المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثمار العبادة وآثارها - دروس للشيخ عبد العزيز بن باز - جـ ٦

[ابن باز]

فهرس الكتاب

- ‌العبادة وأثرها على الفرد والمجتمع [2،1]

- ‌مفهوم العبادة

- ‌تعريف العبادة في الشرع

- ‌مراتب العبادة

- ‌حث الأفراد والمجتمعات على الاعتناء بالعبادة

- ‌ثمار العبادة وآثارها

- ‌الفوز بجنات النعيم

- ‌مصير المفرطين والمقصرين في العبادة

- ‌أهمية التناصح على تحقيق العبودية

- ‌العناية بالكتاب والسنة

- ‌الأسئلة

- ‌حكم إيداع النقود في البنوك الربوية بدون أخذ فوائد

- ‌توجيه إلى الأئمة الذين يتركون مساجدهم في رمضان لأجل العمرة

- ‌حكم دفع المرأة زكاة مالها لزوجها

- ‌حكم تشريح الموتى والتبرع بأعضائهم

- ‌حال حديث: (الدنيا ملعونة) ومعناه

- ‌حكم تأخير الصلاة إلى بعد انتهاء وقتها تعمداً

- ‌حكم الأموال المكتسبة من الحرام

- ‌حكم رفع الصوت بالذكر عقب الصلوات

- ‌حكم مشاهدة المصارعة

- ‌حكم الوضوء والغسل من تغسيل الميت

- ‌حكم قراءة سورة بعد الفاتحة في الركعتين الأخريين في الثلاثية والرباعية

- ‌طلب نشر مجلة البحوث في الأسواق

- ‌طلب بنشر تعليقات ابن باز على بلوغ المرام

- ‌حكم استعمال العادة السرية

- ‌حكم بيع الدم

- ‌حكم المسابقات

- ‌حكم الجمعيات المنتشرة بين الموظفين

- ‌حكم من جامع امرأته في نهار رمضان

- ‌زكاة حلي النساء

- ‌حكم استعمال حبوب منع الحمل في رمضان وحكم رفع المرأة صوتها على زوجها

- ‌نصائح في طريق الاستقامة والهداية بعد الانتكاسة

- ‌حكم من قال لزوجته: أنت حرام علي إذا فعلت كذا ففعلته ناسية

- ‌نصائح للشاب المراهق الذي لا يستطيع الزواج ولا الصوم

- ‌حكم أخذ الأجرة على إمامة المصلين في رمضان

- ‌حكم منع الرجل زوجته من مشاهدة التلفاز

- ‌حكم النكت وحكم سماعها

- ‌كيفية التخلص من الأموال المحرمة

- ‌حكم غسل المرأة إذا جامعها زوجها من غير إيلاج

- ‌حكم أخذ المرأة من شعرها

- ‌المشروع في كفارة قتل الخطأ

- ‌حكم الزواج من غير المسلمات

الفصل: ‌ثمار العبادة وآثارها

‌ثمار العبادة وآثارها

بهذه العبادة التي سمعنا إيضاحها وبيانها يرتقي العبد إلى درجة الأخيار، درجة السابقين، وعلى رأسهم الرسل عليهم الصلاة والسلام، هم أفضل الناس، وهم الطبقة العليا عليهم الصلاة السلام، ثم يليهم المؤمنون السابقون من عباد الله، الذين جاهدوا أنفسهم لله، وساروا على نهج رسول الله، معظمين لله، موحدين له، مخلصين له، مؤدين ما أوجب، تاركين ما حرم، مسارعين إلى كل خير، ومنافسين في كل طاعة، ومبتعدين عن الشر ووسائله وذرائعه.

وأعظم ذلك وأهمه: تحقيق الشهادتين، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، هاتان الشهادتان هما أصل العبادة، وهما أفضل العبادة، وهما الأساس الذي تنبني عليه جميع العبادات، فشهادة أن لا إله إلا الله معناها: إخلاص العبادة لله وحده، والإيمان بأنه مستحق للعبادة، وأنه لا معبود بحق سواه جل وعلا، وجميع ما عبده الناس من دون؛ الله، من أصنام، أو أنبياء، أو ملائكة، أو أشجار، أو كواكب، أو أموات في قبورهم، أو غير ذلك كله معبود بالباطل، والمعبود بالحق هو الله وحده سبحانه وتعالى، كما قال عز وجل:{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} [الحج:62]، وقال سبحانه:{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} [البقرة:163]{إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً} [طه:98]{شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران:18]{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} [محمد:19] .

فهذه الكلمة هي الأساس، ومعناها: لا معبود بحق إلا الله، فهي تنفي العبادة بجميع أنواعها عن غير الله بقولك: لا إله، وتثبت العبادة لله وحده في قولك: إلا الله، فهو سبحانه المستحق للعبادة؛ من صلاتك، وصومك، وسجودك، وصدقاتك، وحجك، وصيامك، وجميع سائر العبادات؛ من دعاء، وخوف، ورجاء، واستغاثة، واستعانة وغير ذلك، يجب أن يكون هذا لله وحده، حيث قال سبحانه:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} [البينة:5]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:(الدعاء هو العبادة) ، فالدعاء يكون باللسان، كاغفرلي، وارحمني، وانصرني ونحو ذلك، ويكون بالفعل؛ كالصلاة، والصوم، فإنها دعاء، دعاء عبادة.

وقال عز وجل: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً} [لنساء:36]{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} [البقرة:21]، أي: وحدوه وخصوه بكل ما أمركم به، عن إيمان به، وعن رغبة فيما عنده، وهكذا ترك ما نهاكم عنه، عن إيمان به، ورغبة فيما عنده، فهو يصلي ليعبد الله، ويرجو فضله وإحسانه، يصوم كذلك يزكي كذلك يتصدق يحج يبر والديه يصل أرحامه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر يقرأ القرآن إلى غير ذلك، فيعبد الله بذلك، يقصد وجهه الكريم سبحانه وتعالى، ويتقرب إليه يرجو فضله وإحسانه.

وهكذا في تركه المحارم، يبتعد عما حرم الله عليه من الزنا، وشرب المسكر، وأكل الربا، والعقوق للوالدين، وقطيعة الرحم، والغيبة، والنميمة إلى غير ذلك من المعاصي، يتركها لله خوفاً من الله، لا من أجل مجاملة الناس، أو رياء الناس، أو لمقاصد أخرى، بل يدع ما حرم الله عن إخلاص لله، وعن تعظيم لله؛ لأن الله حرمها عليه، وأمره بتركها، فهو يدع المحارم إخلاصاً لله، ومحبة له، وتعظيماً له، وطاعة له، كما يؤدي الفرائض طاعة لله وتعظيماً له، ورغبة فيما عنده سبحانه وتعالى.

هذه هي العبادة، أوامر تفعل ونواهي تترك، ويضاف إلى ذلك كل ما شرعه الله من العبادة غير الواجبة، من تسبيح وتهليل، وصدقات تطوع، وصيام تطوع، وصلاة تطوع، وحج تطوع، كله تبع العبادة.

ص: 6