الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ارتباكا، فالأولى أن نعلقهما- كما أرى- بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، أي قسمة هذه الأنصباء كائنة من بعد وصية. وجملة يوصي- بالبناء للمعلوم والمجهول- وقرىء بهما- صفة لوصية، وأو حرف عطف لإباحة الشيئين ودين عطف على وصية (آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً) الجملة معترضة بين قوله:
من بعد وصية، وقوله: فريضة من الله. وآباؤكم مبتدأ وأبناؤكم عطف على «آباؤكم» . وجملة لا تدرون خبر، أيهم: اسم استفهام مبتدأ وأقرب خبره والجملة في محل نصب سدت مسد مفعولي تدرون لأنها علقت بالاستفهام، ولكم جار ومجرور متعلقان بأقرب ونفعا تمييز. ويجوز أن تعرب أي- كما يقول سيبويه- موصولة مبنية على الضم وهي مفعول تدرون وأقرب خبر لمبتدأ محذوف تقديره:
هم أقرب، أما مفعول تدرون الثاني فهو محذوف، وكلا الوجهين سائغ ومقبول (فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً) فريضة مفعول مطلق لفعل محذوف يفهم من الجملة السابقة من الوصية، هكذا أعربوه. وفيه أن الفريضة ليست مصدرا ولكنها فعيلة بمعنى مفعوله، فالأولى جعلها حالا مؤكدة، ومن الله جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة لفريضة، وان واسمها، وجملة كان عليما حكيما خبرها، وجملة إن وما في حيزها تعليلية لا محل لها.
الفوائد:
قلنا: إن المعربين جميعا تضافروا على إعراب «لكل واحد» بدلا بإعادة الجار ويرد على هذا الإعراب نظر لا بد من مراعاته، وذلك أنه يكون على هذا التقدير من بدل الشيء من الشيء، وهما كعين واحدة،
ويكون أصل الكلام: والسدس لأبويه لكل واحد منهما. ومقتضى الاقتصار على المبدل منه التشريك بينهما في السدس، كما قال:«فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك» فاقتضى اشتراكهما فيه فيقتضي البدل لو قدر إهدار الأول افراد كل واحد منهما بالسدس وعدم التشريك، وهذا يناقض حقيقة هذا النوع من البدل لأنه يلزم في هذا النوع أن يكون مؤدى المبدل والبدل واحدا، وإنما فائدته التأكيد بمجموع الاسمين لا غير بلا زيادة معنى، فاذا تحقق ما بينهما من التباين تعذرت البدلية المذكورة، ولا يصح أن يكون من يدل التقسيم أيضا على هذا الإعراب، وإلا لزم زيادة معنى في البدل فالوجه إذن أن يقدر مبتدأ محذوف، كأنه قيل: ولأبويه الثلث، ثم لما ذكر نصيبهما مجملا فصله بقوله: ولكل واحد منهما السدس، وساغ حذف المبتدأ لدلالة التفصيل عليه ضرورة، إذ يلزم من استحقاق كل واحد منهما للسدس استحقاقهما معا للثلث، والله أعلم. ولا يستقيم أيضا على هذا الوجه جعله من بدل التقسيم ألا تراك لو قلت: الدار كلها لثلاثة: لزيد ولعمر ولخالد، كان هذا بدلا وتقسيما صحيحا، لأنك لو حذفت المبدل منه فقلت: الدار لزيد ولعمر ولخالد، ولم تزد في البدل زيادة استقام، فلو قلت: الدار لثلاثة: لزيد ثلثها ولعمرو ثلثها ولخالد ثلثها، لم يستقم بدل تقسيم، إذ لو حذفت المبدل منه لصار الكلام: الدار لزيد ثلثها ولعمر ثلثها ولخالد ثلثها، فهذا كلام مستأنف لأنك زدت فيه معنى تمييز ما لكل واحد منهم، وذلك لا يعطيه المبدل، ولا سبيل في بدل الشيء من الشيء الى زيادة معنى.
ولهذا كان لا بد من إعراب لكل واحد خبرا لمبتدأ محذوف، كأنه قيل: ولأبويه الثلث، أي لكل منهما السدس. وهذا من الدقة بمكان.