الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ مَا جَاءَ عَنِ السَّلَفِ رضي الله عنهم فِي إِثْبَاتِ الْمَشِيئَةِ
368 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ ، أنا أَبُو مُسْلِمٍ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ ، أنا مُصْعَبُ بْنُ سَوَّارٍ ، عَنْ أَبِي يَحْيَى القتات ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رضي الله عنهما قَالَ: لَمَّا بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى مُوسَى عليه الصلاة والسلام وَكَلَّمَهُ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ التَّوْرَاةَ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ إِنَّكَ رَبٌّ عَظِيمٌ لَوْ شِئْتَ أَنْ تُطَاعَ لَأُطِعْتَ وَلَوْ شِئْتَ أَنْ لَا تُعْصَى مَا عُصِيتَ ، وَأَنْتَ تُحِبُّ أَنْ تُطَاعَ وَأَنْتَ فِي ذَلِكَ تُعْصَى فَكَيْفَ هَذَا يَا رَبِّ؟» فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ: «إِنِّي لَا أُسْأَلُ عَمَّا أَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ» فَانْتَهَى مُوسَى
369 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَرْبِيُّ ، بِبَغْدَادَ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخُرَاسَانِيُّ ، ثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ ، عَنْ نَوْفٍ ، قَالَ: قَالَ عُزَيْرٌ فِيمَا يُنَاجِي: يَا رَبِّ تَخْلُقُ خَلْقًا فَتُضِلُّ مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ ، قِيلَ لَهُ: يَا عُزَيْرُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا قَالَ: فَعَادَ فَقَالَ: يَا رَبِّ تَخْلُقُ خَلْقًا فَتُضِلُّ مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ ، قِيلَ لَهُ: يَا عُزَيْرُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف: 54] قَالَ: فَقَالَ يَا عُزَيْرُ لَتُعْرِضَنَّ عَنْ هَذَا أَوْ لَأَمْحُوَنَّكَ مِنَ النُّبُوَّةِ ، إِنِّي لَا أُسْأَلُ عَمَّا أَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ
370 -
أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ ، أنا أَبُو الْعَبَّاسِ الصِّبْغِيُّ ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ ، ثنا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُ كَانَ لَا يُؤْتَى أَبَدًا
⦗ص: 448⦘
بِطَعَامٍ وَلَا بِشَرَابٍ حَتَّى الدَّوَاءُ فَيَطْعَمَهُ أَوْ يَشْرَبُهُ حَتَّى يَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا وَأَطْعَمَنَا وَسَقَانَا وَأَنْعَمَنَا ، اللَّهُ أَكْبَرُ ، اللَّهُمَّ أَلَّفْتَنَا نِعْمَتَكَ بِكُلِّ شَيْءٍ فَأَصْبَحْنَا وَأَمْسَيْنَا مِنْهَا بِكُلِّ خَيْرٍ ، نَسْأَلُكَ تَمَامَهَا وَشُكْرَهَا ، لَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُكَ وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ إِلَهُ الصَّالِحِينَ ، وَرَبُّ الْعَالَمِينَ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ، مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيمَا رَزَقْتَنَا ، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ
371 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ ، أنا أَبُو مَنْصُورٍ النَّضْرَوِيُّ ، أنا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ ، ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، ثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا رَأَى مِنْ مَالِهِ شَيْئًا يُعْجِبُهُ ، أَوْ دَخَلَ حَائِطًا مِنْ حِيطَانِهِ ، قَالَ: مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ
372 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ ، أنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ ، أنا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، ثنا أَبُو مَعْشَرٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ ، قَالَ: الْخَلْقُ أَدَقُّ شأَنًا مِنْ أَنْ يَعْصُوا اللَّهَ تَعَالَى إِلَّا بِمَا أَرَادَ
373 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ ، أنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى ، ثنا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى ، ثنا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى عُمَرِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رضي الله عنه فَقَالَ: لَوْ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ لَا يُعْصَى مَا خَلَقَ إِبْلِيسَ
374 -
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ، أنا أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلَالٍ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ ، يَعْنِي السُّلَمِيَّ ثنا الْمُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبَصْرِيُّ ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، ثنا أَبُو سِنَانٍ ، قَالَ: سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ ، يَقُولُ: كُنْتُ أَقُولُ بِالْقَدَرِ حَتَّى قَرَأْتُ بِضْعًا وَسَبْعِينَ كِتَابًا مِنْ كُتُبِ الْأَنْبِيَاءِ فِي كُلِّهَا: مَنْ جَعَلَ شَيْئًا مِنَ الْمَشِيئَةِ إِلَى نَفْسِهِ فَقَدْ كَفَرَ ، فَتَرَكْتُ قَوْلِي
375 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى الزُّهْرِيُّ الْقَاضِي ، ثنا أَبُو يَحْيَى بْنُ أَبِي مَسَرَّةَ ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الصَّنْعَانِيُّ ، ثنا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مَعْقِلٍ ، قَالَ: سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ ، يَقُولُ: قَرَأْتُ لِلَّهِ عز وجل سَبْعِينَ كِتَابًا كُلَّهَا نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ ، فِي كُلِّ كِتَابٍ مِنْهَا: مَنْ أَضَافَ إِلَى نَفْسِهِ شَيْئًا مِنَ الْمَشِيئَةِ فَقَدْ كَفَرَ
376 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي ، قَالَا: حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْحَافِظُ ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَمْزَةُ بْنُ عَلِيٍّ الْعَطَّارُ ، ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ: سُئِلَ الْإِمَامُ الْمُطَّلِبِيُّ الشَّافِعِيُّ رِضْوَانُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَنِ الْقَدَرِ فَأَنْشَأَ يَقُولُ:
[البحر المتقارب]
مَا شِئْتَ كَانَ وَإِنْ لَمْ أشأْ
…
وَمَا شِئْتُ إِنْ لَمْ تَشَأْ لَمْ يَكُنْ
خَلَقْتَ الْعِبَادَ عَلَى مَا عَلِمْتَ
…
فَفِي الْعِلْمِ يَجْرِي الْفَتَى وَالْمُسِنْ
عَلَى ذَا مَنَنْتَ وَهَذَا خَذَلْتَ
…
وَهَذَا أَعَنْتَ وَذَا لَمْ تُعِنْ
فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَمِنْهُمْ سَعِيدٌ
…
وَمِنْهُمْ قَبِيحٌ وَمِنْهُمْ حَسَنْ
بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عز وجل {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: 29]، وَقَوْلِهِ:{سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 148]، وَقَوْلِهِ:{وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ} [الزخرف: 20]، وَقَوْلِهِ:{وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ} [آل عمران: 108]، وَقَوْلِهِ:{: وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ} [غافر: 31]
377 -
أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي ، أنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رضي الله عنهما فِي قَوْلِهِ عز وجل:{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]، وَقَالَ: الْيُسْرُ الْإِفْطَارُ فِي السَّفَرِ ، وَالْعُسْرُ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فِي قَوْلِهِ:{فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: 29]، يَقُولُ: مَنْ شَاءَ اللَّهُ لَهُ الْإِيمَانَ آمَنَ ، وَمَنْ شَاءَ اللَّهُ لَهُ الْكُفْرَ كَفَرَ ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى:{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا} [الأنعام: 148]، قَالَ:{كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [الأنعام: 148]، ثُمَّ قَالَ:{وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا} [الأنعام: 107]، وَقَالَ:{وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} [النحل: 9]، يَقُولُ اللَّهُ عز وجل: لَوْ شِئْتُ لَجَمَعْتُهُمْ عَلَى الْهُدَى أَجْمَعِينَ
378 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، ثنا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ ، ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 148] قَالَ: هَذَا قَوْلُ قُرَيْشٍ كَقَوْلِهِمْ: إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا يَعْنُونَ الْبَحِيرَةَ وَالسَّائِبَةَ وَالْوَصِيلَةَ وَالْحَامِي وَعَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ} [الزخرف: 20] يَعْنُونَ بِذَلِكَ الْأَوْثَانَ لِأَنَّهُمْ عَبْدُوا الْأَوْثَانَ ، يَقُولُ اللَّهُ:{مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ} [الزخرف: 20]، يَعْنِي الْأَوْثَانَ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ وَقَوْلِهِ:{إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ} [الزخرف: 20]، يَقُولُ: لَمَّا يَعْلَمُوا قُدْرَةَ اللَّهِ تبارك وتعالى عَلَى ذَلِكَ
379 -
أَخْبَرَنَا الْإِمَامُ أَبُو إِسْحَاقَ ، إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، أنا عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ الْحَسَنِ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَابِتٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي ، عَنِ الْهُذَيْلِ ، عَنْ مُقَاتِلٍ ، عَنْ مَنْ ، أَخَذَ تَفْسِيرَهُ مِنَ التَّابِعِينَ فِي قَوْلِهِ عز وجل:{سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا} [الأنعام: 148] مَعَ اللَّهِ ، يَعْنِي مُشْرِكِي الْعَرَبِ ، لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا ، وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءِ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِتَحْرِيمِهِ كَذَلِكَ ، يَعْنِي هَكَذَا كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ رُسُلَهُمْ كَمَا كَذَّبَ كُفَّارُ مَكَّةَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم:{حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا} [الأنعام: 148] يَعْنِي عَذَابَنَا: {قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ} [الأنعام: 148]، يَعْنِي مِنْ بَيَانٍ {فَتُخْرِجُوهُ لَنَا} [الأنعام: 148] يَقُولُ: تُبَيِّنُوهُ لَنَا بِتَحْرِيمِهِ مِنَ اللَّهِ عز وجل: لِقَوْلِ الْلَّهِ عز وجل: {إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ} [الأنعام: 148] الْكَذِبَ قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ: {فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ} [الأنعام: 149] عَلَى الْخَلْقِ: {فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} [الأنعام: 149] لِدِينِهِ: {قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا} [الأنعام: 150] الْحَرْثَ وَالْأَنْعَامَ {فَإِنْ شَهِدُوا} [النساء: 15] أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُ: {فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ} [الأنعام: 150] قَالَ: وَقَالُوا: {لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ} [الزخرف: 20] يَعْنُونَ الْمَلَائِكَةَ ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى:{مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ} [الزخرف: 20] بِأَنَّ اللَّهَ لَوْ شَاءَ لَمَنَعَهُمْ مِنْ عِبَادَةِ الْمَلَائِكَةِ ، {إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ} [الزخرف: 20] يَقُولُ: مَا يَقُولُونَ إِلَّا الْكَذِبَ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ بَنَاتُ اللَّهِ وَقَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ} [آل عمران: 108] فَيُعَذِّبُ عَلَى غَيْرِ ذَنْبٍ ، وَفِي قَوْلِهِ:{وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ} [غافر: 31] يُعَذِّبُ عَلَى غَيْرِ ذَنْبٍ قُلْتُ: يَعْنِي لَا يُرِيدُ أَنْ يَظْلِمَهُمْ فَيُعَذِّبَهُمْ عَلَى غَيْرِ ذَنْبٍ عِنْدَ مَنْ لَا يَعْرِفُ كَمَالَ رُبُوبِيَّتِهِ ، وَأَنَّ لَهُ مَا يَشَاءُ فِي مَمْلَكَتِهِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنْهُ ظُلْمًا
380 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو زَكَرِيَّا الْعَنْبَرِيُّ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، أنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أنا مَعْمَرٌ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رضي الله عنهما أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: الشَّرُّ لَيْسَ بِقَدَرٍ ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: بَيْنَنَا وَبَيْنَ أَهْلِ الْقَدَرِ: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا} [الأنعام: 148] حَتَّى بَلَغَ: {فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} [الأنعام: 149]، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: الْعَجْزُ وَالْكَيْسُ مِنَ الْقَدَرِ
381 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ الصَّاغَانِيُّ بِمَكَّةَ ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّيْرِيُّ ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ ، وَذَكَرَ قَوْلَ ابْنَ عَبَّاسٍ فِي آخِرِهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مُفَصَّلًا مِمَّا قَبْلَهُ
بَابُ مَا جَاءَ فِي إِثْبَاتِ صِفَةِ السَّمْعِ قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [غافر: 56]، وَقَالَ:{إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [الأنفال: 61]، وَقَالَ:{إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} [الحج: 75]، وَقَالَ:{سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 181]، وَقَالَ:{لَقَدْ سَمِعَ اللَّهَ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا} [آل عمران: 181]، وَقَالَ:{قَدْ سَمِعَ اللَّهَ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا} [المجادلة: 1]، وَقَالَ:{إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه: 46]، وَقَالَ:{أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى} [الزخرف: 80]
382 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ ، أنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، ثنا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ ، عَنْ أَبِي مُوسَى ، رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي مَسِيرٍ فَكُنَّا إِذَا عَلَوْنَا كَبَّرْنَا وَإِذَا هَبَطْنَا سَبَّحْنَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ ، فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا ، وَلَكِنَّكُمْ تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا» ، وَأَتَى عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَقُولُ فِي نَفْسِي: لَا حَوْلُ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ: قَالَ: " يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ قُلْ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ؛ فَإِنَّهَا مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ " أَوْ قَالَ: " يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ؟ قُلْ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي
⦗ص: 456⦘
الصَّحِيحِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ وَرَوَاهُ مُسْلِمُ عَنْ خَلَفِ بْنِ هِشَامٍ وَأَبِي الرَّبِيعِ عَنْ حَمَّادٍ
383 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ النَّضْرِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ ، ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّرْسِيُّ ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ:«فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا ، تَدْعُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا قَرِيبًا»
384 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، ثنا أَبُوعَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ إِمْلَاءً ، ثنا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، قَالَا: ثنا أَبُو الْطَّاهِرٍ ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ ح ، وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسٍ ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدِ الدَّارِمِيُّ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ الْمِصْرِيُّ ، ثنا ابْنُ وَهْبٍ ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَنَّ عَائِشَةَ ، زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمُ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحَدٍ؟ فَقَالَ
⦗ص: 457⦘
صلى الله عليه وسلم: " لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ شِدَّةَ ، وَأَشَدُّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ ، يَوْمَ عَرَضَتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالَيْلَ بْنِ عَبْدِ كُلَالِ ، فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ ، فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلَّا وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي ، فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي ، فَنَظَرْتُ ، فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ عليه الصلاة والسلام فَنَادَانِي ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ ، وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ ، وَقَدْ بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ ، قَالَ: فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ ، فَسَلَّمَ عَلَيَّ ثُمَ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ ، وَأَنَا مَلَكُ الْجِبَالِ قَدْ بَعَثَنِي إِلَيْكَ؛ لِتَأْمُرَنِي مِنْ أَمَرِكِ بِمَا شِئْتَ ، إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الْأَخْشَبَيْنِ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ منْ يَعْبُدُ اللَّهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ في الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي الطَّاهِرِ وَغَيْرِهِ
385 -
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ
⦗ص: 458⦘
عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، رضي الله عنها قَالَتْ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الْأَصْوَاتَ ، لَقَدْ جَاءَتِ الْمُجَادِلَةُ تَشْكُو إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، وَأَنَا فِي نَاحِيَةٍ مِنَ الْبَيْتِ مَا أَسْمَعُ مَا تَقُولُ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل:{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة: 1] أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ فَقَالَ: وَقَالَ الْأَعْمَشُ
386 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ ، ثنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى ، ثنا الْحُمَيْدِيُّ ، ثنا سُفْيَانُ ، ثنا مَنْصُورُ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، رضي الله عنه قَالَ: اجْتَمَعَ عِنْدَ الْبَيْتِ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ قُرَشِيَّانِ وَثَقَفِيٌّ أَوْ ثَقَفِيَّانِ وَقُرَشِيٌّ قَلِيلٌ فِقْهُ قُلُوبِهِمْ ، كَثِيرٌ شَحْمُ بُطُونِهِمْ ، قَالَ أَحَدُهُمْ: أَتَرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ يَسْمَعُ مَا نَقُولُ؟ فَقَالَ الْآخَرُ: يَسْمَعُ إِذَا جَهَرْنَا ، وَلَا يَسْمَعُ إِنْ أَخْفَيْنَا ، وَقَالَ الْآخَرُ: إِنْ كَانَ يَسْمَعُ إِذَا جَهَرْنَا؛ فَإِنَّهُ يَسْمَعُ إِذَا أَخْفَيْنَا ، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ} [فصلت: 22] قَالَ الْحُمَيْدِيُّ: وَكَانَ سُفْيَانُ أَوَّلًا يَقُولُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ ، أَوِ ابْنُ نُجَيْحٍ ، أَوْ حُمَيْدٌ الْأَعْرَجُ أَحَدُهُمْ أَوِ اثْنَانِ مِنْهُمْ ، ثُمَّ
⦗ص: 459⦘
ثَبَتَ عَلَى مَنْصُورٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنِ الْحُمَيْدِيِّ ، وَرَوَاهُ مُسْلِمُ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ عَنْ سُفْيَانَ
387 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ ، عَنْ دَرَّاجٍ ، أَنَّهُ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الْهَيْثَمِ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، أَوْ عَنِ ابْنِ حُجَيْرَةَ الْأَكْبَرِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رضي الله عنه قَالَ: إِنَّ أَحَدَهُمَا حَدَّثَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، أَنَّهُ قَالَ: " إِذَا كَانَ يَوْمٌ حَارٌّ أَلْقَى اللَّهُ تَعَالَى سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ إِلَى أَهْلِ السَّمَاءِ وَأَهْلِ الْأَرْضِ ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، مَا أَشَدَّ حَرَّ هَذَا الْيَوْمِ، اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنْ حَرِّ
⦗ص: 460⦘
جَهَنَّمَ ، قَالَ اللَّهُ عز وجل لِجَهَنَّمَ: إِنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِي اسْتَجَارَنِي مِنْكِ ، وَإِنِّي أُشْهِدُكِ أَنِّي قَدْ أَجَرْتُهُ. فَإِذَا كَانَ يَوْمٌ شَدِيدُ الْبَرْدِ أَلْقَى اللَّهُ تَعَالَى سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ إِلَى أَهْلِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، مَا أَشَدَّ بَرْدَ هَذَا الْيَوْمِ ، اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنْ زَمْهَرِيرِ جَهَنَّمَ ، قَالَ اللَّهُ عز وجل لِجَهَنَّمَ: إِنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِي اسْتَجَارَنِي مِنْ زَمْهَرِيرِكِ ، وَإِنِّي أُشْهِدُكِ أَنِّي قَدْ أَجَرْتُهُ. فَقَالُوا: وَمَا زَمْهَرِيرُ جَهَنَّمَ؟ قَالَ: بَيْتٌ يُلْقَى فِيهِ الْكَافِرُ فَيَتَمَيَّزُ مِنْ شِدَّةِ بَرْدِهَا بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ " وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ
388 -
أَخْبَرَنَا الْإِمَامُ أَبُو الْفَتْحِ الْعُمَرِيُّ ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ ، أنا شَرِيكٌ ، عَنْ زِيَادِ بْنِ فَيَّاضٍ ، عَنْ أَبِي عِيَاضٍ ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ أَوْ سُئِلَ ابنُ عُمَرَ رضي الله عنهما وَأَنَا أَسْمَعُ ، عَنِ الْخَمْرِ ، فَقَالَ: لَا ، وَسَمْعِ اللَّهِ عز وجل ، لَا يَحِلُّ بَيْعُهَا ، وَلَا ابْتِيَاعُهَا ، فَحَلَفَ بِسَمْعِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
بَابُ مَا جَاءَ فِي إِثْبَاتِ صِفَةِ الْبَصَرِ وَالرُّؤْيَةِ وَكِلْتَاهُمَا عِبَارَتَانِ عَنْ مَعْنًى وَاحِدٍ. قَالَ اللَّهُ عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [غافر: 20]، وَقَالَ:{إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ} [فاطر: 31]، وَقَالَ:{إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا} [الإسراء: 30]، وَقَالَ:{وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء: 134]، وَقَالَ:{فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ} [التوبة: 105]، وَقَالَ:{أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} [العلق: 14]، قَالَ:{إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه: 46]
389 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ جَعْفَرٍ ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ ، ثنا خَالِدُ يَعْنِي الْحَذَّاءَ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ ، رضي الله عنه ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزَاةٍ ، فَجَعَلْنَا لَا نَصْعَدُ شَرَفًا ، وَلَا نَعْلُو شَرَفًا ، وَلَا نَهْبِطُ فِي وَادٍ إِلَّا رَفَعْنَا أَصْوَاتَنَا بِالتَّكْبِيرِ ، قَالَ: فَدَنَا مِنَّا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ:" يَا أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَإِنَّكُمْ مَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا ، إِنَّمَا تَدْعُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا؛ إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ ، مِنْ عُنُقِ رَاحِلَتِهِ ، يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسِ ، أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَةً مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ «أَخْرِجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ خَالِدٍ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ» سَمِيعًا قَرِيبًا " ، وَرَوَاهُ مُسْلِمُ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ
⦗ص: 462⦘
عَبْدِ الْوَهَّابِ ، وَكَأَنَّهُ قَالَهُمَا جَمِيعًا ، وَذَلِكَ بَيِّنٌ مِنْ رِوَايَةِ النَّرْسِيُّ عَنْ حَمَّادٍ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ
390 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنِ يَعْقُوبَ الْحَافِظُ ، ثنا هِشَامُ بْنُ صِدِّيقٍ ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ ح ، وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيٍّ ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، ثنا أَبُو دَاوُدَ ، ثنا عَلِيُّ بْنُ نَصْرِ ، وَمُحَمَّدُ بْنِ يُونُسَ النَّسَائِيُّ ، - وَهَذَا لَفْظُهُ - قَالَا: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ ، ثنا حَرْمَلَةُ بْنُ عِمْرَانَ ، حَدَّثَنِي أَبُو يُونُسَ ، سُلَيْمُ بْنُ جُبَيْرٍ مَوْلَى أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ ، رضي الله عنه يَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58]، إِلَى قَوْلِهِ:{إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء: 58] ، يَضَعُ إِبْهَامَهُ عَلَى أُذُنِهِ وَالَّتِي تَلِيهَا عَلَى عَيْنِهِ ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَؤُهَا ، وَيَضَعُ إِصْبَعَيْهِ قُلْتُ: وَالْمُرَادُ بِالْإِشَارَةِ الْمَرْوِيَّةِ فِي هَذَا الْخَبَرِ تَحْقِيقُ الْوَصْفِ لِلَّهِ عز وجل بِالسَّمْعِ
⦗ص: 463⦘
وَالْبَصَرِ ، فَأَشَارَ إِلَى مَحَلَّيِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ مِنَّا لِإِثْبَاتِ صِفَةِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ لِلَّهِ تَعَالَى ، كَمَا يُقَالُ قَبَضَ فُلَانٌ عَلَى مَالِ فُلَانٍ ، وَيُشَارُ بِالْيَدِ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ حَازَ مَالَهَ ، وَأَفَادَ هَذَا الْخَبَرُ أَنَّهُ سَمِيعٌ بَصِيرٌ لَهُ سَمْعٌ وَبَصَرٌ لَا عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ عَلِيمٌ ، إِذْ لَوْ كَانَ بِمَعْنَى الْعِلْمَ لَأَشَارَ فِي تَحْقِيقِهِ إِلَى الْقَلْبِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْعُلُومِ مِنَّا ، وَلَيْسَ فِي الْخَبَرِ إِثْبَاتُ الْجَارِحَةِ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ شَبَهِ الْمَخْلُوقِينَ عُلُوًا كَبِيرًا
391 -
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ السُّكَّرِيِّ ، بِبَغْدَادَ ، أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ ، ثنا عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّرْقُفِيُّ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ، ثنا سُفْيَانُ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ ، رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ عز وجل لَا يَنَامُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ النَّهَارِ ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ اللَّيْلِ ، وَحِجَابُهُ النَّارُ لَوْ كَشَفَهَا لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ كُلَّ شَيْءٍ أَدْرَكَهُ بَصَرُهُ»
⦗ص: 465⦘
392 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، أنا جَرِيرُ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ ، قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأَرْبَعَ كَلِمَاتٍ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ سُفْيَانَ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «حِجَابُهُ الْنُّورُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَالْحِجَابُ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْخَبَرِ ، وَغَيْرُهُ يَرْجِعُ إِلَى الْخَلْقِ؛ لِأَنَّهُمْ هُمُ الْمَحْجُوبُونَ عَنْهُ بِحِجَابٍ خَلْقَهُ فِيهِمْ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْكُفَّارِ:{كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين: 15] ، وَقَوْلُهُ لَوْ كَشَفَهَا يَعْنِي لَوْ رَفَعَ الْحِجَابَ عَنْ أَعْيُنِهِمْ وَلَمْ يُثَبِّتْهُمْ لِرُؤْيَتِهِ لَاحْتَرَقُوا ، وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهَا
393 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ ، أنا أَبُو الْحَسَنِ الْكَارِزِيُّ ، أنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: يُقَالُ فِي السُّبْحَةِ: إِنَّهَا جَلَالُ وَجْهِ اللَّهِ ، وَمِنْهَا قِيلَ سُبْحَانَ اللَّهِ إِنَّمَا هُوَ تَعْظِيمٌ لَهُ وَتَنْزِيهٌ
394 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَرْبِيُّ ، بِبَغْدَادَ ، ثنا مُحَمَّدُ
⦗ص: 466⦘
بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الشَّافِعِيُّ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ السُّلَمِيُّ ، ثنا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ ، ثنا الْمَسْعُودِيُّ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ ، عَنْ أَبِي مُوسَى ، رضي الله عنه ، قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأَرْبَعٍ ، فَقَالَ:«إِنَّ اللَّهَ لَا يَنَامُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ ، وَيُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمِلُ اللَّيْلِ قَبْلَ النَّهَارِ ، وَعَمِلُ النَّهَارِ قَبْلَ اللَّيْلِ ، حِجَابُهُ الْنُّورُ ، لَوْ كَشَفَهَا لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ كُلَّ شَيْءٍ أَدْرَكَهُ بَصَرُهُ» ثُمَّ قَرَأَ أَبُو عُبَيْدَةَ رضي الله عنه: {نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [النمل: 8] وَفِي هَذَا تَأْكِيدٌ لِقَوْلِ أَبِي عُبَيْدَةَ رضي الله عنه إِنَّ سُبُحَاتٍ مِنَ التَّسْبِيحِ الَّذِي هُوَ التَّعْظِيمُ ، وَالتَّنْزِيهُ
395 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُنَادِي ، ثنا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ ، ثنا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ الْإِيمَانِ ، قَالَ: يَا مُحَمَّدُ ، مَا الْإِحْسَانُ؟ ، قَالَ: " أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ ، فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تَكُنُ تَرَاهُ ، فَإِنَّهُ يَرَاكَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ