المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَنسبه ابْن خلكان فِي وفيات الْأَعْيَان على مَا اسْتَقر تَصْحِيحه - خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب للبغدادي - جـ ٣

[عبد القادر البغدادي]

الفصل: وَنسبه ابْن خلكان فِي وفيات الْأَعْيَان على مَا اسْتَقر تَصْحِيحه

وَنسبه ابْن خلكان فِي وفيات الْأَعْيَان على مَا اسْتَقر تَصْحِيحه فِي آخر نُسْخَة مِنْهَا)

لإِبْرَاهِيم بن الصولي وَأَن أَبَا تَمام أوردهُ فِي بَاب النسيب من الحماسة. وَذكر أَن وَفَاة إِبْرَاهِيم بن الصولي فِي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ ووفاة أبي تَمام فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ. وَالله أعلم.

3 -

(بَاب التحذير)

أنْشد فِيهِ وَهُوَ الشَّاهِد السَّادِس وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة)

وَهُوَ من شَوَاهِد س:

(فإياك إياك المراء فَإِنَّهُ

إِلَى الشَّرّ دُعَاء وللشر جالب)

على أَن حذف الْوَاو شَاذ.

قَالَ س: اعْلَم أَنه لَا يجوز أَن تَقول إياك زيدا كَمَا أَنه لَا يجوز أَن تَقول رَأسك الْجِدَار وَكَذَلِكَ إياك أَن تفعل إِذا أردْت إياك وَالْفِعْل فَإِذا قلت إياك أَن تفعل تُرِيدُ إياك أعظ مَخَافَة أَن تفعل أَو من أجل أَن تفعل جَازَ.

يَعْنِي أَن تقع بعد إياك على وَجْهَيْن

ص: 63

أَحدهمَا أَن تجْعَل مصدرا هُوَ مَعْقُول بِهِ كَمَا تَقول إياك وزيداً وَأَصله أَن تَقول إياك وَأَن تفعل كَمَا قَالَت إياك وزيداً وَلَكنهُمْ حذفوا الْوَاو لطول الْكَلَام.

ويقدّر أَيْضا إياك من أَن تفعل إِذا حذرته الْفِعْل.

وَالْوَجْه الآخر: أَن تجْعَل أَن تفعل مَفْعُولا لَهُ وَهَذَا لَا يحْتَاج إِلَى حرف عطف وَيجوز أَن يَقع الْمصدر موقعه

فَإِذا وَقع أَن وَالْفِعْل بِمَنْزِلَة الْمَفْعُول ثمَّ أوقعت الْمصدر موقعه لم يَك بدّ من إِدْخَال الْوَاو عَلَيْهِ كَمَا تدخل على غَيره من المفعولات.

ثمَّ قَالَ سِيبَوَيْهٍ: إِلَّا أَنهم زَعَمُوا أَن ابْن أبي إِسْحَاق أجَاز هَذَا الْبَيْت وَهُوَ قَوْله. فإياك إياك المراء. . الخ.

وَالشَّاهِد فِيهِ أَنه أَتَى بالمراء وَهُوَ مفعول بِهِ بِغَيْر حرف عطف. وَعند سِيبَوَيْهٍ أَن نصب المراء بإضمار فعل لِأَنَّهُ لم يعْطف على إياك. وسيبويه وَابْن أبي اسحاق ينصبه ويجعله كَأَن وَالْفِعْل وينصبه بِالْفِعْلِ الَّذِي نصب إياك يقدر فِيهِ: اتَّقِ المراء كَمَا يقدر فعلا آخر ينصب إياك. وَقَالَ الْمَازِني: لما كرر إياك مرَّتَيْنِ كَانَ أَحدهمَا عوضا من الْوَاو. وَعند الْمبرد: المراء بِتَقْدِير أَن تُمَارِي كَمَا تَقول: إياك أَن تُمَارِي: أَي مَخَافَة أَن تُمَارِي.

وَهَذَا الْبَيْت نسبه أَبُو بكر مُحَمَّد التاريخي فِي طَبَقَات النُّحَاة وَكَذَلِكَ ابْن بري فِي حَوَاشِيه)

على درة الغواص الحريرية وَكَذَلِكَ تِلْمِيذه ابْن خلف فِي شرح شَوَاهِد سِيبَوَيْهٍ للفضل بن عبد الرَّحْمَن الْقرشِي يَقُوله لِابْنِهِ الْقَاسِم بن الْفضل. قَالَ ابْن بري: وَقبل هَذَا الْبَيْت:

ص: 64

(من ذَا الَّذِي يَرْجُو الأباعد نَفعه

إِذا هُوَ لم تصلح عَلَيْهِ الْأَقَارِب)

والأباعد: فَاعل يَرْجُو. يُرِيد: كَيفَ يَرْجُو الْأَجَانِب نفع رجل أَقَاربه محرومون مِنْهُ. والمراء: مصدر ماريته أماريه مماراة ومراء. أَي: جادلته. وَيُقَال ماريته أَيْضا: إِذا طعنت فِي قَوْله تزييفاً لِلْقَوْلِ وتصغيراً للقائل. وَلَا يكون المراء إِلَّا اعتراضاً بِخِلَاف الْجِدَال: فَإِنَّهُ يكون ابْتِدَاء واعتراضاً. والجدال مصدر جادل: إِذا خَاصم بِمَا يشغل عَن ظُهُور الْحق ووضوح الصَّوَاب. كَذَا فِي الْمِصْبَاح.

وَأنْشد بعده وَهُوَ الشَّاهِد السَّابِع وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة وَهُوَ من شَوَاهِد س:

(أَخَاك أَخَاك إِن من لَا أَخا لَهُ

كساع إِلَى الهيجا بِغَيْر سلَاح)

على أَن أَخَاك مَنْصُوب على الإغراء وَهُوَ مُكَرر. يُرِيد: الزم أَخَاك غير أَن هَذَا مِمَّا لَا يحسن فِيهِ إِظْهَار الْفِعْل عنذ التكرير وَيحسن إِذا لم يُكَرر لأَنهم. إِذا كرروا وَجعلُوا أحد الاسمين كالفعل وَالِاسْم الآخر كالمفعول وَكَأَنَّهُم جعلُوا أَخَاك الأول بِمَنْزِلَة الزم فَلم يحسن أَن تدخل الزم على مَا قد جعل بِمَنْزِلَة الزم.

وَجُمْلَة إِن من لَا أَخا لَهُ الخ اسْتِئْنَاف بياني. وأكد لِأَنَّهُ جَوَاب عَن السَّبَب الْخَاص. ومن: نكرَة مَوْصُوفَة بِالْجُمْلَةِ بعْدهَا وَقيل: مَوْصُولَة.

ص: 65

ولَا: نَافِيَة للْجِنْس وأَخا: اسْمهَا وَاللَّام مقحمة بَين المتضايفين نَحْو قَوْلهم: يَا بؤس للحرب وَالْخَبَر مَحْذُوف أَي: مَوْجُود وَنَحْوه.

قَالَ ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي: وَمن ذَلِك قَوْلهم: لَا أَبَا لزيد وَلَا أَخا لَهُ وَلَا غلامى لَهُ على قَول سِيبَوَيْهٍ: إِن اسْم لَا مُضَاف لما بعد اللَّام. وَأما على قَول من جعل اللَّام وَمَا بعْدهَا صفة وَجعل الِاسْم مشبهاً بالمضاف لِأَن الصّفة من تَمام الْمَوْصُوف وعَلى قَول من جَعلهمَا خَبرا وَجعل أَبَا وأخا على لُغَة من قَالَ: إِن أَبَاهَا وَأَبا أَبَاهَا وَجعل حذف النُّون على وَجه الشذوذ فَاللَّام للاختصاص وَهِي مُتَعَلقَة باستقرار مَحْذُوف. هـ.)

وَقَوله: كساع إِلَى الهيجا الخ خبر إِن. يَقُول: استكثر من الإخوان فهم عدَّة تستظهر بهَا على الزَّمَان كَمَا قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ: الْمَرْء كثير بأَخيه. وَجعل من لَا أَخا لَهُ يستظهر بِهِ كمن قَاتل عدوه وَلَا سلَاح مَعَه. وَقد

صدق فَإِن من قطع أَخَاهُ وصرمه كَانَ بِمَنْزِلَة من قَاتل بِغَيْر سلَاح.

وَقد أورد هَذَا الْبَيْت أَبُو عبيد الْقَاسِم بن سلاّم فِي أَمْثَاله وَقَالَ: هُوَ مثل فِي استغاثة الرجل بِأَهْل الثِّقَة. والهيجا: الْحَرْب تمد وتقصر. قَالَ ابْن خلف: وَهِي فعلاء أَو فعلى فَمن قصرهَا فَيكون الْمَحْذُوف مِنْهَا ألف الْمَدّ دون ألف التَّأْنِيث. وَإِنَّمَا كَانَ حذف ألف الْمَدّ أولى من حذف ألف التَّأْنِيث لوَجْهَيْنِ: أَحدهمَا أَن ألف التَّأْنِيث لِمَعْنى وَألف الْمَدّ لغير الْمَعْنى فَكَانَ حذف مَا لَيْسَ لِمَعْنى أولى مِمَّا جَاءَ لِمَعْنى.

وَالثَّانِي: أَن جَمِيع مَا قصر مِمَّا همزته للتأنيث لَا ينْصَرف بعد الْقصر وَلَو كَانَ الْمَحْذُوف مِنْهُ همزَة التَّأْنِيث لانصرف الِاسْم لزوَال عَلامَة التَّأْنِيث كَمَا صرفت قريقر وحبيّر مصغري قرقرى وحبارى لزوَال عَلامَة التَّأْنِيث مِنْهُ. أَلا ترى قَوْله:

ص: 66

يَا رب هيجا هِيَ خير من دَعه قصره وَلم يصرفهُ وَالْقصر فِيهِ ضَرُورَة وَقيل: هُوَ لُغَة. وَلَو كَانَ الْمَحْذُوف مِنْهُ ألف التَّأْنِيث لقَالَ: يَا رب هيجاً هِيَ خير وَكَانَ ينون هيجا ويذكرها وَيَقُول هُوَ خير وَلَا يَقُول هِيَ خير.

وَهَذَا الْبَيْت أول أَبْيَات لمسكين الدَّارمِيّ. وَبعده:

(وَإِن ابْن عَم الْمَرْء فَاعْلَم جنَاحه

وَهل ينْهض الْبَازِي بِغَيْر جنَاح)

(وَمَا طَالب الْحَاجَات إِلَّا معذباً

وَمَا نَالَ شَيْئا طَالب لنجاح)

(لحا الله من بَاعَ الصّديق بِغَيْرِهِ

وَمَا كل بيع بِعته برباح)

(كمفسد أدناه ومصلح غَيره

وَلم يأتمر فِي ذَاك غير صَلَاح)

وَفِي الأغاني وَغَيره إِن مِسْكينا الدَّارمِيّ لما قدم على مُعَاوِيَة أنْشدهُ

(إِلَيْك أَمِير الْمُؤمنِينَ رحلتها

تثير القطا لَيْلًا وَهن هجود)

(على الطَّائِر الميمون وَالْجد صاعد

لكل أنَاس طَائِر وجدود))

وَسَأَلَهُ أَن يفْرض لَهُ فَأبى عَلَيْهِ وَكَانَ لَا يفْرض إِلَّا لليمن فَخرج من عِنْده وَهُوَ يَقُول: أَخَاك أَخَاك إِن من لَا أَخا لَهُ الأبيات وَلم يزل مُعَاوِيَة كَذَلِك حَتَّى كثرت الْيمن وعزّت قحطان وضعفت عدنان فَبلغ مُعَاوِيَة أَن رجلا من الْيمن قَالَ: هَمَمْت أَن لَا أحل حبوتي حَتَّى أخرج كل نزاريّ بِالشَّام. فرض من وقته لأربعة آلَاف رجل من قيس. فَقدم

ص: 67

لذَلِك على مُعَاوِيَة عُطَارِد بن حَاجِب فَقَالَ لَهُ: مَا فعل الْفَتى الدَّارمِيّ الصبيح الْوَجْه الفصيح اللِّسَان يَعْنِي مِسْكينا فَقَالَ: صَالح يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ: أعلمهُ أَنِّي قد فرضت لَهُ فَلهُ شرف الْعَطاء وَهُوَ فِي بِلَاده فَإِن شَاءَ يُقيم بهَا أَو عندنَا فَلْيفْعَل فَإِن عطاءه سيأتيه وبشره بِأَنِّي قد فرضت لأربعة آلَاف من قومه. فَكَانَ مُعَاوِيَة يغزي الْيمن فِي الْبَحْر وتميماً فِي البرّ فَقَالَ النَّجَاشِيّ وَهُوَ شَاعِر الْيمن:

(أَلا أَيهَا النَّاس الَّذين تجمعُوا

بعكّا أنَاس أَنْتُم أم أباعر)

(أيترك قيسا آمِنين بدارهم

ونركب ظهر الْبَحْر وَالْبَحْر زاخر)

(فو الله مَا أَدْرِي وَإِنِّي لسائل

أهمدان تَحْمِي ضيمها أم يحابر)

(أم الشّرف الْأَعْلَى من أَوْلَاد حمير

بَنو مَالك أَن تستمرّ المرائر)

فَرجع الْقَوْم جَمِيعًا عَن وجههم فَبلغ ذَلِك مُعَاوِيَة فسكّن مِنْهُم وَقَالَ: أَنا

أغزيكم فِي الْبَحْر لِأَنَّهُ أرْفق من الْخَيل وَأَقل مُؤنَة وَأَنا أعاقبكم فِي الْبر وَالْبَحْر فَفعل ذَلِك

ص: 68

ومسكين الدَّارمِيّ اسْمه ربيعَة بن عَامر بن أنيس بن شُرَيْح بن عَمْرو بن عدي بن زيد بن عبد الله بن دارم بن مَالك بن حَنْظَلَة بن مَالك بن زيد مَنَاة بن تَمِيم.

قَالَ الْكَلْبِيّ: كل عدس فِي الْعَرَب بِضَم الْعين وَفتح الدَّال إِلَّا عدس بن زيد هَذَا فَإِنَّهُ مضموم الدَّال. هَكَذَا فِي جمهرة النّسَب.

ومسكين الدَّارمِيّ شَاعِر شُجَاع من أهل الْعرَاق ولقّب الْمِسْكِين لقَوْله:

(أَنا مِسْكين لمن أنكرني

وَلمن يعرفنِي جد نطق)

وَلقَوْله:

(وسمّيت مِسْكينا وَكَانَت لحَاجَة

وَإِنِّي لمسكين إِلَى الله رَاغِب)

وَهَذِه القصيدة من أحسن شعره:)

(اتَّقِ الأحمق أَن تصحبه

إِنَّمَا الأحمق كَالثَّوْبِ الْخلق)

(كلما رقّعت مِنْهُ جانباً

حرّكته الرّيح وَهنا فانخرق)

(أَو كصدع فِي زجاج فَاحش

هَل ترى صدع زجاج يتَّفق)

(وَإِذا نهنهته كي يرعوي

زَاد جهلا وَتَمَادَى فِي الْحمق)

ص: 69

(وَإِذا الْفَاحِش لَاقَى فَاحِشا

فَهُنَا كم وَافق الشّنّ الطَّبَق)

(إِنَّمَا الْفُحْش وَمن يعتاده

كغراب السوء مَا شَاءَ نغق)

(أَو حمَار السوء إِن أشبعته

رمح النَّاس وَإِن جَاع نهق)

(أَو غُلَام السوء إِن جوّعته

سرق الْجَار وَإِن يشْبع فسق)

أَو كغيرى رفعت من ذيلها ثمَّ أرخته ضراطاً فانمزق

(أَيهَا السَّائِل عَمَّا قد مضى

هَل جَدِيد مثل ملبوس خلق)

(أَنا مِسْكين لمن أنكرني

وَلمن يعرفنِي جد نطق)

(لَا أبيع النَّاس عرضي إِنَّنِي

لَو أبيع النَّاس عرضي لنفق)

وَمن شعره يرثي ابْن سميّة:

(رَأَيْت زِيَادَة الْإِسْلَام ولّت

جهاراً حِين ودّعنا زِيَاد)

وردّ عَلَيْهِ الفرزدق بقوله:

(أمسكين أبكى الله عَيْنك إِنَّمَا

جرى فِي ضلال دمعها إِذْ تحدرا)

(بَكَيْت امْرأ من أهل ميسَان كَافِرًا

ككسرى على عدّانه أَو كقيصرا)

قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ فِي أَمْثَاله: بِهِ لَا بِظَبْيٍ مثل: أَي: جعل الله مَا أَصَابَهُ

ص: 70

لَازِما مؤثراً فِيهِ وَلَا كَانَ مثل الظبي فِي سَلَامَته مِنْهُ. يضْرب فِي الشماتة. وَأنْشد هَذَا الْبَيْت.

ثمَّ رَأَيْت الميداني قَالَ: الأعفر: الْأَبْيَض. أَي: لتنزل بِهِ الْحَادِثَة لَا بِظَبْيٍ. يضْرب عِنْد الشماتة.

قَالَ جرير حِين نعي إِلَيْهِ زِيَاد بن أَبِيه. . وَأنْشد هَذَا الْبَيْت وَقَالَ: وَمثله.

بِهِ لَا بكلب نابح فِي السباسب وَمن شعر مِسْكين:

(اصحب الأخيار وارغب فيهم

ربّ من صحبته مثل الجرب)

(واصدق النَّاس إِذا حدثتهم

ودع الْكَذِب لمن شَاءَ كذب))

(ربّ مهزول سمين عرضه

وسمين الْجِسْم مهزول الْحسب)

وَمن شعره الْجيد مِمَّا أثْبته السَّيِّد المرتضى علم الْهدى فِي أَمَالِيهِ الدُّرَر وَالْغرر:

(إِن أدع مِسْكينا فَمَا قصرت

قدري بيُوت الْحَيّ والجدر)

(مَا مسّ رحلي العنكبوت وَلَا

جدياته من وَضعه غبر)

(لَا آخذ الصّبيان ألثمهم

وَالْأَمر قد يعزى بِهِ الْأَمر)

(ولربّ أَمر قد تركت وَمَا

بيني وَبَين لِقَائِه ستر)

(مَا علتي قومِي بَنو عدس

وهم الْمُلُوك وخالي الْبشر)

ص: 71

(عمّي زُرَارَة غير منتحل

وَأبي الَّذِي حدثته عَمْرو)

(فِي الْمجد غرّتنا مبيّنة

للناظرين كَأَنَّهَا الْبَدْر)

(لَا يرهب الْجِيرَان غدرتنا

حَتَّى يواري ذكرنَا الْقَبْر)

(لسنا كأقوام إِذا كلحت

إِحْدَى السنين فجارهم تمر)

(مَوْلَاهُم لحم على وَضم

تنتابه العقبان والنسر)

(نَارِي ونار الْجَار وَاحِدَة

وَإِلَيْهِ قبلي تنزل الْقدر)

(مَا ضرّ جاري أَن أجاوره

أَن لَا يكون لبيته ستر)

(أعشى إِذا مَا جارتي خرجت

حَتَّى يواري جارتي الخدر)

(ويصمّ عَمَّا كَانَ بَينهمَا

سَمْعِي وَمَا بِي غَيره وقر)

قَوْله: فَمَا قصرت قدري الخ أَي: سترت. يُرِيد: أَنَّهَا بارزة لَا يحجبها السواتر والحيطان.

وَقَوله: مَا مس رحلي العنكبوت الخ هَذِه كِنَايَة مليحة عَن مُوَاصلَة السّير وهجر الوطن لِأَن العنكبوت إِنَّمَا ينسج على مَا لَا تناله الْأَيْدِي وَلَا يكثر اسْتِعْمَاله. والجديات: جمع جدية بِالسُّكُونِ وَهِي بَاطِن دفة الرحل. وَقَوله: لَا آخذ الصّبيان الخ يَقُول: لَا أقبّل الصَّبِي وَأَنا أُرِيد وَمثله لغيره:

(وَلَا ألقِي لذِي الودعات سَوْطِي

ألاعبه وربّته أُرِيد)

ص: 72

. وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي فِي مثله:

(إِذا رَأَيْت صبي الْقَوْم يلثمه

ضخم المناكب لَا عمّ وَلَا خَال)

(فاحفظ صبيك مِنْهُ أَن يدنسه

وَلَا يغرنك يَوْمًا قلَّة المَال))

وَقَوله: قاومت فِي كبد الخ الكبد: المزلة الَّتِي لَا تثبت فِيهَا الأرجل. والدهان: الْأَدِيم الْأَحْمَر.

وَقَوله: فَكَانَ لي الْعذر إِنَّمَا يكون الْعذر إِذا

كَانَ ثمَّ ظلم فَيَقُول: إِنَّمَا أقاوم وأخاصم مَظْلُوما متعدى عَلَيْهِ وَإِذا كَانَ كَذَلِك فَيجب الِاعْتِذَار على الظَّالِم وَيكون الْعذر لي كَقَوْلِه:

(فَإِن كَانَ سحرًا فاعذريني على الْهوى

وَإِن كَانَ دَاء غَيره فلك الْعذر)

وَقَوله: فجارهم تمر أَي: يستحلى الْغدر بِهِ كَمَا يستحلى التَّمْر. وَقَوله: نَارِي ونار الْجَار وَاحِدَة يُقَال: إِنَّه كَانَت لَهُ امْرَأَة تماضّه فَلَمَّا قَالَ ذَلِك قَالَت لَهُ: أجل إِنَّمَا ناره ونارك وَاحِدَة لِأَنَّهُ أوقد وَلم توقد وَالْقدر تنزل إِلَيْهِ قبلك لِأَنَّهُ طبخ وَلم تطبخ وَأَنت تستطعمه. . وَقَوله: أَن لَا يكون لبيته ستر يُقَال: إِنَّهَا قَالَت لَهُ: أجل إِن كَانَ لَهُ ستر هتكته.

وَقَوله: أعشى إِذا مَا جارتي خرجت اسْتشْهد بِهِ فِي التَّفْسِير عِنْد قِرَاءَة وَمن يَعش عَن ذكر الرَّحْمَن بِفَتْح الشين ولأجله أوردت هَذِه القصيدة فَإِن شرّاح شَوَاهِد التَّفْسِير اخْتلفُوا فِي هَذَا الْبَيْت: فبعضهم نسبه إِلَى حَاتِم الطائيّ وَبَعْضهمْ نسبه إِلَى غَيره. قَالَ صَاحب الْكَشَّاف: وَمن يَعش بِضَم الشين وَفتحهَا وَالْفرق بَينهمَا: أَنه إِذا حصلت الآفة فِي بَصَره قيل:

ص: 73