الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أهل البيت وخصائصهم:
من هم أهل البيت؟
ولا ريب أن الله قد أوجب فيهم من حرمة خلفائه وأهل بيته والسابقين الأولين، والتابعين لهم بإحسان ما أوجب.
وقدر روى الإمام أحمد والترمذي وغيرهما عن أم سلمة: أن هذه الآية لما نزلت أدار النبي صلى الله عليه وسلم كساءه على علي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم فقال: "اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا"2.
وسنته تفسر كتاب الله تبينه، وتدل عليه، وتعبر عنه.
= وفي المظالم باب 5. ومسلم في صحيحه في كتاب البر حديث 65، والترمذي في البر باب 18. النسائي في الزكاة باب 67. والإمام أحمد في المسند 4/104-405-409. وأورده السيوطي في الجامع الصغير حديث رقم 9143 وأشار إلى صحته بعد عزوه للشيخين والترمذي والنسائي.
1-
سورة الأحزاب: آية:28.
2-
الحديث أخرجه الترمذي في المناقب باب 60، والإمام أحمد في مسنده 1/331، 3/259،285،6/292-298-304.
فلما قال: "هؤلاء أهل بيتي" مع أن سياق القرآن يدل على أن الخطاب مع أزواجه، علمنا أن أزواجه وإن كنّ من أهل بيته كما دل عليه القرآن، فهؤلاء أحق بأن يكونوا أهل بيته، لأن صلة النسب أقوى من صلة الصهر1.
والعرب تطلق هذا البيان للاختصاص بالكمال لا للاختصاص بأصل الحكم، كقول النبي صلى الله عليه وسلم:" ليس المسكين بالطواف الذي ترده اللقمة واللقمتان، والتمرة والتمرتان، وإنما المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه، ولا يتفطن له فيتصدق عليه، ولا يسأل الناس إلحافا"2.
بين بذلك: أن هذا مختص بكمال المسكنة، بخلاف الطواف فإنه لا تكمل فيه المسكنة، لوجود من يعطيه أحيانا، مع أنه مسكين أيضا.
ويقال: هذا هو العالم، وهذا هو العدو، وهذا هو مسلم لمن كمل فيه ذلك وإن شاركه غيره في ذلك وكان دونه.
ونظير هذا "في"3 الحديث ما رواه مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن المسجد الذي أسس على التقوى فقال: " مسجدي هذا" يعني: مسجد المدينة. مع سياق القرآن في قوله عن مسجد الضرار: {لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ
1-المصاهرة: هي القرابة الناشئة بسبب الزواج.
2-
أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب التفسير سورة رقم 2، وفي الزكاة باب 53، وأبو داود في سننه في كتاب الزكاة باب 24. النسائي في سننه في كتاب الزكاة باب 76. والدارمي في مسنده كتاب الزكاة باب2. ومالك في الموطأ في كتاب صفة النبي حديث 7. والإمام أحمد في المسند 1/384-446،2/260-316-393-395-449-457-469. وأورده السيوطي في الجامع الصغير حديث رقم 7585 وعزاه إلى الشيخين وأبو داود والنسائي والإمام أحمد، وأشار إلى صحته.
3-
ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.
فِيهِ، فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} 1 يقتضي أنه مسجد قباء.
فإنه قد تواتر أنه قال لأهل قباء: " ما هذا الطهور الذي أثنى الله عليكم به؟ " فقالوا: لأننا نستنجي بالماء2".
لكن مسجده أحق بأن يكون مؤسسا على التقوى من مسجد قباء، وإن كان كل منهما مؤسسا على التقوى، وهو أحق أن يقوم فيه من مسجد الضرار.
فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم: إنه كان يأتي قباء كل سبت راكبا وماشيا، فكان يقوم في مسجده القيام الجامع يوم الجمعة، ثم يقوم يوم السبت 3. وفي كل منهما قد قام في المسجد المؤسس على التقوى.
ولما بين سبحانه أنه يريد أن يذهب الرجس عن أهل بيته ويطهرهم تطهيرا، دعا النبي صلى الله عليه وسلم أقرب أهل بيته وأعظمهم اختصاصا به، وهم: علي، وفاطمة رضي الله عنهما، وسيدي شباب أهل الجنة، جمع الله لهم بين أن قضى لهم بالتطهير، وبين أن قضى لهم بكمال دعاء النبي صلى الله عليه وسلم فكان من ذلك ما دلنا على أن إذهاب الرجس عنهم وتطهيرهم نعمة من الله، ليسبغها عليهم، ورحمة من الله وفضل لم يبلغوهما بمجرد حولهم وقوتهم، إذ لو كان كذلك
1-سورة التوبة آية:108.
2-
أخرجه الإمام أحمد في المسند 3/422،6/6. وابن ماجة في سننه في كتاب الطهارة باب28.
3-
أخرجه البخاري في صحيحه في فضل الصلاة في مسجد مكة باب3،6 وفي الاعتصام باب16. ومسلم في صحيحه في كتاب الحج حديث 515-519-521. وأبو داود في سننه في كتاب المناسك باب 95. والنسائي في سننه في كتاب المساجد باب9. ومالك في الموطأ كتاب السفر حديث 71. والإمام أحمد في المسند 2/5-30-57-58-65-72-80-101-108-155.
لاستغنوا بهما عن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، كان يظن من يظن أنه قد استغنى في هدايته وطاعته عن إعانة الله تعالى له، وهدايته إياه.
وقد ثبت أيضا بالنقل الصحيح: أن هذه الآيات لما نزلت قرأها النبي صلى الله عليه وسلم على أزواجه، وخيرهن كما أمره الله، فاخترن الله ورسوله والدار الآخرة، ولذلك أقرهن، ولم يطلقهن، حتى مات عنهن. ولو أردن الحياة الدنيا وزينتها لكان يمتعهن ويسرحهن كما أمره الله تعالى، فإنه صلى الله عليه وسلم أخشى الأمة لربه وأعلمهم بحدوده.
ولأجل ما دلت عليه هذه الآيات من مضاعفة للأجور والوزر بلغنا عن الإمام علي بن الحسين زين العابدين وقرة عين الإسلام أنه قال: "إني لأرجو أن يعطي الله للمحسن منا أجرين، وأخاف أن يجعل على المسيء منا وزرين".
وثبت في صحيح مسلم عن زيد بن أرقم أنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بغدير "خم" بين مكة والمدينة فقال: "وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بتي، أذكركم الله في أهل بتي". قيل لزيد بن أرقم: ومن أهل بيته؟ قال: الذين حرموا الصدقة: آل علي، وآل جعفر، وآل عقيل، وآل عباس. قيل لزيد: آكُلُ هؤلاء أهل بيته؟ قال: نعم" 1.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه صحاح أن الله لما أنزل عليه: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} .
سأل الصحابة: كيف يصلون عليه، فقال:" قولوا: اللهم صلي على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد".
1-الحديث أخرجه مسلم في الصحيح. الدارمي في فضائل القرآن باب1. والإمام أحمد في المسند 2/114،4/367. والترمذي. النسائي. الحاكم في المستدرك. وهو حديث صحيح.
وفي حديث صحيح: " اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته"1.
ما لهم وما عليهم:
وثبت عنه أن ابنه الحسن لما تناول تمرة من تمر الصدقة قال "له"2: "كخ، كخ أما علمت أنا آل بيت لا تحل لنا الصدقة"؟ 3.
وقال: "إن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لآل محمد"4.
وهذا- والله أعلم- من التطهير الذي شرعه الله لهم، فإن الصدقة أوساخ الناس، فطهرهم الله من الأوساخ، وعوضهم بما يقيتهم من خمس الغنائم ومن الفيء الذي جعل منه رزق محمد حيث قال صلى الله عليه وسلم فما رواه أحمد وغيره: "بعثت بالسيف بين يدي الساعة، حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه
1-أخرجه البخاري في صحيحه في تفسير سورة رقم 33، وفي كتاب الأنبياء باب 10، وفي الدعوات باب 31-32. ومسلم في الصحيح في كتاب الصلاة حديث 65-66-69. الترمذي في تفسير سورة رقم 33، وفي الوتر باب 2، وأبو داود في سننه في كتاب الصلاة باب 179. والنسائي في السنن من كتاب السهو باب 49-50-54 والدارمي في المسند في كتاب الصلاة باب 85. ومالك في الموطأ كتاب السفر حديث رقم 66-67 والإمام أحمد بن حنبل في مسنده 1/162-3/47-4/118-241-243-224-5/274-374-324.
وآية الحديث: سورة الأحزاب آية:56.
2-
مابين المعقوفتين سقطت من الأصل.
3-
الحديث أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الزكاة باب 60، وفي الجهاد باب 188. والدارمي في المسند في كتاب الزكاة باب 16. والإمام أحمد بن حنبل في المسند 2/409-444-476. وأورده الإمام السيوطي في الجامع الصغير حديث رقم 6226 عزاه للشيخين عن أبي هريرة رضي الله عنه.
4-
الحديث أخرجه الدارمي في المسند كتاب الزكاة باب16. والنسائي في سننه في كتاب الزكاة باب98 في الترجمة. ومالك في الموطأ في كتاب الصدقة حديث 13. والإمام أحمد ابن حنبل في المسند 2/279.