الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)(يوسف:108).
* * * * *
الإشارة الرابعة والعشرون: لا تضخم قضية على حساب أخرى
بمعنى أحذر الحَوَل على الطريق فعلى المستوى الجماعي ترى من يقول:
* أهم شيء أن نعرف واقع المسلمين وواقع أعدائهم يعني أهم شيء القضايا السياسية لأننا نعيش الآن زمانا، ما هو بزمن الدراويش!
وهكذا تجد أصحاب هذا التيار يحفظون كل شيء عن الشيوعية والعلمانية والماسونية، والبهائية، والقديانية .. ثم تسأل عن الإسلام .. فلا يعرف منهم عن الإسلام شيئاً!!
* وعلى العكس من ذلك فقد تضخم جماعة قضية العبادات فيقولون: أهم شيء صلتك بالله أهم شيء النية الطيبة، أهم شيء الصلاة، أن تكون زاهداً، تقياً، والخطأ هنا ليس في الإهتمام بها لكن أن تُلغى القضايا الأخرى كلها على حساب هذا الجانب فهذا هو الخطأ.
* وقد يأتي آخرون - وهذا موجود في الساحة الإسلامية- يقولون: أهم شيء وحدة الصف، يقول تعالى:(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا)(آل عمران:103). فيجعلون هذه أهم قضية ولو كانت على حساب العقائد! يتحدون مع اناس تختلف عقائدهم عن عقائدنا، مدعين أن أهم شيء أن نلتقي، نحن الآن في زمان تكالب فيه أعداؤنا علينا! والصحيح
…
أن نلتقي على أسس، نلتقي على دين، لا أن نلتقي على فوضى وعلى خلاف في العقائد.
* فلا بد إذا من التوازن في هذه القضايا وغيرها. فمدخل الشيطان عموماً هو أن يضخم جانبا على حساب جانب آخر!!
* * * * *
الإشارة الخامسة والعشرون: ما دام الأجل باقيا كان الرزق آتيا
(فرع خاطرك للهم بما أمرت به ولا تشغله بما ضمن لك، فإن الرزق والأجل قرنينان مضمونان، فما دام الأجل باقيا كان الرزق آتيا. وإذا سد عليك بحكمته طريقا من طرقه فتح لك برحمته طريقا لك منه.
فتأمل حال الجنين يأتيه غذاؤه، وهو الدم، من طريق واحد وهو السرة، فلما خرج من بطن الأم انقطعت تلك الطريق وفتح له طريقين إثنين وأجري له فيهما رزقا أطيب وألذ من الأول لبنا خالصا سائغاً، فإذا تمت مدة الرضاع وانقطعت الطريقان بالفطام فتح طرقاً أربعة أكمل منها: طعامان وشرابان. فالطعامان من الحيوان والنبات، والشرابان من المياه والألبان وما يضاف إليهما من المنافع والملاذ.
فإذا ما انقطعت عنه هذه الطرق الأربعة، لكنه سبحانه فتح له - إن كان سعيداً - طرقا ثمانية وهي أبواب الجنة يدخل من أيها شاء. فهكذا الرب سبحانه لا يمنع عبده المؤمن شيئا من الدنيا إلا ويؤتيه أفضل منه وأنفع له. وليس ذلك لغير المؤمن. فإن يمنعه الحظ الأدنى الخسيس ولا يرضى له به ليعطيه الحظ العلى النفيس، والعبد لجهله بمصالح نفسه وجهله بكرم ربه وحكمته ولطفه لا يعرف التفاوت بين ما منع منه وما ذخر له.
بل هو مولع بحب العاجل وإن كان دنيئا. وبقلة الرغبة في الآجل وإن كان علياً. ولو أنصف العبد ربه وأنى له بذلك، لعلم أن فضله عليه فيما منعه من الدنيا ولذاتها ونعيمها أعظم من فضله عليه فيما آتاه من ذلك، فما منعه إلا ليعطيه. ولا ابتلاه إلا ليعافيه، ولا امتحنه إلا ليصافيه، ولا أماته إلا ليحييه، ولا أخرجه إلى هذه الدار إلا ليتأهب منها للقدوم عليه وليسلك الطريق الموصلة إليه فـ (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً) (الفرقان:62)
…
والله المستعان.
* * * * *