المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحرص على أسباب السعادة والحذر من أسباب الشقاوة - دروس للشيخ عبد العزيز بن باز - جـ ١٧

[ابن باز]

فهرس الكتاب

- ‌أسباب الثبات أمام الفتن

- ‌الغاية من خلق العباد

- ‌أهمية التواصي والتناصح بين المؤمنين

- ‌أهمية المحاسبة والمجاهدة

- ‌اغتنام الحياة بالأعمال الصالحة والتحلي بالصبر

- ‌الشعور بالمسئولية واجب الجميع

- ‌الحرص على أسباب السعادة والحذر من أسباب الشقاوة

- ‌الاهتمام بالقرآن والعناية به

- ‌الأسئلة

- ‌أسباب الثبات أمام الفتن

- ‌حكم الزواج بنية الطلاق

- ‌حكم التداوي مع التوكل على الله

- ‌مفهوم مصطلح الإرهاب والتطرف

- ‌الواجب تجاه من لا يعرف أحكام الإسلام

- ‌حكم شراء سيارة بالإيجار المنتهي بالتمليك

- ‌حكم وضع سجادة مستقلة للإمام وحكم حجز المكان في المسجد

- ‌حكم بيعتين في بيعة وبيع وشرط

- ‌أحكام السقط

- ‌بيان خطأ من حصر الكفر في التكذيب والجحود

- ‌علاقة العمل بمسمى الإيمان

- ‌وجوب العدل بين النساء في الحج وغيره

- ‌حكم الدكاكين المبنية بجوار المسجد

- ‌حكم الإشهاد في الرجعة من الطلاق

- ‌حكم استخدام الباروكة للنساء

- ‌خطورة انتشار الفضائيات على أخلاق الأمة

- ‌حكم الذهاب إلى المحاكم الوضعية لاستخلاص الحقوق

- ‌حكم اشتراط مبدأ التحكيم عند النزاع في بعض العقود التجارية

- ‌حكم تشريع القوانين الوضعية وإلزام الناس بها

- ‌حكم تقنين الشريعة بدعوى الضرورة

- ‌حكم استخدام الصور في المادة الإعلامية لمواجهة الإعلام الإباحي والعلماني

- ‌حكم الأعياد والمناسبات الوطنية والتهنئة بها

- ‌حال حديث: (يا عباس يا عماه)

الفصل: ‌الحرص على أسباب السعادة والحذر من أسباب الشقاوة

‌الحرص على أسباب السعادة والحذر من أسباب الشقاوة

احذر يا أخي هذا الموقف! احذر أن يخف ميزانك! احذر أن تعطى كتابك بيسارك! إنها مصيبة عظيمة، واحرص على أسباب السعادة والنجاة، وأن يثقل ميزانك، وأن تعطى كتابك بيمينك، وأن تكون من السعداء الرابحين الناجين.

هذه الدار دار المحاسبة، فحاسب نفسك، وانظر في أعمالك ليلاً ونهاراً ودائماً حتى تموت، فإن كنت مستقيماً فاحمد الله، واشكره، واصبر وصابر، واسأل ربك التوفيق والثبات، أما إن كنت قد قصرت وأهملت في بعض الأشياء فحاسب نفسك، وتب إلى الله، واستقم، وراجع ما فرطت فيه، واستقم على أوامر الله، وابتعد عن نواهي الله، عن نية صادقة، وعن إخلاص لله، وعن رغبة فيما عند الله، وعن صدق {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة:119] فالصدق لابد منه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة:119]{فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ} [محمد:21]، ويقول سبحانه في آخر سورة المائدة:{هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [المائدة:119] ، هذا حال الصادقين، من صدق مع الله في أداء الحق، وترك ما نهى الله عنه، وفي مجاهدة النفس بالخير، والمسارعة إلى الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتواصي بالحق، والنصح لله ولعباد الله من جاهد نفسه وجد العاقبة الحميدة، حمد العاقبة وربح في الدنيا والآخرة، ومن أضاع وأهمل ندم العاقبة.

فالواجب الحذر، وأن تحاسب نفسك في ليلك ونهارك: ماذا فعلت؟ ما الذي قصرت فيه؟ حتى تعرف مالك وما عليك.

واحذر صحبة الأشرار الذين يثبطونك عن الخير ويعينونك على الشر، وعليك بصحبة الأخيار الذين إن ذكرت أعانوك، وإن نسيت ذكروك بالخير وجاهدوا معك، وصبروك وأعانوك وشجعوك على الخير عليك بصحبة الأخيار، فالمرء على دين جليسه، وعلى دين خليله، فاحرص على صحبة الأخيار الطيبين، الذين يعينونك على الخير، ويذكرونك إذا نسيت، ويشجعونك إذا كسلت عليك بصحبة الأخيار، واحذر صحبة الأشرار، الذين يثبطونك عن الحق ويجرونك إلى الباطل احذر صحبتهم.

فالمؤمن على حسب حاله، إن نصح لله ولعباده وصحب الأخيار سعد غاية السعادة، وإن فرط وأضاع ندم غاية الندامة، فأنت -يا عبد الله- تخلّق بأخلاق المؤمنين والزمها {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة:71] ، ويقول صلى الله عليه وسلم:(كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قيل: يا رسول الله! من يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى) ، من أطاع الله ورسوله دخل الجنة وفاز بالسعادة، ومن عصى الله ورسوله فقد أبى وتعرض لغضب الله وعقابه.

فالواجب الحذر، والواجب جهاد النفس، قال تعالى:{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:69]، وقال سبحانه:{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} [محمد:31] ، فلابد من المجاهدة، ولا بد من الصبر، قال تعالى:{وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [العنكبوت:6] ، جاهد نفسك لعلك تنجو، فأنت في خطر، هذه الدار دار خطر، دار الغرور، دار الفتنة، {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [آل عمران:185] {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ} [التغابن:15] أنت في دار الغرور، دار الفتن، دار الشهوات، دار الإغراء بما حرم الله، فعليك بالحذر ما دمت في هذه الدار، جاهد نفسك، واصبر على طاعة ربك، واحذر عصيانه، والزم الأخيار، واحذر الأشرار، هذا هو طريق السعادة هذا هو طريق النجاة هذا هو سبيل الخير، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:(من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين) ، فعليك بالتعلم، تفقه في الدين وتبصر.

ص: 7