الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بزوغ الشمس
مولد إمام
وفي سنة 1115 هـ - 1703 م أذن الله أن يسفر الصبح وتبزغ الشمس فولد محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي من بني تميم الذين ينحدرون من مضر الحمراء من العرب الخلص من نزار من عدنان.
وحين جاء الإسلام وأسلموا فرق النبي صلى الله عليه وسلم فيهم عماله وصاروا من أقوى الجند الإسلامي وأكثفهم، ثم سكنوا البصرة والكوفة والحجاز، وكان منهم في خراسان بأقصى الشمال الشرقي من فارس جند كثيف، ولكثرتهم وقوتهم كانت لهم هبات وثورات، وكان الخلفاء والقواد يعتزون بهم في صدر الإسلام وفي دولة بني العباس ويخشونهم إذا ثاروا1.
وتميم هذه من طابخة من عدنان وهم بنو تميم بن مر بن أد بن طانجة من خندف بن مضر. وكان لتميم من الولد زيد مناة وعمرو والحارث. وقد اتخذوا منازلهم بأرض نجد من هناك على البصرة واليمامة وامتدت إلى العذيب، من أرض الكوفة، ثم تفرقوا بعد ذلك في الحواضر2.وطابخة ومدركة أخوان من الياس بن مضر، وكان اسم طابخة عمرا،
1 - أسد الغابة 2: 477 - الدولة العربية وسقوطها: انظر دلالات الفهرس على تميم - الوهابية وزعيمها: مقال.
2 -
نهاية الأرب: 188.
وقد سمي طابخة لأنه كان هو وأخوه عامر في إبل لهما يرعيانها فاصطادا صيدا وقعدا يطبخانه فعدت عادية على إبلهما، فقال عمرو لعامر: تدارك الإبل! فجاء بها وطبخ عمرو، فلما راحا على أبيهما إلياس أخبراه بشأنهما فقال لعامر: أنت مدركة، وقال لعمرو: أنت طابخة. فسمي بها من ذلك الحين1.
وآل عبد الوهاب ينتمون بالأصالة إلى تميم، فابنهم محمد تميمي مضري. وإذا قيل تميمي أو مضري فإنما هو على طريقة القدماء ينسبون إلى الآباء الأعلين، فإذا قيل وهابي فإن ذلك على طريقة المتأخرين حين ينسبون إلى أقرب الآباء2 وإن كان هذا اللقب أطلقه خصومه على أتباعه كما أوضحنا في مقدمة الكتاب، وكذلك سمي بالشيخ النجدي على طريقة العجم في النسب للبلدان. أما النسب للآباء والقبائل فقد جرت به عادة العرب3.
وقد أخبر الثقات أن محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي بن سعد بن سلمة بن فلاح بن عبد الواحد بن حميد بن سالم بن سنان. وبنو سنان قبيلة من تميم. وبين سنان وتميم ثلاثة وعشرون أباً. وهو ما صح من نسبه لدى رواة الأنساب4.
وجده سليمان كان عالم نجد وفقيهها انتهت إليه فيها الرياسة الدينية وتوافدت عليه وفود العلماء والطلاب. وكذلك كان أبوه عبد الوهاب عالما فقيها تولى القضاء والإفتاء في بلاد العارض من اليمامة وفي العيينة ثم في حريملاء.
1 - المرجع السابق: 322.
2 -
المرجع السابق: 22.
3 -
لمع الشهاب: 15.
4 -
المرجع السابق: 24.
واستمر ذلك من أول القرن الثاني عشر الهجري إلى ما بعد منتصفه حيث مات هذا الأب في سنة 1153 هـ 1738 م. وكانت سن ابنه محمد حينذاك قد بلغت الثامنة والثلاثين.
وولد محمد بالعيينة من بلدان العارض في شمالي الرياض قصبة نجد الحاضرة، وعاش حتى أوفى على التسعين، ثم مات رحمه الله عام 1206 هـ - 1791 م بعد أن قضى يدعو بدعوته أكثر من خمسين عاما انتهت باعتكافه في شيخوخته قليلا، كما انتهت بعد جهاد عنيف إلى أن أرست أسس الثبات والانتصار.
وشب محمد في بيته فقرأ القرآن وحفظه وأتقنه قبل بلوغ العاشرة من عمره، ثم قرأ على أبيه وعلى علماء اليمامة مبادئ العلم والفقه على مذهب أحمد، ومنذ بلغ رشده واستوى قدمه أبوه لإمامة الصلاة.
وفي أثناء هذه الدراسة الأولى حج محمد إلى بيت الله واعتمر، وكان لم يزل بعد في إبان الشباب، ثم قصد إلى المدينة فجاور بها نحوا من شهر، حتى إذا عاد إلى بلده فتزوج بها انكب على والده يكمل الفقه الحنبلي، ثم عاود الحجاز -من بعد- فقرأ على علماء الحرمين الكبار1.
وانصرف الناشئ التميمي إلى تحصيل العلم والنَّهَم فيه انصرافا خالصا، ولم يَشُبْهُ بطلب شيء غيره من مطالب العيش من صناعة أو تجارة كما كان أهل نجد في ذلك الزمان.
وقد قالوا إن رجلا من عنيزة اسمه سليمان بن راشد أغراه يوما بالتجارة وحسنها له وعرض عليه أن يعطيه مالا ليس له غير نصف
1 - عصر محمد علي: 127 - جزيرة العرب: 319 - الوهابية وزعيمها: مقال - أحمد بن حنبل إمام أهل السنة: 367.
ربحه مضاربة، وكان ذلك في مجلس من الشهود أشاروا عليه جميعا أن يقبل فأبى قائلا: إن أنا اشتغلت بالتجارة بقيت بأسر الذل والطمع وفاتني فراغ البال في تحصيل العلم والعمل.
والرزاق سبحانه يهيئ الرزق، فلست ساعيا بوجه من الوجوه يشغلني عنه ويلهيني1.
ويبدو أن سليمان بن راشد وشهود مجلسه أيقنوا من صفات الفتى التي رأوها من صدق ظاهره وباطنه أن تجارته ستربح وأن ربحه مضمون، كما يبدو أن الفتى النجدي لم يرفض التجارة ويحرمها إلا أن تصبح له حرفة دائمة تشغله عما سواها.
أما أن يكون له شيء من زرع أو ضرع يبيعه دون احتراف فهذا الذي كان فيه وقد أغناه عن أن يحترف لطلب المال.
وكثيرون من أهل نجد كانت حرفتهم التجارة والسفر والإبعاد بها مهما طالت بهم الأسفار.
وكان هذا الاحتراف من الكثرة أمرا مؤثرا معديا، بل ليس هناك ما يعدي بالفتنة أكثر منه، ولكن الفتى صان نفسه عن الداء فاستشفى برزق أهل بيته وما هو فيه من رخاء البال.
حتى إذ اكتمل شبابه تزوج ورزق وشيكا بابنين وابنتين ثم لم ينصرف عن التحصيل ما استطاع إلى ذلك سبيلا، مفضلا الكتاب الكريم، وما ثبت من الصحيح، ولا سيما ما كان من شيوخ الحنابلة وابن تيمية وابن القيم وتأثر بهم إلى حد كبير2.
ثم التفت عن كتبه التي يقرؤها إلى الواقع من حوله فإنه كتاب أفصح منطقا وأبلغ تأثيرا، فرأى اليمامة قد ضمرت من ستة آلاف بيت وأكثر
1 - لمع الشهاب: 25.
2 -
محمد بن عبد الوهاب (أ) : ص 62.
إلى ثلثمائة بيت فأقل، فقرأ في تاريخها القريب أنها منيت بالظلم والجور فتردت من الرواج إلى الإفلاس ومن هناءة العيش إلى كدره ومشقته، ورأى على هذا المنحدر من تاريخ اليمامة كيف تمزق الناس أشلاء من فرق وقبائل، وكيف لم يبق في القلوب إلا إضمار الشر واحتدام العداء والاختلاف والنفاق.
دراسته ورحلاته:
وكان محمد بن عبد الوهاب كلما سار نحو الاكتمال ازداد ولعه بالعلم والمبالغة في تحصيله، فحرص على أن يطلبه في كل مظنة يستطيع الوصول إليها دون أن يمنعه مانع، وفي محيط بلاده التي يعيش فيها.
وحان له أن يؤدى فريضة الحج فقصد إلى البلد الحرام، وجعل من موسم الحج ما جعله الأئمة الأعلام من قبله في عصور ازدهار الإسلام، وكانوا يتخذونه أوسع رحبة يلتقون فيها ويتشاورون، وتتلاقى قلوبهم وآمالهم، ثم يعود كل فائز منهم بما حمل من علم وفقه إلى بلده ليشعل فيها مصباحا من نور جديد.
ولم يكن البلد الحرام يخلو من فقهاء أجلاء قد أقاموا به من أهله ومن غير أهله، ثم في الموسم من الوافدين عليه من أقطار المسلمين.
وبنُزُوله إلى مكة وزيارته لفقهائها أو زيارتهم له أعاد إليها ما كان يموج فيها من حياة العلم الديني إذا قدم عليها أمثال أحمد بن حنبل ويحيى بن معين من العراق وعبد الرزاق بن همام الصنعاني من اليمن ومهنا بن
يحيى من الشام، ويتبادلون علم ما يعرفه كل منهم، ثم يعود كل إمام إلى بلده وفي جعبته ما ملأها من علم وبحث مستفيض.
وما إن التقى الشيخ الوهابي بعلماء مكة في الموسم وتبادلوا الأقوال والآراء حتى وجد منهم قبولا لآرائه وإعجابا بإقدامه وثباته وارتياحا لدعوته، فحثوه على الدأب والصبر، وهما أولى الأخلاق بالداعي إلى الحق، فزاده رضاهم اطمئنان قلب وقوة تصميم1.
فلما أدى فروض حجته وحل من مناسكها، وتزود من علمائها مضى إلى المدينة المنورة -على ساكنها صلوات الله وسلامه- وما كاد ينْزل بأرضها حتى علم شيوخها آنذاك بمقدمه فأسرعوا إليه ليلقوه مرحبين.
ولقي هناك فيمن لقي شيخ فقهاء المدينة وكبير محدثيها الشيخ محمد حياة بن إبراهيم السندي نشأة والمدني دارا. وكان أحد الأعلام الذين صنفوا الكتب والشروح.
والسندي المدني هو صاحب المقدمة في العقائد وشرح الأربعين النووية للشيخ النووي الحجة في الرواية وتفسير الحديث2.
وقد وجد ابن عبد الوهاب من الشيخ السندي إعجابا بسعة علمه وكريم خلقه، كما وجد منه قبولا لدعوته، وكأنما كان علماء مكة وعلماء
1 - محمد بن عبد الوهاب (ب) : 37.
2 -
المرجع السابق والصفحة وانظر فيه تفصيل أسماء الشيوخ والمعلمين ص 47.
المدينة على طريقة واحدة في النية والأمل، فوجدوا في ضيفهم ما يجعل النية عملا وما يملأ الغد أملا.
وحين رأى هؤلاء وأولئك ما يحمله بين برديه من قصد ونبل أجازوه رواية الصحاح والمسانيد وسنن الحفاظ من المتقدمين والمتأخرين.
وهكذا لم يفرغ الإمام من الحج والزيارة إلا وهو متزود بثروة كبيرة من العلم اللغوي والديني، وبثقة لا حد لها من قلوب علماء كبار، وشهادات منهم بما تأهل له من الرواية والفتوى، ومنذ ذلك الحين وقد شمر ساعده وجهده ليقلى الباطل بالحق والزيغ بالهدى والظلام بالنور.
ومهما يكن العلم واسعا والرأي مستنيرا والحجة حاضرة فإنه لا ثمرة لكل هذه ما لم يكن من ورائها عزم باعث وقلب جريء وإقدام لا ارتداد منه إلى وراء، وكذلك كان الشيخ نية وهمة وإقداما، في إطار من العلم والحجة والرأي المستنير. ثم عاد إلى نجد، ولكنه لم يطل المقام بها، فرغب في أن يرتحل إلى بعض البلاد العربية القريبة، طلبا للازدياد من العلم، ومعرفة أدواء الناس ليعد لها الدواء.
ومن رأي الإمام أحمد رحمه الله أن يظل طالب العلم مرتحلا أكثر منه مقيما، وقد سأله سائل: إذا لقيت في بلدي عالما يكفيني علمه أفأظل أو أرتحل؟ فقال الإمام: ارتحل فإن في الرحلة أنفاسا لا يشمها الطالب المقيم.
وكان محمد بن عبد الوهاب قد صار منذ رجع من الحرمين فقيها عالما، ولكنه عمل بنصيحة شيخ الأمة أحمد، فارتحل يطلب مزيدا، وكان جديرا بأن يمنح ويعطى كما يأخذ ويجمع، فلما تهيأ له أن يرتحل إلى البصرة دخلها في تواضع الأئمة، لا يظهر ما عنده من العلم، وإن كان العلم ينم عن نفسه، ويتحدث بلا لسان عن فضله. وما كاد يجول أول جولة حتى بدا فضله وبان.
ولم يلبث أن تهيأ في البصرة للوعظ والإرشاد، في سمت العالم ووقاره ورقته ورفقه، فاستيقظ داء الحسد في النفوس، وسعى به الوشاة يتهمونه بأنه يحدثهم بغرائب لم يحدثهم بها شيوخهم، ويدلي بآراء لم يسمعوا بأمثالها من وعاظهم ومرشديهم، ثم ألح بهم الحسد فانبروا له يجرحونه ويؤذونه، ثم لجوا في العدوان فاعتدوا على داره ونهبوا ما كان معه من مال وكتب ومتاع، واضطروه إلى الخروج من البصرة ماشيا عاري الرأس حافي القدمين.
وحين مضى في طريقه على هذه الحال، بلغ به الإعياء في الطريق حدا موجعا، فمال به أحد من رآه إلى بلدة الزبير، فلبث بها أياما يستجم مما أصابه، ثم خرج منها معرجا على الأحساء، وكأنما دفعه القدر إليها، فرأى فيها علماء أجلاء على طريقته ومذهبه، فمسحوا عنه ما أصابه من الأذى في البصرة، حتى إذا استجم عاد إلى حريملا حيث كان والده مقيما بها.
ولقد كان لهدوئه في ظل هذه البلدة وفي جوار أبيه بعضد هناءة النفس، والتمكن للاستعداد، وما كاد يشعر بذلك حتى وافى القدر
أباه فتوفي، فصار منذ هذه الوفاة على مفترق الطريق:
فإما أن يكمل استعداده ويشد عزمه على لقاء الحساد والخصوم، من ظهر منهم ومن لم يظهر، وإما أن يستسلم فلا يحقق ما نوى أن يحققه لنفسه وللأمة الإسلامية، وينتصر خصومه وحساده وينْزوي وجه الحق عن الظهور. ثم بان له وجه الحق فرأى أن يتجهز بأقوى سلاح من حجج الدين، ونصوص القرآن والحديث الصحيح، ويمضي مضي الدعاة الأبطال، بعزم لا ينثني وقلب لا يقهر، والجنة محفوفة بالمكاره، ولا مطلب له إلا أن يرغم أنف الشيطان1.
هذه كل رحلة الشيخ فلم تجاوز مكة والمدينة والبصرة، وهي كما، ذكرها الثقات من أهل عصره، وقد أضيفت إليها صور من تخيلات المتأخرين فأوسعوا في الكلام عن رحلات له طويلة ومدارس متعددة، وكما أوسع لهم الخيال والتصوير2.
ولعل قصر الرحلة وضيقها وانصراف الشيخ إلى قراءة الصحاح والمسانيد، والمداومة عليها، قد سدد خطاه وحصره في مسار دعوة سليمة لم تختلط بأفكار جماعات متعددة، ولا بأوهام فاسدة، كما أن هذه الدراسة لم تكن بالأمر الهين أو الذي يحصله الطالب الذكي في وقت قصير، ولكن قدرته على التحصيل دلت على قوته وامتيازه.
1 - انظر مقال الوهابية وزعيمها للوزير الشيخ حسن عبد الله آل الشيخ وزير التعليم العالي بالمملكة السعودية: مجلة العربي بالكويت - محمد بن عبد الوهاب (ب) : 326-44.
2 -
لمع الشهاب: 37.
ومنذ أن سطع نجمه في نجد، وشاع بين النجديين حفظه وفهمه أقبل عليه كل ذي مسألة يستوعبه فأفتاه، وكل ذي همة فقبل دعوته وصار له نصيرا.
نزعته وميله:
ومما لم يكن معه بد أن محمد بن عبد الوهاب كان مطبوعا على ما نشأ عليه في أسرته ذات الدين والسمعة العريضة برعاية أحكامه، ثم تزود بكثير من نواحي المعرفة، ثم رأى مجتمعات مختلفة تموج بالصلاح والفساد، وعاشر أقواما وأجناسا تختلف طباعها وتتفق، وتتباين صفاتها أو تتقارب.
أما المجتمعات فقد رأى الأجناس والأنواع وتباين الطباع والأخلاق وطرائق السلوك والمعايش، وأنواع العبادات والطقوس، ورأى فروق ما بين الحضر والبدو; وفروق ما بين الحواضر والحواضر.
والمرتحل مع العلم والصدق يعود محتقبا جعابا كثيرة من الأفكار ويتردد بينها فيصل ويفصل ويجمع ويفرق ويكره ويستحسن، وتراه حريصا على أن يستفيد منها كلها دون أن يهون من شأن ما لا يستحق التهوين. ولكن الذي يرجع وقد ركز فكره في أمر واحد وجعل كل همه فيه لا بد أن يكون قد تملكته نزعة واستهواه ميل نحو عالم من العوالم التي رآها وعرفها فيوجه نشاطه إليه ويوليه هذا النشاط على ديمة واستمرار.
ولا يسمى الميل أو النّزعة باسميهما إلا إذا اتجها إلى ناحية خاصة من
نواحي الحياة، واستمر هذا الاتجاه أبدا، وظهر هذا الميل أو النّزعة إلى خارج النفس كلما سنحت الفرصة لظهوره.
وهذا هو ما صار لمحمد بن عبد الوهاب إذ آثر النّزعة الدينية وأولاها إدراكه وإرادته فتعلق بها وأحبها، ومن ثم أداه هذا الميل إلى الإكثار من المعلومات ومعرفة العلاقات والروابط بين الأشياء فيما اتجه إليه من الميل الديني، أما العلوم الأخرى فكانت أدوات وأسبابا تحمل على الانتفاع بها أو الحيدة عنها بقدر ما تخدم الدين أو تعكر صفوه وتحيد عنه.
وثبت لمحمد بن عبد الوهاب أن الإغراق في التفكير الفلسفي كما أغرق المشاؤون والإشراقيون، وأن الشرود وراء الشطح والكشف كما شرد الصوفيون -لا يزيد عن أن يكون تخييلات عقلية وتلبيسات مسرفة ليس من شأنها إلا أن تميز من يعرفها بالشذوذ عن المجتمعات، وهم قليل، أما أن تقيم مجتمعا سليما قويما ينتظم فيه كل أفراد المجتمع فإن ذلك لا يكون إلا أن يشب العامة على معرفة الدين علما وعملا وفي الحدود الميسرة لكل العقول والجهود، وهذا هو الطريق الذي عرفه أهل السنة والمسلك الذي سلكوه. وكان ميل ابن عبد الوهاب وتخرجه على المذهب الحنبلي الذي يأبى الحيلة والتقليد والتأويل، فأوقعته رحلته على أنواع من الحيل والتأويلات فرجع منها ممتلئ النفس استنكارا لما ابتدعه المسلمون حاسبا أن تكون هذه الرحلة كالخلوة والتأمل لمن يريد أن يقدم لعالمه الذي هو منه والذي يحبه يدا تنجده ونورا يهديه.
ولقد أكثر الفتى النجدي في أثناء رحلته من الخلوة والتأمل، وكان لجوؤه إلى المدارس التي في طريقه انزواء عن الناس لئلا يفسدوا عليه فكره وتأمله، ولم يزل في كثير من المواضع التي نزل بها لا يذكر اسمه ولا قومه ولا بلده تواضعا وزهدا قد نسي كل هذه الأشياء ثم أعلن عن نسيانها في أصفهان حين حسر عن رأسه ولبس جبته الخضراء1.
وهكذا صار السفار الرحالة من العلوم التي حصلها على بصيرة، وأيقن أن انتكاس المسلمين لم يحدث إلا بمفارقة عامة الناس للشريعة وحدودها وآدابها، أما علوم الدنيا ومعارفها فقد ينال منها ما يشاؤه الصالحون والطالحون، فرأى وجوب بذل الهمة في إرجاع عامة المسلمين إلى الحقائق الميسرة في شريعتهم والتي انخلعوا عنها.
وأعجبته من بين النّزعات نزعة ابن تيمية فانكب على رسائله ينقلها بخطه ويحملها في حقائبه ويسافر -ولعلها كانت أنسه في خلوته- وقد رسمت له هذه الرسائل حدود الدين وخلصته من البدع والمنكرات وتخليط الفرق وتهافت الفلاسفة، فود ابن عبد الوهاب لو أتيح له أن يحقق للمسلمين ما عجز ابن تيمية عن تحقيقه2! ثم فكر في الخطوة العملية فرأى أن يبدأ بقومه ويدعو بدعوته بين القبائل ثم يقاتل ويهاجر من بلد إلى بلد في الجزيرة وفي أطرفها ليرجع بالدين إلى نقاوته الأولى، فإذا خلص له ما أراد في بلاده التي نشأ فيها
1 - انظر الفصل السابق: دراسته ورحلاته.
2 -
زعماء الإصلاح: 10 - الوهابية وزعيمها: مقال - عصر محمد علي: 127 وهذه الرسائل بخط الشيخ النجدي بالمتحف البريطاني.
الإسلام، فإن فكرته تكون فد بلغت غاية الصواب وخطوته قد بلغت غاية السداد1.
وفي غيبة علماء الأمصار عن محاربة البدع والخرافات لانصرافهم إلى الدنيا وتمرغهم في أبهة المناصب ومتابعة أهواء الحكام والمحكومين رجع محمد بن عبد الوهاب إلى نجد آخذا على نفسه أن يتفرغ لدعوة الإصلاح بمحاربة البدع والعقائد الفاسدة وإخلاص التوحيد لله2.
ولم تكن النّزعة الدينية التي نزع إليها لتغض من شأن العلوم التي حصلها ولكنه جعلها أدوات ووسائل للفهم والإدراك وتمييز الخطأ من الصواب والحق من الباطل، وليس يجوز أن يتهم بقصر النظر أو الجمود.
ولو كان أتباعه من بعده -ككل أتباع المذاهب- قد حاربوا العلوم المدنية حينا ثم لم يجدوا دليلا يظاهرهم على هذه الحرب فألقوا السلاح، فإن التهم التي كيلت للوهابية من أتباع النّزعة العقلية التي كانت بعد جمال الدين لم يلحق ابن عبد الوهاب ولا الوهابية السليمة شيء منها وهم من هذه التهم براء3.
وإن لم بكن ذلك فما قيمة الاجتهاد الذي فتحت الوهابية بابه ودعا إليه شيخهم النجدي وألح في الدعوة إليه؟! ولم يسمع أحد منه دعوة إلى نبذ علم من العلوم سوى ما رفضه أهل السنة مما ذهب بالعقول إلى
1 - عصر محمد علي: 127.
2 -
جزيرة العرب: 319.
3 -
جمال الدين الأفغاني: 55.
التخييلات والتلبيسات وذهب بالنفوس إلى الخرافات والضلالات، ولكن نزعته مالت إلى أمور الدين فأرخت سترا على ما عداها من غير أن يكون ما وراء الستر كله محرما أو مكروها.
صفاته ومناقبه:
ويصف المؤرخون محمد بن عبد الوهاب بالحفظ والذكاء وحدة الفهم وما إلى ذلك من الصفات التي تتوفر في كثير من أئمة الدين والعلم، ولكنها لا تؤهلهم لأن يقودوا حركة ثورية ناجحة كما قاد حركته محمد بن عبد الوهاب.
والأولى أن يكون أول ما يوصف به أنه رجل بليغ واضح قوي التأثير مقل من الكلام مكثر من العمل، وكان في كل ما رسم وسار من خطوط وخطوات قدوة لغيره، من غير أن يكون مملولا كالمكثرين من الأقوال المقلين من الأعمال.
ويعرف إيجازه وبلاغته في كل ما تركه من كتابات واضحة زيدت عليها من بعده تفصيلات تضرب الأمثلة وتنصر الأدلة لا شروح تفسر الغوامض كما حدث لكتاب التوحيد.
وقد وصف بأنه رجل متواضع مجامل غير مترفع، ولكن كان لتواضعه شأن في علمه وسياسته ظهر فيهما بأجلى وضوع أما في العلم فكان استخفاؤه من التظاهر بعلمه على خلق الأئمة الأولين.
وأما في السياسة فإنه حين انتصر وفازت مبادئه لم يطمع فيعتدي وينتهب سلطان ذوي السلطان وينفرد به، وقد كان متاحا له في يسر أن يصل إلى مثل ذلك ما دامت الدعوة قد استجاب لها جحفل جرار من
المتطوعين، ولكنه بقي في المكان الذي نبعت منه قوته وهو مكان الوعظ والفتوى.
ويوصف ابن عبد الوهاب بالصبر والصمود، وقد خرج من العارض باليمامة إلى الرحلة أكثر من عشرين عاما جمع فيها من العلم والمعرفة ولقي فيها من شظف العيش وسطوة الظلم ما اصطبر عليه.
فلما خرج من العيينة محتميا بالدرعية ثم هزمت صفوفه هزائم كثيرة لم يعدل من مسيرته ولم يخفض من جهده، وكان كلما زاد عدوه عدوانا وضراوة ازداد هو رباطة وثباتا، وكان فيما اتصف به من رباطة الجأش مقتديا بالرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم ومؤتسيا بصحبه وأتباعه ممن نصعت سيرتهم في البلاد والأجيال والأزمان، ثم كان هو قدوة لكل صاحب دعوة في سبيل الله.
ولم يكن الداعية النجدي قائدا متهورا، وطالما نصح للأمراء والقادة والجند بالتريث قبل دخول المعارك اتقاء للهزيمة. والقادة الحكماء هم الذين لا يتمنون لقاء العدو بل يرجون أن يكون النصر يجنونه بغير خسائر أو بأقلها. وكذلك كان قائد بني تميم.
ومن صفته أنه كان رجلا صادقا خالص الإيمان وفيا، وشاهد ذلك ما تركه في أولاده وذريته واتباعه من الصدق والإيمان والوفاء، وقد كان مخوفا أن تخمد الدعوة لو أنها انبعثت من صوت رجل يريدها لنفسه وجاهه، فإذا مات انتهت بموته، ولكن هذا الداعية الصادق الوفي ترك من بعده أمة كاملة تتبع دعوته وتحرص عليها.
ولأنه لم يكن طامعا في ملك ولا رياسة فقد حصر همه في تخليص
عقائد الناس إلى التوحيد الخالص، وبذل كل جهده في بيانه بلسانه وقلمه وفي جهاده بتدبيره وسيفه، ولم يتعرض لشيء سوى الشريعة التي تنتظم بها شؤون الحياة.
وكان وفيا هو وبنوه وحفدته للعقد الذي عقده مع محمد بن سعود أول الأمر في أن يتولى هو الدعوة الدينية ويتولى الأمير ابن سعود شؤون الدولة وتنفيذ الأحكام.
ولقد كان الرجل ذا نفس نزاعة عن الانعزالية -سوى فترات قليلة عكف فيها على التفكير والتأمل- إلى أن بلغ الثمانين من عمره فانقطع انقطاع الفقهاء كمالك والأوزاعي وأحمد.
ولو وصف -من بعض اعتزاله- بالانعزالية لكان أحد المتصوفة الذين تخلوا عن الناس ولم يذكروا إلا أنفسهم وخصوها بطلب القربة والوصول، ولكنه أراد أن يعيش مع قومه ثم مع المسلمين كافة عيشا متكافلا ساميا يكون من شأنه إسعاد الناس.
ولم يسقط من حسابه العامل الحربي الذي يكون عليه آخر الأمر تقريب المسافات وتقصير الأزمان.
من الممكن بعد هذه الصفات العود إلى صفتي الحفظ والذكاء. وفي الاعتقاد أنهما ضرورتان لرجل يبدأ دعوة ويصنع تاريخا. أما الحفظ فالمراد منه أكثر من حفظ العلوم -وعي التاريخ والاتعاظ بالتجارب الماضية للناجحين والمخفقين والسير على خطة منجحة بقدر الإمكان. أما الذكاء فهو معين على الحذر وتفادي الخطأ ووقوع النظر والقلب الناجع من السلوك ومسايرة الزمن وحسن سياسة الناس. وهذا وذاك ما اتصف به ابن عبد الوهاب فكان حافظا ذكيا.
والذكاء ليس وظيفة ساذجة أو ملكة مستقلة، وإنما وظيفة مركبة ذات تعقيد تتكامل فيها عدة مقومات عقلية وإرادية واجتماعية. وقد عرفه علماء النفس بأنه القدرة الفعلية على تكييف المواقف الجديدة والقدرة على التصرف والابتكار.
وقد دفعه ذكاء النظر وفطنة القلب والاتعاظ بالتجربة أن يلجأ إلى محمد بن سعود في الدرعية عند أول صدام في دعوته. وما من شك في أنه كان قد عرف ميول الأمير واستقامة خلقه ومدى استعداده قبل هذا الالتجاء.
وكانت المعرفة بالأمير سهلة ميسرة، فإن الدرعية لم تكن عنه ببعيد، ثم لا بد أن تكون الدرعية قد آوت من الهاربين من الظلم من اليمامة أناسا شهدوا عدل الأمير في الدرعية -ومن بينهم من هو من بني تميم- فأقاموا بها.
وبهذا الالتجاء ضمن الداعية النجاح، لأنه وإن كانت القواعد الدينية تفرض عادة من القاعدة على القمة إذ القاعدة مصدر النظم ومنبعها، فإن بدايتها من القاعدة والقمة معا مسرع بها إلى الانتشار والرسوخ والاستقرار.
أشعة الضياء:
ولما بلغ شيخ بني تميم الثمانين من عمره اعتزل الناس ولجأ ملجأ مالك والأوزاعي وأحمد وأضرابهم إلى الزهد والتعبد، ولم تعد له يد في تصريف الأمور، وترك أمر المشيخة لابنه حسين. حتى إذا كانت سنة 1206 - 1791 م كان قد بلغ التسعين من عمره فتوفي في ذلك العام بعد أن مضى على دعوته منذ أن أعلنها في حريملاء أكثر من نصف قرن من الزمان.
ومن نافلة القول أن يذكر أن موته كان غما وحزنا أصاب الأمراء من آل سعود ومن آله وأتباعه وكل منصف من أهل الدين والعرب وغير العرب، فإن موت العظماء كالأحداث الداهمة تصيب الناس بالحزن والذهول.
وجريا على التقاليد في الصلاة على الأئمة صلى عليه عبد العزيز بن محمد ومعه آل سعود صلاة الجنازة في أول الناس، وكانت صلاتهم عليه في بيته، فلما حملت جنازته إلى المسجد صلى عليه الناس فوجا بعد فوج، ثم حمل جثمانه إلى مقبرة السعوديين.
وقد خلف الشيخ مبادئ دعوته في رسائله وكتبه مبادئ ميسرة في وضوح وجلاء وقرب إلى الناس جميعا وأيدها بنصوص القرآن والحديث، فلم يدع للشك أن يتسرب إلى حقائقها ولا إلى الغموض أن يذهب ببيناتها ومواضحها.
وخلف من الأولاد أربعة ذكور وست إناث: والذكور هم: حسين وعبد الله وسليمان وعلي والأخير أصغرهم.
وذكر له من قبل هؤلاء ولدان هما ناصر وعبد الوهاب كانا ولدا له قبل النجعة والارتحال ثم لم يفض عنهما ذكر بعد1. والإناث هن: سلمى وصفية وفاطمة وسعدى وعاندة وحبيبة والأخيرة صغراهن.
لم يترك الإمام غير أرض ذات نخيل وزرع وأشجار وفاكهة كان قد اشتراها في بدء حياته. أما الكتب التي كان قد اقتناها فتركها فقد قيل إنها بلغت مائتي كتاب أو نحوها، حبسها أولاده باتفاقهم جميعا وقفا على دار القضاء والفتيا.
وبقيت الأرض لم تقسم، يأكل منها الورثة. وقد اقتدى الشيخ أو أهله في شأن التركة بإمامهم أحمد، إذ كان قد أوصى بما يخرج من لواحق داره ببغداد من الطرز2 والزرع ليكون نفقة على أولاده وأحفاده، وللذكر
1 - لمع الشهاب: 30.
2 -
الطرز جمع طراز وهو أشبه بما يسمى اليوم بالدكان.
مثل حظ الأنثى في النفقة، بعد سداد الدين1.
وتولى الشيخ النجدي مكانه في الإمامة أيام محمد بن سعود أمير الدرعية ومعظم أيام ابنه عبد العزيز. فلما قبض تولى ابنه حسين الإمامة بقية أيام عبد العزيز وفي أيام ابنه سعود. وكان حسين وهو أكبر أولاد الإمام مكفوف البصر، غير أن ذلك لم يحل بينه وبين العلم والإمامة وحسن القيادة وقد كان أبوه يستشيره لما يعرف من فهمه وبصيرته2. ثم تولى بعده أخوه علي الإمامة بقية أيام سعود، وكان علي أصغر الأبناء.
وكما لم يخرج محمد بن سعود وابنه عبد العزيز عن مشورة الإمام صاحب الدعوة ولزومه حتى مات لم يخرج عبد العزيز ولا سعود عن إرشاد حسين ومشورته وولياه أمر الحكومة الشرعية ومنصب القضاء.
ولم يقصر الشيخ البصير القلب عن رتبة أبيه. وكان مرهف الإحساس بحيث تهديه بصيرته إلى السير في الطرق بغير قائد وإلى تمييز الألوان باللمس.
ثم كان عفيفا حلو الحديث ضحوك السن. ولما آثر السنة ولبس الثياب البيض أو المصبوغة بالورس والزعفران قلده أهل الدرعية فصارت كلها مدينة شهباء3.
ومات حسين قبل موت سعود بثلاث سنوات فغسله أخوه علي وصلى عليه سعود ثم عامة الناس ودفن بجوار أبيه4. ثم صارت الفتوى إلى علي فأعزه سعود وأولاه الطاعة كما كان لأخيه.
وربما كان علي أقل من أخيه وأبيه علما ولكن مهابته وترفعه عن
1 - انظر فصل الدين والوصايا في باب آثار الأيام بكتاب شيخ الأمة أحمد بن حنبل.
2 -
لمع الشهاب: 103.
3 -
المرجع السابق: 173.
4 -
المرجع السابق: 176.
المجالس وتشدده في أمور الدين عوضته عما نقص من علمه، وكان كأخيه حسين في الثياب والتجمل. ثم امتدت شياخته إلى أيام عبد الله بن سعود1.
وكان عهد الشيخ الإمام وابنيه أيام السعودية الأولى التي انتهت بالحرب الوهابية. فلما قامت السعودية الثانية -في زمن الفترة ما بين الأولى والثالثة التي أنشأت الدولة الحاضرة- ظهرت مكانة عبد الرحمن بن حسن وابنه عبد اللطيف بن عبد الرحمن.
وقد حفلت هذه الدولة الثانية -مع كثرة ما أصيبت به من كيد- بالتحام قوي بين الدين والسياسة والأمير والشيوخ، فقد قاد الدولة أمير إمام هو فيصل بن تركي وعاونه الشيخان عبد الرحمن وابنه، وكان عبد الرحمن إماما جليلا واسع العلم بالمنقول سعة الأئمة الأعلام، وهو الذي شرح كتاب التوحيد لجده محمد شرحا مفصلا سماه:(فتح المجيد بشرح كتاب التوحيد) 2 ثم كانت نجد في عهد فيصل الإمام والشيخين ملجأ لكل مسلم يريد الإسلام الصحيح وخالص التوحيد3.
والتف حول هذا العمود من أولاد الشيخ وأحفاده آخرون من بني العمومة، ناصب بعضهم الإمام -أول عهده بالدعوة- عداوة وإيلاما، وأرادوا إخراجه من بيته باليمامة قهرا، ولكنها كانت بداية هجرة أيدته ونصرته. وقد أعانه أخوه علي ابن عبد الوهاب فنصح له بالخروج قبل أن يجتمع عليه الأعداء ليخرجوه4.
ثم التف حول الإمام وبنيه أربعة من بني عمه القريب المسمى حسين، ناصروا الإمام على أخيهم عبد الله بن حسين الذي تولى مدافعة الإمام
1 - المرجع السابق 178.
2 -
جزيرة العرب: 328.
3 -
المرجع السابق 235.
4 -
لمع الشهاب: 29.
عن دعوته في أول ما دعا، وكانت مدافعته له بحوار مسلح أصاب فيه بسيفه يد الإمام1.
وكان له أخ غير علي اسمه سليمان بن عبد الوهاب، وهو الذي شهد بما كان عليه أخوه محمد من الذكاء مذ كان صغيرا2.
وهذه أصول الشجرة الزكية التي تفرعت أغصانها مع الأيام وجادت ثمراتها على الأنام. وأشعة الضياء التي أرسلتها على المسلمين ذات صباح شمس نهار.
وفي الدولة الجديدة القائمة صارت الرياض مقر آل الشيخ المصلح من ذريته وما زالوا هم موئل الدين ومنبع العرفان ومقاصد ذوي الحاجات3.
1 - المرجع السابق: 28-30.
2 -
الوهابية وزعيمها: مقال.
3 -
جزيرة العرب: 46.