الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِتَيَقُّنِهِ الطُّهْرَ وَشَكِّهِ فِي تَأَخُّرِ الْحَدَثِ عَنْهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُ تَأَخُّرِهِ أَوْ مُتَطَهِّرًا، فَإِنْ اُحْتُمِلَ وُقُوعُ تَجْدِيدٍ مِنْهُ فَهُوَ الْآنَ مُحْدِثٌ لِتَيَقُّنِ رَفْعِ الْحَدَثِ لِأَحَدِ طُهْرَيْهِ مَعَ الشَّكِّ فِي تَأَخُّرِ الطُّهْرِ الْآخَرِ عَنْهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُ تَأَخُّرِهِ وَقَرِينَةُ احْتِمَالِ التَّجْدِيدِ تُؤَيِّدُهُ، وَإِنْ لَمْ يُحْتَمَلْ فَهُوَ مُتَطَهِّرٌ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ تَأَخُّرُ طُهْرِهِ الثَّانِي عَنْ حَدَثِهِ وَلَوْ عَلِمَ قَبْلَهُمَا طَهَارَةً وَحَدَثًا وَجَهِلَ أَسْبَقَهُمَا نَظَرَ لِمَا قَبْلَ قَبْلِهِمَا وَهَكَذَا ثُمَّ أَخَذَ بِالضِّدِّ فِي الْأَوْتَارِ وَبِالْمِثْلِ فِي الْأَشْفَاعِ بَعْدَ اعْتِبَارِ احْتِمَالِ وُقُوعِ التَّجْدِيدِ وَعَدَمِهِ كَمَا بَيَّنْته بِمَا فِيهِ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مَا قَبْلَهُمَا لَزِمَهُ الْوُضُوءُ بِكُلِّ حَالٍ حَيْثُ اُحْتُمِلَ وُقُوعُ تَجْدِيدٍ مِنْهُ لِتَعَارُضِ الِاحْتِمَالَيْنِ بِلَا مُرَجِّحٍ بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يُحْتَمَلْ وُقُوعُ تَجْدِيدٍ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ بِالطُّهْرِ بِكُلِّ حَالٍ فَلَا أَثَرَ لِتَذَكُّرِهِ وَعَدَمِهِ
(فَصْلٌ) فِي آدَابِ قَاضِي الْحَاجَةِ ثُمَّ الِاسْتِنْجَاءِ
(يُقَدِّمُ) نَدْبًا (دَاخِلُ الْخَلَاءِ) وَلَوْ لِحَاجَةٍ أُخْرَى وَكَذَا فِي أَكْثَرِ الْآدَابِ الْآتِيَةِ وَعَبَّرَ بِهِ كَالْخَارِجِ لِلْغَالِبِ
أَيْ اعْتَادَ تَجْدِيدَ الطَّهَارَةِ أَمْ لَا مُغْنِي (قَوْلُهُ: لِتَيَقُّنِهِ الطُّهْرَ إلَخْ) قَدْ يُعَارَضُ بِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الْحَدَثَ وَشَكَّ فِي تَأَخُّرِ الطُّهْرِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَيُجَابُ بِتَيَقُّنِ رَفْعِ الطَّهَارَةِ أَحَدُ الْحَدَثَيْنِ فَقَوِيَ اعْتِبَارُهَا سم.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ اُحْتُمِلَ وُقُوعُ تَجْدِيدٍ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ اعْتَادَ تَجْدِيدَ الطَّهَارَةِ، وَإِنْ لَمْ تَطَّرِدْ عَادَتُهُ مُغْنِي زَادَ النِّهَايَةُ وَتَثْبُتُ عَادَةُ التَّجْدِيدِ وَلَوْ بِمَرَّةٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اهـ (قَوْلُهُ: لِأَحَدِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِالرَّفْعِ الْمُضَافِ إلَى فَاعِلِهِ (قَوْلُهُ الْآخِرِ) بِكَسْرِ الْخَاءِ (قَوْلُهُ: عَنْهُ) أَيْ رَفْعُ الْحَدَثِ مُتَعَلِّقٌ بِالتَّأَخُّرِ (قَوْلُهُ: عَدَمُ تَأَخُّرِهِ) أَيْ الطُّهْرِ الْآخِرِ (قَوْلُهُ: تُؤَيِّدُهُ) أَيْ عَدَمُ تَأَخُّرِهِ خَبَرُ وَقَرِينَةُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُعْتَدْ التَّجْدِيدُ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: لِمَا قَبْلَ قَبْلِهِمَا) الْأَوْلَى الْأَخْصَرُ حَذْفُ قَبْلَ كَمَا فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ أُخِذَ بِالضِّدِّ فِي الْأَوْتَارِ إلَخْ) تَوْضِيحُ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ تَيَقَّنَ طُهْرًا وَحَدَثًا بَعْدَ الشَّمْسِ مَثَلًا وَجَهِلَ أَسْبَقَهُمَا وَتَيَقَّنَهُمَا قَبْلَ الْفَجْرِ كَذَلِكَ وَتَيَقَّنَهُمَا قَبْلَ الْعِشَاءِ كَذَلِكَ فَهَذِهِ ثَلَاثُ مَرَاتِبَ أُولَاهَا مَا قَبْلَ الْعِشَاءِ؛ لِأَنَّهَا أَوَّلُ مَرَاتِبِ الشَّكِّ وَمَا قَبْلَ الْفَجْرِ هُوَ الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ وَمَا بَعْدَ الشَّمْسِ هُوَ الْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ فَيُنْظَرُ إلَى مَا قَبْلَ الْعِشَاءِ كَقَبْلِ الْمَغْرِبِ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ إذْ ذَاكَ مُحْدِثًا فَهُوَ الْآنَ قَبْلَ الْعِشَاءِ مُتَطَهِّرٌ أَوْ مُتَطَهِّرًا فَهُوَ الْآنَ مُحْدِثٌ إنْ اعْتَادَ التَّجْدِيدَ وَإِلَّا فَمُتَطَهِّرٌ ثُمَّ يُنْقَلُ الْكَلَامُ إلَى الْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ، وَهِيَ مَا قَبْلَ الْفَجْرِ، فَإِنْ كَانَ حُكِمَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْعِشَاءِ بِالْحَدَثِ فَهُوَ الْآنَ مُتَطَهِّرٌ إلَى آخِرِ مَا سَبَقَ ثُمَّ يُنْقَلُ الْكَلَامُ إلَى مَا بَعْدَ الشَّمْسِ مِثْلَ مَا سَبَقَ فَقَوْلُ الْمُحَشِّي أَيْ الزِّيَادِيِّ يَأْخُذُ فِي الْوِتْرِ بِالضِّدِّ وَفِي الشَّفْعِ بِالْمِثْلِ مُرَادُهُ الضِّدُّ وَالْمِثْلُ بِالنَّظَرِ لِمَا قَبْلَ أَوَّلِ مَرَاتِبِ الشَّكِّ، وَهُوَ الْمُتَيَقَّنُ لَا بِالنَّظَرِ لِمَا قَبْلَ آخِرِهَا وَالْوِتْرُ أَوَّلُ مَرَاتِبِ الشَّكِّ كَقَبْلِ الْعِشَاءِ وَالْمُتَيَقَّنُ حَالُهُ قَبْلَ الْمَغْرِبِ وَالشَّفْعُ ثَانِي الْمَرَاتِبِ، وَهُوَ قَبْلَ الْفَجْرِ وَحَالُهُ بَعْدَ الشَّمْسِ وِتْرٌ؛ لِأَنَّهَا ثَالِثَةٌ وَهَكَذَا عَلَى سُلُوكِ طَرِيقِ التَّرَقِّي كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ ع ش عَلَى م ر اهـ حِفْنِي وَإِذَا تَأَمَّلْت ذَلِكَ تَجِدُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْمَرَاتِبِ ضِدَّ مَا قَبْلَهَا فَإِذَا كَانَ قَبْلَ أَوَّلِ الْمَرَاتِبِ مُحْدِثًا فَهُوَ فِي الْمَرْتَبَةِ الْأُولَى مُتَطَهِّرٌ، وَإِذَا حَكَمْنَا عَلَيْهِ بِالتَّطَهُّرِ فَهُوَ فِي الثَّانِيَةِ مُحْدِثٌ إنْ اعْتَادَ التَّجْدِيدَ، فَإِنْ لَمْ يَعْتَدْهُ فَهُوَ مُتَطَهِّرٌ أَيْضًا، وَإِذَا حَكَمْنَا عَلَيْهِ بِالْحَدَثِ فِي الثَّانِيَةِ فَهُوَ فِي الثَّالِثَةِ مُتَطَهِّرٌ، وَإِذَا حَكَمْنَا عَلَيْهِ بِالتَّطَهُّرِ فَفِي الثَّالِثَةِ مُحْدِثٌ إنْ اعْتَادَ التَّجْدِيدَ، فَإِنْ لَمْ يَعْتَدْهُ فَمُتَطَهِّرٌ وَهَكَذَا فِي جَمِيعِ الْمَرَاتِبِ بُجَيْرِمِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَيْدٍ مَلْحُوظٍ فِيمَا سَبَقَ تَقْدِيرُهُ فَضِدُّ مَا قَبْلَهُمَا يَأْخُذُ بِهِ إنْ عَلِمَهُ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: مَا قَبْلَهُمَا) أَيْ أَصْلًا وَلَوْ بِمَرَاتِبَ (قَوْلُهُ: بِكُلِّ حَالٍ) لَمْ يَظْهَرْ الْمُرَادُ بِهِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ هُنَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَلَا النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي وَقَوْلُ الْكُرْدِيِّ أَيْ سَوَاءٌ عَلَى مَا قَبْلَ مَا قَبْلَهُمَا أَمْ لَا اهـ ظَاهِرُ السُّقُوطِ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مَا قَبْلَهُمَا الْمُرَادُ بِهِ الْعُمُومُ وَالِاسْتِغْرَاقُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: لِتَعَارُضِ الِاحْتِمَالَيْنِ) أَيْ الْحَدَثِ وَالطُّهْرِ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يُحْتَمَلْ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي أَمَّا مَنْ يُعْتَادُ التَّجْدِيدُ فَيَأْخُذُ الطَّهَارَةَ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ اهـ.
(قَوْلُهُ: بِكُلِّ حَالٍ) أَيْ عَلِمَ مَا قَبْلَهُمَا أَمْ لَا ثُمَّ الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ مَعَ عَدَمِ التَّذَكُّرِ
[فَصْلٌ فِي آدَابِ قَاضِي الْحَاجَةِ ثُمَّ الِاسْتِنْجَاءِ]
(فَصْلٌ فِي آدَابِ قَاضِي الْحَاجَةِ)
وَالْآدَابُ بِالْمَدِّ جَمْعُ أَدَبٍ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْمَطْلُوبُ شَرْعًا فَيَشْمَلُ الْمُسْتَحَبَّ وَالْوَاجِبَ ع ش.
(قَوْلُهُ: نَدْبًا) كَذَا فِي الْمُغْنِي وَقَالَ النِّهَايَةُ اعْلَمْ أَنَّ جَمِيعَ مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي هَذَا الْفَصْلِ مِنْ الْآدَابِ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ إلَّا الِاسْتِقْبَالَ وَالِاسْتِدْبَارَ اهـ قَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ: إلَّا الِاسْتِقْبَالَ وَالِاسْتِدْبَارَ يَعْنِي مَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا إذْ الْأَدَبُ إنَّمَا هُوَ تَرْكُهُمَا إذْ هُمَا إمَّا حَرَامَانِ أَوْ مَكْرُوهَانِ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى أَوْ مُبَاحَانِ كَمَا يَأْتِي اهـ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ الِاسْتِنْجَاءِ) أَيْ آدَابِ الِاسْتِنْجَاءِ بِمَعْنَى الْإِزَالَةِ قَالَ النِّهَايَةُ يُعَبَّرُ عَنْهُ بِالِاسْتِنْجَاءِ وَبِالِاسْتِطَابَةِ وَبِالِاسْتِجْمَارِ وَالْأَوَّلَانِ يَعُمَّانِ الْمَاءَ وَالْحَجَرَ وَالثَّالِثُ يَخْتَصُّ بِالْحَجَرِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ لِحَاجَةٍ أُخْرَى) كَوَضْعِ مَتَاعٍ أَوْ أَخْذِهِ ع ش (قَوْلُهُ: وَكَذَا فِي أَكْثَرِ الْآدَابِ) يَخْرُجُ بِقَيْدِ الْأَكْثَرِ نَحْوُ اعْتِمَادِ الْيَسَارِ جَالِسًا وَاسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارُهَا وَمِنْ الْأَكْثَرِ أَنْ لَا يَحْمِلَ ذِكْرَ اللَّهِ وَ (قَوْلُهُ لِلْغَالِبِ) أَيْ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ سم (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ) إلَى قَوْلِهِ وَفِيمَا لَهُ دِهْلِيزٌ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي ثُمَّ قَالَا وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُقَدَّمُ الْيَمِينُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي اخْتَارَهُ لِلصَّلَاةِ
الْأَخْذُ بِهَذَا الشَّكِّ
(قَوْلُهُ: لِتَيَقُّنِهِ الطُّهْرَ إلَخْ) قَدْ يُعَارَضُ بِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الْحَدَثَ وَشَكَّ فِي تَأَخُّرِ الطُّهْرِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَيُجَابُ بِتَيَقُّنِ رَفْعِ الطَّهَارَةِ أَحَدَ الْحَدَثَيْنِ فَقَوِيَ اعْتِبَارُهَا
(فَصْلٌ)
(قَوْلُهُ: فِي أَكْثَرِ) يَخْرُجُ بِقَيْدِ أَكْثَرِ نَحْوُ اعْتِمَادِ الْيَسَارِ جَالِسًا وَاسْتِقْبَالِهِ الْقِبْلَةَ وَاسْتِدْبَارِهَا وَمِنْ
وَالْمُرَادُ الْوَاصِلُ لِمَحَلِّ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَلَوْ بِصَحْرَاءَ وَالتَّعْيِينُ فِيهَا لِغَيْرِ الْمُعَدِّ بِالْقَصْدِ لِصَيْرُورَتِهِ بِهِ مُسْتَقْذَرًا كَالْخَلَاءِ الْجَدِيدِ وَفِيمَا لَهُ دِهْلِيزٌ طَوِيلٌ يُقَدِّمُهَا عِنْدَ بَابِهِ وَوُصُولِهِ لِمَحَلِّ جُلُوسِهِ وَأَصْلُ الْخَلَاءِ بِالْمَدِّ الْمَحَلُّ الْخَالِي ثُمَّ خُصَّ بِمَا تُقْضَى فِيهِ الْحَاجَةُ قِيلَ، وَهُوَ اسْمُ شَيْطَانٍ فِيهِ لِحَدِيثٍ يَدُلُّ لَهُ (يَسَارَهُ) أَوْ بَدَلَهَا كَكُلِّ مُسْتَقْذَرٍ مِنْ نَحْوِ سُوقٍ وَمَحَلٍّ قَذِرٍ وَمَعْصِيَةٍ كَالصَّاغَةِ فَيَحْرُمُ دُخُولُهَا عَلَى مَا أَطْلَقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ لَكِنْ قَيَّدَهُ الْمُصَنِّفُ فِي فَتَاوِيهِ بِمَا إذَا عَلِمَ أَنَّ فِيهَا أَيْ حَالِ دُخُولِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مَعْصِيَةً كَرِبًا وَلَمْ تَكُنْ لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّخُولِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ مَحَلَّ حُرْمَةِ دُخُولِ كُلِّ مَحَلٍّ بِهِ مَعْصِيَةٌ كَالزَّنْيَةِ مَا لَمْ يَحْتَجْ لِدُخُولِهِ أَيْ بِأَنْ يَتَوَقَّفَ قَضَاءُ مَا يَتَأَثَّرُ بِفَقْدِهِ تَأَثُّرًا لَهُ وَقَعَ عُرْفًا عَلَى دُخُولِ مَحَلِّهَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا لِلْمُسْتَقْذَرِ (وَ) يُقَدِّمُ (الْخَارِجُ يَمِينَهُ) كَالدَّاخِلِ لِلْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهَا لِغَيْرِ الْمُسْتَقْذَرِ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْأَوْجَهُ فِيمَا لَا تَكْرُمَةً فِيهِ وَلَا اسْتِقْذَارَ أَنَّهُ يَفْعَلُ بِالْيَمِينِ وَفِي شَرِيفٍ وَأَشْرَفَ كَالْكَعْبَةِ وَبَقِيَّةِ الْمَسْجِدِ تُتَّجَهُ مُرَاعَاةُ الْأَشْرَفِ وَشَرِيفَيْنِ كَمَسْجِدٍ بِلَصْقِ مَسْجِدٍ مِثْلِهِ
مِنْ الصَّحْرَاءِ، وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ الْوَاصِلُ لِمَحَلِّ إلَخْ) أَيْ وَالْعَائِدُ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِصَحْرَاءَ) كَأَنَّهُ أَشَارَ بِالْغَايَةِ إلَى أَنَّ الْخَلَاءَ مُسْتَعْمَلٌ فِي مَكَانِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ مُطْلَقًا مَجَازًا وَإِلَّا فَالْخَلَاءُ عُرْفًا كَمَا فِي الْمَحَلِّيِّ الْبِنَاءُ الْمُعَدُّ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ ع ش (قَوْلُهُ لِصَيْرُورَتِهِ بِهِ إلَخْ) وَأَمَّا كَوْنُهُ مَأْوَى الشَّيَاطِينِ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ قَضَائِهَا فِيهِ بِالْفِعْلِ وَأَمَّا كَوْنُهُ مُعَدًّا فَلَا يَصِيرُ إلَّا بِإِرَادَةِ الْعَوْدِ إلَيْهِ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْكَنِيفِ أَمَّا هِيَ فَتَصِيرُ مُعَدَّةً وَمَأْوًى لِلشَّيَاطِينِ بِمُجَرَّدِ تَهْيِئَتِهَا لِقَضَائِهَا، وَإِنْ لَمْ تُقْضَ فِيهَا بِالْفِعْلِ بِرْمَاوِيٌّ وَفِي ع ش مَا يُوَافِقُهُ.
(قَوْلُهُ: كَالْخَلَاءِ الْجَدِيدِ) ظَاهِرُ التَّشْبِيهِ أَنَّ الْخَلَاءَ الْجَدِيدَ لَا يَصِيرُ مُسْتَقْذَرًا إلَّا بِإِرَادَةِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ فِيهِ فَلَا يَكْفِي بِنَاؤُهُ لِذَلِكَ لَكِنْ بَحَثَ شَيْخُنَا م ر أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِالْإِرَادَةِ الْمَذْكُورَةِ وَعَلَيْهِ فَالتَّشْبِيهُ نَاقِصٌ رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ شَيْخِهِ، وَهُوَ ع ش الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِمَا ذُكِرَ أَنَّ الْخَلَاءَ يَصِيرُ مُسْتَقْذَرًا بِالْإِعْدَادِ لَا أَنَّهُ يُتَوَقَّفُ أَيْ اسْتِقْذَارُهُ عَلَى إرَادَةِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ فِيهِ اهـ وَجَزَمَ بِهِ شَيْخُنَا وَكَذَا الْبِرْمَاوِيُّ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَوُصُولِهِ لِمَحَلِّ جُلُوسِهِ) أَيْ، وَيَمْشِي كَيْفَ اتَّفَقَ فِي غَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّهُ أَقْذَرُ مِمَّا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَابِ وَيُحْتَمَلُ م ر أَنْ يَتَخَيَّرَ عِنْدَ وُصُولِهِ لِمَحَلِّ جُلُوسِهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ جَمِيعَ مَا بَعْدَ الْبَابِ أَجْزَاءُ مَحَلٍّ وَاحِدٍ وَيُؤَيِّدُهُ التَّخْيِيرُ عِنْدَ وُصُولِ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ دِهْلِيزٌ أَوْ كَانَ قَصِيرًا فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى حَجّ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ م ر مِنْ التَّخْيِيرِ ع ش (قَوْلُهُ: وَأَصْلُ الْخَلَاءِ) إلَى قَوْلِهِ مِنْ نَحْوِ سُوقٍ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ بِمَا تَقْضِي إلَخْ) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ وَالْمُغْنِي نُقِلَ إلَى الْبِنَاءِ الْمُعَدِّ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ عُرْفًا اهـ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْبِنَاءَ لَيْسَ بِقَيْدٍ قَوْلُ الْمَتْنِ (يَسَارُهُ) بِفَتْحِ الْيَاءِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا مُغْنِي (قَوْلُهُ: أَوْ بَدَلَهَا) إلَى قَوْلِهِ فَيَحْرُمُ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَدَلَهَا) أَيْ فِي حَقِّ فَاقِدِهَا نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: كَكُلِّ مُسْتَقْذَرٍ إلَخْ) أَيْ كَالدُّخُولِ ذَلِكَ وَبَعْدَ الدُّخُولِ يَمْشِي كَيْفَ اتَّفَقَ سم.
(قَوْلُهُ مِنْ نَحْوِ سُوقٍ إلَخْ) كَالْحَمَّامِ وَالْمُسْتَحِمِّ نِهَايَةٌ قَالَ ع ش، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ الْمَحَلَّاتُ الْمَغْضُوبُ عَلَى أَهْلِهَا وَمَقَابِرُ الْكُفَّارِ اهـ.
(قَوْلُهُ: كَرِبًا) أَيْ وَتَمْوِيهٍ وَصَوْغِ إنَاءٍ مِنْ النَّقْدِ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ يُؤْخَذُ) أَيْ مِمَّا فِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: كَالزَّنْيَةِ) هِيَ بِمَعْنَى الزِّنَا كُرْدِيٌّ وَضَبَطَهُ الْقَامُوسُ بِفَتْحِ الزَّاي وَكَسْرِهَا (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) رَاجِعٌ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لِلْمُسْتَقْذَرِ) وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ مَنْ بَدَأَ بِرِجْلِهِ الْيُمْنَى قَبْلَ يَسَارِهِ إذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ اُبْتُلِيَ بِالْفَقْرِ مُغْنِي وَسُلْطَانٌ (قَوْلُهُ كَانَ الْأَوْجَهُ إلَخْ) خِلَافًا لِلْمُغْنِي وَالزِّيَادِيِّ وَالنِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: مَا لَا تَكْرُمَةً فِيهِ إلَخْ) كَأَخْذِ مَتَاعٍ لِتَحْوِيلِهِ مِنْ مَكَان إلَى مَكَان آخَرَ ع ش (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُفْعَلُ بِالْيَمِينِ) لَكِنْ قَضِيَّةُ قَوْلِ الْمَجْمُوعِ مَا كَانَ مِنْ بَابِ التَّكْرِيمِ يُبْدَأُ فِيهِ بِالْيَمِينِ وَخِلَافُهُ بِالْيَسَارِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ فِيهَا بِالْيَسَارِ نِهَايَةٌ اهـ وَاعْتَمَدَهُ الزِّيَادِيُّ وَالْمُغْنِي كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَفِي شَرِيفٍ وَأَشْرَفَ إلَخْ) الَّذِي يَتَّجِهُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ الْمَدْخُولَ إلَيْهِ مَتَى كَانَ شَرِيفًا قَدَّمَ الْيُمْنَى مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ خَسِيسًا قَدَّمَ الْيُسْرَى مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ تَسَاوَيَا فِي الشَّرَفِ أَوْ الْخِسَّةِ أَوْ تَفَاوَتَا نَظَرًا لِكَوْنِ الشَّرَفِ مُقْتَضِيًا لِلتَّكْرِيمِ وَخِلَافِهِ لِخِلَافِهِ فَتَأَمَّلْ إنْ كُنْت مِنْ أَهْلِهِ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: كَالْكَعْبَةِ وَبَقِيَّةِ الْمَسْجِدِ) يَنْبَغِي وَالرَّوْضَةِ وَبَقِيَّةِ الْمَسْجِدِ سم (قَوْلُهُ: يَتَّجِهُ إلَخْ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ عِبَارَتُهُ يَظْهَرُ مُرَاعَاةُ الْكَعْبَةِ عِنْدَ دُخُولِهَا وَالْمَسْجِدِ عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْهَا لِشَرَفِهِمَا اهـ قَالَ ع ش فَيُقَدِّمُ يَمِينَهُ دُخُولًا وَخُرُوجًا فِيهِمَا خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ اهـ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا مَرَّ عَنْ الْبَصْرِيِّ (قَوْلُهُ: مُرَاعَاةُ الْأَشْرَفِ) قَضِيَّتُهُ تَقْدِيمُ الْيَمِينِ فِي دُخُولِ الْكَعْبَةِ وَالْيَسَارِ فِي الْخُرُوجِ مِنْهَا وَيُحْتَمَلُ م ر مُرَاعَاةُ الدُّخُولِ مُطْلَقًا فِي الْكَعْبَةِ وَبَقِيَّةِ الْمَسْجِدِ لِمَزِيدِ عَظَمَتِهَا فَيُقَدِّمُ الْيَمِينَ فِي دُخُولِ الْكَعْبَةِ وَفِي الْخُرُوجِ مِنْهَا وَيُحْتَمَلُ تَقْدِيمُ الْيَمِينِ فِي دُخُولِ الْكَعْبَةِ وَالتَّخْيِيرُ فِي الْخُرُوجِ مِنْهَا سم وَأَقْرَبُ الِاحْتِمَالَيْنِ أَوَّلُهُمَا الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ عَنْ النِّهَايَةِ وَالْبَصْرِيِّ وَمَا اقْتَضَاهُ
الْأَكْثَرِ أَنْ لَا يَحْمِلَ ذِكْرَ اللَّهِ وَقَوْلُهُ لِلْغَالِبِ أَيْ فَلَا مَفْهُومَ لَهُمَا (قَوْلُهُ: وَوُصُولُهُ لِمَحَلِّ جُلُوسِهِ) أَيْ، وَيَمْشِي كَيْفَ اتَّفَقَ فِي غَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّهُ أَقْذَرُ مِمَّا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَابِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَتَخَيَّرَ عِنْدَ وُصُولِهِ لِمَحَلِّ جُلُوسِهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ جَمِيعَ مَا بَعْدَ الْبَابِ أَجْزَاءُ مَحَلٍّ وَاحِدٍ وَيُؤَيِّدُهُ التَّخْيِيرُ عِنْدَ وُصُولِ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ دِهْلِيزٌ أَوْ كَانَ قَصِيرًا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: كَكُلِّ) أَيْ كَدُخُولِ ذَلِكَ وَبَعْدَ الدُّخُولِ يَمْشِي كَيْفَ اتَّفَقَ (قَوْلُهُ أَنَّهُ يَفْعَلُ بِالْيَمِينِ) لَكِنْ قَضِيَّةُ قَوْلِ الْمَجْمُوعِ مَا كَانَ مِنْ بَابِ التَّكْرِيمِ بَدَأَ فِيهِ بِالْيَمِينِ وَخِلَافُهُ بِالْيَسَارِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ فِيهَا بِالْيَسَارِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: كَالْكَعْبَةِ وَبَقِيَّةِ الْمَسْجِدِ) يَنْبَغِي وَالرَّوْضَةِ وَبَقِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَقَوْلُهُ يَتَّجِهُ مُرَاعَاةُ الْأَشْرَفِ قَضِيَّتُهُ تَقْدِيمُ الْيَمِينِ فِي دُخُولِ
يَتَّجِهُ التَّخْيِيرُ وَبِهِ يُعْلَمُ تَخَيُّرُ الْخَطِيبِ عِنْدَ صُعُودِهِ لِلْمِنْبَرِ وَشَرِيفٌ وَمُسْتَقْذَرٌ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ كَبَيْتٍ بِلَصْقِ مَسْجِدٍ وَقَذَرٌ وَأَقْذَرُ مِنْهُ كَخَلَاءٍ فِي وَسَطِ سُوقٍ يَتَّجِهُ مُرَاعَاةُ الشَّرِيفِ فِي الْأُولَى وَالْأَقْذَرِ فِي الثَّانِيَةِ
(وَلَا يَحْمِلُ) دَاخِلَهُ أَيْ الْوَاصِلُ لِمَحَلِّ قَضَاءِ الْحَاجَةِ (ذِكْرَ اللَّهِ) أَيْ مَكْتُوبَ ذِكْرِهِ كَكُلِّ مُعَظَّمٍ مِنْ قُرْآنٍ
كَلَامُ الشَّارِحِ أَبْعَدُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ: يَتَّجِهُ التَّخْيِيرُ) يَتَّجِهُ تَقْدِيمُ الْيَمِينِ عِنْدَ دُخُولِ أَوَّلِهِمَا ثُمَّ التَّخْيِيرُ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى فِي الدُّخُولِ مِنْ الْأَوَّلِ لِلثَّانِي وَيُتَّجَهُ فِي مُسْتَقْذَرَيْنِ مُتَّصِلَيْنِ تَقْدِيمُ الْيَسَارِ عِنْدَ دُخُولِ أَوَّلِهِمَا وَالتَّخْيِيرُ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى فِي الدُّخُولِ مِنْ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ م ر اهـ سم.
(قَوْلُهُ: تَخَيَّرَ الْخَطِيبُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَلَا نَظَرَ إلَى تَفَاوُتِ بِقَاعِ الْمَسْجِدِ شَرَفًا وَخِسَّةً اهـ قَالَ ع ش أَيْ فِي الْحُسْنِ فَإِنَّ قَرِيبَ الْمِنْبَرِ مَثَلًا لَا يُسَاوِي مَا قَرُبَ مِنْ الْبَابِ فِي النَّظَافَةِ وَمَعَ ذَلِكَ لَا نَظَرَ إلَى هَذَا الشَّرَفِ فَيَتَخَيَّرُ فِي مَشْيِهِ مِنْ أَوَّلِ الْمَسْجِدِ إلَى مَحَلِّ جُلُوسِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَشَرِيفٌ إلَخْ) فَائِدَةٌ
وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ جَعَلَ الْمَسْجِدَ مَوْضِعَ مَكْسٍ مَثَلًا وَيُتَّجَهُ تَقْدِيمُ الْيُمْنَى دُخُولًا وَالْيُسْرَى خُرُوجًا؛ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ ذَاتِيَّةٌ فَتَقَدَّمَ عَلَى الِاسْتِقْذَارِ الْعَارِضِ وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ مِنْ دَنِيءٍ إلَى مَكَان جَهِلَ أَنَّهُ دَنِيءٌ أَوْ شَرِيفٌ فَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى الشَّرَافَةِ سم عَلَى الْبَهْجَةِ قُلْت بَقِيَ مَا لَوْ اُضْطُرَّ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ فِي الْمَسْجِدِ فَهَلْ يُقَدِّمُ الْيَسَارَ لِمَوْضِعِ قَضَائِهَا أَوْ يَتَخَيَّرُ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْحُرْمَةِ الذَّاتِيَّةِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ ذَاتِيَّةٌ ع ش أَقُولُ قَدْ يُنَازِعُ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْ سم قَوْلُ الْإِيعَابِ وَكَالْخَلَاءِ فِي تَقْدِيمِ الْيُسْرَى دُخُولًا وَالْيُمْنَى انْصِرَافًا الْحَمَّامُ وَالسُّوقُ، وَإِنْ كَانَ مَحَلُّ عِبَادَةٍ كَالْمَسْعَى الْآنَ فِيمَا يَظْهَرُ وَمَكَانِ الظُّلْمِ وَكُلِّ مُنْكَرٍ اهـ فَالْمَسْعَى حُرْمَتُهُ ذَاتِيَّةٌ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ عِبَادَةٍ وَمَعَ ذَلِكَ قُدِّمَ الِاسْتِقْذَارُ الْعَارِضُ عَلَيْهِ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَقَذَرٍ وَأَقْذَرَ) وَلَيْسَ مِنْ الْمُسْتَقْذِرَيْنِ فِيمَا يَظْهَرُ السُّوقُ وَالْقَهْوَةُ بَلْ الْقَهْوَةُ أَشْرَفُ فَيُقَدِّمُ يَمِينَهُ دُخُولًا قَالَهُ ع ش وَلَا يَخْلُو عَنْ نَظَرٍ كُرْدِيٌّ أَقُولُ وَالنَّظَرُ ظَاهِرٌ بَلْ لَا يَبْعُدُ الْعَكْسُ فِي زَمَنِنَا (قَوْلُهُ يَتَّجِهُ مُرَاعَاةُ الشَّرِيفِ إلَخْ) أَيْ فَيُقَدِّمُ عِنْدَ دُخُولِهِ مِنْ الْبَيْتِ لِلْمَسْجِدِ الْيَمِينَ وَعِنْدَ دُخُولِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ لِلْبَيْتِ الْيَسَارَ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ دُخُولٌ لِلْمَسْجِدِ وَالثَّانِيَ خُرُوجٌ مِنْهُ سم (قَوْلُهُ وَالْأَقْذَارُ فِي الثَّانِيَةِ) كَانَ مُرَادُهُ تَقْدِيمَ الْيَسَارِ لِدُخُولِ الْخَلَاءِ وَالْيَمِينِ لِخُرُوجِهِ مِنْهُ سم (قَوْلُهُ: لِمَحَلِّ قَضَاءِ الْحَاجَةِ) هَذَا يُخْرِجُ الدِّهْلِيزَ الْمَذْكُورَ وَفِيهِ نَظَرٌ سم وَقَدْ يَمْنَعُ دَعْوَى الْإِخْرَاجِ، وَيَدَّعِي أَنَّهُ إنَّمَا عَبَّرَ بِهِ لِيَشْمَلَ مَا فِي الصَّحْرَاءِ بِقَرِينَةِ مَا قَدَّمَهُ هُنَاكَ
قَوْلُ الْمَتْنِ (ذِكْرُ اللَّهِ) هُوَ مَا تَضَمَّنَ ثَنَاءً أَوْ دُعَاءً وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى كُلِّ مَا فِيهِ ثَوَابٌ (فَائِدَةٌ)
وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ نُقِشَ اسْمُ مُعَظَّمٍ عَلَى خَاتَمٍ لِاثْنَيْنِ قَصَدَ أَحَدُهُمَا بِهِ نَفْسَهُ وَالْآخَرُ الْمُعَظَّمُ اسْمُ نَبِيِّنَا فَهَلْ يُكْرَهُ الدُّخُولُ بِهِ الْخَلَاءَ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ إنْ اسْتَعْمَلَهُ أَحَدُهُمَا عَمِلَ بِقَصْدِهِ أَوْ غَيْرُهُمَا لَا بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ عَنْ أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ كُرِهَ تَغْلِيبًا لِلْمُعَظَّمِ ع ش (قَوْلُهُ: أَيْ مَكْتُوبٌ) إلَى قَوْلِهِ وَمَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي النِّهَايَةِ إلَى قَوْلِهِ وَلَمْ يَصِحَّ فِي كَيْفِيَّةِ وَضْعِ ذَلِكَ شَيْءٌ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَى قَوْلِهِ، وَيَظْهَرُ إلَى فَيُكْرَهُ (قَوْلُهُ: أَيْ مَكْتُوبٌ ذِكْرُهُ إلَخْ) حَتَّى حَمْلُ مَا كُتِبَ مِنْ ذَلِكَ فِي دَرَاهِمَ وَنَحْوِهَا مُغْنِي (قَوْلُهُ: كَكُلِّ مُعَظَّمٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ دُونَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ إلَّا مَا عُلِمَ عَدَمُ تَبَدُّلِهِ مِنْهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ مَنْسُوخًا انْتَهَى وَيُتَّجَهُ اسْتِثْنَاءُ مَا شَكَّ فِي تَبَدُّلِهِ لِثُبُوتِ حُرْمَتِهِ مَعَ الشَّكِّ بِدَلِيلِ حُرْمَةِ الِاسْتِنْجَاءِ بِهِ حِينَئِذٍ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ شَرْحِ الرَّوْضِ، وَإِذَا كُرِهَ حَمْلُ مَا عَلِمَ عَدَمَ تَبَدُّلِهِ مِنْهُمَا أَوْ شَكَّ فِيهِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فَيُتَّجَهُ أَنَّهُ يُكْرَهُ حَمْلُ مَا نُسِخَ تِلَاوَتُهُ مِنْ الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْ التَّوْرَاةِ سم (قَوْلُهُ: مِنْ قُرْآنٍ) بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ تَخْرِيجَ مَا يُوجَدُ نَظْمُهُ مِنْ الْقُرْآنِ فِي غَيْرِهِ عَلَى حُرْمَةِ التَّلَفُّظِ بِهِ لِلْجُنُبِ قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ، وَهُوَ قَرِيبٌ، وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ غَيْرُهُ سم عِبَارَةُ ع ش بَقِيَ مَا يُوجَدُ نَظْمُهُ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ مِمَّا
الْكَعْبَةِ وَالْيَسَارِ فِي الْخُرُوجِ مِنْهَا وَيُحْتَمَلُ مُرَاعَاةُ الدُّخُولِ مُطْلَقًا فِي الْكَعْبَةِ وَبَقِيَّةِ الْمَسْجِدِ لِمَزِيدِ عَظَمَتِهَا فَيُقَدِّمُ الْيَمِينَ فِي دُخُولِ الْكَعْبَةِ وَفِي الْخُرُوجِ مِنْهَا وَيُحْتَمَلُ تَقْدِيمُ الْيَمِينِ فِي دُخُولِ الْكَعْبَةِ وَالتَّخْيِيرُ فِي الْخُرُوجِ مِنْهَا (قَوْلُهُ: يَتَّجِهُ التَّخْيِيرُ) يَتَّجِهُ تَقْدِيمُ الْيَمِينِ عِنْدَ دُخُولِ أَوَّلِهَا ثُمَّ التَّخْيِيرُ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى فِي الدُّخُولِ مِنْ الْأَوَّلِ لِلثَّانِي وَيَتَّجِهُ فِي مُسْتَقْذَرَيْنِ مُتَّصِلَيْنِ تَقْدِيمُ الْيَسَارِ عِنْدَ دُخُولِ أَوَّلِهِمَا وَالتَّخْيِيرُ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى فِي الدُّخُولِ مِنْ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ م ر (قَوْلُهُ: يَتَّجِهُ مُرَاعَاةُ الشَّرِيفِ) أَيْ فَيُقَدِّمُ عِنْدَ دُخُولِهِ مِنْ الْبَيْتِ لِلْمَسْجِدِ الْيَمِينَ وَعِنْدَ دُخُولِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ لِلْبَيْتِ الْيَسَارَ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ دُخُولٌ لِلْمَسْجِدِ وَالثَّانِيَ خُرُوجٌ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَالْأَقْذَرِ) كَأَنَّ مُرَادَهُ تَقْدِيمُ الْيَسَارِ لِدُخُولِ الْخَلَاءِ وَالْيَمِينِ لِخُرُوجِهِ مِنْهُ
(قَوْلُهُ: لِمَحَلِّ قَضَاءِ الْحَاجَةِ) هَذَا يُخْرِجُ الدِّهْلِيزَ الْمَذْكُورَ بَلْ وَمُطْلَقَ الدِّهْلِيزِ وَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: ذِكْرَ اللَّهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ لَا حَمْلَ تَوْرَاةٍ، وَإِنْجِيلٍ وَنَحْوِهِمَا كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ انْتَهَى أَيْ مَعَ الْخُلُوِّ عَنْ الْمُعَظَّمِ بَلْ يَنْبَغِي التَّقْيِيدُ بِالْمُبَدَّلِ (قَوْلُهُ: كَكُلِّ مُعَظَّمٍ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ
وَاسْمِ نَبِيٍّ وَمَلَكٍ مُخْتَصٍّ أَوْ مُشْتَرَكٍ وَقَصَدَ بِهِ الْمُعَظَّمَ أَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ قَوِيَّةٌ عَلَى أَنَّهُ الْمُرَادُ بِهِ، وَيَظْهَرُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِقَصْدِ كَاتِبِهِ لِنَفْسِهِ وَإِلَّا فَالْمَكْتُوبُ لَهُ نَظِيرُ مَا مَرَّ
يُوَافِقُ لَفْظَ الْقُرْآنِ كَلَا رَيْبَ مَثَلًا فَهَلْ يُكْرَهُ حَمْلُهُ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ مَا لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ غَيْرِ الْقُرْآنِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَاسْمِ نَبِيٍّ وَمَلَكٍ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ أَسْمَاءُ اللَّهِ تَعَالَى وَأَسْمَاءُ الْأَنْبِيَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَسُولًا وَالْمَلَائِكَةِ سَوَاءٌ عَامَّتُهُمْ وَخَاصَّتُهُمْ اهـ.
وَفِي سم قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ عَوَامِّ الْمَلَائِكَةِ وَخَوَاصِّهِمْ وَهَلْ يَلْحَقُ بِعَوَامِّهِمْ عَوَامُّ الْمُؤْمِنِينَ أَيْ صُلَحَاؤُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ أَفْضَلُ مِنْهُمْ مَحَلُّ نَظَرٍ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ أُولَئِكَ مَعْصُومُونَ وَقَدْ يُوجَدُ فِي الْمَفْضُولِ مَزِيَّةٌ لَا تُوجَدُ فِي الْفَاضِلِ انْتَهَى.
(تَنْبِيهٌ)
حَمْلُ الْمُعَظَّمِ الْمَكْرُوهِ هَلْ يَشْمَلُ حَمْلَ صَاحِبِهِ لَهُ فَيُكْرَهُ حَمْلُ صَاحِبِهِ لَهُ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الشُّمُولُ وَقَدْ تَشْمَلُهُ عِبَارَتُهُمْ اهـ وَأَقَرَّهُ ع ش وَعِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ وَفِي الْقَلْيُوبِيِّ عَلَى الْمَحَلِّيِّ قَالَ شَيْخُنَا وَكَذَا صُلَحَاءُ الْمُسْلِمِينَ كَالصَّحَابَةِ وَالْأَوْلِيَاءِ أَيْ يُكْرَهُ كَالْمَلَائِكَةِ وَبَحَثَهُ الْحَلَبِيُّ أَيْضًا فِي حَوَاشِي الْمَنْهَجِ ثُمَّ قَالَ وَهَلْ يُكْرَهُ حَمْلُ الِاسْمِ الْمُعَظَّمِ وَلَوْ لِصَاحِبِ ذَلِكَ الِاسْمِ الظَّاهِرُ نَعَمْ انْتَهَى اهـ.
(قَوْلُهُ: مُخْتَصٍّ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ، وَإِنَّ مَا عَلَيْهِ الْجَلَالَةُ لَا يَقْبَلُ الصَّرْفَ اهـ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الرَّحْمَنُ كَالْجَلَالَةِ فِي عَدَمِ قَبُولِ الصَّرْفِ سم.
(قَوْلُهُ: أَوْ مُشْتَرَكٍ) كَعَزِيزٍ وَكَرِيمٍ وَمُحَمَّدٍ مُغْنِي وَشَرْحُ بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ: أَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ إلَخْ) أَيْ، فَإِنْ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ فَالْأَصْلُ الْإِبَاحَةُ ع ش (قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ أَنَّ الْعِبْرَةَ إلَخْ) الَّذِي يَظْهَرُ لِيُوَافِقَ مَا مَرَّ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْكَاتِبِ نَفْسِهِ إنْ كَتَبَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَإِلَّا فَالْمَكْتُوبُ لَهُ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: بِقَصْدِ كَاتِبِهِ إلَخْ) لَوْ قَصَدَ بِهِ كَاتِبُهُ لِنَفْسِهِ الْمُعَظَّمِ ثُمَّ بَاعَهُ فَقَصَدَ بِهِ الْمُشْتَرِي غَيْرَ الْمُعَظَّمِ فَهَلْ يُؤَثِّرُ قَصْدُ الْمُشْتَرِي فِيهِ نَظَرٌ ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَلَا تَرَى أَنَّ اسْمَ الْمُعَظَّمِ إذَا أُرِيدَ بِهِ غَيْرُهُ صَارَ غَيْرَ مُعَظَّمٍ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ قُلْت، وَيَبْقَى الْكَلَامُ فِيمَا لَوْ قَصَدَ أَوَّلًا غَيْرَ الْمُعَظَّمِ ثُمَّ بَاعَهُ وَقَصَدَ بِهِ الْمُشْتَرِي الْمُعَظَّمَ أَوْ تَغَيَّرَ قَصْدُهُ وَقِيَاسُ مَا ذَكَرُوهُ فِي الْخَمْرَةِ مِنْ أَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلْقَصْدِ الْكَرَاهَةُ فِيمَا ذُكِرَ تَأَمَّلْ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَا كُتِبَ لِلدِّرَاسَةِ لَا يَزُولُ حُكْمُهُ بِتَغَيُّرِ قَصْدِهِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَخَذَ وَرَقَةً مِنْ الْمُصْحَفِ وَقَصَدَ جَعْلَهَا تَمِيمَةً لَا يَجُوزُ مَسُّهَا وَلَا حَمْلُهَا مَعَ الْحَدَثِ سِيَّمَا وَفِي كَلَامِ ابْن حَجَرٍ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ كَتَبَ تَمِيمَةً ثُمَّ قَصَدَ بِهَا الدِّرَاسَةَ لَا يَزُولُ حُكْمُ التَّمِيمَةِ انْتَهَى ع ش (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْمَكْتُوبُ لَهُ) وَبَقِيَ الْإِطْلَاقُ، وَيَنْبَغِي عَدَمُ الْكَرَاهَةِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِبَاحَةُ ع ش (قَوْلُهُ: نَظِيرُ مَا مَرَّ) أَيْ
دُونَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ إلَّا مَا عَلِمَ عَدَمَ تَبْدِيلِهِ مِنْهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ كَانَ مَنْسُوخًا انْتَهَى وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: فِي شَرْحِ الرَّوْضِ لَا حَمْلَ تَوْرَاةٍ، وَإِنْجِيلٍ وَنَحْوِهِمَا كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ انْتَهَى أَيْ لَا يُكْرَهُ حَمْلُ ذَلِكَ أَيْ إلَّا إنْ عَلِمَ عَدَمَ تَبَدُّلِهِ بَلْ كَانَ يَتَّجِهُ أَيْضًا اسْتِثْنَاءُ مَا شَكَّ فِي تَبَدُّلِهِ لِثُبُوتِ حُرْمَتِهِ مَعَ الشَّكِّ بِدَلِيلِ حُرْمَةِ الِاسْتِنْجَاءِ بِهِ حِينَئِذٍ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ حَيْثُ قَالَ وَجَوَّزَهُ أَيْ الِاسْتِنْجَاءَ الْقَاضِي بِوَرَقِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، وَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى مَا عَلِمَ تَبَدُّلَهُ مِنْهُمَا وَخَلَا عَنْ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَنَحْوِهِ انْتَهَى فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي الْمَنْعِ عِنْدَ الشَّكِّ فَالْمَنْعُ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى بَقَاءِ الِاحْتِرَامِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَإِذَا كُرِهَ حَمْلُ مَا عَلِمَ عَدَمَ تَبَدُّلِهِ مِنْهُمَا أَوْ شَكَّ فِيهِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فَيَتَّجِهُ أَنَّهُ يُكْرَهُ حَمْلُ مَا نُسِخَ تِلَاوَتُهُ مِنْ الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْ التَّوْرَاةِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مِنْ قُرْآنٍ) بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ تَخْرِيجَ مَا يُوجَدُ نَظْمُهُ مِنْ الْقُرْآنِ فِي غَيْرِهِ عَلَى حُرْمَةِ التَّلَفُّظِ بِهِ لِلْجُنُبِ قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَهُوَ قَرِيبٌ، وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَاسْمِ نَبِيٍّ وَمَلَكٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ، وَأَنَّهُ أَيْ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ عَوَامِّ الْمَلَائِكَةِ وَخَوَاصِّهِمْ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ حَيْثُ عَبَّرَ بِجَمِيعِ الْمَلَائِكَةِ وَهَلْ يَلْحَقُ بِعَوَامِّهِمْ عَوَامُّ الْمُؤْمِنِينَ أَيْ صُلَحَاؤُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ أَفْضَلُ مِنْهُمْ مَحَلُّ نَظَرٍ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ أُولَئِكَ مَعْصُومُونَ وَقَدْ يُوجَدُ فِي الْمَفْضُولِ مَزِيَّةٌ لَا تُوجَدُ فِي الْفَاضِلِ انْتَهَى.
(تَنْبِيهٌ)
حَمْلُ الْمُعَظَّمِ الْمَكْرُوهِ هَلْ يَشْمَلُ حَمْلَ صَاحِبِهِ لَهُ فَيُكْرَهُ حَمْلُ صَاحِبِهِ لَهُ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الشُّمُولُ وَقَدْ تَشْمَلُهُ عِبَارَتُهُمْ، فَإِنْ قِيلَ لَوْ كُرِهَ حَمْلُ صَاحِبِهِ لَهُ لَكُرِهَ دُخُولُ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ عَظَمَةَ الِاسْمِ هُنَا إنَّمَا هِيَ لِعَظَمَتِهِ قُلْت يُفَرَّقُ بِاحْتِيَاجِ صَاحِبِهِ إلَى الدُّخُولِ بِخِلَافِ اسْمِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ مُخْتَصٍّ أَوْ مُشْتَرَكٍ) فِي شَرْحِ الْعُبَابِ، وَأَنَّ مَا عَلَيْهِ الْجَلَالَةَ لَا يَقْبَلُ الصَّرْفَ لَكِنْ كَلَامُهُمْ فِي كِتَابَتِهِ عَلَى نِعَمِ الصَّدَقَةِ يَقْتَضِي خِلَافَهُ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِقِيَامِ الْقَرِينَةِ ثَمَّ عَلَى الصَّرْفِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ الْقَصْدُ بِهِ إلَّا التَّمْيِيزَ خِلَافُهُ هُنَا انْتَهَى وَقَدْ يُقْصَدُ هُنَا مُجَرَّدُ التَّمْيِيزِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الرَّحْمَنُ كَالْجَلَالَةِ فِي عَدَمِ قَبُولِ الصَّرْفِ (قَوْلُهُ: بِقَصْدِ كَاتِبِهِ) لَوْ قَصَدَ بِهِ كَاتِبُهُ لِنَفْسِهِ الْمُعَظَّمَ ثُمَّ بَاعَهُ فَقَصَدَ بِهِ الْمُشْتَرِي غَيْرَ الْمُعَظَّمِ فَهَلْ يُؤَثِّرُ قَصْدُ الْمُشْتَرِي فِيهِ نَظَرٌ ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَلَا
فَيُكْرَهُ حَمْلُ مَا كُتِبَ فِيهِ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَنْزِعُ خَاتَمَهُ إذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ» وَكَانَ نَقْشُهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ مُحَمَّدٌ سَطْرٌ وَرَسُولُ سَطْرٌ وَاَللَّهِ سَطْرٌ وَلَمْ يَصِحَّ فِي كَيْفِيَّةِ وَضْعِ ذَلِكَ شَيْءٌ وَلَوْ دَخَلَ بِهِ وَلَوْ عَمْدًا غَيَّبَهُ نَدْبًا بِنَحْوِ ضَمِّ كَفِّهِ عَلَيْهِ، وَيَجِبُ عَلَى مَنْ بِيَسَارِهِ خَاتَمٌ عَلَيْهِ مُعَظَّمٌ نَزْعُهُ عِنْدَ اسْتِنْجَاءٍ يُنَجِّسُهُ وَمَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ إلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّمِ لِإِدْخَالِ الْمُصْحَفِ الْخَلَاءَ بِلَا ضَرُورَةٍ، وَهُوَ قَوِيُّ الْمَدْرَكِ
(وَيَعْتَمِدُ) نَدْبًا فِي حَالِ قَضَاءِ حَاجَتِهِ (جَالِسٌ يَسَارَهُ) ؛ لِأَنَّهَا الْأَنْسَبُ بِذَلِكَ بِخِلَافِ يَمِينِهِ فَيَضَعُ أَصَابِعَهَا بِالْأَرْضِ، وَيَنْصِبُ بَاقِيَهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَسْهَلَ لِخُرُوجِ الْخَارِجِ أَمَّا الْقَائِمُ، فَإِنْ أَمِنَ مَعَ اعْتِمَادِ الْيُسْرَى تَنَجُّسَهَا اعْتَمَدَهَا وَإِلَّا اعْتَمَدَهُمَا وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ إطْلَاقُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ الْأَوَّلَ وَبَعْضِهِمْ الثَّانِيَ وَقَدْ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ حُرْمَةَ الْبَوْلِ أَوْ التَّغَوُّطِ قَائِمًا بِلَا عُذْرٍ إنْ عَلِمَ التَّلْوِيثَ وَلَا مَاءَ أَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ أَوْ اتَّسَعَ وَحَرَّمْنَا التَّضَمُّخَ بِالنَّجَاسَةِ عَبَثًا أَيْ، وَهُوَ الْأَصَحُّ وَبِهِ يُقَيَّدُ إطْلَاقُهُمْ كَرَاهَةَ الْقِيَامِ بِلَا عُذْرٍ وَوَاضِحٌ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَأْمَنْ مِنْ التَّنْجِيسِ إلَّا بِاعْتِمَادِ الْيَمِينِ وَحْدَهَا اعْتَمَدَهَا
(وَلَا يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ) أَيْ الْكَعْبَةَ
فِي شَرْحِ وَمَا كُتِبَ لِدَرْسِ قُرْآنٍ إلَخْ (قَوْلُهُ فَيُكْرَهُ حَمْلُ إلَخْ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْخَلَاءُ فَلَا يُنَافِي حُرْمَةَ حَمْلِ الْقُرْآنِ مَعَ الْحَدَثِ إنْ فُرِضَ سم عَلَى حَجّ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ ذَلِكَ كُلَّ مَحَلٍّ مُسْتَقْذَرٍ، وَإِنَّمَا اُقْتُصِرَ عَلَى الْخَلَاءِ لِكَوْنِ الْكَلَامِ فِيهِ ع ش.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَصِحَّ إلَخْ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَفِي حِفْظِي أَنَّهَا كَانَتْ تُقْرَأُ مِنْ أَسْفَلَ لِيَكُونَ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى فَوْقَ الْجَمِيعِ نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي وَقِيلَ كَانَ النَّقْشُ مَعْكُوسًا لِيُقْرَأَ مُسْتَقِيمًا إذَا خُتِمَ بِهِ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْأَمْرَيْنِ خَبَرٌ اهـ.
وَفِي الْبِرْمَاوِيِّ عَنْ الْمُهِمَّاتِ عَقِبَ مَا مَرَّ عَنْهَا وَإِذَا خُتِمَ بِهِ كَانَ عَلَى الِاسْتِوَاءِ كَمَا فِي خَوَاتِيمِ الْأَكَابِرِ اهـ.
(قَوْلُهُ: غَيَّبَهُ نَدْبًا إلَخْ) فَعُلِمَ أَنَّهُ يُطْلَبُ اجْتِنَابُهُ وَلَوْ مَحْمُولًا مُغَيَّبًا سم عَلَى الْبَهْجَةِ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ: بِنَحْوِ ضَمِّ كَفِّهِ) كَوَضْعِهِ فِي عِمَامَتِهِ أَوْ غَيْرِهَا مُغْنِي (قَوْلُهُ: خَاتَمٌ عَلَيْهِ مُعَظَّمٌ) شَامِلٌ لِأَسْمَاءِ صُلَحَاءِ الْمُؤْمِنِينَ بِنَاءً عَلَى دُخُولِهِمْ هُنَا سم (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّبَرُّكَ بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ مَا اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ م ر آخِرًا عَلَى مَا نَقَلَهُ سم عَنْهُ فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الْبَهْجَةِ ع ش (قَوْلُهُ: عِنْدَ اسْتِنْجَاءٍ يُنَجِّسُهُ) صَرَّحَ فِي الْإِعْلَامِ بِالْكُفْرِ بِإِلْقَاءِ وَرَقَةٍ فِيهَا اسْمُ مُعَظَّمٍ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ ثُمَّ قَالَ وَهَذَا يَأْتِي فِي الِاسْتِنْجَاءِ أَيْضًا إذَا قَصَدَ تَضْمِيخَهُ بِالنَّجَاسَةِ سم عَلَى حَجّ.
أَقُولُ وَقَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ عِنْدَ اسْتِنْجَاءٍ يُنَجِّسُهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْكَلَامَ عِنْدَ خَشْيَةِ التَّنَجُّسِ أَمَّا عِنْدَ عَدَمِهَا بِأَنْ اسْتَجْمَرَ مِنْ الْبَوْلِ وَلَمْ يَخْشَ وُصُولَهُ إلَى الْمَكْتُوبِ لَمْ يَحْرُمْ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ حُرْمَةُ الْقِتَالِ بِسَيْفٍ كُتِبَ عَلَيْهِ قُرْآنٌ أَيْ أَوْ نَحْوُهُ لِمَا ذُكِرَ مِنْ حُرْمَةِ تَنْجِيسِهِ مَا لَمْ تَدْعُ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ بِأَنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ يَدْفَعُ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ ع ش أَيْ أَوْ عَنْ مَعْصُومٍ آخَرَ (قَوْلُهُ: وَمَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ إلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّمِ إلَخْ) ، وَيَنْبَغِي حَمْلُ كَلَامِهِمْ عَلَى مَا إذَا خِيفَ عَلَيْهِ التَّنْجِيسُ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ قَالَ ع ش وَيُمْكِنُ أَنْ يَبْقَى عَلَى ظَاهِرِهِ وَيُقَالُ الْوَاحِدُ بِالشَّخْصِ لَهُ جِهَتَانِ فَهُوَ حَرَامٌ مِنْ جِهَةِ الْحَمْلِ مَعَ الْحَدَثِ مَكْرُوهٌ مِنْ جِهَةِ الْحَمْلِ لَهُ فِي الْمَحَلِّ الْمُسْتَقْذَرِ ثُمَّ رَأَيْته فِي سم عَلَى حَجّ اهـ.
(قَوْلُهُ: لِإِدْخَالِ الْمُصْحَفِ) أَيْ وَنَحْوِهِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَهُوَ قَوِيُّ الْمَدْرَكِ) أَيْ لَا النَّقْلُ سم عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ لَكِنْ الْمَنْقُولُ الْكَرَاهَةُ وَالْمَذْهَبُ نَقَلَ اهـ
(قَوْلُهُ: وَيَنْصِبُ بَاقِيَهَا)، وَيَضُمُّ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَخِذَيْهِ مُغْنِي (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إلَخْ) أَيْ وَضْعَ أَصَابِعِ الْيُمْنَى بِالْأَرْضِ مَعَ نَصْبِ بَاقِيهَا (قَوْلُهُ: أَسْهَلُ لِخُرُوجِ الْخَارِجِ) هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْمَعِدَةَ فِي الْيَسَارِ وَأَمَّا فِي الْبَوْلِ فَلِأَنَّ الْمَثَانَةَ الَّتِي هِيَ مَحَلُّهُ لَهَا مَيْلٌ مَا إلَى جِهَةِ الْيَسَارِ فَعِنْدَ التَّحَامُلِ عَلَيْهَا يَسْهُلُ خُرُوجُهُ انْتَهَى كُرْدِيٌّ عَنْ الْإِيعَابِ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْقَائِمُ إلَخْ) أَيْ مُطْلَقًا وَاعْتَمَدَ النِّهَايَةُ وَالْخَطِيبُ وَالزِّيَادِيُّ وَالشَّوْبَرِيُّ وَغَيْرُهُمْ تَبَعًا لِلْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ أَنَّ الْقَائِمَ فِي الْبَوْلِ يَعْتَمِدُهُمَا مَعًا (قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا) أَيْ التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: إطْلَاقُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ) أَيْ كَشَيْخِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: أَيْ، وَهُوَ إلَخْ) أَيْ تَحْرِيمُ التَّضَمُّخِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَبِهِ إلَخْ) أَيْ بِقَوْلِهِ إنْ عَلِمَ التَّلْوِيثَ إلَخْ (قَوْلُهُ: اعْتَمَدَهَا) أَيْ نَدْبًا
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلَا يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ إلَخْ) وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ حُرْمَةِ اسْتِقْبَالِ الْمُصْحَفِ أَوْ اسْتِدْبَارِهِ بِبَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ، وَإِنْ كَانَ أَعْظَمَ حُرْمَةً مِنْ الْقِبْلَةِ وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ يَثْبُتُ لِلْمَفْضُولِ مَا لَا يَثْبُتُ لِلْفَاضِلِ نَعَمْ قَدْ يَسْتَقْبِلُهُ أَوْ يَسْتَدْبِرُهُ عَلَى وَجْهٍ يُعَدُّ إزْرَاءً فَيَحْرُمُ بَلْ قَدْ يَكْفُرُ بِهِ وَكَذَا يُقَالُ فِي اسْتِقْبَالِ الْقَبْرِ الْمُكَرَّمِ أَوْ اسْتِدْبَارِهِ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَيْ الْكَعْبَةَ) إلَى قَوْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَالتَّنَزُّهُ إلَى الْمَتْنِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَلَوْ مَعَ عَدَمِهِ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: أَيْ الْكَعْبَةَ) وَفِي الْعُبَابِ وَغَيْرِهِ وَيُكْرَهُ قَضَاءُ الْحَاجَةِ عِنْدَ قَبْرٍ مُحْتَرَمٍ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَعَلَى مَا يَمْتَنِعُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ كَالْمُعَظَّمِ انْتَهَى.
قَالَ فِي شَرْحِهِ وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ حُرْمَتَهُ عِنْدَ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَعِنْدَ الْقُبُورِ الْمُحْتَرَمَةِ الْمُتَكَرِّرِ نَبْشُهَا لِاخْتِلَاطِ تُرْبَتِهَا بِأَجْزَاءِ الْمَيِّتِ وَمَنْ نُقِلَ عَنْهُ حُرْمَتُهَا
تَرَى أَنَّ اسْمَ الْمُعَظَّمِ إذَا أُرِيدَ بِهِ غَيْرُهُ صَارَ غَيْرَ مُعَظَّمٍ انْتَهَى (قَوْلُهُ: فَيُكْرَهُ حَمْلُ إلَخْ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْخَلَاءُ فَلَا يُنَافِي حُرْمَةَ حَمْلِ الْقُرْآنِ مَعَ الْحَدَثِ إنْ فُرِضَ (قَوْلُهُ: خَاتَمٌ عَلَيْهِ مُعَظَّمٌ) شَامِلٌ لِأَسْمَاءِ صُلَحَاءِ الْمُؤْمِنِينَ بِنَاءً عَلَى دُخُولِهِمْ هُنَا (قَوْلُهُ عِنْدَ اسْتِنْجَاءٍ يُنَجِّسُهُ) صَرَّحَ فِي الْإِعْلَامِ بِالْكُفْرِ بِإِلْقَاءِ وَرَقَةٍ فِيهَا اسْمٌ مُعَظَّمٌ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ انْتَهَى ثُمَّ أَوْرَدَ أَنَّهُمْ حَرَّمُوا الِاسْتِنْجَاءَ بِمَا فِيهِ مُعَظَّمٌ وَلَمْ يَجْعَلُوهُ كُفْرًا ثُمَّ فَرَّقَ بِأَنَّ تِلْكَ حَالَةُ حَاجَةٍ وَأَيْضًا فَالْمَاءُ يَمْنَعُ مُلَاقَاةَ النَّجَاسَةِ، فَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ قَصَدَ تَضْمِيخَهُ بِالنَّجَاسَةِ يَأْتِي فِيهِ مَا هُنَا عَلَى أَنَّ الْحُرْمَةَ لَا تُنَافِي الْكُفْرَ انْتَهَى وَكَلَامُهُ فِي الْإِيرَادِ وَالْجَوَابِ شَامِلٌ لِغَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ قَوِيُّ الْمَدْرَكِ) أَيْ لَا النَّقْلِ
(قَوْلُهُ: وَلَا يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ إلَخْ)(تَنْبِيهٌ)
ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ حُرْمَةِ اسْتِقْبَالِ الْمُصْحَفِ أَوْ اسْتِدْبَارِهِ بِبَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ
وَخَرَجَ بِهَا قِبْلَةُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَيُكْرَهُ فِيهَا نَظِيرُ مَا يَحْرُمُ هُنَا (وَلَا يَسْتَدْبِرُهَا) أَدَبًا مَعَ سَاتِرٍ ارْتِفَاعُهُ ثُلُثَا ذِرَاعٍ فَأَكْثَرَ وَقَدْ دَنَا مِنْهُ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ فَأَقَلَّ بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ الْمُعْتَدِلِ، فَإِنْ فَعَلَ فَخِلَافُ الْأَوْلَى
عِنْدَ قُبُورِ الشُّهَدَاءِ فَقَطْ غَلَطٌ وَأَلْحَقَ الْأَذْرَعِيُّ بِقَضَاءِ الْحَاجَةِ عَلَى الْقَبْرِ الْمُحْتَرَمِ الْبَوْلَ إلَى جِدَارِهِ إذَا مَسَّهُ انْتَهَى وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إذَا كُرِهَ عِنْدَ الْقَبْرِ الْمُحْتَرَمِ فَعِنْدَ الْمُصْحَفِ أَوْلَى سم (قَوْلُهُ: قِبْلَةُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ) أَيْ صَخْرَتُهُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: فَيُكْرَهُ فِيهَا إلَخْ) أَيْ يُكْرَهُ اسْتِقْبَالُهَا وَاسْتِدْبَارُهَا فِي غَيْرِ الْمُعَدِّ وَتَزُولُ الْكَرَاهَةُ بِمَا تَزُولُ بِهِ الْحُرْمَةُ فِي الْكَعْبَةِ مِنْ السَّاتِرِ بِشَرْطِهِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَحَاشِيَةِ شَيْخِنَا وَقَالَ الْمُغْنِي إنَّمَا يُكْرَهُ اسْتِقْبَالُهَا دُونَ اسْتِدْبَارِهَا كَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلَا يَسْتَدْبِرُهَا) الْمُرَادُ بِاسْتِدْبَارِهَا كَشْفُ دُبُرِهِ إلَى جِهَتِهَا حَالَ خُرُوجِ الْخَارِجِ مِنْهُ بِأَنْ يَجْعَلَ ظَهْرَهُ إلَيْهَا كَاشِفًا لِدُبُرِهِ حَالَ خُرُوجِ الْخَارِجِ، وَإِذَا اسْتَقْبَلَ أَوْ اسْتَدْبَرَ وَاسْتَتَرَ مِنْ جِهَتِهَا لَا يَجِبُ الِاسْتِتَارُ أَيْضًا عَنْ الْجِهَةِ الْمُقَابِلَةِ لِجِهَتِهَا، وَإِنْ كَانَ الْفَرْجُ مَكْشُوفًا إلَى تِلْكَ الْجِهَةِ حَالَ الْخُرُوجِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ كَشْفَ الْفَرْجِ إلَى تِلْكَ الْجِهَةِ لَيْسَ مِنْ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَلَا مِنْ اسْتِدْبَارِهَا خِلَافًا لِمَا يَتَوَهَّمُهُ كَثِيرٌ مِنْ الطَّلَبَةِ لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِمْ مَعْنَى اسْتِقْبَالِهَا وَاسْتِدْبَارِهَا فَعُلِمَ أَنَّ مَنْ قَضَى الْحَاجَتَيْنِ مَعًا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ غَيْرُ الِاسْتِتَارِ مِنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ إنْ اسْتَقْبَلَهَا أَوْ اسْتَدْبَرَهَا فَتَفَطَّنْ لِذَلِكَ سم وَأَقَرَّهُ الشَّوْبَرِيُّ.
وَقَالَ ع ش فَرْعٌ أَشْكَلَ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ الطَّلَبَةِ مَعْنَى اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارِهَا بِالْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَلَا إشْكَالَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِاسْتِقْبَالِهَا بِهِمَا اسْتِقْبَالُ الشَّخْصِ لَهَا حَالَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَبِاسْتِدْبَارِهَا جَعْلُهُ ظَهْرَهُ إلَيْهَا حَالَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ عِبَارَةُ شَيْخِنَا وَالْمُرَادُ بِاسْتِقْبَالِهَا اسْتِقْبَالُ الشَّخْصِ بِوَجْهِهِ لَهَا بِالْبَوْلِ أَوْ الْغَائِطِ عَلَى الْهَيْئَةِ الْمَعْرُوفَةِ وَبِاسْتِدْبَارِهَا جَعْلُ ظَهْرِهِ إلَيْهَا بِالْبَوْلِ أَوْ الْغَائِطِ عَلَى الْهَيْئَةِ الْمَعْرُوفَةِ أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِعَيْنِ الْخَارِجِ فِيهِمَا خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَا يَكُونُ مُسْتَقْبِلًا إلَّا إذَا جَعَلَ ذَكَرَهُ جِهَةَ الْقِبْلَةِ وَاسْتَقْبَلَهَا بِعَيْنِ الْخَارِجِ وَلَا يَكُونُ مُسْتَدْبِرًا إلَّا إذَا تَغَوَّطَ، وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى هَيْئَةِ الرَّاكِعِ وَعُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ الِاسْتِقْبَالُ بِكُلِّ مِنْ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَكَذَلِكَ الِاسْتِدْبَارُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا خِلَافًا لِمَنْ خَصَّ الِاسْتِقْبَالَ بِالْبَوْلِ وَالِاسْتِدْبَارَ بِالْغَائِطِ وَقَالَ بِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَكْسُ ذَلِكَ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَحْرُمُ اهـ.
وَعِبَارَةُ الرُّشَيْدِ بَعْدَ كَلَامٍ ذَكَرَهُ عَنْ شَرْحِ الْغَايَةِ لِسُمِّ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمَرْجِعَ وَاحِدٌ غَالِبًا وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي مُجَرَّدِ التَّسْمِيَةِ فَإِذَا جَعَلَ ظَهْرَهُ لِلْقِبْلَةِ فَتَغَوَّطَ فَالشَّارِحُ م ر كَالشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ يُسْمَيَانِهِ مُسْتَقْبِلًا، وَإِذَا جَعَلَ صَدْرَهُ لِلْقِبْلَةِ وَتَغَوَّطَ يُسْمَيَانِهِ مُسْتَدْبِرًا وَالشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ كَغَيْرِهِ يَعْكِسُونَ ذَلِكَ، وَإِذَا جَعَلَ صَدْرَهُ أَوْ ظَهْرَهُ لِلْقِبْلَةِ وَبَالَ فَالْأَوَّلُ مُسْتَقْبِلٌ اتِّفَاقًا وَالثَّانِي مُسْتَدْبِرٌ كَذَلِكَ نَعَمْ يَقَعُ الْخِلَافُ الْمَعْنَوِيُّ فِيمَا لَوْ جَعَلَ ظَهْرَهُ أَوْ صَدْرَهُ لِلْقِبْلَةِ وَأَلْفَت ذَكَرَهُ يَمِينًا أَوْ شِمَالًا وَبَالَ فَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقْبِلٍ وَلَا مُسْتَدْبِرٍ عِنْدَ الشَّارِحِ م ر كَالشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ بِخِلَافِهِ عِنْدَ الشِّهَابِ ابْنِ قَاسِمٍ وَغَيْرِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: ارْتِفَاعُهُ ثُلُثَا ذِرَاعٍ إلَخْ) هَذَا فِي حَقِّ الْجَالِسِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتُرُ سُرَّتَهُ إلَى مَوْضِعِ قَدَمَيْهِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الْقَائِمِ أَنْ يَسْتُرَ مِنْ سُرَّتِهِ إلَى مَوْضِعِ قَدَمَيْهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ فِي اعْتِبَارِ ذَلِكَ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ صِيَانَةُ الْقِبْلَةِ عَنْ خُرُوجِ الْخَارِجِ مِنْ الْفَرْجِ، وَإِنْ كَانَتْ الْعَوْرَةُ تَنْتَهِي بِالرُّكْبَةِ نِهَايَةٌ عِبَارَةُ شَيْخِنَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَعَيُّنُ كَوْنِهِ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ فَأَكْثَرَ وَلَعَلَّهُ لِلْغَالِبِ فَلَوْ كَفَاهُ دُونَ الثُّلُثَيْنِ اكْتَفَى بِهِ أَوْ احْتَاجَ إلَى زِيَادَةٍ عَلَى الثُّلُثَيْنِ وَجَبَتْ وَلَوْ بَالَ أَوْ تَغَوَّطَ قَائِمًا فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ سَاتِرًا مِنْ قَدَمِهِ إلَى سُرَّتِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا حَرِيمُ الْعَوْرَةِ اهـ وَعِبَارَةُ الْمُغْنِي نَعَمْ لَوْ بَالَ قَائِمًا لَا بُدَّ مِنْ ارْتِفَاعِهِ إلَى أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَتَهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ فَعَلَ) أَيْ الِاسْتِقْبَالَ أَوْ الِاسْتِدْبَارَ مَعَ السَّاتِرِ الْمَذْكُورِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ:
وَإِنْ كَانَ أَعْظَمَ حُرْمَةً مِنْ الْقِبْلَةِ وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ يَثْبُتُ لِلْمَفْضُولِ مَا لَا يَثْبُتُ لِلْفَاضِلِ نَعَمْ قَدْ يَسْتَقْبِلُهُ أَوْ يَسْتَدْبِرُهُ عَلَى وَجْهٍ يُعَدُّ إزْرَاءً فَيَحْرُمُ بَلْ قَدْ يَكْفُرُ بِهِ وَكَذَا يُقَالُ فِي اسْتِقْبَالِ الْقَبْرِ الْمُكَرَّمِ أَوْ اسْتِدْبَارِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَفِي الْعُبَابِ وَغَيْرِهِ وَعِنْدَ أَيْ وَيُكْرَهُ قَضَاءُ الْحَاجَةِ عِنْدَ قَبْرٍ مُحْتَرَمٍ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَعَلَى مَا يَمْتَنِعُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ كَالْعَظْمِ انْتَهَى وَقَوْلُهُ عِنْدَ قَبْرٍ مُحْتَرَمٍ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ حُرْمَتَهُ عِنْدَ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَعِنْدَ الْقُبُورِ الْمُحْتَرَمَةِ الْمُتَكَرِّرِ نَبْشُهَا لِاخْتِلَاطِ تُرْبَتِهَا بِأَجْزَاءِ الْمَيِّتِ وَمَنْ نَقَلَ عَنْهُ حُرْمَتَهَا عِنْدَ قُبُورِ الشُّهَدَاءِ فَقَطْ غَلِطَ انْتَهَى وَقَوْلُهُ وَعَلَيْهِ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَأَلْحَقَ الْأَذْرَعِيُّ بِذَلِكَ الْبَوْلَ إلَى جِدَارِهِ إذَا مَسَّهُ انْتَهَى وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إذَا كُرِهَ عِنْدَ الْقَبْرِ الْمُحْتَرَمِ فَعِنْدَ الْمُصْحَفِ أَوْلَى (قَوْلُهُ: فَيُكْرَهُ إلَخْ) وَالْأَوْجَهُ أَنَّ السُّتْرَةَ الْمَانِعَةَ لِلْحُرْمَةِ فِيمَا مَرَّ تَمْنَعُ الْكَرَاهَةَ هُنَا م ر (قَوْلُهُ: وَلَا يَسْتَدْبِرُهَا)(تَنْبِيهٌ)
لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ بِاسْتِدْبَارِهَا كَشْفُ دُبُرِهِ إلَى جِهَتِهَا حَالَ خُرُوجِ الْخَارِجِ مِنْهُ بِأَنْ يَجْعَلَ
هَذَا فِي غَيْرِ الْمُعَدِّ أَمَّا هُوَ فَذَلِكَ فِيهِ مُبَاحٌ وَالتَّنَزُّهُ عَنْهُ حَيْثُ سَهُلَ أَفْضَلُ
(وَيَحْرُمَانِ) أَيْ الِاسْتِقْبَالُ وَالِاسْتِدْبَارُ بِعَيْنِ الْفَرْجِ الْخَارِجِ مِنْهُ الْبَوْلُ أَوْ الْغَائِطُ وَلَوْ مَعَ عَدَمِهِ بِالصَّدْرِ لِعَيْنِ الْقِبْلَةِ لَا جِهَتِهَا عَلَى الْأَوْجَهِ وَلَوْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ لَزِمَهُ الِاجْتِهَادُ، وَيَأْتِي هُنَا جَمِيعُ مَا يَأْتِي قُبَيْلَ صِفَةِ الصَّلَاةِ فِيمَا يَظْهَرُ (بِالصَّحْرَاءِ) يَعْنِي بِغَيْرِ الْمُعَدِّ وَحَيْثُ لَا سَاتِرَ كَمَا ذُكِرَ وَمِنْهُ إرْخَاءُ ذَيْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَرْضٌ
فِي غَيْرِ الْمُعَدِّ) ، وَيَصِيرُ الْمَحَلُّ مُعَدًّا بِقَضَاءِ الْحَاجَةِ فِيهِ مَعَ قَصْدِ الْعَوْدِ إلَيْهِ لِذَلِكَ كَمَا فِي سم عَلَى حَجّ، وَيَنْبَغِي أَوْ بِتَهْيِئَتِهِ لِذَلِكَ بِقَصْدِ الْفِعْلِ فِيهِ مِنْهُ أَوْ مِمَّنْ يُرِيدُ ذَلِكَ مِنْ أَتْبَاعِهِ ع ش.
(قَوْلُهُ: أَمَّا هُوَ إلَخْ) هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ إذَا اتَّخَذَ لَهُ مَحَلًّا فِي الصَّحْرَاءِ بِغَيْرِ سَاتِرٍ وَأَعَدَّهُ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ لَا يَحْرُمُ قَضَاءُ الْحَاجَةِ فِيهِ لِجِهَةِ الْقِبْلَةِ وَمِنْهُ مَا يَقَعُ لِلْمُسَافِرِينَ إذَا نَزَلُوا بَعْضَ الْمَنَازِلِ رَشِيدِيٌّ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ عَدَمِهِ إلَخْ) أَيْ عَدَمِ مَا ذُكِرَ مِنْ الِاسْتِقْبَالِ وَالِاسْتِدْبَارِ كُرْدِيٌّ وع ش (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَوْجَهِ) وَلَوْ اسْتَقْبَلَهَا بِصَدْرِهِ وَحَوَّلَ قُبُلَهُ عَنْهَا وَبَالَ لَمْ يَحْرُمْ بِخِلَافِ عَكْسِهِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَالتَّنَزُّهُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا وَكَذَا الرَّشِيدِيُّ عِبَارَتُهُ بَعْدَ ذِكْرِ كَلَامِ الشَّارِحِ وَتَقْرِيرُهُ وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ خِلَافَ الْأَوْلَى غَيْرُ خِلَافِ الْأَفْضَلِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ خِلَافَ الْأَوْلَى بِاصْطِلَاحِ الْأُصُولِيِّينَ صَارَ اسْمًا لِلْمَنْهِيِّ عَنْهُ لَكِنَّهُ بِنَهْيٍ غَيْرِ خَاصٍّ فَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْمَكْرُوهِ كَرَاهَةً خَفِيفَةً وَأَمَّا خِلَافُ الْأَفْضَلِ فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا نَهْيَ فِيهِ بَلْ فِيهِ فَضْلٌ إلَّا أَنَّ خِلَافَهُ أَفْضَلُ مِنْهُ، وَإِنْ تَوَقَّفَ فِي ذَلِكَ شَيْخُنَا ع ش فِي الْحَاشِيَةِ اهـ أَيْ حَيْثُ عَقَّبَ كَلَامَ الشَّارِحِ الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ قَدْ يُشْعِرُ التَّعْبِيرُ بِقَوْلِهِ أَفْضَلُ أَنَّ خِلَافَ الْأَفْضَلِ دُونَ خِلَافِ الْأَوْلَى وَلَمْ أَرَهُ بَلْ هُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّ الْأَوْلَى وَالْأَفْضَلَ مُتَسَاوِيَانِ اهـ وَوَافَقَهُ الْبَصْرِيُّ.
وَنَقَلَ الْكُرْدِيُّ عَنْ كُتُبِ الشَّارِحِ مَا يُوَافِقُ كَلَامَ الرَّشِيدِيِّ عِبَارَتُهُ قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَفْضَلِ أَيْ، وَلَيْسَ هُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ فِي كُتُبِهِ وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ لَهُ فِعْلُهُ فِي الْأَوَّلِ أَيْ غَيْرُ الْمُعَدِّ مَعَ السَّاتِرِ خِلَافُ الْأَوْلَى فَهُوَ فِي حَيِّزِ النَّهْيِ الْعَامِّ وَفِي الثَّانِي أَيْ الْمُعَدِّ خِلَافِ الْأَفْضَلِ فَلَيْسَ فِي حَيِّزِ النَّهْيِ بِوَجْهٍ انْتَهَى وَفِي الْبَحْرِ عَنْ بَعْضِهِمْ الْفَضِيلَةُ وَالْمُرَغَّبُ فِيهِ مَرْتَبَةٌ مُتَوَسِّطَةٌ بَيْنَ التَّطَوُّعِ وَالنَّافِلَةِ اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيَحْرُمَانِ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ عَلَى الْوَلِيِّ مَنْعُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ مِنْ الِاسْتِقْبَالِ وَالِاسْتِدْبَارِ بِلَا سَاتِرٍ بَلْ يَنْبَغِي وُجُوبُ ذَلِكَ عَلَى غَيْرِ الْوَلِيِّ أَيْضًا؛ لِأَنَّ إزَالَةَ الْمُنْكَرِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ وَاجِبَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَأْثَمْ الْفَاعِلُ سم اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ: لِعَيْنِ الْقِبْلَةِ) يَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ بِالْعَيْنِ مَا يُجْزِئُ اسْتِقْبَالُهُ فِي الصَّلَاةِ فَيَدْخُلُ فِيهِ الْعَيْنُ بِحَسَبِ الِاسْمِ عَلَى مَا سَيَأْتِي عَنْ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ سم عِبَارَةُ شَيْخِنَا قَوْلُهُ: اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ أَيْ عَيْنِهَا يَقِينًا فِي الْقُرْبِ وَظَنًّا فِي الْبُعْدِ وَكَذَا يُقَالُ فِي اسْتِدْبَارِهَا اهـ.
(قَوْلُهُ لَزِمَهُ الِاجْتِهَادُ) أَيْ حَيْثُ لَا سُتْرَةَ نِهَايَةٌ وَسَمِّ وَشَرْحُ بَافَضْلٍ قَالَ الْكُرْدِيُّ وَالْأَسَنُّ ذَلِكَ وَلَمْ يَجِبْ كَمَا فِي شُرُوحِ الْإِرْشَادِ وَالْعُبَابِ لِلشَّارِحِ وَفِي النِّهَايَةِ وَغَيْرِهَا وَالْكَلَامُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا سَبَقَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مُعَدًّا لِذَلِكَ اهـ.
(قَوْلُهُ: مَا يَأْتِي قُبَيْلَ صِفَةِ الصَّلَاةِ) مِنْهُ الْأَخْذُ بِقَوْلِهِ الْمُخْبِرُ عَنْ عِلْمٍ مُقَدَّمًا عَلَى الِاجْتِهَادِ سم وَمِنْهُ حُرْمَةُ التَّقْلِيدِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الِاجْتِهَادِ، وَأَنَّهُ يَجِبُ التَّعَلُّمُ لِذَلِكَ نِهَايَةٌ.
قَالَ الْكُرْدِيُّ وَمِنْهُ أَنَّهُ يَجِبُ تَكْرِيرُهُ لِكُلِّ مَرَّةٍ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مُتَذَكِّرًا لِلدَّلِيلِ الْأَوَّلِ، وَيَجُوزُ الِاجْتِهَادُ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْمُعَدِّ إيعَابٌ وَمِنْهُ أَنَّهُ لَوْ تَحَيَّرَ تَخَيَّرَ، وَأَنَّهُ لَوْ اخْتَلَفَ عَلَيْهِ اجْتِهَادُ اثْنَيْنِ فَعَلَ مَا يَأْتِي ثَمَّ، وَإِنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ كُلِّهِ مَا إذَا لَمْ يَغْلِبْهُ الْخَارِجُ أَوْ يَضُرَّهُ كَتْمُهُ وَإِلَّا فَلَا حَرَجَ إمْدَادٌ اهـ.
(قَوْلُهُ: بِغَيْرِ الْمُعَدِّ) أَيْ بِنَاءً كَانَ أَوْ صَحْرَاءَ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ السَّاتِرِ (إرْخَاءُ ذَيْلِهِ) فَلَوْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ سِتْرٌ إلَّا بِإِرْخَاءِ ذَيْلِهِ لَمْ يُكَلَّفْ السَّتْرَ بِهِ إنْ أَدَّى إلَى تَنْجِيسِهِ؛ لِأَنَّ فِي تَنْجِيسِ ثَوْبِهِ مَشَقَّةً عَلَيْهِ وَالسَّتْرُ يَسْقُطُ بِالْعُذْرِ ع ش قَالَ شَيْخُنَا وَتَكْفِي يَدُهُ إذَا جَعَلَهَا سَاتِرًا اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَرْضٌ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي عِبَارَتُهُ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَرِيضًا بِحَيْثُ يَسْتُرَهَا أَيْ الْعَوْرَةَ جَمِيعَهَا سَوَاءٌ أَكَانَ قَائِمًا أَمْ لَا اهـ زَادَ الْأَوَّلُ عَلَى نَحْوِهَا مَا نَصُّهُ
ظَهْرَهُ إلَيْهَا كَاشِفًا لِدُبُرِهِ حَالَ خُرُوجِ الْخَارِجِ، وَأَنَّهُ إذَا اسْتَقْبَلَ أَوْ اسْتَدْبَرَ وَاسْتَتَرَ مِنْ جِهَتِهَا لَا يَجِبُ الِاسْتِتَارُ أَيْضًا عَنْ الْجِهَةِ الْمُقَابِلَةِ لِجِهَتِهَا، وَإِنْ كَانَ الْفَرْجُ مَكْشُوفًا إلَى تِلْكَ الْجِهَةِ حَالَ الْخُرُوجِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ كَشْفَ الْفَرْجِ إلَى تِلْكَ الْجِهَةِ لَيْسَ مِنْ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَلَا مِنْ اسْتِدْبَارِهَا خِلَافًا لِمَا يَتَوَهَّمُهُ كَثِيرٌ مِنْ الطَّلَبَةِ لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِمْ مَعْنَى اسْتِقْبَالِهَا وَاسْتِدْبَارِهَا فَعُلِمَ أَنَّ مَنْ قَضَى الْحَاجَتَيْنِ مَعًا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ غَيْرُ الِاسْتِتَارِ مِنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ إنْ اسْتَقْبَلَهَا أَوْ اسْتَدْبَرَهَا فَتَفَطَّنْ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: هَذَا فِي غَيْرِ الْمُعَدِّ) (تَنْبِيهٌ)
مَتَى يَصِيرُ الْمَحَلُّ مُعَدًّا وَلَا يَبْعُدُ وَلَا أَنْ يَصِيرَ بِقَضَاءِ الْحَاجَةِ فِيهِ مَعَ قَصْدِ الْعَوْدِ إلَيْهِ لِذَلِكَ
(قَوْلُهُ: لِعَيْنِ الْقِبْلَةِ) يَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ بِالْعَيْنِ مَا يُجْزِئُ اسْتِقْبَالُهُ فِي الصَّلَاةِ فَيَدْخُلُ فِيهِ الْعَيْنُ بِحَسَبِ الِاسْمِ عَلَى مَا سَيَأْتِي عَنْ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ الِاجْتِهَادُ) وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحَلَّ لُزُومِهِ مَا لَمْ يَسْتَتِرْ بِشَرْطِهِ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْ؛ لِأَنَّ الِاسْتِتَارَ إذَا مَنَعَ الْحُرْمَةَ مَعَ تَحَقُّقِ أَنَّهُ إلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ فَمَعَ الشَّكِّ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي هُنَا إلَخْ) مِنْهُ الْأَخْذُ بِقَوْلِ الْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ مُقَدَّمًا عَلَى الِاجْتِهَادِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَرْضٌ) فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ
لِأَنَّ الْقَصْدَ تَعْظِيمُ جِهَةِ الْقِبْلَةِ لَا السَّتْرُ الْآتِي وَإِلَّا اُشْتُرِطَ لَهُ عَرْضٌ يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ لَا يُقَالُ تَعْظِيمُهَا إنَّمَا يَحْصُلُ بِحَجْبِ عَوْرَتِهِ عَنْهَا؛ لِأَنَّا نَمْنَعُ ذَلِكَ بِحِلِّ الِاسْتِنْجَاءِ وَالْجِمَاعِ وَإِخْرَاجِ الرِّيحِ إلَيْهَا
وَأَصْلُ هَذَا التَّفْصِيلِ نَهْيُهُ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَيْنِك مَعَ فِعْلِهِ لِلِاسْتِدْبَارِ فِي الْمُعَدِّ وَقَدْ سَمِعَ عَنْ قَوْمٍ كَرَاهَةَ الِاسْتِقْبَالِ فِي الْمُعَدِّ فَأَمَرَ بِتَحْوِيلِ مَقْعَدَتِهِ لِلْقِبْلَةِ مُبَالَغَةً فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْدُوحَةٌ عَنْ الِاسْتِقْبَالِ وَالِاسْتِدْبَارِ تَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ قَوْلُ الْقَفَّالِ لَوْ هَبَّتْ رِيحٌ عَنْ يَمِينِ الْقِبْلَةِ، وَيَسَارِهَا وَخَشِيَ الرَّشَاشَ جَازَا فَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ جَازَا وَلَمْ يَقُلْ تَعَيَّنَ الِاسْتِدْبَارُ
وَيَحْصُلُ بِالْوَهْدَةِ وَالرَّابِيَةِ وَالدَّابَّةِ وَكَثِيبِ الرَّمْلِ وَغَيْرِهَا اهـ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا قَالَ الرَّشِيدِيُّ.
قَوْلُهُ: م ر أَنْ يَسْتُرَ جَمِيعَ مَا تَوَجَّهَ بِهِ أَيْ مِنْ بَدَنِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَعَلَيْهِ لَوْ جَعَلَ جَنْبَهُ لِجِهَةِ الْقِبْلَةِ وَلَوَى ذَكَرَهُ إلَيْهَا حَالَ الْبَوْلِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتُرَ جَمِيعَ جَنْبِهِ عَرْضًا اهـ عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَيْ لِلسَّاتِرِ عَرْضٌ اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ فِي كُتُبِهِ فَيَكْفِي هُنَا نَحْوُ الْعَنَزَةِ وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ الشِّهَابُ الْقَلْيُوبِيُّ وَخَالَفَ الْجَمَالُ الرَّمْلِيُّ فَاعْتَمَدَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ عَرْضٌ بِحَيْثُ يَسْتُرُ جَوَانِبَ الْعَوْرَةِ وَاعْتَمَدَهُ الزِّيَادِيُّ وَسَمِّ اهـ أَيْ وَالْمُغْنِي كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْقَصْدَ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ إذْ مِنْ الْوَاضِحِ أَنْ لَا تَعْظِيمَ مَعَ عَدَمِ السَّتْرِ عَنْهَا سم (قَوْلُهُ: لَا السَّتْرُ) أَيْ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ وَقَوْلُهُ الْآتِي أَيْ آنِفًا فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا إلَخْ) هَذِهِ الْمُلَازَمَةُ مَمْنُوعَةٌ بَلْ اللَّازِمُ عَمَّا ذُكِرَ سَتْرُ الْفَرْجِ عَنْهَا حَالَ خُرُوجِ الْخَارِجِ مِنْهُ سم أَيْ وَلَوْ سَلَّمْنَا الْمُلَازَمَةَ فَبُطْلَانُ اللَّازِمِ مَمْنُوعٌ عَلَى مَا مَرَّ عَنْهُ وَعَنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّا نَمْنَعُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ حِلُّ الْمَذْكُورَاتِ إلَيْهَا لَا يَصْلُحُ سَنَدًا لِلْمَنْعِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْمَذْكُورَاتِ غَيْرُ مُنَافِيَةٍ لِلتَّعْظِيمِ مُطْلَقًا بِدَلِيلِ حِلِّهَا بِدُونِ سَاتِرٍ مُطْلَقًا بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ فَتَأَمَّلْهُ سم.
(قَوْلُهُ بِحِلِّ الِاسْتِنْجَاءِ إلَخْ) أَيْ بِلَا كَرَاهَةٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَالْجِمَاعِ إلَخْ) أَيْ وَفَصْدٍ وَحِجَامَةٍ نِهَايَةٌ أَوْ قَيْءٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ فِي مَعْنَى الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ ع ش أَوْ إخْرَاجِ قَيْحٍ أَوْ مَنِيٍّ أَوْ إلْقَاءِ نَجَاسَةٍ فَلَا كَرَاهَةَ، وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى تَرْكَهُ تَعْظِيمًا لَهَا قَلْيُوبِيٌّ (قَوْلُهُ: وَأَصْلُ هَذَا التَّفْصِيلِ) أَيْ كَوْنِ الِاسْتِقْبَالِ وَالِاسْتِدْبَارِ فِي الْمُعَدِّ مُبَاحًا وَفِي غَيْرِهِ مَعَ وُجُودِ السَّاتِرِ بِشَرْطِهِ خِلَافُ الْأَوْلَى وَمَعَ عَدَمِهِ حَرَامًا كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: عَنْ ذَيْنِك) أَيْ الِاسْتِقْبَالِ وَالِاسْتِدْبَارِ (قَوْلُهُ بِتَحْوِيلِ مَقْعَدَتِهِ إلَخْ) وَكَانَتْ لَبِنَتَيْنِ يَقْضِي عَلَيْهِمَا الْحَاجَةَ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ تَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا) خِلَافًا لِلْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ عِبَارَةُ الثَّانِي وَمَحَلُّ ذَلِكَ كُلِّهِ مَا لَمْ يَغْلِبْهُ الْخَارِجُ أَوْ يَضُرَّهُ كَتْمُهُ وَإِلَّا فَلَا حَرَجَ وَلَوْ هَبَّتْ رِيحٌ عَنْ يَمِينِ الْقِبْلَةِ، وَيَسَارِهَا جَازَ الِاسْتِقْبَالُ وَالِاسْتِدْبَارُ، فَإِنْ تَعَارَضَا وَجَبَ الِاسْتِدْبَارُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِقْبَالَ أَفْحَشُ اهـ قَالَ ع ش.
قَوْلُهُ: أَوْ يَضُرَّهُ إلَخْ أَيْ بِأَنْ تَحْصُلَ لَهُ بِالْكَتْمِ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً فِيمَا يَظْهَرُ وَقَوْلُهُ جَازَ إلَخْ أَيْ حَيْثُ أَمْكَنَ كُلٌّ مِنْهُمَا دُونَ غَيْرِهِ، فَإِنْ أَمْكَنَا مَعًا وَجَبَ الِاسْتِدْبَارُ كَمَا فِي قَوْلِهِ م ر، فَإِنْ تَعَارَضَ إلَخْ اهـ وَقَالَ الْكُرْدِيُّ قَوْلُهُ: أَيْ النِّهَايَةِ جَازَ إلَخْ وَفِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ مَعْنَى قَوْلِهِمْ جَازَ الِاسْتِقْبَالُ وَالِاسْتِدْبَارُ أَنَّهُ يَجُوزُ الْمُمْكِنُ مِنْهُمَا، فَإِنْ أَمْكَنَا فَهُوَ مَعْنَى تَعَارُضِهِمَا وَهَذَا وَاضِحٌ لَكِنْ الزَّمَانُ أَحْوَجُ إلَى التَّعَرُّضِ لِذَلِكَ اهـ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْكَلَامَ حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْ الِاسْتِتَارُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ سم عَلَى التُّحْفَةِ أَيْ وَلَمْ يُوجَدْ مُعَدٌّ وَقَوْلُهُ م ر وَجَبَ الِاسْتِدْبَارُ كَذَلِكَ فِي شَرْحَيْ الْإِرْشَادِ وَالْإِيعَابِ وَالْمُغْنِي وَشَرْحَيْ الْبَهْجَةِ وَالرَّوْضِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ وَشَرْحِ التَّنْبِيهِ لِلْخَطِيبِ وَأَطْبَقَ عَلَيْهِ الْمُتَأَخِّرُونَ وَوَقَعَ فِي التُّحْفَةِ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ بِالتَّخْيِيرِ وَقَالَ سم عَلَيْهِ أَيْ التُّحْفَةِ قَدْ يُمْنَعُ الِاسْتِدْلَال بِقَوْلِ الْقَفَّالِ لِجَوَازِ أَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ جَازَ أَيْ عَلَى الْبَدَلِ أَيْ جَازَ مَا أَمْكَنَ مِنْهُمَا، فَإِنْ أَمْكَنَا فَعَلَ مَا فِي نَظِيرِهِ اهـ.
وَقَالَ الْهَاتِفِيُّ عَلَيْهِ بَعْدَ كَلَامٍ مَا نَصُّهُ وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ مَا نَقَلَهُ
إذْ مِنْ الْوَاضِحِ أَنَّهُ لَا تَعْظِيمَ مَعَ عَدَمِ السَّتْرِ عَنْهَا انْتَهَى (قَوْلُهُ وَإِلَّا إلَخْ) هَذِهِ الْمُلَازَمَةُ مَمْنُوعَةٌ بَلْ اللَّازِمُ عَمَّا ذُكِرَ سَتْرُ الْفَرْجِ عَنْهَا حَالَ خُرُوجِ الْخَارِجِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَمْنَعُ ذَلِكَ بِحِلِّ الِاسْتِنْجَاءِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ حِلُّ الْمَذْكُورَاتِ إلَيْهَا لَا يَصْلُحُ سَنَدًا لِلْمَنْعِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْمَذْكُورَاتِ غَيْرُ مُنَافِيَةٍ لِلتَّعْظِيمِ مُطْلَقًا بِدَلِيلِ حِلِّهَا بِدُونِ سَاتِرٍ مُطْلَقًا بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ فَتَأَمَّلْهُ.
(فَرْعٌ)
أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ فِيمَنْ قَضَى الْحَاجَةَ قَائِمًا بِأَنَّ شَرْطَ السَّاتِرِ فِي حَقِّهِ كَوْنُهُ سَاتِرًا مِنْ سُرَّتِهِ إلَى الْأَرْضِ وَأَقُولُ إنَّمَا اُشْتُرِطَ مِنْ السُّرَّةِ وَلَمْ يَكْفِ مُحَاذَاةُ الْخَارِجِ؛ لِأَنَّ الْعَوْرَةَ حَرِيمُ الْفَرْجِ فَتَبِعَتْهُ فِي هَذَا الْحُكْمِ وَلَوْلَا ذَاكَ مَا اشْتَرَطُوا لِلْقَاعِدِ ارْتِفَاعَ السُّتْرَةِ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ فَتَأَمَّلْهُ وَقَدْ يُقَالُ قِيَاسُ هَذَا الْإِفْتَاءِ أَنَّهُ لَوْ بَالَ قَائِمًا عَلَى طَرَفِ جِدَارٍ وَجَبَ كَوْنُ السَّاتِرِ مِنْ سُرَّتِهِ إلَى الْأَرْضِ فَعُلِمَ أَنَّ خُرُوجَ الْبَوْلِ مَثَلًا إلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ مُضِرٌّ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا مِنْ الْفَرْجِ وَلَوْلَا هَذَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِي سُتْرَةِ الْقَاعِدِ زِيَادَةٌ عَلَى مِقْدَارِ مَحَلِّ الْخُرُوجِ مِنْ الْفَرْجِ وَقَدْ يُقَالُ بَلْ قِيَاسُهُ كَوْنُهُ سَاتِرًا إلَى مَحَلِّ قَدَمَيْهِ، وَهُوَ رَأْسُ الْجِدَارِ هُنَا (قَوْلُهُ: تَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا إلَخْ) فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّ الظَّاهِرَ رِعَايَةُ الِاسْتِقْبَالِ كَمَا يُرَاعَى الْقُبُلُ فِي السَّتْرِ انْتَهَى.
فَالشَّارِحُ قَصَدَ رَدَّ مَا قَالَهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا قَاسَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ قَوْلُ الْقَفَّالِ) قَدْ يُمْنَعُ الِاسْتِدْلَال بِقَوْلِ الْقَفَّالِ لِجَوَازِ أَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ جَازَا جَازَا عَلَى الْبَدَلِ أَيْ جَازَ مَا أَمْكَنَ مِنْهُمَا، فَإِنْ أَمْكَنَا فَعَلَى مَا فِي نَظِيرِهِ وَنَظِيرُ ذَلِكَ قَوْلُهُ: الْآتِي فِي الْجِرَاحِ وَجَبَا وَفِي
وَعَلَيْهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَتَعَيُّنِ سَتْرِ الْقُبُلِ فِيمَا لَوْ وُجِدَ كَافِي أَحَدِ سَوْأَتَيْهِ الْآتِي فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ بِأَنَّ الْمَلْحَظَ ثَمَّ أَنَّ الدُّبُرَ مُسْتَتِرٌ بِالْأَلْيَيْنِ بِخِلَافِ الْقُبُلِ وَهُنَا أَنَّ فِي كُلٍّ خُرُوجَ نَجَاسَةٍ بِإِزَاءِ الْقِبْلَةِ إذْ لَا اسْتِتَارَ فِي الدُّبُرِ وَقْتَ خُرُوجِهَا فَاخْتَلَفَا ثَمَّ لَا هُنَا، فَإِنْ قُلْت يَرُدُّ عَلَى ذَلِكَ كَرَاهَةُ اسْتِقْبَالِ الْقَمَرَيْنِ دُونَ اسْتِدْبَارِهِمَا
قُلْت هَذَا تَنَاقَضَ فِيهِ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا فَلَا إيرَادَ، وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ مَا ذُكِرَ وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بِأَنَّهُمَا عُلْوِيَّانِ فَلَا تَتَأَتَّى فِيهِمَا غَالِبًا حَقِيقَةُ الِاسْتِدْبَارِ فَلَمْ يُكْرَهْ بِخِلَافِ الْقِبْلَةِ فَإِنَّهُ يَتَأَتَّى فِيهَا كُلٌّ مِنْهُمَا فَتَخَيَّرْ وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ هُنَا حَيْثُ لَا سَاتِرَ كَالْقِبْلَةِ بَلْ أَوْلَى وَمِنْهُ السَّحَابُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَشَمِلَ كَلَامُهُمْ مُحَاذَاةَ الْقَمَرِ نَهَارًا، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَيُحْتَمَلُ التَّقْيِيدُ بِاللَّيْلِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ سُلْطَانِهِ، وَعَلَيْهِ فَمَا بَعْدَ الصُّبْحِ يَلْحَقُ بِاللَّيْلِ نَظِيرُ مَا يَأْتِي فِي الْكُسُوفِ.
ثُمَّ رَأَيْت عَنْ الْفَقِيهِ إسْمَاعِيلَ الْحَضْرَمِيِّ التَّقْيِيدَ بِاللَّيْلِ وَأَجَابَ عَمَّا يُحْتَجُّ بِهِ لِلْإِطْلَاقِ مِنْ رِعَايَةِ مَا مَعَهُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ كَرَاهَةُ ذَلِكَ فِي حَقِّ زَوْجَتِهِ نَظَرًا لِمَا مَعَهَا مِنْ الْحَفَظَةِ
(وَيَبْعُدُ) نَدْبًا عَنْ النَّاسِ فِي الصَّحْرَاءِ بِحَيْثُ لَا يُسْمَعُ لِخَارِجِهِ صَوْتٌ وَلَا يُشَمُّ لَهُ رِيحٌ، وَيَظْهَرُ أَنَّ الْبُنْيَانَ كَذَلِكَ إنْ سَهُلَ فِيهِ ذَلِكَ ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ نَقَلَ عَنْ الْحَلِيمِيِّ أَنَّ غَيْرَ الصَّحْرَاءِ مِمَّا لَمْ يُعَدَّ مِثْلُهَا لَكِنْ تَقْيِيدُهُ بِمَا لَمْ يُعَدَّ بَعِيدٌ بَلْ الْوَجْهُ الْإِبْعَادُ مُطْلَقًا إنْ سَهُلَ كَمَا ذَكَرْته، فَإِنْ لَمْ يَبْعُدْ سُنَّ لَهُمْ الْإِبْعَادُ عَنْهُ كَذَلِكَ وَيُسَنُّ أَنْ يُغَيِّبَ شَخْصَهُ عَنْ النَّاسِ لِلِاتِّبَاعِ بَلْ صَحَّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ، وَهُوَ بِمَكَّةَ يَقْضِي حَاجَتَهُ بِالْمُغَمَّسِ» مَحَلٌّ عَلَى نَحْوِ مِيلَيْنِ مِنْهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْمُبَالَغَةَ فِي الْبُعْدِ كَانَتْ لِعُذْرٍ كَانْتِشَارِ النَّاسِ ثَمَّ حِينَئِذٍ
(وَيَسْتَتِرُ) بِالسَّاتِرِ السَّابِقِ لَكِنْ مَعَ عَرْضٍ يَمْنَعُ رُؤْيَةَ عَوْرَتِهِ وَمَحَلُّهُ فِي الْجَالِسِ كَمَا دَلَّ
الشَّارِحُ عَنْ الْقَفَّالِ غَيْرُ مَرْضِيٍّ عِنْدَهُ وَلِذَا جَاءَ بِعَلَى كَمَا هِيَ عَادَتُهُ اهـ انْتَهَى كَلَامُ الْكُرْدِيِّ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ التَّخْيِيرِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْمَلْحَظَ ثَمَّ إلَخْ) ، فَإِنْ قُلْت لَمْ يَنْحَصِرْ الْمَلْحَظُ ثَمَّ فِي ذَلِكَ بَلْ لَحَظُوا أَيْضًا تَعْظِيمَ جِهَةِ الْقِبْلَةِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قُلْت الْفَرْقُ أَنَّ الْمُقَابَلَةَ ثَمَّ بِالْقُبُلِ فَقَطْ وَهُنَا الْمُقَابَلَةُ بِالنَّجَاسَةِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا سم.
(قَوْلُهُ: وَهُنَا أَنَّ فِي كُلٍّ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ يَلْزَمُ فِي الِاسْتِقْبَالِ مُحَاذَاةُ الْقِبْلَةِ بِالنَّجَاسَةِ وَبِالْعَوْرَةِ وَفِي الِاسْتِدْبَارِ لَا يَلْزَمُ إلَّا الْأَوَّلُ فَتَرَجَّحَ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: عَلَى ذَلِكَ) أَيْ التَّخْيِيرِ (قَوْلُهُ: كَرَاهَةُ اسْتِقْبَالِ الْقَمَرَيْنِ) أَيْ عِنْدَ الطُّلُوعِ أَوْ الْغُرُوبِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْحَالَةَ الَّتِي يُمْكِنُهُ الِاسْتِقْبَالُ فِيهَا بِخِلَافِ مَا إذَا صَارَا فِي وَسَطِ السَّمَاءِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِاسْتِقْبَالُ فِيهَا إلَّا إذَا نَامَ عَلَى قَفَاهُ وَصَارَ يَبُولُ عَلَى نَفْسِهِ زِيَادِيٌّ اهـ كُرْدِيٌّ قَالَ سم يُحْتَمَلُ أَنْ يَلْحَقَ بِهِمَا قَبْرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِأَنَّهُ أَعْظَمُ مِنْهُمَا وَقَدْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ نُظِرَ لِذَلِكَ حَرُمَ اسْتِقْبَالُهُ؛ لِأَنَّهُ أَيْ قَبْرَ النَّبِيِّ أَعْظَمُ مِنْ الْكَعْبَةِ وَالْكَلَامُ مِنْ بَعْدُ أَمَّا لَوْ قَرُبَ مِنْهُ فَتَقَدَّمَ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ حُرْمَتُهُ عِنْدَ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ اهـ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ إلَخْ) يَكْفِي فِي الْوُرُودِ تَصْحِيحُ مَا ذُكِرَ سم.
(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ هُنَا) أَيْ فِي اسْتِقْبَالِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ فِي غَيْرِ الْمُعَدِّ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ السَّحَابُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ هُنَا قُرْبُ السَّاتِرِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ السَّحَابِ وَغَيْرِهِ وَلَعَلَّهُ أَقْرَبُ سم وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ مُطْلَقًا فِي الْبِنَاءِ الْمَانِعِ مِنْ رُؤْيَةِ الْقَمَرَيْنِ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ التَّقْيِيدُ بِاللَّيْلِ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ (قَوْلُهُ فَمَا بَعْدَ الصُّبْحِ إلَخْ) أَيْ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ (قَوْلُهُ: لِلْإِطْلَاقِ) أَيْ الشَّامِلِ لِلنَّهَارِ (قَوْلُهُ: مِنْ رِعَايَةِ مَا مَعَهُ) أَيْ الْقَمَرِ بَيَانٌ لِمَا يُحْتَجُّ إلَخْ (قَوْلُهُ كَرَاهَةُ ذَلِكَ) أَيْ الِاسْتِقْبَالِ (فِي زَوْجَتِهِ) أَيْ جِمَاعِهَا
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيَبْعُدُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ مِنْ بَعُدَ لَا بِضَمِّهِ مِنْ أَبْعَدَ؛ لِأَنَّ ذَاكَ إنَّمَا هُوَ مِنْ أَبْعَدَ غَيْرَهُ عَلَى مَا فِي الْمُخْتَارِ لَكِنْ فِي الْمِصْبَاحِ أَنَّ أَبْعَدَ يُسْتَعْمَلُ لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا وَعَلَيْهِ فَيَجُوزُ قِرَاءَتُهُ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ ع ش أَقُولُ وَيُفِيدُهُ أَيْضًا تَعْبِيرُ الشَّارِحِ فِيمَا يَأْتِي بِالْإِبْعَادِ (قَوْلُهُ: نَدْبًا) إلَى قَوْلِهِ ثُمَّ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: عَنْ النَّاسِ إلَخْ) وَلَوْ فِي الْبَوْلِ نِهَايَةٌ وَشَرْحُ بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ: ذَلِكَ) أَيْ الْبُعْدُ بِحَيْثُ لَا يُسْمَعُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَكِنْ تَقْيِيدُهُ) أَيْ الْحَلِيمِيِّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَبْعُدْ سُنَّ إلَخْ) كَذَا فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ بِحَيْثُ لَا يُسْمَعُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَيُسَنُّ إلَخْ) كَذَا فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: بِالْمُغَمَّسِ) كَمُعَظَّمٍ وَمُحْدَثٍ اسْمُ مَوْضِعٍ فِي طَرِيقِ الطَّائِفِ قَامُوسٌ
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيَسْتَتِرُ)، وَيَكْفِي السَّتْرُ بِالْمَاءِ كَمَا لَوْ بَالَ وَأَسَافِلُ بَدَنِهِ مُنْغَمِسَةٌ فِي مَاءٍ مُتَبَحِّرٍ وِفَاقًا لِ م ر نَعَمْ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِالْكَدِرِ بِخِلَافِ الصَّافِي كَالزُّجَاجِ الصَّافِي وَتَقَدَّمَ عَنْ بَحْثِهِ م ر الِاكْتِفَاءُ بِالزُّجَاجِ فِي سَتْرِ الْقِبْلَةِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ ع ش وَكُرْدِيٍّ (قَوْلُهُ بِالسَّاتِرِ) إلَى قَوْلِهِ وَيُسَنُّ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَفَارَقَ إلَى فَزَعَمَ (قَوْلُهُ: بِالسَّاتِرِ السَّابِقِ) أَيْ بِمُرْتَفِعٍ قَدْرَ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ فَأَكْثَرَ وَقَدْ قَرُبَ مِنْهُ ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ فَأَقَلَّ بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ وَلَوْ بِرَاحِلَةٍ أَوْ وَهْدَةٍ أَوْ إرْخَاءِ ذَيْلِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: يَمْنَعُ رُؤْيَةَ عَوْرَتِهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي السَّاتِرِ هُنَا أَنْ يَكُونَ مُحِيطًا بِهِ مِنْ سَائِرِ الْجَوَانِبِ لِيَحْصُلَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ فَيُخَالِفُ الْقِبْلَةَ فِي هَذَا أَيْضًا فَتَأَمَّلْهُ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ) أَيْ مَحَلُّ الِاكْتِفَاءِ بِالسِّتْرِ السَّابِقِ لَكِنْ
الْقِصَاصِ قَوْلٌ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْمَلْحَظَ ثَمَّ إلَخْ) ، فَإِنْ قُلْت لَمْ يَنْحَصِرْ الْمَلْحَظُ ثَمَّ فِي ذَلِكَ بَلْ لَحَظُوا أَيْضًا تَعْظِيمَ جِهَةِ الْقِبْلَةِ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ ثُمَّ فِي تَعْلِيلِ لُزُومِ الْبُدَاءَةِ بِالْقُبُلِ مَا نَصُّهُ؛ لِأَنَّهُ يَتَوَجَّهُ بِالْقُبُلِ الْقِبْلَةَ فَسَتْرُهُ أَهَمُّ تَعْظِيمًا لَهَا؛ وَلِأَنَّ الدُّبُرَ مَسْتُورٌ غَالِبًا بِالْأَلْيَيْنِ بِخِلَافِ الْقُبُلِ انْتَهَى.
وَالْأَصْلُ عَدَمُ تَرْكِيبِ الْعِلَّةِ، وَأَنَّ كُلًّا عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ قُلْت الْفَرْقُ أَنَّ الْمُقَابَلَةَ ثَمَّ بِالْقُبُلِ فَقَطْ وَهُنَا الْمُقَابَلَةُ بِالنَّجَاسَةِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ كَرَاهَةُ اسْتِقْبَالِ الْقَمَرَيْنِ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَلْحَقَ بِهِمَا قَبْرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ مِنْهُمَا وَقَدْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ نَظَرَ لِذَلِكَ حَرُمَ اسْتِقْبَالُهُ؛ لِأَنَّهُ أَيْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْظَمُ مِنْ الْكَعْبَةِ وَالْكَلَامُ مِنْ بَعْدُ أَمَّا لَوْ قَرُبَ مِنْهُ فَتَقَدَّمَ فِي هَامِشِ الصَّفْحَةِ السَّابِقَةِ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ حُرْمَتُهُ عِنْدَ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ مَا ذُكِرَ) يَكْفِي فِي الْوُرُودِ تَصْحِيحُ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ السَّحَابُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ هُنَا قُرْبُ السَّاتِرِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ السَّحَابِ وَغَيْرِهِ وَلَعَلَّهُ الْأَقْرَبُ
(قَوْلُهُ:
عَلَيْهِ تَعْلِيلُ بَعْضِهِمْ لَهُ بِأَنَّهُ يَسْتُرُ مِنْ سُرَّتِهِ إلَى قَدَمَيْهِ فَافْهَمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقَائِمِ مِنْ ارْتِفَاعِهِ زِيَادَةً عَلَى مَا مَرَّ حَتَّى يَسْتُرَ مِنْ سُرَّتِهِ إلَى رُكْبَتِهِ وَمِنْ عَرْضِهِ حَتَّى يَسْتُرَ عَوْرَتَهُ هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ بِبِنَاءٍ يَسْهُلُ تَسْقِيفُهُ عَادَةً وَإِلَّا كَفَى، وَإِنْ بَعُدَ عَنْهُ السَّاتِرُ وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْقِبْلَةِ بِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّ تَعْظِيمُهَا كَمَا مَرَّ، وَهُوَ لَا يَحْصُلُ مَعَ ذَلِكَ وَهُنَا عَدَمُ رُؤْيَةِ عَوْرَتِهِ غَالِبًا، وَهُوَ يَحْصُلُ مَعَ ذَلِكَ فَزَعْمُ اتِّحَادِهِمَا لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ كُلِّهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ يَنْظُرُ لِعَوْرَتِهِ غَيْرَ حَلِيلَتِهِ وَعَلِمَهُ وَإِلَّا لَزِمَهُ السَّتْرُ عَلَى الْمَنْقُولِ الْمُعْتَمَدِ وَيُسَنُّ رَفْعُ ثَوْبِهِ شَيْئًا فَشَيْئًا مُبَالَغَةً فِي السَّتْرِ، فَإِنْ رَفَعَهُ دُفْعَةً قَبْلَ دُنُوِّهِ كُرِهَ إلَّا لِخَشْيَةِ نَحْوِ تَنَجُّسٍ وَلَا يُتَخَرَّجُ عَلَى كَشْفِ الْعَوْرَةِ فِي الْخَلْوَةِ؛ لِأَنَّهُ يُبَاحُ لِأَدْنَى غَرَضٍ وَهَذَا مِنْهُ وَأَنْ يَعُدَّ الْأَحْجَارَ أَوْ الْمَاءَ قَبْلَ جُلُوسِهِ وَلَوْ تَعَارَضَ السَّتْرُ وَالْإِبْعَادُ أَوْ وَالِاسْتِقْبَالُ أَوْ وَالِاسْتِدْبَارُ قُدِّمَ السَّتْرُ
مَعَ عَرْضٍ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِالتَّعْلِيلِ وَالضَّمِيرُ لِلسَّتْرِ السَّابِقِ (قَوْلُهُ: إلَى رُكْبَتِهِ) لَا يُقَالُ قَضِيَّةُ مَا سَبَقَ فِي الْهَامِشِ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنْ يُقَالَ إلَى الْأَرْضِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْفَرْقُ مُمْكِنٌ ظَاهِرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى حَجّ قُلْت وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَقْصُودَ ثَمَّ التَّعْظِيمُ فَوَجَبَ لِذَلِكَ السَّتْرُ عَنْ الْعَوْرَةِ وَحَرِيمِهَا وَالْمَقْصُودُ هُنَا مَعَ النَّظَرِ الْمُحَرَّمِ وَذَلِكَ لَيْسَ إلَّا لِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ ع ش (قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ نُدِبَ السَّتْرُ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: يَسْهُلُ إلَخْ) أَيْ أَوْ مَسْقَطٌ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَعُدَ إلَخْ) أَيْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْقِبْلَةِ) أَيْ مِنْ عَدَمِ كِفَايَةِ الْبَعِيدِ وَعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْعَرْضِ (قَوْلُهُ: فَزَعْمُ اتِّحَادِهِمَا) أَيْ السَّاتِرِ عَنْ الْقِبْلَةِ وَالسَّاتِرِ عَنْ الْعُيُونِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ إلَخْ) أَيْ مَحَلُّ كَوْنِ السَّتْرِ الْمَذْكُورِ مَنْدُوبًا وَقَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ إلَخْ أَيْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ أَحَدٌ أَوْ كَانَ، وَهُوَ مِمَّنْ يَحِلُّ نَظَرٌ إلَيْهِ أَوْ يَحْرُمُ وَلَكِنْ عَلِمَ غَضَّ الْبَصَرِ بِالْفِعْلِ عَنْهُ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: مَنْ يَنْظُرُ إلَخْ) أَيْ بِالْفِعْلِ رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا لَزِمَهُ السَّتْرُ إلَخْ) إذْ كَشْفُهَا بِحَضْرَتِهِ حَرَامٌ وَوُجُوبُ غَضِّ الْبَصَرِ لَا يَمْنَعُ الْحُرْمَةَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَهُ وَلَوْ أَخَذَهُ الْبَوْلُ وَهُوَ مَحْبُوسٌ بَيْنَ جَمَاعَةٍ جَازَ لَهُ التَّكَشُّفُ وَعَلَيْهِمْ الْغَضُّ، فَإِنْ احْتَاجَ لِلِاسْتِنْجَاءِ وَقَدْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَلَمْ يَجِدْ إلَّا مَاءً بِحَضْرَةِ النَّاسِ جَازَ لَهُ كَشْفُهَا أَيْضًا كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ فِيهِمَا وَظَاهِرُ التَّعْبِيرِ بِالْجَوَازِ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهَا وَالْأَوْجَهُ الْوُجُوبُ وَفَارَقَ مَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي نَظِيرِهَا مِنْ الْجُمُعَةِ حَيْثُ خَافَ فَوْتَهَا إلَّا بِالْكَشْفِ الْمَذْكُورِ حَيْثُ جَعَلَهُ جَائِزًا لَا وَاجِبًا قَالَ؛ لِأَنَّ كَشْفَهَا يَسُوءُ صَاحِبَهَا بِأَنَّ لِلْجُمُعَةِ بَدَلًا وَلَا كَذَلِكَ الْوَقْتُ نِهَايَةٌ وَسَمِّ.
وَقَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ الْوُجُوبُ، وَيَأْتِي فِي شَرْحِ، وَيَجِبُ الِاسْتِنْجَاءُ اعْتِمَادُهُ وَكَذَا نَقَلَ الْكُرْدِيُّ عَنْ الْإِمْدَادِ وَالْإِيعَابِ اعْتِمَادَهُ قَالَ ع ش قَوْلُهُ: م ر وَلَوْ أَخَذَهُ الْبَوْلُ إلَخْ أَيْ بِأَنْ احْتَاجَ إلَيْهِ وَشَقَّ عَلَيْهِ تَرْكُهُ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ وُصُولُهُ إلَى حَدٍّ يُخْشَى مَعَهُ مِنْ عَدَمِ الْبَوْلِ مَحْذُورُ تَيَمُّمٍ بَلْ يَنْبَغِي وُجُوبُهُ إذَا تَحَقَّقَ الضَّرَرُ بِتَرْكِهِ وَقَوْلُهُ وَقَدْ ضَاقَ الْوَقْتُ إلَخْ أَفْهَمَ حُرْمَةَ الِاسْتِنْجَاءِ بِحَضْرَةِ النَّاسِ مَعَ اتِّسَاعِ الْوَقْتِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهَا حَيْثُ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ إمْكَانُ الِاسْتِنْجَاءِ فِي مَحَلٍّ لَا يَنْظُرُ إلَيْهِ أَحَدٌ مِمَّنْ يَحْرُمُ نَظَرُهُ وَإِلَّا جَازَ لَهُ الْكَشْفُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ كَمَا قِيلَ بِمِثْلِهِ فِي فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَالْمُتَيَمِّمِ فِي مَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ اهـ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَغْلِبْ إلَخْ صَوَابُهُ يَغْلِبُ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ) إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ تَعَارَضَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَلَا يَتَخَرَّجُ إلَى وَأَنْ يُعَدَّ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ رَفْعُ ثَوْبِهِ شَيْئًا إلَخْ) وَأَنْ يُسْبِلَهُ شَيْئًا فَشَيْئًا قَبْلَ انْقِضَاءِ قِيَامِهِ مُغْنِي وَبَافَضْلٍ وَشَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ رَفَعَهُ إلَخْ) أَيْ فِي الْخَلْوَةِ شَرْحُ بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَخَرَّجُ عَلَى كَشْفِ الْعَوْرَةِ إلَخْ) أَيْ عَلَى الْخِلَافِ فِي جَوَازِهِ فَإِنَّهُ فِيمَا إذَا كَانَ الْكَشْفُ لِغَيْرِ غَرَضٍ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ) أَيْ كَشْفَ الْعَوْرَةِ فِي الْخَلْوَةِ سم (قَوْلُهُ: لِأَدْنَى غَرَضٍ) كَالِاغْتِسَالِ وَالْبَوْلِ وَمُعَاشَرَةِ الزَّوْجِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَهَذَا مِنْهُ) أَيْ فَلَا يَحْرُمُ سم أَيْ بِاتِّفَاقٍ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَعُدَّ الْأَحْجَارَ) أَيْ إذَا أَرَادَ الِاسْتِنْجَاءَ بِهَا (أَوْ الْمَاءَ) أَيْ إذَا أَرَادَ الِاسْتِنْجَاءَ بِهِ أَوْ كِلَيْهِمَا إنْ أَرَادَ الْجَمْعَ مُغْنِي (قَوْلُهُ: أَوْ وَالِاسْتِقْبَالُ إلَخْ) أَيْ لَوْ عَارَضَ السَّتْرُ وَالِاسْتِقْبَالُ إلَخْ وَفِيهِ تَأَمُّلٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أُرِيدَ بِهَذَا التَّعَارُضِ إنْ اسْتَقْبَلَ أَوْ اسْتَدْبَرَ فَاتَ السَّتْرُ وَإِلَّا حَصَلَ فَهَذَا لَيْسَ تَعَارُضًا إذْ كُلٌّ مِنْ الِاسْتِقْبَالِ وَالِاسْتِدْبَارِ غَيْرُ مَطْلُوبٍ بَلْ الْمَطْلُوبُ تَرْكُهُ وَالسَّتْرُ الْمَطْلُوبُ حَاصِلٌ مَعَ تَرْكِهِمَا فَفِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ الْمَطْلُوبِينَ وَلَا يُمْكِنُ إلَّا طَلَبُهُ حِينَئِذٍ مَعَ السَّتْرِ سَوَاءٌ وَجَبَ أَوْ لَا، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ أَنَّهُ إنْ اسْتَقْبَلَ أَوْ اسْتَدْبَرَ حَصَلَ السَّتْرُ وَإِلَّا فَاتَ، وَأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَنْبَغِي الِاسْتِقْبَالُ أَوْ الِاسْتِدْبَارُ مَعَ السَّتْرِ إنْ وَجَبَ السَّتْرُ لِوُجُودِ مَنْ يَنْظُرُ إلَيْهِ مِمَّنْ يَحْرُمُ نَظَرُهُ، فَإِنْ لَمْ يَجِبْ تَرَكَهُمَا، وَإِنْ فَاتَ السَّتْرُ فَهُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ فِي الشِّقِّ الثَّانِي فَلْيُتَأَمَّلْ.
سم أَقُولُ
إلَى رُكْبَتِهِ) لَا يُقَالُ قَضِيَّةُ مَا سَبَقَ فِي الْهَامِشِ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنْ يُقَالَ إلَى الْأَرْضِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْفَرْقُ مُمْكِنٌ ظَاهِرٌ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَزِمَهُ السَّتْرُ) أَيْ؛ لِأَنَّ كَشْفَهَا بِحَضْرَةِ النَّاسِ حَرَامٌ وَوُجُوبُ غَضِّ الْبَصَرِ لَا يَمْنَعُ الْحُرْمَةَ خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَهُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ) أَيْ كَشْفَ الْعَوْرَةِ وَقَوْلُهُ وَهَذَا مِنْهُ أَيْ فَلَا يَحْرُمُ (قَوْلُهُ: أَوْ وَالِاسْتِقْبَالُ إلَخْ) أَيْ أَوْ تَعَارَضَ السَّتْرُ وَالِاسْتِقْبَالُ إلَخْ وَفِيهِ تَأَمُّلٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِهَذَا التَّعَارُضِ أَنَّهُ إنْ اسْتَقْبَلَ أَوْ اسْتَدْبَرَ فَاتَ السَّتْرُ وَإِلَّا حَصَلَ فَهَذَا لَيْسَ تَعَارُضًا إذْ كُلٌّ مِنْ الِاسْتِقْبَالِ وَالِاسْتِدْبَارِ غَيْرُ مَطْلُوبٍ بَلْ الْمَطْلُوبُ تَرْكُهُ وَالسَّتْرُ الْمَطْلُوبُ حَاصِلٌ مَعَ تَرْكِهِمَا فَفِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ الْمَطْلُوبَيْنِ وَلَا يُمْكِنُ إلَّا طَلَبُهُ حِينَئِذٍ مَعَ السَّتْرِ سَوَاءٌ وَجَبَ أَوْ لَا، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ أَنَّهُ إنْ اسْتَقْبَلَ أَوْ اسْتَدْبَرَ حَصَلَ السَّتْرُ وَإِلَّا فَلَا، وَأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَنْبَغِي الِاسْتِقْبَالُ أَوْ الِاسْتِدْبَارُ مَعَ السَّتْرِ إنْ وَجَبَ السَّتْرُ لِوُجُودِ مَنْ
فِي الْأُولَى كَمَا بُحِثَ وَفِي غَيْرِهَا إنْ وَجَبَ فِيمَا يَظْهَرُ
(وَلَا يَبُولُ) وَلَا يَتَغَوَّطُ (فِي مَاءٍ) مَمْلُوكٍ لَهُ أَوْ مُبَاحٍ غَيْرِ مُسَبَّلٍ وَلَا مَوْقُوفٍ (رَاكِدٍ) قَلَّ أَوْ كَثُرَ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ ذَلِكَ، فَإِنْ فَعَلَ كُرِهَ مَا لَمْ يَسْتَبْحِرْ بِحَيْثُ لَا تَعَافُهُ نَفْسٌ أَلْبَتَّةَ أَمَّا الْجَارِي فَلَا يُكْرَهُ فِي كَثِيرِهِ لِقُوَّتِهِ وَبَحَثَ الْمُصَنِّفُ حُرْمَتَهُ فِي الْقَلِيلِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إتْلَافًا لَهُ عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ جَوَابُهُ، وَإِنْ وَافَقَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي بَعْضِ تَفْصِيلٍ اعْتَمَدَهُ مَا قَرَّرْته أَنَّ الْكَلَامَ فِي مَمْلُوكٍ لَهُ أَوْ مُبَاحٍ وَطُهْرُهُ مُمْكِنٌ بِالْمُكَاثَرَةِ نَعَمْ إنْ دَخَلَ الْوَقْتُ وَتَعَيَّنَ لِطُهْرِهِ حَرُمَ كَإِتْلَافِهِ، وَيَحْرُمُ فِي مُسَبَّلٍ وَمَوْقُوفٍ مُطْلَقًا وَمَاءٍ هُوَ وَاقِفٌ فِيهِ إنْ قَلَّ لِحُرْمَةِ تَنَجُّسِ الْبَدَنِ وَيُكْرَهُ فِي الْمَاءِ بِاللَّيْلِ مُطْلَقًا كَالِاغْتِسَالِ لِمَا قِيلَ أَنَّهُ مَأْوَى الْجِنِّ وَعَجِيبٌ اسْتِنْتَاجُ الْكَرَاهَةِ
وَقَوْلُهُ، وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّهُ إلَخْ هَذَا هُوَ الْمُتَعَيَّنُ بِقَرِينَةِ الْمَقَامِ وَقَوْلُهُ فَهُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ إلَخْ لَا يَظْهَرُ وَجْهُهُ (قَوْلُهُ: فِي الْأَوْلَى) أَيْ تَعَارُضِ السَّتْرِ وَالْإِبْعَادِ وَقَوْلُهُ وَفِي غَيْرِهَا أَيْ تَعَارُضِ السَّتْرِ وَالِاسْتِقْبَالِ أَوْ الِاسْتِدْبَارِ
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلَا يَبُولُ) وَصَبُّ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ كَالْبَوْلِ فِيهِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَغَوَّطُ) إلَى قَوْلِهِ وَعَجِيبٌ فِي الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَعَلَ) أَيْ الْبَوْلَ أَوْ الْغَائِطَ فِي الْمَمْلُوكِ أَوْ الْمُبَاحِ وَكَذَا الْبُصَاقُ وَالْمُخَاطُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: كُرِهَ) وَيُكْرَهُ أَيْضًا قَضَاءُ الْحَاجَةِ بِقُرْبِ الْمَاءِ الَّذِي يُكْرَهُ قَضَاؤُهَا فِيهِ مُغْنِي وَشَرْحُ بَافَضْلٍ قَالَ الْكُرْدِيُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بِقُرْبِ الْمَاءِ قَالَ فِي الْإِيعَابِ بِحَيْثُ يَصِلُ إلَيْهِ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ اهـ.
وَفِيهِ تَوَقُّفٌ وَالْأَقْرَبُ إبْقَاؤُهُ عَلَى ظَاهِرِ إطْلَاقِهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَسْتَبْحِرْ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ فَلَا كَرَاهَةَ فِي قَضَاءِ الْحَاجَةِ فِيهِ نَهَارًا وَلَا خِلَافَ الْأَوْلَى كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ انْتَهَى اهـ سم (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا تَعَافُهُ إلَخْ) لَا شُبْهَةَ فِي أَنَّ مَحَلَّ الْبَوْلِ تَعَافُهُ الْأَنْفُسُ كَيْفَمَا كَانَ الْمَاءُ سِيَّمَا عَقِبَهُ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: فَلَا يُكْرَهُ فِي كَثِيرِهِ) أَيْ دُونَ قَلِيلِهِ فَيُكْرَهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: فِي الْقَلِيلِ) أَيْ مُطْلَقًا مُغْنِي أَيْ رَاكِدًا كَانَ أَوْ جَارِيًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَافَقَهُ) أَيْ الْمُصَنِّفُ.
(قَوْلُهُ مَا قَرَرْته إلَخْ) خَبَرٌ وَجَوَابُهُ وَالْجُمْلَةُ خَبَرٌ وَبَحَثَ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: وَطُهْرُهُ إلَخْ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ مُمْكِنٌ بِالْمُكَاثَرَةِ) لَكِنَّهُ يَشْكُلُ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ الْإِنَاءِ النَّجِسِ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ وَأُجِيبُ بِأَنَّ هُنَاكَ اسْتِعْمَالًا بِخِلَافِهِ هُنَا مُغْنِي وع ش (قَوْلُهُ: وَتَعَيَّنَ إلَخْ) أَيْ الْمَاءُ الْقَلِيلُ سَوَاءٌ كَانَ رَاكِدًا أَوْ جَارِيًا رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ، وَيَحْرُمُ فِي مُسَبَّلٍ إلَخْ) أَيْ وَفِي مَمْلُوكٍ لِغَيْرِهِ سم عِبَارَةُ ع ش بَعْدَ كَلَامٍ أَقُولُ الْأَقْرَبُ الْحُرْمَةُ فِي الْمَمْلُوكِ لِلْغَيْرِ مُطْلَقًا اسْتَبْحَرَ أَوْ لَا حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ رِضَا مَالِكِهِ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ لِلشَّارِحِ م ر مَا يُوَافِقُ مَا قُلْنَاهُ اهـ.
وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا وَهَذَا فِي الْمُبَاحِ أَوْ الْمَمْلُوكِ لَهُ بِخِلَافِ الْمُسَبَّلِ أَوْ الْمَمْلُوكِ لِغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ عِلْمِ رِضَاهُ فَيَحْرُمُ وَلَوْ مُسْتَبْحِرًا فَيَحْرُمُ عَلَى الشَّخْصِ الْبَوْلُ فِي مَغْطِسِ الْمَسْجِدِ وَكَذَا فِي مَغْطِسِ الْحَمَّامِ مِنْ غَيْرِ عِلْمِ رِضَا صَاحِبِهِ، وَإِنْ كَانَ نَافِعًا عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ فَقَدْ قَالُوا إنَّ بَوْلَةً فِي الْحَمَّامِ فِي الشِّتَاءِ قَائِمًا خَيْرٌ مِنْ شَرْبَةِ دَوَاءٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَمَوْقُوفٍ) اُنْظُرْ مَا صُورَةُ وَقْفِ الْمَاءِ وَقَدْ يُصَوَّرُ بِمَا لَوْ وُقِفَ مَحَلُّهُ كَبِئْرٍ مَثَلًا، وَيَكُونُ فِي التَّعْبِيرِ بِوَقْفِهِ تَجَوُّزًا وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِمَا لَوْ مَلَكَ مَاءً كَثِيرًا كَبِرْكَةٍ مَثَلًا وَوُقِفَ الْمَاءُ عَلَى مَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ مِنْ غَيْرِ نَقْلٍ لَهُ ع ش عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ وَصُورَةُ الْمَوْقُوفِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَنْ يَقِفَ إنْسَانٌ ضَيْعَةً مَثَلًا يُمْلَأُ مِنْ غَلَّتِهَا نَحْوُ صِهْرِيجٍ أَوْ فَسْقِيَّةٍ أَوْ أَنْ يَقِفَ بِئْرًا فَيَدْخُلُ فِيهِ مَاؤُهُ الْمَوْجُودُ وَالْمُتَجَدِّدُ تَبَعًا وَإِلَّا فَالْمَاءُ لَا يَقْبَلُ الْوَقْفَ قَصْدًا اهـ.
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ رَاكِدًا كَانَ أَوْ جَارِيًا قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ سم ظَاهِرُهُ، وَإِنْ اسْتَبْحَرَ كَمَا تَقَدَّمَ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَمَا هُوَ وَاقِفٌ إلَخْ) فَلَوْ انْغَمَسَ مُسْتَجْمِرٌ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ حَرُمَ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْكَرَاهَةِ فِي الْبَوْلِ فِيهِ لِمَا فِيهِ هُنَا مِنْ تَضْمِيخِهِ بِالنَّجَاسَةِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: إنْ قَلَّ إلَخْ) وَكَذَا فِيمَا يَظْهَرُ إنْ كَثُرَ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ تَغَيُّرُهُ سم (قَوْلُهُ: لِحُرْمَةِ تَنْجِيسِ الْبَدَنِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ الْحُرْمَةُ فِيمَا اتَّصَلَ بِهِ بَعْضُ ثَوْبِهِ بِنَاءً عَلَى حُرْمَةِ تَنْجِيسِ الثَّوْبِ أَيْضًا سم (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا)
يَنْظُرُ إلَيْهِ مِمَّنْ يَحْرُمُ نَظَرُهُ، فَإِنْ لَمْ يَجِبْ تَرَكَهُمَا، وَإِنْ فَاتَهُ فِي السَّتْرِ فَهُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ فِي الشِّقِّ الثَّانِي فَلْيُتَأَمَّلْ وَلَوْ أَخَذَهُ الْبَوْلُ وَهُوَ مَحْبُوسٌ بَيْنَ جَمَاعَةٍ جَازَ لَهُ الْكَشْفُ وَعَلَيْهِمْ الْغَضُّ، فَإِنْ احْتَاجَ لِلِاسْتِنْجَاءِ وَقَدْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَلَمْ يَجِدْ إلَّا مَاءً بِحَضْرَةِ النَّاسِ جَازَ لَهُ كَشْفُهَا أَيْضًا كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ فِيهِمَا وَظَاهِرُ التَّعْبِيرِ بِالْجَوَازِ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهَا وَالْأَوْجَهُ الْوُجُوبُ وَفَارَقَ مَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ فِي نَظِيرِهَا مِنْ الْجُمُعَةِ حَيْثُ خَافَ فَوْتَهَا إلَّا بِالْكَشْفِ الْمَذْكُورِ حَيْثُ جَعَلَهُ جَائِزًا قَالَ؛ لِأَنَّ كَشْفَهَا يَسُوءُ صَاحِبَهَا بِأَنَّ لِلْجُمُعَةِ بَدَلًا وَلَا كَذَلِكَ الْوَقْتُ م ر
(قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَسْتَبْحِرْ بِحَيْثُ لَا تَعَافُهُ نَفْسٌ أَلْبَتَّةَ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ فَلَا كَرَاهَةَ فِي قَضَاءِ الْحَاجَةِ فِيهِ نَهَارًا وَلَا خِلَافَ الْأَوْلَى كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ لَا حُرْمَةَ أَيْضًا إنْ كَانَ مُسَبَّلًا أَوْ مَمْلُوكًا أَيْ لِلْغَيْرِ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ انْتَهَى (قَوْلُهُ: فِي مُسَبَّلٍ وَمَوْقُوفٍ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ اسْتَبْحَرَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ لَكِنْ قَيَّدَ شَيْخُنَا أَبُو الْحَسَنِ الْبَكْرِيُّ فِي شَرْحِهِ الْحُرْمَةَ فِي الْمُسَبَّلِ أَوْ الْمَمْلُوكِ لِلْغَيْرِ بِغَيْرِ الْمُسْتَبْحِرِ الْمَذْكُورِ فَلْيُتَأَمَّلْ لَكِنَّهُ قَرِيبٌ فِي الْمَمْلُوكِ لِلْغَيْرِ إنْ عَلِمَ رِضَاهُ وَقَدْ يُقَالُ مَعَ عِلْمِ الرِّضَا لَا يَنْبَغِي التَّقْيِيدُ بِالْمُسْتَبْحِرِ وَحَيْثُ قُلْنَا بِالْجَوَازِ لَا يَبْعُدُ تَخْصِيصُهُ بِالْبَوْلِ بَلْ قَدْ يُؤْخَذُ هَذَا مِنْ تَقْيِيدِ الْمُسْتَبْحِرِ بِالْحَيْثِيَّةِ السَّابِقَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ وَلَوْ فِي مَمْلُوكٍ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ إنْ قَلَّ) وَكَذَا فِيمَا يَظْهَرُ إنْ كَثُرَ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ تَغَيُّرُهُ (قَوْلُهُ: لِحُرْمَةِ تَنَجُّسِ الْبَدَنِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ الْحُرْمَةُ فِيمَا اتَّصَلَ بِهِ
مِنْ هَذِهِ الْعِلَّةِ الَّتِي لَا أَصْلَ لَهَا بَلْ لَوْ فُرِضَ أَنَّ لَهَا أَصْلًا كَانَتْ التَّسْمِيَةُ دَافِعَةً لِشَرِّهِمْ فَلْتُحْمَلْ الْكَرَاهَةُ هُنَا عَلَى الْإِرْشَادِيَّةِ وَقَدْ يُجَابُ بِالْتِزَامِ أَنَّهَا شَرْعِيَّةٌ وَيُوَجَّهُ بِنَظِيرِ مَا مَرَّ فِي كَرَاهَةِ الْمُشَمَّسِ أَنَّهُ مُرِيبٌ وَفِي الْحَدِيثِ «دَعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا لَا يَرِيبُك» وَدَفْعُ التَّسْمِيَةِ لِذَلِكَ إنَّمَا يُظَنُّ فِي غَيْرِ عُتَاةِ كُفْرِيَّتِهِمْ، فَإِنْ قُلْت الْمَاءُ الْعَذْبُ رِبَوِيٌّ؛ لِأَنَّهُ مَطْعُومٌ فَلْيَحْرُمْ الْبَوْلُ فِيهِ مُطْلَقًا كَالطَّعَامِ قُلْت هَذَا مَا تَخَيَّلَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَهُوَ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الطَّعَامَ يَتَنَجَّسُ وَلَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُ مَائِعِهِ وَالْمَاءُ لَهُ قُوَّةٌ وَدَفْعٌ لِلنَّجَاسَةِ عَنْ نَفْسِهِ فَلَمْ يَلْحَقْ هُنَا بِالْمَطْعُومَاتِ
(وَ) لَا يَبُولُ وَلَا يَتَغَوَّطُ فِي (حَجَرٍ) لِصِحَّةِ النَّهْيِ عَنْهُ، وَهُوَ الثُّقْبُ أَيْ الْخَرْقُ الْمُسْتَدِيرُ النَّازِلُ فِي الْأَرْضِ وَأُلْحِقَ بِهِ السَّرَبُ بِفَتْحِ أَوَّلَيْهِ أَيْ الشَّقُّ الْمُسْتَطِيلُ، فَإِنْ فَعَلَ كُرِهَ خَشْيَةَ أَنْ يَتَأَذَّى أَوْ يُؤْذِيَ حَيَوَانًا فِيهِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي غَيْرِ الْمُعَدِّ، وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي الْإِعْدَادُ هُنَا بِالْقَصْدِ (تَنْبِيهٌ)
وَقَعَ لِشَيْخِنَا وَغَيْرِهِ أَنَّهُمْ نَقَلُوا عَنْ الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ بَحَثَ الْحُرْمَةَ هُنَا لِصِحَّةِ النَّهْيِ، وَأَنَّهُ قَيَّدَ الْكَرَاهَةَ بِغَيْرِ الْمُعَدِّ وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ فِي عِدَّةِ نُسَخٍ فِيهِ هُنَا، فَإِنْ كَانَ فِيهِ بِمَحَلٍّ آخَرَ أَوْ فِي بَعْضِ نُسَخِهِ وَإِلَّا فَكَلَامُهُمْ مُؤَوَّلٌ بِأَنَّ مُقْتَضَى بَحْثِهِ فِي الْمَلَاعِنِ الْحُرْمَةُ لِصِحَّةِ النَّهْيِ فِيهَا أَنَّ هَذَا مِثْلُهَا فَنَسَبُوهُ إلَيْهِ تَسَامُحًا نَعَمْ نَقَلَ ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ الْمُصَنِّفِ وَلَمْ يَنْسُبُوهُ لِكِتَابٍ مِنْ كُتُبِهِ قِيلَ وَنُهِيَ عَنْ الْبَوْلِ فِي الْبَالُوعَةِ وَتَحْتَ الْمِيزَابِ وَعَلَى رَأْسِ الْجَبَلِ
(وَ) لَا يَبُولُ وَلَا
أَيْ رَاكِدًا أَوْ جَارِيًا قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا (قَوْلُهُ: مِنْ هَذِهِ إلَخْ) أَيْ كَوْنِ الْمَاءِ مَأْوَى الْجِنِّ فِي اللَّيْلِ (قَوْلُهُ: دَافِعَةً لِشَرِّهِمْ إلَخْ) يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ لَعَلَّ الْوَجْهَ فِي ذَلِكَ تَأْدِيَتُهُ إلَى تَنْجِيسِهِمْ لِعَدَمِ رُؤْيَتِنَا لَهُمْ لَا الْخَوْفُ مِنْ شَرِّهِمْ عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ هَلْ التَّسْمِيَةُ تَدْفَعُ شَرَّهُمْ الْمَحْسُوسَ كَالْإِيذَاءِ فِي الْبَدَنِ كَمَا تَدْفَعُ الْمَعْقُولَ كَالْوَسْوَسَةِ فَقَدْ حُكِيَ تَعَرُّضُهُمْ بِالْإِيذَاءِ الْحِسِّيِّ لِكَثِيرٍ مِنْ الْكُمَّلِ مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ حَالِهِمْ مُوَاظَبَةُ الذِّكْرِ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَيُوَجِّهُ) أَيْ ذَلِكَ الِالْتِزَامُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قُلْت) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا رَاكِدًا أَوْ جَارِيًا قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا (قَوْلُهُ: مَائِعِهِ) قَدْ يُقَالُ فَيَنْبَغِي الْجَوَازُ فِيمَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ مِنْهُ كَالْبِطِّيخَةِ وَالتَّمْرَةِ وَقَوْلُهُ وَدَفْعٌ لِلنَّجَاسَةِ إلَخْ هَذَا لَا يَأْتِي فِي الْقَلِيلِ إلَّا أَنْ يُرَادَ فِي الْجُمْلَةِ أَوْ بِاعْتِبَارِ جِنْسِهِ سم وَدَفَعَ النِّهَايَةُ الْإِشْكَالَ الْمَذْكُورَ مِنْ أَصْلِهِ بِزِيَادَةِ قَوْلِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمْ فِي الْقَلِيلِ لِإِمْكَانِ طُهْرِهِ بِالْمُكَاثَرَةِ اهـ، وَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ أَوَّلِ كَلَامِ الشَّارِحِ أَيْضًا وَلِذَا سَكَتَ عَنْهُ هُنَا
(قَوْلُهُ: وَلَا يَبُولُ) إلَى قَوْلِهِ وَمِنْهُ فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى قَوْلِهِ وَلَمْ أَرَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ مِنْهُ إلَى نَقَلُوا قَوْلَ الْمَتْنِ (وَجُحْرٍ) بِجِيمٍ مَضْمُومَةٍ فَمُهْمَلَةٍ سَاكِنَةٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: لِصِحَّةِ النَّهْيِ عَنْهُ) لِمَا يُقَالُ إنَّهَا مَسَاكِنُ الْجِنِّ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَهُوَ الثَّقْبُ) بِالْفَتْحِ وَاحِدُ الثُّقُوبِ وَالثُّقْبُ بِالضَّمِّ جَمْعُ ثُقْبَةٍ كَالثَّقْبِ بِفَتْحِ الْقَافِ مُخْتَارٌ وَفِي الْإِقْنَاعِ أَنَّهُ بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَسُكُونِ الْقَافِ قُلْت الْقِيَاسُ مَا فِي الْمُخْتَارِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرٌ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ: خَشْيَةَ أَنْ يَتَأَذَّى إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِيهِ حَيَوَانٌ ضَعِيفٌ فَيَتَأَذَّى أَوْ قَوِيٌّ فَيُؤْذِيَهُ أَوْ يُنَجِّسَهُ اهـ قَالَ ع ش وَلَوْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَيَوَانٌ يُؤْذِي بَلْ مَا لَا يُؤْذِي وَكَانَ يَلْزَمُ مِنْ بَوْلِهِ عَلَيْهِ قَتْلُهُ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ نُدِبَ قَتْلُهُ وَكَانَ يَمُوتُ بِسُرْعَةٍ فَلَا حُرْمَةَ وَلَا كَرَاهَةَ، وَإِنْ كُرِهَ قَتْلُهُ، فَإِنْ كَانَ يَمُوتُ بِسُرْعَةٍ فَالْكَرَاهَةُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَمُوتُ بِسُرْعَةٍ بَلْ يَحِلُّ تَعْذِيبٌ حَرُمَ لِلْأَمْرِ بِإِحْسَانِ الْقِتْلَةِ، وَإِنْ كَانَ يُبَاحُ قَتْلُهُ، فَإِنْ حَصَلَ تَعْذِيبٌ حَرُمَ أَوْ انْتَفَى التَّعْذِيبُ، فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ تَأَذٍّ فَيُتَّجَهُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ لَكِنْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الْكَرَاهَةُ، وَإِنْ حَصَلَ تَأَذٍّ يَتَّجِهُ الْكَرَاهَةُ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ فَلْيُحَرَّرْ مَحَلُّ كَلَامِهِمْ مِنْ ذَلِكَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ الْأَخْذُ فَإِنَّ الْمُعَدَّ قَدْ يَحْصُلُ فِيهِ الْإِيذَاءُ أَوْ التَّأَذِّي سم.
(قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي الْإِعْدَادُ هُنَا إلَخْ) احْتِرَازٌ عَنْ تَقْدِيمِ الْيَسَارِ عِنْدَ إرَادَةِ الْجُلُوسِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ بِمَوْضِعٍ مِنْ الصَّحْرَاءِ فَيَكْفِي الْقَصْدُ ثُمَّ هَذَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْصُلَ الْإِعْدَادُ هُنَا بِقَضَاءِ الْحَاجَةِ مَعَ قَصْدِ تَكْرَارِ الْعَوْدِ إلَيْهِ لِذَلِكَ سم (قَوْلُهُ: أَنَّهُ بَحَثَ الْحُرْمَةَ إلَخْ) أَقَرَّهُ الْمُغْنِي وَكَذَا النِّهَايَةُ عِبَارَتُهُ نَعَمْ يَظْهَرُ تَحْرِيمُهُ فِيهِ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ بِهِ حَيَوَانًا مُحْتَرَمًا يَتَأَذَّى بِهِ أَوْ يَهْلَكُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ بَحْثُ الْمَجْمُوعِ اهـ وَأَقَرَّهُ سم وَنَقَلَ الْكُرْدِيُّ عَنْ الْإِمْدَادِ مِثْلَهُ (قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ فِي الْجُحْرِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ قَيَّدَ الْكَرَاهَةَ) أَيْ عِنْدَ الْجُمْهُورِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ) أَيْ الْبَحْثَ وَقَوْلُهُ فِيهِ أَيْ فِي الْمَجْمُوعِ وَكَانَ الْأَوْلَى إبْدَالُهُ بِمِنْهُ أَوْ تَقْدِيمُهُ عَلَى فِي عِدَّةِ نُسَخٍ (قَوْلُهُ هُنَا) أَيْ فِي مَبْحَثِ آدَابِ قَاضِي الْحَاجَةِ (قَوْلُهُ بِأَنَّ مُقْتَضَى بَحْثِهِ) أَيْ بَحْثِ الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: فِي الْمَلَاعِنِ) أَيْ الْآتِيَةِ آنِفًا (قَوْلُهُ: أَنَّ هَذَا إلَخْ) خَبَرُ أَنَّ مُقْتَضَى إلَخْ وَالْإِشَارَةُ لِنَحْوِ الْجُحْرِ (قَوْلُهُ نَقَلَ ذَلِكَ) أَيْ الْبَحْثَ الْمَذْكُورَ (قَوْلُهُ: فِي الْبَالُوعَةِ) قَدْ يَشْمَلُهَا الْجُحْرُ سم
بَعْضُ ثَوْبِهِ بِنَاءً عَلَى حُرْمَةِ تَنَجُّسِ الثَّوْبِ أَيْضًا وَقَدْ يَلْحَقُ بِهِ الْإِنَاءُ إنْ حَرَّمْنَا تَنْجِيسَهُ بِلَا حَاجَةٍ وَقَدْ يَقْتَضِي هَذَا حُرْمَةَ الْبَوْلِ فِيهِ إذَا كَانَ فِي إنَاءٍ وَلَكِنْ هَذَا قَدْ لَا يُوَافِقُ جَوَازَ الْبَوْلِ فِي الْإِنَاءِ الْخَالِي عَنْ الْمَاءِ بَلْ سَيَأْتِي نَدْبُ اتِّخَاذِ الْإِنَاءِ لِلْبَوْلِ فِيهِ لَيْلًا وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْخَالِي وَمَا فِيهِ مَاءٌ؛ لِأَنَّهُ فِي الثَّانِي تَنْجِيسٌ لِشَيْئَيْنِ الْمَاءِ وَالْإِنَاءِ بِلَا حَاجَةٍ وَقَدْ يُقَالُ تَنْجِيسُ كُلٍّ جَائِزٌ فَكَذَا عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ (قَوْلُهُ: مَائِعِهِ) قَدْ يُقَالُ فَيَنْبَغِي الْجَوَازُ فِيمَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ كَالْبِطِّيخَةِ وَالتَّمْرَةِ (قَوْلُهُ: وَدَفْعٌ لِلنَّجَاسَةِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذَا لَا يَأْتِي فِي الْقَلِيلِ إلَّا أَنْ يُرَادَ فِي الْجُمْلَةِ أَوْ بِاعْتِبَارِ جِنْسِهِ
(قَوْلُهُ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ) يُتَأَمَّلْ الْأَخْذُ فَإِنَّ الْمُعَدَّ قَدْ يَحْصُلُ فِيهِ الْإِيذَاءُ أَوْ التَّأَذِّي (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي الْإِعْدَادُ هُنَا بِالْقَصْدِ) احْتِرَازٌ عَنْ تَقْدِيمِ الْيَسَارِ عِنْدَ إرَادَةِ الْجُلُوسِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ بِمَوْضِعٍ بِالصَّحْرَاءِ هَذَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْصُلَ الْإِعْدَادُ هُنَا بِقَضَاءِ الْحَاجَةِ مَعَ قَصْدِ تَكْرَارِ الْعَوْدِ إلَيْهِ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ بَحَثَ الْحُرْمَةَ إلَخْ) نَعَمْ يَظْهَرُ تَحْرِيمُهُ أَيْ الْبَوْلِ وَمِثْلُهُ الْغَائِطُ فِيهِ أَيْ فِي الْحَجَرِ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ بِهِ حَيَوَانًا مُحْتَرَمًا يَتَأَذَّى بِهِ أَوْ يَهْلَكُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ بَحْثُ الْمَجْمُوعِ م ر (قَوْلُهُ: فِي الْبَالُوعَةِ) قَدْ يَشْمَلُهَا الْحَجَرُ
يَتَغَوَّطُ مَائِعًا فِي مَحَلٍّ صُلْبٍ (وَ) لَا فِي (مَهَبِّ رِيحٍ) أَيْ جِهَةِ هُبُوبِهَا الْغَالِبِ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ فَيُكْرَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ هَابَّةً بِالْفِعْلِ لِئَلَّا يَعُودَ عَلَيْهِ رَشَاشُ الْخَارِجِ وَكَالْمَائِعِ جَامِدٌ يَخْشَى عَوْدَ رِيحِهِ وَالتَّأَذِّي بِهِ وَلَا يَبُولُ وَلَا يَتَغَوَّطُ فِي مُسْتَحَمٍّ لَا مَنْفَذَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ يَجْلِبُ الْوَسْوَاسَ (وَ) لَا فِي (مُتَحَدَّثٍ) ، وَهُوَ مَحَلُّ اجْتِمَاعِ النَّاسِ فِي الشَّمْسِ شِتَاءً وَالظِّلِّ صَيْفًا وَالْمُرَادُ هُنَا كُلُّ مَحَلٍّ يُقْصَدُ لِغَرَضٍ كَمَعِيشَةٍ أَوْ مَقِيلٍ فَيُكْرَهُ ذَلِكَ إنْ اجْتَمَعُوا لِجَائِزٍ وَإِلَّا فَلَا (وَطَرِيقٍ) فَيُكْرَهُ وَقِيلَ يَحْرُمُ التَّغَوُّطُ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةٌ وَذَلِكَ لِصِحَّةِ النَّهْيِ عَنْ التَّخَلِّي فِيهِمَا مُعَلَّلًا بِأَنَّهُ يَجْلِبُ اللَّعْنَ كَثِيرًا
وَقَدْ يُمْنَعُ الشُّمُولُ بِأَنَّ الْبَالُوعَةَ فِي قُوَّةِ الْمُعَدِّ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ تَقْيِيدُ الشَّارِحِ فِيمَا يَأْتِي الْمُسْتَحِمَّ بِأَنْ لَا مَنْفَذَ لَهُ
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَمَهَبِّ رِيحٍ) وَمِنْهُ الْمَرَاحِيضُ الْمُشْتَرَكَةُ نِهَايَةٌ وَشَرْحُ بَافَضْلٍ زَادَ الْمُغْنِي فَيَنْبَغِي الْبَوْلُ فِي إنَاءٍ وَإِفْرَاغُهُ فِيهَا لِيَسْلَمَ مِنْ النَّجَاسَةِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ اهـ.
وَفِي الْكُرْدِيِّ عَنْ فَتَاوَى السَّيِّدِ عُمَرَ الْبَصْرِيِّ الْمَرَاحِيضُ جَمْعُ مِرْحَاضٍ، وَهُوَ الْبَيْتُ الْمُتَّخَذُ لِقَضَاءِ حَاجَةِ الْإِنْسَانِ أَيْ التَّغَوُّطِ وَالْمُرَادُ بِالْمَرَاحِيضِ الْمُشْتَرَكَةِ مَا يَقَعُ فِي الْمَدَارِسِ وَالرُّبُطِ وَبِجِوَارِ الْمَسَاجِدِ الْجَوَامِعِ مِنْ اتِّخَاذِ مَرَاحِيضَ مُتَعَدِّدَةِ الْمَنَافِذِ مُتَّحِدَةٍ فِي الْبِنَاءِ الْمُعَدِّ لِاسْتِقْرَارِ النَّجَاسَةِ فَيُبْنَى بِنَاءٌ وَاسِعٌ مُسَقَّفٌ يُسَمَّى فِي عُرْفِ أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ وَمِصْرَ بِالْبَيَّارَةِ بِبَاءٍ مُوَحَّدَةٍ وَتَحْتِيَّةٍ مُشَدَّدَةٍ وَتُفْتَحُ إلَيْهِ مَنَافِذُ مُتَعَدِّدَةٌ وَيُبْنَى لِكُلِّ مَنْفَذٍ حَائِطٌ يَسْتُرُهُ عَنْ الْأَعْيَنِ وَلَهُ بَابٌ يَخْتَصُّ بِهِ فَالْبِنَاءُ الْوَاحِدُ الَّذِي هُوَ مُسْتَقَرُّ النَّجَاسَةِ مُتَّحِدٌ تَشْتَرِك فِيهِ تِلْكَ الْمَنَافِذُ، وَيَجْتَمِعُ فِيهِ مَا يَسْقُطُ مِنْهَا مِنْ الْأَقْذَارِ.
وَأَمَّا وَجْهُ الْكَرَاهَةِ فِيهَا فَهُوَ أَنَّ الْهَوَاءَ يَنْفُذُ مِنْ أَحَدِهَا مُسْتَفِلًا فَإِذَا أَبْرَزَ تَصْعَدُ مِنْ مَنْفَذٍ آخَرَ فَيَرُدُّ الرَّشَاشَ إلَى قَاضِي الْحَاجَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَبُولُ) إلَى قَوْلِهِ وَالْمُرَادُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَكَالْمَائِعِ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: فِي مَحَلٍّ صُلْبٍ) ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ دَقَّهُ بِحَجَرٍ أَوْ نَحْوِهِ مُغْنِي وَشَرْحُ بَافَضْلٍ وَفِي الْكُرْدِيِّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ أَوْ نَحْوَهُ قَالَ فِي الْإِيعَابِ أَيْ بِأَنْ يَجْعَلَ فِيهِ نَحْوَ حَشِيشٍ أَوْ تُرَابٍ حَتَّى يَأْمَنَ عَوْدَ الرَّشَاشِ إلَيْهِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَا فِي مَهَبِّ رِيحٍ إلَخْ) بَلْ يَسْتَدْبِرُهَا فِي الْبَوْلِ، وَيَسْتَقْبِلُهَا فِي الْغَائِطِ الْمَائِعِ نِهَايَةٌ وَشَرْحُ بَافَضْلٍ وَفِي الْكُرْدِيِّ عَنْ الْإِيعَابِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ كَانَ يَبُولُ، وَيَتَغَوَّطُ مَائِعًا كُرِهَ اسْتِقْبَالُهَا وَاسْتِدْبَارُهَا أَوْ يَبُولُ فَقَطْ كُرِهَ لَهُ اسْتِقْبَالُهَا أَوْ يَتَغَوَّطُ مَائِعًا فَقَطْ كُرِهَ لَهُ اسْتِدْبَارُهَا اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَكُنْ هَابَّةً بِالْفِعْلِ) وِفَاقًا لِلْمُغْنِي وَشَرْحِ الْعُبَابِ لِلرَّمْلِيِّ وَأَقَرَّهُ ع ش وَخِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَشُرُوحِ الْإِرْشَادِ وَالْعُبَابِ وَبَافَضْلٍ لِلشَّارِحِ (قَوْلُهُ وَكَالْمَائِعِ جَامِدٌ إلَخْ) وِفَاقًا لِلزِّيَادِيِّ وَخِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَشُرُوحِ الْإِرْشَادِ وَالْعُبَابِ لِلشَّارِحِ (قَوْلُهُ: لَا مَنْفَذَ لَهُ) مَفْهُومُهُ انْتِفَاءُ النَّهْيِ إذَا كَانَ لَهُ مَنْفَذٌ فَانْظُرْ هَلْ يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ آنِفًا فِي الْبَالُوعَةِ وَقَدْ تُدْفَعُ الْمُنَافَاةُ بِتَقْدِيرِ اعْتِمَادِ مَا تَقَدَّمَ بِأَنَّ صُورَةَ ذَاكَ الْبَوْلِ فِي نَفْسِ الْبَالُوعَةِ وَصُورَةَ هَذَا الْبَوْلِ خَارِجَهَا بِحَيْثُ يَسِيلُ إلَيْهَا، وَيَنْزِلُ وَفِيهِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ.
سم (قَوْلُهُ: وَهُوَ) إلَى قَوْلِهِ: وَالْمُرَادُ، فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا إلَخْ) أَيْ، وَإِنْ اجْتَمَعُوا لِحَرَامٍ أَوْ مَكْرُوهٍ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ بَلْ لَا يَبْعُدُ نَدْبُ ذَلِكَ تَنْفِيرًا لَهُمْ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجِّ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ بَلْ لَوْ قِيلَ بِالْوُجُوبِ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ امْتِنَاعُهُمْ مِنْ الِاجْتِمَاعِ لِمُحَرَّمٍ وَتَعَيَّنَ طَرِيقًا لِدَفْعِهِمْ لَمْ يَبْعُدْ ع ش وَفِي الْبُجَيْرِمِيِّّ بَعْدَ ذِكْرِهِ عَنْ الْحَلَبِيِّ مِثْلُ مَا مَرَّ عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ مَا نَصُّهُ وَقَدْ يَجِبُ إنْ لَزِمَ عَلَيْهِ دَفْعُ مَعْصِيَةٍ بِرْمَاوِيٌّ اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَطَرِيقٍ) أَيْ مَسْلُوكٍ أَمَّا الطَّرِيقُ الْمَهْجُورُ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ مُغْنِي وَفِي الْكُرْدِيِّ عَنْ الْإِيعَابِ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: فَيُكْرَهُ) إلَى قَوْلِهِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ مَا لَمْ يَطْهُرْ الْمَحَلُّ وَإِلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ وَفِي عُمُومِهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فَيُكْرَهُ) أَيْ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ نِهَايَةٌ قَالَ ع ش وَلَوْ زَلِقَ أَحَدٌ فِيهِ وَتَلِفَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْفَاعِلِ، وَإِنْ غَطَّاهُ بِتُرَابٍ أَوْ نَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْدُثْ فِي التَّالِفِ شَيْئًا وَمَا فَعَلَهُ جَائِزٌ لَهُ اهـ قَالَ الْبُجَيْرِمِيُّّ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّلَفِ بِالْقُمَامَاتِ حَيْثُ يَضْمَنُ بِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْحَاجَةِ أَنْ تَكُونَ عَنْ ضَرُورَةٍ وَأُلْحِقَ غَيْرُ الْغَالِبِ بِالْغَالِبِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَحْرُمُ إلَخْ) وَالْمُعْتَمَدُ الْكَرَاهَةُ مُغْنِي وَشَرْحُ بَافَضْلٍ وَفِي الْكُرْدِيِّ عَلَيْهِ عَنْ الْإِيعَابِ مَحَلُّ كَرَاهَةِ ذَلِكَ إنْ كَانَ نَحْوُ الطَّرِيقِ مُبَاحًا أَوْ مِلْكَهُ أَوْ بِإِذْنِ مَالِكِهِ أَوْ ظَنَّ رِضَاهُ بِذَلِكَ وَإِلَّا حَرُمَ جَزْمًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَضَائِهَا تَحْتَ الشَّجَرَةِ أَوْ فِي نَحْوِ الْحَجَرِ اهـ عِبَارَةُ الْبُجَيْرِمِيِّّ عَنْ الشَّوْبَرِيِّ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ الطَّرِيقُ مُسَبَّلَةً لِلْمُرُورِ أَوْ مَوْقُوفَةً أَوْ مَمْلُوكَةً لِلْغَيْرِ أَمَّا إذَا كَانَتْ كَذَلِكَ فَيَحْرُمُ اهـ.
وَفِي ع ش عَنْ سم عَلَى الْمَنْهَجِ بَعْدَ كَلَامٍ مَا نَصُّهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُلْتَزَمَ الْجَوَازُ أَيْ فِي الْمَوْقُوفَةِ وَالْمُسَبَّلَةِ لِلْمُرُورِ وَالْمَمْلُوكَةِ لِلْغَيْرِ حَيْثُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْأَرْضِ وَلَا يَخْتَلِفُ الْمَقْصُودُ بِهَا بِذَلِكَ كَأَرْضِ
قَوْلُهُ وَمَهَبِّ رِيحٍ) أَيْ مَحَلِّ هُبُوبِهَا وَقْتَ هُبُوبِهَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ وَمِنْهُ الْمَرَاحِيضُ الْمُشْتَرَكَةُ بَلْ يَسْتَدْبِرُهَا فِي الْبَوْلِ، وَيَسْتَقْبِلُهَا فِي الْغَائِطِ الْمَائِعِ لِئَلَّا يَتَرَشْرَشَ بِذَلِكَ وَلَا يُكْرَهُ اسْتِدْبَارُهَا عِنْدَ التَّغَوُّطِ بِغَيْرِ مَائِعٍ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ عَوْدِ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ عَلَيْهِ إذْ ذَلِكَ لَا يَقْتَضِي الْكَرَاهَةَ م ر (قَوْلُهُ لَا مَنْفَذَ لَهُ) مَفْهُومُهُ انْتِفَاءُ النَّهْيِ إذَا كَانَ لَهُ مَنْفَذٌ فَانْظُرْ هَلْ يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ آنِفًا فِي الْبَالُوعَةِ وَقَدْ تُدْفَعُ الْمُخَالَفَةُ
(وَ) لَا يَبُولُ وَلَا يَتَغَوَّطُ (تَحْتَ) شَجَرَةٍ (مُثْمِرَةٍ) أَيْ مِنْ شَأْنِهَا ذَلِكَ فَيُكْرَهُ مَا لَمْ يُطَهِّرْ الْمَحَلَّ أَوْ يَعْلَمْ مَجِيءَ مَاءٍ يُطَهِّرُهُ قَبْلَ وُجُودِهَا خَشْيَةَ تَلْوِيثِهَا فَتُعَافَ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي ثَمَرَةٍ مَأْكُولَةٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ غَيْرَهَا يُعَافُ اسْتِعْمَالُهُ، وَإِنْ طَهُرَ وَفِي عُمُومِهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَالْكَرَاهَةُ فِي الْغَائِطِ أَخَفُّ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُرَى فَيُجْتَنَبُ أَوْ يَطْهُرُ وَفِي الْبَوْلِ أَخَفُّ مِنْ حَيْثُ إقْدَامُ النَّاسِ غَالِبًا عَلَى أَكْلِ مَا طَهُرَ مِنْهُ بِخِلَافِ الْغَائِطِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ الِاخْتِلَافُ فِي ذَلِكَ
(وَلَا يَتَكَلَّمُ) أَيْ يُكْرَهُ لَهُ إلَّا لِمَصْلَحَةٍ تَكَلَّمَ حَالَ خُرُوجِ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ وَلَوْ بِغَيْرِ ذِكْرٍ أَوْ رَدِّ سَلَامٍ لِلنَّهْيِ عَنْ التَّحَدُّثِ عَلَى الْغَائِطِ وَلَوْ عَطَسَ حَمِدَ بِقَلْبِهِ فَقَطْ كَمُجَامَعٍ، فَإِنْ تَكَلَّمَ وَلَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ فَلَا كَرَاهَةَ أَوْ خَشِيَ وُقُوعَ مَحْذُورٍ بِغَيْرِهِ لَوْلَا الْكَلَامُ وَجَبَ أَمَّا مَعَ عَدَمِ خُرُوجِ شَيْءٍ فَيُكْرَهُ بِذِكْرٍ أَوْ قُرْآنٍ فَقَطْ وَاخْتِيرَ التَّحْرِيمُ فِي الْقُرْآنِ
(وَلَا يَسْتَنْجِي بِمَاءٍ فِي مَجْلِسِهِ) بِغَيْرِ
فَلَاةٍ وَقْفًا أَوْ مِلْكًا اهـ
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَتَحْتَ مُثْمِرَةٍ) وَلَوْ كَانَ الثَّمَرُ مُبَاحًا وَفِي غَيْرِ وَقْتِ الثَّمَرَةِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: أَيْ مِنْ شَأْنِهَا ذَلِكَ) أَيْ لَا يُشْتَرَطُ وُجُودُ الثَّمَرِ بِالْفِعْلِ وَفِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَا مِنْ شَأْنِ نَوْعِهِ أَنْ يُثْمِرَ لَكِنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ أَوْ أَنَّ الْإِثْمَارَ عَادَةً كَالْوَدِيِّ الصَّغِيرِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ أَيْ فَيُكْرَهُ الْبَوْلُ تَحْتَهُ مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ حُصُولُ مَاءٍ يُطَهِّرُهُ قَبْلَ أَوَانِ الْإِثْمَارِ ع ش (قَوْلُهُ فَيُكْرَهُ) قَالَ فِي الْقُوتِ مَمْلُوكَةً كَانَتْ الشَّجَرَةُ أَوْ مُبَاحَةً اهـ وَقَوْلُهُ مَمْلُوكَةً شَامِلٌ لِمِلْكِهِ وَمِلْكِ غَيْرِهِ نَعَمْ إنْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ لِغَيْرِهِ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ سُقُوطُهَا عَلَى الْخَارِجِ وَتَنَجُّسُهَا بِهِ لَمْ يَبْعُدْ التَّحْرِيمُ ثُمَّ قَالَ فِي الْقُوتِ، وَيَجِبُ الْجَزْمُ بِالتَّحْرِيمِ إذَا كَانَ فِيهِ دُخُولُ أَرْضِ الْغَيْرِ وَشَكَّ فِي رِضَاهُ بِهِ انْتَهَى اهـ سم (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَطْهُرْ الْمَحَلُّ) كَانَ الْمُرَادُ قَصْدَ تَطْهِيرِهِ سم (قَوْلُهُ: مَجِيءَ مَاءٍ إلَخْ) أَيْ مِنْ مَطَرٍ أَوْ غَيْرِهِ مُغْنِي عِبَارَةُ النِّهَايَةِ بِنَحْوِ نِيلٍ أَوْ سَيْلٍ اهـ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ إلَخْ) الْوَجْهُ أَنْ يُرَادَ بِالثَّمَرَةِ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ بِأَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ سم عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَلَوْ كَانَ الثَّمَرُ مُبَاحًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْكُولًا بَلْ مَشْمُومًا أَوْ نَحْوَهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ وَقْتِ الثَّمَرَةِ وَغَيْرِهِ اهـ.
وَفِي الْكُرْدِيِّ عَنْ الْإِيعَابِ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: وَفِي عُمُومِهِ نَظَرٌ إلَخْ) فَالْوَجْهُ أَنْ يُرَادَ بِالثَّمَرِ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ بِأَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ كُرْدِيٌّ
(قَوْلُهُ: أَيْ يُكْرَهُ) إلَى قَوْلِهِ كَمُجَامَعٍ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: إلَّا لِمَصْلَحَةٍ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ وَشَرْحِ بَافَضْلَ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَإِنْذَارِ أَعْمَى فَلَا يُكْرَهُ بَلْ قَدْ يَجِبُ اهـ.
(قَوْلُهُ أَوْ رَدِّ سَلَامٍ) مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ (قَوْلُهُ: حَمِدَ بِقَلْبِهِ) وَهَلْ يُثَابُ عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَلَا يُنَافِيهِ مَا فِي الْأَذْكَارِ لِلنَّوَوِيِّ مِنْ أَنَّ الذِّكْرَ الْقَلْبِيَّ بِمُجَرَّدِهِ لَا يُثَابُ عَلَيْهِ لِأَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَا لَمْ يُطْلَبْ وَهَذَا مَطْلُوبٌ فِيهِ بِخُصُوصِهِ ع ش (قَوْلُهُ فَلَا كَرَاهَةَ) إذْ لَا يُكْرَهُ الْهَمْسُ وَلَا التَّنَحْنُحُ مُغْنِي عِبَارَةُ ع ش.
وَالْأَقْرَبُ أَنَّ مِثْلَ التَّنَحْنُحِ عِنْدَ طَرْقِ بَابِ الْخَلَاءِ مِنْ الْغَيْرِ لِيَعْلَمَ هَلْ فِيهِ أَحَدٌ أَمْ لَا لَا يُسَمَّى كَلَامًا وَبِتَقْدِيرِهِ فَهُوَ لِحَاجَةٍ، وَهِيَ دَفْعُ دُخُولِ الْغَيْرِ عَلَيْهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ خَشِيَ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَقَدْ يُسَنُّ إنْ رَجَحَتْ مَصْلَحَتُهُ عَلَى السُّكُوتِ وَقَدْ يُبَاحُ إنْ كَانَ ثَمَّ حَاجَةٌ وَلَمْ تَتَرَجَّحْ الْمَصْلَحَةُ فِيهَا انْتَهَى اهـ سم (قَوْلُهُ بِغَيْرِهِ) أَيْ أَوْ بِهِ نَفْسِهِ شَرْحُ بَافَضْلَ (قَوْلُهُ: بِذِكْرٍ أَوْ قُرْآنٍ) فِي شَرْحِ الْحِصْنِ الْحَصِينِ لِمُؤَلَّفِهِ مَا نَصُّهُ قَالَتْ عَائِشَةُ «كَانَ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ» وَلَمْ تَسْتَثْنِ حَالًا مِنْ حَالَاتِهِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ لَا يَغْفُلُ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ مَشْغُولًا بِاَللَّهِ تَعَالَى فِي كُلِّ أَوْقَاتِهِ ذَاكِرًا لَهُ.
وَأَمَّا فِي حَالَةِ التَّخَلِّي فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يُشَاهِدُهُ لَكِنْ شَرَعَ لِأُمَّتِهِ قَبْلَ التَّخَلِّي وَبَعْدَهُ مَا يَدُلُّ عَلَى الِاعْتِنَاءِ بِالذِّكْرِ وَكَذَلِكَ سُنَّ الذِّكْرُ عِنْدَ الْجِمَاعِ فَالذِّكْرُ عِنْدَ نَفْسِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَعِنْدَ الْجِمَاعِ لَا يُكْرَهُ بِالْقَلْبِ بِالْإِجْمَاعِ وَأَمَّا الذِّكْرُ بِاللِّسَانِ حِينَئِذٍ فَلَيْسَ مِمَّا شَرَعَ لَنَا وَلَا نَدَبَنَا إلَيْهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا نُقِلَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ بَلْ يَكْفِي فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْحَيَاءُ وَالْمُرَاقَبَةُ وَذِكْرُ نِعْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي إخْرَاجِ هَذَا الْعَدُوِّ الْمُؤْذِي الَّذِي لَوْ لَمْ يَخْرُجْ لَقَتَلَ صَاحِبَهُ وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الذِّكْرِ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْهُ بِاللِّسَانِ انْتَهَى اهـ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ فَقَطْ) أَيْ بِخِلَافِ الْكَلَامِ بِغَيْرِهِمَا فَإِنَّهُ إنَّمَا يُكْرَهُ حَالَ خُرُوجِ الْخَارِجِ لَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ بَعْضُ الْعِبَارَاتِ إذْ غَايَتُهُ أَنَّهُ بِمَحَلِّ النَّجَاسَةِ وَمَنْ هُوَ بِمَحَلِّهَا لَا يُكْرَهُ لَهُ الْكَلَامُ بِغَيْرِ ذَلِكَ قَطْعًا إيعَابٌ وَاعْتَمَدَ الزِّيَادِيُّ وَالْقَلْيُوبِيُّ وَالشَّوْبَرِيُّ وَغَيْرُهُمْ الْكَرَاهَةَ مُطْلَقًا اهـ كُرْدِيٌّ وَفِي ع ش مَا نَصُّهُ نَقَلَ سم عَلَى حَجّ عَنْهُ الْكَرَاهَةَ مُطْلَقًا حَالَ خُرُوجِ الْخَارِجِ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ لِحَاجَةٍ اهـ لَكِنِّي لَمْ أَرَ ذَلِكَ فِي عِدَّةِ نُسَخٍ مِنْ سم هُنَا إلَّا أَنْ يُرِيدَ مَا قَدَّمْنَا عَنْ سم عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ وَعَلَيْهِ فِيهِ نَظَرٌ وَقَضِيَّةُ تَقْيِيدِ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ الْكَرَاهَةُ بِحَالِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ وِفَاقًا لِلشَّارِحِ (قَوْلُهُ وَاخْتِيرَ التَّحْرِيمُ إلَخْ) ، وَهُوَ ضَعِيفٌ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ، وَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ
(قَوْلُهُ: بِغَيْرِ
بِتَقْدِيرِ اعْتِمَادِ مَا تَقَدَّمَ بِأَنَّ صُورَةَ ذَلِكَ الْبَوْلِ فِي نَفْسِ الْبَالُوعَةِ وَصُورَةَ هَذَا الْبَوْلِ خَارِجَهَا بِحَيْثُ يَسِيلُ إلَيْهَا، وَيَنْزِلُ فِيهَا وَفِيهِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: وَتَحْتَ شَجَرَةٍ) قَالَ فِي الْقُوتِ مَمْلُوكَةً كَانَتْ الشَّجَرَةُ أَوْ مُبَاحَةً انْتَهَى وَقَوْلُهُ مَمْلُوكَةً شَامِلٌ لِمِلْكِهِ وَمِلْكِ غَيْرِهِ نَعَمْ إنْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ لِغَيْرِهِ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ سُقُوطُهَا عَلَى الْخَارِجِ وَتَنَجُّسُهَا بِهِ لَمْ يَبْعُدْ التَّحْرِيمُ ثُمَّ قَالَ فِي الْقُوتِ، وَيَجِبُ الْجَزْمُ بِالتَّحْرِيمِ إذَا كَانَ فِيهِ وُصُولُ أَرْضِ الْغَيْرِ وَشَكَّ فِي رِضَاهُ بِهِ انْتَهَى وَالْوَجْهُ أَنْ يُرَادَ بِالثَّمَرَةِ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ بِأَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَطْهُرْ الْمَحَلُّ) كَانَ الْمُرَادُ قَصْدَ تَطْهِيرِهِ
(قَوْلُهُ: أَوْ خَشِيَ وُقُوعَ مَحْذُورٍ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَقَدْ يُسَنُّ إنْ رَجَحَتْ
مُعَدٍّ أَوْ بِهِ إنْ صَعِدَ مِنْهُ هَوَاءٌ مَقْلُوبٌ فَيُكْرَهُ خَشْيَةَ تَنَجُّسِهِ وَيُسَنُّ لِمُسْتَنْجٍ بِحَجَرٍ عَدَمُ الِانْتِقَالِ بَلْ يَلْزَمُهُ حَيْثُ لَا مَاءَ يَكْفِيهِ لِطَهَارَةِ الْخَبَثِ وَالْحَدَثِ وَقَدْ دَخَلَ الْوَقْتُ؛ لِأَنَّ قِيَامَهُ يَمْنَعُهُ إجْزَاءَ الْحَجَرِ إلَّا أَنْ يُبَاعِدَ مَا بَيْنَ فَخِذَيْهِ بِحَيْثُ لَا يَتَمَاسُّ بَاطِنَا صَفْحَتَيْهِ
(وَيَسْتَبْرِئُ) نَدْبًا وَقِيلَ وُجُوبًا وَانْتَصَرَ لَهُ جَمْعٌ إنْ ظَنَّ عَوْدَهُ لَوْلَا الِاسْتِبْرَاءُ (مِنْ الْبَوْلِ) وَكَذَا الْغَائِطُ إنْ خَشِيَ عَوْدَ شَيْءٍ مِنْهُ عِنْدَ انْقِطَاعِهِ فِيمَا يَظْهَرُ بِنَحْوِ تَنَحْنُحٍ وَنَتْرِ ذَكَرٍ وَجَذْبِهِ بِلُطْفٍ لِئَلَّا يُضْعِفَهُ قَالَ بَعْضُهُمْ وَدَقِّ الْأَرْضِ بِنَحْوِ حَجَرٍ وَمَسْحِ الْبَطْنِ أَخْذًا مِنْ أَمْرِ غَاسِلِ الْمَيِّتِ بِهِ انْتَهَى وَمَسْحِ ذَكَرِ وَأُنْثَى مَجَامِعَ الْعُرُوقِ بِيَدِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا اعْتَادَهُ مَخْرَجًا لِلْفَضْلَةِ لِئَلَّا يَعُودَ شَيْءٌ فَيُنَجِّسَهُ وَلَا يُبَالِغُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يُورِثُ الْوَسْوَاسَ وَالضَّرَرَ، وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ احْتَاجَ فِي نَحْوِ الْمَشْيِ لِمَسْكِ الذَّكَرِ الْمُتَنَجِّسِ بِيَدِهِ جَازَ إنْ عَسِرَ عَلَيْهِ تَحْصِيلُ حَائِلٍ يَقِيهِ النَّجَاسَةَ وَيُكْرَهُ لِغَيْرِ سَلَسٍ حَشْوُ ذَكَرِهِ وَيُكْرَهُ الْقِيَامُ قَبْلَ الِاسْتِنْجَاءِ أَيْ لِمَنْ اسْتَبْرَأَ مِنْ جُلُوسٍ لِئَلَّا يُنَافِيَ مَا مَرَّ، وَيَحْرُمُ التَّبَرُّزُ عَلَى مُحْتَرَمٍ
مُعَدٍّ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ أَوْ بِهِ إلَى فَيُكْرَهُ (قَوْلُهُ: إنْ صَعِدَ إلَخْ) أَيْ كَمَا فِي الْمَرَاحِيضِ الْمُشْتَرَكَةِ (قَوْلُهُ: بَلْ يَلْزَمُهُ حَيْثُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَقَدْ يَجِبُ الِاسْتِنْجَاءُ فِي مَحَلِّهِ حَيْثُ لَا مَاءَ وَلَوْ انْتَقَلَ لِتَضَمُّخٍ بِالنَّجَاسَةِ وَهُوَ يُرِيدُ الصَّلَاةَ بِالتَّيَمُّمِ أَوْ بِالْوُضُوءِ وَالْمَاءُ لَا يَكْفِي لَهُمَا اهـ (قَوْلُهُ حَيْثُ لَا مَاءَ يَكْفِيهِ إلَخْ) مَفْهُومُهُ عَدَمُ اللُّزُومِ حَيْثُ وُجِدَ الْمَاءُ الْكَافِي لِمَا ذُكِرَ، وَإِنْ لَزِمَ مِنْ انْتِقَالِهِ زِيَادَةُ التَّنْجِيسِ وَالِانْتِشَارِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ تَنْجِيسٌ لِحَاجَةِ الِانْتِقَالِ فَجَازَ سم (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ قِيَامَهُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ الِانْتِقَالُ لَا يَسْتَلْزِمُ الْقِيَامَ وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُبَاعِدَ إلَخْ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْكَلَامَ فِي التَّغَوُّطِ سم
(قَوْلُهُ نَدْبًا) كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَقِيلَ وُجُوبًا) ، وَهُوَ أَيْ الْقَوْلُ بِالْوُجُوبِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ خُرُوجُ شَيْءٍ مِنْهُ بَعْدَ الِاسْتِنْجَاءِ إنْ لَمْ يَفْعَلْهُ نِهَايَةٌ عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ الِاسْتِبْرَاءُ كَمَا قَالَ بِهِ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «تَنَزَّهُوا مِنْ الْبَوْلِ فَإِنَّ عَامَّةَ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنْهُ» ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ انْقِطَاعِ الْبَوْلِ عَدَمُ عَوْدِهِ وَيُحْمَلُ الْحَدِيثُ عَلَى مَا إذَا تَحَقَّقَ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ بِمُقْتَضَى عَادَتِهِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَسْتَبْرِئْ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ اهـ.
(قَوْلُهُ: إنْ ظَنَّ إلَخْ) قَيْدٌ لِلْوُجُوبِ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ مَحَلَّ خِلَافٍ سم وَتَقَدَّمَ آنِفًا عَنْ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْغَائِطُ) كَذَا فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ انْقِطَاعِهِ) إلَى قَوْلِهِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: عِنْدَ انْقِطَاعِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِيَسْتَبْرِئُ وَالضَّمِيرُ لِلْبَوْلِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ غَيْرِهِ وَحِينَئِذٍ فَكَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُ قَوْلِهِ فِيمَا يَظْهَرُ عَلَى قَوْلِهِ عِنْدَ انْقِطَاعِهِ (قَوْلُهُ بِنَحْوِ تَنَحْنُحٍ) أَيْ كَالْمَشْيِ وَأَكْثَرُ مَا قِيلَ فِيهِ سَبْعُونَ خُطْوَةً مُغْنِي وَإِيعَابٌ (قَوْلُهُ: وَنَتْرِ ذَكَرٍ) بِالْمُثَنَّاةِ وَقِيلَ بِالْمُثَلَّثَةِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَجَذْبِهِ إلَخْ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: وَمَسْحُ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَنَثْرِ ذَكَرٍ وَكَيْفِيَّةُ النَّثْرِ أَنْ يَمْسَحَ بِيُسْرَاهُ مِنْ دُبُرِهِ إلَى رَأْسِ ذَكَرِهِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ بِالْإِبْهَامِ وَالْمُسَبِّحَةِ وَتَضَعُ الْمَرْأَةُ أَطْرَافَ أَصَابِعِ يَدِهَا الْيُسْرَى عَلَى عَانَتِهَا اهـ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ أَوْ وَضْعُ الْمَرْأَةِ يَسَارَهَا عَلَى عَانَتِهَا أَوْ نَثْرُ ذَكَرٍ ثَلَاثًا بِأَنْ يَمْسَحَ بِإِبْهَامِ يُسْرَاهُ وَمُسَبِّحَتِهَا مِنْ مَجَامِعِ الْعُرُوقِ إلَى رَأْسِ ذَكَرِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا اعْتَادَهُ إلَخْ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ فَالْقَصْدُ أَنْ يَظُنَّ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ بِمَجْرَى الْبَوْلِ شَيْءٌ يَخَافُ خُرُوجَهُ فَمِنْهُمْ مِنْ يَحْصُلُ لَهُ هَذَا بِأَدْنَى عَصْرٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْتَاجُ إلَى تَكَرُّرِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْتَاجُ إلَى تَنَحْنُحٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْتَاجُ إلَى مَشْيِ خُطُوَاتٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْتَاجُ إلَى صَبْرِ لَحْظَةٍ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَحْتَاجُ إلَى شَيْءٍ مِنْ هَذَا، وَيَنْبَغِي لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ لَا يَنْتَهِيَ إلَى حَدِّ الْوَسْوَسَةِ إيعَابٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَعُودَ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلْمَتْنِ (قَوْلُهُ وَلَا يُبَالِغُ فِيهِ) أَيْ الِاسْتِبْرَاءِ (قَوْلُهُ: إنْ عَسِرَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ، وَإِنْ لَمْ يَعْسَرْ؛ لِأَنَّهُ تَنَجُّسٌ لِحَاجَةٍ سم عَلَى حَجّ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِإِطْلَاقِ م ر اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ: يُكْرَهُ لِغَيْرِ سَلَسٍ حَشْوُ ذَكَرِهِ) أَيْ بِنَحْوِ قُطْنَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَضُرُّهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُنَافِيَ مَا مَرَّ) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى مَا فُهِمَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ يَكُونُ بِالْمَشْيِ فَإِذَا أَرَادَهُ لَا يُقَالُ يُكْرَهُ الْقِيَامُ قَبْلَ الِاسْتِنْجَاءِ سم (قَوْلُهُ: قَبْلَ الِاسْتِنْجَاءِ إلَخْ) هَلْ الْمُرَادُ بِالْحَجَرِ حَتَّى لَا يُخَالِفَ وَلَا يَسْتَنْجِيَ بِمَاءٍ فِي مَجْلِسِهِ الْمُقْتَضِي لِلِانْتِقَالِ بِالْقِيَامِ أَوْ الصَّادِقِ بِهِ ثَمَّ لِيُنْطَرْ الْمُمَيِّزُ لِهَذَا عَنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَلَيْسَ لِمُسْتَنْجٍ بِحَجَرٍ إلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ قِيَامَهُ إلَخْ وَقَدْ يَتَّجِهُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ ثَمَّ السُّنِّيَّةِ وَهُنَا الْكَرَاهَةُ سم (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ) إلَى قَوْلِهِ وَفِي مَوْضِعٍ فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى قَوْلِهِ
مَصْلَحَتُهُ عَلَى السُّكُوتِ وَقَدْ يُبَاحُ إنْ كَانَ ثَمَّ حَاجَةٌ وَلَمْ تَتَرَجَّحْ الْمَصْلَحَةُ فِيهَا انْتَهَى
(قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا مَاءَ يَكْفِيهِ إلَخْ) مَفْهُومُهُ عَدَمُ اللُّزُومِ حَيْثُ وُجِدَ الْمَاءُ الْكَافِي لِمَا ذُكِرَ، وَإِنْ لَزِمَ مِنْ انْتِقَالِهِ زِيَادَةُ التَّنْجِيسِ فِي الِانْتِشَارِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ تَنْجِيسٌ لِحَاجَةِ الِانْتِقَالِ فَجَازَ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ قِيَامَهُ) قَدْ يُقَالُ الِانْتِقَالُ لَا يَسْتَلْزِمُ الْقِيَامَ وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُبَاعِدَ إلَخْ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْكَلَامَ فِي التَّغَوُّطِ
(قَوْلُهُ: إنْ ظَنَّ عَوْدَهُ) يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ هَذَا مَحَلَّ خِلَافٍ (قَوْلُهُ: إنْ عَسِرَ عَلَيْهِ) قَدْ يُقَالُ، وَإِنْ لَمْ يَعْسَرْ؛ لِأَنَّهُ تَنَجَّسَ لِحَاجَةٍ (قَوْلُهُ قَبْلَ الِاسْتِنْجَاءِ) هَلْ الْمُرَادُ بِالْحَجَرِ حَتَّى لَا يُخَالِفَ وَلَا يَسْتَنْجِيَ بِمَاءٍ فِي مَجْلِسِهِ الْمُقْتَضِي لِانْتِقَالِهِ بِالْقِيَامِ أَوْ الصَّادِقِ بِهِ ثُمَّ لِيُنْظَرَ الْمُمَيِّزُ لِهَذَا عَنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَيُسَنُّ لِمُسْتَنْجٍ بِحَجَرٍ إلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ قِيَامَهُ إلَخْ وَقَدْ يَتَّجِهُ أَنْ يَكُونَ بَيَّنَ ثَمَّ السُّنِّيَّةُ وَهُنَا الْكَرَاهَةُ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُنَافِيَ مَا مَرَّ) يَحْتَمِلُ أَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى مَا فُهِمَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ يَكُونُ بِالْمَشْيِ فَإِذَا أَرَادَهُ لَا يُقَالُ يُكْرَهُ الْقِيَامُ قَبْلَ الِاسْتِنْجَاءِ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ التَّبَرُّزُ عَلَى مُحْتَرَمٍ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَبِمَسْجِدٍ وَلَوْ فِي إنَاءٍ وَأَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِحُرْمَةِ إدْخَالِ الْمَسْجِدَ قَارُورَةَ بَوْلِ
كَعَظْمٍ وَقَبْرٍ وَفِي مَوْضِعِ نُسُكٍ ضَيِّقٍ كَالْجَمْرَةِ وَالْمَشْعَرِ وَبِقُرْبِ قَبْرِ نَبِيٍّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَبَيْنَ قُبُورٍ نُبِشَتْ لِاخْتِلَاطِ تُرْبَتِهَا بِأَجْزَاءِ الْمَيِّتِ وَيُكْرَهُ بِقُرْبِ قَبْرٍ مُحْتَرَمٍ وَتَشْتَدُّ الْكَرَاهَةُ فِي قَبْرِ وَلِيٍّ أَوْ عَالِمٍ أَوْ شَهِيدٍ وَيُسَنُّ اتِّخَاذُ إنَاءٍ لِلْبَوْلِ فِيهِ لَيْلًا نَعَمْ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَنْ يُنْقَعَ الْبَوْلُ فِي إنَائِهِ» ؛ لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ أَيْ الَّذِينَ لِلرَّحْمَةِ وَالزِّيَارَةِ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا هُوَ فِيهِ كَكَلْبٍ وَلَوْ مُعَلَّمًا وَجُنُبٍ وَصُورَةٍ وَنَهَى أَنْ يَقُولَ الْإِنْسَانُ أَهْرَقْت الْمَاءَ وَلَكِنْ لِيَقُلْ بُلْت
(وَيَقُولُ) نَدْبًا (عِنْدَ دُخُولِهِ) أَيْ وُصُولِهِ لِمَحَلِّ قَضَاءِ حَاجَتِهِ أَوْ لِبَابِهِ، وَإِنْ بَعُدَ مَحَلُّ الْجُلُوسِ عَنْهُ
نَعَمْ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ كَعَظْمٍ وَقَوْلُهُ وَفِي مَوْضِعٍ إلَى وَبِقُرْبِ قَبْرِ نَبِيٍّ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ التَّبَرُّزُ إلَخْ) وَلَا يَبْعُدُ إلْحَاقُ غَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ النَّجَاسَةِ بِهِ ع ش (قَوْلُهُ: عَلَى مُحْتَرَمٍ إلَخْ) وَفِي مَسْجِدٍ وَلَوْ فِي إنَاءٍ مُغْنِي وَرَوْضٍ زَادَ النِّهَايَةُ بِخِلَافِ الْفَصْدِ فِيهِ لِخِفَّةِ الِاسْتِقْذَارِ فِي الدَّمِ وَلِذَا عُفِيَ عَنْ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اهـ وَزَادَ سم وَأَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِحُرْمَةِ إدْخَالِ الْمَسْجِدِ قَارُورَةَ بَوْلِ مَرِيضٍ لِعَرْضِهَا عَلَى طَبِيبٍ فِيهِ انْتَهَى وَقَدْ يَشْكُلُ بِجَوَازِ إدْخَالِ النَّجَاسَةِ الْمَسْجِدَ لِحَاجَةٍ إذَا أَمِنَ التَّلْوِيثَ فَلْيُتَأَمَّلْ وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَيُكْرَهُ بِقُرْبِ جِدَارِ الْمَسْجِدِ كَمَا قَالَهُ الْحَلِيمِيُّ وَفِي الْبَيَاضِ الْمُتَخَلِّلِ بَيْنَ الزَّرْعِ وَعَلَّلَهُ فِي الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ مَأْوَى الْجِنِّ انْتَهَى اهـ.
قَالَ ع ش قَوْلُهُ: م ر بِخِلَافِ الْفَصْدِ إلَخْ وَلَوْ بِلَا حَاجَةٍ إلَى الْفَصْدِ فِيهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: كَعَظْمٍ) الْأَقْرَبُ حُرْمَةُ إلْقَائِهِ فِي النَّجَاسَةِ قِيَاسًا عَلَى الْبَوْلِ عَلَيْهِ ع ش (قَوْلُهُ وَقَبْرِ) أَلْحَقَ الْأَذْرَعِيُّ بَحْثًا الْبَوْلُ إلَى جِدَارِهِ بِالْبَوْلِ عَلَيْهِ نِهَايَةٌ وَفِي الرَّشِيدِيِّ هَلْ يَشْمَلُ الْقَبْرُ الْمُحْتَرَمُ قَبْرَ نَحْوِ ذِمِّيٍّ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَفِي مَوْضِعِ نُسُكٍ إلَخْ) وَذَكَرَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ الْحُرْمَةَ فِي الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَوْ قُزَحٍ وَأَلْحَقَ بَعْضُهُمْ بِذَلِكَ مَحَلَّ الرَّمْيِ وَإِطْلَاقُهُ يَقْتَضِي حُرْمَةَ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهَا مَحَالُّ شَرِيفَةٌ ضَيِّقَةٌ فَلَوْ جَازَ ذَلِكَ فِيهَا لَاسْتَمَرَّ وَبَقِيَ وَقْتَ الِاجْتِمَاعِ فَيُؤْذِي حِينَئِذٍ، وَيَظْهَرُ أَنَّ حُرْمَةَ ذَلِكَ مُفَرَّعَةٌ عَلَى الْحُرْمَةِ فِي مَحَلِّ جُلُوسِ النَّاسِ وَالْمُرَجَّحُ فِيهِ الْكَرَاهَةُ أَمَّا عَرَفَةُ وَمُزْدَلِفَةُ وَمِنًى فَلَا يَحْرُمُ فِيهَا لِسَعَتِهَا نِهَايَةٌ وَأَقَرَّهُ سم.
قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر وَالْمُرَجَّحُ فِيهِ الْكَرَاهَةُ أَيْ فَيَكُونُ الرَّاجِحُ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الصَّفَا إلَخْ الْكَرَاهَةُ لَكِنْ قَدْ يَشْكُلُ عَلَيْهِ مَا وَجَّهَ بِهِ الْحُرْمَةَ مِنْ أَنَّهَا مَحَالُّ شَرِيفَةٌ وَنَازَعَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ فِي الْبِنَاءِ فَقَالَ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الشَّارِحِ م ر فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّ الْبِنَاءَ مَمْنُوعٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ قَرِيبٌ اهـ، وَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ م ر مِنْ أَنَّهَا مَحَالٌّ شَرِيفَةٌ فَحُرْمَةُ الْبَوْلِ فِيهَا لَيْسَ لِمُجَرَّدِ الِانْتِفَاعِ بِهَا ع ش (قَوْلُهُ: وَبِقُرْبِ قَبْرِ نَبِيٍّ) قَدْ يُقَالُ قِيَاسُهُ الْحُرْمَةُ بِقُرْبِ الْمُصْحَفِ وَقَدْ يُفَرَّقُ لَكِنْ قِيَاسُ مَا مَرَّ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ أَنَّهُ يُكْرَهُ بِقُرْبِ جِدَارِ الْمَسْجِدِ أَنَّ الْمُصْحَفَ كَذَلِكَ أَوْ أَوْلَى سم وَتَقَدَّمَ عَنْهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ ذَلِكَ إذَا كَانَ عَلَى وَجْهٍ يُعَدُّ إزْرَاءً بَلْ يَكْفُرُ بِهِ.
(قَوْلُهُ: فِي قَبْرِ وَلِيٍّ إلَخْ) أَيْ فِي قُرْبِهِ (قَوْلُهُ وَيُسَنُّ اتِّخَاذُ إنَاءٍ إلَخْ) قَالَ فِي الْإِيعَابِ؛ لِأَنَّ دُخُولَ الْحُشُوشِ لَيْلًا يُخْشَى مِنْهُ وَلِخَبَرِ «كَانَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَدَحٌ مِنْ عِيدَانٍ يَبُولُ فِيهِ فِي اللَّيْلِ، وَيَضَعُهُ تَحْتَ السَّرِيرِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَلَمْ يُضَعِّفُوهُ وَلَا يُعَارِضُهُ مَا رَوَاهُ الطَّبَرِيُّ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَا يُنْقَعُ بَوْلٌ فِي طَسْتٍ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ بَوْلٌ مُنْقَعٌ» لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرَادَ بِالِانْتِقَاعِ طُولُ الْمُكْثِ وَمَا جُعِلَ فِي الْإِنَاءِ كَمَا ذُكِرَ لَا يَطُولُ مُكْثُهُ غَالِبًا أَوْ أَنَّ النَّهْيَ خَاصٌّ بِالنَّهَارِ وَرُخِّصَ فِيهِ بِاللَّيْلِ لِمَا مَرَّ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ النَّوَوِيِّ الْأَوْلَى اجْتِنَابُهُ نَهَارًا لِغَيْرِ حَاجَةٍ انْتَهَى اهـ كُرْدِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَصُورَةٍ) هَلْ يُسْتَثْنَى مَا فِي مَحَلِّ الِامْتِهَانِ سم
(قَوْلُهُ: نَدْبًا) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ، وَيَجِبُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ، وَإِنْ بَعُدَ إلَى، فَإِنْ أَغْفَلَ وَقَوْلُهُ وَعَنْ ابْنِ كَجٍّ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ وَإِسْكَانُهَا (قَوْلُهُ: أَيْ وُصُولِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِمْدَادِ أَيْ وَالْمُغْنِي عِنْدَ إرَادَةِ دُخُولِهِ لِلْخَلَاءِ أَوْ وُصُولِهِ لِمَحَلِّ إرَادَةِ الْجُلُوسِ فِيهِ فِي الصَّحْرَاءِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ لِبَابِهِ) أَوْ تَنْوِيعِيَّةٌ سم
مَرِيضٍ لِعَرْضِهَا عَلَى طَبِيبٍ فِيهِ انْتَهَى وَقَدْ يَسْتَشْكِلُ بِجَوَازِ إدْخَالِ النَّجَاسَةِ الْمَسْجِدَ لِحَاجَةٍ إذَا أَمِنَ التَّلْوِيثَ فَلْيُتَأَمَّلْ وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَيُكْرَهُ بِقُرْبِ جِدَارِ الْمَسْجِدِ كَمَا قَالَهُ الْحَلِيمِيُّ وَفِي الْبَيَاضِ الْمُتَخَلِّلِ بَيْنَ الزَّرْعِ وَعَلَّلَهُ فِي الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ مَأْوَى الْجِنِّ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَفِي مَوْضِعِ نُسُكٍ ضَيِّقٍ كَالْجَمْرَةِ وَالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ) وَذَكَرَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ الْحُرْمَةَ فِي الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَوْ قُزَحٍ وَأَلْحَقَ بَعْضُهُمْ بِذَلِكَ مَحَلَّ الرَّمْيِ وَإِطْلَاقُهُ يَقْتَضِي حُرْمَةَ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهَا مَحَالُّ شَرِيفَةٌ ضَيِّقَةٌ فَلَوْ جَازَ فِيهَا ذَلِكَ لَاسْتَمَرَّ وَبَقِيَ وَقْتَ الِاجْتِمَاعِ فَيُؤْذِي حِينَئِذٍ، وَيَظْهَرُ أَنَّ حُرْمَةَ ذَلِكَ مُفَرَّعَةٌ عَلَى الْحُرْمَةِ فِي مَحَلِّ جُلُوسِ النَّاسِ وَسَيَأْتِي أَنَّ الْمُرَجَّحَ الْكَرَاهَةُ أَمَّا عَرَفَةُ وَمُزْدَلِفَةُ وَمِنًى فَلَا يَحْرُمُ وَلَا يُكْرَهُ فِيهَا لِسَعَتِهَا م ر (قَوْلُهُ: وَبِقُرْبِ قَبْرِ نَبِيٍّ) قَدْ يُقَالُ قِيَاسُهُ الْحُرْمَةُ بِقُرْبِ الْمُصْحَفِ وَقَدْ يُفَرَّقُ لَكِنْ قِيَاسُ مَا مَرَّ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ أَنَّهُ يُكْرَهُ بِقُرْبِ جِدَارِ الْمَسْجِدِ أَنَّ الْمُصْحَفَ كَذَلِكَ أَوْ أَوْلَى (قَوْلُهُ: عَنْ أَنْ يُنْقَعَ) فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِالِانْتِقَاعِ طُولُ الْمُكْثِ (قَوْلُهُ: وَصُورَةٍ) هَلْ يُسْتَثْنَى مَا فِي مَحَلِّ الِامْتِهَانِ
(قَوْلُهُ: أَوْ لِبَابِهِ) تَنْوِيعِيَّةٌ
وَلَوْ لِحَاجَةٍ أُخْرَى، فَإِنْ أَغْفَلَ ذَلِكَ حَتَّى دَخَلَ قَالَهُ بِقَلْبِهِ (بِاسْمِ اللَّهِ) أَيْ أَتَحَصَّنُ وَلَا يَزِيدُ " الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ "، وَإِنَّمَا قُدِّمَ التَّعَوُّذُ عَلَيْهَا عِنْدَ الْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَتِهَا وَعَنْ ابْنِ كَجٍّ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ بِاسْمِ اللَّهِ الْقُرْآنَ حَرُمَ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى حُرْمَةِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الْخَلَاءِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ (اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ) أَيْ أَعْتَصِمُ (بِك مِنْ الْخُبُثِ) بِضَمِّ الْبَاءِ وَإِسْكَانِهَا جَمْعُ خَبِيثٍ وَهُمْ ذُكْرَانُ الشَّيَاطِينِ (وَالْخَبَائِثِ) جَمْعُ خَبِيثَةٍ وَهُنَّ إنَاثُهُمْ لِلِاتِّبَاعِ (وَ) يَقُولُ (عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْهُ) أَوْ مُفَارَقَتِهِ لَهُ (غُفْرَانَك) أَيْ اغْفِرْ أَوْ أَسْأَلُك وَحِكْمَةُ هَذَا، الِاعْتِرَافُ بِغَايَةِ الْعَجْزِ عَنْ شُكْرِ هَذِهِ النِّعْمَةِ الْمُنْطَوِيَةِ عَلَى جَلَائِلَ مِنْ النِّعَمِ لَا تُحْصَى وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ يُكَرِّرُهَا (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَب عَنِّي الْأَذَى) بِهَضْمِهِ وَتَسْهِيلِ خُرُوجِهِ (وَعَافَانِي) مِنْهُ لِلِاتِّبَاعِ أَيْضًا وَمِنْ الْآدَابِ أَيْضًا أَنْ يَنْتَعِلَ، وَيَسْتُرَ رَأْسَهُ وَلَا يُطِيلُ قُعُودَهُ بِلَا ضَرُورَةٍ وَلَا يَعْبَثُ وَلَا يَنْظُرُ لِلسَّمَاءِ أَوْ فَرْجِهِ أَوْ خَارِجَهُ بِلَا حَاجَةٍ
(وَيَجِبُ) لَا فَوْرًا بَلْ عِنْدَ إرَادَةِ نَحْوِ صَلَاةٍ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ لِحَاجَةٍ أُخْرَى) بِالنِّسْبَةِ لِلتَّعَوُّذِ نِهَايَةٌ أَيْ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلدُّعَاءِ كَقَوْلِهِ غُفْرَانَك إلَخْ فَيَخْتَصُّ بِقَاضِي الْحَاجَةِ ع ش، وَيَأْتِي عَنْ سم مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَغْفَلَ ذَلِكَ) أَيْ تَرَكَ قَوْلَهُ بِاسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ إلَخْ نِسْيَانًا أَوْ عَمْدًا مُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (بِاسْمِ اللَّهِ) هَكَذَا يُكْتَبُ بِالْأَلِفِ، وَإِنَّمَا حُذِفَتْ مِنْ بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم لِكَثْرَةِ تَكَرُّرِهَا مُغْنِي وَكُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَا يَزِيدُ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) أَيْ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَحَلَّ لَيْسَ مَحَلَّ ذِكْرٍ فَلَا يَتَجَاوَرُ فِيهِ الْمَأْثُورَ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا قُدِّمَ التَّعَوُّذُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَفَارَقَ تَأْخِيرَ التَّعَوُّذِ عَنْ الْبَسْمَلَةِ هُنَا تَعَوُّذُ الْقِرَاءَةِ حَيْثُ قَدَّمُوهُ عَلَيْهَا بِأَنَّهُ ثَمَّ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالْبَسْمَلَةُ مِنْهُ فَقُدِّمَ عَلَيْهَا بِخِلَافِهِ هُنَا اهـ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَتِهَا) يَعْنِي أَنَّ التَّعَوُّذَ هُنَاكَ لِلْقِرَاءَةِ وَالْبَسْمَلَةَ مِنْ الْقِرَاءَةِ فَقُدِّمَ التَّعَوُّذُ عَلَيْهَا بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَبْنِيٌّ إلَخْ) أَيْ إنْ كَانَ كَلَامُهُ فِيمَا إذَا أَتَى بِهَا بَعْدَ الدُّخُولِ وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْبِنَاءِ وَالْمَبْنِيِّ أَنَّ كَرَاهَةَ الْقُرْآنِ أَوْ حُرْمَتَهُ إنَّمَا هُوَ دَاخِلُ الْخَلَاءِ وَبِاسْمِ اللَّهِ مَحَلُّهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَهِيَ خَارِجُ الْخَلَاءِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُلْحِقُوا بَابَ الْخَلَاءِ بِدَاخِلِهِ لِقُرْبِهِ مِنْهُ وَتَعَلُّقِهِ بِهِ أَوْ يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا قَالَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ سم قَوْلُ الْمَتْنِ (وَالْخَبَائِثِ) زَادَ الْغَزَالِيُّ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الرِّجْسِ النَّجَسِ الْخَبِيثِ الْمُخْبَثِ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ مُغْنِي عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ زَادَ فِي الْعُبَابِ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الرِّجْسِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَيْ اغْفِرْ أَوْ أَسْأَلُك) عِبَارَةُ الْإِيعَابِ مَنْصُوبٌ بِمَحْذُوفٍ وُجُوبًا إذْ هُوَ بَدَلٌ مِنْ اللَّفْظِ بِالْفِعْلِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ أَيْ أَسْأَلُك قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَهُوَ أَجْوَدُ وَاخْتَارَهُ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ اهـ كُرْدِيٌّ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَعِنْدَ خُرُوجِهِ) أَيْ عَقِبَهُ مُغْنِي عِبَارَةُ الْقَلْيُوبِيِّ أَيْ بَعْدَ تَمَامِهِ، وَإِنْ بَعُدَ كَدِهْلِيزٍ طَوِيلٍ اهـ وَعِبَارَةُ سم.
قَوْلُهُ وَعِنْدَ خُرُوجِهِ قَدْ يَشْمَلُ الْخُرُوجَ بَعْدَ الدُّخُولِ لِحَاجَةٍ أُخْرَى بِدَلِيلِ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَلَوْ لِحَاجَةٍ أُخْرَى وَقَدْ يُسْتَبْعَدُ مُنَاسَبَةُ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الْأَذَى إلَخْ لِذَلِكَ اهـ وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ النِّهَايَةِ وع ش إطْلَاقُ نَدْبِ التَّعَوُّذِ وَاخْتِصَاصُ نَدْبِ غُفْرَانَك إلَخْ بِقَاضِي الْحَاجَةِ (قَوْلُهُ: مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْخَلَاءِ وَقَوْلُهُ أَوْ مُفَارَقَتِهِ لَهُ أَيْ لِمَحَلِّ قَضَاءِ الْحَاجَةِ فِي نَحْوِ الصَّحْرَاءِ (قَوْلُهُ وَحِكْمَةُ هَذَا) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَسَبَبُ سُؤَالِهِ الْمَغْفِرَةَ عِنْدَ انْصِرَافِهِ تَرْكُهُ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى فِي تِلْكَ الْحَالَةِ أَوْ خَوْفُهُ مِنْ تَقْصِيرِهِ فِي شُكْرِ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي أَنْعَمَهَا عَلَيْهِ فَأَطْعَمَهُ ثُمَّ هَضَّمَهُ ثُمَّ سَهَّلَ خُرُوجَهُ اهـ.
(قَوْلُهُ الِاعْتِرَافُ إلَخْ) خَبَرُ وَحِكْمَةُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ يُكَرِّرُهَا) عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ بَافَضْلٍ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الشَّيْخُ نَصْرٌ يُكَرِّرُ غُفْرَانَك مَرَّتَيْنِ وَالْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ يُكَرِّرُهُ ثَلَاثًا اهـ وَعِبَارَةُ الْمُغْنِي وَيُكَرِّرُ غُفْرَانَك ثَلَاثًا اهـ.
قَالَ الْكُرْدِيُّ وَيُنْدَبُ أَنْ يُزِيدَ عَقِبَ غُفْرَانَك رَبَّنَا وَإِلَيْك الْمَصِيرُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذَاقَنِي لَذَّتَهُ وَأَبْقَى فِي قُوَّتَهُ وَأَذْهَبَ عَنِّي أَذَاهُ لِمَا بَيَّنْته فِي الْأَصْلِ اهـ وَعِبَارَةُ الْمُغْنِي وَفِي مُصَنَّفِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَابْنِ أَبِي شَيْبَةَ أَنَّ نُوحًا عليه السلام كَانَ يَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذَاقَنِي إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا يَعْبَثُ) أَيْ بِيَدِهِ وَلَا يَلْتَفِتُ يَمِينًا وَشِمَالًا مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَلَا يُطِيلُ قُعُودَهُ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَيُكْرَهُ إطَالَةُ الْمُكْثِ فِي مَحَلِّ قَضَاءِ الْحَاجَةِ لِمَا رُوِيَ عَنْ لُقْمَانَ أَنَّهُ يُورِثُ وَجَعًا فِي الْكَبِدِ، فَإِنْ قِيلَ شَرْطُ الْكَرَاهَةِ وُجُودُ نَهْيٍ مَخْصُوصٍ وَلَمْ يُوجَدْ أُجِيبُ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِلَازِمٍ بَلْ حَيْثُ وُجِدَ النَّهْيُ وُجِدَتْ الْكَرَاهَةُ لَا أَنَّهَا حَيْثُ وُجِدَتْ وُجِدَ لِكَثْرَةِ وُجُودِهَا فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ بِلَا نَهْيٍ مَخْصُوصٍ اهـ وَأَقَرَّهَا الْبَصْرِيُّ
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيَجِبُ الِاسْتِنْجَاءُ) شُرِعَ مَعَ الْوُضُوءِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ وَقِيلَ فِي أَوَّلِ الْبَعْثَةِ، وَهُوَ رُخْصَةٌ وَمِنْ خَصَائِصِنَا وَأَمَّا بِالْمَاءِ فَلَيْسَ مِنْ خَصَائِصِنَا وَالْوُجُوبُ فِي حَقِّ غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ؛ لِأَنَّ فَضَلَاتِهِمْ طَاهِرَةٌ شَيْخُنَا وع ش (قَوْلُهُ: لَا فَوْرًا) كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: بَلْ عِنْدَ إرَادَةِ نَحْوِ صَلَاةٍ) أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ فِعْلَهَا فِي أَوَّلِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ بِدُخُولِ الْوَقْتِ وَجَبَ
قَوْلُهُ: وَهُوَ مَبْنِيٌّ إلَخْ) أَيْ إنْ كَانَ كَلَامُهُ فِيمَا إذَا أَتَى بِهَا بَعْدَ الدُّخُولِ وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْبِنَاءِ وَالْمَبْنَى أَنَّ كَرَاهَةَ الْقُرْآنِ أَوْ حُرْمَتَهُ إنَّمَا هُوَ دَاخِلُ الْخَلَاءِ وَبِاسْمِ اللَّهِ مَحَلُّهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَهِيَ خَارِجُ الْخَلَاءِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُلْحِقُوا بَابَ الْخَلَاءِ بِدَاخِلِهِ لِقُرْبِهِ مِنْهُ وَتَعَلُّقِهِ بِهِ وَيُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا قَالَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ (قَوْلُهُ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ هَذَا الذِّكْرُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ إبْلِيسَ نَجِسُ الْعَيْنِ لَكِنْ ذَكَرَ الْبَغَوِيّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ أَنَّهُ طَاهِرُ الْعَيْنِ كَالْمُشْرِكِ وَاسْتَدَلَّ «بِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمْسَكَ إبْلِيسَ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ يَقْطَعْهَا» وَلَوْ كَانَ نَجِسًا لَمَا أَمْسَكَهُ فِيهَا وَلَكِنَّهُ نَجِسُ الْفِعْلِ مِنْ حَيْثُ الطَّبْعُ (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ خُرُوجِهِ) قَدْ يَشْمَلُ الْخُرُوجَ
أَوْ ضِيقِ وَقْتٍ وَحِينَئِذٍ لَوْ تَعَيَّنَ الْمَاءُ وَعَلِمَ أَنَّ ثَمَّ مَنْ لَا يَغُضُّ بَصَرُهُ عَنْ عَوْرَتِهِ لَمْ يُعْذَرْ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهُمْ تَوَسَّعُوا فِيهَا بِأَعْذَارٍ هَذَا أَشَدُّ مِنْ كَثِيرٍ مِنْهَا بِخِلَافِ إخْرَاجِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا (الِاسْتِنْجَاءُ) لِلْأَحَادِيثِ الْآمِرَةِ بِهِ مَعَ التَّوَعُّدِ فِي بَعْضِهَا عَلَى تَرْكِهِ مِنْ النَّجْوِ، وَهُوَ الْقَطْعُ فَكَأَنَّ الْمُسْتَنْجِيَ يَقْطَعُ بِهِ الْأَذَى عَنْ نَفْسِهِ مُقَدَّمًا وُجُوبًا عَلَى طُهْرِ سَلَسٍ وَمُتَيَمِّمٍ وَنَدْبًا فِي غَيْرِهِ (بِمَاءٍ) عَلَى الْأَصْلِ، وَيَكْفِي فِيهِ غَلَبَةُ ظَنِّ زَوَالِ النَّجَاسَةِ وَلَا يُسَنُّ حِينَئِذٍ شَمُّ يَدِهِ وَزَعْمُ وُجُوبِهِ رَدَدْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ، وَهُوَ مِنْ يَدِهِ دَلِيلٌ عَلَى نَجَاسَةِ يَدِهِ فَقَطْ إلَّا أَنْ يَشُمَّهَا مِنْ الْمُلَاقِي لِلْمَحَلِّ فَإِنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى نَجَاسَتِهِمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
وَالْكَلَامُ فِي رِيحٍ لَمْ تَعْسُرْ إزَالَتُهَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَلَوْ تَوَقَّفَتْ فِي الْمَحَلِّ عَلَى نَحْوِ أُشْنَانٍ أَوْ صَابُونٍ فَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ ثَمَّ الْوُجُوبُ هُنَا وَفِيهِ مِنْ الْعُسْرِ مَا لَا يَخْفَى، وَيَنْبَغِي الِاسْتِرْخَاءُ لِئَلَّا يَبْقَى أَثَرُهَا فِي تَضَاعِيفِ شَرَجِ الْمَقْعَدَةِ فَلْيُتَنَبَّهْ لِذَلِكَ (أَوْ حَجَرٍ) وَنَحْوِهِ لِلِاتِّبَاعِ وَمَرَّ حُكْمُ مَاءِ زَمْزَمَ وَحَجَرِ الْحَرَمِ كَغَيْرِهِ (وَجَمْعُهُمَا)
الِاسْتِنْجَاءُ وُجُوبًا مُوَسَّعًا بِسَعَةِ الْوَقْتِ وَمُضَيَّقًا بِضِيقِهِ كَبَقِيَّةِ الشُّرُوطِ ع ش (قَوْلُهُ: نَحْوَ صَلَاةٍ) أَيْ مِمَّا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْوُضُوءِ كَطَوَافٍ وَسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَوْ ضِيقِ وَقْتٍ) يَنْبَغِي أَوْ خَوْفِ انْتِشَارٍ وَتَضَمُّخٍ بِالنَّجَاسَةِ سم وَفِيهِ مَا يَأْتِي عَنْ ع ش (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ ضَاقَ الْوَقْتُ (قَوْلُهُ: مَنْ لَا يَغُضُّ إلَخْ) أَيْ مِمَّنْ يَحْرُمُ نَظَرُهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يُعْذَرْ) أَيْ فِي تَرْكِ الِاسْتِنْجَاءِ بَلْ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّكَشُّفُ وَالِاسْتِنْجَاءُ وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَالْإِمْدَادِ وَالْإِيعَابِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمْ تَوَسَّعُوا إلَخْ) ؛ وَلِأَنَّ لَهَا بَدَلًا وَلَا كَذَلِكَ الْوَقْتُ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: مِنْ النَّجْوِ إلَخْ) أَيْ الِاسْتِنْجَاءُ مَأْخُوذٌ مِنْ النَّجْوِ بِمَعْنَى الْقَطْعِ فَمَعْنَاهُ لُغَةً طَلَبُ قَطْعِ الْأَذَى وَأَمَّا شَرْعًا فَهُوَ إزَالَةُ الْخَارِجِ النَّجَسِ الْمُلَوَّثِ مِنْ الْفَرْجِ عَنْ الْفَرْجِ بِمَاءٍ أَوْ حَجَرٍ بِشَرْطِهِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فَكَأَنَّ الْمُسْتَنْجِيَ إلَخْ) إنَّمَا أَتَى بِكَأَنَّ الَّتِي لِلظَّنِّ مَعَ أَنَّ قَطْعَ الْأَذَى مُحَقَّقٌ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ الْحَقِيقِيَّ إنَّمَا يَكُونُ فِي مُتَّصِلِ الْأَجْزَاءِ الْحِسِّيَّةِ مَعَ شِدَّةٍ كَالْحَبْلِ وَالْأَذَى لَيْسَ كَذَلِكَ عَلَى أَنَّهَا قَدْ تَأْتِي لِلتَّحْقِيقِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ مُقَدَّمًا وُجُوبًا) إلَى قَوْلِهِ إلَّا إنْ شَمَّهَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَلَا يُسَنُّ إلَى، وَهُوَ (قَوْلُهُ: وَنَدْبًا فِي غَيْرِهِ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي، وَيَجُوزُ تَأْخِيرُهُ عَنْ وُضُوءِ السَّلِيمِ اهـ.
قَالَ ع ش أَيْ مَا لَمْ يُؤَدِّ التَّأْخِيرُ لِلِانْتِشَارِ وَالتَّضَمُّخِ بِالنَّجَاسَةِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ فَإِنَّ التَّضَمُّخَ بِالنَّجَاسَةِ إنَّمَا يَحْرُمُ حَيْثُ كَانَ عَبَثًا وَهَذَا نَشَأَ عَمَّا يُحْتَاجُ إلَيْهِ نَعَمْ إنْ قَضَى حَاجَتَهُ فِي الْوَقْتِ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِدُ الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ وَجَبَ بِالْحَجَرِ فَوْرًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَيُوَافِقُ هَذَا الْحَمْلَ مَا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ بِقَوْلِهِ فَرْعٌ لَوْ قَضَى الْحَاجَةَ بِمَكَانٍ لَا مَاءَ فِيهِ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِدُ الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ وَقَدْ دَخَلَ الْوَقْتُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْحَجَرِ فَوْرًا لِئَلَّا يَجِفَّ الْخَارِجُ اهـ وَأَفْهَمَ تَقْيِيدُ قَضَاءِ الْحَاجَةِ بِكَوْنِهِ فِي الْوَقْتِ أَنَّهُ لَوْ قَضَى حَاجَتَهُ قَبْلَهُ لَا يَجِبُ الْفَوْرُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ قَبْلَ الدُّخُولِ لَمْ يُخَاطَبْ بِالصَّلَاةِ؛ وَلِهَذَا لَوْ كَانَ مَعَهُ مَاءٌ وَبَاعَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ صَحَّ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ بَدَلُهُ فِي الْوَقْتِ ع ش.
(قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصْلِ) أَيْ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَالِاكْتِفَاءِ فِيهَا بِالْحَجَرِ رُخْصَةٌ خَارِجَةٌ عَنْ الْأَصْلِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي فِيهِ) أَيْ فِي حُصُولِ الِاسْتِنْجَاءِ وَسُقُوطِ طَلَبِهِ (قَوْلُهُ: غَلَبَةُ ظَنِّ زَوَالِ النَّجَاسَةِ) وَعَلَامَتُهُ ظُهُورُ الْخُشُونَةِ بَعْدَ النُّعُومَةِ فِي الذَّكَرِ وَأَمَّا الْأُنْثَى فَبِالْعَكْسِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ وُجُودِ غَلَبَةِ ظَنِّ الزَّوَالِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ شَمُّ رَائِحَةِ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ دَلِيلٌ عَلَى نَجَاسَةِ يَدِهِ إلَخْ) فَلَا يَصِحُّ صَلَاتُهُ قَبْلَ غَسْلِهَا، وَيَتَنَجَّسُ مَا أَصَابَهَا مَعَ الرُّطُوبَةِ إنْ عَلِمَ مُلَاقَاتَهُ لِعَيْنِ مَحَلِّ النَّجَاسَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ هَلْ الْإِصَابَةُ بِمَوْضِعِ النَّجَاسَةِ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّا لَا نُنَجِّسُ بِالشَّكِّ ع ش.
(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى نَجَاسَتِهِمَا) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَلِلزِّيَادِيِّ وَشَيْخِنَا عِبَارَتُهُمَا وَلَوْ شَمَّ رَائِحَةَ النَّجَاسَةِ فِي يَدِهِ وَجَبَ غَسْلُهَا وَلَمْ يَجِبْ غَسْلُ الْمَحَلِّ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ خَفَّفَ فِي هَذَا الْمَحَلِّ حَيْثُ اكْتَفَى فِيهِ بِالْحَجَرِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمَاءِ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إلَّا إنْ شَمَّ الرَّائِحَةَ مِنْ مَحَلٍّ لَاقَى الْمَحَلَّ فَيَجِبُ غَسْلُ الْمَحَلِّ أَيْضًا وَإِطْلَاقُهُمْ يُخَالِفُهُ اهـ وَعِبَارَةُ الْأَوَّلِينَ وَلَا يَضُرُّ شَمُّ رِيحِهَا بِيَدِهِ فَلَا يَدُلُّ عَلَى بَقَائِهَا عَلَى الْمَحَلِّ، وَإِنْ حَكَمْنَا عَلَى يَدِهِ بِالنَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ أَنَّ مَحَلَّ الرِّيحِ بَاطِنُ الْإِصْبَعِ الَّذِي كَانَ مُلَاصِقًا لِلْمَحَلِّ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ فِي جَوَانِبِهِ فَلَا نُنَجِّسُ بِالشَّكِّ أَوْ أَنَّ هَذَا الْمَحَلَّ قَدْ خُفِّفَ فِيهِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ فَخُفِّفَ فِيهِ هُنَا اهـ.
قَالَ ع ش قَوْلُهُ: م ر بَاطِنُ الْإِصْبَعِ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ تَحَقَّقَ الرِّيحُ فِي بَاطِنِهِ حُكِمَ بِنَجَاسَةِ الْمَحَلِّ فَيَجِبُ إعَادَةُ الِاسْتِنْجَاءِ وَبِهِ جَزَمَ حَجّ وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ أَوْ أَنَّ هَذَا الْمَحَلَّ إلَخْ عَدَمُ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ م ر فَخُفِّفَ إلَخْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ تَوَقَّفَتْ إزَالَةُ الرَّائِحَةِ عَلَى أُشْنَانٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَجِبْ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ: مِمَّا يَأْتِي) أَيْ فِي بَابِ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَوَقَّفَتْ) أَيْ إزَالَةُ الرِّيحِ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ مِنْ الْعُسْرِ إلَخْ) وَلِذَا اعْتَمَدَ ع ش عَدَمَ الْوُجُوبِ كَمَا مَرَّ آنِفًا (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي إلَخْ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا وَلَا بُدَّ أَنْ يَسْتَرْخِيَ لِئَلَّا تَبْقَى النَّجَاسَةُ فِي تَضَاعِيفِ الْفَرْجِ فَيَسْتَرْخِي حَتَّى تَنْغَسِلَ تَضَاعِيفُ الْمَقْعَدَةِ مِنْ كُلٍّ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَتَضَاعِيفُ فَرْجِ الْمَرْأَةِ اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ (أَوْ حَجَرٍ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْوَاجِبَ أَحَدُهُمَا وَشَمِلَ إطْلَاقُهُ حَجَرَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا قَالِعًا، وَهُوَ الْأَصَحُّ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَفِي مَعْنَى الْحَجَرِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَمَرَّ إلَخْ) أَيْ فِي شَرْحِ وَيُكْرَهُ الْمُشَمَّسُ عِبَارَتُهُ هُنَاكَ وَلَا يُكْرَهُ الطُّهْرُ بِمَاءِ زَمْزَمَ لَكِنْ الْأَوْلَى عَدَمُ إزَالَةِ النَّجَسِ بِهِ اهـ (قَوْلُهُ: حُكْمُ مَاءِ زَمْزَمَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَشَمِلَ إطْلَاقُهُ مَاءَ زَمْزَمَ وَأَحْجَارَ الْحَرَمِ فَيَجُوزُ بِهِمَا عَلَى الْأَصَحِّ اهـ.
قَالَ ع ش
بَعْدَ الدُّخُولِ لِحَاجَةٍ أُخْرَى وَقَدْ يَسْتَبْعِدُ مُنَاسَبَةَ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الْأَذَى وَعَافَانِي لِذَلِكَ
(قَوْلُهُ أَوْ ضِيقِ وَقْتٍ)
فِي بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ بِأَنْ يُقَدِّمَ الْحَجَرَ (أَفْضَلُ) مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى أَحَدِهِمَا لِيَجْتَنِب مَسَّ النَّجَاسَةِ لِإِزَالَةِ عَيْنِهَا بِالْحَجَرِ وَمِنْ ثَمَّ حَصَلَ أَصْلُ السُّنَّةِ هُنَا بِالنَّجِسِ خِلَافًا لِمَنْ نَازَعَ فِيهِ وَلِمَنْ نَقَلَ عَنْ نَصِّ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَأْثَمُ بِهِ.
وَإِنْ قِيلَ مَحَلُّهُ أَنَّ فِعْلَهُ عَبَثًا وَبِدُونِ الثَّلَاثِ مَعَ الْإِنْقَاءِ فِيهِمَا وَالِاقْتِصَارِ عَلَى الْمَاءِ أَفْضَلُ مِنْهُ عَلَى الْحَجَرِ؛ لِأَنَّهُ يُزِيلُهُمَا بَلْ يَتَعَيَّنُ فِي قُبُلَيْ مُشْكِلٍ دُونَ ثُقْبَتِهِ الَّتِي بِمَحَلِّهِمَا عَلَى الْأَوْجَهِ لِأَصَالَتِهَا حِينَئِذٍ وَفِي ثُقْبَةٍ مُنْفَتِحَةٍ وَبَوْلِ الْأَقْلَفِ إذَا وَصَلَ لِلْجِلْدَةِ وَبَوْلُ ثَيِّبٍ أَوْ بِكْرٍ وَصَلَ لِمَدْخَلِ الذَّكَرِ يَقِينًا لَا فِي دَمِ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ لَمْ يَنْتَشِرْ عَنْ مَحَلِّهِ فَلَهَا بَعْدَ الِانْقِطَاعِ وَلَوْ ثَيِّبًا الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ فِيمَا إذَا أَرَادَتْ التَّيَمُّمَ لِفَقْدِ الْمَاءِ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهَا وَيُوَجَّهُ مَا ذُكِرَ فِي الْبَوْلِ الْوَاصِلِ لِمَدْخَلِ الذَّكَرِ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ انْتِقَالِهِ لِمَدْخَلِهِ انْتِشَارُهُ عَنْ مَحَلِّهِ إلَى مَا لَا يُجْزِئُ فِيهِ الْحَجَرُ فَلَيْسَ السَّبَبُ عَدَمَ وُصُولِ الْحَجَرِ لِمَدْخَلِهِ خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ فِيهِ؛ لِأَنَّ نَحْوَ الْخِرْقَةِ تَصِلُ لَهُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهَا غَسْلُ مَا ظَهَرَ بِجُلُوسِهَا عَلَى قَدَمَيْهَا وَنَازَعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ الْمُتَّجَهَ هُوَ الْوَجْهُ الْمُوجِبُ لِغَسْلِ بَاطِنِ فَرْجِهَا؛ لِأَنَّهُ صَارَ ظَاهِرًا بِالثِّيَابَةِ قَالَ كَمَا يَجِبُ غَسْلُ بَاطِنِ الْفَمِ مِنْ النَّجَاسَةِ دُونَ الْجَنَابَةِ انْتَهَى وَلَك رَدُّهُ بِأَنَّ بَاطِنَ الْفَرْجِ الَّذِي لَا يَظْهَرُ بِالْجُلُوسِ عَلَى الْقَدَمَيْنِ لَا يُشْبِهُ الْفَمَ؛ لِأَنَّهُ يَظْهَرُ وَلَا يَعْسَرُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَيْهِ فَمِنْ ثَمَّ فَصَلَ فِيهِ بَيْنَ الْجَنَابَةِ وَالنَّجَاسَةِ.
وَأَمَّا بَاطِنُ الْفَرْجِ الْمَذْكُورِ فَلَا يَظْهَرُ أَصْلًا، وَيَعْسَرُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَيْهِ فَلَمْ يَجِبْ غَسْلُهُ فِي جَنَابَةٍ وَلَا نَجَاسَةٍ
(وَفِي مَعْنَى الْحَجَرِ)
قَوْلُهُ: م ر زَمْزَمَ بِمَنْعِ الصَّرْفِ لِلْعَلَمِيَّةِ وَالتَّأْنِيثِ الْمَعْنَوِيِّ وَقَوْلُهُ م ر وَأَحْجَارِ الْحَرَمِ وَلَوْ اسْتَنْجَى بِحَجَرٍ مِنْ الْمَسْجِدِ، فَإِنْ كَانَ مُتَّصِلًا حَرُمَ وَلَمْ يُجْزِهِ، وَإِنْ كَانَ مُنْفَصِلًا، فَإِنْ بِيعَ بَيْعًا صَحِيحًا وَانْقَطَعَتْ نِسْبَتُهُ عَنْ الْمَسْجِدِ كَفَى الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ وَإِلَّا فَلَا كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ عَنْ الشَّامِلِ وَأَقَرَّهُ وَمِثْلُ الْمَسْجِدِ غَيْرُهُ مِنْ الْمَدَارِسِ وَالرِّبَاطَاتِ وَخَرَجَ بِالْمَسْجِدِ حَرِيمُهُ وَرِحَابُهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ وَقْفِيَّتَهَا وَقَوْلُهُ م ر فَيَجُوزُ بِهِمَا إلَخْ وَالْقِيَاسُ الْكَرَاهَةُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ لَكِنْ قَالَ الزِّيَادِيُّ أَيْ وَابْنُ حَجّ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ خِلَافُ الْأَوْلَى اهـ.
(قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ فِي الْجَمْعِ (قَوْلُهُ: فِي بَوْلٍ) إلَى قَوْلِهِ وَفِي ثُقْبَةٍ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ خِلَافًا إلَى وَبِدُونِ الثَّلَاثِ وَإِلَى قَوْلِهِ فَلَيْسَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلُهُ: ذَلِكَ وَقَوْلُهُ أَوْ بِكْرٍ (قَوْلُهُ: أَصْلُ السُّنَّةِ) .
وَأَمَّا كَمَالُ السُّنَّةِ فَلَا بُدَّ مِنْ بَقِيَّةِ شُرُوطِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَحَجَرُ الْحَرَمِ كَغَيْرِهِ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُ قَوْلِ الْمَتْنِ (وَجَمْعُهُمَا أَفْضَلُ) أَيْ، فَإِنْ تَرَكَهُ كَانَ مَكْرُوهًا ع ش وَفِيهِ وَقْفَةٌ ظَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ بِالنَّجِسِ) وَلَوْ مِنْ مُغَلَّظٍ، وَإِنْ وَجَبَ التَّسْبِيعُ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْخُنَا وع ش عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ وَفِي الْإِيعَابِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَقَدْ يَجِبُ اسْتِعْمَالُ النَّجَاسَةِ فِيهِ بِأَنْ يَكُونَ مَعَهُ مِنْ الْمَاءِ مَا لَا يَكْفِيهِ لَوْ لَمْ يُزِلْهُ بِالنَّجَسِ الَّذِي لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَذَكَرَهُ أَيْضًا فِي الْإِمْدَادِ مِنْ غَيْرِ عَزْوٍ لِبَعْضِهِمْ وَفِي الْإِمْدَادِ يَتَّجِهُ إلْحَاقُ بَعْضِهِمْ سَائِرَ النَّجَاسَاتِ الْعَيْنِيَّةِ بِذَلِكَ فَيُسَنُّ فِيهَا الْجَمْعُ لِمَا ذُكِرَ وَكَذَا فِي الْحَلَبِيِّ عَلَى الْمَنْهَجِ.
وَقَالَ سم فِي حَوَاشِي الْمَنْهَجِ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وِفَاقًا لِ م ر بِالْفَهْمِ عَدَمُ الِاسْتِحْبَابِ؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا ذَكَرُوا ذَلِكَ فِي الِاسْتِنْجَاءِ انْتَهَى كُرْدِيٌّ وَفِي ع ش بَعْدَ ذِكْرِ كَلَامِ سم الْمَذْكُورِ مَا نَصُّهُ وَقَدْ يُقَالُ إنْ أَدَّتْ إزَالَتُهَا إلَى مُخَامَرَةِ النَّجَاسَةِ بِالْيَدِ اُسْتُحِبَّ إزَالَتُهَا بِالْجَامِدِ أَوَّلًا قِيَاسًا عَلَى الِاسْتِنْجَاءِ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ فِيهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَأْثَمُ بِهِ) الْوَجْهُ الْوَجِيهُ أَنَّهُ يَأْثَمُ بِالنَّجِسِ اسْتِقْلَالًا بِقَصْدِ الْعِبَادَةِ لَا مَعَ الْمَاءِ سم.
(قَوْلُهُ: مَحَلِّهِ) أَيْ النَّصِّ أَوْ الْإِثْمِ (إنْ فَعَلَهُ) أَيْ النَّجِسَ (قَوْلُهُ: وَبِدُونِ الثَّلَاثِ) عَطْفٌ عَلَى بِالْجِنْسِ (قَوْلُهُ: فِيهِمَا) أَيْ بِالنَّجِسِ وَالدُّونِ (قَوْلُهُ بَلْ يَتَعَيَّنُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الْحَجَرِ إذَا بَالَ مِنْ فَرْجَيْهِ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا لِالْتِبَاسِ الْأَصْلِيِّ بِالزَّائِدِ نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ آلَتَا الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى بَلْ آلَةٌ لَا تُشْبِهُ وَاحِدَةً مِنْهُمَا يَخْرُجُ مِنْهَا الْبَوْلُ اتَّجَهَ فِيهِ إجْزَاءُ الْحَجَرِ لِانْتِفَاءِ احْتِمَالِ الزِّيَادَةِ، وَإِنْ كَانَ مُشْكِلًا فِي ذَاتِهِ اهـ.
قَالَ ع ش قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ إلَخْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَحَلُّ الْجَبِّ فَيَكْفِي فِيهِ الْحَجَرُ؛ لِأَنَّهُ أَصْلُ الذَّكَرِ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَفْضَلُ مِنْهُ إلَخْ) وَفِي الْكُرْدِيِّ عَنْ الْإِيعَابِ هَذَا إنْ لَمْ يَجِدْ فِي نَفْسِهِ كَرَاهَةَ الْحَجَرِ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا يَأْتِي فِي مَسْحِ الْخُفِّ وَغَيْرِهِ وَإِلَّا فَالْحَجَرُ أَفْضَلُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَفِي ثُقْبَةٍ مُنْفَتِحَةٍ) زَادَ الْمُغْنِي تَحْتَ الْمَعِدَةِ وَلَوْ كَانَ الْأَصْلِيُّ مُنْسَدًّا أَيْ إذَا كَانَ الِانْسِدَادُ عَارِضًا كَمَا مَرَّ اهـ عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ، وَإِنْ قَامَتْ مَقَامَ الْأَصْلِيِّ فِي انْتِقَاضِ الْوُضُوءِ بِخَارِجِهَا بِأَنْ انْفَتَحَتْ تَحْتَ السُّرَّةِ وَانْسَدَّ الْأَصْلِيُّ وَهَذَا فِي الِانْفِتَاحِ الْعَارِضِ مِمَّا أَطْبَقَ عَلَيْهِ الْمُتَأَخِّرُونَ أَمَّا الْخِلْقِيُّ فَقَدْ مَرَّ فِي أَسْبَابِ الْحَدَثِ الْخِلَافُ فِيهِ، وَأَنَّ الشَّارِحَ كَشَيْخِ الْإِسْلَامِ جَرَى عَلَى أَنَّهُ كَالِانْسِدَادِ الْعَارِضِ وَجَرَى الْجَمَالُ الرَّمْلِيُّ أَيْ وَالْمُغْنِي عَلَى أَنَّ الْأَحْكَامَ جَمِيعَهَا تَثْبُتُ حِينَئِذٍ لِلْمُنْفَتِحِ وَمِنْهَا إجْزَاءُ الْحَجَرِ فِيهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ بِكْرٍ) قَالَ الْمُغْنِي بِخِلَافِ الْبِكْرِ؛ لِأَنَّ الْبَكَارَةَ تَمْنَعُ نُزُولَ الْبَوْلِ إلَى مَدْخَلِ الذَّكَرِ اهـ.
(قَوْلُهُ بَعْدَ الِانْقِطَاعِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَفَائِدَتُهُ فِيمَنْ انْقَطَعَ دَمُهَا وَعَجَزَتْ عَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ وَاسْتَنْجَتْ بِالْحَجَرِ ثُمَّ تَيَمَّمَتْ لِنَحْوِ مَرَضٍ فَإِنَّهَا تُصَلِّي وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهَا اهـ.
(قَوْلُهُ فَلَيْسَ السَّبَبُ) أَيْ تَعَيُّنُ الْمَاءِ (قَوْلُهُ عَلَيْهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ وَلَوْ ثَيِّبَةً (قَوْلُهُ لِبَاطِنِ فَرْجِهَا) أَيْ الَّذِي لَا يَظْهَرُ بِالْجُلُوسِ عَلَى الْقَدَمَيْنِ (قَوْلُهُ: قَالَ) أَيْ الْإِسْنَوِيُّ وَكَذَا ضَمِيرُ رَدَّهُ
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَفِي مَعْنَى الْحَجَرِ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى الْقِيَاسِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ الْوَارِدُ إشَارَةٌ إلَى وُجُودِ شَرْطِ الْأَصْلِ، وَهُوَ كَوْنُهُ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ، وَإِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَجَرِ هُنَا حَقِيقَتُهُ لَا مَا يَصِحُّ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ شَرْعًا إذْ لَا يَصِحُّ إرَادَةُ هَذَا الْمَعْنَى هُنَا؛ لِأَنَّهُ مُنْدَرِجٌ فِيهِ الْمَقِيسُ أَيْضًا سم (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَوْنُهُ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ) فِيهِ نَظَرٌ يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ (قَوْلُهُ:
يَنْبَغِي أَوْ خَوْفِ انْتِشَارٍ وَتَضَمُّخٍ بِالنَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَأْثَمُ) الْوَجْهُ الْوَجِيهُ أَنَّهُ يَأْثَمُ بِالنَّجِسِ اسْتِقْلَالًا بِقَصْدِ الْعِبَادَةِ لَا مَعَ الْمَاءِ
(قَوْلُهُ: وَفِي مَعْنَى الْحَجَرِ) إشَارَةٌ إلَى الْقِيَاسِ وَقَوْلُهُ الْوَارِدُ إلَى وُجُودِ شَرْطِ الْأَصْلِ، وَهُوَ كَوْنُهُ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ وَإِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَجَرِ هُنَا حَقِيقَتُهُ لَا مَا يَصِحُّ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ شَرْعًا إذْ لَا يَصِحُّ إرَادَةُ هَذَا الْمَعْنَى هُنَا؛ لِأَنَّهُ يَنْدَرِجُ
الْوَارِدِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَصَحَّ عِنْدَنَا فِي الْأُصُولِ أَنَّ الْقِيَاسَ يَجُوزُ فِي الرُّخَصِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَقَوْلُهُ إنَّ ذَلِكَ ثَبَتَ بِدَلَالَةِ النَّصِّ مَمْنُوعٌ كَيْفَ وَحَقِيقَةُ الْحَجَرِ مُغَايِرَةٌ لِمَا أُلْحِقَ بِهِ (كُلُّ جَامِدٍ طَاهِرٌ قَالِعٌ غَيْرُ مُحْتَرَمٍ) فَلَا يُجْزِئُ نَحْوُ مَاءِ وَرْدٍ وَمُتَنَجِّسٍ، وَإِنَّمَا جَازَ الدَّبْغُ بِهِ كَالنَّجِسِ؛ لِأَنَّهُ عِوَضٌ عَنْ الذَّكَاةِ وَهِيَ تَجُوزُ بِالْمُدْيَةِ النَّجِسَةِ وَقَصَبٍ أَمْلَسَ وَتُرَابٍ أَوْ فَحْمٍ رَخْوٍ بِأَنْ يُلْصَقَ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْمَحَلِّ، وَيَتَعَيَّنُ الْمَاءُ لَا فِي أَمْلَسَ لَمْ يُنْقَلْ وَالنَّصُّ بِإِجْزَاءِ التُّرَابِ لِحَدِيثٍ فِيهِ أَيْ ضَعِيفٍ مَحْمُولٍ عَلَى مُتَحَجِّرٍ قِيلَ أَوْ عَلَى مُرِيدِ تَنْشِيفِ الرُّطُوبَةِ ثُمَّ غَسْلَهُ بِالْمَاءِ وَيُرَدُّ بِأَنَّ هَذَا لَا يُسَمَّى اسْتِنْجَاءً
الْوَارِدِ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «جِيءَ لَهُ بِرَوْثَةٍ فَرَمَاهَا وَقَالَ هَذَا رِكْسٌ أَيْ نَجِسٌ» فَتَعْلِيلُهُ مَنْعَ الِاسْتِنْجَاءِ بِهَا بِكَوْنِهَا رِكْسًا لَا بِكَوْنِهَا غَيْرَ حَجَرٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا فِي مَعْنَى الْحَجَرِ كَالْحَجَرِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ إنَّ ذَلِكَ ثَبَتَ بِدَلَالَةِ النَّصِّ مَمْنُوعٌ) اعْلَمْ أَنَّ مَعْنَى دَلَالَةِ النَّصِّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ كَمَا قَالَ الْكَمَالُ الْمَقْدِسِيَّ هُوَ الْمُسَمَّى عِنْدَنَا مَفْهُومُ الْمُوَافَقَةِ بِقِسْمَيْهِ الْأَوْلَى وَالْمُسَاوِي انْتَهَى، وَأَنَّ التَّسْمِيَةَ بِذَلِكَ اصْطِلَاحٌ لَهُ وَلَا مُشَاحَّةَ فِي الِاصْطِلَاحِ وَحِينَئِذٍ فَمَنْعُ ذَلِكَ مِمَّا لَا وَجْهَ لَهُ وَقَوْلُهُ كَيْفَ إلَخْ مِمَّا لَا وَجْهَ لَهُ؛ لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا يَدَّعِي عَدَمَ مُغَايَرَةِ حَقِيقَةِ الْحَجَرِ لِمَا أُلْحِقَ بِهِ بَلْ هُوَ مُعْتَرِفٌ بِالْمُغَايَرَةِ لَكِنَّهُ يَدَّعِي أَنَّ ثُبُوتَ هَذَا الْحُكْمِ لِلْحَجَرِ يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِهِ لِمَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ وَيُسَمَّى ذَلِكَ دَلَالَةُ النَّصِّ اصْطِلَاحًا لَهُ فَيَظْهَرُ أَنَّ مَنْشَأَ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ أَنَّهُ لَمْ يُحَرَّرْ مَعْنَى دَلَالَةِ النَّصِّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَلَعَلَّهُ ظَنَّ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ دَلَالَةُ اللَّفْظِ بِالْمَنْطُوقِ وَقَدْ يُشْعِرُ بِذَلِكَ قَوْلُهُ: كَيْفَ إلَخْ فَلْيُتَأَمَّلْ سم أَقُولُ إنَّمَا يَتِمُّ مَا قَالَهُ لَوْ ثَبَتَ كَوْنُ التَّفْسِيرِ وَالتَّسْمِيَةِ الْمَذْكُورَيْنِ لِأَبِي حَنِيفَةَ نَفْسِهِ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا لِأَتْبَاعِهِ فَقَطْ وَفِي الْكُرْدِيِّ مَا نَصُّهُ وَاعْتَرَضَ الْهَاتِفِيُّ فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ عَلَى ابْنِ قَاسِمٍ وَأَطَالَ وَمِمَّا قَالَهُ إنَّ الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي جَوَازِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ لَا تَدُلُّ أَيْ مَنْطُوقًا إلَّا عَلَى جَوَازِهِ بِهِ فَقَطْ لِكَوْنِ مَا أُلْحِقَ بِهِ غَيْرُ حَجَرٍ قَطْعًا وَأَمَّا جَوَازُ الِاسْتِنْجَاءِ بِغَيْرِ الْحَجَرِ فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْقِيَاسِ سَوَاءٌ كَانَ مُرَادُ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ دَلَالَةِ النَّصِّ مَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ مَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ عِنْدَنَا أَوْ هُوَ الْمُرَادُ مِنْ دَلَالَةِ اللَّفْظِ بِالْمَنْطُوقِ وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ اعْتِرَاضَ الشَّارِحِ إنَّمَا هُوَ عَلَى إخْرَاجِ غَيْرِ الْحَجَرِ عَنْ الْقِيَاسِ لَا عَلَى اصْطِلَاحِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَنَّ اعْتِرَاضَ الشَّارِحِ اعْتِرَاضٌ قَاطِعٌ جِدًّا انْتَهَى اهـ.
أَقُولُ بَعْدَ تَسْلِيمِ ذَلِكَ الِاصْطِلَاحِ لَا يَنْدَفِعُ اعْتِرَاضُ سم بِمَا قَالَهُ الْهَاتِفِيُّ لِمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَحَلِّيُّ فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ مِنْ أَنَّ دَلَالَةَ اللَّفْظِ عَلَى الْمُوَافِقِ مَفْهُومٌ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ الْحَنَفِيَّةُ لَا مَنْطُوقٌ أَيْ كَمَا قَالَ بِهِ الْغَزَالِيُّ وَالْآمِدِيُّ وَلَا قِيَاسِيٌّ أَيْ كَمَا قَالَ بِهِ الشَّافِعِيُّ وَالْإِمَامَانِ قَوْلُ الْمَتْنِ (قَالِعٌ) وَلَوْ حَرِيرًا لِلرِّجَالِ وَلَيْسَ مِنْ بَابِ اللُّبْسِ حَتَّى يَخْتَلِفَ الْحُكْمُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَتَفْصِيلُ الْمُهِمَّاتِ بَيْنَ الذُّكُورِ وَغَيْرِهِمْ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ بِهِ لَا يُعَدُّ اسْتِعْمَالًا فِي الْعُرْفِ وَلَوْ اسْتَنْجَى بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لَمْ يُطْبَعْ وَلَمْ يُهَيَّأْ لِذَلِكَ جَازَ وَإِلَّا حَرُمَ وَأَجْزَأَ نِهَايَةٌ وَفِي الْكُرْدِيِّ عَنْ الْإِيعَابِ مَا يُوَافِقُهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَعَنْ شَرْحَيْ الْإِرْشَادِ مَا يُوَافِقُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ وَيُخَالِفُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَأَقَرَّهُ سم ثُمَّ نَقَلَ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ مَا يُوَافِقُهُ وَتَقَدَّمَ فِي الشَّارِحِ فِي بَحْثِ الْإِنَاءِ مَا يُوَافِقُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُجْزِئُ) إلَى قَوْلِهِ، وَيَتَعَيَّنُ فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى قَوْلِهِ وَفِي خَبَرٍ ضَعِيفٍ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ، وَإِنَّمَا إلَى وَقَصَبٍ وَقَوْلُهُ وَالنَّصُّ إلَى وَلَا مُحْتَرَمٍ وَقَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَى كَمَطْعُومٍ (قَوْلُهُ: نَحْوَ مَاءِ وَرْدٍ) أَيْ كَنَحْلٍ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَمُتَنَجِّسٍ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَنَجِسٍ وَمُتَنَجِّسٍ؛ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ لَا تُزَالُ بِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَقَصَبٍ أَمْلَسَ) وَنَحْوَ الزُّجَاجِ مُغْنِي قَالَ ع ش وَمَحَلُّ عَدَمِ إجْزَاءِ الْقَصَبِ فِي غَيْرِ جُذُورِهِ وَفِيمَا لَمْ يَشُقَّ اهـ.
(قَوْلُهُ: رَخْوٍ) أَيْ بِخِلَافِ التُّرَابِ وَالْفَحْمِ الصُّلْبَيْنِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ قِشْرًا إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَأَمَّا الثِّمَارُ وَالْفَوَاكِهُ فَمِنْهَا مَا يُؤْكَلُ رَطْبًا لَا يَابِسًا كَالْيَقْطِينِ فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ رَطْبًا، وَيَجُوزُ يَابِسًا إذَا كَانَ مُزِيلًا وَمِنْهَا مَا يُؤْكَلُ رَطْبًا، وَيَابِسًا وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: مَأْكُولُ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ كَالتِّينِ وَالتُّفَّاحِ فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِرَطْبِهِ، وَيَابِسِهِ وَالثَّانِي مَا يُؤْكَلُ ظَاهِرُهُ دُونَ بَاطِنِهِ كَالْخَوْخِ وَالْمِشْمِشِ وَكُلُّ ذِي نَوًى فَلَا يَجُوزُ بِظَاهِرِهِ، وَيَجُوزُ بِنَوَاهُ الْمُنْفَصِلِ وَالثَّالِثُ مَا لَهُ قِشْرٌ وَمَأْكُولُهُ فِي جَوْفِهِ فَلَا يَجُوزُ بِلُبِّهِ وَأَمَّا قِشْرُهُ، فَإِنْ كَانَ لَا يُؤْكَلُ رَطْبًا وَلَا يَابِسًا كَالرُّمَّانِ جَازَ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ حَبُّهُ فِيهِ، وَإِنْ أُكِلَ رَطْبًا، وَيَابِسًا كَالْبِطِّيخِ لَمْ يَجُزْ فِي الْحَالَيْنِ، وَإِنْ أُكِلَ رَطْبًا فَقَطْ كَاللَّوْزِ وَالْبَاقِلَا جَازَ يَابِسًا لَا رَطْبًا ذَكَرَ ذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ مَبْسُوطًا وَاسْتَحْسَنَهُ فِي الْمَجْمُوعِ اهـ وَأَقَرَّهُ ع ش.
وَعَقَّبَهُ الْكُرْدِيُّ بِمَا نَصُّهُ قَالَ الشَّارِحِ فِي الْإِيعَابِ وَفِي كَوْنِ قِشْرِ الْبِطِّيخِ يُؤْكَلُ يَابِسًا نَظَرٌ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيَتَعَيَّنُ الْمَاءُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَشَرْحِ بَافَضْلٍ
فِيهِ الْمَقِيسُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ إنَّ ذَلِكَ يَثْبُتُ بِدَلَالَةِ النَّصِّ مَمْنُوعٌ) اعْلَمْ أَنَّ مَعْنَى دَلَالَةِ النَّصِّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ كَمَا قَالَ الْكَمَالُ الْمَقْدِسِيَّ هُوَ الْمُسَمَّى عِنْدَنَا مَفْهُومَ الْمُوَافَقَةِ بِقِسْمَيْهِ الْأَوْلَى وَالْمُسَاوِي انْتَهَى.
وَأَنَّ التَّسْمِيَةَ بِذَلِكَ اصْطِلَاحٌ لَهُ وَلَا مُشَاحَّةَ فِي الِاصْطِلَاحِ وَحِينَئِذٍ فَمُنِعَ ذَلِكَ مِمَّا لَا وَجْهَ لَهُ وَقَوْلُهُ كَيْفَ إلَخْ مِمَّا لَا وَجْهَ لَهُ؛ لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا يَدَّعِي عَدَمَ مُغَايَرَةِ حَقِيقَةِ الْحَجَرِ لِمَا أُلْحِقَ بِهِ بَلْ هُوَ مُعْتَرِفٌ بِالْمُغَايِرَةِ لَكِنَّهُ يَدَّعِي أَنَّ
وَلَا مُحْتَرَمٍ بَلْ، وَيَعْصِي بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ فَيَتَيَمَّمُ وَيُعِيدُ كَمَطْعُومٍ لَنَا وَلَوْ قِشْرًا مَأْكُولًا كَالْبِطِّيخِ بِخِلَافِ قِشْرٍ مُزِيلٍ لَا يُؤْكَلُ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ بِهِ إنْ كَانَ الْمَطْعُومُ دَاخِلَهُ وَفِي خَبَرٍ ضَعِيفٍ الْأَمْرُ بِمَاءٍ وَمِلْحٍ فِي غَسْلِ دَمِ الْحَيْضِ وَأَلْحَقَ الْخَطَّابِيُّ بِالْمِلْحِ الْعَسَلَ وَالْخَلَّ وَالتَّدَلُّكَ بِنَحْوِ النُّخَالَةِ وَغَسْلَ الْيَدِ بِنَحْوِ الْبِطِّيخِ انْتَهَى وَكَأَنَّ الزَّرْكَشِيَّ أَخَذَ مِنْهُ قَوْلَهُ الظَّاهِرُ أَنَّ مَنْعَ اسْتِعْمَالِ الْمَطْعُومِ لَا يَتَعَدَّى الِاسْتِنْجَاءَ إلَى سَائِرِ النَّجَاسَاتِ فَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُ الْمِلْحِ مَعَ الْمَاءِ فِي غَسْلِ الدَّمِ انْتَهَى.
وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْأَخْذَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِضَعْفِ الْخَبَرِ وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّ النَّجِسَ إنْ تَوَقَّفَ زَوَالُهُ عَلَى نَحْوِ مِلْحٍ مِمَّا اُعْتِيدَ امْتِهَانُهُ جَازَ لِلْحَاجَةِ وَإِلَّا فَلَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الِاسْتِنْجَاءِ وَغَيْرِهِ بِأَنَّ الْمَطْعُومَ فِي غَيْرِهِ صَحِبَهُ مَاءٌ فَخَفَّ امْتِهَانُهُ بِخِلَافِهِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ وَمَا ذُكِرَ فِي النُّخَالَةِ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَطْعُومَةٍ وَفِيمَا بَعْدَهَا يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ حَيْثُ انْتَفَتْ النَّجَاسَةُ انْتَفَى قَبِيحُ الِامْتِهَانِ فَلْيُكْرَهْ نَظِيرُ مَا مَرَّ آنِفًا أَوْ لِلْجِنِّ كَعَظْمٍ، وَإِنْ أُحْرِقَ أَوْ لَنَا وَلِلْبَهَائِمِ وَالْغَالِبُ نَحْنُ وَكَحَيَوَانٍ كَفَأْرَةٍ وَجُزْئِهِ الْمُتَّصِلِ وَكَذَا نَحْوُ يَدِ آدَمِيٍّ مُحْتَرَمٍ، وَإِنْ انْفَصَلَتْ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ نَحْوِ الْفَأْرَةِ وَنَحْوِ الْحَرْبِيِّ بِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى عِصْمَةِ نَفْسِهِ فَكَانَ أَخَسَّ وَكَمَكْتُوبٍ عَلَيْهِ اسْمُ مُعَظَّمٍ
وَيُجْزِئُ الْحَجَرُ بَعْدَ الِاسْتِنْجَاءِ بِشَيْءٍ مُحْتَرَمٍ وَغَيْرِ قَالِعٍ لَمْ يَنْقُلَا النَّجَاسَةَ، فَإِنْ نَقَلَاهَا تَعَيَّنَ الْمَاءُ اهـ قَالَ الْكُرْدِيُّ أَيْ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي اسْتَقَرَّتْ فِيهِ حَالَ خُرُوجِهَا، وَإِنْ لَمْ تَتَجَاوَزْ الصَّفْحَةَ أَوْ الْحَشَفَةَ وَكَذَا أَيْ يَتَعَيَّنُ إذَا لَصِقَ بِالْمَحَلِّ مِنْ ذَلِكَ نَحْوُ تُرَابٍ رَخْوٍ أَوْ أَصَابَهُ مِنْهُ زُهُومَةٌ كَالْعَظْمِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَا مُحْتَرَمٌ) إلَى قَوْلِهِ وَفِي خَبَرٍ ضَعِيفٍ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَلَمْ يَجِدْ إلَى كَمَطْعُومٍ (قَوْلُهُ: وَيَعْصِي بِهِ) الْوَجْهُ عِصْيَانُهُ بِغَيْرِ الْمُحْتَرَمِ مِمَّا ذُكِرَ أَيْضًا إذَا قَصَدَ بِهِ الِاسْتِنْجَاءَ الْمَطْلُوبَ؛ لِأَنَّهُ تَعَمَّدَ عِبَادَةً بَاطِلَةً سم وَعِ ش (قَوْلُهُ: مُزِيلٍ) أَيْ لِلنَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ يُكْرَهُ إلَخْ) يُحْتَمَلُ أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَفْقِدْ غَيْرَهُ وَإِلَّا لَمْ يُكْرَهْ سم (قَوْلُهُ: أَخَذَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ ذَلِكَ الْخَبَرِ (قَوْلُهُ: جَازَ) أَيْ اسْتِعْمَالُ نَحْوِ الْمِلْحِ (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الِاسْتِنْجَاءِ) أَيْ حَيْثُ امْتَنَعَ بِالْمَطْعُومِ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ سم (قَوْلُهُ: وَمَا ذُكِرَ فِي النُّخَالَةِ إلَخْ) وِفَاقًا لِلْمُغْنِي عِبَارَتُهُ.
فَائِدَةٌ
يَجُوزُ التَّدَلُّكُ وَغَسْلُ الْأَيْدِي بِالنُّخَالَةِ وَدَقِيقِ الْبَاقِلَا وَنَحْوِهِ اهـ وَقَوْلُهُ فِيمَا بَعْدَهَا، وَهُوَ غَسْلُ الْيَدِ مِنْ نَحْوِ زُهُومَةٍ بِنَحْوِ الْبِطِّيخِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: نَظِيرُ مَا مَرَّ آنِفًا) كَأَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ بِخِلَافِ قِشْرٍ مُزِيلٍ إلَخْ بِجَامِعِ أَنَّ الْمَطْعُومَ فِيهِ انْتَفَتْ النَّجَاسَةُ عَنْهُ سم وَجَزَمَ بِهِ الْبَصْرِيُّ وَالْكُرْدِيُّ (قَوْلُهُ: أَوْ لِلْجِنِّ) إلَى قَوْلِهِ أَمَّا مَكْتُوبٌ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ مُحْتَرَمٍ وَقَوْلَهُ وَيُفَرَّقُ إلَى وَكَمَكْتُوبٍ وَقَوْلَهُ، وَيَحْرُمُ إلَى أَوْ عَلِمَ وَمَا أُنَبِّهُ عَلَيْهِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ، وَإِنْ أُحْرِقَ (قَوْلُهُ: أَوْ لِلْجِنِّ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَنَا (قَوْلُهُ: كَعَظْمٍ) وَمِنْهُ قُرُونُ الدَّوَابِّ وَحَوَافِرِهَا وَأَسْنَانُهَا لَا يُقَالُ الْعِلَّةُ، وَهِيَ كَوْنُهُ يُكْسَى أَوْفَرَ مِمَّا كَانَتْ مُنْتَفِيَةً فِيهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هَذِهِ الْحِكْمَةُ فِي مُعْظَمِهِ وَلَا يَلْزَمُ اطِّرَادُهَا ع ش (قَوْلُهُ: وَإِنْ أُحْرِقَ) وَهَلْ يَجُوزُ إحْرَاقُهُ بِالْوُقُودِ بِهِ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْجَوَازُ بِخِلَافِ إحْرَاقِ الْخُبْزِ؛ لِأَنَّهُ ضَيَاعُ مَالٍ ع ش (قَوْلُهُ وَالْغَالِبُ نَحْنُ) زَادَ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي أَوْ عَلَى السَّوَاءِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اخْتَصَّ بِهِ الْبَهَائِمُ أَوْ كَانَ اسْتِعْمَالُهَا لَهُ أَغْلَبَ اهـ عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ قَالَ فِي الْعُبَابِ أَوْ لَنَا وَلِلْبَهَائِمِ سَوَاءٌ اهـ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَالْخَطِيبُ وَالْجَمَالُ الرَّمْلِيُّ وَكَذَا الشَّارِحُ فِي شُرُوحِ الْإِرْشَادِ وَالْعُبَابِ وَغَيْرِهِمْ وَوَقَعَ لَهُ فِي التُّحْفَةِ أَنَّهُ قَالَ أَوْ لَنَا وَلِلْبَهَائِمِ وَالْغَالِبُ نَحْنُ اهـ فَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَا حُرْمَةَ فِي الْمُسَاوِي وَلَكِنْ الْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ كَمَا بَيَّنْته فِي الْأَصْلِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَكَحَيَوَانٍ) عَطْفٌ عَلَى كَمَطْعُومٍ (قَوْلُهُ: كَفَأْرَةٍ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمُحْتَرَمِ هُنَا مَا حَرُمَ قَتْلُهُ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي التَّيَمُّمِ وَغَيْرِهِ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ مُهْدَرَ الدَّمِ كَالْفَأْرَةِ وَالْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ وَغَيْرِهَا كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَشَرْحِ الْعُبَابِ لِلشَّارِحِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَجُزْئِهِ إلَخْ) قَالَ فِي الْإِيعَابِ كَصُوفِهِ وَوَبَرِهِ وَشَعْرِهِ ثُمَّ قَالَ وَكَذَنَبِ حِمَارٍ وَأَلْيَةِ خَرُوفٍ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: الْمُتَّصِلِ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ إلَّا إنْ كَانَ مُنْفَصِلًا مِنْ حَيَوَانٍ غَيْرِ آدَمِيٍّ فَلَا يَحْرُمُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ حَيْثُ حُكِمَ بِطَهَارَتِهِ وَكَانَ قَالِعًا كَشَعْرِ مَأْكُولٍ وَصُوفِهِ وَوَبَرِهِ وَرِيشِهِ اهـ.
وَفِي الْمُغْنِي وَالْإِيعَابِ نَحْوُهَا (قَوْلُهُ مُحْتَرَمٍ) قَالَ فِي الْإِمْدَادِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُحْتَرَمِ هُنَا غَيْرُ الْحَرْبِيِّ وَالْمُرْتَدِّ، وَإِنْ جَازَ قَتْلُهُ كَالزَّانِي الْمُحْصَنِ وَالْمُتَحَتِّمِ قَتْلُهُ فِي الْحِرَابَةِ اهـ سَكَتَ الْمُغْنِي عَنْ قَيْدِ مُحْتَرَمٍ وَقَالَ النِّهَايَةُ وَلَوْ حَرْبِيًّا أَوْ مُرْتَدًّا خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ اهـ يَعْنِي ابْنَ حَجَرٍ ع ش عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ.
وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ اسْتَثْنَى ابْنُ الْعِمَادِ مِنْ الْمَنْعِ بِجُزْءِ الْحَيَوَانِ جُزْءَ الْحَرْبِيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ وَاعْتَمَدَ الطَّبَلَاوِيُّ وَالْجَمَالُ الرَّمْلِيُّ وَسَمِّ وَالْقَلْيُوبِيُّ وَغَيْرُهُمْ عَدَمَ جَوَازِ الِاسْتِنْجَاءِ بِجُزْءِ الْآدَمِيِّ مُطْلَقًا اهـ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِ الْحَرْبِيِّ) أَيْ كَالْمُرْتَدِّ (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ قَادِرٌ
ثُبُوتَ هَذَا الْحُكْمِ لِلْحَجَرِ يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِهِ لِمَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ وَيُسَمَّى ذَلِكَ دَلَالَةَ النَّصِّ اصْطِلَاحًا وَبِالْجُمْلَةِ فَيَظْهَرُ أَنَّ مَنْشَأَ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ أَنَّهُ لَمْ يُحَرِّرْ مَعْنَى دَلَالَةِ النَّصِّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَلَعَلَّهُ ظَنَّ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ دَلَالَةُ اللَّفْظِ بِالْمَنْطُوقِ وَقَدْ يُشْعِرُ بِذَلِكَ قَوْلُهُ: كَيْفَ إلَخْ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بَلْ، وَيَعْصِي بِهِ) الْوَجْهُ عِصْيَانُهُ بِغَيْرِ الْمُحْتَرَمِ مِمَّا ذُكِرَ أَيْضًا إذَا قَصَدَ الِاسْتِنْجَاءَ الْمَطْلُوبَ؛ لِأَنَّهُ تَعَمَّدَ عِبَادَةً بَاطِلَةً فَعُلِمَ حُرْمَةُ الِاسْتِنْجَاءِ بِالنَّجِسِ نَعَمْ الْوَجْهُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ إذَا جَمَعَ بَيْنَ الْحَجَرِ النَّجِسِ وَالْمَاءِ؛ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَ النَّجِسِ حِينَئِذٍ لِغَرَضِ تَخْفِيفِ مُبَاشَرَةِ النَّجَاسَةِ لَا لِكَمَالِ الْعِبَادَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ السَّابِقِ فَهُوَ عِبَادَةٌ صَحِيحَةٌ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ.
(قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ يُكْرَهُ إلَخْ) يُحْتَمَلُ أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَفْقِدْ غَيْرَهُ وَإِلَّا لَمْ يُكْرَهْ (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الِاسْتِنْجَاءِ) أَيْ حَيْثُ امْتَنَعَ بِالْمَطْعُومِ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ نَظِيرُ مَا مَرَّ آنِفًا) كَأَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ السَّابِقِ بِخِلَافِ قِشْرٍ مُزِيلٍ لَا يُؤْكَلُ إلَخْ بِجَامِعِ أَنَّ الْمَطْعُومَ فِيهِ انْتَفَتْ النَّجَاسَةُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَالْغَالِبُ نَحْنُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، فَإِنْ اسْتَوَيَا فَوَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى ثُبُوتِ الرِّبَا فِيهِ وَالْأَصَحُّ الثُّبُوتُ قَالَهُ
أَوْ مَنْسُوخٌ لَمْ يُعْلَمْ تَبْدِيلُهُ، وَيَحْرُمُ عَلَى غَيْرِ عَالِمٍ مُتَبَحِّرٍ مُطَالَعَةُ نَحْوِ تَوْرَاةٍ عَلِمَ تَبْدِيلَهَا أَوْ شَكَّ فِيهِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ إلْحَاقِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ بِالْمُبْدَلِ هُنَا لَا فِيمَا قَبْلَهُ بِالِاحْتِيَاطِ فِيهِمَا أَوْ عِلْمٍ مُحْتَرَمٍ كَمَنْطِقٍ وَطِبٍّ خَلَيَا عَنْ مَحْذُورٍ كَالْمَوْجُودَيْنِ الْيَوْمَ؛ لِأَنَّ تَعَلُّمَهُمَا فَرْضُ كِفَايَةٍ لِعُمُومِ نَفْعِهِمَا أَمَّا مَكْتُوبٌ لَيْسَ كَذَلِكَ فَيَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْحُرُوفَ لَيْسَتْ مُحْتَرَمَةً لِذَوَاتِهَا فَإِفْتَاءُ السُّبْكِيّ وَمَنْ تَبِعَهُ بِحُرْمَةِ دَوْسِ بُسُطٍ كُتِبَ عَلَيْهَا وَقْفٌ مَثَلًا ضَعِيفٌ بَلْ شَاذٌّ كَمَا اعْتَرَفَ هُوَ بِهِ وَحُرْمَةُ جَعْلِ وَرَقَةٍ كُتِبَ فِيهَا اسْمُ مُعَظَّمٍ كَاغَدًا لِنَحْوِ نَقْدٍ إنَّمَا هُوَ رِعَايَةٌ لِلِاسْمِ الْمُعَظَّمِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ وَعَجِيبٌ الِاسْتِدْلَال بِهِ وَجَازَ بِالْمَاءِ الْعَذْبِ مَعَ أَنَّهُ مَطْعُومٌ لِدَفْعِهِ النَّجِسَ عَنْ نَفْسِهِ كَمَا مَرَّ (وَجِلْدٌ) بِالرَّفْعِ وَالْجَرِّ؛ لِأَنَّهُ قَسِيمٌ لِلْجَامِدِ الْمَذْكُورِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْحَقِيقَةِ قِسْمًا مِنْهُ بِاعْتِبَارِ مَا فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ وَالْخِلَافِ فَانْدَفَعَ زَعْمُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ كُلٌّ مِنْهُمَا (دُبِغَ) فِي الْأَظْهَرِ
إلَخْ) أَيْ وَلَوْ بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ فَيَشْمَلُ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْسُوخٌ) يَنْبَغِي عَطْفُهُ عَلَى اسْمُ مُعَظَّمٍ لَا عَلَى مُعَظَّمٍ وَتَخْصِيصُ قَوْلِهِ لَمْ يَعْلَمْ إلَخْ بِالْمَعْطُوفِ وَإِلَّا فَالْوَجْهُ الِامْتِنَاعُ فِي الِاسْمِ الْمُعَظَّمِ، وَإِنْ نُسِخَ وَعَلِمَ تَبْدِيلَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ تَعْظِيمِهِ سم عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي أَمَّا غَيْرُ مُحْتَرَمٍ كَفَلْسَفَةٍ وَتَوْرَاةٍ، وَإِنْجِيلٍ عَلِمَ تَبْدِيلَهُمَا وَخُلُوَّهُمَا عَنْ مُعَظَّمٍ فَيَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَعْلَمْ تَبْدِيلَهُ) شَامِلٌ لِلشَّكِّ فِي تَبْدِيلِهِ سم (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ إلَخْ) وَفِي فَتَاوَى الْجَمَالِ الرَّمْلِيِّ سُئِلَ عَمَّا قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ حَجَرٍ مِنْ جَوَازِ قِرَاءَةِ التَّوْرَاةِ الْمُبَدَّلَةِ لِلْعَالِمِ الْمُتَبَحِّرِ دُونَ غَيْرِهِ فَهَلْ مَا قَالَهُ مُعْتَمَدٌ أَوْ لَا فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا اهـ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: عَلِمَ تَبْدِيلَهَا) يُفِيدُ الْجَوَازَ فِي غَيْرِ الْمُبَدَّلَةِ سم وَفِي الْكُرْدِيِّ عَنْ الْإِيعَابِ بَيَّنَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ أَنَّ مَا بِأَيْدِيهِمْ الْآنَ مِنْ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ مُبَدَّلٌ جَمِيعُهُ قَطْعًا لَفْظًا وَمَعْنًى وَبَيَّنُوا ذَلِكَ بِمَا يَطُولُ ذِكْرُهُ لَكِنْ الْحَقُّ أَنَّ فِيهِمَا مَا يُظَنُّ عَدَمُ تَبْدِيلِهِ لِمُوَافَقَتِهِ مَا عَلِمْنَاهُ مِنْ شَرْعِنَا، وَيَجِبُ حَمْلُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي السِّيَرِ مِنْ أَنَّهُ يَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ بِكُتُبِهِمْ يَعْنِي بِالْمُطَالَعَةِ وَنَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ كَالسُّبْكِيِّ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ عَلَى مَا عَلِمَ تَبْدِيلَهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ لَكِنْ رَجَّحَ بَعْضُهُمْ جَوَازَ مُطَالَعَتِهَا لِلْعَالِمِ الرَّاسِخِ لَا سِيَّمَا عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ لِلرَّدِّ عَلَى الْمُخَالِفِ، وَهُوَ جَلِيٌّ فَلْيُحْمَلْ الْإِجْمَاعُ عَلَى مَا عَدَا هَذِهِ الْحَالَةُ إذْ كَلَامُ الْأَئِمَّةِ مَشْحُونٌ بِالنَّقْلِ عَنْهَا لِلرَّدِّ عَلَيْهِمْ اهـ.
(قَوْلُهُ: كَمَنْطِقٍ إلَخْ) وَحِسَابٍ وَنَحْوٍ وَعَرُوضٍ مُغْنِي وَكُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ تَعَلُّمَهُمَا إلَخْ) قَالَ فِي الْإِمْدَادِ بَلْ هُوَ أَيْ الْمَنْطِقُ أَعْلَاهَا أَيْ الْعُلُومِ الْآلِيَّةِ وَإِفْتَاءُ النَّوَوِيِّ كَابْنِ الصَّلَاحِ بِجَوَازِ الِاسْتِنْجَاءِ بِهِ يُحْمَلُ عَلَى مَا كَانَ فِي زَمَنِهِمَا مِنْ خَلْطِ كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِهِ بِالْقَوَانِينِ الْفَلْسَفِيَّةِ الْمُنَابِذَةِ لِلشَّرَائِعِ بِخِلَافِ الْمَوْجُودِ الْيَوْمَ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَلَا مِمَّا يُؤَدِّي إلَيْهِ فَكَانَ مُحْتَرَمًا بَلْ فَرْضَ كِفَايَةٍ بَلْ فَرْضَ عَيْنٍ إنْ وَقَعَتْ شُبْهَةٌ لَا يُتَخَلَّصُ مِنْهَا إلَّا بِمَعْرِفَتِهِ انْتَهَى اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: كَاغَدًا) بِفَتْحِ الْغَيْنِ مُغْنِي وَفِي الْقَامُوسِ وَكَسْرِهَا الْقِرْطَاسُ اهـ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْوِقَايَةُ (قَوْلُهُ وَجَازَ) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: لِدَفْعِهِ النَّجَسَ إلَخْ) أَيْ بِاعْتِبَارِ شَأْنِ نَوْعِهِ كَمَا مَرَّ فَلَا يَرُدُّ أَنَّ قَلِيلَهُ لَا يَدْفَعُهُ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي شَرْحِ وَلَا يَبُولُ فِي مَاءٍ إلَخْ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: بِالرَّفْعِ) أَيْ عَطْفًا عَلَى كُلٌّ وَالْجَرِّ أَيْ عَطْفًا عَلَى جَامِدٍ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ قَسِيمٌ سم عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ مُتَعَلِّقٌ بِقَسِيمٌ وَقَوْلُهُ مِنْ التَّفْصِيلِ إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ دُبِغَ دُونَ غَيْرِهِ وَقَوْلُهُ وَالْخِلَافِ إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ فِي الْأَظْهَرِ اهـ.
(قَوْلُهُ: فَانْدَفَعَ زَعْمُ إلَخْ) لَا وَجْهَ لِهَذَا الزَّعْمِ مَعَ شُيُوعِ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ بَلْ وَلَا لِعَدِّهِ قَسِيمًا؛ لِأَنَّ عَطْفَ الْخَاصِّ لَا يَقْتَضِي الْقَسِيمِيَّةَ وَلَا يُنَافِي الْقَسِيمِيَّةَ وَنُكْتَةُ إفْرَادِهِ مَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ وَالتَّفْصِيلِ سم وَلَك أَنْ تَمْنَعَ شُيُوعَ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ إذَا كَانَ الْعُمُومُ بِكَلِمَةِ كُلٍّ (قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ كُلٌّ مِنْهُمَا) عِبَارَةُ الْمُغْنِي.
تَنْبِيهٌ
كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ تَقْدِيمُ الْمَنْعِ الَّذِي مِنْ أَمْثِلَةِ الْمُحْتَرَمِ فَيَقُولُ فَيَمْتَنِعُ بِجِلْدٍ طَاهِرٍ غَيْرِ مَدْبُوغٍ دُونَ جِلْدٍ مَدْبُوغٍ طَاهِرٍ فِي الْأَظْهَرِ فَإِنَّ كَلَامَهُ الْآنَ غَيْرُ مُنْتَظِمٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ ابْتِدَاءُ كَلَامٍ فَلَا خَبَرَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ مَعْطُوفًا عَلَى كُلٌّ كَمَا قَدَّرْته فِي كَلَامِهِ وَقُرِئَ بِالرَّفْعِ فَيَكُونُ الْجِلْدُ الْمَدْبُوغُ قَسِيمًا لِكُلِّ جِلْدٍ طَاهِرٍ إلَخْ فَيَكُونُ غَيْرُهُ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ بَعْضٌ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ مَجْرُورًا كَمَا قَدَّرْته أَيْضًا عَطْفًا عَلَى جَامِدٍ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَمِنْهُ جِلْدٌ دُبِغَ أَيْ مِنْ
الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ: أَوْ مَنْسُوخٌ) يَنْبَغِي عَطْفُهُ عَلَى اسْمُ مُعَظَّمٍ لَا عَلَى مُعَظَّمٍ وَتَخْصِيصُ قَوْلِهِ لَمْ يَعْلَمْ بِالْمَعْطُوفِ وَإِلَّا فَالْوَجْهُ الِامْتِنَاعُ فِي الِاسْمِ الْمُعَظَّمِ، وَإِنْ نُسِخَ وَعَلِمَ تَبْدِيلَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ تَعْظِيمِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَعْلَمْ تَبْدِيلَهُ) شَامِلٌ لِلشَّكِّ فِي تَبْدِيلِهِ وَقَوْلُهُ عَلِمَ تَبْدِيلَهَا يُفِيدُ الْجَوَازَ فِي غَيْرِ الْمُبْدَلَةِ (قَوْلُهُ: وَجَازَ بِالْمَاءِ الْعَذْبِ مَعَ أَنَّهُ مَطْعُومٌ لِدَفْعِهِ) أَيْ دَفْعِهِ مَعَ قِلَّتِهِ.
(فَرْعٌ)
فِي الرَّوْضِ، وَيَجُوزُ أَيْ الِاسْتِنْجَاءُ بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَجَوْهَرٍ انْتَهَى قَالَ فِي شَرْحِهِ وَبِقِطْعَةِ دِيبَاجٍ نَعَمْ حِجَارَةُ الْحَرَمِ وَالْمَطْبُوعُ مِنْ الذَّهَبِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ يَمْتَنِعُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِمَا لِحُرْمَتِهِمَا، فَإِنْ اسْتَنْجَى بِهِمَا أَسَاءَ وَأَجْزَأَهُ انْتَهَى وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِلشَّارِحِ عَطْفًا عَلَى مَا يَجُوزُ أَوْ كَانَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً لَمْ يُطْبَعْ أَوْ تَهَيَّأَ لِذَلِكَ كَمَا مَرَّ وَإِلَّا حَرُمَ وَأَجْزَأَ انْتَهَى وَاعْتَمَدَهُ م ر كَمَا اعْتَمَدَ جَوَازَ الِاسْتِنْجَاءِ بِحِجَارَةِ الْحَرَمِ وَلَا إثْمَ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِقِطْعَةِ الدِّيبَاجِ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ (قَوْلُهُ بِاعْتِبَارِ) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ قَسِيمٌ (قَوْلُهُ: فَانْدَفَعَ زَعْمُ إلَخْ) لَا وَجْهَ لِهَذَا الزَّعْمِ مَعَ شُيُوعِ عَطْفِهِ الْخَاصَّ عَلَى الْعَامِّ بَلْ وَلَا لِعَدِّهِ قَسِيمًا؛ لِأَنَّ عَطْفَهُ الْخَاصَّ لَا يَقْتَضِي الْقَسِيمِيَّةَ وَلَا يُنَافِي الْقَسِيمِيَّةَ وَنُكْتَةُ إفْرَادِهِ مَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ وَالتَّفْصِيلِ
لِانْتِقَالِهِ عَنْ طَبْعِ اللَّحْمِ إلَى طَبْعِ الثِّيَابِ وَإِلْحَاقُ جِلْدِ الْحُوتِ الْكَبِيرِ بِهِ يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا تَحَجَّرَ بِحَيْثُ صَارَ لَا يَلِينُ، وَإِنْ نُقِعَ فِي الْمَاءِ (دُونَ غَيْرِهِ فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهُ إمَّا نَجِسٌ أَوْ مَأْكُولٌ نَعَمْ إنْ اسْتَنْجَى بِشَعْرِهِ الطَّاهِرِ أَجْزَأَ، وَيَحْرُمُ بِجِلْدِ عِلْمٍ إنْ اتَّصَلَ وَمُصْحَفٍ، وَإِنْ انْفَصَلَ، وَإِنَّمَا حَلَّ مَسُّهُ؛ لِأَنَّهُ أَخَفُّ
(وَشَرْطُ) إجْزَاءِ الِاقْتِصَارِ عَلَى (الْحَجَرِ) وَمَا فِي مَعْنَاهُ أَوْ الْمُرَادُ بِالْحَجَرِ مَا يَعُمُّهُمَا (أَنْ) لَا يَكُونَ بِهِ رُطُوبَةٌ كَالْمَحَلِّ وَلَوْ مِنْ عَرَقٍ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي وَأَنْ (لَا يَجِفَّ النَّجِسُ) الْخَارِجُ أَوْ بَعْضُهُ وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْمَاءُ فِي الْجَافِّ وَكَذَا غَيْرُهُ إنْ اتَّصَلَ بِهِ، وَإِنْ بَالَ أَوْ تَغَوَّطَ مَائِعًا ثَانِيًا
أَمْثِلَةُ هَذَا الْجَامِدِ جِلْدٌ طَاهِرٌ دُبِغَ دُونَ جِلْدٍ غَيْرِ مَدْبُوغٍ طَاهِرٍ فِي الْأَظْهَرِ اهـ.
(قَوْلُهُ: لِانْتِقَالِهِ) إلَى قَوْلِهِ، وَإِنَّمَا حَلَّ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ نَعَمْ إلَى، وَيَحْرُمُ (قَوْلُهُ لِانْتِقَالِهِ عَنْ طَبْعِ اللَّحْمِ إلَخْ) ، وَهُوَ، وَإِنْ كَانَ مَأْكُولًا حَيْثُ كَانَ مِنْ مُذَكًّى لَكِنْ أَكْلُهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَادُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَجَزَمَ الشَّارِحُ فِي فَتْحِ الْجَوَّادِ بِحُرْمَةِ أَكْلِ الْمَدْبُوغِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ مُذَكًّى أَمْ لَا بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ يَنْبَغِي حَمْلُهُ إلَخْ) خِلَافًا لِظَاهِرِ إطْلَاقِ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا يَلِينُ إلَخْ) أَفَادَ تَخْصِيصَ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّفْصِيلِ بِجِلْدِ الْحُوتِ أَنَّ غَيْرَهُ مِنْ جُلُودِ الْمُذَكَّاةِ لَا تُجْزِئُ قَبْلَ الدَّبْغِ، وَإِنْ اشْتَدَّتْ صَلَابَتُهَا كَجِلْدِ الْجَامُوسِ الْكَبِيرِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهَا مِمَّا يُؤْكَلُ ع ش (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ) إلَى قَوْلِهِ، وَإِنَّمَا حَلَّ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: إمَّا نَجِسٌ) أَيْ إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ مَأْكُولٍ مُغْنِي (قَوْلُهُ: نَعَمْ إلَخْ) عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ وَمَحَلُّ الْمَنْعِ بِالْمَطْعُومِ عَلَى مَا قَالَهُ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ وَاعْتَمَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ مَا إذَا اسْتَنْجَى بِهِ مِنْ جَانِبٍ لَيْسَ عَلَيْهِ شَعْرٌ كَثِيرٌ وَإِلَّا جَازَ وَقَدْ جَزَمَ بِهِ فِي الْعُبَابِ وَأَقَرَّهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَالْخَطِيبُ وَغَيْرُهُمَا وَضَعَّفَهُ الشَّارِحُ فِي الْإِمْدَادِ وَالْإِيعَابِ وَفِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ اسْتِثْنَاءَ الشَّعْرِ الْمَذْكُورِ مَا نَصُّهُ لَمْ يَعْتَمِدْ م ر هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ؛ لِأَنَّ الشَّعْرَ مُتَّصِلٌ بِهِ انْتَهَى وَالْكَلَامُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فِي الْمَدْبُوغِ الَّذِي يَطْهُرُ بِالدَّبْغِ أَمَّا جِلْدُ الْمُغَلَّظِ فَلَا يَجُوزُ وَلَا يُجْزِئُ مُطْلَقًا اهـ.
(قَوْلُهُ: إنْ اسْتَنْجَى بِشَعْرِهِ إلَخْ) أَيْ بِجَانِبِهِ الَّذِي عَلَيْهِ الشَّعْرُ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ انْفَصَلَ) وَفِي الْإِيعَابِ يَكْفُرُ فِي جِلْدِ الْمُصْحَفِ الْمُتَّصِلِ قَالَ الرِّيمِيُّ، وَيَفْسُقُ فِي الْمُنْفَصِلِ انْتَهَى قَالَ الْقَلْيُوبِيُّ حَيْثُ نُسِبَ إلَيْهِ قَالَ الْحَلَبِيُّ قَالَ بَعْضُهُمْ وَعَلَى قِيَاسِهِ كِسْوَةُ الْكَعْبَةِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْمُصْحَفَ أَشَدُّ حُرْمَةً وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ نَقْشٌ عَلَيْهَا مُعَظَّمٌ اهـ كُرْدِيٌّ عِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ: وَإِنْ انْفَصَلَ ظَاهِرُهُ، وَإِنْ انْقَطَعَتْ نِسْبَتُهُ عَنْهُ وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَدَثِ بِأَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ أَقْبَحُ مِنْ الْمَسِّ وَيُحْتَمَلُ التَّقْيِيدُ كَالْحَدَثِ وَلَعَلَّهُ الْأَقْرَبُ لَكِنْ قَضِيَّةُ قَوْلِ ابْنِ حَجَرٍ، وَإِنَّمَا حَلَّ مَسُّهُ أَيْ الْمُنْفَصِلِ؛ لِأَنَّهُ أَخَفُّ صَرِيحٌ فِي الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ إذْ لَا يَحِلُّ مَسُّهُ إلَّا إذَا انْقَطَعَتْ نِسْبَتُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادَ ابْنُ حَجَرٍ حِلَّ مَسِّهِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ تَنْقَطِعْ نِسْبَتُهُ اهـ أَقُولُ هَذَا التَّأْوِيلُ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ لَا يُعْبَأُ بِهِ فَالْمُعْتَمَدُ الْفَرْقُ الْمَذْكُورُ
(قَوْلُهُ: مَا يَعُمُّهُمَا) وَهُوَ جَامِدٌ طَاهِرٌ إلَخْ (قَوْلُهُ أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ رُطُوبَةٌ) فَلَوْ اسْتَنْجَى بِحَجَرٍ مَبْلُولٍ لَمْ يَصِحَّ اسْتِنْجَاؤُهُ؛ لِأَنَّ بَلَلَهُ يَتَنَجَّسُ بِنَجَاسَةِ الْمَحَلِّ ثُمَّ يُنَجِّسُهُ فَيَتَعَيَّنُ الْمَاءُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَشَرْحُ بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ: كَالْمَحَلِّ) أَيْ وَلَوْ كَانَ مِنْ أَثَرِ نَحْوِ اسْتِنْجَاءٍ قَلْيُوبِيٌّ (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ إلَخْ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ أَنَّهُ) أَيْ بَلَلَ الْمَحَلِّ مِنْ عَرَقٍ لَا يُؤَثِّرُ أَيْ؛ لِأَنَّهُ ضَرُورِيٌّ مُغْنِي وَقَلْيُوبِيٌّ.
قَالَ سم هَلْ مِثْلُ ذَلِكَ بَلَلُ الْمَحَلِّ فِيمَا إذَا اسْتَنْجَى بِالْمَاءِ ثُمَّ قَضَى حَاجَتَهُ أَيْضًا قَبْلَ جَفَافِهِ ثُمَّ أَرَادَ الِاسْتِنْجَاءَ بِالْحَجَرِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ أَقُولُ تَقَدَّمَ عَنْ الْقَلْيُوبِيِّ، وَيَأْتِي عَنْهُ نَفْسِهِ خِلَافُهُ بَلْ اقْتِصَارُهُمْ عَلَى اسْتِثْنَاءِ الْعَرَقِ وَتَعْلِيلُهُمْ لَهُ بِالضَّرُورَةِ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ فِي ذَلِكَ الْمَاءُ ثُمَّ رَأَيْت أَنَّ ع ش عَقَّبَ كَلَامَ سم الْمَذْكُورَ بِمَا نَصُّهُ أَقُولُ الْأَقْرَبُ عَدَمُ كَوْنِهِ مِثْلَهُ؛ لِأَنَّ الْعَرَقَ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى بِخِلَافِ الْبَلَلِ الْمَذْكُورِ وَنَحْوِهِ، وَيَشْمَلُ ذَلِكَ قَوْلَهُ م ر رُطُوبَةٌ مِنْ غَيْرِ عَرَقٍ اهـ وَقَوْلُهُ مَا يَأْتِي أَيْ فِي شَرْحِ وَلَا يَطْرَأُ أَجْنَبِيٌّ قَوْلُ الْمَتْنِ (لَا يَجِفُّ) بِالْكَسْرِ وَفَتْحِهِ لُغَةً مُخْتَارٌ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا تَعَيَّنَ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْحَجَرَ لَا يُزِيلُهُ هَذَا ضَابِطُ الْجَفَافِ الْمَانِعِ مِنْ إجْزَاءِ الْحَجَرِ كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُ الْإِمْدَادِ وَالنِّهَايَةِ وَغَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَالَ
قَوْلُهُ: أَوْ مَأْكُولٌ) قَدْ يُقَالُ جِلْدُ الْمُذَكَّى الْمَدْبُوغِ يَجُوزُ أَيْضًا أَكْلُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ غَيْرُ الْمَدْبُوغِ مَأْكُولٌ لَمْ يَنْتَقِلْ عَنْ طَبْعِ اللُّحُومِ إلَى طَبْعِ الثِّيَابِ بِخِلَافِ الْمَدْبُوغِ أَوْ يُقَالَ الْمُرَادُ مَأْكُولٌ بِالْوَضْعِ وَالْمَدْبُوغُ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنْ جَازَ أَكْلُهُ كَمَا يَجُوزُ أَكْلُ نَحْوِ تُرَابٍ لَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ: بِجِلْدِ عِلْمٍ) يَنْبَغِي أَنَّ مِنْهُ تَفْسِيرًا جَازَ مَسُّهُ وَحَمْلُهُ مَعَ الْحَدَثِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا حَلَّ مَسُّهُ) لَعَلَّ هَذَا بِنَاءً عَلَى ظَاهِرِ تَقْيِيدِهِ لِحُرْمَةِ مَسِّ جِلْدِ الْمُصْحَفِ بِاتِّصَالِهِ بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: الَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ) هَلْ مِثْلُ ذَلِكَ بَلَلُ الْمَحَلِّ فِيمَا إذَا اسْتَنْجَى بِالْمَاءِ ثُمَّ قَضَى حَاجَتَهُ أَيْضًا قَبْلَ جَفَافِهِ ثُمَّ أَرَادَ الِاسْتِنْجَاءَ بِالْحَجَرِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَبُلْ غَيْرَ مَا أَصَابَهُ إلَخْ) يُتَأَمَّلْ وَقَوْلُهُ لَكِنْ قَالَ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ بِإِجْزَائِهِ حِينَئِذٍ عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَيُسْتَثْنَى مِمَّا إذَا جَفَّ مَا لَوْ جَفَّ بَوْلُهُ ثُمَّ بَالَ ثَانِيًا فَوَصَلَ بَوْلٌ إلَى مَا وَصَلَ إلَيْهِ بَوْلُهُ الْأَوَّلُ فَيَكْفِي فِيهِ الْحَجَرُ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَالْغَزَالِيُّ.
وَقَوْلُهُ فَوَصَلَ بَوْلُهُ إلَخْ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ عَلَى هَذَا أَنْ يَزِيدَ الثَّانِي عَلَى مَحَلِّ الْأَوَّلِ بَلْ يَكْفِي أَنْ يَكُونَ بِقَدْرِهِ، وَهُوَ الْوَجْهُ خِلَافًا لِمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْكَنْزُ لِشَيْخِنَا الْإِمَامِ الْبَكْرِيِّ مِنْ
وَلَمْ يَبُلْ غَيْرَ مَا أَصَابَهُ الْأَوَّلُ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ لِتَعَيُّنِ الْمَاءِ بِالْجَفَافِ فَلَا يَرْتَفِعُ بِمَا حَدَثَ لَكِنْ قَالَ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ بِإِجْزَائِهِ حِينَئِذٍ وَكَأَنَّهُ لِكَوْنِ الطَّارِئِ مِنْ جِنْسِ الْأَوَّلِ فَصَارَا كَشَيْءٍ وَاحِدٍ وَبِهِ يُعْلَمُ رَدُّ بَحْثِ بَعْضِهِمْ فِيمَنْ بَالَ ثُمَّ أَمْنَى أَنَّهُ يُجْزِئُهُ الْحَجَرُ وَلَوْ غَسَلَ ذَكَرَهُ ثُمَّ بَالَ قَبْلَ الْجَفَافِ لَمْ يُنَجَّسْ غَيْرُ مُمَاسِّ الْبَوْلِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَإِلَّا فَغَيْرُ الْمُنْتَصَفِ (وَ) أَنْ (لَا يَنْتَقِلَ) الْخَارِجُ الْمُلَوَّثُ عَمَّا اسْتَقَرَّ فِيهِ عِنْدَ خُرُوجِهِ إذْ لَا ضَرُورَةَ لِهَذَا الِانْتِقَالِ فَصَارَ كَتَنَجُّسِهِ بِأَجْنَبِيٍّ (وَ) أَنْ (لَا يَطْرَأَ) عَلَى الْمَحَلِّ الْمُتَنَجِّسِ بِالْخَارِجِ (أَجْنَبِيٌّ) نَجِسٌ مُطْلَقًا أَوْ طَاهِرٌ جَافٌّ اخْتَلَطَ بِالْخَارِجِ لِمَا مَرَّ فِي التُّرَابِ أَوْ رَطْبٌ وَلَوْ مَاءٌ لِغَيْرِ تَطْهِيرِهِ
إلَخْ) غَايَةٌ لِقَوْلِهِ وَإِلَّا تَعَيَّنَ إلَخْ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَبُلْ غَيْرَ مَا أَصَابَهُ إلَخْ) يُتَأَمَّلْ سم عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَبَلُّ الثَّانِي مَا بَلَّهُ الْأَوَّلُ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ: وَبَلُّ الثَّانِي إلَخْ صَادِقٌ بِمَا إذَا زَادَ عَلَيْهِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ (قَوْلُهُ: لِتَعَيُّنِ الْمَاءِ إلَخْ) جَرَى عَلَيْهِ فِي شُرُوحِ الْإِرْشَادِ وَالْعُبَابِ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ قَالَ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ بِإِجْزَائِهِ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي قَالَ الْكُرْدِيُّ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَالرَّوْضِ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ وَسَمِّ، وَيَلْحَقُ بِمَا لَوْ كَانَ الثَّانِي بِقَدْرِ الْأَوَّلِ فَقَطْ مَا لَوْ زَادَ عَلَى مَا وَصَلَ إلَيْهِ الْأَوَّلُ عَلَى الْأَوْجَهِ لَا مَا لَوْ نَقَصَ عَنْهُ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَزِيدَ الثَّانِي عَلَى مَحَلِّ الْأَوَّلِ بَلْ يَكْفِي أَنْ يَكُونَ بِقَدْرِهِ اهـ وَاعْتَمَدَ الْإِلْحَاقَ الْقَلْيُوبِيُّ وَشَيْخُنَا (قَوْلُهُ رَدُّ بَحْثِ إلَخْ) وِفَاقًا لِلرَّمْلِيِّ عِبَارَةُ ع ش ظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ م ر اعْتِبَارُ الْجِنْسِ حَتَّى لَوْ جَفَّ بَوْلُهُ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ دَمٌ وَصَلَ لِمَا وَصَلَ إلَيْهِ بَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ الْحَجَرُ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ سم عَلَى الْبَهْجَةِ وَأَفْتَى الشَّارِحُ م ر - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ طُرُوُّ الْمَذْيِ وَالْوَدْيِ مَانِعٌ مِنْ الْإِجْزَاءِ فَلَيْسَا كَالْبَوْلِ وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ تَقْرِيرِ الزِّيَادِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافُهُ أَقُولُ وَالْأَقْرَبُ مَا أَفْتَى بِهِ الشَّارِحُ م ر لِاخْتِلَافِهِمَا اهـ.
وَوَافَقَ الزِّيَادِيُّ الْقَلْيُوبِيَّ وَكَذَا شَيْخُنَا عِبَارَتَهُ، فَإِنْ جَفَّ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ تَعَيَّنَ الْمَاءُ مَا لَمْ يَخْرُجْ بَعْدَهُ خَارِجٌ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، وَيَصِلُ مَا وَصَلَ إلَيْهِ الْأَوَّلُ كَأَنْ يَخْرُجَ نَحْوُ مَذْيٍ وَوَدْيٍ وَدَمٍ وَقَيْحٍ بَعْدَ جَفَافِ الْبَوْلِ وَإِلَّا كَفَى الِاسْتِنْجَاءُ بِالْحَجَرِ وَتَقْيِيدُ بَعْضِهِمْ بِمَا إذَا خَرَجَ بَوْلٌ لِلْغَالِبِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَنْتَقِلَ الْخَارِجُ إلَخْ) ، فَإِنْ انْتَقَلَ عَنْهُ بِأَنْ انْفَصَلَ عَنْهُ تَعَيَّنَ فِي الْمُنْفَصِلِ الْمَاءُ وَأَمَّا الْمُتَّصِلُ بِالْمَحَلِّ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ يَأْتِي مُغْنِي عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ قَالَ فِي الْإِيعَابِ مَحَلُّ هَذَا فِي انْتِقَالٍ لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الِانْتِقَالِ الْحَاصِلِ مِنْ عَدَمِ الْإِرَادَةِ، فَإِنْ انْتَقَلَ تَعَيَّنَ الْمَاءُ، وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْ الصَّفْحَةَ وَالْحَشَفَةَ اهـ.
(قَوْلُهُ الْخَارِجُ) إلَى قَوْلِهِ إلَّا إنْ سَالَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ مُطْلَقًا وَقَوْلُهُ جَافٌّ إلَى رَطْبٌ وَقَوْلُهُ وَلَوْ مَاءً لِغَيْرِ تَطْهِيرِهِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْجَفَافِ لَمْ يُنَجِّسْ) لَكِنْ يَنْبَغِي هُنَا عَدَمُ إجْزَاءِ الْحَجَرِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ رُطُوبَةٌ كَالْمَحَلِّ سم قَوْلُ (الْمَتْنِ وَلَا يَطْرَأُ أَجْنَبِيٌّ) أَيْ وَلَوْ مِنْ الْخَارِجِ كَرَشَاشِهِ شَرْحُ بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَحَلِّ الْمُتَنَجِّسِ إلَخْ) فِيهِ أَمْرَانِ الْأَوَّلُ أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ حَيْثُ كَانَ الْمَطَرُ وَعَلَيْهِ هُوَ الْمَحَلُّ الْمُتَنَجِّسُ بِالْخَارِجِ كَانَ مِنْ لَازِمِ ذَلِكَ أَنَّ الطَّارِئَ اخْتَلَطَ بِالْخَارِجِ وَهَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ مُطْلَقًا فِي النَّجِسِ أَيْ سَوَاءٌ اخْتَلَطَ بِالْخَارِجِ أَوْ لَا بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ اخْتَلَطَ بِالْخَارِجِ فِي الطَّاهِرِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَا يَكُونُ إلَّا مُخْتَلِطًا وَالثَّانِي أَنَّ الْقِيَاسَ فِيمَا لَمْ يَخْتَلِطْ بِالنَّجِسِ عَدَمُ مَنْعِ إجْزَاءِ الْحَجَرِ فِي النَّجِسِ، وَإِنْ كَانَ الطَّارِئُ النَّجِسَ يَحْتَاجُ لِلْمَاءِ فَكَيْفَ يُحْكَمُ بِالْمَنْعِ مُطْلَقًا سم.
(قَوْلُهُ: جَافٌّ إلَخْ) خِلَافًا لِلْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ وَشَيْخِنَا لَكِنْ الرَّشِيدِيُّ اعْتَمَدَ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ فِي شَرْحِ كُلِّ جَامِدٍ طَاهِرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ رَطْبٌ) أَيْ وَلَوْ بِبَلِّ الْحَجَرِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَاءً لِغَيْرِ تَطْهِيرِهِ) عِبَارَةُ بَافَضْلٍ مَعَ شَرْحِهِ وَأَنْ لَا يُصِيبَهُ مَاءٌ غَيْرُ مُطَهِّرٍ لَهُ، وَإِنْ كَانَ طَهُورًا أَوْ مَائِعٌ آخَرُ بَعْدَ الِاسْتِجْمَارِ أَوْ قَبْلَهُ لِتَنَجُّسِهِمَا وَكَالْمَائِعِ مَا لَوْ اسْتَنْجَى بِحَجَرٍ رَطْبٍ اهـ قَالَ الْكُرْدِيُّ قَوْلُهُ: غَيْرُ مُطَهِّرٍ لَهُ لَا يَخْلُو عَنْ تَشْوِيشٍ فَإِنَّ ذَلِكَ يَنْجَرُّ إلَى أَنَّهُ لَا يَضُرُّ فِي جَوَازِ الِاسْتِجْمَارِ بِالْحَجَرِ طُرُوُّ مَاءٍ عَلَى الْمَحَلِّ مُطَهِّرٌ لَهُ، وَإِذَا طَهَّرَهُ الْمَاءُ لَا حَاجَةَ إلَى الْحَجَرِ فَمَا مَعْنَى هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ وَفِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ لسم.
قَوْلُهُ: لِغَيْرِ تَطْهِيرِهِ إنْ أَرَادَ لِغَيْرِ تَطْهِيرِ الْمَحَلِّ بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا أَرَادَ تَطْهِيرَ الْمَحَلِّ بِالْمَاءِ لَا يَضُرُّ وُصُولُ ذَلِكَ الْمَاءِ إلَيْهِ فَهَذَا مَعْلُومٌ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ، وَهُوَ لَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ، وَإِنْ أَرَادَ لِغَيْرِ تَطْهِيرِ نَفْسِهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا قَدَّمَ الْوُضُوءَ عَلَى الِاسْتِنْجَاءِ فَأَصَابَ مَاءُ وُضُوئِهِ الْمَحَلَّ بِأَنْ تَقَاطَرَ عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ لَمْ يَمْنَعْ إجْزَاءَ الْحَجَرِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ مُخَالِفٌ لِصَرِيحِ كَلَامِهِمْ انْتَهَى وَحَاوَلَ الْهَاتِفِيُّ فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ أَنْ يُجِيبَ عَنْ إيرَادِ سم فَلَمْ يُجِبْ بِشَيْءٍ، عِبَارَتُهُ يَعْنِي إذَا لَاقَاهُ لِتَطْهِيرِهِ فَالْأَمْرُ حِينَئِذٍ ظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَكْفِيهِ إلَّا الْمَاءُ وَأَمَّا إذَا لَاقَاهُ لِغَيْرِ تَطْهِيرِهِ كَأَنْ أَصَابَتْهُ
اعْتِبَارِ زِيَادَةِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَحَلِّ الْمُتَنَجِّسِ بِالْخَارِجِ إلَخْ) فِيهِ أَمْرَانِ الْأَوَّلُ أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ حَيْثُ كَانَ الْمَطَرُ وَعَلَيْهِ هُوَ الْمَحَلُّ الْمُتَنَجِّسُ بِالْخَارِجِ كَانَ مِنْ لَازِمِ ذَلِكَ أَنَّ الطَّارِئَ اخْتَلَطَ بِالْخَارِجِ وَهَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ مُطْلَقًا فِي النَّجِسِ أَيْ سَوَاءٌ اخْتَلَطَ بِالْخَارِجِ أَوْ لَا بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ اخْتَلَطَ بِالْخَارِجِ فِي الطَّاهِرِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَا يَكُونُ إلَّا مُخْتَلِطًا.
وَالثَّانِي أَنَّ الْقِيَاسَ فِيمَا لَمْ يَخْتَلِطْ بِالنَّجِسِ عَدَمُ مَنْعِ إجْزَاءِ الْحَجَرِ فِي النَّجِسِ، وَإِنْ كَانَ الطَّارِئُ النَّجِسُ يَحْتَاجُ لِلْمَاءِ فَكَيْفَ يُحْكَمُ بِالْمَنْعِ مُطْلَقًا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ تَطْهِيرِهِ) إنْ أَرَادَ لِغَيْرِ تَطْهِيرِ
لَا عَرَقٌ إلَّا إنْ سَالَ وَجَاوَزَ الصَّفْحَةَ أَوْ الْحَشَفَةَ إذْ لَا يَعُمُّ الِابْتِلَاءُ بِهِ حِينَئِذٍ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ
(وَلَوْ نَدَرَ) الْخَارِجُ كَدَمٍ (أَوْ انْتَشَرَ فَوْقَ الْعَادَةِ) الْغَالِبَةِ وَقِيلَ فَوْقَ عَادَةِ نَفْسِهِ (وَلَمْ يُجَاوِزْ) غَائِطٌ (صَفْحَتَهُ) ، وَهِيَ مَا يَنْضَمُّ مِنْ الْأَلْيَيْنِ عِنْدَ الْقِيَامِ (وَ) بَوْلٌ (حَشَفَتَهُ) وَهِيَ مَا فَوْقَ مَحَلِّ الْخِتَانِ، وَيَأْتِي فِي فَاقِدِهَا أَوْ مَقْطُوعِهَا نَظِيرُ مَا يَأْتِي فِي الْغُسْلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (جَازَ الْحَجَرُ فِي الْأَظْهَرِ) إلْحَاقًا لَهُ بِالْمُعْتَادِ؛ لِأَنَّ جِنْسَهُ مِمَّا يَشُقُّ، فَإِنْ جَاوَزَ تَعَيَّنَ الْمَاءُ فِي الْمُجَاوِزِ وَالْمُتَّصِلِ بِهِ مُطْلَقًا وَكَذَا إنْ لَمْ يُجَاوِزْ وَانْفَصَلَ عَمَّا اتَّصَلَ بِالْمَحَلِّ فَيَتَعَيَّنُ فِي الْمُنْفَصِلِ فَقَطْ، وَيَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الصَّوْمِ مِنْ الْعَفْوِ عَنْ خُرُوجِ مَقْعَدَةِ الْمَبْسُورِ وَرَدِّهَا بِيَدِهِ أَنَّ مَنْ اُبْتُلِيَ هُنَا بِمُجَاوَزَةِ الصَّفْحَةِ أَوْ الْحَشَفَةِ دَائِمًا عُفِيَ عَنْهُ فَيَجْزِيهِ الْحَجَرُ لِلضَّرُورَةِ، وَيَطْهُرُ فِي شَعْرٍ بِبَاطِنِ الصَّفْحَةِ أَنَّهُ مِثْلُهَا وَلَا نَظَرَ لِنَدْبِ إزَالَتِهِ فَلَا ضَرُورَةَ لِتَلَوُّثِهِ؛ لِأَنَّ تَكْلِيفَ إزَالَتِهِ كُلَّمَا ظَهَرَ مِنْهُ شَيْءٌ مُشِقٌّ مُضَادٌّ لِلتَّرْخِيصِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ
(وَيَجِبُ)
نُقْطَةُ مَاءٍ أَوْ مَائِعٌ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَاءُ مَاءَ وُضُوئِهِ فِيمَا إذَا قَدَّمَ الْوُضُوءَ عَلَى الِاسْتِنْجَاءِ فَأَصَابَ مَاءُ وُضُوئِهِ الْمَحَلَّ بِأَنْ تَقَاطَرَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ مَاءَ وُضُوئِهِ فَيَكُونُ الْمَاءُ مُتَعَيَّنًا أَيْضًا لِمَا نَقَلْنَاهُ عَنْ الْمَجْمُوعِ هَكَذَا يُفْهَمُ الْمَقَامُ انْتَهَى وَعَلَيْهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَاءِ الْمُطَهِّرِ لَهُ وَغَيْرِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُحْتَاجُ لِقَوْلِهِ لِغَيْرِ تَطْهِيرِهِ بَلْ هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ يُوهِمُ خِلَافَ الْمَقْصُودِ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمْ يُنَبِّهْ عَلَيْهِ الشَّارِحُ لِوُضُوحِ أَنَّهُ حَيْثُ طَهَّرَهُ الْمَاءُ لَا يَحْتَاجُ لِلْحَجَرِ كَمَا قَالَ الْهَاتِفِيُّ فَالْأَمْرُ حِينَئِذٍ ظَاهِرٌ إلَخْ وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ غَيْرُ صَافٍ مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ فَحَرِّرْهُ اهـ.
وَأَجَابَ ع ش بِمَا نَصُّهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ اُحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ لِغَيْرِ تَطْهِيرِهِ عَمَّا لَوْ تَقَاطَرَ مِنْ وَجْهِهِ مَثَلًا حَالَ غَسْلِهِ مَاءٌ عَلَى مَحَلِّ الِاسْتِنْجَاءِ فَلَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ تَوَلَّدَ مِنْ مَأْمُورٍ بِهِ عَلَى نَجِسٍ مَعْفُوٍّ عَنْهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ تَسَاقَطَ عَلَى ثَوْبِهِ الْمُلَوَّثِ بِدَمِ الْبَرَاغِيثِ اهـ أَقُولُ قَوْلُهُ: فَلَا يَضُرُّ فِي سم مَا يُوَافِقُهُ لَكِنْ رَدَّهُ الْكُرْدِيُّ بِمَا نَصُّهُ هَذَا يُخَالِفُ قَوْلَ الشَّارِحِ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَأَنْ لَا يُصِيبَهُ مَاءٌ غَيْرُ مُطَهِّرٍ إلَخْ إذْ مَاءُ طَهَارَةِ نَحْوِ الْوَجْهِ غَيْرُ مُطَهِّرٍ لِلْمَحَلِّ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُصِيبَهُ بَعْدَ الِاسْتِجْمَارِ أَوْ قَبْلَهُ اهـ وَلَوْ سَلِمَ وَالْكَلَامُ هُنَا فِيمَا قَبْلَ الِاسْتِجْمَارِ فَلَا يُلَاقِيهِ كَلَامُ ع ش الْمَفْرُوضُ فِيمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: لَا عَرَقٌ إلَخْ) هَذَا فِي الطَّارِئِ فَلَوْ اسْتَنْجَى بِالْأَحْجَارِ فَعَرِقَ مَحَلُّهُ، فَإِنْ سَالَ مِنْهُ وَجَاوَزَهُ لَزِمَهُ غَسْلُ مَا سَالَ إلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِهِ م ر اهـ سم وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَشَرْحِ بَافَضْلٍ قَالَ ع ش قَوْلُهُ: م ر لَزِمَهُ غَسْلُ مَا سَالَ إلَخْ شَامِلٌ لِمَا لَوْ سَالَ لِمَا لَاقَى الثَّوْبَ مِنْ الْمَحَلِّ فَيَجِبُ غَسْلُهُ وَفِيهِ مَشَقَّةٌ وَقَدْ يُقَالُ يُعْفَى عَمَّا يَغْلِبُ وُصُولُهُ إلَيْهِ مِنْ الثَّوْبِ وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ م ر فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُعْفَى عَنْ مَحَلِّ اسْتِجْمَارِهِ نَصُّهَا، وَإِنْ عَرِقَ مَحَلُّ الْأَثَرِ وَتَلَوَّثَ بِالْأَثَرِ غَيْرُهُ لَعَسِرَ تَجَنُّبُهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ هُنَا انْتَهَى اهـ وَعِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ ظَاهِرُهُ الِاكْتِفَاءُ بِالْحَجَرِ فِي غَيْرِ الْمُجَاوِزِ وَكَذَلِكَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْإِمْدَادِ وَشَرْحِ الْبَهْجَةِ وَالنِّهَايَةِ وَهَذَا ظَاهِرٌ مَعَ التَّقَطُّعِ أَمَّا مَعَ الِاتِّصَالِ فَلَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُهُ بَلْ الَّذِي يَظْهَرُ وُجُوبُ غَسْلِ الْجَمِيعِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ اسْتِيعَابَ غَسْلِ الْمُجَاوِزِ يَتَوَقَّفُ عَلَى غَسْلِ جَزْءٍ مِنْ الْبَاطِنِ، وَإِذَا غَسَلَ جُزْءًا مِنْ الْبَاطِنِ فَقَدْ طَرَأَ عَلَيْهِ أَجْنَبِيٌّ، وَهُوَ مَاءُ الْغَسْلِ فَيَتَعَيَّنُ الْمَاءُ فِي الْجَمِيعِ اهـ.
أَقُولُ إنَّ قَوْلَهُ ظَاهِرُهُ الِاكْتِفَاءُ بِالْحَجَرِ إلَخْ يَمْنَعُهُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْعَرَقِ الطَّارِئِ بَعْدَ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ كَمَا مَرَّ عَنْ سم فَمُفَادُ عِبَارَتِهِمْ الْمَذْكُورَةِ عَدَمُ لُزُومِ الِاسْتِنْجَاءِ فِي غَيْرِ الْمُجَاوِزِ حِينَئِذٍ مُطْلَقًا، وَأَنَّ قَوْلَهُ أَمَّا مَعَ الِاتِّصَالِ إلَخْ يُمْكِنُ أَنْ يَلْتَزِمَ مَا تَقْتَضِيهِ الْعِبَارَةُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ الْعَفْوِ عَنْ غَيْرِ الْمُجَاوِزِ لِتَوَلُّدِ الطَّارِئِ عَلَيْهِ مِنْ مَأْمُورٍ بِهِ نَظِيرَ مَا مَرَّ عَنْ ع ش وَسَمِّ آنِفًا
(قَوْلُهُ: الْخَارِجُ) إلَى قَوْلِهِ، وَيَظْهَرُ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: كَدَمٍ) أَيْ وَوَدْيٍ وَمَذْيٍ مُغْنِي (قَوْلُهُ: فَوْقَ الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ) أَيْ عَادَةِ غَالِبِ النَّاسِ نِهَايَةُ قَوْلِ الْمَتْنِ (وَحَشَفَتَهُ) أَيْ أَوْ مَحَلَّ الْجَبِّ فِي الْمَجْبُوبِ سم (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَشَرْحِ بَافَضْلٍ أَوْ قَدْرَهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا فِي الْبَوْلِ اهـ.
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ انْفَصَلَ عَمَّا اتَّصَلَ بِالْمَحَلِّ أَمْ لَا كُرْدِيٌّ عِبَارَةُ شَيْخِنَا، فَإِنْ تَقَطَّعَ بِأَنْ خَرَجَ قِطَعًا فِي مَحَالِّ تَعَيُّنِ الْمَاءِ فِي الْمُتَقَطِّعِ وَكَفَى الْحَجَرُ فِي الْمُتَّصِلِ، وَإِنْ جَاوَزَ صَفْحَةً أَوْ حَشَفَةً تَعَيَّنَ الْمَاءُ أَيْضًا فِي الْمُجَاوِزِ فَقَطْ إنْ لَمْ يَكُنْ مُتَّصِلًا وَإِلَّا تَعَيَّنَ فِي الْجَمِيعِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمُنْتَقِلِ، فَإِنْ كَانَ مُتَّصِلًا تَعَيَّنَ الْمَاءُ فِي الْجَمِيعِ أَوْ مُنْفَصِلًا تَعَيَّنَ فِي الْمُنْتَقِلِ فَقَطْ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ لَمْ يُجَاوِزْ وَانْفَصَلَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَلَوْ تَقَطَّعَ الْخَارِجُ تَعَيَّنَ فِي الْمُنْفَصِلِ الْمَاءُ، وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْ صَفْحَتَهُ وَلَا حَشَفَتَهُ، فَإِنْ تَقَطَّعَ وَجَاوَزَ بِأَنْ صَارَ بَعْضُهُ بَاطِنَ الْأَلْيَةِ أَوْ فِي الْحَشَفَةِ وَبَعْضُهُ خَارِجَهَا فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ اهـ (قَوْلُهُ فَيُجْزِئُهُ الْحَجَرُ لِلضَّرُورَةِ) وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ نِهَايَةٌ قَالَ ع ش، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِبَارَتُهُ م ر فِي شَرْحِ الْعُبَابِ، فَإِنْ اطَّرَدَتْ بِالْمُجَاوَزَةِ فَهُوَ
الْمَحَلِّ بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا أَرَادَ تَطْهِيرَ الْمَحَلِّ بِالْمَاءِ لَا يَضُرُّ وُصُولُ ذَلِكَ الْمَاءِ إلَيْهِ فَهَذَا مَعْلُومٌ لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ، وَهُوَ لَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ، وَإِنْ أَرَادَ لِغَيْرِ - تَطْهِيرِ نَفْسِهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا قَدَّمَ الْوُضُوءَ عَلَى الِاسْتِنْجَاءِ فَأَصَابَ مَاءُ وُضُوئِهِ الْمَحَلَّ بِأَنْ تَقَاطَرَ عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ لَمْ يَمْنَعْ إجْزَاءَ الْحَجَرِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ مُخَالِفٌ لِصَرِيحِ كَلَامِهِمْ لَا يُقَالُ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ لَا يَضُرُّ الِاخْتِلَاطُ بِمَاءِ الطَّهَارَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ مَحَلُّ ذَلِكَ فِي نَجَاسَةٍ عُفِيَ عَنْهَا فَلَمْ تَجِبْ إزَالَتُهَا وَالنَّجَاسَةُ الَّتِي فِي هَذَا الْمَحَلِّ تَجِبُ إزَالَتُهَا وَلَا يُعْفَى عَنْهَا فَيَضُرُّ اخْتِلَاطُهَا بِالْمَاءِ نَعَمْ إنْ أَصَابَ الْمَحَلَّ بَعْدَ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ رَشَاشُ طَهَارَةِ نَحْوِ الْوَجْهِ لَمْ يَبْعُدْ الْعَفْوُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لَا عَرَقٌ) هَذَا فِي الطَّارِئِ وَلَوْ اسْتَنْجَى بِالْأَحْجَارِ فَعَرِقَ مَحَلُّهُ، فَإِنْ سَالَ مِنْهُ وَجَاوَزَهُ لَزِمَهُ غَسْلُ مَا سَالَ إلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِهِ م ر
(قَوْلُهُ: وَحَشَفَتَهُ) أَيْ أَوْ مَحَلَّ
لِإِجْزَاءِ الْحَجَرِ أَيْضًا (ثَلَاثُ مَسَحَاتٍ) لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ (وَلَوْ) بِطَرَفَيْ حَجَرٍ بِأَنْ لَمْ يَتَلَوَّثْ فِي الثَّانِيَةِ فَتَجُوزُ هِيَ وَالثَّالِثَةُ بِطَرَفٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا خَفَّفَ النَّجَاسَةَ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ الِاسْتِعْمَالُ بِخِلَافِ الْمَاءِ وَلِكَوْنِ التُّرَابِ بَدَلَهُ أُعْطِيَ حُكْمَهُ أَوْ (بِأَطْرَافِ حَجَرٍ) ثَلَاثَةٍ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ عَدَدُ الْمَسَحَاتِ مَعَ الْإِنْقَاءِ وَبِهِ فَارَقَ عَدَّهُ فِي الْجِمَارِ وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ عَدَدُ الرَّمْيَاتِ
(فَإِنْ لَمْ يُنَقِّ) الْمَحَلَّ بِالثَّلَاثِ بِأَنْ بَقِيَ أَثَرٌ يُزِيلُهُ مَا فَوْقَ صِغَارِ الْخَزَفِ إذْ بَقَاءُ مَا لَا يُزِيلُهُ إلَّا هِيَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ (وَجَبَ الْإِنْقَاءُ) بِرَابِعٍ وَهَكَذَا ثُمَّ إنْ أَنْقَى يُوتِرُ فَوَاضِحٌ (وَ) إلَّا (سُنَّ الْإِيتَارُ) لِلْأَمْرِ بِهِ وَلَمْ يُسَنَّ هُنَا تَثْلِيثٌ كَمَا فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّهُمْ غَلَّبُوا جَانِبَ التَّخْفِيفِ فِي هَذَا الْبَابِ
(وَكُلُّ حَجَرٍ لِكُلِّ مَحَلِّهِ) يُحْتَمَلُ عَطْفُهُ عَلَى ثَلَاثٍ فَيُفِيدُ وُجُوبَ تَعْمِيمِ كُلِّ مَسْحَةٍ مِنْ الثَّلَاثِ لِكُلِّ جَزْءٍ مِنْ الْمَحَلِّ
كَغَيْرِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَيُحْتَمَلُ إجْزَاءُ الْحَجَرِ لِلْمَشَقَّةِ انْتَهَتْ قَالَ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ مَا فِي شَرْحِ م ر الْعُبَابُ أَوْجَهُ اهـ
(قَوْلُهُ لِإِجْزَاءِ الْحَجَرِ) إلَى قَوْلِهِ الَّذِي لَا مَحِيدَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَلِكَوْنِ التُّرَابِ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ يُحْتَمَلُ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِطَرَفَيْ حَجَرٍ إلَخْ) وَلَوْ غَسَلَ الْحَجَرَ وَجَفَّ جَازَ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ ثَانِيًا كَدَوَاءٍ دُبِغَ بِهِ وَتُرَابٍ اُسْتُعْمِلَ فِي غَسْلِ نَجَاسَةِ نَحْوِ الْكَلْبِ، فَإِنْ قِيلَ التُّرَابُ الْمَذْكُورُ صَارَ مُسْتَعْمَلًا فَكَيْفَ يَكْفِي ثَانِيًا أُجِيبُ بِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مَانِعًا، وَإِنَّمَا أَزَالَهُ الْمَاءُ بِشَرْطِ مَزْجِهِ بِالتُّرَابِ وَحِينَئِذٍ فَيَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِهِ إنْ كَانَ فِي الْمَرَّةِ السَّابِعَةِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَهَا فَلَا لِتَنَجُّسِهِ فَاسْتَفِدْهُ فَإِنَّهَا مَسْأَلَةٌ نَفِيسَةٌ مُغْنِي عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ عَنْ الْإِيعَابِ وَالْخَطِيبِ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ، وَيَكْفِي حَجَرٌ وَاحِدٌ يَسْتَنْجِي بِهِ ثُمَّ يَغْسِلُهُ وَيُنَشِّفُهُ، وَيَسْتَعْمِلُهُ اهـ.
(قَوْلُهُ وَلِكَوْنِ التُّرَابِ بَدَلَهُ) أَيْ بَدَلَ الْمَاءِ فِي التَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِأَطْرَافِ حَجَرٍ ثَلَاثَةً) وَالثَّلَاثَةُ الْأَحْجَارِ أَفْضَلُ مِنْ أَطْرَافِ حَجَرٍ لَكِنْ أَطْرَافُ الْحَجَرِ لَيْسَتْ بِمَكْرُوهَةٍ وَلَوْ اسْتَنْجَى بِخِرْقَةٍ غَلِيظَةٍ وَلَمْ يَصِلْ الْبَلَلُ إلَى وَجْهِهَا الْآخَرِ جَازَ أَنْ يَمْسَحَ بِالْآخَرِ وَتُحْسَبَ مَسْحَتَيْنِ كَمَا فِي الْإِيعَابِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ عَدَّهُ) أَيْ عَدَّ الرَّمْيِ بِحَجَرٍ لَهُ ثَلَاثَةُ أَطْرَافٍ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُنْقِ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَالْمَحَلَّ مَفْعُولٌ بِهِ، وَيَجُوزُ فَتْحُ الْيَاءِ وَالْقَافِ وَالْمَحَلُّ فَاعِلٌ بِرْمَاوِيٌّ لَكِنْ قَوْلُ الشَّارِحِ ثُمَّ إنْ أَنْقَى يَدُلُّ عَلَى الْأَوَّلِ، وَيَجُوزُ أَيْضًا ضَمُّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْقَافِ بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنْ الْإِنْقَاءِ الْمَحَلُّ نَائِبُ فَاعِلِهِ (قَوْلُهُ: بِرَابِعٍ وَهَكَذَا) أَيْ إلَى أَنْ لَا يَبْقَى إلَّا أَثَرٌ لَا يُزِيلُهُ إلَّا الْمَاءُ أَوْ صِغَارُ الْخَذْفِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ قَالَ الْكُرْدِيُّ هَذَا ضَابِطُ مَا يَكْفِي فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ وَتُسَنُّ إزَالَةُ الْأَثَرِ الَّذِي لَا يُزِيلُهُ إلَّا الْمَاءُ أَوْ صِغَارُ الْخَذْفِ قَالَ فِي الْإِيعَابِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ وَفِي حَوَاشِي الْمَحَلِّيِّ لِلْقَلْيُوبِيِّ يَجِبُ الِاسْتِنْجَاءُ مِنْ الْمُلَوَّثِ، وَإِنْ كَانَ أَيْ ابْتِدَاءً قَلِيلًا لَا يُزِيلُهُ إلَّا الْمَاءُ أَوْ صِغَارُ الْخَذْفِ، وَيَكْفِي فِيهِ الْحَجَرُ، وَإِنْ لَمْ يُزِلْ شَيْئًا اهـ وَعَلَى هَذَا فَيُتَصَوَّرُ الِاكْتِفَاءُ بِطَرَفٍ وَاحِدٍ مِنْ نَحْوِ حَجَرٍ مِنْ غَيْرِ غَسْلِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ كُرْدِيٌّ وَمَرَّ عَنْ الْحَلَبِيِّ مَا يُوَافِقُهُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَإِنْ قَالَ ع ش يَنْبَغِي فِي ذَلِكَ الِاكْتِفَاءُ بِثَلَاثِ مَسَحَاتٍ بِالْأَحْجَارِ وَلَوْ قِيلَ بِتَعَيُّنِ الْمَاءِ أَوْ صِغَارِ الْخَذْفِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا وَلَعَلَّهُ أَقْرَبُ اهـ.
(قَوْلُهُ: مَعْفُوٌّ عَنْهُ) وَلَوْ خَرَجَ هَذَا الْقَدْرُ ابْتِدَاءً وَجَبَ اسْتِنْجَاءٌ مِنْهُ وَفَرْقٌ بَيْنَ الِابْتِدَاءِ وَالِانْتِهَاءِ وَلَا يَتَعَيَّنُ الِاسْتِنْجَاءُ بِصِغَارِ الْخَذْفِ الْمُزِيلَةِ بَلْ يَكْفِي إمْرَارُ الْحَجَرِ، وَإِنْ لَمْ يَتَلَوَّثْ كَمَا اكْتَفَى بِهِ فِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ حَيْثُ لَمْ يَتَلَوَّثْ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ حَلَبِيٌّ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ، وَيَأْتِي عَنْ الْقَلْيُوبِيِّ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا سُنَّ الْإِيتَارُ) بِالْمُثَنَّاةِ بِوَاحِدَةٍ كَأَنْ حَصَلَ بِرَابِعَةٍ فَيَأْتِي بِخَامِسَةٍ مُغْنِي (قَوْلُهُ: تَثْلِيثٌ) أَيْ بِأَنْ يَأْتِيَ بِمَسْحَتَيْنِ بَعْدَ حُصُولِ الْوَاجِبِ سم
(قَوْلُهُ: يُحْتَمَلُ عَطْفُهُ عَلَى ثَلَاثٍ) جَزَمَ بِهِ النِّهَايَةُ (قَوْلُهُ: فَيُفِيدُ وُجُوبَ تَعْمِيمِ إلَخْ) وَقَوْلُ الْحَاوِي وَمَسْحُ جَمِيعِ مَوْضِعِ الْخَارِجِ ثَلَاثًا صَرِيحٌ فِي وُجُوبِ تَعْمِيمِ الْمَحَلِّ بِكُلِّ مَسْحَةٍ مِنْ الثَّلَاثِ، وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي تَوْزِيعُ الثَّلَاثِ لِجَانِبَيْهِ وَالْوَسَطِ وَهُوَ خِلَافُ الْمَنْقُولِ عَنْ الْمُعَظَّمِ فِي الْعَزِيزِ وَالرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الِاسْتِحْبَابِ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ كُلٌّ مِنْ الْكَيْفِيَّتَيْنِ، وَيَدُلُّ لِإِجْزَاءِ التَّوْزِيعِ رِوَايَةُ الدَّارَقُطْنِيّ وَحَسُنَ إسْنَادُهَا أَوَلَا يَجِدُ أَحَدُكُمْ ثَلَاثَةَ أَحْجَارٍ حَجَرَيْنِ لِلصَّفْحَتَيْنِ وَحَجَرٌ لِلْمَسْرُبَةِ وَقَوْلُ الْإِرْشَادِ يَمْسَحُهُ ثَلَاثًا لَيْسَ صَرِيحًا فِي التَّعْمِيمِ بِكُلِّ مَسْحَةٍ نَعَمْ هُوَ ظَاهِرٌ فِيهِ.
وَقَدْ مَالَ السُّبْكِيُّ وَابْنُ النَّقِيبِ إلَى وُجُوبِ التَّعْمِيمِ بِكُلِّ مَسْحَةٍ إذْ بِالتَّوْزِيعِ تَذْهَبُ فَائِدَةُ التَّثْلِيثِ اهـ إسْعَادٌ وَعِبَارَةُ التَّمْشِيَةِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَعُمَّ بِالْمَسْحَةِ الْوَاحِدَةِ الْمَحَلَّ، وَإِنْ كَانَ أَوْلَى بَلْ يَكْفِي مَسْحَةٌ لِصَفْحَةٍ وَأُخْرَى لِأُخْرَى وَالثَّالِثَةُ لِلْوَسَطِ انْتَهَتْ وَقَالَ النُّورُ الزِّيَادِيُّ فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَقَدْ أَلَّفَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الْبُرُلُّسِيُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُؤَلَّفًا وَاعْتَمَدَ الِاسْتِحْبَابَ وَكَذَلِكَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْبَكْرِيُّ أَيْضًا أَلَّفَ فِيهَا وَاعْتَمَدَ الِاسْتِحْبَابَ انْتَهَى وَأَفَادَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ أَنَّ شَيْخَهُ الشِّهَابَ الْبُرُلُّسِيَّ اعْتَمَدَهُ وَأَلَّفَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ جَمْعٌ مِنْ الْأَكَابِرِ مِنْ مَشَايِخِهِ وَأَقْرَانِهِمْ وَأَقْرَانِهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّعْمِيمُ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وُجُوبَ تَعْمِيمِ كُلِّ مَسْحَةٍ إلَخْ) وَقَدْ جَزَمَ بِذَلِكَ الْأَنْوَارُ نِهَايَةٌ وَكَذَا جَزَمَ بِذَلِكَ شَيْخُنَا عِبَارَتُهُ، وَيَجِبُ تَعْمِيمُ الْمَحَلِّ بِكُلِّ مَسْحَةٍ كَمَا قَالَهُ الرَّمْلِيُّ تَبَعًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَمِدْهُ بَعْضُهُمْ اهـ أَيْ وَوَافَقَهُ
الْجَبِّ فِي الْمَجْبُوبِ
(قَوْلُهُ: تَثْلِيثٌ) أَيْ بِأَنْ يَأْتِيَ بِمَسْحَتَيْنِ بَعْدَ حُصُولِ الْوَاجِبِ
(قَوْلُهُ: يَحْتَمِلُ عَطْفَهُ عَلَى ثَلَاثُ) قَدْ يَرُدُّ عَلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ الْفَصْلُ بَيْنَ الْمُتَعَاطِفَيْنِ بِأَجْنَبِيٍّ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ وَحَمْلُ الْفَاصِلِ عَلَى الِاعْتِرَاضِ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ هُنَا وَقَدْ يَرُدُّ عَلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ الثَّانِي أَنَّهُ يَلْزَمُ تَقْيِيدُ سَنِّ كُلِّ حَجَرٍ لِكُلِّ مَحَلِّهِ بِمَا إذَا لَمْ يُنَقِّ لِوُقُوعِ هَذَا
وَهُوَ الْمَنْقُولُ الْمُعْتَمَدُ الَّذِي لَا مَحِيدَ عَنْهُ كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحَيْ الْإِرْشَادِ وَالْعُبَابِ وَعَلَى الْإِيتَارِ فَيُفِيدُ نَدْبَ ذَلِكَ لَكِنْ مِنْ حَيْثُ الْكَيْفِيَّةُ بِأَنْ يَبْدَأَ بِأَوَّلِهَا مِنْ مُقَدَّمِ صَفْحَتِهِ الْيُمْنَى وَيُدِيرُهُ إلَى مَحَلِّ ابْتِدَائِهِ وَبِالثَّانِي مِنْ مُقَدَّمِ الْيُسْرَى وَيُدِيرُهُ كَذَلِكَ وَيُمِرُّ الثَّالِثَ عَلَى مَسْرُبَتِهِ وَصَفْحَتِهِ جَمِيعًا وَيُدِيرُهُ قَلِيلًا قَلِيلًا وَلَا يُشْتَرَطُ الْوَضْعُ أَوَّلًا عَلَى مَحَلٍّ طَاهِرٍ وَلَا يَضُرُّ النَّقْلُ الْمُضْطَرُّ إلَيْهِ الْحَاصِلُ مِنْ عَدَمِ الْإِدَارَةِ (وَقِيلَ يُوَزَّعْنَ) أَيْ الْأَحْجَارُ (لِجَانِبَيْهِ) أَيْ الْمَحَلِّ (وَالْوَسَطِ) فَيَمْسَحُ بِحَجَرٍ الصَّفْحَةَ الْيُمْنَى أَيْ أَوَّلًا وَهَذَا مُرَادٌ مَنْ عَبَّرَ بِوَحْدِهَا ثُمَّ يُعَمِّمُ وَبِثَانٍ الْيُسْرَى أَيْ أَوَّلًا كَذَلِكَ وَبِثَالِثٍ الْوَسَطُ أَيْ أَوَّلًا كَذَلِكَ فَالْخِلَافُ فِي الْأَفْضَلِ وَلَا يُنَافِي مَا سَبَقَ مِنْ وُجُوبِ التَّعْمِيمِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ تَصْرِيحًا لَا يَقْبَلُ تَأْوِيلًا
سم وَالرَّشِيدِيُّ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ الْمَنْقُولُ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمَنْهَجِ وَخِلَافًا لسم وَوَافَقَهُ الرَّشِيدِيُّ كَمَا يَأْتِي وَمَالَ إلَيْهِ الْبَصْرِيُّ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحَيْ الْإِرْشَادِ) أَيْ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ فِي كَلَامِهِمْ شِبْهَ تَعَارُضٍ فَرَجَّحَ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ الْوُجُوبَ رِعَايَةً لِلْمُدْرَكِ وَآخَرُونَ عَدَمَهُ أَخْذًا بِظَاهِرِ كَلَامِهِمْ شَرْحُ بَافَضْلٍ قَالَ الْكُرْدِيُّ قَوْلُهُ: فَرَجَّحَ جَمْعٌ إلَخْ مِنْهُمْ شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا فِي كُتُبِهِ وَالشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَالْخَطِيبُ الشِّرْبِينِيُّ وَالشَّارِحُ وَالْجَمَالُ الرَّمْلِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَقَوْلُهُ وَآخَرُونَ إلَخْ مِنْهُمْ ابْنُ الْمُقْرِي وَابْنُ قَاسِمٍ الْعَبَّادِيُّ وَالزِّيَادِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَأَفْرَدَ الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ الشِّهَابُ الْبُرُلُّسِيُّ بِالتَّأْلِيفِ وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ الْكَلَامِ وَقَالَ إنَّهُ لَمْ يَرَ لِشَيْخِهِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ سَلَفًا فِي وُجُوبِهِ لَكِنْ نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِمَّنْ قَبْلَ شَيْخِ الْإِسْلَامِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَعَلَى الْإِيتَارِ) يُبْعِدُ هَذَا الْعَطْفُ تَرَتُّبَ سَنِّ الْإِيتَارِ عَلَى عَدَمِ الْإِنْقَاءِ دُونَ التَّعْمِيمِ وَكَذَا يُبْعِدُ ذَلِكَ الْعَطْفُ بَعْدَ انْفِهَامِ الْكَيْفِيَّةِ الْآتِيَةِ مِنْ التَّعْمِيمِ (قَوْلُهُ: نُدِبَ ذَلِكَ) أَيْ التَّعْمِيمُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَبْدَأَ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: بِأَوَّلِهَا) أَيْ الْأَحْجَارِ (قَوْلُهُ وَيُدِيرُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَيُمِرُّهُ عَلَى الصَّفْحَتَيْنِ حَتَّى يَصِلَ إلَى مَا بَدَأَ مِنْهُ اهـ قَالَ ع ش أَيْ وَمِنْ لَازِمِهِ الْمُرُورُ عَلَى الْوَسَطِ اهـ.
وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ أَيْ مَعَ مَسْحِ الْمَسْرُبَةِ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَكُلُّ حَجَرٍ لِكُلِّ مَحَلِّهِ اهـ وَعِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ قَوْلُهُ وَيُدِيرُهُ أَيْ بِرِفْقٍ وَفِي الْخَادِمِ لِلزَّرْكَشِيِّ أَنَّ الْقَفَّالَ قَالَ فِي فَتَاوِيهِ إذَا كَانَ يُمِرُّ الْحَجَرَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَرْفَعُهُ، فَإِنْ رَفَعَ الْحَجَرَ النَّجِسَ ثُمَّ أَعَادَهُ وَمَسَحَ الْبَاقِيَ بِهِ تَنَجَّسَ الْمَحَلُّ بِهِ وَتَعَيَّنَ الْمَاءُ وَمَا دَامَ الْحَجَرُ عَلَيْهِ لَا يَضُرُّ كَالْمَاءِ مَا دَامَ مُتَرَدِّدًا عَلَى الْعُضْوِ لَا نَحْكُمُ بِاسْتِعْمَالِهِ فَإِذَا انْفَصَلَ صَارَ مُسْتَعْمَلًا فَكَذَلِكَ الْحَجَرُ انْتَهَى اهـ أَقُولُ وَهَذَا مِنْ مَاصَدَقَاتِ قَوْلِهِمْ وَأَنْ لَا يَطْرَأَ أَجْنَبِيٌّ كَمَا مَرَّ عَنْ شَرْحِ بَافَضْلٍ مَا يُصَرِّحُ بِهِ (قَوْلُهُ وَيُمِرُّ الثَّالِثَ إلَخْ) وَلِلْمَسْحَةِ الزَّائِدَةِ عَلَى الثَّلَاثِ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهَا فِي الْكَيْفِيَّةِ حُكْمُ الثَّالِثَةِ مُغْنِي وع ش.
(قَوْلُهُ وَيُدِيرُهُ قَلِيلًا إلَخْ) أَيْ فِي كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ الْوَضْعُ إلَخْ) لَكِنَّهُ يُسَنُّ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَشَرْحِ بَافَضْلَ وَيُسَنُّ وَضْعُ الْحَجَرِ الْأَوَّلِ عَلَى مَوْضِعٍ طَاهِرٍ قُرْبَ مُقَدَّمِ صَفْحَتِهِ الْيُمْنَى وَالثَّانِي كَذَلِكَ قُرْبَ مُقَدَّمِ صَفْحَتِهِ الْيُسْرَى اهـ.
(قَوْلُهُ: قَلِيلًا قَلِيلًا) حَتَّى يَرْفَعَ كُلُّ جَزْءٍ مِنْهُ جُزْءًا مِنْهَا مُغْنِي (قَوْلُهُ: مِنْ عَدَمِ الْإِدَارَةِ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ الْإِدَارَةِ وَالْأَمْرُ فِي ذَلِكَ قَرِيبٌ لَكِنْ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي الْمَجْمُوعِ الْأَوَّلُ وَفِي النِّهَايَةِ الثَّانِي عِبَارَتُهُ وَلَا يَضُرُّ النَّقْلُ الْحَاصِلُ مِنْ الْإِدَارَةِ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَمَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ كَوْنِهِ مُضِرًّا مَحْمُولٌ عَلَى نَقْلِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ اهـ (قَوْلُهُ: فَيَمْسَحُ) إلَى قَوْلِهِ وَكَيْفِيَّةُ الِاسْتِنْجَاءِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ أَيْ أَوَّلًا وَإِلَى بِثَانٍ وَقَوْلَهُ أَيْ أَوَّلًا كَذَلِكَ فِي مَوْضِعَيْنِ وَقَوْلَهُ كَمَا صَرَّحَ إلَى، وَإِنَّمَا مَحَلُّهُ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ ثُمَّ يُعَمِّمُ (قَوْلُهُ فَالْخِلَافُ فِي الْأَفْضَلِ) أَيْ لَا فِي الْوُجُوبِ عَلَى الصَّحِيحِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ قَالَ الرَّشِيدِيُّ أَيْ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ جَعْلَ قَوْلِهِ وَكُلِّ حَجَرٍ مَعْطُوفًا عَلَى الْإِيتَارِ الَّذِي هُوَ الظَّاهِرُ، وَهُوَ الَّذِي سَلَكَهُ الْمُحَقِّقُ الْجَلَالُ وَغَيْرُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَعْنَى كَوْنِ الْخِلَافِ فِي الِاسْتِحْبَابِ أَنَّ كُلَّ قَوْلٍ يَقُولُ بِنَدْبِ الْكَيْفِيَّةِ الَّتِي ذَكَرَهَا مَعَ صِحَّةِ الْأُخْرَى وَهَذَا هُوَ نَصُّ الشَّيْخَيْنِ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ كَلَامِهِمَا الْغَيْرِ الْقَابِلِ لِلتَّأْوِيلِ وَبَيَّنَهُ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ فِي شَرْحِ الْغَايَةِ أَتَمَّ تَبْيِينٍ وَمِنْهُ يُعْلَمُ عَدَمُ وُجُوبِ التَّعْمِيمِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْوَجْهَيْنِ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَصَنَّفَ فِي ذَلِكَ الشِّهَابُ عَمِيرَةُ وَغَيْرُهُ خِلَافَ قَوْلِ الشَّارِحِ م ر الْآتِي كَالشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ وَلَا بُدَّ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ مِنْ تَعْمِيمِ الْمَحَلِّ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي) أَيْ كَوْنُ الْخِلَافِ فِي الْأَفْضَلِ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَيْ وُجُوبَ التَّعْمِيمِ وَكَذَا ضَمِيرٌ بِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ تَصْرِيحًا إلَخْ) مَنْ وَقَفَ عَلَى عِبَارَةِ الرَّافِعِيِّ وَالرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ عَلِمَ أَنَّهَا نَصٌّ قَاطِعٌ فِي عَدَمِ اشْتِرَاطِ التَّعْمِيمِ، وَأَنَّ مَا اسْتَدَلَّ الشَّارِحُ بِهِ إذَا نُسِبَ إلَيْهَا كَانَ هَبَاءً مَنْثُورًا مَعَ أَنَّ إطْبَاقَهُمْ الْمَذْكُورَ لَا يَدُلُّ عَلَى زَعْمِهِ؛ لِأَنَّ مُبَالَغَتَهُمْ الْمَذْكُورَةَ تُفِيدُ أَنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ هُنَاكَ تَعْمِيمٌ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهَا سَوَاءٌ أَنْقَى بِالْأَوَّلِ أَوْ لَا وَعَدَمُ الْإِنْقَاءِ بِهِ صَادِقٌ بِأَنْ يَمْسَحَ بِهِ بَعْضَ الْمَحَلِّ فَتَأَمَّلْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّارِحَ
الْعَطْفِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فِي حَيِّزِ، فَإِنْ لَمْ يُنَقِّ مَعَ أَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَنْقُولُ الْمُعْتَمَدُ) دَعْوَى أَنَّهُ الْمَنْقُولُ الْمُعْتَمَدُ الَّذِي لَا مَحِيدَ عَنْهُ تَسَاهُلٌ قَبِيحٌ مُنَافٍ لِصَرِيحِ كُتُبِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا فَإِنَّهَا نَاصَّةٌ نَصًّا لَا احْتِمَالَ مَعَهُ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ وَلَمْ يَأْتِ فِي شَرْحَيْ الْإِرْشَادِ وَالْعُبَابِ بِشَيْءٍ يُعْتَدُّ بِهِ وَمَنْ أَرَادَ مُشَاهَدَةَ الْحَقِّ فَعَلَيْهِ بِتَأَمُّلِ مَا قَالَهُ فِيهِمَا مَعَ مَا فِي الْعَزِيزِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ تَصْرِيحًا لَا يَقْبَلُ تَأْوِيلًا إلَخْ) مَنْ وَقَفَ عَلَى عِبَارَةِ الرَّافِعِيِّ
إطْبَاقُهُمْ عَلَى وُجُوبِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ، وَإِنْ أَنْقَى بِالْأَوَّلِ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ لِلِاسْتِظْهَارِ كَثَانِي الْأَقْرَاءِ وَثَالِثِهَا فِي الْعِدَّةِ فَتَأَمَّلْهُ، وَإِنَّمَا مَحَلُّهُ كَيْفِيَّةُ اسْتِعْمَالِ الثَّلَاثَةِ فِيهِ مَعَ قَوْلِ كُلِّ قَائِلٍ بِالتَّعْمِيمِ وَكَيْفِيَّةُ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ فِي الذَّكَرِ قَالَ الشَّيْخَانِ أَنْ يَمْسَحَهُ عَلَى ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ مِنْ الْحَجَرِ فَلَوْ أَمَرَّهُ عَلَى مَوْضِعٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ تَعَيَّنَ الْمَاءُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَوْ مَسَحَهُ صُعُودًا ضَرَّ أَوْ نُزُولًا فَلَا وَالْأَوْلَى لِلْمُسْتَنْجِي بِالْمَاءِ أَنْ يُقَدِّمَ الْقُبُلَ وَبِالْحَجَرِ أَنْ يُقَدِّمَ الدُّبُرَ؛ لِأَنَّهُ أَسْرَعُ جَفَافًا
(وَيُسَنُّ الِاسْتِنْجَاءُ) فِي التَّصْرِيحِ بِهِ
تَرَكَ نُصُوصَ الشَّيْخَيْنِ الْقَاطِعَةَ قَطْعًا لَا خَفَاءَ فِيهِ لِعَاقِلٍ سِيَّمَا كَلَامَ الْعَزِيزِ وَتَمَسَّكَ بِظَوَاهِرَ مُوهِمَةٍ لَوْ فُرِضَ صِحَّةُ التَّمَسُّكِ بِهَا لَا تُقَاوِمُ تِلْكَ النُّصُوصَ الْقَاطِعَةَ وَلَوَجَبَ إلْغَاؤُهَا عِنْدَهَا وَالْعَجَبُ مَعَ ذَلِكَ دَعْوَاهُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ هُوَ الْمَنْقُولُ الْمُعْتَمَدُ فَلْيَحْذَرْ سم.
وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ مُبَالَغَتَهُمْ الْمَذْكُورَةَ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: إطْبَاقُهُمْ إلَخْ) فَاعِلُ صَرَّحَ (قَوْلُهُ وَعَلَّلُوهُ) أَيْ وُجُوبَ الثَّانِي وَالثَّالِثِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا مَحَلُّهُ) أَيْ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: مَعَ قَوْلِ كُلِّ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَلَا بُدَّ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ مِنْ تَعْمِيمِ الْمَحَلِّ بِكُلِّ مَسْحَةٍ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اهـ وَعِبَارَةُ الْمُغْنِي وَعَلَى كُلِّ قَوْلٍ لَا بُدَّ أَنْ يَعُمَّ جَمِيعَ الْمَحَلِّ بِكُلِّ مَسْحَةٍ لِيَصْدُقَ أَنَّهُ مَسَحَهُ ثَلَاثَ مَسَحَاتٍ وَقَوْلُ ابْنِ الْمُقْرِي فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَعُمَّ بِالْمَسْحَةِ الْوَاحِدَةِ الْمَحَلَّ، وَإِنْ كَانَ أَوْلَى بَلْ يَكْفِي مَسْحَةٌ لِصَفْحَةٍ وَأُخْرَى لِأُخْرَى وَالثَّالِثَةُ لِلْمَسْرُبَةِ مَرْدُودٌ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا اهـ.
(قَوْلُهُ: وَكَيْفِيَّةُ الِاسْتِنْجَاءِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَسْتَعِينَ بِيَمِينِهِ فِي شَيْءٍ مِنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِغَيْرِ عُذْرٍ فَيَأْخُذُ الْحَجَرَ بِيَسَارِهِ بِخِلَافِ الْمَاءِ فَإِنَّهُ يَصُبُّهُ بِيَمِينِهِ، وَيَغْسِلُ بِيَسَارِهِ، وَيَأْخُذُ بِهَا أَيْ الْيَسَارِ ذَكَرَهُ إنْ مَسَحَ الْبَوْلَ عَلَى جِدَارٍ أَوْ حَجَرٍ كَبِيرٍ أَوْ نَحْوِهِ أَيْ كَأَرْضٍ صُلْبَةٍ، فَإِنْ كَانَ الْحَجَرُ صَغِيرًا جَعَلَهُ بَيْنَ عَقِبَيْهِ أَوْ بَيْنَ إبْهَامَيْ رِجْلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَضَعَهُ فِي يَمِينِهِ، وَيَضَعُ الذَّكَرَ فِي مَوْضِعَيْنِ وَضْعًا لِتَنْتَقِلَ الْبِلَّةُ وَفِي الْمَوْضِعِ الثَّالِثِ مَسْحًا وَيُحَرِّكُ يَسَارَهُ وَحْدَهَا، فَإِنْ حَرَّكَ الْيَمِينَ أَوْ حَرَّكَهُمَا كَانَ مُسْتَنْجِيًا بِالْيَمِينِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَضَعْ الْحَجَرَ فِي يَسَارِهِ وَالذَّكَرَ فِي يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ مَسَّ الذَّكَرِ بِهَا مَكْرُوهٌ وَأَمَّا قُبُلُ الْمَرْأَةِ فَتَأْخُذُ الْحَجَرَ بِيَسَارِهَا إنْ كَانَ صَغِيرًا وَتَمْسَحُهُ ثَلَاثًا وَإِلَّا فَحُكْمُهَا حُكْمُ الرَّجُلِ فِيمَا مَرَّ اهـ.
وَفِي الْكُرْدِيِّ عَنْ الْإِيعَابِ مِثْلُهُ إلَّا قَوْلَهُ وَأَمَّا قُبُلُ الْمَرْأَةِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ تَعَيَّنَ الْمَاءُ) أَيْ لَوْ تَلَوَّثَ الْمَوْضِعُ بِالْأُولَى كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: ضَرَّ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَسَمِّ حَيْثُ قَالُوا وَاللَّفْظُ لِلْأَوَّلِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ إجْزَاءُ الْمَسْحِ مَا لَمْ تَنْتَقِلْ النَّجَاسَةُ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَعْلَى إلَى أَسْفَلَ أَمْ عَكْسَهُ خِلَافًا لِلْقَاضِي اهـ قَالَ ع ش وَيُكْتَفَى بِذَلِكَ إنْ تَكَرَّرَ الِانْمِسَاحُ ثَلَاثًا وَحَصَلَ بِهَا الْإِنْقَاءُ كَمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ سم فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ مَا نَصُّهُ وَلَوْ أَمَرَّ رَأْسَ الذَّكَرِ عَلَى حَجَرٍ عَلَى التَّوَالِي وَالِاتِّصَالُ بِحَيْثُ تَكَرَّرَ انْمِسَاحُ جَمِيعِ الْمَحَلِّ ثَلَاثًا فَأَكْثَرَ كَفَى؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ تَكَرُّرُ انْمِسَاحِهِ وَقَدْ وَجَدُوا وَدَعْوَى أَنَّ هَذِهِ يُعَدُّ مَسْحَةً وَاحِدَةً بِفَرْضِ تَسْلِيمِهِ لَا يَقْدَحُ لِتَكَرُّرِ انْمِسَاحِ الْمَحَلِّ حَقِيقَةً قَطْعًا، وَهُوَ الْوَاجِبُ كَمَا لَا يَخْفَى انْتَهَى قُلْت وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِالْمَسْحِ فِي عِبَارَاتِهِمْ الِانْمِسَاحُ تَدَبَّرْ وَالظَّاهِرُ جَرَيَانُ مَا ذَكَرَهُ فِي الذَّكَرِ فِي الدُّبُرِ أَيْضًا كَأَنْ أَمَرَّ حَلْقَةَ دُبُرِهِ عَلَى نَحْوِ خِرْقَةٍ طَوِيلَةٍ عَلَى التَّوَالِي وَالِاتِّصَالِ بِحَيْثُ يَتَكَرَّرُ انْمِسَاحُ الْمَحَلِّ ثَلَاثًا اهـ.
(قَوْلُهُ وَالْأَوْلَى) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ أَنْ يُقَدِّمَ إلَخْ) وَأَنْ يُدَلِّكَ يَدَهُ بَعْدَ الِاسْتِنْجَاءِ بِنَحْوِ الْأَرْضِ ثُمَّ يَغْسِلَهَا وَأَنْ يَنْضَحَ فَرْجَهُ وَإِزَارَهُ مِنْ دَاخِلِهِ بَعْدَهُ دَفْعًا لِلْوَسْوَاسِ وَأَنْ يَعْتَمِدَ فِي غَسْلِ الدُّبُرِ عَلَى إصْبَعِهِ الْوُسْطَى؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ وَيُسَنُّ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ فَرَاغِ الِاسْتِنْجَاءِ اللَّهُمَّ طَهِّرْ قَلْبِي مِنْ النِّفَاقِ وَحَصِّنْ فَرْجِي مِنْ الْفَوَاحِشِ وَلَا يَتَعَرَّضُ لِلْبَاطِنِ، وَهُوَ مَا لَا يَصِلُ الْمَاءُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَنْبَعُ الْوَسْوَاسِ نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي وَشَرْحُ بَافَضْلٍ نَعَمْ يُسَنُّ لِلْبِكْرِ أَنْ تُدْخِلَ أُصْبُعَهَا فِي الثُّقْبِ الَّذِي فِي الْفَرْجِ فَتَغْسِلَهُ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ: م ر بَعْدَ فَرَاغِ الِاسْتِنْجَاءِ وَلَوْ كَانَ بِمَحَلٍّ غَيْرِ الْمَحَلِّ الَّذِي قَضَى فِيهِ حَاجَتَهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ أَوْ الْمَاءِ أَيْ وَبَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْ مَحَلِّ قَضَاءِ الْحَاجَةِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَتَكَلَّمُ مَا دَامَ فِيهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَعْدَ قَوْلِهِ غُفْرَانَك إلَخْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُقَدِّمَةٌ لِاسْتِجَابَةِ الدُّعَاءِ اهـ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَسْرَعُ جَفَافًا) أَيْ وَإِذَا جَفَّ تَعَيَّنَ الْمَاءُ وَزَادَ فِي الْإِيعَابِ؛ وَلِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى التَّمَكُّنِ مِنْ الْجُلُوسِ لِلِاسْتِنْجَاءِ مِنْ الْبَوْلِ؛ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَحْتَاجُ لِلْقِيَامِ لِاسْتِوَاءٍ أَوْ مَسْحِ ذَكَرٍ بِحَائِطٍ فَقُدِّمَ الدُّبُرُ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَامَ
وَالرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ عَلِمَ أَنَّهَا نَصٌّ قَاطِعٌ فِي عَدَمِ اشْتِرَاطِ التَّعْمِيمِ، وَأَنَّ مَا اسْتَدَلَّ الشَّارِحُ بِهِ إذَا نُسِبَ إلَيْهَا كَانَ هَبَاءً مَنْثُورًا مَعَ أَنَّ إطْبَاقَهُمْ الْمَذْكُورَ لَا يَدُلُّ عَلَى مَا زَعَمَهُ؛ لِأَنَّ مُبَالَغَتَهُمْ الْمَذْكُورَةَ تُفِيدُ أَنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ هُنَاكَ تَعْمِيمٌ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهَا سَوَاءٌ أَنْقَى الْأَوَّلُ أَمْ لَا وَعَدَمُ الْإِنْقَاءِ بِهِ صَادِقٌ بِأَنْ يَمْسَحَ بِهِ بَعْضَ الْمَحَلِّ فَتَأَمَّلْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّارِحَ تَرَكَ نُصُوصَ الشَّيْخَيْنِ الْقَاطِعَةَ قَطْعًا لَا خَفَاءَ فِيهِ لِعَاقِلٍ سِيَّمَا كَلَامَ الْعَزِيزِ وَتَمَسَّكَ بِظَوَاهِرَ مُوهِمَةٍ لَوْ فُرِضَ صِحَّةُ التَّمَسُّكِ بِهَا لَمْ تُقَاوِمْ تِلْكَ النُّصُوصَ الْقَاطِعَةَ، وَلَوَجَبَ إلْغَاؤُهَا عِنْدَهَا وَالْعَجَبُ مَعَ ذَلِكَ مِنْ دَعْوَاهُ أَنَّ مَا ذُكِرَ هُوَ الْمَنْقُولُ الْمُعْتَمَدُ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَسَحَهُ صُعُودًا ضَرَّ) الْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ حَيْثُ لَا نَقْلَ وَلِهَذَا نَظَرَ