المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌ تكفين الميت

11-

‌ تكفين الميت

.

33 -

وبعد الفراغ من غسل الميت يجب تكفينه لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك في حديث المحرم الذي وقصته الناقة:

". . . . وكفنوه. . . ." الحديث.

وقد تقدم بتمامه في الفصل 3 فقرة د

34 -

والكفن أو ثمنه من مال الميت ولو لم يخلف غيره لحديث خباب بن الأرت قال:

صحيح هاجرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبيل الله نبتغي وجه الله فوجب أجرنا على الله فمنا من مضى لم يأكل من أجره شيئا منهم مصعب بن عمير قتل يوم أحد فلم يوجد له شيء وفي رواية: ولم يترك إلا نمرة فكنا إذا وضعناها على رأسه خرجت رجلاه وإذا وضعناها على رجليه خرج رأسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ضعوها مما يلي رأسه وفي رواية: غطوا بها رأسه واجعلوا على رجليه الإذخر1"

ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهديها أي يجتنيها.

35 -

وينبغي أن يكون الكفن طائلا سابغا يستر جميع بدنه لحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه:

أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب يوما فذكر رجلا من أصحابه قبض فكفن في كفن غير طائل وقبر ليلا فزجر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقبر الرجل بالليل حتى يصلى عليه إلا أن

1 بكسر الهمزة والخاء حشيش معروف طيب الرائحة.

ص: 34

يضطر إنسان إلى ذلك وقال النبي صلى الله عليه وسلم:

"إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه إن استطاع".

قال العلماء:

والمراد بإحسان الكفن نظافته وكثافته وستره وتوسطه وليس المراد به السرف فيه والمغالاة ونفاسته.

36 -

فإن ضاق الكفن عن ذلك ولم يتيسر السابغ ستر به رأسه وما طال من جسده وما بقي منه مكشوفا جعل عليه شيء من الإذخر أو غيره من الحشيش لحديث خباب بن الأرت في قصة مصعب وقوله صلى الله عليه وسلم في نمرته:

"ضعوها مما يلي رأسه وفي رواية: غطوا بها رأسه واجعلوا على رجليه الإذخر".

وتقدم بتمامه في المسألة 34.

37 -

وإذا قلت الأكفان وكثرت الموتى جاز تكفين الجماعة منهم في الكفن الواحد بأن يقسم بينهم ويقدم أكثرهم قرآنا إلى القبلة لحديث أنس رضي الله عنه قال:

حسن لما كان يوم أحد مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بحمزة بن عبد المطلب وقد جدع ومثل به فقال:

لولا أن تجد صفية في نفسها ل تركته حتى تأكله العافية1 حتى يحشره الله من بطون الطير والسباع فكفنه في نمرة وكانت إذا خمرت رأسه بدت رجلاه وإذا خمرت رجلاه بدا رأسه فخمر رأسه ولم يصل على أحد من الشهداء غيره وقال: أنا شاهد عليكم اليوم.

قال: وكثرت القتلى وقلت الثياب قال: وكان يجمع الثلاثة والاثنين.

1 هي السباع والطير التي تقع على الجيف فتأكلها ويجمع على العوافي.

ص: 35

في قبر واحد ويسأل أيهم أكثر قرآنا فيقدم في اللحد وكفن الرجلين والثلاثة في الثوب الواحد1.

38 -

ولا يجوز نزع ثياب الشهيد التي قتل فيها بل يدفن وهي عليه لقوله صلى الله عليه وسلم في قتلى أحد:

"زملوهم في ثيابهم".

39 -

ويستحب تكفينه بثوب واحد أو أكثر فوق ثيابه كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمصعب بن عمير. وتقدم حديثه في المسألة 34.

40 -

والمحرم يكفن في ثوبيه اللذين مات فيهما لقوله صلى الله عليه وسلم في المحرم الذي وقصته الناقة:

. . . . وكفنوه في ثوبيه اللذين أحرم فيهما.

وتقدم بتمامه في الفصل 3 فقرة د

41 -

ويستحب في الكفن أمور:

الأول: البياض لقوله صلى الله عليه وسلم:

"البسوا من ثيابكم البياض فإنها خير ثيابكم وكفنوا فيها موتاكم".

الثاني: كونه ثلاثة أثواب لحديث عائشة رضي الله عنه قالت:

إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب يمانية بيض سحولية من كرسف ليس فيهن قميص ولا عمامة أدرج فيها أدراجا.

1 قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

معنى الحديث أنه كان يقسم الثوب الواحد بين الجماعة فيكفن كل واحد ببعضه للضرورة وإن لم يستر إلا بعض بدنه يدل عليه تمام الحديث أنه كان يسأل عن أكثرهم قرآنا فيقدمه في اللحد فلو أنهم في ثوب واحد جملة لسأل عن أفضلهم قبل ذلك كي لا يؤدي إلى نقض التكفين وإعادته ذكره في عون المعبود 3/165. وهذا التفسير هو الصواب وأما قول من فسره على ظاهره فخطأ مخالف لسياق القصة كما بينه ابن تيمية وأبعد منه عن الصواب من قال: معنى ثوب واحد قبر واحد لأن هذا منصوص عليه في الحديث فلا معنى لإعادته.

ص: 36

الثالث: أن يكون أحدها ثوب حبرة1 إذا تيسر لقوله صلى الله عليه وسلم:

"إذا توفي أحدكم فوجد شيئا فليكفن في ثوب حبرة".

الرابع: صحيح تبخيره ثلاثا لقوله صلى الله عليه وسلم:

"إذا أجمرتم الميت فأجمروه ثلاثا"

وهذا الحكم لا يشمل المحرم لقوله صلى الله عليه وسلم في المحرم الذي وقصته الناقة. . . . "ولا تطيبوه. . .".

42 -

ولا يجوز المغالاة في الكفن ولا الزيادة فيه على الثلاثة لأنه خلاف ما كفن فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تقدم في المسألة السابقة وفيه إضاعة للمال وهو منهي عنه ولا سيما والحي أولى به قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إن الله كره لكم ثلاثا: قيل وقال وإضاعة المال وكثرة السؤال".

ويعجبني بهذه المناسبة ما قاله العلامة أو الطيب في الروضة الندية 1 / 165.

وليس تكثير الأكفان والمغالاة في أثمانها بمحمود فإنه لولا ورود الشرع به لكان من إضاعة المال لأنه لا ينتفع به الميت ولا يعود نفعه على الحي ورحم الله أبا بكر الصديق حيث قال: إن الحي أحق بالجديد لما قيل له عند تعيينه لثوب من أثوابه في كفنه: إن هذا خلق.

43 -

والمرأة في ذلك كالرجل إذ لا دليل على التفريق.

1 بكسر الحاء المهملة وفتح الموحدة ما كان من البرود مخططا والمراد هنا ما غلب عليها البياض.

ص: 37