الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة النساء
190 -
وقد رواه ابن مَرْدُويه، عن أبي هريرة قال: سئِل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله: {حُوبًا كَبِيرًا} قال: "إثما كبيرًا".
ولكن في إسناده محمد بن يونس الكُدَيْمي وهو ضعيف. (1)(النساء: 2)
191 -
عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم {ذَلِكَ أَدْنَى أَلا تَعُولُوا} قال: "لا تجوروا". (2) قال ابن أبي حاتم: قال أبي: هذا حديث خطأ، والصحيح: عن عائشة. موقوف. (النساء: 3)
192 -
عن عبد الرحمن بن البَيْلَمَاني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} قالوا: يا رسول الله، فما العلائق بينهم؟ قال:"ما تراضى عليه أهْلوهُم".
وقد روى ابن مَرْدُويه من طريق حَجَّاج بن أرْطاة، عن عبد الملك بن المغيرة، عن عبد الرحمن بن البَيْلمَاني عن عمر بن الخطاب قال: خَطَبَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أنكحوا الأيامى" ثلاثا، فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله، ما العلائق بينهم؟ قال:"ما تراضى عليه أهلوهم". ابن البَيْلمَاني ضعيف، ثم فيه انقطاع أيضًا. (3) (النساء: 4)
193 -
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا هريرة، تَعلَّمُوا الفرائِضَ وعلِّموهُ فإنه نصْف العلم، وهو يُنْسَى، وهو أول شيء يُنْتزَع من أمتي".
رواه ابن ماجة، وفي إسناده ضعف. (4). وقد رُوي من حديث عبد الله بن مسعود وأبي سعيد وفي كل
(1) وقال ابن عدي: قد اتهم بالوضع، وقال ابن حبان: لعله وضع أكثر من ألف حديث. وقال أبو عبيد الآجري: رأيت أبا داود يطلق في الكديمي الكذب.
(2)
ذكره الألباني في الصحيحة ح (3222).
(3)
ورواه أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف (14/ 186) وسعيد بن منصور في السنن برقم (619)"الأعظمي" والبيهقي في السنن الكبرى (7/ 239) كلهم من طريق حجاج بن أرطأة عن عبد الملك بن المغيرة عن عبد الرحمن البيلماني مولى عمر بن الخطاب قال: فذكره مرسلا، وأظن أن "مولى" تصحفت في النسخ إلى "عن" وأكاد أجزم بذلك لقول الحافظ ابن كثير "فيه انقطاع"، فإن الانقطاع بإرساله، ولو كان عن عمر لكان موصولا.
(4)
سنن ابن ماجة برقم (2719) قال الذهبي: "فيه حفص بن عمر بن أبي العطاف وهو واه بمرة". وضعفه الألباني في ضعيف الجامع ح (2451)، والإرواءح (1664 - 1665).
منهما نظر. (النساء: 11)
194 -
عن ابن عباس أنه دخل على عثمان فقال: إن الأخوين لا يَردان الأم عن الثلث، قال الله تعالى:{فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ} فالأخوان ليسا بلسان قومك إخوة. فقال عثمان: لا أستطيع تغيير ما كان قبلي، ومضى في الأمصار، وتوارث به الناس. (1)
وفي صحة هذا الأثر نظر، فإن شُعْبَة هذا تكلَّم فيه مالك بن أنس، ولو كان هذا صحيحا عن ابن عباس لذهب إليه أصحابه الأخصاء به، والمنقول عنهم خلافه.
وقد روى عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن خارجة بن زيد، عن أبيه أنه قال: الأخوان تسمى إخوة وقد أفردت لهذه المسألة جُزءًا على حدة. (النساء: 11)
195 -
عن علي بن أبي طالب [رضي الله عنه] قال: إنكم تقرءون {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالدين قبل الوصية، وإن أعيان بني الأم يتوارثون دون بني العَلات، يرث الرجل أخاه لأبيه وأمه دون أخيه لأبيه.
ثم قال الترمذي: لا نعرفه إلا من حديث الحارث الأعور، وقد تكلم فيه بعض أهل العلم. قلت: لكن كان حافظًا للفرائض معتنياً بها وبالحساب (2)
فالله أعلم. (النساء: 11)
196 -
عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الإضرار في الوصية من الكبائر". (3)
وكذا رواه ابن جرير من طريق عمر بن المغيرة هذا وهو أبو حفص بصري سكن
(1) قال الألباني في الإرواء ح (1678): (ضعيف. أخرجه الحاكم (4/ 335)، والبيهقي (4/ 227). وقال الحاكم:" صحيح الاسناد ". ووافقه الذهبي. ورده الحافظ في " التلخيص "(3/ 85): (وفيه نظر؛ فإن فيه شعبة مولى ابن عباس وقد ضعفه النسائي). وقال في " التقريب ": (صدوق سئ الحفظ).
(2)
قال أبو بكر بن أبي داود: "الحارث كان أفقه وأفرض الناس وأحسب الناس، تعلم الفرائض من علي"، وقيل للشعبي: كنت تختلف إلى الحارث؟ قال: نعم، كنت أختلف إليه أتعلم الحساب، كان أحسب الناس.
لكن ضعف في روايته للحديث، ضعفه جماعة منهم الشعبي وجرير وابن مهدي وابن المديني ويحيى بن معين وأبو زرعة وأبو حاتم. انظر: تهذيب الكمال (5/ 244).
(3)
وقال الحافظ ابن كثير في الآية: 31 من النساء: (والصحيح ما رواه غيره، عن داود، عن عكرمة، عن ابن عباس قوله، قال ابن أبي حاتم: وهو الصحيح عن ابن عباس من قوله). وضعفه الزيلعي في نصب الراية، ونقل عن البيهقي أن الصحيح وقفه، ورفعه ضعيف.
المصيصة، قال أبو القاسم ابن عساكر: ويعرف بمفتي المساكين. وروى عنه غير واحد من الأئمة. وقال فيه أبو حاتم الرازي: هو شيخ. وقال علي بن المديني: هو مجهول لا أعرفه. لكن رواه النسائي في سننه عن علي ابن حجر، عن علي بن مُسْهِر، عن داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس، موقوفًا:"الإضرار في الوصية من الكبائر". (1)
وكذا رواه ابن أبي حاتم عن أبي سعيد الأشج، عن عائذ بن حبيب، عن داود بن أبي هند. ورواه ابن جرير من حديث جماعة من الحفاظ، عن داود، عن عكرمة، عن ابن عباس موقوفا وفي بعضها: ويقرأ ابن عباس: {غَيْرَ مُضَارٍّ} قال ابن جريج والصحيح الموقوف. (النساء: 11)
197 -
عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "البكْرَان يُجْلَدان ويُنفيَانِ، والثيبان يجلدان ويُرجَمانِ، والشَّيْخانِ يُرجَمان".
هذا حديث غريب من هذا الوجه. (النساء: 16)
198 -
أحاديث في ذلك مرسلة: قال ابن جرير:
…
عن الحسن قال:
بلغني أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ الله يَقْبلُ توبة العبد ما لم يُغَرْغرْ"
هذا مرسل حسن. عن الحسن البصري، رحمه الله. (النساء: 18)
199 -
عن العلاء بن زياد، عن أبي أيوب بشير بن كعب؛ أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن الله يقبل توبة العبد ما لم يُغَرْغرْ". (2)
وحدثنا ابن بشار، حدثنا عبد الأعلى، عن سعيد، عن قتادة، عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال، فذكر مثله. (النساء: 18)
200 -
201 - عن قتادة قال: كنا عند أنس بن مالك وثم أبو قِلابة، فحدث أبو قِلابة فقال: إن الله تعالى لما لَعَنَ إبليس سأله النَّظرة فقال: وعِزَّتِك وجلالك لا أَخْرُجُ من قَلْبِ ابن آدمَ ما دام فيه الروح. فقال الله: وعزتي لا أمنعه التوبة ما دام فيه الروح.
وقد ورد هذا في حديث مرفوع، رواه الإمام أحمد في مسنده من طريق عمرو بن أبي عمرو وأبي الهيثم العُتْوارِي كلاهما عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قال إبليس:
(1) قال الحافظ فى الفتح (5/ 359): (إسناده صحيح، رواه النسائى ورجاله ثقات).
(2)
تفسير الطبري (8/ 96).
وعِزَّتِك لا أزَالُ أُغْوِيهم ما دامت أرْوَاحهُمْ في أجسادهم. فقال الله عز وجل: وعزتي وجلالي، لا أزال أغْفِرُ لهم ما اسْتَغْفَرُوني" (1). (النساء: 18)
202 -
طريق أخرى: عن عمر فيها انقطاع: قال الزبير بن بكار حدثني عمي مصعب بن عبد الله عن جدي قال: قال عمر بن الخطاب لا تزيدوا في مهور النساء وإن كانت بنت ذي الغُصّة - يعني يزيد ابن الحصين الحارثي - فمن زاد ألقيت الزيادة في بيت المال. فقالت امرأة - من صُفَّة النساء طويلة، في أنفها فَطَس -: ما ذاك لك. قال: ولم؟ قالت: لأن الله [تعالى] قال: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} الآية. فقال عمر: امرأة أصابت ورجل أخطأ. (2). (النساء: 20)
203 -
قال ابن جرير: والصواب، أعنى قَوْلَ من قال:"الأم من المبهمات"؛ لأن الله لم يشرط معهن الدخول كما شرط ذلك مع أمهات الربائب، مع أن ذلك أيضًا إجماع من الحجة التي لا يجوز خلافها فيما جاءت به متفقة عليه. وقد روي بذلك أيضًا عن النبي صلى الله عليه وسلم خبر، غير أنَّ في إسناده نظرًا، وهو ما حدثني به المثنى
…
عن عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا نكح الرجل المرأة فلا يحل له أن يتزوج أمها، دخل بالبنت أو لم يدخل، وإذا تزوج الأم فلم يدخل بها ثم طلقها، فإن شاء تزوج الابنة (3)
ثم قال: وهذا الخبر، وإن كان في إسناده ما فيه، فإن في إجماع الحجة على صحة القول به مُسْتَغْنى عن الاستشهاد على صحته بغيره. (النساء: 23)
204 -
عن علي قال: قال رسول الله صلى عليه وسلم: {فَإِذَا أُحْصِنَّ} قال: "إحصانها إسلامها
(1) قال الألباني في الصحيحة ح (104): (هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين لكنه منقطع بين عمرو - وهو ابن أبي عمر مولى المطلب - وبين أبي سعيد الخدري، فإنهم، لم يذكروا لعمرو رواية عن أحد من الصحابة غير أنس بن مالك، وهو متأخر الوفاة جدا عن أبي سعيد، فإن هذا كانت وفاته سنة (75) على أكثر ما قيل، وهو توفي سنة (92) وقيل (93). وحسنه لغيره في صحيح الترغيب ح (1617).
(2)
قال الحافظ ابن كثير في مسند عمر بن الخطاب (2/ 573): (فيه انقطاع). وضعفه الألباني في إرواء الغليل (6/ 348).
(3)
تفسير الطبري (8/ 146)، والنظر الذي في إسناده: من أجل المثنى بن الصباح.
وعفافها". وقال المراد به هاهنا التزويج، قال: وقال علي: اجلدوهن [ثم] قال ابن أبي حاتم: وهو حديث منكر.
قلت: وفي إسناده ضعف، ومنهم من لم يسم، و [مثله] لا تقوم به حجة. (النساء: 25)
205 -
عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس على أمة حد حتى تحصن - أو حتى تزوج - فإذا أحصنت بزوج فعليها نصف ما على المحصنات".
وقد رواه ابن خزيمة، عن عبد الله بن عمران العابدي عن سفيان به مرفوعا. وقال: رفعه خطأ، إنما هو من قول ابن عباس، وكذا رواه البيهقي من حديث عبد الله بن عمران، وقال مثل ما قاله ابن خزيمة. (النساء: 25)
206 -
عن ميمون بن مهران قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "البَيْعُ عن تَراض والخِيارُ بعد الصَّفقة ولا يحل لمسلم أن يغش مسلمًا". (1) هذا حديث مرسل. (النساء: 29)
207 -
عن عبيد بن عُمَيْر، عن أبيه - يعني عُمَير بن قتادة رضي الله عنه أنه حدثه - وكانت له صحبة - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حجة الوداع:"ألا إن أولياء الله المُصَلُّون من يُقِيم الصلواتِ الخمسَ التي كُتبت عليه، ويَصومُ رمضان ويَحتسبُ صومَهُ، يرى أنه عليه حق، ويُعطي زكاةَ ماله يَحْتسِبها، ويجتنب الكبائر التي نهى الله عنها".ثم إن رجلا سأله فقال: يا رسول الله، ما الكبائر؟ فقال:"تسع: الشِّركُ بالله، وقَتْلُ نَفْسِ مؤمن بغير حق وفِرارُ يوم الزّحْفِ، وأكل مال اليتيم، وأكل الرِّبا، وقذفُ المُحصنَة وعقوق الوالدين المسلمين، واستحلال البيت الحرام قبلتكم أحياء وأمواتا، ثم قال: لا يموت رجل لا يعمل هؤلاء الكبائر، ويقيم الصلاة، ويُؤتِي الزكاة، إلا كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في دار أبوابها مصاريع من ذَهَبٍ".
وهكذا رواه الحاكم مطولا وقد أخرجه أبو داود والترمذي مختصرا من حديث معاذ بن هانئ، به وكذا رواه ابن أبي حاتم من حديثه مبسوطًا ثم قال الحاكم: رجاله كلهم يحتج بهم في الصحيحين إلا عبد الحميد بن سنان. (2)
(1) تفسير الطبري (8/ 221).
(2)
المستدرك (1/ 59) وسنن أبي داود برقم (2875)، ورواه البيهقى في السنن الكبرى من طريق الحاكم (3/ 408) وعبد الحميد بن سنان. قال الذهبي:(عداده في التابعين لا يعرف، وقد وثقه بعضهم. قال البخاري: روى عن عبيد بن عمير في حديثه نظر). وحسنه الألباني في الإرواء ح (690).
قلت: وهو حجازي لا يعرف إلا بهذا الحديث، وقد ذكره ابن حِبَّان في كتاب الثقات، وقال البخاري: في حديثه نظر.
وقد رواه ابن جرير، عن سليمان بن ثابت الجحدري، عن سلم بن سلام، عن أيوب بن عتبة، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبيد بن عُمَير، عن أبيه، فذكره. ولم يذكر في الإسناد: عبد الحميد بن سنان، فالله أعلم. (النساء: 31)
208 -
عن طَيْسَلة بن علي النهدي قال: أتيت ابن عمر وهو في ظل أرَاك يوم عَرَفة، وهو يصب الماء على رأسه ووجهه قلت أخبرني عن الكبائر؟ قال: هي تسع. قلت: ما هي؟ قال: الإشراك بالله، وقذف المحصنة - قال: قلت: قبل القتل؟ قال: نعم وَرَغْمَا - وقتل النفس المؤمنة، والفِرارُ من الزَّحْفِ، والسِّحْرُ، وأكْلُ الربا، وأكل مال اليتيم، وعُقوق الوالدين المسلمين، وإلْحاد بالبيت الحرام، قبْلَتكم أحياء وأمواتا.
هكذا رواه من هذين الطريقين موقوفا، وقد رواه علي بن الجَعْدِ، عن أيوب بن عتبة، عن طيسلة بن علي [النهدي] قال: أتيت ابن عمر عَشِيَّةَ عَرَفَةَ، وهو تحت ظلِّ أرَاكة، وهو يَصُبُّ الماء على رأسه، فسألته عن الكبائر، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "هُنّ سبع". قال: قلت: وما هُنّ؟ قال: "الإشراك بالله، وقذف المحصنة - قال: قلت: قبل الدم؟ قال: نعم ورغما - وقتلُ النفس المؤمنة، والفرار من الزَّحفِ، والسِّحرُ، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، وعُقوق الوالدين، وإلحاد بالبيت الحرامِ قِبْلَتَكُم أحياء وأمواتا". (1)
وكذا رواه الحسن بن موسى الأشيب، عن أيوب بن عتبة اليماني - وفيه ضعف - والله أعلم.
(النساء: 31)
209 -
حديث آخر: روى الحافظ أبو بكر ابن مردويه في تفسيره، من طريق سليمان بن داود اليماني - وهو ضعيف - عن الزهري، عن أبي بكر بن محمد بن عَمْرو بن حزم، عن أبيه، عن جده قال: كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن كتابا فيه الفرائض
(1) قال الألباني في الإرواء ح (690): (وأيوب بن عتبة قال الحافظ في (التلخيص) ص 152: (وهو ضعيف وقد اختلف عليه فيه). قلت: (وضعف عتبة من قبل حفظه لا من أجل تهمة في نفسه؛ فحديثه حسن في الشواهد، وبقية رجاله ثقات كلهم غير طيسلة بن علي، وقد ذكره ابن حبان في " الثقات (1/ 99)، وروى عنه جماعة؛ فالحديث حسن إن شاء الله تعالى).
والسنن والديات، وبعث به مع عمرو بن حزم، قال: وكان في الكتاب: "إن أكبر الكبائر عند الله يوم القيامة: إشْراكٌ باللهِ وقَتْل النفْسِ المؤمنة بغير حَقٍّ، والفِرارُ في سبيل الله يوم الزَّحْفِ، وعُقوق الوالدين، ورَمْي المحصنة، وتَعَلُّم السحر، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم"(1)(النساء: 31)
210 -
عن عمرة بن حزم أنه سمع عبد الله بن عَمْرو بن العاص وهو بالحِجْر بمكة وسُئل عن الخمر، فقال: والله إنَّ عظيمًا عند الله الشيخُ مثلي يكذبُ في هذا المقام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهب فسأله ثم رجع فقال: سألته عن الخمر فقال: "هي أكبر الكبائر، وأم الفواحش، من شرب الخمر ترك الصلاة ووقع على أمه وخالته وعمته"
غريب من هذا الوجه. (2)(النساء: 31)
211 -
عن سالم بن عبد الله، عن أبيه: أن أبا بكر الصديق، رضي الله عنه، وعُمَر بن الخطاب وأناسًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنهم أجمعين، جلسوا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكروا أعظم الكبائر، فلم يكن عندهم ما ينتهون إليه، فأرسلوني إلى عبد الله بن عَمْرو بن العاص أسأله عن ذلك، فأخبرني أن أعظم الكبائر شرب الخمر، فأتيتهم فأخبرتهم، فأنكروا ذلك، فوثبوا إليه حتى أتوه في داره، فأخبرهم أنهم تحدثوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أن مَلِكا من بني إسرائيل أخذ رجلا فخيَّره بين أن يشرب خمرًا أو يقتل نفسا، أو يزاني أو يأكل لحم خنزير، أو يقتله فاختار شُرْبَ الخمر وإنه لما شربها لم يمتنع من شَيْء أراده منه، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا مجيبا:"ما من أحد يشرب خمرًا إلا لم تُقْبَلْ له صَلاةٌ أربعين ليلة، ولا يموت أحد في مَثَانَتِهِ منها شيء إلا حَرَّم الله عليه الجنة فإنْ مات في أربعين ليلة مات ميتَةً جاهلية".
هذا حديث غريب من هذا الوجه جدًا، وداود بن صالح هو التَّمار المدني مولى الأنصار، قال الإمام أحمد: لا أرى
(1) قال الهيثمي في المجمع (3/ 72): (رواه الطبراني في الكبير وفيه سليمان بن داود الحرسى وثقه أحمد وتكلم فيه ابن معين وقال أحمد: إن الحديث صحيح. قلت: وبقية رجاله ثقات). وصححه الألباني لغيره في صحيح الترغيب ح (3043).
(2)
قال الهيثمي في المجمع (5/ 68): (رواه الطبراني، وعتاب لم أعرفه، وابن لهيعة حديثه حسن وفيه ضعف).
به بأسا. وذكره ابن حبان في الثقات، ولم أر أحدًا جرحه. (النساء: 31)
212 -
عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من جمع بين الصَّلاتين من غير عُذْرٍ، فقد أتى بابًا من أبواب الكبائر". (1) وهكذا رواه أبو عيسى الترمذي عن أبي سلمة يحيى بن خلف، عن المعتمر بن سليمان، به ثم قال: حَنَش هو أبو علي الرحبي، وهو حسين بن قيس، وهو ضعيف عند أهل الحديث، ضعفه أحمد وغيره. (النساء: 31)
213 -
عن ابن عباس؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان متكئًا فدخل عليه رجل فقال: ما الكبائر؟ فقال: "الشِّرْكُ بالله، واليأس من رَوْح الله، والقُنوط من رحمة الله، والأمن من مكر الله، وهذا أكبر الكبائر".
وقد رواه البزار، عن عبد الله بن إسحاق العطار، عن أبي عاصم النبيل، عن شبيب بن بشر، عن عكرمة، عن ابن عباس؛ أن رجلا قال: يا رسول الله، ما الكبائر؟ قال:"الإشراك بالله، واليأس من رَوْح الله، والقُنوط من رحمة الله عز وجل".وفي إسناده نظر، والأشبه أن يكون موقوفا، فقد روي عن ابن مسعود نحوُ ذلك قال ابن جرير:
…
قال ابن مسعود: أكبر الكبائر الإشراك بالله والإياس من رَوْح الله، والقُنوط من رحمة الله، والأمن من مكر الله .... ثم رواه من طُرُق عدة، عن أبي الطفيل، عن ابن مسعود. وهو صحيح إليه بلا شك. (النساء: 31)
214 -
عن ابن عمر أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أكبر الكبائر سوء الظن بالله عز وجل". حديث غريب جدًّا. (النساء: 31)
215 -
عن محمد بن سهل ابن أبي حَثْمة عن أبيه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "الكبائر سبع، ألا تسألوني عنهن؟ الشِّركُ بالله، وقَتْلُ النفْسِ، والفِرارُ يوم الزَّحْفِ، وأكْلُ مال اليتيم، وأكل الربا، وقَذْفُ المحصَنَة، والتعرب بعد الهجرة".
وفي إسناده نظر، ورفعه غلط فاحش، والصواب ما رواه ابن جرير:
…
عن محمد بن سهيل بن أبي حثْمة عن أبيه قال: إني لفي هذا المسجد - مسجد الكوفة - وعلي، رضي الله عنه، يَخْطُب الناسَ على المنبر، فقال: يا أيها الناس، الكبائر سبع فأصاخ الناسُ، فأعادها ثلاث مرات، ثم قال: لم لا تسألوني عنها؟ قالوا: يا أمير المؤمنين ما هي؟ قال: الإشراك بالله، وقتل النفس التي
(1) سنن الترمذي (188)، وضعفه الألباني جدا في الضعيفة ح (4581).
حرم الله وقذف المحصنة، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا، والفرار يوم الزحف، والتعرب بعد الهجرة. فقلت لأبي: يا أبت، التعرب بعد الهجرة، كيف لحق هاهنا؟ قال: يا بني، وما أعظم من أن يهاجر الرجل، حتى إذا وقع سهمه في الفيء، ووجب عليه الجهاد خلع ذلك من عنقه فرجع أعرابيًا كما كان. (النساء: 31)
216 -
عن أبي أمامة؛ أن ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ذكروا الكبائر وهو متكئ، فقالوا: الشرك بالله، وأكل مال اليتيم، وفرار من الزحف، وقذف المحصنة، وعقوق الوالدين، وقول الزور، والغلول، والسحر، وأكل الربا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فأين تجعلون {الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا} [آل عمران: 77] إلى آخر الآية. في إسناده ضعف، وهو حسن. (النساء: 31)
217 -
وقد روى ابن مردويه من طرق عن أنس (1)، وعن جابر مرفوعا:"شَفَاعَتِي لأهل الكبائر من أمَّتِي" ولكن في إسناده من جميع طرقه ضعف، إلا ما رواه عبد الرزاق: أخبرنا مَعْمَر، عن ثابت، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "شَفاعتي لأهْلِ الكبائرِ من أمتي". فإنه إسناد صحيح على شرط الشيخين.
وقد رواه أبو عيسى الترمذي منفردا به من هذا الوجه، عن عباس العَنْبري، عن عبد الرزاق ثم قال: هذا حديث حسن صحيح وفي الصحيح شاهد لمعناه، وهو قوله صلى الله عليه وسلم بعد ذكر الشفاعة:"أترَوْنَها للمؤمنين المتقين؟ لا ولكنها للخاطئين المُتَلَوِّثِينَ". (النساء: 31)
218 -
عن مجاهد قال: قالت أم سلمة: يا رسول الله، يغزو الرجال ولا نغزو، ولنا نصف الميراث. فأنزل الله عز وجل:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ}
ورواه الترمذي
…
عن مجاهد، عن أمّ سلمة أنها قالت: قلت: يا رسول الله
…
فذكره، وقال: غريب (2). (النساء: 32)
219 -
وقد روى الترمذي (3)، وابن مردويه
…
عن عبد الله بن مسعود قال: قال
(1) انظر سنن أبي داود (4739)، وسنن الترمذي (2435)، صحيح الجامع (3714).
(2)
المسند (6/ 322) وسنن الترمذي برقم (3022). وقال الترمذي: حديث مرسل.
(3)
سنن الترمذي برقم (3571). وضعفه الألباني جدا في الضعيفة ح (492).
رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سلُوا الله من فَضْلِه؛ فإن الله يحب أن يسأل وإن أفضل العبادة انتظار الفرج". ثم قال الترمذي: كذا رواه حماد بن واقد، وليس بالحافظ، ورواه أبو نُعَيم، عن إسرائيل، عن حكيم بن جبير، عن رجل، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وحديث أبي نعيم أشبه أن يكون أصح. (النساء: 32)
220 -
وقال الحسن البصري: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تستعديه على زوجها أنه لَطَمَها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"القِصَاص"، فأنزل الله عز وجل:{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} الآية، فرجعت بغير قصاص.
رواه ابن جرير وابن أبي حاتم، من طرق عنه. وكذلك أرسل هذا الخبر قتادة، وابن جُرَيج والسدي، أورد ذلك كله ابن جرير. (النساء: 34)
221 -
وقد أسنده ابن مردويه من وجه آخر فقال:
…
عن علي قال: أتى النبي رجل من الأنصار بامرأة له، فقالت: يا رسول الله، إن زوجها فلان بن فلان الأنصاري، وإنه ضربها فأثر في وجهها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ليْسَ ذَلِكَ لَه". فأنزل الله: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} أي: قوامون على النساء في الأدب. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَرَدْتُ أمْرًا وأرَادَ الله غَيْرَه"(وكذا أرسل هذا الخبر قتادة وابن جريج والسدي، أورد ذلك كله ابن جرير). (1). (النساء: 34)
222 -
الحديث الثامن: عن الحسن، عن جابر بنِ عَبْدِ الله قال: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الجِيرانُ ثَلاثَةٌ: جَارٌ لهُ حَقٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ أَدْنَى الجيرانِ حقًّا، وجار له حقَّان، وجَارٌ له ثلاثةُ حُقُوقٍ، وَهُوَ أفضلُ الجيرانِ حقا، فأما الذي له حق واحد فجار مُشْرِكٌ لا رَحمَ لَهُ، لَهُ حق الجَوار. وأمَّا الَّذِي لَهُ حقانِ فَجَارٌ مُسْلِمٌ، له حق الإسلام وحق الْجِوارِ، وأَمَّا الَّذِي لَهُ ثَلاثةُ حُقُوقٍ، فَجَارٌ مُسْلِمٌ ذُو رَحِمٍ لَهُ حق الجوار وحق الإسلام وحَقُّ الرحِمِ".
قال البَزَّارُ: لا نعلم أحدا روى عن عبد الرحمن بن الْفُضَيْل إلا ابْنُ أَبِي فُدَيْك. (2)(النساء: 36)
223 -
عن أبي هريرة أنه قال: بلغني أن الله تعالى يعطي عبده المؤمن بالحسنة
(1) ما بين القوسين لا يوجد في طبعة السلامة ويوجد في طبعة مؤسسة الريان (1/ 742).
(2)
قال الهيثمي في المجمع (8/ 164): (رواه البزار عن شيخه عبد الله بن محمد الحارثي وهو وضاع). وضعفه الألباني في الضعيفة ح (3493).
الواحدة ألف ألف حسنة. قال: فقُضي أني انطلقت حاجا أو معتمرا، فلقيته فقلت: بلغني عنك حديث أنك تقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله يعطى عبده المؤمن بالحسنة ألف ألف حسنة" قال أبو هريرة: لا بل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله عز وجل يعطيه ألفي ألف حسنة" ثم تلا {يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} فمن يقدره قدره.
رواه الإمام أحمد فقال:
…
عن أبي عثمان قال: أتيت أبا هريرة فقلت له: بلغنى أنك تقول: إن الحسنة تضاعف ألف ألف حسنة؟ قال: وما أعجبك من ذلك؟ فوالله لقد سمعت - يعنى النبي صلى الله عليه وسلم كذا قال أبي - يقول: "إن الله ليضاعف الحسنة ألفى ألف حسنة". (1)
علي بن زيد في أحاديثه نكارة، فالله أعلم. (النساء: 36)
224 -
عن المِنْهَال بنِ عمرٍو، حدثه أنه سمع سعيد بن المُسَيَّبِ يقول: ليس من يوم إلا تعرض على النبي صلى الله عليه وسلم أمته غُدْوة وعَشيّة، فيعرفهم بأسمائهم وأعمالهم، فلذلك يشهد عليهم، يقول الله تعالى:{فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا}
فإنه أثر، وفيه انقطاع، فإن فيه رجلا مبهما لم يسم، وهو من كلام سعيد بن المسيب لم يرفعه. وقد قبله القرطبي فقال بعد إيراده:[قد تقدم] أن الأعمال تعرض على الله كل يوم إثنين وخميس، وعلى الأنبياء والآباء والأمهات يوم الجُمُعة. قال: ولا تعارض، فإنه يحتمل أن يخص نبينا بما يعرض عليه كل يوم، ويوم الجمعة مع الأنبياء، عليهم السلام. (النساء: 36)
225 -
ثبت في صحيح البخاري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "سُدُّوا كل خَوخة في المسجد إلا خَوخةَ أبي بكر".
وهذا قاله في آخر حياته صلى الله عليه وسلم، علما منه أن أبا بكر، رضي الله عنه، سيلي الأمر بعده، ويحتاج إلى الدخول في المسجد كثيرا للأمور المهمة فيما يصلح للمسلمين، فأمر بسد الأبواب الشارعة إلى المسجد إلا بابه، رضي الله عنه. ومن روى: "إلا
(1) رواه أحمد في المسند (7932)، وابن جرير في التفسير (8/ 366). وضعفه الألباني في الضعيفةح (3975).
باب علي" كما وقع في بعض السنن، (1) فهو خطأ، والصحيح. ما ثبت في الصحيح. (النساء: 43)
226 -
وروى أبو داود من حديث أفْلَتَ بن خليفة العامري، عن جَسْرة بنت دجاجة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني لا أحلّ المسجد لحائض ولا جنبٍ". (2)
قال أبو مسلم الخَطَّابي: ضَعَّف هذا الحديث جماعة وقالوا: أفلت مجهول. لكن رواه ابن ماجه من حديث أبي الخطاب الهَجَري، عن مَحْدوج الذهلي، عن جَسْرة، عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم، به. قال أبو زرعة الرازي: يقولون: جسْرة عن أم سلمة. والصحيح جسرة عن عائشة. (النساء: 43)
227 -
فأما ما رواه أبو عيسى الترمذي، من حديث سالم بن أبي حفصة، عن عطية، عن أبي سعيد الخُدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا علي، لا يحل لأحد أن يُجْنب في هذا المسجد غيري وغيرك.
إنه حديث ضعيف لا يثبت؛ فإن سالما هذا متروك، وشيخه عطية ضعيف والله أعلم. (3) (النساء: 43)
228 -
عن مجاهد في قوله: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى} قال: نزلت في رجل من الأنصار، كان مريضا فلم يستطع أن يقوم فيتوضأ، ولم يكن له خادم فيناوله، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فأنزل الله هذه الآية. هذا مرسل. (النساء: 43)
229 -
عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن معاذ قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل فقال:
(1) رواه أحمد في المسند (19502)، والنسائي في الكبرى (8369)، وسنن الترمذي (3732)، وغيرهم.
…
انظر الضعيفةح (2929)، و (4953).
(2)
سنن أبي داود ح (232)، وسنن ابن ماجه ح (645) من حديث أم سلمة. وضعفه الألباني في الإرواء ح (193).
(3)
سنن الترمذي برقم (3727). وضعفه الألباني في ضعيف الجامع ح (6402)، الضعيفةح (4973)، وقال ابن القيم:(فهذا الاستثناء باطل موضوع؛ من زيادة بعض غلاة الشيعة، ولم يخرجه ابن ماجه في الحديث).
يا رسول الله، ما تقول في رجل لقي امرأة لا يعرفها، فليس يأتي الرجل من امرأته شيء إلا أتاه منها، غير أنه لم يجامعها؟ قال: فأنزل الله عز وجل هذه الآية: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود: 114] قال: فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "توضأ ثم صَلِّ". قال معاذ: فقلت: يا رسول الله، أله خاصة أم للمؤمنين عامة؟ قال:"بل للمؤمنين عامة". (1)
ورواه الترمذي من حديث زائدة به، وقال: ليس بمتصل. وأخرجه النسائي من حديث شعبة، عن عبد الملك بن عمير، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى مرسلا.
قالوا: فأمره بالوضوء؛ لأنه لمس المرأة ولم يجامعها. وأجيب بأنه منقطع بين أبي ليلى ومعاذ، فإنه لم يلقه، ثم يحتمل أنه إنما أمره بالوضوء والصلاة للتوبة، كما تقدم في حديث الصدِّيق [رضي الله عنه] ما من عبد يذنب ذنبا فيتوضأ ويصلي ركعتين إلا غفر الله له" الحديث، وهو مذكور في سورة آل عمران عند قوله:{ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ [وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ]} الآية [آل عمران: 135]. . (النساء: 43)
230 -
ما رواه الدارقطني، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "التيمم ضربتان: ضربة للوجه، وضربة لليدين إلى المرفقين". (2)
ولكن لا يصح؛ لأن في أسانيده ضعفاء لا يثبت الحديث بهم. (النساء: 43)
231 -
وروى أبو داود عن ابن عمر - في حديث - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب بيديه على الحائط ومسح بهما وجهه، ثم ضرب ضربة أخرى فمسح بها ذراعيه. (3)
ولكن في
(1) أخرجه أحمد (5/ 244)، والترمذي (3113) وقال:(هذا حديث ليس إسناده بمتصل عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من معاذ، ومعاذ بن جبل مات في خلافة عمر، وقتل عمر وعبد الرحمن بن أبي ليلى غلام صغير ابن ست سنين، وقد روى عن عمر، ورآه، وروى شعبة هذا الحديث عن عبد الملك بن عمير، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا). وضعفه الألباني قي ضعيف الترمذي (603).
(2)
انظر مجمع الزوائد للهيثمي (1/ 262 - 263)، والتلخيص الحبير ح (208)، والضعيفة للألباني ح (3427)، حيث حكموا عليه بالضعف. وإنما الصحيح أن التيمم للوجه والكفين فقط.
(3)
رواه أبو داود (330)، وقال:(سمعت أحمد بن حنبل يقول: روى محمد بن ثابت حديثا منكرا في التيمم. قال ابن داسة قال أبو داود: لم يتابع محمد بن ثابت في هذه القصة على ضربتين عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورووه فعل ابن عمر). وضعفه الألباني.
إسناده محمد بن ثابت العَبْدي، وقد ضعفه بعض الحفاظ، ورواه غيره من الثقات فوقفوه على فعل ابن عمر، قال البخاري وأبو زرعة وابن عَدِي: هو الصواب. وقال البيهقي: رفع هذا الحديث منكر. (النساء: 43)
232 -
عن السدي: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ} قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية عليها خالد بن الوليد، وفيها عمار بن ياسر، فساروا قبل القوم الذين يريدون، فلما بلغوا قريبا منهم عَرَّسوا، وأتاهم ذو العُيَيْنَتَين فأخبرهم، فأصبحوا قد هربوا غير رجل. فأمر أهله فجمعوا متاعهم، ثم أقبل يمشي في ظلمة الليل، حتى أتى عسكر خالد، فسأل عن عمار بن ياسر، فأتاه فقال: يا أبا اليقظان، إني قد أسلمت وشهدت أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، وإن قومي لما سمعوا بكم هربوا، وإني بقيت، فهل إسلامي نافعي غدا، وإلا هربت؟ قال عمار: بل هو ينفعك، فأقم. فأقام، فلما أصبحوا أغار خالد فلم يجد أحدًا غير الرجل، فأخذه وأخذ ماله. فبلغ عمارا الخبر، فأتى خالدا فقال: خل عن الرجل، فإنه قد أسلم، وإنه في أمان مني. فقال خالد: وفيم أنت تجير؟ فاستبا وارتفعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأجاز أمان عمار، ونهاه أن يجير الثانية على أمير. فاستبا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال خالد: يا رسول الله، أتترك هذا العبد الأجدع يَسُبُّني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا خالد، لا تسب عمارًا، فإنه من يسب عمارا يسبه الله، ومن يبغضه يبغضه الله، ومن يلعن عمارا يلعنه الله" فغضب عمار فقام، فتبعه خالد حتى أخذ بثوبه فاعتذر إليه، فرضي عنه، فأنزل الله عز وجل قوله:{أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ}
وهكذا رواه ابن أبي حاتم، من طريق عن السدي، مرسلا. ورواه ابن مردويه من رواية الحكم بن ظهير، عن السدي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، فذكره بنحوه (1).والله أعلم. (النساء: 58)
233 -
وقال البخاري: حدثنا علي بن عبد الله حدثنا محمد بن جعفر، أخبرنا مَعْمَر، عن الزهري، عن عُرْوَة قال: خاصم الزبير رجلا في شُرَيج من الحَرَّة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"اسق يا زُبير ثم أرْسل الماء إلى جارك" فقال الأنصاري: يا رسول الله، أنْ كان ابن عمتك؟ فَتَلَوَّن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: "اسق يا زبير، ثم احبس الماء حتى
(1) أخرجه النسائي في الكبرى (8212 - 8214)، والطبري في التفسير (8/ 499).
يرجع إلى الجدْر، ثم أرسل الماء إلى جارك" واستوعى النبي صلى الله عليه وسلم للزبير حَقّه في صريح الحكم، حين أحفظه الأنصاري، وكان أشار عليهما بأمر لهما فيه سعة. قال الزبير: فما أحسب هذه الآية إلا نزلت في ذلك: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} الآية.
وهكذا رواه البخاري هاهنا أعني في كتاب: "التفسير" من صحيحه من حديث معمر: وفي كتاب: "الشرب" من حديث ابن جُرَيْج ومعمر أيضا، وفي كتاب:"الصلح" من حديث شعيب بن أبي حمزة، ثلاثتهم عن الزهري عن عروة، فذكره وصورته صورة الإرسال، وهو متصل في المعنى.
وقد رواه الإمام أحمد من هذا الوجه فصرح بالإرسال فقال: حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري، أخبرني عروة بن الزبير: أن الزبير كان يحدث: أنه كان يخاصم رجلا من الأنصار قد شهد بدرا إلى النبي صلى الله عليه وسلم في شراج الحرة، كانا يسقيان بها كلاهما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للزبير:"اسق ثم أرسل إلى جارك" فغضب الأنصاري وقال: يا رسول الله، أن كان ابن عمتك؟ فتلوّن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال:"اسق يا زبير ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجَدْر" فاستوعى النبي صلى الله عليه وسلم للزبير حقه وكان النبي صلى الله عليه وسلم قبل ذلك أشار على الزبير برأي أراد فيه سعة له وللأنصاري، فلما أحفظ الأنصاري رسول الله صلى الله عليه وسلم استوعى النبي صلى الله عليه وسلم للزبير حقه في صريح الحكم، قال عروة: فقال الزبير: والله ما أحسب هذه الآية نزلت إلا في ذلك: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}
هكذا رواه الإمام أحمد وهو منقطع بين عروة وبين أبيه الزبير؛ فإنه لم يسمع منه، والذي يقطع به أنه سمعه من أخيه عبد الله، (1) فإن
(1) قال الحافظ في الفتح ح (2178): (وَإِنَّمَا صَحَّحَهُ الْبُخَارِيّ مَعَ هَذَا الِاخْتِلَاف اِعْتِمَادًا عَلَى صِحَّة سَمَاع عُرْوَة مِنْ أَبِيهِ وَعَلَى صِحَّة سَمَاع عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر مِنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فَكَيْفَمَا دَارَ فَهُوَ عَلَى ثِقَة. ثُمَّ الْحَدِيث وَرَدَ فِي شَيْء يَتَعَلَّق بِالزُّبَيْرِ فَدَاعِيَة وَلَده مُتَوَفِّرَة عَلَى ضَبْطه، وَقَدْ وَافَقَهُ مُسْلِم عَلَى تَصْحِيح طَرِيق اللَّيْث الَّتِي لَيْسَ فِيهَا ذِكْر الزُّبَيْر، وَزَعَمَ الْحُمَيْدِيُّ فِي جَمْعه أَنَّ الشَّيْخَيْنِ أَخْرَجَاهُ مِنْ طَرِيق عُرْوَة عَنْ أَخِيهِ عَبْد اللَّه عَنْ أَبِيهِ، وَلَيْسَ كَمَا قَالَ، فَإِنَّهُ بِهَذَا السِّيَاق فِي رِوَايَة يُونُس الْمَذْكُورَة وَلَمْ يُخْرِجهَا مِنْ أَصْحَاب الْكُتُب السِّتَّة إِلَّا النَّسَائِيُّ وَأَشَارَ إِلَيْهَا التِّرْمِذِيّ خَاصَّة، وَقَدْ جَاءَتْ هَذِهِ الْقِصَّة مِنْ وَجْه آخَر أَخْرَجَهَا الطَّبَرِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيث أُمّ سَلَمَة، وَهِيَ عِنْد الزُّهْرِيِّ أَيْضًا مِنْ مُرْسَل سَعِيد بْن الْمُسَيِّب كَمَا سَيَاتِي بَيَانه).
أبا محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم رواه كذلك في تفسيره فقال:
حدثنا يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهب، حدثنا الليث ويونس، عن ابن شهاب، أن عروة بن الزبير حدثه أن عبد الله بن الزبير حدثه عن الزبير بن العوام: أنه خاصم رجلا من الأنصار - قد شهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في شراج في الحَرة، كانا يسقيان به كلاهما النخل، فقال الأنصاري: سَرِّح الماء يَمُر. فأبى عليه الزبير، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اسق يا زبير ثم أرسل إلى جارك" فغضب الأنصاري وقال: يا رسول الله، أن كان ابن عَمَّتك؟ فتلوَّن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال:"اسق يا زبير ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجَدْر" واستوعى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم للزبير حَقّه وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك أشار على الزبير برأي أراد فيه السعة له وللأنصاري، فلما أحفظ الأنصاري رسولَ الله صلى الله عليه وسلم استوعى للزبير حقه في صريح الحكم فقال الزبير: ما أحسب هذه الآية إلا في ذلك: {فَلا وَرَبِّكَ لا يَؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}
وهكذا رواه النسائي من حديث ابن وهب، به ورواه أحمد والجماعة كلهم من حديث الليث، به وجعله أصحاب الأطراف في مسند عبد الله بن الزبير، وكذا ساقه الإمام أحمد في مسند عبد الله بن الزبير، والله أعلم.
والعجب كل العجب من الحاكم أبي عبد الله النيسابوري، فإنه روى هذا الحديث من طريق ابن أخي ابن شهاب، عن عمه، عن عروة، عن عبد الله بن الزبير، عن الزبير فذكره، ثم قال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. فإني لا أعلم أحدا قام بهذا الإسناد عن الزهري يذكر عبد الله بن الزبير، غير ابن أخيه، وهو عنه ضعيف. (النساء: 65)
234 -
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عمرو بن عثمان، حدثنا أبو حيوة، حدثنا سعيد بن عبد العزيز، عن الزُّهري، عن سعيد بن المسيب في قوله:{فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ [حَتَّى يُحَكِّمُوكَ]} [الآية] قال: نزلت في الزبير بن العوام، وحاطب بن أبي بلتعة. اختصما في ماء، فقضى النبي صلى الله عليه وسلم أن يسقي الأعلى ثم الأسفل.
هذا مرسل ولكن فيه فائدة تسمية الأنصاري. (1)(النساء: 65)
235 -
ذكر سبب آخر غريب جدا:
عن أبي الأسود قال: اختصم رجلان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى بينهما، فقال الذي قضى عليه: ردنا إلى عمر بن الخطاب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "انطلقا إليه" فلما أتيا إليه قال الرجل: يا ابن الخطاب، قضى لي رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا، فقال: ردنا إلى عمر. فردنا إليك. فقال: أكذاك؟ فقال: نعم فقال عمر: مَكَانَكُمَا حتى أخرج إليكما فأقضي بينكما. فخرج إليهما مشتملا على سيفه، فضرب الذي قال رُدَّنا إلى عمر فقتله، وأدبر الآخر فارا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله قتل عُمَر والله صاحبي، ولولا أني أعجزتُه لقتلني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما كنت أظن أن يجترئ عُمَر على قتل مؤمن" فأنزل الله: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ} الآية، فهدر دم ذلك الرجل، وبرئ عمر من قتله، فكره الله أن يسن ذلك بعد، فقال:{وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا} [النساء: 66].
وكذا رواه ابن مَرْدُويه من طريق ابن لَهِيعة، عن أبي الأسود به.
وهو أثر غريب، وهو مرسل، وابن لهيعة ضعيف والله أعلم. (النساء: 65)
236 -
عن سعيد بن جُبير قال: جاء رجل من الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو محزون، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"يا فلان، ما لي أراك محزونًا؟ " قال: يا نبي الله شيء فكرت فيه؟ قال: "ما هو؟ " قال: نحن نغدو عليك ونروح، ننظر إلى وجهك ونجالسك، وغدا ترفع مع
(1) قال الحافظ ابن حجر في الفتح (2178): (الْحَدِيث وَإِسْنَاده قَوِيّ مَعَ إِرْسَاله. فَإِنْ كَانَ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب سَمِعَهُ مِنْ الزُّبَيْر فَيَكُون مَوْصُولًا، وَعَلَى هَذَا فَيُؤَوَّل قَوْله مِنْ الْأَنْصَار عَلَى إِرَادَة الْمَعْنِيّ الْأَعَمّ كَمَا وَقَعَ ذَلِكَ فِي حَقّ غَيْر وَاحِد كَعَبْدِ اللَّه بْن حُذَافَة، وَأَمَّا قَوْل الْكَرْمَانِيِّ بِأَنَّ حَاطِبًا كَانَ حَلِيفًا لِلْأَنْصَارِ فَفِيهِ نَظَر، وَأَمَّا قَوْله: " مِنْ بَنِي أُمَيَّة بْن زَيْد " فَلَعَلَّهُ كَانَ مَسْكَنه هُنَا كَعُمَر كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْعِلْم. وَذَكَرَ الثَّعْلَبِيّ بِغَيْرِ سَنَد أَنَّ الزُّبَيْر وَحَاطِبًا لَمَّا خَرَجَا مَرَّا بِالْمِقْدَادِ قَالَ: لِمَنْ كَانَ الْقَضَاء؟ فَقَالَ حَاطِب: قَضَى لِابْنِ عَمَّته، وَلَوَى شِدْقه، فَفَطِنَ لَهُ يَهُودِيّ فَقَالَ: قَاتَلَ اللَّه هَؤُلَاءِ يَشْهَدُونَ أَنَّهُ رَسُول اللَّه وَيَتَّهِمُونَهُ، وَفِي صِحَّة هَذَا نَظَر، وَيَتَرَشَّح بِأَنَّ حَاطِبًا كَانَ حَلِيفًا لِآلِ الزُّبَيْر بْن الْعَوَامّ مِنْ بَنِي أَسَد وَكَأَنَّهُ كَانَ مُجَاوِرًا لِلزُّبَيْرِ وَاللَّه أَعْلَم).
النبيين فلا نصل إليك. فلم يرد النبي صلى الله عليه وسلم عليه شيئا، فأتاه جبريل بهذه الآية:{وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَم اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ [وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا]} فبعث النبي صلى الله عليه وسلم فبشره.
قد روي هذا الأثر مرسلا عن مسروق، وعكرمة، وعامر الشَّعْبي، وقتادة، وعن الربيع بن أنس، وهو من أحسنها سندًا. (النساء: 69)
237 -
عن ابن عمر قال: أتى رجل من الحبشة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"سَلْ واسْتَفْهِمْ". فقال: يا رسول الله، فُضِّلتُم علينا بالصور والألوان والنبوة، أفرأيت إن آمنتُ بما آمنتَ به، وعملتُ مثلَ ما عملتَ به، إني لكائن معك في الجنة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"نعم، والذي نفسي بيده إنه ليضيء بياض الأسود في الجنة من مسيرة ألف عام" قال: ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قال: لا إله إلا الله، كان له بها عهد عند الله، ومن قال: سبحان الله وبحمده، كتب له بها مائة ألف حسنة وأربعة وعشرون ألف حسنة" فقال رجل: كيف نهلك بعدها يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الرجل ليأتي يوم القيامة بالعمل لو وضع على جبل لأثقله، فتقوم النعمة من نعم الله فتكاد أن تستنفد ذلك كله إلا أن يتطاول الله برحمته" ونزلت هذه الآيات {هَلْ أَتَى عَلَى الإنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا} إلى قوله: {نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا} [الإنسان: 1 - 20] فقال الحبشي: وإن عيني لتريان ما ترى عيناك في الجنة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "نعم". فاستبكى حتى فاضت نفسه، قال ابن عمر: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدليه في حفرته بيديه. فيه غرابة ونكارة، وسنده ضعيف (1). (النساء: 69)
238 -
عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فأقبل أبو بكر وعمر في قبيلتين من الناس، وقد ارتفعت أصواتهما، فجلس أبو بكر قريبا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وجلس عمر قريبا من أبي بكر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لم ارتفعت أصواتكما؟ " فقال رجل: يا رسول الله، قال أبو بكر: الحسنات من الله
(1) قال الهيثمي في المجمع (10/ 358): (رواه الطبراني في الأوسط وفيه أيوب بن عتبة، وهو ضعيف وفيه توثيق لين). وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب ح (2097).
والسيئات من أنفسنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فما قلت يا عمر؟ " قال: قلت: الحسنات والسيئات من الله. تعالى. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أول من تكلم فيه جبريل وميكائيل، فقال ميكائيل مقالتك يا أبا بكر، وقال جبريل مقالتك يا عمر فقال: نختلف فيختلف أهل السماء وإن يختلف أهل السماء يختلف أهل الأرض. فتحاكما إلى إسرافيل، فقضى بينهم أن الحسنات والسيئات من الله". ثم أقبل على أبي بكر وعمر فقال "احفظا قضائي بينكما، لو أراد الله ألا يُعْصَى لم يخلق إبليس".
قال شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس ابن تيميّة: هذا حديث موضوع مختلق باتفاق أهل المعرفة (1). (النساء: 78)
239 -
عن البراء قال: لما نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لا تُكَلَّفُ إلا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ [عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَاسَ الَّذِينَ كَفَرُوا]} الآية، قال لأصحابه:"قد أمرني ربي بالقتال فقاتلوا" حديث غريب. (2). (النساء: 84)
240 -
عن سلمان الفارسي قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليك يا رسول الله. فقال: "وعليك السلام ورحمة الله". ثم أتى آخر فقال: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وعليك السلام ورحمة الله وبركاته". ثم جاء آخر فقال: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته فقال له: "وعليك" فقال له الرجل: يا نبي الله، بأبي أنت وأمي، أتاك فلان وفلان فسلما عليك فرددت عليهما أكثر مما رددت علي. فقال:"إنك لم تدع لنا شيئا، قال الله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} فرددناها عليك". (3) وهكذا رواه ابن أبي حاتم معلقا
…
فذكر بإسناده مثله.
ورواه أبو بكر بن مردويه:
…
فذكره بمثله، ولم أره في المسند، والله
(1) ونقل السيوطي عن ابن حجر قوله: (هذا خبر منكر، وفي الإسناد ضعفاء).انظر اللآليء المصنوعة (1/ 234).
(2)
ذكره السيوطي في الدر (2/ 602) ووجه غرابته: أنه روي موقوفا من عدة وجوه، ولم يرو مرفوعا إلا من هذا الوجه.
(3)
تفسير الطبري (8/ 589)، وقال الألباني في الضعيفةح (5433):(وجملة القول: أن الحديث ضعيف الإسناد منكر المتن؛ لمخالفته لظاهر آية رد التحية بأحسن منها، والأحاديث والآثار الموافقة لها. والله تعالى أعلم).
أعلم
…
(النساء: 86)
241 -
وقال ابن مردويه:
…
قال: سمعت أم الدرداء تقول: سمعت أبا الدرداء يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا من مات مشركا، أو من قتل مؤمنا متعمدا".
وهذا غريب جدا من هذا الوجه. والمحفوظ حديث معاوية المتقدم فالله أعلم. (1). (النساء: 93)
242 -
عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من قتل مؤمنا متعمدا فقد كفر بالله عز وجل". وهذا حديث منكر أيضا، وإسناده تُكُلم فيه جدا. (النساء: 93)
243 -
فقد قال أبو هريرة وجماعة من السلف: هذا جزاؤه إن جازاه، وقد رواه ابن مردويه مرفوعا، من طريق محمد بن جامع العطار، عن العلاء بن ميمون العنبري، عن حجاج الأسود، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة مرفوعا، ولكن لا يصح (2). (النساء: 93)
244 -
عن هشام بن عُرْوَة، عن أبيه؛ أن الزبير بن العوام قال: هاجر خالد بن حِزَام إلى أرض الحبشة، فنهشته حية في الطريق فمات، فنزلت فيه:{وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} قال الزبير: فكنت أتوقعه وأنتظر قدومه وأنا بأرض الحبشة، فما أحزنني شيء حزن وفاته حين بلغني؛ لأنه قَلّ أحد ممن هاجر من قريش إلا معه بعض أهله، أو ذوي رحمه، ولم يكن معي أحد من بني أسد بن عبد العزى، ولا أرجو غيره.
وهذا الأثر غريب جدا فإن هذه القصة مكية، ونزول هذه الآية مدنية، فلعله أراد أنها أنزلت تعم حكمه مع غيره، وإن لم
(1) ورواه أبو داود في سننه برقم (4270)، وابن حبان في صحيحه برقم (51)،والحاكم (4/ 351)،وقال: صحيح الإسناد. ووافقه الذهبي، والبيهقي في السنن الكبرى (8/ 21) من طريق خالد بن دهقان به. انظر الصحيحة للألباني ح (511). وحديث معاوية يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا الرجل يموت كافرا، أو الرجل يقتل مؤمنا متعمدا". وكذا رواه النسائي، عن محمد بن المثنى، عن صفوان بن عيسى، به.
(2)
ورواه الطبراني في المعجم الأوسط برقم (3310)"مجمع البحرين" من طريق محمد بن جامع العطار عن العلاء بن ميمون به، وفي إسناده العلاء بن ميمون، ومحمد بن جامع العطار وهما ضعيفان.
يكن ذلك سبب النزول، والله أعلم. (النساء: 100)
245 -
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من خرج حاجا فمات، كتب له أجر الحاج إلى يوم القيامة، ومن خرج معتمرا فمات، كتب له أجر المعتمر إلى يوم القيامة، ومن خرج غازيا في سبيل الله فمات، كتب له أجر الغازي إلى يوم القيامة".
وهذا حديث غريب من هذا الوجه. (1)(النساء: 100)
246 -
عن إبراهيم قال: جاء رجل فقال: يا رسول الله، إني رجل تاجر، أختلف إلى البحرين "فأمره أن يصلي ركعتين" وهذا مرسل. (النساء: 101)
247 -
عن علي، رضي الله عنه، قال: سأل قوم من بني النجار رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله، إنا نضرب في الأرض، فكيف نصلي؟ فأنزل الله عز وجل:{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ} ثم انقطع الوحي، فلما كان بعد ذلك بحول غزا النبي صلى الله عليه وسلم فصلى الظّهر، فقال المشركون: لقد أمكنكم محمد وأصحابه من ظهورهم، هلا شددتم عليهم؟ فقال قائل منهم: إن لهم أخرى مثلها في إثرها. قال: فأنزل الله عز وجل بين الصلاتين: {إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا [إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا. وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ} إلى قوله: {أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا} ] فنزلت صلاة الخوف.
وهذا سياق غريب جدا ولكن لبعضه شاهد من رواية أبي عياش الزُّرَقي، واسمه زيد بن الصامت، رضي الله عنه. (النساء: 101)
248 -
عن ابن عباس قال: إن نفرا من الأنصار غزوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض غزواته، فسرقت درع لأحدهم، فأظن بها رجل من الأنصار، فأتى صاحب الدرع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن طُعْمةَ بن أُبَيْرق سرق درعي، فلما رأى السارق ذلك عمد إليها فألقاها في بيت رجل بريء، وقال لنفر من عشيرته: إني غَيَّبْتُ الدرع وألقيتها في بيت فلان، وستوجد عنده. فانطلقوا إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم ليلا فقالوا: يا نبي الله، إن صاحبنا بريء. وإن صاحب الدرع فلان، وقد أحطنا بذلك علما، فاعذُرْ صاحبنا على رءوس الناس
(1) مسند أبي يعلى (1/ 238) وفي إسناده جميل بن أبي ميمونة لم يوثقه سوى ابن حبان، وابن إسحاق مدلس وقد عنعن.
وجادل عنه. فإنه إلا يعصمه الله بك يهلك، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فبرأه وعذرَه على رءوس الناس، فأنزل الله:{إِنَّا أَنزلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} [يقول: احكم بما أنزل الله إليك في الكتاب]{وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا. وَلا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ [إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا]} ثم قال للذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مُسْتَخْفين بالكذب: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ [وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا.
هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلا]} يعني: الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفين يجادلون عن الخائنين ثم قال: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ [ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا]} يعني: الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفين بالكذب، ثم قال:{وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} يعني: السارق والذين جادلوا عن السارق. وهذا سياق غريب وكذا ذكر مجاهد، وعكرمة، وقتادة، والسدى، وابن زيد وغيرهم في هذه الآية أنها أنزلت في سارق بني أبيرق على اختلاف سياقاتهم، وهي متقاربة.
وقد روى هذه القصة محمد بن إسحاق مطولة، فقال أبو عيسى الترمذي عند تفسير هذه الآية من جامعه، وابن جرير في تفسيره:
حدثنا الحسن بن أحمد بن أبي شعيب أبو مسلم الحرَّاني، حدثنا محمد بن سلمة الحرَّاني، حدثنا محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عُمَر بن قتادة، عن أبيه، عن جده قَتَادة بن النعمان، رضي الله عنه، قال: كان أهل بيت منا يقال لهم بنو أُبَيْرق: بِشْر وبشير ومُبَشّر، وكان بُشَير رجلا منافقًا، يقول الشعر يهجو به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ينحله بعض العرب، ثم يقول: قال فلان كذا وكذا، وقال فلان كذا وكذا، فإذا سمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الشعر قالوا: والله ما يقول هذا الشعر إلا هذا الخبيث؟ - أو كما قال الرجل - وقالوا ابن الأبيرق قالها. قالوا: وكانوا أهل بيت حاجة وفاقة في الجاهلية والإسلام، وكان الناس إنما طعامهم بالمدينة التمر والشعير، وكان الرجل إذا كان له يسار فقدمت ضافطة من الشام من الدَّرْمَك ابتاع الرجل منها فخص بها نفسه، وأما العيال فإنما طعامهم التمر والشعير، فقدمت ضَافطة من الشام، فابتاع
عمي رفاعة بن زيد حملا من الدرمك فحطه في مَشْربة له، وفي المشربة سلاح: درع وسيف، فَعُدى عليه من تحت البيت، فَنقّبت المشربة وأخذ الطعام والسلاح. فلما أصبح أتاني عمي رفاعة فقال: يا ابن أخي، إنه قد عدى علينا في ليلتنا هذه. فنقبت مشربتنا وذهب بطعامنا وسلاحنا. قال: فتجسسنا في الدار وسألنا، فقيل لنا: قد رأينا بني أُبَيْرق استوقدوا في هذه الليلة، ولا نرى فيما نرى إلا على بعض طعامكم.
قال: وكان بنو أبيرق قالوا - ونحن نسأل في الدار -: والله ما نرى صاحبكم إلا لَبِيد بن سهل رجلا منا له صلاح وإسلام. فلما سمع لبيد اخترط سيفه وقال: أنا أسرق؟ والله ليخالطنكم هذا السيف، أو لتبينن هذه السرقة. قالوا: إليك عنا أيها الرجل، فما أنت بصاحبها. فسألنا في الدار حتى لم نشك أنهم أصحابها.
فقال لي عمي: يا ابن أخي، لو أتيتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له. قال قتادة: فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إن أهل بيت منا أهل جفاء عمدوا إلى عمي رفاعة بن زيد، فنَقَبوا مشربة له، وأخذوا سلاحه وطعامه. فَلْيردوا علينا سلاحنا، فأما الطعام فلا حاجة لنا فيه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم "سآمُرُ في ذلك".
فلما سمع بنو أُبَيْرق أتوا رجلا منهم يقال له: أُسَير بن عمْرو فكلموه في ذلك، فاجتمع في ذلك أناس من أهل الدار فقالوا: يا رسول الله، إن قتادة بن النعمان وعمه عمدا إلى أهل بيت منا أهل إسلام وصلاح، يرمونهم بالسرقة من غير بينة ولا ثبت. قال قتادة: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فكلمته، فقال: "عمدت إلى أهل بيت ذُكر منهم إسلام وصلاح، ترميهم بالسرقة على غير ثَبَت ولا بينة؟
قال: فرجعت ولَوَدِدت أني خرجت من بعض مالي، ولم أكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، فأتاني عمي رفاعة فقال: يا ابن أخي، ما صنعت؟ فأخبرته بما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: الله المستعان. فلم نلبث أن نزل القرآن: {إِنَّا أَنزلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} بني أبيرق {وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ} مما قلت لقتادة {إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا. وَلا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ [إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا. يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ] (8)} إلى قوله: {رَحِيمًا} أي: لو استغفروا الله لغفر لهم {وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ} إلى قوله: {إِثْمًا مُبِينًا} قولهم للبيد: {وَلَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ} إلى
قوله: {فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}
فلما نزل القرآن أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسلاح فردَّه إلى رفاعة. فقال قتادة: لما أتيت عمي بالسلاح وكان شيخًا، قد عشا أو عسا - الشك من أبي عيسى - في الجاهلية وكنت أرى إسلامه مدخولا فلما أتيته بالسلاح قال: يا ابن أخي، هو في سبيل الله. فعرفت أن إسلامه كان صحيحًا، فلما نزل القرآن لحق بُشَيرٌ بالمشركين، فنزل على سُلافةَ بنت سعد بن سُمَية، فأنزل الله تعالى:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا. إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا بَعِيدًا} فلما نزل على سلافة رماها حسان بن ثابت بأبيات من شعره، فأخذت رَحْلَهُ فوضعته على رأسها، ثم خرجت به فَرَمَتْ به في الأبطح، ثم قالت: أهديتَ لي شِعْر حسان؟ ما كنتَ تأتيني بخير.
لفظ الترمذي، ثم قال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعلم أحدا أسنده غير محمد بن سلمة الحراني: وروى يونس بن بُكَير وغير واحد، عن محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عُمَر بن قتادة مرسلا لم يذكروا فيه عن أبيه عن جده.
ورواه ابن حاتم عن هاشم بن القاسم الحراني، عن محمد بن سلمة، به ببعضه.
ورواه ابن المنذر في تفسيره: حدثنا محمد بن إسماعيل - يعني الصائغ - حدثنا الحسن بن أحمد ابن أبي شعيب الحراني، حدثنا محمد بن سلمة - فذكره بطوله.
ورواه أبو الشيخ الأصبهاني في تفسيره عن محمد بن العباس بن أيوب والحسن بن يعقوب، كلاهما عن الحسن بن أحمد بن أبي شعيب الحراني، عن محمد بن سلمة، به. ثم قال في آخره: قال محمد بن سلمة: سمع مني هذا الحديث يحيى بن معين، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن إسرائيل (1).
وقد روى الحاكم أبو عبد الله النيسابوري هذا الحديث في كتابه "المستدرك" عن أبي العباس الأصم، عن أحمد بن عبد الجبار العُطاردي، عن يونس بن بُكَير، عن محمد بن إسحاق - بمعناه أتم منه، وفيه الشعر، ثم قال: وهذا حديث
(1) سنن الترمذي برقم (3036) وتفسير الطبري (9/ 177) وانظر: حاشية الشيخ أحمد شاكر في كلامه على هذا الحديث (9/ 181).
صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه (1). (النساء: 105)
249 -
عن علي قال: سمعت أبا بكر - هو الصديق - يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من عبد أذنب فقام فتوضأ فأحسن وضوءه، ثم قام فصلى واستغفر من ذنبه، إلا كان حقا على الله أن يغفر له؛ لأنه يقول:{وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ [ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا]} . (النساء: 105) ثم رواه من طريق أبان بن أبي عياش، عن أبي إسحاق السَّبِيعي، عن الحارث، عن علي، عن الصديق - بنحوه. وهذا إسناد لا يصح (2). (النساء: 110)
250 -
كعب بن ذُهْل الأزدي قال: سمعت أبا الدرداء يحدث قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلسنا حوله، وكانت له حاجة فقام إليها وأراد الرجوع، ترك نعليه في مجلسه أو بعض ما عليه، وإنه قام فترك نعليه. قال أبو الدرداء: فأخذ رَكْوَة من ماء فاتبعته، فمضى ساعة، ثم رجع ولم يقض حاجته، فقال:"إنه أتاني آت من ربي فقال: إنه: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} فأردت أن أبشر أصحابي". قال أبو الدرداء: وكانت قد شقت على الناس الآية التي قبلها: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} فقلت: يا رسول الله، وإن زنى وإن سرق، ثم استغفر ربه، غفرله؟ قال:"نعم" قلت الثانية، قال:"نعم"، ثم قلت الثالثة، قال:"نعم، وإن زنى وإن سرق، ثم استغفر الله غفر له على رغم أنف عويمر". قال: فرأيت أبا الدرداء يضرب أنف نفسه بأصبعه.
هذا حديث غريب جدًّا من هذا الوجه بهذا السياق، وفي إسناده ضعف (3). (النساء: 110)
(1) المستدرك (4/ 385 - 388) ووافقه الذهبي.
(2)
ذكره الدارقطني في العلل (1/ 179) ورواه في الأفراد كما في الأطراف لابن القيسراني (ق 13) وقال: "لم يروه عنه - أي عمر بن يزيد - غير داود بن مهران وهو غريب من حديث أبي إسحاق عن عبد خير". وقال في العلل: "أحسنها إسنادا وأصحها ما رواه الثوري ومسعر ومن تابعهما من عثمان بن المغيرة". وهي رواية أهل السنن.
(3)
ورواه الطبراني في معجمه كما في المجمع (7/ 11)، وقال الهيثمي:"فيه مبشر بن إسماعيل، وثقه ابن معين وغيره، وضعفه البخاري وغيره". ورواه أبو داود في سننه برقم (4854) حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي حدثنا مبشر بن إسماعيل فذكر أوله إلى قوله: "فترك نعليه".
251 -
محمد بن يزيد بن خُنَيس قال: دخلنا على سفيان الثوري نعوده - وأومأ إلى دار العطارين - فدخل عليه سعيد بن حسان المخزومي فقال له سفيان الثوري: الحديث الذي كنت حدثتني به عن أم صالح اردُدْه علي. فقال: حدثتني أم صالح، عن صَفية بنت شَيْبة، عن أم حَبيبَة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلام ابن آدم كله عليه لا له ما خلا أمرا بمعروف أو نهيا عن منكر [أو ذكر الله عز وجل"، قال سفيان: فناشدته] فقال محمد بن يزيد: ما أشد هذا الحديث؟ فقال سفيان: وما شدة هذا الحديث؟ إنما جاءت به امرأة عن امرأة، هذا في كتاب الله الذي أرسل به نبيكم صلى الله عليه وسلم أو ما سمعت الله يقول في كتابه:{لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} فهو هذا بعينه، أو ما سمعت الله يقول:{يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا} [النبأ: 38] فهو هذا بعينه، أو ما سمعت الله يقول في كتابه:{والْعَصْرِ. إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ. [إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ]} [سورة العصر]، فهو هذا بعينه. وقد روى هذا الحديث الترمذي وابن ماجه من حديث محمد بن يزيد بن خُنَيس عن سعيد بن حسان، به. ولم يذكرا أقوال الثوري إلى آخرها، ثم قال الترمذي: غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن خُنَيس. (1)(النساء: 114)
252 -
عن أنس؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي أيوب: "ألا أدلك على تجارة؟ " قال: بلى: قال: "تسعى في صلح بين الناس إذا تفاسدوا، وتُقَارب بينهم إذا تباعدوا" ثم قال البزار: وعبد الرحمن بن عبد الله العُمَري لَيّن، وقد حدث بأحاديث لم يتابع عليها (2). (النساء: 114)
253 -
مولى بن سِبَاع قال: سمعت ابن عمر يحدث، عن أبي بكر الصديق
(1) سنن الترمذي برقم (2412) وسنن ابن ماجه برقم (3974).وضعفه الألباني في ضعيف الجامع ح (4283).
(2)
رواه البزار في مسنده ح (6633) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (7/ 396): (رواه البزار وفيه عبد الرحمن بن عبد الله العمري وهو متروك).
قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا بكر، هل أقرئك آية نزلت علي؟ " قال: قلت: بلى يا رسول الله. فأقرأنيها فلا أعلم إلا أني وجدت انقصَامًا في ظهري حتى تمطأت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مالك يا أبا بكر؟ " قلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، وأينا لم يعمل السوء، وإنا لمجْزيُّون بكل سوء عملناه؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أما أنت وأصحابك يا أبا بكر المؤمنون فَتُجْزَوْنَ بذلك في الدنيا حتى تلقوا الله، وليس لكم ذنوب، وأما الآخرون فيجمع لهم ذلك حتى يجزوا به يوم القيامة". وهكذا رواه الترمذي
…
ثم قال: وموسى بن عبيدة يضعف، ومولى بن سباع مجهول. (1) (النساء: 114)
254 -
وقد ذكر ابن جرير في تفسيره، عن بعضهم أنه إنما سماه الله خليلا من أجل أنه أصاب أهل ناحيته جَدْب، فارتحل إلى خليل له من أهل الموصل - وقال بعضهم: من أهل مصر - ليمتار طعامًا لأهله من قِبَله، فلم يصب عنده حاجته. فلما قَرُب من أهله مَرَّ بمفازة ذات رمل، فقال: لو ملأت غَرَائري من هذا الرمل، لئلا أغُمّ أهلي برجوعي إليهم بغير ميرة، وليظنوا أني أتيتهم بما يحبون. ففعل ذلك، فتحول ما في غرائره من الرمل دقيقًا، فلما صار إلى منزله نام وقام أهله ففتحوا الغرائر، فوجدوا دقيقًا فعجنوا وخبزوا منه فاستيقظ، فسألهم عن الدقيق الذي منه خبزوا، فقالوا: من الدقيق الذي جئت به من عند خليلك فقال: نعم، هو من خليلي الله. فسماه الله بذلك خليلا. وفي صحة هذا ووقوعه نظر، وغايته أن يكون خبرا إسرائيليا لا يُصدَّق ولا يُكذَّب (النساء: 125)
255 -
عن ابن عباس قال: جلس ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرونه، فخرج حتى إذا دنا منهم سمعهم يتذاكرون، فسمع حديثهم، وإذا بعضهم يقول: عجبًا
(1) سنن الترمذي ح (3039).وقال الألباني في الضعيفةح (1494): (وجملة القول: إن الحديث ضعيف؛ لضعف رواته وجهالة بعضهم، واختلافهم على ابن عمر في ضبط لفظه،
…
لكن قد صح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "لما نزلت" من يعمل سوءا يجز به" بلغت من المسلمين مبلغا شديدا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قاربوا، وسددوا؛ ففي كل ما يصاب به المسلم كفارة، حتى النكبة ينكبها، أوالشوكة يشاكها".أخرجه مسلم (8/ 16) وأحمد (2/ 248).
إن الله اتخذ من خلقه خليلا فإبراهيم خليله! وقال آخر: ماذا بأعجب من أن الله كلم موسى تكليما! وقال آخر: فعيسى روح الله وكلمته! وقال آخر: آدم اصطفاه الله! فخرج عليهم فسلم وقال: "قد سمعت كلامكم وتعجبكم أن إبراهيم خليل الله، وهو كذلك، وموسى كليمه، وعيسى روحه وكلمته، وآدم اصطفاه الله، وهو كذلك ألا وإني حبيب الله ولا فخر، وأنا حامل لواء الحمد يوم القيامة ولا فخر، وأنا أول شافع، وأول مشَفع ولا فخر، وأنا أول من يحرك حِلَق الجنة، فيفتح الله فيدخلنيها ومعي فقراء المؤمنين ولا فخر، وأنا أكرم الأولين والآخرين يوم القيامة ولا فخر".
وهذا حديث غريب من هذا الوجه، ولبعضه شواهد في الصحاح وغيرها. (1) (النساء: 125)
256 -
عن القاسم بن أبي بَزّة قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى سودة بنت زَمْعة بطلاقها، فلما أن أتاها جلست له على طريق عائشة، فلما رأته قالت له: أنشدك بالذي أنزل عليك كلامه واصطفاك على خلقه لمَّا راجعتني، فإني قد كبرت ولا حاجة لي في الرجال، لكن أريد أن أبعث مع نسائك يوم القيامة. فراجعها فقالت: إني جعلت يومي وليلتي لِحبّة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا غريب مرسل. (النساء: 128)
257 -
عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أبغض الحلال إلى الله الطلاق". ثم رواه أبو داود عن أحمد بن يونس، عن مُعَرِّف، بن محارب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
فذكر معناه مرسلا. (2). (النساء: 128)
(1) ورواه الترمذي في السنن برقم (3616) وقال: "هذا حديث غريب".وضعفه الألباني في ضعيف الجامع ح (4077).
(2)
سنن أبي داود برقم (2177 - 2178)، وسنن ابن ماجة برقم (2018) من حديث ابن عمر. وقال ابن الملقن في البدر المنير (8/ 66 - 67): (وَهَذَا مُرْسل كَمَا ترَى، وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم: سَأَلت أبي عَن حَدِيث ابْن عمر هَذَا، فَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ عَن محَارب عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مُرْسل، وَكَذَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «علله»: إِن الْمُرْسل أشبه، وَقَالَ المنذريُّ: إِن الْمَشْهُور فِي هَذَا الحَدِيث أَنه مُرْسل، قَالَ: وَهُوَ غَرِيب، وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي رِوَايَة ابْن أبي شبية - يَعْنِي: مُحَمَّد بن عُثْمَان - يَعْنِي: السالفة الموصولة -: وَلَا أرَاهُ يحفظه
…
) وضعفه الألباني في إرواء الغليل ح (2040).
258 -
عن وهب بن مُنَبِّه قال: أتى عيسى وعنده سبعة عشر من الحواريين في بيت وأحاطوا بهم. فلما دخلوا عليه صَوَّرهم الله، عز وجل، كلهم على صورة عيسى، فقالوا لهم: سحرتمونا. ليبرزن لنا عيسى أو لنقتلنكم جميعا. فقال عيسى لأصحابه: من يشري نفسه منكم اليوم بالجنة؟ فقال رجل منهم: أنا. فخرج إليهم وقال: أنا عيسى - وقد صوره الله على صورة عيسى - فأخذوه وقتلوه وصلبوه. فمن ثَمَّ شُبّه لهم، فظنوا أنهم قد قتلوا عيسى، وظنت النصارى مثل ذلك أنه عيسى، ورفع الله عيسى من يومه ذلك. وهذا سياق غريب جدًّا. (النساء: 158)
259 -
عن عبد الصمد بن مِعْقَل: أنه سمع وهبًا يقول: إن عيسى ابن مريم لما أعلمه الله أنه خارج من الدنيا، جزع من الموت وشَقَّ عليه، فدعا الحواريين فصنع لهم طعاما، فقال: احضروني الليلة، فإن لي إليكم حاجة. فلما اجتمعوا إليه من الليل عَشَّاهم وقام يخدمهم. فلما فرغوا من الطعام أخذ يغسل أيديهم ويوضئهم بيده، ويمسح أيديهم بثيابه، فتعاظموا ذلك وتكارهوه، فقال: ألا من رد عليَّ شيئا الليلة مما أصنع، فليس مني ولا أنا منه. فأقرّوه، حتى إذا فرغ من ذلك قال: أمّا ما صنعت بكم الليلة، مما خدمتكم على الطعام، وغسلت أيديكم بيدي، فليكن لكم بي أسوة، فإنكم ترون أني خيركم، فلا يتعظَّم بعضكم على بعض، وليبذلْ بعضكم نفسه لبعض، كما بذلت نفسي لكم. وأما حاجتي الليلة التي أستعينكم عليها فتدعون لي الله، وتجتهدون في الدعاء أن يؤخر أجلي. فلما نصبوا أنفسهم للدعاء، وأرادوا أن يجتهدوا، أخذهم النوم حتى لم يستطيعوا دعاء، فجعل يوقظهم ويقول: سبحان الله! أما تصبرون لي ليلة واحدة تعينونني فيها؟ قالوا: والله ما ندري ما لنا. لقد كنا نَسْمُر فنكثر السَّمَرَ، وما نطيق الليلة سَمَرا، وما نريد دعاء إلا حيل بيننا وبينه. فقال: يُذْهَب بالراعي وتفرق الغنمُ. وجعل يأتي بكلام نحو هذا ينعَي به نفسه. ثم قال: الحقَّ، ليَكْفُرن بي أحدكم قبل أن يصيح الديك ثلاث مرات، وليبيعنّي أحدكم بدراهم يسيرة، وليأكلن ثمني، فخرجوا وتفرقوا، وكانت اليهود تطلبه، وأخذوا شمعون أحد الحواريين، وقالوا: هذا من أصحابه. فجحد وقال: ما أنا بصاحبه فتركوه، ثم أخذه آخرون، فجحد كذلك.
ثم سَمعَ صوتَ ديك فبكى وأحزنه، فلما أصبح أتى أحد الحواريين إلى اليهود فقال: ما تجعلون لي إن دَلَلْتُكُمْ على المسيح؟ فجعلوا له ثلاثين درهما، فأخذها ودلَّهم عليه، وكان شُبِّه عليهم قبل ذلك، فأخذوه فاستوثقوا منه، وربطوه بالحبل، وجعلوا يقودونه ويقولون، له: أنت كنت تحيي الموتى، وتنهر الشيطان، وتبرئ المجنون، أفلا تنجي نفسك من هذا الحبل؟ ويبصقون عليه، ويلقون عليه الشوك، حتى أتوا به الخشبة التي أرادوا أن يصلبوه عليها، فرفعه الله إليه، وصلبوا ما شُبِّه لهم فمكث سبعًا.
ثم إن أمه والمرأة التي كان يداويها عيسى عليه السلام، فأبرأها الله من الجنون، جاءتا تبكيان حيث المصلوب، فجاءهما عيسى فقال: علام تبكيان؟ فقالتا: عليك. فقال: إني قد رفعني الله إليه، ولم يصبني إلا خير، وإن هذا شُبِّه لهم فَأمُرَا الحواريين يلقوني إلى مكان كذا وكذا. فلقوه إلى ذلك المكان أحد عشر. وفقدوا الذي كان باعه ودل عليه اليهود، فسأل عنه أصحابه فقال: إنه ندم على ما صنع فاختنق، وقتل نفسه فقال: لو تاب لتاب الله عليه. ثم سألهم عن غلام كاد يتبعهم، يقال له: يحيى، قال: هو معكم، فانطلقوا، فإنه سيصبح كل إنسان يحدّثُ بلغة قومه، فلينذرهم وليدعهم. سياق غريب جدًّا. (النساء: 158)
260 -
عن أبي أُمَامة الباهلي قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان أكثرُ خطبته حديثًا حدثناه عن الدجال، وحذرناه، فكان من قوله أن قال:
"لم تكن فتنة في الأرض، منذ ذرأ الله ذُرِّية آدم، عليه السلام، أعظم من فتنة الدجال، وإن الله لم يبعث نبيًا إلا حَذَّر أُمَّته الدجال. وأنا آخر الأنبياء، وأنتم آخر الأمم، وهو خارج فيكم لا محالة، فإن يخرج وأنا بين ظَهْرَانيكم، فأنا حجيج لكل مسلم، وإن يَخْرُجُ من بعدي فكل امرئ حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلم وإنه يخرج من خَلّة بين الشام والعراق، فيعيث يمينًا ويعيث شمالا".
"ألا يا عباد الله، أيها الناس، فاثبتوا. وإني سأصفه لكم صفة لم يصفها إياه نبي قبلي: إنه يبدأ فيقول أنا نبي" فلا نبي بعدي، ثم يثني فيقول:"أنا ربكم"، ولا ترون ربكم حتى تموتوا. وإنه أعور وإن ربكم، عز وجل، ليس بأعور، وإنه مكتوب بين عينيه: كافر، يقرؤه كلّ مؤمن، كاتب وغير كاتب. وإن من فتنته أن معه جنة ونارا، فناره جنة
وجنته نار. فمن ابتلي بناره فليستغث بالله وليقرأ فواتح الكهف، فتكون عليه بردًا وسلاما، كما كانت النار على إبراهيم عليه السلام وإن من فتنته أن يقول لأعرابيّ: أرأيت إن بعثت لك أباك وأمك أتشهد أني ربك؟ فيقول: نعم. فيتمثل له شيطانان في صورة أبيه وأمه، فيقولان: يا بني، اتبعه، فإنه ربك. وإن من فتنته أن يُسَلّط على نفس واحدة فيقتلها وينشرها بالمنشار، حتى يُلْقَى شقين ثم يقول: انظروا إلى عبدي هذا، فإني أبعثه الآن، ثم يزعم أن له ربًّا غيري. فيبعثه الله، فيقول له الخبيث: من ربك، فيقول: ربي الله. وأنت عدو الله، الدجال، والله ما كنتُ بعدُ أشدّ بصيرة بك مني اليوم". قال أبو حسن الطَّنَافِسيّ: فحدثنا المحاربي، حدثنا عبيد الله بن الوليد الوصّافي، عن عطية، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ذلك الرجل أرفع أمتي درجة في الجنة".
قال: قال أبو سعيد: والله ما كنا نُرَى ذلك الرجل إلا عمر بن الخطاب، حتى مضى لسبيله.
قال المحاربي: ثم رجعنا إلى حديث أبي رافع قال: وإن من فتنته أن يأمر السماء أن تُمْطر، فتمطر، ويأمر الأرض أن تنبت، فتنبت، وإن من فتنته أن يَمُر بالحي فيكذبونه، فلا تبقى لهم سائمة إلا هلكت وإن من فتنته أن يمر بالحي فيصدقونه، فيأمر السماء أن تمطر، فتمطر، ويأمر الأرض أن تنبت، فتنبت. حتى تروح مواشيهم من يومهم ذلك أسمن ما كانت وأعظمه، وأمَدّه خواصر، وأدره ضُروعا، وإنه لا يبقى شيء من الأرض إلا وطئه وظهر عليه، إلا مكة والمدينة، فإنه لا يأتيهما من نَقْب من نقابهما إلا لقيته الملائكة بالسيوف صَلتة، حتى ينزل عند الظّرَيب الأحمر، عند مُنْقَطع السَّبخَة، فترجف المدينة بأهلها ثلاث رَجَفات، فلا يبقى منافق ولا منافقة إلا خرج إليه، فَتَنْفى الخَبَثَ منها كما ينفي الكِيرُ خَبَثَ الحديد، ويُدعى ذلك اليوم يوم الخلاص.
فقالت أم شَرِيك بنت أبي العَكَر يا رسول الله، فأين العرب يومئذ؟ قال: "هم قليل، وجلهم ببيت المقدس، وإمامهم رجل صالح، فبينما إمامهم قد تقدم يُصلي بهم الصبح إذ نزل عليهم عيسى ابن مريم عليه السلام، الصبح، فرجع ذلك الإمام ينكص، يمشي القهقرى؛ ليقدم عيسى يصلي بالناس، فيضع عيسى، عليه السلام، يده بين كتفيه ثم يقول: تقدم فصل، فإنها لك أقيمت. فيصلي بهم إمامهم، فإذا
انصرف قال عيسى، عليه السلام: افتحوا الباب. فيفتح، ووراءه الدجال، معه سبعون ألف يهودي كلهم ذو سيف محلى وساج، فإذا نظر إليه الدجال ذاب كما يذوب الملح في الماء، وينطلق هاربًا، ويقول عيسى عليه السلام إن لي فيك ضَرْبَة لن تستبقني بها. فيدركه عند باب لُدّ الشرقي، فيقتله، ويهزم الله اليهود، فلا يبقى شيء مما خلق الله تعالى يتوارى به اليهودي إلا أنطق الله ذلك الشيء، لا حجر، ولا شجر، ولا حائط، ولا دابة - إلا الغَرْقدة فإنها من شجرهم لا تنطق - إلا قال: يا عبد الله المسلم، هذا يهودي، فتعال اقتله.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وإن أيامه أربعون سنة، السنة كنصف السنة، والسنة كالشهر، والشهر كالجمعة، وآخر أيامه كالشررة، يصبح أحدكم على باب المدينة فلا يبلغ بابها الآخر حتى يمسي". فقيل له: يا نبي الله كيف نصلي، في تلك الأيام القصار؟ قال:"تقدرون فيها الصلاة كما تقدرون في هذه الأيام الطوال. ثم صَلّوا".
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فيكون عيسى ابن مريم في أمتي حكما عدلا وإماما مُقْسطا، يَدُقُّ الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويترك الصدقة، فلا يُسْعَى على شاة ولا بعير، وترتفع الشحناء والتباغض، وتُنزع حُمَة كل ذات حمة، حتى يدخل الوليد يده في الحية فلا تضره، وتُفرُّ الوليدة الأسدّ فلا يضرها، ويكون الذئب في الغنم كأنه كلبها، وتملأ الأرضُ من السّلم كما يُمْلأ الإناء من الماء، وتكون الكلمة واحدة، فلا يعبد إلا الله، وتضع الحرب أوزارها، وتسلب قريش ملكها، وتكون الأرض كفاثور الفضة تنبت نباتها كعهد آدم، حتى يجتمع النفر على القِطْف من العنب فيشبعهم، ويجتمع النفر على الرمانة فتشبعهم، ويكون الثور بكذا وكذا، من المال، ويَكون الفرس بالدريهمات. قيل: يا رسول الله، وما يرخص الفرس؟ قال: "لا تركب لحرب أبدًا" قيل له: فما يُغلي الثور؟ قال: "تُحْرث الأرض كلها".
وإن قَبْلَ خروج الدجال ثلاث سنوات شداد، يصيب الناس فيها جوع شديد، يأمر الله السماء في السنة الأولى أن تحبس ثلث مطرها، ويأمر الأرض فتحبس ثلث نباتها، ثم يأمر السماء في الثانية فتحبس ثلثي مطرها، ويأمر الأرض فتحبس ثلثي نباتها، ثم يأمر الله السماء في السنة الثالثة فتحبس مطرها كله، فلا تَقْطر قطرة، ويأمر الأرض أن تحبس نباتها كله، فلا تُنْبتُ خضراء، فلا تبقى ذات ظلْف إلا هلكت، إلا ما
شاء الله".
فقيل: فما يعيش الناس في ذلك الزمان؟ قال: "التهليل والتكبير والتسبيح والتحميد، ويجرى ذلك عليهم مجرى الطعام".
قال ابن ماجه: سمعت أبا الحسن الطَّنَافِسي يقول: سمعت عبد الرحمن المحاربي يقول: ينبغي أن يدفع هذا الحديث إلى المؤدب، حتى يعلمه الصبيان في الكتاب.
هذا حديث غريب جدًّا من هذا الوجه، ولبعضه شواهد من أحاديث أخر. (1) (النساء: 159)
261 -
عن أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله، كم الأنبياء؟ قال:"مائة ألف وأربعة وعشرون ألفًا". قلت: يا رسول الله، كم الرسل منهم؟ قال:"ثلاثمائة وثلاثة عشر جَمّ غَفِير". قلت: يا رسول الله، من كان أولهم؟ قال:"آدم". قلت: يا رسول الله، نبي مرسل؟ قال:"نعم، خلقه الله بيده، ونفخ فيه من روحه، ثم سَوَّاه قِبَلا". ثم قال: "يا أبا ذر، أربعة سريانيون: آدم، وشيث، ونوح، وخَنُوخ - وهو إدريس، وهو أول من خط بقلم - وأربعة من العرب: هود، وصالح، وشعيب، ونبيك يا أبا ذر، وأول نبي من أنبياء بني إسرائيل موسى، وآخرهم عيسى. وأول النبيين آدم، وآخرهم نبيك".
قد روى هذا الحديث بطوله الحافظ أبو حاتم ابن حبان البستي في كتابه: "الأنواع والتقاسيم" وقد وَسَمَه بالصحة، وخالفه أبو الفرج بن الجوزي، فذكر هذا الحديث في كتابه "الموضوعات"، واتهم به إبراهيم بن هشام هذا، ولا شك أنه قد تكلم فيه غير واحد من أئمة الجرح والتعديل من أجل هذا الحديث (2) فالله أعلم. . (النساء: 164)
262 -
عن أبي أُمَامة قال: قلت: يا نبي الله، كم الأنبياء؟ قال:"مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا، من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشر جما غَفِيرًا". مُعَان بن رفاعة السَّلامي ضعيف، وعلي بن يزيد ضعيف، والقاسم أبو عبد الرحمن ضعيف أيضا (3). (النساء: 164)
263 -
عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بعث الله ثمانية آلاف نبي، أربعة آلاف
(1) سنن ابن ماجة برقم (4077)،وضعفه الألباني في ضعيف الجامع ح (6384).
(2)
وضعفه جدا شعيب الأرناؤوط في تحقيقه لصحيح ابن حبان (2/ 76) ط. الرسالة. الطبعة الثالثة.
(3)
ذكره السيوطي في الدر المنثور (2/ 746).
إلى بني إسرائيل، وأربعة آلاف إلى سائر الناس". وهذا أيضا إسناد ضعيف فيه الربذي ضعيف، وشيخه الرَّقَاشي أضعف منه أيضا والله أعلم. (النساء: 164)
264 -
عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان فيمن خلا من إخواني من الأنبياء ثمانية آلاف نبي، ثم كان عيسى ابن مريم، ثم كنت أنا"(1).
وقد رويناه عن أنس من وجه آخر، فأخبرني الحافظ أبو عبد الله الذهبي،
…
عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بعثت على إثر من ثلاثة آلاف نبي من بني إسرائيل". وهذا غريب من هذا الوجه وإسناده لا بأس به، رجاله كلهم معروفون إلا أحمد بن طارق هذا، فإني لا أعرفه بعدالة ولا جرح والله أعلم (2). (النساء: 164)
265 -
عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني أختم ألفَ ألفَ نبيٍّ أو أكثرَ، ما بعث الله من نبي إلى قومه إلا حذَّرهم الدجالَ .... " وذكر تمام الحديث، هذا لفظه بزيادة "ألْف" وقد تكون مُقْحَمة والله أعلم. وسياق رواية الإمام أحمد أثبت وأولى بالصحة، ورجال إسناد هذا الحديث لا بأس بهم. (النساء: 164)
266 -
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَما كلم الله موسى كان يُبْصِرُ دبيبَ النمل على الصفا في الليلة الظلماء". وهذا حديث غريب، وإسناده لا يصح، وإذا صح موقوفًا كان جيدًا. (النساء: 164)
267 -
عن ابن عباس قال: إن الله ناجَى موسى بمائة ألف كلمة وأربعين ألف كلمة، في ثلاثة أيام، وصايا كلها، فلما سمع موسى كلام الآدميين مَقتهم مما وقع في مسامعه من كلام الرب، عز وجل. وهذا أيضًا إسناد ضعيف، فإن جُوَيْبِرًا ضعيف، والضَّحاك لم يدرك ابنَ عباس رضي الله عنه. (النساء: 164)
268 -
عن جابر بن عبد الله قال: لما كلم الله موسى يوم الطورِ، كلَّمه بغير الكلام الذي كلَّمه يوم ناداه، فقال له موسى: يا رب، هذا كلامك الذي كلمتني به؟ قال: لا يا
(1) مسند أبي يعلى (7/ 131) وقال الهيثمي في المجمع (8/ 211): "فيه محمد بن ثابت العبدي وهو ضعيف".
(2)
ورواه أبو نعيم في الحلية (3/ 162) من طريق مسلم بن خالد الزنجي به. وقال: "غريب".
موسى، أنا كلمتك بقوة عَشَرةِ آلاف لسان، ولي قوةُ الألْسِنة كلها، وأنا أقوى من ذلك. فلما رجع موسى إلى بني إسرائيل قالوا: يا موسى، صِفْ لنا كلام الرحمن. قال: لا أستطيعه. قالوا: فشبه لنا. قال: ألم تسمعوا إلى صوت الصواعق فإنها قريب منه، وليس به.
وهذا إسناد ضعيف، فإن الفضلَ هذا الرقاشي ضعيف بمرة. (النساء: 164)
269 -
عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} قال: أجورهم: أدخلهم الجنة". {وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} قال: "الشفاعة فيمن وجبت له النار ممن صنع إليهم المعروف في دنياهم".
وهذا إسناد لا يثبت، وإذا روي عن ابن مسعود موقوفًا فهو جيد. (النساء: 164)
270 -
عن إبراهيم، عن عمر قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكلالة، فقال:" يكفيك آية الصيف ". فقال: لأن أكون سألت النبي صلى الله عليه وسلم عنها أحبَّ إليّ من أن يكونَ لي حُمْر النَّعم. وهذا إسناد جيد إلا أن فيه انقطاعًا بين إبراهيم وبين عُمَر، فإنه لم يدركه. (النساء: 176)
271 -
عن محمد بن سيرين قال: كانوا في مسير، ورأس راحلة حذيفة عند رِدْف راحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورأس راحلة عمر عند ردف راحلة حذيفة. قال: ونزلت: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ} فلقَّاها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حذيفة، فلقاها حذيفة عُمَر، فلما كان بعد ذلك سأل عُمَرُ عنها حذيفة فقال: والله إنك لأحمق إن كنت ظننت أنه لقَّانيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقيتكها كما لقانيها، والله لا أزيدك عليها شيئًا أبدًا. قال: فكان عمر [رضي الله عنه] يقول: اللهم إن كنت بينتها له فإنها لم تُبَين لي.
وهو منقطع بين ابن سيرين وحذيفة. (النساء: 176)
272 -
عن سعيد -[هو] ابن المسيَّب - أن عمر سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يُوَرّث الكلالة؟ قال: فأنزل الله {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ]} الآية، قال: فكأن عمر لم يفهم. فقال لحفصة: إذا رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم طيب نَفْس فسليه عنها، فرأت منه طيب نفس فسألته عنها، فقال:"أبوك ذكر لك هذا؟ ما أرى أباك يعلمها". قال: