المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب السادس والعشرون شيء ادعاه المالكيون تعارضا في أمره صلى الله عليه وسلم الرجل والخثعمية بالحج عن أمه وعن أبيها قال أبو محمد رحمه الله: قد ذكرنا بعض الأحاديث الواردة في ذلك، ونعيد منها ها هنا إن شاء الله تعالى أحاديث صحاحا متظاهرة متناصرة، يبطل - حجة الوداع لابن حزم

[ابن حزم]

فهرس الكتاب

- ‌مُقَدِمَةُ الْمُصَنِّفِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَاللَّهُ حَسْبِي قَالَ الشَّيْخُ الْفَقِيهُ الْإِِمَامُ الْأَوْحَدُ الْحَافِظُ نَاصِرُ السُّنَّةِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سعيدِ بْنِ حزم بْنِ غالبٍ الْأَنْدَلُسِيُّ رحمه الله وَغَفَرَ لَهُ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى، وَصَلَّى اللَّهُ

- ‌الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: خُلَاصَةٌ فِي أَعْمَالِ الْحَجِّ أَعْلَمَ رَسُولُ اللَّهِ عليه السلام النَّاسَ أَنَّهُ حَاجٌّ، ثُمَّ أَمَرَ بِالْخُرُوجِ لِلْحَجِّ فَأَصَابَ النَّاسَ بِالْمَدِينَةِ جُدَرِيٌّ أَوْ حَصْبَةٌ، مَنَعَتْ مَنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ تَمْنَعَ مِنَ الْحَجِّ مَعَهُ، فَأَعْلَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً، وَخَرَجَ رَسُولُ

- ‌الْفَصْلُ الثَّانِي: الْأَدِلَّةُ عَلَى أَعْمَالِ الْحَجِّ هَذَا حِينَ نَأْخُذُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عز وجل فِي ذِكْرِ الْأَحَادِيثِ الشَّوَاهِدِ لِكُلِّ مَا ذَكَرْنَا. أَمَّا قَوْلُنَا: أعْلَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ أَنَّهُ حَاجٌّ، ثُمَّ خَرَجَ عليه السلام عَامِدًا إِلَى مَكَّةَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ الَّتِي لَمْ يَحُجَّ مِنَ الْمَدِينَةِ مُنْذُ هَاجَرَ عَلَيْهِ

- ‌الْفَصْلُ الثَّالِثُ وَنَحْنُ الْآنَ نَأْخُذُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عز وجل بِتَأْيِيدِهِ وَعَوْنِهِ فِي إِيرَادِ مَا يَظُنُّهُ الظَّانُّ أَنَّهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ مُعْتَرِضٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَأَثْبَتْنَا، وَمُبَيِّنُونَ وَجْهَ نَفْيِ التَّعَارُضِ عَلَى كُلِّ ذَلِكَ حَتَّى يَلُوحَ الِاتِّفَاقُ فِيهَا بَيْنَنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَبِهِ عز وجل نَعْتَصِمُ وَنَتَأَيَّدُ

- ‌الْبَابُ الثَّانِي: تَعَارُضٌ فِي طِيبِهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ رحمه الله: مَوَّهَ قَوْمٌ إِمَّا لِسَبَبِ الْجَهْلِ، وَإِمَّا عَمْدًا فَهُوَ أَشَدُّ فِيمَا رُوِّينَا مِنْ طِيبِهِ عليه السلام لِإِحْرَامِهِ بِالْحَدِيثِ الْمَأْثُورِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي أَوَّلِ هَذَا الْكِتَابِ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ، عَنْ

- ‌الْبَابُ الثَّالِثُ: الِاخْتِلَافُ فِي: أَيْنَ صَلَّى صلى الله عليه وسلم الظُّهْرَ يَوْمَ خُرُوجِهِ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَثَانِيَ ذَلِكَ الْيَوْمِ قَدْ ذَكَرْنَا، أَوَّلَ كِتَابِنَا هَذَا، قَوْلَ أَنَسٍ أَنَّهُمْ صَلُّوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَالْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ يَوْمَ خُرُوجِهِ إِلَى

- ‌الْبَابُ الرَّابِعُ: الِاخْتِلَافُ فِي أَمْرِهِ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابَهُ رضي الله عنهم بِفَسْخِ الْحَجِّ، وَالْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي التَّخْيِيرِ فِي ذَلِكَ، أَوِ الْإِلْزَامِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: قَدْ ذَكَرْنَا الْأَحَادِيثَ كُلَّهَا، وَبَيَّنَا أَنَّ تِلْكَ الْأَحَادِيثَ كَانَتْ فِي أَوْقَاتٍ شَتَّى، وَأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام أَبَاحَ

- ‌الْبَابُ الْخَامِسُ: الِاخْتِلَافُ فِي أَمْرِهِ النُّفَسَاءَ الْمُحْرِمَةَ مَاذَا تَفْعَلُ قَدْ ذَكَرْنَا فِي صَدْرِ خَبَرٍ قَائِمٍ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ أَمَرَ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ الْخَثْعَمِيَّةَ إِذْ وَلَدَتْ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ بِأَنْ تَغْتَسِلَ وَتَسْتَثْفِرَ بِثَوْبٍ وَتُهِلَّ، وَحَدِيثُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ بِمِثْلِ ذَلِكَ

- ‌الْبَابُ الثَّامِنُ: بَقِيَّةٌ مِنْ صِفَةِ طَوَافِهِ صلى الله عليه وسلم وَسَعْيِهِ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: قَدْ ذَكَرْنَا رِوَايَةَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ، أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم طَافَ بِالْبَيْتِ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ رَاكِبًا عَلَى بَعِيرٍ، وَقَالَ جَابِرٌ: إِنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا

- ‌الْبَابُ التَّاسِعُ: اخْتِلَافٌ فِي طَلْحَةَ، أَكَانَ مَعَهُ هَدْيٌ أَمْ لَا؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: قَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُسْلِمٍ الْقُرِّيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ طَلْحَةَ كَانَ مِمَّنْ سَاقَ الْهَدْيَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَقَدِ اضْطُرِبَ فِي ذَلِكَ عَلَى شُعْبَةَ

- ‌الْبَابُ الْعَاشِرُ: فِي بَيَانِ مَا نَتَخَوَّفُ مِنْ أَنْ يَسْبِقَ إِلَى قَلْبِ بَعْضِ مَنْ لَا يُنْعَمُ النَّظَرَ مِنْ أَنَّ أَمَرَهُ صلى الله عليه وسلم عَلِيًّا وَأَبَا مُوسَى بِمَا أَمْرَهُمَا بِهِ كَانَ مُخْتَلِفًا، وَمَا ظَنَّهُ قَوْمٌ مِنْ أَنَّ إِهْلَالَ عَلِيٍّ وَأَبِي مُوسَى حُجَّةٌ فِي إِبَاحَةِ الْإِهْلَالِ بِلَا نِيَّةٍ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ رحمه الله: قَدْ

- ‌الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ: الِاخْتِلَافُ فِي تَكْفِينِ الْمُحْرِمِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: قَدْ ذَكَرْنَا أَمْرَهُ عليه السلام أَنْ يُكَفَّنَ الْمُحْرِمُ فِي ثَوْبَيْهِ بَادِيًا رَأْسَهُ وَوَجْهَهُ، غَيْرَ مُغَطَّيَيْنِ، وَلَا يُحَنَّطُ وَلَا يُمَسُّ بِطِيبٍ، فَوَجَبَ هَذَا فَرْضًا عَلَيْنَا فِي مَنْ مَاتَ مِنَ الْمُحْرِمِينَ، وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى غَيْرِ هَذَا قَوْمٌ، فَرَأَوْا أَنْ

- ‌الْبَابُ الثَّانِيَ عَشَرَ: خِلَافٌ وَرَدَ فِي تَقْدِيمِ الصَّلَاةِ عَلَى الْخُطْبَةِ فِي عَرَفَةَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: قَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ جَابِرٍ فِي خُطْبَتِهِ صلى الله عليه وسلم بِعَرَفَةَ، ثُمَّ جَمْعِهِ بَعْدَهَا بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَقَدْ رُوِّينَا خِلَافَ ذَلِكَ

- ‌الْبَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ: الْخِلَافُ فِي خُطْبَتِهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ أَعْلَى رَاحِلَتِهِ أَمْ عَلَى مِنْبَرٍ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: قَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ جَابِرٍ، وَأَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ النَّاسَ يَوْمَ عَرَفَةَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَقَدْ رُوِّينَا أَيْضًا ذَلِكَ عَنْ غَيْرِ جَابِرٍ

- ‌الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ: الْخِلَافُ الْوَارِدُ فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ بِعَرَفَةَ بِجَمْعِ صَلَاتَيِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِهَا وَمُزْدَلِفَةَ بِجَمْعِ صَلَاتَيِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ الْآخِرَةِ بِهَا قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: أَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَمَعَ بَيْنَ صَلَاتَيِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِعَرَفَةَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ لَهُمَا

- ‌الْبَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ: الِاخْتِلَافُ فِي طَوَافِهِ صلى الله عليه وسلم بِالْبَيْتِ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ مِنْ مِنًى يَوْمَ النَّحْرِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: قَدْ ذَكَرْنَا الرِّوَايَةَ عَنْ جَابِرٍ وَعَائِشَةَ فِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَفَاضَ يَوْمَ النَّحْرِ، وَصَلَّى بِمَكَّةَ، وَذَكَرِنَا الرِّوَايَةَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ

- ‌الْبَابُ السَّادِسَ عَشَرَ: الِاخْتِلَافُ فِي عَدَدِ مَا رَمَى بِهِ الْجَمْرَةَ مِنَ الْحَصَى صلى الله عليه وسلم قَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا خَلَا مِنْ كِتَابِنَا هَذَا حَدِيثَ جَابِرٍ فِي أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم رَمَى الْجَمْرَةَ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ

- ‌الْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ: الِاخْتِلَافُ فِي عَدَدِ مَا نَحَرَ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْبُدْنِ بِمِنًى قَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ جَابِرٍ فِي ذَلِكَ وَأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَحَرَ مِنْهَا ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بَدَنَةً، وَنَحَرَ عَلِيٌّ مَا غَبَرَ، وَقَدْ جَاءَتِ الرِّوَايَاتُ فِي ذَلِكَ بِبَيَانِ كِلَا الْعَدَدَيْنِ

- ‌الْبَابُ الثَّامِنَ عَشَرَ: الِاخْتِلَافُ فِي الْكَبْشَيْنِ أَيْنَ تَنَحَّى بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: قَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا خَلَا مِنْ كِتَابِنَا هَذَا حَدِيثُ أَبِي بَكْرَةَ، وَذِكْرَهُ خُطْبَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى، وَقَوْلَهُ عليه السلام: «أَلَيْسَ هَذِهِ بِالْبَلْدَةِ»

- ‌الْبَابُ التَّاسِعَ عَشَرَ: الِاخْتِلَافُ فِي إِهْدَائِهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ نِسَائِهِ وَالرِّوَايَةُ فِي ذَلِكَ فِي أَمْرِ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: قَدْ ذَكَرْنَا فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الرِّوَايَةَ فِي تَضْحِيَتِهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ نِسَائِهِ بِالْبَقَرِ، وَأَنَّ ذَلِكَ هُوَ مَعْنَى مَا رُوِيَ أَيْضًا

- ‌الْبَابُ الْعِشْرُونَ: الِاخْتِلَافُ فِي لَفْظِهِ صلى الله عليه وسلم لِعَائِشَةَ إِذْ حَاضَتْ، وَهِيَ مُعْتَمِرَةٌ، فَأَمَرَهَا صلى الله عليه وسلم بِعَمَلِ الْحَجِّ، وَالِاخْتِلَافُ فِي مَوْضِعِ طُهْرِهَا رضي الله عنها

- ‌الْبَابُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ: الِاخْتِلَافُ فِي كَيْفِيَّةِ حَالِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَيْثُ شَرِبَ مِنْ زَمْزَمَ

- ‌الْبَابُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ: الِاخْتِلَافُ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْزِلُنَا غَدًا بِخِيفِ بَنِي كِنَانَةَ» قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: قَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا خَلَا مِنْ كِتَابِنَا هَذَا قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم: إِنَّهُ نَازِلٌ بِخِيفِ بَنِي كِنَانَةَ، حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ، وَأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ

- ‌الْبَابُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ: الِاخْتِلَافُ فِي مُدَّةِ مُقَامِهِ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ رحمه الله: قَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا سَلَفَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا قَوْلَ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرًا، وَأَقَمْنَا الْبُرْهَانَ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ، وَقَدْ رُوِّينَا رِوَايَةً

- ‌الْبَابُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِفَسْخِ الْحَجِّ بِعُمْرَةٍ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَالْأَحَادِيثُ الَّتِي يُظَنُّ أَنَّهَا مُعَارِضَةٌ لَهَا أَوْ نَاسِخَةٌ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: قَدْ ذَكَرْنَا مِنْهَا طَرَفًا فِيمَا سَلَفَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا، وَنَحْنُ مُورِدُوهَا هُنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ

- ‌الْبَابُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ: الِاخْتِلَافُ فِي كَيْفِيَّةِ إِهْلَالِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِحَجٍّ مُفْرَدٍ، أَمْ بِعُمْرَةٍ مُفْرَدَةٍ، تَمَتَّعَ بِهَا ثُمَّ حَجَّ مِنْ شَهْرِهِ، أَمْ بِعُمْرَةٍ وَحَجٍّ مَعًا قَرَنَ بَيْنَهُمَا، وَالِاخْتِلَافُ فِي مَوْضِعِ إِهْلَالِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌ذِكْرُ مَا تَعَلَّقَ بِهِ مَنِ ادَّعَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَهَلَّ بِحَجٍّ مُفْرَدٍ

- ‌ذِكْرُ مَا تَعَلَّقَ بِهِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ مُتَمَتِّعًا بِالْعُمْرَةِ مُفْرَدَةً، ثُمَّ حَجَّ

- ‌ذِكْرُ الْأَحَادِيثِ الْمُبَيِّنَةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ قَارِنًا بَيْنَ عُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ أَهَلَّ بِهِمَا جَمِيعًا مَعًا

- ‌الْبَابُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ شَيْءٌ ادَّعَاهُ الْمَالِكِيُّونَ تَعَارُضًا فِي أَمْرِهِ صلى الله عليه وسلم الرَّجُلَ وَالْخَثْعَمِيَّةَ بِالْحَجِّ عَنْ أُمِّهِ وَعَنْ أَبِيهَا قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: قَدْ ذَكَرْنَا بَعْضَ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ، وَنُعِيدُ مِنْهَا هَا هُنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَحَادِيثَ صِحَاحًا مُتَظَاهِرَةً مُتَنَاصِرَةً، يُبْطِلُ

- ‌الْبَابُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ تَعَارُضُ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله:

- ‌الْبَابُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ: فِي تَعَارُضٍ وَرَدَ فِي يَوْمِ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: قَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا خَلَا مِنْ كِتَابِنَا حَدِيثًا فِي أَنَّهُ يَوْمُ النَّحْرِ، وَلَا عَلَيْنَا أَنْ نُعِيدَهُ فِي مَعْنَاهُ وَهُوَ

- ‌الْبَابُ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ مُسْتَدْرَكٌ وَرَدَ فِي تَعَارُضٍ وَرَدَ فِي أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي قِرَانِهِ وَفِي أَمْرِهِ مِنَ الْهَدْيِ مَعَهُ بِالْقِرَانِ وَالْمُتْعَةِ

الفصل: ‌الباب السادس والعشرون شيء ادعاه المالكيون تعارضا في أمره صلى الله عليه وسلم الرجل والخثعمية بالحج عن أمه وعن أبيها قال أبو محمد رحمه الله: قد ذكرنا بعض الأحاديث الواردة في ذلك، ونعيد منها ها هنا إن شاء الله تعالى أحاديث صحاحا متظاهرة متناصرة، يبطل

‌الْبَابُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ شَيْءٌ ادَّعَاهُ الْمَالِكِيُّونَ تَعَارُضًا فِي أَمْرِهِ صلى الله عليه وسلم الرَّجُلَ وَالْخَثْعَمِيَّةَ بِالْحَجِّ عَنْ أُمِّهِ وَعَنْ أَبِيهَا قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: قَدْ ذَكَرْنَا بَعْضَ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ، وَنُعِيدُ مِنْهَا هَا هُنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَحَادِيثَ صِحَاحًا مُتَظَاهِرَةً مُتَنَاصِرَةً، يُبْطِلُ

اللَّهُ تَعَالَى بِهَا الْبَاطِلَ

ص: 463

526 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ التَّمِيمِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ التَّنُّورِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ يَزِيدُ بْنُ حُمَيْدٍ الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ سَلَمَةَ الْهُذَلِيُّ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَمَرَتِ امْرَأَةُ سِنَانٍ الْجُهَنِيِّ أَنْ يَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ أُمَّهَا مَاتَتْ وَلَمْ تَحُجَّ، أَفَيُجْزِئُ عَنْ أُمِّهَا أَنْ تَحُجَّ عَنْهَا؟ قَالَ:«نَعَمْ، لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّهَا دَيْنٌ فَقَضَتْهُ عَنْهَا، أَلَمْ يَكُنْ يُجْزِئُ عَنْهَا، فَلْتَحُجَّ عَنْ أُمِّهَا»

ص: 463

527 -

وَأَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، أَخْبَرَنِي عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خُرَّزَاذَ أَنْطَاكِيٌّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَكِيمٍ الْأَوْدِيُّ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّؤَاسِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ

⦗ص: 464⦘

عَبَّاسٍ، أَنَّ امْرَأَةً، سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَبِيهَا، مَاتَ وَلَمْ يَحُجَّ، قَالَ:«فَحُجِّي عَنْ أَبِيكِ»

ص: 463

528 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ هُوَ ابْنُ رَاهَوَيْهِ، أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ وَالظَّعْنَ، قَالَ:«حُجَّ عَنْ أَبِيكَ وَاعْتَمِرْ»

ص: 464

529 -

وَأَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ خُشَيْشُ بْنُ أَصْرَمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّ أَبِي مَاتَ وَلَمْ يَحُجَّ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ:«أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيكِ دَيْنٌ، أَكُنْتَ قَاضِيَهُ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:«فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ»

ص: 464

530 -

أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ النَّبَاتِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَوْنِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْخُشَنِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ

⦗ص: 465⦘

بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ هُوَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي وَحْشِيَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ امْرَأَةً نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ فَمَاتَتْ، فَأَتَى أَخُوهَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ:«أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَى أُخْتِكَ دَيْنٌ، أَكُنْتَ قَاضِيَهُ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:«فَاقْضُوا اللَّهَ؛ فَهُوَ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ»

ص: 464

531 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ هُوَ ابْنُ رَاهَوَيْهِ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ خَثْعَمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ، لَا يَسْتَطِيعُ الرُّكُوبَ، وَأَدْرَكَتْهُ فَرِيضَةُ اللَّهِ فِي الْحَجِّ، فَهَلْ يُجْزِئُ أَنْ أَحُجَّ عَنْهُ؟ قَالَ:«أَنْتَ أَكْبَرُ وَلَدِهِ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:«أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، أَكُنْتَ تَقْضِيهِ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:«فَحُجَّ عَنْهُ»

ص: 465

532 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ الْأَسَدِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ، قَالَ: كُنْتُ رَدِيفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أُمِّي عَجُوزٌ كَبِيرَةٌ إِنْ حَزَمَهَا خَشِيَ أَنْ يَقْتُلَهَا، وَإِنْ لَمْ يَحْزِمْهَا لَمْ تَسْتَمْسِكْ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَحُجَّ عَنْهَا

ص: 465

533 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّلَمَنْكِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَوْنِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أُمِّي عَجُوزٌ كَبِيرَةٌ، إِنْ حَزَمْتُهَا عَلَى الرَّحْلِ خَشِيتُ عَلَيْهَا، وَإِنْ حَمَلْتُهَا لَمْ تَسْتَمْسِكْ عَلَى الرَّحْلِ، قَالَ: حُجَّ عَنْ أُمِّكَ، قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ هَذَا هُوَ أَبُو سَعِيدٍ التُّسْتَرِيُّ، بَصْرِيٌ، كَانَ يَنْزِلُ بِأَهْلِهِ عِنْدَ مَقْبَرَةِ بَنِي سَهْمٍ، مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ، وَقِيلَ: مَاتَ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ، يَرْوِي عَنْهُ وَكِيعٌ وَالْحَجَّاجُ وَغَيْرُهُمَا، ثِقَةٌ ثَبَتٌ، وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ الْكُوفِيُّ، وَأَبُو حَفْصٍ عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الصَّيْرَفِيُّ الْفَلَّاسُ، وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَأَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَالنَّسَائِيُّ، كُلُّهُمْ أَطْلَقَ عَلَيْهِ اسْمَ الثِّقَةِ، وَكَانَ يَرْوِي عَنِ الْحَسَنِ فَيُعْرِبُ، وَيَرْوِي عَنِ ابْنِ سِيرِينَ فَيَلْحَنُ، وَلَيْسَ هُوَ يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الَّذِي يَرْوِي عَنْ قَتَادَةَ، وَذَلِكَ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَغَيْرُ مُنْكَرٍ أَنْ يُرْدِفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عُبَيْدَ اللَّهِ وَغَيْرَهُ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: فَهَذِهِ آثَارٌ مُتَظَاهِرَةٌ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَأَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ رضي الله عنهم، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ سَأَلَهُ جَمَاعَةٌ فِي وُجُوهٍ مُخْتَلِفَةَ؛ فَأَفْتَاهُمْ

⦗ص: 467⦘

كُلُّهُمْ صلى الله عليه وسلم بِتَأْدِيَةِ الْحَجِّ عَنِ الَّذِي لَا يُطِيقُهُ، وَعَنِ الْمَيِّتِ: امْرَأَةٌ عَنْ أَبِيهَا، لَا يَسْتَطِيعُ الْحَجَّ، وَامْرَأَةٌ عَنْ أُمِّهَا مَاتَتْ وَلَمْ تَحُجَّ حَجًّا لَزِمَهَا بِنَذْرٍ، وَلَا يُقْدِمُ أَحَدٌ عَلَى أَنْ يَقُولَ: إِنَّهَا مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ إِلَّا كَذَّابٌ يُكَذِّبُ الصَّحَابَةَ وَالْأَثْبَاتَ الَّذِينَ رَوَوْا ذَلِكَ كُلِّهِ عَنْهُمُ الَّذِينَ تَقْلِيدُهُ الَّذِي يُهْلِكُهُ فِي أُخْرَاهُ، فَصَارَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي حَدِّ نَقْلِ التَّوَاتُرِ الَّذِي يَقْطَعُ الْعُذْرَ، فَأَقْدَمَ قَوْمٌ عَلَى خِلَافِهِ

ص: 466

534 -

كَمَا حَدَّثَنَا حُمَامُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاجِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَشْوَرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْحُذَاقِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَجُلًا، سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: أَحُجُّ عَنْ أَبِي؟ قَالَ: «نَعَمْ إِنْ لَمْ تَزِدْهُ خَيْرًا لَمْ تَزِدْهُ شَرًّا»

ص: 467

535 -

وَبِمَا أَخْبَرَنِيهِ أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَنَسٍ الْعُذْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُسَيْنِ بْنِ عِقَالٍ الْقُرَيْنَشِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّيْنَوَرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَرِيمٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْعَدَوِيِّ ثُمَّ الْبُخَارِيِّ، أَنَّ امْرَأَةً، مِنَ الْعَرَبِ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لِتَحُجِّي عَنْهُ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ بَعْدَهُ»

ص: 468

536 -

وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ فَحْلُونَ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَحْيَى بْنِ يُوسُفَ الْمَغَامِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ

⦗ص: 469⦘

الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ صَالِحٍ الطَّلْحِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ رَبِيعَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يَحُجُّ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ إِلَّا وَلَدٌ عَنْ وَالِدٍ»

ص: 468

537 -

وَبِهِ إِلَى ابْنِ حَبِيبٍ: حَدَّثَنِي مُطَرِّفٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْكَدِيدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَبَّانِ الْأَنْصَارِيَّ، أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ، لَا يَقْوَى عَلَى الْحَجِّ، قَالَ:«فَلْتَحُجِّي عَنْهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ بَعْدَهُ» قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رحمه الله: هَذَا كُلُّ مَا تَعَلَّقُوا بِهِ. فَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي فِيهِ: «وَلَيْسَ لِأَحَدٍ بَعْدَهُ» ، فَفِي غَايَةِ السِّقُوطِ وَالْوَهْيِ؛ لِأَنَّهُ مُرْسَلٌ، وَمَعَ ذَلِكَ فِيهِ مَجْهُولَانِ لَا يُعْرَفُ مَنْ هُمَا، وَهُمَا: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَرِيمٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى وَأَحَدُهُمَا مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ مُطَرِّفِ، عَنْ مَجْهُولِينَ مُرْسَلٌ مَعَ ذَلِكَ فَهُوَ لَا شَيْءَ. وَلَوْ صَحَّ لَكَانَ حُجَّةً عَلَيْهِمْ لَا لَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ أَوَّلُ مَنْ يَعْصِي هَذَا الْحَدِيثَ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ مَنِ اسْتَجَازَ التَّمْوِيهَ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ يَرَوْنَ الْحَجَّ عَنِ الْمَيِّتِ إِذَا أَوْصَى بِهِ، وَيَقْضُونَ بِذَلِكَ، وَيُجْبِرُونَ الْوَرَثَةَ وَالْأَوْصِيَاءَ عَلَى إِنْفَاذِهِ، فَقَدْ خَالَفُوا مَا رَوَوْا فِي

⦗ص: 470⦘

هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ أَنَّ الْحَجَّ مِنَ الْمَرْءِ عَنْ آخَرَ لَيْسَ لِأَحَدٍ بَعْدَ أَبِي الْخَثْعَمِيَّةِ، وَلَيْسَ فِي النَّقْضِ أَكْثَرُ مِنِ احْتِجَاجِ الْمَرْءِ بِشَيْءٍ هُوَ أَوَّلُ مَنْ يُخَالِفُهُ، وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَأَمَّا الَّذِي فِيهِ:«لَا يَحُجُّ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ إِلَّا وَلَدٌ عَنْ وَالِدٍ» ، فَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ حَبِيبٍ، وَرِوَايَتُهُ مُطَّرَحَةٌ سَاقِطَةٌ، وَبَلِيَّةٌ مِنَ الْبَلَايَا، لَوْ رُوِيَ عَنِ الثِّقَاتِ. فَكَيْفَ عَنِ الطَّلْحِيِّ الَّذِي لَا يُعْرَفُ مَنْ هُوَ؟ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ، وَهُو سَاقِطٌ وَمُرْسَلٌ مَعَ ذَلِكَ، وَهُمْ أَيْضًا لَا يَقُولُونَ بِهِ مَعَ ذَلِكَ. وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ أَصْلًا عَلَى أَنَّهُ قَدْ قِيلَ فِيهِ: إِنَّهُ مَعْلُولٌ، وَإِنَّ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِيَّ أَخْطَأَ فِيهِ، وَلَكِنَّا لَا نَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ، بَلْ نَقُولُ: إِنَّهُ صَحِيحٌ، وَلَكِنَّهُ عَلَيْهِمْ لَا لَهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ: إِنَّ أَبَاهُ لَمْ يَكُنْ حَجَّ، وَلَا أَنَّهُ حَيٌّ، وَلَا أَنَّهُ مَيِّتٌ، وَلَا أَنَّهُ عَاجِزٌ عَنِ الْحَجِّ، وَإِنَّمَا فِيهِ: أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِأَنْ يَحُجَّ عَنْهُ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ

⦗ص: 471⦘

مِنْ ذَلِكَ، فَهَذَا عَلَيْهِمْ لَا لَهُمْ. وَأَمَّا مَا رُوِيَ فِيهِ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ لَمْ تَزِدْهُ خَيْرًا لَمْ تَزِدْهُ شَرًّا» ، فَصَدَقَ قَائِلُ هَذَا، قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ قَالَهُ غَيْرُهُ، وَلَا شَكَّ فِي صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ؛ لِأَنَّ مَنْ حَجَّ عَنْ غَيْرِهِ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يُقْبَلَ عَمَلُهُ فَيَزِيدَ الْمَجْمُوعُ عَنْهُ خَيْرًا بِلَا شَكٍّ، أَوْ لَا يُقْبَلَ فَلَيْسَ يَلْحَقُ الْمَيِّتَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، فَأَيُّ حُجَّةٍ لَهُمْ فِي هَذَا لَوْلَا التَّعَسُّفُ وَالْعَمَى الْمُهْلِكُ؟ . فَإِنْ قَالُوا: إِنَّ عَمَلَ الْمَرْءِ لَا يَلْحَقُ غَيْرَهُ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم: 39]، قِيلَ لَهُمْ: إِنَّ الَّذِي أَتَانَا بِهَذَا عَنِ اللَّهِ عز وجل هُوَ الَّذِي أَمَرَنَا بِأَنْ نَحُجَّ عَمَّنْ لَمْ يَحُجَّ مِنْ عَاجِزِي الْأَحْيَاءِ وَمِنَ الْمَوْتَى الَّذِينَ لَمْ يَحُجُّوا، فَمَنْ صَدَّقَهُ فِي الْوَاحِدَةِ صَدَّقَهُ فِي الثَّانِيَةِ، وَمَنْ كَذَّبَهُ فِي الْوَاحِدَةِ أَوْ عَصَاهُ فَمَا يَنْتَفِعُ بِدَعْوَاهُ تَصْدِيقَهُ فِي الثَّانِيَةِ. فَإِنْ قَالُوا: عَمَلُ الْأَبَدِ أَنْ لَا يُؤَدِّيَهُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ، قِيلَ لَهُمُ: الْقِيَاسُ فَاسِدٌ، وَلَوْ كَانَ حَقًّا لَكَانَ هَا هُنَا عَلَيْكُمْ وَهَادِمًا لِمَذْهَبِكُمْ، وَكَانَ يُقَالُ لَكُمُ: الْفَرَائِضُ قِسْمَانِ: قِسْمٌ فِي الْأَمْوَالِ، وَقِسْمُ عَلَى الْأَبْدَانِ، وَكِلَاهُمَا مُفْتَرَضٌ، وَكِلَاهُمَا مُحَرَّمٌ إِلَّا بِحَقِّهِ، فَقِيسُوا أَعْمَالَ الْأَبْدَانِ عَلَى أَعْمَالِ الْأَمْوَالِ، فَكَمَا يُؤَدِّي الْمَرْءُ فَرْضَ الْمَالِ عَنْ غَيْرِهِ كَذَلِكَ يُؤَدِّي عَنْهُ عَمَلَ الْبَدَنِ، لَا سِيَّمَا مَعَ قَوْلِهِ عليه السلام:«لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيكَ دَيْنٌ» ، فَجَعَلَ أَدَاءَ الْحَجِّ كَأَدَاءِ الدَّيْنِ

⦗ص: 472⦘

، وَمِنْ أَعْجَبِ شَيْءٍ احْتِجَاجُهُمْ بِهَذَا الْحَدِيثِ فِي إِثْبَاتِ الْقِيَاسِ، وَهُمْ عَاصُونَ لَهُ، أَفَيَكُونُ أَعْجَبُ مِمَّنْ يَحْتَجُّ بِحَدِيثٍ فِي غَيْرِ مَا قَصَدَهُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَيُخَالِفُهُ فِيمَا قَصَدَهُ بِهِ؟ وَلَيْسَ هَذَا الْقَوْلُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ بَابِ الْقِيَاسِ فِي وَرَدَ وَلَا صَدَرَ، وَإِنَّمَا هُوَ تَسْوِيَةٌ بَيْنَ وُجُوبِ الْحُكْمَيْنِ فِي أَنَّ كِلَيْهِمَا دَيْنٌ فَقَطْ، وَإِخْبَارٌ مِنْهُ عليه السلام بَأَنَّ دُيُونَ اللَّهِ تَعَالَى أَوْكَدُ مِنْ دُيُونِ النَّاسِ بِخِلَافِ مَا يَقُولُ خُصُومُنَا، وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَمِنَ الْعَجَبِ أَنَّهُمْ قَالُوا: إِنْ أَوْصَى بِأَنْ يُحَجَّ عَنْهُ حُجَّ عَنْهُ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَمَرَ بِهِ فَدَخَلَ فِي سَعْيِهِ الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم: 39]، فَيُقَالُ لَهُمْ: مَا تَقُولُونَ إِنْ أَوْصَى أَنْ يُصَامَ عَنْهُ؟ فَعَنْ قَوْلِهِمْ: لَا يُصَامُ عَنْهُ، فَيُقَالُ لَهُمْ: قَدْ نَقَضْتُمْ عِلَّتَكُمُ الْفَاسِدَةَ فِي قَوْلِكُمْ: إِنَّهُ دَخَلَ بِوَصِيَّتِهِ بِهِ فِي جُمْلَةِ سَعْيِهِ، فَقُولُوا أَيْضًا: إِنَّهُ قَدْ دَخَلَ الصَّوْمُ بِوَصِيَّتِهِ بِهِ فِي جُمْلَةِ سَعْيِهِ. فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: إِنَّ الْحَجَّ لَهُ تَصَرُّفٌ فِي الْمَالِ، فَلِذَلِكَ جَازَ أَنْ يُؤَدَّى عَنْهُ. فَيُقَالُ لَهُمْ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ: هَذِهِ الْحُجَّةُ، مَنْ أَتَاكُمْ بِهَا؟ وَمِنْ أَيْنَ أَصَّلْتُمْ هَذَا الْأَصْلَ الْفَاسِدَ؟ وَقَدْ أَرَيْنَاكُمْ أَنَّهُ فَاسِدٌ بِأَنَّهُ دَعْوَى مُجَرَّدَةٌ بِلَا دَلِيلٍ، وَأَنَّ الدَّلِيلَ يُفْسِدُهَا؟ وَقَدْ جَاءَ النَّصُّ فِي وُجُوبِ الصِّيَامِ عَنِ الْمَيِّتِ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَجِّ عَنْهُ وَلَا فَرْقَ، وَلَيْسَ مَا ادَّعَوْهُ مِنَ الْمَنْعِ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ إِجْمَاعًا بَلْ قَدْ قَالَ بِإِيجَابِ الصَّلَاةِ عَنِ الْمَيِّتِ طَائِفَةٌ، وَهُمْ أَوَّلُ مَنْ يَقُولُ بِذَلِكَ فَيُجِيزُونَ الصَّلَاةَ عِنْدَ الْمَقَامِ فِي الْحَجِّ عَنِ الْمَيِّتِ إِذَا أَوْصَى بِذَلِكَ، وَأَنْ يُرَتِّبَ الصَّلَاةَ بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ رُتْبَةَ مَا عَلَى الْمَيِّتِ، وَهَذَا ضِدُّ مَا ادَّعَوْهُ إِجْمَاعًا، فَقَدْ قَرَّرُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِمُخَالَفَتِهِمُ الْإِجْمَاعَ

⦗ص: 473⦘

. وَأَمَّا نَحْنُ فَلَسْنَا نَقُولُ إِلَّا بِمَا صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَطْ، فَأَمَرَ عليه السلام بِالْحَجِّ عَنِ الْمَيِّتِ، وَعَنِ الْعَاجِزِ، وَبِالصِّيَامِ عَنِ الْمَيِّتِ، وَبِقَضَاءِ النَّذْرِ عَنِ الْمَيِّتِ، فَنَقُولُ بِذَلِكَ، وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدَنَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَمُقَدَّمٌ عَلَى دُيُونِ النَّاسِ، وَعَلَى الْوَصَايَا، وَلَا شَيْءَ لِلدُّيُونِ إِلَّا مَا فَضَلَ عَنْ دُيُونِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَمْ يَأْتِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُؤَدَّى عَنْ أَحَدٍ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، فَلَمْ نَقُلْ بِذَلِكَ، وَلَوْ جَاءَ بِذَلِكَ نَصٌّ لَقُلْنَا بِهِ، وَلَكِنَّا نَقُولُ: مَنْ نَذَرَ صَلَاةً فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَهَا فَوَاجِبٌ عَلَى وَلِيِّهِ أَنْ يَقْضِيَهَا عَنْهُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِقَضَاءِ النَّذْرِ عَنِ الْمَيِّتِ " فَإِنْ قَالُوا: إِنَّ ابْنَ عُمَرَ، وَالْقَاسِمَ، وَإِبْرَاهِيمَ، وَأَيُّوبَ لَمْ يَرَوُا الْحَجَّ عَنِ الْمَيِّتِ، قِيلَ لَهُمْ: أَنْتُمْ أَوَّلُ مَنْ خَالَفَهُمْ فَأَجَزْتُمُ الْحَجَّ عَنِ الْمَيِّتِ، فَكَيْفَ تَحْتَجُّونَ بِشَيْءٍ تُخَالِفُونَهُ؟ وَهَذَا مِنَ الْجُرْأَةِ مَا هُوَ " وَحَتَّى لَوْ وَافَقْتُمُوهُمْ وَقُلْتُمْ بِالْمَنْعِ مِنَ الْحَجِّ عَنِ الْمَيِّتِ، فَقَدْ خَالَفَ مَنْ ذَكَرْنَا غَيْرَهُمْ مِثْلَهُمْ إِذْ قَدْ أَوْجَبَهُ قَتَادَةُ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، وَمُجَاهِدٌ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيِّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ، قَالُوا: أَوْصَى أَوْ لَمْ يُوصِ، وَالزُّهْرِيُّ قَالَ ذَلِكَ فِي الزَّكَاةِ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَصْحَابُ الظَّاهِرِ قَالُوا ذَلِكَ فِي الْحَجِّ وَالزَّكَاةِ وَجَمِيعِ دُيُونِ اللَّهِ عز وجل، وَلَا حُجَّةَ فِي أَحَدٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 469