الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
90 سورة البلد (1 3)
سورة البلد مكية وآيها عشرون
بسم الله الرحمن الرحيم
لا أقسم بهذا
البلد
أقسمَ سبحانَهُ بالبلدِ الحرامِ وبَما عُطف عليهِ عَلى أنَّ الإنسانَ خُلقَ ممنوَّاً بمقاساةِ الشدائدِ ومعاناةِ المشاقِّ واعترضَ بينَ القسمِ وجوابِه بقولِه تعالَى
وَأَنتَ حِلٌّ بهذا البلد
إمَّا لتشريفهِ عليه الصلاة والسلام بجعلِ حلولِه بهِ مناطاً لإعظامِه بالإقسامِ بهِ او للتنبيه منْ أولِ الأمرِ عَلى تحققِ مضمونِ الجوابِ بذكرِ بعضِ موادِّ المكابدةِ على نهجِ براعةِ الاستهلالِ وبيانِ أنه عليه الصلاة والسلام معَ جلالةِ قدرةِ وعظمِ حُرمتِه قد استحلُّوه في هَذا البلدِ الحرامِ وتعرضُوا لَهُ بما لَا خيرَ فيهِ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ عن شُرَحْبيلَ يحرمونَ أن يقتلُوا بَها صيداً ويعضدُوا بَها شجرةً ويستحلُّونَ إخراجَكَ وقتلكَ أو لتسليتِه عليه الصلاة والسلام بالوعدِ بفتحِه عَلى مَعْنى وأنتَ حلٌّ بهِ في المستقبلِ كما في قوله تعالى {إِنَّكَ مَيّتٌ وَإِنَّهُمْ مَّيّتُونَ} تصنعُ فيهِ ما تريدُ من القتلِ والأسرِ وقد كانَ كذلكَ حيثُ أحلَّ له عليه الصلاة والسلام مكةَ وفتحَها عليهِ وما فتحتْ عَلى أحدٍ قَبْله ولَا أحلتْ لهُ فأحلَّ عليه الصلاة والسلام فيها ما شاءَ وحرَّم ما شاءَ قتلَ ابْنَ خطلٍ وهو متعلِّقٌ بأستارِ الكعبةِ ومقيسَ بْنَ ضبابةَ وغيرَهُما وحرَّمَ دارَ أبي سفيانَ ثمَّ قالَ إنَّ الله حرَّمَ مكةَ يَوْمَ خَلَقَ السمواتِ والأرضَ فهَى حرامٌ إلى أنْ تقومَ الساعةُ لم تحلَّ لأحدٍ قَبْلي ولنْ تحلَّ لأحدٍ بعدي ولم تحلَّ لي إِلَاّ سَاعَةً من نَّهَارٍ فَلا يُعضدُ شجرُهَا ولا يُختلى خَلاها ولا ينفرُ صيدُهَا ولا تحلُّ لُقطتُها إلا لمنشدٍ فقالَ العباسُ يا رسولَ الله إلا الإِذْخِرَ فإنَّه لقيونِنا وقبورِنا وبيوتِنا فقال عليه الصلاة والسلام إلَاّ الإذخرَ
وَوَالِدٍ
عطفٌ على هَذا البلدِ والمرادُ بهِ إبراهيمُ وبقولِه تعالَى
وَمَا وَلَدَ
إسماعيلُ والنبيُّ صلواتُ الله عليهمْ أجمعينَ حسبَما ينبىءُ عنْهُ المعطوفُ عليهِ فإنُه حرمُ إبراهيمَ ومنشأُ إسماعيلَ ومسقطُ رأسِ رسولِ الله عليهمُ الصلاةُ والسلامُ والتعبيرُ عنهمَا بَما دُونَ مَنْ للتفخيمِ والتعظيمِ كتنكيرِ والدٍ وإيرادُهم بعنوانِ الولادِ ترشيحٌ لمضمون الجواب ايماء إلى أنَّه متحققٌ في حالتي الوالدية والولدية
90 سورة البلد (4 11)
وقيلَ آدمُ عليه السلام ونسلُه وهُو أنسبُ لمضمونِ الجوابِ من حيثُ شمولُه للكُلِّ إلا أنَّ التفخيمَ المستفادَ من كلمةِ مَا لا بُدَّ فيهِ من اعتبارِ التغليبِ وقيلَ وكُلُّ والدٍ وولدهُ
لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان فِى كَبَدٍ
أي تعبٌ ومشقةٌ فإنَّه لا يزالُ يُقاسِي فنونَ الشدائدِ منْ وقتِ نفخ الروح الى نَزْعِها وما وراءَهُ يقالُ كبد الرجل كبدا إذَا وجعتْ كبدُه وأصلُه كبدَهُ إذَا أصابَ كبدَهُ ثم اتْسعَ فيهِ حَتَّى استمع في كُلِّ نصبٍ ومشقةٍ ومنهُ اشتقتْ المكابدةُ كما قيلَ كبتَهُ بمعنى أهلَكُه وهو تسليةٌ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم مما كانَ يكابدُه من كفارِ قريشٍ والضميرُ في قولِه تعالَى
أَيَحْسَبُ
لبعضِهم الذي كانَ عليه الصلاة والسلام يكابدُ منهم ما يكابد كالوليدِ بنِ المغيرةِ وأضرابِه وقيلَ هُوَ أبُو الأشدِّ بن كلدة الجمحي وكان شديدَ القوةِ مغتراً بقوتِه وكان يبسطُ له الأديمُ العكاظيُّ فيقومُ عليهِ ويقولُ منْ أزالَني عنْهُ فلَهُ كذا فيجذبه عشرة فيتقطع قطعاً ولا تزلُّ قدماهُ أيْ أيظنُّ هَذا القويُّ الماردُ المتضعفُ للمؤمنينَ
أَن لَّن يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ
إنْ مخففةٌ منْ أنَّ واسمها الذي هو ضميرُ الشأنِ محذوفٌ أيْ أيحسبُ أنَّه لنْ يقدرَ عَلى الانتقامِ منهُ أحدٌ
يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُّبَداً
يريدُ كثرةَ ما أنفقَهُ فيَما كانَ أهلُ الجاهليةِ يسمونَها مكارمَ ويدعونَها معاليَ ومفاخرَ
أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ
حينَ كانَ ينفقُ وأنه تعالَى لا يسألُه عنْهُ ولا يجازيِه عليهِ
أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ
يبصرُ بهمَا
وَلِسَاناً
يترجمُ بهِ عنْ ضمائره
وشفتين
يستربهما فاهُ ويستعينُ بهَما على النطقِ والأكلِ والشربِ وغيرِها
وهديناه النجدين
أيْ طَريقي الخيرِ والشرِّ أو الثديينِ وأصلُ النجدِ المكانُ المرتفعُ
فَلَا اقتحم العقبة
أيْ فَلمْ يشكرْ تلكَ النعمَ الجليلةَ بالأعمالِ الصالحةِ وعبرَ عنها
90 سورة البلد (12 20)
بالعقبةِ التي هيَ الطريقُ في الجبل لصعوبة سلوكِها وقوله تعالى
وَمَا أَدْرَاكَ مَا العقبة
أيْ أيُّ شيءٍ أعلمكَ ما اقتحامُ العقبةِ لزيادةِ تقريرِها وكونِها عندَ الله تعالَى بمكانةٍ رفيعةٍ
فَكُّ رَقَبَةٍ
أيْ هُو إعتاقُ رقبةٍ
أَوْ إِطْعَامٌ فِى يَوْمٍ ذِى مَسْغَبَةٍ
أيْ مجاعةٌ
يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ
أيْ قَرابةٌ
أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ
أي افتقارٌ وحيثُ كانَ المرادُ باقتحامِ العقبةِ هذهِ الأمورَ حسُنَ دخولُ لَا عَلى الماضِي فإنَّها لا تكادُ تقعُ إلا مكررةً إذِ المَعْنى فلا فكَّ رقبةً ولا أطعَم يتيماً أو مسكيناً والمسغبةُ والمقربةُ والمتربةُ مفعلاتٌ من سغِبَ إذا جاعَ وقرُبَ منْ النسبِ وترِبَ إذا افتقرَ وقُرِىءَ فكَّ رقبةٍ أوْ أطعمَ على الإبدالِ من اقتحمَ
ثُمَّ كَانَ مِنَ الذين آمنوا
عطفٌ عَلى المنفيِّ بَلا وثم للدلالة على تراخي رتبةِ الإيمانِ ورفعةِ محلِّه لاشتراط جميعِ الأعمالِ الصالحةِ بهِ
وَتَوَاصَوْاْ بالصبر
عطفٌ على آمنُوا أيْ أوصَى بعضُهم بعضاً بالصبر على طاعة الله
وَتَوَاصَوْاْ بالمرحمة
بالرحمةِ عَلى عبادهِ أو بموجباتِ رحمتِه من الخيراتِ
أولئك
إشارة إلى الموصول باعتبار اتصافه بما في حيز صلتِه وما فيهِ من معنى البعد مع قرب العهد بالمشار إليه للإيذانِ ببُعد درجتِهم في الشرفِ والفضلِ أيْ أولئكَ الموصوفونَ بالنعوتِ الجليلةِ المذكورةِ
أصحاب الميمنة
أي اليمينُ أو اليمنُ
والذين كفروا بآياتنا
بما نصبنَاهُ دليلاً على الحقِّ من كتابٍ وحجة أو بالقرآنِ
هُمْ أصحاب المشأمة
أي الشمالِ أو الشؤمِ
عَلَيْهِمْ نَارٌ مُّؤْصَدَةُ
مطبقةٌ من آصدتُ البابَ إذا