الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إن الهجرة أشبه بعملية احتشاد، ومرحلة استنفار، وقاعدة حماية، أخذ فيها النبي صلى الله عليه وسلم بكل الأشباب متوكلا على ربه، قبل أن يعلن النفير، وتدق ساعة الصفر - كما يقال- ولا غرور فهو القائل:((إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم))، كل هذا تعليم منه صلى الله عليه وسلم للإنضباط في جميع شؤون الحياة من سفر وإقامة مع نبذ للفوضوية والارتجال والتخبط ولو حسنت معها النية والله عز وجل يقول:(لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً)(الأحزاب:21)
بهداه أيها الداعي اقتده
…
وابتغ الأخرى وأخلص في العمل
فأحزم الناس من لو مات في ظمأ
…
لا يقرب الورد حتى يعرف الصدرا
كأني بك بعد هذا كله قد حددت وجهتك.
وعرفت طريقك.
وأخذت عدتك وأهبتك.
واخترت رفقتك.
وأخذت بجميع أسباب نجاتك في سفرك.
فدونك هذه الإشارات التي لا بد منها لعلها تغريك بالمسير في الطريق، وتحذرك من العقبات التي تصد عن بلوغ الغاية في الميسر.
* * * * *
الإشارة الأولى: أنو الخير واعمل بمقتضى هذه النية
بالنية يتحدد السفر، وتتضح الواجهة، وعلى أساسها يخطط منهج الرحلة، فهي أساس الأمر ورأسه وعموده وأصله، بل هي روح العمل وقائده وسائقه يصح بصحتها ويفسد بفسادها، يستجلب التوفيق بها ويحصل الخذلان بعدمها، وبحسب النية تتفاوت الدرجات في الدنيا والآخرة، وكل المناهل غير الصدق آسنة. (وسنة الله أن من نوى الخير وعمل بمقتضى تلك النية أن يوفق ويسدد ويؤيد ويبلغ من الخير ما يريد).
وفوق ما يريد بإذن ربه، يقول الله جل وعلا:(وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ)(النساء: من الآية100).
(مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ)(الشورى: من الآية20).
(وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً)(الاسراء:19)
ومن نوى الشر وعمل بمقتضى تلك النية حرم التوفيق، وحالفه الخذلان والهوان، وإن بدا غير ذلك فإنما هو سراب أو أحلام لا تلبث أن تنقشع فيظهر المستور، يقول الله جل وعلا:(مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً)(الاسراء:18).
ويقول (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ
…
) (هود:15 - 16).
(وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ)(آل عمران: من الآية145)، فانو الخير واعمل بمقتضى تلك النية فإنك لا تزال بخير ما نويت الخير، (وإنما الأعمال بالنيات ولكل إمرئ ما نوى) رواه البخاري ومسلم.
القصد وجه الله بالأقوال
…
والأعمال والطاعات والشكران
وبذاك ينجو العبد من إشراكه
…
ويصير حقا عابد الرحمن
* * * * *