المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌ لعن المصورين

وفي قوله: "فليخلقوا حبة، أو ليخلقوا شعيرة" دليل أيضًا على أنه لا يجوز تصوير الشجر.

ومما يدل على المنع أيضًا حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أشد الناس عذابًا عند الله يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله))؛ متفق عليه.

وفي رواية لمسلم والنسائي: ((أن من أشد الناس عذابًا يوم القيامة الذين يشبهون بخلق الله)).

وظاهر هذا الحديث يقتضي العموم للحيوانات والنباتات وغيرها من مخلوقات الله - تعالى.

وقد ورد التصريح بالمنع في حديث ضعيف رواه ابن ماجه في "سننه" عن أبي أمامة رضي الله عنه أن امرأة أتت النبيَّ صلى الله عليه وسلم فأخبرته أن زوجها في بعض المغازي فاستأذنتْه أن تصوِّر في بيتها نخلة فمنعها أو نهاها.

وهذا الحديث مما يستأنس به، ويؤيده ما تقدَّم عن أبي هريرة وعائشة رضي الله عنهما والله أعلم.

الحديث التاسع: عن أبي جحيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم‌

‌ لعن المصورين

؛ رواه الإمام أحمد والبخاري وأبو داود الطيالسي في "مسنده".

وفي هذا الحديث من الفوائد تحريم التصوير وأنه من الكبائر؛ لأن اللعن لا يكون إلا على كبيرة.

ص: 46

وفيه شدة الوعيد للمصورين؛ لأن اللعن هو الطرد والإبعاد من رحمة الله - تعالى.

وفيه عموم التحريم للصور المجسدة لكل ما يسمى صورة من صور ذوات الأرواح، والله أعلم.

الحديث العاشر: عن عائشة رضي الله عنها أن أم حبيبة وأم سلمة رضي الله عنهما ذكرتا كنيسة رأياها بالحبشة فيها تصاوير فذكرتا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدًا وصوروا فيه تلك الصور، فأولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة))؛ متفق عليه.

وفيه من الفوائد تحريم التصوير وأنه من سنن النصارى، وأن المصورين من هذه الأمة متشبِّهون بهم.

وفي قوله: ((أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة)) وعيد شديد لهم، ودليل على سوء ما لهم في الدار الآخرة، وتحذير لهذه الأمة عن التشبه بهم.

الحديث الحادي عشر: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يخرج عنق من النار يوم القيامة له عينان تبصران وأذنان تسمعان ولسان ينطق يقول: إني وُكِّلتُ بثلاثة: بكل جبار عنيد، وبكل مَن دعا مع الله إلهًا آخر، وبالمصورين))؛ رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب.

ص: 47

وفيه من الفوائد تحريم التصوير، وأنه من الكبائر لشدة الوعيد عليه، وأن مآل المصورين إلى النار مع الجبابرة والمشركين، وظاهره أنه لا فرق بين الصور المجسمة وغير المجسمة.

الحديث الثاني عشر: عن عائشة رضي الله عنها قالت: واعَد رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام في ساعة يأتيه فيها فجاءت تلك الساعة ولم يأته وفي يده عصا، فألقاها من يده وقال:((ما يخلف الله وعده ولا رسله))، ثم التفت فإذا جرو كلب تحت سريره فقال:((يا عائشة، متى دخل هذا الكلب هنا؟))، فقالت: والله ما دريت، فأمر به فأُخْرِج فجاء جبريل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((واعدتني فجلست لك فلم تأتِ!))، فقال: منعني الكلب الذي كان في بيتك، إنا لا ندخل بيتًا فيه كلب ولا صوره؛ رواه مسلم.

ورواه ابن ماجه مختصَرًا ولفظه: قالت: واعَد رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام في ساعة يأتيه فيها فراث عليه، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فإذا هو بجبريل قائم على الباب فقال:((ما منعك أن تدخل؟))، قال: إن في البيت كلبًا، وإنا لا ندخل بيتًا فيه كلب ولا صورة))؛ إسناده صحيح.

الحديث الثالث عشر: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أخبرتني ميمونة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبح يومًا واجمًا فقالت ميمونة: يا رسول الله، لقد استنكرت هيئتك منذ اليوم، قال

ص: 48

رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن جبريل كان وعدني أن يلقاني الليلة فلم يلقني، أم والله ما أخلفني))، قال: فظل رسول الله صلى الله عليه وسلم يومه ذلك على ذلك، ثم وقع في نفسه جرو كلب تحت فسطاط لنا فأمر به فأُخْرِج، ثم أخذ بيده ماء فنضح مكانه، فلما أمسى لقيه جبريل فقال له: قد كنت وعدتني أن تلقاني البارحة، قال: أجل، ولكنَّا لا ندخل بيتًا فيه كلب ولا صورة))؛ رواه مسلم وأبو داود والنسائي والطبراني.

الحديث الرابع عشر: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: وعد النبي صلى الله عليه وسلم جبريل فراث عليه حتى اشتدَّ على النبي صلى الله عليه وسلم فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فلقيه فشكا إليه ما وجد فقال له: إنا لا ندخل بيتًا فيه صورة ولا كلب؛ رواه البخاري.

الحديث الخامس عشر: عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه الكآبة فسألته فقال: ((لم يأتني جبريل منذ ثلاث))، فإذا جرو كلب بين يديه فأمر به فقتل، فبدا له جبريل- عليه السلام فهشَّ إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:((ما لك لم تأتني؟)) فقال: إنا لا ندخل بيتًا فيه كلب ولا تصاوير؛ رواه الإمام أحمد وأبو داود الطيالسي.

الحديث السادس عشر: عن أبي هريرة رضي الله عنه وقد روي عنه من وجهين:

أحدهما: عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي

ص: 49

هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تدخل الملائكة بيتًا فيه تماثيل أو تصاوير))؛ رواه مسلم.

الوجه الثاني: عن مجاهد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أتاني جبريل فقال: إني كنت أتيتك البارحة فلم يمنعني أن أكون دخلت عليك البيت الذي كنت فيه إلا أنه كان في باب البيت تمثال الرجال، وكان في البيت قرام ستر فيه تماثيل، وكان في البيت كلب، فمُرْ برأس التمثال الذي بالباب فليُقْطْع فيصير كهيئة الشجرة، ومُرْ بالستر فليقطع ويجعل منه وسادتين منتبذتين تُوطَآن، ومُرْ بالكلب فيخرج))، ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ذلك الكلب جروًا للحسين أو للحسن تحت نضد له فأمر به فأُخْرِج؛ رواه الإمام أحمد وأهل السنن إلا ابن ماجه، وهذا لفظ الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح، وصححه أيضًا ابن حبان، ورواية النسائي مختصرة وفيها زيادة ليست عند أبي داود والترمذي.

ولفظه: استأذن جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((ادخل))، فقال: كيف أدخل وفي بيتك ستر فيه تصاوير؟ فإما أن تقطع رؤوسها أو يُجْعَل بساطًا يُوطَأ؛ فإنا معشر الملائكة لا ندخل بيتًا فيه تصاوير.

الحديث السابع عشر: عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تدخل الملائكة بيتًا فيه صورة ولا كلب ولا جنب))؛ رواه الإمام أحمد

ص: 50

وأبو داود الطيالسي وأهل السنن إلا الترمذي، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي.

ورواه الإمام أحمد أيضًا مطولاً وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((سمعت في الحجرة حركة فقلت: مَن هذا؟ فقال: أنا جبريل، قلت: ادخل، قال: لا، اخرج إليَّ، فلمَّا خرجت قال: إن في بيتك شيئًا لا يدخله مَلَك ما دام فيه، قلت: ما أعلمه يا جبريل، قال: اذهب فانظر، ففتحت البيت فلم أجد فيه شيئًا غير جرو كلب كان يلعب به الحسن، قلت: ما وجدت إلا جروًا، قال: إنها ثلاث لن يلج ملَك ما دام فيها أبدًا واحد منها: كلب، أو جنابة، أو صورة روح)).

الحديث الثامن عشر: عن أبي طلحة الأنصاري رضي الله عنه وقد روي عنه من ثلاثة أوجه:

الوجه الأول: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت أبا طلحة رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب ولا صورة))؛ رواه الإمام أحمد والشيخان وأبو داود الطيالسي وأهل السنن إلا أبا داود.

الوجه الثاني: عن الليث بن سعد، عن بكير بن عبدالله بن الأشج، عن بسر بن سعيد، عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه عن أبي طلحة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه صورة))، قال بسر: ثم اشتكى زيد بعدُ فعدناه فإذا على بابه ستر فيه صورة فقلت لعبيدالله الخولاني ربيب ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: ألم يخبرنا زيد عن الصور يوم الأول؟ فقال عبيدالله:

ص: 51

ألم تسمعه حين قال: إلا رقمًا في ثوب؛ رواه الإمام أحمد والشيخان وأبو داود والنسائي.

ورواه الشيخان أيضًا من حديث عمرو بن الحارث، أن بكير بن الأشج حدثه، أن بسر بن سعيد حدثه، أن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه حدثه ومع بسر بن سعيد عبيدالله الخولاني الذي كان في حجر ميمونة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم حدثهما زيد بن خالد، أن أبا طلحة رضي الله عنه حدثه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((لا تدخل الملائكة بيتًا فيه صورة))، قال بسر: فمرض زيد بن خالد فعدناه، فإذا نحن في بيته بستر فيه تصاوير فقلت لعبيدالله الخولاني: ألم يحدثنا في التصاوير؟ فقال: إنه قال: إلا رقم في ثوب ألا سمعته؟ قلت: لا، قال: بلى قد ذكره.

ورواه مسلم أيضًا وأبو داود من حديث سعيد بن يسار، عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه عن أبي طلحة الأنصاري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب ولا تمثال)).

وقال: انطلق بنا إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها نسألها عن ذلك، فانطلقنا فقلنا: يا أم المؤمنين، إن أبا طلحة حدثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا وكذا، فهل سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر ذلك؟ قالت: لا، ولكن سأحدثكم بما رأيته فعل؛ خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه وكنت أتحيَّن قُفُوله، فأخذت نمطًا كان لنا فسترته على العرض، فلما

ص: 52

جاء استقبلته فقلت: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، الحمد لله الذي أعزك وأكرمك، فنظر إلى البيت فرأى النمط فلم يرد علي شيئًا ورأيت الكراهية في وجهه، فأتى النمط حتى هتكه، ثم قال:((إن الله لم يأمرنا فيما رزقنا أن نكسو الحجارة واللبن))، قالت: فقطعته وجعلته وسادتين وحشوتهما ليفًا، فلم ينكر ذلك عليَّ؛ هذه رواية أبي داود وهي أتم من رواية مسلم.

الوجه الثالث: وهو الحديث التاسع عشر عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود أنه دخل على أبي طلحة الأنصاري رضي الله عنه يعوده، فوجد عنده سهل بن حنيف رضي الله عنه قال: فدعا أبو طلحة إنسانًا ينزع نمطًا تحته، فقال سهل: لم تنزعه؟ قال: لأن فيه تصاوير وقال فيها النبي صلى الله عليه وسلم ما قد علمت، قال سهل: أو لم يقل: ((إلا ما كان رقمًا في ثوب))؟ قال: بلى، ولكنه أطيب لنفسي؛ رواه مالك وأحمد والترمذي والنسائي، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

الحديث العشرون: عن إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة، أن رافع بن إسحاق مولى الشفا أخبره قال: دخلت أنا وعبدالله بن أبي طلحة على أبي سعيد الخدري رضي الله عنه نعوده، فقال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه تماثيل أو تصاوير، يشك إسحاق بن عبدالله لا يدري أيتهما قال أبو سعيد رضي الله عنه.

رواه مالك وأحمد والترمذي وابن حبان في "صحيحه"، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

ص: 53

الحديث الحادي والعشرون: عن علي رضي الله عنه قال: صنعت طعامًا فدعوت رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء، فرأى في البيت تصاوير فرجع؛ رواه ابن ماجه هكذا مختصرًا وإسناده صحيح، وبوَّب عليه بقوله:(باب إذا رأى الضيف منكرًا رجع).

ورواه النسائي أتمَّ منه ولفظه: قال: صنعت طعامًا فدعوت النبي صلى الله عليه وسلم فجاء، فدخل فرأى سترًا فيه تصاوير فخرج وقال:((إن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه تصاوير)).

ورواه أبو نعيم في "الحلية" بأبسط منه، ولفظه عن سعيد بن المسيب أن عليًّا رضي الله عنه صنع طعامًا فجاء النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا نظر في البيت رجع، فقال له علي: ما رجعك يا رسول الله - فداك أبي وأمي؟ قال: ((إني رأيت في بيتك سترًا فيه تصاوير، وإن الملائكة لا تدخل بيتًا في تصاوير)).

وفي هذا الحديث والأحاديث التسعة قبله عدة فوائد نذكر منها ما يتعلق بالمقصود في هذا الفصل:

فالأولى منها: امتناع الملائكة من دخول البيت إذا كان فيه صورة من صور ذوات الأرواح، وقد تقدم تعليل امتناعهم في فوائد الحديث الثاني فليراجع.

قال الخطابي - رحمه الله تعالى - والصورة التي لا تدخل الملائكة البيت الذي هي فيه ما يحرم اقتناؤه: وهو ما يكون من الصور التي فيها روح مما لم يقطع رأسه أو لم يمتهن، انتهى.

ص: 54

والمراد بالبيت: المكان الذي يستقر فيه الشخص سواء كان بناء أو خيمة أو غير ذلك، نبه على ذلك الحافظ ابن حجر في "فتح الباري".

الثانية: أنه لا فرق بين الصور المجسدة وغير المجسدة فكل منها مانع من دخول الملائكة كما تدل على ذلك عمومات الأحاديث التي ذكرت آنفًا، وحديث أبي هريرة رضي الله عنه في قصة جبريل صريح في امتناعهم من دخول البيت الذي فيه الصور التي ليست بمجسدة، وكذلك الحديث الأخير من حديثي علي رضي الله عنه صريح في ذلك أيضًا، وإذا كانت الصور التي ليست بمجسدة مانعة من دخول الملائكة فالصور المجسدة كذلك بل أَوْلَى، والله أعلم.

الثالثة: الرد على مَن أجاز صناعة الصور التي ليست بمجسدة، ومَن أجاز اتخاذها فيما لا يُوطَأ ويمتهن؛ كالبساط والمخدة ونحو ذلك، وحديث أبي هريرة رضي الله عنه صريح في الرد عليهم، وكذلك الأخير من حديثي علي رضي الله عنه وكذلك حديث عائشة رضي الله عنها في النمرقة.

وأما استثناء الرقم في الثوب كما في حديث زيد بن خالد وحديث عبيدالله بن عبدالله بن عتبة عن أبي طلحة وسهل بن حنيف - رضي

ص: 55

الله عنهما - فقد احتج به مَن أجاز اتخاذ الثياب والستور التي فيها الصور كما هو مروي عن زيد بن خالد رضي الله عنه.

قال النووي: وهو مذهب القاسم بن محمد، وقد أجاب عن ذلك النووي وابن حجر العسقلاني؛ فأما النووي فقال في "شرح مسلم" قوله:((إلا رقما في ثوب)) هذا يحتج به مَن يقول بإباحة ما كان رقمًا مطلقًا، وجوابنا وجواب الجمهور عنه: إنه محمول على رقم على صورة الشجر وغيره مما ليس بحيوان، وقد قدمنا أن هذا جائز عندنا، وأما ابن حجر فإنه ذكر جواب النووي بمعناه، ثم قال: ويحتمل أن يكون ذلك قبل النهي، كما يدل عليه حديث أبي هريرة الذي أخرجه أصحاب السنن.

قلت: هو الحديث السادس عشر مما تقدم ذكره قريبًا، ولعل زيد بن خالد والقاسم بن محمد لم يبلغهما حديث أبي هريرة وحديث علي رضي الله عنهما في المنع من تعليق الستور التي فيها الصور، ولم تبلغهما أيضًا الأحاديث التي تقتضي عموم النهي عن اتخاذ ما فيه صورة إلا ما كان في بساط ومخدة ونحوهما مما يداس ويمتهن، والله أعلم.

الرابعة: أن قطع رأس الصورة يزيل المحذور منها ويكفي في التغيير، وأما قطع غيره فلا يكفي عنه، ولو قطعت الصورة كلها سوى الرأس فالمحذور باقٍ، والتغيير المشروع لم يحصل كما سيأتي تقريره - إن شاء الله تعالى.

ص: 56