المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌(المعرفة والنكرة) المعرفةُ إِسمٌ دلَّ على مُعّينٍ. كعمرَ ودِمَشقَ وأنتَ. والنكرةُ إِسمٌ - جامع الدروس العربية - جـ ١

[مصطفى الغلاييني]

الفصل: ‌ ‌(المعرفة والنكرة) المعرفةُ إِسمٌ دلَّ على مُعّينٍ. كعمرَ ودِمَشقَ وأنتَ. والنكرةُ إِسمٌ

(المعرفة والنكرة)

المعرفةُ إِسمٌ دلَّ على مُعّينٍ. كعمرَ ودِمَشقَ وأنتَ.

والنكرةُ إِسمٌ دلَّ على غير مُعّينٍ كرجلٍ وكتابٍ ومدينةٍ.

والمعارفُ سبعةُ أَنواعٍ الضميرُ والعَلمُ وإسمُ الإشارة والإسمُ الموصولُ والإسمُ المقترنُ بِـ (أل) والمضافُ إلى معرفة والمنادى المقصودُ بالنداءِ.

(وقد تقدم الكلام على الضمير والعلم وإسم الإشارة والإسم الموصول. واليك الكلام على المقترن بأل والمضاف إلى معرفة والمنادى المقصود بالنداء) .

المقترن بأل

المقترنُ بألْ إسمٌ سبقتهُ (ألْ) فأفادتهُ التعريفَ، فصارَ معرفةً بعد أن كان نكرةً. كالرجل والكتاب والفرَس.

و (ألْ) كلُّها حرفُ تعريفٍ، لا اللَاّم، وحدها على الأصحّ. وهمزتُها همزةُ قطعٍ، وُصلت لكثرةِ الإستعمال على الأرجح.

وهي، إما أن تكون لتعريفِ الجنس، وتسمى الجنسيَّةَ. وإما لتعريفِ حصّةٍ معهودةٍ منهُ، ويُقال لها العَهْديّةُ.

ال العهدية

(ألْ العهديةُ) إما أن تكون للعهد الذِّكريّ وهي ما سبقَ لمصحوبها ذكرٌ في الكلام، كقولكَ "جاءني ضيفٌ، فأكرمت الضيفَ" أي الضيف المذكور. ومنه قولُه تعالى {كما أرسلنا إلى فِرعونَ رسولا، فعصى فرعونُ

ص: 147

الرسولَ".

وإما أن تكون للعهد الحُضوريّ وهو ما يكونُ مصحوبُها حاضراً، مثل "جئتُ اليومَ"، أي اليومَ الحاضرَ الذي نحن فيه.

وإما أَن تكون للعهد الذهنيّ وهي ما يكونُ مصحوبُها معهوداً ذهِناً، فينصرفُ الفكرُ ليه بمجرَّدِ النُّطقِ به، مثل "حضرَ الأميرُ"، وكأن يكون بينك وبينَ مُخاطَبك عهدٌ برجلٍ، فتقول حضرَ الرجلُ"، أي الرجلُ المعهودُ ذِهناً بينك وبين من تخاطبه.

ال الجنسية

(ألْ الجنسيّةُ) إِما أن تكون للإستغراقِ، أو لبيانِ الحقيقة.

والإستغراقيّةُ، إما أن تكون لإستغراق جميعِ أفرادِ الجنس. وهي ما تشملُ جميعَ أفرادِه، كقوله تعالى {وخُلِقَ الإنسانُ ضعيفاً} ، أي كلُّ فردٍ منه

وإما لإستغراق جميعِ خصائصهِ، مثل "أنتَ الرجلُ"، أي اجتمعت فيكَ كلُّ صفاتِ الرجال.

وعلامةُ (ألْ" الإستغراقية أن يَصلُحَ وقوعُ (كلٍّ) موقعَها، كما رأيت.

و (ألْ) ، التي تكونُ لبيانِ الحقيقة هي التي تُبينُ حقيقة الجنس وماهيّته وطبيعتَه، بقطعِ النظرِ عمّا يَصدُقُ عليه من أفراده، ولذلكَ لا يصحُّ حلولُ (كلٍّ) مَحلَّها. وتسمى "لامَ الحقيقةِ والماهيّةِ والطبيّعيةِ"، وذلكَ مثل "الإنسانُ حيوانٌ ناطقٌ"، أي حقيقته أنهُ عاقلٌ مدركٌ، وليس كلُّ إنسانٍ كذلك، ومثل الرَّجلُ أصبرُ من المرأَة"، فليس كلُّ رجلٍ كذلك، فقد يكون من النساءِ مَن تفوقُ بِجَلدِها وصبرها كثيراً من الرجال. فألْ هُنا لتعريف الحقيقةِ غيرَ منظورٍ بها إلى جميع أفرادِ الجنس، بل إلى ماهيَّته من حيثُ هي.

ص: 148

واعلم أنَّ ما تصحبُهُ (ألْ) الجنسيةُ هو في حُكم النكرةِ من حيثُ معناهُ، وإن سبقتهُ (ألْ) ، لأن تعريفهُ بها لفظيٌّ لا لا معنويٌّ فهو في حُكم عَلم الجنس، كما تقدَّمَ في فصل سابق.

وأما المُعرّفُ بِـ (ألْ) العهديّةِ، فهو معرَّفٌ لفظاً، لإقترانه بألْ، ومعنًى، لدلالتِه على مُعَيّنٍ.

والفرقُ بينَ المعرَّف بِـ (أَلْ) الجنسيّةِ وإِسمِ الجنس والنكرة، من وجهين معنويٌّ ولفظيٌّ.

أما من جهة المعنى، فلأنَّ المعرَّفَ بها في حكم المُقيَّد، والعاريَ عنها في حكم المُطلق.

(فاذا قلت "احترم المرأة"، فانما تعني امرأة غير معينة، لها في ذهنك صورة معنوية تدعو إلى احترامها. ولست تعني مطلق امرأة، أي امرأة ما، أية كانت صفتها وأخلاقها، وإذا قلت "إذا رأيت امرأة مظلومة فانصرها" فانما تعني مطلق امرأة، أية كانت، لا امرأة لها في نفسك صفتك ومميزاتها) .

وأما من جهة اللفظِ، فلأنَّ إسمَ الجنس النكرةَ نكرةق لفظاً، كما هو نكرةٌ معنًى. والمعرَّف بِـ (ألْ الجنسيةِ) نكرةٌ معنًى، معرفةٌ لفظاً، لإقترانه بألْ. فهو تَجري عليه أحكامُ المَعارف كصحة الإبتداءِ مثل "الحديدُ أنفعُ من الذَّهب"، ومجيءِ الحال منه، مثل "أكرم الرجلَ عالماً عاملاً".

وإذا وصَلَ مصوبُ (ألْ) الجنسية بجملةٍ مصمونُها وصفٌ له جاز أن تجعلها نعتاً له، باعتبار أَنه نكرةٌ معنًى وأن تجعلها حالاً منه باعتبار أنه مُعرَّفٌ بِألْ تعريفاً لفظياً. ومن ذلك قول الشاعر

ولَقَد أمُرُّ على اللَّثيمِ يَسُبُّني

فَمَضَيْتُ، ثُمَّتَ قلْتُ لا يَعنيني

ص: 149

وقول ُ أبي صخرٍ الهُذَليّ

وإِنِّي لَتَعروني لذِكْراكِ هِزَّةٌ

كَما انْتَفَضَ الْعُصفورُ بَلَّلَهُ القَطْرُ

ومثلُ المعرَّف بألْ الجنسيةِ ما أُضيف إلى المعرَّف بها كقول لبيدِ بنِ رَبيعة

وتُضيءُ في وَجْهِ الظَّلامِ مُنيرةً

كجُمانةِ سُلَّ نِظامُها

(فيجوز في جملة (يسبني) أن تكون نعتاً للئيم، وفي جملة (بلله القطرُ) أن تكون نعتاً للعصفور، وفي جملة (سُلّ نظامها) أن تكون نعتاً لجمانة البحري. باعتبار أن مصحوب (ألْ) الجنسية في معنى النكرة. ويكون التقدير في الأول على لئيم سابٍ إياي، وفي الثاني "كما انتفض عصفور بلل القطر إياه". وفي الثالث "كجمانة بحري مسلول نظامها". ويجوز أن نجعل هذه الجمل حالاً من المذكورات، باعتبار تعريها اللفظي، لأنها محلاّة بألْ الجنسية. ويكون التقدير "على اللئيم ساباً إياي"، وكما انتفض العصفور بالاً القطر إياه "وكجمانة البحري مسلولاً نظامها") .

أل الزائدة

قد تُزادُ "ألْ"، فلا تُفيدُ التّعريفَ

وزيادتُها إما أن تكون لازمةً، فلا تُفارِقُ ما تَصحَبُه، كزيادتها في الأعلام التي قارنت وضعَها كللاّتِ والعُزَّى والسَّمَوْأَلِ واليَسعِ، وكزيادتها في

ص: 150

الأسماءِ الموصولة كالذي والتي ونحوهما، لأن تعريفَ الموصولِ إنما هو بالصلة، لا بألْ على الأصحّ. وأما "الآن" فأرجحُ الأقوالِ أَن "أَلْ" فيه ليستْ زائدةً، وإنما هي لتعريفِ الحُضور، فهي للعهدِ الحضوريّ. وهو مبنيٌّ على الفتح، لتضمُّنه معنى إِسمِ الإشارة، لأنّ معنى "الآنَ" هذا الوقتُ الحاضرُ.

وإما أن تكون زيادتُها غيرَ لازمة، كزيادتها في بعض الأعلام المنقولةِ عن أصلٍ للمْحِ المعنى الأصليّ، أي لملاحظةِ ما يَتضمَّنُهُ الأصلُ المنقولُ عنهُ من المعنى، وذلك كالفضلِ والحارثِ والنُّعمان واليَمامةِ والوليدِ والرشيدِ ونحوها. ويجوزُ حذفُ "أَلْ" منها.

وزيادُتها سَماعيّة، فلا يُقال المُحمَّدُ والمحمودُ والصّالحُ فما وردَ عن العربِ من ذلك لا يُقاسُ عليه غيرُه.

(كذا قال النحاة. ولا نرى بأساً بزيادة (ألْ) على غير ما سمعت زيادتها عليه من الأعلام المنقولة عن اسم جنس أو صفة، إذا اريد بذلك الإشارة إلى الأصل المعني فما جاز لهم من ذلك لمعنى أرادوه، يجوز لنا لمعنى كالذي أرادوه. فيجوز لنا أن نقول فيمن اسمه صالح "جاء الصالح"، نلمح في ذلك معنى الصلاح في المسمى) .

وقد تُزاد "أَلْ" اضطراراً، كالداخلةِ على علمٍ لم يُسمع دُخولها عليه في غير الضَّرورة. كقول الشاعر [من الطويل]

رأيتُ الوَليدَ بنَ اليزيدِ مُبارَكاً

شَديداً بأَعباءٍ الخِلاقةِ كاهِلُهُ

ص: 151

فأدخلَ "ألْ" على (يَزيد) لضرورة الشعر، وهي ضرورة قبيحة، وكقول الآخر [من الكامل]

ولَقَدْ جَنَيْتُكِ أكْمُؤًا وعَساقِلا

ولَقَدْ نَهَيْتُكِ عَن بَناتِ الأَوْبَرِ

وإنما هي بناتُ أوبَرَ، وكالدَّاخلةِ على التمييز. كقوله [من الطويل]

رأَيتُكَ لمَّا أَنْ عَرَفْتَ وجُوهَنا

صَدَدْتَ، وطِبْتَ النَّفْسَ يا قَيْسُ عَنْ عَمْرِو

والأصلُ "طِبتَ نَفْساً، لأن التمييز لا يكونُ إلَاّ نكرة.

(ال) الموصولية

وقد تكونُ (ألْ) إِسمَ موصولٍ، بلفظٍ واحدٍ للمفرد والمثنى والجمع والمذكر والمؤنث، وهي الداخلة على اسم الفاعل واسم المفعول، بشرط أن لا يُرادَ بها العهدُ أو الجنسُ، نحو "أكرِمِ المُكرِمَ ضيفَه، والمُكرَمَ ضيفُه". أي الذي يُكرمُ ضيفَهُ، والذي يُكْرَمُ ضيفُهُ.

فإن أُريدَ بها العهدُ، نحو "انصُرِ المظلومَ"، كانت حرفَ تعريفٍ لا موصوليّة.

وإن كانت موصوليّة فصِلَتُها الصفةُ بعدَها، لأنها في قُوَّة الجملة، فهي شِبهُ جُملةٍ لدلالتها على الزمان، ورفعِها الفاعلَ أو نائبَهُ، ظاهراً أو مُضمَراً فالظاهرُ نحو "أكرمِ المُكرِمَ أبوه ضيفَهُ" والمُضمَر، نحو "أكرمَ المكرِمَ ضَيفه".

ص: 152

والإِعرابُ إنَّما هو لِـ (ألْ) ، فهي في ملح رفع أو نصب أو جرّ ويظهر إعرابُها على صِلَتها، وصِلتُها لا إِعرابَ لها. والرفعُ والنصبُ والجرُّ اللَّواتي يلحقنها، إنَّما هُنَّ أثرُ محلِّ (ألْ) من الإعراب.

وإذْ كانت الصفةُ الواقعةُ صِلَةً لِـ (ألْ) الموصوليَّةِ في قُوَّة الفعلِ ومرفوعه، حَسُنَ عطف الفعلِ ومرفوعهِ عليها. كقوله تعالى

{والعادياتِ ضَبْحاً فَالمُورِياتِ قَدْحاً، المُغيراتِ صُبْحاً، فأثَرْنَ بهِ نَقْعاً فَوَسَطْنَ بهِ جَمْعاً} ، وقولهِ {إنَّ المُصَّدِّقينَ والمُصَّدِّقات وأَقرَضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً} .

(أما إن كانت الصفة المقترنة بأل صفة مشبهة أو اسم تفضيل أو صيغة مبالغة، فألْ الداخلة عليها ليست موصولية. وإنما هي حرف تعريف، لأن هذه الصفات تدل على الثبوت فلا تشبه الفعل من حيث دلالته على التجدد، فلا يصح أن تقع صلة للموصول كما يقع الفعل) .

تعريف العدد بأل

إن كان العدَدُ مفرداً يُعرَّفُ كما يُعرَّفُ سائرُ الأسماءِ، فيقال "الواحدُ والإثنانِ والثلاثةُ والعشرة".

وإِن كان مركَّباً عديًّا يُعرَّفُ جُزؤُهُ الأوَّلُ فيقال

ص: 153

"الأحدَ عَشرَ والتِّسعةَ عشرَ".

وإن كان مُركباً إضافياً يُعرَّفُ جُزؤُهُ الثاني، مثل "ثلاثةً الأقلامِ، وستَّةً الكتبِ، ومِئةُ الدّرهمِ، وألفٍ الدِّينارِ"، وإذا تَعدَّدتِ الإضافةُ عرّفتَ آخرَ مضافٍ إِليه، مثل "خَمسِ مئةِ الألفِ، وسبعة آلافِ الدرهمِ، وخَمسِ مئةٍ ألفِ دينارِ الرجلِ، وستِّ ألفِ درهمِ غُلامِ الرجلِ".

وإن كان العددُ معطوفاً ومعطوفاً عليه يُعرَّفُ الجُزءانِ معاً. كالخمسة والخمسينَ رجلاً، والستَ والثمانينَ امرأةً.

(ومن العلماء من أجاز تعريف الجزءين في المركب الإضافي فيقول "الثلاثة الرجال والمئة الكتاب") .

المعرَّف بالاضافة

المُعرّفُ بالإِضافة هو اسمٌ نكرةٌ أُضيف إلى واحد من المعارف السابق ذِكرُها، فاكتسبَ التعريفَ بإضافته، مثل "كاب" في قولك "حملتُ كتابي، وكتابَ عليّ، وكتابَ هذا الغلام، وكتابَ الذي كان هنا وكتابِ الرَّجلِ". وقد كان قبل الإضافةِ نكرةً لا يُعرَفُ كتابُ من هو؟.

المنادى المقصود

المنادى المقصود هو اسمُ نكرةٌ قُصدَ تعيينُهُ بالنَّداءِ، مثل "يا رجلُ ويا تلميذُ"، إذا ناديتَ رجلاً وتلميذاًَ مُعيَّنين. فإن لم تُرِدْ تعيينَ أحدٍ قلتَ "يا رجلاً، ويا تلميذاً"، ويبقيانِ في هذه الحالة نكرتينِ، لعدم تخصيصهما بالنداءِ.

فإن ناديتَ معرفةً فلا شأنَ للنداءِ في تعريفها.

ص: 154