الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأختلاف [44]
يعلم من الباب العاشر من كتاب يوشع أن بني إسرائيل لما قتلوا سلطان أورشليم كانوا تسلطوا على ملكه: ومن الآية الثالثة والستين من الباب الخامس عشر من الكتاب المذكور أنهم ما كانوا تسلطوا على مملكة أورشليم.
الأختلاف [45]
يعلم من الآية الأولى من الباب الرابع والعشرين من سفر صموئيل الثاني أن الله ألقى في قلب داود أن يعدّ بني إسرائيل، ويعلم من الآية الأولى من الباب [ص 96] الحادي والعشرين من السفر الأول من أخبار الأيام أن الملقي كان الشيطان، ولما لم يكن الله خالق الشر عندهم لزم الاختلاف القوي.
الاختلاف السادس والأربعون إلى الاختلاف الحادي والخمسون:
من قابل بيان نسب المسيح الذي في إنجيل متى بالبيان الذي في إنجيل لوقا وجد ستة اختلافات:
[1]
يعلم من متى أنه يوسف بن يعقوب، ومن لوقا أنه ابن هالي. [2] يعلم من متى أن عيسى من أولاد سليمان بن داود عليهم السلام، ومن
لوقا أنه من أولاد ناثان بن داود. [3] يعلم من متى أن جميع آباء المسيح من داود إلى جلاء بابل سلاطين مشهورون، ومن لوقا أنهم ليسوا بسلاطين ولا مشهورين غير داود وناثان. [4] يعلم من متى أن شلتائيل بن يوخانيا، ويعلم من لوقا أنه ابن نيرى. [5] يعلم من متى أن اسم ابن زور بابل أبيهود، ومن لوقا أن اسمه ريصا، والعجب أن أسماء بني زور بابل مكتوبة في الباب الثالث من السفر الأول من أخبار الأيام، وليس فيها أبيهود ولا ريصا فالحق أن كلاً منهما غلط.
[6]
من داود إلى المسيح عليهما السلام ستة وعشرون جيلاً على ما بَيَّن متى، وواحد وأربعون جيلاً على ما بَيَّن لوقا، ولما كان بين داود والمسيح مدة ألف سنة فعلى الأول يكون في مقابلة كل جيل أربعون سنة وعلى الثاني خمسة وعشرون، ولما كان الاختلاف بين البيانين ظاهراً بادي التأمل تحير فيهما العلماء المسيحية من زمان اشتهار هذين الإنجيلين إلى اليوم، ووجهوا بتوجيهات ضعيفة، ولذلك اعترف جماعة من المحققين مثل (اكهارن وكيسر وهيس وديوت ووى نروفرش) ، وغيرهم بأنهما مختلفان اختلافاً معنوياً، وهذا حق وعين الإنصاف، لأنه كما صدر عن الإنجيليين أغلاط واختلافات في مواضع أخر، كذلك صدر الاختلاط ههنا، نعم لو كان كلامهم خالياً عنها سوى هذا الموضع كان التأويل مناسباً وإن كان بعيداً، وآدم كلارك في ذيل شرح الباب الثالث من إنجيل لوقا نقل التوجيهات وما رضي بها وتحير، ثم نقل عذراً غير مسموع من مستر (هارمرسى) في الصفحة 408 من المجلد الخامس هكذا: "كان أوراق النسب تحفظ في اليهود حفظاً جيداً، ويعلم كلُّ ذي علم أن متى ولوقا اختلفا في بيان نسب الرب اختلافاً تحير فيه المحققون من القدماء 8 والمتأخرين، كما أنه فهم في المواضع الأخر الاعتراض في حق المؤلف، ثم صار هذا الاعتراض حامياً له، فكذلك
هذا أيضاً إذا صفا يصير حامياً قوياً لكن الزمان يفعله هكذا" فاعترف (بأن هذا الاختلاف اختلاف تحير فيه المحققون من القدماء والمتأخرين) وما قال (إن أوراق النسب كانت تحفظ في اليهود حفظاً جيداً) مردود، لأن هذه الأوراق صارت منتشرة برياح الحوادث، ولذلك غلط عزرا والرسولان عليهما السلام في بيان بعض النسب، وهذا المفسر يعترف به أيضاً، كما ستعرف في الشاهد السادس عشر من المقصد الأول من الباب الثاني، وإذا كان الحال في عهد عزرا هكذا فكيف يظن في عهد
الحواريين؟ وإذا لم يبق أوراق نسب الكهنة والرؤساء محفوظة، فأي اعتراف بورق نسب يوسف النجار المسكين، وإذا كان ثلاثة أشخاص من الأنبياء المعتبرين غلطوا في بيان النسب، ولم يقدروا على التمييز بين الغلط والصحيح، فكيف يظن بمترجم إنجيل متى الذي لم يعلم إلى الآن اسمه، فضلاً عن وَثَاقة أحواله وفضلاً عن كونه ذا إلهام، وبلوقا الذي لم يكن من الحواريين يقيناً، ولم يثبت كونُه ذا إلهام، فالغالب
أنه حصل لهما ورقتان مختلفتان في بيان نسب يوسف النجار، ولم يحصل لهما التمييز بين الصحيح والغلط، فاختار أحدهما بظنه إحدى الورقتين، والآخر الورقة الأخرى، ورجاء المفسر المذكور بأن الزمان يفعله هكذا رجاء بلا فائدة، لأنه إذا لم يصف إلى مدة ألف وثمانمائة، سيما في هذه القرون الثلاثة الأخيرة التي شاعت العلوم العقلية والنقلية فيها في ديار أوربا، وتوجهوا إلى تحقيق كل شيء، حتى إلى تحقيق الملة أيضاً فأصلحوا في الملة أولاً إصلاحاً مَا، فحكموا على المذهب العمومي في أول الوهلة بأنه باطل، وعلى البابا الذي كان مُقْتَدي الملة بأنه جاهل غدار، ثم اختلفوا في الإصلاح وافترقوا إلى فرق ثم كانوا يزيدون في الإصلاح يوماً فيوماً حتى ترقى المحققون غير المحصورين منهم لأجل زيادة تحقيقهم إلى أعلى درجة الإصلاح، حتى فهموا الملة المسيحية كالحكايات الباطلة والخيالات الواهية، فظن الصفاء في زمان آخر ظن عبث،
والتوجيه المشهور الآن هذا أنه يجوز أن يكون متّى كتب نسب يوسف، ولوقا كتب نسب مريم، ويكون يوسف خَتَن هالي، ولا يكون لهالي ابن فنسب الختن إليه، وأدخل في سلسلة النسب وهذا التوجيه مردود لوجوه: الأول: أن المسيح على هذا التقدير يكون من أولاد ناثان، لا من أولاد سليمان، لأن نسبه الحقيقي من جانب أمه ولا اعتبار لنسب يوسف النجار في حقه، فيلزم أن لا
يبقى المسيح مسيحاً، ولذلك قال مقتدي فرقة البروتستنت (كالوين) في رد هذا التوجيه:"من أخرج سليمان عن نسب المسيح فقد أخرج المسيح من كونه مسيحاً".
والثاني: أن هذا التوجيه لا يصح إلا إذا ثبت من التواريخ المعتبرة أن مريم بنت هالي، ومن أولاد ناثان، ومجرد الاحتمال لا يكفي لهذا، سيما في الصورة التي يرده المحققون فيها، مثل آدم كلارك المفسر وغيره، ويرده مقتداهم (كالوين) ولم يثبت هذان الأمران بدليل ضعيف فضلاً عن القوي، بل ثبت عكسهما لأنه صرح في إنجيل يعقوب أن اسم أبوي مريم (يهويا قيم وعانا) وهذا الإنجيل وإن لم يكون إلهامياً، ومن تصنيف يعقوب الحواري عند أهل التثليث المعاصرين لنا، لكن لا شك أنه من جَعل بعض أسلافهم وقديم جداً، ومؤلفه من القدماء الذين كانوا في القرون الأولى، فلا تنحط رتبته عن رتبة التواريخ المعتبرة، ولا يقاومه مجرد احتمال لا يكون له سند، وقال (اكستاين) أنه صرح في بعض الكتب التي كانت توجد في عهده (أن مريم عليها السلام من قوم لاوى) وهذا ينافي كونها من أولاد ناثان، وإذا لاحظنا ما وقع في الباب السادس والثلاثين من سفر العدد أن كل رجل يتزوج بامرأة من سبطه وقبيلته، وكذلك كل امرأة تتزوج برجل من سبطها
وقبيلتها، ولا تختلط الأسباط بعضها ببعض، وما وقع في الباب الأول من إنجيل لوقا أن زوجة زكريا كانت من بنات هارون ومريم عليها السلام كانت قريبة لزوجة زكريا وهذه كانت من بنات هارون قطعاً، فتكون مريم من بنات هارون، أيضاً، وإذا كانت كذلك كان زوجها المزعوم أيضاً من أولاد هارون، بحكم التوراة، ويكون بيان كل من الإنجيلين غلطاً من جَعليات أهل التثليث، ليثبت أن عيسى عليه السلام كان من أولاد داود، ولا يطعن اليهود في كونه مسيحاً موعوداً لأجل هذا، ولما لم تكن هذه
الأناجيل مشهورة إلى آخر القرن الثاني
لم يطلع أحد المحرفين على التحرير الجعلي للآخر فوقعا في الاختلاف.
والثالث: أنه لو كانت مريم بنت هالي لظهر الأمر للقدماء، ولو كان لهم علم بذلك لما وَجَّهوا بتوجيهات ركيكة يردّها المتأخرون ويشنعون عليها. والرابع: أن ألفاظ متى هكذا: (يعقوب اكينيسي تون يوسف) وألفاظ لوقا هكذا: (ديوس يوسف توهابي) فيعلم من كلتا العبارتين، أن كلاً من متى ولوقا يكتبان نسب يوسف.
والخامس: لو فرضنا أن مريم كانت بنت هالي فلا يصح ما في لوقا إلا بعد أن يثبت أن اليهود كان زواجهم: أن الختن إذا لم يكن لزوجته أخ كان يدخل في سلسلة النسب، ويكتب فيها في موضع الابن، لكنه لم يثبت هذا الأمر