الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أي إِذا حملته على البغل. وحينئذٍ يُحكى على بنائه، وهو القياس، والمختارِّ عندَ المحققين، فتقول "رأيتُ غاقٍ"، بالكسر، "ركبتُ عَدَسْ" بالسكون. وقد يُعرَبُ لوقوعه موقعَ مُعرَبٍ، فيقال "رأيتُ غاقاً، وركبتُ عَدَساً".
(شبه الفعل من الأسماء)
والمرادُ به الأسماءُ التي تُشبهُ الأفعالَ في الدلالة على الحدثِ ولذا تُسمى "الأسماءَ المشبَّهةَ بالأفعال" و"الأسماءَ المُتصلةَ بالأفعال" أيضاً.
وهي تسعةُ أنواعٍ المصدرُ، واسمُ الفاعلِ، واسمُ المفعولِ، والصفةُ المشبّهةُ باسمِ الفاعلِ، وصِيَغُ المبالغة، وإِسمُ التفضيلِ، وإِسمُ الزَّمانِ، وإسم المكانِ، وإسمُ الآلةِ.
المصدر وانواعه
المصدرُ هو اللفظُ الدّالُّ على الحدَث، مُجرَّداً عن الزمان، متضمّناً أحرفَ فعلهِ لفظاً، مثلُ "علمَ عِلْماً، أو تقديراً، مثلُ "قاتلَ قِتالاً" أو مُعوَّضاً مِما حُذِفَ بغيره، مثلُ "وَعَدَ عِدةً، وسلّم تسليماً".
(فالعلم مشتمل على أحرف "علم" لفظاً. والقتال مشتمل على ألف "قاتل" تقديراً، لأن أصله "قيتال"، بدليل ثبوت هذه الياء في بعض المواضع، فنقول "قاتل قيتالاً، وضارب ضيراباً" وهذه الياءُ أصلها الألف في قاتل، انقلبت ياءً لانكسار ما قبلها. والعدّة أصلها "الوعد" حذفت الواو وعُوّضت منها تاءُ التأنيث. والتسليم أصله "السلام". بكسر السين وتشديد اللام، حذف أحدُ حرفي التضعيف، وعوّض منه تاءَ التفعيل، فجاء على
"تسلام" كالتكرار. ثم قلبوا الألف ياء، فصار إلى "التسليم". فالتاء عوضٌ من إِحدى اللامين.
فان تضمن الاسمُ أحرف الفعل ولم يدل على الحدث، كالكحل والدهن والجرح (بضم الأول في الثلاثة) ، فليس، بمصدر. بل هو امس للأثر الحاصل بالفعل، أي الأثر الذي يحدثه في الفعل) .
وان دلّ على الحدث، ولم يتضمن كل أحرف الفعل، بل نقص عنه لفظاً وتقديراً من دون عوض، فهو اسم مصدر، كتوضأ وضوءاً، وتكلم كلاماً، وسلم سلاماً، وسيأيت الكلام عليه.
والمصدرُ أصلُ الفعلِ، وعنهُ يَصدُرُ جميعُ المشتقّات.
وهو قسمان مصدرٌ للفعلِ الثلاثيّ المجرَّد كسَيرٍ وهدايةٍ، ومصدرٌ لما فوقَه كإكرامٍ وإِمتناعٍ وتَدحرُجٍ.
وهو أيضاً، إما أن يكون مصدراً غيرَ ميميٍّ "كالحياةِ والموتِ". وإما أن يكون مصدراً ميمياً "كالمَحيا والمَمات".
مصدر الفعل الثلاثي
لمصادر الأفعال الثلاثية أوزانٌ كثيرةٌ، وذلك
كَنَصْرٍ وعِلْمٍ، وشُغْلٍ، ورَحْمَةٍ، ونِشْدَةٍ وقُدْوَةٍ، ودَعْوَى، وذِكْرَى، وبُشْرَى، ولَيّانٍ وحِرْمانٍ، وغُفْرانٍ، وخَفَقانٍ، وطَلَبٍ، وخَنِقٍ، وصِغَرٍ، وهُدىً، وغَلَبَةٍ، وسَرِقَةٍ، وذَهابٍ، وإِيابٍ، وسُعالٍ، وزَهادَةٍ، ودِرايَةِ، وبُغايَةٍ، وكَراهِيَةٍ، ودُخولٍ، وقَبولٍ، وصهوبةٍ، وصَهيلٍ،
وسُؤْدَدٍ، وجَبَروتٍ، وصَيْرُورَةٍ، وشَبيبَةٍ، وتَهْلُكَةٍ، ومَدْخَلٍ، ومَرْجِعٍ، ومَسْعاةٍ، ومَحْمَدٍ، ومَحْمِدَةٍ، "يُقالُ فيهِما أَيضاً مَحْمَدٌ ومَحْمَدَةٌ.
و"فَعْلٌ" هو المصدرُ الأصليُّ للأفعال الثلاثية المجرَّدة، ثم عُدِلَ بكثير من مصادرها عن هذا الأصل، وبقيَ كثيرٌ منها على هذا الوزن.
ومِما يَدلُّ على هذا أنهم إذا أرادوا بناءَ المَرَّةِ والنوعِ رَجعوا إليه، فلم يَبنوهما من مصدر فِعلهما. إلا أنهم كسروا أوَّلَ المصدر النَّوعي، تمييزاً له من المَرَّة. فالمرَّة والنوع من الدُّخول والقيام والسُّعال دَخْلةٌ وَدِخْلةٌ، وقومةٌ وقِيمةٌ، وسَعْلةٌ وسِعْلةٌ".
المصادر الثلاثية القياسية
المصادر المتقدمة، الكثيرُ منها سَماعيٌّ. وإِنما يُقاسُ منها ما كان على وزن فَعْلٍ وفَعَلٍ، وفُعولٍ، وفِعالٍ، وفَعَلانٍ، وفُعالٍ، وفَعيلٍ، وفَعُولةٍ، وفَعالةٍ وفِعالةٍ.
(والمراد بالقياس هنا اذا وردَ شيءٌ ولم يعلم كيف تكلموا بمصدره، فإنك تقيسه على هذا؛ لا أنك تقيس مع وجود السماع فقد ورد مصادر عدة مخالفة لهذا القياس، فلا يجوز العدول عنها، كما ورد للفعل الواحد مصدران أو أكثر، أحدهما قياسي، وغيره سماعي، غير جار على القياس. وأجاز الفراء أن يقاس مع وجود السماع) .
والغالبُ فيما دلَّ من الأفعال على امتناعٍ، أن يكون مصدرُهُ على
وزن "فِعالٍ" كأبى إباءً، ونَفَرَ نِفاراً، وشَرَدَ شِراداً، وجَمحَ جِماحاً، وأبقَ إباقاً.
وفيما دلَّ على حركةٍ واضطرابٍ وتقلُّبٍ، أن يكون مصدرُه على "فَعْلَانٍ" كطافَ طَوفاناً، وجَالَ جَوَلاناً، وغَلى غَلياناً.
وفيما دلَّ على داءٍ، أن يكون مصدره على فُعالٍ "كسَعَلَ سُعالاً، وزَحَرَ زُحاراً ودارَ رأسُهُ دُواراً.
وفيما دلَّ على صَوْتٍ أن يكون مصدرُه على فُعالٍ أو فَعيلٍ"، فالأوَّلُ مثلُ "بغَمت الظبيةُ بُغاماً، وضَبَحتِ الخيلُ ضُباحاً".
والثاني مثلُ "صهَلَ الفرسُ صَهيلاً، وصخَدَ الصُّرَدُ صخيداً".
وقد يجتمعُ "فُعالٌ وفعيلٌ" مَصدَرينِ لفعلٍ واحدٍ مثل "نَعَبَ الغُرابُ نُعاباً ونعيباً، وأزَّت القِدْرُ أُزازاً، وصَرخَ صُراخاً وصريخاً، ونعَقَ الرَّاعي بغنمهِ نُعاقاً ونعيقاً". وفيما دلَّ على سيرٍ، أن يكون مصدرُهُ على "فَعيلٍ" كرَحلَ رحيلاً، وذّملَ البعيرُ ذَميلاً.
وفيما دلَّ على صناعةٍ أو حِرفةٍ، أن يكون مصدرُه على "فِعالةٍ"
كحاكَ حِياكةً، وزَرَعَ زِراعةً، وخَاطَ خِياطةً، وتَجرَ تِجارةً، وأمَرَ إمارةً، وسَفَرَ بين القوم سِفارَةً.
فإن لم يدُلَّ الفعلُ على معنًى من المعاني المذكورة، فقياسُ مصدره "فَعْلٌ" أو "فَعَلٌ" أو "فُعولٌ" أو "فَعالةٌ".
فـ "فَعْلٌ" مصدرٌ للفعل الثلاثيّ المتعدي كنصرَ نصراً، وردَّ ردًّا، وقالَ قولاً، ورمى رمياً، وغزا غزْواً، وفهمَ فهْماً، وأمِنَ أمْنًا.
و (فَعْلٌ) مصردٌ للثلاثيّ اللازمِ من باب "فَعِلَ" بكسر العين، كفَرِحَ فَرحاً وجَوِيَ جَوىً، وشَلَّتْ يَدُه شَلَلاً.
و (فُعولٌ) مصدرٌ للثلاثيّ اللازم من باب "فَعَل"، بفتح العين. كجلَسَ جُلوساً، وقعدَ قُعوداً، وسما سُمُوًّا، ونما نُموًّا. إلا ما دلَّ منه على امتناعٍ أو حركةٍ، أو داءٍ أو صوتٍ أو سيرٍ أو صناعةٍ، فمصدرُهُ كما تقدَّم.
و (فُعُولةٌ، وفَعالةٌ) مًصدران للفعل الثلاثيّ من باب "فَعُلَ" بضمِّ العين، فالأولُ. مثلُ "سَهُلَ سُهولةً، وصَعُبَ صُعوبةً وعَذُبَ عُذوبةً، ومَلُح مُلوحةً"، والثاني مثلُ "فَصُحَ فَصاحةً، وضَخُمَ ضخامةً، وجَزُلَ جَزالةً، وظَرُفَ ظرافةً".
هذا هو القياسُ الثابتُ في مصدرِ الفعل الثلاثيّ. وما وردَ على خلاف ذلك فهو سَماعيٌّ، يُقتصَرُ فيه على النّقل عن العرب. مثل "سَخِطَ سُخْطاً، ورَضِيَ رِضاً وذَهبَ ذَهاباً وشَكرَ شُكراناً، وعظمَ عَظمةً، وحَزِنَ
حُزناً، وجَحدَ جُحوداً، وركبَ رُكوباً"، وغير ذلك مما جاءَ مصدرُهُ على غير القياس.
وكثيرٌ مما جاءَ مخالفاً للقياس له مصدرٌ قياسيٌّ أيضاً.
مصدر الفعل فوق الثلاثي
إذا تجاوز الفعلُ ثلاثة أحرفٍ، فمصدرُهُ قياسيٌّ يجري على سَنَنٍ واحدٍ.
ومن المصادر القياسية مصدراً المرَّةِ والنوع، والمصدرُ الميميُّ، سواءٌ أكانَ لفعلٍ ثلاثيٍّ أم لِما فوقهُ.
قياس مصدر ما فوق الثلاثي
كلُّ فعلٍ جاوز ثلاثةَ أحرفٍ، ولم يُبدأَ بتاءٍ زائدة، فالمصدر منه يكونُ على وزنِ ماضيه، بكسر أوله وزيادة ألفٍ قبل آخره.
ثمَّ إن كان رُباعيَّ الأحرف كُسرَ أوَّلُه، فقط، نحو "أكرمَ إِكراماً، وزَلزلَ زِلزالاً".
وإن كان خُماسيَّها، أو سُداسيَّها، كُسِرَ ثالثُهُ، أيضاً تبَعاً لكسر أوَّلهِ، نحو "إنطَلق إنطلاقاً، وإحرنجمَ إحرنجاماً، وإستغفرَ إستغفاراً، وإطمأنَّ إطمنئاناً".
فإن بُدىءَ أوَّلهُ بتاءٍ زائدةٍ يَصرْ ماضيه مصدراً بضمِّ رابعهِ، مثلُ "تَكلَّمَ تَكلُّماً، وتَساقطَ تَساقطاً، وتَزلزلَ تَزلزُلاً".
إلَاّ إن كان الآخرُ ألفاً، فيجبُ قلبُها ياءً وكسرُ ما قبلها، نحو "توانى توانِياً، وتلقى تَلقِّياً".
وشَذَّ مجيءُ التَّفعيلِ مصدراً "لفعَّلَ"، و"المُفاعلة" مصدراً
"لفاعَلَ" والفَعْللَة مصدراً لفَعْللَ. وما أشبهها في الوزن. وسيأتي شرحُ ذلك.
وإليك تفصيل ما تقدَّم.
مصادر افعل وفعل وفاعل
(1)
ما كان على وزن "أفعلَ" صحيحَ العين، فمصدرُه على وزن "إفعال" نحو "أكرمَ إكراماً، وأوجدَ إيجاداً".
فإن اعتلَّت عينُه، نحو "أقامَ وأعانَ وأبانَ" جاء مصدرُه على (إقالةٍ) كإقامةٍ وإعانةٍ وإبانةٍ، حُذفت عينُ المصدر، وعوَّض منها تاء التأنيث. والأصلُ "إقوامٌ وإعوانٌ وإبيانٌ".
وقد تُحذفُ هذه التاءُ من المصدر، إذا أُضيفَ، كقوله تعالى {لا تُلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذِكرِ الله وإقامِ الصلاةِ وإيتاءِ الزكاةِ} .
وما كان منهُ مُعتلُّ اللام مثلُ "أعطى وأهدى وأوْلى" قُلبتْ لامهُ في المصدرِ همزةً كإعطاءٍ وإهداءٍ وإيلاءٍ.
(والأصل "إعطاوٌ وإهدايٌ وإيلايٌ"، وكذلك "عطاءٌ" أصله "عطايٌ"، قلبت الواو والياء همزة. لوقوعهما بعد ألف زائدة. قال في شرح القاموس "العرب تهمز الواو والياء إذا جاءتا بعد ألف، لأنّ الهمزة أحمل للحركة منهما، ولأنهم يستثقلون الوقف على الواو، وكذلك الياء، مثل "الرداء"، وأصله "راديٌ" اهـ. وسيأتي بسط ذلك في الكلام على
(الإبدال) ؛ في الجزء الثاني من هذا الكتاب) .
وقد يجيءُ "أفعلَ" على "فَعالٍ" بفتح الفاء، وتخفيف العين، نحو "أنبتَ نَباتاً، وأعطى عَطاءً، وأثنى ثَناءً"، فهذا اسمُ مصدرٍ، لا مصدرٌ، لنُقصانهِ عن أحرف فعلهِ.
(2)
ما كان على وزن "فَعَّلَ" بتشديد العين مفتوحةً - صحيحَ اللام، غيرَ مهموزها، فمصدره على "تَفْعيل"، نحو " عَظَّم تَعظيما، وعَلَّم تَعليماً".
وقد يجيءُ على "تَفْعِلة" نادراً، نحو جَرّبَ تَجربةً، وفَكَّرَ تَفكرةً، وذكَّر تَذكرةً".
فإن اعتلت لامهُ، نحو "وَصّى وسَمّى وزَكّى" جاء مصدره على وزن "تَفْعِلةٍ" كتوصيةٍ وتسميةٍ وتزكيةٍ، خُفِّفَ بحذف ياءِ "التفعيل"، وعُوِّض منها التاء.
وإِن هُمزت لامُهُ، نحو "جزّأَ وخطّأ وهنّأ" فمصدره على (تَفْعيل) وعلى (تَفْعِلة) مثلُ "تَجزيءٍ وتَجزئةً، وتَخطيءٍ وتَخطئةً، وتهنيءٍ وتَهنئةً".
وسمعَ مصدر (فَعَّل) على (فِعَال) - بكسر الفاءِ وتشديد العينِ مفتوحةً - قليلاً، فقالوا "كلَمتُهُ كِلاّماً"، وفي التّنزيل {وكذَّبوا بآياتنا كِذَّاباً} ، أي تكذيباً.
وجاء مصدرُه أيضاً على (تَفْعالٍ) ، بفتح التاء، نحو "رَدَّدَ تَرداداً، وَكرَّرَ تَكراراً وذَكّرَ تّذكاراً، وحَلّقَ تَحلاقاً وجَوَّالَ تَجوالاً، وطَوَّفَ تَطوافاً، ومنه (التَّلعاب) ، مصدرُ فعلٍ قد أميتَ في الاستعمال، وهو (لَعَّبَ) .
وكلُّ ما ورَدَ من مصادرِ (فَعَّلَ على غيرِ (التَّفعيل) يُحفظُ ولا يُقاس عليه.
وقد شذَّ مَجيءُ (التَّفعيل) مصدراً لفعَّلَ، وقياسُ مصدره أن يكون على (فِعَّالِ) . (أي بكسرِ أوَّل ماضيه، وزيادة ألفٍ قبلَ آخره) . وقد جاء على الفِعّالِ (الكِذَّابُ والكِلَاّمُ) .
(وكان هذا الوزن مستعملاً قديما، ثم أميت باهماله، فورثه "تَفعال" بفتح التاء. وقد ورد منه ألفاظ كالتطواف والتجوال والتكرار والترداد والتذكار والتحلاق. ثم أميت هذا الوزن أيضاً، فورثه (تفعيل) . وقد بقي هذا قياساً شاذاً لمصدر (فَعّلَ) فالفعل (بكسر الفاء وتشديد العين) أصل للتفعال (بفتح التاء) وهذا أصل للتفعيل، حذفوا من الفعل زائده، (وهو احدى العينين) ؛ وعوضوه من المحذوف التاء المفتوحة في أوله، فقالوا "فعّل تفعالا"، كطوَّف تطوافاً، ثم قلبوا ألف (التفعال) ياء فقالوا "فعّل تفعيلا". كطوّف تطويفاً.
(فمثل "سلّم تسليما"، فالتسليم أصله "التّسلام بفتح" التاء. وهذا أَصله "السلاّم" بكسر السين وتشديد اللام، بوزن "فعّال") .
(1)
ما كان على وزن (فاعلَ) فمصدره على (فِعالٍ ومُفاعلة) نحو "دافع دِفاعاً ومُدافعة، وجاوز جِواراً ومُجاورة".
وما كان منه مُعتلُّ اللام، مثلُ "والى ورامى وهادى" قلِبت لامُهُ في المصدر همزةً كوِلاءٍ، ورِماءٍ، وهِداءٍ.
وما كان فاؤُهُ من هذا الوزن (ياءً) يمتنع مجيءُ مصدره على (فعالٍ) ، فنحو "ياسَرَ ويامَنَ" ليس فيه إلَاّ (المياسَرة، والمُيامنة) .
وقد جاء مصدرُه على (فيعالٍ) نادراً، نحو "قاتلَ قيتالاً"، فلا يقاس عليه.
(وأعلم أن "الفيعال" هو القياس لمصدر "فاعل"، فهو أصل الفِعال، خفف بحذف يائه، واهمل في الاستعمال، وانما كان قياس مصدر فاعل هو (الفعال) ، لأن المصدر الرباعي الأحرف يبنى على ماضيه وزيادة ألف قبل آخره. كما قدمنا. فالأصل في الفيعال "فاعال" مبنياً على "فاعلَ" كسرت فاؤه، فانقلبت الألف بعدها ياء مراعاة للكسرة قبلها) . وقد شذَّ مجيءُ المُفاعلة مصدراً لفاعلَ، لأن القياسَ إنما هو (الفِعال) ولذا يجعلها المُحققون من العلماءِ اسماً بمعنى المصدر، لا مصدراً، لأن المصدر إنما هو (الفِعال) المُخفَّفُ من (الفِيعال) .
مصدر (فعلل) والملحق به
ما كان على زِنة (فَعْلَلَ) وما الحقَ به، فمصدرُه على (فَعْلَلة) كدحرجَ دَحرَجةً، وزَلزَل زَلزَلةً، وجَلْبَبَ جَلْبَبةً، وسَيْطرَ سَيْطرَةً، وحَوْقَلَ حَوْقَلةً".
فإن كان مَضاعفاً جاء أيضاً على "فِعْلالٍ" كزلزلَ زِلزالاً.
و (فِعْلال) ، في غير المضاعفَ، سَماعيُّ، يُحفَظُ ما سَمعَ منه، ولا يُقاسُ عليه "كسَرْهف سِرهافاً وحَوقلَ حِيقالاً". وبعض العلماء جَعلهُ
قياسيًّا.
وقد شذَّ مجيءُ (الفَعللة) مصدرً لِفَعلْلَ وما أشبههُ في الوزن. والقياسُ أن يكون على زِوَةِ (فِعْلال) بكسر الفاء. وهذا الوزن هو ما تكلَّموا به قديماً. ثمَّ خَصّثوهُ بما كان من وزن (فَعْللَ) مضاعفاً نحو زلزلَ زلزالاً ووسوسَ وِسواساً، ووشوَشَ وِشواشاً".
و (الفَعْللة) هذه، أصلُها (الفَعْلال) خَفَّفوهُ بفتح أوَّلهِ وحذفِ ألفهِ وزادوا التاء في آخره.
مصدر ما كان على خمسة احرف
مصدرُ انفعلَ "انفعال كانطلقَ انطلاقاً.
ومصدرُ افعتلَ "افتِعال" كاجتمع إجتماعاً.
ومصدرُ افعلَّ "افعِلال" كاحمرَّ إِحمراراً.
ومصدرُ تَفعَّل "تَفعُّل" كتكلَّمَ تكلُّماً.
ومصدرُ تَفاعَلَ "تَفاعُل" كتَصالحَ تَصالُحاً.
ومصدرُ تَفَعلل "تَفَعْلُلَ" كتدحرجَ تدحرُجاً.
وما كان من هذه الأفعال مُعتلَّ الآخر، مَبدوُءًا بهمزة، يُقلَب آخرُهُ همزةً كانطوى انطواءً، واقتدى اقتداءً.
وما كان معتلَّ الآخر من وزنيْ "تَفعَّلَ وتَفاعلَ" كتأنَّى وتغاضى، تُقلَب ألفُهُ ياءً ويُكسر ما قبلَها الكتأنِّي والتَّغاضي.
مصدر ما كان على ستة احرف
مصدرُ استفعلَ "استِفْعال" كاستغفَرَ استغفاراً.
ومصدرُ افعَوعلَ "افعيعال" كاخشَوشنَ اخشيشاناً.
ومصدرُ افعوَّلَ "افعِوَّال" كاعلوَّطَ اعلِوَّاطاً.
ومصدرُ افعالَّ "افعِلال" كادهامَّ ادهيماماً.
ومصدرُ افعَنْلل "افعِنْلال" كاحرنجم احرنجاماً.
ومصدرُ افعَللَّ "افِعلال" كاقشعرَّ اقشعراراً.
وما كان من هذه الأفعال، مُعتلّ الآخر يُلقبْ آخرُهُ همزةً كاستولى استيلاءً، واحلولى احليلاءً.
مصدر التأكيد
المصدرُ المُؤكدُ ما يُذكرُ بعدَ الفعل تأكيداً لمضمونه. ويبقى باؤُهُ على ما هو عليه، مثلُ "علمتُ الأمرَ علماً، وضربتُ اللصَّ ضرباً، وجُلتُ جَوَلاناً، وأكرمتُ المجتهدَ إِكراماً"، تريدُ من ذكر المصدر تأكيدَ حصولِ الفعل.
مصدر المرة
مصدرُ المَرَّةِ (ويُسمى مصدر العَدَدِ أيضاً) ما يُذكرُ لبيانِ عدَدِ الفعل.
ويُبنى من الثلاثيّ المجرَّد على وزنِ "فَعْلةَ" بِفتحِ الفاءِ وسكونِ العين، مثلُ "وَقفتُ وَقفةً، ووقفتينِ ووقفاتٍ".
فإن كان الفعلُ فوقَ الثلاثيِّ ألحقتَ بمصدره التاءَ، مثلُ "أكرمتُهُ إكرامةً، وفَرَّحتُهُ تفريحةً، وتدحرجَ تَدحرُجةً"، إِلاّ إِن كان المصدرُ مُلحقاً في الأصل بالتاءِ، فيُذكرُ بعدهُ ما يَدُلُّ على العدَد، مثلُ "رَحمتُهُ رحمَةً
واحدةً. وأقمتُ إِقامةً واحدةً، واستقمتُ استقامةً واحدةً"، وذلك للتَّفريق بينَ مصدرِ التأكيد ومصدرِ المَرَّة.
فإن كان للفعلِ من فوق الثلاثيّ المجرَّد، مصدرانِ، أحدُهما أشهر من الآخر، جاءَ بناءُ المرَّة على الأشهر من مصدرَيْه، فتقولُ "زلزلتُهُ زلزلةً واحدةً، وقاتلتُهُ مُقاتلةً واحدةً، وطَوَّفته تطويفةً واحدةً"، ولا تقولُ "زِلزالةً، ولا قِتالةً، ولا تَطوافةً".
وما كان من المصادر مُلحقاً بالتاء من أصله، فإِن كان من الثلاثيِّ المجرَّد رددتهُ إلى وزن (فَعْلة) فالمرَّة من النَّشدةِ والقُدْرة والغَلبة والسَّرَقة والدِّراية "نشدَةٌ وَقدْرَةٌ وغَلبْةٌ وسَرْقةٌ ودرْيةٌ".
وشذَّ قولهم "أَتيته إِتيانةً، ولقيتُهُ لِقاءَةً" ببناءِ المَرَّة على أصل المصدر، وهو الإتيان واللقاءِ، ويجوزُ أن يُقال "أتْيهَ ولَقْيهَ" على القياس، كما قال أبو الطَّيِّب [من الطويل]
لَقِيتُ بدَرْبِ الْفُلَّةِ الفَجْرَ لَقْيَةً
…
شَفَتْ كَبَدي، والليلُ فيهِ قَتيلُ
وإن كان من غير الثلاثيِّ المجرّد، أبقيتَهُ على حاله كدحرجةٍ وإِقامةٍ وتلبيةٍ واستعانةٍ.
وقد تكون (الفَعْلة) لغيرِ بناءِ المّرَّة كالرحمة، مصدر "رَحِمَ"، فتقول "رَحِمته رَحْمةً"، كما تقول "نَصَرته نَصراً".
مصدر النوع
مصدرُ النَّوعِ (ويُسمى مصدر الهيئة أيضاً) ما يُذكرُ لبيان نوع الفعل وصفتِه، نحو "وَقفْتُ وِفْقة"، أي وُقوفاً موصوفاً بصِفَةٍ.
وتلك الصفةُ، إما أن تُذكرَ، نحو "فلانٌ حسَنُ الوِقفة" وإما أن تكون معلومةً بقرينة الحال، فيجوز أن لا تذكر، كقولُ الشاعر [من البسيط]
ها، إِنَّ تا عِذْرَةٌ، إِن لم تكن نَفَعَتْ
…
فإنَّ صاحبّها قد تاهَ في البَلَدِ
أي إنَّ هذا عُذرٌ بليغٌ.
ويُبنى الثلاثيُّ المجردُ على وزن (فِعْلة) بكسر الفاءِ، مثل "عاشَ عيشةً حسنَةً، ومات مِيتة سيئةً، وفُلانٌ حَسَنُ الجِلسة، وفُلانةُ هادئةُ المِشيْة".
فإن كان الفعلُ فوق الثلاثيّ، يَصِرْ مصدرُهُ بالوصف مصدر نوعٍ، مثلُ "أكرمتهُ إِكراماً عظيماً".
وشذَّ بناءُ "فعلة" من غير الثلاثيّ، كقولهم "فُلانةُ حَسنَةُ الخِمْرة، وفلانٌ حَسنُ العِمَّةِ، أي الإختما والإعتمام، فبَنوْها من "اختمرَ واعتمَّ".
واعلم أنَّ المصدرَ الذي لم يخرج عن المصدريّةِ، أو لم يُرَدْ به المرّةُ أو النوعُ، لا يُثنّى ولا يُجمعُ ولا يؤنثُ، بل يبقى بلفظٍ واحدٍ. وكذا ما وُصف به من المصادر كرجلٍ عدلٍ، وامرأةٍ عدلٍ، ورجالٍ عدلٍ، ونساءٍ عدلٍ، وهذا أمرٌ حقُّ، وهذه مسألةٌ حقٌّ.
المصدر الميمي
المصدرُ، إمَّا أن يكونَ غيرَ ميميٍّ وهو ما لم يكن في أوَّله ميمٌ زائدةٌ كقراءةٍ واجتهادٍ ومَدٍّ ومُرورٍ. وإما أن يكون ميميًّا. وهو ما كان في
أوله ميمٌ زائدة كمَنْصرٍ ومَعْلَمٍ ومُنطلَقٍ ومُنْقَلَبٍ. وهي بمعنى النَّصر والعلم والإنطلاق والإنقلاب.
والمحقّقون من العلماءِ قالوا إنَّ المصدرّ الميميَّ اسمٌ جاءَ بمعنى المصدر، لا مصدرٌ.
والمصدر الميميُّ من المصادر القياسيَّة.
وزنه من الثُلاثيّ المُجرَّدِ "مفْعَلٌ"، بتفح الميم والعين، مثلُ "مَقْتَلٍ ومَضرَبٍ ومَعْلَمٍ ومَوْجَلٍ ومَرقىً".
إلاّ إذا كان مثالاً واويًّا محذوف الفاس، فَوَزْنُهُ "مفْعِل"(بكسر العين) ، مثلُ "مَوْرِدٍ ومَورِثٍ ومَوْعِدٍ".
(أما المصدر الميمي من "وفى ووقى" فهو "موفى وموقى" على وزن "مفعل" (بفتح العين) ، لأنه ليس مثالا، بل هو لفيف مفروق. ووزن "مفعل"، بكسر العين، انما هو للمثال المحذوف الفاء كما علمت) .
ووزنُهُ من غير الثلاثيّ المجرَّدِ كوزن اسم المفعول منه تماماً مثلُ "اعتقدتُ خيرَ مُعتَقَدٍ، وإنما مُعْتَمدي على الله".
وقد يُبنى المصدرُ الميميُّ من الثلاثيّ المجرَّدِ على وزن "مَفْعِل"(بكسر العين) ، شذوذاً كالمَكبِر والمَيْسِر والمَرجِع والمَحيض والمَقيل والمَجيء والمَبيت والمَشيب والمَزيد والمَسير والمَصير والمَعجِز.
وهذه يجوز فيها الفتح أيضاً "كالمَعْجَز" و"المَهْلَكَ" ويجوز فيها الفتحُ والضمُّ أيضاً "كالمَهْلَك والمَهْلُكِ".
وقد يُبنى منه على وزن (مَفْعَلة) ، (بفتح العين) كمَذهَبة ومَفْسَدة ومَودَّة ومَقالة ومَساءَة ومَحالة ومَهابةٍ ومهانة ومَسْعاةٍ ومَنجاة ومَرضاة ومَغْزاة.
وشذَّ بناؤُه على (مَفْعِلة)(بكسر العين) ، أو "مَفْعُلة"(بضمها) كمَحْمِدة ومَذِمَّة ومَظْلِممة ومَعتِبةٍ ومَحْسِبَة ومضِنَّة، (بالكسر) ، وكلُّهنَّ يجوز فيه فتح العين أيضاً، ومَعْذِرةٍ (بالكسر) ويجوز فيها الضمُّ أيضاً كمّعذرةٍ ومَغْفرةٍ ومَعصِيةٍ ومَحمِيةٍ ومَعيشةٍ (ولا يجوز فيهنَّ إِلَاّ الكسرُ) ومَهلِكةٍ ومَقْدِرةٍ ومأدبةٍ (بالكسر، ويجوز فيهنَّ الضمُّ والفتح أيضاً) .
وقد ورد على زِنَتيِ "الفاعل والمفعول، أسماءٌ بمعنى المصدر
كالعاقبة والفاضلة والعافية والكافية والباقية والدَّالة والميسور والمعسور والمرفوع والموضوع والمعقول والمحلوف والمجلود والمفتون والمكروهة والمصدوقة. ومن العُلماء من يجعلها مصادرَ شاذّة والحقُّ إنّها أسماءٌ جاءت لمعنى المصدر، لا مصادر.
(فالعاقبة) بمعنى العَقْب (بفتح فسكون) والعقوب (بالضم) مصدري "عقبه يعقبه"(من بابي نصر ودخل) ، أي خلقه وجاء بعده.
و (الفاضلة) اسم بمعنى الفضيلة، وهي الدرجة الرفيعة، وهي من "فضل يفضل فضلا"(من باب نصر) أَي شرف شرفاً.
و (العافية) اسم بمعنى المعافاة مصدر "عافاه يعافيه".
و (الكافي والكافية) اسمان بمعنى الكفاية مصدر "كفيى الشيءُ يكفي كفاية"، أَي حصل به الاستغناء عن غيره.
و (الباقية) اسم بمعنى البقاءِ "بقيَ يبقى".
و (الدالة) . الدّلال، وهي اسم بمعنى الدّل مصدر "دلت المرأة على زوجها دلاّ"؛ أظهرت جرأة عليه في تدلل، كأنها تخالفه، وما بها من خلاف.
و (الميسور وَالمعسور) اسمان بمعنى العسر واليسر.
و (المرفوع) اسم بمعنى الرفع مصدر "رفع البعير رفعاً" إذا بالغ في سيره.
و (الموضوع) اسم بمعنى الوضع مصدر "وضعت الناقة وضعاً" إِذا أسرعت في سيرها.
و (المعقول) اسم من العقل مصدر "عقل الشيء" اذا ادركه.
و (المحلوف) اسم بمعنى الحلف مصدر "حلف".
و (المجلود) بمعنى الجلد والجلادة، أي الصبر مصدري "جُلد يجُلد"(بضم اللام فيهما) جلداً وجلادة، أي كان ذا شدة وقوة وصبر.
و (المفتون) اسم بمعنى الفتنة مصدر "فتنهُ"، أي استماله واستهواه.
و (المكروهة) اسم بمعنى الكراهية مصدر "كرهه كرهاً وكراهية".
و (المصدوقة) اسم بمعنى الصدق مصدر "صدق يصدق صدقاً".
اسم المصدر
اسمُ المصدر هو ما ساوى المصدر في الدّلالة على الحدَث، ولم يُساوِه في اشتماله على جميع أَحرف فعله، بل خلتْ هيئَتُهُ من بعض أحرف فعله لفظاً وتقديراً من غير عِوضٍ، وذلك مثلُ "توْضأ وضُوءًا، وتكلَّمَ كلاماً، وأيسرَ يُسراً".
(فالكلام والوضوء واليسر أسماء مصادر، لا مصادر لخلوها من بعض أحرف فعلها في اللفظ والتقدير، فقد نقص من الوضوء والكلام تاء التفعل
وأحد حرفي التضعيف، ونقص من اليسر همزة الإفعال. وليس ما نقص في تقدير الثبوت، ولا عوض عنه بغيره) .
وحَقُّ المصدر أن يتضمَّنَ أحرفَ فعله بمساواةٍ، كتوَّضأ توضُّؤاً، وتكلَّمَ تَكلُّماً، وعَلِمَ عِلماً، أَو بزيادةٍ، كقرأَ قراءةً وأَكرمَ إِكراماً، واستخرج إِستخراجاً.
(فان نقص عن أحرف فعله لفظاً، لا تقديراً، فهو مصدر، مثلُ "قاتل قتالا" فالقتال مصدر، وإن نقص منه ألف "فاعل"، لأنها في تقدير الثبوت، ولذلك نطق بها في بعض المواقع كقاتل قيتالا وضارب ضيراباً. فالياء في "قيتال وضيراب" أصلهما الألف، وقد انقلبت ياء لانكسار ما قبلها.
وإن نقص عن أحرف فعله لفظاً وتقديراً، وعوض مما نقص منه بغيره، فهو مصدر أيضاً كوعد عدة، وودى القتيل دية، وعلم تعليماً. فعدة ودية، وإن خلتا من واو "وعد وودي" لفظاً وتقديراً، فقد عوضتا منه تاء التأنيث. وتعليم وتسليم، وان خلوا من أحد حرفي التضعيف، فقد عوضنا منها تاء التفعيل في أولهما، وليس حرف المد الذي قبل الآخر في "تعليم وتسليم" ونحوهما للتعويض من المحذوف، لأن المدّ قبل الآخر ثابت في المصدر حيث لا تعويض، كالإنطلاق والإستخراج والإكرام.
فأعلم مما قدمنا أن العوض قد يكون أولاً كتعليم. وقد يكون آخراً (كعدة) .
المصدر الصناعي
المصدرُ الصّناعيُّ. اسم تلحقُهُ ياءُ النسبةِ مُردَفةً بالتاءِ للدلالة على صِفَةٍ
فيه.
ويكونُ ذلك في الأسماءِ الجامدة كالحَجريّةِ والإنسانية والحيوانيّة والكميّة والكيفيّة ونحوها، وفي الأسماءِ المشتقّةِ كالعالِميّة والفاعليّةِ والمحموديَّة والأرجحيِّةِ والأسبقيّةِ والمصدريَّةِ والحرِّيّةِ، ونحوها.
وحقيقتُهُ الصّفة المنسوبةُ إلى الإسم.
فالعالمية الصفة المنسوبة إلى العالم، والمصدرية الصفة المنسوبة إلى المصدر، والإنسانية الصفة المنسوبة إلى الإنسان.
وقد أكثر منه المولدون في اصطلاحات العلوم وغيرها، بعد ترجمة العلوم بالعربية وليس كل ما لحقته ياءُ النسبة، مردفة بالتاء، مصدراً صناعياً، بل ما كان منه غير مراد به الوصف كتمسكّ بعربيتك، "أي بخصلتك المنسوبة إِلى العرب"، فان أريد به الوصف، كان اسماً منسوباً. لا مصدراً، سواء أذكر الموصوف لفظاً كتعلم اللغة العربية، أَم كان منوياً ومقدراً كتعلم العربية، "أي اللغة العربية".
اسم الفاعل
اسمُ الفاعلِ صفةٌ تؤخذ من الفعل المعلوم، لتدُلَّ على معنًى وقعَ من الموصوف بها أو قام به على وجه الحُدوثِ لا الثُّبوت ككاتبٍ ومجتهدٍ
(وانما قلنا على وجه الحدوث، لتخرج الصفة المشبهة، فانها قائمة بالموصوف بها على وبه الثبوت والدوام، فمعناها دائم ثابت، كأنه من السجايا والطبائع اللازمة. والمراد. بالحدوث أن يكون المعنى القائم بالموصوف متجدداً بتجدد الأزمنة. والصفة المشبهة عارية عن معنى الزمان كما ستعلم) .
وزنة من الثلاثي المجرد
يكونُ من الثلاثيِّ المجرَّد على وزنِ "فاعلٍ" ككاتبٍ.
وإن كانَتْ عينُ الفعلِ مُعَلَّةً تنقلب في اسم الفاعل همزةً، فاسمُ الفاعل من "باعَ يَبيعُ، وصادَ يَصيدُ، وقامَ يقومُ، وقالَ يقولُ" بائِعٌ وصائِدٌ وقائِمٌ وقائِلٌ.
وإن كانَتْ غيرَ مُعَلَّةٍ تَبقَ على حالها، فاسمُ الفاعل من عَوِرَ يَعْورُ، وأيِسَ يأيَسُ، وصَيدَ يَصْيَدُ" عاوِرٌ وأيِسٌ وصايدٌ. فإعلاُلها في اسم الفاعل تابعٌ لإِعلالها في فعله.
وقد أتى "فاعلٌ" بِقلَّةٍ، مُراداً به اسمُ المفعول. كقوله تعالى "فهو في عيشةٍ راضية"، أي "مَرْضِيَّة" وقول الشاعر [من البسيط]
دَعِ المكارِمَ، لا تَرْحَلْ لِبُغْيتِها
…
واقْعدْ، فإنَّكَ أنتَ الطّاعِمُ الكَاسي
أي "المَطْعَمُ المَكسُو".
وزنه من غير الثلاثي المجرد
يكونُ وزنُ اسم الفاعل من الفعل المزيد فيه على الثلاثيِّ، ومن الرباعيِّ، مُجرداً ومزيداً فيه، على وزن مضارعه المعلوم بإبدال حرفِ المضارَعة ميماً مضمومة، وكسرِ ما قبل آخره، مثلُ "مُكرمٍ ومُعظِّمٍ
ومُجتمِعٍ ومُتكلِّمٍ ومُستغفرٍ ومُدحرجٍ ومُتَدحرجٍ ومُحرنجمٍ ومُقشعِرٍّ ومُنقادٍ ومُهتاجٍ ومُعينٍ ومُستفيدٍ".
وشذّت ألفاظٌ جاءت بفتح ما قبل الآخر، نحو "مُسهَبٍ ومُحصَنٍ ومُلْفَجٍ ومُهترٍ"، ومنها "سَيْلٌ مُفْعَمٌ.
وكذلك، شذَّتْ أَلفاظٌ جاءت من "أفعلَ" على "فاعلٍ" كأعشبَ المكانُ فهو عاشبٌ، وأَيفعَ الغلامُ فهو يافعٌ وأَورَسَ الشَّجرُ فهو وارسٌ، وأَبقلَ المكانُ فهو باقلٌ.
وإن بَنيتهُ من أبواب "أَفعَلَ وانفعَلَ وافتعَلَ" المُعتلاّتِ العين فإن كانت عينُ الفعلِ مَعَلّةِ أعللتها في اسم الفاعل، تبعاً لمضارعه، فإسم الفاعل من أَعانَ يُعينُ، واستعانَ يستعينُ، وانقادَ ينقاد، واحتالَ يحتالُ "مُعينٌ ومُستعينٌ ومُنقادٌ ومحتالٌ".
وإن كانتْ غير مُعَلَّةٍ لم تُعِلَّها في إسم الفاعل، تتبع في ذلك مضارعهُ، فاسم الفاعل من "أحوجني الأمرُ يُحوجني، وأَروَح اللحمُ يُروِحُ وأَحولَ الصبيُّ يُحْوِلُ وأَخولَ الرجلُ يُخوِلُ وأغيَلتِ المرأَةُ تُغِيلُ، وأعوَلَ يُعْوِل""مُحْوِجٌ ومُروِحٌ ومُحْوِلٌ ومُخْوِلٌ ومُعْيِلٌ ومُعْوِلٌ، ومن "اجتَوَرَ القومُ يُجتوِرون، وازدَوِجُوا يَزدَوجُون، واحتَوشوا يَحتوشون، واعتونوا يعتونون" "مُجتوِرٌ ومُزدوِجٌ ومُحتوِشٌ ومُعْتوِنٌ"، ومن استصوبتُ الأمرُ أستَصوِبُهُ، واستحوذَ عليه الغضبُ يَستحوذُ، واستنوقَ الجملُ يَستنوقُ، واستتيستِ الشاةُ تستتيسُ، واستفيل الحمارُ يستفيلُ""مُستصوِبٌ ومستحوذٌ ومُستوِقٌ ومُستتيِسٌ ومُستفيِلٌ".
فاسم الفاعل، كما ترى، تابعٌ لمضارعهِ صحَّةً واعتلالا.
وإن بنيتَ اسم الفاعلِ من فعل معتلِّ اللام، وكان مجرَّداً من (أل) والإضافة، حذفت لامهُ في حالتي الرفع الجر، نحو "هذا رجلٌ داعٍ إلى
الحقّ، مُنْضوٍ إلى أهله"، ونحو "تَمسّكْ برجلٍ هادٍ غلى الخير، مُقْتَفٍ أثر ذويهِ".
واسم الفاعلِ جارٍ على معنى الفعلِ المُضارع ولفظه، فإن قلت "خالدٌ دائبٌ في عمله" فهو في معنى "يدأبُ فيه" و"دائبٌ" جارٍ على لفظ "يَدأبُ" في الحركات والسَّكنات. وكذلك "مُجتهدٌ" جار على لفظ "يجتهدُ"، فهو يُماثلهُ حركةً وسكوناً. و"جادٌّ" في وزن "يَجُدُّ"، باعتبار الأصل، لأن أصل جَادٍّ "جادِدٌ"، وأصلَ يَجِدُّ "يَجدُدُ".
اسم المفعول
اسم المفعولِ صفةٌ تُؤخذ من الفعل المجهول، للدلالة على حدَثٍ وقع على الموصوف بها على وجه الحدوث والتَّجدُّد، لا الثُّبوتِ والدَّوامِ "كمكتوبٍ وممرورٍ به ومُكرَمٍ ومُنطلَقٍ به".
ويُبنى من الثلاثيِّ المجرَّد على وزن "مَفعولٍ""كمنصورٍ ومخذولٍ ومَوعودٍ ومَقولٍ ومَبيعٍ ومَدعوٍّ ومَرميٍّ ومَطويٍّ".
ويُبنى من غيره على لفظ مضارعه المجهول، بإبدال حرف المضارعة ميماً مضمومةً "كمُعظَّمٍ ومُحترَمٍ ومُستَغْفَرٍ ومُدحرَجٍ ومُنطلَقٍ به ومُستعانٍ".
وهناك ألفاظٌ تكون بلفظ واحد لاسم الفاعل واسم المفعول كمحتاجٍ ومُختارٍ ومُعتَدٍ ومُحتلٍّ. والقرينةُ تُعَينُ معناها.
وهي، إن كانت للفاعل فأصلُها مُحتوِجٌ ومُخْتيِرٌ ومُعتَدِدٌ ومُحتلِلٌ، (بالكسر) . وإن كانت للمفعول فأصلُها "مُحتوَجٌ ومُختَيرٌ ومعتَدَدٌ ومُحتلَلٌ"، (بالفتح) .
وإنما يُبنى من الفعل المتعدّي بنفسه كمعلومٍ ومجهولٍ، أو بغيره كمرموقٍ به ومُشفَقٍ عليه.
بناء (مفعول) من المعتل العين
تُحذفُ واوُ اسمِ المفعول المشتقِّ من الفعل الأجوف، ثمَّ إن كانت عينُهُ واواً، تُنقل حركتُها إلى ما قبلها، وإن كانت ياءً تحذف حركتها، ويُكسر ما قبلها لتَصِحَّ الياءُ، فاسم المفعول من يبيعُ "مَبيعٌ"، ومن يقولُ "مَقُولةٌ". وأصلهما "مَبيوعٌ ومقْوولٌ".
ونَدَر إثباتُ واو "مفعول" فيما عينُهُ واو فقالوا "ثوب مصْوُونٌ ومِسْكٌ مدْووفٌ وفرَسٌ مقوُودٌ. وهو سماعيٌّ لا يقاسُ عليه. وبنو تَميم من العرب يُثبتونَ واوَ "مفعول" فيما عينُه ياءٌ، "مبْيوع ومخْيوط ومكْيول ومدْيون".
بناء (مفعول) من المعتل اللام
إذا بُنيَ "مفعولٌ" مما آخرُ ماضيه ياءٌ، أو ألفٌ أصلُها الياءُ، قُلِبَتْ واوُهُ ياءً، وكُسر ما قبلها، وأُدغمت في الياءِ بعدها. فاسم المفعول من قرِيَ ورضِي ونهى وطوى ورمى، مَقْوِيٌّ عليه، ومَرْضيٌّ عنه، ومَنْهيٌّ عنه، ومَطْويٌّ، ومَرْمِيٌّ، قال الله تعالى {يا أيّتها النَّفسُ المُطمئنّةُ ارجعي إلى ربِّكِ راضيةٌ مرْضِيّة} .
(والأصل "مقوويٌ ومرضويٌ ومرمويٌ"، اجتمعت الواو
والياء، وكانت الأولى ساكنة، فقلبت الواو ياء، وكسر ما قبلها وأدغمت في الياء الثانية) .
وإن بُنيَ مما آخرُ ماضيه ألفٌ أصلُها الواو، مثلُ غزا "يغزو، ودعا يدعو، ورجا يرجو" فليس فيه إلا إدغامُ واو المفعول في لامِ الفعل، كمَغْزوّ ومدعوٍّ ومرجوٍّ".
(فعيل) بمعنى (مفعْول)
ينوبُ عن "مفعولٍ"، في الدَّلالة على معناهُ، أربعةُ أوزان وهي
(1)
فَعيلٌ بمعنى مفعول، مثلُ "قتيلٍ وذبيحٍ وكحيلٍ وحبيبٍ وأَسيرٍ وطريحٍ" بمعنى "مقتولٍ ومذبوحٍ ومكحولٍ ومحبوبٍ ومأسورٍ ومطروحٍ".
وهو يستوي فيه المذكرُ والمؤنثُ. فيقالُ "رجلٌ كحيلُ العين، وامرأةٌ كحيلُها".
و"فعيلٌ" بمعنى "مفعول" سماعي. فما ورد منه يُحْفَظ ولا يقاس عليه. وقيل إنه يُقاس في الأفعال التي ليس لها "فَعيلٌ" بمعنى "فاعل" كقتلَ وسلبَ. ولا ينقاس في الأفعال التي لها ذلك كرحمَ وعلمَ وشهدَ، لأنهم قالوا "رحيمٌ وعليمٌ وسميعٌ وشهيدٌ"، بمعنى "راحمٌ وعالمٌ وسامعٌ وشاهدٌ".
(2)
فِعْلٌ بكسرٍ فسكونٍ، مثلُ "ذِبْحٍ وطِحْنٍ وطِرْحٍ ورِعْيٍ"، بمعنى "مذبوحٍ ومطحونٍ ومطروحٍ ومرعِيٍّ".
(3)
فَعَلٌ، بفتحتين، مثلُ "قَنَصٍ وجَزَرٍ وعَدَدٍ وسَلَبٍ وجَلَبٍ،
بمعن "منقوصٍ ومجزورٍ ومعدودٍ ومسلوبٍ ومجلوبٍ".
(4)
فُعْلة، بضمٍّ فسكونٍ كأُكْلةٍ وغُرفةٍ ومُضغةٍ وطُعمةٍ، بمعنى "مأكولٍ ومغروفٍ وممضوغٍ ومطعومٍ".
وهذه الأوزانُ الثلاثةُ "فِعْلٌ وفَعَلٌ وفُعلةٌ". سماعيّةٌ وقليلةٌ. ويستوي فيها المذكر والمؤنث أيضاً.
أما إطلاقُ المصدرِ مُراداً به المفعولُ، فهو كثيرٌ مطرِدٌ، نحو "هذا ضربُكَ وأكلُكَ وكتابتُكَ وعِلمكَ وعملكَ"، بمعنى مضروبِكَ ومأكولِكَ ومتكوبِكَ ومعلومِكَ.
الصفة المشبهة
الصفةُ المشهبةُ بإسم الفاعلِ هي صفةٌ تُؤخذُ من الفعل اللازم، للدَّلالة على معنًى قائمٍ بالموصوف بها على وجه الثُّبوت، لا على وجه الحُدوث كحسنٍ وكريمٍ وصَعْبٍ وأسودَ وأَكحلَ.
ولا زمان لها لأنها تَدُلُّ على صفاتٍ ثابتة. والذي يتطلَّبُ الزمان إِنما هو الصفات العارضة.
(وإنما كانت مشبهة باسم الفاعل، لأنها تثنى وتجمع وتذكر وتؤنث، ولأنها يجوز أن تنصب المعرفة بعدها على التشبه بالمفعول به. فهي من هذه الجهة مشبهة باسم الفاعل المتعدي الى واحد) .
ويَعلِبُ بناؤها من باب "فَعِلَ يفعل" اللازم كأكحلَ، من
"كحِلَ" ومن باب "فعُلَ يفْعَلُ" كشريف من "شَرْفَ" ويقلُّ من غيرهما كسيّدٍ وضَيّقٍ وحريصٍ، من "سادَ يسودُ وضاقَ يضيقُ وحرصَ يحرصُ".
أوزانها من الثلاثي المجرد
تأتي الصفةُ المشبَّهةُ من الثلاثيِّ المجرَّد قياساً على أربعة أوزان وهي "أفعلُ، وفَعْلانُ، وفَعلٌ، وفعيل".
الصفة المشبهة على وزن (افعل)
يأتي "أفعَلُ" من "فَعَلَ" اللازمِ، قياسياً مُطْرداً، لما دَلَّ على لونٍ، أو عيبٍ ظاهرٍ، أو حِلْية ظاهرة. ومُؤنثُهُ "فَعْلاءُ" فاللّونُ كأحمر. والعيبُ الظاهرُ كأعرج وأعور وأعمى. والحِلْية الظاهرةُ كأكحل وأحور وأبخل.
وشذَّ مجيءُ الصفة من شعِثَ وحدِبَ" على "شَعِث وحَدِب".
(لأن الشعث والحدب من العيوب الظاهرة فحق الصفة منهما أن تكون عليه وزن "أفعل". وقد قالوا أيضاً "أشعث وأحدب"، وهما أكثر استعمالا، وأما قولهم "ماءٌ كدِرٌ". بكسر الدال، فهو بمنىٌ على "كدُرَ، بضم الدال، لا على "كدِرَ"، بكسرها، كما توهم بعض العلماء. فان بنيتها من هذه قلت "أكدر") .
وشَذَّ مجيئُها من "حَمِقَ يحمقُ" على "أحمق". ومن "شابَ
يشيبُ" على "أشيب"، ومن "قطع وجذم" على "أقطع وأجذم".
(لأن "أحمق"، وإن كان من باب "فعل" المكسور العين، فهو يدل على عيب باطن فقياسه أن يكون على وزن "فعل"، بكسر العين. وقد قالوا أيضاً "حمِقٌ" بكسر الميم، على القياس. و"أشيب"، وإن دل على عيب ظاهر، فهو من باب "فعل" المفتوح العين. فقياسه أن يكون على وزن "فيعِل" بكسر العين، كطيب وضيق، من طاب يطيب، وضاق يضيق. و"أقطع وأجزم"، وإن دلاّ أيضاً على عيب ظاهر، فهما من باب "فعل"، المفتوح العين، وحقهما أن يكونا بوزن اسم المفعول أي "مقطوع ومجذوم".
الصفة المشبهة على وزن فعلان
يأتي "فَعْلان" من "فِعلَ" اللازم الدَّال على خُلُوّ، أو امتلاءٍ، أو حرارة باطنيّةٍ ليست بداءٍ. ومُؤنثُهُ "فعْلى"، فالخُلوُّ كالغَرثان والصَّدْيان والعطشان. والامتلاء كالشَّبعان والرَّيان والسَّكران. وحرارةُ الباطن غير داءٍ كالغضبان والثَّكلان واللهْفان. وقد قالوا "جَوْعان"، (من جاع يجوع) ، حملاً له على "غرتان"، من "غَرثَ يَغرثُ" لأنه بمعناه.
(وحقه أن يكون على "فيعل"، بكسر العين كسيد وميت، من "ساد يسود ومات يموت") .
الصفة المشبهة على وزن (فعل)
يأتي "فَعِلٌ" - بكسر العين - من "فَعِل" - بكسر العين - اللازم، الدّال
على الأدواءِ الباطنيَّة، أو ما يَشبهها، أو ما يَضادُّها. ومؤنثة "فَعِلة".
والأدواءُ، إما جسمانيّة كوجعٍ ومَغِصٍ وتعبٍ وجوٍ ودوٍ. وإما خُلقيّةٌ كضجرٍ وشرسٍ ولحزٍ وبَطرٍ وأشرٍ ومرحٍ وقلق ونكدٍ وعمٍ.
ويُشبه الأدواء ما دلَّ على حزن واغتمام ككمدٍ وحزنٍ وحربٍ وشبحٍ.
ويَضادّها ما دلَّ على سرور كجذلٍ وفرحٍ وطربٍ ورضٍ. أو على زينٍ من الصفات الباطنة كفطنٍ وندس ولبقٍ وسلسٍ وأبٍ.
وقد يُخفَّفُ "فعلٌ" فيكون على "فَعْلٍ" - بسكون العين - كندْسٍ وشكسٍ وفطنٍ. وقد يأتي على "فعيل" وهو أصلُه المخفَّف هو منه كسليمٍ وسقيمٍ ورضيٍّ وأبيٍّ وحميٍّ.
(واعلم أن حق الصفة من باب "فعلِ" بكسر العين الدالة على المعاني المذكورة، أن تكون على وزن "فعيل". غير أنهم خففوا "فعيلا" هذا بحذف الياء، إذا جاء من باب "فعِل" المكسور العين، وتركوه للصفة من باب "فعُل" بضم العين كالكريم والشريف ونحوهما. غير أنه قد بقيت ألفاظ من باب "فعلِ"، المكسور العين، على "فعيل" دالة على الأصل) .
وما ورد من باب "فعِل" على غير "فَعِل"، فهو سماعيٌّ لا يُقاس عليه كندْسٍ وندُسٍ، وشكْسٍ وشكُسٍ (ويقالُ أيضاً "ندِسٌ وشكِسٌ" على القياس) ، وصِفْرٍ وصَفْرٍ وصُفْرٍ، ونِكْسٍ وعجُلٍ، وحَذرٍ ويقال أيضاً "عَجِلٌ وحَذِرٌ" على القياس، ويقال "حَذْرٌ"(بسكون الذال) ، وحُرٍّ وغيورٍ. وما جاءَ على "فعِيلٍ" كمريضٍ، وإن كان هو الأصلُ، فلا يُقاسُ عليه.
الصفة المشبهة على وزن (فعيل)
يأي "فَعِيلٌ" غالباً من "فَعْلَ" يَفعُلُ، المضموم العين "ككريمٍ وعظيمٍ وحقيرٍ وسميحٍ وحليمٍ وحكيمٍ ورئيسٍ وظريفٍ وَخَشينٍ وبخيلٍ وجميلٍ وقبيحٍ ووضيءٍ وظهيرٍ".
وقد تأبي الصفةُ من هذا الباب على "فَعِلٍ" مخفَّفٍ "فَعيل" كخَشِنٍ وسَمِجٍ وطَهِرٍ، وعلى فَعْلٍ، مُخفَّف "فَعِلٍ" كضَخْم وشَهْمٍ وفخْمٍ وصعْبٍ وسمْجٍ وسمْحٍ، وعلى "فعَلٍ" بفتح عينٍ "فعَل كبطلٍ وحسنٍ، وعلى "فعالٍ"، بزيادة ألفِ المدِّ على "فعَلٍ" كجبانٍ وحَصانٍ وزانٍ، وعلى "فُعال" كشُجاعٍ وصُراحٍ وعلى "فُعلٍ" - بضم فسكون - كصُلْبِ (ويُقال صَليب أيضاً) وعلى "فُعُلٍ" بضمتين - كجُنُبٍ وعلى "فعولٍ" كوَقُورٍ وطهورٍ، وعلى فاعلٍ كطاهر وفاضل.
الصفة المشبهة من (فعل) المفتوح العين
قد تُبنى الصفةُ المشبَّهةُ من باب "فعَلَ" المفتوحِ العينِ (وذلك قليلٌ) ، فتجيءُ على وزن "أفعلَ" كأشيَبَ وأقطعَ وأجذَمَ، وعلى "فيْعِل". بكسر العين، ولا يكون إلا من الأجوف كسيّدٍ وقيّمٍ (من الواويِّ) ، وضيّقٍ وطيّبٍ (من اليائيِّ) ، وعلى "فَيْعَلٍ"، بفتح العين، ولا يكون إلاّ من الصحيح كصَيْرف وفَيْصَلٍ، وعلى "فَعيل" بكسر العين، وأكثر ما يكونَ من المضاعفِ والمعتلِّ اللام، فالمضاعفُ كعفيفٍ وطبيبٍ
وخسيسٍ وجليلٍ وحبيبٍ (بمعنى المحبِّ) ودَقيقٍ ولبيبٍ وشديدٍ، والمُعتلُّ الآخِر كعَليٍّ وصَفىٍّ وزَكيٍّ وخَليٍّ وجَليٍّ ووَصِيٍّ.
وقد يكون "فعيلٌ" المبنيُّ على "فَعَلَ" من غير المضاف والمعتلّ كحريصٍ وطويلٍ.
الصفة المشبهة على وزن (فاعل)
إذا أردتُ بالصفة المشبهة معنى الحدوث والتَّجدُّدِ، عَدلتَ بها عن وزنها إلى صيغة اسم الفاعل، فتقولُ في "فَرحٍ وضَجرٍ وطَربٍ""فارِح وضاجِرٌ وطارِبٌ".
وما جاء على زِنتيِ اسمي الفاعلِ والمفعول، مما قُصِدَ به معنى الثبوت والدَّوام، فهو صفةٌ مشبَّهةٌ، كطاهرِ القلبِ، وناعمِ العيشِ، ومُعتدِلِ الرأيِ، ومستقيمِ الطريقة، ومَرْضِيِّ الخُلُقِ، ومُهذَّبِ الطَّبعِ، وممدوحِ السيرةِ، ومُنقَّى السريرةِ.
الصفة المشبهة من فوق الثلاثي
تجيءُ الصفة المشبهة من غير الثلاثيِّ المجرَّدِ، على وزن اسم الفاعل، كعتدِل القامةِ، ومُستقيمِ الأطوارِ، ومُشْتدِّ العزيمةِ.
الفرق بين اسم الفاعل والصفة المشبهة
الفرقُ بين اسم الفاعل والصفةِ المشبَّهة به من خمسة وُجوه
الأول دلالتُها على صفة ثابتة، ودلالتُه على صفة متجددة.
الثاني حُدوثه في إحدى الأزمنة. والصفةُ المشبَّهةُ للمعنى الدائم الحاضر، إلا أن تكون هناك قرينة تَدُلُّ عل خلاف الحاضر، كأن تقولَ "كان سعيدُ حسناً فقبُحَ".
الثالثُ أنها تُصاغ من الفعل اللازم قياساً، ولا تصاغُ من المتعدّي إلا سَماعاً كرحيم وعليم.
وقد تُصاغُ من المتعدِّي، على وزن اسم الفاعل، إذا تُنُوسي المفعولُ به، وصار فعلُها في اللازم القاصر، مثلُ "فلانٌ قاطعُ السيفِ، وسابِقُ الفرسِ، ومُسْمِعُ الصوتِ ومُخترِقُ السهمِ". كما تُصاغُ من الفعل المجهول مُراداً بها معنى الثبوت والدَّوام كمحمود الخلق، ومَيمون النّقيبة. واسم الفاعل يصاغُ قياساً من اللازم والمتعدي مُطلقاً، كما سلفَ.
الرابعُ أنها لا تَلزَمُ الجريَ على وزن المضارع في حركاته وسكناته، إلا إذا صِيغتْ من غير الثلاثيِّ المجرَّد، واسم الفاعل يجب فيه ذلك مُطلقاً كما تقدَّم.
الخامسُ أنها تجوزُ إضافتُها إلى فاعلها، بل يُستحسَنُ فيها ذلك كطاهر الذيلِ، وحسنِ الخُلق، ومُنطلقِ اللسان، ومعتدلِ الرأي والأصل "طاهرٌ ذيلُه، وحسنٌ خلُقُهُ، ومُنطلقٌ لسانهُ ومُعتدلٌ رأيُهُ". واسم الفاعل لا يجوز فيه ذلك، فلا يقال "خليلٌ مُصيبُ السَّهم الهَدف" أي مُصيبٌ سهمُه الهدف.
واسمُ المفعول، كالصفة المشبهة، تجوز إضافتُه إلى فاعله. لأنه في الأصل مفعولٌ، مثلُ "خالدٌ مجروحُ اليد". والأصل "مجروحةٌ يدُهُ أما إضافةُ الفاعل إلى مفعوله فجائزةٌ، مثلُ "الحقُّ قاهرُ الباطل".
مبالغة اسم الفاعل
مبالغةُ اسم الفاعل ألفاظٌ تدلُّ على ما يدُلُّ عليه اسمُ الفاعل بزيادة وتسمى "صيغَ المُبالغة" كعلاّمةٍ وأكولٍ، أي "عالمٍ كثير العلم وآكلٍ كثير الأكل".
ولها أجد عشر وزناً. وهي "فعّالٌ" كجبّارٍ، و"مِفْعالٌ" كمِفضالٍ، و"فعِّيلُ" كصِدّيقٍ، و"فعَالةٌ" كفهامةٍ، و"مِفْعيلٌ" كمِسكينٍ، و"فعُولٌ" كشروبٍ، و"فعيلٌ" كعليمٍ، و"فعِلٌ" كحِذرٍ، و"فعَّالٌ" ككُبّارٍ، و"فعُّولٌ" كقُدُّوسٍ، و"فيْعولٌ" كقيُّومٍ.
وأوزانُها كلُّها سماعيّة فيُحفظُ ما ورد منها، ولا يقاسُ عليه.
وصيغُ المُبالغةِ ترجعُ، عند التحقيق، إلى معنى الصفة المشبهة، لأن الإكثار منَ الفعل يجعله كالصفة الراسخة في النفس.
اسم التفضيل
اسمُ التفضيل صفةٌ تُؤخضُ من الفعل لتدُلّ على أن شيئين اشتركا في صفة، وزاد أحدُهما على الآخر فيها، مثلُ "خليلٌ أعلمُ من سعيد وأفضلُ منه".
وقد يكون التَّفضيلُ بينُ شيئين في صفتين مختلفتين، فيرادُ بالتفضيل حينئذ أن أحد الشيئين قد زاد في صفته على الشيءِ الآخر في صفته، كقولهم "الصيفُ أحرُّ من الشتاء" أي هو أبلغُ في حرّه من الشتاء في برده، وقولهم "العسلُ أحلى من الخلِّ"، أي هو زائدٌ في حلاوته على الخلِّ في حُمُوضته.
وقد يُستعمل اسم التفضيل عارياً عن معنى التفضيل، كقولك "أكرمتُ القومَ أصغرهم وأكبرهم"، تريد صغيرهم وكبيرهم. وسيأتي فضلُ بيان لهذا.
وزن اسم التفضيل
لإسمِ التفضيل وزن واحد، وهو "أفعل" ومؤنثُهُ "فُعْلى" كأفضل وفَضْلى، وأكبر كُبرى.
وقد حُذفت همزةُ "أفعل" في ثلاث كلماتٍ، وهي "خيرٌ وشرّ وحَبٌّ"، نحو "خيرُ الناس من ينفعُ الناس"، وكقولك "شرّ الناس المُفسدُ"، وقول الشاعر [من البسيط]
مُنِعْتَ شيْئاً فأَكثرتَ الوَلوعَ به
…
وحَبُّ شيءٍ إلى الإِنسانِ ما مُنِعا
والثلاثةُ أسماءُ تفضيلٍ. وأصلُها "أَخيرَ وأَشرُّ وأَحبُّ" حذفوا هَمزاتِها لكثرة الاستعمال ودَوَرَانها على الألسنة ويجوز إثباتها على الأصل وذلك قليلٌ في خيرٍ وشرٍّ، وكثيرٌ في "حَبٍّ".
شروط صوغه
لا يُصاغُ اسمُ التفضيل إلاّ من فعلٍ ثلاثيِّ الأحرفِ مُثبَتٍ، مُتصرّفٍ، معلومٍ، تامٍّ، قابلٍ للتفضيل، غيرِ دالٍ على لونٍ أو عيبٍ أو حِلْيةٍ.
(فلا يصاغ من "ما كتب" لأنه منْفي، ولا من "أكرم" لمجاوزته ثلاثة أحرف، ولا من "بئس وليس" ونحوهما، لأنهما جامدة، ولا من الفعل المجهول ولا من "صار وكان" ونحوهما من الأفعال الناقصة، ولا من "مات" لأنه غير قابل للتفضيل، إذ لا مفاضلة في الموت لأن الموت واحد،
وإنما تتنوع أسبابه كما قال الشاعر
ومن لم يمت بالسيف مات بغيره
…
تنوعت الأسباب والموت واحد
فان أريد بالموت الضعف أو البلادة مجازاً جاز، مثلُ "فلان أموت قلباً من فلان"، أي أضعف، ونحو "هو أموت منه"، أي أبلد. ولا يصاغ "من "سود"، لأنه دال على لون، ولا من "عور" لدلالته على عيب، ولا من "كحل"، لدلالته على حلية، فلا يقال هذا أسود من هذا، ولا أعور منه، ولا أكحل منه". وشذ قولهم في المثل "العود أحمد"، لأنه مصوغ من "حمد"، وقولهم "هو أزهى من ديك"، فبنوه من "زهي". وهو فعل مجهول وقولهم "هو أخصر منه" فبنو اسم التفضيل من "اختصر" وهو زائد على ثلاثة أحرف ومبنى للمجهول، كما شذ قولهم "هو أسود من حلك الغراب، وأبيض من اللبن" فبنوه مما يدل على لون. وقالوا "هو أعطاهم للدراهم، وأولاهم للمعروف". فبنوه من "أعطى وأولى" شذوذاً) .
وإذا أُريدَ صوغُ اسمِ التفضيل ممّا لم يَستوفِ الشروطَ، يُؤتى بمصدره منصوباً بعدَ "أَشدَّ" أو "أَكثرَ" أو نحوهما، تقولُ "هو أشدُّ إيماناً، وأكثرُ سواداً، وأبلغُ عَوراً، وأفرُ كحلاً".
والكوفيُّون يجيزون التعجب والتفضيل من البياض والسود خاصة، بلا شذوذ. وعليه قول المتنبي - وهو كوفي -[من البسيط]
إِبْعَدْ، بَعِدْتَ، بَياضاً، لا بَياضَ لهُ
…
لأَنتَ أسوَدُ في عَيني منَ الظُّلَمِ
أحوال اسم التفضيل
لإسم التفضيل أربعُ حالاتٍ تجرُّدُه من "ألْ" والإضافة، واقترانُهُ
بألْ، وإضافتهُ إلى معرفة، وإضافتهُ إلى نكرة.
(1)
تجرده من "أل والإضافة"
إذا تجرَّد من "ألْ"، والإضافةِ، فلا بُدَّ من إفراده وتذكيره في جميع أحواله، وأن تَتّصلَ به "من" الجارَّةُ جارَّةً للمفضَّلِ عليه، تقولُ "خالدٌ أفضلُ من سعيد. وفاطمةٌ أفضلُ من سعادَ. وهذانِ أفضلُ من هذا. وهاتانِ أنفعُ من هاتين. والمجاهدون أفضل من القاعدين. والمتعلّماتُ أفضلُ من الجاهلات".
وقد تكون "من" مُقدَّرةً، كقوله تعالى "والآخرةُ خير وأبقى" أي خيرٌ من الحياة الدنيا وأبقى منها وقد اجتمع إثباتُها وحذُفها في قوله سبحانه "أنا أكثر منك مالاً وأعزُ نفراً"، أي وأعزُّ منك.
و"مِن" ومجرورها مع اسمِ التفضيل بمنزلة المضاف إليه من المضاف، فلا يجوزُ تقديمهما عليه كما لا يجوز تقديم المضاف إليه على المضاف، فلا يُقالُ "من بكرٍ خالدٌ أفضل"، "ولا خالدٌ من بكر أفضلُ"، إلا إذا كان المجرورُ بها اسمَ استفهامٍ، أو مُضافاً إلى اسمِ استفهام، فإنه يجبُ حينئذٍ تقديمُ "من" ومجرورها، لأن اسم الاستفهام لهُ صدرُ الكلام، مثلُ ممّن أنت خيرٌ. ومن أيهم أنت أَولى بهذا. ومن فرسِ مَنْ فرسُكَ أسبَقُ؟ ". وقد وردَ التقديمُ شُذوداً في غير الإستفهام، ومنه قولُ الشاعر [من الطويل]
إذا سايَرتْ أَسماءُ يوماً ظعِينَةً
…
فأسماءُ من تلكَ الظعِينَة أملَحُ
والأصلُ (فأسماءُ أملحُ من تلك الظّعينة)
(2)
اقترانه "بأل"
إذا اقترن اسمُ التفضيل بِـ "ألْ" امتنع وصلُهُ بِـ "من" ووجبت مُطابقتُهُ لِما قبله إفراداً وتثنيةً وجمعاً وتذكيراً وتأنيثاً، تقولُ "هو الأفضلُ، وهي الفُضلى. وهما الأفضلان. والفاطمتان هما الفُضليان. وهمُ الأفضلون. وهنّ الفُضلياتُ". وقد شذَّ وصلُهُ بِـ (من) في قول الشاعر [من السريع]
ولسْتَ بالأَكْثرِ منهم حصًى
…
وإِنَّما العِزَّةُ للكاثرِ
(3)
اضافته إلى النكرة
إذا اضيفَ إلى نكرةٍ وجبَ إفرادُهُ وتذكيرُهُ وامتنعَ وصلُهُ بِـ (من) ، تقولُ "خالدٌ أفضلُ قائدٍ. وفاطمةُ أفضلُ امرأةٍ. وهذانِ أفضلُ رجلينِ. وهاتانِ أفضلُ امرأتينِ والمجاهدونَ أفضلُ رجالٍِ والمتعلِّماتُ أفضلُ نساءٍ".
(4)
إضافته إلى معرفة
إذا أُضيفَ اسمُ التفضيل إلى معرفةٍ امتنعَ وصلُه بِـ (من) . وجازَ فيه وجهانِ إفرادهُ وتذكيره، كالمضافِ إلى نكرة ومطابقتُه لما قبله إفراداً وتثنيةً وجمعاً وتذكيراً وتأنيثاً كالمقترن بألْ. وقد ورد الاستعمالانِ في القرآن الكريم. فمن استعماله غيرُ مُطابقٍ لما قبله قوله تعالى {ولتجِدنَّهم أحرصَ الناسِ على حياةٍ} ، ولم يقل "أَحرصي الناسِ". ومن استعماله مُطابقاً قولُه عز وجل "وكذلكَ جعلنا في كلِّ قريةٍ أكابرَ مُجرميها". وقد اجتمعَ الاستعمالانِ في الحديث الشريف "ألا أُخبرُكمْ بأحبِّكمْ إليّ وأقرِبكمْ مني
مجالسَ يوم القيامةِ، أحاسنُكمْ أخلاقاً، الموّطؤونَ أَكنافاً، الذينَ يألفونَ ويُؤْلفونَ".
ويقولُ "عليٌّ أَفضلُ القوم وهذان أفضلُ القوم، وأفضلا القوم، وهؤلاء أفضلُ القوم، وأفضلوا القوم وفاطمةُ أفضلُ النساءِ وفُضْلَى النساء، وهاتان أَفضلُ النساء، وفُضليَا النساء وهنَّ أفضلُ النساء وفُضليَات النساء".
وتكونُ (مِن) مُقدَّرةً فيما تَقَدَّمَ. ولامعنى "هذان أفضلُ من جميع القوم. وهذه أَفضلُ من كل النساء"، وهَلُمَّ جرًّا.
(أفعل) لغير التفضيل
قد يَردُ "أفعلُ" التفضيل عارياً عن معنى التَّفضيل، فيتضمَّنُ حينئذٍ معنى اسم الفاعل، كقوله تعالى {ربُّكم أعلمُ بكم} أي "عالمُ بكم"، أو معنى الصفة المُشبهةِ، كقوله سبحانهُ {وهو الّذي يَبْدَأُ الخَلْقَ ثم يُعيدُهُ، وهو أهوَنُ عليهِ} أي "وهو هَيِّنٌ عليه"، وقولُ الشاعر [من الكامل]
إِنَّ الَّذي سَمَكَ السّماءَ بَنى لنا
…
بَيْتًا دعائِمُهُ أعزُّ وأطوَلُ
أي عزيزةٌ طويلةٌ.
(ولم يرد أعز من غيره وأطول، بل يريد نفي أن يشارك في عزته وطوله وكذلك في الآيتين الكريمتين. لأنه لا مشارك لله في علمه. ولا تتفاوت المقدورات بالنسبة إِلى قدرته. فليس لديه هين وأهون. بل كل شيء هين عليه سبحانه وتعالى .
وإِنّما يَصحُّ أن يعرى عن معنى التفضيل، إذا تجرَّد من "أَلْ" أو أُضيف إِلى نكرةٍ، ولم يُصل بِـ "مِنْ" التفضيليّة، كما رأيت.
فإِن اقترنَ بِـ "ألْ" أو أُضيفَ إلى نكرةٍ أو وُصل بِـ "مِنْ" لم تجُز تَعرِيَته عن معنى التفضيل.
وتعريتُه عن معنى التفضيل سماعيّةٌ فما وردَ منه يُحفظُ ولا يُقاسُ عليه على الأصحِّ من أقوالِ النحاةِ.
وإذا عَرِيَ عن معنى التفضيل، فإذا تجرَّدَ من "ألْ" والإضافةِ، فالأصحُ الأشهرُ فيه عدَمُ المُطابقةِ لما قبله، أي فهو يَلتزمُ الإفرادض والتذكيرَ، كما لو أُريدَ به معنى التفضيل، كما رأيت في البيت السابق.
وإن أُضيفَ إلى معرفةٍ، وحيث المطابقةُ لِما قبله، تقولُ "هذانِ أعلَما أهلِ القريةِ" أي هما "عالماهم"، إن لم يكن في القرية من يُشاركُهما في العلم. ولا يصحُّ أن تقول "هما أعلمَهُم" إلاّ إذا أردتَ معنى تفضيلهما على غيرهما، وذلك بأن يكون فيها من يُشاركهُما في العلم. لأنه إن كان فيهما من يشاركهما فيه، كان المعنى على التفضيل وحينئذ يصحُّ أن تقول "هما أعلما أهلِ القرية وأعلمُهم"، بالمطابقةِ وعدمِها، لإضافته إلى معرفة مقصوداً به التفضيلُ. ويكون المعنى "هما أعلمُ من جميع أهل القرية".
ومن ذلك قولهم "الناقصُ والأشجُّ أعدَلا بني مَرْوانَ". أي "هما عادِلاهم" ولا يصحُّ أن تقولَ "أعدلُ بني مَروان، بل تجبُ المطابقةُ.
(لأنّ التفضيل الذي يقتضي المشاركة في الصفة غير مراد هنا. لأن مراد القائل أنه لم يشاركهما أحد من بني مروان في العدل. لذلك لم يكن القصد أنهما أعدل من جميع بني مروان بل المراد أنهما العادلان منهم. و (الناقص) هو يزيد بن الوليد بن عبد الملك بن مروان، سمي بذلك لنقصه أرزاق الجند. و (الأشج) هو عمر بن عبد العزيز بن مروان رضي الله عنه سمي بذلك لشجة أصابته بضرب الدابة) .
وحيثُ جازَ تقديرُ (من) ، كان المعنى على التفضيل، وحيثُ لم يجُزْ تقديرُها، كان المعنى على غيره أي "كان اسمُ التَّفضيلِ عارياً عن معنى التفضيل".
وقد يُجمعُ العاري عن معنى التفضيل، المجرَّدُ من (ألْ) والإضافة، إذ كان موصوفه جمعاً كقولِ الشاعر [من الطويل]
إذا غابَ عَنْكُم، أَسْوَدُ العَينِ كُنْتُمْ
…
كِراماً. وأنتُم. ما أقامَ، أَلائِمُ
وإذا صحّ جمعه لتجرُّده عن معنى التفضيل، جاز أن يُؤنَّثَ، وهو مجرَّدٌ منه، فيكونُ قولُ ابن هانيء [من البسيط]
كأنّ صُغْرى وكُبرى - من فَقاقِعِها
…
حَصْباءُ دُرٍّ على أَرضٍ منَ الذَّهَبِ
صحيحاً وليس بِلَحنٍ كما قالوا.
لأنَّ "صغرى وكبرى" ههنا. بمعنى "صغيرة وكبيرة" فهما عاريتان من التفضيل فلا يجب فيهما الإِفراد والتذكير. بل يجوزان. كما تجوز المطابقة، وإن كان الأول هو الأفصح والأشهر.
وقال من لحنه كان حقه أن يقول "كأنّ أكبر وأصغر" أو "كأنّ الكبرى والصغرى". باعتبار أن اسم التفضيل، إذا تجرد من (ألْ) والإضافة. يجب إفراده وتذكيره وغفل عن أنه يجب ذلك فيما قُصد به التفضيل.
وقول العروضيين "فاصلة صغرى، وفاصلة كبرى". أي صغيرة وكبيرة. وهو من هذا الباب.
اسما الزمان والمكان
اسمُ الزَّمانِ هو ما يُؤْخذُ من الفعل للدَّلالة على زمان الحدَث، نحو "وافِني مَطْلِعَ الشمسِ" أي وقتَ طلوعها.
واسمُ المكانِ هو ما يُؤْخذُ من الفعل للدَّلالة على مكان الحدَث، كقوله عز وجل "حتّى إذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمس" أي مكانض غروبها.
وزنهما من الثلاثي المجرد
لإسمي الزَّمان والمكان، من الثلاثيِّ المجرَّدِ، وزنانِ "مَفعَلٌ" - بفتح العين، و"مَفْعِلٌ" بكسرها.
فوزنُ "مَفْعَلٍ" بفتحِ العينِ - للثلاثيِّ المجرَّدِ المأخوذ من "يَفْعُلُ" - المضمومِ العين - أَو "يَفْعَلُ" المفتوحِها - أو من الفعل المُعتلِّ الآخر وإِن
كان من "يَفعِل"، المكسور العين، فالأولُ مثلُ "مَكتَبٍ ومَحضَر وَمَحلٍّ". والثاني مثلُ "مَلْعَبٍ" والثالثُ مثلُ "مَلْهى ومَثْوى ومَوْقى".
(ولا فرق بين أن يكون المعتل الآخر ناقصاً، كملهى "من لها يلهو"، أو لفيفاً مقروناً كمثوى "من ثوى يثوي". أو لفيفاً مفروقاً كموفى "من وفى يفي فوزن هذه الثلاثة واحد) .
وشذَّت أَلفاظٌ جاءت بالكسر، مع أنها مَبنيَّةٌ من مضموم العين في المضارع، وذلك كَالمطلِعِ والمَغرِبِ والمَشرِقِ والمَسجِدِ والمَنسِكِ والمَجزِرِ والمَنبِتِ والمَسقِطِ والمَفرِقِ والمَرفِقِ والمَسكِنِ. ويجوز فيها الفتحُ، على القياس. والأولُ أفصحُ.
ووزنُ "مَفْعِل" - بكسر العين - للثلاثيِّ المجرَّدِ المأخوذ من "يَفعِلْ" - الصحيحِ، المكسور العين - أو من المثال الواويِّ، فالأولُ مثلُ "مَجلِس ومَحبِس ومَضرِب ومَبِيت ومَصِيف"، والثاني مثلُ "مَوْرِد ومَوْعِد ومَوْجِل ومَوْحِل".
ولا فرقَ بين أن تكونَ عنيُ المثالِ الواويّ مكسورة في المضارع، كمَوْرِد، من "ورَدَ يَرِدُ" وأن تكون مفتوحة كمَوْضِع، من "وَضعَ يَضَعُ". وبعضُ العلماءِ يجعله من مفتوح العين على "مَفَعَل" - بفتح العين وذلك جائز مسموع عن العرَب.
اسم المكان على (مفعلة)
قَدْ تدخلُ تاءُ التأنيثِ على أسماءِ المكان "كالمزلَّةِ والمعبرةِ والمشرَفةِ والمدرَجةِ ومَوقعَة الطائرِ والمقبرةِ والمشربةِ.
وما جاء من ذلك على "مَفْعُلة" - بضم العين - كالمقْبُرة والمشرُفة والمشرُبة فهو شاذّ.
وقد يُبنى اسمُ المكان من الأسماءِ على وزن "مَفْعَلة"، للدَّلالة على كثرة الشيءِ في المكان، مثلُ "مَسبَعةٍ ومأسدةٍ ومَذأَبةٍ ومَبْطَخةٍ ومَقثأةٍ ومَحيأةٍ ومَفْعأةٍ ومَدْرَجةٍ".
ولم يُسمع مثلُ هذا في الرُّباعيِّ الأصول فما فوقهُ "كالضفدُعِ والثعْلبِ والسّفرجلِ". فلا يُقالُ "أرضٌ مُضَفدَعةٌ ولا مُثَعْلبةٌ، ولا مُسَفْرَجةٌ". ولكنَّكَ تبنيها على صيغة إسم الفاعل، فتقول "مُضفْدِعة ومُثَعْلِبة ومُسَفْرِجة".
وزنهما من فوق الثلاثي المجرد
يكون اسما الزمان والمكان، من غير الثلاثيِّ المجرَّد، على وزن اسم
المفعول، نحو "مُجتمَعٍ ومُنتَدىً ومُنتظَرٍ ومُستشْفَىً".
فائدة
المصدر الميمي واسم المفعول واسما الزمان والمكان. مما هو فوق الثلاثيّ المجرد. شركاءٌ في الوزن، ويفرّق بالقرينة. فاذا قلت جئتك منسكب المطر. فالمعنى جئتك وقت انسكابه. وإذا قلت انتظرك في مرتقى الجبل. المعنى في المكان الذي يرتقي فيه إليه وإذا قلت هذا الأمر منتظر. فالمعنى أن الناس ينتظرونه. فهو اسم مفعول. وإذا قلت أعتقد معتقد السلف. فمعتقد مصدر ميمي بمعنى الإعتقاد.
اسم الآلة
اسمُ الآلة هو اسمٌ يؤخذ غالباً من الفعل الثلاثيّ المجرّدِ المتعدّي للدَّلالة على أداةٍ يكونُ بها الفعل كمِبْرَدٍ ومِنشارٍ ومِكنَسَةٍ.
وقد يكونُ من غير الثلاثيّ المجرَّد. كالمِئْزرِ والمِئْزَرة والمِئْزَار (من ائْتَزَرَ) ، والمِيضأة (من تَوَّضَّأ) ، والمِحراكِ (للعُود الذي تُحرّكُ به النارُ، من حَرَّكَ) ، والمِعْلاقِ (اسمٌ لما يُعلّقُ به الشيءُ، من علَّق) ، والمِمْلسة وهي خشبةٌ تُسوّى بها الأرضُ وتملَّسُ، من "مَلَّسَ الأرض" إذا سوَّها) .
وقد يكون من الثلاثيّ المجرَّد اللازم كالمِرقاةِ (ويجوزُ فتحُ ميمِها وهي الدرجةُ، من "رَقِيَ" (إذا صَعِدَ) ، والمِعْرَج والمِعراج (وهو السُّلَّم) ، من "عَرَجَ يَعرُجُ"(إذا ارتقى) ، والمِصباح (من "صَبُحَ الوجهُ" إذا أشرَقَ وأنارَ) ، والمِدخنةِ (من "دخنَتِ النارُ تَدُخنُ وتَدْخَنُ" إذا خَرجَ دُخانها، أو ارتفع) ، والمِزْربِ (من زَرِبَ الماءُ يَزرَبُ إذا سال) ، والمِعزَفِ والمِعْزَفةِ (وهي أداةُ اللهوِ كالعود والطُّنبور ونحوهما، والجمع "مَعازِف"، من "عَزفَ يَعزِفُ" إذا غنّى، وكذلك إذا ضربَ
بالمعازف) ، و (المِلهى) وهو آلة اللهو. وجمعُه "مَلاهٍ" من "لها يَلهو") .
وقد يكون من الأسماءِ الجامدةِ كالمِحْبرةِ (من الحِبر. ويجوزُ فيها فتح الميم) ، والمِقْلمة (من القلم، وهي وِعاءُ الأقلام) ، والمِمْطر والمِمْطرة (من المَطَر، وهو الثوبُ يُتَّقى به المطرُ) ، والمِمْلحة من المِلح. ويجوز فيها فتح الميم (والمِئْبَر) من الإِبرة، وهو بيتُها، والمِزْوَد (من الزاد، وهو وعاؤُهُ) .
اوزان اسم الآلة
لاسم الآلة ثلاثةُ أوزانٍ (الأول)"مِفْعَلٌ" كمِبْضعٍ ومِرقمٍ ومِعْبَرٍ ومِقصٍّ. و (الثاني)"مِفْعَلَةٌ" كمِمسَحةٍ ومِعْبَرةٍ ومِشْرَبةٍ ومِنَشَّةٍ ومِصْفاةٍ. و (الثالثُ)"مِفْعالٌ" كمفتاحٍ ومِجذافٍ ومِغرافٍ ومِقْراضٍ.
وقد جاءَ في كلام العرب أسماءٌ للآلات مُشتقةٌ من الفعل على غير هذه الأوزان شُذوذاً، وذلك المُنْخُل والمُسْعطُ والمُدُق والمُدْهُن والمُكحُلة والمُحْرُضة. وقد يُقالُ "المِسْعَطُ والمِدَقُّ والمِحرَضةُ"، في هذه
الثلاثة، على القياس.
وقد يكونُ اسمُ الآلةِ جامداً، غير مأخوذ من الفعل، ولا على وزن الأوزان السابقة كالقَدوم والفأس والسِّكين والجرَس والنّاقور والسّاطور.