المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل: في الأدلة الصريحة بحرمة صوم يوم الشك - تحقيق الرجحان بصوم يوم الشك من رمضان

[مرعي الكرمي]

الفصل: ‌فصل: في الأدلة الصريحة بحرمة صوم يوم الشك

‌فصل: في الأدلة الصريحة بحرمة صوم يوم الشك

وبها احتج الشافعية:

قال الدارقطني1: حدثنا محمد بن عمرو2، قال: حدثنا أحمد بن الخليل3، قال: حدثنا الواقدي، قال: حدثنا داود بن خالد4، ومحمد بن مسلم5، عن المقبري6 عن أبي هريرة، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن

1 في كتاب الصيام 2/157، رقم:6. وسيأتي الكلام عليه عند تخريجه في آخر السياق.

2 محمد بن عمرو ابن البختري بن مدرك البغدادي الرزاز، أحد المحدثين، وثقه غير واحد من العلماء، مات سنة 339هـ.

ترجمته في: تاريخ بغداد 3/132، سير أعلام النبلاء 15/385، شذرات الذهب 2/350.

3 أحمد بن الخليل البرجلاني، سمع من الواقدي، والأسود بن عامر، والحسن الأشيب، وثقه الخطيب البغدادي، وقال ابن حجر: صدوق. مات سنة 279هـ.

ترجمته في: تاريخ بغداد 4/133، تهذيب التهذيب 1/28، تقريب التهذيب 1/14.

4 داود بن خالد بن دينار المدني، روى عن ربيعة، ومحمد بن المنكدر، وإبراهيم بن عبيد، وروى عنه ابن أبي فديك، ومحمد بن معين، والواقدي، قال ابن عدي: لا بأس به، ووثقه غيره.

ترجمته في: الجرح والتعديل 3/409، الكامل لابن عدي 3/960، تهذيب التهذيب 3/182.

5 لم أقف على ترجمته.

6 سعيد بن أبي سعيد كيسان الليثي، مولاهم المدني، المقبري، صاحب أبي هريرة، حدث عنه وعن عائشة، وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم، وروى عنه ولداه سعد وعبد الله، وابن أبي ذئب، ومالك بن أنس، وغيرهم. قال عنه الإمام أحمد وابن معين: ليس به بأس، ووثقه غير واحد، وقال ابن سعد: ثقة لكنه اختلط قبل موته بأربع سنين. مات سنة 125هـ.

ترجمته في: الجرح والتعديل 4/57، ميزان الاعتدال 2/139، تهذيب التهذيب 4/38، الشذرات 1/163.

ص: 124

صيام ستة أيام: اليوم الذي يشك فيه من رمضان، ويوم الفطر، ويوم الأضحى، وأيام التشريق1. ورواه البزار2.

وقال الترمذي: حدثنا [أبو سعيد عبد الله بن سعيد الأشج3، قال: حدثنا] 4 أبو خالد الأحمر5، عن عمرو6 بن

1 الحديث أخرجه الدارقطني كما سبق، وعبد الرزاق في كتاب الصيام 4/160، رقم:7320.

والبيهقي في كتاب الصيام 4/208.

وأخرجه البزار كما قال المصنف في كتاب الصيام، باب ما نُهي عن صيامه 1/498، رقم:1066.

وضعفه ابن حجر وغيره.

وانظر التلخيص الحبير 2/198، نصب الراية 2/441.

2 هو الإمام الحافظ أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البصري، أبو بكر البزار، صاحب ((المسند)) رحل كثيراً في طلب الحديث، وحدث في آخر عمره، قال عنه الدارقطني: ثقة يخطئ، ويتكل على حفظه، وقال الحاكم: يخطيء في الإسناد والمتن، وجرحه النسائي، وقال الذهبي: صدوق مشهور، مات سنة 292هـ.

ترجمته في: ميزان الاعتدال 1/124، طبقات الحافظ 289، الشذرات 2/209، الأعلام 1/189.

3 عبد الله بن سعيد بن حصين، الكندي أبو سعيد الأشج، الكوفي الحافظ المفسر، حدث عن أبي بكر ابن عياش، وأبي خالد الأحمر، وحفص بن غياث، وغيرهم، وحدث عنه أبو يعلى الموصلي وابن أبي حاتم، ويحيى بن محمد بن صاعد، وغيرهم، قال عنه أبو حاتم: ثقة صدوق، إمام أهل زمانه، وقال النسائي: صدوق، مات سنة 257هـ.

ترجمته في: الجرح والتعديل 5/73، تذكرة الحفاظ 2/501، طبقات الحفاظ 222، شذرات الذهب 2/137.

4 ما بين القوسين أسقط من (ك) .

5 هو سليمان بن حيان الأزدي الكوفي، حدث عن حميد الطويل، وهشام بن عروة، وليث بن أبي سليم، وآخرين، وروى عنه الإمام أحمد وأبو سعيد الأشج، وإسحاق بن راهويه، وثقه أبو حاتم وآخرون، وقال ابن معين صدوق وليس بحجة. مات سنة 189هـ.

ترجمته في: الجرح والتعديل 4/106، ميزان الاعتدال 2/200، تهذيب التهذيب 4/181، الشذرات 1/325.

6 في (ك) : عمر.

ص: 125

قيس1، عن أبي إسحاق2، عن صلة بن زفر3، قال: كنا عند عمار بن ياسر، فأتى بشاة مصلية4، فقال: كلوا فتنحى بعض القوم، فقال: إني صائم، فقال عمار: من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم5.

وروى الخطيب6 عن جماعة أنهم نهوا عن صيام يوم الشك /7 منهم عمار8، وحذيفة9، وابن عباس.

فعن ابن عباس: من صام اليوم الذي

1 عمرو بن قيس الملائي البزاز، أبو عبد الله الكوفي، حدث عن الحكم بن عتيبة، وأبي إسحاق السبيعي، وعكرمة، وغيرهم، وحدث عنه الثوري، وأبو خالد الأحمر، وسعد بن الصلت، وآخرون، أثنى عليه الثوري، ووثقه أبو زرعة، مات بعد سنة 140هـ.

ترجمته في: حلية الأولياء 5/100، التاريخ الكبير 6/363، سير أعلام النبلاء 6/250، التقريب 2/77.

2 هو أبو إسحاق السبيعي، عمرو بن عبد الله، من أئمة التابعين بالكوفة وأثباتهم، وكان من العلماء العاملين، طلابة للعلم، كبير القدر، وثقه الإمام أحمد ويحيى بن معين، وأبو حاتم، وغيرهم، مات سنة 127هـ. وقيل غير ذلك.

ترجمته في: طبقات ابن سعد 6/313، الجرح والتعديل 6/242، طبقات الحفاظ 50، الشذرات 1/174.

3 صلة –بكسر أوله وفتح اللام الخفيفة- ابن زفر العبسي، أبو العلاء الكوفي، أحد كبار أعلام التابعين، حدث عن علي، وابن مسعود وعمار رضي الله عنهم، وحدث عنه أبو إسحاق السبيعي، وأيوب السختياني، وغيرهما، ثقة جليل، مات سنة 70 من الهجرة.

ترجمته في: طبقات ابن سعد 6/195، الجرح والتعديل 4/446، تاريخ بغداد 9/335، التقريب 1/370.

4 أي: مشوية.

5 الحديث سبق تخريجه في أول الكتاب، انظر ص 54.

(الخطيب) : أسقطت من (س) .

7 نهاية ل 16 من (س) .

8 خبر عمار سبق ذكره قبل قليل.

9 أخرجه عن حذيفة ابن أبي شيبة في كتاب الصيام 3/71، والبيهقي في كتاب الصيام 4/209.

ص: 126

يشك فيه فقد عصى الله ورسوله، رواه الخطيب1 في تاريخ بغداد2.

والجواب عن هذه الأحاديث التي احتج بها القائل بحرمة الصوم:

أما3 الحديث الأول: فراويه الواقدي، قال الإمام أحمد بن حنبل: الواقدي كذاب4. [وقال يحيى: ليس بشيء5] 6.

وقال البخاري: متروك الحديث7.

وذكر أبو حاتم الرازي8، وأبو عبد الرحمن النسائي9: أنه كان يضع الحديث.

وقال ابن عدي10: أحاديثه غير محفوظة، والبلاء منه11.

1 الحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، الخطيب البغدادي، محدث الشام والعراق، كان من كبار الشافعية، وآخر الأعيان، معرفة وحفظاً وإتقاناً، وضبطاً للحديث، وتفنناً في علله وأسانيده، وعلماً بصحيحه وغريبه، وهو أحد المكثرين من التصنيف، ومن أشهر مصنفاته (تاريخ بغداد) ، مات سنة 463هـ.

ترجمته في: وفيات الأعيان 1/92، طبقات الحفاظ 433، هدية العارفين 1/79، الأعلام 1/172.

2 تاريخ بغداد 2/397، وهو ضعيف. انظر: التلخيص الحبير 2/197، نصب الراية 2/442.

3 في (س) : وأما.

4 ميزان الاعتدال 3/663، سير أعلام النبلاء 9/462.

5 التاريخ ليحيى بن معين 2/532، وسير أعلام النبلاء الصفحة السابقة.

6 ما بين القوسين أسقط من (ك) .

7 الضعفاء للبخاري 104.

8 الجرح والتعديل 8/21.

9 الضعفاء للنسائي 93.

10 الحافظ، عبد الله بن عدي بن عبد الله، أبو أحمد الجرجاني، أحد كبار المحدثين، العالمين بالحديث ورجاله، أخذ العلم عن أكثر من ألف شيخ، لم يكن في زمانه مثله، من مصنافته ((الكامل في معرفة الضعفاء والمتروكين من الرواة)) ، و ((الانتصار)) ، و ((أسماء الصحابة)) ، وكان ضعيفاً في العربية قد يلحن، مات سنة 365هـ.

ترجمته في: تذكرة الحفاظ 3/940، هدية العارفين 1/447، شذرات الذهب 3/51، الأعلام 4/103.

11 الكامل لابن عدي 6/2247.

ص: 127

وأما الحديث الثاني، وما رواه الخطيب فعنه جوابان:

أحدهما: أن خبر عمار وابن عباس موقوف فلا يعارض الأحاديث المرفوعة.

الثاني: أنه محمول على أن المراد به الشك في الصحو، وقد فسر الإمام أحمد1 الشك، فقال: الشك: أن يشهد برؤيته /2 واحد فيرد الحاكم شهادته، أو أن تكون السماء مصحية ويتقاعد الناس عن طلب الهلال.

قال ابن الجوزي: وجميع ما روي في النهي عن صوم [يوم] 3 الشك فمحمول على ذلك، ونحن لا نسمي يوم الغيم شكاً4، ومن سماه شكاً فللتعريف، وبيان هذا أن الشك تردد بين أمرين لا مزية لأحدهما عن الآخر5، وهاهنا مزية وهي6/7 أن الأصل في الشهور، تسعة وعشرون بدليل ما سبق من الأحاديث.

وأما حديث النهي عن الصوم بعد نصف شعبان، فراويه العلاء بن عبد الرحمن8، وهو ثقة9، لكن قال الإمام أحمد: العلاء ثقة لا ينكر

(الإمام أحمد) أسقطت من (س) .

2 نهاية ل 9 من (ك) .

3 زيادة من (ك) .

4 انظر: التحقيق لابن الجوزي 213/ب.

5 انظر: التعريفات 128، المطلع 26، 155، القاموس المحيط 3/319، الدر النقي 2/100، 238.

6 في (ك) : وهو.

7 نهاية ل 12 من الأصل.

8 العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب، أبو شبل المدني، حدث عن أنس بن مالك، ووالده عبد الرحمن وغيرهما، وروى عنه مالك وشعبة وإسماعيل بن جعفر وآخرون، قال عنه الإمام أحمد: ثقة، لم أسمع أحداً يذكره بسوء، وقال النسائي: ليس به بأس، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، مات سنة 138هـ.

ترجمته في: الجرح والتعديل 6/357، تقريب التهذيب 2/92، الشذرات 1/207.

9 سير أعلام النبلاء 6/187.

ص: 128

من1 حديثه إلا هذا2.

وقال أيضاً: ليس هو3 بمحفوظ4.

قال: وسألنا عنه عبد الرحمن بن مهدي فلم يصححه، ولم يحدثني به، وكان يتوقاه5، أو أنه محمول على نفي الاستحباب كحديث:"لا يتقدمن أحدكم رمضان بصيام يوم أو يومين"6.

قال الخصم: وقد روي في هذه المسألة حديث فيه كفاية عما سواه7، ثم ذكر بإسناده إلى يعلى بن الأشدق8، عن عبد الله بن جراد9، قال: أصبحنا يوم الثلاثين صياماً، وكان الشهر قد أغمي10 علينا، فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم فأصبناه مفطراً، فقلنا يا نبي الله، صمنا اليوم، قال: "أفطروا، إلا أن يكون رجل يصوم هذا اليوم فليتم صومه، لأن أفطر يوماً من رمضان

1 من أسقطت من (س) .

2 مختصر سنن أبي داود 3/224، فتح الباري 4/129، نيل الأوطار 4/260.

3 في (ك) : هذا.

4 نصب الراية 2/441.

5 نصب الراية 2/441.

6 سبق تخريجه. انظر ص 55.

7 المجموع 6/424.

8 يعلى بن الأشدق العقيلي، أبو الهيثم الجزري، الحراني، حدث عن عمه عبد الله بن جراد، ورقاد بن ربيعة، وكليب بن جري، وغيرهم، وروى عنه عمر بن إسماعيل، وإسماعيل بن عبد الله قاضي دمشق، وأيوب الوزان، وغيرهم، كان سائلاً يسأل الناس، ضعفه غير واحد، وذكروا أنه يروي أحاديث كثيرة منكرة. مات بعد 180هـ.

ترجمته في: التاريخ الكبير 8/419، كتاب المجروحين 3/142، الجرح والتعديل 9/330، ميزان الاعتدال 4/456.

9 عبد الله بن جراد، مجهول لا يصح خبره، ولا يعرف، وهو ضعيف الحديث، كذا قال عنه أبو حاتم الرازي وغيره.

وانظر: الجرح والتعديل 5/21، ميزان الاعتدال 2/400.

10 في (س) : عمي.

ص: 129

يتمارى فيه، أحب إلي من أن أصوم يوماً من شعبان ليس منه"، يعني ليس من رمضان1.

وهذا الحديث كما قال ابن الجوزي: لا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا ذكره أحد من الأئمة الذين جمعوا السنن، وترخصوا في ذكر الأحاديث الضعاف، وإنما هو مذكور في نسخة يعلى بن الأشدق، عن ابن جراد، وهي نسخة موضوعة2/3.

قال أبو زرعة الرازي4: يعلى بن الأشدق ليس بشيء5.

وقال البخاري: يعلى لا يكتب حديثه6.

وقال أحمد بن عدي الحافظ: روى يعلى بن الأشدق عن7 عمه عبد الله ابن جراد، عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة منكرة، وهو وعمه غير معروفين8.

وقال أبو حاتم ابن حبان الحافظ: لا تحل الراوية عنه بحال، ولا الإحتجاج به9.

1 رواه ابن الجوزي في التحقيق، ورقة 213/ب، وانظر نصب الراية 2/440.

2 انظر: التحقيق ورقة 213/ب، ونصب الراية 2/440.

3 نهاية ل 17 من (س) .

4 عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد المخزومي، مولاهم أبو زرعة الرازي، أحد الأئمة الأعلام، ومن كبار حفاظ الحديث، قال عنه الإمام أحمد: ما جاوز الجسر أحفظ منه، وثقه غير واحد من المحدثين، مات بالري سنة 264هـ.

ترجمته في: تاريخ بغداد 10/326، طبقات الحنابلة 1/199، طبقات الحفاظ 253، شذرات الذهب 2/148.

5 ميزان الاعتدال 4/457.

6 المصدر السابق، والتاريخ الكبير 8/419.

7 في (س) : وعن.

8 الكامل لابن عدي 7/2742.

9 كتاب المجروحين لابن حبان 3/142.

ص: 130

فإذا كان كذلك، فكيف يقول الخصم عن1 حديث يعلى: فيه كفاية عما سواه، ويعيب من يأخذ بحديث صحيح قد فسّره صحابي، وينسبه إلى الهوى؟

وكيف يجوز أن يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأن أفطر يوماً من رمضان يُتمارى فيه، أحبّ إليّ من أن أصوم يوماً من شعبان"؟.

أما علم أنه قد ورد في الحديث الصحيح، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"من روى عني حديثاً يرى2 أنه كذب، فهو أحد الكذابين 3"4.

وبالجملة فالأدلة والمناقشة في هذه المسألة مما يطول ذكرها، وكأن المالكية والحنفية لما تعارضت عليهم أدلة النهي عن صوم الشك، وأدلة الوجوب، لا سيما حديث "سرر الشهر"، قالوا بجواز صوم يوم الشك من غير حرمة5.

قال في المواهب6، للحنفية: في حديث "سرر شعبان" هذا: يقيد استحبابه –يعني الصوم- لا وجوبه، لأنه معارض بنهي التقدم بصيام يوم أو يومين7 - انتهى.

وبعضهم يحمل التقدم على صوم8 رمضان جمعاً بين الأدلة.

والكلام مما يطول وفيما ذكرناه كفاية المتبصر، والله سبحانه وتعالى أعلم.

1 في (س) : من.

(يرى) بضم الياء، هذا هو المشهور، وذكر بعضهم جواز فتحها، قال النووي: وهو ظاهر حسن، فأما من ضم الياء فمعناه: يظن، وأما من فتحها فظاهر ومعناه: وهو يعلم، ويجوز أن يكون بمعنى يظن أيضاً.

وانظر: شرح صحيح مسلم للنووي 1/64-65.

3 هذه اللفظة أخرجها أحمد في المسند 5/20، من حديث سمرة بن جندب، وأما اللفظة الواردة في صحيح مسلم فهي (الكاذبين) بكسر الباء.

4 أخرجه مسلم في صحيحه في المقدمة 1/9، عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه.

5 بدائع الصنائع 2/78، مجمع الأنهر 1/235، التفريع 1/304، حاشية العدوي 1/391.

6 لمن أقف على هذا الكتاب.

7 انظر: حاشة مراقي الفلاح 430-433، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق 1/37.

8 في (س) : بصوم.

ص: 131

خاتمة

العاقل من ترك الإعتراض على الأئمة، لأنهم قد مهدوا مذاهبهم، ونقحوا أدلتهم، واستنبطوا الأحكام من الكتاب والسنة، بعد بذل الجهد مع ذكاء القرائح، ورب دليل مرجوح1 عند مجتهد، راجح عن آخر، ورب حديث صحيح عند قوم، ضعيف عند آخرين.

والموجب لاجتهاد2 الأئمة، أو مخالفة بعضهم بعضاً، إنما هو تعارض الأدلة، وورود الأحاديث من طرق مختلفة بمعاني مختلفة كما مر في هذه المقدمة.

فالسعيد من سلم، وقلد من شاء، ولم يتكلم، لا سيما وقد قرر الأئمة على أحد القولين أن كل مجتهد مصيب، وأن المذاهب كلها صواب، [وأنها من باب جائز وأفضل، لا من باب صواب] 3 وخطأ4.

ورجح كثير من العلماء القول بأن كل مجتهد مصيب، وأن حكم الله تعالى في كل واقعة تابع لظن المجتهد، وهو أحد القولين للأئمة الأربعة5، ورجحه القاضي

1 في (س) : مرجوع.

2 في (س) : الإجتهاد.

3 ما بين القوسين أسقط من (س) .

4 انظر: كشف الأسرار 4/18، نشر بنود 2/328، التمهيد للأسنوي 532، العدة 5/1549.

5 انظر: تيسير التحرير 4/202، شرح تنقيح الفصول 438، البرهان 2/1319، التمهيد لأبي الخطاب 4/312-313، أحكام القرآن لابن العربي 3/1270، شرح مختصر ابن الحاجب 3/310.

ص: 132

أبو بكر1، وقال: الأظهر من كلام الشافعي (رضي الله تعالى عنه) 2، والأشبه بمذهبه ومذهب /3 أمثاله من العلماء: القول بأن كل مجتهد مصيب4.

وقال به5 ابن سريج6، والقاضي أبو حامد7، وأكثر العراقيين8.

1 هو محمد بن الطيب بن محمد البصري، القاضي أبو بكر ابن الباقلاني، من كبار علماء الكلام، كان يضرب المثل بفهمه وذكائه، جيد الاستنباط، سريع الجواب، وكان ثقة إماماً بارعاً، وله مناظرات مع علماء النصارى بين يدي أحد ملوكهم. من مصنفاته الكثيرة: إعجاز القرآن، والإنصاف، ومناقب الأئمة، والتمهيد في الرد على الملحدة والمعطلة والخوارج والمعتزلة. مات ببغداد سنة 403هـ.

ترجمته في: وفيات الأعيان 4/269، سير أعلام النبلاء 17/190، الديباج المذهب 267، الأعلام 6/176.

2 أسقط من (ك) ، (س) .

3 نهاية ل 13 من الأصل.

4 انظر: البرهان 2/1327، الإبهاج 3/259، نهاية السول 4/560.

5 في (س) : له.

6 أحمد بن عمر بن سريج البغدادي، أبو العباس القاضي، فقيه الشافعية في زمنه، ولي القضاء بشيراز، وقام بنصرة المذهب الشافعي، فنشره في معظم الآفاق، وكان يلقب بالباز الأشهب، ومن جيد كلامه قوله: ما رأيت من المتفقهة من اشتغل بالكلام فأفلح، يفوته الفقه، ولا يصل إلى معرفة الكلام، له نحو أربعمائة مصنف، منها: الودائع لمنصوص الشرائع، وطبقات الفروق في الفروع، مات ببغداد سنة 306هـ.

ترجمته في: تاريخ بغداد 4/287، طبقات السبكي 3/21، هدية العارفين 1/57، الأعلام 1/185.

7 محمد بن محمد محمد بن أحمد الطوسي، القاضي، أبو حامد الغزالي الفقيه، الأصولي، صاحب التصانيف، برع في المذهب الشافعي، وفي الأصول، والخلاف والجدل، وغيرها، وكان شديد الذكاء قوي الإدراك، ذا فطنة ثاقبة وغوص على المعاني، من مصنفاته العديدة: إحياء علوم الدين، والمستصفى، والبسيط، والوسيط، والوجيز، مات سنة 505هـ.

ترجمته في: وفيات الأعيان 4/216، طبقات السبكي 6/191، سير أعلام النبلاء 19/322، الأعلام 7/22.

8 انظر: الإبهاج 3/258، نهاية السول 4/560، المستصفى 2/364.

ص: 133

ومن الحنفية أبو يوسف، ومحمد بن الحسن1، وأبو زيد2 الدبوسي3.

قال العلامة المازري4: إن قول من قال: إن الحق في طرفين، هو قول أكثر أهل التحقيق من العلماء والمتكلمين، وهو مروي عن الأئمة الأربعة [رضوان الله وسلامه عليهم] 5، وإن حكي عن كل اختلاف فيها6.

قال القاضي عياض7: القول بتصويب المجتهدين هو الحق، والصواب

1 محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني، صاحب أبي حنيفة، أخذ عنه الفقه، وعن أبي يوسف، وأخذ عنه الشافعي، وأبو عبيد وغيرهما، ولي القضاء للرشيد، وكان مع تبحره في الفقه شديد الذكاء، لينه النسائي وغيره من قبل حفظه، وضعفه آخرون. مات بالري سنة 189هـ.

ترجمته في: الفوائد البهية 163، الجرح والتعديل 7/227، كتاب المجروحين 2/275، ميزان الاعتدال 3/513.

2 عبد الله بن عمر بن عيسى البخاري، أبو زيد الدبوسي، من كبار فقهاء الحنفية، وأول من وضع علم الخلاف، وأبرزه للناس، وكان من الأذكياء، من مصنفاته: تقويم الأدلة، والأسرار، والأمد الأقصى. مات سنة 430 هـ ببخارى.

ترجمته في: الجواهر المضية 2/499، الفوائد البهية 109، هدية العارفين 1/648، الأعلام 4/109.

3 كشف الأسرار 4/18، تيسير التحرير 4/202، فواتح الرحموت 2/380.

4 هو محمد بن علي بن عمر التميمي، أبو عبد الله المازري، نسبته إلى مازر، بجزيرة ((صقلية)) ، وهو أحد فقهاء المالكية، وأحد الأئمة الأعلام الذين يعول عليهم في حفظ الحديث، والإشتغال به، وكان بارعاً في الفقه، فلم يكن في زمنه من المالكية أفقه منه، وكان عارفاً بالطب والحساب والآداب وغيرها. من مصنفاته: المعلم بفوائد مسلم، وشرح التلقين، وغيرهما. مات سنة 536هـ.

ترجمته في: الديباج المذهب 279، وفيات الأعيان 4/285، هدية العارفين 2/88، الأعلام 6/277.

5 ما بين القوسين أسقط من (س) ، (ك) .

6 انظر كلام المازري في فتح الباري 13/320.

7 القاضي عياض بن موسى بن عياض، أبو الفضل اليحصبي، المالكي عالم المغرب، وإمام أهل الحديث في وقته، كان بارعاً متفنناً متمكناً في شتى العلوم، وكان من أعلم الناس بكلام العرب، وأنسابهم وأيامهم، من مصنفاته: ترتيب المدارك، إكمال العلم، مشارق الأنوار، مات سنة 544هـ.

ترجمته في: الديباج 168، طبقات الحفاظ 470، الأعلام 5/99.

ص: 134

عندنا1/2 فالموفق من تدبر ما قررناه، وعذر الأئمة في تعارض الأدلة، وترك التعصب، وحمية الجاهلية، وترك الوقوع في أعراض العلماء.

فقد قال الحافظ3 ابن عساكر4: لحوم العلماء مسمومة، وهتك أستار منتقصهم معلومة، وقال أيضاً: لحوم العلماء سم، من شمها مرض، ومن ذاقها مات.

وقد أطلت الكلام على هذا في كتابنا: ((تنوير بصائر المقلدين في مناقب الأئمة المجتهدين5)) ، رضوان الله /6 عليهم أجمعين.

فراجعه تعرف مقدار الأئمة، وعظمة جلالتهم، وانظر فيه إلى مدح بعضهم بعضاً، يحصل لك بذلك تنوير البصيرة في حقهم، جعلنا الله تعالى فيهم من المعتقدين7، وبأقوالهم من المتمسكين، ولما اجتنبوه من المجتنبين،

1 أحكام القرآن لابن العربي 3/1270، نشر البنود 2/328.

2 نهاية ل 18 من (س) .

3 هو الحافظ علي بن الحسن بن هبة الله، أبو القاسم ثقة الدين ابن عساكر الدمشقي، المؤرخ الرحالة، محدث الشام، كان من كبار الحفاظ المتقنين، ومن أهل الخير والصلاح، غزير العلم، كثير الفضل، جمع بين معرفة المتن والإسناد. من مصنفاته الكثيرة: تبيين كذب المفتري، الإشراف على معرفة الأطراف، تاريخ بدمشق سنة 571هـ.

ترجمته في: وفيات الأعيان 3/309، طبقات الحفاظ 475، الأعلام 4/273.

4 انظر قول ابن عساكر في كتابه: تبيين كذب المفتري 29.

5 لا يزال الكتاب مخطوطاً، ومنه نسخة في دار الكتب المصرية برقم:(7729/خ)، وفي الجامعة الإسلامية نسخة مصورة للكتاب برقم:(1252/ف) .

6 نهاية ل 10 من (ك) .

7 لعل قصد المؤلف هنا: اعتقاد الصلاح فيهم، وعلو منزلتهم العلمية، وحسن سيرتهم، واحترامهم وتقديرهم لبعضهم، وأنهم أهل لكل خير وعمل صالح.

وأما إن كان قصده غير ذلك، فلا يقبل منه هذا بحال، وهذا اللفظ وأمثاله له احتمالات عدة، والأولى اجتناب مثل تلك العبارات لئلا تدخل المرء في أشياء مخالفة للشرع الإسلامي الحنيف.

ص: 135

محمد1 وآله، آمين، آمين، آمين.

قال مؤلفه العبد الفقير إلى الله تعالى مرعي بن يوسف الحنبلي المقدسي: قد فرغت من وضع هذه المقدمة بالجامع الأزهر، نهار الأربعاء سادس شهر شعبان، سنة ألف وثلاث وعشرين، والله الموفق والمعين.

وكان الفراغ من كتابة هذه المقدمة، على يد العبد الفقير: عبد الرحمن ابن يوسف بن غنايم بن عنايا الحنبلي، المقدسي، الأزهري، الشامي، سنة 1154، ألف ومائة في شهر الله المحرم، نهار سادس وعشرين، نهار الخميس، سنة ألف ومائة وأربعة وخمسين.

1 إن أراد التوسل به صلى الله عليه وسلم فهذا لا يجوز بعد وفاته عليه الصلاة والسلام، بل هو من الشركيات، إذ التوسل لا يصح إلا بالله تعالى، فهو النافع الضار، والتوسل بغير شرك، وإن أراد به الحلف فلا يجوز أيضاً، ففي كلا الحالين، لا يصح استعمال مثل هذه العبارة، والأولى التمسك بالكتاب والسنة، واختيار الألفاظ الواردة فيهما، والدارجة على ألسنة السلف الصالح، والله تعالى أعلم.

ص: 136