المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌ تحريم بيع الصور

الصورة ضمنًا، وسيأتي هذا الحديث في آخر الأحاديث التي ستأتي قريبًا - إن شاء الله تعالى.

إذا تقرر هذا فكيف يستجيز المسلم صناعة الصور ونصبها في مجلسه أو دكانه وهي من الأصنام التي تُعْبَد من دون الله - تعالى؟ وكيف يستحل المسلم بيعها وأكل ثمنها وذلك حرام عليه؛ لما في الصحيحين و"المسند" و"السنن" عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أنه سمع رسول صلى الله عليه وسلم يقول وهو بمكة عام الفتح: ((إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام

)) الحديث؛ قال الترمذي: حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم؟

وقال الخطابي: في تحريمه ثمن الأصنام دليلٌ على تحريم بيع جميع الصور المتَّخذة من الطين والخشب والحديد والذهب والفضة وما أشبه ذلك من اللعب ونحوها.

قلت: وكذلك فيه دليل على‌

‌ تحريم بيع الصور

المرقومة والمأخوذة بالآلة الفوتوغرافية؛ لأنها من جملة الأصنام.

ومن أعظم الصور تحريمًا على البائع المبتاع والمتَّخذ ما يُصْنَع في زماننا من المطاط على صور النساء فإذا نفخت لم يفرق الرائي بينها وبين الآدميات في الصورة الظاهرة، وكثير من الكَفَرة ومَن فسَّاق المسلمين يستعملونها للجماع بدل الآدميات، وذلك حرام كالزنا، وقد فشا بيعها وابتياعها في كثير من البلدان التي ينتسب أهلها

ص: 20

إلى الإسلام من غير نكير إلا أن يكون من أفراد قليلين مستضعفين لا يؤبه لهم ولا يستمع إلى قولهم، فالله المستعان.

وبائع هذه الصور الفتانة قد جمع بين إثمين عظيمين؛ أحدهما: بيع الأصنام، والثاني: الإعانة على فعل الفاحشة، إذ قد ثبت أنها تثير شهوة الرجال كما تثيرها الحسناء من الآدميات، وتدعو ذوي القلوب المريضة إلى الفجور بها كما تدعو إلى ذلك الحسناء من الآدميات.

وقد نص العلماء على أنه لا يجوز بيع الأمرد ممَّن علم أنه يفجر به، ولا يبع الأمة ممَّن يطؤها في الدبر، وهكذا يقال في بيع صور النساء والمردان؛ لأن الغالب على مشتريها أنه إنما يشتريها لفعل الفاحشة بها.

وقد حرم الله تبارك وتعالى جماع ما عدا الزوجات والسراري؛ فقال - تعالى - في وصف المؤمنين: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَاّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المؤمنون: 5 - 7].

فدلت الآية الثانية بمفهومها على أن الجامعِين للصور المصنوعة ملومون على جماعها، ودلت الآية الثالثة بالنص على أنهم عادون - والله أعلم.

فإن قال جاهل: إن الصور المصنوعة من ملك اليمين فيجوز وطئها

ص: 21