الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة المصنف
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
الحمد لله البر الرحيم، الواسع العليم، ذي الفضل العظيم، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد النبي الكريم، المنزل عليه في الذكر الحكيم:{وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} ، وعلى آله وأصحابه الكرام جواره في دار النعيم.
أما بعد، فإن من أهم ما يبادر به اللبيب شرخ شبابه ويدئب نفسه في تحصيله واكتسابه حسن الأدب الذي شهد الشرع والعقل بفضله، واتفقت الآراء والألسنة على شكر أهله، وإن أحق
الناس بهذه الخصلة الجميلة وأولاهم بحيازة هذه المرتبة الجليلة أهل العلم الذين جلوا به ذروة المجد والسناء وأحرزوا به قصبات السبق إلى وراثة الأنبياء لِعِلْمهم بمكارم أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وآدابه وحسن سيرة الأئمة الأطهار من أهل بيته وأصحابه وبما كان عليه أئمة علماء السلف واقتدى بهديهم فيه مشايخ الخلف.
قال ابن سيرين: كانوا يتعلمون الهدى كما يتعلمون العلم.
وقال الحسن: إن كان الرجل ليخرج في أدب نفسه السنتين ثم السنتين.
وقال سفيان بن عيينة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الميزان الأكبر وعليه تعرض الأشياء على خلقه وسيرته وهديه فما وافقها فهو الحق وما خالفها فهو الباطل.
وقال حبيب بن الشهيد لابنه: يا بني اصحب الفقهاء والعلماء وتعلم منهم وخذ من أدبهم؛ فإن ذلك أحب إليّ من كثير من الحديث.
وقال بعضهم لابنه: يا بني لأن تتعلم بابًا من الأدب أحب إليّ من
أن تتعلم سبعين بابًا من أبواب العلم.
وقال مخلد بن الحسين لابن المبارك: نحن إلى كثير من الأدب أحوج منا إلى كثير من الحديث.
وقيل للشافعي رضي الله عنه: كيف شهوتك للأدب؟ فقال: أسمع بالحرف منه مما لم أسمعه فتود أعضائي أن لها أسماعًا فتنعم به. قيل: وكيف طلبك له؟ قال: طلب المرأة المضلة ولدها وليس لها غيره.
ولما بلغت رتبة الأدب هذه المزية وكانت مدارك مفضلاته خفية دعاني ما رأيته من احتياج الطلبة إليه وعسر تكرار توقفهم عليه، أما الحياء فيمنعهم الحضور، أو الجفاء فيورثهم النفور، إلى جمع هذا المختصر مذكرًا للعالم ما جُعِل إليه ومنبهًا للطالب على ما يتعين عليه وما يشتركان فيه من الأدب وما ينبغي سلوكه في مصاحبة الكتب، ثم أدب من سكن المدارس منتهيًا أو طالبًا لأنها مساكن طلبة العلم في هذه الأزمنة غالبًا.
وجمعت ذلك مما اتفق في المسموعات أو سمعته من المشايخ السادات أو مررت به في المطالعات أو استفدته في المذاكرات وذكرته محذوف الأسانيد والأدلة كيلا يطول على مطالعه أو يمله.
وقد جمعت فيه بحمد الله تعالى من تفاريق آداب هذه الأبواب ما لم أره مجموعًا في كتاب وقدمت على ذلك بابًا مختصرًا في فضل العلم والعلماء على وجه التبرك والاقتداء.
وقد رتبته على خمسة أبواب تحيط بمقصود الكتاب:
الباب الأول: في فضل العلم وأهله (وشرف العالم ونسله).
الباب الثاني: في آداب العالم في نفسه ومع طلبته ودرسه.
الباب الثالث: في أدب المتعلم في نفسه ومع شيخه ورفقته ودرسه.
الباب الرابع: في مصاحبة الكتب وما يتعلق بها من الأدب.
الباب الخامس: في آداب سكنى المدارس وما يتعلق به (من النفائس).
وقد سميته "تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم"، والله تعالى يوفقنا للعلم والعمل ويبلغنا من رضوانه نهاية الأمل.