المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌جماع أبواب إثبات صفة الكلام وما يستدل به على أن القرآن كلام الله عز وجل غير محدث ، ولا مخلوق ولا حادث - الأسماء والصفات - البيهقي - جـ ١

[أبو بكر البيهقي]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ عَدَدِ الْأَسْمَاءِ الَّتِي أَخْبَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ

- ‌بَابُ بَيَانِ الْأَسْمَاءِ الَّتِي مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ

- ‌بَابُ بَيَانِ أَنَّ لِلَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَسْمَاءً أُخْرَى وَلَيْسَ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «لِلَّهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ اسْمًا» نَفْيُ غَيْرِهَا وَإِنَّمَا وَقَعَ التَّخْصِيصُ بِذِكْرِهَا لِأَنَّهَا أَشْهَرُ الْأَسْمَاءِ وَأَبْيَنُهَا مَعَانِيَ وَفِيهَا وَرَدَ الْخَبَرُ أَنَّ مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ، وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ «مَنْ حَفِظَهَا» وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ

- ‌بَابُ جِمَاعِ أَبْوَابِ مَعَانِي أَسْمَاءِ الرَّبِّ عَزَّ ذِكْرُهُ ذَكَرَ الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَلِيمِيُّ فِيمَا يَجِبُ اعْتِقَادُهُ وَالْإِقْرَارُ بِهِ فِي الْبَارِي سبحانه وتعالى عِدَّةَ أَشْيَاءَ: أَحَدُهَا: إِثْبَاتُ الْبَارِي جل جلاله لِتَقَعَ بِهِ مُفَارَقَةُ التَّعْطِيلِ وَالثَّانِي: إِثْبَاتُ وَحْدَانِيَّتِهِ لِتَقَعَ بِهِ الْبَرَاءَةُ مِنَ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْأَسْمَاءِ الَّتِي تَتْبَعُ إِثْبَاتَ الْبَارِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَالِاعْتِرَافَ بِوُجُودِهِ جَلَّ وَعَلَا مِنْهَا الْقَدِيمُ وَذَلِكَ مِمَّا يُؤْثَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحُصَيْنِ

- ‌بَابُ جِمَاعِ أَبْوَابِ ذِكْرِ الْأَسْمَاءِ الَّتِي تَتْبَعُ إِثْبَاتَ الْإِبْدَاعِ وَالِاخْتِرَاعِ لَهُأَوَّلُهَا: اللَّهُ ، قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [

- ‌بَابُ جُمَّاعِ أَبْوَابِ ذِكْرِ الْأَسْمَاءِ الَّتِي تَتْبَعُ نَفْيَ التَّشْبِيهِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى جَدُّهُ مِنْهَا «الْأَحَدُ» قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَهُوَ الَّذِي لَا شَبِيهَ لَهُ وَلَا نَظِيرَ ، كَمَا أَنَّ الْوَاحِدَ هُوَ الَّذِي لَا شَرِيكَ لَهُ وَلَا عَدِيدَ ، وَلِهَذَا سَمَّى اللَّهُ عز وجل نَفْسَهُ بِهَذَا الِاسْمِ ، لَمَّا وَصَفَ نَفْسَهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ

- ‌بَابُ جُمَّاعِ أَبْوَابِ ذِكْرِ الْأَسْمَاءِ الَّتِي تَتْبَعُ إِثْبَاتَ التَّدْبِيرِ لَهُ دُونَ مَا سِوَاهُ قَالَ الْحَلِيمِيُّ: فَأَوَّلُ ذَلِكَ «الْمُدَبِّرُ» وَمَعْنَاهُ مُصَرِّفُ الْأُمُورِ عَلَى مَا يُوجِبُ حُسْنَ عَوَاقِبِهَا وَاشْتِقَاقُهُ مِنَ الدُّبُرِ فَكَانَ الْمُدَبِّرُ هُوَ الَّذِي يَنْظُرُ إِلَى دُبُرِ الْأُمُورِ فَيَدْخُلُ فِيهِ عَلَى عِلْمٍ بِهِ وَاللَّهُ جل جلاله عَالِمٌ بِكُلِّ مَا هُوَ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي حُرُوفِ الْمُقَطَّعَاتِ فِي فَوَاتِحَ السُّوَرِ وَأَنَّهَا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ عز وجل

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ الْكَلِمَةِ الْبَاقِيَةِ فِي عَقِبِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام وَهِيَ كَلِمَةُ التَّقْوَى وَدَعْوَةُ الْحَقِّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَلِيمِيُّ: ضَمَّنَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ الْمَعَانِي الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى جَدُّهُ كَلِمَةً وَاحِدَةً وَهِيَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَمَرَ الْمَأْمُورِينَ بِالْإِيمَانِ أَنْ

- ‌بَابُ جُمَّاعِ أَبْوَابِ إِثْبَاتِ صِفَاتِ اللَّهِ عز وجل وَفِي إِثْبَاتِ أَسْمَائِهِ إِثْبَاتُ صِفَاتِهِ ، لِأَنَّهُ إِذَا ثَبَتَ كَوْنُهُ مَوْجُودًا ، فَوُصِفَ بِأَنَّهُ حَيٌّ ، فَقَدْ وُصِفَ بِزِيَادَةِ صِفَةٍ عَلَى الذَّاتِ هِيَ الْحَيَاةُ ، فَإِذَا وُصِفَ بِأَنَّهُ قَادِرٌ فَقَدْ وُصِفَ بِزِيَادَةِ صِفَةٍ هِيَ الْقُدْرَةُ ، وَإِذَا وُصِفَ بِأَنَّهُ عَالِمٌ فَقَدْ وُصِفَ بِزِيَادَةِ صِفَةٍ هِيَ الْعِلْمُ ، كَمَا

- ‌جُمَّاعُ أَبْوَابِ إِثْبَاتِ صِفَةِ الْمَشِيئَةِ وَالْإِرَادَةِ لِلَّهِ عز وجل وَكِلْتَاهُمَا عِبَارَتَانِ عَنْ مَعْنًى وَاحِدٍ ، وَكَانَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ رحمه الله يَقُولُ: مِنْ أَسَامِي صِفَاتِ الذَّاتِ مَا يَعُودُ إِلَى الْإِرَادَةِ مِنْهَا: الرَّحْمَنُ وَهُوَ الْمُرِيدُ لَرِزْقِ كُلِّ حَيٍّ فِي دَارِ الْبَلْوَى وَالِامْتِحَانِ وَمِنْهَا «الرَّحِيمُ» وَذَلِكَ الْمُرِيدُ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ عَنِ السَّلَفِ رضي الله عنهم فِي إِثْبَاتِ الْمَشِيئَةِ

- ‌جِمَاعُ أَبْوَابِ إِثْبَاتِ صِفَةِ الْكَلَامِ وَمَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ عز وجل غَيْرُ مُحْدَثٍ ، وَلَا مَخْلُوقٍ وَلَا حَادِثٍ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي إِسْمَاعِ الرَّبِّ عز وجل بَعْضَ مَلَائِكَتِهِ كَلَامَهُ الَّذِي لَمْ يَزَلْ بِهِ مَوْصُوفًا وَلَا يَزَالُ بِهِ مَوْصُوفًا ، وَتَنْزِيلُ الْمَلَكِ بِهِ إِلَى مَنْ أُرْسِلَهُ إِلَيْهِ ، وَمَا يَكُونُ فِي أَهْلِ السَّمَاوَاتِ مِنَ الْفَزَعِ عِنْدَ ذَلِكَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: " {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ

- ‌بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [

- ‌بَابُ مَا رُوِيَ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ رضي الله عنهم فِي أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ

الفصل: ‌جماع أبواب إثبات صفة الكلام وما يستدل به على أن القرآن كلام الله عز وجل غير محدث ، ولا مخلوق ولا حادث

‌جِمَاعُ أَبْوَابِ إِثْبَاتِ صِفَةِ الْكَلَامِ وَمَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ عز وجل غَيْرُ مُحْدَثٍ ، وَلَا مَخْلُوقٍ وَلَا حَادِثٍ

ص: 467

بَابُ مَا جَاءَ فِي إِثْبَاتِ صِفَةِ الْكَلَامِ قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} [الكهف: 109]، وَقَالَ عز وجل:{وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ} [لقمان: 27] وَقَالَ تبارك وتعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6] وَلَمْ يَقُلْ: حَتَّى يَرَى خَلَقَ اللَّهِ وَقَالَ: {يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ} [البقرة: 75]، وَقَالَ:{يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ} [الفتح: 15]، وَقَالَ:{وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ} [الكهف: 27]، وَقَالَ:{لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ} [يونس: 64]، وَقَالَ:{وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ} ، وَقَالَ:{وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ} [الأنفال: 7]، وَقَالَ:{وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} [يونس: 82]، وَقَالَ:{وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ} [الزمر: 71]، وَقَالَ:{إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} ، وَقَالَ:{وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [هود: 119]، وَقَالَ:{وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا}

ص: 467

396 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسٍ ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ ، ثنا الْقَعْنَبِيُّ ، فِيمَا قَرَأَ عَلَى مَالِكِ ، عَنِ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الْأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رضي الله عنه ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ:«تَكَفَّلَ اللَّهُ عز وجل لِمَنْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ بَيْتِهِ إِلَّا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ ، وَتَصْدِيقُ كَلِمَاتِهِ ، أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ ، أَوْ يُرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ مَعَ مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ وَغَنِيمَةٍ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ ، وَغَيْرِهِ ، عَنْ مَالِكٍ

ص: 468

397 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنِي دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ السُّجْزِيُّ ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ التُّرْكُ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الْجُرَشِيُّ ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ ، قَالُوا: ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، أنا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِزَامِيِّ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الْأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ: «تَكَفَّلَ اللَّهُ تَعَالَى لِمَنْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ ، لَا يُخْرِجُهُ

⦗ص: 469⦘

مِنْ بَيْتِهِ إِلَّا جِهَادٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَتَصْدِيقُ كَلَّمْتِهِ؛ بِأَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ ، أَوْ يُرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ مَعَ مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ ، أَوْ غَنِيمَةٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى

ص: 468

398 -

حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ ، أنا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْبَصْرِيُّ بِمَكَّةَ ، ثنا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ الْمُخَرِّمِيُّ ، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ شَقِيقٍ ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ ، رضي الله عنه ، قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، الرَّجُلُ يُقَاتِلُ شَجَاعَةً وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً ، وَيُقَاتِلُ رِيَاءً ، فَأَيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، وَغَيْرِهِ ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عِنْ الْأَعْمَشِ

ص: 469

399 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنَ يُوسُفَ وَهُوَ الْأَخْرَمُ ثنا أَبِي ، ثنا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ ، ثنا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ: أَتَيْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ فِي حَجِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، وَقَالَ فِيهِ عَنِ

⦗ص: 470⦘

النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ؛ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، وَغَيْرِهِ ، عَنْ حَاتِمٍ

ص: 469

400 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ الرُّوذْبَارِيُّ ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، ثنا أَبُو دَاوُدَ ، ثَنَا دَاوُدُ بْنُ أُمَيَّةَ ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ ، عَنْ كُرَيْبٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رضي الله عنهما ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ عِنْدِ جُوَيْرِيَةَ رضي الله عنها وَكَانَ اسْمُهَا بَرَّةَ فَحَوَّلَ اسْمُهَا فَخَرَجَ وَهِيَ فِي مُصَلَّاهَا ، فَرَجَعَ وَهِيَ فِي مُصَلَّاهَا ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:«لَمْ تَزَالِي فِي مُصَلَّاكِ هَذَا؟» ، قَالَتْ: نَعَمْ ، قَالَ صلى الله عليه وسلم:" قَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ لَوَزَنَتْهُنَّ: سُبْحَانَ اللَّهِ ، وَبِحَمْدِهِ ، عَدَدَ خَلْقِهِ ، وَرِضَاءَ نَفْسِهِ ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ ، وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ ، وَغَيْرِهِ ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ، قُلْتُ: وَكَلِمَاتُ اللَّهِ تَعَالَى لَا تَنْتَهِي إِلَى أَمَدٍ وَلَا تُحْصَرُ بِعَدٍّ ، وَقَدْ نَفَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا النَّفَادَ كَمَا نَفَى عَنْ ذَاتِهِ الْهَلَاكَ ، وَالْمُرَادُ بِالْخَبَرِ ضَرْبُ الْمَثَلِ دَلَالَةً عَلَى الْوُفُورِ وَالْكَثْرَةِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 470

401 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ ، أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمَوَيْهِ الْعَسْكَرِيُّ ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَلَانِسِيُّ ، ثنا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ ، ثنا شَيْبَانُ ، عَنْ مَنْصُورٍ ح ، وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، ثنا أَبُو دَاوُدَ ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رضي الله عنهما ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ رضي الله عنهما: «أُعِيذُكُمَا بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ ، وَمَنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ» ، ثُمَّ يَقُولُ صلى الله عليه وسلم:«كَانَ أَبُوكُمْ يُعَوِّذُ بِهِمَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ عليهما السلام» لَفْظُ حَدِيثِ جَرِيرٍ ، وَفِي حَدِيثِ شَيْبَانَ: " كَانَ أَبُوكُمْ إِبْرَاهِيمُ عليه الصلاة والسلام وَالْبَاقِي سَوَاءٌ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ

ص: 471

402 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي ، فِي آخَرِينَ ، قَالُوا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، ثنا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ ، ثنا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ، وَأَبِيهِ الْحَارِثِ بْنِ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَاهُ عَنُ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ، عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ ، رضي الله عنها ، أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، يَقُولُ:" إِذَا نَزَلَ أَحَدُكُمْ مَنْزِلًا فَلْيَقُلْ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ؛ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْهُ "

ص: 472

قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ ، عَنْ ذَكْوَانَ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أَنَّهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَقِيتُ مِنْ عَقْرَبٍ لَدَغَتْنِي الْبَارِحَةَ - يَعْنِي النَّوْمَ - قَالَ صلى الله عليه وسلم: " أَمَا إِنَّكَ لَوْ قُلْتَ حِينَ أَمْسَيْتَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ تَضُرَّكَ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ ، عَنْ هَارُونَ بْنِ مَعْرُوفٍ ، وَغَيْرِهِ ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ

ص: 472

403 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ السُّلَمِيُّ ، أنا بِشْرُ بْنُ أَحْمَدَ الْإِسْفَرَايِينِيُّ ، ثنا دَاوُدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبَيْهَقِيُّ ، ثنا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ ، ثنا اللَّيْثُ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ، عَنِ

⦗ص: 473⦘

الْحَارِثِ بْنِ يَعْقُوبَ ، قَالَ: إِنَّ يَعْقُوبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ بُسْرَ بْنَ سَعِيدٍ ، يَقُولُ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ ، يَقُولُ: سَمِعْتُ خَوْلَةَ بِنْتَ حَكِيمٍ السُّلَمِيَّةَ ، رضي الله عنها ، تَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، يَقُولُ:" مَنْ نَزَلَ مَنْزِلًا ، ثُمَّ قَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ كُلِّهَا مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ ، عَنْ قُتَيْبَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ رُمْحٍ ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ

ص: 472

404 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ يَعْقُوبَ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَهْلٍ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، قَالَا: أنا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ ، أنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ، أَنَّهُ ذَكَرَ لَهُ أَنَّ أَبَا صَالِحٍ ، مَوْلَى غَطَفَانَ ، أَخْبَرَهُ ، أَنَّه سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ ، رضي الله عنه ، يَقُولُ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لَدَغَتْنِي عَقْرَبٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لَوْ أَنَّكَ قُلْتَ حِينَ أَمْسَيْتَ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ يَضُرَّكَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ ، عَنْ عِيسَى بْنِ حَمَّادٍ

ص: 473

405 -

أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ ، أنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ الْقَاضِي ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الْعَوْفِيُّ ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ ، ثنا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عَمِّهِ ، قَالَ: حَدَّثَنِي طَارِقُ بْنُ مُخَاشٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، أَنَّهُ أُتِيَ بِلَدِيغٍ ، فَقَالَ:" لَوْ قَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ؛ لَمْ يُلْدَغْ ، وَلَمْ يَضُرَّهُ "

ص: 474

406 -

أَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحِ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ الْعَنْبَرِيُّ ، أنا جَدِّي يَحْيَى بْنُ مَنْصُورٍ

⦗ص: 475⦘

الْقَاضِي ، ثنا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، أنا الْقَعْنَبِيُّ ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالِ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ ، قَالَ: إِنَّ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْأَرَقَ - حَدِيثُ النَّفْسِ بِاللَّيْلِ - فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِذَا آوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ ، فَقُلْ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ غَضَبِهِ ، وَعِقَابِهِ ، وَمَنْ شَرِّ عِبَادِهِ ، وَمِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ ، وَأَنْ يَحْضُرُونَ؛ فَإِنَّهُ لَنْ يَضُرَّكَ ، وَحَرِيُّ أَنْ لَا يَقْرَبَكَ " هَذَا مُرْسَلٌ ، وَشَاهِدُهُ الْحَدِيثُ الْمَوْصُولُ الَّذِي

ص: 474

407 -

أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا ، ثنا أَبُو خَيْثَمَةَ ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، رضي الله عنهما ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُنَا كَلِمَاتٍ نَقُولُهُنَّ عِنْدَ النَّوْمِ مِنَ الْفَزَعِ: «بِسْمِ اللَّهِ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ غَضَبِهِ وَعِقَابِهِ ، وَشَرِّ عِبَادِهِ ، وَمَنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ ، وَأَنْ يَحْضُرُونَ» فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو رضي الله عنهما يُعَلِّمُهَا مَنْ بَلَغَ مِنْ وَلَدِهِ ، وَمَنْ لَمْ يَبْلُغْ كَتَبَهَا وَعَلَّقَهَا عَلَيْهِ قُلْتُ: فَاسْتَعَاذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَمَرَ أَنْ يُسْتَعَاذَ فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ

⦗ص: 477⦘

تَعَالَى ، كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنْ يَسْتَعِيذَ بِهِ ، فَقَالَ:{وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ} [المؤمنون: 98] وَقَالَ عز وجل: {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: 98] وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَسْتَعِيذَ بِمَخْلُوقٍ مِنْ مَخْلُوقٍ ، فَدَلَّ أَنَّهُ اسْتَعَاذَ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ ، وَأَمَرَ أَنْ يُسْتَعَاذَ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ ، وَهِيَ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَسْتَعِيذَ بِذَاتِهِ ، وَذَاتُهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ

ص: 476

408 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، ثنا أَبُو دَاوُدَ ، ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ ، ثنا الْأَحْوَصُ بْنُ جَوَّابٍ ، ثنا عَمَّارُ بْنُ رُزَيْقٍ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنِ الْحَارِثِ ، وَأَبِي مَيْسَرَةَ ، عَنْ عَلِيٍّ ، رضي الله عنه ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ عِنْدَ مَضْجَعِهِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ ، وَكَلِمَاتِكَ التَّامَّةِ مِنْ شَرِّ مَا أَنْتَ آخِذٌ

⦗ص: 478⦘

بِنَاصِيَتِهِ ، اللَّهُمَّ أَنْتَ تَكْشِفُ الْمَغْرَمَ وَالْمَأْثَمَ ، اللَّهُمَّ لَا يَنْهَزِمُ جُنْدُكَ وَلَا يُخْلَفُ وَعَدُكَ ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ سُبْحَانَكَ ، وَبِحَمْدِكَ» قُلْتُ: فَاسْتَعَاذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْخَبَرِ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ كَمَا اسْتَعَاذَ بِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ ، فَكَمَا أَنَّ وَجْهَهُ الَّذِي اسْتَعَاذَ بِهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ ، فَكَذَلِكَ كَلِمَاتُهُ الَّتِي اسْتَعَاذَ بِهَا غَيْرُ مَخْلُوقٍةٍ ، وَكَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى وَاحِدٌ ، وَإِنَّمَا جَاءَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ عَلَى مَعْنَى التَّعْظِيِمِ وَالتَّفْخِيمِ ، كَقَوْلِهِ:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9]، وَقَالَ:{فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ} [المرسلات: 23] ، وَإِنَّمَا سَمَّاهَا تَامَّةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي كَلَامِهُ عَيْبٌ أَوْ نَقْصٌ كَمَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ وَبَلَغَنِي عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رضي الله عنه ، أَنَّهُ كَانَ يَسْتَدِلُّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ ، قَالَ: وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَا مِنْ مَخْلُوقٍ إِلَّا وَفِيهِ نَقْصٌ قُلْتُ: وَأَمَّا الَّذِي رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، أَنَّهُ قَالَ:«اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ ، وَبِكَ مِنْكَ» فَلَا يُخَالِفُ مَا قُلْنَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الرِّضَا عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه يَرْجِعُ إِلَى

⦗ص: 479⦘

الْإِرَادَةِ ، وَهُوَ إِرَادَةُ إِكْرَامِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَكَذَلِكَ الرَّحْمَةُ تَرْجِعُ إِلَى الْإِرَادَةِ وَهِيَ إِرَادَةُ الْإِنْعَامِ وَالْإِكْرَامِ ، وَالْإِرَادَةُ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ فَاسْتَعَاذَتُهُ فِي هَذَا الْخَبَرِ أَيْضًا وَقَعَتْ بِصِفَةِ الذَّاتِ كَمَا وَقَعَتْ فِي قَوْلِهِ:«بِكَ» بِالذَّاتِ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَوَجَدْتُ فِي كَلَامِ أَبِي سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيِّ رحمه الله فِي هَذَا الْحَدِيثِ ، أَنَّهُ اسْتَعَاذَ بِاللَّهِ تَعَالَى ، وَسَأَلَهُ أَنْ يُجِيرَهُ بِرِضَاهُ مِنْ سَخَطِهِ ، وَبِمُعَافَاتِهِ مِنْ عُقُوبَتِهِ ، قُلْتُ: فَالِاسْتِعَاذَةُ فِي هَذَا أَيْضًا وَقَعَتْ بِغَيْرِ مَخْلُوقٍ؛ لِيَجْعَلَهُ مِنْ أَهْلِ رِضَاهُ ، وَمُعَافَاتِهِ دُونَ سَخَطِهِ وَعِقَابِهِ

ص: 477

409 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ شَاذَانَ ، بِبَغْدَادَ ، أنا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ ، ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، ثنا أَبُو دَاوُدَ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ ، أنا إِسْرَائِيلُ ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ ، عَنْ سَالِمٍ - يَعْنِي ابْنَ أَبِي الْجَعْدِ - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعْرِضُ نَفْسَهَ عَلَى النَّاسِ بِالْمَوْقِفِ ، فَقَالَ:«أَلَا رَجُلٌ يَحْمِلُنِي إِلَى قَوْمِهِ ، فَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ مَنَعُونِي أَنْ أُبْلِّغَ كَلَامَ رَبِّي عز وجل» لَفْظُ

⦗ص: 480⦘

حَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ ، وَفِي رِوَايَةِ الدُّورِيِّ ، قَالَ: لَمَّا أُمِرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُبَلِّغَ الرِّسَالَةَ جَعَلَ يَقُولُ: «يَا قَوْمِ ، لِمَ تُؤْذُونَنِي أَنْ أُبَلِّغَ كَلَامَ رَبِّي» يَعْنِي الْقُرْآنَ

ص: 479

410 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْحَارِثَ الْفَقِيهُ ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حَيَّانَ الْأَصْبَهَانِيُّ أَبُو الشَّيْخِ ، أنا أَبُو يَعْلَى ، ثنا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ ، ثنا يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ ، ثنا جَعْفَرُ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَازِيًا فَلَقِيَ الْعَدُوَّ فَأَخْرَجَ الْمُسْلِمُونَ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَأَشْرَعُوا فِيهِ الْأَسِنَّةَ ، فَقَالَ الرَّجُلُ: ارْفَعُوا عَنِّي سِلَاحَكُمْ ، وَأَسْمِعُونِي كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى " هَذَا مُرْسَلٌ حَسَنٌ

ص: 480

بَابُ مَا جَاءَ فِي إِثْبَاتِ صِفَةِ الْقَوْلِ وَهُوَ وَالْكَلَامُ عِبَارَتَانِ عَنْ مَعْنًى وَاحِدٍ. قَالَ اللَّهُ عز وجل: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي} [السجدة: 13] وَقَالَ تَعَالَى: {لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرَهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [يس: 7]، وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا:{مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ} [ق: 29]، وَقَالَ جل جلاله:{وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا} [النساء: 122]، وَقَالَ تبارك وتعالى:{وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا} [النساء: 87]، وَقَالَ تَعَالَى:{سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبِّ رَحِيمٍ} [يس: 58]، وَقَالَ عز وجل:{قَوْلُهُ الْحَقُّ} [الأنعام: 73]، وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا:{فَالْحَقُ وَالْحَقَّ أَقُولُ} [ص: 84] ؛ فَأَثْبَتَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِنَفْسِهِ صِفَةَ الْقَوْلِ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ

ص: 481

411 -

أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ السُّكَّرِيُّ ، بِبَغْدَادَ ، أنا أَبُو عَلِيٍّ ، إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ ، أنا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أنا ابْنُ جُرَيْجٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ الْأَحْوَلُ ، عَنْ طَاوُسٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ ، رضي الله عنهما ، يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا تَهَجَّدَ مِنَ اللَّيْلِ ، قَالَ: «اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، وَمَنْ فِيهِنَّ ، أَنْتَ الْحَقُّ وَوَعْدُكُ الْحَقُّ ، وَقَوْلُكَ الْحَقُّ ، وَلِقَاؤُكَ الْحَقُّ ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ ، وَالنَّارُ حَقٌّ ، وَالنَّبِيُّونَ

⦗ص: 482⦘

حَقٌ ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ ، وَبِكَ آمَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ ، وَبِكَ خَاصَمْتُ ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ ، وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ ، وَمَا أَعْلَنْتُ أَنْتَ إِلَهِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ ، عَنْ مَحْمُودٍ ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ كِلَاهُمَا ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ

ص: 481

412 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شِيرَوَيْهِ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ وَعَلَا صَوْتُهُ ، وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ ، حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ ، يَقُولُ:«صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ» ، وَيَقُولُ:«بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ» ، وَيُفَرِّقُ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوسْطَى ، وَيَقُولُ:«أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» ، ثُمَّ يَقُولُ:«أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ ، مَنْ تَرَكَ مَالًا ، فَلِأَهْلِهِ ، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَإِلَيَّ وَعَلَيَّ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى

ص: 482

413 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ ، أنا عَبْدُ اللَّهِ الشَّيْبَانِيُّ ، أنا مُحَمَّدُ

⦗ص: 483⦘

بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ ، أنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ ، أنا إِبْرَاهِيمُ الْهَجَرِيُّ ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، رضي الله عنه ، قَالَ: إِنَّمَا هُمَا اثْنَتَانِ: الْهُدَى ، وَالْكَلَامُ فَأَصْدَقُ الْحَدِيثِ كَلَامُ اللَّهِ ، وَأَحْسَنُ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ، وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا ، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ ، وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ ، وَهَذَا مِنْ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَخَذَهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 482

414 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبِ بْنِ مُسْلِمٍ الْقُرَشِيُّ ، ثنا: سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ ، ثنا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ، رضي الله عنه يُحَدِّثُنَا عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ: فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى مَا شَاءَ فِيمَا أَوْحَى خَمْسِينَ صَلَاةٍ

⦗ص: 484⦘

عَلَى أُمَّتِهِ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، فَذَكَرَ مُرُورَهُ عَلَى مُوسَى ، وَأَمْرُهُ إِيَّاهُ بِمَسْأَلَةِ التَّخْفِيفِ ، وَذَكَرَ مُرَاجَعَتَهُ فِي ذَلِكَ حَتَّى صَارَ إِلَى خَمْسِ صَلَوَاتٍ ، وَأَنَّهُ قَالَ:«يَا رَبِّ ، أُمَّتِي ضِعَافٌ أَجْسَادُهُمْ ، وَقُلُوبُهُمْ ، وَأَسْمَاعُهُمْ ، وَأَبْصَارُهُمْ فَخَفِّفْ عَنَّا فَقَالَ إِنِّي لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ ، هِيَ مَا كَتَبْتُ عَلَيْكَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ ، وَلَكَ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشَرُ أَمْثَالِهَا ، هِيَ خَمْسُونَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ ، وَهِيَ خَمْسٌ عَلَيْكَ» أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ

ص: 483

بَابُ مَا جَاءَ فِي إِثْبَاتِ صِفَةِ التَّكْلِيمِ ، وَالتَّكَلُّمِ ، وَالْقَوْلُ سِوَى مَا مَضَى قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ:{وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164] فَوَصَفَ نَفْسَهَ بِالتَّكْلِيمِ ، وَوَكَّدَهُ بِالتِّكْرَارِ ، فَقَالَ {تَكْلِيمًا} [النساء: 164] ، وَقَالَ تَعَالَى:{وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} [الأعراف: 143]، وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا:{تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ} [البقرة: 253] ، وَذَكَرَ فِي غَيْرِ آيَةٍ مِنْ كِتَابِهِ مَا كَلَّمَ بِهِ مُوسَى عليه السلام ، فَقَالَ:{يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِي الْمَقْدِسِ طُوًى وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: 12]، إِلَى قَوْلِهِ:{وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي} [طه: 41]، وَقَالَ:{يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [الأعراف: 144] فَهَذَا كَلَامٌ سَمِعَهُ مُوسَى عليه السلام بِإِسْمَاعِ الْحَقِّ إِيَّاهُ بِلَا تَرْجُمَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ ، دَلَّهُ بِذَلِكَ عَلَى رُبُوبِيَّتِهِ ، وَدَعَاهُ إِلَى وَحْدَانِيَّتِهِ ، وَأَمَرَهُ بِعِبَادَتِهِ ، وَإِقَامَةِ الصَّلَاةِ لِذِكْرِهِ ، وَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ اصْطَنَعَهُ لِنَفْسِهِ ، وَاصْطَفَاهُ بِرِسَالَاتِهِ وَبِكَلَامِهِ ، وَأَنَّهُ مَبْعُوثٌ إِلَى الْخَلْقِ بِأَمْرِهِ

ص: 485

415 -

أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ ، ثنا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْبَصْرِيُّ بِمَكَّةَ ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَمْرٍو هُوَ ابْنُ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ ، رضي الله عنه ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " احْتَجَّ آدَمُ ، وَمُوسَى عليهما السلام ، فَقَالَ مُوسَى: يَا آدَمُ ، أَنْتَ أَبُونَا خَيَّبْتَنَا وَأَخْرَجْتَنَا مِنَ الْجَنَّةَ؟ فَقَالَ لَهُ آدَمُ يَا مُوسَى اصْطَفَاكَ اللَّهُ تَعَالَى بِكَلَامِهِ ، وَخَطَّ لَكَ التَّوْرَاةَ ، أَتَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قَدَّرَهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي؟ قَالَ: فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى" رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ ، عَنْ عَلِيٍّ ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ ، وَغَيْرِهِ كُلِّهِمْ ، عَنْ سُفْيَانَ

ص: 486

416 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ ، أنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، هُوَ ابْنُ مِلْحَانَ ح وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ ، ثنا ابْنَ مِلْحَانَ ، ثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ ، ثنا اللَّيْثُ ، عَنْ عُقَيْلٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي

⦗ص: 487⦘

حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، فَقَالَ لَهُ مُوسَى: أَنْتَ آدَمُ الَّذِي أَخْرَجَتْ ذُرِّيَّتَكَ مِنَ الْجَنَّةَ؟ ، فَقَالَ لَهُ آدَمُ: أَنْتَ مُوسَى الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ تَعَالَى بِرِسَالَاتِهِ وَبِكَلَامِهِ تَلُومُنِي عَلَى أَمَرٍ قَدْ قُدِّرَ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ؟ فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ

ص: 486

417 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَعْبِيُّ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ ، أنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، ثنا هِشَامٌ ، ثنا قَتَادَةُ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " يُجْمَعُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَئِذٍ فَيَهْتَمُّونَ لِذَلِكَ الْيَوْمِ ، وَيَقُولُونَ: لَوِ اسْتَشْفَعْنَا عَلَى رَبَّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا فَيَأْتُونَ آدَمَ وَيَقُولُونَ له: يَا آدَمُ ، أَنْتَ أَبُو النَّاسِ ، خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ ، وَأَسْجَدَ لَكَ مَلَائِكَتَهُ ، وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ ، فَاشْفَعْ لَنَا

⦗ص: 488⦘

إِلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا ، فَيَقُولُ لَهُمْ: لَسْتُ هُنَاكُمْ ، وَيُذْكَرُ لَهُمْ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ ، وَلَكِنِ ايتُوا نُوحًا أَوَّلَ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى الْأَرْضِ ، فَيَأْتُونَ نُوحًا ، فَيَقُولُ لَهُمْ: لَسْتُ هُنَاكُمْ ، وَيَذْكُرُ لَهُمْ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ ، وَلَكِنِ ايتُوا إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ الرَّحْمَنِ ، فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ ، فَيَقُولُ لَهُمْ: لَسْتُ هُنَاكُمْ ، وَيَذْكُرُ لَهُمْ خَطَايَاهُ الَّتِي أَصَابَ ، وَلَكِنِ ايتُوا مُوسَى؛ عَبْداً آتَاهُ اللَّهُ التَّوْرَاةَ ، وَكَلَّمَهُ تَكْلِيمًا ، فَيَأْتُونَ مُوسَى ، فَيَقُولُ لَهُمْ: لَسْتُ هُنَاكُمْ ، وَيَذْكُرُ لَهُمْ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ ، وَلَكِنِ ايتُوا عِيسَى رَسُولَ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ وَرُوحَهُ ، فَيَأْتُونَ عِيسَى ، فَيَقُولُ لَهُمْ: لَسْتُ هُنَاكُمْ ، وَلَكِنِ ايتُوا مُحَمَّدًا؛ عَبْدًا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ، وَمَا تَأَخَّرَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَيَأْتُونَنِي؛ فَأَنْطَلِقَ مَعَهُمْ فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فَيُؤْذَنُ لِي ، فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّيَ وَقَعَتُ لَهُ سَاجِدًا ، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِيَ ، ثُمَّ يَقُولُ لِي: يَا مُحَمَّدُ ، ارْفَعْ رَأْسَكَ سَلْ تُعْطَهْ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ ، فَأَحْمَدُ رَبِّي بِمَحَامِدَ عَلَّمَنِيهَا وَأَحُدُّ لَهُمْ حَدًّا؛ فَأُدْخِلَهُمُ الْجَنَّةَ ، ثُمَّ أَرْجِعُ الثَانِيَةَ فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فَيُؤْذَنُ لِي ، فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّيَ وَقَعَتُ لَهُ سَاجِدًا فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ الْلَّهُ أَنْ يَدَعَنِيَ ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ ، ارْفَعْ رَأْسَكَ سَلْ تُعْطَ ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ ، فَأَحْمَدُ رَبِّي بِمَحَامِدَ عَلَّمَنِيهَا ، ثُمَّ أَحُدُّ لَهُمْ حَدًّا ثَانِيًا فَأُدْخِلَهُمُ الْجَنَّةَ ، ثُمَّ أَرْجِعُ الثَّالِثَةَ فَأَسْتَأْذِنَ عَلَى رَبِّي فَيُؤْذَنُ لِي ، فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّيَ وَقَعَتُ لَهُ سَاجِدًا فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ الْلَّهُ أَنْ يَدَعَنِيَ ثُمَّ يَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ ، ارْفَعْ رَأْسَكَ ، سَلْ تُعْطَهْ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ ، فَأَحْمَدُ رَبِّي بِمَحَامِدَ عَلَّمَنِيهَا ، ثُمَّ أَحُدُّ لَهُمْ حَدًّا ثَالِثًا فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ حَتَّى أَرْجِعَ فَأَقُولَ: يَا رَبِّ ، مَا بَقِيَ فِي النَّارِ إِلَّا مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْخُلُودُ ، أَوْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، وَفِي هَذَا أَنَّ مُوسَى عليه السلام مَخْصُوصٌ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَلَّ ثَنَاؤُهُ كَلَّمَهُ تَكْلِيمًا ، وَلَوْ كَانَ إِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ مَخْلُوقٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ خَاصِّيَّةٌ ، وَقَوْلُهُ فِي عِيسَى عليه السلام: إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ ، فَإِنَّمَا يُرِيدُ بِهِ أَنَّهُ بِكَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى صَارَ مُكَوَّنًا مِنْ غَيْرِ أَبٍ ، أَوْ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ ،

⦗ص: 489⦘

وَعَنْ كَلِمَتِهِ يَتَكَلَّمُ ، وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ بِالتَّخْصِيصِ ، وَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ عز وجل:{إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ} [النساء: 171] يَعْنِي - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَوْحَى كَلِمَتَهُ إِلَى مَرْيَمَ؛ فَصَارَ عِيسَى مَخْلُوقًا بِكَلِمَتِهِ مِنْ غَيْرِ أَبٍ ، ثُمَّ بَيَّنَ الْكَلِمَةَ الَّتِي أَوْحَى إِلَى مَرْيَمَ فَصَارَ عِيسَى بِهَا مَخْلُوقًا ، فَقَالَ:{إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [آل عمران: 59] ، فَأَخْبَرَ أَنَّ عِيسَى إِنَّمَا صَارَ مَكُونًا بِكَلِمَةِ كُنْ ، كَمَا صَارَ آدَمُ بَشَرًا بِكَلِمَةِ كُنْ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

ص: 487

418 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، فِي آخَرِينَ قَالُوا: أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ ، ثنا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ ، عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَوْمَ كَلَّمَ اللَّهُ عز وجل مُوسَى عليه السلام كَانَتْ عَلَيْهِ جُبَّةُ صُوفٍ ، وَسَرَاوِيلُ صُوفٍ ، وَكِسَاءُ صُوفٍ ، وَكُمَّةُ قَلَنْسُوَةُ صُوفٍ ، وَنَعْلَاهُ مِنْ جَلْدِ حِمَارٍ غَيْرِ ذَكِيٍّ»

ص: 489

419 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، ثنا آدَمُ ، ثنا وَرْقَاءُ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، فِي قَوْلِهِ عز وجل:{تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهَمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ} [البقرة: 253] قَالَ: كَلَّمَ مُوسَى عليه السلام ، وَأَرْسَلَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم إِلَى النَّاسِ كَافَّةً

ص: 490

بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الشورى: 51] قَوْلُ اللَّهِ عز وجل: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} [الشورى: 51]، قَالَ بَعْضُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ: فَالْوَحْيُ أَوَّلُ مَا أَرَى اللَّهُ سبحانه وتعالى الْأَنْبِيَاءَ - عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي مَنَامِهِمْ كَمَا أَمَرَ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام فِي مَنَامِهِ بِذِبْحِ ابْنِهِ ، فَقَالَ فِيمَا أَخْبَرَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام:{إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ} [الصافات: 102]، قَالَ الْإِمَامُ الْمُطَّلِبِيُّ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه: قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ: رُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ وَحْيٌ؛ لِقَوْلِ ابْنِ إِبْرَاهِيمَ الَّذِي أُمِرَ بِذَبْحِهِ: {افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ} [الصافات: 102]

ص: 491

420 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسٍ ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارَمِيُّ ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ ، ثنا سُفْيَانُ ، قَالَ: قَالَ عَمْرٌو هُوَ ابْنُ دِينَارٍ سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ ، يَقُولُ: رُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ وَحْيٌ ، وَقَرَأَ:{إِنِّي أَرَى فِيَ الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} [الصافات: 102] رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ ، وَرُوِّينَاهُ فِي ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما وَأَمَّا الْكَلَامُ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ، فَهُوَ كَمَا كَلَّمَ مُوسَى عَلَيْهِ

⦗ص: 492⦘

السَّلَامُ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ، وَالْحِجَابُ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْوَضْعِ وَغَيْرِهِ يَرْجِعُ إِلَى الْخَلْقِ دُونَ الْخَالِقِ

ص: 491

421 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، ثنا أَبُو دَاوُدَ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ ، ثنا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ مُوسَى عليه السلام ، قَالَ: يَا رَبِّ ، أَرِنَا الَّذِي أَخْرَجَنَا وَنَفْسَهَ مِنَ الْجَنَّةِ ، فَأَرَاهُ اللَّهُ عز وجل

⦗ص: 493⦘

آدَمَ عليه السلام ، فَقَالَ: أَنْتَ أَبُونَا آدَمُ؟ فَقَالَ لَهُ آدَمُ: نَعَمْ ، قَالَ: أَنْتَ الَّذِي نَفَخَ اللَّهُ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ ، وَعَلَّمَكَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ، وَأَمَرَ الْمَلَائِكَةَ؛ فَسَجَدُوا لَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ ، قَالَ: فَمَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ أَخْرَجْتَنَا وَنَفْسَكَ مِنَ الْجَنَّةِ؟ قَالَ لَهُ آدَمُ: وَمَنْ أَنْتَ؟ ، قَالَ: أَنَا مُوسَى ، قَالَ: أَنْتَ مُوسَى نَبِيُّ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّذِي كَلَّمَكَ اللَّهُ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ َبَيْنَك وبَيْنَهُ رَسُولًا مِنْ خَلْقِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ ، قَالَ: فَمَا وَجَدْتَ أَنْ ذَلِكَ كَانَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عز وجل قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: فِيمَ تَلُومُنِي فِي شَيْءٍ سَبَقَ مِنَ اللَّهِ عز وجل فِيهِ الْقَضَاءُ قَبْلِي؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: عِنْدَ ذَلِكَ فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى ، فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى " وَأَمَّا الْكَلَامُ بِالرِّسَالَةِ ، فَهُوَ إِرْسَالُهُ الرُّوحَ الْأَمِينَ بِالرِّسَالَةِ إِلَى مِنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ ، قَالَ اللَّهُ عز وجل:{وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ} [الشعراء: 193]

ص: 492

422 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو ، قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، ثنا هِلَالُ بْنُ الْعَلَاءِ الرَّقِّيُّ ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، ثنا الْمُعْتَمِرُ بْنُ

⦗ص: 494⦘

سُلَيْمَانَ ، ثنا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيُّ ، أنا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ ، وَزِيَادُ بْنُ جُبَيْرٍ ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ الطَّوِيلَ فِي بَعْثِ النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرَّنٍ إِلَى أَهْلِ الْأَهْوَازِ ، وَأَنَّهُمْ سَأَلُوا أَنْ يَخْرُجَ إِلَيْهِمْ رَجُلًا ، فَأَخْرَجَ الْمُغِيرَةِ بْنَ شُعْبَةَ ، فَقَالَ تَرْجُمَانُ الْقَوْمِ: مَا أَنْتُمْ؟ فَقَالَ الْمُغِيرَةُ: نَحْنُ نَاسٌ مِنَ الْعَرَبِ كُنَّا فِي شَقَاءٍ شَدِيدٍ ، وَبَلَاءٍ طَوِيلٍ ، نَمُصُّ الْجِلْدَ وَالنَّوَى مِنَ الْجُوعِ ، وَنَلْبَسُ الْوَبَرَ وَالشَّعَرَ ، وَنَعْبُدُ الشَّجَرَ وَالْحَجَرَ ، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ ، وَرَبُّ الْأَرْضِ إِلَيْنَا نَبِيًّا مِنْ أَنْفُسِنَا نَعْرِفُ أَبَاهُ ، وَأُمِّهِ ، فَأَمَرَنَا نَبِيُّنَا رَسُولُ رَبَّنَا صلى الله عليه وسلم أَنْ نُقَاتِلَكُمْ حَتَّى تَعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ؟ أَوْ تُؤَدُّوا الْجِزْيَةَ؟ وَأَخْبَرَنَا نَبِيُّنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ رِسَالَةِ رَبِّنَا ، أَنَّهُ مَنْ قُتِلَ مِنَّا صَارَ إِلَى الْجَنَّةِ وَنَعِيمٍ لَمْ يَرَ مِثْلَهُ قَطُّ ، وَمَنْ بَقِيَ مِنَّا مَلَكَ رِقَابَكُمْ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ فَضْلِ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ

ص: 493

423 -

أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ قَتَادَةَ ، أنا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ زَكَرِيَّا الْأَدِيبُ ، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْقُبَّانِيُّ ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، أنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ ، ثنا أَبِي ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامِ ، وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ ، وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ

⦗ص: 495⦘

، وَصُلْبُ الْحَدِيثِ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا فُتِنَ أَصْحَابُهُ بِمَكَّةَ أَشَارَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَلْحَقُوا بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ» ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ ، وَقَالَ فِيهِ: فَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه لِلنَّجَاشِيِّ: بَعَثَ اللَّهُ عز وجل إِلَيْنَا رَسُولًا نَعْرِفُ نَسَبَهُ ، وَصِدْقَهُ ، وَعَفَافَهُ ، فَدَعَا إِلَى أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ، وَنَخْلَعَ مِنْ يَعْبُدُ قَوْمُهُ وَغَيْرُهُمْ مِنْ دُونِهِ ، وَأَمَرَنَا بِالْمَعْرُوفِ ، وَنَهَانَا عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَأَمَرَنَا بِإِقَامِ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ ، وَكُلِّ مَا نَعْرِفُ مِنَ الْأَخْلَاقِ الْحَسَنَةِ ، وَتَلَا عَلَيْنَا تَنْزِيلًا لَا يُشْبِهُهُ شَيْءٌ غَيْرُهُ ، فَصَدَّقْنَاهُ ، وَآمَنَّا بِهِ ، وَعَرَفْنَا أَنَّ مَا جَاءَ بِهِ هُوَ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ قُلْتُ: وَقَدْ كَانَ لِنَبِّينَا صلى الله عليه وسلم جَمِيعُ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ ، أَمَّا الرِّسَالَةُ فَقَدْ كَانَ جِبْرِيلُ عليه الصلاة والسلام يَأْتِيهِ بِهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عز وجل ، وَأَمَّا الرُّؤْيَا فِي الْمَنَامِ ، فَقَدْ قَالَ اللَّهُ عز وجل:{لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} [الفتح: 27] وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُرِيَ وَهُوَ بِالْحُدَيْبِيَةِ أَنَّهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَهُمْ وَمُقَصِّرِينَ ، فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ حِينَ نَحَرَ بِالْحُدَيْبِيَةِ: أَيْنَ رُؤْيَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تبارك وتعالى: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهَ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ} [الفتح: 27] إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا} [الفتح: 27] يَعْنِي النَّحْرَ بِالْحُدَيْبِيَةِ ، ثُمَّ رَجَعُوا فَفَتَحُوا خَيْبَرَ ، ثُمَّ اعْتَمَرَ بَعْدَ ذَلِكَ ، فَكَانَ تَصْدِيقُ رُؤْيَاهُ صلى الله عليه وسلم فِي السَّنَةِ الْمُقْبِلَةِ «

⦗ص: 496⦘

»

424 -

أَخْبَرَنَا بِذَلِكَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، ثنا آدَمُ ، ثنا وَرْقَاءُ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، فَذَكَرَهُ وَرُوِّينَا عَنْ عَائِشَةَ ، رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ وَكَانَ صلى الله عليه وسلم لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ تُرِيدُ ضِيَاءَ الصُّبْحَ إِذَا انْفَلَقَ وَأَمَّا التَّكْلِيمُ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ عز وجل: {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} [النجم: 10] ، ثُمَّ كَانَ فِيمَا أَوْحَى إِلَيْهِ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ خَمْسِينَ صَلَاةٍ ، فَلَمْ يَزَلْ يَسْأَلُ رَبَّهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِهِ حَتَّى صَارَ إِلَى خَمْسِ صَلَوَاتٍ ، وَقَالَ لَهُ رَبُّهُ تبارك وتعالى: إِنِّي لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلَ لَدَيَّ ، هِيَ كَمَا كَتَبْتُ عَلَيْكَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ ، وَلَكَ بِكُلِّ حَسَنَةِ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ، هِيَ خَمْسُونَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ ، وَهِيَ خَمْسٌ عَلَيْكَ ، وَقَدْ مَضَى الْحَدِيثُ فِيهِ ، وَاخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ رضي الله عنهم فِي رُؤْيَتِهِ رَبِّهِ عز وجل ، فَذَهَبَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها إِلَى أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَرَهُ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ ، وَذَهَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما إِلَى أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم رَآهُ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ ، وَنَحْنُ نَذْكُرُ الْأَخْبَارَ فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي مَسْأَلَةِ الرُّؤْيَا وَقَدْ ذَهَبَ الزُّهْرِيُّ ، رحمه الله ، فِي تَقْسِيمِ الْوَحْيِ إِلَى زِيَادَةِ بَيَانٍ ، وَذَلِكَ فِيمَا

ص: 494

425 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ ، أنا أَبُو الْحَسَنِ الْمَحْمُودِيُّ ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَافِظُ ، ثنا أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، ثنا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ

⦗ص: 497⦘

، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ ، سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ ، حِينَ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ ، عز وجل:{وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الشورى: 51] الْآيَةَ قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ تَعُمُّ مَنْ أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ مِنَ النَّبِيِّينَ " ، قَالَ: فَالْكَلَامُ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي كَلَّمَ بِهِ مُوسَى مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ، وَالْوَحْيُ مَا يُوحِي اللَّهُ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ مِنْ أَنْبِيَائِهِ ، فَيُثَبِّتُ اللَّهُ تَعَالَى مَا أَرَادَ مِنْ وَحَيِّهِ فِي قَلْبِ النَّبِيِّ ، فَيَتَكَلَّمُ بِهِ النَّبِيُّ عليه الصلاة والسلام ، وَيُبَيِّنُهُ وَهُوَ كَلَامُ اللَّهِ وَوَحْيُهُ ، وَمِنْهُ مَا يَكُونُ بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ لَا يُكَلِّمُ بِهِ أَحَدٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ ، وَلَكِنَّهُ سِرُّ غَيْبٍ بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ ، وَمِنْهُ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ ، وَلَا يَكُتُبُونَهُ لِأَحَدٍ ، وَلَا يَأْمُرُونَ بِكِتَابَتِهِ ، وَلَكِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ بِهِ النَّاسَ حَدِيثًا ، وَيُبَيِّنُونَ لَهُمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَهُمْ أَنْ يُبَيِّنُوهُ لِلنَّاسِ وَيُبَلِّغُوهُمْ وَمِنَ الْوَحْيِ مَا يُرْسِلُ اللَّهُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مَنِ اصْطَفَى مِنْ مَلَائِكَتِهِ؛ فَيُكَلِّمُونَ أَنْبِيَاءَهُ مِنَ النَّاسِ ، وَمِنَ الْوَحْيِ مَا يُرْسِلُ اللَّهُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ؛ فَيُوحُونَ بِهِ وَحْيًا فِي قُلُوبِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ رُسُلِهِ ، وَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ عز وجل لَنَا فِي كِتَابِهِ أَنَّهُ يُرْسِلُ جِبْرِيلَ عليه السلام إِلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ اللَّهُ عز وجل فِي كِتَابِهِ:{قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} [البقرة: 97] ، وَذَكَرَ أَنَّهُ الرُّوحُ الْأَمِينُ ، فَقَالَ:{وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ} [الشعراء: 193] الْآيَةَ، فَذَهَبَ فِي الْوَحْيِ الْأَوَّلِ إِلَى أَنَّهُ مَا يُوحِي اللَّهُ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ فَيُثَبِّتُ مَا أَرَادَ مِنْ وَحْيِهِ فِي قَلْبِهِ ، فَيَتَكَلَّمُ بِهِ النَّبِيُّ ، وَهَذَا يَجْمَعُ حَالَ الْيَقَظَةِ وَالنَّوْمِ وَذَهَبَ فِيمَا يُوحِي اللَّهُ تَعَالَى إِلَى النَّبِيِّ بِإِرْسَالِ الْمَلَكِ إِلَيْهِ إِلَى أَنَّهُ يَكُونُ عَلَى نَوْعَيْنِ:

⦗ص: 498⦘

«أَحَدُهُمَا» : أَنْ يَأْتِيَهُ الْمَلَكُ فَيُكَلِّمَهُ بِأَمْرِ اللَّهِ تَكْلِيمًا ، «وَالْآخَرُ» : أَنَّهُ يَأْتِيهِ فَيُلْقِي فِي رَوْعِهِ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ عز وجل ، وَكُلُّ ذَلِكَ بَيِّنٌ فِي الْأَخْبَارِ

ص: 496

426 -

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ غَالِبٍ الْخُوَارِزْمِيُّ الْحَافِظُ بِبَغْدَادَ ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ النَّيْسَابُورِيُّ ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ ، ثنا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ ، ثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، رضي الله عنها قَالَتْ: إِنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ؟ ، قَالَ:" كُلَّ ذَلِكَ ، يَأْتِي الْمَلَكُ أَحْيَانًا فِي مِثْلِ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ ، فَيَفْصِمُ عَنِّي وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْهُ ، قَالَ: وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ ، وَيَتَمَثَّلُ لِيَ الْمَلَكُ أَحْيَانًا رَجُلًا فَيُكَلِّمُنِي وَأَعِي مَا يَقُولُ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ ، عَنْ فَرْوَةَ بْنِ أَبِي الْمَغْرَاءِ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرِينَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ

ص: 498

427 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو ، فِي آخَرِينَ قَالُوا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، أنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، أنا الشَّافِعِيُّ ، أنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو ، مَوْلَى الْمُطَّلِبِ ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ حَنْطَبٍ ، رضي الله عنه ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا تَرَكْتُ شَيْئًا مِمَّا أَمَرَكُمُ اللَّهُ بِهِ إِلَّا وَقَدْ أَمَرْتُكُمْ بِهِ ، وَلَا تَرَكْتُ شَيْئًا مِمَّا نَهَاكُمُ اللَّهُ عَنْهُ إِلَّا وَقَدْ نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ ، وَإِنَّ الرُّوحَ الْأَمِينَ قَدْ أَلْقَى فِي رَوْعِي أَنَّهُ لَنْ تَمُوتَ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ رِزْقَهَا ، فَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ» وَقَالَ بَعْضُهُمُ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ: «قَدْ نَفَثَ فِي رَوْعِي» وَقَدْ رَوِّينَاهُ فِي كِتَابِ الْمَدْخَلِ وَغَيْرِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مُرْسَلًا وَمُتَّصِلًا

⦗ص: 500⦘

ثُمَّ ذَهَبَ الزُّهْرِيُّ فِي الْوَحْيِ إِلَى أَنَّهُ مِنْهُ مَا كَانَ سِرًّا فَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ النَّبِيُّ أَحَدًا ، وَمِنْهُ مَا لَمْ يَكُنْ سِرًّا فَحَدَّثَ بِهِ النَّاسَ ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَأْمُورًا بِكَتْبِهِ قُرْآنًا ، فَلَمْ يُكْتَبْ فِيمَا كُتِبَ مِنَ الْقُرْآنِ. قُلْتُ: وَمِنْهُ مَا كَانَ مَأْمُورًا بِكَتْبِهِ قُرْآنًا فَكُتِبَ فِيمَا كُتِبَ مِنَ الْقُرْآنِ

ص: 499

428 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَدِيبُ ، أنا أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ ، أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ ، ثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رضي الله عنهما فِي قَوْلِهِ عز وجل:{لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} [القيامة: 16] قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعَالِجُ مِنَ التَّنْزِيلِ شِدَّةً ، وَكَانَ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ فَقَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما ، أَنَا أُحَرِّكُهُمَا لَكَ كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُحَرِّكُهُمَا ، قَالَ سَعِيدٌ: وَأَنَا أُحَرِّكُهُمَا كَمَا كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُحَرِّكُهُمَا ، فَحَرَّكُ شَفَتَيْهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل:{لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمَعَهُ وَقُرْآنَهُ} [القيامة: 17]، قَالَ: جَمْعُهُ فِي صَدْرِكَ ، ثُمَّ تَقْرَؤُهُ:{فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} [القيامة: 18] قَالَ: فَاسْتَمِعْ لَهُ وَأَنْصِتْ ، {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا} [القيامة: 19] أَنْ تَقْرَأَهُ ، قَالَ: فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ عليه السلام اسْتَمَعَ ، فَإِذَا انْطَلَقَ جِبْرِيلُ عليه السلام قَرَأَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَمَا أَقَرَأَهُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ ، عَنْ قُتَيْبَةَ

ص: 501

429 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنا أَحْمَدُ بْنُ سَهْلٍ الْبُخَارِيُّ ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدَةَ ، ثنا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ الْبِيكَنْدِيُّ ، ثنا وَكِيعٌ ح ، وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ ، وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ - وَاللَّفْظُ لَهُ - قَالَا: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، أنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ، قَالَا: ثنا الْأَعْمَشُ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، رضي الله عنه ، قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي فِي حَرْثٍ بِالْمَدِينَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَسِيبٍ فَمَرَّ بِنَفَرٍ مِنْ يَهُودَ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ، لَوْ سَأَلْتُمُوهُ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَسْأَلُوهُ فَيُسْمِعَكُمْ مَا تَكْرَهُونَ ، فَقَامُوا إِلَيْهِ ، فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِمِ أَخْبِرْنَا عَنِ الرُّوحِ ، فَقَامَ سَاعَةً يَنْتَظِرُ الْوَحْيَ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ ، فَتَأَخَّرْتُ عَنْهُ حَتَّى صَعَدَ الْوَحْيُ ، ثُمَّ قَالَ:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمَرِ رَبِّي ، وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85]" زَادَ وَكِيعٌ فِي رِوَايَتِهِ ، قَالَ: فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: قَدْ قُلْنَا لَكُمْ: لَا تَسْأَلُوهُ وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُمْ: فَيُسْمِعَكُمْ مَا تَكْرَهُونَ "

⦗ص: 503⦘

رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْفَرٍ ، عَنْ وَكِيعٍ ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ ، عَنْ عِيسَى ، وَرَوَاهُ مُسْلِمُ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عِيسَى ، وَعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، عَنْ وَكِيعٍ

ص: 502

430 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو الْأَدِيبُ ، أنا أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ ، أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ ، ثنا أَبُو خَيْثَمَةَ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ ، عَنْ عُمَارَةَ ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رضي الله عنه ، قَالَ: أَتَى جِبْرِيلُ عليه السلام ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ خَدِيجَةُ أَتَتْكَ بِإِنَاءٍ فِيهِ إِدَامٌ ، وَطَعَامٌ ، أَوْ شَرَابٌ ، فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ فَاقْرَأْ عَلَيْهَا مِنْ رَبِّهَا السَّلَامَ وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ ، عَنْ أَبِي خَيْثَمَةَ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ

ص: 503