الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإشارة الرابعة: إنما عليك الجهد
افعل وسعك وطاقتك، وما تستطيع الدوام عليه لئلا تنقطع في الطريق ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها. وإذا صلحت المقاصد لم يخب القاصد.
على المرء أن يسعى إلى الخير جاهدا
…
وليس عليه أن تتم المقاصد
* * * * *
الإشارة الخامسة: وتعاونوا على البر والتقوى
المؤمنون جماعة واحدة، ويد واحدة، وجسم واحد، وبنيان واحد، والجميع مسؤولون عن تبليغ دين الله على سبيل التعاون والتآزر والتضامن مع السعي الجاد إلى تغيير واقع الأمة ونقلها من مجرد الإحساس إلى الوعي بأسباب الواقع والطريق إلى إخراجها من ذلك الواقع، التعاون من اجل تمكين منهج الله جل وعلا في الأرض قاطبة مطلب وضرورة، تجعل كل فرد يضاف إلى الآخر ثم تستثمر كافة العقول والسواعد والدقائق، ((والمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً)) وكل يستفيد من الآخر، إذا عن بحر لا يجوز التيمم، والخيط الواهي إذا انضم إليه مثله أصبح حبلا متينا يجر الأثقال.
ذكر صاحب (مواقف إيمانية) أنه في حج 1395هـ رأى آلاف الحجاج منظرا يثير المشاعر ويستجيش المدامع، شاهدوا حاجين أحدهما أعمى قادر على المشي، والثاني مشلول بصير العنين، أراد الأعمى ان يستفيد من بصر المشلول، وأراد المشلول أن يستفيد من حركة الأعمى، فاتفق الحاجان على أن يحمل الأعمى المشلول فالحركة من الأعمى والتوجيه من المشلول، وقاما بتأدية المناسك على مشقة وجهد يعلمها الله فالأمر ليس هينا وكلكم يعلم؛ عند الطواف زحام، وعند السعي زحام، وعند رمي الجمار زحام، وفي كل مكان زحام، لكن العزيمة الصادقة، والثقة بالله عظيمة، ورجاء ما عنده ينسى المتاعب والمكاره والمشقة)، أدوا فريضتهم ضاربين أروع المثلة في التعاون والإستفادة من الطاقات، هذا كله في تعاون اثنين فكيف لو تظافرت جهود امة بطاقاتها ومواهبها، وإمكاناتها في خدمة دينها، كيف يكون الأمر لا شك انه سيكون: كالبحر يقذف للقريب جواهرا
…
جوداً ويبعث للبعيد سحائبا
إن التعاون طريق إلى البناء والنجاح، ونظرة يلقيها المرء على خلق الله تؤكد هذا الأمر (أمة النحل أمة عجيبة، طائفة من أمة تبني البيوت، وطائفة تنظفها، وطائفة تحرسها وتحميها، وطائفة تدل على مواضع الأزهار، وطائفة تمتص الرحيق لتأتي به وتخرج العسل اللذيذ () وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ) (الأنعام:38)
والنمل تبني قراها من تماسكها
…
والنحل يجني رحيق الزهر أعوانا
إن يدا واحدة لا تصفق -كماقيل- حتى إذا لم يبق إلا تلك اليد أدت ما عليها غير ملومة وحالها:
إذا عز في قومي المسعفون
…
فإنك يا خالقي مسعفي
فما أنا بالمستسيغ القعود
…
ولا أنا بالشارد المسرف