الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
458 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَرْبَعٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، فَطَافَ بِالْبَيْتِ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَأَخَذْتُ مِنْ أَطْرَافِ شَعْرِهِ بِمِشْقَصٍ مَعِي، قَالَ عَطَاءٌ: وَالنَّاسُ يُنْكِرُونَ ذَلِكَ عَلَى مُعَاوِيَةَ
459 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، عَنْ عَبْدَةَ يَعْنِي ابْنَ سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: قَالَ عَطَاءٌ: قَالَ سُرَاقَةُ: تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَمَتَّعْنَا مَعَهُ، فَقُلْنَا: أَلَنَا خَاصَّةً أَمْ لِلْأَبَدِ؟ فَقَالَ: «بَلْ لِلْأَبَدِ»
ذِكْرُ الْأَحَادِيثِ الْمُبَيِّنَةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ قَارِنًا بَيْنَ عُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ أَهَلَّ بِهِمَا جَمِيعًا مَعًا
460 -
حَدَّثَنَا حُمَامُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَصِيلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا الْفَرَبْرِيُّ، حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، قَالَ: تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، وَأَهْدَى وَسَاقَ الْهَدْيَ مَعَهُ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَبَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ، فَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْحَجِّ، فَكَانَ فِي النَّاسِ مَنْ أَهْدَى فَسَاقَ الْهَدْيَ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُهْدِ، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ قَالَ لِلنَّاسِ:«مَنْ كَانَ مِنْكُمْ أَهْدَى فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَجَّهُ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَهْدَى فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ وَالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَيُقَصِّرْ وَيَحِلَّ، ثُمَّ لِيُهِلِلْ بِالْحَجِّ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا فَلْيَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ» ، فَطَافَ حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ وَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ أَوَّلَ شَيْءٍ ثُمَّ خَبَّ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ، وَمَشَى أَرْبَعَةً، فَرَكَعَ حِينَ فَرَغَ طَوَافَهُ بِالْبَيْتِ عِنْدَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ فَانْصَرَفَ فَأَتَى الصَّفَا وَطَافَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سَبْعَةَ أَطْوَافٍ، ثُمَّ لَمْ يَحْلِلْ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى قَضَى حَجَّهُ، وَنَحَرَ هَدْيَهُ يَوْمَ النَّحْرِ، وَأَفَاضَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ ثُمَّ حَلَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ، وَفَعَلَ مِثْلَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ أَهْدَى أَوْ سَاقَ الْهَدْيَ مِنَ النَّاسِ
461 -
وَعَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَخْبَرَتْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي تَمَتُّعِهِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، فَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَهُ بِمِثْلِ الَّذِي أَخْبَرَنِي بِهِ سَالِمٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
462 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، حَدَّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، قَالَ: تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، وَأَهْدَى وَسَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَبَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبَدَأَ بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ، وَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، وَكَانَ مِنَ النَّاسِ مَنْ أَهْدَى فَسَاقَ الْهَدْيَ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُهْدِ، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ قَالَ لِلنَّاسِ:«مَنْ كَانَ مِنْكُمْ أَهْدَى فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ مِنْ شَيْءِ حَرُمَ عَلَيْهِ حَتَّى يَقْضِيَ حَجَّهُ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْدَى فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَلْيُقَصِّرْ وَلْيَحْلِلْ ثُمَّ لِيُهِلَّ بِالْحَجِّ، وَلْيُهْدِ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ» . وَطَافَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ فَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ أَوَّلَ شَيْءٍ، ثُمَّ خَبَّ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ مِنَ السَّبْعِ، وَمَشَى أَرْبَعَةَ أَطْوَافٍ، ثُمَّ رَكَعَ حِينَ قَضَى طَوَافَهُ بِالْبَيْتِ عِنْدَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ فَانْصَرَفَ، فَأَتَى الصَّفَا فَطَافَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ، ثُمَّ لَمْ يَحْلِلْ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى قَضَى حَجَّهُ، وَنَحَرَ هَدْيَهُ يَوْمَ النَّحْرِ، وَأَفَاضَ، فَطَافَ بِالْبَيْتِ فَحَلَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ، وَفَعَلَ مِثْلَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ أَهْدَى فَسَاقَ الْهَدْيَ مِنَ النَّاسِ
463 -
قَالَ مُسْلِمٌ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ، زَوْجَ
⦗ص: 406⦘
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَتْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي تَمَتُّعِهِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ: وَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَهُ مِثْلَ الَّذِي أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
464 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَرَنَ الْحَجَّ إِلَى الْعُمْرَةِ، وَطَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
465 -
حَدَّثَنَا حُمَامُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَاجِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَشْوَرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْحُذَاقِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، قَرَنَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَطَافَ لَهُمَا بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ طَوَافًا وَاحِدًا، وَقَالَ: هَكَذَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
466 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ هُوَ
⦗ص: 407⦘
ابْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ: كَمِ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ: مَرَّتَيْنِ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لَقَدْ عَلِمَ ابْنُ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اعْتَمَرَ ثَلَاثًا سِوَى الَّذِي قَرَنَ بِحَجَّةِ الْوَدَاعِ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: صَدَقَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها، وَصَدَقَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنه؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَعْتَمِرْ مُذْ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ عُمْرَةً كَامِلَةً مُفْرَدَةً إِلَّا اثْنَتَيْنِ كَمَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنه، وَهُمَا عُمْرَةُ الْقَضَاءِ وَعُمْرَةُ الْجِعْرَانَةِ عَامَ حُنَيْنٍ، وَعَدَّتْ عَائِشَةُ وَأَنَسٌ رضي الله عنهما إِلَى هَاتَيْنِ الْعُمْرَتَيْنِ عُمْرَةَ الْحُدَيْبِيَةِ الَّتِي صُدَّ عليه السلام عَنْهَا فَأَحَلَّ بِالْحُدَيْبِيَةِ، وَنَحَرَ الْهَدْيَ، وَالْعُمْرَةَ الَّتِي قَرَنَ مَعَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَتَآلَفَتْ أَقْوَالُهُمْ كُلُّهَا، وَانْتَفَى التَّعَارُضُ عَنْهَا، وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ
467 -
أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى السَّاجِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ الْقَطَوَانِيُّ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَجَّ ثَلَاثَ حِجَجٍ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ، وَحَجَّةً بَعْدَمَا هَاجَرَ مَعَهَا عُمْرَةٌ، وَسَاقَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بَدَنَةً، وَجَاءَ عَلِيٌّ بِتَمَامِهَا مِنَ الْيَمَنِ فِيهَا جَمَلٌ لِأَبِي جَهْلٍ فِي أَنْفِهِ بُرَةٌ مِنْ فِضَّةٍ، فَنَحَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَمَرَ أَنْ يُؤْخَذَ
⦗ص: 408⦘
مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بَضْعَةً فَطُبِخَتْ فَشَرِبَ مِنْ مَرَقِهَا
468 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ الْقُرِّيُّ، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعُمْرَةٍ، وَأَهَلَّ أَصْحَابُهُ بِحَجٍّ، فَلَمْ يَحِلَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَلَا مَنْ سَاقَ الْهَدْيُ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَحَلَّ بَقِيَّتُهُمْ
469 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْخَوْلَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ، حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، وَقُتَيْبَةَ، قَالَا
⦗ص: 409⦘
: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَطَّارِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعَ عُمَرٍ: عُمْرَةَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَالثَّانِيَةَ حِينَ تَوَاطَئُوا عَلَى عُمْرَةٍ مِنْ قَابِلٍ، وَثَالِثَةً مِنَ الْجِعْرَانَةِ، وَالرَّابِعَةَ الَّتِي قَرَنَ مَعَ حَجَّتِهِ
470 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا مِسْكِينٌ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ عِنْدَ رَبِّي - قَالَ: وَهُوَ بِالْعَقِيقِ - قَالَ: صَلِّ فِي هَذَا الْوَادِي، وَقُلْ: عُمْرَةٌ فِي حَجَّةٍ "
471 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّلَمَنْكِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُفَرِّجٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ الصَّمُوتُ، حَدَّثَنَا الْبَزَّارُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِسْكِينٍ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ، حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَتَانِي آتٍ مِنْ رَبِّي اللَّيْلَةَ، فَقَالَ: صَلِّ فِي هَذَا الْوَادِي الْمُبَارَكِ، وَقُلْ: عُمْرَةٌ فِي حَجَّةٍ "
472 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَمَذَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ
⦗ص: 410⦘
الْبَلْخِيُّ، حَدَّثَنَا الْفَرَبْرِيُّ، حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، وَبِشْرُ بْنُ بَكْرٍ التِّنِّيسِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، ثُمَّ اتَّفَقُوا، قَالَ يَحْيَى: حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِوَادِي الْعَقِيقِ يَقُولُ: " أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي فَقَالَ: صَلِّ فِي هَذَا الْوَادِي الْمُبَارَكِ، وَقُلْ: عُمْرَةٌ فِي حَجَّةٍ "
473 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مَنْصُورٍ، هُوَ ابْنُ الْمُعْتَمِرِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ هُوَ شَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: قَالَ الصُّبَيُّ بْنُ مَعْبَدٍ: كُنْتُ أَعْرَابِيًّا نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمْتُ، فَكُنْتُ حَرِيصًا عَلَى الْجِهَادِ، فَوَجَدْتُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مَكْتُوبَتَيْنِ عَلَيَّ، فَأَتَيْتُ رَجُلًا مِنْ عَشِيرَتِي يُقَالُ لَهُ: هُرَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ اجْمَعْهَا ثُمَّ اذْبَحْ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، فَأَهْلَلْتُ بِهِمَا، فَلَمَّا أَتَيْنَا الْعُذَيْبَ لَقِيَنِي سَلْمَانُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَزَيْدُ بْنُ
⦗ص: 411⦘
صُوحَانَ، وَأَنَا أُهِلُّ بِهِمَا، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ: مَا هَذَا بِأَفْقَهَ مِنْ بَعِيرِهِ، فَأَتَيْتُ عُمَرَ فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي أَسْلَمْتُ وَأَنَا حَرِيصٌ عَلَى الْجِهَادِ، وَإِنِّي وَجَدْتُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مَكْتُوبَتَيْنِ عَلَيَّ فَأَتَيْتُ هُرَيْمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، فَقُلْتُ: يَا هَنَاهُ إِنِّي وَجَدْتُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مَكْتُوبَتَيْنِ عَلَيَّ فَقَالَ: اجْمَعْهُمَا ثُمَّ اذْبَحْ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، فَأَهْلَلْتُ بِهِمَا، فَلَمَّا أَتَيْتُ الْعُذَيْبَ لَقِيَنِي سَلْمَانُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَزَيْدُ بْنُ صُوحَانَ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ: مَا هَذَا بِأَفْقَهَ مِنْ بَعِيرِهِ، فَقَالَ عُمَرُ: هُدِيتَ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
474 -
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ: أَخْبَرَنِي عِمْرَانُ بْنُ زَيْدٍ الدِّمَشْقِيُّ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ يَعْنِي ابْنَ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي حَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّ شَقِيقًا وَهُوَ أَبُو وَائِلٍ قَالَ: فَكُنْتُ أَخْتَلِفُ أَنَا وَمَسْرُوقُ بْنُ الْأَجْدَعِ، إِلَى الصُّبَيِّ بْنِ مَعْبَدٍ نَسْتَذْكِرُهُ يَعْنِي هَذَا الْحَدِيثَ فَلَقَدِ اخْتَلَفْنَا إِلَيْهِ مِرَارًا أَنَا وَمَسْرُوقُ بْنُ الْأَجْدَعِ، وَذَكَرَ أَنَّ الصُّبَيَّ هَذَا مِنْ بَنِي تَغْلِبَ
475 -
حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، أَخْبَرَنِي عِمْرَانُ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ مَرْوَانِ بْنِ الْحَكَمِ، قالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ عُثْمَانَ فَسَمِعَ عَلِيًّا، يُلَبِّي بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ، فَقَالَ: أَلَمْ تَكُنْ تَنْهَى عَنْ هَذَا؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُلَبِّي بِهِمَا جَمِيعًا، فَلَمْ أَدَعْ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِقَوْلِكَ
476 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ هُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ الْأَعْوَرُ، حَدَّثَنَا يُونُسُ هُوَ ابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَلِيٍّ حِينَ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْيَمَنِ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ: أَنَّ عَلِيًّا قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «كَيْفَ صَنَعْتَ» ؟ قَالَ: قُلْتُ: أَهْلَلْتُ بِإِهْلَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قالَ:«فَإِنِّي قَدْ سُقْتُ الْهَدْيَ وَقَرَنْتُ»
477 -
وَحَدَّثَنَاهُ أَيْضًا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ الْأَشْعَرِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِي آخِرِهِ: فَقَالَ - يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
⦗ص: 413⦘
لِأَصْحَابِهِ: «لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَفَعَلْتُ كَمَا فَعَلْتُمْ وَلَكِنِّي سُقْتُ وَقَرَنْتُ»
478 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُطَرِّفًا هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشِّخِّيرِ، قَالَ: قَالَ عِمْرَانُ بْنُ الْحُصَيْنِ: أُحَدِّثُكَ حَدِيثًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَنْفَعَكَ بِهِ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَمَعَ بَيْنَ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ، ثُمَّ لَمْ يَنْهَ عَنْهُ حَتَّى مَاتَ، وَلَمْ يَنْزِلْ قُرْآنٌ يُحَرِّمُهُ
479 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مُفَرِّجٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ السَّكَنِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفَرَبْرِيُّ، حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَا: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ حَفْصَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا بِعُمْرَةٍ وَلَمْ تَحِلَّ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ؟ قَالَ: «إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي، وَقَلَّدْتُ هَدْيِي، فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ»
480 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ
⦗ص: 414⦘
الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، هُوَ الْقَطَّانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، هُوَ ابْنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ حَفْصَةَ، قَالَتْ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا وَلَمْ تَحِلَّ مِنْ عُمْرَتِكَ؟ قَالَ: «إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي، وَقَلَّدْتُ هَدْيِي، فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَحِلَّ مِنَ الْحَجِّ»
481 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَمَذَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْفَيْضِ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا الْفَرَبْرِيُّ، حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ مَعَهُ بِالْمَدِينَةِ الظُّهْرَ أَرْبَعًا، وَالْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، فَبَاتَ بِهَا حَتَّى إِذَا أَصْبَحَ رَكِبَ حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ عَلَى الْبَيْدَاءِ، حَمِدَ اللَّهَ وَسَبَّحَ، ثُمَّ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهِمَا، فَلَمَّا قَدِمْنَا أَمَرَ النَّاسَ فَحَلُّوا بِعُمْرَةٍ حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ أَهَلُّوا بِالْحَجِّ، وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ
482 -
حَدَّثَنَا حُمَامُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَاجِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَشْوَرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْحُذَاقِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، وَحُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كُنْتُ رَدِيفَ أَبِي طَلْحَةَ، وَهُوَ يُسَايِرُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَسَمِعْتُهُ يُهِلُّ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مَعًا
483 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ بَكْرٍ، هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ عَنْ أَنَسٍ
484 -
وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ الْعُذْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عِقَالٍ الْقُرَيْنَشِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّقَطِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ سَلْمٍ الْخُتَّلِيُّ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْجَوْهَرِيُّ السَّذَابِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هَانِئٍ الْأَثْرَمُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُلَبِّي بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ جَمِيعًا قَالَ بَكْرٌ: فَحَدَّثْتُ بِذَلِكَ ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ: لَبَّى بِالْحَجِّ وَحْدَهُ، فَلَقِيتُ أَنَسًا، فَحَدَّثْتُهُ بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ فَقَالَ أَنَسٌ: مَا تَعُدُّونَنَا إِلَّا صِبْيَانًا، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجَّةً» . لَفْظُ حَدِيثِ أَحْمَدَ: مَا تَعُدُّونَا، وَاتَّفَقَا فِي سَائِرِ ذَلِكَ
485 -
حَدَّثَنَا حُمَامُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَصِيلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا الْفَرَبْرِيُّ، حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَخْبَرَهُ قَالَ: اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعَ عُمَرٍ كُلُّهُنَّ فِي ذِي الْقَعْدَةِ إِلَّا الَّتِي كَانَتْ فِي حَجَّتِهِ: عُمْرَةً مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ
⦗ص: 416⦘
فِي ذِي الْقَعْدَةِ، وَعُمْرَةً فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مِنَ الْجِعْرَانَةِ حِينَ قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مَعَ حَجَّتِهِ
486 -
حَدَّثَنَا حُمَامٌ، حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَيْمَنَ، حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى بْنُ مَسَرَّةَ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ الْكِنْدِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ الْقَاضِي، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ مَعًا»
487 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، وَحُمَيْدٍ، أَنَّهُمْ سَمِعُوا أَنَسًا، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا» وَقَالَ حُمَيْدٌ فِي رِوَايَتِهِ: «لَبَّيْكَ بِعُمْرَةٍ وَحَجٍّ» . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: التَّلْبِيَةُ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم كَانَتْ مِرَارًا يُكَرِّرُهَا فِي إِهْلَالِهِ، قَالَ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ حَقٌّ، وَحُمَيْدٌ هَذَا هُوَ الطَّوِيلُ
488 -
كَذَلِكَ حَدَّثَنَاهُ حُمَامُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُمْ سَمِعُوهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُلَبِّي
⦗ص: 417⦘
بِالْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ جَمِيعًا، يَقُولُ:«لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا»
489 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ هُوَ سَلَّامُ بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُلَبِّي بِهِمَا
490 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، حَدَّثَنَا أَشْعَثُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ هُوَ الْحُمْرَانِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الظُّهْرَ بِالْبَيْدَاءِ، ثُمَّ رَكِبَ وَصَعِدَ جَبَلَ الْبَيْدَاءِ، فَأَهَلَّ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ حِينَ صَلَّى الظُّهْرَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: وَسَمَاعُ الْحَسَنِ مِنْ أَنَسٍ قَدْ صَحَّ
⦗ص: 418⦘
491 -
كَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا مَعْبَدُ بْنُ هِلَالٍ الْعَنْبَرِيُّ، فَذَكَرَ حَدِيثَ الشَّفَاعَةِ، أَنَّهُمْ حَدَّثَهُمْ بِهِ، أَنَسٌ، فِي آخِرِ الْحَدِيثِ: أَنَّهُمْ دَخَلُوا عَلَى الْحَسَنِ - وَهُو مُسْتَخْفٍ - فِي مَنْزِلِ أَبِي خَلِيفَةَ، فَذَكَرُوا لَهُ مَا حَدَّثَهُمْ بِهِ أَنَسٌ، فَقَالَ لَهُمُ الْحَسَنُ: إِنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ بِهِ مُذْ عِشْرِينَ سَنَةً، وَأَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ
492 -
حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ الطَّلَمَنْكِيُّ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا الْقَاضِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُفَرِّجٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ الصَّمُوتُ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَزَّارُ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْجَرَوِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مِسْكِينٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّنُوخِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ
493 -
حَدَّثَنَا الطَّلَمَنْكِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ، حَدَّثَنَا الصَّمُوتُ، حَدَّثَنَا الْبَزَّارُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَرَبِيٍّ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُلَبِّي بِهِمَا جَمِيعًا
494 -
وَبِهِ إِلَى الْبَزَّارِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَاهِدٍ السَّمَّانُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ الطُّوسِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي قُدَامَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَبَّى بِالْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ جَمِيعًا
495 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ النَّبَاتِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ سُلَيْمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: أَهَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ
496 -
وَبِهَذَا السَّنَدِ إِلَى وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ مَعًا» قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: مُصْعَبُ بْنُ سُلَيْمٍ ثِقَةٌ، خَرَّجَ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِهِ، وَهُوَ غَيْرُ مُصْعَبِ بْنِ سَلَّامٍ ذَلِكَ ضَعِيفٌ
497 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَوْنِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْخُشَنِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ بُنْدَارٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي قَزَعَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كُنْتُ رَدِيفَ أَبِي طَلْحَةَ، وَكَانَتْ رُكْبَةُ أَبِي طَلْحَةَ تَكَادُ أَنْ تَمَسَّ رُكْبَةَ رَسُولِ
⦗ص: 420⦘
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَكَانَ يُهِلُّ بِهِمَا جَمِيعًا
498 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَنَسٍ الْعُذْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُسَيْنِ بْنِ عِقَالٍ الْقُرَيْنَشِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ الدَّيْنَوَرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْجَهْمِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا أَخِي، حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ جَمِيلٍ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: إِنَّمَا جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ؛ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَحُجُّ بَعْدَهَا
499 -
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ فِرَاسٍ، أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ الْجُمَحِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ هُوَ إِسْمَاعِيلُ، سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، يَقُولُ: إِنَّمَا جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ؛ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَحُجُّ بَعْدَهَا
⦗ص: 421⦘
فَهَؤُلَاءِ سِتَّةَ عَشَرَ مِنَ الثِّقَاتِ كُلُّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَنْ أَنَسٍ عَلَى أَنَّ لَفْظَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِهْلَالًا بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ مَعًا، وَهُمُ: الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيُّ، وَأَبُو قِلَابَةَ، وَحُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ، وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّوِيلُ، وَقَتَادَةُ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وَبَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُزَنِيِّ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَمُصْعَبُ بْنُ سُلَيْمٍ، وَأَبُو أَسْمَاءَ، وَأَبُو قُدَامَةَ، وَأَبُو قَزَعَةَ وَهُوَ سُوَيْدُ بْنُ حُجَيْرٍ الْبَاهِلِيُّ رَوَى عَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ، وَشُعْبَةُ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: وَأَظُنُّ بَأَنَّ أَبَا أَسْمَاءَ هُوَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ شَرِيكٍ التَّيْمِيُّ، وَأَنَّ أَبَا قُدَامَةَ هُوَ عَاصِمُ بْنُ حَشْرٍ
500 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الطَّلَمَنْكِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُفَرِّجٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ الصَّمُوتُ، حَدَّثَنَا الْبَزَّارُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجُنَيْدِ، وَطُلَيْقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَاسِطِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى، قَالَ: إِنَّمَا
⦗ص: 422⦘
جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ؛ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَحُجُّ بَعْدَ عَامِهِ ذَلِكَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: لَمْ يَخْفَ عَنَّا أَنْ قَدْ قِيلَ: إِنَّ يَزِيدَ بْنَ عَطَاءٍ أَخْطَأَ فِي إِسْنَادِهِ، وَلَكِنْ مَنِ ادَّعَى الْخَطَأَ عَلَى الرَّاوِي فَعَلَيْهِ الدَّلِيلُ، وَهَؤُلَاءِ اثْنَا عَشَرَ مِنَ الصَّحَابَةِ بِالْأَسَانِيدِ الصِّحَاحِ كُلُّهُمْ يَصِفُ بِغَايَةِ الْبَيَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ قَارِنًا، وَهُمْ: عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعِمْرَانُ بْنُ الْحُصَيْنِ، وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، وَحَفْصَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَأَبُو قَتَادَةَ، وَابْنُ أَبِي أَوْفَى، وَقَدْ رُوِيَ أَيْضًا أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَرَنَ بَيْنَ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ عَنْ سُرَاقَةَ، وَأَبِي طَلْحَةَ، وَالْهِرْمَاسِ بْنِ زِيَادٍ الْبَاهِلِيِّ " وَرُوِيَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ أَهْلَهُ بِالْقِرَانِ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: فَظَاهِرُ الْأَمْرِ أَنَّ الرِّوَايَةَ مُخْتَلِفَةٌ عَنْ عَائِشَةَ، وَجَابِرٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ عَنْهُمْ كَمَا ذَكَرْنَا مَا يَدُلُّ عَلَى الْإِفْرَادِ لِلْحَجِّ
⦗ص: 423⦘
، وَمَا يَدُلُّ عَلَى التَّمَتُّعِ وَمَا يَدُلُّ عَلَى الْقِرَانِ حَاشَا جَابِرًا فَإِنَّهُ إِنَّمَا رُوِيَ عَنْهُ الْقِرَانُ وَالْإِفْرَادُ فَقَطْ، وَحَاشَا سُرَاقَةَ فَإِنَّهُ إِنَّمَا رُوِيَ عَنْهُ التَّمَتُّعُ وَالْقِرَانُ فَقَطْ، وَكَذَلِكَ أَيْضًا عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَعِمْرَانَ فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْهُمُ التَّمَتُّعُ وَالْقِرَانُ. وَأَمَّا عُثْمَانُ، وَسَعْدٌ، وَمُعَاوِيَةُ فَلَمْ يُرْوَ عَنْهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِلَّا مُتَمَتِّعًا فَقَطْ، وَكَذَلِكَ الِاسْتِدْلَالُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى أَيْضًا إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى التَّمَتُّعِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِأَنَّهُ أَهَلَّ إِهْلَالًا كَإِهْلَالِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأَنْ يَحِلَّ بِعُمْرَةٍ وَحَجٍّ مِنْ شَهْرِهِ ذَلِكَ. وَأَمَّا حَفْصَةُ، وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَأَبُو قَتَادَةَ، وَابْنُ أَبِي أَوْفَى فَلَمْ يُرْوَ عَنْهُمْ مِنْ فِعْلِهِ عليه السلام شَيْءٌ غَيْرُ الْقِرَانِ فَقَطْ. فَأَمَّا عَنْ صِحَّةِ الْبَحْثِ وَتَحْقِيقِ النَّظَرِ فَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ مُضْطَرِبًا، بَلْ كُلُّهُ مُتَّفِقٌ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ عَلَى مَا بَيَّنْتُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عز وجل، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ. وَأَوَّلُ مَا نَبْدَأُ بِهِ بِحَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَقُوَّتِهِ فَبَيَانُ سُقُوطِ أَشْيَاءَ ظَنَّ قَوْمٌ أَنَّهَا عِلَلٌ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ الْمَذْكُورِ، وَبِاللَّهِ تَعَالَى نَسْتَعِينُ، فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ قَائِلًا قَالَ: إِنَّ إِسْمَاعِيلَ ابْنَ عُلَيَّةَ رَوَاهُ عَنُ أَيُّوبَ فَقَالَ فِيهِ: عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَنَسٍ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: فَيُقَالُ لِمَنْ قَالَ هَذَا وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ: إِنَّ وُهَيْبًا وَمَعْمَرًا قَدْ رَوَيَاهُ عَنْ أَيُّوبَ، كَمَا ذَكَرْنَا فَسَمَّيَا الرَّجُلَ الَّذِي لَمْ يُسَمِّهِ إِسْمَاعِيلُ وَهُوَ أَبُو قِلَابَةَ الْعَدْلُ الْإِمَامُ وَالْجَلِيلُ، وَمَنْ عَلِمَ أَوْلَى مِمَّنْ جَهِلَ، وَمَعْمَرٌ وَحْدَهُ لَوِ
⦗ص: 424⦘
انْفَرَدَ هُوَ حُجَّةٌ عَلَى إِسْمَاعِيلَ ابْنِ عُلَيَّةَ، لِأَنَّهُ أَجَلُّ مِنْهُ وَأَضْبَطُ وَأَحْفَظُ وَأَرْفَعُ طَبَقَةً بِلَا خِلَافٍ مِنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّقْلِ
⦗ص: 425⦘
، فَكَيْفَ وَقَدْ وَافَقَ مَعْمَرًا عَلَى ذَلِكَ وُهَيْبٌ؟ وَهُوَ ثِقَةٌ لَيْسَ بِدُونِ إِسْمَاعِيلَ ابْنِ عُلَيَّةَ؟ فَكَيْفَ وَقَدْ وَافَقَهُمَا عَلَى إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ إِلَى أَنَسٍ الْأَئِمَّةُ
⦗ص: 426⦘
الْأَكَابِرُ الْحُفَّاظُ كَالْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَقَتَادَةَ، وَحُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، وَحُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّوِيلِ، وَبَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَيَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ؟ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ لَا يُعْدَلُ بِهِ ابْنُ عُلَيَّةَ لَوِ انْفَرَدَ، فَكَيْفَ إِذَا اجْتَمَعُوا؟ وَهَذَا لَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ لَهُ مَعْرِفَةٌ بِالْحَدِيثِ وَرُوَاتِهِ. وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ قَائِلًا قَالَ: إِنَّ أَبَا خَالِدٍ الْأَحْمَرَ رَوَى عَنْ مَرْوَانَ الْأَصْفَرِ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ عَلِيًّا قَدِمَ مِنَ الْيَمَنِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«بِمَ أَهْلَلْتَ» ؟ قَالَ: أَهْلَلْتُ بِإِهْلَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«لَوْلَا أَنَّ مَعِيَ الْهَدْيَ لَأَحْلَلْتُ» ، فَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ: إِنَّ تَسْوِيغَهُ صلى الله عليه وسلم لِنَفْسِهِ الْإِحْلَالَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مُفْرِدًا لَا قَارِنًا؛ لِأَنَّ الْقَارِنَ لَا يَحِلُّ أَصْلًا كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: فَنَقُولُ إِنَّ هَذَا الْقَائِلَ أَتَى بِمَا قَالَ مُدَّعِيًا دُونَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِشَيْءٍ يَشْغَبُ بِهِ، وَنَحْنُ نَحْتَجُّ لَهُ بِمَا يَتَّسِعُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ لِمَقَالَتِهِ فَنَذْكُرُ فِي ذَلِكَ
501 -
مَا حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ الْعُذْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو ذَرٍّ عَبْدُ بْنُ أَحْمَدَ الْهَرَوِيُّ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ حَبَابَةَ، بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، فِي شَعْبَانَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ
⦗ص: 427⦘
عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ كَفَاهُ لَهُمَا طَوَافٌ وَاحِدٌ، وَلَا يَحِلُّ حَتَّى يَقْضِيَ حَجَّهُ، وَيَحِلُّ مِنْهُمَا جَمِيعًا» قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: وَهَذَا حَدِيثٌ لَوْ صَحَّ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حُجَّةٌ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَكُونُ فِيهِ حُكْمُ الْقِرَانِ الَّذِي يَجُوزُ لَهُ الْقِرَانُ وَهُوَ الَّذِي سَاقَ الْهَدْيُ مَعَ نَفْسِهِ قَبْلَ إِحْرَامِهِ، فَيَكُونُ حِينَئِذٍ مُوَافِقًا لِجَمِيعِ الْأَحَادِيثِ الصِّحَاحِ، وَهَكَذَا نَقُولُ: إِنَّ مَنْ قَرَنَ مِمَّنْ مَعَهُ الْهَدْيُ فَإِنَّهُ لَا طَوَافَ بِحَجِّهِ وَعُمْرَتِهِ إِلَّا طَوَافًا وَاحِدًا، وَلَا يَحِلُّ بَيْنَهُمَا، فَكَيْفَ وَهُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ شَدِيدُ النُّكْرَةِ؟ وَهُوَ سَاقِطٌ؛ لِأَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيَّ مَجْهُولَانِ، وَمُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ لَيْسَ مَشْهُورًا فِي الْحَدِيثِ، وَلَا مَوْصُوفًا بِحِفْظِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ عَالِمٌ بِالْأَشْعَارِ وَالْأَخْبَارِ وَالْأَنْسَابِ فَقَطْ، وَيَكْفِي مِنْ هَذَا جَهْلُ الرَّجُلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ، وَلَا يُحْتَجُّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَّا بِمَا رَوَاهُ الْمَعْرُوفُونَ الثِّقَاتُ. فَإِذْ قَدْ بَطَلَ التَّعَلُّقُ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَخَالَفَتْهُ الْأَحَادِيثُ الصِّحَاحُ فِي أَمْرِهِ صلى الله عليه وسلم كُلَّ مَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ مِنْ قَارِنً أَوْ مُفْرِدٍ بِالْإِحْلَالِ، وَكُلَّ مَنْ مَعَهُ هَدْيٌ بِالْقِرَانِ. فَنَقُولُ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ: إِنَّ هَذَا الِاعْتِرَاضَ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ لِوُجُوهٍ، مِنْهَا: أَنَّ الْقَائِلَ ظَنَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُسَوِّغُ لِنَفْسِهِ الْمُقَدَّسَةِ الْإِحْلَالَ بِقَوْلِهِ عليه السلام: «لَوْلَا أَنَّ مَعِيَ الْهَدْيَ لَأَحْلَلْتُ» ، وَلَيْسَ هَذَا كَمَا ظَنَّ هَذَا الْقَائِلُ، بَلْ هَذَا اللَّفْظُ مِنْهُ عليه السلام مُوجِبٌ؛ لِأَنَّ الْإِحْلَالَ غَيْرُ سَائِغٍ لَهُ بِلَا شَكٍّ، وَمَا سَوَّغَ عليه السلام لِنَفْسِهِ قَطُّ الْإِحْلَالَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ إِلَّا بِتَمَامِ عَمَلِ الْحَجِّ كُلِّهِ، كَمَا قَالَ عليه السلام لِحَفْصَةَ، وَعَلِيٍّ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ مِنْ كِتَابِ الْفَسْخِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ بِإِسْنَادِهِ، وَقَدْ أَخْبَرَ عليه السلام فِي الْأَحَادِيثِ الصِّحَاحِ الَّتِي أَوْرَدْنَا: أَنَّ الْهَدْيَ الَّذِي سَاقَ مَعَ نَفْسِهِ هُوَ مَانِعُهُ مِنْ أَنْ يَحِلَّ كَمَا أَحَلَّ مَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ، فَهَذَا وَجْهٌ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَا ظَنَّ هَذَا الْقَائِلُ مِنْ أَنَّ الْقَارِنَ هُوَ الَّذِي لَا يَحِلُّ أَصْلًا، وَأَنَّ الْمُفْرِدَ هُوَ الَّذِي أُمِرَ بِالْإِحْلَالِ كَمَا ظَنَّ، لَكَانَ حَدِيثُ مَرْوَانَ الْأَصْفَرِ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ حُجَّةً عَلَيْهِ لَا لَهُ، وَلَكَانَ فِيهِ إِثْبَاتُ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ قَارِنًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَوِّغْ لِنَفْسِهِ الْإِحْلَالَ فِي نَصِّ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ لَوْلَا فِي لُغَةِ الْعَرَبِ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى امْتِنَاعِ الشَّيْءِ لِوُقُوعِ غَيْرِهِ، هَذَا مَا لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ، وَلَا مَنْ يُحْسِنُ الْكَلَامَ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لُغَوِيًّا فَإِنَّ طَبِيعَةَ كُلِّ مُمَيِّزٍ تَدُلُّهُ مِنْ لَفْظَةِ: لَوْلَا عَلَى هَذَا الْمَعْنَى، وَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ أَنْ يُعَبِّرَ عَنْهُ بِلِسَانِهِ. فَصَحَّ بِذَلِكَ أَنَّ الْإِحْلَالَ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ مُمْتَنِعًا لَا سَبِيلَ إِلَيْهِ لِوُقُوعِ سَوْقِ الْهَدْيِ مَعَهُ، فَكَانَ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ يَصِحُّ بِلَا شَكٍّ قِرَانُهُ، فَكَيْفَ وَحَدِيثُ مَرْوَانَ الْأَصْفَرِ، عَنْ أَنَسٍ لَا يَدُلُّ عَلَى قِرَانٍ؟ وَلَا عَلَى إِفْرَادٍ، وَإِنَّمَا فِيهِ: أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَوْلَا الْهَدْيُ كَانَ مَعَهُ لَأَحَلَّ مِنْ إِحْرَامِهِ الَّذِي هُوَ مُمْكِنٌ أَنْ يَكُونَ إِمَّا بِإِفْرَادٍ، وَإِمَّا بِقِرَانٍ كَمَا حَلَّ أَصْحَابُهُ بِعُمْرَةٍ مِنْ إِحْرَامِهِمْ لِلْقِرَانِ وَالْحَجِّ مُفْرَدًا، وَهَذَا فِي مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ مَعَهُ هَدْيٌ. وَأَيْضًا فَحَتَّى لَوْ كَانَ فِي حَدِيثِ مَرْوَانَ الْأَصْفَرِ نَصُّ إِبْطَالِ الْقِرَانِ مَا الْتُفِتَ إِلَيْهِ مَعَ مُخَالَفَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَقَتَادَةَ، وَالْحَسَنِ، وَثَابِتٍ، وَبَكْرٍ، وَحُمَيْدٍ، وَأَبِي قِلَابَةَ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ لَا يُقْرَنُ إِلَيْهِ مَرْوَانُ الْأَصْفَرُ. فَكَيْفَ؟ وَلَقَدْ يَنْبَغِي لِكُلِّ مَنْ لَهُ أَدْنَى فَهْمٍ بِالْحَدِيثِ أَنْ يَسْتَحْيِيَ مِنْ مُعَارَضَةِ هَؤُلَاءِ الْجِبَالِ الْعَوَالِ بِمِثْلِ حَدِيثِ الْأَحْمَرِ عَنِ الْأَصْفَرِ؟ فَكَيْفَ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ مَرْوَانِ الْأَصْفَرِ شَيْءٌ يُخَالِفُ الْقِرَانَ أَصْلًا؟ وَلَا شَيْءٌ يُخَالِفُ سَائِرَ مَا أَوْرَدْنَا عَنْ هَؤُلَاءِ الْجِلَّةِ مِنَ الرِّوَايَاتِ، عَنْ أَنَسِ أَلْبَتَّةَ. وَأَيْضًا فَإِنَّ هَذَا الْقَائِلَ الَّذِي حَقَّقَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَوَّغَ لِنَفْسِهِ الْإِحْلَالَ، وَاسْتَدَلَ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ عليه السلام كَانَ مُفْرِدًا لِلْحَجِّ، وَلَوْ كَانَ قَارِنًا مَا سَوَّغَ لِنَفْسِهِ الْإِحْلَالَ يَنْقُضُ عَلَى نَفْسِهِ كَلَامَهُ هَذَا بِأَقْرَبَ مَأْخَذٍ، وَهُوَ أَنْ نَقُولَ: إِنَّ الْمُفْرِدَ بِالْحَجِّ لَا يَحِلُّ مِنْ إِحْرَامِهِ إِلَّا بِتَمَامِ أَعْمَالِ حَجِّهِ كَالْقَارِنِ سَوَاءً بِسَوَاءٍ، فَقَدْ سَوَّى بَيْنَ الْإِفْرَادِ وَالْقِرَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ مِنْهُمَا، وَبَطَلَ مَا تَأَوَّلَ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ مِنْ أَنَّ الْإِحْلَالَ سَائِغٌ لِلْمُفْرِدِ دُونَ الْقَارِنِ، وَلَا أَعْجَبُ مِمَّنْ يَحْتَجُّ بِقَوْلٍ هُوَ أَوَّلُ مَنْ يُبْطِلُهُ، وَلَا يُثْبِتُهُ، وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَأَيْضًا فَإِنَّ الَّذِي ظَنَّهُ هَذَا الْقَائِلُ مِنْ أَنَّ الْقَارِنَ لَا يَحِلُّ بِعُمْرَةٍ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَإِنَّهُ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ الْمُفْرِدِ ظَنٌّ فَاسِدٌ سَاقِطٌ، لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ، لِأَنَّ النَّاسَ فِي هَذَا الْفَصْلِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ. فَقَوْمٌ قَالُوا: لَا يَحِلُّ مُحْرِمٌ بِحَجٍّ أَوْ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ مِنْ إِحْرَامِهِ إِلَّا بِتَمَامِ مَا أَهَلَّ بِهِ مِنْ ذَلِكَ، كَانَ مَعَهُمَا هَدْيٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَبِهَذَا يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَجُمْهُورُ النَّاسِ، وَقَوْمٌ قَالُوا: إِنَّ كُلَّ مَنْ لَمْ يَسُقِ الْهَدْيَ مِنْ مُحْرِمٍ بِحَجٍّ مُفْرَدٍ أَوْ قَارِنٍ بَيْنَ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ مَعًا، فَإِنَّهُ يَحِلُّ بِعُمْرَةٍ وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ ذَلِكَ شَاءَ أَوْ أَبَى، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَهُوَ قَوْلُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ الْقَاضِي، وَهُوَ قَوْلُنَا، وَقَدْ ذَكَرْنَا قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ بِإِسْنَادِهِ فِيمَا سَلَفَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا، وَقَوْمٌ أَبَاحُوا لِلْمُحْرِمِ بِالْحَجِّ أَوْ بِالْقِرَانِ أَنْ يَفْسَخَ إِحْرَامَهُ بِعُمْرَةٍ، وَلَمْ يُوجِبُوهُ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَمَنْ وَافَقَهُ
502 -
حَدَّثَنَا حُمَامٌ، حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي وَسُئِلَ، عَنِ الْقَارِنِ؟ قَالَ: يَتَمَتَّعُ أَحَبُّ إِلَيَّ، هُوَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ عليه السلام:«اجْعَلُوا حَجَّكُمْ عُمْرَةً» فَهَذِهِ أَقْوَالُ النَّاسِ كُلِّهِمْ، لَا فَرْقَ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْهُمْ مِنْ قَارِنٍ وَلَا مُفْرِدٍ لِلْحَجِّ فِي إِيجَابِ الْفَسْخِ، أَوْ إِبَاحَتِهِ، أَوِ الْمَنْعِ فِيهِ، فَقَدْ خَرَجَ هَذَا الْفَرَقُ بَيْنَ الْقَارِنِ وَبَيْنَ الْمُفْرِدِ لِلْحَجِّ فِي حُكْمِ الْفَسْخِ عَنْ إِجْمَاعِ النَّاسِ، فَقَدْ جَاءَتِ الْأَحَادِيثُ الصِّحَاحُ الثَّابِتَةُ بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ كُلَّ مَنْ لَمْ يَسُقِ الْهَدْيَ مِنْ قَارِنٍ أَوْ مُفْرِدٍ لِلْحَجِّ بِأَنْ يَحِلَّ بِعُمْرَةٍ، فَارْتَفَعَ ظَنُّ هَذَا الْقَائِلِ وَبَطَلَ جُمْلَةً وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
⦗ص: 431⦘
. فَمِنْهَا الْحَدِيثُ الَّذِي صَدَّرْنَا بِهِ فِي بَابِ الْفَسْخِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا مِنْ طَرِيقِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَمِنْ طَرِيقِ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَمَتَّعَ، وَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَهُ، فَبَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ، وَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَهُ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، وَأَنَّهُ عليه السلام أَمَرَ مَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ مِنْهُمْ أَنْ يَحِلَّ بِعُمْرَةٍ وَالْحَلَّ كُلَّهُ، ثُمَّ يُهِلُّ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ بِالْحَجِّ، فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ نَصٌّ أَنَّهُ عليه السلام أَمَرَ الْقَارِنِينَ الَّذِينَ لَا هَدْيَ مَعَهُمْ بِالْإِحْلَالِ بِعُمْرَةٍ، وَفَسْخِ إِحْرَامِهِمْ
503 -
وَمِنْهَا مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«مَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ فَلْيُهِلَّ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهِلَّ» قَالَتْ عَائِشَةُ: أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِحَجٍّ، وَأَهَلَّ بِهِ نَاسٌ مَعَهُ، وَأَهَلَّ نَاسٌ بِالْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ، وَأَهَلَّ نَاسٌ بِعُمْرَةٍ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: فَهَذِهِ عَائِشَةُ تُخْبِرُ أَنَّهُ كَانَ فِي النَّاسِ قَارِنُونَ حِينَئِذٍ، وَقَدْ صَحَّ أَمْرُهُ عليه السلام كُلَّ مَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ مِنْهُمْ بِالْإِحْلَالِ، فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ الْقَارِنُ وَالْمُفْرِدُ
504 -
وَحَدَّثَنَا الْقَاضِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغِيثٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عِيسَى يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عِيسَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
⦗ص: 432⦘
وَضَّاحٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «أَهِلُّوا يَا آلَ مُحَمَّدٍ بِعُمْرَةٍ وَحَجٍّ» قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: مُحَالٌ أَنْ يَأْمُرَهُمْ عليه السلام بِأَنْ يُهِلُّوا بِعُمْرَةٍ وَحَجٍّ، وَيَعْصُونَهُ، فَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ كَانَ فِيهِمُ الْقَارِنُ وَالْمُفْرِدُ، وَقَدْ حَلَّ بِلَا شَكٍّ. وَمِنْهَا حَدِيثُ فَاطِمَةَ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ الْفَسْخِ، وَفِيهِ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ أَصْحَابَهُ فَأَحَلُّوا، وَلَمْ تَخُصَّ مُفْرِدًا مِنْ قَارِنٍ، وَقَدْ كَانَ فِيهِمْ قَارِنُونَ كَمَا ذَكَرَتْ عَائِشَةُ. وَمِنْهَا الْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ هُنَالِكَ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّاسَ أَهَلُّوا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ مَعًا، وَأَنَّهُ عليه السلام أَمَرَهُمْ فَحَلُّوا بِعُمْرَةٍ حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ أَهَلُّوا بِالْحَجِّ. فَهَذَا يَنُصُّ عَلَى أَنَّ الْقَارِنِينَ أُمِرُوا بِالْإِحْلَالِ، وَبِفَسْخِ إِحْرَامِهِمْ وَقِرَانِهِمْ بِعُمْرَةٍ فَقَطْ. وَمِنْهَا حَدِيثُ جَابِرٍ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ، وَفِيهِ: فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ إِلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ، وَقَدْ كَانَ فِيهِمْ بِلَا شَكٍّ قَارِنُونَ، ثُمَّ سَائِرُ الْأَحَادِيثِ مِنْهَا الَّتِي أَوْرَدْنَاهَا بِأَسَانِيدِهَا لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا أَنَّ الْقَارِنَ لَا يَحِلُّ، وَإِنَّمَا فِيهَا: إِنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ لَا يَحِلُّ، وَمَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ فَلْيَحِلَّ، فَلَيْتَ شِعْرِي مِنْ أَيْنَ وَقَعَ لِهَذَا الْقَائِلِ أَنَّ الْمُفْرِدِينَ بِالْحَجِّ هُمْ كَانُوا
⦗ص: 433⦘
الْمَأْمُورِينَ بِالْفَسْخِ دُونَ الْقَارِنِينَ؟ وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ " وَأَيْضًا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِ هَذَا الْقَائِلِ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ مُفْرِدًا، وَإِنَّهُ لَوْ كَانَ قَارِنًا لَمَا سَاغَ لَهُ الْإِحْلَالُ، وَبَيْنَ آخَرَ يَقُولُ أَيْضًا مَا ثَابَ إِلَى لِسَانِهِ مُعَارِضًا لَهُ فَيَقُولُ: بَلْ مَا كَانَ إِلَّا قَارِنًا، وَإِنَّهُ لَوْ كَانَ مُفْرِدًا لَمَا سَاغَ لَهُ الْإِحْلَالُ " قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: مَا بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فَضْلٌ، وَكِلَاهُمَا قَوْلٌ فَاسِدٌ، وَدَعْوَى لَيْسَ لِصِحَّتِهَا دَلِيلٌ، وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. وَاعْتَرَضَ أَيْضًا بَعْضُ الْقَائِلِينَ بِأَنْ قَالَ: إِنَّ أَنَسًا كَانَ حِينَئِذٍ صَغِيرَ السِّنِّ، وَأَحَالَ بِهَذَا الِاعْتِرَاضِ عَلَى عَائِشَةَ، وَابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ جَمِيعِهِمْ، وَأَنَّ أَحَدَهُمَا قَالَ: إِنَّ أَنَسًا حِينَئِذٍ كَانَ يَدْخُلُ عَلَى الْمُخَدَّرَاتِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ عَنْ عَائِشَةَ
505 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَنَسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُسَيْنِ بْنِ عِقَالٍ الْقُرَيْنَشِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّيْنَوَرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْجَهْمِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهُ ذَكَرَ لَهَا أَنَّ أَنَسًا، يَقُولُ: قَرَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَتْ: كَانَ أَنَسٌ صَغِيرًا، " أَفْرَدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْحَجَّ، وَلَمْ يَعْتَمِرْ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الدَّوْرَقِيُّ لَا أَعْرِفُهُ، وَقَدْ
⦗ص: 434⦘
رَوَى الْأَثْبَاتُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، وَعَائِشَةَ رضي الله عنهما قَالَا بِقَوْلِ أَنَسٍ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا خَلَا مِنْ هَذَا الْكِتَابِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: وَهَذَا مِنْ أَضْعَفِ مَا شَغَبُوا بِهِ وَأَشَدِّهِ افْتِضَاحًا، وَإِنَّ كُلَّ مَا شَغَبُوا بِهِ ضَعِيفٌ، وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ، لَا نَدْرِي كَيْفَ وَقَعَ هَذَا الْقَائِلُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ عَنْ عَائِشَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَمُعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَقُولَاهُ؛ لِأَنَّهُ كَذِبٌ وَبَاطِلٌ وَقَدْ نَزَّهَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى عَنِ الْكَذِبِ، وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ تَقُولَ عَائِشَةُ هَذَا الْقَوْلَ عَنْ أَنَسٍ وَهِيَ تَعْلَمُ أَنَّ أَنَسًا أَسَنُّ مِنْهَا بِعَامَيْنِ؟ وَكَيْفَ يَقُولُهُ ابْنُ عُمَرَ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى أَنَسٍ إِلَّا عَامًا وَاحِدًا فَقَطْ؟ فَلَوْ عَابَا مَا ذَكَرَهُ وَحَفِظَهُ بِصِغَرِ السِّنِّ لَكَانَا بِذَلِكَ عَائِبَيْنِ أَنْفُسَهُمَا وَمُعَلِّلَيْنِ لِذِكْرِهِمَا وَحِفْظِهِمَا؛ لِأَنَّ السِّنَّ كَمَا تَرَى مُتَقَارِبَةٌ، نُعِيذُ بِاللَّهِ تَعَالَى عَائِشَةَ وَابْنَ عُمَرَ مِنْ أَنْ يَقُولَا هَذَا الْمُحَالَ، وَقَدْ أَعَاذَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ، وَهَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ مَنْصُوصٌ فِي الْآثَارِ الصَّحِيحَةِ
506 -
حَدَّثَنَا حُمَامٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَصِيلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا الْفَرَبْرِيُّ، حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَهَا وَهِيَ
⦗ص: 435⦘
بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ، وَأُدْخِلَتْ عَلَيْهِ وَهِيَ ابْنَةُ تِسْعٍ، وَمَكَثَتْ عِنْدَهُ تِسْعًا»
507 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَا: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: تَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ بِنْتُ سِتٍّ، وَبَنَى بِهَا وَهِيَ بِنْتُ تِسْعٍ، وَمَاتَ عَنْهَا وَهِيَ بِنْتُ ثَمَانِ عَشْرَةَ
508 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَمَذَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْبَلْخِيُّ، حَدَّثَنَا الْفَرَبْرِيُّ، حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ هُوَ ابْنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَرَضَهُ يَوْمَ أُحُدٍ، وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ فَلَمْ يُجِزْهُ، وَعَرَضَهُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَهُوَ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَأَجَازَهُ "، فَهَذَا سِنُّ عَائِشَةَ مَنْصُوصٌ لَا تَكَلُّفَ فِيهِ، وَهَذَا سِنُّ ابْنِ عُمَرَ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى بِالْمَدِينَةِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَقِيلَ: سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَقِيلَ: ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا، ثُمَّ حُوِّلَتِ الْقِبْلَةُ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، وَأَنَّ وَقْعَةَ بَدْرٍ كَانَتْ يَوْمَ عَشَرَةٍ مِنْ رَمَضَانَ مِنَ الْعَامِ الثَّانِي مِنَ
⦗ص: 436⦘
الْهِجْرَةِ، وَأَنَّ أُحُدًا كَانَتْ بَعْدَ بَدْرٍ بِعَامٍ، وَهَذَا مَذْكُورٌ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي فِيهِ: أَنَّ الْمُسْلِمِينَ قُتِلَ مِنْهُمْ فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ يَوْمَ أُحُدٍ بِعَدَدِ الْأَسْرَى مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ وَالْخَنْدَقِ بَعْدَ أُحُدٍ بِعَامٍ، كَمَا ذَكَرَ ابْنُ عُمَرَ آنِفًا، فَالْخَنْدَقُ بِلَا شَكٍّ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَعْوَامٍ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَكَانَتْ مُدَّتُهُ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ كَامِلَةً وَلَا مَزِيدَ، فَالْبَاقِي مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ عَامِ الْخَنْدَقِ سِتُّ سِنِينَ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ كَمَا ذَكَرَ ابْنَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَإِذَا أَضَفْتَ إِلَى ذَلِكَ سِتَّةَ أَعْوَامٍ الْبَاقِيَةَ مِنَ الْهِجْرَةِ كَمُلَ مِنْ ذَلِكَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَةً وَلَا مَزِيدَ، وَكَانَتْ سِنُّ ابْنِ عُمَرَ إِذْ مَاتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَمَا تَرَى إِحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَأَمَّا سِنُّ أَنَسٍ فَمَنْصُوصٌ أَيْضًا
509 -
كَمَا حَدَّثَنَا حُمَامٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَصِيلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا الْفَرَبْرِيُّ، حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّهُ كَانَ ابْنَ عَشْرِ سِنِينَ، فَقَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ، فَكُنَّ أُمَّهَاتِي يُوَاظِبْنَنِي عَلَى خِدْمَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَخَدَمْتُهُ عَشْرَ سِنِينَ، وَتُوُفِّيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً فَكَيْفَ يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَنْسُبَ إِلَى ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ يَعِيبُ أَيْضًا بِصِغَرِ السِّنِّ؟ وَلَيْسَ بَيْنَ ابْنِ عُمَرَ وَبَيْنَ أَنَسٍ إِلَّا عَامٌ وَاحِدٌ، أَمْ كَيْفَ يَحِلُّ أَنْ يُنْسَبَ ذَلِكَ إِلَى عَائِشَةَ، وَأَنَسٌ أَسَنُّ مِنْهَا بِعَامَيْنِ؟ أَمْ كَيْفَ يَسَعُ ذَا عِلْمٍ أَنْ يَنْسُبَ إِلَى ابْنِ عُمَرَ، وَعَائِشَةَ أَنَّ أَحَدَهُمَا قَالَ: إِنَّ أَنَسًا كَانَ يَدْخُلُ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ عَلَى الْمُخَدَّرَاتِ؟ وَأَنَسٌ أَوَّلُ مَنْ حَجَبَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ ذَلِكَ بِأَزْيَدَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَعْوَامٍ
510 -
كَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَمَذَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْبَلْخِيُّ، حَدَّثَنَا الْفَرَبْرِيُّ، حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّهُ كَانَ ابْنَ عَشْرِ سِنِينَ، فَقَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ، فَخَدَمْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَشْرًا حَيَاتَهُ، وَكُنْتُ أَعْلَمَ النَّاسِ بِشَأْنِ الْحِجَابِ حِينَ أُنْزِلَ، وَقَدْ كَانَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ يَسْأَلُنِي عَنْهُ، وَكَانَ أَوَّلُ مَا أُنْزِلَ فِي مُبْتَنَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ: أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِهَا عَرُوسًا، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي إِطْعَامِ الْقَوْمِ يَوْمَ عُرْسِهَا، وَفِي آخِرِ الْحَدِيثِ: قَالَ أَنَسٌ: فَأُنْزِلَ آيَةُ الْحِجَابِ، فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنِي وَبَيْنَهُ سِتْرًا
511 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ النَّضْرِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، كُلُّ مِنْهُمَا عَنِ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مِجْلَزٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: لَمَّا تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: أَنَّ الْقَوْمَ الَّذِينَ قَعَدُوا بَعْدَ أَكْلِهِمْ قَامُوا، قَالَ أَنَسٌ: فَجِئْتُ فَأَخْبَرْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُمْ قَدِ انْطَلِقُوا، قَالَ: فَجَاءَ حَتَّى دَخَلَ فَذَهَبْتُ أَدْخُلُ فَأُلْقِيَ الْحِجَابُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، قَالَ: وَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ} [الأحزاب: 53] الْآيَةَ، وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ تَجْوِيزِ ابْنِ عُمَرَ بَعْدَ أَنْ لَمْ يُجَوَّزْ وَبَيْنَ حِجَابِ أَنَسٍ الْمَذْكُورِ إِلَّا شَهْرٌ وَاحِدٌ وَسِتَّةُ أَيَّامٍ فِيمَا ذَكَرَ أَصْحَابُ الْمَغَازِي، وَكَانَ نِكَاحُهُ زَيْنَبَ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ عَامِ
⦗ص: 438⦘
خَيْبَرَ، وَقَبْلَ غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ
512 -
كَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْبَلْخِيُّ، حَدَّثَنَا الْفَرَبْرِيُّ، حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: أَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ خَيْبَرَ وَالْمَدِينَةِ ثَلَاثًا يَبْنِي عَلَيْهِ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ أَوْ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ، فَقَالُوا: إِنْ حَجَبَهَا فَهِيَ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِنْ لَمْ يَحْجُبْهَا فَهِيَ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ، فَلَمَّا ارْتَحَلَ وَطَّى لَهَا خَلْفَهُ وَمَدَّ الْحِجَابَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّاسِ. فَهَذَا نُزُولُ الْحِجَابِ كَانَ أَوَّلُهُ يَوْمَ نِكَاحِهِ عليه السلام زَيْنَبَ، وَقَدْ كَانَ الْحِجَابُ كَمَا تَرَى قَبْلَ خَيْبَرَ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ بِلَا شَكٍّ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَهَكَذَا ذَكَرَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها فِي حَدِيثِ الْإِفْكِ، فَقَالَتْ عَنْ صَفْوَانَ: وَكَانَ يَرَانِي قَبْلَ الْحِجَابِ، فَسَقَطَ التَّعَلُّلُ كُلُّهُ الَّذِي شُغِبَ بِهِ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ بِلَا شَكٍّ أَصْلًا، وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. ثُمَّ نَرْجِعُ إِلَى تَأْلِيفِ الْأَخْبَارِ الَّتِي أَوْرَدْنَا فِي الْإِفْرَادِ وَالتَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ، وَإِلَى بَيَانِ أَنَّهَا لَا تَعَارُضَ فِيهَا، وَأَنَّهَا كُلَّهَا مُتَّفِقَةٌ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهَا أَصْلًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ كَثِيرًا، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
⦗ص: 439⦘
. فَنَقُولُ وَبِاللَّهِ تَعَالَى نَسْتَعِينُ: إِنَّ الرِّوَايَاتِ قَدْ جَاءَتْ كَمَا أَوْرَدْنَا، وَلَا عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الرِّوَايَةِ فِي أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ إِلَّا حَجَّةً وَاحِدَةً فَقَطْ فَعَلِمْنَا ضَرُورَةً أَنَّ إِحْدَى الرِّوَايَاتِ الثَّلَاثِ فِيهَا الصَّوَابُ بِلَا شَكٍّ، وَسَائِرَهَا إِمَّا وَهْمٌ، وَإِمَّا فِيهَا حَذْفٌ بِإِثْبَاتِهِ تَتَّفِقُ الرِّوَايَاتُ كُلُّهَا. فَلَزِمَنَا أَنْ نَطْلُبَ الْحَقَّ فِي ذَلِكَ لِنَعْتَقِدَهُ إِذْ لَا يَخْلُو كُلُّ شَيْءٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ مِنَ الدِّيَانَةِ الَّتِي أَمَرَنَا بِهَا اللَّهُ تَعَالَى بِطَلَبِ الْحَقِّ فِيهَا وَإِصَابَتِهِ مِنْ دَلِيلٍ بَيِّنٍ وَاضِحٍ يَرْفَعُ الْإِشْكَالَ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَدْ بَيَّنَ عَلَيْنَا كُلَّ مَا أَلْزَمَنَا مَعْرِفَتَهُ، وَكُلَّ مَا أَوْجَبَ عَلَيْنَا الْعَمَلَ بِهِ عِنْدَ كُلِّ أَحَدٍ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ فِي الْعِلْمِ أَحَدَ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ لَا خَامِسَ لَهَا عَلَيْهَا اخْتَلَفَ الْمُتَكَلِّمُونَ فِي الْفِقْهِ وَهِيَ: إِمَّا أَنْ يُنْزَلَ مَا اخْتُلِفَ فِيهِ، وَيُعْتَمَدَ عَلَى مَا لَمْ يُخْتَلَفْ فِيهِ. وَإِمَّا أَنْ يَأْخُذَ بِزِيَادَةِ مَنْ زَادَ مِنْهُمْ فِي رِوَايَتِهِ بَيَانًا لَمْ يَأْتِ بِهِ الْآخَرُونَ وَكُلُّهُمْ عُدُولٌ، وَزِيَادَةُ الْعَدْلِ مَقْبُولَةٌ؛ لِأَنَّهَا نَذَارَةٌ وَشَهَادَةٌ، فُرِضَ عَلَيْنَا الْأَخْذُ بِهَا، وَعِلْمٌ عِنْدَ الَّذِي زَادَهُ ذَكَرَهُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الَّذِي لَمْ يَذْكُرْهُ. وَإِمَّا أَنْ نَطْلُبَ أَقْوَى الرِّوَايَاتِ بِبُرْهَانٍ وَاضِحٍ عَلَى أَنَّهُ أَقْوَاهَا بَيَانًا لَا بِدَعْوَى عَارِيَةٍ مِنَ الْبُرْهَانِ، إِذْ كُلُّ الرُّوَاةِ الَّذِينَ ذَكَرْنَا عُدُولٌ، فَلَيْسَ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِقَبُولِ رِوَايَتِهِ مِنْ سَائِرِهِمْ إِلَّا بِبُرْهَانٍ وَاضِحٍ. وَإِمَّا أَنْ نَفْعَلَ مَا أَمَرَنَا اللَّهُ عز وجل إِذْ يَقُولُ {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59] قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: وَهَذَا الْوَجْهُ الَّذِي ذَكَرْنَا آخِرًا هُوَ الَّذِي لَا يَجُوزُ
⦗ص: 440⦘
غَيْرُهُ، وَلَا يَحِلُّ أَنْ يُعْتَمَدَ سِوَاهُ؛ لِأَنَّ أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَسَعُ أَحَدًا خِلَافُهُ. فَلَمَّا فَعَلْنَا ذَلِكَ صَحَّ لَنَا بِلَا مِرْيَةٍ وَلَا شَكٍّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ قَارِنًا، لَا تَحْتَمِلُ الْأَحَادِيثُ غَيْرَ ذَلِكَ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، وَلَا يَسَعُ خِلَافُهُ أَصْلًا؛ لِأَنَّ جَمِيعَ هَذِهِ الْوُجُوهِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي إِلَيْهَا فَزَعَ النَّاسُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ الْوَارِدَةِ عَلَيْهِمْ، وَهِيَ الَّتِي ذَكَرْنَا آنِفًا كُلُّهَا تُثْبِتُ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ قَارِنًا، وَتُبْطِلُ مَا عَدَاهُ. فَأَوَّلُ مَا نَبْدَأُ بِهِ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ، فَهُوَ الْوَجْهُ الَّذِي ذَكَرْنَا أَخِيرًا، وَهُوَ الَّذِي أَمَرَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِهِ، وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ تَعَدِّيهِ، وَهُوَ رَدُّ مَا تَنَازَعْنَا فِيهِ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، فَنَقُولُ وَبِهِ عز وجل نَعْتَصِمُ: لَمَّا اخْتَلَفَ الرُّوَاةَ عَنِ الصَّحَابَةِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَفْرَدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْحَجَّ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَمَتَّعَ عليه الصلاة والسلام، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَرَنَ عليه الصلاة والسلام بَيْنَ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ، كَانَ هَذَا تَنَازُعًا يَجِبُ رَدُّهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم بِنَصِّ الْقُرْآنِ، فَلَمَّا فَعَلْنَا ذَلِكَ وَجَدْنَاهُ صلى الله عليه وسلم قَدْ حَكَمَ بَيْنَهُمْ وَنَصَّ بِكَلَامِهِ الَّذِي لَيْسَ مَوْقُوفًا عَلَى غَيْرِهِ أَنَّهُ كَانَ قَارِنًا كَمَا ذَكَرَ عَنْهُ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، إِذْ قَالَ عليه الصلاة والسلام:«لَكِنِّي سُقْتُ الْهَدْيَ وَقَرَنْتُ» ، وَكَمَا ذَكَرَ أَنَسٌ أَنَّهُ سَمِعَهُ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا، لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا» ، وَكَمَا ذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ عليه الصلاة والسلام يُلَبِّي بِهِمَا مَعًا، وَكَمَا ذَكَرَتْ حَفْصَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَرَّرَتْهُ عليه الصلاة والسلام عَلَى أَنَّهُ مُعْتَمِرٌ بِعُمْرَةٍ، لَمْ
⦗ص: 441⦘
يَحِلَّ مِنْهَا، فَلَمْ يُنْكِرْ عليه الصلاة والسلام ذَلِكَ عَلَيْهَا، بَلْ صَدَّقَهَا وَأَجَابَهَا: أَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ حَاجٌّ، وَهُوَ عليه الصلاة والسلام لَا يُصِرُّ عَلَى بَاطِلٍ يَسْمَعْهُ أَصْلًا، بَلْ يُنْكِرُهُ لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ، فَصَحَّ بِمَا ذَكَرْنَا قِرَانُهُ يَقِينًا، وَلَيْسَ فِي كُلِّ مَا رُوِيَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مَنْ ظَنَّ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام يَقُولُ:«لَبَّيْكَ بِحَجٍّ مُفْرَدٍ» وَلَا أَحَدَ قَالَ، إِنَّهُ عليه الصلاة والسلام أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ فَقَالَ: أَفْرَدْتُ الْحَجَّ، وَلَا رُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْهُ عليه الصلاة والسلام، أَنَّهُ قَالَ: لَبَّيْكَ بِعُمْرَةٍ مُفْرَدَةٍ، وَلَا أَنَّهُ قَالَ: إِنِّي تَمَتَّعْتُ، وَهُوَ بِلَا شَكٍّ أَعْلَمُ بِنَفْسِهِ، فَلَمَّا ذَكَرَ عليه الصلاة والسلام أَنَّهُ قَرَنَ، وَسُمِعَ يُلَبِّيَ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، صَحَّ أَنَّهُ قَارِنٌ يَقِينًا، فَهَؤُلَاءِ أَرْبَعَةُ عُدُولٍ مِنْ أَئِمَّةِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم، يَشْهَدُونَ أَنَّهُمْ سَمِعُوهُ عليه الصلاة والسلام يُخْبِرُ عَنْ نَفْسِهِ بِأَنَّهُ قَارِنٌ، وَكَانَ هَذَا أَوْلَى عِنْدَ كُلِّ ذِي فَهْمٍ مِنْ ذِكَايَةِ صَاحِبٍ لَمْ يَنْسُبْهَا، إِلَى أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ فِيهِ عليه الصلاة والسلام، وَقَدْ يُخْبِرُ الْمَرْءُ مِنْ ظَنِّهِ الَّذِي يَقَعُ لَهُ فِي الْأَغْلَبِ عِنْدَهُ أَنَّهُ الْحَقُّ، كَمَا يُسَلِّمُ مِنْ ثَلَاثٍ، وَهُوَ لَا يَشُكُّ عِنْدَ نَفْسِهِ أَنَّهَا أَرْبَعٌ، وَهَذَا أَمْرٌ لَمْ يُعْصَمْ مِنْهُ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِ آدَمَ، وَلَا سَبِيلَ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ: سَمِعْتُ أَمْرًا كَذَا، وَشَبَّثَ، وَهُوَ لَمْ يَسْمَعْهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ كَاذِبًا، وَقَدْ نَزَّهَ اللَّهُ تَعَالَى حَفْصَةَ وَعَلِيًّا وَالْبَرَاءَ وَأَنَسًا عَنْ أَنْ يَقُولُوا: سَمِعْنَا، فِيمَا لَمْ يَسْمَعُوهُ، فَإِنْ قِيلَ: إِنَّ ابْنَ عُمَرَ ذَكَرَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ» ، قِيلَ لَهُ: نَعَمْ، قَدْ رُوِّينَا ذَلِكَ، وَذَكَرْنَاهُ، وَهَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ رضي الله عنه إِنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ فِي ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَلَعَلَّهُ سَمِعَهُ عليه الصلاة والسلام يَقُولُ ذَلِكَ: إِذْ أَتَمَّ عُمْرَتَهُ، وَنَهَضَ إِلَى مِنًى، وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ سَمِعَ ذِكْرَ الْحَجِّ وَلَمْ يَسْمَعْ ذِكْرَ الْعُمْرَةِ، وَمَنْ زَادَ ذِكْرَ
⦗ص: 442⦘
الْعُمْرَةِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ زَادَ عِلْمًا، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنَّ الْحَدِيثَ الَّذِي أَوْرَدْنَا مِنْ طَرِيقِ مُعَاوِيَةَ، إِذْ قَالَ: قَصَّرْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمَرْوَةِ بِمِشْقَصِ أَعْرَابِيٍّ، هُوَ حَدِيثٌ مُشْكِلٌ، وَهُوَ حَدِيثٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ مُتَمَتِّعًا؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ، وَالَّذِي نَقَلَتْهُ الْكَوَافُّ، أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُقَصِّرْ مِنْ شَعْرِهِ شَيْئًا، وَلَا أَحَلَّ مِنْ شَيْءٍ مِنْ إِحْرَامِهِ، إِلَّا حَتَّى حَلَقَ بِمِنًى يَوْمَ النَّحْرِ، وَأَعْطَى شَعْرَهُ أَبَا طَلْحَةَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، فِيمَا خَلَا مِنْ كِتَابِنَا هَذَا، وَلَعَلَّ مُعَاوِيَةَ عَنَى بِقَوْلِهِ:«بِحَجَّتِهِ» عُمْرَتَهُ عليه الصلاة والسلام مِنَ الْجِعْرَانَةِ؛ لِأَنَّ مُعَاوِيَةَ قَدْ كَانَ أَسْلَمَ بَعْدَ حِينَئِذٍ، وَهَذَا الظَّنُّ لَا يُسَوَّغُ فِي رِوَايَةِ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَطَاءٍ، الَّتِي قَدْ ذَكَرْنَا لِأَنَّ فِيهِ بَيَانًا، أَنَّهُ كَانَ فِي ذِي الْحِجَّةِ، أَوْ لَعَلَّهُ قَصَّرَ عَنْهُ عليه الصلاة والسلام بَقِيَّةَ شَعْرٍ، لَمْ يَكُنِ اسْتَوْفَاهُ الْحَلَّاقُ بَعْدُ، فَقَصَّرَهُ مُعَاوِيَةُ عَلَى الْمَرْوَةِ يَوْمَ النَّحْرِ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ أَخْطَأَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، فَجَعَلَهُ عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، وَإِنَّمَا الْمَحْفُوظُ فِيهِ، أَنَّهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ حُجَيْرٍ عَنْ طَاوُسٍ وَهِشَامٌ ضَعِيفٌ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ " إِلَّا أَنَّ الْإِسْنَادَ فِي ذَلِكَ إِلَى مُعَاوِيَةَ جَيِّدٌ صَحِيحٌ، لَا مَطْعَنَ فِيهِ، إِلَّا أَنَّ
⦗ص: 443⦘
الَّذِيَ لَا شَكَّ فِيهِ، أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام لَمْ يَأْخُذْ مِنْ شَعْرِهِ شَيْئًا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَلَا أَحَلَّ مِنْ إِحْرَامِهِ إِلَّا يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى إِذْ تَطَيَّبَ وَحَلَقَ، ثُمَّ أَفَاضَ إِلَى الْبَيْتِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ بِالْإِفْرَادِ لِلْحَجِّ فَلَا مُتَعَلَّقَ لَهُمْ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَلَا فِي غَيْرِهِ، وَقَدْ تَأَوَّلَ بَعْضُ النَّاسِ فِي حَدِيثِ حَفْصَةَ رضي الله عنها تَأْوِيلًا بَيْنَ الْحَوَالَةِ، وَهُوَ أَنْ قَالَ: إِنَّ مَعْنَى قَوْلِهَا رضي الله عنها لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: وَلَمْ تَحِلَّ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكِ، إِنَّمَا مَعْنَاهُ مِنَ الْعُمْرَةِ الَّتِي أَمَرْتَ النَّاسَ بِهَا قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: وَهَذَا تَأْوِيلٌ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَحِلَّ أَحَدٌ مِنْ إِحْرَامِ غَيْرِهِ، وَلَا مِنْ عُمْرَةٍ اعْتَمَرَهَا سِوَاهُ، وَهَذَا مِنَ الْمُحَالِ الْمُمْتَنَعِ، وَسُؤَالٌ لَا يُعْقَلُ مِنْ لَفْظِ حَفْصَةَ رضي الله عنها، وَلَوْلَا أَنَّهُ عَلَيْهِ وَالسَّلَامُ كَانَ مُهِلًّا بِعُمْرَةٍ لَمْ يُهِلَّ مِنْهَا لَمَا أَقَرَّ حَفْصَةَ عَلَى ذَلِكَ السُّؤَالِ، وَقَالَ أَيْضًا قَائِلٌ: إِنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ لَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ اللَّفْظَةَ فِي حَدِيثِهِ، قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: وَهَذَا خَطَأٌ بَلْ قَدْ ذَكَرَهَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ كَمَا ذَكَرَهَا مَالِكٌ، وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، الَّذِي فِيهِ ذِكْرُ لَفْظِ الْعُمْرَةِ فِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَحَادِيثِ الْقِرَانِ فِي هَذَا الْبَابِ، وَنَقُولُ: حَتَّى وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْهَا عُبَيْدُ اللَّهِ، لَمَا كَانَ لِأَحَدٍ فِي ذَلِكَ مُتَعَلَّقٌ؛ لِأَنَّ مَالِكًا لَيْسَ دُونَ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَهُوَ الْغَايَةُ فِي الْعَدَالَةِ فِي رِوَايَتِهِ، فَزِيَادَتُهُ مَقْبُولَةٌ، فَسَقَطَ الِاعْتِرَاضُ عَلَى حَدِيثِ حَفْصَةَ جُمْلَةً، فَإِنْ تَعَلَّقَ مُتَعَلِّقٌ بِحَدِيثَيْنِ قَدْ ذَكَرْنَاهُمَا قَبْلُ، وَلَا عَلَيْنَا أَنْ نُعِيدَهُمَا لِنَسْتَوْفِيَ مُتَعَلَّقِ الْخَصْمِ، وَلَا نَدَعُ لَهُ مَقَالًا، ثُمَّ نُبَيِّنُ بِحَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى بُطْلَانَ شَغَبِهِ فِي ذَلِكَ، وَهُمَا
513 -
مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَوُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، كِلَاهُمَا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُوَافِينَ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ، فَلَمَّا كَانَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، قَالَ:«مَنْ شَاءَ أَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ فَلْيُهِلَّ، وَمَنْ شَاءَ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهِلَّ» ، ثُمَّ انْفَرَدَ حَمَّادٌ فِي حَدِيثِهِ بِأَنَّهُ قَالَ عليه السلام:«وَأَمَّا أَنَا فَأُهِلُّ بِالْحَجِّ، فَإِنَّ مَعِيَ الْهَدْيَ» ، وَانْفَرَدَ وُهَيْبٌ فِي حَدِيثِهِ بِأَنْ قَالَ عَنْهُ عليه السلام:«فَإِنِّي لَوْلَا أَنِّي أَهْدَيْتُ لَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ» ، وَقَالَ الْآخَرُ:«لَوْلَا أَنِّي أَهْدَيْتُ لَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ» ، فَصَحَّ أَنَّهُ أَهَلَّ بِحَجٍّ، وَلَمْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ، وَهَذَا هُوَ الْإِفْرَادُ لِلْحَجِّ بِلَا شَكٍّ، وَهَذَا مِنْ بَعْضِ قَوْلِهِ عليه السلام قِيلَ لَهُ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ: لَيْسَ كَمَا ظَنَنْتَ؛ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ عليه السلام: «لَوْلَا أَنِّي أَهْدَيْتُ لَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ» ، إِنَّمَا أَرَادَ: بِعُمْرَةٍ مُفْرَدَةٍ لَا حَجَّ مَعَهَا، هَذَا مَا لَا شَكَّ فِيهِ، لِمَا قَدْ بَيَّنَّا فِيمَا خَلَا مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ، وَمَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ مَنْ مَعَهُ هَدْيٌ بِأَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ مَعًا، فَصَحَّ أَنَّ الْهَدْيَ لَمْ يَمْنَعْ حِينَئِذٍ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَإِنَّمَا مَنَعَ مِنَ
⦗ص: 445⦘
الْإِهْلَالِ بِعُمْرَةٍ مُفْرَدَةٍ، أَوْ بِحَجٍّ مُفْرَدٍ، هَذَا اتَّفَقَتْ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا، وَأَمَّا قَوْلُ حَمَّادٍ فِي حَدِيثِهِ:«فَإِنِّي أُهِلُّ بِالْحَجِّ» ، فَلَمْ يَقُلْ عليه السلام بِحَجٍّ مُفْرَدٍ، وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مَنْ قَالَ: إِنَّهُ عليه السلام أَهَلَّ بِحَجٍّ وَبِعُمْرَةٍ مَعَ الْحَجِّ، بَلْ أَحَادِيثُ هَؤُلَاءِ زَائِدَةٌ عَلَى أَحَادِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ زِيَادَةً لَا يَحِلُّ تَرْكُهَا إِلَى شَيْءٍ لَا بَيَانَ فِيهِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لَهَا، بَلْ مُوَافِقٌ لَهَا، فَصَارَ هَذَانِ الْحَدِيثَانِ حُجَّةً عَلَى مَنِ ادَّعَى الْإِفْرَادَ فِي الْحَجِّ، وَصَحَّ أَنَّهُ عليه السلام لَمْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ مُفْرَدَةٍ قَطُّ، لَكِنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ، وَذَكَرَهُ بَعْضُ الرُّوَاةِ، وَزَادَ آخَرُونَ ثِقَاتٌ عَلَيْهِمْ فَضْلَ عِلْمٍ كَانَ عِنْدَهُمْ، وَهُوَ أَنَّهُ كَانَ مَعَ ذَلِكَ الْحَجِّ عُمْرَةٌ مَقْرُونَةٌ مَعَهُ، وَهَذَا مَا لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَصِيرُ مُتَحَكِّمًا بِلَا دَلِيلٍ، وَاتَّفَقَتِ الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا وَانْتَفَى عَنْهَا التَّعَارُضُ، وَصَدَّقَ بَعْضُهَا بَعْضًا، لَا كَمَا يُرِيدُ خَصْمُنَا مِنْ أَنْ يُكَذِّبَ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ، وَهَذَا مَا لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ، وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. فَهَذَا وَجْهُ الرَّدِّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ لَاحَ أَنَّهُ عليه السلام كَانَ قَارِنًا، وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَهَذَا الْوَجْهُ الَّذِي ذَكَرْنَا مِنَ الرَّدِّ ثُمَّ التَّنَازُعِ إِلَى الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ هُوَ الْحُكْمُ الَّذِي لَا يَجُوزُ تَعَدِّيهِ، وَلَكِنْ لِثِقَتِنَا بِوُضُوحِ الْحَقِّ؛ نُرِي الْخَصْمَ أَنَّهُ لَوِ اسْتَعْمَلَ سَائِرَ الْوُجُوهِ الَّتِي قَدَّمْنَا لَشَهِدَتْ كُلُّهَا بِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ قَارِنًا، وَذَلِكَ أَنَّنَا نَقُولُ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ: أَمَّا مَنْ ذَهَبَ إِلَى إِسْقَاطِ الْمُتَعَارَضِ مِنَ الرِّوَايَاتِ وَالْأَخْذِ بِمَا لَمْ يَتَعَارَضْ مِنْهَا، فَوَجْهُ عِلْمِهِ فِي هَذَا أَنْ نَقُولَ: إِنَّ كُلَّ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ الْإِفْرَادُ قَدِ اضْطَرَبَتْ عَنْهُ الرِّوَايَةُ، وَرُوِيَ عَنْ جَمِيعِهِمُ الْقِرَانُ، وَهُمْ
⦗ص: 446⦘
عَائِشَةُ وَجَابِرٌ، وَابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَقَدْ ذَكَرْنَا الرِّوَايَاتِ عَنْهُمْ بِذَلِكَ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ، وَوَجَدْنَا أَيْضًا عِمْرَانَ بْنَ الْحُصَيْنِ، وَعَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَدْ رُوِيَ عَنْهُمُ التَّمَتُّعُ، وَرُوِيَ عَنْهُمُ الْقِرَانُ، وَوَجَدْنَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ حَفْصَةَ وَالْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ وَأَنَسَ بْنَ مَالِكٍ لَمْ تَضْطَرِبِ الرِّوَايَةُ عَنْهُمْ، وَلَا اخْتَلَفَتْ عَنْهُمْ فِي أَنَّهُ عليه السلام كَانَ قَارِنًا، فَنُنَزِّلُ رِوَايَةَ كُلَّ مَنِ اضْطُرِبَ عَنْهُ، وَنَرْجِعُ إِلَى رِوَايَةِ مَنْ لَمْ يُضْطَرَبْ عَنْهُ، وَلَيْسَتْ إِلَّا رِوَايَةَ مَنْ رَوَى الْقِرَانَ خَاصَّةً، كَحْفَصَةَ وَالْبَرَاءِ وَأَنَسٍ. هَذَا وَجْهُ الْعَمَلِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى إِسْقَاطَ مَا تَعَارَضَ مِنَ الرِّوَايَاتِ وَالْأَخْذَ بِمَا لَمْ يَتَعَارَضْ مِنْهَا، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّ عُثْمَانَ، وَسَعْدًا لَمْ يُرْوَ عَنْهُمَا شَيْءٌ، غَيْرَ أَنَّهُ عليه السلام كَانَ مُتَمَتِّعًا، قِيلَ لَهُ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ: إِنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ وَعَلِيًّا، وَعِمْرَانَ وَابْنَ عُمَرَ قَدْ ذَكَرُوا أَنَّهُ عليه السلام كَانَ مُتَمَتِّعًا، ثُمَّ لَمَّا فَسَّرُوا ذَلِكَ التَّمَتُّعَ، ذَكَرُوا أَنَّهُ كَانَ جَمْعًا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَهَذَا هُوَ الْقِرَانُ، فَوَجَدْنَاهُمْ قَدْ سَمَّوُا الْقِرَانَ تَمَتُّعًا، وَقَدْ ذَكَرْنَا عَنْهُمْ فِي الْأَحَادِيثِ الَّتِي أَوْرَدْنَا آنِفًا فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ، فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ عُثْمَانُ، وَسَعْدٌ عَنِيَا أَيْضًا بِالتَّمَتُّعِ الْقِرَانَ، كَمَا فَعَلَتْ عَائِشَةُ وَعَلِيٌّ، وَابْنُ عُمَرَ، وَعِمْرَانُ، فَكَمَا احْتُمِلَ ذَلِكَ، وَكَانَتْ رِوَايَةُ حَفْصَةَ وَالْبَرَاءِ وَأَنَسٍ فِي الْقِرَانِ لَا تَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا أَصْلًا، وَالَّتِي هِيَ الْغَايَةُ فِي الْبَيَانِ، وَهَكَذَا الْقَوْلُ أَيْضًا فِي
⦗ص: 447⦘
حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ وُجُوهًا قَدْ ذَكَرْنَاهَا، وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي مُوسَى فَقَدْ بَيَّنَّا وَجْهَهُ فِي فَصْلٍ مُفْرَدٍ لَهُ، وَكَحَدِيثِ عَلِيٍّ إِذْ أَمَرَ عليه السلام عَلِيًّا بِالْبَقَاءِ عَلَى إِحْرَامِهِ، وَأَمَرَ أَبَا مُوسَى بِفَسْخِ إِحْرَامِهِ بِعُمْرَةٍ، وَكِلَاهُمَا أَهَلَّ بِمَا أَهَلَّ بِهِ عليه السلام، وَذَكَرْنَا أَنَّ ذَلِكَ مَنْصُوصٌ فِي الْحَدِيثِ نَفْسِهِ، وَأَنَّ عَلِيًّا كَانَ سَاقَ الْهَدْيَ، وَأَنَّ أَبَا مُوسَى، وَعُثْمَانُ، وَسَعْدًا لَا مُتَعَلَّقَ فِيهَا لِمَنْ ذَهَبَ إِلَى الْإِفْرَادِ أَصْلًا، وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ عليه السلام كَانَ مُتَمَتِّعًا، وَقَدْ سَقَطَ تَعَلُّلُ أَصْحَابِ الْإِفْرَادِ جُمْلَةً، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَأَمَّا مِنْ ذَهَبَ إِلَى الْأَخْذِ بِالزَّائِدِ وَهُوَ وَجْهٌ يَجِبُ اسْتِعْمَالُهُ إِذَا كَانَتِ الْأَلْفَاظُ كُلُّهَا أَوِ الْأَفْعَالُ كُلُّهَا مَنْسُوبَةً إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ تَكُنْ مَوْقُوفَةً عَلَى غَيْرِهِ مِنْ دُونِهِ وَلَا تَنَازُعًا مِمَّنْ سِوَاهُ عليه السلام، فَوَجْهُ الْعَمَلِ فِي هَذَا أَنْ نَقُولَ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ: إِنَّا وَجَدْنَا مَنْ رَوَى الْإِفْرَادَ، إِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ الْإِهْلَالِ بِالْحَجِّ وَحْدَهُ دُونَ عُمْرَةٍ مَعَهُ، وَوَجَدْنَا مَنْ رَوَى التَّمَتُّعَ إِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ الْإِهْلَالِ بِعُمْرَةٍ وَحْدَهَا دُونَ حَجٍّ مَعَهَا، وَوَجَدْنَا مَنْ رَوَى الْقِرَانَ قَدْ جَمَعَ الْأَمْرَيْنِ مَعًا، فَزَادَ عَلَى ذِكْرِ الْحَجِّ وَحْدَهُ عُمْرَةً وَزَادَ عَلَى مَنْ ذَكَرَ الْعُمْرَةَ وَحْدَهَا حَجًّا، وَكَانَتْ هَذِهِ زِيَادَةَ عِلْمٍ لَمْ يَذْكُرْهَا الْآخَرُونَ، وَزِيَادَةَ حِفْظٍ وَنَقْلٍ عَلَى كِلْتَا الطَّائِفَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ، وَزِيَادَةُ الْعَدْلِ
⦗ص: 448⦘
مَقْبُولَةٌ وَوَاجِبٌ الْأَخْذُ بِهَا. فَوَجَبَ بِهَذَا أَيْضًا أَنْ يُصْدَرَ إِلَى رِوَايَةِ مَنْ رَوَى الْقِرَانَ دُونَ رِوَايَةِ مَنْ رَوَى غَيْرَ ذَلِكَ، وَأَيْضًا فَالَّذِينَ رَوَوُا الْقِرَانَ زَادُوا زِيَادَةً لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ تَرْكُهَا، وَهِيَ أَنَّهُمْ حَكَمُوا أَنَّهُمْ سَمِعُوا ذَلِكَ مِنْ لَفْظِهِ عليه السلام، وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ غَيْرُهُمْ، فَوَجَبَ أَلَّا يُلْتَفَتَ إِلَى لَفْظِ أَحَدٍ بَعْدَ لَفْظِهِ عليه السلام، وَأَمَّا تَأْلِيفُ الْأَحَادِيثِ عَلَى حَسَبِ مَا يُمْكِنُ، فَإِنَّا نَقُولُ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ: إِنَّهُ لَمْ يَرْوِ لَفْظَ الْإِفْرَادِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها إِلَّا عُرْوَةُ وَالْقَاسِمُ وَرَوَى عَنْهَا الْقِرَانَ عُرْوَةُ أَيْضًا وَمُجَاهِدٌ، فَعُرْوَةُ كَمَا تَرَى مُضْطَرَبٌ عَنْهُ، يَرْوِي أَبُو الْأَسْوَدِ عَنْهُ الْإِفْرَادَ، وَيَرْوِي الزُّهْرِيُّ عَنْهُ الْقِرَانَ، وَلَيْسَ مُجَاهِدٌ دُونَ قَاسِمٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ رَدِّ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ إِلَى الْأُخْرَى، فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَوَجَدْنَا رِوَايَةَ مَنْ رَوَى عَنْهُمَا الْقِرَانَ لَا تَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا أَصْلًا؛ لِأَنَّهَا حِكَايَةٌ طَوِيلَةٌ وَعَمَلٌ مَوْصُوفٌ لَا مَسَاغَ لِلتَّأْوِيلِ فِيهِ إِلَّا تَكْذِيبَ الرَّاوِي إِذْ لَيْسَ مِثْلُ ذَلِكَ الْوَصْفِ مِمَّا يُغَلَّطُ فِيهِ بِشَيْءٍ غَيْرِ تَعَمُّدِ الْكَذِبِ، وَلَيْسَ مَنْ كَذَّبَ عَقِيلًا بِأَوْلَى مِمَّنْ كَذَّبَ أَبَا الْأَسْوَدِ، وَلَا مَنْ كَذَّبَ مُجَاهِدًا بِأَسْهَلَ ذَنْبًا مِمَّنْ كَذَّبَ الْقَاسِمَ، وَكُلُّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ، بَلْ هُمْ كُلُّهُمُ الثِّقَاتُ الْمَشَاهِيرُ الْفُضَلَاءُ، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، فَلَا بُدَّ مِنَ التَّأْلِيفِ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ، وَتَصْدِيقِ كِلَيْهِمَا. فَإِذْ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ ذَلِكَ، وَكَانَتْ رِوَايَةُ مَنْ وَصَفَ عَمَلَ الْقِرَانِ لَا تَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا، وَكَانَتْ رِوَايَةُ مَنْ رَوَى الْإِفْرَادَ تَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهَا رضي الله عنها أَفْرَدَ الْحَجَّ، أَيْ لَمْ يَحُجَّ بَعْدَ فَرْضِ الْحَجِّ إِلَّا حَجَّةً فَرْدَةً لَمْ يُثَنِّهَا بِأُخْرَى
⦗ص: 449⦘
، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ رضي الله عنها سَمِعَتْهُ عليه السلام يُلَبِّي بِالْحَجِّ، فَرَوَتْهُ وَلَمْ تَسْمَعْ ذِكْرَ الْعُمْرَةِ، فَلَمْ تَرْوِ مَا لَمْ تَسْمَعْ، ثُمَّ صَحَّ عِنْدَهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ عليه السلام قَرَنَ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ كَمَا رَوَى عَنْهَا عُرْوَةُ، وَمُجَاهِدٌ، وَأَمَّا عَمْرَةُ، وَالْأَسْوَدُ فَلَمْ يَرْوِيَا عَنْهَا لَفْظَ الْإِفْرَادِ، وَإِنَّمَا رَوَيَا عَنْهَا: أَهَلَّ عليه السلام بِالْحَجِّ، وَلَيْسَ فِي رِوَايَتِهِمَا عَنْهَا أَنَّهُ عليه السلام أَهَلَّ بِالْحَجِّ؛ شَيْءٌ يَمْنَعُ مِنْ أَنْ يَكُونَ أَيْضًا، وَلَا فِيهِ أَيْضًا ذِكْرُ إِهْلَالٍ بِعُمْرَةٍ أَصْلًا، فَلَيْسَ فِي رِوَايَةِ عَمْرَةَ، وَالْأَسْوَدِ مَا يُوجِبُ الْإِفْرَادَ، وَلَا مَا يُخَالِفُ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى عَنْهَا الْقِرَانَ، وَإِنَّمَا فِيهِ الِاقْتِصَارُ عَلَى ذِكْرِ بَعْضِ مَا اسْتَوْعَبَهُ بَعْضُ مَنْ رَوَى عَنْهَا الْقِرَانَ، فَإِذَا أَضَفْتَ إِلَى رِوَايَةِ عَمْرَةَ، وَالْأَسْوَدِ عَنْهَا رِوَايَةَ مُجَاهِدٍ عَنْهَا، وَاجْتَمَعَ الْأَمْرَانِ صَحَّ الْقِرَانُ يَقِينًا، وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي مَا رُوِيَ عَنْ أَسْمَاءَ، مِمَّا ذَكَرْنَاهُ عَنْهَا فِي بَابِ فَسْخِ الْحَجِّ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا مِنْ قَوْلِهَا: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حُجَّاجًا، وَفِي بَعْضِ الْآثَارِ عَنْهَا: مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ، فَإِنَّمَا عَنَتْ أَصْحَابَهُ صلى الله عليه وسلم، لَا إِهْلَالَهُ، وَلَمْ تُضِفْ أَيْضًا أَنَّهُ قَرَنَ إِلَى الْحَجِّ عُمْرَةً، فَقَوْلُ مَنْ زَادَ أَوْلَى، وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي الرِّوَايَةِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ سَوَاءً سَوَاءً، بَلْ فِي الرِّوَايَةِ عَنْهُ بَيَانٌ
⦗ص: 450⦘
يَدُلُّ عَلَى رُجُوعِهِ عَنِ الْإِفْرَادِ
514 -
كَمَا أَخْبَرَنِي حُمَامُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا الْبَاجِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَشْوَرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْحُذَاقِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: " أَنَّهُ تَمَتَّعَ وَقَرَنَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فِي آخِرِ زَمَانِهِ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ يُفْرِدُ الْحَجَّ
قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ يَسَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ:«الْقِرَانُ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الْمُتْعَةِ» وَقَدْ يَتَشَكَّكُ الرَّاوِي فِي اللَّفْظَةِ وَيَعْتَنِي بِمَا سَمِعَ، وَأَمَّا أَنْ يَأْتِيَ بِحَدِيثٍ طَوِيلٍ كَحَدِيثِ عُقَيْلٍ يَصِفُ فِيهِ مَا وَصَفَ مِنْ ذَلِكَ الْحَدِيثِ مِنَ الْعَمَلِ الطَّوِيلِ، وَهُوَ لَمْ يَسْمَعْهُ، فَهَذَا وَصْفُ الْكَذِبِ لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ ذَلِكَ أَلْبَتَّةِ، وَلَيْسَ هَذَا مَكَانَ سَهْوٍ وَلَا غَلَطٍ، فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ اللَّيْثُ، أَوْ عُقَيْلٌ، أَوِ الزُّهْرِيُّ، أَوْ عُرْوَةُ، أَوْ سَالِمٌ سَهَوْا فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ، وَهَؤُلَاءِ عِنْدَ كُلِّ نَاقِلٍ بُعَدَاءُ مِنَ الْكَذِبِ الْمُتَعَمَّدِ، فَصَحَّ ذَلِكَ الْحَدِيثُ عَلَى نَصِّهِ، فَكَيْفَ وَقَدْ وَافَقَ مَا فِيهِ مُجَاهِدٌ؟ وَهُوَ الْفَخْمُ ثِقَةً وَأَمَانَةً، وَاتَّفَقَ سَالِمٌ، وَنَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَلَى الْقِرَانِ، وَهُمَا أَوْثَقُ النَّاسِ فِيهِ، وَقَدْ وَجَدْنَا عَائِشَةَ رضي الله عنها تَغِيبُ عَنْهَا السُّنَّةُ فَتَرْوِيهَا عَنْ غَيْرِهَا، كَمَا رَوَتْ حَدِيثَ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَحَالَتْ بِحَدِيثِ الْمَسْحِ عَلَى عَلِيٍّ
⦗ص: 451⦘
، وَهَذَا ابْنُ عُمَرَ يَجْهَلُ حُكْمَ الصَّرْفِ فَيُبِيحُهُ مُدَّةً، ثُمَّ بَلَغَهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَرَجَعَ إِلَيْهِ، وَجَعَلَ يُحَدِّثُ بِهِ، وَهَكَذَا رَجَعَ عَنِ الْإِفْرَادِ إِلَى الْقِرَانِ إِذْ بَلَغَهُ بِلَا شَكٍّ، وَعَلَى هَذَا عَمَلُ اخْتِلَافِ الرِّوَايَةِ عَنْ عَائِشَةَ، لَا يَجُوزُ غَيْرُ ذَلِكَ، وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ، وَأَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ جَابِرٍ، فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ عَنْهُ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَفْرَدَ الْحَجَّ إِلَّا الدَّرَاوَرْدِيُّ وَحْدَهُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَهَذَا يَقِينًا مُخْتَصَرٌ مِنَ الْحَدِيثِ الطَّوِيلِ الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَاهُ مُفَرَّقًا فِي كِتَابِنَا هَذَا، أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ، وَسَائِرُ النَّاسِ عَنْ جَابِرٍ إِنَّمَا قَالُوا: أَهَلَّ بِالْحَجِّ، أَوْ أَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ، حَاشَا مِنْ طَرِيقَيْنِ لَا يُعْتَدُّ بِهِمَا وَهُمَا
515 -
مَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عِقَالٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ، حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ أَسْلَمَ، حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُطَرِّفُ بْنُ مُصْعَبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَفْرَدَ الْحَجَّ»
516 -
وَبِهِ إِلَى ابْنِ الْجَهْمِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَفْرَدَ الْحَجَّ»
⦗ص: 452⦘
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: مُطَرِّفُ بْنُ مُصْعَبٍ مَجْهُولٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ كَذَلِكَ، وَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ فَإِنْ كَانَ الطَّائِفِيَّ فَهُوَ سَاقِطٌ أَلْبَتَّةَ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ، فَلَا أَدْرِي مَنْ هُوَ؟ وَأَمَّا سَائِرُ الرُّوَاةِ الثِّقَاتِ، فَكَمَا قَدَّمْنَا، وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ: أَهَلَّ بِالْحَجِّ مَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ عليه السلام أَهَلَّ أَيْضًا مَعَ الْحَجِّ بِعُمْرَةٍ، لَكِنَّهُ سَكَتَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَنْ ذِكْرِهَا، وَلَيْسَ عَلَى الْمَرْءِ أَنْ يُحَدِّثَ فِي كُلِّ وَقْتٍ بِكُلِّ مَا سَمِعَ، وَقَدْ قالَ عليه السلام:«دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ» ، فَقَوْلُ الْقَائِلِ: أَهَلَّ بِالْحَجِّ؛ يَقْتَضِي الْعُمْرَةَ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ، كَمَا لَمْ يَقُلِ الرَّاوِي: أَفْرَدَ الْحَجَّ، أَوْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ وَحْدَهُ، وَيَسْنِدُ هَذَا مَا قَدْ أَوْرَدْنَاهُ مِنْ طَرِيقِ جَابِرٍ، أَنَّهُ عليه السلام قَرَنَ مَعَ حَجَّتِهِ عُمْرَةً، وَالْأَظْهَرُ فِيمَا رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ عليه السلام أَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ، أَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ إِهْلَالَهُ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ:«لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ» ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَزِيدُونَ هَا هُنَا إِلَّا شَرِيكًا: «هُوَ لَكَ تَمْلِكُهُ، وَلَا مَلَكَ» ، فَأَخْبَرَ جَابِرٌ أَنَّهُ عليه السلام أَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ الْمُجَرَّدِ، وَيُبَيِّنُ صِحَّةَ هَذَا الْقَوْلِ قَوْلُ جَابِرٍ بِعَقِبِ هَذَا اللَّفْظِ، وَلَزِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَلْبِيَتَهُ
517 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا
⦗ص: 453⦘
مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ، فَذَكَرَ حَدِيثَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَفِيهِ: فَأَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالتَّوْحِيدِ: «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ» ، وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهَذَا الَّذِي يُهِلُّونَ بِهِ، فَلَمْ يَزِدْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا مِنْهُ، وَلَزِمَ تَلْبِيَتَهُ، فَصَحَّ بِهَذَا أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: أَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ: «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ» إِنَّمَا هُوَ اخْتِصَارٌ مِنْهُ وَظَنٌّ، لَا مِنْ قَوْلِ جَابِرٍ. وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِيمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا فَرْقَ، وَيُوَضِّحُ هَذَا إِيضَاحًا يَرْفَعُ الْإِشْكَالَ جُمْلَةً، وَيُصَحِّحُ مَا قُلْنَاهُ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ ذَكَرَ أَنَّهُ عليه السلام أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ ذَكَرَ فِيهِ، أَنَّهُ عليه السلام لَمْ يَحِلَّ مِنْهَا، وَهَذِهِ هِيَ صِفَةُ الْقِرَانِ، وَهَكَذَا مَعْنَى مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ عليه السلام أَهَلَّ بِحَجٍّ، وَأَنْتَ إِذَا أَضَفْتَ إِلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْعَالِيَةِ، وَأَبِي حَسَّانَ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَهَلَّ بِحَجٍّ قَوْلَ مُسْلِمٍ الْقُرِّيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ عليه السلام أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ صَحَّ الْقِرَانُ يَقِينًا، وَاتَّفَقَتْ كِلْتَا الرِّوَايَتَيْنِ، وَلَا يَصِحُّ غَيْرُ هَذَا إِلَّا بِتَكْذِيبِ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ، وَلَيْسَ مَنْ كَذَّبَ إِحْدَاهُمَا بِأَوْلَى مِمَّنْ كَذَّبَ الْأُخْرَى، وَمَعَاذَ اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ، وَبِهَذَا تَتَآلَفُ جَمِيعُ الرِّوَايَاتِ، وَيَصِحُّ تَصْدِيقُ جَمِيعِهَا وَإِضَافَةُ بَعْضِهَا إِلَى بَعْضٍ، فَوَهَتْ رِوَايَاتُ الْإِفْرَادِ وَسَقَطَتْ كُلُّهَا
⦗ص: 454⦘
، ثُمَّ عُدْنَا إِلَى الرِّوَايَاتِ فِي التَّمَتُّعِ فَوَجَدْنَا عَائِشَةَ وَعُمَرَ، وَعَلِيًّا وَابْنَ عُمَرَ، وَعِمْرَانَ وَابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم، ذَكَرُوا أَنَّهُ عليه السلام تَمَتَّعَ، قَالَ بَعْضُهُمْ: أَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ لَمَّا فَسَّرُوا قَوْلَهُمْ ذَلِكَ، أَتَوْا بِصِفَةِ الْقِرَانِ، وَذَكَرُوا أَنَّهُ عليه السلام لَمْ يَحِلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ حَتَّى أَتَمَّ جَمِيعَ الْحَجِّ، وَصَدَرَ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ إِلَى مِنًى، فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرْنَا احْتُمِلَتِ الرِّوَايَةُ عَنْ عُثْمَانَ، وَسَعْدٍ رضي الله عنهما فِي التَّمَتُّعِ، أَنَّهُمَا عَنَيَا بِذَلِكَ الْقِرَانَ مَعَ شُهْرَةِ الرِّوَايَةِ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ الْمَنْقُولِ نَقْلَ الْكَافَّةِ: أَنَّهُ عليه السلام لَوِ اسْتَقْبَلَ مِنْ أَمْرِهِ مَا اسْتَدْبَرَ مَا سَاقَ الْهَدْيَ، وَلَجَعَلَهَا عُمْرَةً، وَلَأَحَلَّ كَمَا أَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَحِلُّوا، وَقَدْ ذَكَرْنَا الرِّوَايَاتِ بِذَلِكَ فِي بَابِ فَسْخِ الْحَجِّ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا، وَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ الصِّحَاحُ الْمَشْهُورَةُ تُبْطِلُ قَوْلَ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ عليه السلام أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ مُفْرَدَةٍ، ثُمَّ أَحَلَّ مِنْهَا، وَأَهَلَّ بِالْحَجِّ، فَصَارَ مُتَمَتِّعًا، فَلَمَّا وَهَتْ رِوَايَاتُ التَّمَتُّعِ وَبَطَلَ الْإِفْرَادُ وَالتَّمَتُّعُ لَمْ يَبْقَ إِلَّا رِوَايَاتُ الْقِرَانِ، فَوَجَبَ الْأَخْذُ بِهَا، وَثَبَتَتْ صِحَّتُهَا إِذْ مَنْ وَصَفَ صِفَةَ الْقِرَانِ مِنَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم لَا يَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا، وَلَا أَنْ يُقَالَ: إِنَّهَا وَهْمٌ، وَمَنِ اعْتَرَضَ فِيهَا فَإِنَّهُ يَنْسُبُ الْكَذِبَ الْمُجَرَّدَ إِلَى الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم، وَيَصِفُهُمْ بِأَنَّهُمْ ذَكَرُوا أَنَّهُمْ سَمِعُوا قَوْلًا لَمْ يَسْمَعُوهُ، وَحَدَّثُوا بِعَمَلٍ طَوِيلٍ لَمْ يَكُنْ كَمَا حُدِّثُوا، وَهَذَا فَظِيعٌ جِدًّا لَا يَقْدَمُ عَلَيْهِ ذُو وَرَعٍ، وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ، وَكَانَ الرُّوَاةُ لِلْقِرَانِ اثْنَيْ عَشَرَ مِنَ الصَّحَابَةِ كَمَا ذَكَرْنَا، مِنْهُمْ سِتَّةٌ مَدَنِيُّونَ
⦗ص: 455⦘
، وَوَاحِدٌ مَكِّيٌّ، وَاثْنَانِ بَصْرِيَّانِ، وَثَلَاثَةٌ كُوفِيُّونَ، وَبِدُونِ هَذَا النَّقْلِ تَصِحُّ الْأَخْبَارُ صِحَّةً تَرْفَعُ الشَّكَّ، وَتُوجِبُ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ، فَصَحَّ بِذَلِكَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ قَارِنًا بِيَقِينٍ لَا شَكَّ فِيهِ، وَكَانَتْ سَائِرُ الرِّوَايَاتِ الَّتِي تَعَلَّقَ بِهَا مَنِ ادَّعَى الْإِفْرَادَ أَوِ التَّمَتُّعَ غَيْرَ مُخَالَفَةٍ لِرِوَايَةِ الَّذِينَ رَوَوُا الْقِرَانَ، وَلَا دَامِغَةً لِلْقِرَانِ عَلَى مَا قَدْ بَيَّنَّا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: إِنَّ جَابِرًا كَانَ أَحْسَنَ الصَّحَابَةِ اقْتِصَاصًا لِلْحَدِيثِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَجَعَلَ ذَلِكَ تَرْجِيحًا لِرِوَايَتِهِ عَلَى رِوَايَةِ غَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم، فَنَقُولُ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ، أَنَّ جَابِرًا وَإِنْ كَانَ وَصَفَ أَكْثَرَ الْحَدِيثِ فِي تِلْكَ الْحَجَّةِ فَقَدْ وَصَفَ حَالَ نَفْسِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ
518 -
كَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، كِلَاهُمَا عَنْ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ هُوَ الْمَدَنِيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَفِيهِ: فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْجِدِ، يَعْنِي مَسْجِدَ ذِي الْحُلَيْفَةِ، ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ، حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى الْبَيْدَاءِ نَظَرْتُ إِلَى مَا مَدَّ بَصَرِي مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ مِنْ رَاكِبٍ وَمَاشٍ، وَعَنْ يَمِينِهِ مِثْلَ ذَلِكَ وَعَنْ يَسَارِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَمِنْ خَلْفِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ
⦗ص: 456⦘
، فَهَذَا جَابِرٌ يَصِفُ مِنْ كَثْرَةَ الزِّحَامِ مَا تَسْمَعُ، وَعَائِشَةُ رضي الله عنها حِينَئِذٍ بِلَا شَكٍّ فِي هَوْدَجِهَا فِي الثَّقَلِ وَالْحُرَمِ وَمَعَ النِّسَاءِ، وَكَانَ أَنَسٌ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ كَمَا وَصَفَ مِنْ حَالِهِ: أَنَّهُ كَانَ إِلَى جَنْبِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ رَدِيفُ أَبِي طَلْحَةَ، يَرَى أَنَّ رِجْلَهُ تَمَسُّ غَرْزَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ يَسْمَعُ كَلَامَهُ، فَمَنْ أَوْلَى بِحِفْظِ كَلَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ مَنْ كَانَ أَقْرَبَ النَّاسِ إِلَيْهِ وَلَصِيقَهُ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ أَحَدٌ، أَوْ مَنْ كَانَ عَلَى بُعْدٍ مِنْهُ وَفِي زِحَامٍ شَدِيدٍ؟ وَلَسْنَا نَقُولُ هَذَا غَضًّا مِنْ رِوَايَةِ عَائِشَةَ وَجَابِرٍ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا قُلْنَاهُ إِنْكَارًا عَلَى مَنْ غَضَّ مِنْ رِوَايَةِ أَنَسٍ بِالصِّغَرِ، أَوْ مَنْ أَرَادَ تَرْجِيحَ رِوَايَةِ جَابِرٍ عَلَى رِوَايَةِ أَنَسٍ، فَأَرَيْنَاهُ أَنَّ رِوَايَةَ أَنَسٍ أَخَصُّ بِهِ عليه السلام فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ بِلَا شَكٍّ، وَبِالْجُمْلَةِ فَكُلُّ مَنْ زَادَ مِنْهُمْ عَلَى صَاحِبِهِ مَعْنًى أَوْ حُكْمًا وَجَبَ الْأَخْذُ بِهِ، إِذْ كُلُّهُمُ الْأَئِمَّةُ الثِّقَاتُ الَّذِينَ بَلَّغُوا إِلَيْنَا دِينَنَا عَنْ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم، وَكُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ عَلَى مَا سَمِعَ، فَمَنْ زَادَ عِلْمًا كَانَ عِنْدَهُ، وَجَبَ الْأَخْذُ بِهِ
519 -
كَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ السَّلِيمِ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ يَعْنِي ابْنَ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي خُصَيْفُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجَزَرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ: عَجِبْتُ لِاخْتِلَافِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي إِهْلَالِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أَوْجَبَ، فَقَالَ: إِنِّي لَأَعْلَمُ النَّاسِ بِذَلِكَ، إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَجَّةً وَاحِدَةً، فَمِنْ هُنَالِكَ اخْتَلَفُوا، خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَاجًّا، فَلَمَّا صَلَّى فِي مَسْجِدِهِ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْهِ أَوْجَبَهُ
⦗ص: 457⦘
فِي مَجْلِسِهِ، فَأَهَلَّ بِالْحَجِّ حِينَ فَرَغَ مِنْ رَكْعَتَيْهِ، فَسَمِعَ ذَلِكَ أَقْوَامٌ فَحَفِظُوهُ عَنْهُ، ثُمَّ رَكِبَ فَلَمَّا اسْتَقَلَّتْ بِهِ نَاقَتُهُ أَهَلَّ بِالْحَجِّ، وَأَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْهُ أَقْوَامٌ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّاسَ إِنَّمَا كَانُوا يَأْتُونَ أَرْسَالًا، فَسَمِعُوهُ حِينَ اسْتَقَلَّتْ بِهِ نَاقَتُهُ يُهِلُّ، فَقَالُوا: إِنَّمَا أَهَلَّ حِينَ اسْتَقَلَّتْ بِهِ، ثُمَّ مَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا عَلَا شَرَفَ الْبَيْدَاءِ أَهَلَّ، وَأَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْهُ أَقْوَامٌ، فَقَالُوا: إِنَّمَا أَهَلَّ بِهِ عَلَى شَرَفِ الْبَيْدَاءِ
520 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ: بَيْدَاؤُكُمْ هَذِهِ الَّتِي تَكْذِبُونَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيهَا، مَا أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا مِنْ عِنْدِ الْمَسْجِدِ، يَعْنِي مَسْجِدَ ذِي الْحُلَيْفَةِ
521 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْجَسُورِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ الدَّيْنَوَرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ
⦗ص: 458⦘
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي دَاوُدَ الْمَازِنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ الْمَازِنِيِّ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَجِّ، فَلَمَّا كَانَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ لَبَّى دُبُرَ الصَّلَاةِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، فَإِذَا رَاحِلَتُهُ قَائِمَةٌ، فَلَمَّا انْبَعَثَتْ بِهِ أَهَلَّ ثُمَّ مَضَى، فَلَمَّا عَلَا الْبَيْدَاءَ أَهَلَّ، فَسَمِعَهُ الَّذِينَ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالُوا: أَهَلَّ وَلَبَّى مِنَ الْمَسْجِدِ، وَسَمِعَهُ الَّذِينَ كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ، فَقَالُوا: أَهَلَّ مِنَ الْبَيْدَاءِ، قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: أَبُو دَاوُدَ هَذَا هُوَ عُمَيْرُ بْنُ عَامِرِ بْنِ مَالِكِ ابْنِ خَنْسَاءَ بْنِ مَبْذُولِ بْنِ عَمْرِو بْنِ غَنْمِ بْنِ مَازِنِ بْنِ النَّجَّارِ، أَنْصَارِيٌّ بَدْرِيٌّ أُحُدِيٌّ
522 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ التَّمِيمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ الْخَوْلَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَغَيْرُهُ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَخَرَجْنَا مَعَهُ، حَتَّى أَتَيْنَا ذَا الْحُلَيْفَةِ، ثُمَّ قَالَ: فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ، حَتَّى اسْتَوَتْ نَاقَتُهُ عَلَى الْبَيْدَاءِ، ثُمَّ قَالَ: وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَظْهُرِنَا وَعَلَيْهِ يَنْزِلُ الْقُرْآنُ، وَهُوَ يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ، فَمَا عَمِلَ شَيْئًا مِمَّا عَمِلْنَاهُ، فَأَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالتَّوْحِيدِ:«لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ» وَذَكَرَ بَاقِيَ التَّلْبِيَةِ
523 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَوْنِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْخُشَنِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ هُوَ ابْنُ الْحَنِيفِيَّةِ، قَالَ: كُلٌّ قَدْ فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَهَلَّ مِنَ الْبَيْدَاءِ، وَأَهَلَّ عَلَى رَاحِلَتِهِ، قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَكَذَا عَرَضَ حَرْفًا حَرْفًا فِيمَا أَهَلَّ بِهِ عليه السلام، فَمَنْ سَمِعَهُ فِي حَالِ سَيْرِهِ، فَأَدْرَكَ مِنْهُ ذِكْرَ الْحَجِّ، قَالَ: لَبَّى عليه السلام بِحَجٍّ، أَوْ قَالَ: أَفْرَدَ الْحَجَّ، وَمَنْ أَدْرَكَ مِنْهُ فِي تِلْكَ الْحَالِ الْعُمْرَةَ، قَالَ: أَهَلَّ عليه السلام بِعُمْرَةٍ، أَوْ قَالَ: تَمَتَّعَ عليه السلام بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، وَكُلٌّ صَادِقٌ فِيمَا حَكَى، وَالْجَامِعُ لِلْأَمْرَيْنِ مَعًا أَصَحُّ سَمَاعًا وَأَثْبَتُ رِوَايَةً، وَبِرِوَايَتِهِ تَتَآلَفُ سَائِرُ الرِّوَايَاتِ، وَبِاجْتِمَاعِهَا كُلِّهَا يَصِحُّ الْحَقُّ، لَا بِالِاقْتِصَارِ عَلَى بَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ تَحَكُّمًا فِي دَيْنِ اللَّهِ تَعَالَى بِلَا دَلِيلٍ، وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَقَدْ شَغَبَ بَعْضُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى الْإِفْرَادِ، بِأَنْ قَالَ: إِجْمَاعُ النَّاسِ عَلَى أَنْ قَالُوا: حَجَّةُ الْوَدَاعِ، وَلَمْ يَقُولُوا: قِرَانُ الْوَدَاعِ، وَلَا مُتْعَةُ الْوَدَاعِ، يُبَيِّنُ أَنَّهُ كَانَ عليه السلام مُهِلًّا بِحَجٍّ مُفْرَدٍ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: وَهَذَا ظَنٌّ سَاقِطٌ وَقَوْلٌ كَاذِبٌ، وَإِنَّمَا قَالَ النَّاسُ: حَجَّةُ الْوَدَاعِ، لِأَنَّهُ عليه السلام لَمْ يَحُجَّ مُنْذُ هَاجَرَ غَيْرَهَا، وَالْقِرَانُ لَا شَكَّ فِيهِ، فَقَوْلُنَا: حَجَّةٌ، يَقْتَضِي الْقِرَانَ، لَا سِيَّمَا مَعَ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» فَاكْتَفَى النَّاسُ بِذِكْرِ الْحَجِّ عَنْ ذِكْرِ الْعُمْرَةِ؛ لِدُخُولِ
⦗ص: 460⦘
الْعُمْرَةِ فِي الْحَجَّةِ، وَلِعَمَلِهِ عليه السلام لَهُمَا مَعًا عَمَلًا وَاحِدًا، وَيَدْفَعُ هَذَا الْوَسْوَاسَ كُلَّهُ رِوَايَةُ مَنْ رَوَى مِنَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم، أَنَّهُ كَانَ مُعْتَمِرًا مَعَ حَجَّتِهِ، وَالْعُمْرَةُ أَيْضًا هِيَ الْحَجُّ الْأَصْغَرُ
524 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَنَسٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُسَيْنِ بْنِ عِقَالٍ الْقُرَيْنَشِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّيْنَوَرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْمُصَلَّى، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ،: الْحَجُّ الْأَكْبَرُ الْحَجُّ، وَالْحَجُّ الْأَصْغَرُ الْمُتْعَةُ، فَالْعُمْرَةُ حَجٌّ، فَاسْمُ الْحَجِّ يَقَعُ عَلَى الْعُمْرَةِ وَعَلَى مَا زَادَ مِنَ الْأَعْمَالِ فِي الْحَجِّ عَلَى عَمَلِهَا، وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: وَالْعَجَبُ مِمَّنْ يَعْتَرِضُ بِرِوَايَةِ عَائِشَةَ عَلَى رِوَايَةِ أَنَسٍ، وَهِيَ مُوَافِقَةٌ لَهُ غَيْرُ مُخَالِفَةٍ عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَهُوَ يَرُدُّ رِوَايَةَ عَائِشَةَ، فِي أَنَّهَا طَيَّبَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ إِحْرَامِهِ، وَبَقِيَ الطِّيبُ فِي رَأْسِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، تَرَاهُ فِيهِ، وَلِإِحْلَالِهِ قَبْلَ أَنْ يُفِيضَ عليه السلام إِلَى الْبَيْتِ بِأَطْيَبِ الطِّيبِ، وَبِالْمِسْكِ، وَفِي ذِكْرِ هَذَا مَا يُغْنِي عَنِ الرَّدِّ عَلَيْهِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا الْأَحَادِيثَ بِذَلِكَ فِيمَا خَلَا مِنْ كِتَابِنَا هَذَا، وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ
⦗ص: 461⦘
. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: وَقَدْ ذَكَرْنَا آنِفًا قَبْلَ هَذَا بِيَسِيرٍ اضْطِرَابَ الرِّوَايَةِ فِي مَوْضِعِ إِهْلَالِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَوْلَ ابْنِ عُمَرَ: إِنَّهُ عليه السلام أَهَلَّ مِنْ عِنْدِ الْمَسْجِدِ، مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَقَوْلَ جَابِرٍ: أَهَلَّ عليه السلام مِنَ الْبَيْدَاءِ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَنَسٍ مِثْلَ قَوْلِ جَابِرٍ
525 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَلْخِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ مَعَهُ بِالْمَدِينَةِ الظُّهْرَ أَرْبَعًا، وَالْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ بَاتَ بِهَا حَتَّى أَصْبَحَ، ثُمَّ رَكِبَ حَتَّى اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ عَلَى الْبَيْدَاءِ، حَمِدَ اللَّهَ وَسَبَّحَ، ثُمَّ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهِمَا وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا أَيْضًا قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي دَاوُدَ الْأَنْصَارِيِّ، إِنَّهُ أَهَلَّ إِثْرَ رُكُوعِهِ فِي مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ، فَلَمَّا جَاءَتِ الْآثَارُ كَمَا ذَكَرْنَا نَظَرْنَا فِيهَا، فَوَجَدْنَا حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ وَأَنَسٍ أَصَحَّ مَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ، وَلِأَنَّ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ خُصَيْفًا وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ أَيْضًا قَوْمًا لَيْسُوا بِالْمَشَاهِيرِ، فَوَجَبَتْ إِعَادَةُ النَّظَرِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَأَنَسٍ وَجَابِرٍ لِصِحَّتِهَا، فَوَجَدْنَا حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ زَائِدًا عَلَى حَدِيثِ جَابِرٍ وَأَنَسٍ، فَوَجَبَ الْأَخْذُ بِالزِّيَادَةِ، فَلِهَذَا مِلْنَا إِلَى حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ فَضْلَ عِلْمٍ كَانَ عِنْدَهُ، مِنْ أَنَّهُ عليه السلام أَهَلَّ مِنْ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَ جَابِرٍ وَلَا أَنَسٍ، وَلَيْسَ مَنْ غَابَ عَنْهُ عِلْمٌ مَا، حُجَّةً عَلَى مَنْ عَلِمَهُ، بَلْ مَنْ عَلِمَ شَيْئًا حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَعْلَمْهُ، وَلَوْ صَحَّ حَدِيثُ أَبِي دَاوُدَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ لَأَخَذْنَا بِهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَكُونُ زَائِدًا عَلَى حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَلَكِنْ لَمَّا لَمْ يَكُنْ إِسْنَادُهُمَا قَوِيًّا وَجَبَ أَنْ نَعْتَمِدَ عَلَى الْقَوِيِّ، وَلَمْ نُورِدْهُمَا احْتِجَاجًا بِهِمَا، لَكِنْ أَوْرَدْنَاهُمَا لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا تَعَارُضُهُمَا مَعَ أَحَادِيثِ جَابِرٍ وَأَنَسٍ وَابْنِ عُمَرَ الَّذِي ذَكَرْنَا. وَالْآخَرُ أَنْ نَذْكُرَ: أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ اخْتِلَافُ نَقْلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم، أَوْجَبَهُ تَفَاضُلُ عِلْمِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ الْوَجْهِ الَّذِي رَوَوْا فِيهِ مَا رَوَوْا، وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ