُّمَ مُغْنِي (قَوْلُهُ: بَلْ يَتَأَكَّدُ فِعْلُهُ) بَلْ قَدْ يَجِبُ كَمَا إذَا خَشِيَ وُقُوعَ النَّجِسِ عَلَيْهِ وَلَا يَجِدُ مَاءً يَغْسِلُهُ بِهِ م ر سم عِبَارَةُ ع ش هُوَ شَامِلٌ لِمَا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ حُصُولُ النَّجَاسَةِ بِهُبُوبِ رِيحٍ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ التَّضَمُّخَ بِالنَّجَاسَةِ إنَّمَا يَحْرُمُ إذَا كَانَ بِفِعْلِهِ عَبَثًا وَأَمَّا هَذَا فَلَيْسَ بِفِعْلِهِ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى دَفْعِهِ نَعَمْ يَنْبَغِي وُجُوبُهُ إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ أَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَاءٌ يَغْسِلُهُ بِهِ وَقَدْ دَخَلَ الْوَقْتُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَاخْتَارَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَالثَّانِي أَنَّهُ مُبَاحٌ وَاخْتَارَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَالثَّالِثُ مَكْرُوهٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ لِحَاجَةٍ وَبِدُونِهَا (قَوْلُهُ: وَخَبَرُ أَنَّهُ إلَخْ) الْأَسْبَكُ لِخَبَرٍ إلَخْ بِاللَّامِ بَدَلَ الْوَاوِ أَوْ أَنْ يَقُولَ فِيمَا يَأْتِي يَنْبَغِي عَلَى كُلٍّ حَمْلُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ لِحَاجَةٍ إلَخْ) وَيُنَشِّفُ الْيُسْرَى قَبْلَ الْيُمْنَى لِيَبْقَى أَثَرُ الْعِبَادَةِ عَلَى الْأَشْرَفِ حَلَبِيٌّ وَكَذَا فِي الْكُرْدِيِّ عَنْ الْإِمْدَادِ وَالْإِيعَابِ.

(قَوْلُهُ وَالْأَوْلَى إلَخْ) أَيْ وَإِذَا نَشَّفَ لِحَاجَةٍ أَوْ بِدُونِهَا فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَكُونَ بِذَيْلِهِ وَطَرَفِ ثَوْبِهِ وَنَحْوِهِمَا فَقَدْ قِيلَ إنَّ ذَلِكَ يُورِثُ الْفَقْرَ خَطِيبٌ وَشَيْخُنَا قَالَ الْبُجَيْرِمِيُّ أَيْ لِلْغَنِيِّ وَزِيَادَتَهُ لِمَنْ هُوَ فَقِيرٌ وَفِي الْحَدِيثِ «، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ» فَثَبَتَ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ ارْتِكَابَ الذَّنْبِ سَبَبٌ لِحِرْمَانِ الرِّزْقِ خُصُوصًا الْكَذِبُ وَكَذَلِكَ يُوجِبُ الْفَقْرَ كَثْرَةُ النَّوْمِ وَالنَّوْمُ عُرْيَانَا إذَا لَمْ يَسْتَتِرْ بِشَيْءٍ وَالْأَكْلُ جُنُبًا وَالتَّهَاوُنُ بِسُقَاطَةِ الْمَائِدَةِ وَحَرْقُ قِشْرِ الْبَصَلِ وَقِشْرِ الثُّومِ وَكَنْسُ الْبَيْتِ بِاللَّيْلِ وَتَرْكُ الْقُمَامَةِ فِي الْبَيْتِ وَالْمَشْيُ أَمَامَ الْمَشَايِخِ وَنِدَاءُ الْوَالِدَيْنِ بِاسْمِهِمَا وَغَسْلُ الْيَدَيْنِ بِالطِّينِ وَالتَّهَاوُنُ بِالصَّلَاةِ وَخِيَاطَةُ الثَّوْبِ، وَهُوَ عَلَى بَدَنِهِ وَتَرْكُ بَيْتِ الْعَنْكَبُوتِ فِي الْبَيْتِ وَإِسْرَاعُ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَالتَّبَكُّرِ بِالذَّهَابِ إلَى الْأَسْوَاقِ وَالْبُطْءُ فِي الرُّجُوعِ مِنْهَا وَتَرْكُ غَسْلِ الْأَوَانِي وَشِرَاءُ كِسَرِ الْخُبْزِ مِنْ فُقَرَاءِ السُّؤَالِ وَإِطْفَاءُ السِّرَاجِ بِالنَّفَسِ وَالْكِتَابَةُ بِالْقَلَمِ الْمَعْقُودِ وَالِامْتِشَاطُ بِمُشْطٍ مَكْسُورٍ وَتَرْكُ الدُّعَاءِ لِلْوَالِدَيْنِ وَالتَّعَمُّمُ قَاعِدًا وَالتَّسَرْوُلُ قَائِمًا وَالْبُخْلُ وَالتَّقْتِيرُ وَالْإِسْرَافُ اهـ.

(قَوْلُهُ ذَلِكَ) أَيْ التَّنْشِيفُ بِطَرَفِ ثَوْبِهِ (قَوْلُهُ: وَيَقِفُ) إلَى قَوْلِهِ وَكَانَتْ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: أَيْ عَقِبَ الْوُضُوءِ) أَيْ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْمَنْهَجُ وَقَوْلُهُ بِحَيْثُ إلَخْ أَيْ كَمَا فَسَّرَهُ بِهِ الزِّيَادِيُّ (قَوْلُهُ بِحَيْثُ لَا يَطُولُ إلَخْ) هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ مَتَى طَالَ الْفَصْلُ عُرْفًا لَا يَأْتِي بِهِ كَمَا لَا يَأْتِي بِسُنَّةِ الْوُضُوءِ وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ الشَّمْسِ الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ يَأْتِي بِهِ مَا لَمْ يُحْدِثْ، وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ ع ش عِبَارَةُ الْبُجَيْرِمِيِّ عَلَى الْإِقْنَاعِ هَذَا أَيْ عَدَمُ طُولِ الْفَصْلِ عُرْفًا إنَّمَا هُوَ الْأَفْضَلُ وَأَمَّا السُّنَّةُ فَتَحْصُلُ مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيمَا يَظْهَرُ شَوْبَرِيٌّ عَلَى التَّحْرِيرِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَعَلَّهُ إلَخْ) أَيْ قَوْلُهُ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ قَوْلُ الْمَتْنِ (أَشْهَدُ إلَخْ) وَيُقَدِّمُهُ عَلَى إجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ وَبَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهُ يُجِيبُ الْمُؤَذِّنَ، وَإِنْ فَرَغَ مِنْ الْأَذَانِ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ لِتَكَفُّلِ ذَلِكَ بِفَتْحِ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ إلَخْ) وَفَتْحُهَا لَهُ إكْرَامًا لَهُ وَإِلَّا فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ إلَّا مِنْ وَاحِدٍ فَقَطْ، وَهُوَ مَا سَبَقَ فِي عِلْمِهِ سبحانه وتعالى دُخُولُهُ مِنْهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ يَحْصُلُ لِمَنْ فَعَلَهُ وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي عُمُرِهِ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ ع ش (قَوْلُهُ: مِنْ التَّوَّابِينَ) أَيْ مِنْ الذُّنُوبِ وَلَيْسَ فِيهِ دُعَاءٌ بِإِكْثَارِ وُقُوعِ الذَّنْبِ مِنْهُ بَلْ بِأَنَّهُ إذَا وَقَعَ مِنْهُ ذَنْبٌ أُلْهِمَ التَّوْبَةُ مِنْهُ، وَإِنْ كَثُرَ تَعْلِيمًا لِلْأُمَّةِ وَقَوْلُهُ مِنْ الْمُتَطَهِّرِينَ أَيْ عَنْ تَبَعَاتِ الذُّنُوبِ السَّابِقَةِ وَعَنْ التَّلَوُّثِ بِالسَّيِّئَاتِ اللَّاحِقَةِ أَوْ عَنْ الْأَخْلَاقِ الذَّمِيمَةِ مُلَّا عَلَى الْقَارِئِ عَلَى الْمِشْكَاةِ وَقِيلَ أَيْ مِنْ الْمُتَنَزِّهِينَ مِنْ الذُّنُوبِ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ.

وَقَوْلُهُ أَيْ مِنْ الذُّنُوبِ الْأَوْلَى أَيْ مِمَّا لَا يَلِيقُ بِالْعَبْدِ فَالتَّوْبَةُ لَا تَقْتَضِي سَبْقَ الذَّنْبِ نَظِيرُ مَا يَأْتِي فِي الْمَغْفِرَةِ وَكَمَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ قَوْلُهُمْ تُسَنُّ التَّوْبَةُ عَنْ خَارِمِ الْمُرُوءَةِ (قَوْلُهُ: مَصْدَرٌ) أَيْ اسْمُ مَصْدَرٍ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: لِلتَّسْبِيحِ) أَيْ لِمَاهِيَّةِ التَّنْزِيهِ بُجَيْرِمِيٌّ عِبَارَةُ سم قَوْلُهُ: لِلتَّسْبِيحِ أَيْ بِمَعْنَى التَّنْزِيهِ لَا لِلتَّسْبِيحِ مَصْدَرُ سَبَّحَ بِمَعْنَى قَالَ سُبْحَانَ اللَّهُ؛ لِأَنَّ مَدْلُولَ التَّسْبِيحِ عَلَى هَذَا لَفْظٌ اهـ (قَوْلُهُ: اعْتِقَادُ تَنْزِيهِهِ) الْأَوْلَى تَنَزُّهُهُ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ اللَّفْظِ بِفِعْلِهِ إلَخْ) أَيْ

إطْلَاقِ الْمَكْرُوهِ عَلَى خِلَافِ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ فَلَا يُسَنُّ تَرْكُهُ) بَلْ قَدْ يَجِبُ كَمَا إذَا خَشِيَ وُقُوعَ النَّجَسِ عَلَيْهِ وَلَا يَجِدُ مَا يَغْسِلُهُ بِهِ م ر

(قَوْلُهُ: جُعِلَ عَلَمًا لِلتَّسْبِيحِ) قَالَ الْحَفِيدُ فِي قَوْلِ التَّوْضِيحِ لِلتَّسْبِيحِ مِنْ قَوْلِهِ: إنَّ سُبْحَانَ عَلَمٌ لِلتَّسْبِيحِ مَا نَصُّهُ أَيْ بِمَعْنَى التَّنْزِيهِ لَا لِلتَّسْبِيحِ مَصْدَرُ سَبَّحَ بِمَعْنَى قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ؛ لِأَنَّ مَدْلُولَ التَّسْبِيحِ عَلَى هَذَا لَفْظٌ اهـ.

(قَوْلُهُ:

ص: 238

فَيُقَدَّرُ مَعْنَاهُ لَا يَنْصَرِفُ بَلْ يَلْزَمُ الْإِضَافَةَ وَلَيْسَ مَصْدَرَ السَّبْحِ بَلْ سَبَّحَ مُشْتَقٌّ مِنْهُ اشْتِقَاقَ حَاشَيْتُ مِنْ حَاشَا وَلَوْلَيْت مِنْ لَوْلَا وَأَفَّفْتُ مِنْ أُفٍّ (اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك) وَاوُهُ زَائِدَةٌ فَالْكُلُّ جُمْلَةٌ وَاحِدَةٌ أَوْ عَاطِفَةٌ أَيْ وَبِحَمْدِك سَبَّحْتُك (أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُك وَأَتُوبُ إلَيْك) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُكْتَبُ لِقَائِلِهِ فَلَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ إبْطَالٌ كَمَا صَحَّ حَتَّى يَرَى ثَوَابَهُ الْعَظِيمَ وَيُسَنُّ أَنْ يَأْتِيَ بِجَمِيعِ هَذَا ثَلَاثًا كَمَا مَرَّ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ بِصَدْرِهِ رَافِعًا يَدَيْهِ وَبَصَرَهُ وَلَوْ نَحْوَ أَعْمَى كَمَا يُسَنُّ إمْرَارُ الْمُوسَى عَلَى الرَّأْسِ الَّذِي لَا شَعْرَ بِهِ تَشَبُّهًا لِلسَّمَاءِ؛ وَأَنْ يَقُولَ عَقِبَهُ وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَيَقْرَأَ {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ} [القدر: 1] أَيْ ثَلَاثًا كَمَا هُوَ الْقِيَاسُ ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَ الْأَئِمَّةِ صَرَّحَ بِذَلِكَ.

(تَنْبِيهٌ)

مَعْنَى أَسْتَغْفِرُك أَطْلُبُ مِنْك الْمَغْفِرَةَ أَيْ سَتْرَ مَا صَدَرَ مِنِّي مِنْ نَقْصٍ بِمَحْوِهِ فَهِيَ لَا تَسْتَدْعِي سَبْقَ ذَنْبٍ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ نَدْبُ وَأَتُوبُ إلَيْك وَلَوْ لِغَيْرِ مُتَلَبِّسٍ بِالتَّوْبَةِ وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُ كَذِبٌ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ خَبَرٌ بِمَعْنَى الْإِنْشَاءِ أَيْ أَسْأَلُك أَنْ تَتُوبَ عَلَيَّ أَوْ هُوَ بَاقٍ عَلَى خَبَرِيَّتِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ بِصُورَةِ التَّائِبِ الْخَاضِعِ الذَّلِيلِ، وَيَأْتِي فِي وَجَّهْت وَجْهِي وَخَشَعَ لَك سَمْعِي مَا يُوَافِقُ بَعْضَ ذَلِكَ (وَحَذَفْت دُعَاءَ الْأَعْضَاءِ) الْمَذْكُورَ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ مَشْهُورٌ (إذْ لَا أَصْلَ لَهُ) يُعْتَدُّ بِهِ وَوُرُودُهُ مِنْ طُرُقٍ لَا نَظَرَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا كُلَّهَا لَا تَخْلُو مِنْ كَذَّابٍ أَوْ مُتَّهَمٍ بِالْوَضْعِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْحُفَّاظِ فَهِيَ سَاقِطَةٌ بِالْمَرَّةِ

مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ وُجُوبًا تَقْدِيرُهُ أُسَبِّحُكَ أَيْ أُنَزِّهُكَ عَمَّا لَا يَلِيقُ بِكَ أُقِيمَ مَقَامَ فِعْلِهِ لِيَدُلَّ عَلَى التَّنْزِيهِ الْبَلِيغِ وَلَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا فِي اللَّهِ مُضَافًا فَيَقْصِدُ تَنْكِيرَهُ ثُمَّ يُضَافُ؛ لِأَنَّ الْعَلَمَ لَا يُضَافُ وَلَا يُثَنَّى إلَّا إذَا قُصِدَ تَنْكِيرُهُ رَحْمَانِيٌّ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ فَيُقَدَّرُ مَعْنَاهُ) فِيهِ تَأَمُّلٌ.

(قَوْلُهُ: مُشْتَقٌّ مِنْهُ) أَيْ مَأْخُوذٌ مِنْهُ (قَوْلُهُ: اشْتِقَاقَ حَاشَيْتُ) بِمَعْنَى قُلْت حَاشَا وَكَذَا الْأَمْرُ فِيمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: فَالْكُلُّ إلَخْ) أَيْ مَجْمُوعُ سُبْحَانِكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ (قَوْلُهُ: جُمْلَةٌ وَاحِدَةٌ) فَالْمَعْنَى سَبَّحْتُكَ يَا اللَّهُ مُصَاحَبًا بِحَمْدِكَ شَوْبَرِيٌّ أَيْ بِالثَّنَاءِ عَلَيْك بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ ذَلِكَ) أَيْ سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك إلَخْ (قَوْلُهُ: يُكْتَبُ إلَخْ) أَيْ فِي رَقٍّ ثُمَّ يُطْبَعُ بِطَابَعٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش، وَيَتَعَدَّدُ ذَلِكَ بِتَعَدُّدِ الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ الْفَضْلَ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ إلَخْ) أَيْ يُصَانُ صَاحِبُهُ مِنْ تَعَاطِي مُبْطِلٍ بِأَنْ يَرْتَدَّ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ وَإِلَّا فَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ جَمِيعَ الْأَعْمَالِ يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ الْإِبْطَالُ بِالرِّدَّةِ شَوْبَرِيٌّ وَفِيهِ بُشْرَى بِأَنَّ مَنْ قَالَهُ لَا يَرْتَدُّ، وَأَنَّهُ يَمُوتُ عَلَى الْإِيمَانِ حِفْنِيٌّ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ بِجَمِيعِ هَذَا) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأَذْكَارِ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي شَرْحِ وَتَثْلِيثِ الْغُسْلِ وَالْمَسْحِ (قَوْلُهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ) إلَى قَوْلِهِ وَأَنْ يَقُولَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَلَوْ نَحْوَ أَعْمَى إلَى لِلسَّمَاءِ (قَوْلُهُ: رَافِعًا يَدَيْهِ وَبَصَرَهُ إلَخْ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ السَّمَاءَ قِبْلَةُ الدُّعَاءِ وَالطَّالِبُ لِشَيْءٍ يَبْسُطُ كَفَّيْهِ لِأَخْذِهِ وَالدَّاعِي طَالِبٌ؛ وَلِأَنَّ حَوَائِجَ الْعِبَادِ فِي خِزَانَةٍ تَحْتَ الْعَرْشِ فَالدَّاعِي يَمُدُّ يَدَيْهِ لِحَاجَتِهِ بُجَيْرِمِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ نَحْوَ أَعْمَى) أَيْ كَمَنْ فِي ظُلْمَةٍ (قَوْلُهُ كَمَا يُسَنُّ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ فِي التَّعْلِيلِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ رَفْعِ الْبَصَرِ إلَيْهَا لَيْسَ النَّظَرُ إلَيْهَا إذْ هُوَ لَا يُطْلَبُ حِينَئِذٍ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ لِكَوْنِهِ شَاغِلًا عَنْ الدُّعَاءِ بَلْ الْمَقْصُودُ تَعْظِيمُهَا بِتَوَجُّهِهَا بِالْوَجْهِ كَمَا قِيلَ السَّمَاءُ قِبْلَةُ الدُّعَاءِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: عَلَى الرَّأْسِ) أَيْ رَأْسِ الْمُتَحَلِّلِ مِنْ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ: تَشَبُّهًا) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ كَمَا يُسَنُّ إلَخْ وَقَوْلُهُ لِلسَّمَاءِ مُتَعَلِّقٌ بِرَافِعًا (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَقُولَ) إلَى قَوْلِهِ، وَيَقْرَأَ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: عَقِبَهُ) أَيْ عَقِبَ الْوُضُوءِ أَوْ عَقِبَ جَمِيعِ الذِّكْرِ الْمُتَقَدِّمِ وَصَنِيعُ شَيْخِنَا صَرِيحٌ فِي هَذَا (قَوْلُهُ: وَصَلَّى اللَّهُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ يَنْبَغِي أَنْ يَزِيدَ فِي الصَّلَاةِ التَّعَرُّضَ لِسِيَادَتِهِ صلى الله عليه وسلم وَلِلْأَصْحَابِ بَصْرِيٌّ وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَيَقْرَأُ إنَّا أَنْزَلْنَاهُ إلَخْ) لِمَا وَرَدَ أَنَّ مَنْ قَرَأَ فِي أَثَرِ وُضُوئِهِ {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1] مَرَّةً وَاحِدَةً كَانَ مِنْ الصِّدِّيقِينَ وَمَنْ قَرَأَهَا مَرَّتَيْنِ كُتِبَ فِي دِيوَانِ الشُّهَدَاءِ وَمَنْ قَرَأَهَا ثَلَاثًا حَشَرَهُ اللَّهُ مَحْشَرَ الْأَنْبِيَاءِ وَيُسَنُّ بَعْدَ قِرَاءَةِ السُّورَةِ «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي وَوَسِّعْ لِي فِي دَارِي وَبَارِكْ لِي فِي رِزْقِي وَلَا تَفْتِنِّي بِمَا زَوَيْتَ عَنِّي» ع ش وَفِي الْكُرْدِيِّ عَنْ الْإِيعَابِ مِثْلُهُ إلَى قَوْلِهِ وَلَا تَفْتِنِّي إلَخْ (قَوْلُهُ: أَيْ ثَلَاثًا) إمَّا رَاجِعٌ لِلصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ أَوْ لِلثَّانِيَةِ فَالْأُولَى مِثْلُهَا فِي ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَيَشْمَلُهُ الْعُمُومُ السَّابِقُ فِي التَّثْلِيثِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: مِنْ نَقْصٍ) أَيْ ذَنْبًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: بِمَحْوِهِ) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرُوا أَنَّ الْعَفْوَ مَحْوُ أَثَرِ الذَّنْبِ بِالْكُلِّيَّةِ وَالْمَغْفِرَةُ سَتْرُهُ مَعَ بَقَائِهِ وَعَدَمِ الْمُؤَاخَذَةِ بِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْبُولَاقِيُّ عَنْ الشَّنْشَوْرِيِّ بُجَيْرِمِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُ كَذِبٌ) كَأَنَّهُ بِنَاءً عَلَى حَمْلِهِ عَلَى الْحَالِ وَإِلَّا فَلَا كَذِبَ يَلْزَمُ عَلَى أَنَّهُ قَدْ لَا يَلْزَمُ الْكَذِبُ عَلَى تَقْدِيرِ الْحَالِ أَيْضًا سم وَلَعَلَّهُ بِحَمْلِهِ عَلَى الْعَزْمِ عَلَى التَّوْبَةِ (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى الْإِنْشَاءِ أَيْ أَسْأَلُك إلَخْ) لَا يَخْفَى بُعْدُهُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنْ تُوَفِّقَنِي لِلتَّوْبَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ هُوَ بَاقٍ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَى لَفْظَةِ هُوَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَشْهُورٌ) ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ غَسْلِ كَفَّيْهِ اللَّهُمَّ احْفَظْ يَدَيَّ عَنْ مَعَاصِيك كُلِّهَا وَعِنْدَ الْمَضْمَضَةِ اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِك وَشُكْرِك وَعِنْدَ الِاسْتِنْشَاقِ اللَّهُمَّ أَرِحْنِي رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَعِنْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ اللَّهُمَّ بَيِّضْ وَجْهِي يَوْمَ تَبْيَضَّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدَّ وُجُوهٌ وَعِنْدَ غَسْلِ الْيَدِ الْيُمْنَى اللَّهُمَّ اعْطِنِي كِتَابِي بِيَمِينِي وَحَاسِبْنِي حِسَابًا يَسِيرًا.

وَعِنْدَ الْيُسْرَى اللَّهُمَّ لَا تُعْطِنِي كِتَابِي بِشِمَالِي وَلَا مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي وَعِنْدَ مَسْحِ الرَّأْسِ اللَّهُمَّ حَرِّمْ شَعْرِي وَبَشَرِي عَلَى النَّارِ وَعِنْدَ مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ وَعِنْدَ غَسْلِ رِجْلَيْهِ اللَّهُمَّ ثَبِّتْ قَدَمَيَّ عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ تَزِلُّ فِيهِ الْأَقْدَامُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَشَرْحُ بَافَضْلٍ وَفِي الْكُرْدِيِّ عَنْ الْإِيعَابِ زِيَادَةُ أَدْعِيَةٍ أُخْرَى، وَأَنَّ يَدَيَّ فِي دُعَاءِ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ وَقَدَمَيَّ فِي دُعَاءِ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ مُثَنَّى (قَوْلُهُ: لَا نَظَرَ إلَيْهِ إلَخْ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي عِبَارَتُهُ.

قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي أَذْكَارِهِ وَتَنْقِيحِهِ لَمْ يَجِئْ فِيهِ شَيْءٌ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ الشَّارِحِ وَفَاتَ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ أَنَّهُ رُوِيَ

وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُ كَذِبٌ) كَأَنَّهُ بِنَاءً عَلَى حَمْلِهِ عَلَى الْحَالِ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُ كَذِبٌ عَلَى أَنَّهُ قَدْ لَا يَلْزَمُ الْكَذِبُ عَلَى تَقْدِيرِ

ص: 239

وَمِنْ شَرْطِ الْعَمَلِ بِالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ أَنْ لَا يَشْتَدَّ ضَعْفُهُ فَاتَّضَحَ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَانْدَفَعَ مَا أَطَالَ بِهِ الشُّرَّاحُ عَلَيْهِ وَبَقِيَ لِلْوُضُوءِ سُنَنٌ كَثِيرَةٌ اسْتَوْفَيْتهَا بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ.

وَمِنْ الْمَشْهُورِ مِنْهَا اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ فِي جَمِيعِهِ وَالدَّلْكُ، وَيَتَأَكَّدُ كَالْمُوَالَاةِ لِقُوَّةِ الْخِلَافِ فِيهِمَا وَتَجَنُّبُ رَشَاشِهِ وَجَعْلٌ مَا يَصُبُّ مِنْهُ عَنْ يَسَارِهِ وَمَا يَغْتَرِفُ مِنْهُ عَنْ يَمِينِهِ وَتَرْكُ تَكَلُّمٍ بِلَا عُذْرٍ وَلَا يُكْرَهُ وَلَوْ مِنْ عَارٍ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «كَلَّمَ أُمَّ هَانِئٍ يَوْمَ فَتَحَ مَكَّةَ، وَهُوَ يَغْتَسِلُ؛ وَلَطَمَ الْوَجْهَ بِالْمَاءِ» وَاعْتُرِضَ بِحَدِيثٍ فِيهِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَإِسْرَافٌ وَلَوْ عَلَى شَطٍّ وَأَنْ يَكُونَ مَاؤُهُ نَحْوَ مُدٍّ كَمَا يَأْتِي وَتَعَهُّدُ مَا يَخَافُ إغْفَالَهُ كَمُوقَيْهِ

عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ طُرُقٍ فِي تَارِيخِ ابْنِ حِبَّانَ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَتْ ضَعِيفَةً لِلْعَمَلِ بِالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ وَمَشَى شَيْخِي عَلَى أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ وَأَفْتَى بِهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ اهـ زَادَ الْأَوَّلُ وَنَفَى الْمُصَنِّفُ أَصْلَهُ بِاعْتِبَارِ الصِّحَّةِ أَمَّا بِاعْتِبَارِ وُرُودِهِ مِنْ الطُّرُقِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَلَعَلَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَسْتَحْضِرْهُ حِينَئِذٍ وَعِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ عَلَى شَرْحِ بَافَضْلٍ قَوْلُهُ: لَا أَصْلَ لِدُعَاءِ الْأَعْضَاءِ عَلَى هَذَا جَرَى الشَّارِحِ فِي كُتُبِهِ.

وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي الْأَسْنَى أَيْ فِي الصِّحَّةِ وَإِلَّا فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم مِنْ طُرُقٍ ضَعِيفَةٍ فِي تَارِيخِ ابْنِ حِبَّانَ وَغَيْرِهِ وَمِثْلُهُ يُعْمَلُ بِهِ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ اهـ وَذَكَرَ نَحْوَهُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَاعْتَمَدَ اسْتِحْبَابَهُ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَوَلَدُهُ وَيُؤْخَذُ مِمَّا نَقَلْته فِي الْأَصْلِ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ لِلشَّارِحِ وَعَنْ غَيْرِهِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ عِنْدَ الشَّارِحِ، وَأَنَّهُ دُعَاءٌ حَسَنٌ لَكِنْ لَا يَعْتَقِدُ سُنِّيَّتَهُ فَيَطْلُبُ الْإِتْيَانَ بِهِ عِنْدَ الشَّارِحِ أَيْضًا اهـ.

(قَوْلُهُ: وَمِنْ شَرْطِ الْعَمَلِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَائِدَةُ شَرْطِ الْعَمَلِ بِالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ أَنْ لَا يَكُونَ شَدِيدَ الضَّعْفِ وَأَنْ يَدْخُلَ تَحْتَ أَصْلٍ عَامٍّ وَأَنْ لَا يَعْتَقِدَ سُنِّيَّتَهُ بِذَلِكَ الْحَدِيثِ اهـ زَادَ النِّهَايَةُ وَفِي هَذَا الشَّرْطِ أَيْ الْأَخِيرِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى اهـ عِبَارَةُ سم وَشَرَطَ بَعْضُهُمْ أَنْ لَا يَعْتَقِدَ السُّنِّيَّةَ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَا وَجْهَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْعَمَلِ بِالضَّعِيفِ فِي مِثْلِ مَا نَحْنُ فِيهِ إلَّا كَوْنُهُ مَطْلُوبًا طَلَبًا غَيْرَ جَازِمٍ وَكُلُّ مَطْلُوبٍ طَلَبًا غَيْرَ جَازِمٍ سُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ سُنَّةً تَعَيَّنَ اعْتِقَادُ سُنِّيَّتِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَشْتَدَّ ضَعْفُهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْعَامِلُ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ أَمْ لَا بَلْ قَدْ يُقَالُ يَتَأَكَّدُ فِي حَقِّ الْمُقْتَدِي بِهِ لِيَكُونَ فِعْلُهُ سَبَبًا لِإِفَادَةِ غَيْرِهِ الْحُكْمَ الْمُسْتَفَادَ مِنْ ذَلِكَ الْحَدِيثِ ع ش (قَوْلُهُ: سُنَنٌ كَثِيرَةٌ) مِنْهَا تَقْدِيمُ النِّيَّةِ مَعَ أَوَّلِ السُّنَنِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى غَسْلِ الْوَجْهِ فَيَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُهَا كَمَا مَرَّ وَمِنْهَا التَّلَفُّظُ بِالْمَنْوِيِّ لِيُسَاعِدَ اللِّسَانُ الْقَلْبَ كَمَا تَقَدَّمَ وَيُسِرُّ بِهَا بِحَيْثُ يَسْمَعُ نَفْسَهُ وَمِنْهَا اسْتِصْحَابُ النِّيَّةِ ذِكْرًا بِقَلْبِهِ إلَى آخِرِ الْوُضُوءِ مُغْنِي وَشَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَمِنْ الْمَشْهُورِ) إلَى قَوْلِهِ وَغَسْلُ رِجْلَيْهِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَلَا يُكْرَهُ إلَى وَلَطَمَ الْوَجْهَ وَقَوْلُهُ وَاعْتُرِضَ إلَى وَإِسْرَافٍ (قَوْلُهُ وَالدَّلْكُ) لَمْ يَكْتَفِ بِفَهْمِهِ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَالدَّلْكُ فِي شَرْحِ وَيُثَلِّثُ الْغَسْلَ إلَخْ كَأَنَّهُ لَا يَسْتَلْزِمُ السُّنِّيَّةَ فَتَأَمَّلْهُ سم أَقُولُ بَلْ أَعَادَهُ لِقَوْلِهِ، وَيَتَأَكَّدُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَتَجَنُّبُ رَشَاشِهِ) فَلَا يَتَوَضَّأُ فِي مَوْضِعٍ يَرْجِعُ إلَيْهِ رَشَاشٌ أَسْنَى.

(قَوْلُهُ: وَجَعَلَ مَا يَصُبُّ مِنْهُ إلَخْ) أَيْ كَالْإِبْرِيقِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَتَرْكُ تَكَلُّمٍ) وَفِي فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ سُئِلَ هَلْ يُشْرَعُ السَّلَامُ عَلَى الْمُشْتَغِلِ بِالْوُضُوءِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ الرَّدُّ أَوْ لَا فَأَجَابَ بِأَنَّ الظَّاهِرَ الْأَوَّلُ اهـ وَهَذَا بِخِلَافِ الْمُشْتَغِلِ بِالْغُسْلِ لَا يُشْرَعُ السَّلَامُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهِ أَنَّهُ قَدْ يَنْكَشِفُ مِنْهُ مَا يُسْتَحْيَا مِنْ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ فَلَا يَلِيقُ مُخَاطَبَتُهُ حِينَئِذٍ ع ش (قَوْلُهُ: بِلَا عُذْرٍ) عِبَارَةُ شَرْحِ بَافَضْلٍ إلَّا لِمَصْلَحَةٍ كَأَمْرٍ بِمَعْرُوفٍ وَنَهْيٍ عَنْ مُنْكَرٍ وَتَعْلِيمِ جَاهِلٍ وَقَدْ يَجِبُ كَأَنْ رَأَى نَحْوَ أَعْمَى يَقَعُ فِي بِئْرٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَطْمِ وَجْهٍ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى تَكَلُّمٍ (قَوْلُهُ: لِبَيَانِ الْجَوَازِ) وَاللَّطْمُ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بُجَيْرِمِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَإِسْرَافٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الْخَطِيبِ وَمِنْهَا أَنْ يَقْتَصِدَ فِي الْمَاءِ فَيُكْرَهُ السَّرَفُ فِيهِ اهـ قَالَ الْبُجَيْرِمِيُّ وَيُكْرَهُ التَّقْتِيرُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَعُمُّ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا اهـ.

(قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ إلَخْ) فَيُجْزِئُ بِدُونِهِ حَيْثُ أَسْبَغَ وَصَحَّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ بِثُلُثَيْ مُدٍّ» هَذَا فِيمَنْ بَدَنُهُ كَبَدَنِهِ صلى الله عليه وسلم اعْتِدَالًا وَلُيُونَةً وَإِلَّا زَادَ أَوْ نَقَصَ بِالنِّسْبَةِ شَرْحُ بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي) لَعَلَّهُ فِي بَابِ الْغُسْلِ (قَوْلُهُ كَمُوقَيْهِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَأَنْ يَتَعَهَّدَ مُوقَهُ، وَهُوَ طَرَفُ الْعَيْنِ الَّذِي يَلِي الْأَنْفَ بِالسَّبَّابَةِ الْأَيْمَنَ بِالْيُمْنَى وَالْأَيْسَرَ بِالْيُسْرَى وَمِثْلُهُ اللِّحَاظُ، وَهُوَ الطَّرَفُ الْآخَرُ وَمَحَلُّ سَنِّ غَسْلِهِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا رَمَصٌ يَمْنَعُ وُصُولَ الْمَاءِ إلَى مَحَلِّهِ وَإِلَّا فَغَسْلُهُمَا وَاجِبٌ اهـ.

زَادَ شَرْحُ بَافَضْلٍ وَالْمُرَادُ بِهِمَا أَيْ الْمُوقَيْنِ مَا يَشْمَلُ اللِّحَاظَ اهـ (قَوْلُهُ -

الْحَالِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَشْتَدَّ ضَعْفُهُ) شَرَطَ بَعْضُهُمْ أَيْضًا أَنْ لَا يُعَارِضَهُ حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِظُهُورِ أَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ حَدِيثَانِ يُنْظَرُ إلَى التَّرْجِيحِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الصَّحِيحَ مُقَدَّمٌ عَلَى الضَّعِيفِ وَشَرَطَ بَعْضُهُمْ أَنْ لَا يَعْتَقِدَ السُّنِّيَّةَ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَا وَجْهَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْعَمَلِ بِالضَّعِيفِ فِي مِثْلِ مَا نَحْنُ فِيهِ إلَّا كَوْنُهُ مَطْلُوبًا طَلَبًا غَيْرَ جَازِمٍ وَكُلُّ مَطْلُوبٍ طَلَبًا غَيْرَ جَازِمٍ سُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ سُنَّةً تَعَيَّنَ اعْتِقَادُ سُنِّيَّتِهِ ثُمَّ رَأَيْت فِيمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ فِي الْخُفِّ وَيُسَنُّ مَسْحُ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلِهِ خُطُوطًا مَالَهُ تَعَلُّقٌ بِهَذَا الْبَحْثِ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ وَالدَّلْكُ) لَمْ يَكْتَفِ بِفَهْمِهِ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ

ص: 240

وَعَقِبَيْهِ وَخَاتَمٍ يَصِلُ الْمَاءُ لِمَا تَحْتَهُ وَغَسْلُ رِجْلَيْهِ بِيَسَارِهِ وَشُرْبُهُ مِنْ فَضْلِ وُضُوئِهِ وَرَشُّ إزَارِهِ بِهِ إنْ تَوَهَّمَ حُصُولَ مُقَذِّرٍ لَهُ فِيمَا يَظْهَرُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ رَشُّهُ صلى الله عليه وسلم لِإِزَارِهِ بِهِ قِيلَ وَأَنْ لَا يَصُبَّ مَاءَ إنَائِهِ حَتَّى يَطُفَّ مُخَالَفَةً لِلْمَجُوسِ وَبَيَّنْت مَا فِيهِ فِي الْفَتَاوَى «وَكَانَ صلى الله عليه وسلم إذَا تَوَضَّأَ أَفْضَلَ مَاءً حَتَّى يُسِيلَهُ عَلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ» فَيَنْبَغِي نَدْبُ ذَلِكَ لِمَنْ احْتَاجَ لِتَنْظِيفِ مَحَلِّ سُجُودِهِ بِتِلْكَ الْفَضْلَةِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ بَعْضِهِمْ مِنْ نَدْبِهِ مُطْلَقًا وَصَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَهُ أَيْ بِحَيْثُ يُنْسَبَانِ لَهُ عُرْفًا كَمَا يَأْتِي بِمَا فِيهِ قُبَيْلَ الْجَمَاعَةِ، وَيَحْصُلَانِ بِغَيْرِهِمَا كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَفِي مَسْحِ الرَّقَبَةِ خِلَافٌ وَالرَّاجِحُ عَدَمُ نَدْبِهِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ حَدِيثَهُ يُعْمَلُ بِهِ فِي الْفَضَائِلِ.

وَيَرُدُّ بِمَا مَرَّ آنِفًا كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ خَبَرَهُمَا مَوْضُوعٌ فَبِتَقْدِيرِ سَلَامَتِهِ مِنْ الْوَضْعِ هُوَ شَدِيدُ الضَّعْفِ فَلَا يُعْمَلُ بِهِ وَيُؤَثِّرُ الشَّكُّ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْوُضُوءِ لَا بَعْدَهُ وَلَوْ فِي النِّيَّةِ عَلَى الْأَوْجَهِ اسْتِصْحَابًا لِأَصْلِ الطُّهْرِ فَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهِ يَدْخُلُ الصَّلَاةَ بِطُهْرٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ قِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الشَّكِّ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ وَقَبْلَ الرُّكُوعِ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ بَعْدَ عُضْوٍ فِي أَصْلِ غَسْلِهِ لَزِمَهُ إعَادَتُهُ أَوْ بَعْضَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ فَلْيُحْمَلْ كَلَامُهُمْ الْأَوَّلُ عَلَى الشَّكِّ فِي أَصْلِ الْعُضْوِ لَا بَعْضِهِ

(فَرْعٌ) صَلَّى الْخَمْسَ مَثَلًا كُلًّا بِوُضُوءٍ مُسْتَقِلٍّ ثُمَّ عَلِمَ تَرْكَ مَسْحِ الرَّأْسِ مَثَلًا مِنْ إحْدَاهُنَّ لَزِمَهُ إعَادَةُ الْخَمْسِ ثُمَّ إنْ كَمَّلَ وُضُوءَ الْعِشَاءِ بِفَرْضِ أَنَّ التَّرْكَ مِنْهُ وَأَعَادَهُنَّ بِهِ أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّ التَّرْكَ إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِ فَوَاضِحٌ أَوْ مِنْهُ فَقَدْ كَمَّلَهُ، وَإِنْ أَعَادَهُنَّ بِهِ بِلَا تَكْمِيلٍ فَلَا؛ خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ فِيهِ لِامْتِنَاعِ الصَّلَاةِ بِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ التَّرْكَ مِنْهُ فَنِيَّتُهُ غَيْرُ جَازِمَةٍ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ غَفَلَ وَأَعَادَهُنَّ بِهِ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ إلَّا الْعِشَاءُ كَمَا لَوْ تَوَضَّأَ عَنْ حَدَثٍ وَأَعَادَهُنَّ ثُمَّ عَلِمَ التَّرْكَ مِنْ هَذَا أَيْضًا

وَعَقِبَيْهِ) وَيُبَالِغُ فِي الْعَقِبِ خُصُوصًا فِي الشِّتَاءِ فَقَدْ وَرَدَ «وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ» مُغْنِي وَشَيْخُنَا (قَوْلُهُ بِهِ) أَيْ بِفَضْلِ وُضُوئِهِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ عَلَى تَوَهُّمِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَأَنْ لَا يَصُبَّ مَاءَ إنَائِهِ حَتَّى يَطُفَّ) لَعَلَّ مَعْنَاهُ أَنْ لَا يَصُبَّ الْمَاءَ فِي إنَائِهِ الْمُعَدِّ لِلْوُضُوءِ إلَى أَنْ يَمْتَلِئَ الْإِنَاءُ إلَى أَعْلَاهُ بَلْ بِجَعْلِهِ نَازِلًا مِنْهُ (قَوْلُهُ: نَدْبُ ذَلِكَ) أَيْ الْأَفْضَالُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ اُحْتِيجَ تَنْظِيفُ ذَلِكَ أَوَّلًا

قَوْلُهُ: بَعْدَهُ) عِبَارَةُ الْخَطِيبِ عَقِبَ الْفَرَاغِ مِنْ الْوُضُوءِ اهـ قَالَ الْبُجَيْرِمِيُّ أَيْ وَلَوْ مُجَدِّدًا وَالْمُرَادُ بِالْعَقِبِ فِيمَا يَظْهَرُ أَنْ لَا يَطُولَ الْوَقْتُ بِحَيْثُ لَا تُنْسَبُ الصَّلَاةُ إلَيْهِ عُرْفًا وَبَحَثَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ امْتِدَادَ وَقْتِهَا عَلَى مَا بَقِيَ الْوُضُوءُ وَحُمِلَ قَوْلُهُمْ عَقِبَهُ عَلَى سَنِّ الْمُبَادَرَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ مَا قُلْنَاهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَيْ بِحَيْثُ إلَخْ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ عِبَارَتُهُ فِي صَلَاةِ النَّفْلِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَيَخْرُجُ النَّوْعَانِ إلَخْ وَهَلْ تَفُوتُ سُنَّةُ الْوُضُوءِ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهَا كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ أَوْ بِالْحَدَثِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ أَوْ بِطُولِ الْفَصْلِ عُرْفًا احْتِمَالَاتٌ أَوْجَهُهَا ثَالِثُهَا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي رَوْضِهِ وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ تَوَضَّأَ أَنْ يُصَلِّيَ عَقِبَهُ اهـ.

وَمَالَ السَّيِّدُ الْبَصْرِيُّ إلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي عِبَارَتُهُ نُقِلَ عَنْ السَّيِّدِ السَّمْهُودِيِّ أَنَّهُ أَفْتَى بِامْتِدَادِ وَقْتِهِمَا مَا دَامَ الْوُضُوءُ بَاقِيًا؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهِمَا عَدَمُ تَعْطِيلِ الْوُضُوءِ عَنْ أَدَاءِ صَلَاةٍ بِهِ وَصَحَّحَهُ الْفَقِيهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بَامَخْرَمَةَ وَهُوَ وَجِيهٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى اهـ.

(قَوْلُهُ: وَيَحْصُلَانِ) الْأَوْلَى التَّأْنِيثُ (قَوْلُهُ وَالرَّاجِحُ عَدَمُ نَدْبِهِ) كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي عِبَارَةُ شَرْحِ بَافَضْلٍ وَأَنْ لَا يَمْسَحَ الرَّقَبَةَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ شَيْءٌ بَلْ قَالَ النَّوَوِيُّ إنَّهُ بِدْعَةٌ وَخَبَرُ «مَسْحُ الرَّقَبَةِ أَمَانٌ مِنْ الْغِلِّ» مَوْضُوعٌ لَكِنَّهُ مُتَعَقَّبٌ بِأَنَّ الْخَبَرَ لَيْسَ بِمَوْضُوعٍ اهـ وَقَالَ الْكُرْدِيُّ عَلَيْهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَئِمَّتِنَا قَدْ قَلَّدُوا الْإِمَامَ النَّوَوِيَّ فِي كَوْنِ الْحَدِيثِ لَا أَصْلَ لَهُ وَلَكِنْ كَلَامُ الْمُحَدِّثِينَ يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْحَدِيثَ لَهُ طُرُقٌ وَشَوَاهِدُ يَرْتَقِي بِهَا إلَى دَرَجَةِ الْحَسَنِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِلْفَقِيرِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِمَسْحِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: بِمَا مَرَّ آنِفًا) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَوُرُودُهُ مِنْ طُرُقٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَنَّ خَبَرَهُمَا) أَيْ دُعَاءُ الْأَعْضَاءِ وَمَسْحُ الرَّقَبَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي النِّيَّةِ) كَذَا نُقِلَ عَنْ فَتَاوَى شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ وَقَاسَهُ عَلَى الصَّوْمِ لَكِنْ الَّذِي اسْتَقَرَّ رَأْيُهُ عَلَيْهِ فِي الْفَتَاوَى الَّذِي قَرَأَهُ وَلَدُهُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يُؤَثِّرُ كَمَا فِي الصَّلَاةِ اهـ وَسَيَأْتِي أَنَّ الشَّكَّ فِي الطَّهَارَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ لَا يُؤَثِّرُ وَحِينَئِذٍ يَتَحَصَّلُ أَنَّهُ إذَا شَكَّ فِي نِيَّةِ الْوُضُوءِ بَعْدَ فَرَاغِهِ ضَرَّ أَوْ بَعْدَ الصَّلَاةِ لَمْ يَضُرَّ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي نِيَّتِهِ بَعْدَهَا لَا يَزِيدُ عَلَى الشَّكِّ فِيهِ نَفْسِهِ بَعْدَهَا، وَيَضُرُّ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهَا حَتَّى لَوْ أَرَادَ مَسَّ الْمُصْحَفِ أَوْ صَلَاةً أُخْرَى امْتَنَعَ ذَلِكَ م ر اهـ سم (قَوْلُهُ: اسْتِصْحَابًا لِأَصْلِ الطُّهْرِ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ الْكَلَامُ فِي تَحَقُّقِ الطُّهْرِ لَا فِي بَقَائِهِ حَتَّى يَسْتَدِلَّ بِالِاسْتِصْحَابِ.

(قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ إلَخْ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ وَقَوْلُهُ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضَهُ) أَيْ فِي غَسْلِ بَعْضِ ذَلِكَ الْعُضْوِ (قَوْلُهُ: كَلَامُهُمْ الْأَوَّلُ) ، وَهُوَ وَيُؤَثِّرُ الشَّكُّ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْوُضُوءِ

(قَوْلُهُ فَوَاضِحٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْعِشَاءِ أُعِيدَتْ بِوُضُوءٍ كَامِلٍ وَالْعِشَاءُ فُعِلَتْ مَرَّتَيْنِ بِكَامِلٍ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ فِيهِ) تَأَمَّلْ الْخِلَافَ فَفِيهِ دِقَّةٌ، وَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا صَلَّى بِهِ وَشَكَّ بَعْدَ الْعِشَاءِ أُلْزِمَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهَا الْعِشَاءُ فَلَا مَخْلَصَ إلَّا بِالْخَمْسِ ثُمَّ أَنَّهُ مَعَ بَقَاءِ وُضُوئِهِ شَاكٌّ فِي تَرْكِ بَعْضِ أَعْضَائِهِ بَعْدَ كَمَالِ طُهْرِهِ وَالشَّكُّ حِينَئِذٍ غَيْرُ ضَارٍّ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ مَا شَاءَ فَيُعِيدَهُنَّ بِهِ حَتَّى الْعِشَاءِ وَإِلْزَامُهُ إعَادَتُهَا إنَّمَا كَانَ لِمَا طَرَأَ بَعْدَ فِعْلِهَا فَاحْتَمَلَ التَّرْكَ مِنْهَا فَأَلْزَمَ بِهَا عَبْدُ اللَّهِ بَاقُشَيْرٍ أَيْ وَقَوْلُهُ وَالشَّكُّ حِينَئِذٍ غَيْرُ ضَارٍّ إلَخْ يُرَدُّ بِأَنَّ الْإِعَادَةَ مَعَ الشَّكِّ أَضْعَفُ مِنْ فِعْلِهِنَّ أَوَّلًا فَلَا إجْزَاءَ بِهِ بِالْأُولَى وَبِمَا مَرَّ عَنْ سم آنِفًا (قَوْلُهُ: لَوْ غَفَلَ) أَيْ عَنْ حَالِهِ وَاعْتَقَدَ الطَّهَارَةَ الْكَامِلَةَ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ تَوَضَّأَ إلَخْ) لَا يَظْهَرُ فِيهِ إلَّا مُجَرَّدُ التَّنْظِيرِ فِي الْجَزْمِ بِالنِّيَّةِ لَا فِي الْمُنَظَّرِ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بَاقُشَيْرٍ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِحَمْلِ قَوْلِ الشَّارِحِ تَوَضَّأَ عَنْ حَدَثٍ عَلَى مَعْنَى تَوَضَّأَ وُضُوءًا شَأْنُهُ أَنْ يَكُونَ عَنْ حَدَثٍ فَالْمُرَادُ تَوَضَّأَ وُضُوءًا كَامِلًا فِي اعْتِقَادِهِ أَوْ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ عَنْ تَوَهُّمِ حَدَثٍ وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الِاحْتِمَالَيْنِ فَالْحَدَثُ غَيْرُ وَاقِعٍ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ:

وَالدَّلْكُ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَتَثْلِيثُ الْغَسْلِ وَالْمَسْحِ كَأَنَّهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَلْزِمُ السُّنِّيَّةَ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: وَشَرِبَهُ ثُمَّ قَوْلُهُ وَرَشَّ) هَلْ، وَإِنْ تَوَضَّأَ مِنْ مُسَبَّلٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي النِّيَّةِ) كَذَا نُقِلَ عَنْ فَتَاوَى شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ وَقَاسَهُ عَلَى الصَّوْمِ

ص: 241