المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

} 02 سورة التكاثر مكية مختلف فيها وآيها ثمان بسم الله - تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم - جـ ٩

[أبو السعود]

الفصل: } 02 سورة التكاثر مكية مختلف فيها وآيها ثمان بسم الله

} 02 سورة التكاثر مكية مختلف فيها وآيها ثمان

بسم الله الرحمن الرحيم

ص: 195

{ألهاكم‌

‌ التكاثر}

أَىْ شغلكُم التغالبُ في الكثرةِ وَالتفاخرُ بَها رُوِىَ أنَّ بَنِي عبدِ مَنَافٍ وبَنِي سَهْمٍ تَفَاخرُوا وَتعادُّوا وَتكاثرُوا بالسَّادةِ والأشرافِ في الإسلامِ فقالَ كلٌّ منَ الفريقينِ نحنُ أكثرُ منكُم سيداً وأعزُّ عزيزاً وَأعظمُ نفراً فكثرَهُمْ بنُو عبدِ مَنَافٍ فَقَالَ بنُو سَهْمٍ إِنْ البغَي أفنانَا في الجَاهليةِ فعادُّونَا بِالأَحياءِ وَالأَمْواتِ فكثَرهُمْ بنُو سَهْمٍ وَالمَعنى أنكُم تكاثرتُمْ بالأَحياءِ

ص: 195

{حتى زُرْتُمُ المقابر} أيْ حَتَّى إذَا استوعبتُمْ عددهُم صرتم إلى التفاخم والتكاثرِ بالأمواتِ فعبرَ عنْ بلوغِهم ذكرَ المَوتى بزيارةِ القبورِ تهكُماً بِهمْ وقيلَ كَانُوا يزورونَ المقابَر فيقولونَ هَذَا قبرُ فُلانٍ وهَذا قبرُ فُلانٍ يفتخرونَ بذلكَ وقيلَ المَعْنى ألهاكُم التكاثُر بالأموالِ وَالأولادِ إلى أَنْ متمْ وقبرتمْ مضيعينَ أعمارَكُم في طلبِ الدُّنيا معرضينَ عَمَّا يهمكُم من السعي لأُخرَاكُم فتكونُ زيارةُ القبورِ عبارةً عنِ الموتِ وقُرِىءَ أألهاكُم عَلى الاستفهامِ التقريريِّ

ص: 195

{كَلَاّ} رَدْعٌ وتنبيهٌ عَلَى أنّ العاقلَ ينبغي أنْ لا يكونَ معظمُ هَمِّه مقصُوراً عَلى الدُّنيا فإنَّ عاقبةَ ذلكَ وخَيمةٌ {سَوْفَ تَعْلَمُونَ} سوءَ مغبةِ مَا أنتُم عليهِ إذَا عاينتُمْ عاقبَتهُ

ص: 195

{ثُمَّ كَلَاّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ} تكريرٌ للتأكيدِ وثمَّ للدَّلالة عَلَى أنَّ الثَّانِي أبلغُ منَ الأولِ أوِ الأولُ عندَ الموتِ أو في القبرِ والثَّانِي عندَ النشورِ

ص: 195

{كَلَاّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ اليقين} أَيْ لَوْ تعلمونَ ما بينَ أيديكُم علَم الأمرِ اليقينِ أيْ كعلمكِم ما تستيقنونَهُ لفعلتُم ما لَا يُوصفُ ولَا يكتنهُ فحذفَ الجوابَ للتهويلِ

وقولُه تعالَى

ص: 195

{لترون الجحيم} جواب

ص: 195

} 02 سورة التكاثر آية (7 8)

قسمٍ مضمرٍ أُكِّدَ بهِ لَهُ الوعيدُ وشددَ بهِ التهديدُ وأوضحَ بِهِ مَا أُنذروُه بعدَ إبهامِهِ تفخيماً

ص: 196

{ثم لترونها} المشاهدةُ والمعاينةُ {عَيْنَ اليقين} أَيِ الرؤيةُ التي هيَ النفس اليقينِ فإنَّ علمَ المشاهدةِ أَقْصى مراتبِ اليقينِ

ص: 196

{ثم لتسألن يَوْمَئِذٍ عَنِ النعيم} أيْ عنِ النعيمِ الذي ألهاكُم الالتذاذ عنِ الدينِ وتكاليفِه فإنَّ الخطابَ مخصوصٌ بمنْ عكفَ همتَهُ عَلى استيفاءِ اللذاتِ وَلَمْ يعشْ إلَاّ ليأكلَ الطيبَ ويلبسَ اللينَ ويقطعَ أوقاتَهُ باللهوِ والطَّرَبِ لَا يعبأُ بالعلمِ وَالعملِ ولا يحملُ نفسَهُ مشاقهما فأمَّا منْ تمتعَ بنعمةِ الله تعالَى وتقوَّى بَها عَلى طاعتِهِ وكانَ ناهضاً بالشكرِ فهُوَ منْ ذلكَ بمعزلٍ بعيدٍ وَقيلَ الآيةُ مخصوصةٌ بالكفار عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم مَنْ قرأَ سورةَ التكاثرِ لَمْ يحاسبْه الله تعالَى بالنعيمِ الذي أنعمَ بهِ عليهِ في دارِ الدُّنيا وأُعطيَ منَ الأجرِ كأنَّما قرأَ ألفَ آية

ص: 196