المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بيان خلق عيسى عليه السلام - دروس للشيخ سعيد بن مسفر - جـ ٥٤

[سعيد بن مسفر]

فهرس الكتاب

- ‌علامات الساعة المتبقية [2]

- ‌تقرير مبدأ البعث

- ‌الحكمة من جعل موعد البعث والموت غيباً

- ‌الأدلة على حقيقة البعث والنشور في سورة النبأ

- ‌من علامات الساعة الكبرى: نزول عيسى وخروج الدجال

- ‌بيان خلق عيسى عليه السلام

- ‌أول عمل يعمله عيسى في الأرض: هو قتله الدجال

- ‌الأعمال التي يقوم بها عيسى بعد قتله الدجال

- ‌من علامات الساعة الكبرى: خروج يأجوج ومأجوج

- ‌من علامات الساعة الكبرى: طلوع الشمس من مغربها

- ‌من علامات الساعة الكبرى: خروج الدابة

- ‌خروج النار من قعر عدن

- ‌من علامات الساعة الكبرى: وقوع ثلاثة خسوف

- ‌الأسئلة

- ‌مسألة: الكفارة إذا تعددت الأيمان

- ‌وسائل تعين على الابتعاد عن التدخين

- ‌حكم زكاة الحلي ومقدارها

- ‌كيفية دعوة الأقارب وغيرهم

- ‌حكم ظهور المرأة أمام زوج أختها

- ‌حكم لبس الخلاخل للنساء

- ‌حكم لبس القفاز للمرأة في الصلاة

- ‌حكم المال المتبقي عند أمين الصندوق

- ‌حكم تعاطي الشيشة

- ‌حكم الجلوس مع رفقاء السوء

- ‌حكم بقاء المرأة تحت رجل لا يصلي

- ‌حكم الشركة الإسلامية الاستثمارية

- ‌حكم التورية

- ‌حكم سماع الأغاني مع عدم الرضا

- ‌حكم التهاون في المواعيد

- ‌مسألة: المسبوق يصير إماماً إذا قام بعد سلام الإمام

- ‌حكم ظهور المرأة على أخي الزوج

- ‌حكم الذهاب للجهاد بدون إذن الوالدين

- ‌حكم الذبح لغير الله لأجل العلاج

- ‌مجاملة الآخرين في سماع الأغاني في السفر

- ‌الدليل على أن الصلاة الوسطى هي صلاة العصر

- ‌حكم الجمعيات

الفصل: ‌بيان خلق عيسى عليه السلام

‌بيان خلق عيسى عليه السلام

ولذا لما أشكل خلق عيسى عليهم وقالوا: كيف يكون ولد من أم بدون أب، لا بد أن يكون له أب، فمن أبوه؟ رد الله عز وجل عليهم كيف تستشكلون أمر عيسى أن خلق من أمٍ بلا أب، ولا تستشكلون أمر آدم أن خلق من غير أم ولا أب، ولهذا قال الله:{إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [آل عمران:59].

والناس مخلوقون على أربعة أشكال: الأول: شكل من أم بلا أب وهو عيسى.

الثاني: شكل من أب بلا أم وهي حواء، فمن هي أمها؟ ليس لها أم، خلقها الله من ضلع آدم الأيسر، ولهذا خلقت من ضلع أعوج وليس من ضلع سمح -أي مستقيم- ولهذا ليس هناك في الدنيا امرأة سمحة، لا بد أن يكون فيها عوج، وأعوج ما في الضلع أعلاه -أي لسان المرأة- ولهذا يقولون في المثل: أول ما يموت في المرأة عقلها، وآخر ما يموت لسانها.

المرأة هكذا، ولذا أنت إذا تعاملت مع المرأة على هذه القاعدة استمتعت بها ونجحت معها دون مشاكل، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام:(إن النساء خلقن من ضلع، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، فاستمتعوا بهن على عوجهن) إذا كنت تريد امرأة ليس فيها عوج فلا توجد إلا في الجنة لماذا؟ لأن الله قال: {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً} [الواقعة:35] أنشأهن الله كرامة لك يا عبد الله في الجنة: {فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً} [الواقعة:36] * {عُرُباً أَتْرَاباً} [الواقعة:37] عُرُباً: يعني متحببات، المرأة العروب التي لا يكرهها الشخص، عروب يعني تتبعل لزوجها بشكل يجعلها ملكة جمال في عينه، تتبعل له في كلامها، وفي رائحتها، وفي ملابسها، في كل حياتها عروب:{عُرُباً أَتْرَاباً} [الواقعة:37] يعني في سن واحدة.

فحواء خلقت من أبٍ بلا أم، أي: عكس عيسى، وآدم خلق من غير أم ولا أب قبضة من الطين، نفخ الله فيه من روحه ثم أسجد له الملائكة وأنزله بعد المعصية والمخالفة إلى هذه الأرض.

وسائر الخلق كلهم مخلوقون من أبٍ وأم، فخلق عيسى في الأصل إعجاز وآية، لماذا خلقه الله عز وجل من أم بلا أب؟ قال الله عز وجل:{قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً} [مريم:21] نجعل خلق عيسى دلالة على قدرة الله وعظمته، آية من آيات الله أن يوجد مخلوق من أمٍ بلا أب، قد تقولون: كيف يوجد رجل هكذا؟ مستحيل الآن في العلم وفي الطب، لابد من حيوان منوي يخرج من رجل ويأتي إلى بويضة في المرأة ويحصل التلقيح والاختلاط ثم يعيش هكذا في عرفنا، لكنّ رب العالمين لا يعجزه شيء:{إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [النحل:40]{إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [فصلت:39] تبارك وتعالى، ليس في حسابات الله شيء معجز أبداً، المعجز والصعب علينا نحن؛ لأننا بشر لا نملك من أنفسنا ولا لأنفسنا نفعاً ولا ضراً ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً، أما الله فلا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء سبحانه تبارك وتعالى.

فعيسى عليه السلام حينما خلق كان خلقه آية، وحينما رفع كان رفعه آية، ما مات ولا قتلوه، قال الله عز وجل:{وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً * بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً} [النساء:157 - 158] وأشار الله عز وجل في القرآن الكريم إلى أن عيسى عليه السلام سينزل في آخر الزمان، وأن النزول سيكون علامة من علامات قرب قيام الساعة:{وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ} [الزخرف:61].

كما أخبر أن أهل الكتاب (اليهود والنصارى) في ذلك الزمان سيؤمنون به وهو يحكم بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم، قال عز وجل:{وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} [النساء:159] يؤمنون به في آخر الأمر وهو يحكم بالإسلام، ينزل عيسى ليحكم بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم، وقد جاء تفصيل هذا في السنة المطهرة، فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم خبراً صحيحاً وهو عندما تشتد فتنة الدجال، وفتنة الدجال تحدثنا عنها بإسهاب في الأسبوع الماضي في الخميس، والذين تابعوها وحضروا الجلسة حصل لهم فهم كامل فيها، والذين ما حضروها فأوصيهم أن يشتروا هذا الشريط، ليكونوا على علم؛ لأن فتنة الدجال فتنة من أشد الفتن التي ستمر بالبشر، ولم يعرفوا فتنة أعظم منها منذ خلق الله آدم إلى يوم القيامة، ليس هناك أعظم من تلك الفتنة، فإنه يأتي بأشياء لا يأتي بها أحد من الناس، فيحيي الأموات، ويأمر الأرض فتنبت، ويأمر السماء فتمطر، ويدخل الخربات فتخرج الكنوز معه، عنده جنة وعنده نار، يقتل الشخص ويرمي بكل شق في أرض ثم يجمعها ويحيه، ويدعي أنه الله، فينطلي هذا الكلام على كثير من البشر فيتبعونه بالملايين، والذي لا يتبعه يشق رأسه -ومن الذي يصبر على شق الرأس؟! - الذي لا يتبعه يضع المنشار على رأسه وينشره إلى أن يصبح شقين.

والآن تجد الناس يخرجون من الدين بغير دجال، يخرجون من الدين بأغنية، أو بشبهة، أو بلعبة، أو بفلوس، بل بعضهم بدون أي شيء، فكيف إذا رأوا الدجال؟! ولكن الله عز وجل قد بين لنا أمر الدجال، وبينه صلى الله عليه وسلم في السنة بحيث أنه من يسمع ذلك الشريط كأنما يرى الدجال واقفاً أمامه، أعور والله ليس بأعور، والعور في عينه اليمنى، كأنها عنبة طافية مفقوعة، ثم أفجح، وهو رجل كبير ضخم طويل، يأكل ويشرب وينام ويبول ويتغوط، يجري عليه ما يجري على البشر، والله عز وجل ليست هذه من صفاته كلها، ولذا أهل الإيمان إذا رأوه علموا أنه الدجال؛ حتى ذلك الرجل الشاب المؤمن الذي يأتي إليه فيقسمه ثم يرجم به في الشرق والغرب ثم يرده مرة أخرى، فيقول: والله ما ازددت إلا إيماناً بأنك الدجال، فلا يسلط عليه ولا على أحدٍ من بعده من المسلمين، وعندما تشتد فتنة الدجال على الأمة ويضيق الأمر بأهل الإيمان في ذلك الزمن ينزل الله عز وجل عبده عيسى عليه السلام عند المنارة البيضاء شرقي دمشق في الشام.

روى الطبراني في معجمه عن أوس بن أوس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ينزل عيسى عند المنارة البيضاء شرقي دمشق) وهذا الحديث صحيح ذكره الألباني في صحيح الجامع الصغير.

ص: 6