الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة فصلت
705 -
عن جابر بن عبد الله، رضي الله عنه، قال: اجتمعت قريش يوما فقالوا: انظروا أعْلَمكم بالسحر والكهانة والشعر، فليأت هذا الرجل الذي قد فرق جماعتنا، وشتت أمرنا، وعاب ديننا، فليكلمه ولننظر ماذا يرد عليه؟ فقالوا: ما نعلم أحدا غير عتبة ابن ربيعة. فقالوا: أنت يا أبا الوليد. فأتاه عتبة فقال: يا محمد، أنت خير أم عبد الله؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أنت خير أم عبد المطلب؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: فإن كنت تزعم أن هؤلاء خير منك، فقد عبدوا الآلهة التي عِبْتَ، وإن كنت تزعم أنك خير منهم فتكلم حتى نسمع قولك، إنا والله ما رأينا سَخْلةً قط أشأم على قومك منك؛ فرقت جماعتنا، وشتت أمرنا، وعبت ديننا، وفضحتنا في العرب، حتى لقد طار فيهم أن في قريش ساحرا، وأن في قريش كاهنا! والله ما ننظر إلا مثل صيحة الحُبْلى أن يقوم بعضنا إلى بعض بالسيوف، حتى نتفانى! أيها الرجل، إن كان إنما بك الحاجة جمعنا لك حتى تكون أغنى قريش رجلا وإن كان إنما بك الباءة فاختر أي نساء قريش [شئت] فلنزوجك عشرا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فَرَغْتَ؟ " قال: نعم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {حم * تَنزيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} حتى بلغ: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} فقال عتبة: حسبك! حسبك! ما عندك غير هذا؟ قال: "لا" فرجع إلى قريش فقالوا: ما وراءك؟ قال: ما تركت شيئا أرى أنكم تكلمونه به إلا كلمته. قالوا: فهل أجابك؟ [قال: نعم، قالوا: فما قال؟] قال: لا والذي نصبها بَنيَّةً ما فَهِمْتُ شيئا مما قال، غير أنه أنذركم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود. قالوا: ويلك! يكلمك الرجل بالعربية ما تدري ما قال؟! قال: لا والله ما فهمت شيئا مما قال غير ذكر الصاعقة.
وهكذا رواه الحافظ أبو يعلى الموصلي في مسنده عن أبي بكر بن أبي شيبة بإسناده، مثله سواء. (1)
وقد ساقه البغوي في تفسيره بسنده عن محمد بن فُضَيل، عن الأجلح - وهو ابن عبد الله الكندي الكوفي - وقد
(1) المنتخب لعبد بن حميد برقم (1121) ومسند أبي يعلى (3/ 349) وفي إسناده الأجلح الكندي ضعفه النسائي وغيره.
ضُعِّفَ بعض الشيء عن الذّيَّال بن حرملة، عن جابر، فذكر الحديث إلى قوله:{فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} فأمسك عتبة على فيه، وناشده بالرحم، ورجع إلى أهله ولم يخرج إلى قريش واحتبس عنهم. فقال أبو جهل: يا معشر قريش، والله ما نرى عتبة إلا قد صَبَا إلى محمد، وأعجبه طعامه، وما ذاك إلا من حاجة [قد] أصابته، فانطلقوا بنا إليه. فانطلقوا إليه فقال أبو جهل: يا عتبة، ما حبسك عنا إلا أنك صبوت إلى محمد وأعجبك طعامه، فإن كانت لك حاجة جمعنا لك من أموالنا ما يغنيك عن طعام محمد. فغضب عتبة، وأقسم ألا يكلم محمدا أبدا، وقال: والله، لقد علمتم أني من أكثر قريش مالا ولكني أتيته وقصصت عليه [القصة] فأجابني بشيء والله ما هو بشعر ولا كهانة ولا سحر، وقرأ السورة إلى قوله:{فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} فأمسكت بفيه، وناشدته بالرحم أن يكف، وقد علمتم أن محمدا إذا قال شيئا لم يكذب، فخشيت أن ينزل بكم العذاب.
وهذا السياق أشبه من سياق البزار وأبي يعلى، والله أعلم. (فصلت: 5)
706 -
عن ابن عباس - قال هناد: قرأت سائر الحديث - أن اليهود أتت النبي صلى الله عليه وسلم فسألته عن خلق السماوات والأرض، فقال:"خلق الله الأرض يوم الأحد ويوم الاثنين، وخلق الجبال يوم الثلاثاء وما فيهن من منافع، وخلق يوم الأربعاء الشجر والماء والمدائن والعمران والخراب، فهذه أربعة: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ} لمن سأل، قال: "وخلق يوم الخميس السماء، وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس والقمر والملائكة إلى ثلاث ساعات بقيت منه، فخلق في أول ساعة من هذه الثلاثة الآجال، حين يموت من مات، وفي الثانية ألقى الآفة على كل شيء مما ينتفع به الناس، وفي الثالثة آدم، وأسكنه الجنة، وأمر إبليس بالسجود له، وأخرجه منها في آخر ساعة". ثم قالت اليهود: ثم ماذا يا محمد؟ قال: "ثم استوى على العرش". قالوا: قد أصبت لو أتممت! قالوا: ثم استراح. فغضب النبي صلى الله عليه وسلم غضبا شديدا، فنزل: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ * فَاصْبِرْ عَلَى مَا
يَقُولُونَ} [ق: 38]. هذا الحديث فيه غرابة. (فصلت: 12)
707 -
عن أبي هريرة قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فقال: "خلق الله التربة يوم السبت، وخلق فيها الجبال يوم الأحد، وخلق الشجر يوم الاثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبث فيها الدواب يوم الخميس، وخلق آدم بعد العصر يوم الجمعة آخر الخلق في آخر ساعة من ساعات الجمعة، فيما بين العصر إلى الليل" فقد رواه مسلم، والنسائي في كتابيهما، عن حديث ابن جريج، به. (1) وهو من غرائب الصحيح، وقد عَلَّله البخاري في التاريخ فقال: رواه بعضهم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن كعب الأحبار، وهو الأصح. (فصلت: 12)
708 -
عن جابر بن عبد الله قال: لما رجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم مهاجرة البحر قال: "ألا تحدثون بأعاجيب ما رأيتم بأرض الحبشة؟ " فقال فتية منهم: بلى يا رسول الله، بينا نحن جلوس إذ مرت علينا عجوز من عجائز رهابينهم، تحمل على رأسها قلة من ماء، فمرت بفتى منهم فجعل إحدى يديه بين كتفيها، ثم دفعها فخرت على ركبتيها، فانكسرت قلتها. فلما ارتفعت التفتت إليه فقالت: سوف تعلم يا غُدَر، إذا وضع الله الكرسي، وجمع الأولين والآخرين، وتكلمت الأيدي والأرجل بما كانوا يكسبون، فسوف تعلم كيف أمري وأمرك عنده غدا؟ قال: يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صَدَقَتْ وصدقت، كيف يُقدس الله قوما لا يؤخذ لضعيفهم من شديدهم؟ ". هذا حديث غريب من هذا الوجه. ورواه ابن أبي الدنيا في كتاب الأهوال: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: أخبرنا يحيى بن سليم، به. (فصلت: 21)
709 -
عن سعيد بن المسيب: أنه لقي أبا هريرة رضي الله عنه فقال أبو هريرة: نسأل الله أن يجمع بيني وبينك في سوق الجنة. فقال سعيد: أو فيها سوق؟ قال: نعم، أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهل الجنة إذا دخلوا فيها، نزلوا بفضل أعمالهم، فيؤذن لهم في مقدار يوم الجمعة في أيام الدنيا فيزورون الله، عز وجل، ويبرز لهم عرشه، ويتبدى لهم في روضة من رياض الجنة، وتوضع لهم منابر من نور، ومنابر من لؤلؤ، ومنابر
(1) صحيح مسلم برقم (2789) والنسائي في السنن الكبرى برقم (11010).
من ياقوت، ومنابر من زبرجد، ومنابر من ذهب، ومنابر من فضة، ويجلس فيه أدناهم وما فيهم دنيء على كثبان المسك والكافور، ما يرون بأن أصحاب الكراسي بأفضل منهم مجلسا.
قال أبو هريرة: قلت: يا رسول الله، وهل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال:"نعم هل تتمارون في رؤية الشمس والقمر ليلة البدر؟ " قلنا: لا. قال صلى الله عليه وسلم: "فكذلك لا تتمارون في رؤية ربكم تعالى، ولا يبقى في ذلك المجلس أحد إلا حاضره الله محاضرة، حتى إنه ليقول للرجل منهم: يا فلان بن فلان، أتذكر يوم عملت كذا وكذا؟ - يذكِّره ببعض غدراته في الدنيا - فيقول: أي رب، أفلم تغفر لي؟ فيقول: بلى فبسعة مغفرتي بلغت منزلتك هذه. قال: فبينما هم على ذلك غشيتهم سحابة من فوقهم، فأمطرت عليهم طيبا لم يجدوا مثل ريحه شيئا قط". قال: ثم يقول ربنا عز وجل: قوموا إلى ما أعددت لكم من الكرامة، وخذوا ما اشتهيتم". قال:"فنأتي سوقا قد حَفَّت به الملائكة، فيها ما لم تنظر العيون إلى مثله، ولم تسمع الآذان، ولم يخطر على القلوب. قال: فيحمل لنا ما اشتهينا، ليس يباع فيه شيء ولا يشترى، وفي ذلك السوق يلقى أهل الجنة بعضهم بعضا". قال: "فيقبل الرجل ذو المنزلة الرفيعة، فيلقى من هو دونه - وما فيهم دنيء فيروعه ما يرى عليه من اللباس، فما ينقضي آخر حديثه حتى يتمثل عليه أحسن منه؛ وذلك لأنه لا ينبغي لأحد أن يحزن فيها.
ثم ننصرف إلى منازلنا، فيتلقانا أزواجنا فيقلن: مرحبا وأهلا بِحِبَّنا، لقد جئت وإن بك من الجمال والطيب أفضل مما فارقتنا عليه. فيقول: إنا جالسنا اليوم ربنا الجبار عز وجل وبحقنا أن ننقلب بمثل ما انقلبنا به".
وقد رواه الترمذي في "صفة الجنة" من جامعه، عن محمد بن إسماعيل، عن هشام بن عمار، ورواه ابن ماجه عن هشام بن عمار، به نحوه. ثم قال الترمذي: هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه. (1) (فصلت: 32)
(1) سنن الترمذي برقم (2549) وقال: (هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه وقد روى سويد بن عمرو عن الأوزاعي شيئا من هذا الحديث)، وسنن ابن ماجه برقم (4336)، وضعفه الألباني في ضعيف، المشكاة (5647)، الضعيفة (1722).