الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [
غافر: 16]
463 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ ، بِبَغْدَادَ ، أنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمِصْرِيُّ ، ثنا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ ، ثنا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، حَدَّثَنِي ابْنُ مُسَافِرٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " يَقْبِضُ اللَّهُ عز وجل الْأَرْضَ وَيَطْوِي السَّمَاءَ بِيَمِينِهِ ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ مُلُوكُ الْأَرْضِ " أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُفَيْرٍ
بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ} [المائدة: 109] قَوْلُ اللَّهِ عز وجل: {يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ} [المائدة: 109]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى:{وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ} [القصص: 65]، وَقَوْلُهُ جَلَّ وَعَلَا:{وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتُ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [المائدة: 116] وَقَوْلُهُ تبارك وتعالى: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ} [الأعراف: 7]
464 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو بَكْرِ مُحَمَّدٌ بْنُ أَحْمَدَ بَالَوَيْهِ ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرْبِيُّ ، ثنا عَفَّانُ ، ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ ، ثنا سُلَيْمَانُ الْأَعْمَشُ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " يَجِيءُ نُوحٌ وَأُمَّتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَيَقُولُ اللَّهُ لِنُوحٍ: هَلْ بَلَّغْتَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ يَا رَبِّ ، فَيَقُولُ لِأُمَّتِهِ: هَلْ بَلَّغَكُمْ؟ ، فَيَقُولُونَ: مَا جَاءَنَا مِنْ نَذِيرٍ ، قَالَ: مَنْ يَشْهَدُ لَكَ ، قَالَ: مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ ، قَالَ: فَنَجِيءُ فَنَشْهَدُ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ قَالَ: فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عز وجل: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143]
⦗ص: 540⦘
" وَالْوَسَطُ الْعَدْلُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ ، عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ
465 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْعَلَوِيُّ ، أنا أَبُو حَامِدٍ ، أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنُ يَحْيَى بْنِ بِلَالٍ الْبَزَّازُ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ ، عَنَّ مُرِيِّ بْنِ قَطَرِيِّ ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ ، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لِيَقِ أَحَدُكُمْ وَجْهَ النَّارِ ، وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيْبَةٍ ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا لَقِيَ اللَّهَ عز وجل يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، يَقُولُ لَهُ: أَلَمْ أَجْعَلْ لَكَ سَمِعًا وَبَصَرًا؟ فَيَقُولُ بَلَى: فَيَقُولُ: أَلَمْ أَجْعَلْ لَكَ مَالًا وَوَلَدًا؟ فَيَقُولُ: بَلَى فَيَقُولُ: فَمَاذَا قَدَّمْتَ لِنَفْسِكَ؟ قَالَ: فَيَنْظُرُ شِمَالًا وَيَمِينًا فَلَا يَرَى شَيْئًا "
466 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ إِمْلَاءً أنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى ، ثنا الْحُمَيْدِيُّ ، ثنا سُفْيَانُ ، ثنا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَفِي حَدِيثِ الرُّؤْيَا ، قَالَ فِيهِ:" فَيُلْقَى الْعَبْدُ ، فَيَقُولُ: أَيْ فُلْ ، أَلَمْ أُكْرِمْكَ ، وَأُسَوِّدْكَ ، وَأُزَوِّجْكَ وَأُسَخِّرْ لَكَ الْخَيْلَ وَالْإِبِلَ ، وَأَذَرْكَ تَرْأَسُ وَتَرْتعُ؟ قَالَ: فَيَقُولُ: بَلَى أَيْ رَبِّ ، قَالَ: فَيَقُولُ: أَفَظَنَنْتَ أَنَّكَ مُلَاقِيَّ؟ فَيَقُولُ: لَا ، فَيَقُولُ: فَإِنِّي أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيتَنِي ثُمَّ يَلْقَى الثَّانِي ، فَيَقُولُ: أَيْ فُلْ ، فَذَكَرَ مِثْلَ مَا قَالَ لِلْأَوَّلِ ثُمَّ يَلْقَى الثَّالِثَ ، فَيَقُولُ: آمَنْتُ بِكَ وَبِكِتَابِكَ وَبِرَسُولِكَ ، وَصَلَّيْتُ ، وَصُمْتُ ، وَتَصَدَّقْتُ وَيُثْنِي بِخَيْرٍ مَا اسْتَطَاعَ ، قَالَ: فَيَقُولُ: فَهَا هُنَا إِذًا قَالَ: ثُمَّ يُقَالُ: الْآنَ نَبْعَثُ شَاهِدَنَا عَلَيْكَ ، فَيَتَفَكِّرُ فِي نَفْسِهِ مَنِ الَّذِي يَشْهَدُ عَلَيَّ؟ فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ ، وَيُقَالُ لِفَخِذِهِ: انْطِقِي ، فَيَنْطِقُ فَخِذُهُ ، وَلَحْمُهُ ، وَعِظَامُهُ بِعَمَلِهِ مَا كَانَ ذَلِكَ لَيَتَعَذَّرَ مِنْ نَفْسِهِ ، وَذَلِكَ الْمُنَافِقُ " وَذَكَرَ الْحَدِيثَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ ، عَنْ سُفْيَانَ
467 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ ، قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يعقوب، ثنا محمد بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي النَّضْرِ ، أنا أَبُو النَّضْرِ ، عَنِ الْأَشْجَعِيِّ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ عُبَيْدٍ الْمُكْتِبِ ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عَمْرٍو،
⦗ص: 542⦘
عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، رضي الله عنه ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَضَحِكَ ، فَقَالَ:«هَلْ تَدْرُونَ مِمَّا أَضْحَكُ؟» قَالَ: قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: " مِنْ مُخَاطَبَةِ الْعَبْدِ رَبَّهُ ، يَقُولُ: يَا رَبِّ ، أَلَمْ تُجِرْنِي مِنَ الظُّلْمِ؟ قَالَ: يَقُولُ: بَلَى ، قَالَ: فَيَقُولُ: فَإِنِّي لَا أُجِيزُ عَلَى نَفْسِي إِلَّا شَاهِدًا مِنِّي قَالَ: فَيَقُولُ: فَكَفَى بِنَفْسِكَ عَلَيْكَ شَهِيدًا ، وَبِالْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ شُهُودًا قَالَ: فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ وَيُقَالُ لِأَرْكَانِهِ: انْطِقِي ، قَالَ: تَنْطِقُ بِأَعْمَالِهِ ، ثُمَّ قَالَ: يُخَلِّي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَلَامِ ، قَالَ: فَيَقُولُ: بُعْدًا وَسُحْقًا فَعَنْكُنَّ كُنْتُ أُنَاضِلُ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي النَّضْرِ
468 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، ثنا مُحَمَّدُ ، يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ ثنا شُعْبَةُ ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ، رضي الله عنه يُحَدِّثُ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ:" يَقُولُ اللَّهُ عز وجل: لَأَهْوَنُ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ: لَوْ كَانَ لَكَ مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ أَكُنْتَ تَفْتَدِي بِهِ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ ، فَيَقُولُ لَهُ: قَدْ أَرَدْتُ مِنْكَ مَا هُوَ أَهْوَنُ مِنْ هَذَا ، وَأَنْتَ فِي صُلْبِ آدَمَ أَنْ لَا تُشْرِكَ بِي ، فَأَبَيْتَ إِلَّا أَنْ تُشْرِكَ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ
469 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو ، قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، أنا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى ، ثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ، ثنا الْأَعْمَشُ ، عَنْ خَيْثَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ اللَّهُ عَزَّ جَلَّ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ ، فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدِمَ مِنْ عَمَلِهِ ، وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ ، وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ ، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ» قَالَ عِيسَى: قَالَ الْأَعْمَشُ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ ، عَنْ خَيْثَمَةَ بِمِثْلِهِ ، وَزَادَ فِيهِ «وَلَوْ بِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ كِلَاهُمَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُجْرٍ ، عَنْ عِيسَى
470 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، أنا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ أَبُو عَاصِمٍ ، أنا سَعْدَانُ بْنُ بِشْرٍ ، ثنا أَبُو الْمُجَاهِدِ الطَّائِيُّ ، ثنا مُحِلُّ بْنُ خَلِيفَةَ ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَجَاءَهُ رَجُلَانِ؛ أَحَدُهُمَا يَشْكُو الْعَيْلَةَ ، وَالْآخَرُ يَشْكُو قَطْعَ السَّبِيلِ ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:" لَا يَأْتِي عَلَيْكَ إِلَّا قَلِيلٌ حَتَّى تَخْرُجَ الْمَرْأَةُ مِنَ الْحِيرَةَ إِلَى مَكَّةَ بِغَيْرِ خَفِيرٍ ، وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَطُوفَ أَحَدُكُمْ بِصَدَقَتِهِ فَلَا يَجِدُ مَنْ يَقْبَلُهَا مِنْهُ ، ثُمَّ لَيَفِيضَنَّ الْمَالُ ، ثُمَّ لَيَقِفَنَّ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ عز وجل لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ يَحْجُبُهُ ، وَلَا تُرْجُمَانٌ ، فَيُتَرْجِمَ لَهُ ، فَيَقُولُ: أَلَمْ أُوتِكَ مَالًا؟ فَيَقُولُ: بَلَى فَيَقُولُ: أَلَمْ أُرْسِلْ إِلَيْكَ رَسُولًا؟ فَيَقُولُ: بَلَى ، فَيَنْظُرَ عَنْ يَمِينِهِ ، فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ ، وَيَنْظُرُ عَنْ يَسَارِهِ ، فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ ، فَلْيَتَّقِ أَحَدُكُمُ النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةَ طَيِّبَةٍ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِي عَاصِمٍ
471 -
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ، ثنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ الزَّاهِدُ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَبْسِيُّ ، أنا وَكِيعٌ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، رَضِيَ
⦗ص: 545⦘
اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا آدَمُ ، قُمْ؛ فَابْعَثْ بَعْثَ النَّارِ ، قَالَ: فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ ، وَمَا بَعْثُ النَّارِ؟ قَالَ: فَيَقُولُ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعُمِائَةٌ وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُوْنَ قَالَ: فَحِينَئِذٍ يَشِيبُ الْمَوْلُودُ ، {وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} [الحج: 2] قَالَ: فَيَقُولُونَ: وَأَيُّنَا ذَلِكَ الْوَاحِدُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: تِسْعُمِائَةٌ وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ مِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَمِنْكُمْ وَاحِدٌ ، قَالَ: فَقَالَ النَّاسُ: اللَّهُ أَكْبَرُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةَ ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، قَالَ: فَكَبَّرَ النَّاسُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ فِي النَّاسِ إِلَّا كَالشَّعْرَةِ الْبَيْضَاءِ فِي الثَّوْرِ الْأَسْوَدِ ، أَوِ الشَّعَرَةِ السَّوْدَاءِ فِي الثَّوْرِ الْأَبْيَضِ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، عَنْ وَكِيعٍ ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، عَنِ الْأَعْمَشِ
472 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ إِمْلَاءً، أنا أَبُو الْمُثَنَّى ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ، وَالْحَدِيثُ لِأَبِي الْمُثَنَّى، ثنا مُسَدَّدٌ ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ
⦗ص: 546⦘
صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ ، قَالَ: إِنَّ رَجُلًا سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي النَّجْوَى؟ قَالَ: " يَدْنُو أَحَدُكُمْ مِنْ رَبِّهِ حَتَّى يَضَعَ كَنَفَهُ عَلَيْهِ ، فَيَقُولُ: عَمِلْتُ كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ ، فَيُقَرِّرُهُ ، ثَمَّ يَقُولُ: قَدْ سَتَرْتُ عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ قَالَ: ثُمَّ يُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ أَوْ يُنْشَرُ كِتَابُ حَسَنَاتِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ: {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} وَأَمَّا الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُ فَيُنَادَوْنَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: 18] " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُسَدَّدٍ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ ، عَنْ قَتَادَةَ
473 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ عَلِيٍّ الْمُؤَذِّنُ ، أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنُ خَنْبٍ الْبَغْدَادِيُّ ، ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، أنا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ح ، وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ ، أنا حَسَنُ بْنُ مُوسَى الْأَشْيَبُ ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رضي الله عنه ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ: " يَقُولُ اللَّهُ عز وجل: يَا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ ، فَلَمْ تَعُدْنِي ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ ، كَيْفَ أَعُودُكَ ، وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ فَيَقُولُ: أَمَا أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلَانًا مَرِضَ ، فَلَمْ تَعُدْهُ ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ؛ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ ، فَيَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ ، اسْتَسْقَيْتُكَ فَلَمْ تَسْقِنِي ، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ ، وَكَيْفَ أَسْقِيكَ ، وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ فَيَقُولُ تبارك وتعالى: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلَانًا اسْتَسْقَاكَ ،
⦗ص: 547⦘
فَلَمْ تَسْقِهِ؟ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ سَقَيْتَهُ؛ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي؟ قَالَ: وَيَقُولُ اللَّهُ عز وجل: يَا ابْنَ آدَمَ ، اسْتَطْعَمْتُكَ ، فَلَمْ تُطْعِمْنِي ، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ ، وَكَيْفَ أُطْعِمُكَ ، وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ فَيَقُولُ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِيَ فُلَانًا اسْتَطْعَمَكَ ، فَلَمْ تُطْعِمْهُ؟ أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَطْعَمْتَهُ؛ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي " لَفْظُ حَدِيثِ الْأَشْيَبِ ، وَفِي رِوَايَةِ زَيْدِ بْنِ الْحُبَابِ:«فَلَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي» وَبِمَعْنَاهُ ، قَالَ فِي بَاقِي الْحَدِيثِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ بَهْزِ بْنِ أَسَدٍ ، عَنْ حَمَّادٍ ، وَفِيهِ أَنَّ ذَلِكَ يَقُولُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَفِي اسْتِفْسَارِ هَذَا الْعَبْدِ مَا أَشْكَلَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ عَلَى إِبَاحَةِ سُؤَالِ مَنْ لَا يَعْلَمُ مَنْ يَعْلَمُ حَتَّى يَقِفَ عَلَى الْمُشْكِلِ مِنَ الْأَلْفَاظِ إِذَا أَمْكَنَ الْوُصُولُ إِلَى مَعْرِفَتِهُ ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اللَّفْظَ قَدْ يَرِدُ مُطْلَقًا ، وَالْمُرَادُ بِهِ غَيْرُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ ظَاهِرُهُ ، فَإِنَّهُ أَطْلَقَ الْمَرَضَ وَالِاسْتِسْقَاءَ وَالِاسْتِطْعَامَ عَلَى نَفْسِهِ وَالْمُرَادُ بِهِ وَلِيٌّ مِنْ أَوْلِيَائِهِ وَهُوَ كَمَا قَالَ اللَّهُ عز وجل:{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة: 33] وَقَوْلُهُ: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [الأحزاب: 57]، وَقَوْلُهُ:{إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ} [محمد: 7]، وَالْمُرَادُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ أَوْلِيَاؤُهُ وَقَوْلُهُ:«لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ» أَيْ وَجَدْتَ رَحْمَتِي وَثَوَابِي عِنْدَهُ ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ عز وجل:{وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ} [النور: 39] أَيْ وَجَدَ حِسَابَهُ وَعِقَابَهُ
بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف: 67] قَوْلُ اللَّهِ عز وجل: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ} [الزخرف: 68] وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ}
474 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي ، قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ ، ثنا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، رضي الله عنه ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ لِأَهْلِ الْجَنَّةَ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ ، فَيَقُولُونَ: لَبَّيْكَ رَبَّنَا ، وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ ، فَيَقُولُ: هَلْ رَضِيتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا ، وَمَا لَنَا لَا نَرْضَى وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ ، فَيَقُولُ: أَلَا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ؟
⦗ص: 549⦘
قَالَ: فَيَقُولُونَ: يَا رَبِّ ، وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي فَلَا أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ هَارُونَ بْنِ سَعِيدٍ الْأَيْلِيِّ ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ وَهْبٍ
475 -
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ، أنا أَبُو طَاهِرٍ الْمُحَمَّد َآبَاذِيُّ ، ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ ، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ هُوَ ابْنُ مُوسَى ثنا إِسْرَائِيلُ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَبِيدَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، رضي الله عنه ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ:" آخِرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولًا الْجَنَّةَ ، وَآخِرُ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنَ النَّارِ؛ رَجُلٌ يَخْرُجُ حَبْوًا ، فَيَقُولُ لَهُ رَبُّهُ: ادْخُلِ الْجَنَّةَ ، فَيَقُولُ: أَرَى الْجَنَّةَ مَلْأَى ، فَيَقُولُ لَهُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، كُلُّ ذَلِكَ يُعِيدُ الْجَنَّةُ مَلْأَى ، فَيَقُولُ: إِنَّ لَكَ مِثْلَ الدُّنْيَا عَشْرَ مَرَّاتٍ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخِرَ ، عَنْ مَنْصُورٍ
بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77] قَوْلُ اللَّهِ عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران: 77] وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [البقرة: 174]
476 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ إِمْلَاءً أنا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ حَمْدَوَيْهِ بْنُ سَهْلٍ الْمَرْوَزِيُّ ، ثنا مَحْمُودُ بْنُ آدَمَ الْمَرْوَزِيُّ ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رضي الله عنه ، أَرَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ: " ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ تَعَالَى ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ، رَجُلٌ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ عَلَى مَالِ مُسْلِمٍ فَاقْتَطَعَهُ ، وَرَجُلٌ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ أَنَّهُ أَعْطَى بِسِلْعَتِهِ أَكْثَرَ مِمَّا أُعْطِيَ ، وَهُوَ كَاذِبٌ ، وَرَجُلٌ مَنَعَ فَضْلَ مَاءٍ ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ ،
⦗ص: 551⦘
يَقُولُ: الْيَوْمَ أَمْنَعُكَ فَضْلِي كَمَا مَنَعْتَ فَضْلَ مَا لَمْ تَعْمَلْ يَدَاكَ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ عَمْرٍو النَّاقِدِ كِلَاهُمَا ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ
477 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ زَيْدُ بْنُ أَبِي هَاشِمٍ الْعَلَوِيُّ بِالْكُوفَةَ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قَالَا: أنا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ دُحَيْمٍ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، أنا وَكِيعٌ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: رَجُلٌ بَايَعَ رَجُلًا سِلْعَةً بَعْدَ الْعَصْرِ فَحَلَفَ لَهُ بِاللَّهِ لَأَخَذَهَا بِكَذَا وَكَذَا ، فَصَدَّقَهُ ، فَأَخَذَهَا وَهُوَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ ، وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا لَا يُبَايِعُهُ إِلَّا لِلدُّنْيَا ، فَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا وَفَى ، وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا لَمْ يَفِ لَهُ ، وَرَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ بِالْفَلَاةِ ، فَيَمْنَعُهُ مِنِ ابْنِ السَّبِيلِ " لَفْظُ حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، عَنْ وَكِيعٍ ، وَأَبِي مُعَاوِيَةَ
478 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ زَيْدُ بْنُ أَبِي هَاشِمٍ الْعَلَوِيُّ ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، قَالَا: أنا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ دُحَيْمٍ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، أنا وَكِيعٌ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ أَبَى حَازِمٍ الْأَشْجَعِيِّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ: شَيْخٌ زَانٍ ، وَمَلِكٌ كَذَّابٌ ، وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، عَنْ وَكِيعٍ
479 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَاكِرٍ ، ثنا عَفَّانُ ، ثنا شُعْبَةُ ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحِ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ الْعَنْبَرِيُّ ، ثنا جَدِّي أَبُو مُحَمَّدٍ يَحْيَى بْنُ مَنْصُورٍ الْقَاضِي ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، ثنا شُعْبَةُ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُدْرِكٍ ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ:«ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ» قَالَ: فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ،
⦗ص: 553⦘
فَقَالَ: «خَابُوا وَخَسِرُوا ، خَابُوا وَخَسِرُوا ، خَابُوا وَخَسِرُوا» قِيلَ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ ، قَالَ:«الْمُسْبِلُ إِزَارَهُ ، وَالْمُنْفِقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ ، وَالْمَنَّانُ عَطَاءَهُ» لَفْظُ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍغُنْدَرٍ ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ وَغَيْرِهِ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ مُسْهِرٍ ، عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ وَجَمِيعُ هَذِهِ الْأَخْبَارِ صَحِيحَةٌ ، وَهَذِهِ أَقَاوِيلُ مُتَفَرِّقَةٌ يُجْمَعُ بَعْضِهِنَّ إِلَى بَعْضٍ ، وَلَيْسَ فِي تَنْصِيصِهِ عَلَى الثَّلَاثَةِ نَفْيُ غَيْرِهِنَّ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَقُولَ: ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ ، ثُمَّ يَقُولُ: وَثَلَاثَةٌ آخَرُونَ لَا يُكَلِّمُهُمُ ، فَلَا يَكُونُ الثَّانِي مُخَالِفًا لِلْأَوَّلِ ، وَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ إِذَا لَمْ يُسْمِعْهُمْ كَلَامَهُ عُقُوبَةً لَهُمْ يُسْمِعُهُ أَهْلَ رَحْمَتِهِ كَرَامَةً لَهُمْ إِذَا شَاءَ وَإِنَّمَا لَا يُسْمِعُ كَلَامَهُ أَهْلَ عُقُوبَتِهِ بِمَا يُسْمِعُهُ أَهْلَ رَحْمَتِهِ ، وَقَدْ يُسْمِعُ كَلَامَهُ فِي قَوْلِ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَهْلَ عُقُوبَتِهِ بِمَا يَزِيدُهُمْ حَسْرَةً وَعُقُوبَةً قَالَ اللَّهُ عز وجل:{أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَلَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ} ، إِلَى سَائِرِ مَا وَرَدَ فِي مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ فِي كِتَابِ اللَّهِ عز وجل إِلَى أَنْ يَقُولُوا:{رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ} [المؤمنون: 107] فَيُجِيبُهُمُ اللَّهُ عز وجل: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} فَبَعْدَ ذَلِكَ لَا يُسْمِعُهُمْ كَلَامَهُ ،
⦗ص: 554⦘
وَذَلِكَ حِينَ وَجَبَ عَلَيْهِمُ الْخُلُودُ ، أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ بِفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ
480 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، ثنا أَبُو الْفَضْلِ الْحَسَنُ بْنُ يَعْقُوبَ الْعَدْلُ ، وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو ، قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ ، أنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ، قَالَ: إِنَّ أَهْلَ النَّارِ لَيُنَادُوُنَ مَالِكًا: {يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} [الزخرف: 77]، قَالَ: فَيَذَرَهُمْ أَرْبَعِينَ عَامًا لَا يُجِيبُهُمْ ، ثُمَّ يُجِيبُهُمْ:{إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} [الزخرف: 77] قَالَ الْحَسَنُ بْنُ يَعْقُوبَ فِي رِوَايَتِهِ: هَانَتْ دَعْوَتُهُمْ وَاللَّهِ عَلَى مَالِكٍ ، وَرَبِّ مَالِكٍ قَالُوا:{رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونَ} وَفِي رِوَايَةِ الْأَصَمِّ: " ثُمَّ يُنَادُونَ رَبَّهُمْ ، فَيَذَرُهُمْ مِثْلَ الدُّنْيَا ، لَا يُجِيبُهُمْ ، ثُمَّ يُجِيبُهُمْ: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} قَالَ: فَمَا نَبَسَ الْقَوْمُ بِكَلِمَةٍ ، مَا كَانَ إِلَّا الزَّفِيرُ وَالشَّهِيقُ " قَالَ قَتَادَةُ: شَبَّهَ أَصْوَاتَهُمْ بِأَصْوَاتِ الْحَمِيرِ ، أَوَّلُهُ زَفِيرٌ وَآخِرُهُ شَهِيقٌ. قَالَ الشَّيْخُ: هَذَا مَوْقُوفٌ وَظَاهِرُهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُجِيبُهُمْ بِقَوْلِهِ: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونَ} وَظَاهَرُ الْكِتَابِ أَيْضًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُجِيبُهُمْ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ يُحْتَمَلُ غَيْرُ ذَلِكَ
481 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ الْقَاضِي ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الْعَوْفِيُّ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، حَدَّثَنِي عَمِّيَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَطِيَّةَ بْنِ سَعْدٍ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ جَدِّي عَطِيَّةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رضي الله عنهما:{اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} هَذَا قَوْلُ الرَّحْمَنِ عز وجل حِينَ انْقَطَعَ كَلَامُهُمْ مِنْهُ
482 -
أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ ، أنا أَبُو مَنْصُورٍ الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ النَّضْرَوِيُّ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ ، ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، ثنا أَبُو مَعْشَرٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ ، قَالَ: لِأَهْلِ النَّارِ خَمْسُ دَعْوَاتٍ يُجِيبُهُمُ اللَّهُ عز وجل فِي أَرْبَعَةٍ ، فَإِذَا كَانَتِ الْخَامِسَةُ لَمْ يَتَكَلَّمُوا بَعْدَهَا أَبَدًا ، يَقُولُونَ:{رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ} [غافر: 11] فَيُجِيبُهُمُ اللَّهُ تَعَالَى: {ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ} [غافر: 12]، ثُمَّ يَقُولُونَ:{رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ} [السجدة: 12]، فَيُجِيبُهُمُ اللَّهُ تَعَالَى:{فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [السجدة: 14]، ثُمَّ يَقُولُونَ:{رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ} [إبراهيم: 44] فَيُجِيبُهُمُ اللَّهُ تَعَالَى: {أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ} [إبراهيم: 44]، فَيَقُولُونَ:{رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ} [فاطر: 37] فَيُجِيبُهُمُ اللَّهُ تَعَالَى: {أَوَ لَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ} ، ثُمَّ يَقُولُونَ:{رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ} [المؤمنون: 106]، فَيُجِيبُهُمُ اللَّهُ تَعَالَى:{اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} ، فَلَا يَتَكَلَّمُونَ بَعْدَهَا أَبَدًا
بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: 54] قَوْلُ اللَّهِ عز وجل: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ} [الأعراف: 54] ، فَأَخْبَرَ بِأَنَّ الْخَلْقَ صَارَ مُكَوَّنًا مُسَخَّرًا بِأَمْرِهِ ثُمَّ فَصَلَ الْأَمْرَ مِنَ الْخَلْقِ ، فَقَالَ:{أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 54]، قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى الْخَلْقَ مِنَ الْأَمْرِ ، فَقَالَ:{أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54] وَقَالَ: {الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [الرحمن: 2] فَلَمْ يَجْمَعِ الْقُرْآنَ مَعَ الْإِنْسَانِ فِي الْخَلْقِ ، بَلْ أَوْقَعَ اسْمَ الْخَلْقِ عَلَى الْإِنْسَانِ وَالتَّعْلِيمِ عَلَى الْقُرْآنِ ، وَقَوْلُهُ جَلَّ وَعَلَا:{إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [النحل: 40] فَوَكَّدَ الْقَوْلَ بِالتِّكْرَارِ ، وَوَكَّدَ الْمَعْنَى بِإِنَّمَا ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ إِذَا أَرَادَ خَلْقَ شَيْءٍ ، قَالَ لَهُ: كُنْ وَلَوْ كَانَ قَوْلُهُ مَخْلُوقًا لَتَعَلَّقَ بِقَوْلٍ آخَرَ ، وَكَذَلِكَ حُكْمُ ذَلِكَ الْقَوْلِ حَتَّى يَتَعَلَّقَ بِمَا لَا يَتَنَاهَى ، وَذَلِكَ يُوجِبُ اسْتِحَالَةَ وُجُودِ الْقَوْلِ ، وَذَلِكَ مُحَالٌ ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ أَمْرًا أَزَلِيًّا ، مُتَعَلِّقًا بِالْمُكَوِّنِ فِيمَا لَا يَزَالُ ، فَلَا يَكُونُ لَا يَزَالُ إِلَّا وَهُوَ كَائِنٌ عَلَى مُقْتَضَى تَعَلُّقِ الْأَمْرِ بِهِ ، وَهَذَا كَمَا أَنَّ الْأَمْرَ مِنْ جِهَةِ صَاحِبِ الشَّرْعِ مُتَعَلِّقٌ الْآنَ بِصَلَاةِ غَدٍ ،
وَغَدٌ غَيْرُ مَوْجُودٍ مُتَعَلِّقٌ بِمَنْ لَمْ يُخْلَقْ مِنَ الْمُكَلَّفِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَبَعْدُ ، لَمْ يُوجَدْ بَعْضُهُمْ ، إِلَّا أَنَّ تَعَلُّقَهُ بِهَا وَبِهِمْ عَلَى الشَّرْطِ الَّذِي يَصِحُّ فِيمَا بَعْدُ ، كَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي التَّكْوِينِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
483 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، أنا جَرِيرٌ ، عَنْ سُهَيْلٍ ، قَالَ: كَانَ أَبُو صَالِحٍ يَأْمُرُنَا إِذَا أَرَادَ أَحَدُنَا أَنْ يَنَامَ أَنْ يَضْطَجِعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ ، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ ، وَرَبَّ الْأَرْضِ ، رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ رَبَّنَا ، وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ ، فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى ، مُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ ، وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الظَّاهَرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ ، وَاغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ ، وَكَانَ يُرْوَى ذَلِكَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ ، عَنْ جَرِيرٍ رضي الله عنه فَهُوَ ذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَلَ بَيْنَ الْمَخْلُوقِ وَغَيْرِ الْمَخْلُوقِ ، فَأَضَافَ الْمَخْلُوقَ إِلَى خَالِقِهِ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى الْخَلْقِ وَأَضَافَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَالْفُرْقَانَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِلَفْظٍ لَا يَدُلُّ عَلَى الْخَلْقِ ، وَلَمْ يَجْمَعِ بَيْنَ الْمَذْكُورِينَ فِي الذِّكْرِ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
484 -
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ، أنا أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلَالٍ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصٍ ، قَالَ:
⦗ص: 558⦘
حَدَّثَنِي أَبِي ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ مُوسَى بْنِ الْمُسَيَّبِ ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، رضي الله عنه ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«يَقُولُ اللَّهُ عز وجل» فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ: «عَطَائِي كَلَامٌ ، وَعَذَابِي كَلَامٌ، إِنَّمَا أَمْرِي لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْتُهُ أَنْ أَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ» وَأَمَّا قَوْلُهُ عز وجل: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا} [النساء: 47] ، فَإِنَّمَا أَرَادَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - مَا قَضَى اللَّهُ سبحانه وتعالى فِي أَمَرِ زَيْدٍ وَامْرَأَتِهِ ، وَتَزَوُّجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِهَا ، وَجَوَازِ التَّزَوُّجِ بِحَلَائِلِ الْأَدْعِيَاءِ ، كَانَ قَضَاءً مَقْضِيًّا ، وَهُوَ كَقَوْلُهُ:{وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} [الأحزاب: 38]، وَالْأَمْرُ فِي الْقُرْآنِ يَنْصَرِفُ وَجْهُهُ إِلَى ثَلَاثَةِ عَشَرَ وَجْهًا «مِنْهَا» : الْأَمْرُ بِمَعْنَى الدِّينِ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:{حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ} [التوبة: 48] يَعْنِي: دِينَ اللَّهِ الْإِسْلَامَ وَلَهُ نَظَائِرُ ، «وَمِنْهَا» : الْأَمْرُ بِمَعْنَى الْقَوْلِ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:{فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا} [المؤمنون: 27] يَعْنِي قَوْلَنَا ، وَقَوْلُهُ عز وجل:{فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ} [طه: 62]، يَعْنِي قَوْلَهُمْ «وَمِنْهَا» : الْأَمْرُ بِمَعْنَى الْعَذَابِ فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ} [إبراهيم: 22] يَعْنِي: لَمَّا وَجَبَ الْعَذَابُ بِأَهْلِ النَّارِ ، وَلَهُ نَظَائِرُ ، «وَمِنْهَا» : الْأَمْرُ يَعْنِي: عِيسَى عليه السلام فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {إِذَا قَضَى أَمْرًا} [آل عمران: 47] يَعْنِي عِيسَى ، وَكَانَ فِي عِلْمِهِ أَنْ يَكُونَ مِنْ غَيْرِ أَبٍ ، فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ، «وَمِنْهَا» أَمْرُ اللَّهِ تَعَالَى يَعْنِي الْقَتْلَ بِبَدْرٍ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:{فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ} [غافر: 78] يَعْنِي: الْقَتْلَ بِبَدْرٍ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى:{لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا} [الأنفال: 42] يَعْنِي: قَتْلَ كُفَّارِ مَكَّةَ ، «وَمِنْهَا» : أَمْرٌ يَعْنِي: فَتْحَ مَكَّةَ ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ:{فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} [التوبة: 24] يَعْنِي: فَتْحَ مَكَّةَ ، «وَمِنْهَا» : أَمْرٌ يَعْنِي: قَتْلَ قُرَيْظَةَ وَجِلَاءَ النَّضِيرِ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:{فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} [البقرة: 109]، «وَمِنْهَا» أَمْرٌ يَعْنِي: الْقِيَامَةَ ، فَذَلِكُ قَوْلُهُ:{أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ} [النحل: 1] يَعْنِي: الْقِيَامَةَ ، «وَمِنْهَا» الْأَمْرُ يَعْنِي الْقَضَاءَ فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي الرَّعْدِ {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ}
⦗ص: 559⦘
[يونس: 3] ، يَعْنِي الْقَضَاءَ وَلَهُ نَظَائِرُ ، «وَمِنْهَا» : الْأَمْرُ يَعْنِي: الْوَحْيَ فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ} [السجدة: 5]، يَقُولُ: يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ يَعْنِي: الْوَحْيَ ، «وَمِنْهَا» : الْأَمْرُ يَعْنِي أَمْرَ الْخَلْقِ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ:{أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ} [الشورى: 53] يَعْنِي أُمُورَ الْخَلَائِقِ ، «وَمِنْهَا» الْأَمْرُ يَعْنِي النَّصْرَ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ:{يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ} [آل عمران: 154] يَعْنُونَ النَّصْرَ: {قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} [آل عمران: 154] يَعْنِي: النَّصْرَ ، «وَمِنْهَا» الْأَمْرُ يَعْنِي الذَّنْبَ ، فَذَلِكَ قَوْلُهِ تَعَالَى:{فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا} [الطلاق: 9] ، يَعْنِي جَزَاءَ ذَنْبِهَا وَلَهُ نَظَائِرُ
485 -
أَخْبَرَنَا بِمَعْنَى ذَلِكَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ أَبِي عَلِيٍّ السَّقَّا ، أنا أَبُو يَحْيَى ، عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنُ مَسْعُودٍ ، أَخْبَرَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْجَلَّابُ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ هَانِئٍ ، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ مَيْمُونٍ ، ثنا الْهُذَيْلُ ، عَنْ مُقَاتِلٍ ، فَذَكَرَهُ فَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ يُسْتَدَلُّ بِسِيَاقِ الْكَلَامِ عَلَى مَعْنَى الْأَمْرِ ، فَقَوْلُهُ:{أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54] يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ غَيْرُ الْخَلْقِ ، حَيْثُ فَصَلَ بَيْنَهُمَا فَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ كَلَامًا يَخْلُقُ بِهِ الْخَلْقَ ، أَوْ إِرَادَةً يَقْضِي بِهَا بَيْنَهُمْ وَيُدَبِّرُ أَمْرَهُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: هَذَا كُلَّهُ وَإِنَّ اخْتَلَفَ فَأَصْلُهُ وَاحِدٌ وَيُكْنَى عَنْ كُلِّ شَيْءٍ بِالْأَمْرِ؛ لِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يَكُونُ فَإِنَّمَا يَكُونُ بِأَمْرِ اللَّهِ عز وجل فَسُمِّيتِ الْأَشْيَاءُ أُمُورًا؛ لِأَنَّ الْأَمْرَسَبَبُهَا يَقُولُ اللَّهُ عز وجل: {أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ} [الشورى: 53]
بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ بَعْدُ} [الروم: 4] قَوْلُ اللَّهِ عز وجل: {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ بَعْدُ} [الروم: 4] وَهَذَا كُلُّهُ وَإِنْ كَانَ نُزُولُهُ عَلَى سَبَبٍ خَاصٍ فَظَاهِرُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَمْرَهُ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ سِوَاهُ ، وَيَبْقَى بَعْدَ كُلِّ شَيْءٍ سِوَاهُ ، وَمَا هَذَا صِفَتُهُ لَا يَكُونُ إِلَّا قَدِيمًا ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى:{وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ} [يونس: 19] وَقَوْلُهُ عز وجل: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ} [الأنفال: 68] وَقَوْلُهُ جَلَّ وَعَلَا: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [الصافات: 172] ، وَالسَّبْقُ عَلَى الْإِطْلَاقِ يَقْتَضِي سَبْقَ كُلِّ شَيْءٍ سِوَاهُ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى:{حم وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الزخرف: 1] يَعْنِي - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - إِنَّا سَمَّيْنَاهُ - يُرِيدُ كَلَامَهُ - قُرْآنًا عَرَبِيًّا ، وَأَفْهَمْنَاكُمُوهُ بِلُغَةِ الْعَرَبِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَهُوَ كَقَوْلِهِ:{وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عَبَّادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا} [الزخرف: 19] أَيْ سَمُّوهُمْ، وَقَوْلُهُ:{أُمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خُلِقُوا كَخَلْقِهِ} [الرعد: 16] أَيْ سَمُّوا لَهُ شُرَكَاءَ ثُمَّ إِنَّ اللَّهِ تَعَالَى نَفَى عَنْ كَلَامِهِ الْحَدَثَ بِقَوْلِهِ: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لِعَلِيٌّ حَكِيمٌ} [الزخرف: 4] فَأَخْبَرَ أَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا مَكْتُوبًا قَبْلَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ فِي أُمِّ الْكِتَابِ ، وَقَوْلُهُ عز وجل:{بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} [البروج: 21] فَأَخْبَرَ أَنَّ الْقُرْآنَ كَانَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ يُرِيدُ مَكْتُوبًا فِيهِ ، وَذَلِكَ قَبْلَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ ، وَفِيهِ مَا فِيهِ مِنَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ ، وَالْخَبَرِ وَالِاسْتِخْبَارِ ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا قَبْلَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ ثَبَتَ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ كَمَا كَانَ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى:{مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ} [الأنبياء: 2] يُرِيدُ بِهِ ذِكْرَ الْقُرْآنِ لَهُمْ وَتِلَاوَتَهُ عَلَيْهِمْ وَعِلْمَهُمْ بِهِ ، فَكُلُّ ذَلِكَ مُحْدَثٌ،
وَالْمَذْكُورُ الْمَتْلُوُّ الْمَعْلُومُ غَيْرُ مُحْدَثٍ كَمَا أَنَّ ذِكْرَ الْعَبْدِ لِلَّهِ عز وجل مُحْدَثٌ وَالْمَذْكُورُ غَيْرُ مُحْدَثٍ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى:{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1] يُرِيدُ بِهِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - إِنَّا أسَمَّعْنَاهُ الْمَلَكَ وَأَفْهَمْنَاهُ إِيَّاهُ وَأَنْزَلْنَاهُ بِمَا سَمِعَ فَيَكُونُ الْمَلِكُ مُنْتَقِّلًا ِبهِ مِنْ عُلُوٍّ إِلَى سُفْلٍ ، وَقَوْلُهُ تبارك وتعالى:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] ، يُرِيدُ بِهِ حَفِظَ رُسُومِهِ وَتِلَاوَتَهُ ، وَقَوْلِهِ:{وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ} [الحديد: 25] وَالْحَدِيدُ جِسْمٌ لَا يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ الْإِنْزَالُ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءَ خَلْقِهِ وَقَعَ فِي عُلُوٍّ ، ثُمَّ نُقِلَ إِلَى سُفْلٍ ، فَأَمَّا الْإِنْزَالُ بِمَعْنَى الْخَلْقِ فَغَيَّرُ مَعْقُولٍ ، وَأَمَّا النَّسْخُ وَالْإِنْشَاءُ وَالنِّسْيَانُ وَالْإِذْهَابُ ، وَالتَّرْكُ وَالتَّبْعِيضُ ، فَكُلُّ ذَلِكَ رَاجِعٌ إِلَى التِّلَاوَةِ أَوِ الْحَكَمِ الْمَأْمُورِ بِهِ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
486 -
أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي ، أنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رضي الله عنهما فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} [البقرة: 106] يَقُولُ: مَا نُبَدِّلُ مِنْ آيَةٍ أَوْ نَتْرُكُهَا ، أَيْ لَا نُبَدِّلُهَا ، {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا} [البقرة: 106] يَقُولُ: خَيْرٌ لَكُمْ فِي الْمَنْفَعَةِ ، وَأَرْفَقُ بِكُمْ
487 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، ثنا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ ، ثنا وَرْقَاءُ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ ، فِي قَوْلِهِ:{مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} [البقرة: 106] يَقُولُ: أَوْ نَتْرُكْهَا نَرْفَعْهَا مِنْ عِنْدِهِمْ فَنَأْتِي بِمِثْلِهَا أَوْ بِخَيْرٍ مِنْهَا
وَعَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه
⦗ص: 562⦘
فِي قَوْلِهِ: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ} [البقرة: 106] أَيْ نُثْبِتْ خَطَّهَا وَنُبَدِّلْ حُكْمَهَا ، أَوْ نُنْسِهَا أَيْ: نُرْجِئْهَا عِنْدَنَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا قُلْتُ: وَفِي هَذَا بَيَانٌ لِمَّا قُلْنَا وَالْمُخَايَرَةُ لَا تَقَعُ فِي عَيْنِ الْكَلَامِ ، وَإِنَّمَا هِيَ فِي الرِّفْقِ وَالْمَنْفَعَةَ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما ، وَكَذَلِكَ الْمُفَاضَلَةُ إِنَّمَا تَقَعُ فِي الْقِرَاءَةِ عَلَى مَا جَاءَ مِنْ وَعَدِ الثَّوَابِ وَالْأَجْرِ فِي قِرَاءَةِ السُّوَرِ وَالْآيَاتِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
488 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْإِسْفَرَايِينِيُّ ابْنُ السَّقَّا ، أنا أَبُو يَحْيَى عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْعُودٍ ، أَخْبَرَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْجُلَّابُ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ هَانِئٍ ، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ مَيْمُونٍ ، ثنا الْهُذَيْلُ ، عَنْ مُقَاتِلٍ ، قَالَ: تَفْسِيرُ {جَعَلُوا} [الرعد: 16] عَلَى وَجْهَيْنِ: فَوَجْهٌ مِنْهُمَا: جَعَلُوا اللَّهَ يَعْنِي وَصَفُوا اللَّهَ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عز وجل فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ} [الأنعام: 100] يَعْنِي وَصَفُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ ، وَكَقَوْلِهِ فِي الزُّخْرُفِ:{وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا} [الزخرف: 15] يَعْنِي وَصَفُوا لَهُ وَكَقَوْلِهِ فِي سُورَةِ النَّحْلِ: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ} [النحل: 57] يَعْنِي وَيَصِفُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ وَكَقَوْلِهِ فِي الزُّخْرُفِ: {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا} [الزخرف: 19] يَعْنِي وَصَفُوا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا ، فَزَعَمُوا أَنَّهُمْ بَنَاتُ الرَّحْمَنِ تبارك وتعالى
⦗ص: 563⦘
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَجَعَلُوا يَعْنِي: قَدْ فَعَلُوا بِالْفِعْلِ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عز وجل فِي الْأَنْعَامِ:{وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا} [الأنعام: 136] يَعْنِي قَدْ فَعَلُوا ذَلِكَ ، وَقَوْلُهُ فِي سُورَةِ يُونُسَ:{قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ} [يونس: 59] يَعْنِي الْحَرْثَ وَالْأَنْعَامَ: {فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا} [يونس: 59] وَقَوْلُهُ: {ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [الزمر: 6] يَعْنِي خَلَقَ قُلْتُ: وَأَمَّا قَوْلُهُ عز وجل: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [الحاقة: 41]، وَقَوْلُهُ:{ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ} [التكوير: 20] فَقَدْ قَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: {فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6] فَأَثْبَتَ أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُهُ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كَلَامَهُ وَكَلَامَ جِبْرِيلَ عليه السلام ، فَثَبَتَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ:{إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} [الحاقة: 40] أَيْ تَلَقَّاهُ عَنْ رَسُولٍ كَرِيمٍ ، أَوْ قَوْلٍ سَمِعَهُ مِنْ رَسُولٍ كَرِيمٍ أَوْ نَزَلَ بِهِ عَلَيْهِ رَسُولٌ كَرِيمٌ
489 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَدِيبُ ، أنا أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ ، ثنا الْقَاسِمُ ، يَعْنِي ابْنَ زَكَرِيَّا ثنا أَبُو كُرَيْبٍ ، وَيَعْقُوبُ ، وَالْمُخَرِّمِيُّ ، قَالُوا: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ ،
⦗ص: 564⦘
ثنا الْأَعْمَشُ ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ، رضي الله عنه قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا بَنِي تَمِيمٍ» ، قَالُوا: قَدْ بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا فَقَالَ: «اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا أَهْلَ الْيَمَنِ» قَالُوا: قَدْ بَشَّرْتَنَا فَأَخْبِرْنَا عَنْ أَوَّلِ هَذَا الْأَمْرِ كَيْفَ كَانَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " كَانَ اللَّهُ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ ، {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} [هود: 7] ، وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ وَأَتَانِي آتٍ ، فَقَالَ: يَا عِمْرَانُ انْحَلَّتْ نَاقَتُكَ مِنْ عِقَالِهَا ، فَقُمْتُ فَإِذَا السَّرَابُ مُنْقَطِعٌ بَيْنِي وَبَيْنِهَا ، فَلَا أَدْرِي مَا كَانَ بَعْدَ ذَاِكَ " أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، وَزَادَ فِيهِ:«ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ» وَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ كِتَابِي ، وَالْقُرْآنُ مِمَّا كُتِبَ فِي الذِّكْرِ لِقَوْلِهِ:{بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} [البروج: 22]
490 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ ، ثنا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، أنا الْأَشْعَثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ ، عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ ، رَضِيَ اللَّهُ ، عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى كَتَبَ كِتَابًا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ
⦗ص: 565⦘
بِأَلْفَيْ عَامٍ ، وَأَنْزَلَ مِنْهُ آيَتَيْنِ خَتَمَ بِهِمَا سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَلَا تُقْرَآنَ فِي دَارٍ فَيَقَرَّ بِهَا شَيْطَانٌ ثَلَاثَ لَيَالٍ»
491 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْمِهْرَانِيُّ وَأَبُو النَّصْرِ بْنُ قَتَادَةَ ، قَالَا: أنا أحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَيُّوبَ الضُبِعْي ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ السُّرِّيُّ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُهَاجِرِ بْنِ مِسْمَارٍ ، حَدَّثَنِي عَمْرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ ذَكْوَانَ ، عَنْ مَوْلَى الْحُرَقَةِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَرَأَ» طه وَيس " قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ عليه السلام بِأَلْفِ عَامٍ ، فَلَمَّا سَمِعَ الْمَلَائِكَةُ الْقُرْآنَ قَالُوا: طُوبَى لِأُمَّةٍ يَنْزِلُ هَذَا عَلَيْهَا ، وَطُوبَى لِجَوْفٍ يَحْمِلُ هَذَا ، وَطُوبَى لِأَلْسُنٍ تَكَلَّمُ بِهَذَا "
⦗ص: 567⦘
492 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ ، أنا أَبُو الْحَسَنِ السَّرَّاجُ ، ثنا مَطَيَّنٌ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ عَنْ مَوْلَى الْحُرَقَةِ يَعْنِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَعْقُوبَ وَقَالَ فِي مَتْنِهِ:«بِأَلْفَيْ عَامٍ» وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ: «طُوبَى لِجَوْفٍ يَحْمِلُ هَذَا» تَفَرَّدَ بِهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُهَاجِرِ قَوْلُهُ: «قَرَأَ طه وَيس» يُرِيدُ بِهِ تَكَلَّمَ وَأَفْهَمَهَا مَلَائِكَتَهُ وَفِي ذَلِكَ - إِنْ ثَبَتَ - دَلِيلٌ عَلَى وُجُودِ كَلَامِهُ قَبْلَ وَقُوعِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ
493 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ يَعْقُوبَ ، وَأَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَا: ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ ، ثنا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَارِثُ بْنُ أَبِي ذُبَابٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ ، وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ ، قَالَا: سَمِعْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ ، رضي الله عنه ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى ، عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، عِنْدَ رَبِّهُمَا فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى ، فَقَالَ مُوسَى: أَنْتَ الَّذِي خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ وَأَسْجَدَ لَكَ مَلَائِكَتَهُ وَأَسْكَنَكَ جَنَّتَهُ ، ثُمَّ أَهْبَطْتَ النَّاسَ
⦗ص: 568⦘
بِخَطِيئَتِكَ إِلَى الْأَرْضِ؟ قَالَ آدَمُ: أَنْتَ مُوسَى الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ تَعَالَى بِرِسَالَاتِهِ وَكَلَامِهِ وَأَعْطَاكَ الْأَلْوَاحَ فِيهَا تِبْيَانُ كُلِّ شَيْءٍ ، وَقَرَّبَكَ اللَّهُ نَجِيًّا فَبِكَمْ وَجَدْتَ اللَّهَ كَتَبَ التَّوْرَاةَ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ؟ قَالَ مُوسَى: بِأَرْبَعِينَ عَامًا ، قَالَ آدَمُ: فَهَلْ وَجَدْتَ فِيهَا فَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى؟ قَالَ: نَعَمْ ، قَالَ: أَفَتَلُومُنِي أَنْ أَعْمَلَ عَمَلًا كَتَبَ اللَّهُ عَلَيَّ عَمَلَهُ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِيَ بِأَرْبَعِينَ سَنَةً؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى " رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مُوسَى الْأَنْصَارِيِّ وَالِاخْتِلَافُ فِي هَذِهِ التَّوَارِيخِ غَيْرُ رَاجِعٍ إِلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ ، وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى حَسَبِ مَا كَانَ يَظْهَرُ لِمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَفِي كُلِّ ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى قِدَمِ الْكَلَامِ
494 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو ، قَالَا: أنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَرَّاقُ ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ ، أنا عِمْرَانُ هُوَ ابْنُ دَاوَرٍ الْقَطَّانُ عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ ، عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ ، رضي الله عنه ، قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ: «نَزَلَتْ صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ عليه الصلاة والسلام أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ ،
⦗ص: 569⦘
وَأُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ لِسِتٍّ مَضَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ ، وَأُنْزِلَ الْإِنْجِيلُ لِثَلَاثَ عَشَرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ ، وَأُنْزِلَ الزَّبُورُ لِثَمَانِيَ عَشَرَةَ خلَتْ مِنْ رَمَضَانَ ، وَالْقُرْآنُ لِأَرْبَعَ وَعِشْرِينَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ» خَالَفَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ ، وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ؛ فَرَوَاهُ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما مِنْ قَوْلِهِ ، وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ ، عَنْ قَتَادَةَ مِنْ قَوْلِهِ ، لَمْ يُجَاوِزْ بِهِ ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ:«لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ بَدَلَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ» وَكَذَلِكَ وَجَدَهُ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ فِي كِتَابِ أَبِي قِلَابَةَ دُونَ ذِكْرِ صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ قُلْتُ: وَإِنَّمَا أَرَادَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - نُزُولَ الْمَلَكِ بِالْقُرْآنِ مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا
495 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ ، أنا مُوسَى بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي ، ثنا أَبُو بَكْرٍ ، وَعُثْمَانُ ، ابْنَا أَبِي شَيْبَةَ ، ثنا جَرِيرٌ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رضي الله عنهما فِي قَوْلِهِ عز وجل:{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}
⦗ص: 570⦘
[القدر: 1]، قَالَ: أُنْزِلَ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا ، فَكَانَ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ، وَكَانَ اللَّهُ عز وجل يُنَزِّلُهُ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم بَعْضُهُ فِي إِثْرِ بَعْضٍ ، قَالَ:{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا} [الفرقان: 32]
496 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ ، ثنا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ الْأَصْفَهَانِيُّ ، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ حَفْصٍ ، ثنا سُفْيَانُ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ حُرَيْثٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رضي الله عنهما ، قَالَ: فُصِّلَ الْقُرْآنُ مِنَ الذِّكْرِ فَوُضِعَ فِي بَيْتِ الْعِزَّةِ فِي سَمَاءِ الدُّنْيَا ، فَجَعَلَ جِبْرِيلُ عليه الصلاة والسلام يُنَزِّلُهُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يُرَتِّلُهُ تَرْتِيلًا "
497 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ ، بِبَغْدَادَ ، أنا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ ، ثنا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْوَاسِطِيُّ ، أنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، أنا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رضي الله عنهما ، قَالَ: أُنْزِلَ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، ثُمَّ نُزِّلَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي عِشْرِينَ سَنَةٍ:{وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} [الفرقان: 33]، {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلَا} [الإسراء: 106]
498 -
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، ثنا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى الْحِيرِيِّ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، ثنا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رضي الله عنهما قَالَ: أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى الْقُرْآنَ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، فَكَانَ اللَّهُ تبارك وتعالى إِذَا أَرَادَ أَنْ يُوحِيَ فِي الْأَرْضِ مِنْهُ شَيْئًا أَوْحَاهُ ، أَوْ يُحْدِثَ مِنْهُ شَيْئًا أَحْدَثَهُ قُلْتُ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِحْدَاثَ الْمَذْكُورَ فِي قَوْلِهِ عز وجل: {وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} إِنَّمَا هُوَ فِي إِعْلَامِهِمْ إِيَّاهُ بِإِنْزَالِ الْمَلَكِ الْمُؤَدِّي لَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِيَقْرَأَهُ عَلَيْهِ
499 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْمُقْرِئُ ، أنا أَبُو عَمْرٍو الْصَّفَّارِ ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ ، ثنا أَبُو الْحَسَنِ الْمَيْمُونِيُّ ، قَالَ: خَرَجَ إِلَىَّ يَوْمًا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ ، فَقَالَ:
⦗ص: 573⦘
ادْخُلْ فَدَخَلْتُ مَنْزِلَهُ فَقُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَمَّا كُنْتَ فِيهِ مَعَ الْقَوْمِ وَبِأَيِّ شَيْءٍ كَانُوا يَحْتَجُّونَ عَلَيْكَ؟ قَالَ: بِأَشْيَاءَ مِنَ الْقُرْآنِ يَتَأَوَّلُونَهَا وَيُفَسِّرُونَهَا ، هُمُ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ:{مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء: 2] قَالَ: قُلْتُ قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَنْزِيلُهُ إِلَيْنَا هُوَ الْمُحْدَثُ لَا الذِّكْرُ نَفْسُهُ هُوَ الْمُحْدَثُ " قُلْتُ: وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ تَأْوِيلِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رحمه الله مَا
500 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ ، ثنا أَبُو دَاوُدَ ، ثنا شُعْبَةُ ، عَنْ عَاصِمٍ ، عَنْ أَبَى وَائِلٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ فَأَخَذَنِي مَا قَدِمَ وَمَا حَدَّثَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَحَدَثَ فِيَّ شَيْءٌ؟ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ اللَّهَ عز وجل يُحْدِثُ لِنَبِيِّهِ مِنْ أَمْرِهِ مَا شَاءَ وَإِنَّ مِمَّا أَحْدَثَ أَلَّا تَكَلَّمُوا فِي الصَّلَاةِ» فِي هَذَا بَيَانٌ وَاضِحٌ لِمَّا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ ، حَيْثُ قَالَ: يُحْدِثُ لِنَبِيِّهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
501 -
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ، أنا أَبُو بَكْرٍ الْقَطَّانُ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ ، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى ، عَنْ إِسْرَائِيلَ ، عَنِ السُّدِّيِّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْمُجَالِدِ ، عَنْ مِقْسَمٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رضي الله عنهما ، قَالَ: سَأَلَهُ عَطِيَّةُ بْنُ الْأَسْوَدِ ، فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ وَقَعَ فِي قَلْبِيَ الشَّكُّ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185]، وَقَوْلِهِ:{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1]، وَقَوْلِهِ:{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} [الدخان: 3] وَقَدْ أُنْزِلَ فِي شَوَّالٍ وَذِي الْقِعْدَةِ وَذِي الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمِ وَشَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: إِنَّهُ أُنْزِلَ فِي رَمَضَانَ ، وَفِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ، وَفِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ جُمْلَةً وَاحِدَةً ، ثُمَّ أُنْزِلَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى مَوَاقِعِ النُّجُومِ: رُسُلًا فِي الشُّهُورِ وَالْأَيَّامِ
502 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُؤَمَّلِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عِيسَى ، ثنا الْفَضْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّعْرَانِيُّ ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَارِثِ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْطَأَةَ ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيُّ ، رضي الله عنه ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَلَا: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لِكِتَابٌ عَزِيزٌ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: 42] فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
⦗ص: 576⦘
«إِنَّكُمْ لَنْ تَرْجِعُوا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ شَيْءٍ خَرَجَ مِنْهُ» يَعْنِي: الْقُرْآنَ
503 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْعَدْلُ ، ثنا جَدِّي ، أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، ثنا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَارِثِ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْطَأَةَ ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ ، رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّكُمْ لَا تَرْجِعُونَ إِلَى اللَّهِ بِشَيْءٍ أَفْضَلَ مِمَّا خَرَجَ مِنْهُ» يَعْنِي: الْقُرْآنَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ قُلْتُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ جُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ رَوَاهُ عَنْهُمَا جَمِيعًا ، وَرَوَاهُ غَيْرُهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ دُونَ ذِكْرِ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه فِي إِسْنَادُهُ وَقَوْلُهُ خَرَجَ مِنْهُ يُرِيدُ أَنَّهُ وَجَدَ مِنْهُ بِأَنْ تَكَلَّمَ بِهِ وَأَنْزَلَهُ عَلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَفْهَمَهُ عِبَادَهُ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ الْخُرُوجُ كَكَلَامِنَا ، فَإِنَّهُ عز وجل صَمَدٌ لَا جَوْفَ لَهُ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ
⦗ص: 577⦘
شَبَهِ الْمَخْلُوقِينَ عُلُوًّا كَبِيرًا ، وَإِنَّمَا كَلَامُهُ صِفَةٌ لَهُ أَزَلِيَّةٌ مَوْجُودَةٌ بِذَاتِهِ لَمْ يَزَلْ كَانَ مَوْصُوفًا
⦗ص: 578⦘
بِهِ وَلَا يَزَالُ مَوْصُوفًا بِهِ ، فَمَا أَفْهَمَهُ رُسُلَهُ وَعَلَّمَهُمْ إِيَّاهُ ، ثُمَّ تَلَوْهُ عَلَيْنَا وَتَلَوْنَا ، وَاسْتَعْمَلْنَا مُوجِبَهُ وَمُقْتَضَاهُ فَهُوَ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم فِيمَا رُوِّينَا عَنْهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
504 -
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ، أنا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمُحَمَّدْ أَبَاذِيُّ ، ثنا حَامِدُ بْنُ مَحْمُودٍ ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ ، قَالَ: سَمِعْتُ الْجَرَّاحَ الْكِنْدِيَّ ، يُحَدِّثُ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «خِيَارُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ» قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: فَذَاكَ الَّذِي أَجْلَسَنِي هَذَا الْمَجْلِسَ - وَكَانَ يُقْرِئُ الْقُرْآنَ - قَالَ: وَفَضَلُ الْقُرْآنِ عَلَى سَائِرِ الْكَلَامِ كَفَضْلِ الرَّبِّ عَلَى خَلْقِهِ ، وَذَلِكَ بِأَنَّهُ مِنْهُ، كَذَا رَوَاهُ حَامِدُ بْنُ مَحْمُودٍ ، وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ سُلَيْمَانَ ، فَجَعَلَ آخِرَ الْخَبَرِ مِنْ قَوْلِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُبِيِّنًا ، وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُهُ ، وَرَوَاهُ الْحِمَّانِيُّ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ سُلَيْمَانَ مُبِيِّنًا فِي رَفْعِ آخِرِ الْخَبَرِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
505 -
أَخْبَرَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ ، ثنا عَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ ، ثنا الْحِمَّانِيُّ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ ، ثنا الْجَرَّاحُ ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ ، عَنْ عُثْمَانَ ، رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «فَضْلُ الْقُرْآنِ عَلَى سَائِرِ الْكَلَامِ كَفَضْلِ اللَّهِ عز وجل عَلَى خَلْقِهِ ، وَذَاكَ أَنَّهُ مِنْهُ» تَابَعَهُ
⦗ص: 580⦘
يَعْلَى بْنُ الْمِنْهَالِ ، عَنْ إِسْحَاقَ فِي رَفْعَهِ ، وَيُقَالُ: إِنَّ الْحِمَّانِيَّ مِنْهُ أَخَذَ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَالْجَرَّاحُ هُوَ ابْنُ الضَّحَّاكِ الْكِنْدِيُّ قَاضِي الرِّيِّ ، وَكَانَ كُوفِيًّا
506 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو الْبِسْطَامِيُّ ، ثنا أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ ، ثنا الْحَضْرَمِيُّ ، ثنا يَعْلَى بْنُ الْمِنْهَالِ السَّكُونِيُّ ، ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ ، عَنِ الْجَرَّاحِ بْنِ الضَّحَّاكِ الْكِنْدِيِّ ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ عُثْمَانَ ، رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُكُمْ مِنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ ، وَفَضَلُ الْقُرْآنِ عَلَى سَائِرِ الْكَلَامِ كَفَضْلِ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ مِنْهُ» قَالَ الْحَضْرَمِيُّ سَمِعَهُ يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ مِنْ يَعْلَى بْنِ الْمِنْهَالِ هَذَا
507 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ ، وَأَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ ، بِبَغْدَادَ ، قَالَا: أنا أَبُو سَهْلٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرِ بْنِ مَطَرٍ ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ الْوَرَّاقُ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ الْهَمَذَانِيُّ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْقَيْسِ ، عَنْ عَطِيَّةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَقُولُ اللَّهُ عز وجل مَنْ شَغَلَهُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ عَنْ ذِكْرِي وَمَسْأَلَتِي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ ثَوَابِ السَّائِلِينَ ، وَفَضَلُ الْقُرْآنِ عَلَى سَائِرِ الْكَلَامِ كَفَضْلِ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ» لَفْظُ حَدِيثِهِمَا سَوَاءٌ ، إِلَّا أَنَّ الْقَطَّانَ قَالَ فِي رِوَايَتِهِ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ أَخُو خَطَّابٍ
⦗ص: 582⦘
508 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ الْكَلْبِيُّ ، ثنا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ الْمِشْعَارِيُّ ، - قَالَ أَبُو أُسَامَةَ الْمِشْعَارُ فَخِذٌ مِنْ هَمَذَانَ - فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ:«أَفْضَلُ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ» وَقَالَ: «وَفَضَلُ كَلَامِ اللَّهِ» وَلَمْ يَقُلْ: عَنْ ذِكْرِي قُلْتُ: تَابَعَهُ الْحَكَمُ بْنُ بَشِيرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ ، وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخِرَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه مَرْفُوعًا
509 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَالِينِيُّ ، أنا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، ثنا شَيْبَانُ ، ثنا عُمَرُ الْأَبَحُّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنِ الْأَشْعَثِ الْأَعْمَى ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ:«فَضْلُ الْقُرْآنِ عَلَى سَائِرِ الْكَلَامِ كَفَضْلِ اللَّهِ عز وجل عَلَى خَلْقِهِ» تَفَرَّدَ بِهِ عُمَرُ الْأَبَحُّ وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَرُوِيَ عَنْ يُونُسَ بْنِ وَاقِدٍ الْبَصْرِيِّ ، عَنْ سَعِيدٍ دُونَ ذِكْرِ الْأَشْعَثِ فِي إِسْنَادِهِ ، وَرَوَاهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ ، عَنْ سَعِيدٍ ، عَنِ الْأَشْعَثَ دُونَ ذِكْرِ قَتَادَةَ فِيهِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ: قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أَنَّ فَضْلَ كَلَامِ اللَّهِ عَلَى سَائِرِ الْكَلَامِ كَفَضْلِهِ عَلَى خَلْقِهِ ، وَكَانَ فَضْلُهُ لَمْ يَزَلْ ، فَكَذَلِكَ فَضْلُ كَلَامَهُ لَمْ يَزَلْ»
⦗ص: 584⦘
قُلْتُ: وَنُقِلَ إِلَيْنَا عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه مَرْفُوعًا: الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَرُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهم مَرْفُوعًا ، وَلَا يَصِحُّ شَيْءُ مِنْ ذَلِكَ، أَسَانِيدُهُ مُظْلِمَةٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْتَجَّ بِشَيْءٍ مِنْهَا ، وَلَا أَنْ يُسْتَشْهَدَ بِشَيْءٍ مِنْهَا ، وَفِيمَا ذَكَرْنَاهُ كِفَايَةٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ