الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد ان محمداً عبده ورسوله.
أما بعد فقد اقتضت مصلحة تيسير المراجعة لأحكام الجنائز أن ألخصها وأقرب أحكامها لمن شاء الرجوع إليها وأخذ فكرة عامة سريعة عنها، وبخاصة عند حلول المناسبة مثل وفاة قريب أو حبيب لديه، فغنه مما لا يخفى أن الرجوع إلى كتابي أحكام الجنائز وبدعتها وقراءته كله والإحاطة بما فيه من الأحكام اللازمة في مثل هذا الحال مما لا يتيسر لأقل الناس لذلك رأيت أن ألخصه وأقرب إلى عامة القراء فوائده وبذلك أكون قد حققت رغبة ذلك الأخ العزيز الذي كان السبب المباشر لتأليف الحكام كما كنت ذكرت ذلك في ال
مقدمة
وهي رغبة يشاركه فيها الكثيرون من محبي السنة النبوية والحريصين على إحيائها في مختلف بلاد الدنيا عربا وعجما حتى أن بعضهم أقدم في مصر على اختصار الكتاب دون إذن مني أو علم ولعله قصد بذلك الأجر الأخروي فقط فإن الكثيرين من الناشرين والطابعين أخذوا يسرقون مؤلفاتي ويطبعونها ليتاجروا بها ويأكلوا ربحها سحتا وقد بلغت ببعضهم الوقاحة إلى حد انه طبع عليها عبارة طبع المكتب الإسلامي وهو بذلك مدلس كاذب ولقد كنا نشكو ولا نزال من سرقة الكتب وطبعها كما هي على طريقة التصوير الأوفست. وإذا بهذا البعض تصل به الجرأة إلى طبعه على طريقة تنضيد الأحرف والطبع من جديد ويدلس على الناس بأنها من طبع المكتب الإسلامي بطبع اسم المكتب عليه ولقد بلغني أن بعضهم أفتى بجواز سرقة الكتب وطبعها والتجارة بها دون إذن من مؤلفها وناشرها وهذا ظلم فاضح واستغلال غير شريف لجهود الآخرين من المؤلفين والناشرين الذين اتخذوا التأليف والنشر وسيلة من أشرف وسائل كسب الرزق الحلال فكيف يليق بمسلم بل بكافر أن يقطع عن هؤلاء رزقهم ويأكل هو ربح جهودهم وأتعابهم بله الإفتاء بجوازه؟ تالله إنها لإحدى الكبر!
ومن العجب ان يتنبه الرجال الغربيون لمثل هذا الظلم فيسنون القوانين العادلة لحفظ حقوق المؤلفين والناشرين والحيلولة بين السارقين وظلمهم ولا يتنبه له بعض المسلمين وهم يعلمون أن من دينهم تحريم الظلم مطلقا كمثل قوله تعالى في الحديث القدسي: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا..". رواه مسلم في صحيحه وقول النبي صلى الله عليه وسلم اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة". أخرجه البخاري ومسلم.
ولقد سمعت من بعض المغفلين الذين لا فقه عندهم انه يستجيز مثل هذه السرقة بحجة نشر العلم والله يعلم أن السارقين ما بهم نشر العلم وإنما همهم جمع المال بجهود غيرهم بدليل أنهم قد يطبعون ما لا يروق لهم من الناحية العلمية أو المذهبية من الكتب وما ذلك إلا لعلمهم برواجها وإقبال الناس عليها ومع ذلك فهم يقدمون على طبعها وسرقتها عملا بقاعدة من لا خلاق لهم الغاية تبرر الوسيلة فالله تعالى حسيبهم {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً} .
واعلم أيها القارئ الكريم أنني في هذا التلخيص قد حذفت تخريج الأحاديث اكتفاء بالأصل ولالتزامنا فيها الصحة كما هي عادتنا في كل مؤلفاتنا والحمد لله دائما وأبدا كما حذفت شيئا من بعض متونه وكثيرا من التعليقات التي لا صلة قوية لها بموضوع الكتاب وأضفت إليه قليلا من الفوائد التي لم تكن في الأصل.
والله أسأل ان ينفع به المسلمين ويجعله كأصله وسائر مؤلفاتي عونا لهم على اتباع الكتاب والسنة واستئنافهم للحياة الاسلامية التي لا سبيل إليها إلا بالعلم النافع والعمل الصالح إنه سميع مجيب.
عمان- الأردن 13 جمادى الآخر سنة 1402هـ
محمد ناصر الدين الألباني.
1-
ما يجب على المريض
1 -
على المريض أن يرضى بقضاء الله ويصبر على قدره ويحسن الظن بربه ذلك خير له لقوله صلى الله عليه وسلم:
"عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له".
وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله تعالى".
2 -
وينبغي عليه أن يكون بين الخوف والرجاء يخاف عقاب الله على ذنوبه ويرجو رحمة ربه لحديث أنس المعروف عند الترمذي وغيره:
أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على شاب وهو بالموت فقال: كيف تجدك؟ قال: والله يا رسول الله إني أرجو الله وإني أخاف ذنوبي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجو وأمنه مما يخاف"
3 -
ومهما اشتد به المرض فلا يجوز له أن يتمنى الموت.
صحيح فإن كان لا بد فاعلا فليقل: اللهم أحييني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي.
4 -
وإذا كان عليه حقوق فليؤدها إلى أصحابها إن تيسر له ذلك وإلا أوصى لأمره صلى الله عليه وسلم بذلك.
5 -
ولا بد من الاستعجال بمثل هذه الوصية لقوله صلى الله عليه وسلم:
"ما حق امرئ مسلم يبيت ليلتين وله شيء يريد أن يوصي فيه إلا ووصيته مكتوبة عند رأسه قال ابن عمر:
ما مرت علي ليلة منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك إلا وعندي وصيتي.
6 -
ويجب أن يوصي للأقربين الذين لا يرثون منه لقوله تبارك وتعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ} .
7 -
صحيح وله أن يوصي بالثلث من ماله ولا يجوز الزيادة عليه بل الأفضل أن ينقص منه لحديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه الثابت في الصحيحين:
كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فمرضت مرضا أشفيت منه على الموت فعادني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله إن لي مالا كثيرا وليس يرثني إلا ابنة لي أفأ وصي بثلثي مالي؟ قال: لا. قلت: بشطر مالي؟ قال: لا. قلت: فثلث مالي؟ قال:
"الثلث والثلث كثير" إنك يا سعد أن تدع ورثتك أغنياء خير لك من أن تدعهم عالة يتكففون الناس وقال بيده إنك يا سعد لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله تعالى إلا أجرت عليها حتى اللقمة تجعلها في في امرأتك.
قال: فكان بعد الثلث جائزا
وقول ابن عباس رضي الله عنه:
وددت أن الناس غضوا من الثلث إلى الربع في الوصية لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الثلث كثير"
8 -
ويشهد على ذلك رجلين عدلين مسلمين فإن لم يوجدا فرجلين من غير المسلمين على أن يستوثق منهما عند الشك بشهادتهما حسبما جاء بيانه في قول الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا
نَشْتَرِي بِه ثَمَناً وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً1 فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ} . ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ
9 -
وأما الوصية للوالدين والأقربين الذين يرثون من الموصي فلا تجوز لأنها منسوخة بآية الميراث وبين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم أتم البيان في خطبته في حجة الوداع فقال:
"إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث".
10 -
ويحرم الإضرار في الوصية كأن يوصي بحرمان بعض الورثة من حقهم من الإرث أو يفضل بعضهم على بعض فيه لقوله تبارك وتعالى: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ. . . . مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً. . .ثم قال: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ} .
ولقوله صلى الله عليه وسلم:
"لا ضرر ولا ضرار من ضار ضاره الله ومن شاق شاقه الله".
11 -
والوصية الجائرة باطلة مردودة لقوله صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد".
1 أي فإن اتفق الاطلاع على أن الشاهدين المقسمين استحقا إثما بالكذب والكتمان في الشهادة أو بالخيانة وكتمان شيء من التركة في حالة ائتمانهما عليها فالواجب أو فالذي يعمل لإحقاق الحق هو أن ترد اليمين إلى الورثة بأن يقوم رجلان آخران مقامهما من أولياء الميت الوارثين له الذين استحقا ذلك الإثم بالإجرام عليهم والخيانة لهم كذا في تفسير المنار وراجع تمام البحث فيه 7/222.
12 -
ولما كان الغالب على كثير من الناس في هذا الزمان الابتداع في دينهم ولا سيما فيما يتعلق بالجنائز كان من الواجب أن يوصي المسلم بأن يجهز ويدفن على السنة عملا بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} .
ولذلك كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصون بذلك والآثار عنهم بما ذكرنا كثيرة تراجع في الأصل منها: عن حذيفة قال:
إذا أنا مت فلا تؤذنوا بي أحدا فإني أخاف أن يكون نعيا وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن النعي.
ولهذا قال النووي رحمه الله تعالى في الأذكار:
ويستحب له استحبابا مؤكدا أن يوصيهم باجتناب ما جرت العادة به من البدع في الجنائز ويؤكد العهد بذلك.