الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْبَابُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِفَسْخِ الْحَجِّ بِعُمْرَةٍ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَالْأَحَادِيثُ الَّتِي يُظَنُّ أَنَّهَا مُعَارِضَةٌ لَهَا أَوْ نَاسِخَةٌ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: قَدْ ذَكَرْنَا مِنْهَا طَرَفًا فِيمَا سَلَفَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا، وَنَحْنُ مُورِدُوهَا هُنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ
تَعَالَى بِاسْتِيعَابٍ، وَعَلَى رُتْبَةٍ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.
346 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَمَذَانِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَلْخِيُّ، حَدَّثَنَا الْفَرَبْرِيُّ، حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بَكْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ، قَالَ: تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ وَأَهْدَى، فَسَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَبَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ، فَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، وَكَانَ مِنَ النَّاسِ مَنْ أَهْدَى فَسَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُهْدِ، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِلنَّاسِ:«مَنْ كَانَ مِنْكُمْ أَهْدَى فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَجَّهُ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْدَى فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَيُقَصِّرْ وَلْيَحْلِلْ ثُمَّ لِيُهِلَّ بِالْحَجِّ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا فَلْيَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ» ، وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ
347 -
وَعَنْ عُرْوَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ، أَخْبَرَتْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي تَمَتُّعِهِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى
⦗ص: 330⦘
الْحَجِّ فَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَهُ بِمِثْلِ الَّذِي أَخْبَرَنِي بِهِ سَالِمٌ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ:«فَلَوْلَا أَنِّي أَهْدَيْتُ لَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ»
349 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا أَبُو أَيُّوبَ سُلَيْمَانُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْغَيْلَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو الْعَقَدِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا نَذْكُرُ إِلَّا الْحَجَّ، فَذَكَرَتِ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: قَالَتْ: فَلَمَّا قَدِمْتُ مَكَّةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ: «اجْعَلُوهَا عُمْرَةً» ، فَأَحَلَّ النَّاسُ إِلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ، قَالَتْ: فَكَانَ الْهَدْيُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ وَذَوِي الْيَسَارَةِ، ثُمَّ أَهَلُّوا حِينَ رَاحُوا، وَذَكَرَتْ بَاقِيَ الْحَدِيثِ
350 -
حَدَّثَنَا حُمَامٌ، حَدَّثَنَا الْأَصِيلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا
⦗ص: 331⦘
الْفَرَبْرِيُّ، حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ، هُوَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا نَرَى إِلَّا أَنَّهُ الْحَجُّ، فَلَمَّا قَدِمْنَا تَطَوَّفْنَا بِالْبَيْتِ فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَ الْهَدْيَ، وَنِسَاؤُهُ لَمْ يَسُقْنَ فَأَحْلَلْنَ
351 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُثَنَّى، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، كُلُّهُمْ عَنْ غُنْدَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ ذَكْوَانَ، مَوْلَى عَائِشَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ غَضْبَانُ فَقُلْتُ: مَنْ أَغْضَبَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ أَدْخَلَهُ اللَّهُ النَّارَ، قَالَ:«أَوَمَا شَعَرْتِ أَنِّي أَمَرْتُ النَّاسَ بِأَمْرٍ فَإِذَا هُمْ يَتَرَدَّدُونَ - قَالَ الْحَكَمُ - كَأَنَّهُمْ يَتَرَدَّدُونَ - وَلَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الْهَدْيَ مَعِي حَتَّى أَشْتَرِيَهُ ثُمَّ أَحِلُّ كَمَا حَلُّوا»
352 -
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَسُورِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُطَرِّفٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ عَمْرَةَ، قَالَتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ، تَقُولُ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِخَمْسِ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، وَلَا نَرَى إِلَّا أَنَّهُ الْحَجُّ، فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْ مَكَّةَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَنْ يَحِلَّ، وَذَكَرَتْ بَاقِيَ الْحَدِيثِ. قَالَ يَحْيَى: فَذَكَرْتُ هَذَا
⦗ص: 332⦘
الْحَدِيثَ لِلْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، فَقَالَ: أَتَتْكَ وَاللَّهِ بِالْحَدِيثِ عَلَى وَجْهِهِ
353 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمَخْزُومِيُّ، وَعَبْدُ الْمَجِيدِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، حَدَّثَنِي أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يَحْلِلْنَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَقُلْتُ: مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَحِلَّ؟ قَالَ: «إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي، وَقَلَّدْتُ هَدْيِي، وَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ الْهَدْيَ»
354 -
وَبِهِ إِلَى مُسْلِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، جَمِيعًا عَنْ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْمَدَنِيِّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، فَذَكَرْتُ الْحَدِيثَ وَفِيهِ: أَنَّ جَابِرًا قَالَ لَهُ فِي وَصْفِ حَجَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: وَقَدِمَ عَلِيٌّ رضي الله عنه مِنَ الْيَمَنِ بِبُدْنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَوَجَدَ فَاطِمَةَ فِي مَنْ حَلَّ، وَلَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا، وَاكْتَحَلَتْ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلِيٌّ، فَقَالَتْ: أَبِي أَمَرَنِي بِهَذَا، قَالَ: فَكَانَ عَلِيٌّ يَقُولُ بِالْعِرَاقِ: فَذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُحَرِّشًا عَلَى فَاطِمَةَ لِلَّذِي صَنَعَتْ مُسْتَفْتِيًا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا ذَكَرَتْ عَنْهُ، فَأَخْبَرْتُهُ أَنِّي أَنْكَرْتُ ذَلِكَ عَلَيْهَا فَقَالَ عليه السلام: «صَدَقَتْ صَدَقَتْ، مَاذَا
⦗ص: 333⦘
قُلْتَ حِينَ فَرَضْتَ الْحَجَّ» ؟ قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُهِلُّ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُكَ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«فَإِنَّ مَعِي الْهَدْيَ فَلَا تَحِلَّ» ، وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ
355 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ هُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ الْأَعْوَرُ، حَدَّثَنَا يُونُسُ هُوَ ابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَلِيٍّ حِينَ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْيَمَنِ، فَأَصَبْتُ مَعَهُ أَوَاقِيَ، قَالَ: وَقَدِمَ عَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَدْرَكَ فَاطِمَةَ وَقَدْ لَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا، وَنَضَحَتِ الْبَيْتَ بِنَضُوحٍ، فَقَالَ: مَا لَكِ؟ فَقَالَتْ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ أَصْحَابَهُ فَأَحَلُّوا
356 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، وَقَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّهِ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: خَرَجْنَا مُحْرِمِينَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَقُمْ عَلَى إِحْرَامِهِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحْلِلْ» ، فَلَمْ يَكُنْ مَعِي هَدْيٌ فَحَلَلْتُ، وَكَانَ مَعَ الزُّبَيْرِ
⦗ص: 334⦘
هَدْيٌ فَلَمْ يَحِلَّ.
357 -
وَبِهَذَا السَّنَدِ إِلَى مُسْلِمٍ: أَخْبَرَنِي عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الْمُغِيرَةُ بْنُ سَلَمَةَ الْمَخْزُومِيُّ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: قَدِمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ
358 -
حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ أَسْمَاءَ، قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ فَقَالَ لَنَا: «مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَقُمْ عَلَى إِحْرَامِهِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ»
359 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو عِيسَى بْنُ أَبِي عِيسَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنِ ابْنِ فُضَيْلٍ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَفْرِدُوا الْحَجَّ، وَدَعُوا قَوْلَ أَعْمَاكُمْ هَذَا، قَالَ: فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ الَّذِي أَعْمَى اللَّهُ قَلْبَهُ أَنْتَ، أَلَا سَلْ أُمَّكَ عَنْ هَذَا، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا فَقَالَتْ: صَدَقَ ابْنُ عَبَّاسٍ، جِئْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حُجَّاجًا فَجَعَلْنَاهَا عُمْرَةً، فَحَلَلْنَا الْإِحْلَالَ كُلَّهُ حَتَّى سَطَعَتِ الْمَجَامِرُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ
360 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَمَذَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْبَلْخِيُّ، حَدَّثَنَا الْفَرَبْرِيُّ، حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَطَاءٍ أَسْتَفْتِيهِ فَقَالَ: أَخْبَرَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ حَجَّ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ سَاقَ الْبُدْنَ مَعَهُ، وَقَدْ أَهَلُّوا بِالْحَجِّ مُفْرَدًا، فَقَالَ لَهُمْ:«أَحِلُّوا مِنْ إِحْرَامِكُمْ بِطَوَافِ الْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَقَصِّرُوا، ثُمَّ أَقِيمُوا حَلَالًا، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ فَأَهِلُّوا بِالْحَجِّ وَاجْعَلُوا الَّتِي قَدِمْتُمْ بِهَا مُتْعَةً» ، فَقَالُوا: كَيْفَ نَجْعَلُهَا مُتْعَةً وَقَدْ سَمَّيْنَا بِالْحَجِّ؟ فَقَالَ: «افْعَلُوا مَا أَمَرْتُكُمْ، فَلَوْلَا أَنِّي سُقْتُ الْهَدْيَ لَفَعَلْتُ مِثْلَ الَّذِي أَمَرْتُكُمْ وَلَكِنْ لَا يَحِلُّ مِنِّي حَرَامٌ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ» ، فَفَعَلُوا
361 -
حَدَّثَنَا حُمَامٌ، حَدَّثَنَا الْأَصِيلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا الْفَرَبْرِيُّ، حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَخَلِيفَةُ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا حَبِيبٌ الْمُعَلِّمُ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: أَهَلَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ بِالْحَجِّ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابَهُ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً وَيَطُوفُوا، ثُمَّ يُقَصِّرُوا إِلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ، فَقَالُوا: نَنْطَلِقُ إِلَى مِنًى وَذَكَرُ أَحَدِنَا يَقْطُرُ؟ فَبَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أَهْدَيْتُ، وَلَوْلَا مَا مَعِي مِنَ الْهَدْيِ لَأَحْلَلْتُ»
362 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا
⦗ص: 336⦘
مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ هُوَ ابْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ فِي صِفَةِ حَجَّهِ: حَتَّى إِذَا قَدِمْنَا طُفْنَا بِالْكَعْبَةِ وَالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَحِلَّ مِنْهَا مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ، قَالَ: فَقُلْنَا: حِلُّ مَاذَا؟ قَالَ: «الْحِلُّ كُلُّهُ» ، قَالَ: فَوَاقَعْنَا النِّسَاءَ، وَلَبِسْنَا ثِيَابَنَا، وَلَيْسَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ عَرَفَةَ إِلَّا أَرْبَعُ لَيَالٍ، ثُمَّ أَهْلَلْنَا يَوْمَ التَّرْوِيَةِ. وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي بَابِ الِاخْتِلَافِ فِي وَقْتِ إِفَاضَتِهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ كَانَ مَا رَوَاهُ اللَّيْثُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، فَهُوَ سَمَاعٌ لِأَبِي الزُّبَيْرِ، مِنْ جَابِرٍ
363 -
وَبِهِ إِلَى مُسْلِمٍ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، عَنْ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ جَابِرٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي آخِرِ طَوَافِهِ عَلَى الْمَرْوَةِ إِثْرَ دُخُولِهِ مَكَّةَ: «لَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُقِ الْهَدْيَ، وَلَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً» ، ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ وَقَصَّرُوا إِلَّا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَمَنْ مَعَهُ هَدْيٌ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ تَوَجَّهُوا إِلَى مِنًى فَأَهَلُّوا بِالْحَجِّ
364 -
حَدَّثَنَا حُمَامُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَاجِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَشْوَرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ
⦗ص: 337⦘
الْحُذَاقِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَقُولُ: لَبَّيْكَ بِالْحَجِّ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَعَهُ أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ أَنْ يَحِلَّ. فَهَؤُلَاءِ أَرْبَعَةٌ عَنْ جَابِرٍ: عَطَاءٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ
365 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرٍ الْقَوَارِيرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا دَاوُدُ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَصْرُخُ بِالْحَجِّ صُرَاخًا، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ أَمَرَ أَنْ نَجْعَلَهَا عُمْرَةً إِلَّا مَنْ سَاقَ الْهَدْيَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ وَرُحْنَا إِلَى مِنًى أَهْلَلْنَا بِالْحَجِّ
366 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ الْأَشْعَرِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ الْأَعْوَرَ، حَدَّثَنَا يُونُسُ يَعْنِي ابْنَ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ يَعْنِي ابْنَ عَازِبٍ، فِي حَدِيثٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِأَصْحَابِهِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ:«لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَفَعَلْتُ كَمَا فَعَلْتُمْ، وَلَكِنِّي سُقْتُ الْهَدْيَ وَقَرَنْتُ»
367 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ
⦗ص: 338⦘
الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، حَدَّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ فِي صِفَةِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فِي حَدِيثٍ ذَكَرَهُ، وَفِيهِ: تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ، فَكَانَ مِنَ النَّاسِ مَنْ أَهْدَى فَسَاقَ الْهَدْيَ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُهْدِ، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ قَالَ لِلنَّاسِ:«مَنْ كَانَ مِنْكُمْ أَهْدَى فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَجَّهُ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَهْدَى فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَلْيُقَصِّرْ وَلْيَحْلِلْ، ثُمَّ لِيُهِلَّ بِالْحَجِّ، وَلْيُهْدِ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا فَلْيَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ» ، وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ، وَفِيهِ: أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ قَالَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ: إِنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَتْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي تَمَتُّعِهِ بِالْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ، وَتَمَتُّعِ النَّاسِ مَعَهُ بِمِثْلِ الَّذِي أَخْبَرَنِي بِهِ سَالِمٌ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
368 -
حَدَّثَنَا الطَّلَمَنْكِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ، حَدَّثَنَا الصَّمُوتُ، حَدَّثَنَا الْبَزَّارُ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ قَزَعَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَشْعَثُ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَهَلَّ هُوَ وَأَصْحَابُهُ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَلَمَّا قَدِمُوا مَكَّةَ، وَطَافُوا بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، أَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَحِلُّوا فَهَابُوا ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَحِلُّوا فَلَوْلَا أَنَّ مَعِيَ الْهَدْيَ لَأَحْلَلْتُ» ، فَأَحَلُّوا
⦗ص: 339⦘
حَتَّى حَلُّوا إِلَى النِّسَاءِ
369 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَسُورِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي دُلَيْمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ بَكْرٍ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: إِنَّمَا أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْحَجِّ وَأَهْلَلْنَا بِهِ مَعَهُ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ:«مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ» ، فَأَحَلَّ النَّاسُ إِلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ، وَكَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَدْيٌ فَلَمْ يَحِلَّ
370 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْبَلْخِيُّ، حَدَّثَنَا الْفَرَبْرِيُّ، حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ مَعَهُ بِالْمَدِينَةِ الظُّهْرَ أَرْبَعًا، وَالْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ بَاتَ بِهَا حَتَّى أَصْبَحَ، ثُمَّ رَكِبَ حَتَّى اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ عَلَى الْبَيْدَاءِ، حَمِدَ اللَّهَ وَسَبَّحَ، ثُمَّ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهِمَا، فَلَمَّا قَدِمْنَا أَمَرَ النَّاسَ فَحَلُّوا، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ أَهَلُّوا بِالْحَجِّ، وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ
371 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا
⦗ص: 340⦘
مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ حَيَّانَ، عَنْ مَرْوَانَ الْأَصْفَرِ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ عَلِيًّا، قَدِمَ مِنَ الْيَمَنِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«بِمَ أَهْلَلْتَ» ؟ قَالَ: أَهْلَلْتُ بِإِهْلَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«لَوْلَا أَنَّ مَعِيَ الْهَدْيَ لَأَحْلَلْتُ»
372 -
حَدَّثَنَا حُمَامٌ، حَدَّثَنَا الْأَصِيلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا الْفَرَبْرِيُّ، حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: بَعَثَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى قَوْمٍ بِالْيَمَنِ، فَجِئْتُ وَهُوَ بِالْبَطْحَاءِ فَقَالَ:«بِمَ أَهْلَلْتَ» ؟ قُلْتُ: بِإِهْلَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «هَلْ مَعَكَ هَدْيٌ» ؟ قُلْتُ: لَا، فَأَمَرَنِي فَطُفْتُ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ أَمَرَنِي فَأَحْلَلْتُ
373 -
وَبِهِ إِلَى الْبُخَارِيِّ: حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ الْبَرَاءِ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ لِصُبْحِ رَابِعَةٍ يُلَبُّونَ بِالْحَجِّ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً إِلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ
374 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْبَلْخِيُّ، حَدَّثَنَا
⦗ص: 341⦘
الْفَرَبْرِيُّ، حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، أَخْبَرَنِي كُرَيْبٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَذَكَرَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ، وَفِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: فَأَصْبَحَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ حَتَّى اسْتَوَى عَلَى الْبَيْدَاءِ أَهَّلَ هُو وَأَصْحَابُهُ، وَقَلَّدَ بَدَنَتَهُ، وَذَلِكَ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، فَقَدِمَ مَكَّةَ لِأَرْبَعِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، فَطَافَ بِالْبَيْتِ، وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَلَمْ يَحْلِلْ مِنْ أَجْلِ بُدْنِهِ؛ لِأَنَّهُ قَلَّدَهَا. ثُمَّ ذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ وَفِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَطُوفُوا بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ يُقَصِّرُوا مِنْ رُءُوسِهِمْ، ثُمَّ يَحِلُّوا، وَذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ بَدَنَةٌ قَلَّدَهَا، وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ
375 -
حَدَّثَنَا حُمَامٌ، حَدَّثَنَا الْأَصِيلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا الْفَرَبْرِيُّ، حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، وَطَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَا: قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صُبْحَ رَابِعَةٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ يُهِلُّونَ بِالْحَجِّ، لَا يَخْلِطُهُمْ شَيْءٌ، فَلَمَّا قَدِمْنَا أَمَرَنَا فَجَعَلْنَاهَا عُمْرَةً، وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ
376 -
حَدَّثَنَا حُمَامٌ، حَدَّثَنَا الْأَصِيلِيُّ، حَدَّثَنَا الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا الْفَرَبْرِيُّ
⦗ص: 342⦘
، حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ، قَالَ: قَالَ أَبُو كَامِلٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَهَلَّ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ وَأَزْوَاجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«اجْعَلُوا إِهْلَالَكُمْ بِالْحَجِّ عُمْرَةً، إِلَّا مَنْ قَلَّدَ الْهَدْيَ» ، فَطُفْنَا بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَأَتَيْنَا النِّسَاءَ وَلَبِسْنَا الثِّيَابَ، وَقَالَ:«مَنْ قَلَّدَ الْهَدْيَ فَلَا يَحِلَّ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ» ، ثُمَّ أَمَرَنَا عَشِيَّةَ التَّرْوِيَةِ أَنْ نُهِلَّ بِالْحَجِّ، وَإِذَا فَرَغْنَا مِنَ الْمَنَاسِكِ جِئْنَا فَطُفْنَا بِالْبَيْتِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ
377 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ الْقُرِّيُّ، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعُمْرَةٍ، وَأَهَلَّ أَصْحَابُهُ بِحَجٍّ، فَلَمْ يَحِلَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَلَا مَنْ سَاقَ الْهَدْيَ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَحَلَّ بَقِيَّتُهُمْ
378 -
وَبِهِ إِلَى مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَسَّانَ الْأَعْرَجَ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي الْجُهَيْمِ لِابْنِ عَبَّاسٍ: مَا هَذِهِ الْفُتْيَا الَّتِي قَدْ تَشَغَّفَتْ أَوْ تَشَغَّبَتْ بِالنَّاسِ، أَنَّ مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ فَقَدْ حَلَّ، فَقَالَ: سُنَّةُ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم وَإِنْ رَغِمْتُمْ
379 -
وَبِهِ إِلَى مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ
⦗ص: 343⦘
، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: لَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ حَاجٌّ وَلَا غَيْرُ حَاجٍّ إِلَّا حَلَّ، قُلْتُ لِعَطَاءٍ: مِنْ أَيْنَ تَقُولُ ذَلِكَ؟ قَالَ: مِنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 33]، قَالَ: قُلْتُ: فَإِنَّ ذَلِكَ بَعْدَ الْمُعَرَّفِ، فَقَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: هُوَ بَعْدَ الْمُعَرَّفِ وَقَبْلَهُ، وَكَانَ يَأْخُذُ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ أَمَرَهُمْ أَنْ يَحِلُّوا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ
380 -
حَدَّثَنَا الْجَسُورِيُّ، حَدَّثَنَا وَهْبٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ سُلَيْمٍ الْجُهَيْمِيِّ، أَنَّهُ قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: مَا أَخْبَارٌ قَدْ تَنَشَّغَتْ فِي النَّاسِ، يَزْعُمُونَ أَنَّكَ تَقُولُ: إِنَّ مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ فَقَدْ حَلَّ قَالَ: تِلْكَ سُنَّةُ نَبِيِّكُمْ وَإِنْ رَغِمْتُمْ
381 -
حَدَّثَنَا حُمَامٌ، حَدَّثَنَا الْبَاجِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا الْكَشْوَرِيُّ، حَدَّثَنَا الْحُذَاقِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَنْ جَاءَ مُهِلًّا بِالْحَجِّ فَإِنَّ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ يَصِيرُ إِلَى عُمْرَةٍ، شَاءَ أَمْ أَبَى، قُلْتُ: إِنَّ النَّاسَ يُنْكِرُونَ هَذَا عَلَيْنَا، قَالَ: سُنَّةُ نَبِيِّهِمْ وَإِنْ رَغِبُوا
382 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ، حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي
⦗ص: 344⦘
زَائِدَةَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ هُوَ سَبْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ الْجُهَنِيُّ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى إِذَا كَانَ بِعُسْفَانَ قَالَ لَهُ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ الْمُدْلِجِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اقْضِ لَنَا قَضَاءَ قَوْمٍ وُلِدُوا الْيَوْمَ، فَقَالَ:«إِنَّ اللَّهَ عز وجل قَدْ أَحَلَّ عَلَيْكُمْ فِي حَجِّكُمْ هَذَا عُمْرَةً، فَإِذَا قَدِمْتُمْ فَمَنْ تَطَوَّفَ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَقَدْ حَلَّ مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ»
383 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَسُورِيُّ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، قَالَ: قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَطِيبًا فِي الْوَادِي، فَقَالَ:«إِنَّ الْعُمْرَةَ دَخَلَتْ فِي الْحَجِّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» ، قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: فَهَؤُلَاءِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ مِنَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم، وَهُمْ: عَائِشَةُ، وَحَفْصَةُ أُمَّا الْمُؤْمِنِينَ، وَعَلِيٌّ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَسَبْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ الْجُهَنِيُّ، وَسُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ الْمُدْلِجِيُّ الْكِنَانِيُّ، كُلُّهُمْ رَوَوْا أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِفَسْخِ الْحَجِّ لِمَنْ لَمْ يَسُقِ الْهَدْيَ، وَإِلْزَامِهِمِ التَّمَتُّعَ بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ حَجَّةٍ، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ أَبِي ذَرٍّ، وَعَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ
384 -
كَمَا أَخْبَرَنِي الْمُهَلَّبُ بْنُ أَبِي صُفْرَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ مَنَاسٍ
⦗ص: 345⦘
الْفَرْوِيِّ، عَنْ زِيَادِ بْنِ يُونُسَ السُّدِّيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رِشْدِينَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَنْجَرٍ، حَدَّثَنَا قَحْطَبَةُ بْنُ غُدَانَةَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: حَجَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا عَائِشَةُ تَنْزِعُ ثِيَابَهَا، قَالَ: مَا لَكِ؟ قَالَتْ: نُبِّئْتُ أَنَّكَ أَحْلَلْتَ وَأَحْلَلْتَ أَهْلَكَ، قَالَ: حَلَّ مَنْ لَيْسَ مَعَهُ بُدْنٌ، فَأَمَّا نَحْنُ فَمَعَنَا بُدْنٌ، فَلَا نَحِلُّ حَتَّى نَبْلُغَ عَرَفَاتِ الْحَجِّ، وَهُمْ مِنْ بِلَادٍ شَتَّى، وَرَوَى ذَلِكَ عَنْهُمْ طَوَائِفُ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ، حَتَّى صَارَ مَنْقُولًا نَقْلَ كَافَّةً يَقْطَعُ الْعُذْرَ وَيَرْفَعُ الشَّكَّ وَيُوقِعُ الْيَقِينَ، وَيُوجِبُ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ، وَبِهِ كَانَ يَقُولُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، وَبِهِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيُّ قَاضِي الْبَصْرَةِ، وَابْنُ حَنْبَلٍ، وَبِهِ نَقُولُ، وَقَدْ جَاءَتْ أَخْبَارٌ، يَظُنُّ مَنْ جَهِلَ أَنَّهَا مُعَارِضَةٌ لِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي ذَكَرْنَا، وَرُبَّمَا شَغَبَ بِهَا مَنْ يَقُولُ بِلَا عِلْمٍ أَوْ مَنْ لَا يُبَالِي بِمَا يَقُولُ أَحَدٌ، بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طُرُقٍ، مِنْهَا
385 -
مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: «خَرَجْنَا مَعَ
⦗ص: 346⦘
رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ، وَأَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْحَجِّ، فَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ أَوْ جَمَعَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، فَلَمْ يَحِلُّوا حَتَّى كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ»
386 -
وَالثَّانِي: حَدَّثَنَاهُ يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا أَبُو عِيسَى يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلْحَجِّ إِلَى أَنْوَاعٍ ثَلَاثَةٍ، فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ مَعًا، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ مُفْرِدًا، وَمِنَّا منْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ مُفْرَدَةٍ، فَمَنْ كَانَ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ مَعًا لَمْ يَحْلِلْ مِنْ شَيْءٍ مِمَّا حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى يَقْضِيَ مَنَاسِكَ الْحَجِّ، وَمَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ مُفْرِدًا لَمْ يَحْلِلْ مِنْ شَيْءٍ مِمَّا حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى يَقْضِيَ مَنَاسِكَ الْحَجِّ، وَمَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ مُفْرَدَةٍ فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ حَلَّ مِمَّا حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى يَسْتَقْبِلَ حَجًّا
387 -
وَالثَّالِثُ: حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو هُوَ ابْنُ الْحَارِثِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ قَالَ لَهُ: سَلْ لِي عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ عَنْ رَجُلٍ يُهِلُّ بِالْحَجِّ، فَإِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ، أَيَحِلُّ أَمْ
⦗ص: 347⦘
لَا؟ فَإِنْ قَالَ لَكَ: لَا يَحِلُّ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ تَقُولُ لَهُ: فَإِنَّ رَجُلًا كَانَ يُخْبِرُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ، وَمَا شَأْنُ أَسْمَاءَ وَالزُّبَيْرِ قَدْ فَعَلَا ذَلِكَ؟ قَالَ: فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ، يَعْنِي عُرْوَةَ، فَقَالَ: فَإِنَّهُ قَدْ كَذَبَ، قَدْ حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ أَنَّهُ أَوَّلُ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ حَجَّ أَبُو بَكْرٍ فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ ثُمَّ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ، ثُمَّ عُمَرُ مِثْلُ ذَلِكَ، ثُمَّ حَجَّ عُثْمَانُ فَرَأَيْتُهُ: أَوَّلُ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ، ثُمَّ مُعَاوِيَةُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، ثُمَّ حَجَجْتُ مَعَ أَبِي: الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ ثُمَّ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ، ثُمَّ رَأَيْتُ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ، ثُمَّ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ، ثُمَّ آخِرُ مَنْ رَأَيْتُ فَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُضْهَا بِعُمْرَةٍ، فَهَذَا ابْنُ عُمَرَ عِنْدَهُمْ، أَفَلَا يَسْأَلُونَهُ؟ وَلَا أَحَدَ مِمَّنْ مَضَى كَانُوا يَبْدَءُونَ بِشَيْءٍ حِينَ يَضَعُونَ أَقْدَامَهُمْ أَوَّلَ مِنَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ ثُمَّ لَا يَحِلُّونَ وَقَدْ رَأَيْتُ أُمِّيَ وَخَالَتِي حِينَ يَقْدَمَانِ لَا تَبْدَآنِ بِشَيْءٍ أَوَّلَ مِنَ الْبَيْتِ، تَطُوفَانِ بِهِ، ثُمَّ لَا تَحِلَّانِ، وَقَدْ أَخْبَرَتْهُ أُمِّي أَنَّهَا أَقْبَلَتْ هِيَ وَأُخْتُهَا وَالزُّبَيْرُ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ بِعُمْرَةٍ قَطُّ، فَلَمَّا مَسَحُوا الرُّكْنَ حَلُّوا، وَقَدْ كَذَبَ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: وَلَا حَجَّةَ لِمَنْ تَعَلَّلَ بِهَذِهِ الْأَخْبَارِ فِي شَيْءٍ مِنْهَا، أَمَّا حَدِيثُ أَبِي الْأَسْوَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، وَحَدِيثُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ فَقَدْ أَنْكَرَهُ قَبْلَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ
388 -
كَمَا حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عِقَالٍ الْقُرَيْنَشِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّقَطِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، سَلْمٌ الْخُتَّلِيُّ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْجَوْهَرِيُّ السَّذَابِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هَانِئٍ الْأَثْرَمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَأَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ فَأَحَلُّوا حِينَ طَافُوا بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَلَمْ يَحِلُّوا إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ، فَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: أَيْش فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْعَجَبِ؟ هَذَا خَطَأٌ، قَالَ الْأَثْرَمُ: فَقُلْتُ لَهُ: الزُّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ بِخِلَافِهِ، فَقَالَ نَعَمْ وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: فَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ مُنْكَرَانِ جِدًّا، وَلِأَبِي الْأَسْوَدِ فِي هَذَا النَّحْرِ حَدِيثٌ آخِرُ لَاحِقًا بِنُكْرَتِهِ وَوَهَنِهِ وَبُطْلَانِهِ، وَالْعَجَبُ: كَيْفَ جَازَ عَلَى مَنْ رَوَاهُ؟
389 -
وَهُوَ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ الْهَمَذَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْبَلْخِيُّ، حَدَّثَنَا الْفَرَبْرِيُّ، حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ
⦗ص: 349⦘
وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا عَمْرٌو هُوَ ابْنُ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ، مَوْلَى أَسْمَاءَ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ كَانَ يَسْمَعُ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، تَقُولُ كُلَّمَا مَرَّتْ بِالْحَجُونِ: صَلَّى اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ، لَقَدْ نَزَلْنَا مَعَهُ هَا هُنَا وَنَحْنُ يَوْمَئِذٍ خِفَافٌ، قَلِيلٌ ظَهْرُنَا، قَلِيلَةٌ أَزْوَادُنَا، فَاعْتَمَرْتُ أَنَا وَأُخْتِي عَائِشَةُ وَالزُّبَيْرُ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ، فَلَمَّا مَسَحْنَا الْبَيْتَ أَحْلَلْنَا، ثُمَّ أَهْلَلْنَا مِنَ الْعَشِيِّ بِالْحَجِّ، قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: هَذِهِ وَهْلَةٌ لَا خَفَاءَ بِهَا عَلَى أَحَدٍ مِمَّنْ لَهُ أَقَلُّ عِلْمٍ بِالْحَدِيثِ لِوَجْهَيْنِ بَاطِلَيْنِ فِيهِ بِلَا شَكٍّ: أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ فِيهِ: فَاعْتَمَرْتُ أَنَا وَأُخْتِي عَائِشَةُ، وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّقْلِ أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها لَمْ تَعْتَمِرْ أَوَّلَ دُخُولِهَا مَكَّةَ، وَلِذَلِكَ أَعْمَرَهَا عليه السلام مِنَ التَّنْعِيمِ، وَبَعْدَ تَمَامِ الْحَجِّ لَيْلَةَ الْحَصْبَةِ، هَكَذَا رَوَى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَرَوَاهُ عَنُ عَائِشَةَ الْأَثْبَاتُ، كَالْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَعُرْوَةُ، وَطَاوُسٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَالْمَوْضِعُ الثَّانِي قَوْلُهُ فِيهِ: فَلَمَّا مَسَحْنَا الْبَيْتَ أَحْلَلْنَا، ثُمَّ أَهْلَلْنَا مِنَ الْعَشِيِّ بِالْحَجِّ، وَهَذَا بَاطِلٌ لَا شَكَّ فِيهِ، لِأَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، وَابْنَ عَبَّاسٍ، وَعَائِشَةَ كُلَّهُمْ رَوَوْا أَنَّ الْإِحْلَالَ كَانَ يَوْمَ دُخُولِهِمْ مَكَّةَ، وَأَنَّ إِهْلَالَهُمْ بِالْحَجِّ كَانَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَبَيْنَ الْيَوْمَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بِلَا شَكٍّ، وَقَدْ ذَكَرْنَا
⦗ص: 350⦘
جَمِيعَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ فِي الْأَبْوَابِ الْمُتَقَدِّمَةِ مِنْ كِتَابِنَا بِأَسَانِيدِهَا، فَأَغْنَى عَنْ تَرْدَادِهَا. ثُمَّ نَرْجِعُ إِلَى الْحَدِيثَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ، فَنَقُولُ وَبِاللَّهِ تَعَالَى نَتَأَيَّدُ: فَأَسْلَمُ الْوُجُوهِ لَهُمَا أَنْ نُخْرِجَ رِوَايَتَهُمَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهَا رضي الله عنها: إِنَّ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالْحَجِّ أَوْ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ وَلَمْ يَحِلُّوا حَتَّى كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ، وَحَتَّى قَضَوْا مَنَاسِكَ الْحَجِّ إِنَّمَا عَنَتْ بِذَلِكَ مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ، فَبِهَذَا تَنْتَفِي الْفِكْرَةُ عَنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ، وَبِهَذَا تَتَآلَفُ الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا، لِأَنَّ الزُّهْرِيَّ عَنْ عُرْوَةَ يَذْكُرُ خِلَافَ مَا ذَكَرَ أَبُو الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ، وَالزُّهْرِيُّ بِلَا شَكٍّ أَحْفَظُ مِنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، وَقَدْ خَالَفَ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ فِي هَذَا الْبَابِ مَنْ لَا يُقْرَنُ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِلَيْهِ، لَا فِي حِفْظٍ وَلَا فِي فِقْهٍ، وَلَا فِي جَلَالَةٍ، وَلَا فِي بِطَانَةٍ بِعَائِشَةَ رضي الله عنها كَالْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، وَأَبِي عَمْرٍو ذَكْوَانَ مَوْلَى عَائِشَةَ، وَعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَكَانَتْ فِي حِجْرِ عَائِشَةَ، وَهَؤُلَاءِ هُمْ أَهْلُ الْخُصُوصِيَّةِ وَالْبِطَانَةِ بِهَا، رضي الله عنها، فَكَيْفَ وَلَوْ لَمْ يَكُونُوا كَذَلِكَ، لَكَانَتْ رِوَايَتُهُمْ أَوْ رِوَايَةُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَوِ انْفَرَدَ هُوَ الْوَاجِبُ أَنْ يُؤْخَذَ بِهَا، لِأَنَّ فِيهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ عَلَى رِوَايَةِ أَبِي الْأَسْوَدِ، وَيَحْيَى وَعِلْمًا كَانَ عِنْدَهُمْ مِنْ أَمْرِهِ صلى الله عليه وسلم بِالْفَسْخِ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ أَبِي الْأَسْوَدِ، وَيَحْيَى، وَلَيْسَ مَنْ جَهِلَ أَوْ عَقَلَ حُجَّةً عَلَى مَنْ عَلِمَ وَذَكَرَ وَأَخْبَرَ، كَيْفَ وَقَدْ وَافَقَ هَؤُلَاءِ الْجِلَّةُ عَنْ عَائِشَةَ ثَلَاثَةٌ غُرٌّ مِنَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم، كُلُّهُمْ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِ رِوَايَةِ هَؤُلَاءِ الْجِلَّةِ عَنْ عَائِشَةَ، وَقَدْ ذَكَرْنَا رِوَايَاتِهِمْ كُلِّهِمْ آنِفًا، فَسَقَطَ التَّعَلُّقُ بِحَدِيثِ أَبِي الْأَسْوَدِ، وَيَحْيَى اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا، وَأَيْضًا فَإِنَّ حَدِيثَيْ أَبِي الْأَسْوَدِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا وَحَدِيثَ يَحْيَى عَنْ عَائِشَةَ مَوْقُوفَةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحِلَّ؛ غَيْرُ مُسْنَدَةٍ لِأَنَّهُمَا إِنَّمَا ذَكَرًا عَنْهَا فِعْلَ مَنْ فَعَلَ مَا
⦗ص: 351⦘
ذَكَرَتْ دُونَ أَنْ تَذْكُرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُمْ بِأَنْ لَا يَحِلُّوا، وَلَا حُجَّةَ فِي أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَوْ صَحَّ مَا ذَكَرَهُ أَبُو الْأَسْوَدِ، وَيَحْيَى فِي حَدِيثِهِمَا الَّذِي ذَكَرْنَا، وَكَانَ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَقَدْ صَحَّ أَمْرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كُلَّ مَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ بِفَسْخِ الْحَجِّ فِي عُمْرَةٍ، فَتَمَادَى الْمَأْمُورُونَ بِذَلِكَ عَلَى حَجِّهِمْ وَلَمْ يَحِلُّوا كَمَا أَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَكَانُوا عُصَاةً لِلَّهِ تَعَالَى، قَالَ عز وجل {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63] ، وَلَا حُجَّةَ فِي فِعْلِ الْعُصَاةِ، وَقَدْ أَعَاذَهُمُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ، وَبَرَّأَهُمْ مِنْهُ، فَثَبَتَ يَقِينًا أَنَّ حَدِيثَ أَبِي الْأَسْوَدِ، وَيَحْيَى إِنَّمَا عَنَى فِيهِ كُلَّ مَنْ مَعَهُ هَدْيٌ، وَهَكَذَا جَاءَتِ الْأَحَادِيثُ الصِّحَاحُ الَّتِي أَوْرَدْنَا بِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ مَنْ مَعَهُ الْهَدْيُ بِأَنْ يَجْمَعَ حَجًّا مَعَ الْعُمْرَةِ، ثُمَّ يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا
390 -
كَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَمَذَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْبَلْخِيُّ، حَدَّثَنَا الْفَرَبْرِيُّ، حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ، فَقَالَ عليه السلام:«مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهْلِلْ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، ثُمَّ لَا يَحِلُّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا» ، فَهَذَا الْحَدِيثُ كَمَا تَرَى مِنْ طَرِيقِ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ مُبَيِّنٌ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ الْمُرَادُ بِلَا شَكٍّ، فِي حَدِيثِ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ وَحَدِيثِ يَحْيَى، عَنْ عَائِشَةَ، وَارْتَفَعَ الْإِشْكَالُ جُمْلَةً، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
⦗ص: 352⦘
. وَمِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ فِيَ حَدِيثِ أَبِي الْأَسْوَدِ حَذْفًا قَوْلُهُ فِيهِ عَنْ عُرْوَةَ: إِنَّ أُمَّهُ وَخَالَتَهُ وَالزُّبَيْرَ أَقْبَلُوا بِعُمْرَةٍ فَقَطْ، فَلَمَّا مَسَحُوا الرُّكْنَ حَلُّوا، قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَحَدٍ فِي أَنَّ مَنْ أَقْبَلَ بِعُمْرَةٍ لَا يَحِلُّ أَنْ يَمْسَحَ الرُّكْنَ إِلَّا حَتَّى يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ بَعْدَ مَسْحِ الرُّكْنِ، فَصَحَّ أَنَّ فِيَ حَدِيثِهِ حَذْفًا تُبَيِّنُهُ سَائِرُ الْأَحَادِيثِ الصِّحَاحِ الَّتِي ذَكَرْنَا وَبَطَلَ الشَّغَبُ بِهِ جُمْلَةً، وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ، وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ فِي حَدِيثِهِ: إِنَّهُ كَذَبَ مَنْ أَخْبَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ ذَلِكَ، يَعْنِي: فَسْخَ الْحَجِّ بِعُمْرَةٍ فَقَدْ صَدَقَ عُرْوَةُ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا أَوْرَدْنَاهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمُتَوَاتِرَةِ الصِّحَاحِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَهُمْ أَنَّ الَّذِيَ مَنَعَهُ عليه السلام أَنْ يَحِلَّ بِعُمْرَةٍ كَمَا أَمَرَهُمْ كَوْنُ الْهَدْيِ مَعَهُ، وَأَنَّهُ عليه السلام، قَالَ: لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الْهَدْيَ، وَلَوْلَا الْهَدْيُ لَأَحْلَلْتُ، لَكِنَّهُ عليه السلام أَمَرَ كُلَّ مَنْ لَمْ يَسُقْ هَدْيًا مَعَ نَفْسِهِ بِفَسْخِ حَجِّهِ فِي عُمْرَةٍ يَحِلُّ مِنْهَا، ثُمَّ يُهِلُّ بِالْحَجِّ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَا فِي مَا خَلَا مِنْ كِتَابِنَا هَذَا، وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ مِنْ فِعْلِ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَمُعَاوِيَةَ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَابْنِ عُمَرَ، فَلَا حُجَّةَ فِي أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ أَجَابَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عُرْوَةَ فَأَحْسَنَ جَوَابَهُ
391 -
كَمَا حَدَّثَنَا حُمَامٌ، حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَيْمَنَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: أَوَّلَهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ
⦗ص: 353⦘
عَبَّاسٍ، قَالَ: تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ عُرْوَةُ: نَهَى أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ عَنِ الْمُتْعَةِ، فَقَالَ: يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ: أَرَاهُمْ سَيَهْلِكُونَ، أَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَيَقُولُ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ " قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: وَاللَّهِ إِنَّهَا لَعَظِيمَةٌ، مَا رَضِيَ بِهَا قَطُّ أَبُو بَكْرٍ وَلَا عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
وَحَدَّثَنَا أَيْضًا: حُمَامٌ، حَدَّثَنَا الْبَاجِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا الْكَشَوْرِيُّ، حَدَّثَنَا الْحُذَاقِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، قَالَ: قَالَ عُرْوَةُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: أَلَا تَتَّقِي اللَّهَ؟ تُرَخِّصُ فِي الْمُتْعَةِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سَلْ أُمَّكَ يَا عُرْوَةُ، فَقَالَ عُرْوَةُ: أَمَّا أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ فَلَمْ يَفْعَلَا، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَاللَّهِ مَا أَرَاكُمْ مُنْتَهِينَ حَتَّى يُعَذِّبَكُمُ اللَّهُ، أُحَدِّثُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتُحَدِّثُونَنَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، فَقَالَ عُرْوَةُ هُمَا أَعْلَمُ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَتْبَعُ لَهَا مِنْكَ
393 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَنَسٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُسَيْنِ بْنِ عِقَالٍ الْقُرَيْنَشِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّيْنَوَرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْجَهْمِ، حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ هُوَ السِّخْتِيَانِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: تَأْمُرُنَا بِالْعُمْرَةِ فِي هَؤُلَاءِ الْعَشْرِ وَلَيْسَ فِيهَا عُمْرَةٌ؟ قَالَ: أَفَلَا تَسْأَلُ أُمَّكَ عَنْ ذَلِكَ؟ قَالَ عُرْوَةُ: فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ لَمْ يَفْعَلَا ذَلِكَ، قَالَ الرَّجُلُ: مِنْ هَا هُنَا هَلَكْتُمْ، مَا أَرَى اللَّهَ عز وجل إِلَّا سَيُعَذِّبُكُمْ، إِنِّي أُحَدِّثُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
⦗ص: 354⦘
وَتُخْبِرُونَنِي بِأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، فَقَالَ عُرْوَةُ: إِنَّهُمَا وَاللَّهِ كَانَا أَعْلَمَ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَتْبَعَ لَهَا مِنْكَ، فَسَكَتَ الرَّجُلُ، هُنَا انْتَهَى الْحَدِيثُ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: وَنَحْنُ نَقُولُ لِعُرْوَةَ: ابْنُ عَبَّاسٍ أَعْلَمُ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبِأَبِي بَكْرٍ وَبِعُمَرَ مِنْكَ، وَأَوْلَى بِهِمْ ثَلَاثَتِهِمْ مِنْكَ، لَا يَشُكُّ فِي ذَلِكَ مُسْلِمٌ، وَعَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ أَعْلَمُ وَأَصْدَقُ مِنْ عُرْوَةَ
وَقَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بَنَانٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَوْنٍ اللَّهِ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْخُشَنِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَيْفٍ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: «مَنِ اسْتُعْمِلَ عَلَى الْمَوْسِمِ؟» قَالُوا: ابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَتْ:«هُوَ أَعْلَمُ النَّاسِ بِالْحَجِّ» ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ رَوَى عَنْهَا رضي الله عنها خِلَافَ مَا قَالَ عُرْوَةُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْ عُرْوَةَ وَأَفْضَلُ وَأَعْلَمُ وَأَحْفَظُ وَأَصْدَقُ وَأَوْثَقُ
395 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّلَمَنْكِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ الصَّمُوتِ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا الْبَزَّارُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَوْدِيُّ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَأَوَّلُ مَنْ نَهَى عَنْهَا مُعَاوِيَةُ
396 -
حَدَّثَنَا حُمَامٌ، عَنِ الْبَاجِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ الْكَشْوَرِيِّ، عَنِ الْحُذَافِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ، تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ حَتَّى مَاتَ وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ كَذَلِكَ، وَأَوَّلُ مَنْ نَهَى عَنْهَا مُعَاوِيَةُ
397 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، أَنَّ عُمَرَ، أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ مَالَ الْكَعْبَةِ، وَقَالَ: الْكَعْبَةُ غَنِيَّةٌ عَنْ ذَا الْمَالِ، وَأَنْ يَنْهَى أَهْلَ الْيَمَنِ أَنْ يَصْبَغُوا بِالْبَوْلِ، وَأَرَادَ أَنْ يَنْهَى عَنْ مُتْعَةِ الْحَجِّ، فَقَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: قَدْ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَانَ هَذَا الْمَالِ، وَبِهِ وَبِأَصْحَابِهِ إِلَيْهِ حَاجَةٌ، فَلَمْ يَأْخُذْهُ، وَأَنْتَ فَلَا تَأْخُذْهُ، وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ يَلْبَسُونَ الثِّيَابَ الْيَمَانِيَّةَ، فَلَمْ يَنْهَ عَنْهَا، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهَا تُصْبَغُ بِالْبَوْلِ، وَقَدْ تَمَتَّعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَنْهَ عَنْهَا وَلَمْ يُنْزِلِ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا نَهْيًا
398 -
حَدَّثَنَا حُمَامٌ، عَنِ الْبَاجِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ الْكَشْوَرِيِّ، عَنِ الْحُذَافِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَلَا تَقُومُ فَتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ أَمْرَ هَذِهِ الْمُتْعَةِ؟، فَقَالَ: وَهَلْ بَقِيَ أَحَدٌ إِلَّا قَدْ عَمِلَهَا، أَمَّا أَنَا فَأَفْعَلُهَا
399 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ
⦗ص: 356⦘
بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ طَاوُسٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، قَالَ: لَوِ اعْتَمَرْتُ فِي وَسَطِ السَّنَةِ، ثُمَّ حَجَجْتُ لَتَمَتَّعْتُ، وَلَوْ حَجَجْتُ خَمْسِينَ حَجَّةً لَتَمَتَّعْتُ
400 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ النَّبَاتِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ، عَنْ مُجَاهِدٍ،: لَوْ جِئْتُ مِنْ بَلَدِكَ أَرْبَعِينَ عَامًا مَا جِئْتُ إِلَّا مُتَمَتِّعًا، هُوَ آخِرُ عَهْدٍ فَارَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ عَلَيْهِ وَقَدْ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ يَقْدَمَانِ عَلَيْنَا وَهُمَا مُتَمَتِّعَانِ
أخبرني مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ النَّبَاتِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَوْنِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْخُشَنِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ بُنْدَارٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لَوِ اعْتَمَرْتُ فِي سَنَةٍ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ حَجَجْتُ لَجَعَلْتُ مَعَ حَجَّتِي عُمْرَةً
402 -
وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، أَيْضًا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَوْنِ
⦗ص: 357⦘
اللَّهِ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْخُشَنِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، يَقُولُ: لَوِ اعْتَمَرْتُ ثُمَّ حَجَجْتُ لَتَمَتَّعْتُ
403 -
حَدَّثَنَا حُمَامٌ، حَدَّثَنَا الْبَاجِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا الْكَشْوَرِيُّ، حَدَّثَنَا الْحُذَاقِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: لَوِ اعْتَمَرْتُ ثُمَّ اعْتَمَرْتُ ثُمَّ حَجَجْتُ لَتَمَتَّعْتُ
404 -
وَبِهِ إِلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حُجَيْرٍ، وَلَيْثٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: هَذَا الَّذِي تَزْعُمُونَ أَنَّهُ نَهَى عَنِ الْمُتْعَةِ، يَعْنِي عُمَرَ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ:«لَوِ اعْتَمَرْتُ ثُمَّ حَجَجْتُ لَتَمَتَّعْتُ» ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَذَا وَكَذَا مِنْ أَمْرِهِ، مَا تَمَّتْ حَجَّةُ رَجُلٍ قَطُّ إِلَّا بِمُتْعَةٍ، وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ
405 -
وَبِهِ إِلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا ابْنُ التَّيْمِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي رُشَيْدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَهَى عُمَرُ عَنْ مُتْعَةِ الْحَجِّ؟، قَالَ: لَا، بَعْدَ كِتَابِ اللَّهِ، قَالَ الْقَاسِمُ: وَسَمِعْتُ رَجُلًا قَالَ لِنَافِعٍ: أَنَهَى عُمَرُ عَنْ
⦗ص: 358⦘
مُتْعَةِ الْحَجِّ؟ فَقَالَ: لَا
406 -
حَدَّثَنَا حُمَامٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاجِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَشْوَرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْحُذَاقِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا أَبُو حَنِيفَةَ هُوَ النُّعْمَانُ بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: بَيْنَا وَأَنَا وَاقِفٌ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِعَرَفَةَ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ شَعْرُهُ يَفُوحُ مِنْهُ رِيحُ الطِّيبِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَمُحْرِمٌ أَنْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: مَا هَيْئَتُكَ بِهَيْئَةِ مُحْرِمٍ، إِنَّمَا الْمُحْرِمُ الشَّعِثُ الْأَغْبَرُ الْأَذْفَرُ، قَالَ: إِنِّي قَدِمْتُ مُتَمَتِّعًا، وَكَانَ مَعِي أَهْلِي، وَإِنَّمَا أَحْرَمْتُ الْيَوْمَ، فَقَالَ عُمَرُ عِنْدَ ذَلِكَ: لَا تَتَمَتَّعُوا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ، فَإِنِّي لَوْ رَخَّصْتُ فِي الْمُتْعَةِ لَهُمْ لَعَرَّسُوا بِهِنَّ الْأَرَاكَ، ثُمَّ رَاحُوا بِهِنَّ حُجَّاجًا قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: فَكَانَ مَاذَا؟ وَحَبَّذَا ذَلِكَ، قَدْ طَافَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى نِسَائِهِ، ثُمَّ أَصْبَحَ، وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ الْوَطْءَ مُبَاحٌ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِطَرْفَةِ عَيْنٍ، وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ هَذَا مِنْ عُمَرَ رَأْيٌ رَآهُ، وَلَا حُجَّةَ فِي ذَلِكَ
407 -
وَبِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ إِلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ الْمِقْدَادَ بْنَ الْأَسْوَدِ، دَخَلَ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ لَهُ وَهُوَ بِالسُّقْيَا: إِنَّ عُثْمَانَ يَنْهَى أَنْ يُقْرَنَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَقَامَ عَلِيٌّ حَتَّى وَقَفَ عَلَى عُثْمَانَ، فَقَالَ: أَنْتَ تَنْهَى أَنْ يُقْرَنَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ؟، فَقَالَ عُثْمَانُ: ذَلِكَ
⦗ص: 359⦘
رَأْيٌ، فَخَرَجَ عَلِيٌّ مُغْضَبًا، يَقُولُ: لَبَّيْكَ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ مَعًا، قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: فَهَذَا إِقْرَارٌ مِنْ عُثْمَانَ بِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ رَأْيِهِ، وَلَا حُجَّةَ فِي ذَلِكَ، وَخُصُومُنَا يُخَالِفُونَ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ فِي ذَلِكَ، وَيُبِيحُونَ الْمُتْعَةَ وَالْقِرَانَ، وَيَرَوْنَهُمَا فِعْلَ خَيْرٍ، قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: لَمْ نُورِدْ شَيْئًا مِنْ هَذَا احْتِجَاجًا بِهِ فِي إِيجَابِ الْمُتْعَةِ، فَلَا حُجَّةَ عِنْدَنَا فِي شَيْءٍ بَعْدَ كِتَابِ اللَّهِ عز وجل وَكَلَامِ نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَحُكْمِهِ، وَإِنَّمَا أَوْرَدْنَاهُ حُجَّةً عَلَى مَنْ تَعَلَّقَ فِي ذَلِكَ بِشَيْءٍ رَآهُ عُمَرُ رضي الله عنه مِنْ رَأْيِهِ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ، أَوْ لَمْ يَرْجِعْ، وَهُمْ يُخَالِفُونَهُ فِي ذَلِكَ إِذَا اشْتَهَوْا، وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَإِذَا تَنَازَعَ الْأَئِمَّةُ فَأَقْوَالُهُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَى الْقُرْآنِ وَعَلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلِأَيِّ تِلْكَ الْأَقْوَالِ شَهِدَ النَّصُّ أُخِذَ بِهِ، وَالنُّصُوصُ تَشْهَدُ لِمَنْ قَالَ بِإِيجَابِ التَّمَتُّعِ عَلَى مَنْ لَمْ يَسُقِ الْهَدْيَ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ، وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ، قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: وَقَدْ تَعَلَّلَ قَوْمٌ بِأَنَّ فَسْخَ الْحَجِّ الْمَأْثُورِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم هُوَ مَنْسُوخٌ وَخُصُوصٌ لِتِلْكَ الْحُجَّةِ فَقَطْ وَذَكَرُوا فِي ذَلِكَ
408 -
مَا حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّلَمَنْكِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُفَرِّجٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ الصَّمُوتُ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ السِّجِسْتَانِيِّ، حَدَّثَنَا الْفَارَيَابِيُّ، حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ حَفْصٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ، لَمَّا وَلِيَ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحَلَّ لَنَا الْمُتْعَةَ، ثُمَّ حَرَّمَهَا عَلَيْنَا
409 -
حَدَّثَنَا حُمَامُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْمُرَقَّعِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، أَنَّهُ قَالَ: كَانَ فَسْخُ الْحَجِّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَنَا خَاصَّةً
410 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ النَّبَاتِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ بَعْدَنَا أَنْ يَجْعَلَ حَجَّتَهُ عُمْرَةً، إِنَّهَا كَانَتْ رُخْصَةً لَنَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
411 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّلَمَنْكِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُفَرِّجٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا الْبَزَّارُ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ شَرِيكٍ، قُلْنَا لِأَبِي ذَرٍّ: كَيْفَ تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنْتُمْ مَعَهُ؟ قَالَ: وَمَا أَنْتُمْ وَذَاكَ، إِنَّمَا ذَلِكَ شَيْءٌ رُخِّصَ لَنَا، يَعْنِي الْمُتْعَةَ
412 -
وَبِهِ إِلَى الْبَزَّارِ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُهَاجِرِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، وَالْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، قَالَا: قَالَ أَبُو ذَرٍّ: كَانَتِ الْمُتْعَةُ رُخْصَةً أَعْطَانَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَوْ أُعْطِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
413 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، وَقُتَيْبَةُ، قَالَ سَعِيدٌ وَأَبُو كُرَيْبٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَيَّاشٍ الْعَامِرِيِّ، وَقَالَ قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ فُضَيْلٍ، عَنْ زُبَيْدٍ، قَالَ جَرِيرٌ: وَحَدَّثَنَا أَيْضًا، بَيَانٌ، ثُمَّ اتَّفَقَ الْأَعْمَشُ، وَعَيَّاشٌ، وَزُبَيْدٌ وَبَيَانٌ، كُلُّهُمْ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: كَانَتِ الْمُتْعَةُ فِي الْحَجِّ لِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ خَاصَّةً، هَذَا لَفْظُ الْأَعْمَشِ فِي رِوَايَتِهِ، وَقَالَ عَيَّاشٌ فِي رِوَايَتِهِ: كَانَتْ لَنَا رُخْصَةً، يَعْنِي الْمُتْعَةَ فِي الْحَجِّ، وَقَالَ زُبَيْدٌ فِي رِوَايَتِهِ: لَا تَصْلُحُ الْمُتْعَتَانِ إِلَّا لَنَا خَاصَّةً، مُتْعَةُ النِّسَاءِ وَمُتْعَةُ الْحَجِّ
414 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا
⦗ص: 362⦘
ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ، حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي زَائِدَةَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ سُلَيْمَانَ، أَوْ سُلَيْمِ بْنِ الْأَسْوَدِ، أَنَّ أَبَا ذَرٍّ، كَانَ يَقُولُ فِي مَنْ حَجَّ ثُمَّ فَسَخَهَا عُمْرَةً: لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إِلَّا لِلرَّكْبِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
415 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْوَارِثِ بْنَ أَبِي حَنِيفَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيَّ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، فِي مُتْعَةِ الْحَجِّ: لَيْسَتْ لَكُمْ وَلَسْتُمْ مِنْهَا فِي شَيْءٍ، إِنَّمَا كَانَتْ رُخْصَةً لَنَا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
416 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْخَوْلَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ، أَخْبَرَنِي رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَسْخُ الْحَجِّ لَنَا خَاصَّةً أَوْ لِمَنْ بَعْدَنَا؟ فَقَالَ: «لَكُمْ خَاصَّةً»
417 -
حَدَّثَنَا حُمَامٌ، حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سُئِلَ عُثْمَانُ عَنْ مُتْعَةِ الْحَجِّ، فَقَالَ: كَانَتْ لَنَا لَيْسَتْ لَكُمْ، قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: هَذَا كُلُّهُ لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ، بَلْ بَعْضُهُ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ، أَمَّا حَدِيثُ عُمَرَ فَإِنَّمَا فِيهِ ذِكْرُ الْمُتْعَةِ، وَلَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ مُتْعَةَ النِّسَاءِ، فَلِذَلِكَ يَقُولُ: إِنَّهَا أُحِلَّتْ ثُمَّ حُرِّمَتْ، أَوْ أَرَادَ مُتْعَةَ الْحَجِّ، فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ رضي الله عنه قَدْ صَحَّ عَنْهُ الرُّجُوعُ إِلَى الْقَوْلِ بِهَا، وَمُحَالٌ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْقَوْلِ بِمَا صَحَّ عِنْدَهُ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ، وَأَيْضًا فَإِنَّ خُصُومَنَا مُخَالِفُونَ لِهَذَا الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّ الْمُتْعَةَ فِي الْحَجِّ عِنْدَهُمْ جَائِزَةٌ غَيْرُ مَكْرُوهَةٍ، وَإِنَّمَا نَحْنُ مَعَهُمْ فِي نَسْخِ الْحَجِّ، لَا فِي التَّمَتُّعِ، وَأَمَّا حَدِيثُ عُثْمَانُ، وَأَبِي ذَرٍّ، فَإِنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّ ذَلِكَ خَاصَّةً لَهُمْ، لَا لِمَنُ بَعْدَهُمْ، إِنَّمَا هُوَ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِمَا، وَلَا حُجَّةَ فِي أَحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَمَّا الْأَمْرُ بِالْفَسْخِ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ، فَهُوَ مُسْنَدٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهَذَا هُوَ اللَّازِمُ لِلنَّاسِ لَا قَوْلُ مَنْ بَعْدَهُ، فَحَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ، وَإِذَا اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ رضي الله عنهم فِي أَمْرٍ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: هُوَ بَاقٍ إِلَى الْأَبَدِ، وَقَالَ الْآخَرُ: هُوَ مَنْسُوخٌ، فَالْقَوْلُ هُوَ قَوْلُ مَنِ ادَّعَى بَقَاءَ الْأَمْرِ، وَعَلَى مَنِ
⦗ص: 364⦘
ادَّعَى النَّسْخَ أَنْ يَأْتِيَ بِالْبُرْهَانِ عَلَى قَوْلِهِ، وَإِذَا قَالَ أَبُو ذَرٍّ، وَعُثْمَانُ: إِنَّ الْفَسْخَ مَنْسُوخٌ كَمَا ذَكَرْنَا، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو مُوسَى: إِنَّهُ بَاقٍ غَيْرُ مَنْسُوخٍ
418 -
كَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَسَّانَ الْأَعْرَجَ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي الْجُهَيْمِ لِابْنِ عَبَّاسٍ: مَا هَذِهِ الْفُتْيَا الَّتِي قَدْ تَشَغَّفَتْ بِهَا أَوْ تَشَغَّبَتْ بِالنَّاسِ، أَنَّ مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ فَقَدْ حَلَّ، فَقَالَ: سُنَّةُ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم وَإِنْ رَغِمْتُمْ
419 -
وَبِهِ إِلَى مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ هُوَ ابْنُ رَاهَوَيْهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: لَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ حَاجٌّ وَلَا غَيْرُ حَاجٍّ إِلَّا حَلَّ، قُلْتُ لِعَطَاءٍ: مِنْ أَيْنَ يَقُولُ ذَلِكَ؟ قَالَ: مِنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 33] قُلْتُ: فَإِنَّ ذَلِكَ بَعْدَ الْمُعَرَّفِ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: هُوَ بَعْدَ الْمُعَرَّفِ وَقَبْلَهُ، وَكَانَ يَأْخُذُ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَحِلُّوا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ
420 -
حَدَّثَنَا حُمَامُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا الْبَاجِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ
⦗ص: 365⦘
، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَشْوَرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْحُذَاقِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ، أَنَّهُ سَمِعَ مُجَاهِدًا، يَقُولُ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَنْ جَاءَ حَاجًّا فَأَهْدَى هَدْيًا فَلَهُ عُمْرَتُهُ مَعَ حَجِّهِ
421 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَنَسٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُسَيْنِ بْنِ عِقَالٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّيْنَوَرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْجَهْمِ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ هُوَ ابْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ أَنْ يَحِلُّوا بِعُمْرَةٍ مِنْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَأَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يَأْتِي النَّبِيَّ فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ الْحَجُّ، فَيَقُولُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّهَا لَيْسَتْ بِحَجَّةٍ، إِنَّمَا هِيَ عُمْرَةٌ، فَلِذَلِكَ كَانَ يُفْتِي ابْنُ عَبَّاسٍ فَيَقُولُ: مَا طَافَ رَجُلٌ بِالْبَيْتِ وَكَانَ حَاجًّا إِلَّا حَلَّ بِعُمْرَةٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ، وَلَا طَافَ وَمَعَهُ هَدْيٌ إِلَّا اجْتَمَعَتْ مَعَهُ عُمْرَةٌ وَحَجَّةٌ، قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: هَذَا نَفْسُ قَوْلِنَا بِعَيْنِهِ، وَلَا مَزِيدَ عَلَيْهِ
422 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى أَبُو مُوسَى الزَّمِنُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ قَيْسٍ هُوَ ابْنُ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقٍ هُوَ ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِالْبَطْحَاءِ، فَقَالَ
⦗ص: 366⦘
: «بِمَ أَهْلَلْتَ» ، قُلْتُ: أَهْلَلْتُ بِإِهْلَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«هَلْ سُقْتَ مِنْ هَدْيٍ؟» ، قُلْتُ: لَا، قَالَ:«طُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ حِلَّ» فَطُفْتُ بِالْبَيْتِ، وَبِالصَّفَا، وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ أَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ قَوْمِي فَمَشَّطَتْنِي وَغَسَلَتْ رَأْسِي، فَكُنْتُ أُفْتِي النَّاسَ بِذَلِكَ فِي إِمَارَةِ أَبِي بَكْرٍ وَإِمَارَةِ عُمَرَ، فَإِنِّي لَقَائِمٌ بِالْمَوْسِمِ إِذْ جَاءَنِي رَجُلٌ، فَقَالَ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي شَأْنِ النُّسُكِ، قُلْتُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ كُنَّا أَفْتَيْنَاهُ بِشَيْءٍ فَلْيَتَّئِدْ، فَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَادِمٌ عَلَيْكُمْ فَائْتَمُّوا بِهِ، فَلَمَّا قَدِمَ قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا هَذَا الَّذِي أَحْدَثْتَ فِي شَأْنِ النُّسُكِ، قَالَ: إِنْ نَأْخُذْ بِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] وَإِنْ نَأْخُذْ بِسُنَّةِ نَبِيِّنَا، فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَحِلَّ حَتَّى نَحَرَ الْهَدْيَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: فَإِذَا كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُفْتِي بِذَلِكَ بَاقِيَ عُمُرِهِ، وَكَانَ أَبُو مُوسَى يُفْتِي بِذَلِكَ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنهم، وَلَا يَرَيَانِ ذَلِكَ مَنْسُوخًا فَعَلَى مَنِ ادَّعَى النَّسْخَ الدَّلِيلُ عَلَى مَا يَدَّعِي، وَقَدْ كَفَانَا ابْنُ عَبَّاسٍ الِاحْتِجَاجَ فِي هَذَا بِمَا فِي حَدِيثِ عَطَاءٍ عَنْهُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ آنِفًا، إِذْ يُحْتَجُّ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِ اللَّهِ عز وجل {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 33] وَبِأَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَدْ شَهِدَ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ لِقَوْلِ مَنْ رَأَى الْفَسْخَ ثَابِتًا غَيْرَ مَنْسُوخٍ، وَقَدْ قَالَ الطَّحَاوِيُّ فِي قَوْلِ أَبِي ذَرٍّ: إِنَّ ذَلِكَ مَنْسُوخٌ، يَعْنِي الْمُتْعَةَ: إِنَّ هَذَا لَا يُقَالُ بِالرَّأْيِ
⦗ص: 367⦘
. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: هَذَا قَوْلٌ فَاسِدٌ، بَلْ مَا هُوَ إِلَّا رَأْيٌ لَا شَكَّ فِيهِ، قَدْ قَالَ بِأَنَّهُ رَأْيٌ قَبْلَنَا عِمْرَانُ بْنُ الْحُصَيْنِ
423 -
كَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ عُمَرَ الْبَكْرَاوِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، قَالَ: قَالَ عِمْرَانُ بْنُ الْحُصَيْنِ
424 -
وَحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، هُوَ الْقَطَّانُ، عَنْ عِمْرَانَ الْقَصِيرِ، حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ، وَاللَّفْظُ لِحَامِدٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ الْحُصَيْنِ، قَالَ: نَزَلَتْ آيَةُ الْمُتْعَةِ فِي كِتَابِ اللَّهِ، يَعْنِي مُتْعَةَ الْحَجِّ، وَأَمَرَنَا بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ لَمْ تَنْزِلْ آيَةٌ تَنْسَخُ مُتْعَةَ الْحَجِّ، وَلَمْ يَنْهَ عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى مَاتَ، قَالَ رَجُلٌ بِرَأْيِهِ مَا شَاءَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: فَعِمْرَانُ أَحَقُّ بِالتَّصْدِيقِ مِنَ الطَّحَاوِيِّ، وَقَدْ قَالَ عِمْرَانُ: إِنَّ مَنِ ادَّعَى نَسْخَ مُتْعَةِ الْحَجِّ، فَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ بِرَأْيِهِ وَإِنَّهَا بَاقِيَةٌ غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ، وَقَدْ جَاءَ نَصًّا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خِلَافُ قَوْلِ أَبِي ذَرٍّ، وَعُثْمَانَ رضي الله عنهما، وَبَيَانٌ أَنَّ الْمُتْعَةَ بَاقِيَةٌ غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ
425 -
كَمَا أَخْبَرَنَا حُمَامٌ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ أَصْبَغَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ
⦗ص: 368⦘
بْنِ أَيْمَنَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاعْتَمَرْنَا مَعَهُ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَنَا أَمْ لِلْأَبَدِ؟ فَقَالَ: «بَلْ لِلْأَبَدِ» فَصَحَّ أَنَّ قَوْلَ أَبِي ذَرٍّ، وَعُثْمَانَ، وَعُمَرَ فِي ذَلِكَ رَأْيٌ مِنْ قِبَلِهِمْ، وَقَدْ رَجَعَ عُمَرُ عَنْ ذَلِكَ وَاضْطَرَبَتِ الرِّوَايَةُ عَنْ عُثْمَانَ، وَقَدْ ذَكَرْنَا كُلَّ ذَلِكَ فِي هَذَا الْبَابِ، وَقَدْ قَالَ بِثَبَاتِ الْمُتْعَةِ أَبَدًا عَلِيٌّ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، جُمْهُورُ التَّابِعِينَ. هَذَا وَخُصُومُنَا مُخَالِفُونَ لِقَوْلِ أَبِي ذَرٍّ الصَّحِيحِ عَنْهُ، وَلِقَوْلِ عُثْمَانَ الَّذِي ذَكَرْنَا؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ إِنَّمَا هُوَ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، وَإِنَّمَا فِيهِ وَفِي قَوْلِ عُثْمَانَ أَنَّ الْمُتْعَةَ لَيْسَتْ لِمَنْ بَعْدَهُمْ، وَخُصُومُنَا هَا هُنَا بِأَجْمَعِهِمْ مِنَ الْمَالِكِيِّ وَالْحَنَفِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَالدَّاوُدِيِّ مُجْمِعُونَ عَلَى مُخَالَفَةِ هَذَا الْقَوْلِ، وَقَائِلُونَ بِأَنَّ الْمُتْعَةَ فِي الْحَجِّ بَاقِيَةٌ غَيْرُ مَخْصُوصَةٍ، وَثَابِتَةٌ غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ، وَأَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ، فَإِنَّمَا رَوَاهُ الْمُرَقِّعُ الْأَسَدِيُّ، وَهُوَ مَجْهُولٌ، وَمُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَسُلَيْمَانُ أَوْ سُلَيْمٌ، هَذَا بِالشَّكِّ وَهُوَ أَيْضًا مَجْهُولٌ، فَلَا
⦗ص: 369⦘
تَعَلُّقَ لَهُمْ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَصْلًا، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ قَدْ تَوَقَّفَ عَنْ فُتْيَاهُ بِهَا، إِذْ أَخْبَرَ عَنْ عُمَرَ بِمَا أَخْبَرَ، قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: يَكْفِينَا مِنْ مُعَارَضَةِ خُصُومِنَا الْمُحْتَجِّينَ بِهَذَا الْحَدِيثِ إِقْرَارُ عُمَرَ بِأَنَّ ذَلِكَ الْقَوْلَ مِنْهُ حَدَثٌ أَحْدَثَهُ فِي النُّسُكِ، وَأَنَّهُ تَأَوَّلَ الْقُرْآنَ، وَفِعْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهَذَا لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ، فَالْحَدَثُ لَا يُفْسِخُ السُّنَّةَ، وَإِنَّمَا الْآيَةُ الَّتِي تَأَوَّلَ عُمَرُ رضي الله عنه مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] فَلَا حُجَّةَ فِيهَا لِمَنْ لَا يَرَى فَسْخَ الْحَجِّ بِعُمْرَةٍ لِمَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ؛ لِأَنَّ فَسْخَهُ لِذَلِكَ هُوَ الْإِتْمَامُ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ عَلَى الْحَقِيقَةِ، لِأَنَّهُ بِذَلِكَ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُبَيِّنُ لَنَا مُرَادَ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا يَكُونُ مُتِمًّا لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مَنْ أَتَى بِهِمَا، كَمَا أُمِرَ، لَا كَمَا لَمْ يُؤْمَرْ. وَأَمَّا تَأْوِيلُهُ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَحِلَّ حَتَّى نَحَرَ الْهَدْيَ فَنَعْمَ، هَذَا صَحِيحٌ، وَهَكَذَا يَجِبُ عَلَى كُلِّ مَنْ أَحْرَمَ وَمَعَهُ هَدْيٌ أَنْ لَا يَحِلَّ حَتَّى يَنْحَرَ هَدْيَهُ، وَلَا حُجَّةَ فِي تَوَقُّفِ أَبِي مُوسَى، فَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ مَخَافَةً، وَيُبَيِّنُ ذَلِكَ بَيَانًا كَافِيًا أَمْرُهُ لِلنَّاسِ بِالتَّوَقُّفِ عَنِ السُّنَّةِ الَّتِي عِنْدَهُ قَبْلَ أَنْ يَعْرِفَ مَا يَقُولُ عُمَرُ، وَمِنَ الْمُحَالِ أَنْ يَظُنَّ ظَانٌّ بِأَبِي مُوسَى أَنْ يَتْرُكَ سُنَّةً عِنْدَهُ لِقَوْلٍ لَمْ يَسْمَعْهُ بَعْدُ، وَلَا يَدْرِي مَا هُوَ، وَلَكِنْ فَعَلَ ذَلِكَ خَوْفَ أَنْ يَعْرِضَ لَهُ مَا عَرَضَ فِي حَدِيثِ الِاسْتِئْذَانِ
426 -
كَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ بْنُ السَّرْحِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ، أَنَّ بُسْرَ بْنَ سَعِيدٍ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ، سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ
⦗ص: 370⦘
، قَالَ: كُنَّا فِي مَجْلِسٍ عِنْدَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، فَأَتَى أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ مُغْضَبًا حَتَّى وَقَفَ، فَقَالَ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ، هَلْ سَمِعَ أَحَدٌ مِنْكُمْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«الِاسْتِئْذَانُ ثَلَاثٌ، فَإِنْ أُذِنَ لَكَ، وَإِلَّا فَارْجِعْ» ، قَالَ أُبَيٌّ: وَمَا ذَاكَ؟، قَالَ: اسْتَأْذَنْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي، فَرَجَعْتُ، ثُمَّ جِئْتُهُ الْيَوْمَ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَأَخْبَرْتُهُ أَنِّي جِئْتُ أَمْسِ، فَسَلَّمْتُ ثَلَاثًا، ثُمَّ انْصَرَفْتُ، فَقَالَ: قَدْ سَمِعْنَاكَ وَنَحْنُ عَلَى شُغُلَ، فَلَوْ مَا اسْتَأْذَنْتَ حَتَّى يُؤْذَنَ لَكَ؟ قَالَ: اسْتَأْذَنْتُ كَمَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَوَاللَّهِ لَأُوجِعَنَّ ظَهْرَكَ وَبَطْنَكَ أَوْ لَتَأْتِيَنِّي بِمَنْ يَشْهَدُ لَكَ عَلَى هَذَا، فَقَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: فَوَاللَّهِ لَا يَقُومُ مَعَكَ إِلَّا أَحْدَثُنَا سِنًّا، قُمْ يَا أَبَا سَعِيدٍ، فَقُمْتُ حَتَّى أَتَيْتُ عُمَرَ، فَقُلْتُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ هَذَا. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: كَانَتْ فِي عُمَرَ رضي الله عنه شِدَّةٌ إِذَا سَمِعَ الشَّيْءَ الَّذِي لَا يَعْرِفُهُ وَلَمْ يَبْلُغْهُ قَصْدًا بِذَلِكَ إِلَى الْخَيْرِ، وَكَانَ سَرِيعَ الْفَيْئَةِ إِلَى الْحَقِّ إِذَا بَلَغَهُ رضي الله عنه، وَيُبَيِّنُ صِحَّةَ مَا قُلْنَا، وَأَنَّ تَوَقُّفَ أَبِي مُوسَى رحمه الله عَنِ الْفُتْيَا بِالْفَسْخِ لَمْ يَكُنْ رُجُوعًا مِنْهُ عَنِ الْقَوْلِ بِهِ، وَلَا شَكًّا مِنْهُ فِي صِحَّةِ الْحُكْمِ بِهِ، لَكِنْ تَوَقُّعُ مَا قُلْنَاهُ: أَنَّ أَبَا مُوسَى قَدْ كَلَّمَ عُمَرَ هُوَ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ فِي أَمْرِ الْمُتْعَةِ، وَنَازَلَاهُ فِيهَا، حَتَّى اعْتَرَفَ لَهُمَا بِرُجُوعِهِ عَنْ إِنْكَارِهَا إِلَى الْعَمَلِ بِهَا، وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْحَدِيثَ قَبْلُ مِنْ طَرِيقِ الْكَشْوَرِيِّ عَنِ الْحُذَاقِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ
⦗ص: 371⦘
طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَلِيقُ بِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
427 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ الْعُذْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عِقَالٍ الْقُرَيْنَشِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّقَطِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ الْخُتَّلِيُّ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هَانِئٍ الْأَثْرَمُ، قَالَ: ذَكَرَ لَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَدِيثَ عِمْرَانَ: نَأْخُذُ بِكِتَابِ اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] قَالَ: تَأَوَّلَ عُمَرُ الْقُرْآنَ، ثُمَّ ذَكَرَ لَنَا قَوْلَ عُمَرَ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَحِلَّ حَتَّى نَحَرَ الْهَدْيَ، ضَحِكَ أَحْمَدُ وَقَالَ: النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ. وَذَكَرَ لَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ: مُتْعَةُ الْحَجِّ كَانَتْ لَنَا خَاصَّةً، فَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: رَحِمَ اللَّهُ أَبَا ذَرٍّ، هِيَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عز وجل {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} [البقرة: 196] قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: وَأَمَّا حَدِيثُ الْحَارِثِ بْنِ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ الْمُسْنَدِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي أَنَّ فَسْخَ الْحَجِّ خَاصَّةً لِلصَّحَابَةِ رضي الله عنهم فَحَدِيثٌ وَاهٍ لَا يَثْبُتُ؛ لِأَنَّ الْحَارِثَ بْنَ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ مَجْهُولٌ، وَالْمَجْهُولُ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ
428 -
حَدَّثَنَا حُمَامُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ كَانَ يَرَى الْمُهِلَّ مِنَ الْحَجِّ أَنْ يَفْسَخَهُ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَقَالَ فِي الْمُتْعَةِ
⦗ص: 372⦘
: هِيَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ عليه السلام:«اجْعَلُوا حَجَّكُمْ عُمْرَةً» ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: قُلْتُ: فَحَدِيثُ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ فِي فَسْخِ الْحَجِّ يُرِيدُ فِي الْمَنْعِ مِنْ فَسْخِ الْحَجِّ، قَالَ: لَا أَقُولُ بِهِ، لَا يُعْرَفُ هَذَا الرَّجُلُ، هَذَا لَيْسَ إِسْنَادُهُ بِالْمَعْرُوفِ، لَيْسَ حَدِيثُ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ عِنْدِي يَثْبُتُ، قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: هَذِهِ نُصُوصُ أَلْفَاظِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رحمه الله، فَسَقَطَ الِاحْتِجَاجُ بِمَا رَامُوا الشَّغَبَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: الْأَحَادِيثُ الصِّحَاحُ تُبْطِلُ هَذَا الْحَدِيثَ الَّذِي رَوَاهُ مَنْ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ وَتُوجِبُ أَنَّ فَسْخَ الْحَجِّ بَاقٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ
429 -
كَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، هُوَ ابْنُ رَاهَوَيْهِ، كِلَاهُمَا عَنْ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْمَدَنِيِّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، فَذَكَرَ حَدِيثَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَفِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُقِ الْهَدْيَ، وَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ، وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً» ، فَقَامَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِلْأَبَدِ؟ فَشَبَّكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَصَابِعَهُ وَاحِدَةً فِي الْأُخْرَى، وَقَالَ:«دَخَلْتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ، لَا بَلْ لِأَبَدٍ آبِدٍ»
430 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْهَمَذَانِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْبَلْخِيُّ، حَدَّثَنَا الْفَرَبْرِيُّ، حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، عَنْ حَبِيبٍ الْمُعَلِّمِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي جَابِرُ بْنُ
⦗ص: 373⦘
عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَذِنَ لِأَصْحَابِهِ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً إِلَّا مَنْ مَعَهُ هَدْيٌ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِي آخِرِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَقِيَهُ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ وَهُوَ يَرْمِي الْجَمْرَةَ، قَالَ: أَلَكُمْ هَذِهِ خَاصَّةً يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «بَلْ لِلْأَبَدِ»
431 -
وَبِهِ إِلَى الْبُخَارِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، هُوَ عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَا: قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ صُبْحَ رَابِعَةٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ، لَا يَخْلِطُهُ شَيْءٌ، فَلَمَّا قَدِمْنَا أَمَرَنَا فَجَعَلْنَاهَا عُمْرَةً وَأَنْ نَحِلَّ إِلَى نِسَائِنَا، فَفَشَتْ فِي ذَلِكَ الْقَالَةُ، قَالَ عَطَاءٌ: قَالَ جَابِرٌ: فَيَرُوحُ أَحَدُنَا إِلَى مِنًى وَذَكَرُهُ يَقْطُرُ مَنِيًّا، قَالَ جَابِرٌ: بِكَفِّهِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«بَلَغَنِي أَنَّ قَوْمًا يَقُولُونَ كَذَا وَكَذَا، وَاللَّهِ لَأَنَا أَبَرُّ وَأَتْقَى مِنْهُمْ، وَلَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أَهْدَيْتُ، وَلَوْلَا أَنَّ مَعِيَ الْهَدْيَ لَأَحْلَلْتُ» ، فَقَامَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هِيَ لَنَا أَوْ لِلْأَبَدِ؟ فَقَالَ:«بَلْ لِلْأَبَدِ»
432 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ
⦗ص: 374⦘
مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «هَذِهِ عُمْرَةٌ اسْتَمْتَعْنَا بِهَا، فَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ الْهَدْيُ فَلْيَحِلَّ الْحِلَّ كُلَّهُ، فَإِنَّ الْعُمْرَةَ قَدْ دَخَلَتْ فِي الْحَجِّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» فَهَذِهِ الْآثَارُ الصِّحَاحُ الَّتِي لَا دَاخِلَةَ فِيهَا تَشْهَدُ بِبُطْلَانِ قَوْلِ مَنْ قَالَ: إِنَّ فَسْخَ الْحَجِّ مَنْسُوخٌ، إِذْ فِيهَا كَمَا تَرَى شَهَادَةُ عَدْلَيْنِ عَلَى جَابِرٍ، وَهُمَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَشَهَادَةُ عَدْلَيْنِ عَلَى ابْنِ عَبَّاسِ، وَهُمَا مُجَاهِدٌ، وَطَاوُسٌ، بِإِخْبَارِ جَابِرٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ أَخْبَرَهُمْ أَنَّ فَسْخَ الْحَجِّ لَيْسَ لَهُمْ خَاصَّةً، بَلْ لِأَبَدِ الْأَبَدِ وَإِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَا كَانَ هَكَذَا فَقَدْ أَمِنَّا نَسْخَهُ وَأَيْقَنَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُنْسَخَ أَبَدًا، لِأَنَّهُ كَانَ عليه السلام يَكُونُ كَاذِبًا حِينَئِذٍ، وَمَنْ ظَنَّ هَذَا فَقَدْ كَفَرَ بِاللَّهِ عز وجل، فَارْتَفَعَ الزَّيْفُ جُمْلَةً وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَقَدْ رُوِّينَا أَيْضًا دُخُولَ الْعُمْرَةِ فِي الْحَجِّ أَبَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لَهُمْ خَاصَّةً وَلَا لِعَامِهِمْ ذَلِكَ، مُرْسَلًا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَطَاوُسٍ، وَمَسْرُوقٍ، وَلَسْنَا نَحْتَجُّ بِهَذِهِ الْمُرْسَلَاتِ، وَإِنَّمَا نَحْتَجُّ بِالْمَسَائِلِ الَّتِي ذَكَرْنَا، وَإِنَّمَا نَبَّهْنَا عَلَى هَذِهِ الْمَرَاسِيلِ؛ حُجَّةً عَلَى مَنْ يَرَى أَنَّ الْمُسْنَدَ مِثْلُ الْمُرْسَلِ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: وَقَدْ حَاجَّ الطَّحَاوِيُّ فِي هَذَا الْمَكَانِ، فَقَالَ لَنَا: مَعْنَى قَوْلِهِ عليه السلام: «لِأَبَدِ الْأَبَدِ» إِنَّمَا عَنَى بِذَلِكَ جَوَازَ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: وَلَيْسَ فِي الْمُجَاهَرَةِ بِرَدِّ الْحَقِّ أَقْبَحُ مِنْ هَذَا لِأَنَّ الْحَدِيثَ الَّذِي ذَكَرْنَا آنِفًا يُكَذِّبُ قَوْلَ الطَّحَاوِيِّ، لِأَنَّ سُرَاقَةَ بَيَّنَ فِيهِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٍ، أَنَّهُ إِنَّمَا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْمُتْعَةِ الَّتِي هِيَ فَسْخُ الْحَجِّ، لَا عَنْ
⦗ص: 375⦘
جَوَازِ الْعُمْرَةِ مِنْ أَشْهُرِ الْحَجِّ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا سَأَلَهُ بِعَقِبِ أَمْرِهِ عليه السلام مَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ بِفَسْخِ الْحَجِّ، فَقَالَ لَهُ سُرَاقَةُ: هِيَ لَنَا أَمْ لِلْأَبَدِ؟ فَأَجَابَهُ عليه السلام عَمَّا سَأَلَهُ، لَا عَمَّا لَمْ يَسْأَلْهُ، وَفِي الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَا أَيْضًا مَعَهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَبَّاسٍ اتِّصَالُ قَوْلِهِ عليه السلام:«إِنَّ الْعُمْرَةَ دَخَلَتْ فِي الْحَجِّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» بِأَمْرِهِ عليه السلام مَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ بِالْإِحْلَالِ، فَبَيَّنَ بَيَانًا جَلِيًّا أَنَّ فَسْخَ الْحَجِّ لِمَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ فِي عُمْرَةٍ بَاقٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَبَطَلَ بِذَلِكَ دَعْوَى الْخُصُوصِ وَالْفَسْخِ وَالتَّأْوِيلَاتِ جُمْلَةً. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: وَلَوْ صَحَّ حَدِيثُ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ وَقَوْلُ أَبِي ذَرٍّ، وَعُثْمَانَ رضي الله عنه، لَمَا كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حُجَّةٌ عَلَيْنَا، بَلْ كَانَ يَكُونُ مُوَافِقًا لَنَا لِأَنَّ مَعْنَى: إِنَّ فَسْخَ الْحَجِّ لِلصَّحَابَةِ رضي الله عنهم خَاصٌّ، كَانَ يَكُونُ مَعْنَاهُ لَوْ صَحَّ عَمَّا ذَكَرْنَا هَذَا الْقَوْلَ أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ بَعْدَ الصَّحَابَةِ أَنْ يَبْتَدِئَ حَجًّا مُفْرِدًا يَحْتَاجُ إِلَى فَسْخِهِ فِي عُمْرَةٍ، لَكِنْ يَفْعَلُ مَا أَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِهِ، وَهُوَ أَنْ يُهِلَّ بِالْعُمْرَةِ فَقَطْ، إِذْ لَمْ يَسُقْ هَدْيًا، ثُمَّ إِذَا حَلَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ أَوْ يُهِلَّ بِالْقِرْانِ إِنْ سَاقَ هَدْيًا، وَأَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانُوا بِخِلَافِ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ جَازَ لَهُمْ أَنْ يَبْدَءُوا بِحَجٍّ مُفْرَدٍ، ثُمَّ فَسَخُوهُ، فَأَجْزَأَهُمْ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: فَلَوْ صَحَّ ذَلِكَ اللَّفْظُ، لَكَانَ حُجَّةً لَنَا لَا لَهُمْ فَكَيْفَ؟ وَهُوَ لَا يَصِحُّ، فَلَمَّا لَمْ يَصِحَّ كَانَ مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ مُفْرِدًا جَاهِلًا أَوْ مُتَأَوِّلًا يَلْزَمُهُ أَنْ يَفْسَخَهُ وَيُجْزِئُهُ عَنْ عُمْرَتِهِ الْوَاجِبَةِ، كَمَا فَعَلَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَفِيهِمْ أَعْظَمُ الْأُسْوَةِ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ
⦗ص: 376⦘
، وَكَمَا أَخْبَرَ عليه السلام أَنَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ بَاقٍ لِأَبَدٍ آبِدٍ، وَقَدْ تَعَلَّلَ بَعْضُهُمْ فِي مُخَالَفَةِ الْقَوْلِ بِفَسْخِ الْحَجِّ
433 -
بِمَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا بَهْزٌ هُوَ ابْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانُوا يَرَوْنَ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ فِي الْأَرْضِ، وَيَجْعَلُونَ الْمُحَرَّمَ صَفَرًا، وَيَقُولُونَ: إِذَا بَرَأَ الدَّبَرُ وَعَفَا الْأَثَرُ، وَانْسَلَخَ صَفَرٌ حَلَّتِ الْعُمْرَةُ لِمَنِ اعْتَمَرَ، فَقَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً، فَتَعَاظَمَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْحِلِّ؟ قَالَ: «الْحِلُّ كُلُّهُ» ، قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: فَقَالَ قَائِلُهُمْ إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا أَمَرَهُمْ بِفَسْخِ الْحَجِّ فِي عُمْرَةٍ لِيُرِيَهُمْ جَوَازَ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَلِيُوقِفَهُمْ عَلَى إِبَاحَتِهَا عَمَلًا وَقَوْلًا، بِخِلَافِ مَا كَانُوا يَعْتَقِدُونَ مِنْ تَحْرِيمِهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: وَهَذَا الْقَوْلُ بَاطِلٌ مِنْ وُجُوهٍ تِسْعَةٍ: أَوَّلُهَا: أَنَّهُ دَعْوَى مُجَرَّدَةٌ بِلَا دَلِيلٍ، لِأَنَّهُمْ لَا يَجِدُونَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ
⦗ص: 377⦘
: إِنِّي إِنَّمَا أَمَرْتُكُمْ بِفَسْخِ الْحَجِّ بِعُمْرَةٍ لِأُرِيَكُمْ إِبَاحَتَهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَلَا يَجِدُونَ ذَلِكَ عَنْ صَاحِبٍ أَصْلًا، وَإِنَّمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانُوا يَرَوْنَ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ، فَأُخْبِرَ عَمَّا كَانُوا عَلَيْهِ، وَلَمْ يَقُلْ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا أَمَرَهُمْ بِالْفَسْخِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ، وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ هَذَا مَنْقُولًا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَا عَنْ صَاحِبٍ مِنَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم، فَالْقَائِلُ بِذَلِكَ قَافٍ مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ، وَقَائِلٌ بِمَا لَا يَعْلَمُ، وَهَذَا حَرَامٌ، وَلَقَدْ يُتَوَقَّعُ عَلَى قَائِلِ ذَلِكَ الدُّخُولُ فِي الْكَذِبِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّذِي هُوَ أَعْظَمُ الْكَبَائِرِ بَعْدَ الشِّرْكِ؛ لِأَنَّ مَنْ أَخْبَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِخَبَرٍ لَمْ يُسْنَدْ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا قَالَهُ تَظَنِّيًا، فَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَقُلْ، وَقَدْ أَخْبَرَ عليه السلام أَنَّ مَنْ قَالَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَقُلْ وَلَجَ النَّارَ، وَإِذَا كَانَ هَذَا الظَّنُّ دَعْوَى بِلَا دَلِيلٍ، فَقَدْ سَقَطَ وَحَرُمَ الْقَوْلُ بِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْمُخْبِرَ بِمَا شَغَبُوا بِهِ مِنْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَ الْعُمْرَةَ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ فِي الْأَرْضِ، وَهوَ أَعْلَمُ بِمَا وَصَفَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أُصُولِهِمْ فِي أَكْثَرِ فَتَاوِيهِمْ إِذْ يَتْرُكُونَ رِوَايَةَ الصَّاحِبِ لِرَأْيِهِ، وَيَقُولُونَ: هُوَ أَعْلَمُ بِمَعْنَى مَا رَوَى، وَإِنَّمَا نُورِدُ هَذَا حُجَّةً عَلَيْهِمْ مِنْ أُصُولِهِمُ الْهَامَّةِ لِفُرُوعِهِمْ، وَأَمَّا نَحْنُ فَلَا حُجَّةَ عِنْدَنَا فِي أَحَدٍ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَّا فِي إِجْمَاعٍ مُتَيَقَّنٍ رَاجِعٍ إِلَى التَّوْقِيفِ، فَإِذَا لَمْ يَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ هَذَا الْأَمْرَ عِلَّةَ الْفَسْخِ، وَرَأَى الْفَسْخَ وَاجِبًا، فَمِنْ أَيْنَ لَهُمْ أَنْ يَتَزَيَدُوا عَلَيْهِ مَا لَمْ يَقُلْ وَلَا رَوَوْهُ عَنْهُ. وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ لَوْ كَانَتِ الْعِلَّةُ فِي أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَا ذَكَرُوا مِنْ أَنْ يُرِيَهُمُ الْعُمْرَةَ جَائِزَةً فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، بِخِلَافِ مَا كَانُوا يَعْتَقِدُونَ، لَكَانَ هَذَا مُحَالًا، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدِ اعْتَمَرَ بِهِمْ قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِثَلَاثَةِ أَعْوَامٍ، كُلُّ عُمْرَةٍ مِنْهَا فِي ذِي الْقَعْدَةِ، وَهُوَ مِنْ أَشْهُرِ الْحَجِّ، فَأَوَّلُهَا عُمْرَةُ الْحُدَيْبِيَةِ، الَّتِي صُدَّ عَنْهَا فِي ذِي الْقَعْدَةِ، ثُمَّ عُمْرَةُ الْقَضَاءِ مِنَ الْعَامِ الثَّانِي فِي ذِي الْقَعْدَةِ، ثُمَّ عُمْرَةُ الْجِعْرَانَةِ بَعْدَ الْفَتْحِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ
⦗ص: 378⦘
، فَإِذَا لَمْ يَعْرِفُوا بِعَمَلِ ثَلَاثَةِ أَعْوَامٍ أَنَّ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ جَائِزَةٌ، فَمُحَالٌ أَنْ يَعْرِفُوا ذَلِكَ بِعَمَلِ الْعَامِ الرَّابِعِ، وَمِنَ الْمُمْتَنَعِ أَنْ يُظَنَّ بِالصَّحَابَةِ رضي الله عنهم، وَهُمْ أَصَحُّ النَّاسِ أَذْهَانًا وَأَقْوَاهُمْ فَهْمًا، وَأَطْوَعُهُمْ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُمْ لَمْ يَفْهَمُوا وَلَا عَلِمُوا جَوَازَ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَج، وَهُمْ قَدْ عَمِلُوهَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَةَ أَعْوَامٍ مُتَّصِلَةٍ، كُلُّهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ لَا يَعْرِفُونَ بِهَذَا الْعَمَلِ الْمُتَّصِلِ الظَّاهِرِ الْمَقْصُودِ لَهُ مِنَ الْمَدِينَةِ، أَنَّ الَّذِيَ عَمِلُوهُ جَائِزٌ، هَذَا أَمْرٌ لَا يَظُنُّهُ بِالصَّحَابَةِ رضي الله عنهم إِلَّا أَنْوَكُ تَامُّ السَّخْفِ. وَلَعَلَّ نَاقِصَ الْعَقْلِ يَقُولُ: كَانَتْ تِلْكَ الْعُمْرَةُ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، فَأَرَادَ عليه السلام أَنْ يُرِيَهُمْ جَوَازَ الْعُمْرَةِ فِي ذِي الْحِجَّةِ، فَيُقَالُ لَهُ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ: تَمَامُ مَا تَقُولُ أَنْ يَعْتَمِرَ بِهِمْ أَيْضًا فِي شَوَّالٍ؛ لِأَنَّهُ أَيْضًا مِنْ أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَلِيُرِيَهُمْ جَوَازَ الْعُمْرَةِ فِيهِ، وَهَذَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ إِلَّا مَنْ يَكَادُ أَنْ يَكُونَ الْقَلَمُ مَرْفُوعًا عَنْهُ، وَهَذَا بَيِّنٌ غَايَةَ الْبَيَانِ فِي إِخْلَالِ ظَنِّ مَنْ ظَنَّ أَنَّ الْفَسْخَ إِنَّمَا كَانَ لِيُرِيَهُمْ جَوَازَ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّنَا قَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ عَائِشَةَ وَابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما فِيمَا خَلَا مِنْ كِتَابِنَا هَذَا، إِذْ يَقُولَانِ: إِنَّ النَّاسَ أَهَلُّوا بِعُمْرَةٍ وَحَجٍّ، وَتَقُولُ هِيَ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَبَاحَ لَهُمْ مُفْرَدَةً وَبِالْحَجِّ مُفْرَدًا، وَبِالْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ مَعًا، وَإِنَّهُمْ أَهَلُّوا مَعَهُ عليه السلام بِكُلِّ ذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَقَدْ كَانَ كَمَا تَرَى فِي تِلْكَ الْحَجَّةِ خَلْقٌ أَهَلُّوا بِالْعُمْرَةِ وَعَائِشَةُ مِنْ جُمْلَتِهِمْ، وَخَلْقٌ أَهَلُّوا بِالْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ مَعًا، فَقَدْ صَحَّ بِهَذَا أَنَّهُمْ قَدْ عَلِمُوا أَنَّ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ جَائِزَةٌ، وَعَمِلُوا بِهَا، فَبَطَلَ بِذَلِكَ قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا أَمَرَهُمْ
⦗ص: 379⦘
بِفَسْخِ الْحَجِّ لِيُعَلِّمَهُمْ أَنَّ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ جَائِزَةٌ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ كَانُوا عَمِلُوا ذَلِكَ، فَكَيْفَ يُعَلِّمُهُمْ مَا قَدْ عَمِلُوهُ بَعْدَ مَا عَلِمُوا بِهِ؟ . وَالْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ الْأَمْرُ بِفَسْخِ الْحَجِّ لِيُعَلِّمَهُمْ أَنَّ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ جَائِزَةٌ، بِخِلَافِ مَا كَانُوا يَعْتَقِدُونَ، لَمَّا خَصَّ عليه السلام بِالْأَمْرِ بِالْفَسْخِ مَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ، وَلَعَمَّ بِذَلِكَ مَنْ مَعَهُ هَدْيٌ، وَمَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ لِيَعُمَّهُمْ بِالتَّعْلِيمِ، وَفِي هَذَا بُطْلَانُ مَا ظَنُّوهُ مِنْ ذَلِكَ جُمْلَةً، وَارْتِفَاعُ الرِّيَبِ، وَبَيَانٌ أَنَّ الْفَسْخَ حُكْمُ مَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ، وَلَيْسَ حُكْمُ مَنْ مَعَهُ هَدْيٌ؛ كَمَا أَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَا مَزِيدَ وَلَا عِلَّةَ لِذَلِكَ، كَمَا لَا عِلَّةَ لِكَوْنِ الصَّلَوَاتِ خَمْسًا، وَلَا لِاخْتِصَاصِ رَمَضَانَ بِالصَّوْمِ دُونَ شَوَّالٍ، وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَالْوَجْهُ السَّادِسُ: أَنْ يُقَالَ لَهُمْ، وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ،: كَانَ أَمْرُهُ صلى الله عليه وسلم بِالْفَسْخِ حَقًّا يَجِبُ الِائْتِمَارُ بِهِ، وَشَرِيعَةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ كَانَ غَيْرَ حَقٍّ. فَإِنْ قَالُوا: كَانَ غَيْرَ حَقٍّ كَفَرُوا، وَقَالُوا: إِنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَّ النَّاسَ بِغَيْرِ الْحَقِّ، وَإِنْ قَالُوا: بَلْ كَانَ حَقًّا، وَشَرِيعَةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى، قِيلَ لَهُمْ: صَدَقْتُمْ، فَالْحَقُّ بَاقٍ، مَا لَمْ يَأْتِ نَصٌّ صَحِيحٌ، أَوْ إِجْمَاعٌ بِنَسْخِهِ وَلَا نُبَالِي لِعِلَّةٍ كَانَ عَلَى دَعْوَاهُمْ، أَمْ لِغَيْرِ عِلَّةٍ، وَقَدْ قَالَ عليه السلام:«لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» أَوْ كَمَا قَالَ عليه السلام، وَقَدْ عَلِمَ كُلُّ مُسْلِمٍ أَنَّ السِّوَاكَ لَوْ كَانَ وَاجِبًا لِكُلِّ صَلَاةٍ لَأَمَرَهُمْ بِهِ، شَقَّ أَوْ لَمْ يَشُقَّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا لِكُلِّ صَلَاةٍ لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِهِ
⦗ص: 380⦘
، فَالْفَسْخُ إِذْ أَمَرَهُمْ بِهِ وَاجِبٌ عَلَيْهِمْ أَبَدًا بِلَا شَكٍّ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ وَاجِبٍ عَلَيْهِمْ لَمَا أَمَرَهُمْ بِهِ عليه السلام أَمْرَ إِلْزَامٍ وَحَتْمٍ، كَمَا لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالسِّوَاكِ وَهُوَ أَحَبُّ التَّطَوُّعِ إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ أَخْبَرَ عليه السلام أَنَّهُ لَا يَأْمُرُ إِلَّا بِوَاجِبٍ، لَا سِيَّمَا بِمَا شَقَّ عَلَيْهِمْ، كَمَا يَشُقُّ عَلَيْهِمُ الْفَسْخَ، وَلَا يَسَعُ مُسْلِمًا أَنْ يَظُنَّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُ بِمَا لَيْسَ مِنَ الشَّرِيعَةِ، أَوْ بِمَا لَا يَلْزَمُ النَّاسَ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ، وَبِهِ تَعَالَى نَعْتَصِمُ. وَالْوَجْهُ السَّابِعُ: أَنَّهُ حَتَّى لَوْ صَحَّ مَا قَالُوا، وَوُجِدَ نَصٌّ صَحِيحٌ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا أَمَرَهُمْ بِفَسْخِ الْحَجِّ تَعْلِيمًا لَهُمْ بِجَوَازِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَقَطْعًا لِمَا كَانُوا يَظُنُّونَهُ مِنْ تَحْرِيمِ ذَلِكَ، لَكَانَ ذَلِكَ بَاقِيًا إِلَى الْيَوْمِ وَأَبَدًا، وَقَدْ أَمَرَ عليه السلام بِالرَّمَلِ؛ لِيُرِيَ الْمُشْرِكِينَ قُوَّةَ أَصْحَابِهِ، وَكَانَ ذَلِكَ بَاقِيًا وَإِنِ ارْتَفَعَ السَّبَبُ، وَهَكَذَا لِكُلِّ مَا أَمَرَ بِهِ، فَكَانَ فَسْخُ الْحَجِّ بَاقِيًا أَيْضًا كَذَلِكَ، فَكَيْفَ وَلَا يُوجَدُ مَا ظَنُّوهُ، وَلَا يَصِحُّ أَبَدًا، وَإِنَّمَا الْحَقُّ مَا ذَكَرَهُ جَابِرٌ: إِنَّهُمْ كَانُوا يَنْتَظِرُونَ أَمْرَهُ عليه السلام، وَعَلَيْهِ يَنْزِلُ الْقُرْآنُ، وَهُوَ يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ، فَالْأَمْرُ بِفَسْخِ الْحَجِّ وَحْيٌ أَوْحَاهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ، لَازِمٌ أَبَدًا كَمَا أَخْبَرَ عليه السلام أَنَّ ذَلِكَ لِأَبَدِ الْأَبَدِ. وَالْوَجْهُ الثَّامِنُ: أَنَّنَا نَقُولُ لَهُمْ: إِذَا كَانَ الصَّحَابَةُ عَلَى قَوْلٍ لَمْ يَكْتَفُوا بِإِخْبَارِهِ عليه السلام إِيَّاهُمْ أَنَّ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ جَائِزَةٌ، وَلَا بِعَمَلِ ثَلَاثَةِ أَعْوَامٍ مُتَّصِلَةٍ يَعْمَلُونَهَا مَعَهُ عليه السلام فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، حَتَّى يَأْمُرَهُمْ بِفَسْخِ حَجِّهِمْ فِي عُمْرَةٍ، فَنَحْنُ أَحْرَى بِذَلِكَ مِنْهُمْ، فَالْعَمَلُ بِذَلِكَ بَاقٍ عَلَيْنَا أَبَدًا، لَا أَنْ يَقُولَ أَحْمَقُ: إِنَّنَا نَحْنُ اكْتَفَيْنَا مِنْ ذَلِكَ بِأَقَلَّ مِمَّا اكْتَفَى بِهِ الصَّحَابَةُ رضي الله عنهم، فَأَيْنَ تَقْلِيدُهُمْ لِلصَّحَابَةِ، وَقَوْلُهُمْ بِأَنَّ عُقُولَهُمْ لَا تُبِيحُ التَّمَيُّزَ، وَأَنَّ اتِّهَامَهَا لِأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ وَاجِبٌ
⦗ص: 381⦘
. وَالْوَجْهُ التَّاسِعُ: لَا يَحِقُّ لِمَنْ يَتَمَسَّكُ مِنَ الْإِسْلَامِ بِشُعْبَةٍ أَنْ يَظُنَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِي لَا يَأْمُرُ إِلَّا بِالْحَقِّ أَمَرَ أَصْحَابَهُ بِالْفَسْخِ الَّذِي لَا يَحِلُّ لِيُعْلِمَهُمْ بِذَلِكَ جَوَازَ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَهَذَا ظَنٌّ لَيْسَ فِي الْوَسْوَاسِ أَشَدُّ مِنْهُ، وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُبِيحَ الْحَرَامَ لِيُعْلِمَ الْجُهَّالَ مَا يَجُوزُ لَهُمْ. فَإِنْ قَالُوا: لَيْسَ الْفَسْخُ حَرَامًا تَرَكُوا قَوْلَهُمْ، وَرَجَعُوا إِلَى قَوْلِنَا فِي إِيجَابِهِ، أَوْ إِلَى قَوْلِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي إِبَاحَتِهِ، وَلَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَهَذَا كُلُّهُ يُبَيِّنُ بُطْلَانَ هَذَا الشَّغَبِ الْفَاسِدِ السَّاقِطِ الَّذِي مَوَّهَ بِهِ مَنْ مَوَّهَ، وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَقَدْ شَغَبَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّحَاوِيُّ فِي هَذَا الْفَصْلِ بِشَيْءٍ وَجَبَ أَيْضًا عَلَيْنَا إِيرَادُهُ وَنَقْضُهُ بِحَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَقُوَّتِهِ، وَهُوَ: أَنْ جَعَلَ الْأَحَادِيثَ فِي ذَلِكَ مُتَعَارِضَةً، فَجَعَلَ حَدِيثَ عَائِشَةَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ الْعَقَدِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، وَفِيهِ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا نَذْكُرُ إِلَّا الْحَجَّ، يُعَارِضُهُ حَدِيثُهَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي مَا خَلَا مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فِي بَابِ: أَمْرِهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ سَاقَ الْهَدْيَ بِأَنْ يُهِلَّ بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ، ذَكَرْنَاهُ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ. فَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: فَدَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا أَمَرَهُمْ صلى الله عليه وسلم بِالْإِحْلَالِ مِنْ عُمْرَةٍ لَا مِنْ حَجٍّ. قَالَ الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: وَهَذَا هَذْرٌ بِهِ مَا شِئْتَ مِنْهُ، وَمَا كَانَ يَخْفَى
⦗ص: 382⦘
مِثْلُ هَذَا الْكَلَامِ الْفَاسِدِ عَلَى مِثْلِ الطَّحَاوِيِّ لَوْلَا الْهَوَى وَفَرْطُ التَّقْلِيدِ الَّذِي يُعْمِي وَيُصِمُّ؛ لِأَنَّ أَمْرَهُ صلى الله عليه وسلم لَهُمْ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ: بِأَنْ يُهِلَّ مَنْ مَعَهُ هَدْيٌ بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ، هُوَ أَمْرٌ لَهُمْ بِالْقِرَانِ بَيْنَهُمَا، وَلَمْ يَأْمُرْ قَطُّ عليه السلام هَؤُلَاءِ بِالْإِحْلَالِ، وَهَكَذَا نَصُّ الْحَدِيثِ فِي رِوَايَتِنَا. وَفِي رِوَايَةِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّهُ عليه السلام قَالَ:«ثُمَّ لَا يَحِلُّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا» ، فَهُوَ يُقِرُّ بِلِسَانِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُهُمْ أَنْ لَا يَحِلُّوا حَتَّى يَحِلُّوا مِنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ جَمِيعًا، ثُمَّ يَقُولُ هُوَ: إِنَّمَا أَحَلُّوا مِنْ عُمْرَةٍ فَقَطْ، وَيَرَى فِي سَائِرِ الْأَحَادِيثِ أَنَّ الْمَأْمُورِينَ بِالْإِحْلَالِ إِنَّمَا كَانُوا الَّذِينَ لَا هَدْيَ مَعَهُمْ، وَهُمْ غَيْرُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ مَعَهُمُ الْهَدْيُ الَّذِينَ أُمِرُوا أَنْ لَا يَحِلُّوا، ثُمَّ يَخْلِطُ هَذَا التَّخْلِيطَ، وَيَأْتِي بِهَذَا الْأَمْرِ الْفَاحِشِ. ثُمَّ حَتَّى لَوْ وَجَدَ مُتَعَلِّقًا أَنَّ هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ الْمَأْمُورِينَ بِجَمْعِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ كَانُوا هُمُ الَّذِينَ أُمِرُوا بِالْإِحْلَالِ، وَهُوَ لَا يَحِلُّ ذَلِكَ أَبَدًا لَكَانَ ذَلِكَ عَلَيْهِ لَا لَهُ؛ لِأَنَّ نَصَّ كَلَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ:«ثُمَّ لَا يَحِلُّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا» ، فَالنَّصُّ يُوجِبُ أَنَّهُمْ كَانُوا يَكُونُونَ مُحِلِّينَ مِنَ الْحَجِّ وَمِنَ الْعُمْرَةِ مَعًا، فَخِلَافُ الْخَطَلِ الَّذِي أَتَى بِهِ الطَّحَاوِيُّ مِنْ أَنَّهُمْ إِنَّمَا أَحَلُّوا مِنْ عُمْرَةٍ لَا مِنْ حَجَّةٍ
⦗ص: 383⦘
. وَإِنَّ الْعَجَبَ لَيَكْثُرُ مِمَّنْ يَسْتَجِيزُ الِاحْتِجَاجَ بِمِثْلِ هَذِهِ الْمَصَايِبِ، وَهَذَا الْعَمَى الظَّاهِرُ الَّذِي إِنْ سُلِّمَ بِأَنْ يَكُونَ جَهْلًا مُظْلِمًا، لَمْ يَسْلَمْ مِنْ أَنْ يَكُونَ كَذِبًا فَاحِشًا، وَغُرُورًا ظَاهِرًا، وَتَدْلِيسًا فِي دِينِ اللَّهِ عز وجل بَيْنَنَا، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْخُذْلَانِ، فَكَيْفَ وَالْحَدِيثَانِ الْمَذْكُورَانِ لَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا أَصْلًا؟ لِأَنَّ قَوْلَهَا رضي الله عنها فِي رِوَايَةِ الْأَسْوَدِ وَالْقَاسِمِ عَنْهَا: خَرَجْنَا لَا نَذْكُرُ إِلَّا الْحَجَّ إِخْبَارٌ عَنْ بَدْءِ الْحَالِ وَعَنْ نِيَّتِهِمْ حِينَ خُرُوجِهِمْ مِنَ الْمَدِينَةِ، وَمِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ عَلَى نَصِّ قَوْلِهَا فِيهِ مِنْ لَفْظِهَا: خَرَجْنَا. وَفِي حَدِيثِ عُرْوَةَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ بِأَنْ يُهِلَّ بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ، كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ يَبْقَى لَفْظُهَا فِي الْحَدِيثِ تَبِعَةً مِنْ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ إِهْلَالِ مَنْ أَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ. أَفَلَا يَتَّقِي اللَّهَ عز وجل حِينَ يَجْعَلُ هَذَا تَعَارُضًا؟ وَلَكِنَّهُمْ يَأْبَوْنَ إِلَّا تَسْوِيدَ الْقَرَاطِيسِ، وَتَسْخِيمَ وُجُوهِ مَنْ يُغْتَرُّ بِهِمْ وَيُقَلِّدُهُمْ دِينَهُ، وَتَكْفِينَا الْمَئُونَةُ فِي بَيَانِ هَذَا الْهَذَيَانِ الَّذِي يَأْتُونَ بِهِ، وَلَكِنْ فِي الْأَجْرِ عَلَى ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَجَلُّ عِوَضٍ. نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَ نِيَّاتِنَا وَعَمَلَنَا وَقَوْلَنَا خَالِصًا آمِينَ آمِينَ. ثُمَّ جَعَلَ الطَّحَاوِيُّ حَدِيثَ جَابِرٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ طُرُقٍ، وَفِيهِ مِنْ وَصْفِ حَالِهِمْ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: لَسْنَا نَنْوِي إِلَّا الْحَجَّ، لَسْنَا نَعْرِفُ الْعُمْرَةَ، لَمْ يَأْتِ عَنْ جَابِرٍ مَا يُعَارِضُهُ، وَذَكَرَ أَنَّ بَعْضَ الْقَائِلِينَ ادَّعَى أَنَّ هَا هُنَا حَدِيثًا يُعَارَضُ هَذَا
وَهُوَ الْحَدِيثُ الَّذِي حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ
⦗ص: 384⦘
، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: تَمَتَّعْنَا مُتْعَتَيْنِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ نَهَانَا عَنْهَا فَانْتَهَيْنَا. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: لَا أَدْرِي مَاذَا تَوَهَّمَ الْقَائِلُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ؟ وَلَكِنْ مَنْ لَمْ يَتَّقِ اللَّهَ عز وجل قَالَ مَا قَالَ، وَمَا هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ جَابِرٍ إِلَّا مُوَافِقٌ كَسَائِرِ الْأَحَادِيثِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُمْ أَهَلُّوا بِالْحَجِّ، فَأَمَرَهُمْ عليه السلام بِفَسْخِهِ، وَأَنْ يَحِلُّوا مِنْهُ، وَأَنْ يَجْعَلُوهُ عُمْرَةً، ثُمَّ يُهِلُّوا بِالْحَجِّ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ فَفَعَلُوا، فَصَارُوا مُتَمَتِّعِينَ. فَأَيُّ اخْتِلَافٍ هَا هُنَا؟ وَهَلْ فِي الِاتِّفَاقِ شَيْءٌ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا؟ وَهَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ مَنْصُوصٌ كُلُّهُ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ، وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: وَجَعَلَ الطَّحَاوِيُّ أَيْضًا حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي أَوْرَدْنَاهُ فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَفِيهِ: أَنَّ النَّاسَ أَهَلُّوا بِالْحَجِّ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَ عليه السلام مَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ مِنْهُمْ بِالْإِحْلَالِ، يُعَارِضُهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي أَوْرَدْنَاهُ أَيْضًا: مِنْ طَرِيقِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ فِي صَدْرِ هَذَا الْكِتَابِ مُتَّصِلًا بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ مِنْ طَرِيقِ بَكْرٍ الْمُزَنِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَفِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَدَأَ فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ، وَأَنَّهُ عليه السلام فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، وَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَهُ
⦗ص: 385⦘
بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، فَأَمَرَ عليه السلام مَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ مِنْهُمْ بِالْإِحْلَالِ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: هَذَانِ الْحَدِيثَانِ مُتَّفِقَانِ، لَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ النَّاسَ لَوْ أَحَلُّوا مِنْ عُمْرَةٍ لَا حَجَّ مَعَهَا لَمَّا خَصَّ بِذَلِكَ مَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ دُونَ مَنْ مَعَهُ الْهَدْيُ، وَنَصُّ الْحَدِيثَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ مُتَّفِقٌ عَلَى أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا خَصَّ بِالْإِحْلَالِ مَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ، وَأَمَرَ مَنْ مَعَهُ الْهَدْيُ بِأَنْ لَا يَحِلَّ، وَلَيْسَ هَذَا حُكْمَ الْمُعْتَمِرِ الْمُفْرِدِ لِلْعُمْرَةِ الْمَزِيدِ لِلْحَجِّ مِنْ عَامِهِ؛ لِأَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَدْ رَوَتْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ مَنْ مَعَهُ الْهَدْيُ بِأَنْ يَجْعَلَ مِنْ عُمْرَتِهِ حَجًّا، وَأَنْ يُهِلَّ بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ، رَوَاهُ عُرْوَةُ عَنْهَا، وَقَالَ عليه السلام لِمَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى مَكَّةَ:«مَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً فَلْيَفْعَلْ، وَأَمَّا مَنْ مَعَهُ الْهَدْيُ فَلَا» . هَذَا نَصُّ قَوْلِهِ عليه السلام عَنْ عَائِشَةَ. فَكَيْفَ يَسُوغُ لِذِي عِلْمٍ وَدِينٍ أَنْ يَقُولَ: إِنَّهُ عليه السلام إِنَّمَا أَمَرَ مَنْ مَعَهُ الْهَدْيُ أَنْ لَا يَحِلَّ أَيْضًا مِنْ عُمْرَةٍ مُفْرَدَةٍ فَقَطْ، وَهَلْ فِي الْهَذَيَانِ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا؟ وَيَخْرُجُ هَذَا الْقَوْلُ الْفَاسِدُ أَنَّ مَنْ كَانَ مَعَهُ عليه السلام كَانُوا مُهِلِّينَ بِعُمْرَةٍ فَقَطْ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسَ فِيهِمْ إِلَّا مَنْ أُمِرَ بِالْإِحْلَالِ، وَنُهِيَ عَنْهُ، وَلَا مَزِيدَ " وَهَذَا قَوْلٌ بَاطِلٌ بِلَا خِلَافٍ مِنْ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، وَحَدِيثُ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ الْمَذْكُورُ زَائِدٌ عَلَى حَدِيثِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بَيَانًا فِي صِفَةِ إِهْلَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَمَّا فِي فَسْخِ الْحَجِّ فَلَا اخْتِلَافَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي شَيْءٍ مِنْهُ، وَلَا بَيْنَ أَحَادِيثِ ابْنِ عُمَرَ كُلِّهَا فِي ذَلِكَ اخْتِلَافٌ أَصْلًا، وَإِنَّمَا جَاءَ الِاخْتِلَافُ عَنْهُ فِي صِفَةِ إِهْلَالِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، مَرَّةً قَالَ: أَهَلَّ بِحَجٍّ مُفْرَدٍ، وَمَرَّةً قَالَ: تَمَتَّعَ، ثُمَّ وَصَفَ صِفَةَ الْقِرَانِ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَلَيْسَ هَذَا مِنَ الْفَسْخِ فِي شَيْءٍ؛ لِأَنَّ أَحَادِيثَهُ كُلَّهَا مُتَّفِقَةٌ عَلَى أَنَّ النَّاسَ فَسَخُوا حَجَّهُمْ أَوْ قِرَانَهُمْ بِعُمْرَةٍ، لَعَلَّ بِهَا مِنْهُمْ مَنْ لَا هَدْيَ
⦗ص: 386⦘
مَعَهُ، وَتَمَادَى عَلَى إِحْرَامِهِ مِنْهُمْ مَنْ مَعَهُ الْهَدْيُ، وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَأَيَّدَ الطَّحَاوِيُّ قَوْلَهُ الْفَاسِدَ فِي تَعَارُضِ حَدِيثَيِ ابْنِ عُمَرَ الْمَذْكُورَيْنِ بِقَوْلِ حَفْصَةَ
434 -
الَّذِي حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَسُورِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ حَزْمٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ حَفْصَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا بَالُ النَّاسِ أَحَلُّوا بِعُمْرَةٍ، وَلَمْ تَحْلِلْ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ؟ فَقَالَ عليه السلام:«إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي وَقَلَّدْتُ هَدْيِي فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ» . وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: فَهَذَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُنْكِرْ عَلَى حَفْصَةَ قَوْلَهَا لَهُ: «مِنْ عُمْرَتِكَ» ، فَصَحَّ أَنَّهُ كَانَ فِي عُمْرَةٍ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: وَلَيْتَ شِعْرِي أَيُّ شَيْءٍ فِي كَوْنِهِ عليه السلام فِي عُمْرَةٍ مَعَهَا حَجَّةٌ وَمَعَهُ هَدْيٌ مِمَّا يُعَارِضُ أَمْرَهُ عليه السلام مَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ بِفَسْخِ حَجِّهِمْ فِي عُمْرَةٍ؟ أَوْ أَيُّ تَعَلُّقٍ لِأَحَدِ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ بِالْآخَرِ؟ وَهَلْ هُمَا إِلَّا خَبَرَانِ مُتَغَايِرَانِ؟ لَا سِيَّمَا وَالطَّحَاوِيُّ مُقِرٌّ مَعَنَا أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ قَارِنًا لَا مُفْرِدًا عُمْرَةً، وَلَا مُفْرِدًا حَجًّا، أَفَيَسُوغُ لِمَنْ يَتَّقِي اللَّهَ عز وجل أَنْ يُحَقِّقَ أَنَّهُ عليه السلام كَانَ قَارِنًا ثُمَّ يَتَعَلَّقُ فِي إِنْكَارِ الْحَقِّ الْمَرْوِيِّ؟ بِأَنْ يَلْجَأَ إِلَى خِلَافِ مَا يَعْتَقِدُ فَيَتَشَبَّثَ بِهِ، وَيُشِيرَ إِلَى أَنَّهُ عليه السلام كَانَ مُفْرِدًا عُمْرَةً، فَرَجَعَ إِلَى أَنْ يُكَذِّبَ نَفْسَهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ خَاصَّةً، وَيُبْطِلَ مِمَّا
⦗ص: 387⦘
صَحَّحَ قَبْلُ مِنْ مَذْهَبِهِ، فَهُوَ إِذَا نَاظَرَ خُصُومَهُ فِي حَالِ إِهْلَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ قَالَ: إِنَّهُ عليه السلام كَانَ مُلَبِّيًا بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ مَعًا قَارِنًا بَيْنَهُمَا، وَلَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا، فَإِذَا أَتَى إِلَى الْكَلَامِ فِي الْفَسْخِ قَالَ: كَانَ عليه السلام فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ مُلَبِّيًا بِعُمْرَةٍ مُفْرَدَةٍ، مُتَمَتِّعًا بِالْحَجِّ مِنْ عَامِهِ. وَاللَّهِ إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَا يَسْتَجِيزُهُ ذُو وَرَعٍ يَخَافُ النَّارَ، وَلَا ذُو حَيَاءٍ يَتَجَنَّبُ الْعَارَ، وَلَا عَجَبَ مِنْ أَهْلِ عَصْرِنَا إِذَا كَانَ مَنْ سَلَفَ مِمَّنِ اتَّسَعَ فِي الْمَعْرِفَةِ يَسْتَجِيزُ مِثْلَ هَذَا الْبَلَاءِ؛ نَظَرًا لِتَقْلِيدِهِ الْفَاسِدِ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْخُذْلَانِ، وَنَسْأَلُهُ الْعِصْمَةَ آمِينَ. وَإِذَا حَصَلَ لَنَا مِنْ كَلَامِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّ الْفَسْخَ الْمَأْمُورَ بِهِ إِنَّمَا كَانَ مِنْ عُمْرَةٍ، وَأَنَّ النَّهْيَ الْوَارِدَ لِمَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ أَنْ لَا يَحِلَّ حَتَّى يُتِمَّ الْحَجَّ: إِنَّمَا أَمَرَ بِذَلِكَ مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ فَقَطْ، وَسَاقَ الْهَدْيَ مَعَ نَفْسِهِ، وَنَوَى التَّمَتُّعَ بِالْحَجِّ مِنْ عَامِهِ. وَقَدْ تَيَقَّنَّا كَذِبَ هَذَا الْكَلَامِ بِمَا صَحَّ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ مِنْ دِرَايَةِ مَنْ رَوَى مِنَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم أَنَّهُ كَانَ مِنْهُمْ فِي تِلْكَ الْحَجَّةِ مَنْ قَرَنَ، وَمَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ مُفْرَدٍ، وَمَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ مُفْرَدَةٍ، وَمِنْ رِوَايَةِ مَنْ رَوَى مِنْهُمْ: خَرَجْنَا مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ، لَا نَعْرِفُ الْعُمْرَةَ، وَقَدْ ذَكَرْنَا كُلَّ ذَلِكَ بِأَسَانِيدِهِ الصِّحَاحِ، وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: جَعَلَ الطَّحَاوِيُّ الْحَدِيثَ الَّذِي ذَكَرْنَا قَبْلَ هَذَا الْمَكَانِ مِنْ طَرِيقِ بَهْزٍ، عَنْ وُهَيْبٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانُوا يَرَوْنَ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ فِي الْأَرْضِ
⦗ص: 388⦘
، يُعَارِضُهُ الْحَدِيثُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا الَّذِي
435 -
حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ مُسْلِمٌ: وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، وَاللَّفْظُ لَهُ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «هَذِهِ عُمْرَةٌ اسْتَمْتَعْنَا بِهَا، فَمَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ الْهَدْيُ فَلْيَحِلَّ الْحِلَّ كُلَّهُ، فَإِنَّ الْعُمْرَةَ قَدْ دَخَلَتْ فِي الْحَجِّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: لَا تَعَارُضَ بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ أَصْلًا، وَلَا بَيْنَهُمَا وَبَيْنِ سَائِرِ أَحَادِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، بَلْ كُلُّهَا مُتَّفِقٌ؛ لِأَنَّهُ إِذْ أَمَرَهُمْ عليه السلام بِأَنْ يَفْسَخَ مِنْهُمْ مَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ الْحَجَّ فِي عُمْرَةٍ، ثُمَّ يَحِلُّ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِالْإِهْلَالِ بِالْحَجِّ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ إِذَا تَوَجَّهُوا إِلَى مِنًى كَمَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ وَغَيْرِهِ، فَقَدْ صَارَتْ لَهُمْ عُمْرَةً لِيَسْتَمْتِعُوا بِهَا بِلَا شَكٍّ، وَصَارُوا مُتَمَتِّعِينَ بِيَقِينٍ، فَأَيُّ تَعَارُضٍ هَا هُنَا؟ وَهَلْ فِي الِاتِّفَاقِ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا؟ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: إِنَّ عُمَرَ قَدْ أَنْكَرَ عَلَى أَبِي مُوسَى الْفُتْيَا بِفَسْخِ الْحَجِّ، قَالَ: وَعُمَرُ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَ عُمَرَ أَمْرُ فَسْخِ الْحَجِّ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: إِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ عُمَرَ أَمْرُ فَسْخِ الْحَجِّ، أَوْ كَانَ عِنْدَهُ
⦗ص: 389⦘
فَنَسِيَهُ، أَوْ لَمْ يَنْسَهُ لَكِنْ تَأَوَّلَ فِيهِ أَنَّهُ فَسْخٌ أَوْ كَانَ خُصُوصًا، فَمَا عَلَيْنَا مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، وَاتِّبَاعُ الَّذِي لَوْلَاهُ لَمْ يَكُنْ عُمَرُ إِمَامًا، وَالَّذِي بِهِ هَدَى اللَّهُ عز وجل عُمَرَ وَغَيْرَ عُمَرَ، أَوْلَى بِنَا مِنِ اتِّبَاعِ مَنْ دُونَهُ، كَمَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنه إِذْ قِيلَ لَهُ: إِنَّ أَبَاكَ نَهَى عَنِ الْمُتْعَةِ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ فَحُقِّقَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، فَقَالَ: أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ عز وجل وَنَهَى أَبِي عَنْهَا، أَكِتَابَ اللَّهِ تَتَّبِعُونَ أَمْ أَبِي؟ وَلَا شَكَّ أَنَّ اتِّبَاعَ مَا دُونَهُ الْكَافَّةُ الَّذِينَ فِيهِمُ الْمَكِّيُّ وَالْمَدَنِيُّ وَالْبَصْرِيُّ وَالْكُوفِيُّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ بِهِ طَائِفَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ أَحَقُّ وَأَوْلَى مِنِ اتِّبَاعِ رَأْيٍ رَآهُ عُمَرُ رضي الله عنه، فَلَعَلَّهُ قَدْ رَجَعَ عَنْهُ أَوْ لَمْ يَرْجِعْ، وَهَذَا عُمَرُ يَقُولُ: مَنْ لَمْ يُدْرِكْ صَلَاةَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ مَعَ الْإِمَامِ بِعَرَفَةَ بَطَلَ حَجُّهُ، وَمَنْ قَدَّمَ ثَقْلَهُ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى مِنًى بَطَلَ حَجَّهُ، وَخُصُومُنَا الْمُحْتَجُّونَ عَلَيْنَا بِعُمَرَ فِي هَذَا الْفَصْلِ مُخَالِفُونَ فِي هَاتَيْنِ الْقَضِيَّتَيْنِ لِعُمَرَ، وَفِي مَا لَا تَحِلُّ مُخَالَفَتُهُ فِيهِ مِنْ حُكْمِهِ فِي الْأَرْنَبِ بِعَنَاقٍ، وَفِي الضَّبِّ بِجَدْيٍ، وَفِي الْيَرْبُوعِ بِحَمَلَانِ مِنَ الْغَنَمِ، نَعَمْ وَفِي عِدَّةِ قَضَايَا فِي الْحَجِّ فَلْيُنْكِرُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مُخَالَفَةَ عُمَرَ، فَالْعَيْبُ لَهُمْ فِي ذَلِكَ لَازِمٌ؛ لِأَنَّهُمْ يَحْتَجُّونَ بِهِ ثُمَّ يُخَالِفُونَهُ " وَإِنَّا مَنْ لَا يَرَى حُجَّةً فِي أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: فَإِنِ اعْتَرَضَ مُعْتَرِضٌ فِي إِبَاحَةِ الْإِفْرَادِ مِنَ الْمِيقَاتِ
436 -
بِمَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ
⦗ص: 390⦘
بْنُ الْحَجَّاجِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَعَمْرٌو النَّاقِدُ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، كُلُّهُمْ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ حَنْظَلَةَ الْأَسْلَمِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُهِلَّنَّ ابْنُ مَرْيَمَ بِفَجِّ الرَّوْحَاءِ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا أَوْ لَيَثْنِيَنَّهُمَا» قَالَ مُسْلِمٌ: وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ هُوَ ابْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ؛ لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ لَا يَعْلَمُهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَّا بِالْوَحْيِ؛ لِأَنَّهُ عِلْمُ غَيْبٍ بِمَا يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، وَقَدْ أَيْقَنَّا ضَرُورَةً أَنَّ الْوَحْيَ لَا يَأْتِي بِشَكٍّ، فَصَحَّ أَنَّ الشَّكَّ الْمَذْكُورَ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، هَذَا مَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَظُنَّهُ مُسْلِمٌ، أَنْ يَشُكَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي شَيْءٍ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَعْلَمَهُ إِلَّا بِالْوَحْيِ، وَقَدْ وَجَدْنَا لِلْأَفَاضِلِ كَلَامًا يَأْتُونَ بِهِ تَفْسِيرًا لِلْحَدِيثِ يَصِلُونَهُ بِهِ، لَا سِيَّمَا هَذَا الْإِسْنَادُ، فَقَدْ رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَدِيثَ النَّفَقَاتِ، ثُمَّ وَصَلَ بِهِ تَقُولُ امْرَأَتُكَ: أَنْفِقْ عَلَيَّ، أَوْ طَلِّقْنِي، وَيَقُولُ لَكَ غُلَامُكَ: أَنْفِقْ عَلَيَّ وَاسْتَعْمِلْنِي، وَيَقُولُ لَكَ وَلَدُكَ: إِلَى مَنْ تَكِلُنِي؟ فَقِيلَ لَهُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَهَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ: لَا هَذَا مِنْ كِيسِ أَبِي هُرَيْرَةَ
⦗ص: 391⦘
. وَوَجَدْنَا الزُّهْرِيَّ قَدْ رَوَى عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قِصَّةَ زِيَارَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذَا اعْتَلَّ، فَذَكَرَ كَلَامَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«لَكِنِ الْبَائِسُ سَعْدُ ابْنُ خَوْلَةَ» ، ثُمَّ وَصَلَ بِهِ: يَرْثِي لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ مَاتَ بِمَكَّةَ، وَلَا شَكَّ فِي أَنَّ هَذَا اللَّفْظِ لَيْسَ مِنْ كَلَامِهِ عليه السلام. وَكَذَلِكَ أَيْضًا رَوَى الزُّهْرِيُّ حَدِيثَ إِفْطَارِهِ صلى الله عليه وسلم بِالْكَدِيدِ، فَوَصَلَ بِهِ، فَكَانَ النَّاسُ يَأْخُذُونَ بِالْأَحْدَثِ فَالْأَحْدَثِ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَكَذَلِكَ أَيْضًا رَوَى الزُّهْرِيُّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«مَا لِي أُنَازَعُ الْقُرْآنَ» ، فَوَصَلَ بِهِ: فَانْتَهَى النَّاسُ عَنِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَجْهَرُ فِيهِ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: قَدِ اسْتَوْعَبْنَا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ كُلَّ مَا مَوَّهَ بِهِ مَنْ لَا يَرَى الْفَسْخَ، وَأَبَنَّا بِتَأْيِيدِ اللَّهِ عز وجل بُطْلَانَ قَوْلِهِمْ، وَأَبْطَلْنَا دَعْوَاهُمُ الْفَسْخَ فِيهِ، وَدَعْوَاهُمُ الْخُصُوصَ، وَدَعْوَاهُمْ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ لِعِلَّةٍ، وَدَعْوَاهُمُ التَّعَارُضَ، وَدَعْوَى الطَّحَاوِيِّ أَنَّ ذَلِكَ الْفَسْخَ كَانَ مِنْ عُمَرَ. وَهَذَا الْوَجْهُ أَبْرَدُ الْوُجُوهِ الَّتِي تَعَلَّقُوا بِهَا وَأَكْذَبُهَا؛ لِأَنَّ عَائِشَةَ، وَجَابِرًا
⦗ص: 392⦘
، وَأَبَا سَعِيدٍ، وَأَسْمَاءَ، وَابْنَ عُمَرَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ، وَسُرَاقَةَ بْنِ جُعْشُمٍ، وَسَبْرَةَ، وَأَبَا مُوسَى كُلُّهُمْ يَرْوِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا أَمَرَ النَّاسَ مِنَ الْإِحْلَالِ بِحَجٍّ أَحْرَمُوا بِهِ، وَمَا رَوَى قَطُّ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم أَنَّهُ عليه السلام إِنَّمَا أَمَرَ بِالْفَسْخِ لِمَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ مِنْ عُمْرَةٍ مُفْرَدَةٍ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ كُلِّ قَوْلٍ أَدْخَلَ قَائِلَهُ فِي الْكَذِبِ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: رَوَى الْفَسْخَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَمَا ذَكَرْنَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ مِنْ أَصْحَابِهِ رضي الله عنهم، وَهُمْ: عَائِشَةُ، وَحَفْصَةُ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَعَلِيٌّ، وَأَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَجَابِرٌ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، وَابْنُ عُمَرَ، وَأَنَسٌ، وَأَبُو مُوسَى، وَالْبَرَاءُ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَسُرَاقَةُ، وَسَبْرَةُ. فَرَوَاهُ عَنُ عَائِشَةَ: الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ، وَالْقَاسِمُ، وَعُرْوَةُ، وَعَمْرَةُ، وَذَكْوَانُ، فَهَؤُلَاءِ خَمْسَةٌ. وَرَوَاهُ عَنُ جَابِرٍ، عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ، فَهَؤُلَاءِ أَرْبَعَةٌ. وَرَوَاهُ عَنُ أَسْمَاءَ صَفِيَّةُ، وَمُجَاهِدٌ، اثْنَانِ. وَرَوَاهُ عَنُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: أَبُو نَضْرَةَ، وَاحِدٌ. وَرَوَاهُ عَنُ الْبَرَاءِ: أَبُو إِسْحَاقَ، وَاحِدٌ. وَرَوَاهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، سَالِمٌ ابْنُهُ، وَبَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ، اثْنَانِ. وَرَوَاهُ عَنُ أَنَسٍ: أَبُو قِلَابَةَ، وَاحِدٌ. وَرَوَاهُ عَنُ أَبِي مُوسَى، طَارِقُ بْنُ شِهَابٍ، وَاحِدٌ
⦗ص: 393⦘
. وَرَوَاهُ عَنُ ابْنِ عَبَّاسٍ، طَاوُسٌ، وَعَطَاءٌ، وَعِكْرِمَةُ، وَأَنَسُ بْنُ سُلَيْمٍ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَكُرَيْبٌ، وَأَبُو الْعَالِيَةِ، وَمُسْلِمٌ الْقُرِّيُّ، وَأَبُو حَسَّانَ الْأَعْرَجُ، فَهَؤُلَاءِ عَشْرَةٌ. وَرَوَاهُ عَنُ سُرَاقَةَ، طَاوُسٌ. وَرَوَاهُ عَنُ سَبْرَةَ ابْنُهُ، وَاحِدٌ. أَسْقَطْنَا مَنْ تَكَرَّرَ مِنْهُمْ وَعَدَدْنَاهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَبَلَغُوا أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ مِنَ الثِّقَاتِ. وَرَوَاهُ عَنُ أَبِي ذَرٍّ ثَلَاثَةٌ مَجْهُولُونَ مُسْنَدًا، فَصَارَ نَقْلَ كَافَّةٍ وَتَوَاتُرٍ، يَقْطَعُ الْعُذْرَ، وَيُوجِبُ الْعِلْمَ الْفَرْدِيَّ، وَالْحَمْدُ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ