الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الفصل الثاني خطبة الجمعة في القرآن الكريم]
الفصل الثاني
خطبة الجمعة في القرآن الكريم وردت في كتاب الله عز وجل سورة الجمعة وقد تضمنت ثلاث آيات تدور حول الجمعة في كتاب الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ - فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ - وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [الجمعة: 9 - 11](1) .
قوله تعالى: {يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [الجمعة: 9] قال ابن عباس: (نزل القرآن بالتثقيل والتفخيم فاقرأوها جمعة) سميت بذا الاسم: - إما لأن الله جمع فيها خلق آدم، أو لأن الله فرغ فيها من خلق كل شيء فاجتمعت فيها المخلوقات، وقيل لاجتماع الناس فيها للصلاة، وكانت تسمى أيام الجاهلية بالعروبة، قيل أن أول من سماها جمعة: كعب بن لؤي، وقيل الأنصار.
قال الإمام ابن سيرين رحمه الله: (جمع أهل المدينة من قبل أن
(1) سورة الجمعة، الآيات: 9، 10، 11.
يقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، وقبل أن تنزل الجمعة وهم الذين سموها الجمعة (1) .
أما أول جمعة جمعها النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه فإنه عندما هاجر إلى المدنية أقام بقباء من يوم الإثنين إلى يوم الخميس وأسس مسجدهم، ثم خرج يوم الجمعة إلى المدينة فأدركته الجمعة في بني سالم بن عوف في بطن واد لهم، قد اتخذ القوم في ذلك الوادي مسجدا فجمع بهم وخطب وهي أول خطبة خطبها في المدينة (2) .
قوله تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9]-
قيل المراد بذكر الله الصلاة وقيل الخطبة والمواعظ.
وقال الإمام ابن العربي رحمه الله: والصحيح أن السعي واجب في الجميع وأوله الخطبة.
واسعوا: بمعنى: امضوا إلى ذكر الله واعملوا له.
وقوله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} [الجمعة: 11] ورد في صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائما يوم الجمعة فجاءت عير من الشام فانفتل
(1) القرطبي (الجامع لأحكام القرآن) ج18، ص97.
(2)
القرطبي (الجامع لأحكام القرآن) ج18، ص97.
الناس إليها حتى لم يبق إلا اثنا عشر رجلا فأنزلت هذه الآية التي في الخطبة: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً} [الجمعة: 11] إلخ» .
(انفتل: انصرف) .
وذكر أبو داود في مراسيله السبب الذي رخصوا لأنفسهم في ترك سماع الخطبة وقد كان خليقا بفضلهم ألا يفعلوا فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الجمعة قبل الخطبة مثل العيدين حتى كان يوم جمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب وقد صلى الجمعة فدخل رجل فقال: إن دحية بن خليفة الكلبي قدم بتجارة، وكان دحية إذا قدم تلقاه أهله بالدفاف، فخرج الناس فلم يظنوا إلا أنه ليس في ترك الجمعة شيء فأنزل الله هذه الآية، فقدم النبي صلى الله عليه وسلم الخطبة وأخر الصلاة (1) .
وقوله تعالى: {وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} [الجمعة: 11]
يؤخذ من الآية الكريمة أن قيام الخطيب على المنبر أو المكان المرتفع شرط إذا خطب قاله بعض العلماء. قال علقمة: سئل عبد الله أكان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب قائما أو قاعدا؟ فقال: أما تقرأ قوله: {وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} [الجمعة: 11]
عن جابر بن سمرة «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائما ثم يجلس ثم يقوم فيخطب قائما فمن نبأك أنه كان يخطب جالسا فقد
(1) القرطبي (الجامع لأحكام القرآن) ، ج18 - ص 97.
كذب، والله صليت معه أكثر من ألفي صلاة» . رواه مسلم (1) .
وفي الصحيحين عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب خطبتين وهو قائم بينهما بجلوس» .
- خلاف العلماء في القيام حال الخطبة.
قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله يسأل عن الخطبة قاعدا أو يقعد في إحدى الخطبتين فلم يعجبه وقال: قال الله تعالى: {وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} [الجمعة: 11] وعند الشافعية شرط إن قدر عليه.
وعن الإمام أبي حنيفة: تجزيه الخطبة قاعدا فيكون القيام سنة. والراجح الأول للآية وللأحاديث الصحيحة.
فأما إن قعد لعذر من مرض أو عجز عن القيام فإن الصلاة تصح من القاعد العاجز عن القيام فالخطبة أولى (2) .
- حكم جلوس الإمام على المنبر عند خروجه على الناس لإلقاء الخطبة:
يرى جمهور أهل العلم أن جلوس الإمام على المنبر عند التأذين سنة. والحكمة فيه كما قال الزين بن المنير رحمه الله: سكون اللغط والتهيؤ للإنصات والاستنصات لسماع الخطبة وإحضار الذهن للذكر.
(1) النووي (شرح صحيح مسلم) ج6، ص149.
(2)
ابن قدامة (المغني) ج ص 303.
- القعدة بين الخطبتين يوم الجمعة
عن عبد الله بن عمر قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب خطبتين يقعد بينهما» .
قيل يجب الجلوس وقيل أنه سنة، وقدرها من قال بوجوبها بقدر ما يقرأ سورة الإخلاص، وحال الجلوس بين الخطبتين لا كلام فيه لكن ليس فيه ألا يذكر الله أو يدعوه سرا كما قال الحافظ ابن حجر، الحكمة من هذه الجلسة الفصل بين الخطبتين والراحة (1) .
(1) الحافظ ابن حجر فتح الباري، ج2، ص406.