المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌اتخاذ الله لإبراهيم عليه السلام خليلا - دروس الشيخ أسامة سليمان - جـ ٣٥

[أسامة سليمان]

فهرس الكتاب

- ‌مع خليل الرحمن إبراهيم [1]

- ‌متعة الحديث عن إبراهيم عليه السلام

- ‌فضائل إبراهيم عليه السلام

- ‌وجه كون إبراهيم عليه السلام أُمة

- ‌براءة إبراهيم عليه السلام من الشرك

- ‌جعل النبوة والكتاب في ذرية إبراهيم عليه السلام

- ‌كون إبراهيم عليه السلام من أولي العزم من الرسل

- ‌أول من يكسى يوم القيامة إبراهيم عليه السلام

- ‌اتخاذ الله لإبراهيم عليه السلام خليلاً

- ‌كون إبراهيم عليه السلام خير البرية

- ‌دعوة إبراهيم عليه السلام لأبيه

- ‌دروس من قصة إبراهيم

- ‌تهجم العلمانيين على الحجاب

- ‌الأسئلة

- ‌زكاة المحلات والشقق المعدة للبيع

- ‌علاج ظاهرة تسول المحجبات في الشوارع

- ‌حكم الصلاة خلف من يقنت دائماً في الفجر

- ‌حكم غسل الجمعة والعيدين

- ‌حكم العمل في بناء السينما والمرقص

- ‌حكم الحديث مع المرأة الأجنبية والنظر إليها لسماع كلامها

- ‌حكم الأغاني الدينية والوطنية

- ‌حكم الابتهالات والأدعية قبيل الأذان

- ‌حكم الصور وتعليقها

- ‌حكم شراء الأسطوانات العلمية المنسوخة

- ‌الكيفية التي يبتدأ بها في سجود التلاوة

- ‌حكم تخصيص أماكن لصلاة الجماعة لمن كانوا بعيدين عن المسجد

- ‌بيان حالة إجزاء غسل الجنابة عن الوضوء

- ‌حكم أخذ الزوجة من مال زوجها دون علمه

- ‌حكم زواج المرأة ممن يعمل في بنك يتعامل بالربا

- ‌شرط إباحة تعدد الزوجات

- ‌حكم الصلاة بين السواري

- ‌حكم الإتيان بدعاء الاستفتاح في صلاة الجنازة

- ‌حكم الحلف بأيمان متعددة على شيء واحد

- ‌حكم أخذ المرأة من مال أبيها دون إذنه

الفصل: ‌اتخاذ الله لإبراهيم عليه السلام خليلا

‌اتخاذ الله لإبراهيم عليه السلام خليلاً

ومن فضائله عليه السلام: أن الله اتخذه خليلاً، وأنه كما جاء في البخاري:(لم يكذب إلا ثلاث كذبات)، وهذا الحديث -في الحقيقة- يحتاج إلى وقفة، فهذه الكذبات في الله، يقول النووي في شرح مسلم: الكذب مذموم، وأحياناً يكون واجباً باتفاق الفقهاء.

فلو أن ظالماً جاء إلى بيتك يطلب رجلاً بريئاً وقد توارى هذا الرجل عندك في البيت، فسألك الظالم: هل عندك فلان؟ فالواجب عليك أن تكذب، حتى تنقذ هذا الرجل من يد ذلك الظالم.

ولو جاء إليك ظالم يطلب وديعة ليأخذها بغير حق وسألك عن مكان وجودها فإن أخبرته بالصدق فقد ارتكبت إثماً، يقول شيخ الإسلام: ليس العاقل الذي يعلم الخير من الشر، وإنما العاقل الذي يعلم خير الخيرين وشر الشرَّين.

فكذبات إبراهيم عليه السلام لا تعني أنه كذب بالمعنى المراد عندنا، وإنما كان في الله، وعلى سبيل المعاريض، فهو لما قال عن زوجته: إنها أخته لم يكذب، بل عرَّض، فهي أخته في الدين، والمعاريض معناها أن يفهم المستمع معنى وتريد أنت معنى آخر، فإبراهيم عليه السلام كذب في الله عز وجل، وليس المقصود بالكذب الكذب المذموم.

ويروي القرطبي في تفسيره قصة عجيبة تؤيد هذا المعنى، وهي أن عالماً كان يدرس العلم لتلامذته، فقام أحد الحضور وسب ولي الأمر؛ لخسته وطيشه، وعدم اتزانه، وعدم مراعاته للمصلحة، وهذه المجالس لا تخلو بالتأكيد من أذن تسمع لتبلغ، فذهب أحدهم إلى ولي الأمر وقال له: سبك فلان في مجلس العالم فلان، فأرسل ولي الأمر إلى العالم يقول له: أسب في مجلسك ولا تدافع عني؟ قال: ما سببت، ومن الذي أخبرك أنك سببت؟ قال: فلان، فقال: ما سببت، قال: تقسم بالله أني ما سببت، فأقسم العالم، فلما أقسم العالم جاء ولي الأمر بذلك الرجل الذي بلغه من بطانته وضربه ضرباً شديداً، فخرج إلى العالم يقول له: تكذب أيها العالم؟! فقال: يا رجل! لقد كذبت حتى أنجي الرجل من القتل؛ لأني لو قلت له: إن فلاناً سبه، لأرسل إليه وقتله في الحال، فاختار العالم أقل المفاسد.

ولما مر ابن تيمية على جنود التتار وهم يشربون الخمر أراد أحد تلامذته أن ينهاهم، فقال: دعهم يشربون، فقال: الخمر حرام! فقال: يا بني! إن الله نهانا عن شرب الخمر؛ لأنها تصد عن ذكر الله وعن الصلاة، أما هؤلاء فإنهم إن شربوا الخمر أخذت برءوسهم، فانشغلوا بشربها عن قتل المسلمين وسبي نسائهم، وأيهما أولى عندك: أن يتفرغوا لقتالنا، أو يشربوا الخمر؟ ويقول العلماء: إن غلب على ظنك وتأكدت أنك إن نهيت رجلاً عن لعب الشطرنج فانتقل من لعبه إلى لعب الطاولة فاتركه يلعب الشطرنج؛ لأن الشطرنج فيه خلاف، وإن كان الراجح الحرمة، وأما الطاولة ففيها إجماع على الحرمة، فأنت بهذا تنقله من أمر فيه خلاف إلى أمر مجمع عليه، فأيهما أولى؟ ففقه الأولويات فقه هام، وبعض الأخوات المسلمات -بارك الله فيهن- يسترن وجوههن ولكن إذا نظرت إلى أسفل تجد جزءاً من أقدامهن ظاهرة، فيظهرن ما أجمع العلماء على وجوب ستره، ويخفين أمراً مختلفاً فيه، فالقدم أحرى بالستر من الوجه.

ص: 9