الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا ضرًا مع أن الله تعالى يطلعهم على نيته وقبح سريرته كما صح في الحديث: "من سمّع سمّع الله به ومن راءى راءى الله به".
ومن أدوية احتقار الناس تدبر قوله تعالى: {لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ} الآية [الحجرات: 11]، {إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]، {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} [النجم: 32]، وربما كان المحتقر أطهر عند الله قلبًا وأزكى عملاً وأخلص نية كما قيل: إن الله تعالى أخفى ثلاثة في ثلاثة؛ وليه في عباده، ورضاه في طاعاته، وغضبه في معاصيه.
ومن الأخلاق المرضية دوام التوبة، والإخلاص، واليقين، والتقوى، والصبر، والرضا، والقناعة، والزهد، والتوكل، والتفويض، وسلامة الباطن، وحسن الظن، والتجاوز، وحسن الخلق، ورؤية الإحسان، وشكر النعمة، والشفقة على خلق الله تعالى، والحياء من الله تعالى ومن الناس، ومحبة الله تعالى هي الخصلة الجامعة لمحاسن الصفات كلها وإنما تتحقق بمتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [آل عمران: 31].
العاشر:
دوام الحرص على الازدياد بملازمة الجد والاجتهاد والمواظبة على وظائف الأوراد من العبادة والاشتغال والإشغال قراءة وإقراء ومطالعة وفكرًا وتعليقًا وحفظًا وتصنيفًا وبحثًا.
ولا يضيع شيئًا من أوقات عمره في غير ما هو بصدده من العلم والعمل إلا بقدر الضرورة من أكل أو شرب أو نوم أو استراحة لملل أو أداء حق زوجة أو زائر، أو تحصيل قوت وغيره مما يحتاج إليه أو لألم أو غيره مما يتعذر معه الاشتغال فإن بقية عمر المؤمن لا قيمة له ومن استوى يوماه فهو مغبون وكان بعضهم لا يترك الاشتغال لعروض مرض خفيف أو ألم لطيف بل كان يستشفى بالعلم ويشغل بقدر الإمكان كما قيل:
إذا مرضنا تداوينا بذكركم
…
ونترك الذكر إخلالاً فننتكس
وذلك لأن درجة العلم درجة وراثة الأنبياء، ولا تنال المعالي إلا بشق الأنفس، وفي صحيح مسلم عن يحيى بن أبي كثير، قال: لا يستطاع العلم براحة الجسم، وفي الحديث:"حفت الجنة بالمكاره".
تريدين إدراك المعالي رخيصة
…
ولابد دون الشهد من إِبَرِ النحل
وكما قيل:
لا تحسب المجد تمرًا أنت آكله
…
لا تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا
وقال الشافعي رضي الله عنه: حق على طلبة العلم بلوغ غاية جهدهم في الاستكثار من علمه والصبر على كل عارض دون طلبه، وإخلاص النية لله تعالى في إدراك علمه نصًا واستنباطًا والرغبة إلى