الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الضر، فإذا كشفه عنه رجع إلى كفره، وأن الحياة الدنيا قصيرة الأمد، ثم يعلم الكفار بعدئذ ما يحل بهم من النكال والوبال جزاء لهم على سيىء أعمالهم وقبيح أفعالهم.
الإيضاح
(وَقالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) أي وقال الله لعباده: لا تتخذوا لى شريكا ولا تعبدوا سواى، فإنكم إذا عبدتم معى غيرى جعلتموه لى شريكا، ولا شريك لى، إنما هو إله واحد، ومعبود واحد، وأنا ذاك، فاتقونى وخافوا عقابى، بمعصيتكم إياى، بإشراككم بي غيرى، أو عبادتكم سواى.
وإنما ذكر العدد مع أن صيغة التثنية مغنية عنه، للدلالة على أن المنهي عنه هى الاثنينية وأنها منافية للألوهية، كما أن وصف الإله بالوحدة فى قوله (إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ) للدلالة على أن المقصود إثبات الوحدانية وأنها من لوازم الألوهية، أما الألوهية فغير منكرة ولا متنازع فيها.
والخلاصة- إنه تعالى أخبر أنه لا إله إلا هو، وأنه لا تنبغى العبادة إلا له وحده (وَلَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ واصِباً) أي ولله ملك ما فى السموات والأرض من شىء، لا شريك له فى شىء من ذلك، وهو الذي خلقهم، وهو الذي يرزقهم، وبيده حياتهم وموتهم، وله الطاعة والإخلاص على طريق الدوام والثبات.
ثم ذكر ما هو كالنتيجة لذلك فقال:
(أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ) أي أفبعد أن علمتم هذا ترهبون غير الله، وتحذرون أن يسلبكم نعمة، أو يجلب لكم أذى، أو ينزل بكم نقمة إذا أنتم أخلصتم العبادة لربكم، وأفردتم الطاعة له، وما لكم نافع سواه.
وإجمال ذلك- إنكم بعد أن عرفتم أن إله العالم واحد، وعرفتم أن كل
ما سواه فهو فى حاجة إليه فى وجوده وبقائه، كيف يعقل أن يكون لامرئ رغبة أو رهبة من غيره؟
ولما بين أن الواجب ألا يتقى غير الله- ذكر أنه يجب ألا يشكر إلا هو فقال:
(وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ) أي وما بكم من نعمة فى أبدانكم من عافية وصحة وسلامة، وفى أموالكم من نماء وزيادة، فالله هو المنعم بها عليكم، والمتفضّل بها لا سواه، فبيده الخير وهو على كل شىء قدير، فيجب عليكم أن تشكروه على هذه النعم المتواصلة، وإحسانه الدائم الذي لا ينقطع.
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم
…
فطالما استعبد الإنسان إحسان
(ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ) أي ثم إذا أصابكم فى أبدانكم سقم ومرض أو حاجة عارضة، أو شدة وجهد فى العيش ووسائل الحياة، فإليه تصرخون بالدعاء وتستغيثون به ليكشف ذلك عنكم، علما منكم أنه لا يقدر على إزالة ذلك إلا هو.
(ثُمَّ إِذا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ) أي ثم إذا وهب لكم ربكم العافية، ورفع عنكم ما أصابكم من مرض فى أبدانكم، أو شدة فى معاشكم، بتفريج البلاء عنكم، إذا جماعة منكم يجعلون لله شريكا فى العبادة، فيعبدون الأوثان، ويذبحون لها الذبائح، شكرا لغير من أنعم بالفرج، وأزال من الضر.
ونحو الآية قوله: (وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً) .
قال السيد الآلوسى فى تفسيره: وفى الآية ما يدل على أن صنيع العوام اليوم من الجؤار إلى غير الله تعالى ممن لا يملك لهم بل ولا لنفسه نفعا ولا ضرا- عند إصابة الضر بهم وإعراضهم عن دعائه تعالى بالكلية- سفه عظيم وضلال جديد