الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ) أي وجعلنا من بنى إسرائيل رؤساء فى الخير، يهدون أتباعهم وأهل القبول منهم، بإذننا لهم وتقويتنا إياهم، لأنهم صبروا على طاعتنا، وعزفت أنفسهم عن لذات الدنيا وشهواتها، وكانوا من أهل اليقين بحججنا وبما تبين لهم من الحق.
وفى ذلك إيماء إلى أن الكتاب الذي آتيناكه سيكون هداية للناس، وسيكون من أتباعه أئمة يهدون مثل تلك الهداية.
(إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) أي إن ربك يقضى بين خلقه يوم القيامة فيما كانوا فيه فى الدنيا يختلفون من أمور الدين والثواب والعقاب، فيدخل الجنة أهل الحق، ويدخل النار أهل الباطل.
[سورة السجده (32) : الآيات 26 الى 27]
أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ أَفَلا يَسْمَعُونَ (26) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ (27)
المعنى الجملي
بعد أن أعاد ذكر الرسالة فى قوله: «وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ» أعاد هنا ذكر التوحيد مع ذكر البرهان عليه بما يرونه من المشاهدات التي يبصرونها.
الإيضاح
(أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ؟) أي أو لم يبين لهم طريق الحق كثرة من أهلكنا من القرون الماضية الذين يمشون فى أرضهم، ويشاهدون آثار هلاكهم كعاد وثمود وقوم لوط.
والخلاصة: أو لم يرشد هؤلاء المكذبين بالرسل ما أهلك الله قبلهم من الأمم الماضية بتكذيبهم لرسلهم، ومخالفتهم إياهم فيما جاءوهم به من سبل الحق، فلم يبق منهم باقية.
ونحو الآية قوله: «هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً» وقوله:
«فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا» وقوله: «فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها وَهِيَ ظالِمَةٌ فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ» .
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ) أي إن فى خلاء مساكن القرون الذين أهلكناهم من أهلها لما كذبوا رسلنا وجحدوا بآياتنا، وعبدوا غيرنا- لآيات لهم وعظات يتعظون بها لو كانوا من أولى الحجا.
(أَفَلا يَسْمَعُونَ؟) عظاتنا وتذكيرنا إياهم، وتعريفهم مواضع حججنا سماع تدبر وتفكر ليعتبروا بها.
وبعد أن بين قدرته على الإهلاك- أرشد إلى قدرته على الإحياء ليبين أن النفع والضر بيده تعالى، فقال:
(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ) الأرض الجرز: هى التي جرز نباتها وقطع، إما لعدم الماء، وإما لأنه رعى وأكل، يقال: ناقة جروز إذا كانت تأكل كل شىء، ورجل جروز أي أكول:
أي ألم يشاهد هؤلاء المكذبون بالبعث بعد الموت، والنشر بعد الفساد- أنا بقدرتنا نسوق الماء إلى الأرض اليابسة التي لا نبات فيها، فنخرج به زرعا أخضر تأكل منه ما شيتهم وتتغذى به أجسامهم، فيعيشون به؟.
(أَفَلا يُبْصِرُونَ؟) أي أفلا يرون ذلك بأعينهم، فيعلموا أن القدرة التي بها فعلنا ذلك لا يتعذر عليها أن تحيى الأموات وتنشرهم من قبورهم، وتعيدهم بهيئاتهم التي كانوا عليها قبل موتهم؟.