الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيزيننّ لكم بوساوسه المعاصي والآثام ثم ختم السورة بذكر ما استأثر الله بعلمه، مما فى الكائنات، وهى الخمس التي اشتملت عليها الآية الكريمة، مما لم يؤت علمها ملك مقرّب، ولا نبى مرسل.
الإيضاح
(يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً) أي يا أيها المشركون من قريش وغيرهم، اتقوا الله وخافوا أن يحل بكم سخطه فى يوم لا يغنى والد عن ولده، ولا مولود هو مغن عن والده شيئا، لأن الأمور كلها بيد من لا يغالب، ومن لا تنفع عنده الشفاعة والوسائل التي تنفع فى الدنيا، بل لا تجدى عنده إلا وسيلة واحدة، هى العمل الصالح الذي قدمه المرء فى حياته الأولى.
ثم أكد ما سلف بقوله:
(إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ) أي اعلموا أن مجىء هذا اليوم حق، لأن الله قد وعد به، ولا خلف لوعده.
ثم حذرهم من شيئين، فقال:
(1)
(فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا) أي فلا تخدعنّكم زينة هذه الحياة ولذاتها، فتميلوا إليها وتدّعوا الاستعداد لما فيه خلاصكم من عقاب الله فى ذلك اليوم.
(2)
(وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ) أي ولا يغرنكم الشيطان، فيحملنّكم على المعاصي بتزيينها لكم، ثم إرجاء التوبة إلى ما بعد ذلك، ثم هو ينسينكم ذلك اليوم، فلا تتخذنّ له زادا، ولا تعدّنّه معادا.
ثم ذكر سبحانه خمسة أشياء لا يعلمها إلا هو، فقال:
(1)
(إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) فلا يعلمها أحد سواه لا ملك مقرّب، ولا نبى مرسل، كما قال:«لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ» .
(2)
(وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ) فى وقته المقدر له، ومكانه المعين فى علمه تعالى، والفلكيون وإن علموا الخسوف والكسوف، ونزول الأمطار بالأدلة الحسابية،
فليس ذلك غيبا، بل بأمارات وأدلة تدخل فى مقدور الإنسان، ولا سيما أن بعضها قد يكون أحيانا فى مرتبة الظن، لا فى مرتبة اليقين.
(3)
(وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ) أذكر هو أم أنثى، أتامّ الخلق أم ناقصه، أو نحو ذلك من الأحوال العارضة له.
(4)
(وَما تَدْرِي نَفْسٌ ماذا تَكْسِبُ غَداً) من خير أو شر.
(5)
(وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ) أي لا يدرى أحد أين مضجعه من الأرض؟ أفي بحر أم فى برّ، أم فى سهل، أم فى جبل.
(إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) أي إن الله عليم بجميع الأشياء، خبير ببواطنها كما هو خبير بظواهرها.
أخرج ابن المنذر عن عكرمة «أن رجلا يقال له: الوارث بن عمرو بن حارثة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد متى قيام الساعة، وقد أجدبت بلادنا، فمتى تخصب؟ وقد تركت امرأتى حبلى فما تلد؟ وقد علمت ما كسبت اليوم فماذا أكسب غدا؟
وقد علمت بأى أرض ولدت، فبأى أرض أموت، فنزلت الآية: إن الله عنده علم الساعة إلخ» .
وروى البخاري ومسلم عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مفاتيح الغيب خمس: إن الله عنده علم الساعة، وينزل الغيث، ويعلم ما فى الأرحام وما تدرى نفس ماذا تكسب غدا، وما تدرى نفس بأى أرض تموت إن الله عليم خبير» .
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.