الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْبَابُ الثَّانِي: تَعَارُضٌ فِي طِيبِهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ رحمه الله: مَوَّهَ قَوْمٌ إِمَّا لِسَبَبِ الْجَهْلِ، وَإِمَّا عَمْدًا فَهُوَ أَشَدُّ فِيمَا رُوِّينَا مِنْ طِيبِهِ عليه السلام لِإِحْرَامِهِ بِالْحَدِيثِ الْمَأْثُورِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي أَوَّلِ هَذَا الْكِتَابِ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ، عَنْ
أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم تَطَيَّبَ ثُمَّ طَافَ عَلَى نِسَائِهِ، ثُمَّ أَصْبَحَ مُحْرِمًا يَنْضَحُ طِيبًا.
وَبِمَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مُحَمَّدٍ هُوَ أَبُو عُمَيْرِ بْنُ النَّحَّاسِ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: طَيَّبْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لِإِحْلَالِهِ، وَطَيَّبْتُهُ طِيبًا لَا يُشْبِهُ طِيبَكُمْ هَذَا، تَعْنِي لَيْسَ لَهُ بَقَاءٌ. وَلَا نَدْرِي كَيْفَ جَازَ هَذَا التَّمْوِيهُ عَلَى أَحَدٍ لَهُ أَدْنَى مِسْكَةٍ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ رَوَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم تَطَيَّبَ ثُمَّ طَافَ عَلَى نِسَائِهِ ثُمَّ أَصْبَحَ مُحْرِمًا
وَرَوَى مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ
⦗ص: 235⦘
أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا طَيَّبَتْهُ صلى الله عليه وسلم حِينَ أَحْرَمَ
وَرَوَى أَيْضًا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَائِشَةَ، وَعَمْرَةُ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا طَيَّبْتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حِينَ أَحْرَمَ فَأَمَّا حَدِيثُ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ وَسَالِمٍ كُلِّهُمْ عَنْهَا
فَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يُوسُفَ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ بِأَيِّ شَيْءٍ طَيَّبْتِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ حُرُمِهِ؟ قَالَتْ: بِأَطْيَبِ الطِّيبِ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنِ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ إِحْرَامِهِ حِينَ أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ، وَعِنْدَ إِحْلَالِهِ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ بِيَدَيَّ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ هُوَ ابْنُ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي الرِّجَالِ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أُمِّهِ، وَهِيَ عَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِحُرْمِهِ حِينَ أَحْرَمَ وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يُفِيضَ بِالْبَيْتِ بِأَطْيَبِ مَا وَجَدْتُ. وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي بَابِ طِيبِهِ عليه السلام لِإِحْرَامِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا رِوَايَةَ الْأَسْوَدِ وَمَسْرُوقٍ كِلَاهُمَا عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا رَأَتْ ذَلِكَ الطِّيبَ فِي مَفَارِقِهِ صلى الله عليه وسلم بَاقِيًا وَهُوَ مُحْرِمٌ، قَالَ الْأَسْوَدُ: بَعْدَ ثَلَاثٍ يَعْنِي لَيَالِيَ. فَصَحَّ يَقِينًا لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّ الطِّيبَ الَّذِي ذَكَرَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ هُوَ غَيْرُ الطِّيبِ الَّذِي ذَكَرَ عُرْوَةُ وَالْقَاسِمُ وَعَمْرَةُ وَسَالِمٌ وَمَسْرُوقٌ وَالْأَسْوَدُ كُلُّهُمْ عَنْ عَائِشَةَ؛ لِأَنَّ الَّذِي ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْتَشِرِ عَنْهَا كَانَ بَيْنَ ذَلِكَ الطِّيبِ وَبَيْنَ إِحْرَامِهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةُ تِطْوَافٍ عَلَى النِّسَاءِ وَاغْتِسَالٍ، وَالطِّيبَ الَّذِي ذَكَرَ هَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ عَنْ عَائِشَةَ كَانَ حِينَ الْإِحْرَامِ، وَبَقِيَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ مُدَّةً طَوِيلَةً لَمْ يُغْسَلْ، وَلَوْ غُسِلَ لَمَا بَقِيَ بِلَا شَكٍّ. فَصَحَّ أَنَّ ذَلِكَ مَعْنَيَانِ مُخْتَلِفَانِ وَتَآلَفَتِ الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا، وَبَطَلَ تَمْوِيهُ مَنْ لَمْ يُرَاقِبِ اللَّهَ عز وجل فِيمَا يَتَكَلَّمُ بِهِ نَاصِرًا لِتَقْلِيدِهِ، وَثَبَتَ أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ الْمُنْتَشِرِ غَيْرُ مُعَارِضٍ وَلَا مُفْسِدٍ لِأَحَادِيثِ مَنْ ذَكَرْنَا بِلَا شَكٍّ
⦗ص: 237⦘
. ثُمَّ نَقُولُ: لَوْ جَاءَ حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ عَنْ عَائِشَةَ مُخَالِفًا لِحَدِيثِ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ وَالْقَاسِمِ وَسَالِمٍ وَمَسْرُوقٍ وَالْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ لَكَانَ لَا شَكَّ عِنْدَ كُلِّ ذِي بَصَرٍ بِالرِّجَالِ وَالْأَخْبَارِ فِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ لَوِ انْفَرَدَ وَحْدَهُ أَوْثَقُ وَأَعْلَمُ وَأَفْضَلُ وَأَضْبَطُ وَأَخَصُّ بِعَائِشَةَ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ بِهَا، فَكَيْفَ بِهِمْ كُلُّهُمْ إِذَا اتَّفَقُوا؟ فَكَيْفَ يَحِلُّ لِمَنْ يَعْلَمُ أَنَّ كَلَامَهُ مِنْ عَمَلِهِ أَنْ يُعَارِضَ هَؤُلَاءِ كُلَّهُمْ بِمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ، وَهُوَ أَيْضًا مَعَ ذَلِكَ غَيْرُ مُعَارِضٍ لِمَا رَوَى هَؤُلَاءِ، وَبِاللَّهِ تَعَالَى نَعُوذُ مِنَ الْخُذْلَانِ لَا سِيَّمَا الْأَسْوَدُ، فَإِنَّهُ كَانَ مِنَ الِاخْتِصَاصِ بِعَائِشَةَ رضي الله عنها بِحَيْثُ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَهُوَ ابْنُ أُخْتِهَا يَسْأَلُهُ عَنْ أَخْبَارِهَا
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَمَذَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْبَلْخِيُّ، حَدَّثَنَا الْفَرَبْرِيُّ، حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ هُوَ السَّبِيعِيُّ عَنِ الْأَسْوَدِ، قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ الزُّبَيْرِ: كَانَتْ عَائِشَةُ تُسِرُّ إِلَيْكَ كَثِيرًا فَمَا حَدَّثَتْكَ فِي الْكَعْبَةِ؟ فَقَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " يَا عَائِشَةُ لَوْلَا قَوْمُكِ حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ - قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: بِكُفْرٍ - لَنَقَضْتُ الْكَعْبَةَ فَجَعَلْتُ لَهَا بَابَيْنِ: بَابٌ يَدْخُلُ النَّاسُ، وَبَابٌ يَخْرُجُونَ "، فَفَعَلَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيفَةَ الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ، سَأَلَ الْأَسْوَدَ قَالَ: وَكَانَ يَأْتِي عَائِشَةَ، وَإِنَّهَا كَانَتْ تُفْضِي إِلَيْهِ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ
⦗ص: 238⦘
. فَكَيْفَ إِذَا اسْتَضَافَ إِلَيْهِ مَسْرُوقٌ وَهُوَ مِنْ أَجَلِّ التَّابِعِينَ الْكِبَارِ، وَمِمَّنْ أَفْتَى وَكِبَارُ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم أَحْيَاءٌ، ثُمَّ وَافَقَهُ عُرْوَةُ وَهُوَ ابْنُ أُخْتِ عَائِشَةَ، وَمِنْ أَفْطَنِ النَّاسِ بِهَا، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَهُوَ ابْنُ أَخِيهَا وَرَبَا فِي حِجْرِهَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَتِيمًا وَهِيَ مُتَوَلِّيَةٌ أَمْرَهُ، وَعَمْرَةُ وَكَانَتْ فِي حِجْرِ عَائِشَةَ وَمَعَهُمْ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. وَالْعَجَبُ مِنْ تَعَلُّقِ الْمَالِكِيِّينَ بِرِوَايَةِ ابْنِ الْمُنْتَشِرِ الَّتِي ذَكَرْنَا وَهِيَ رِوَايَةٌ عِرَاقِيَّةٌ كُوفِيَّةٌ إِنَّمَا رَوَاهَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ ابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ وَحْدَهُ، وَهُوَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ بْنِ الْأَجْدَعِ أَخِي مَسْرُوقِ بْنِ الْأَجْدَعِ، وَرَوَاهَا عَنْ إِبْرَاهِيمَ شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَمِسْعَرٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو عَوَانَةَ وَهَؤُلَاءِ عِرَاقِيُّونَ كُوفِيُّونَ وَوَاسِطِيٌّ وَبَصْرِيٌّ، وَأَضْرَبُوا عَنْ رِوَايَةِ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ وَهُمُ الْقَاسِمُ وَسَالِمٌ وَعُرْوَةُ وَعَمْرَةُ، وَهُمْ يُؤْمِنُونَ بِرِوَايَةِ أَهْلِ الْعِرَاقِ لَا سِيَّمَا أَهْلُ الْكُوفَةِ مِنْهُمْ، وَيُعَظِّمُونَ رِوَايَةَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ حَيْثُ أَحَبُّوا حَتَّى إِذَا لَمْ نُوَافِقْ تَقْلِيدَهُمْ تَعَلَّقُوا بِمَا أَمْكَنَهُمْ مِنْ رِوَايَةِ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَغَيْرِهِمْ، وَضَرَبُوا بِهَا رِوَايَةَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَتَرَكْنَا رِوَايَةَ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَسَائِرِ الْعِرَاقِ بِرِوَايَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ هُنَا، وَرِوَايَةُ كِلَا الطَّائِفَتَيْنِ مُتَّفِقَةٌ غَيْرُ مُخْتَلِفَةٍ لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْهَا. وَلَسْنَا نَقُولُ هَذَا تَفْضِيلًا لِرِوَايَةِ الثِّقَاتِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى رِوَايَةِ الثِّقَاتِ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَمِنْ سَائِرِ الْبِلَادِ لَكِنْ تَبْكِيتًا لَهُمْ عَلَى تَنَاقُضِهِمْ وَتَعَلُّلِهِمْ بِمَا لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ، وَرِوَايَةُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَهْلِ مَكَّةَ وَأَهْلِ الْكُوفَةِ وَأَهْلِ كُلِّ بَلَدٍ سَوَاءٌ لَا فَضْلَ لِبَعْضٍ مِنْهَا عَلَى مَا سِوَاهُ مِنْهَا
⦗ص: 239⦘
. وَمَنْ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهُ وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ مَعْنَى مَا رُوِيَ مِنْ بَقَاءِ وَبِيصِ الطِّيبِ فِي مَفْرِقِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ ثَلَاثٍ هُوَ أَنَّهُ بَقِيَ الْوَبِيصُ بَعْدَ الْغَسْلِ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا كَلَامٌ لَا يَخْلُو ضَرُورَةً مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ غُسْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ طَوْفِهِ عَلَى نِسَائِهِ غَيْرَ مُسْتَوْفًى وَلَا مُحْكَمٍ، وَهَذَا لَغْوٌ مِنْ قَائِلِهِ وَلَا يَنْسُبُ هَذَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا مُشْرِكٌ. وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ عليه السلام أَحْكَمَ غُسْلَهُ كَمَا صَحَّ عَنْهُ عليه السلام أَنَّهُ دَلَكَ شُئُونَ رَأْسِهِ وَخَلَّلَهُ بِيَدَيْهِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبْقَى لِلطِّيبِ أَثَرٌ بَعْدَ هَذَا أَصْلًا، لَا وَبِيصٌ وَلَا غَيْرُهُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ. وَمَنْ جَوَّزَ أَنْ يَبْقَى لِلطِّيبِ أَثَرٌ مُدَّةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بَعْدَ غُسْلٍ مُحْكَمٍ مِنَ الْجَنَابَةِ، وَكَانَ ذَلِكَ الطِّيبُ قَبْلَ ذَلِكَ الْغُسْلِ ثُمَّ لَمْ يَتَطَيَّبِ الْمُغْتَسِلُ بَعْدَ غُسْلِهِ هُوَ مَجْنُونٌ مُجَاهِرٌ بِالْمُحَالِ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ قَوْلٍ يُنْسَبُ قَائِلُهُ: إِمَّا فِي حَالَةِ اللَّغْوِ، وَإِمَّا فِي حَالَةِ الْجُنُونِ. وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي عُمَيْرِ بْنِ النَّحَّاسِ فَسَاقِطٌ مِنْ وُجُوهٍ، أَحَدُهُمَا: أَنَّ أَبَا عُمَيْرٍ لَا أَدْرِي مَا حَالُهُ، وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَمَا كَانَتْ فِيهِ حُجَّةٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ يَعْنِي لَيْسَ لَهُ بَقَاءٌ، لَيْسَ مِنْ قَوْلِ عَائِشَةَ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ قَوْلِ مَنْ دُونَهَا وَهُوَ ظَنٌّ - كَمَا تَرَى - وَالظَّنُّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ. وَأَيْضًا فَحَدِيثُ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا رَأَتِ الطِّيبَ فِي مَفَارِقِهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ ثَلَاثٍ وَهُو مُحْرِمٌ يُبْطِلُ هَذَا الظَّنَّ الْفَاسِدَ بِالْكُلِّيَّةِ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
وَتَعَلَّقُوا أَيْضًا بِمَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، أَخْبَرَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، أَخْبَرَهُ أَنْ يَعْلَى بْنَ أُمَيَّةَ كَانَ يَقُولُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: لَيْتَنِي أَرَى نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْجِعْرَانَةِ، وَعَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثَوْبٌ قَدْ أَظَلَّ بِهِ عَلَيْهِ، وَمَعَهُ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فِيهِمْ عُمَرُ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ عَلَيْهِ جُبَّةٌ مُتَضَمِّخٌ بِطِيبٍ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَاعَةً ثُمَّ سَكَتَ فَجَاءَهُ الْوَحْيُ، فَأَشَارَ عُمَرُ بِيَدِهِ إِلَى يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ فَأَدْخَلَ رَأْسَهُ فَإِذَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُحْمَرُّ الْوَجْهِ يَغِطُّ سَاعَةً ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ، فَقَالَ:«أَيْنَ الَّذِي سَأَلَنِي عَنِ الْعُمْرَةَ آنِفًا» ؟ فَالْتُمِسَ فَجِيءَ بِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أَمَّا الطِّيبُ الَّذِي بِكَ فَاغْسِلْهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَأَمَّا الْجُبَّةُ فَانْزِعْهَا، ثُمَّ اصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ كَمَا تَصْنَعُ فِي حَجِّكَ» . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ أَصْلًا لِوَجْهَيْنِ ظَاهِرِينَ، أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ إِنَّمَا جَاءَ بِبَيَانِ أَنَّ ذَلِكَ الطِّيبَ الَّذِي كَانَ عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ إِنَّمَا كَانَ صُفْرَةً وَهِيَ الْخَلُوقُ، وَالصُّفْرَةُ مَنْهِيٌّ عَنْهَا الرِّجَالُ عَلَى كُلِّ حَالٍ فِي الْإِحْرَامِ وَفِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ
كَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى بْنِ مُنْيَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِالْجِعْرَانَةِ عَلَيْهِ جُبَّةٌ وَعَلَيْهَا خَلُوقٌ، أَوْ قَالَ: أَثَرُ الصُّفْرَةِ فَقَالَ: كَيْفَ تَأْمُرُنِي أَنْ أَصْنَعَ فِي عُمْرَتِي؟ قَالَ: وَأُنْزِلَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْوَحْيُ فَسُتِرَ بِثَوْبٍ، وَكَانَ يَعْلَى يَقُولُ: وَدِدْتُ أَنِّي أَرَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ، قَالَ: فَقَالَ - يَعْنِي عُمَرَ - أَيَسُرُّكَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: فَرَفَعَ عُمَرُ طَرَفَ الثَّوْبِ فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ لَهُ غَطِيطٌ، قَالَ: فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ قَالَ: " أَيْنَ السَّائِلُ عَنِ الْعُمْرَةِ اغْسِلْ أَثَرَ الصُّفْرَةِ أَوْ قَالَ: أَثَرُ الْخَلُوقِ، وَاخْلَعْ عَنْكَ جُبَّتَكَ، وَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ مَا أَنْتَ صَانِعٌ فِي حَجِّكِ "
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ،: سَمِعْتُ قَيْسًا، هُوَ ابْنُ سَعْدٍ يُحَدِّثُ عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلًا، أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ بِالْجِعْرَانَةِ، قَدْ أَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ، وَهُوَ مُصَفِّرٌ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ، وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَحْرَمْتُ بِعُمْرَةٍ وَأَنَا كَمَا تَرَى فَقَالَ: «انْزِعْ عَنْكَ الْجُبَّةَ، وَاغْسِلْ عَنْكَ الصُّفْرَةَ، وَمَا كُنْتَ صَانِعًا فِي حَجِّكِ
⦗ص: 242⦘
فَاصْنَعْهُ فِي عُمْرَتِكَ» . فَقَدْ صَحَّ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
كَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَمَذَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْبَلْخِيُّ، حَدَّثَنَا الْفَرَبْرِيُّ، حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَنْ يَتَزَعْفَرَ الرَّجُلُ، وَكَانَتْ جُبَّةُ ذَلِكَ الرَّجُلِ كَمَا ذَكَرْنَا عَلَيْهَا الْخَلُوقُ وَهَذَا حَرَامٌ عَلَى الْمُحْرِمِ
كَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَلْبَسُوا الْقُمُصَ، وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ، وَلَا الْبَرَانِسَ، وَلَا الْخِفَافَ إِلَّا أَحَدٌ لَا يَجِدُ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ فَلْيَكْشِفْهُمَا حَتَّى يَكُونَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ، وَلَا تَلْبَسُوا مِنَ الثِّيَابِ شَيْئًا مَا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ وَلَا الْوَرْسُ»
⦗ص: 243⦘
. فَإِنَّمَا نَهَى عليه السلام ذَلِكَ الرَّجُلَ عَنِ الزَّعْفَرَانِ وَهُوَ حَرَامٌ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ مِنَ الرِّجَالِ مُحْرِمًا كَانَ أوْ غَيْرَ مُحْرِمٍ، وَنَهَى عَنِ الْجُبَّةِ إِذَا مَسَّهَا الزَّعْفَرَانُ فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي قَوْلِهِمْ وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ ذَلِكَ الْحَدِيثَ الَّذِي ذَكَرْنَا كَانَ بِالْجِعْرَانَةِ مَرْجِعِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ حُنَيْنٍ، وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ الَّتِي تَطَيَّبَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِإِحْرَامِهِ وَلِحِلِّهِ بِعَامَيْنِ وَشَهْرٍ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْعُمْرَةَ كَانَتْ فِي ذِي الْقَعْدَةِ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ بِشَهْرَيْنِ، ثُمَّ حَجَّ فِي الْعَامِ الثَّانِي أَبُو بَكْرٍ بِالنَّاسِ، ثُمَّ حَجَّ فِي الْعَامِ الثَّالِثِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي ذِي الْحِجَّةِ، وَكَانَ تَطَيُّبُهُ عليه السلام لِإِحْرَامِهِ بَعْدَ حَدِيثِ هَذَا الرَّجُلِ بِعَامَيْنِ وَشَهْرٍ، وَالْأَخِيرُ هُوَ الَّذِي يَجِبُ الْأَخْذُ بِهِ. هَذَا لَوْ كَانَ الْحَدِيثُ مُخَالِفًا لِتَطَيُّبِهِ عليه السلام، فَكَيْفَ وَلَيْسَ مُخَالِفًا وَلَا فِيهِ نَهْيٌ عَنِ الطِّيبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ بِمَا عَدَا الْخَلُوقِ أَصْلًا؟ فَبَطَلَ تَمْوِيهُهُمْ بِكُلِّ وَجْهٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَالْعَجَبُ مِنْ أَمْرِهِمْ فِي هَذَا وَأَخْذِهِمْ بِرِوَايَةٍ مَكِّيَّةٍ لَا مُتَعَلِّقَ لَهُمْ أَيْضًا بِهَا، وَتَرْكِهِمْ رِوَايَةَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي هَذَا الَّتِي بِهَا يَحْتَجُّونَ، وَهَذَا أَيْضًا مِمَّا تَرَكُوا فِيهِ لَهُ آخِرَ فِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم، وَتَعَلَّقُوا بِفِعْلٍ مُتَقَدِّمٍ لَيْسَ أَيْضًا لَهُمْ فِيهِ حُجَّةٌ، وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَبَقِيَ التَّطَيُّبُ عِنْدَ الْإِحْلَالِ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ لَا شُبْهَةَ لَهُمْ فِيهِ أَصْلًا، وَلَا يَجِدُونَ مُتَعَلِّقًا يَشْغَبُونَ بِهِ فِي كَرَاهَةِ ذَلِكَ، وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ
234 -
وَهَكَذَا حَدَّثَنَا حُمَامٌ، عَنِ الْبَاجِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكَشْوَرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْحُذَاقِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: كَانَ عَطَاءٌ يَكْرَهُ الطِّيبَ عِنْدَ الْإِحْرَامِ، كَانَ يَأْخُذُ بِشَأْنِ صَاحِبِ الْجُبَّةِ، وَكَانَ شَأْنُ صَاحِبِ الْجُبَّةِ قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَالْآخِرَ، فَالْآخِرُ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ
⦗ص: 244⦘
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحَقُّ. هَذَا نَصُّ كَلَامِ ابْنِ جُرَيْجٍ. فَإِنْ تَعَلَّقُوا فِي كَرَاهَةِ الطِّيبِ بِمَا:
قَدْ حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الطَّلَمَنْكِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُفَرِّجٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ الصَّمُوتُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ الْبَزَّارُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ مُطَرِّفٍ، حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى إِذَا كُنَّا بِذِي الْحُلَيْفَةِ أَهَّلَ وَأَهْلَلْنَا، فَمَرَّ بِنَا رَاكِبٌ يَنْفَحُ مِنْهُ رِيحُ الطِّيبِ، فَقَالَ عُمَرُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: مُعَاوِيَةُ، فَقَالَ: مَا هَذَا يَا مُعَاوِيَةُ؟ فَقَالَ: مَرَرْتُ بِأُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ فَفَعَلَتْ بِي هَذَا، فَقَالَ: ارْجِعْ فَاغْسِلْهُ عَنْكَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«الْحَاجُّ الشَّعِثُ التَّفِلُ» . قَالَ الْبَزَّارُ: لَا نَعْلَمُ لِهَذَا الْقَوْلِ سَنَدًا عَنْ عُمَرَ إِلَّا هَذَا، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا كَمَا تَرَى وَلَوْ صَحَّ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حُجَّةٌ؛ لِأَنَّ الشَّعَثَ وَالتَّفَلَ لَيْسَ فِيهِ مَنْعُ الطِّيبِ لِلْإِحْرَامِ وَلَا أَمْرٌ بِغَسْلِهِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ مَعَ أَنَّهُ حَدِيثٌ
⦗ص: 245⦘
فَاسِدٌ مُضْطَرِبٌ، بَيْنَمَا هُوَ فِي ذِكْرِ إِحْلَالِهِمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ رَجَعَ إِلَى فِعْلِ عُمَرَ فِي خِلَافَتِهِ، فَإِنْ تَعَلَّقُوا بِعُمَرَ وَرَأْيِهِ فِي ذَلِكَ وَعُثْمَانَ وَابْنِ عُمَرَ
236 -
فَإِنَّ حُمَامَ بْنَ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاجِيِّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَشْوَرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْحُذَاقِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَتْرُكُ الْمُجْمِرَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِجُمْعَتَيْنِ، فَيَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يُقَلِّدُوا ابْنَ عُمَرَ أَيْضًا فِي هَذَا. وَقَدْ خَالَفَ عُمَرَ فِي ذَلِكَ عَائِشَةُ وَأُمُّ حَبِيبَةَ زَوْجَا النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُعَاوِيَةُ، وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ
حَدَّثَنَا حُمَامٌ، حَدَّثَنَا الْبَاجِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا الْكَشْوَرِيُّ، حَدَّثَنَا الْحُذَاقِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: وَجَدَ عُمَرُ رِيحَ طِيبٍ بِالشَّجَرَةِ، فَقَالَ: مَا هَذَا الرِّيحُ؟، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: مِنِّي، طَيَّبَتْنِي أُمُّ حَبِيبَةَ، فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ عُمَرُ، قَالَ: مِنْكَ لَعَمْرِي، أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ لَتَرْجِعَنَّ إِلَى أُمِّ حَبِيبَةَ فَتَغْسِلَهُ عَنْكَ كَمَا طَيَّبَتْكَ، قَالَ مَعْمَرٌ: وَكَانَ الزُّهْرِيُّ يَأْخُذُ بِقَوْلِ عُمَرَ فِيهِ
⦗ص: 246⦘
، قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَكَانَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ يَتَطَيَّبُ عَنِ الْإِحْرَامِ بِالْبَانِ وَالذَّرِيرَةِ، قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ، أَنَّهَا كَانَتْ تُطَيِّبُ أَبَاهَا قَبْلَ إِحْرَامِهِ بِالذَّرِيرَةِ الْمُمَسَّكَةِ، أَوْ قَالَتْ: بِالْمِسْكِ وَالذَّرِيرَةِ
238 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ النَّبَاتِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَاصِمِ بْنِ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا عُيَيْنَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ وَابْنَ عُمَرَ وَابْنَ الزُّبَيْرِ، عَنِ الطِّيبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَمَّا أَنَا فَأُسَعْسِعُهُ فِي رَأْسِي ثُمَّ أُحِبُّ بَقَاءَهُ، وَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: لَا أَرَى بِهِ بَأْسًا، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَا آمُرُ بِهِ، وَلَا أَنْهَى عَنْهُ
239 -
وَبِهِ إِلَى وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ كَانَ يَتَطَيَّبُ بِالْغَالِيَةِ الْجَيِّدَةِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ
وَبِهِ إِلَى وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ يَسْحَقُ الْمِسْكَ، ثُمَّ يَجْعَلُهُ فِي يَافُوخِهِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ
241 -
وَبِهِ إِلَى وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، أَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ، أَمَرَ لِأَصْحَابِهِ بِالطِّيبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ
وَبِهِ إِلَى وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: لَمَّا أَحْرَمُوا وَجَدَ عُمَرُ نَفْحَ الطِّيبِ، فَقَالَ عُمَرُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ: مِنِّي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ امْرَأَتَكَ عَطَّارَةٌ، أَوْ عَطِرَةٌ، إِنَّمَا الْحَاجُّ الْأَذْفَرُ وَالْأَغْبَرُ، قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَعْبَأُ بِأَوْسَاخِكُمْ شَيْئًا، وَالْحَاجُّ هُوَ الْمُقْتَدِي بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
243 -
وَبِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ إِلَى وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ سَامٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، أَنَّ أَبَاهُ، كَانَ يُغَلِّفُ رَأْسَهُ بِالْغَالِيَةِ الْجَيِّدَةِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ
244 -
قَالَ وَكِيعٌ: وَسَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ، يَقُولُ: لَا بَأْسَ بِالطِّيبِ قَبْلَ الْغُسْلِ وَبَعْدَهُ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَزَّانُ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَيُّوبَ، أَخْبَرَنَا أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَامَ حَجَّ، جَمَعَ أُنَاسًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَخَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَسَالِمٌ وعَبْدُ اللَّهِ ابْنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَابْنُ شِهَابٍ، وَأَبُو بَكْرٍ، فَسَأَلَهُمْ عَنِ الطِّيبِ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ، فَكُلُّهُمْ أَمَرَهُ بِالطِّيبِ، وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ أَنَّهَا طَيَّبَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِحُرْمِهِ قَبْلَ أَنْ أُحْرِمَ، وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَّا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ رَجُلًا جَادًّا مُجِدًّا، كَانَ يَرْمِي الْجَمْرَةَ ثُمَّ يَذْبَحُ ثُمَّ يَحْلِقُ، ثُمَّ يَرْكَبُ فَيُفِيضُ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ مَنْزِلَهُ، قَالَ سَالِمٌ: صَدَقَ، فَإِذَا تَنَازَعَ الصَّحَابَةُ أَوْ مَنْ دُونَهُمْ فَاتِّبَاعُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ سَنَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْلَى، وَهَذَا الَّذِي لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ، وَقَدْ خَالَفَ سَالِمٌ أَبَاهُ وَجَدَّهُ، كَمَا تَرَى، يَرْحَمُهُ اللَّهُ، فَهَكَذَا يَفْعَلُ الْمُؤْمِنُ
246 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ النَّبَاتِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ النَّضْرِيِّ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَبِيبٍ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا جَدِّي مُحَمَّدٌ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ
⦗ص: 249⦘
بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: قَالَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: أَنَا طَيَّبْتُ، رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحَقُّ أَنْ تُتَّبَعَ، وَهَؤُلَاءِ لَا يَرَوْنَ تَنَكُّبَ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ لِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَالِمٌ يَتْرُكُ قَوْلَ أَبِيهِ لِسُنَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهَؤُلَاءِ لَا يَرَوْنَ ذَلِكَ لِسُنَّتِهِ عليه السلام، لَا سِيَّمَا وَقَدْ صَحَّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَا ذَكَرْنَا آنِفًا مِنْ أَنَّهِ لَا يَنْهَى عَنِ الطِّيبِ لِلْإِحْرَامِ، فَسَقَطَ كُلُّ مَا شَغَبُوا بِهِ فِي الطِّيبِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَقَبْلَ الْإِفَاضَةِ، مَعَ أَنَّ التَّطَيُّبَ فِي كِلَا الْوَقْتَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ سُنَّةٌ لَا يُسْتَحَبُّ تَرْكُهَا، وَلَقَدْ كَانَ يَلْزَمُ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ أَفْعَالَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْوُجُوبِ، أَنْ يَقُولَ بِوُجُوبِ التَّطَيُّبِ لِلْإِحْرَامِ وَلِلْإِحْلَالِ فَرْضًا، وَلَكِنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا أَحَبُّوا حَيْثُ أَحَبُّوا، وَيَتْرُكُونَهُ حَيْثُ أَحَبُّوا، كُلُّ ذَلِكَ بِلَا دَلِيلٍ، وَبِاللَّهِ تَعَالَى نَعْتَصِمُ، وَالتَّطَيُّبُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ، ثُمَّ لَا يَغْسِلُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ هُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ النَّاسِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَبِهِ يَأْخُذُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ وَالشَّافِعِيُّ وَجَمِيعُ أَصْحَابِهِ كَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَإِسْحَاقُ، وَجَمِيعُ أَصْحَابِ الظَّاهِرِ، وَبِهِ نَأْخُذُ، وَادَّعَى بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ الْخُصُوصَ، وَهَذَا هُوَ عَيْنُ الْكَذِبِ، وَالْقَوْلُ بِغَيْرِ عِلْمٍ، وَكَيْفَ ذَلِكَ وَعَائِشَةُ رضي الله عنها تُطَيِّبُهُ بِيَدِهَا
وَقَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْجَسُورِ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ هُوَ حَمَّادُ بْنُ
⦗ص: 250⦘
أُسَامَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سُوَيْدً الثَّقَفِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَتْ: كُنَّا نَضْمَخُ جِبَاهَنَا بِالْمِسْكِ الْمُطَيَّبِ قَبْلَ أَنْ نُحْرِمَ ثُمَّ نُحْرِمُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنَعْرَقُ، فَتَسِيلُ عَلَى وُجُوهِنَا، فَلَا يَنْهَانَا عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ