الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العجزة". والصلة في الحقيقة إنما هي الجملة المحذوفة، وحرف الجرّ والظرفِّ متعلقانِ بفعلها.
(3)
يجوز أن يُحذَفَ الضميرُ العائد إلى الموصول، إن لم يقع بحذفه التباسٌ كقوله تعالى {ذَرْني ومَنْ خلقتُ وحيداً} ، أي خلقتهُ، وقوله {فاقضِ ما أنتَ قاضٍ} ، أي قاضيه، وقولهم "ما أنا بالذي قائلٌ لك سوءًا، أي بالذي هو قائلٌ.
(أسماء الاستفهام)
إسمُ الإستفهامِ هو اسمٌ مُبْهَمٌ يُستعلَمُ به عن شيءٍ، نحو "مَنْ جاء؟ كيفَ أنتَ؟ ".
وأسماءُ الإستفهامِ هي "مَنْ، ومَنْ ذا، وما، وماذا، ومتى، وأيّانَ، وأَينَ، وكيفَ، وأنّى، وكمْ، وأَيُّ".
وإِليكَ شرحها
من ومن ذا
(مَنْ ومَنْ ذا) يُستفهَمُ بهما عن الشخص العاقل، نحو "مَنْ فعلَ هذا. ومَنْ ذا مُسافرٌ؟ "، قال تعالى {مَنْ ذا الذي يُقرِضُ اللهَ قرْضاً حَسناً، فَيُضاعفه له؟} .
وقد تُشربَانِ معنى النّفيِ الإنكاريّ، كقولك "مَنْ يستطيع أن يَفْعَلَ هذا؟ "، أي لا يستطيعُ أن يفعله أحد. ومنه قولهُ تعالى {ومَنْ يَغفِرُ الذنوبَ إِلا اللهُ؟!} أي لا يغفرها إلا هو، وقوله {مَنْ ذا الذي يَشفَعُ عندَهُ إِلا بإِذنه؟!} أي لا يشفع عنده أحدٌ إلا بإِذنه.
ما وماذا
(ما وماذا) يُستفَهمُ بهما عن غير العاقلِ من الحيوانات والنبات والجماد والأعمال، وعن حقيقةِ الشيءِ أو صفتهِ، سواءٌ أكان هذا الشيءُ عاقلاً أم غيرَ عاقلٍ، تقولُ "ما أو ماذا ركبتَ، أو اشتريتَ؟ ما أو ماذا كتبتَ؟ "، وتقول "ما الأسدُ؟ ما الإنسانُ؟ ما النَّخل؟ ما الذهبُ؟ "، تستفهمُ عن حقيقة هذه الأشياء، وتقول "زهيرٌ من فُحول شعراءِ الجاهلية"، فيقولُ قائلٌ "ما زهيرٌ! " يستعلمُ عن صفاته ومُمَيزاته.
(وقد تقع "من ذا وماذا" في تركيب يجوز أن تكونا فيها إستفهاميتين. وأن تكون "من وما" للاستفهام. و"ذا" بعدهما اسم موصول. وقد تتعين "من وما" للإستفهام؛ فتتعين "ذا" للموصولية أو الإشارة. وقد تقدم شرح ذلك في الكلام على "ذا" الموصولية في الفصل السابق) .
(من وما) النكرتان الموصوفتان
كما تقعُ "مَنْ وما" مَوصوليَّتينِ واستفهاميَّتين"، كما تقدَّم، تقعانِ شرطيتين، كقوله تعالى:{مَن يَعْمَلْ سواءا يُجْزَ بِهِ} [النساء: 123]، وقوله:{َمَا تُنْفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ} [البقرة: 272] .
وقد تقعانِ نكرتين موصوفتين. ويتعينُ ذلك، إذا وُصِلتا بمفرد، أو سبقتهما "رُبَّ الجارَّةُ"، لأنها لا تُباشرُ إلاًَّ النّكراتِ. فمن وصفهما بمفردٍ أن تقولَ "رأيتُ مَنْ مُحبًّا لك، وما سارًّا لك، أي شخصاً مُحبًّا لك، وشيئاً سارًّا لك، و"جئتُك بمنْ مُحِبٍّ لك، وبما سارٍّ لك" أي بشخصٍ مُحبٍّ لك، وشيءٍ سارٍّ لك، ومنه قولُ حَسَّان بنِ ثابت [من الكامل]
فكفَى بِنا فَضلاً على مَنْ غيرِنا
…
حُبُّ النَّبيِّ مُحمَّدٍ إِيّانا
أي على قومٍ غيرِنا، وقولُ الآخر [من الطويل]
لِما نافِعٍ يَسْعى اللَّبيبُ، فَلا تكُن
…
لشيءٍ بعيدٍ نَفْعُهُ، الدَّهْرَ ساعيا
(ولا يجوز أن تكون "من وما" فيما تقدم موصولتين، لأن الاسم الموصول يحتاج إلى جملة توصل به، وهو هنا موصول بمفرد. فان رفعت ما بعدها على انه خبر لمبتدأ محذوف تقديره (هو) جاز فتكونان حينئذ إما نكرتين موصوفتين بجملة المبتدأ والخبر، وإما موصولتين، وجملة المبتدأ والخبر صلة لهما. فاذا قلت "جاءَني من محب لي، وما سار لي"، جاز أن تكونا موصوفتين بمفرد، فيكون (محب وسار) صفتين لهما، وان تكونا موصوفتين بجملة، فيكون محب وسار خبرين لمبتدأين محذوفين، وجاز أن تكونا موصولتين بجملة المبتدأ والخبر) .
ومِن سبقِ (رُبَّ) إيَّاهما قول الشاعر [من الرمل]
رُبَّ مَنْ أنضجْتُ غَيظاً قَلْبَهُ
…
قَدْ تَمَنَّى لِيَ مَوْتاً لم يُطَعْ
أي رُبَّ رجلٍ، وقولُ الآخر [من الخفيف]
رُبَّ ما تَكْرَهُ النُّفوسُ من الأَمرِ -
…
- لَهُ فَرْجةٌ كَحَلِّ الْعِقالِ
أي رُبَّ شيءٍ من الأمر.
(ولا يجوز أن تكون (من وما) هنا موصولتين، لأن الاسم الموصول معرفة، و (ربَّ) لا تباشر شيئاً من المعارف. فلا تدخل إلا على
النكرات) .
وإذا قلتَ "اعتصمْ بمن يَهديكَ سبيلَ الرَّشاد، وتَمسَّكْ بما تَبلُغُ به السَّداد، جاز أن تكونا موصولتين، فالجملة بعدهما صلةٌ لهما، وأن تكونا نكرتين موصوفتين، فالجملة بعدهما صِفةُ لهما.
(فان كان المراد بمن يهدي شخصاً معهوداً، وبما تبلغ أمراً معهوداً، كانتا موصولتين، وإن كان المراد شخصاً ما هادياً، وأمراً مبلغاً، كانتا نكرتين موصوفتين) .
وأما قوله تعالى "ومن الناسِ مَنْ يقول آمنَّا" فجزمَ قومٌ بأنها موصوفةٌ، وجماعةٌ بأنها موصولةٌ. والأول أقربُ. وقال الزمخشريُّ "إن قَدَّرتَ (ألْ) أي (في الناس) للعَهدِ، فموصولةٌ، أو للجنس، فموصوفةٌ".
(يريد أن المعرّف بأل العهدية تعريفه معنوي كما هو لفظي، فيناسبه أن تجعل "من" موصولية، لأن الموصول معرفٌ تعريفٌ ما تسبقه "أل" العهدية. وأما المعرفُ بأل الجنسية فتعريفه لفظي، وهو في معنى النكرة، فيناسبه أن تجعل "من" معه نكرة موصوفة) .
(متى) الاستفهامية
متى ظرفٌ يُستفهم به عن الزَّمانين الماضي والمُستقبل، نحو "متى أتيتَ؟ ومتى تذهبُ؟ "، قال تعالى {متى نصرُ الله؟} ويكون اسمَ شرطٍ جازماً؛ كقول الشاعر
أنا ابنُ جَلا، وطَلاّعُ الثَّنايا
…
متى أضعِ الْعِمامةَ تَعْرفُوني
(أين) الاستفهامية
أين ظرفٌ يُستفهم به عن المكان الذي حلَّ فيه الشيءُ، نحو "أين
أخوكَ؟ أينَ كنتَ؟ أينَ تتعلَمُ؟ ".
وإذا سبقته "مِنْ" كان سُؤالاً عن مكان بُروزِ الشيءِ، نحو "من أينَ قَدِمتَ؟! ".
وإن تَظمَّنَ معنى الشرط جزم الفعلين مُلحقاً بِـ "ما" الزائدة للتوكيد، كقوله تعالى {أينما تكونوا يُدرككُم الموتُ} ، أو مجرداً منها، نحو "أينَ تَجلسْ أَجلسْ".
(أيان) الاستفهامية
أيَّانَ ظرفٌ بمعنى الحين والوقت. ويقاربُ معنى "متى". ويُستفهم به عن الزَّمان المستقبل لا غيرُ، نحو "أيَّانَ تُسافرُ؟ " أي في أيّ وقت سيكونُ سفرُك؟ وأكثر ما يُستعمل في مواضع التَّفخيم أو التَّهويل، كقوله تعالى {يَسألُ أيَّانَ يومُ الدِّين؟} أي في أيّ وقتٍ سيكونُ يومُ الدين، أي يومُ الجزاءِ على الأعمال، وهو يومُ القيامة.
وقد تَتضمَّنُ "أيَّانَ" معنى الشرط فتجزم الفعلينِ، مُلحَقةً بـ (ما) الزائدة، أو مجرَّدةً عنها، نحو "أيَّانَ، أو أيَّانَ ما تَجتهدْ تَنجحْ".
(كيف) الاستفهامية
كيفَ اسمٌ يُستفهمُ به عن حالةِ الشيء، نحو "كيفَ أنتَ؟ "، أي على أيَّة حالةٍ أنتَ؟.
وقد تُشرَبُ معنى التَّعجُّبِ، كقوله تعالى {كيفَ تكفرون بالله!} ، أو معنى النفي والإنكار، نحو "كيف افعلُ هذا! "، أَو معنى التوبيخ، كقوله تعالى {وكيفَ تكفرون! وأنتم تُتلى عليكم آياتُ الله، وفيكم
ورسولهُ} .
و (كيفَ) اسمٌ مبنيٌّ على الفتح، ومحلُّهُ من الإعراب، إما خبرٌ عما بعده، إن وقع قبل ما لا يُستغنى عنه، نحو "كيفَ أنتَ؟ وكيفَ كنتَ؟ " ومنه أن تقعَ ثاني مفعوليْ "ظَنَّ" وأخواتها، لأنه في الأصل خبرٌ، نحو "كيفَ تَظُنُّ الأمرَ؟ ". وإِما النصبُ على الحال مما بعدهُ، إن وقع قبل ما يُستغنى عنه، نحو "كيفَ جاءَ خالدٌ؟ " أي على أيّ حالٍ جاء؟ وإما النصبُ على المفعوليَّةِ المُطلقةِ، كقوله تعالى {ألم تَرَ كيفَ فعلَ ربُّكَ بأصحاب الفيل؟} ، أي أيَّ فعلٍ فعل؟
وقد تتضمَّنُ (كيفَ) معنى الشرطِ، ملحقةً بِـ (ما) الزائدة للتوكيد، نحو "كيفما تكنْ يكنْ قرينُك"، أو غيرَ مُلحَقةٍ بها، نحو "كيف تجلسْ أجلسْ". ومن النُّحاةِ من يجزمُ بها، كما رأيت (وهم الكوفيُّون) . ومنهم من يجعلُها شرطاً غيرَ جازمٍ، فالفعلان بعدها مرفوعان (وهم البصريُّون) .
(انّى) الاستفهامية
أنّى تكونُ للإستفهام، بمعنى (كيف)، نحو أنّى تفعلُ هذا وقد نُهيتَ عنه؟ " أي كيفَ تفعلهُ؟ وبمعنى (مِنْ أينَ) كقوله تعالى:{يامريم أنى لَكِ هذا} [آل عمران: 37] أي من أينَ لكِ هذا؟ وإذا تضمَّنتْ معنى الشرطِ جزمت الفعلين، نحو "أنّى تجلس أجلسْ" وهي ظرفٌ للمكان.
(كم) الاستفهامية
كمْ يُستفهم بها عن عَدَدٍ يُراد تعيينُه، نحو كمْ مشروعاً خيريًّا أعنتَ؟ " أي كمْ عَدَدُ المشروعاتِ الخيرية التي أعنتها؟
(اي) الاستفهامية
أي يُطلبُ بها تعيينُ الشيءِ، نحو "أيُّ رجلٍ جاءَ؟ وأيَّةُ امرأة جاءت؟ "، ومنه قوله تعالى {أيُّكم زادتهُ هذهِ إِيماناً؟} .