الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأول: الاحتجاج بخبر الآحاد في العقائد
المبحث الثاني: إفادة خبر الآحاد العلم أو الظن
…
المبحث الأول: إفادة خبر الآحاد العلم (1) أو الظن (2)
لما كان البحث في الاحتجاج بخبر الآحاد في العقائد والأحكام، كان لزاماً علينا أن نصدر البحث بـ"هل يفيد خبر الآحاد العلم أو الظن؟ "؛ لأن من قال: إن خبر الآحاد يفيد العلم قال بالاحتجاج به في العقائد، ومن قال إنه يفيد الظن اختلفوا فيه: منهم من قال بالاحتجاج به في العقائد، ومنهم من قال بعدم الاحتجاج به.
وقبل أن أتعرض لآراء الأصوليين والمحدثين في هذا الأمر لا بد أن نحرر محل النزاع والخلاف.
حكى الشوكاني أن الخلاف في هذه المسألة مقيد بما إذا كان خبر الآحاد لم ينضم إليه ما يقويه أو كان مشهوراً أو مستفيضاً (3) .
والذي ذكره جمهور الأصوليين أن خبر الآحاد إذا تلقته الأمة بالقبول
(1) العلم: هو الاعتقاد الجازم المطابق للواقع (التعريفات للجرجاني/ 154) أما العلم الذي يفيده خبر الآحاد فقد اختلف فيه العلماء هل المراد به العلم الضروري وهو الذي يحصل دون استدلال، أو العلم النظري وهو الذي يحصل بعد نظر وتأمل، أو العلم اليقيني وهو القطعي الذي لا يحتمل الشك أو التردد. العدة ج1/88.
(2)
الظن: هو أحد طرفي الشك بصفة الرجحان (التعريفات / 144) ويطلق الظن على معنى العلم كما في قوله تعالى: {إني ظننت أني ملاق حسابيه} [الحاقة آية:20] وعلى معنى اليقين كما في قوله تعالى: {الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم} [سورة البقرة آية: 46] وعلى معنى الشك كما في قوله تعالى: {إن نظن إلا ظن وما نحن بمستيقنين} [سورة الجاثية آية: 32] .
(3)
إرشاد الفحول / 50.
أفاد العلم عند جماهير العلماء من السلف والخلف (1) .
والذي ذكره أيضاً أهل الحديث: "أن خبر الآحاد إذا تلقَّته الأمة بالقبول عملاً وتصديقاً يفيد العلم عند جماهير الأمة"(2) .
ومذهب الأئمة الأربعة أن خبر الآحاد إذا حفَّت به قرائن، وتلقته الأمة بالقبول يفيد العلم (3) .
وذكر ابن الصلاح أن من ضمن ما تلقته الأمة بالقبول ما انفرد به كل من البخاري ومسلم لتلقي الأمة كل واحد من كتابيهما بالقبول (4) .
وذكر ابن حجر أن خبر الآحاد المحتف بالقرائن المتصلة: منه ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما والمسلسل بالأئمة الحفاظ المتقنين (5) .
والذي نستطيع أن نقوله هو أنه اتفق أكثر أهل العلم من الأصوليين والمحدثين على أن خبر الآحاد إذا تلقته الأمة بالقبول أو احتفت به قرائن فإنه يفيد العلم.
ولكنهم اختلفوا فيما إذا لم تتلقَّه الأمة بالقبول ولم تحتف به قرائن هل يفيد العلم أو يفيد الظن؟
فذهب جمهور الأصوليين إلى أن خبر الواحد العدل لا يفيد إلا الظن (6) ،
(1) الإحكام للآمدي ج 2/ 31. المسودة/242 فواتح الرحموت ج 2/121. أصول السرخسي ج1/32.
(2)
شرح العقيدة الطحاوية / 228.
(3)
الإحكام للآمدي ج 2 / 32 شرح العضد ج 2 / 56 نهاية السول ج2 /215 غاية الوصول/97.
(4)
التقييد والإيضاح / 41 – علوم الحديث لابن الصلاح/ 25.
(5)
النزهة للحافظ ابن حجر / 15.
(6)
أصول السرخسي ج / 32 كشف الأسرار للبخاري ج 2 / 370 فواتح الرحموت ج 2/ 121.
وذهب جمهور أهل الظاهر وأهل الحديث إلى أن خبر الواحد العدل يفيد القطع (1) .
الأدلة:
استدل أصحاب المذهب الأول القائل بأن خبر الواحد لا يفيد إلا الظن وهم جمهور الأصوليين وعزاه النووي إلى الأكثرين والمحققين (2) بما يلي:
أولاً: أنا نعلم ضرورة أنا لا نصدق كل خبر نسمعه (3) فلو كان خبر الواحد مفيداً للعلم لما ورد احتمال الكذب. فلما احتمل الكذب في الخبر ثبت أنه لا يوجب العلم.
أجيب عن هذا الدليل بما يلي:
1 -
إننا جعلنا خبر الواحد مفيداً للعلم للقرائن التي انضمت إليه ككون المخبر من أهل العدالة وكون الخبر قد تلقته الأمة بالقبول، وقد حصل اتفاق على هذا ولم ينكره أحد ممَّنْ يعتدُّ بقوله.
2 -
إننا لم نقل إن كل خبر واحد مفيد للعلم، بل اشترطنا في الخبر أن يرويه العدل الضابط عن مثله، من أول السند إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة وقد أجمع أهل العلم على أنه لا يقبل إلا خبر الواحد العدل أما الفاسق فلا مجال للاحتجاج بحديثه ألبتة (4) .
(1) مختصر الصواعق ج 2 /480. المسودة / 242 المدخل / 91. شرح الروضة ج 2 / 603.
(2)
شرح النووي على صحيح مسلم ج 1 /20.
(3)
إتحاف ذوي البصائر بشرح روضة الناظر ج 3 / 123.
(4)
الإحكام للآمدي ج 2 / 32 المعتمد ج 2 /566.
3 -
هذا الدليل فيه ضعف؛ لأن حاصله يرجع إلى محض الدعوى في موضع الخلاف من غير دلالة ومع ذلك هي مقابلة بمثلها، وهو أن نقول:"ونحن نجد في أنفسنا العلم بذلك، وليس أحد الأمرين أولى من الآخر"(1) .
ثانياً: لو كان خبر الواحد مفيداً للعلم لما صح ورود خبرين متعارضين
- لاستحالة اجتماع الضدين - لكن رأينا وجود التعارض في أخبار الآحاد كثيراً. إذ لو كانت مفيدة للعلم لما وقع التعارض بينها؛ لأن الخبرين المفيدين للعلم لا يتعارضان (2) .
أجيب عن ذلك الدليل بما يلي:
1 -
أن خبر الواحد إذا حُفَّت به قرائن تدل على صدقه لا يسوغ ولا يجوز أن يتعارض مع غيره أبداً في الأمر نفسه إلا كما يسوغ ويجوز التعارض بين الأخبار المتواترة أو التعارض بين الآيات الكريمة، والتعارض في واقع الأمر نفسه لا يقع بين الأدلة الشرعية، وإنما يبدو لذهن المجتهد، وحينئذ لابد من الترجيح، وذلك بحمل العام على الخاص أو المطلق على المقيد أو الحقيقة على المجاز. وقبل الترجيح يسلك المجتهد طريقَ معرفةِ تاريخ ورود كل منهما، فإن علم تقدم أحدهما على الآخر حَكَمَ بالنسخ، ولا كلام في ذلك، فإن لم يعلم التاريخ فإنه يلجأ إلى الجمع بين الدليلين المتعارضين.
ثالثاً: أن خبر الواحد لو كان مفيداً للعلم لجاز أن ينسخ القرآن والحديث المتواتر، لكونه بمنزلتهما في إفادة العلم، ولكن لما لم يجز نسخ خبر الواحد للقرآن والحديث المتواتر دلَّ على أنه لا يفيد العلم فصارت مرتبته أقل
(1) إتحاف ذوي البصائر بشرح روضة الناظر ج 3/123.
(2)
الإحكام للآمدي ج 2/ 33. إتحاف ذوي البصائر بشرح روضة الناظر ج 3/ 123.
وأضعف من مرتبتهما فهو يفيد الظن.
أجيب عن الدليل بما يلي:
أن هذا القول على مذهب بعض العلماء، ولكن البعض الآخر قالوا إن خبر الواحد ينسخ القرآن والسنة المتواترة، والدليل على ذلك الوقوع، إذ روي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال:"بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آتٍ فقال: إن رسول الله قد أنزل عليه القرآن وقد أُمر أن يستقبل القبلة فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة"(1) .
والتحقيق الذي لا شك فيه هو جواز وقوع نسخ المتواتر بالآحاد الصحيحة الثابت تأخرها عنه، والدليل الوقوع (2) .
رابعاً: لو كان خبر الواحد مفيداً للعلم لأفاده على أي صفة وُجِد المُخْبِر، سواء أكان المخبر عدلاً أم فاسقاً نظراً لاستوائهما في حصول العلم بخبرهما ولكن خبر الواحد يشترط في المخبر أن يكون عدلاً تقوية له فلا يقبل خبر الفاسق، فلو كان خبر الواحد مفيداً للعلم لما فرق بينهما (3) .
أجيب عن هذا الدليل بما يلي:
نظراً إلى اشتراط العدالة في المخبر فإنه يقبل خبر الراوي العدل ولا يقبل خبر الراوي الفاسق، بخلاف الخبر المتواتر فنظراً لكثرتهم فإنه يستوي الفاسق والعدل وغيرهما فيه.
(1) صحيح مسلم بشرح النووي ج 5/10. كتاب المساجد. باب تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة.
(2)
مذكرة في أصول الفقه للشنقيطي/ 103.
(3)
إتحاف ذوي البصائر بشرح روضة الناظرج 3/ 125.
كما أن هذا قياس عكس وقياس العكس يفيد الظن.
خامساً: لو كان خبر الواحد مفيداً للعلم لحصل العلم بنبوة من يخبر بكونه نبياً من غير حاجة إلى معجزة دالة على صدقه (1) .
(1) الإحكام للآمدي ج 2/ 31.
أجيب عن هذا الدليل بما يلي:
أن النبوة أمر في غاية الندرة ونهاية العظمة والعادة تحيل صدق مُدَّعيها من غير معجزة دالة على صدقه؛ لأنه يخبرنا عن الله تعالى. أمَّا من يُخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنما يشترط فيه ما اتفق عليه من العدالة والضبط والإسلام والحفظ وغيرهما (1) .
أدلة المذهب الثاني:
وهو المذهب القائل بأن خبر الواحد العدل إذا صح فإنه يفيد العلم.
وذهب إلى هذا المذهب بعض أهل الحديث، وحكاه ابن حزم في الإحكام عن داود الظاهري، والحسين بن علي الكرابيسي، والحارث بن أسد المحاسبي، وقال: وبه نقول واختاره ابن خويز منداد من المالكية (2) وذكر
ابن القيم أكثر من عشرين وجهاً في كتابه الصواعق المرسلة تدل على ذلك نذكر منها ما يلي:
(1) التقرير والتحبير ج 2 /272.
(2)
الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم ج 1 /107. العدة ج 3 / 899. المسودة / 242. مختصر الصواعق 2/ 457. إتحاف ذوي البصائر ج 3 /127.
الأدلة من القرآن:
أولاً: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} : [سورة المائدة آية:67] وقوله تعالى: {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} [سورة النور آية:54] .
وجه الدلالة: أن الله سبحانه وتعالى أمر رسوله بالبلاغ، وحصر البلاغ عليه لأن البلاغ هو الذي تقوم به الحجة على المبلغ ويحصل به العلم فلو كان خبر الواحد لا يحصل به العلم. لم يقع به التبليغ الذي تقوم به حجة الله على العبد، فإن الحجة إنما تقوم بما يحصل به العلم وقد كان الرسول (يرسل الواحد من الصحابة يبلغ عنه فتقوم الحجة على من بلغه، وكذلك قامت حجته علينا بما بلغنا العدول الثقات من أقواله وأفعاله وسننه، ولو لم يفد العلم لم تقم علينا بذلك حجة (1) .
ثانياً: قوله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}
[سورة الإسراء آية:36] وقوله تعالى: {إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ} [سورة النجم آية:28] .
وجه الدلالة: حيث نهى الله سبحانه وتعالى عن اتباع الظن ونعى على من يتبع الظن، ولم يزل الصحابة ومن بعدهم يعتدُّون بأخبار الآحاد ويعملون بها ولو كانت لا تفيد علماً لكانوا قد قَفَوْا ما ليس لهم به علم واتبعوا الظن
(1) مختصر الصواعق 2/ 479.
المنهي عنه (1) .
الأدلة من السنة:
أولاً: بعث الرسول صلى الله عليه وسلم معاذاً إلى اليمن قائلاً له: "إنك تأتي قوماً أهل كتاب فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض في أموالهم صدقة ترد من أغنيائهم إلى فقرائهم"(2) .
وجه الدلالة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل رجلاً واحداً يبلغ شرائع الإسلام وقد قامت الحجة على أهل الكتاب بهذا الرجل، فلو كان مثل هذا البلاغ لا يفيد علماً لم تكن الحجة على أي إنسان يبلغه عن الله تعالى أو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيرده (3) .
ثانياً: عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: "بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أُنزل عليه القرآن وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة (4) .
وجه الدلالة: أنهم قبلوا خبره، وتركوا الجهة التي كانوا عليها، واستداروا إلى القبلة، ولم يُنْكِرْ عليهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، بل شُكروا على ذلك وكانوا على أمر مقطوع به من القبلة الأولى فلولا حصول العلم لهم بخبر الواحد لم يتركوا المقطوع به المعلوم لخبر لا يفيد العلم (5) .
(1) مختصر الصواعق 2/ 478.
(2)
صحيح البخاري ج2 /529. كتاب الزكاة – باب لا تؤخذ كرائم الناس في الصدقة.
(3)
مختصر الصواعق / 479.
(4)
صحيح مسلم بشرح النووي. ج 5/ 10 كتاب المساجد باب تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة.
(5)
مختصر الصواعق 2/ 477.
ثالثاً: أن أبا بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما لو رويا شيئاً عن النبي صلى الله عليه وسلم قد سمعاه منه أو أخبرا عن شيء قد رأياه، فإن السامع يصدق ذلك نظراً لحصول العلم بخبره، ولا يمكن أن يشك أدنى شك في هذا النقل (1) .
رابعاً: أن علماء السلف- رحمهم الله – قد أجمعوا على نقل أخبار صفات الله عز وجل، ومعروف أن تلك الصفات ليس فيها عمل وإنما المراد بها العلم والاعتقاد والإيمان بها من غير تأويل ولا تحريف ولا تعطيل ولا تشبيه فهنا أفادت أخبار الصفات العلم مع أن أكثرها آحاد، وسبب ذلك أن تلك الأخبار قد أيدت بقبول الأمة لها وعدم وجود أي منكر يعتد بقوله - منهم لها فهذا يدل دلالة واضحة على أن خبر الواحد يفيد العلم إذا توافرت فيه تلك الشروط.
تعقيب:
بعد عرض آراء العلماء في إفادة خبر الآحاد للعلم أو الظن وذكر أدلة كل منهم نستطيع أن نقول ما يلي:
أولاً: أن هذا الخلاف لفظي؛ لأن الذين يقولون إن خبر الآحاد يفيد الظن يقولون بوجوب العمل به فكيف يتصور العمل بدون علم؟ فالعمل فرع تصور العلم.
ثانياً: لا بد أن نستفسر عن حقيقة الظن الذي يفيده هل المراد به الشك والخرص والوهم والتخمين الوارد في قوله تعالى: {إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا
(1) إتحاف ذوي البصائر بشرح روضة الناظر ج 3 /130.
تَهْوَى الْأَنفُسُ} [سورة النجم آية:23] أو قوله تعالى: {إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [سورة النجم آية:28] أو قوله تعالى: {إِن نَّظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ} [سورة الجاثية آية:32] وهذا هو الظن المذموم.
أو المراد به الظن الغالب الملحق باليقين أو الظن الراجح دون مرتبة اليقين كما في قوله تعالى: {وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ} [سورة يوسف آية:110] وقوله تعالى: {وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ} [سورة ص آية: 24] . وهذا هو الظن المحمود.
ولا أعتقد أن أحداً من أهل العلم يقول بالمعنى الأول، وإنما المعنى الذي يتفق مع إفادة أخبار الآحاد هو الظن الغالب الملحق باليقين أو الظن الراجح دون مرتبة اليقين، يؤيد هذا أن من العلماء الذين قالوا بإفادة أخبار الآحاد للظن قالوا بوجوب الاحتجاج بها في العقائد كأبي الحسين البصري وابن عبد البر والغزالي والقرافي والنووي والبيضاوي والأسنوي.
ثالثاً: أن أهل الحديث - وقولهم مقدم على غيرهم في هذا الموضوع -
لم يختلفوا في إفادة أخبار الآحاد العلم، وإنما اختلفوا في نوعية العلم: أهو قطعي، أم ضروري أم نظري ولم يفرقوا بين أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم بعضها يفيد العلم وبعضها يفيد الظن لأن مصدر الأخبار عندهم واحد.
رابعاً: أن الذين قالوا إن أخبار الآحاد تفيد الظن نجدهم يقولون بصحة أقوال أئمتهم ومذاهبهم، مع أن هذه الأقوال وصلت إليهم بطريق الآحاد فكيف حصل لهم ذلك.