المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الدرس الثاني شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله] - الأحكام الملمة على الدروس المهمة لعامة الأمة

[عبد العزيز بن داود الفايز]

الفصل: ‌[الدرس الثاني شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله]

[الدرس الثاني شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله]

الدرس الثاني شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله بشرح معانيها مع بيان شروط لا إله إلا الله، ومعناها (لا إله) نافيا جميع ما يعبد من دون الله، (إلا الله) مثبتا العبادة لله وحده لا شريك له.

ص: 10

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

وهي أول واجب على العبد، وقبول جميع الأعمال متوقف على النطق بها والعمل بموجبها.

ثانيا: معناها: لا معبود بحق إلا الله، ولا يجوز أن يقال: لا خالق إلا الله، أو لا موجود، أو لا رازق إلا الله، لأمور منها:

- أن كفار قريش كانوا لا ينكرون أنه لا خالق إلا الله ومع ذلك لم ينفعهم ذلك. وهم يفهمون معناها لذلك أنكروا على الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال لهم قولوا لا إله إلا الله. ونحن نعجب في هذا الزمان ممن يقولون لا إله إلا الله ولا يعرفون معناها ويدعون مع الله غيره من الأولياء وأصحاب القبور، ويقولون نحن موحدون والله المستعان.

ثالثا: أركانها: للشهادة ركنان:

الأول: النفي في قوله: (لا إله) .

الثاني: إثبات في قوله: (إلا الله) .

فلا إله نفت الألوهية عن كل ما سوى الله،

ص: 11

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

و (إلا الله) أثبتت الألوهية لله وحده لا شريك له.

رابعا: فضل لا إله إلا الله: فلها فضائل عظيمة، ولها عند الله مكانة رفيعة من قالها صادقا أدخله الله الجنة، ومن قالها كاذبا حقنت دمه وأحرزت ماله في الدنيا والآخرة وحسابه على الله- عز وجل وكان له حكم المنافقين.

وهي كلمة وجيزة اللفظ، قليلة الحروف، خفيفة على اللسان، ثقيلة في الميزان.

ولهذه الكلمة العظيمة فضائل كثيرة ذكر جملة منها الحافظ ابن رجب رحمه الله في رسالته المسماة: ((كلمة الإخلاص)) واستدل لكل فضيلة، ومنها:

- أنها ثمن الجنة، ومن كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة، وهي نجاة من النار وهي توجب المغفرة، وهي أحسن الحسنات، وهي تمحو الذنوب، وهي تخرق الحجب التي تصل إلى الله- عز وجل، وهي الكلمة التي يصدق الله قائلها، وهي أفضل ما قاله النبيون، وهي أفضل الذكر، وهي أفضل الأعمال، وأكثرها

ص: 12

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

تضعيفا وتعدل عتق الرقاب، وتكون حرزا من الشيطان، وهي أمان من وحشة القبر، وهول المحشر، وهي شعار المؤمنين إذا قاموا من قبورهم. ومن فضائلها أنها تفتح لقائلها أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء، ومن فضائلها أن أهلها وإن دخلوا النار بتقصيرهم في حقوقها فإنهم لا بد وأن يخرجوا منها (1) .

خامسا: أن شهادة أن محمدا رسول الله تقتضي الإيمان به. وتصديقه فيما أخبر، وطاعته فيما أمر، والانتهاء عما عنه نهى وزجر، وأن يعظم أمره ونهيه، ولا يقدم عليه قول أحد كائنا من كان.

سادسا: ليعلم أن من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم، وروح منه، والجنة حق، والنار حق، كما روى ذلك عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم. أدخله الله الجنة على ما كان من العمل.

(1) انظر رسالة الشيخ صالح الفوزان بعنوان لا إله إلا الله.

ص: 13

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

وأما شروط لا إله إلا الله فهي: العلم المنافي للجهل، واليقين المنافي للشك، والإخلاص المنافي للشرك، والصدق المنافي للكذب، والمحبة المنافية للبغض، والانقياد المنافي للترك، والقبول المنافي للرد، والكفر بما يعبد من دون الله.

ذكر العلماء أن لكلمة الإخلاص شروطا سبعة وبعضهم يعدها ثمانية كما فعل المؤلف حفظه الله.

الأول: العلم: فإذا علم العبد أن الله- عز وجل هو المعبود وحده وأن عبادة غيره باطلة، وعمل بمقتضى ذلك فهو عالم بمعناها. قال تعالى:{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: 19](1) وقال تعالى: {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: 86](2) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة» (3) .

الثاني: اليقين: فيجب على من أتى بها أن يوقن قلبه ويعتقد صحة ما يقول من أحقية إلهية

(1) محمد، آية 19.

(2)

الزخرف، آية 86.

(3)

رواه مسلم وأحمد.

ص: 14

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

الله- تعالى-، وبطلان إلهية من عداه، قال تعالى:{وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} [البقرة: 4](1) . وكما رُوي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من لقيت خلف هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها من قلبه فبشره بالجنة» (2) .

الثالث: القبول: أي يقبل كل ما اقتضته هذه الكلمة بقلبه ولسانه، قال تعالى:{قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} [البقرة: 136](3) .

الرابع: الانقياد: وذلك بأن ينقاد لما دلت عليه هذه الكلمة العظيمة؛ فهو الاستسلام والإذعان، قال تعالى:{وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ} [النساء: 125](4) وقال تعالى: {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} [لقمان: 22](5) .

(1) البقرة، آية 4.

(2)

انظر: السلسلة الصحيحة للألباني، جـ3، ص127.

(3)

البقرة، آية 136.

(4)

النساء، آية 125.

(5)

لقمان، آية 22.

ص: 15

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

الخامس: الصدق: وذلك بأن يصدق مع الله في إيمانه، صادقا في عقيدته، صادقا في أقواله، صادقا في دعوته، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119](1) .

السادس: الإخلاص: وذلك بأن تصدر منه جميع الأقوال والأفعال خالصة لوجه الله، وابتغاء مرضاته ليس فيها شائبة، قال تعالى:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: 5](2) وكما جاء في الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أسعد الناس بشفاعتي من قال: لا إله إلا الله خالصا من قلبه» (3) .

السابع: المحبة: وذلك بأن يحب هذه الكلمة وما دلت عليه واقتضته، فيحب الله ورسوله، ويقدم محبتهما على كل محبوب، قال تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة: 165]

(1) التوبة، آية 119.

(2)

البينة، آية 5.

(3)

رواه البخاري والإمام أحمد.

ص: 16

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

(1) .

الثامن: الكفر بما يعبد من دون الله: كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله» (2) .

الدليل على ذلك حديث جبريل المشهور عندما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان قال: «الإيمان بأن تؤمن بالله وملائكته وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره» (3) .

أولا: الإيمان بالله: يتضمن الإيمان بالله تعالى أربعة أمور:

أ- الإيمان بوجود الله تعالى، وقد دل على وجوده تعالى: الفطرة، والعقل، والشرع، والحس.

أما دلالة الفطرة على وجوده فإن كل مخلوق قد فُطر على الإيمان بخالقه من غير سبق تفكير أو تعليم كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من مولود إلا ويولد على

(1) البقرة، آية 165.

(2)

رواه الإمام مسلم.

(3)

رواه مسلم وأبو داود والترمذي والإمام أحمد.

ص: 17