الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(قبر وجدنَا)
بِالْقربِ من قبر الوَاسِطِيّ - الْمَذْكُور من جِهَة الْقبْلَة قبر على جَانب الطَّرِيق السالك يعرف بِقَبْر وجدنَا وَالسَّبَب فِي ذَلِك انه مر اثْنَان وَهُوَ رَاكب فَقَرَأَ عِنْده قَوْله تَعَالَى (ووجوا مَا عمِلُوا حَاضرا وَلَا يظلم رَبك أحدا) فَأجَاب من الْقَبْر بقوله وجدنَا وجدنَا حَتَّى سَمعه ذَلِك الرجل وَهُوَ قبر مَشْهُور عَلَيْهِ أَحْجَار كبار وَلَا يعرف اسْم صَاحبه وَإِنَّمَا يعرف بِقَبْر وجدنَا وَقد وهم بعض النَّاس فَظَنهُ قبر الوَاسِطِيّ وَلَيْسَ كَذَلِك فَإِن ذَاك اسْمه مَكْتُوب على الْقَبْر وَهَذَا لَيْسَ عَلَيْهِ كِتَابَة وَحكي ان بعض النَّاس اخذ الْأَحْجَار الَّتِي على قبر وجدنَا ونقلها الى مَكَان آخر فَأصْبح وَقد وجدهَا على الْقَبْر كَمَا كَانَت فعد ذَلِك من كراماته رحمه الله الْفَقِيه شرف الدّين قَاسم بن الشَّيْخ الْقدْوَة علم الدّين سُلَيْمَان بن شرف الدّين قَاسم الحوراني نزيل الْقُدس الشريف كَانَ مَوْجُودا فِي سنة سِتّ وَتِسْعين وسِتمِائَة وَهُوَ جد بني قَاسم الْمَشْهُورين بالقواسمه وَكَانَ لَهُ وصلَة بالأمير سنجر الدويدار وَاقِف الدويدارية بِبَاب شرف الْأَنْبِيَاء وَجعله مشارفا لمدرسته وأشركه فِي النّظر مَعَ وَلَده جمال الدّين مُوسَى وَعين ذَلِك فِي كتاب وَقفه - الْمُتَقَدّم ذكر تَارِيخه عِنْد ذكر الْمدرسَة الشَّيْخ أَبُو يَعْقُوب المغربي الْمُقِيم بالقدس الشريف كَانَ النَّاس يَجْتَمعُونَ بِهِ وَهُوَ مُنْقَطع بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى توفّي فِي الْمحرم سنة ثَمَان وَتِسْعين وسِتمِائَة الشَّيْخ الصَّالح العابد الزَّاهِد جلال الدّين أَبُو اسحاق ابراهيم بن الصَّدْر زين الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد بن مَحْمُود بن مُحَمَّد الْعقيلِيّ الْمَعْرُوف بِابْن القلانسي ولد سنة أَربع وَخمسين وسِتمِائَة سمع على جمَاعَة واشتغل بصناعة الْكِتَابَة ثمَّ انْقَطع وَترك ذَلِك كُله وَاقْبَلْ على الْعِبَادَة والزهادة وَبنى لَهُ الْأُمَرَاء بِمصْر زَاوِيَة وترددوا اليه وَكَانَ فِيهِ بشاشة وَقَضَاء حَاجَة وَكَانَ ثقيل السّمع ثمَّ انْتقل الى الْقُدس وَقدم دمشق وَحدث بهَا ثمَّ عَاد الى الْقُدس وَتُوفِّي لَيْلَة الْأَحَد الثَّالِث من ذِي الْقعدَة سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَسَبْعمائة وَدفن بماملا رحمه الله الشَّيْخ الصَّالح أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن ابراهيم الْمصْرِيّ الْقصرى توفّي يَوْم الْخَمِيس ثَالِث ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَعشْرين وَسَبْعمائة وَدفن بماملا رحمه الله الشَّيْخ الْعَلامَة نَاصِر الدّين أَبُو عبد الله بن مُحَمَّد الشَّيْخ الدّين سُلَيْمَان بن غَانِم شيخ حرم الْقُدس الشريف رَأَيْت توقعاً لَهُ من قَاضِي الْقُضَاة عَلَاء الدّين ابي الْحسن عَليّ القونوي الشَّافِعِي قَاضِي دمشق بمشيخة الْحرم بالقدس الشريف تَارِيخ التوقع فِي يَوْم الْجُمُعَة ثامن شَوَّال سنة تسع وَعشْرين وَسَبْعمائة الشَّيْخ ابراهيم الهدمة اصله كردِي من بِلَاد الشرق قدم الشَّام وَأقَام بَين الْقُدس والخليل فِي أَرض اخْتَارَهَا وعنى بهَا وَزرع فِيهَا وَكَانَ يقْصد للزيارة وَظَهَرت لَهُ كرامات وَقد بلغ مائَة سنة وَتزَوج فِي آخر عمره ورزق اولادا صالحين وَحكي عَنهُ انه كَانَ يصرف لَهُ من سماط سيدنَا الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام فِي كل يَوْم عشرَة أرغفة فَكَانَت تجمع لَهُ من أول الاسبوع إِلَى آخِره فيحضر فِي آخر يَوْم من الاسبوع وَيدْفَع لَهُ الْخبز عَن جَمِيع ذَلِك الاسبوع ويفت فِي وعَاء وَيُوضَع عَلَيْهِ الحشيشة من السماط الْكَرِيم فيأكله جَمِيعه وَيسْتَمر بَقِيَّة الاسبوع لَا يَأْكُل شَيْئا توفّي فِي جمادي الْآخِرَة سنة ثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَدفن بِالْقربِ من قَرْيَة سعير بَين الْقُدس والخليل رحمه الله الشَّيْخ الامام الْعَالم الْعَلامَة الْقدْوَة الْمُحَقق برهَان الدّين أَبُو اسحاق ابراهيم ابْن عمر بن ابراهيم بن خَلِيل الْمقري الجعبري الخليلي الشَّافِعِي وَكَانَ يُقَال لَهُ شيخ الْخَلِيل ولد بجعبر فِي حُدُود سنة اربعين وسِتمِائَة وتلا بالسبع وبالعشر ثمَّ قدم دمشق ثمَّ رَحل الى بلد الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام وَأقَام بِهِ مُدَّة طَوِيلَة نَحْو اربعين سنة ورحل النَّاس اليه وروى عَنهُ خلائق وصنف نزهة البررة فِي القراآت الْعشْرَة وَشرح الشاطبية والرائية وَاخْتصرَ مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب ومقدمته فِي النَّحْو وكمل شرح التَّعْجِيز فَإِن صَاحبه لم يكمله وَله مُصَنف فِي عُلُوم الحَدِيث ومناسك إِلَى غير ذَلِك من التصانيف المختصرة الَّتِي تقَارب الْمِائَة وَكَانَ منور الشيبة ولي مشيخة مَسْجِد الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام إِلَى أَن توفّي فِي يَوْم الْأَحَد الْخَامِس من شهر رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَدفن بِظَاهِر الْبَلَد تَحت الزيتونة وَله ثِنْتَانِ وَتسْعُونَ سنة رحمه الله الشَّيْخ سيف الدّين أَبُو بكر بن الشَّيْخ الْقدْوَة حسن بن الشَّيْخ الْقدْوَة غَانِم الانصاري كَانَ مَوْجُودا فِي الْمحرم سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَولده الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد وَالشَّيْخ عبد الرَّحِيم كَانَا موجودين فِي شهر رَجَب سنة أَربع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وَمِمَّنْ كَانَ فِي عصر الشَّيْخ سيف الدّين الشَّيْخ شرف الدّين عِيسَى بن مُوسَى ابْن الشَّيْخ غَانِم وَلم أطلع لأحد مِنْهُم على تَرْجَمَة ولاتاريخ وَفَاة رَحِمهم الله تَعَالَى الشَّيْخ فَخر الدّين عُثْمَان بن برهَان الدّين ابراهيم العجمي الشَّافِعِي كَانَ من الْفُقَهَاء والعدول بالقدس الشريف وَكَانَ مَوْجُودا فِي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة الْأَمِير جلال الدّين الْعشي بن عز الدّين بن حسام الدّين اتابك الكيلاني الْمَغَازِي من ذُرِّيَّة أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر بن الْخطاب رضي الله عنه توفّي يَوْم الِاثْنَيْنِ مستهل سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة القَاضِي عَلَاء الدّين أَبُو الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد الصَّالِحِي الشَّافِعِي خَليفَة الحكم الْعَزِيز بالقدس الشريف كَانَ مَوْجُودا فِي سنة ثَمَانِينَ وَسَبْعمائة الشَّيْخ الْفَاضِل شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن ابراهيم بن خَلِيل بن ابي الْعَبَّاس الجعبري الشَّافِعِي ولد فِي حُدُود التسعين والستمائة وَسمع الحَدِيث على جمَاعَة مِنْهُم وَالِده واستجاز لَهُ أَبوهُ جمعا وَولي مشيخة حرم الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة
وَالسَّلَام بعد وَالِده وانفصل مِنْهَا ثمَّ اعيد وَاسْتمرّ الى أَن مَاتَ فِي ثَالِث عشر صفر سنة تسع واربعين وَسَبْعمائة وَكَانَ قد زوجه وَالِده بِالْمَرْأَةِ الصَّالِحَة زهراء بنت الشَّيْخ زين الدّين عمر بن أخي الشَّيْخ عَليّ البكا فَولدت لَهُ عدَّة أَوْلَاد يعرف مِنْهُم خَمْسَة مُحَمَّد وَأحمد وَعمر وَعلي وابراهيم فَأَما مُحَمَّد فَلم يعرف من حَاله إِلَّا أَنه استجيز لَهُ جمع كَبِير من الْعلمَاء وَكَأَنَّهُ مَاتَ صَغِيرا وَأما أَحْمد فَإِنَّهُ عَاشَ وَحدث لَهُ أَوْلَاد وَلَكِن لَا تعرف لَهُ تَرْجَمَة وَأما عمر فَالظَّاهِر أَنه الْأَكْبَر وَله تَرْجَمَة هُوَ الشَّيْخ الْفَاضِل الصَّالح ولد سنة ارْبَعْ عشرَة وَسَبْعمائة واستجاز لَهُ الْحَافِظ أَبُو مُحَمَّد البرزالي جمعا كَبِيرا من الْعلمَاء وَولي مشيخة حرم الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام بعد وَالِده مُسْتقِلّا بهَا وَكَانَ يقاسم اخوته الْمَعْلُوم الْمُتَعَلّق بهَا وَأخذ طَريقَة السَّادة الصُّوفِيَّة البكائية عَن خَاله الشَّيْخ عَليّ بن الشَّيْخ عمر فَكَانَ شيخ الطَّائِفَة الْمَذْكُورَة وَشَيخ الزاوية الكائنة على ضريح الشَّيْخ عَليّ البكا والناظر عَلَيْهَا وَكَانَ مُعْتَقدًا فِيهِ الصّلاح وَالْخَيْر توفّي فِي سنة خمس وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَأَخُوهُ عَليّ هُوَ الشَّيْخ الصَّالح الْفَاضِل نور الدّين وَيُقَال عَلَاء الدّين أَبُو الْحسن ولد فِي حُدُود سنة عشْرين وَسَبْعمائة واستجاز لَهُ جده الامام برهَان الدّين الْعَلامَة شرف الدّين الْبَارِزِيّ وَسمع عَليّ الْمَيْدُومِيُّ وَغَيره وَولي مشيخة حرم الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام بعد أَخِيه الشَّيْخ عمر وَتُوفِّي بعد أَن فوض المشيخة إِلَى وَلَده - الْآتِي ذكره - سنة ثَلَاث وَثَمَانمِائَة وَأَخُوهُ الشَّيْخ برهَان الدّين ابراهيم لم يعرف لَهُ تَرْجَمَة وَوجدت وَصيته فِي سنة خمس وَثَمَانمِائَة وَأما ولد الشَّيْخ نور الدّين - الْمَوْعُود بِذكرِهِ - هُوَ الشَّيْخ الصَّالح الْفَاضِل
شمس الدّين أبوعبد الله مُحَمَّد بن الشَّيْخ نور الدّين عَليّ بن مُحَمَّد بن ابراهيم الجعبري ولد سنة سِتّ وَخمسين وَسَبْعمائة وَسمع من ابيه وَعَمه الشَّيْخ عمر وَغَيرهمَا وَكَانَت عِنْده الْخِرْقَة البكائية عَن عَمه ووالده وَتفرد بروايتها وقصده جمَاعَة لأخذها عَنهُ وَولى مشيخة الزاوية البكائية بعد عَمه الشَّيْخ عمر ومشيخة الْحرم بعد أَبِيه بتفويض مِنْهُ وَتزَوج بنت عَمه الشَّيْخ برهَان الدّين ابراهيم وَحدث لَهُ مِنْهَا أَوْلَاد مِنْهُم الشَّيْخَانِ الشمسي والسراجي المعروفان وَسَنذكر ترجمتهما فِيمَا بعد إِن شَاءَ الله تَعَالَى الشَّيْخ الْعَالم الْفَاضِل زين الدّين عبد الْقَادِر توفّي بعد ان اشْتغل بِالْعلمِ وَالْقِرَاءَة والْحَدِيث وَسمع عَليّ الْمَيْدُومِيُّ وَغَيره وَكَانَت وَفَاته فِي سنة سبع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة عَن ازيد من اربعين سنة وَتُوفِّي الشَّيْخ شمس الدّين الجعبري - الْمشَار اليه - فِي إِحْدَى واربعين وَثَمَانمِائَة مطعونا وَزَوجته سِتّ الْمَشَايِخ بنت برهَان الدّين مولدها سنة ارْبَعْ وَخمسين وَسَبْعمائة وَتوفيت فِي سنة ثَلَاث واربعين وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن بدر الدّين حسن بن عَلَاء الدّين ابي الْحسن عَليّ الصَّفَدِي الشَّافِعِي كَانَ من اعيان الْفُقَهَاء بالقدس الشريف وَكَانَ يتَحَمَّل الشَّهَادَة عِنْد الْقُضَاة وَكَانَ مَوْجُودا فِي حُدُود الْخمسين والسبعمائة الشَّيْخ الامام الْعَالم الْعدْل المعمر شرف الدّين قَاسم بن سُلَيْمَان بن قَاسم الْأَذْرَعِيّ الْقُدسِي إِمَام قبَّة مُوسَى بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشريف مولده فِي سنة ثَمَان وَسبعين وسِتمِائَة وَأَجَازَ للشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر النابلسي الْحَنْبَلِيّ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَتُوفِّي بالقدس الشريف فِي سنة خمس وَخمسين وَسَبْعمائة الشَّيْخ الامام الْعَالم الْعَامِل البارع الْمُحدث المعمر صدر الاكابر قطب الدّين ابو بكر مُحَمَّد بن الشَّيْخ جمال الدّين مُحَمَّد بن الشَّيْخ الامام الْعَالم جلال الدّين أبي الْعَزْم مكرم الانصاري الخزرجي نزيل الْحَرَمَيْنِ الشريفين والقدس الشريف مولده فِي سنة سبعين وسِتمِائَة وَله سَنَد عَال فِي الحَدِيث أجَاز للشَّيْخ شمس الدّين عبد الْقَادِر
النابلسي الْحَنْبَلِيّ بالقدس الشريف فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَسَبْعمائة الشَّيْخ الامام الْعدْل المرتضى أَمِين الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عبد الرحمان الْجَزرِي أحد اصحاب الْفَخر البُخَارِيّ قَرَأَ عَلَيْهِ الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر النابلسي الْحَنْبَلِيّ الحَدِيث واجازه بقبة الصَّخْرَة الشَّرِيفَة فِي ثَالِث عشر جمادي الْآخِرَة سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَسَبْعمائة الْمسند شمس الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن عبد الله بن خطاب بن الْيُسْر الْقُدسِي الموقت بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشريف ولد فِي الْمحرم سنة ارْبَعْ وعشين وَسَبْعمائة سمع من الْحجاز وَمن العلائي وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء واجاز لأبي الْفَتْح المراغي فِي سنة ثَمَان وَخمسين وَسَبْعمائة الشَّيْخ الامام الْعَالم الْعَامِل الصَّالح الْقدْوَة الْكَبِير الزَّاهِد مربي الطالبين مرشد السالكين ولي الله فِي الْعَالمين الشَّيْخ عَليّ الصفي البسطامي شيخ فُقَرَاء البسطامية بالقدس الشريف كَانَ من الْأَوْلِيَاء الْمَشْهُورين توفّي فِي عصر يَوْم الْخَمِيس ثَانِي عشر صفر سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وَدفن بالبسطامية بماملا قدس الله روحه الشَّيْخ الصَّالح الشَّهِيد المرحوم عَليّ بن أَحْمد المذكوري توفّي فِي سَابِع عشر ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة الشَّيْخ الْحَافِظ الْمُحدث جمال الدّين أَبُو مَحْمُود أَحْمد بن مُحَمَّد بن ابراهيم بن هِلَال الْقُدسِي الخواصي الشَّافِعِي ولد فِي سنة ارْبَعْ عشرَة وَسَبْعمائة ضبط وافاد ورحل ودرس بِالْمَدْرَسَةِ التنكزية بالقدس الشريف بعد وَفَاة العلائي صنف الْمِصْبَاح فِي الْجمع بَين الْأَذْكَار وَالسِّلَاح ومثير الغرام إِلَى زِيَارَة الْقُدس وَالشَّام وكل فَرَاغه مِنْهُ فِي يَوْم الاربعاء الثَّالِث وَالْعِشْرين من شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَسَبْعمائة بِبَيْت الْمُقَدّس وَصَارَ رحْلَة وَمن نظمه قد صَحَّ عِنْد النَّاس اني مغرم أَتَرَى تجود بِمَا أَدْعُوهُ وتنعم
فَلَقَد شهدتك دوتهم بدر الدجى لبليتي ومنيتي وَلَقَد عموا كم ذَا اوري والعوذل حضر واصد عَن ذكراك كي يتوهموا واذا ذكرت ارى الرَّقِيب تجلدا وأخو الصبابة مَا عساه يكتم غدر الْهوى من بعد مَا سالمته وَمن الَّذِي يهون وَمِنْه يسلم توفّي الشَّيْخ أَبُو مَحْمُود بِمصْر فِي ربيع الآخر سنة خمس وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن ابراهيم بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن يَعْقُوب بن الياس الانصاري الخزرجي البيساني الْمَقْدِسِي الْمَعْرُوف بِابْن إِمَام الصَّخْرَة ولد فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة وَحضر على الْفَخر بن البُخَارِيّ وَسمع على جمَاعَة واجاز لَهُ جمَاعَة توفّي بِالْقَاهِرَةِ فِي سنة سِتِّينَ وَسَبْعمائة الشَّيْخ سراج الدّين أَبُو حَفْص عمر بن الشَّيْخ الصَّالح أبي الْقَاسِم العدلي الشَّافِعِي خَليفَة الحكم الْعَزِيز بالقدس الشريف كَانَ مَوْجُودا فِي سنة تسع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة الشَّيْخ الْعَالم الصَّالح غَانِم بن عِيسَى بن غَانِم الْمَقْدِسِي الصُّوفِي كَانَ شَيخا للصوفية بالخانقاه الصلاحية بالقدس الشريف وَله نظم رائق وَهُوَ ولد القَاضِي شرف الدّين عِيسَى بن غَانِم قَاضِي الْقُدس الشريف - الْمُتَقَدّم ذكره - توفّي الشَّيْخ غَانِم سنة سبعين وَسَبْعمائة بالقدس الشريف الشَّيْخ الامام الْعَالم الْعَلامَة جمال الدّين عبد الله بن الشَّيْخ الامام الْعَلامَة نَاصِر الدّين ابي عبد الله مُحَمَّد بن حسام الدّين ابي الرّبيع سُلَيْمَان بن غَانِم الشَّافِعِي شيخ حرم الْقُدس الشريف كَانَ مَوْجُودا فِي سنة إِحْدَى وَسبعين وَسَبْعمائة القَاضِي بدر الدّين أَبُو الْمَعَالِي مُحَمَّد بن القَاضِي تَقِيّ الدّين أبي الْفَتْح مُحَمَّد بن القَاضِي قطب الدّين عبد اللَّطِيف بن الشَّيْخ صدر الدّين يحيى السُّبْكِيّ الانصاري الامام الْعَالم البارع الأوحد مولده بِالْقَاهِرَةِ قيل سنة ارْبَعْ وَقيل خمس وَقيل سِتّ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة سمع من جمَاعَة بِمصْر وَالشَّام ودرس وافتى وعمره خمس عشرَة سنة
فِي حَيَاة جده لأمه قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين السُّبْكِيّ وناب فِي الحكم بِدِمَشْق لخاله القَاضِي تَاج الدّين السُّبْكِيّ ثمَّ ولي قَضَاء الْعَسْكَر بِدِمَشْق وَكَانَ حسن الخطابة كثير الْأَدَب والحشمة وَالْحيَاء وَالنَّاس مجمعون على محبته توفّي بالقدس الشريف فِي شَوَّال سنة احدى وَسبعين وَسَبْعمائة وَدفن بمقابر بَاب الرَّحْمَة الشَّيْخ الصَّالح عبد الله الْهِنْدِيّ كَانَ من الْأَوْلِيَاء الْمَشْهُورين توفّي بالقدس الشريف لَيْلَة الْجُمُعَة سَابِع عشري ربيع الآخر سنة ثَلَاث وَسبعين وَسَبْعمائة وَدفن بماملا عِنْد أبي عبد الله الْقرشِي الْمسند بدر الدّين مُحَمَّد بن الْأَمِير سيف الدّين قلنجد بن كيكلدي بن عبد الله العلائي الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي ابْن أخي الْحَافِظ ابي سعيد العلائي ولد فِي ثَالِث شعْبَان سنة خمس عشرَة وَسَبْعمائة بِدِمَشْق وَسمع من جمَاعَة وَحدث سَمعه الْفُضَلَاء وَكَانَ رجلا حسنا لَهُ أوراد وَفِيه خير توفّي بالقدس الشريف يَوْم الْجُمُعَة حادي عشري شعْبَان سنة سِتّ وَسبعين وَسَبْعمائة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة شيخ الاسلام تَقِيّ الدّين أَبُو الفدا اسماعيل بن عَليّ بن الْحسن بن سعيد بن صَالح القرقشندي الْمصْرِيّ الشَّافِعِي نزيل الْقُدس الشريف وفقهيه مولده فِي سنة اثْنَيْنِ وَسَبْعمائة بِمصْر وَقَرَأَ بهَا وَحصل ثمَّ قدم دمشق وَقَرَأَ على الشَّيْخ فَخر الدّين الْمصْرِيّ فَأَجَازَهُ بالافتاء ثمَّ أَقَامَ بالقدس مثابرا على نشر الْعلم وَتزَوج بنت مدرس الصلاحية العلائي وَأعَاد عِنْده واشتهر أمره وَبعد صيته ورحل اليه وَكَثُرت تلامذته توفّي بالقدس الشريف فِي يَوْم الثُّلَاثَاء سادس جمادي الْآخِرَة سنة ثَمَان وَسبعين وَسَبْعمائة وَدفن بالقلندرية بماملا وَهُوَ أول من استوطن بَيت الْمُقَدّس من بني القرقشندي وَله ذُرِّيَّة معروفون سنذكر تراجمهم إِن شَاءَ الله تَعَالَى الشَّيْخ الْعَلامَة سراج الدّين أَبُو حَفْص عمر الزَّيْلَعِيّ الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي أحد عُلَمَاء الْقُدس الأخيار توفّي فِي سادس رَجَب سنة ثَمَان وَسبعين وَسَبْعمائة
بالقدس الشريف وَدفن بالقلندرية بماملا الشيد الشريف الحسيب النسيب الشَّيْخ شهَاب الدّين أَبُو الْخَيْر بادار بن عبد الله القرنوي الْبَصِير نزيل الْقُدس الشريف كَانَ يتَكَلَّم على النَّاس بقبة السلسلة بِصَحْنِ الصَّخْرَة قَالَ الشَّيْخ بدر الدّين مَحْمُود العجلوني مَا عرفت الله إِلَّا بملازمة مجالسه وقبره ظَاهر الْقُدس الشريف بِالْقربِ من خَان الظَّاهِر وَهُوَ مَعْرُوف يزار وَعِنْده ايوان بِهِ محراب على جَانب الطَّرِيق توفّي يَوْم الْجُمُعَة ثامن عشر شعْبَان سنة ثَمَانِينَ وَسَبْعمائة الشَّيْخ الْقدْوَة شمس الدّين مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن حسن بن مُوسَى بن غَانِم الْمَقْدِسِي شيخ بَيت الْمُقَدّس ولد فِي رَمَضَان سنة سبع وَسَبْعمائة وَسمع من هَدِيَّة بنت عَسَاكِر الأول من حَدِيث الْهَاشِمِي وَالْأول من شَيْخه العيسوي وَمن زَيْنَب بنت شكر ثلاثيات الدَّارمِيّ وَمن مُحَمَّد بن يَعْقُوب الجرائدي السَّفِينَة الجرائدية وَهِي سَبْعَة أَجزَاء وَحدث بِبَيْت الْمُقَدّس وَغَيره وَمَات فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَمَانِينَ وَسَبْعمائة الشَّيْخ الأوحد الْعَالم بدر الدّين مُحَمَّد بن الشَّيْخ الامام الْعَالم جمال الدّين عبد الله بن الشَّيْخ نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن غَانِم شيخ حرم الْقُدس الشريف كَانَ مَوْجُودا فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة الشَّيْخ الامام الْعَلامَة شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن الْخَطِيب الشَّافِعِي فَقِيه الْقُدس ومفتيه انْتفع عَلَيْهِ فُقَهَاء بَيت الْمُقَدّس وَأخذ عَنهُ الشَّيْخ سعد الدّين الديري الاصول واخذ عَنهُ غَيره من الْعلمَاء علوما كَثِيرَة توفّي بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَة وَدفن بِالبَقِيعِ فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة الشَّيْخ الامام الْعَالم شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن حَامِد الانصاري الْقُدسِي الشَّافِعِي ولد فِي شهر ربيع الأول سنة احدى وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة سمع الحَدِيث واشتغل بِالْعلمِ وَصَارَ من الْفُضَلَاء توفّي فِي ذِي الْحجَّة سنة سبع وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة الشَّيْخ الصَّالح الزَّاهِد قطب زَمَانه شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن أَحْمد
ابْن عُثْمَان بن عمر التركماني الأَصْل الْمَعْرُوف بالقرمي الشَّافِعِي مولده فِي سَابِع عشر ذِي الْحجَّة سنة عشْرين وَسَبْعمائة كَانَ اُحْدُ افراد زَمَانه عبَادَة وزهدا وورعا متصديا لزيارة الْأَوْلِيَاء القادمين من الْبِلَاد على الْقُدس وَتَأْتِي الْمُلُوك إِلَى بَابه وَلم يكن فِي زَمَانه اشهر بالصلاح مِنْهُ وَله خلوات ومجاهدات وَكَانَ يقْرَأ الْقُرْآن كثيرا يقْرَأ فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة ثَلَاث ختمات وَلما احْتضرَ حضر عِنْده الشَّيْخ عبد الله البسطامي فَقَالَ لَهُ ان النَّاس قد أَكْثرُوا فِيك القَوْل فِيمَا تقْرَأ من الْخَتْم فِي الْيَوْم فَأَخْبرنِي قَالَ أَنا لَا أضبط ذَلِك وَلَكِن ثمَّ من ضبط اني قَرَأت من الصُّبْح الى الْعَصْر خمس ختمات وَكَانَ نَشأ بِدِمَشْق ثمَّ أَقَامَ بِبَيْت الْمُقَدّس وَبنى لَهُ زَاوِيَة وَكَانَ يُقيم فِي الْخلْوَة اربعين يَوْمًا لَا يخرج إِلَّا للْجُمُعَة وَسمع الصَّحِيح من الْحجاز بالجامع الْأمَوِي تَحت النسْر سنة ثَمَان وَعشْرين وَسَبْعمائة وَمن غَيره ايضا وَكَانَ يسئل فِي الحَدِيث فَيمْتَنع ثمَّ حدث فِي آخر عمره وَسمع مِنْهُ الشَّيْخ شهَاب الدّين بن أرسلان وَغَيره توفّي بالقدس الشريف فِي نَهَار الْأَحَد التَّاسِع من صفر سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَحمل جنَازَته الْعلمَاء والمشايخ والصلحاء وَلم يتَأَخَّر من مَدِينَة الْقُدس أحد عَن دَفنه وَدفن بزاويته بِخَط مرزبان بِالْقربِ من حمام عَلَاء الدّين الْبَصِير وَله كرامات ظَاهِرَة وَكَانَ فِي عصر الشَّيْخ مُحَمَّد القرمي الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن عَلَاء الدّين شاه بن نَاصِر الدّين مُحَمَّد الجيلي كَانَ من أُمَرَاء العشرات بغزة المحروسة وَهُوَ مُقيم بالقدس الشريف وَله أوقاف كَثِيرَة وعمارات من جُمْلَتهَا زَاوِيَة الشَّيْخ مُحَمَّد القرمي - الْمُتَقَدّم ذكرهَا - وَغَيرهَا بالخط الْمَذْكُور وَغَيره ووكان لَهُ اعْتِقَاد فِي الشَّيْخ مُحَمَّد القرمي ووقف عَلَيْهِ وعَلى ذُريَّته ثلث جهاته واخبرت أَنه توفّي فِي حَيَاة الشَّيْخ ووقف على غسله وَدفن بماملا بِالْقربِ من أبي عبد الله الْقرشِي شيخ الاسلام برهَان الدّين ابو اسحاق ابراهيم بن شيخ الاسلام تَقِيّ الدّين
أبي الفدا اسماعيل القرقشندي الشَّافِعِي ولد سنة ثَمَان واربعين وَسَبْعمائة كَانَ من الْعلمَاء الْأَعْلَام سمع على وَالِده وجده العلائي وتفقه بهما وَسمع على الْبَهَاء والتاج السبكيين وأذنا لَهُ فِي الافتاء والتدريس وَأخذ عَن خلق كثير من الْعلمَاء وَكَانَ من عجائب الدَّهْر حفظا وذكاء واستحضارا للعلوم حَتَّى قيل انه كَانَ يحفظ فردة كتب توفّي فِي سنة تسعين وَسَبْعمائة وَكَانَ آخر كَلَامه لَا إِلَه إِلَّا الله وَحكي عَنهُ انه قبل مَوته بِقَلِيل نظر إِلَى أَخِيه الْعَلامَة شمس الدّين ثمَّ أنْشد بِلِسَان منطلق مُحَمَّد صبرا فقبلك قد بَكت عين النَّبِي وَمَات ابراهيم وَدفن بماملا بتربة اقاربه إِلَى جَانب أَبِيه القَاضِي بدر الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن مزهر اشْتغل بِالْعلمِ وَنَشَأ على طَريقَة حَسَنَة ولي كِتَابَة السِّرّ بِدِمَشْق مرَّتَيْنِ عشر سِنِين وَنَحْو ثَمَانِيَة أشهر وباشر بعفة ونزاهة وَكَانَ شكلا حسنا توفّي بالقدس الشريف فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَسَبْعمائة الشَّيْخ الصَّالح الْقدْوَة عبد الله بن خَلِيل بن عَليّ الاسد آبادي البسطامي كَانَ من اولياء الله تَعَالَى العارفين وَله أَحْوَال ظَاهِرَة وَهُوَ صَاحب الزاوية البسطامية بحارة المشارفة توفّي بالقدس الشريف فِي سنة ارْبَعْ وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَدفن بحوش البسطامية بماملا عِنْد شَيْخه الشَّيْخ عَليّ الصفي - الْمُتَقَدّم ذكره - المسندة الصَّالِحَة الْبركَة أَسمَاء بنة الْحَافِظ صَلَاح الدّين خَلِيل بن العلائي ولدت فِي سنة خمس وَعشْرين وَسَبْعمائة وَسمعت على والدها وَغَيره وَحدثت الْكثير من مسموعاتها وَهِي زَوْجَة الْعَلامَة تَقِيّ الدّين اساعيل القرقشندي وَأم ولديه الشمسي والبرهاني اجازت بالفتوى لحفيدها شَيخنَا القرقشندي - الْآتِي ذكره - وَتوفيت سنة خمس وَتِسْعين وَسَبْعمائة ودفنت بماملا بالقلندرية بجوار زَوجهَا واولادها
الشَّيْخ الْقدْوَة أَبُو حَفْص عمر بن نجم الدّين يَعْقُوب الْبَغْدَادِيّ ثمَّ الْمَقْدِسِي الْمَعْرُوف بالمجرد ولد بِبَغْدَاد سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَسَبْعمائة وَسمع البُخَارِيّ بِدِمَشْق سنة سِتّ وَعشْرين وَأقَام بِبَلَد سيدنَا الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام فِي سنة خمس وَسبعين وَسَبْعمائة وَبنى بِهِ زَاوِيَة فِي غَايَة الْحسن بِنَاء ومنظرا وَبنى اماكن بِأَعْلَاهَا ورتب فِيهَا من يتَعَلَّم الْقُرْآن وأجرى لَهُم المعاليم وَكَانَ اذا قَرَأَ الْقُرْآن عِنْده أحد يخيره بَين الاقامة عِنْده بِشَرْط أَن يشْتَغل بِالْعلمِ وَيُعْطِيه كتابا أَو يذهب الى بَلْدَة أُخْرَى وَلَا يدع أحدا يقْعد عِنْده بطالا وَكَانَ فِي فعل الْخَيْر من الْعَجَائِب لَا يقْصد فِي حَاجَة إِلَّا قَضَاهَا ويضيف من يَقْصِدهُ بِمَا حضر عِنْده وَكَانَ يُوجد عِنْده من الماكولات اطيبها وَكَانَ شَيخا طَويلا يلبس على رَأسه قبعا من غير عِمَامَة توفّي فِي ذِي الْحجَّة سنة خمس وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَدفن بزاويته بِبَلَد سيدنَا الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام وَقد وهم بعض المؤرخين فِيهِ فَظَنهُ الشَّيْخ عمر الْمُجَرّد وَاقِف زَاوِيَة المغاربة بالقدس لاشْتِرَاكهمَا فِي الِاسْم والشهرة وَلَيْسَ كَذَلِك فَإِن صَاحب زَاوِيَة المغاربة بالقدس الشريف الشَّيْخ عمر بن عبد الله بن عبد النَّبِي المغربي المصمودي الْمُجَرّد وتاريخ وَقفه لزاويته فِي ربيع الآخر سنة ثَلَاث وَسَبْعمائة قبل مولد الشَّيْخ عمر صَاحب هَذِه التَّرْجَمَة بتسع سِنِين وَلما توفّي الشَّيْخ عمر الْمُجَرّد صَاحب الزاوية بِبَلَد سيدنَا الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام كَانَ قد فوض أَمر زاويته الى الشَّيْخ الْعَلامَة جمال الدّين عبد الله المراكشي الهنتاني الْمَالِكِي فِي خَامِس شهر جمادي الآولى سنة خمس وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَأقَام بهَا وَفعل من كل حَسَنَة وَجَمِيل ثمَّ فِي الْعشْر الأول من شهر ربيع الأول سنة سِتّ وَثَمَانمِائَة قرر الشَّيْخ جمال الدّين الْمَذْكُور ولديه مُحَمَّد وَأحمد فِي المشيخة بالزاوية وَالتَّصَرُّف فِيهَا وَكتب مُسْتَندا بذلك عَلَيْهِ خطّ شيخ الاسلام شهَاب الدّين أَحْمد بن الهائم وَالشَّيْخ خَليفَة الْمَالِكِي
الشَّيْخ عِيسَى بن عبد الرَّحْمَن الشهير بالغوري المجذوب الْخَيْر الصَّالح كَانَ من صلحاء بَيت الْمُقَدّس يَقُولُونَ انه خفيرها وَلما مَاتَ قطعُوا عباءته قطعا صغَارًا وحمولها فِي عمائهم وَمِمَّنْ كَانَ يعْتَقد فِيهِ قَاضِي الْقُضَاة سعد الدّين الديري توفّي بالقدس الشريف فِي سنة سبع وَتِسْعين وَسَبْعمائة بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشريف عِنْد جَامع الْمَالِكِيَّة خلف المسطبة الشَّيْخ الامام الْقدْوَة الزَّاهِد العابد الخاشع الناسك ابو بكر بن عَليّ بن عبد الله بن مُحَمَّد الشَّيْبَانِيّ الْموصِلِي ثمَّ الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي الْعَالم الْمُفِيد بَقِيَّة مَشَايِخ عُلَمَاء الصُّوفِيَّة وحيد عصره قدم من الْموصل وَهُوَ شَاب وعلاذكره وَصَارَ يتَرَدَّد اليه نواب الشَّام ويمتثلون أوامره وَحج غير مرّة وَكَانَ من كبار الْأَوْلِيَاء جمع بَين علمي الشَّرِيعَة والحقيقة ورزق الْعلم وَالْعَمَل وَقد زَارَهُ السُّلْطَان برقوق فِي منزله بالأمينية بجوار سور الْمَسْجِد الْأَقْصَى الشريف من جِهَة الشمَال توفّي بالقدس فِي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ حادي عشري شَوَّال سنة سبع وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَدفن بماملا وَله مصنفات كَثِيرَة فِي التصوف وَغَيره وَله منسك صَغِير فِي نَحْو كراسين ذكر فِيهِ الْمذَاهب الْأَرْبَعَة الشَّيْخ مُحَمَّد بن أبي جوز رجل صَالح من أَوْلِيَاء الله تَعَالَى توفّي بعد الثَّمَانمِائَة بالقدس الشريف وَدفن بماملا قبلي الْبركَة بِالْقربِ من بَاب القلندرية وَنقل ان الدُّعَاء عِنْد قَبره مستجاب المسندة خَدِيجَة بنت أبي بكر بن يُوسُف بن عبد الْقَادِر بن يُوسُف بن مَسْعُود بن سعد الله الْخَلِيفَة سَمِعت الحَدِيث وَحدثت واجازت لأبي الْفَتْح المراغي والحافظ ابْن حجر توفيت فِي أَوَاخِر سنة أحدى وَثَمَانمِائَة الْأَمِير شرف الدّين مُوسَى بن علم الدّين سُلَيْمَان الْمَشْهُور بِابْن الْعلم نِسْبَة لوالده وَهُوَ الْمَنْسُوب اليه حارة الْعلم وَله ذُرِّيَّة معروفون وَيعرف وَالِده بِابْن الْمُهَذّب وَكَانَت وَفَاة الْعلم فِي حُدُود التسعين والسبعمائة وَكَانَ شرف الدّين مُوسَى أحد رجال الخليفية الشامية وَهُوَ مُقيم بالقدس الشريف توفّي فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة وَدفن بالحارة الْمَذْكُورَة فِي تربة هُنَاكَ مَعْرُوفَة بِهِ الشَّيْخ شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن الْحَافِظ صَلَاح الدّين خَلِيل بن كيكلدى العلائي ولد فِي سنة ثَلَاث وَعشْرين وَسَبْعمائة وَبكر بِهِ وَالِده الى السماع وَهُوَ آخر من حدث عَن ابي حَيَّان بالبلاد الشامية توفّي بالقدس الشريف فِي ربيع الآخر سنة ثَلَاث وَقيل فِي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ رَابِع عشري ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة وَدفن من الْغَد بِجَانِب قبر أَبِيه بِبَاب الرَّحْمَة الشَّيْخ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الناصح الْمصْرِيّ الصَّالح الْمُحدث كَانَ من الْمَشْهُورين بالصلاح وَحكى الشَّيْخ خَليفَة الْمَالِكِي أَنه شَاهده وَقد خرج من الْمدرسَة الفخرية إِلَى الأٌ قصى وَرَأى الأَرْض تطوى تَحْتَهُ ولد سنة ثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَتُوفِّي فِي رَمَضَان سنة ارْبَعْ وَثَمَانمِائَة الْمسند شهَاب الدّين أَحْمد بن مُحَمَّد بن عُثْمَان الخليلي الْقُدسِي نزيل غَزَّة ولد سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة سمع من ابي الْفَتْح الْمَيْدُومِيُّ والعلائي وَغَيرهمَا وَمن تصانيفه القَوْل الْحسن فِي بعث معَاذ الى الْيمن وَتَحْقِيق المُرَاد فِي أَن الرَّأْي يَقْتَضِي الْفساد وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة وَكَانَ فَاضلا دينا صَالحا توفّي فِي صفر سنة خمس وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ الْمسند زين الدّين عبد الرحمان بن مُحَمَّد بن حَامِد سمع عَليّ الْمَيْدُومِيُّ والعلائي وَغَيرهمَا وَسمع عَلَيْهِ شَيخنَا التَّقْوَى القرقشندي واجازه توفّي سنة سبع وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ الصَّالح العابد الزَّاهِد الشَّيْخ صَامت الأدهمي شيخ الزاوية الادهمية توفّي سلخ رَجَب سنة سبع وَثَمَانمِائَة وَدفن بالزاوية الْمَذْكُورَة سفل الساهرة وَكَانَ قبله شيخ الزاوية الأدهمية الشَّيْخ دَاوُد بدر الأدهمي واخبرت أَن وَفَاته قبل وَفَاة الشَّيْخ صَامت بِثَلَاثِينَ سنة وَدفن بالزاوية الْمَذْكُورَة القَاضِي جمال الدّين أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن القَاضِي شمس الدّين أبي عبد الله
مُحَمَّد بن الشَّيْخ زين الدّين أبي المحامد حَامِد الشَّافِعِي خَليفَة الحكم الْعَزِيز بالقدس الشريف كَانَ مَوْجُودا فِي سنة سبع وَثَمَانمِائَة المستندة آمِنَة ابْنة الْعَلامَة تَقِيّ الدّين اسماعيل القرقشندي ولدت فِي بضع واربعين وَسَبْعمائة سَمِعت على والدها وجدهَا لأمها الْعَلامَة المسلسل بالأولية وَغَيره وَسمعت على الْمَيْدُومِيُّ وَجَمَاعَة وَحدثت بالقدس الشريف وَتوفيت فِي ربيع الآخر سنة تسع وَثَمَانمِائَة ودفنت بالزاوية القلندرية من ماملا بجوار أَبِيهَا شيخ الاسلام شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن الشَّيْخ الْعَلامَة تَقِيّ الدّين اسماعيل القرقشندي الشَّافِعِي الشَّيْخ الامام الْعَلامَة شيخ مَدِينَة الْقُدس وعالمها ولد سنة خمس واربعين وَسَبْعمائة وَسمع على الْمَيْدُومِيُّ واخذ عَن ابيه وجده لأمه الْحَافِظ صَلَاح الدّين العلائي واشتغل وَمهر وساد حَتَّى صَار شيخ الْقُدس فِي الْفَتْوَى والتدريس توفّي فِي رَجَب سنة تسع وَثَمَانمِائَة بالقدس الشريف وَدفن بمقبرة ماملا عِنْد وَالِده واخته بالقلندرية وَمن نظمه لم أر مثلي مذنبا عَاصِيا على معاصي ربه أجْرى (1) نَفسِي حرون فَإِذا شَهْوَة لاحت فَمَا ريح الصِّبَا أجْرى (2) اني على هَذَا وامثاله أنال من رب العلى أجرا (3) المسندة غزال عتيقة الشَّيْخ تَقِيّ الدّين اسماعيل القرقشندي أم عبد اللَّطِيف سَمِعت من الْمَيْدُومِيُّ وأجازت لشَيْخِنَا التَّقْوَى القرقشندي توفيت بالقدس الشريف فِي سنة تسع وَثَمَانمِائَة ودفنت بِبَاب الرَّحْمَة الشَّيْخ الْعَلامَة زين الدّين عبد الرَّحِيم بن شيخ الاسلام نجم الدّين مُحَمَّد بن زين الدّين عبد الرَّحْمَن بن جمَاعَة الْكِنَانِي الشَّافِعِي أَخُو الْخَطِيب جمال الدّين أبن جمَاعَة - (1) من الجراءة (2) من الجري (3) من الْأجر
مولده فِي سنة سبع وَسبعين وَسَبْعمائة وَكَانَ من الْفُضَلَاء أعَاد بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية توفّي فِي سنة تسع وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ الصَّالح عبد الله بن مصطفى الرُّومِي الْمَشْهُور بالدالي كَانَ رجلا صَالحا وَلأَهل بَيت الْمُقَدّس فِيهِ اعْتِقَاد عَظِيم واشتهر أمره حج الى بَيت الله الْحَرَام فَمَاتَ بطرِيق مَكَّة فِي سنة إِحْدَى عشرَة وَثَمَانمِائَة وَكَانَ الْأَمِير حسن الكنكلي نَاظر الْحَرَمَيْنِ بنى لَهُ تربة بِبَاب الرَّحْمَة ليدفن فِيهَا مَعَه فَلَمَّا مَاتَ بطرِيق مَكَّة أوصى النَّاظر حسن أَن يدْفن عِنْد الشَّيْخ أبي عبد الله الْقرشِي بماملا الشَّيْخ شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد الصَّفَدِي مفتي الشَّافِعِيَّة ومدرسهم ومعيد الْمدرسَة الصلاحية كَانَ فرضيا وَيعرف النَّحْو والحساب وَإِنَّمَا أَخّرهُ تعَاطِي الشَّهَادَة توفّي فِي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ الصَّالح الْقدْوَة ابراهيم الْمزي نفع الله بِهِ توفّي بالقدس الشريف وَدفن بتربة الساهرة وَقد عمر على قَبره شعْبَان اليغموري فِي سنة ارْبَعْ وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَالظَّاهِر أَنه توفّي فِي ذَلِك التَّارِيخ الشَّيْخ المعمر ابراهيم بن أَحْمد بن فلاح السَّعْدِيّ من خَان بني سعد ظَاهر الْقُدس الشريف يروي بالاجازة الْعَامَّة عَن الْفَخر بن البُخَارِيّ مَاتَ فِي رَجَب سنة خمس عشرَة وَثَمَانمِائَة وَله من الْعُمر فِيمَا ذكر - وَالله أعلم - نَحْو مائَة واربعين سنة كَذَا رَأَيْته مَنْقُولًا بِخَط بعض الْفُقَهَاء قلت إِن صَحَّ أَنه رُوِيَ عَن الْفَخر بن البُخَارِيّ فَهُوَ يحْتَمل ان يكون عمر هَذَا الْمِقْدَار فَإِن الْفَخر وَفَاته فِي سنة تسعين وسِتمِائَة الْمسند شهَاب الدّين أَحْمد بن أبي بكر بن يُوسُف الخليلي ثمَّ الدِّمَشْقِي ولد سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة أوفي الَّتِي بعْدهَا سمع من جمَاعَة وَحدث توفّي فِي الْمحرم سنة سِتّ عشرَة وَثَمَانمِائَة الْمسند شرف الدّين مُوسَى بن نجم الدّين مُحَمَّد بن الهائم الْمَقْدِسِي سمع على الْمَيْدُومِيُّ وَكَانَ خيرا سَاكِنا سمع عَلَيْهِ شَيخنَا التقوي القرقشندي واجاز لَهُ
توفّي فِي سنة بضع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ الامام الْعَالم الْمسند برهَان الدّين ابراهيم بن الْحَافِظ شهَاب الدّين ابي مَحْمُود أَحْمد بن مُحَمَّد بن ابراهيم بن هِلَال بن تَمِيم الخواصي الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي مولده فِي سنة سِتِّينَ وَسَبْعمائة سمع على وَالِده وَغَيره وَهُوَ سبط الْحَافِظ عَلَاء الدّين الْمَقْدِسِي مدرس الصلاحية وَكَانَ خيرا صَالحا يتكسب بِالشَّهَادَةِ الى أَن توفّي فِي سنة إِحْدَى وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَأَجَازَ يمؤلفات وَالِده رحمهمَا الله الْمسند اسماعيل بن ابراهيم بن مَرْوَان الخليلي ولد سنة ثَمَان واربعين وَسَبْعمائة سمع على الْمَيْدُومِيُّ وَسمع عَلَيْهِ شَيخنَا التَّقْوَى القرقشندي وَأَجَازَ لَهُ توفّي بِبَلَد الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام فِي سنة خمس وَعشْرين وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ زين الدّين عبد الرحمان بن الشَّيْخ شمس الدّين ابي عبد الله مُحَمَّد الشَّيْخ تَقِيّ الدّين اسماعيل القرقشندي الشَّافِعِي مولده فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة سمع من ابيه وَجَمَاعَة ورحل الى دمشق والقاهرة مرَارًا وعلق بِخَطِّهِ أَشْيَاء وَكَانَ حسن الْخط صَادِقا توفّي فِي مستهل ذِي الْقعدَة سننة سِتّ وَعشْرين وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ الصَّالح الْقدْوَة الزَّاهِد مُحَمَّد بن الشَّيْخ عِيسَى الصمادي لَهُ كرامات مَشْهُورَة توفّي فِي ثَانِي عشري جمادي الْآخِرَة سنة ثَمَان وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بالقدس الشريف وَدفن بالساهرة عِنْد الشَّيْخ عبد الله الصَّامِت وَالشَّيْخ ابراهيم الْمزي وقبره ظَاهر يقْصد للزيارة الشَّيْخ شمس الدّين ابو عبد الله مُحَمَّد بن نصر الله بن جِبْرِيل الكركي الشَّافِعِي خَليفَة الحكم الْعَزِيز بالقدس الشريف كَانَ مَوْجُودا فِي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَمن أَعْيَان فُقَهَاء الشَّافِعِيَّة الْمَوْجُودين بالقدس الشريف فِي حُدُود الثَّلَاثِينَ والثمانمائة كَانُوا من المعيدين وَالْفُقَهَاء بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية الشَّيْخ علم الدّين قَاضِي الجزيرة وَالشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد البوتنجي الشَّيْخ زين الدّين عبد الرحمان الناصري وَالشَّيْخ عبد اللَّطِيف بن كريم وَالشَّيْخ
شمس الدّين مُحَمَّد المازوني وَالشَّيْخ جمال الدّين العجلوني وَالشَّيْخ شهَاب الدّين احْمَد بن مَحْمُود وَالشَّيْخ شمس الدّين بن شهَاب الشَّيْخ الصَّالح مُحَمَّد الْمَعْرُوف بِأَكْل الْحَيَّات وَغَيرهَا من الْهَوَام كالخنافس وَمَا فِي معنى ذَلِك فَيرى الخنافس زبيبا والحية قثاء وَنَحْو ذَلِك وَكَانَ من أكَابِر الصَّالِحين مِمَّن تنْقَلب لَهُ الْأَعْيَان وَظَهَرت لَهُ كرمات ومكاشفات وَحكي عَنهُ أَنه كَانَ يرى على جبل عَرَفَات مَعَ الْحجَّاج وَيُصْبِح بالقدس الشريف فِي يَوْم عيد الْأَضْحَى توفّي فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة وَإِلَى جَانِبه دفن الشَّيْخ ماهر رحمهمَا الله تَعَالَى الشَّيْخ الصَّالح العابد عَلَاء الدّين أَبُو الْحسن عَليّ بن الشَّيْخ العابد المسلك صدر الدّين بن الشَّيْخ الصَّالح صفي الدّين الاردبيلي العجمي الزَّاهِد العابد الْحجَّة شيخ الصُّوفِيَّة وَابْن شيخهم كَانَ وَالِده من اعيان الصَّالِحين بِبَلَدِهِ وَله كرامات ظَاهِرَة وَكَذَلِكَ كَانَ وَلَده الشَّيْخ عَليّ الْمشَار اليه وَذكر عَنهُ من الكرامات والمناقب مَا يطول شَرحه قدم الى دمشق فِي سنة ثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة قَاصِدا الْحَج وَمَعَهُ خلق كثير من أَصْحَابه واتباعه وجاور بِمَكَّة ثمَّ قدم الى بَيت الْمُقَدّس وَيُقَال انه شرِيف علوي توفّي بالقدس الشريف فِي أَوَاخِر جمادي الآولى سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة عَن نَحْو سِتِّينَ سنة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة بلصق سور الْمَسْجِد وَكَانَ يَوْمًا مشهودا لدفنه وَبنى اصحابه على قَبره قبَّة كَبِيرَة وَهِي مَشْهُورَة تقصد للزيارة وَهُوَ شيخ للشَّيْخ مُحَمَّد بن الصَّائِغ الْمَشْهُور بخليفة الاردبيلي - الْآتِي ذكره مَعَ فُقَهَاء الْحَنَفِيَّة إِن شَاءَ الله تَعَالَى - الشَّيْخ الْعَالم العابد الْوَاعِظ شهَاب الدّين أَحْمد الْمَعْرُوف بشكر الرُّومِي قدم من بِلَاد الرّوم قبل فتْنَة تيمورلنك ثمَّ عَاد إِلَى الرّوم ثمَّ رَجَعَ وَوعظ بِبَيْت الْمُقَدّس وبالشام بالتركي والعربي والعجمي وَكَانَ للنَّاس فِيهِ إعتقاد توفّي بالقدس
الشريف وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة وَبني على قَبره قبَّة فَلَيْسَ بمقبرة بَاب الرَّحْمَة قبَّة سواهَا وقبة الشَّيْخ عَلَاء الدّين الاردبيلي وارخ ابْن رَوْحَة أَبُو عذيبة وَفَاته فِي يَوْم الْأَحَد عَاشر ربيع الآخر وَلم يذكر السّنة وَلَا شكّ انه توفّي بعد الثَّمَانمِائَة الشَّيْخ الامام الْعَلامَة عَلَاء الدّين أَبُو الْحسن عَليّ بن عُثْمَان بن الْحوَاري الخليلي الشَّافِعِي مولده بِبَلَد الْخَلِيل فِي سنة ارْبَعْ وَخمسين وَسَبْعمائة سمع الحَدِيث واشتغل بِالْعلمِ وَقدم من بَلْدَة الْخَلِيل الى بَيت الْمُقَدّس وناب فِي التدريس بالصلاحية عَن الْهَرَوِيّ وناب فِي الْقَضَاء وَأعَاد بالصلاحية وصنف فِي الْفَرَائِض وَكَانَ فَاضلا خيرا توفّي فِي إِحْدَى الجمادين سنة ثَلَاثِينَ وثمامائة الخواجا مُحَمَّد بن احْمَد بن حاجي الْمَشْهُور بمولانا شمس الدّين وَيعرف بِأبي عذيبة لملازمته العذبة اتبَاعا للسّنة وَبِه عرف ربيبه شهَاب الدّين أَحْمد المؤرخ مولده قبيل سنة خمس وَخمسين وَسَبْعمائة بتبريز واشتغل قَدِيما وَسمع الحَدِيث ورحل الى الْبِلَاد وَدخل الى الْقُدس فِي سنة خمس وَتِسْعين وَكَانَ يتجر مَعَ الِاشْتِغَال بالفقه والعربية وَقَرَأَ عَلَيْهِ ربيبة شهَاب الدّين المؤرخ فِي الْعَرَبيَّة والقراآت ورحل مَعَه للمجاورة بِمَكَّة وَكَانَ لَهُ دنيا وَاسِعَة وَتردد الى مَكَّة فَتوفي بهَا فِي رَابِع عشري الْمحرم سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ الْعَالم الْمُحدث الضَّابِط تَاج الدّين مُحَمَّد بن الشَّيْخ الْعَالم نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُسلم بن عَليّ بن ابي الْجُود الشهير بِابْن الغرابيلي الكركي الأَصْل ثمَّ الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي مولده فِي سنة ارْبَعْ أَو خمس وَتِسْعين وَسَبْعمائة اشْتغل وَحفظ كتبا من المختصرات وَلزِمَ مَشَايِخ بَيت الْمُقَدّس كالشيخ شمس الدّين الْهَرَوِيّ وَالشَّيْخ شمس الدّين الْبرمَاوِيّ وَالشَّيْخ شمس الدّين الديري الْحَنَفِيّ وَولده الشَّيْخ سعد الدّين واشتهر بِمَعْرِِفَة الحَدِيث وَرِجَاله مَعَ مُشَاركَة فِي الْفِقْه وأصوله والنحو وَكَانَ دينا خيرا متعففا لم يقبل الْوَظَائِف حسن الشكل ذَا سمت حسن وَيكْتب خطا حلواً
توجه الى الْقَاهِرَة لزيارة الْحَافِظ ابْن حجر فَعَظمهُ كثيرا واثنى عَلَيْهِ وَقصد الْحَج فَأَدْرَكته الْمنية بِالْقَاهِرَةِ فِي عَاشر جمادي الْآخِرَة سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن بالصوفية بِبَاب النَّصْر وشيعه جم غفير رحمه الله وَولده الشَّيْخ الْعَالم الامام نَاصِر الدّين مُحَمَّد مولده فِي سنة ثَلَاث وَخمسين وَسَبْعمائة وَنَشَأ فِي نعْمَة كَامِلَة وَولي نِيَابَة قلعة الكرك ثمَّ صرف وَسكن بَيت الْمُقَدّس وَتُوفِّي فِي ثَالِث عشري رَجَب سنة سِتّ عشرَة وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ الْمسند المعمر الامام شمس الدّين ابو عبد الله مُحَمَّد بن الْخَطِيب شهَاب الدّين أَحْمد بن الْعَلامَة شمس الدّين مُحَمَّد بن كَامِل التدمري الخليلي الشَّافِعِي مولده فِي سنة خمسين وَسَبْعمائة سمع عَليّ صدر الدّين الْمَيْدُومِيُّ وَكَانَ رجلا صَالحا أضرّ فِي آخر عمره وَحدث بمسموعه وَتحمل عَنهُ الْعلمَاء توفّي فِي لَيْلَة الثُّلَاثَاء قبل الْعشَاء المسفرة عَن مستهل ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة شيخ الشُّيُوخ الْقدْوَة برهَان الدّين ابو اسحاق ابراهيم بن الشَّيْخ نجم الدّين احْمَد بن غَانِم الانصاري الشَّافِعِي شيخ الخانقاه الصلاحية بالقدس الشريف مولده فِي سنة ثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَتُوفِّي وَالِده نجم الدّين فِي سنة تسع وَثَمَانِينَ هُوَ وَولده نَاصِر الدّين فِي يَوْم وَاحِد وَكَانَ نَاصِر الدّين شكلا حسنا قل أَن ترى الْعُيُون مثله فَنَشَأَ الشَّيْخ برهَان الدّين بعده وَولي مشيخة الخانقاه فِي سنة سبع وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَكَانَ من الْأَعْيَان المعتبرين لم يل أحد مشيخة الخانقاه أمثل مِنْهُ وَهُوَ الَّذِي عمرها وَأقَام نظامها فعمر المنارة والبوابة الْكُبْرَى والدركاه الَّتِي بداخلها والايوان الْكَائِن بصدر الدركاه والمحراب السفلي وَعمر غَالب المسقفات وباشر بتقوى الله سبحانه وتعالى مَعَ حُرْمَة وشهامة ثمَّ فوض لوَلَده الشَّيْخ نجم الدّين - الْآتِي ذكره - مشيخة الخانقاه وَالنَّظَر عَلَيْهَا فِي خَامِس عشر شعْبَان سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَتُوفِّي فِي شعْبَان سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بالقدس الشريف
وَأَخُوهُ الشَّيْخ شرف الدّين غَانِم كَانَ مَوْجُودا بعد الثَّلَاثِينَ والثمانمائة وَالشَّيْخ بهاء الدّين احْمَد بن غَانِم من أَقَاربه كَانَ مَوْجُودا فِي سنة إِحْدَى واربعين وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ الصَّالح أَبُو بكر بن عبد الله الدِّمَشْقِي الأَصْل الْقُدسِي الْمَعْرُوف بالعداس مولده فِي سنة ثَمَانِينَ وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا ورباه الشَّيْخ عبد الله الذاكر لما قدم من الرّوم وسلكه وَكَانَ للنَّاس فِيهِ وَفِي شَيْخه اعْتِقَاد زَائِد وَكَانَ مُنْقَطِعًا عَن النَّاس زاهدا صَالحا خيرا فَلَمَّا مَاتَ شَيْخه الذاكر فِي سنة أاحدى عشرَة صَار من مَشَايِخ الْقُدس الْمشَار اليهم بالصلاح توفّي فِي رَمَضَان سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة القَاضِي برهَان الدّين ابو اسحاق ابراهيم بن بدر الدّين حسن بن ابراهيم العرابي الشَّافِعِي مولده فِي سنة خمسين وَسَبْعمائة كَانَ من أَعْيَان فُقَهَاء الشَّافِعِيَّة بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية وناب فِي الْقَضَاء بالقدس الشريف توفّي سنة إِحْدَى واربعين وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ الامام الْعَالم الْمُحدث الْمسند شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن بهاء الدّين ابي الْحَيَاة الْخضر بن علم الدّين سُلَيْمَان بن دَاوُد الشهير بِابْن الْمصْرِيّ الْحلَبِي الأَصْل ثمَّ الْمصْرِيّ الشَّافِعِي نزيل الْقُدس الشريف وَشَيخ الْمدرسَة الباسطية مولده بحلب فِي احدى الجمادين سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة سمع من جمَاعَة وَأَجَازَهُ جمع وَكَانَ رجلا خيرا دينا انْقَطع فِي آخر عمره بِالْمَدْرَسَةِ الباسطية بالقدس الشريف يحدث بهَا إِلَى أَن توفّي فِي منتصف رَجَب سنة إِحْدَى واربعين وَثَمَانمِائَة وكف بَصَره فِي آخر عمره وَدفن بالساهرة الشَّيْخ الصَّالح الْقدْوَة زين الدّين عبد الْقَادِر بن الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى شمس الدّين مُحَمَّد القرمي الشَّافِعِي - الْمُتَقَدّم ذكر وَالِده - كَانَ رجلا صَالحا وَمن الْأَعْيَان بِبَيْت الْمُقَدّس توفّي فِي سنة ثَلَاث واربعين وَثَمَانمِائَة وَدفن عِنْد وَالِده بالزاوية بِخَط مرزبان
الشَّيْخ الامام الْعَالم الْقدْوَة الخاشع تَقِيّ الدّين أَبُو الصدْق ابو بكر بن الشَّيْخ شمس الدّين أبي عبد الله مُحَمَّد بن الشَّيْخ جمال الدّين عبد الله الْحلَبِي الطولوني البسطامي شيخ الْمدرسَة الطولونية بالقدس الشريف ولد فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثامن ربيع الأول سنة ثَمَان واربعين وَسَبْعمائة كَانَ من أهل الْعلم وَالْعَمَل وَمن أَعْيَان الْمَشَايِخ قدم الى الْقُدس فِي سنة ارْبَعْ عشرَة وَولي مشيخة الطولونية وَكَانَ خطه فِي غَايَة الْحسن بلغ من الْعُمر فَوق خمس وَتِسْعين سنة توفّي بالقدس الشريف فِي التَّاسِع عشر من رَمَضَان سنة ثَلَاث واربعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بحوش البسطامية بماملا وَعند رَأسه بلاطة مَكْتُوب عَلَيْهَا من نظمه - وَكَانَت لَهَا عِنْده مُدَّة بالطولونية فِي حَيَاته جهزها لذَلِك - رحم الله فَقِيرا زار قَبْرِي وقرا لي سُورَة السَّبع المثاني بخشوع ودعا لي ومكتوب أَيْضا على قَبره من نظمه من زار قَبْرِي فَلْيَكُن عَالما ان الَّذِي لاقيت يلقاه فرحم الله فَتى زارني وَقَالَ لي يَرْحَمك الله وَله نظم غير هَذَا ومحاسنه ومناقبه كَثِيرَة وَقد كَانَ من أجلاء الْمَشَايِخ الأخيار الشَّيْخ مُحَمَّد فولاد بن عبد الله أَصله من الْعَرَب وَقدم الى بَيت الْمُقَدّس فِي حُدُود التسعين والسبعمائة وَانْقطع بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى لِلْعِبَادَةِ فَقَط وَاخْتَارَهُ عُلَمَاء بَيت الْمُقَدّس وجهزوه بمفاتيح الصَّخْرَة الى تيمور لما بَلغهُمْ أَخذه دمشق فَتوجه اليه فَلَمَّا كَانَ بِالطَّرِيقِ بلغه رُجُوعه فَرجع وَحج سِتِّينَ حجَّة غالبها مَاشِيا على قَدَمَيْهِ وَصَارَ من أَعْيَان الصلحاء المتورعين الْمشَار اليهم بالصلاح بالقدس وَمَكَّة وَغَيرهمَا وَحكي عَنهُ كرامات كَثِيرَة ومكاشفات وَكَانَ بوابا بالخانقاه الصلاحية وَكَانَ لَهُ هَيْبَة زَائِدَة على الصُّوفِيَّة بالخانقاه بِحَيْثُ تضرب الْأَمْثَال بسطوته عَلَيْهِم وَحكى هُوَ أَنه رأى الْملك صَلَاح الدّين
فِي النّوم وَقد وقف لَهُ على الْبَاب وَقبض على يَده وَقَالَ لَهُ أَنْت شَرِيكي فِي هَذَا الْوَقْف وَلم تفته حجَّة وَلَا صَلَاة فِي جمَاعَة نَحْو سِتِّينَ سنة وَكَانَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين الحصني إِذا قدم الى الْقُدس لَا ينزل إِلَّا عِنْده وَلَا يَأْكُل لأحد طَعَاما إِلَّا لَهُ وَقَالَ فِي بعض مصنفاته وَحكى لي السَّيِّد الْجَلِيل فولاد وَهُوَ مِمَّن يشْهد لَهُ بالصلاح توفّي بعد رُجُوعه من الْحَج فِي شهر صفر سنة ارْبَعْ واربعين وَثَمَانمِائَة وَقد جَاوز الثَّمَانِينَ سنة وَدفن بماملا شيخ الاسلام بركَة الانام القطب الرباني شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس احْمَد بن الْفَقِيه أَمِين الدّين حُسَيْن بن حسن بن عَليّ بن يُوسُف بن عَليّ بن أرسلان الرَّمْلِيّ الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي الشَّيْخ الامام الحبر الْعَالم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى ذُو الكرامات الظَّاهِرَة والعلوم والمعارف مولده بالقرية بالرملة تَقْرِيبًا فِي سنة ثَلَاث أَو خمس وَسبعين وَسَبْعمائة كَمَا كتب بِخَطِّهِ وَأَصله من الْعَرَب من كتانه اشْتغل فِي كبره وَحصل بِقُوَّة ذكائه وفهمه وَكَانَ مُقيما بالرملة بجامعة الْمَشْهُور بحارة الباشقردي وانتفع بِهِ خلق كثير وَمَا اشْتغل عَلَيْهِ أحد ولازمه إِلَّا وَأثر نَفعه فِيهِ وَكَانَ يكنى جماعته بكنى ينتخبها لَهُم وَصَارَت علما عَلَيْهِم كَأبي طَاهِر وَأبي مَدين وَأبي الْعَزْم وَأبي طَلْحَة وَغير ذَلِك وَمن مشايخه الَّذين أَخذ مِنْهُم الْعلم الشَّيْخ شمس الدّين القرقشندي وَالشَّيْخ شهَاب الدّين بن الهائم وقاضي الْقُضَاة جلال الدّين البُلْقِينِيّ واذن لَهُ بالافتاء وَولي تدريس الخاصكية بالرملة ودرس بهَا مُدَّة طَوِيلَة ثمَّ ترك تدريسها وَترك الافتاء وَأَقْبل على الله تَعَالَى رَحل من الرملة الى الْقُدس الشريف وَأقَام بالزاوية الختنية وَرَاء قبْلَة الْمَسْجِد الْأَقْصَى الشريف وَألف كتبا فِي الْفِقْه والنحو وَغير ذَلِك مِنْهَا صفوة الزّبد وَشَرحهَا شرحين ومختصر الاذكار وَشرح سنَن أبي دَاوُد وعلق على الشِّفَاء تعليقة جَيِّدَة لضبط أَلْفَاظه وَقطعَة من تَفْسِير الْقُرْآن وَشرح جمع الْجَوَامِع ومنهاج الْبَيْضَاوِيّ ومختصر ابْن الْحَاجِب ونظم فِي علم القراآت واعرب الالفية
وَشرح الملحة وَشرح البُخَارِيّ فِي ثَلَاث مجلدات وَاخْتصرَ الْمِنْهَاج بِحَذْف الْخلاف وَصحح الْحَاوِي وَشرح قِطْعَة من نظم ابْن الوردي على الْحَاوِي وَاخْتصرَ الرَّوْضَة ونظم القرآت الثَّلَاث الزَّائِدَة على السَّبْعَة ثمَّ القراآت الثَّلَاث الزَّائِدَة على الْعشْرَة واعربها اعرابا جيدا ونظم فِي عُلُوم الْقُرْآن فصولا تصل الى سِتِّينَ نوعا وَجمع طَبَقَات الْفُقَهَاء الشَّافِعِيَّة وَغير ذَلِك من الْكتب المفيدة وَكَانَ متواضعا زاهدا لَهُ قدم عَال فِي التَّهَجُّد وَالْعِبَادَة وَالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وَاتفقَ من امْرَهْ ان كاشف الرملة ضرب شخصا من جماعته يُقَال لَهُ الشَّيْخ مُحَمَّد المشمر فاستغاث بالشيخ فَقَالَ لَهُ الكاشف أَن كَانَ لشيخك برهَان يظهره فِي هَذِه النَّخْلَة - وَكَانَت نَخْلَة قَائِمَة على سَاقهَا امامه - فَفِي الْحَال وَقعت الى الأَرْض فترجل الكاشف واتى اليه وَوَقع على قَدَمَيْهِ وَكَانَ يُخَاطب الشَّيْخ نجم الدّين بن جمَاعَة ب (يَا شيخ الصلاحية) وَهُوَ صَغِير فوليها وَلما من الله على الشَّيْخ شهَاب الدّين بالاقامة بالقدس الشريف وَالسُّكْنَى بالزاوية الختنية انشد حباني إلهي بالتصافي لقبلة بمسجده الْأَقْصَى الْمُبَارك حوله فحمدا وشكرا دائمين وانني اريد لاخواني المحبين مثله وَقد عمر الشَّيْخ برجا على جَانب الْبَحْر المالح بثغر يافا وَكَانَ كثير الرِّبَاط بِهِ وَكَانَ شَيخا طوَالًا تعلوه صفرَة حسن المأكل والملبس والمتلقى لَهُ مكاشفات ودعوات مستجابات توفّي بالزاوية الختنية فِي ثَانِي عشرى شعْبَان كَذَا ارخه بعض الْفُقَهَاء وأرخ ابْن رَوْحَة ابو عذيبة وَفَاته يَوْم الاربعاء رَابِع عشري شعْبَان سنة ارْبَعْ واربعين وَثَمَانمِائَة وَدفن الى جَانب ابي عبد الله الْقرشِي بماملا وَحكى أَنه لما اخذه الحفار وأنزله قَبره سَمعه يَقُول رب انزلني منزلا مُبَارَكًا وَأَنت خير المنزلين ورؤى لَهُ عدَّة منامات صَالِحَة ومناقبه كَثِيرَة يطول شرحها وَيُقَال ان من
دَعَا الله بَين قَبره وقبر أبي عبد الله الْقرشِي بِأَمْر يُريدهُ اسْتَجَابَ الله لَهُ وَقد جربت ذَلِك فصح رضي الله عنهما وَفِي الْيَوْم الَّذِي توفّي فِيهِ توفّي الشَّيْخ الصَّالح ابو بكر مُحَمَّد المجيدي البسطامي وَكَانَ صَالحا وَحكي لي انه لما توفّي الشَّيْخ شهَاب الدّين كَانَ الشَّيْخ مُحَمَّد المجيدي فِي حَال صِحَّته فَقيل لَهُ الشَّيْخ شهَاب الدّين أَخُوك توفّي فَقَامَ يتأهب لحضور جنَازَته فَتَوَضَّأ وَصلى رَكْعَتَيْنِ سنة الْوضُوء فَلَمَّا سجد توفّي فِي سُجُوده ثمَّ غسل من وقته وَجِيء بِهِ إِلَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى وَصلي عَلَيْهِمَا مَعًا وحملا إِلَى ماملا ودفنا فِي وَقت وَاحِد وَقد جَاوز الشَّيْخ مُحَمَّد السّبْعين الشَّيْخ الْقدْوَة الزَّاهِد عبد الْملك بن الشَّيْخ الامام الناسك الْقدْوَة الْعَالم الْعَلامَة ابي بكر عبد الله الْموصِلِي الشَّيْبَانِيّ الشَّافِعِي اُحْدُ أَعْيَان الْمَشَايِخ الزهاد بالقدس الشريف مولده فِي سنة تسعين وَسَبْعمائة وَتقدم ذكر وَالِده كَانَ الشَّيْخ عبد الْملك من أهل الْعلم وَمن مَشَايِخ الصُّوفِيَّة وَكَانَ شكلا حسنا قَالَ الشَّيْخ عمر بن حَاتِم العجلوني - وَقد سُئِلَ عَنهُ - هُوَ رجل ينْطق بالحكمة وَكَانَت لَهُ كَلِمَات حكمِيَّة ولطائف صوفية وفقهية وَكَانَ ذَا ابهة وحشمة وَكلمَة نَافِذَة وسماعات واجازات وفقراء ومريدين وَكَانَ كثيرا مَا ينشد لَا وَالَّذِي قد من بالايمان يثلج فِي فُؤَادِي مَا كَانَ يخْتم بالاساءة وَهُوَ بالاحسان بَادِي وَكَانَ ينشد ايضا فان امت بعد بُلُوغ المنى فَذَاك من فضل الْعَزِيز المليك وَإِن أمت قبل بُلُوغ المنى فكم لنا تَحت الثرى من شريك توفّي فِي يَوْم الْخَمِيس سَابِع عشر رَمَضَان سنة أَربع واربعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا الشَّيْخ الْقدْوَة عَلَاء الدّين أَبُو الْحسن عَليّ بن الشَّيْخ تَاج الدّين أبي الوفا مُحَمَّد بن الشَّيْخ عَليّ ابي الوفا البدري الزَّاهِد الصَّالح مولده فِي حُدُود سنة تسعين وَسَبْعمائة وَكَانَ من الصَّالِحين حَافِظًا لكتاب الله كثير التِّلَاوَة وَكَانَت لَهُ شهرة عَظِيمَة بالصلاح وَالتَّصَرُّف بِالْحَال وَكَانَ كثير السيارات وَعرض لَهُ فِي بعض سياراته قطاع الطَّرِيق فصاح بهم فانصرعوا وَلم يفيقوا حَتَّى سَأَلَهُ أهل تِلْكَ النَّاحِيَة واستعطفوه فنفل فِي مَاء ورش على وجوهم فأقاقوا تَائِبين وكشف الله عَن قُلُوبهم حجاب الْغَفْلَة ولزموا خدمته وَظَهَرت لَهُم أَحْوَال وماتوا على ذَلِك وَلَهُم قُبُور تزار وَله غير ذَلِك من التَّصَرُّفَات والبركات مِنْهَا إِن جمَاعَة أوقدوا لَهُ نَارا وسألوه ان يبين لَهُم من حَاله فَأَشَارَ الى عَبده فَدخل النَّار ذَاكِرًا متواجدا وَلَا زَالَ يمشي عَلَيْهَا يَمِينا وَشمَالًا حَتَّى صَارَت رَمَادا وَأكْثر تَصَرُّفَاته كَانَت فِي الْبر بِخِلَاف أَخِيه السَّيِّد ابي بكر توفّي فِي ثَانِي عشر شَوَّال سنة ارْبَعْ واربعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا الشَّيْخ الامام الْعَالم الْعَلامَة زين الدّين عبد الْمُؤمن بن عمر بن أَيُّوب بن مُحَمَّد الرهاوي الأَصْل الْحلَبِي ثمَّ الْقُدسِي الشَّافِعِي الْوَاعِظ معيدالمدرسة الصلاحية وَهُوَ واعظ مَدِينَة الْقُدس الشريف ومفتيها وعالمها مولده فِي حُدُود سنة سِتِّينَ وَسَبْعمائة بِمَدِينَة الرها قدم الى بَيت الْمُقَدّس فِي سنة خمس عشرَة وَثَمَانمِائَة فَأكْرمه الشَّيْخَانِ شمس الدّين الْهَرَوِيّ وشمس الدّين الديري ووجدا فِيهِ اهلية الْعلم فولاه الْهَرَوِيّ اعادة الصلاحية وَجلسَ للوعظ يعظ النَّاس وَكَانَ لَهُ اشْتِغَال قديم وَفضل وَسَمَاع للْحَدِيث رؤى صَحِيح البُخَارِيّ عَن جمَاعَة من أَصْحَاب ابْن الشّحْنَة وَكَانَ خيرا عَالما فَاضلا مفتيا واعظا متفننا يعظ بلطافة ومجون وجد وهزل ولسماع مواعيده الْتِفَات وَيَأْتِي بِغَرَائِب ونوادر وأشعار مليحة توفّي بالقدس الشريف فِي يَوْم عَرَفَة من سنة خمس وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا الشَّيْخ الصَّالح عمر بن حَاتِم العجلوني الزَّاهِد العابد القانت الْعَارِف الْعَالم الْفَاضِل الأوحد بركَة الْوَقْت صَاحب الكرامات والمجاهدات والمكاشفات خرج من بَلَده عجلون وَورد الى بلد سيدنَا الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام فَنزل عِنْد الشَّيْخ عمر
الْمُجَرّد فِي زاويته وَعقد الايمان على نَفسه أَنه لَا يَأْخُذ من شعره وَلَا من ظفره وَلَا يغسل ثَوْبه وَلَا بدنه إِلَّا من ضَرُورَة شَرْعِيَّة الى ان يحفظ الْقُرْآن الْعَزِيز وبر قسمه فَلَمَّا حفظ الْقُرْآن رَجَعَ الى عجلون ثمَّ توجه الى حلب واقام بهَا وَأخذ فِي الْقيام بِالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وَوَقع لَهُ كرامات وَكَانَ الشَّيْخ عز الدّين الْمَقْدِسِي يتأسف على عدم لقِيه كثيرا وَكَانَ يَقُول مَا تأسفت على أحد مَا تأسفت عَلَيْهِ ويحكى عَنهُ لطائف كَثِيرَة ومكاشفات وأخبار عَجِيبَة ومحاسن عديدة وَكَانَ يحفظ الاحياء والقوت ورسالة الْقشيرِي وعوارف المعارف وَيَقُول لَا يصير الصُّوفِي صوفيا حَتَّى يحفظ هَذِه الْكتب الاربعة وَكَانَ ضعف بَصَره ثمَّ أَنه جاور بِمَكَّة وَخرج مِنْهَا مُتَوَجها الى الْمَدِينَة الشَّرِيفَة فَمَاتَ ببدر منصرفا من الْحَج فِي شهر ذِي الْحجَّة سنة خمس واربعين وَثَمَانمِائَة وَقد جَاوز السّبْعين سنة الشَّيْخ زين الدّين عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حَامِد الانصاري الشَّافِعِي مولده فِي سنة ثَمَانِينَ وَسَبْعمائة سمع الحَدِيث هُوَ والخطيب جمال الدّين بن جمَاعَة فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة على الْجلَال عبد الْمُنعم بن النجمي أَحْمد بن مُحَمَّد الانصاري وَكَانَ مباشرا لوقف التنكزية وللوقف الشريف النَّبَوِيّ وَغير ذَلِك توفّي فِي سنة سِتّ واربعين وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ الامام الزَّاهِد العابد الْعَارِف الْوَرع المسلك الْقدْوَة عبد الله الزرعي الدِّمَشْقِي الأَصْل نزيل بَيت الْمُقَدّس كَانَ رجلا خيرا زاهدا متورعا متقللا من الدُّنْيَا لَهُ حَظّ من الصَّلَاة وَالْعِبَادَة وَلِلنَّاسِ فِيهِ اعْتِقَاد كَبِير وَكَانَ من الْمَشَايِخ الصلحاء اشْتغل قَدِيما بِدِمَشْق وَصَحب جمَاعَة مِنْهُم الشَّيْخ مُحَمَّد القرمي وَالشَّيْخ عبد الله البسطامي وَالشَّيْخ أَبُو بكر الْموصِلِي وَغَيرهم وَسمع الحَدِيث وأسن وَطَالَ عمره وَكَانَ سَاكِنا قَلِيل الْكَلَام والاختلاط بِالنَّاسِ مُعظما الى النُّفُوس يَأْمر بِالْمَعْرُوفِ وَينْهى عَن الْمُنكر حسنا فِي وعظه وَكَانَ ينْسَخ وَيَأْكُل من عمل يَده ثمَّ
عجز عَن ذَلِك فَتَركه فَيُقَال انه كَانَ ينْفق من الْغَيْب وَكَانَ يَقُول انه مَا اغْتسل قطّ من احْتِلَام وَلَا حصل لَهُ وَلَا يعرفهُ ومحاسنه كَثِيرَة ومناقبه جمة توفّي بالقدس الشريف فِي خَامِس رَمَضَان من سنة ثَمَان واربعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا وَقد بلغ ثَمَانِينَ سنة وَصلي عَلَيْهِ صَلَاة الْغَائِب بِمصْر وَالشَّام وَغَيرهم وتأسف النَّاس عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُم بِهِ حَاجَة الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حَاتِم الْمَقْدِسِي سمع الحَدِيث فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَكَانَ متكلما بالقدس على الايتام والغياب مُدَّة طَوِيلَة وَكَانَ نَاظرا على وقف الْأَمِير بركه خَان فَخرج عَنهُ وَتوجه الى الْقَاهِرَة للسعي فِيهِ فَتوفي هُنَاكَ فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان واربعين وَثَمَانمِائَة عَن نَحْو سبعين سنة الشَّيْخ الامام الْعَالم الْمُحدث شمس الدّين ابو عبد الله مُحَمَّد بن خَلِيل بن أبي بكر القباقبي الْحلَبِي ثمَّ الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي شيخ الْمُسلمين مولده فِي سنة سبع وَسبعين وَسَبْعمائة اشْتغل فِي القراآت وفَاق الْمَشَايِخ وانتهت اليه رياسة هَذَا الْفَنّ أَخذ الحَدِيث عَن الْحَافِظ ابي الْفضل بن الْعِرَاقِيّ وَغَيره وَكَانَ رجلا خيرا دينا منكبا على الاقراء والتصنيف مُنْقَطِعًا عَن النَّاس مشاركا فِي عدَّة فنون قدم الْقُدس للزيارة فَأَشَارَ عَلَيْهِ الشَّيْخ شهَاب الدّين بن ارسلان بالاقامة بِبَيْت الْمُقَدّس فَأَقَامَ بِهِ وَحصل لَهُ الْخَيْر وكف بَصَره فِي إِحْدَى الجمادين سنة ثَمَان واربعين وَتُوفِّي عصر يَوْم الْجُمُعَة لعشرين من شهر رَجَب سنة تسع واربعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا بجوار الشَّيْخ شهَاب الدّين بن ارسلان رحمهمَا الله تَعَالَى وَمن مصنفاته منظومته الْمُسَمَّاة بِجمع السرُور ومطلع البدور وايضاح الرموز ومفتاح الْكُنُوز وَغير ذَلِك من النّظم والنثر عَفا الله عَنهُ وَكتب لناظر الْحَرَمَيْنِ قصيدة لصرف معلومه من نظمه أَولهَا يَا نَاظر الْحَرَمَيْنِ أَنْت وَعَدتنِي بِالْخَيرِ يَا من وعده لَا يخلف تالله لم ابرح ببابك وَاقِفًا حَتَّى تقرر لي وتكتب يصرف
ثمَّ بعد وَفَاته خَلفه وَلَده الشَّيْخ الامام الْعَالم الْعَلامَة شيخ الاسلام الْقدْوَة الْمُحَقق برهَان الدّين أَبُو اسحاق ابراهيم اُحْدُ أَعْيَان عُلَمَاء بَيت الْمُقَدّس فِي الْعلم والقراآت رجل عَالم صَالح لم تعلم لَهُ صبوة اسْتَقر فِيمَا بيد وَالِده من الْقِرَاءَة بمصحف الْملك الظَّاهِر جقمق بالصخرة الشَّرِيفَة وتدريس القراآت بِالْمَدْرَسَةِ الجوهرية واشتغل وَحصل وَفضل وتميز وَصَارَ من أَعْيَان بَيت الْمُقَدّس وتصدر للافتاء والتدريس ونفع الْمُسلمين وَهُوَ سالك طَريقَة السّلف الصَّالِحين وَعبارَته فِي الْفَتْوَى نِهَايَة فِي الْحسن وَالنَّاس سَالِمُونَ من يَده وَلسَانه يَتْلُو كتاب الله بِحسن صَوت وَطيب نَغمَة وَله مصنفات مِنْهَا شرح جمع الْجَوَامِع فِي الْأَصْلَيْنِ ونظم الارشاد فِي الْفِقْه وألفية الْمعَانِي وَالْبَيَان وَشَرحهَا وَشرح ألفية ابْن مَالك فِي النَّحْو وَالصرْف وَشرح التَّقْرِيب والتيسير فِي عُلُوم الحَدِيث للامام الْكَبِير محيي الدّين النَّوَوِيّ رضي الله عنه وَشرح الْقَوَاعِد نظم الْعَلامَة شهَاب الدّين بن الهائم والأسئلة فِي الْبَسْمَلَة وَالْعقد المنضد فِي شُرُوط حمل الْمُطلق على الْمُقَيد وَشَرحه وَغير ذَلِك وَهُوَ حَيّ يرْزق الى يَوْمنَا ابقاه الله تَعَالَى ونفع بِهِ الْمُسلمين الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن حُسَيْن الأوتاري الشَّافِعِي نِسْبَة لأوتارية - قَرْيَة من عمل جلجوليا - رَحل الى مصر صَغِيرا واشتغل على الْعلمَاء وَسمع الصَّحِيح على الْبُرْهَان الشَّامي مُسْند الْقَاهِرَة فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَسَبْعمائة لسماعه على الْحجاز بِسَنَدِهِ وَسمع على جمَاعَة واشتغل وَفضل وَكَانَ يعْمل بِمَسْأَلَة ابْن سُرَيج وَيُصَرح بِالْجَوَازِ فِيهَا وَقد اتنابه قَاضِي الْقُضَاة جمال الدّين بن جمَاعَة فِي هَذِه الْمَسْأَلَة حَتَّى حكم بهَا لبَعض المقادسة وَله مؤلف سَمَّاهُ فتح الخلاق فِي تَنْبِيه ابي اسحاق وتكسب بِالشَّهَادَةِ دهرا طَويلا ألى ان توفّي فِي اثناء سنة تسع واربعين وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ الامام الْعَالم الصَّالح شمس الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن يحيى بن سعيد بن عبد الله الْمَقْدِسِي القادري الْمَشْهُور بجده الْأَعْلَى سعيد شيخ القادرية وَصَاحب الذّكر والأوراد كَانَ لَهُ حَلقَة عَظِيمَة يجْتَمع فِيهَا خلق كثير بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى
صبحية كل يَوْم وَكَانَ يحصل بِهِ خير كثير مولده فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة توفّي وَالِده الشَّيْخ الصَّالح صَاحب الْأَحْوَال والأوراد الشَّيْخ مُحَمَّد فِي حادي عشري شعْبَان سنة إِحْدَى وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَتُوفِّي هُوَ يَوْم الاربعاء رَابِع عشري صفر سنة إِحْدَى وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا وَله أقَارِب فشهرتهم اولاد الشَّيْخ سعيد كَانُوا شُيُوخ زَاوِيَة الدركاه الشَّيْخ الصَّالح الْعَالم نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن الزولعة الْحَمَوِيّ الشَّافِعِي مولده فِي سنة ارْبَعْ وَسبعين وَسَبْعمائة سمع الحَدِيث وَكَانَ عَالما فَاضلا واعظا مَشْهُورا قدم من حماة الى بَيت الْمُقَدّس للزيارة فَتوفي بِهِ سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ الامام الْعَلامَة عماد الدّين اسماعيل بن ابراهيم بن شرف الشَّافِعِي معيد الصلاحية وَعين فُقَهَاء الشَّافِعِيَّة بالقدس الشريف مولده تَقْرِيبًا فِي سنة اثْنَتَيْنِ أَو ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَهُوَ رَفِيق الْعَلامَة الشَّيْخ ماهر الْمصْرِيّ وَكَانَ خصيصا بِهِ اشْتغل عَلَيْهِ جمَاعَة من الْأَعْيَان وانتفعوا بِهِ وَله مصنفات مِنْهَا شرح الْبَهْجَة فِي مجلدين وابتدأ فِي شرح آخر اطول مِنْهُ وَله على ألفية الْبرمَاوِيّ توضيح حسن مُفِيد وَشرح تَهْذِيب التَّنْبِيه وَشرح مصنفات شَيْخه ابْن الهائم وَكَانَ قَلِيل النّظر الى الدُّنْيَا مكبا على الِاشْتِغَال الى ان توفّي فِي ثَالِث عشر ربيع الآخر سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ الامام الْعَالم الْمُحدث شمس الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد بن ابراهيم بن مُفْلِح القلقيلي الشَّافِعِي قَارِئ الحَدِيث الشريف بِبَيْت الْمُقَدّس نِسْبَة لقرية قليقلة - من اعمال جلجوليا - مولده فِي سنة سِتّ وَسبعين وَسَبْعمائة وَكَانَ شَيخا صَالحا عَالما فَاضلا حسن المذاكرة جيد التِّلَاوَة كثير الْعِبَادَة عَلَيْهِ أنس كَبِير وَكَانَ يقرئ الاطفال بجلجوليا دهرا ثمَّ قدم الى بَيت الْمُقَدّس فِي حُدُود سنة عشْرين وَثَمَانمِائَة وانتمى الى الشَّيْخ برهَان الدّين بن غَانِم فَكَانَ يقرئ أَوْلَاده وَنزل بِالْمَدْرَسَةِ ولازم
الِاشْتِغَال واعتقده النَّاس وَكَانَ لَهُ ولد اسْمه شهَاب الدّين أَحْمد حسن الصَّوْت وَكَانَ ناظما كَاتبا مجموعا حسنا إِلَى الْغَايَة من نظمه يُخَاطب شهَاب الدّين أَحْمد موقع الْأَمِير جاني بك داوادار الْملك الْأَشْرَف يَا شهابا رقى الْعلَا لَا تخن قطّ صَاحبك زادك الله رفْعَة ورعى الله جَانِبك توفّي قبل وَالِده فِي ثامن عشري شعْبَان سنة تسع واربعين وَثَمَانمِائَة فَجْأَة فَحصل لوالده عَلَيْهِ الوجدالعظيم وَلم يزل مهموما عَلَيْهِ الى ان توفّي وَكَانَ كلما سُئِلَ عَن حَاله يَقُول شَيْئَانِ لَو بَكت الدِّمَاء عَلَيْهِمَا عَيْنَايَ حَتَّى يؤذنا بذهاب لم يبلغَا المعشار من عشريهما فقد الشَّبَاب وَفرْقَة الأحباب ويبكي حَتَّى يبكي من حضر لبكائه توفّي الشَّيْخ شمس الدّين فِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثَالِث عشري شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَثَمَانمِائَة بعلة الاسْتِسْقَاء وَقد رَأَيْت كثيرا من المسندات الشَّرْعِيَّة بِخَط وَلَده وَعبارَته فِيهَا دَالَّة على فَضله ومعرفته رحمه الله الشَّيْخ شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن شمس الدّين أبي عبد الله مُحَمَّد الصلتي الشَّافِعِي ولد سنة سِتّ وَسبعين وَسَبْعمائة وَله اشْتِغَال قديم وَكَانَ رجلا مُبَارَكًا بَاشر نِيَابَة الحكم بالقدس الشريف مُدَّة طَوِيلَة وَتُوفِّي يَوْم الْجُمُعَة سادس عشري شعْبَان من سنة اثْنَتَيْنِ وخمسن وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن ابي عبد الله مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الشهير بِابْن الْبُرْهَان الخليلي الأَصْل ثمَّ الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي الْخَطِيب بالقدس الشريف هُوَ ووالده من قبله مولده بِمَدِينَة الْخَلِيل فِي سنة سِتّ وَسبعين وَسَبْعمائة سمع الحَدِيث واشتغل بِالْعلمِ واتقن علم الْوَقْت وَلم يتَزَوَّج قطّ وَكَانَت وَفَاة وَالِده فِي سنة عشر وَثَمَانمِائَة وَكَانَ هُوَ فَقِيها فرضيا نحويا أعَاد بالصلاحية نِيَابَة وَتُوفِّي فِي ذِي الْحجَّة سنة
اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة الشَّيْخ الامام الْعَالم الزَّاهِد شهَاب الدّين أَبُو الْبَقَاء أَحْمد بن الْحُسَيْن بن عَليّ الزبيرِي الشَّافِعِي مولده فِي حُدُود السّبْعين والسبعمائة بصعيد مصر سمع الحَدِيث واشتغل بِالْعلمِ وَقدم بَيت الْمُقَدّس بعد الثَّلَاثِينَ والثمانمائة وَصَحب الشَّيْخ شهَاب الدّين احْمَد بن أرسلان وَنزل بمدارس الْفُقَهَاء ثمَّ انْقَطع بالطولونيا لِلْعِبَادَةِ لَا يخرج مِنْهَا توفّي بالقدس الشريف فِي حادي عشر ربيع الأول سنة ارْبَعْ وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة وَحضر جنَازَته نَائِب السلطنة مبارك شاه والقضاة والأعيان رحمهم الله الشَّيْخ الصَّالح الرحلة شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن الشَّيْخ مُحَمَّد بن حَامِد الانصاري الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي مولده تَقْرِيبًا سنة سِتِّينَ وَسَبْعمائة اشْتغل فِي الْعُلُوم وَحصل الْفَوَائِد وَأدْركَ الْمُتَقَدِّمين وَسمع عَلَيْهِم وَعرض محفوظاته على قَاضِي الْقُضَاة برهَان الدّين بن جمَاعَة توفّي وَقت الظّهْر فِي يَوْم الْخَمِيس ثَانِي عشري ذِي الْقعدَة سنة ارْبَعْ وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا عِنْد عَمه عَلَاء الدّين عَليّ بن حَامِد الْمُتَوفَّى فِي ذِي الْقعدَة سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَسَبْعمائة الشَّيْخ الامام الْعَلامَة شمس الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن حسان الشَّافِعِي مولده فِي صفر سنة ثَمَان وَثَمَانمِائَة وَتُوفِّي وَالِده بِدِمَشْق قَتِيلا فِي سنة خمس عشرَة وَثَمَانمِائَة فَنَشَأَ هُوَ بعده واشتغل بِالْعلمِ وجد واجتهد بِبَيْت الْمُقَدّس ثمَّ انْتقل الى مصر فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة فَصَارَ من أَعْيَان عُلَمَاء الْقَاهِرَة وَسُئِلَ لمشيخة الصلاحية فَأبى مُفَارقَة الديار المصرية وَولي مشيخة سعيد السُّعَدَاء توفّي فِي سلخ صفر سنة خمس وَخمسين وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ شمس الدّين ابو عبد الله مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن دَاوُد النحال - بحاء مُهْملَة - البرموني الأَصْل ثمَّ الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي مولده فِي سنة سبعين وَسَبْعمائة بالبرمون اشْتغل قَدِيما على الْمَشَايِخ وَسمع الحَدِيث على أبي الْخَيْر بن العلائي وَغَيره وَحدث
وَكَانَ رجلا خيرا انجمع عَن النَّاس وَضعف بَصَره فِي آخر عمره توفّي بالقدس الشريف فِي يَوْم الْجُمُعَة سادس عشر ذِي الْقعدَة سنة خمس وَخمسين وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد التَّمِيمِي الموقت بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشريف كَانَ من أهل الحذق فِي فنه بَاشر التَّأْقِيت بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى مُدَّة أَرْبَعِينَ سنة وَكَانَ مَوْجُودا فِي سنة خمس وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَتُوفِّي بعْدهَا بِقَلِيل الشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد بن مُحَمَّد بن عمر الشَّافِعِي المؤرخ الْمَشْهُور بِابْن رَوْحَة أبي عذيبة نِسْبَة لزوج والدته الخواجا مُحَمَّد الْمَشْهُور بِأبي عذيبة - الْمُتَقَدّم ذكره - وَبَعض النَّاس يَظُنّهُ ابْن ابي عذيبة وَلَيْسَ كَذَلِك وَإِنَّمَا هُوَ بيبه مولده فِي لَيْلَة يسفر صباحها عَن يَوْم الْأَحَد ثَالِث شهر شعْبَان المكرم سنة تسع عشرَة وَثَمَانمِائَة بالقدس الشريف قَرَأَ الْقُرْآن واشتغل بِالْعلمِ وَكَانَ من الْفُقَهَاء بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية واعتنى بِعلم التَّارِيخ وَكتب تاريخين احدهما مطولا وَالْآخر مُخْتَصرا وَقد وقفت على مُعظم الْمُخْتَصر وَهُوَ مُرَتّب على حُرُوف المعجم وَلم يظْهر تَارِيخه الْكَبِير بعد وَفَاته وَقد أخْبرت انه لما توفّي اطلع بعض النَّاس عَلَيْهِ فَوجدَ فِيهِ أَشْيَاء فَاحِشَة من ثلب أَعْرَاض النَّاس فاعدمه فَلم يُوجد إِلَّا بعض كراريس مُتَفَرِّقَة من التَّارِيخ الْمُخْتَصر توفّي فِي يَوْم الْجُمُعَة خَامِس عشر ربيع الآخر سنة سِتّ وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة عَفا الله عَنهُ الشَّيْخ الامام الْعَالم الْعَلامَة الْمُحدث زين الدّين عبد الْكَرِيم بن الشَّيْخ زين الدّين عبد الرَّحْمَن بن الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد القرقشندي الشَّافِعِي كَانَ من اعيان الْعلمَاء بالقدس الشريف وَله يَد طولى فِي علم الحَدِيث وَأخذ عَنهُ جمَاعَة من الْأَعْيَان وَله أَحَادِيث مخرجة توفّي فِي سنة سِتّ وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَدفن بالقلندرية بماملا شيخ الاسلام شمس الدّين أَبُو اللطف مُحَمَّد بن عَليّ الحصكفي الشَّافِعِي الامام الْعَلامَة مولده بحصن كيفا سنة تسع عشرَة وَثَمَانمِائَة فَتخرج هُنَاكَ فِي فن الْأَدَب
ثمَّ قدم بَيت الْمُقَدّس فَلَزِمَ الشَّيْخ شهَاب الدّين بن أرسلان واشتغل عَلَيْهِ فِي الْحَاوِي وجد وَحصل وشارك فِي الْعُلُوم وتميز وَصَارَ من أَعْيَان الْعلمَاء وَكَانَ ذكيا حسن النّظم والنثر يكْتب الْخط الْمليح وَعِنْده تودد وحلاوة لِسَان وَهُوَ دين خير لَهُ مؤلفات مفيدة فِي النَّحْو وَالصرْف وَغير ذَلِك توفّي فِي لَيْلَة يسفر صباحها عَن نَهَار الثُّلَاثَاء عَاشر جمادي الْآخِرَة سنة تسع وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة الى جَانب وَالِده ووفاة وَالِده فِي سنة خمس وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَترك الشَّيْخ أَبُو اللطف وَلدين احدهما الشَّيْخ الْعَلامَة عَلَاء الدّين أَبُو الْفضل عَليّ توفّي وَالِده وَهُوَ صَغِير فَنَشَأَ بعده واشتغل على عُلَمَاء بَيت الْمُقَدّس مِنْهُم الشَّيْخ أَبُو مساعد وَغَيره ورحل الى الديار المصرية واخذ عَن علمائها وَفضل وتميز وَصَارَ من الْأَعْيَان وَلما توفّي شيخ الاسلام كَمَال الدّين بن أبي شرِيف مدرس الْمدرسَة الصلاحية قَرَّرَهُ من المعيدين بهَا ثمَّ استوطن دمشق المحروسة وَصَارَ من اعيان الْفُقَهَاء بهَا وَهُوَ حَيّ يرْزق وَالثَّانِي الشَّيْخ الْعَلامَة سيف الدّين القرقشندي توفّي وَالِده وَهُوَ حمل فَنَشَأَ بعده واشتغل بِالْعلمِ الشريف على عُلَمَاء بَيت الْمُقَدّس مِنْهُم شيخ الاسلام الكمالي ابْن ابي شرِيف وَغَيره ثمَّ رَحل الى الديار المصرية واخذ عَن علمائها مِنْهُم الشَّيْخ شمس الدّين الْجَوْجَرِيّ وَغَيره وَسمع الحَدِيث وقرأه وَصَارَ من أَعْيَان الْعلمَاء الأخيار الموصوفين بِالْعلمِ وَالدّين والتواضع وَعِنْده تودد ولين جَانب وسخاء نفس وإكرام لمن يرد عَلَيْهِ لَا يحب الْفَخر وَلَا الْخُيَلَاء وَالنَّاس سَالِمُونَ من يَده وَلسَانه وَقد أذن لَهُ الْعلمَاء بالديار المصرية وَغَيرهَا بالافتاء والتدريس مُدَّة طَوِيلَة وَالنَّاس مجمعون على محبته لعلمه وَدينه وَهُوَ مِمَّن احبه الله عَامله الله بِلُطْفِهِ الْخَفي ونفعنا الله بِعُلُومِهِ الشَّيْخ الْعَالم المسلك السَّيِّد الشريف الحسيب النسيب تَقِيّ الدّين أَبُو بكر بن الشَّيْخ تَاج الدّين أبي الوفا مُحَمَّد بن الشَّيْخ عَلَاء الدّين عَليّ بن أبي الوفا الْحُسَيْنِي
الشَّافِعِي شيخ الوفائية بالقدس الشريف مولده فِي ذِي الْقعدَة سنة تسع وَتِسْعين وَسَبْعمائة اخذ عَن اصحاب الْمَيْدُومِيُّ وَجَمَاعَة واشتغل قَدِيما وانتفع وَكَانَ رجلا كَرِيمًا مُعظما للواردين اليه كثير التودد للنَّاس مستجلب للقلوب لَهُ حَظّ من صِيَام وَصَلَاة وتلاوة واعتكاف وانتهت اليه رياسة الْفُقَرَاء بالقدس الشريف وألبس خرقَة الوفائية عَن وَالِده قدم عَلَيْهِ بعض اقاربه وَهُوَ الشَّيْخ سلار فِي سنة خمس وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَقد ثَبت نسب شرفه بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّة وَلم ينتسب قبل ذَلِك بهَا توفّي شَهِيدا بالبطن فِي نَهَار الْجُمُعَة سَابِع عشري شَوَّال سنة تسع وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَصلي عَلَيْهِ عقب صَلَاة الْجُمُعَة بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشريف وَكَانَت جنَازَته حافلة وتأسف عَلَيْهِ النَّاس من الْفُقَرَاء وَغَيرهم وَدفن بماملا بحوش الْأَمِير طوغان العلائي الملاصق لزاوية القلندرية من جِهَة الشرق الْمعدل نور الدّين عَليّ بن يحيى الايدوني الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي نزيل الْقُدس الشريف قدم من دمشق الى بَيت الْمُقَدّس فَأَقَامَ بِهِ دهرا طَويلا يحترف بِالشَّهَادَةِ وخطه حسن وَله معرفَة بمصطلح الوثائق ورزق الْقبُول التَّام فِي هَذَا الْفَنّ وَكَانَ قُضَاة بَيت الْمُقَدّس يعظمونه ويحتفلون بأَمْره وَكَانَ مَوْجُودا فِي حُدُود السِّتين والثمانمائة ووفاته فِي ذَلِك الْعَصْر الرئيس علم الدّين سُلَيْمَان الصَّفَدِي رَئِيس المؤذنين بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشريف كَانَ حسن الصَّوْت وَعِنْده حسمة زَائِدَة ويلبس القماش الْحسن ويسلك طرفا لراسه وَكَانَ صَوته حسنا يضْرب بِهِ الْمثل توفّي بعد السِّتين والثمانمائة بالقدس الشريف الْعدْل زين الدّين الْخضر بن جُمُعَة بن خَلِيل الدَّارِيّ النقوعي من ذُرِّيَّة سيدنَا تَمِيم الدَّارِيّ كَانَ يحترف بِالشَّهَادَةِ وَرُبمَا بَاشر فِي دَار النِّيَابَة وخطه حسن وَكَانَ من ذَوي المروآت توفّي فِي شَوَّال سنة سِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا فِي الْقُدس الشَّيْخ الْحَافِظ الْمُحدث الْعَلامَة عماد الدّين أَبُو الفدا اسماعيل بن قَاضِي الْقُضَاة برهَان الدّين ابي اسحاق ابراهيم بن قَاضِي الْقُضَاة جمال الدّين ابي مُحَمَّد عبد الله بن جمَاعَة الْكِنَانِي الشَّافِعِي مولده فِي رَمَضَان سنة خمس وَعشْرين وَثَمَانمِائَة حفظ الْقُرْآن وَهُوَ ابْن تسع وَصلى بِالنَّاسِ وَحفظ عدَّة من الْكتب فِي الْفِقْه وَغَيره وَعرض على جمَاعَة من شُيُوخ الاسلام مِنْهُم جده الجمالي بن جمَاعَة وجده السَّعْدِيّ الديري الْحَنَفِيّ ورحل الى الديار المصرية وَأخذ عَن الْحَافِظ بن حجر وَأَجَازَهُ بالتدريس والافادة وَسمع الحَدِيث وَطلب العالي من الاسناد وَقَرَأَ الْكتب السِّتَّة والشفاء وَالتَّرْغِيب والترهيب وأجزاء حَدِيثِيَّةٌ وَشرح الألفية فِي علم الحَدِيث للزين الْعِرَاقِيّ شرحا حسنا أدمج الأَصْل فِي الشَّرْح وَبِذَلِك سهل مأخذه وَشرح تصريف الْعزي وَشرح أَلْفَاظ الشِّفَاء ذكر الْغَرِيب مِنْهُ وَرُبمَا تعرض لتخريج الْأَحَادِيث الْمَذْكُورَة فِيهِ ودرس الدُّرُوس الْعَامَّة والخاصة وَلما ولي جده الشَّيْخ جمال الدّين تدريس الصلاحية سنة خمسين وَثَمَانمِائَة اسْتَقر معيدا بهَا وَصَارَ ينْقل الْغَرِيب الْحسن والفوائد الجمة وَكَانَ خَطِيبًا فصيحا زاهدا متواضعا نحيف الْجِسْم خطب بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشريف نِيَابَة عَن جده وَولي مشيخة الخانقاه الصلاحية مشاركا لبني غَانِم (نادرة) وَوَقعت لَهُ كَرَامَة وَهِي ان والدته حصل لَهَا ضعف فَحَضَرَ عِنْدهَا وسألها عَن حَالهَا فتأوهت وَشَكتْ شدَّة الْحمى فَقَالَ لَهَا فِي الْجَواب قد تحملت عَنْك مَا انت فِيهِ فَمَا قَامَ من مَجْلِسه إِلَّا وَهُوَ مَحْمُوم فَلم يزل يتزايد بِهِ الضعْف ووالدته تقوى الى ان قَبضه الله تَعَالَى توفّي بعد صَلَاة الْعَصْر من نَهَار الِاثْنَيْنِ سادس شهر ذِي الْقعدَة الْحَرَام سنة احدى وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا عِنْد اقاربه الشَّيْخ الْفَقِيه جمال الدّين أَبُو المحاسن يُوسُف بن مَنْصُور بن أَحْمد الْمَشْهُور بِابْن النَّائِب الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي مولده فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة اشْتغل قَدِيما فِي الْفِقْه والنحو وَسمع الحَدِيث بِقِرَاءَة الْعَلامَة شمس الدّين القرقشندي على الْمسند ابي الْخَيْر العلائي وتفقه على الشَّيْخ بن الهائم وَعمل المواعيد توفّي بالقدس الشريف فِي سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة الْعدْل زين الدّين عبد الرَّحِيم بن حسن بن قَاسم الْمَشْهُور بجده - أحد الْعُدُول بالقدس الشريف - احترف بِالشَّهَادَةِ دهرا طَويلا وَكَانَ رَفِيقًا للشَّيْخ برهَان الدّين الكتبي وسيرتهما محمودة توفّي يَوْم الْجُمُعَة ثَانِي رَجَب الْفَرد سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد القرمي الشَّافِعِي كَانَ من أَعْيَان بَيت الْمُقَدّس وفقهاء الْمدرسَة الصلاحية وباشر الامامة بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَكَانَ حسن الْقِرَاءَة منور الشيبة توفّي نَهَار السبت تَاسِع عشر ربيع الأول سنة سبع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن عِنْد وَالِده وجده بالزاوية بِخَط مرزبان وَتُوفِّي وَالِده الْعدْل زين الدّين عمر - أحد الْعُدُول بالقدس الشريف وَالْفُقَهَاء بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية - فِي سنة ثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن عِنْد اسلافه بالزاوية الشَّيْخ الْعَلامَة الْقدْوَة الْمُحَقق زين الدّين أَبُو الْجُود ماهر بن عبد الله بن نجم الْأنْصَارِيّ الْمصْرِيّ ثمَّ الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي شيخ الْمُسلمين مولده فِي سنة تسع وَسبعين وَسَبْعمائة اشْتغل بالعلوم الْفِقْه والنحو والفرائض والحساب وَأَجَازَ لَهُ جمع من الْمَشَايِخ المسندين وَلَقي جمَاعَة من الْعلمَاء وَأخذ عَنْهُم وَأَصله من بِلَاد مصر وَقدم بَيت الْمُقَدّس واستوطنها فِي رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة واشتغل عَلَيْهِ جمَاعَة من الْأَعْيَان وانتفع بِهِ الطّلبَة بصلاحه ونصحه وَكَانَ حسن التَّقْرِير أفتى ودرس وَمن تلامذته شيخ الاسلام الْكَمَال بن أبي شرِيف وَكَانَ مُنْقَطِعًا عَن ابناء الدُّنْيَا كثير التِّلَاوَة وَالْعِبَادَة وَلِلنَّاسِ فِيهِ اعْتِقَاد وَكَانَ ورعا زاهدا متواضعا توفّي بالقدس الشريف فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء سلخ ربيع الأول سنة تسع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة الى جَانب الشَّيْخ مُحَمَّد أكال الْحَيَّات نفع الله بهما وَرَضي عَنْهُمَا شيخ الاسلام عَلامَة الزَّمَان أحد الْأَئِمَّة الْأَعْلَام تَقِيّ الدّين أَبُو بكر عبد الله ابْن شيخ الاسلام شمس الدّين ابي عبد الله مُحَمَّد بن الشَّيْخ الْعَلامَة تَقِيّ الدّين
اسماعيل القرقشندي الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي سبط الْحَافِظ ابي سعيد العلائي عَالم الارض المقدسة شَيخنَا الامام الْعَلامَة الحبر الفهمامة مولده بالقدس الشريف فِي لَيْلَة الثَّالِث عشر من شهر ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة اشْتغل فِي صغره على وَالِده وَغَيره وَسمع على الْمَشَايِخ وَقَرَأَ بِنَفسِهِ وَسمع من لفظ البُلْقِينِيّ المسلسل بالأولية وَسمع على الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر النابلسي الملقب بالحبة شَيْخه ابْن الْجَوْزِيّ عَليّ الْمَيْدُومِيُّ وَأَجَازَهُ جمع من الْعلمَاء والحفاظ افتى ودرس وناظر وَحدث وَسمع عَلَيْهِ الرحالون وساد بِبَيْت الْمُقَدّس وَلما عمر القَاضِي زين الدّين عبد الباسط الدِّمَشْقِي رَئِيس المملكة مدرسته الباسطية شمال الْمَسْجِد الْأَقْصَى الشريف قرر فِي مشيختها الشَّيْخ شمس الدّين بن الْمصْرِيّ - الْمُتَقَدّم ذكره - وَاسْتمرّ بهَا إِلَى أَن توفّي ثمَّ قرر بعده فِيهَا الشَّيْخ شرف الدّين يحيى بن الْعَطَّار الْحَمَوِيّ الأَصْل ثمَّ الْمصْرِيّ فباشرها مُدَّة ثمَّ تنزه عَنْهَا وَسَأَلَ الْوَاقِف أَن يُقرر فِيهَا شَيخنَا التَّقْوَى القرقشندي فقرره بهَا فانتهت اليه الرياسة بالقدس وَعظم عِنْد أكَابِر المملكة وَكَانَ عِنْده ملاطفة واستمالة للقلوب وَحسن سياسة وَكَثْرَة تواضع وفصاحة لفظ وَكَانَ حسن الشكل منور الشيبة لَهُ سمت إِذا رَآهُ من لَا يعرفهُ علم انه من أهل الْعلم بِرُؤْيَة شكله وَأما سخاؤه وَبسط يَده فَلَا يكَاد يُوصف وكتابته على الْفَتْوَى نِهَايَة فِي الْحسن وفصاحة اللَّفْظ وترتيب الْعبارَة وَقد عرضت عَلَيْهِ ملحة الاعراب فِي ثَانِي جمادي الأولى سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة بمنزله بجوار الْمدرسَة الصلاحية ولي دون سِتّ سِنِين فَإِن مولدِي بالقدس الشريف فِي لَيْلَة يسفر صباحها عَن يَوْم الْأَحَد ثَالِث عشري ذِي لقعدة سنة سِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وَهُوَ أول شيخ عرضت عَلَيْهِ وتشرفت بِالْجُلُوسِ بَين يَدَيْهِ وأجازني بالمحلة بِسَنَدِهِ الْمُتَّصِل الى المُصَنّف وبغيرها من كتب الحَدِيث الشريف وَمَا يجوز رِوَايَته وَكتب وَالِدي الاجازة بِخَطِّهِ وَكتب الشَّيْخ خطه الْكَرِيم عَلَيْهَا
وَكن للْأَرْض المقدسة بل ولسائر الممالك بِوُجُودِهِ الْجمال وَلَو شرعت أذكر مناقبه ومحاسنه لطال الْفَصْل وَخرجت عَن حد الِاخْتِصَار فَإِن تَرْجَمته وَذكر مشايخه تحْتَمل الافراد بالتأليف وَهُوَ أعظم من ان يُنَبه مثلي على فَضله وعلو مرتبته فَلَقَد كَانَ من اعظم محَاسِن الدَّهْر توفّي لَيْلَة الْخَمِيس ثَانِي عشر شهر جمادي الْآخِرَة سنة سبع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن بداخل الايوان الْكَائِن بالزاوية القلندرية بتربة ماملا وَكَانَ يَوْمًا كثير الْمَطَر القَاضِي جمال الدّين عبد الله بن زين الدّين عبد الرَّحْمَن بن الصاحب التَّمِيمِي الخليلي من ذُرِّيَّة سيدنَا تَمِيم الدَّارِيّ رضي الله عنه وَكَانَ نَاظرا على وَقفه وَهُوَ أَرض بلد الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام وَله مُرُوءَة ومحبة لأَصْحَابه كَانَ يُبَاشر بدار النِّيَابَة وَلم يحصل مِنْهُ ضَرَر لأحد توفّي فِي يَوْم الْخَمِيس خَامِس جمادي الْآخِرَة سنة سبع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة شيخ الشُّيُوخ نجم الدّين مُحَمَّد بن شيخ الشُّيُوخ شهَاب الدّين ابراهيم بن شهَاب الدّين أَحْمد بن غَانِم الانصاري الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي شيخ الخانقاه الصلاحية بالقدس الشريف اسْتَقر فِيهَا بعد وَفَاة وَالِده الشَّيْخ برهَان الدّين ثمَّ نزل عَن نصفهَا للشَّيْخ عماد الدّين بن جمَاعَة وَحصل بَينه وَبَين بني جمَاعَة نزاع ثمَّ أستقر فِيهَا بكمالها وَتوجه الى الْقَاهِرَة فَأَدْرَكته الْمنية بهَا فِي مستهل شعْبَان سنة تسع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة ومولده فِي سنة ارْبَعْ عشرَة وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ الْعَالم شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن بدر الدّين حسن بن دَاوُد الْمَشْهُور بِابْن الناصري الشَّافِعِي ولد بالقدس الشريف وَنَشَأ بِهِ واشتغل بِالْعلمِ الشريف وَأخذ عَن عُلَمَاء بَيت الْمُقَدّس وَكَانَ من أَعْيَان الْقُدس ولي مشيخة الْمدرسَة الجوهرية وَكَانَ شكلا حسنا منور الشيبة يسْلك طرق الرياسة توفّي فِي شهر جمادي الاولى سنة سبعين وَثَمَانمِائَة وَقد قَارب السّبْعين وَدفن بماملا الشَّيْخ الصَّالح الْعَالم زين الدّين عبد الْقَادِر بن مُحَمَّد بن حسن النواوي الشَّافِعِي
مولده فِي سنة إِحْدَى وَثَمَانمِائَة توجه الى الْيمن فِي سنة عشر وَرجع فِي سنة خمس عشرَة وَقد قَرَأَ وَسمع بِالْيمن بزبيد وَتلك الْبِلَاد وَارْضَ الْحجاز واشتغل وتلا بالسبع وَفضل وَانْقطع عَن النَّاس وَكَانَ رجلا صَالحا صوفيا مقرئا عَالما فَاضلا لَهُ حَظّ من صَلَاة وَصَوْم وَعبادَة يمشي اليه الْخَواص ويسألونه الدُّعَاء يتبركون بِهِ والأهل بَيت الْمُقَدّس فِيهِ اعْتِقَاد وَكَانَ مِمَّن يقوم بِالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر توفّي فِي خَامِس شهر شعْبَان سنة إِحْدَى وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَحمل تابوته على الرؤس وَدفن بماملا وَكَانَت جنَازَته حافلة الْعدْل تَاج الدّين عبد الْوَهَّاب بن القَاضِي برهَان الدّين ابراهيم بن القَاضِي الصَّلْت الشَّافِعِي كَانَ من اعيان الْعُدُول بالقدس الشريف وَكَانَت الْقُضَاة والحكام يعظمونه وباشر تحمل الشَّهَادَة دهرا طَويلا وَقد توجه الى مَدِينَة الرملة فَتوفي بهَا فِي شهر صفر سنة ثَلَاث وَسبعين وَثَمَانمِائَة بِالْمَدْرَسَةِ الخاصكية وَدفن عِنْد قبَّة الجاموس الشَّيْخ الْعَلامَة زين الدّين عمر بن الشَّيْخ عبد الْمُؤمن الْحلَبِي الأَصْل الشَّافِعِي شَيخنَا بالاجازة كَانَ رجلا صَالحا لَهُ سَنَد عَال فِي الحَدِيث الشريف أَخذ عَن جمَاعَة من فُقَهَاء بَيت الْمُقَدّس وَكَانَ منور الشيبة عَلَيْهِ الابهة وَالْوَقار وَقد حضرت ختم البُخَارِيّ عَلَيْهِ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَثَمَانمِائَة بالصخرة الشَّرِيفَة وأجازني توفّي فِي سنة ثَلَاث وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا وَكَانَ مشهود الْجِنَازَة الْعدْل تَاج الدّين عبد الْوَهَّاب بن مُحَمَّد الْمُؤَدب كَانَ رجلا خيرا احترف بِالشَّهَادَةِ دهرا طَويلا وَكَانَ ينْسَخ الْكتب وخطه حسن وَعِنْده تواضع توفّي فِي رَابِع شعْبَان سنة ثَلَاث وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بالساهرة الشَّيْخ أَحْمد جعارة كَانَ مجذوبا وَله كرامات ظَاهِرَة وَأهل بَيت الْمُقَدّس يَعْتَقِدُونَ صَلَاحه وَحكي عَنهُ أَشْيَاء تدل على ولَايَته توفّي فِي شهر رَمَضَان سنة ثَلَاث وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا بِالْقربِ من القلندرية نفع الله بِهِ الشَّيْخ الامام الْعَالم الْعَلامَة الْمُحَقق شيخ الْمُسلمين شمس الدّين أَبُو مساعد
مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب الشَّافِعِي شَيخنَا أحد جمَاعَة الْعَلامَة شهَاب الدّين بن أرسلان وَهُوَ الَّذِي كناه كَانَ من اعيان عُلَمَاء بَيت الْمُقَدّس والمعيدين بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية وَكَانَ يكْتب على الْفَتْوَى عبارَة حَسَنَة انْتفع النَّاس بِهِ وَقد عرضت عَلَيْهِ قِطْعَة من كتاب الْمقنع فِي الْفِقْه فِي سنة ثَلَاث وَسبعين وَثَمَانمِائَة وأجازني توفّي فِي يَوْم الثُّلَاثَاء سادس عشر ذِي الْحجَّة سنة ثَلَاث وَسبعين وَثَمَانمِائَة بالطاعون وَدفن بالساهرة وَكَانَت جنَازَته حافلة الْعدْل شهَاب الدّين أَحْمد بن مُحَمَّد الخليلي الشَّافِعِي رَئِيس المؤذنين بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى كَانَ حسن الصَّوْت فِي الاذان اسْتَقر فِي رياسة الاذان بعد وَفَاة علم الدّين الصَّفَدِي وَكَانَ يحترف بِالشَّهَادَةِ رَفِيقًا للْقَاضِي عماد الدّين التركستاني وَعِنْده حشمة زَائِدَة ويلبس القماش الفاخر وَله مُرُوءَة تَامَّة توفّي فِي الْمحرم سنة أَربع وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا وَلم يبْق بعده من هُوَ فِي مَعْنَاهُ من حسن الصَّوْت فِي الاذان والمديح وَنَحْوهمَا السَّيِّد الشريف الشَّيْخ عز الدّين حَمْزَة الدِّمَشْقِي أحد عُلَمَاء دمشق توفّي بالقدس الشريف فِي سنة أَربع وسبيعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا القَاضِي زين الدّين أَبُو حَفْص عمر بن الشَّيْخ عَلَاء الدّين عَليّ الْحوَاري الشَّافِعِي أحد اعيان الْفُقَهَاء بالقدس الشريف والمعيدين بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية كَانَ من أهل الْفضل وناب فِي الْقَضَاء بالقدس الشريف وَكَانَ خيرا متواضعا مولده فِي سنة ثَلَاث وَثَمَانمِائَة وَتُوفِّي فِي يَوْم الاربعاء الْعشْرين من شهر ربيع الأول سنة أَربع وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا وَتقدم ذكر وَالِده الشَّيْخ غرس الدّين خَلِيل بن عبد الرَّحْمَن الْأنْصَارِيّ الخليلي الشَّافِعِي أَخُو الشَّيْخ برهَان الدّين - الْآتِي ذكره - كَانَ الشَّيْخ غرس الدّين من أهل الْفضل وَذَوي المروآت وَعِنْده تواضع وباشر نِيَابَة الحكم بِمَدِينَة سيدنَا الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام وناب فِي الخطابة بِالْمَسْجِدِ الشريف الخليلي توفّي فِي شهر ربيع
الاول سنة أَربع وَسبعين وَثَمَانمِائَة بِبَلَدِهِ الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن احْمَد بن مُحَمَّد بن حَامِد الْأنْصَارِيّ الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي شيخ الْمدرسَة الفخرية مولده فِي سنة سبع وَثَمَانمِائَة وَكَانَ من أهل الْفضل وَمن اعيان بَيت الْمُقَدّس توجه الى دمشق فَتوفي بهَا فِي سَابِع ربيع الآخر سنة ارْبَعْ وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بِالْقربِ من المذهبية وَصلي عَلَيْهِ صَلَاة الْغَائِب بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد بن الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حُسَيْن الأوتاري الْمُقْرِئ الشَّافِعِي مولده فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَثَمَانمِائَة كَانَ رَئِيس الْقُرَّاء بالقدس الشريف حفظ الْقُرْآن حفظا جيدا ويؤديه بِحسن صَوت وَطيب نَغمَة وينظم الشّعْر وخطه حسن وَرُبمَا احترف بِالشَّهَادَةِ فِي بعض الْأَوْقَات وَكَانَ عِنْده بشاشة وتودد للنَّاس توفّي فِي الاربعاء سَابِع شهر رَجَب سنة ارْبَعْ وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة الشَّيْخ الْقدْوَة برهَان الدّين ابو اسحاق ابراهيم بن الشَّيْخ الْقدْوَة عَلَاء الدّين ابي الْحسن عَليّ بن الشَّيْخ ابي الوفا البدري الْحُسَيْنِي الشَّافِعِي أحد مَشَايِخ الوفائية بالقدس الشريف نَشأ فِي خدمَة وَالِده وخرجه ثمَّ تكمل بِعَمِّهِ الشَّيْخ ابي بكر فِي حَيَاة ابيه وَلزِمَ خدمَة عَمه الى ان توفّي وَمن تَخْرِيج وَالِده لَهُ أَنه كَانَ رَاكِبًا يخدمته فِي سفر وَمَعَهُمْ رجل صَالح يمشي أَمَام الْفرس الَّتِي تَحْتَهُ فَلَمَّا أحس وَالِده ان الرجل تَعب وَلم يتفكر وَلَده فِي ذَلِك أَمر وَلَده بنزوله واركب فرسه لذَلِك الرجل الْمَاشِي وَأمر وَلَده أَن يمشي أَمَام الْفرس فَمشى حَتَّى تَعب كثيرا فَنزل الْفُقَرَاء وكشفوا رؤوسهم وَاسْتَغْفرُوا عَنهُ فَقَالَ لَا حَتَّى يعرف ألم التَّعَب ثمَّ عَفا عَنهُ وَمن هُنَالك نشطت همته جدا وَصَارَ لَا يماثل فِي الْمُهِمَّات والاقدام على الامور المشكلات وَالْكَرم الزَّائِد الى النِّهَايَة وتلقى الواردين وتربية المريدين حفظ الْقُرْآن
والمنهاج والجرجانية فِي النَّحْو وَعرض الْمِنْهَاج على الشَّيْخ عز الدّين بن عبد السَّلَام الْمَقْدِسِي شيخ الصلاحية وَقَررهُ بهَا وَسمع مِنْهُ الحَدِيث وَأَجَازَهُ بِهِ وَسمع أَيْضا من الشَّيْخ ماهر وَمن الشَّيْخ عضد الدّين الصيرامي بِمصْر وَغَيره واخذ عَن مَشَايِخ الصُّوفِيَّة صُحْبَة الشَّيْخ شهَاب الدّين ابْن قرا فِي طَرِيق السَّيِّد عبد الْقَادِر الكيلاني اعاد الله علينا من بركاته وَكَذَلِكَ من سَيِّدي مُحَمَّد البرموني وَغَيرهمَا وَكَانَ عَمه السَّيِّد أَبُو بكر يندبه فِي الْمُهِمَّات ويصرفه فِي كثير من الْأَحْوَال دون غَيره من الْأَوْلَاد والأقارب لعلمه بهمته وشجاعته وعزمه واقدامه توفّي فِي شهر شَوَّال يَوْم مسير الْحَاج من الْقُدس الْقُدس الشريف فِي سنة ارْبَعْ وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا على جَانب الْبركَة من جِهَة الشرق وَكَانَ يَوْمًا مشهودا لجنازته الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن عِيسَى البسطامي الشَّافِعِي الشهير بأخي زرع كَانَ رجلا صوفيا من فُقَرَاء البسطامية وَكَانَ يحفظ الْقُرْآن ويقرىء الاطفال بِالْمَدْرَسَةِ الطازية وَهُوَ رجل خير اسْتَقر فِي أَوَاخِر عمره فِي بوابة الخانقاه الصلاحية وَهُوَ من جملَة الصُّوفِيَّة بهَا وبالجوهرية وَمن الْفُقَهَاء بالصلاحية توفّي فِي خَامِس رَمَضَان سنة خمس وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا وَأَخُوهُ الشَّيْخ مُحَمَّد زرع - الَّذِي اشْتهر بِهِ - كَانَ صَالحا ووفاته قبل أَخِيه بِنَحْوِ عشْرين سنة الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عقبَة الْمُقْرِئ الْمُؤَذّن الشَّافِعِي كَانَ حسن الصَّوْت فِي الْقِرَاءَة وَالْأَذَان وَاسْتقر من جملَة الْفُقَهَاء بالصلاحية وَتعين حَتَّى صَار يقْرَأ المراسيم الشَّرِيفَة الْوَارِدَة من السُّلْطَان على دكة الْمَسْجِد الْأَقْصَى توفّي خَامِس عشري رَمَضَان سنة خمس وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة وَيَأْتِي ذكر وَالِده وجده مَعَ فُقَهَاء الْحَنَفِيَّة إِن الله تَعَالَى الشَّيْخ تَاج الدّين عبد الْوَهَّاب بن عبد الرَّزَّاق بن نَاصِر الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي الشهير بِابْن شيخ السُّوق اشْتغل وَحصل وَصَارَ من الْفُضَلَاء وتقرر من الْفُقَهَاء
بالصلاحية والصوفية بالخانقاه وَكَانَ من جمَاعَة شيخ الاسلام النجمي ابْن جمَاعَة وباشر النقابة عَنهُ حِين ولي الْقَضَاء وَكَانَ يحترف بِالشَّهَادَةِ ثمَّ ترك ذَلِك وَتوجه الى مَكَّة سنة أَربع وَسبعين وجاور فَتوفي بهَا فِي سنة خمس وَسبعين وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن حُسَيْن الْمُقْرِئ كَانَ من الْفُقَهَاء بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية وقارئ الْعشْر بهَا وَمن الصُّوفِيَّة بالخانقاه وَكَانَ يحفظ الْقُرْآن حفظا جيدا وَهُوَ رجل خير منجمع عَن النَّاس لَا يتَكَلَّم فِيمَا لَا يعنيه توفّي بالقدس الشريف فِي شهر شعْبَان سنة سِتّ وَسبعين وَثَمَانمِائَة قَاضِي الْقُضَاة الْعَلامَة الْوَرع الزَّاهِد شهَاب الدّين أَبُو الأسباط أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن الرَّمْلِيّ الشَّافِعِي الشَّيْخ الامام الْقدْوَة شَيخنَا مولده فِي حُدُود سنة عشر وَثَمَانمِائَة ظنا كَانَ من أَعْيَان الْعلمَاء وَمن تلامذه الشَّيْخ شهَاب الدّين بن أرسلان وَهُوَ الَّذِي كناه ولي قَضَاء الرملة بعد القَاضِي عَلَاء الدّين بن السائح فِي سنة نَيف واربعين فباشر بعفة ونزاهة وَكَانَ من قُضَاة الْعدْل لَا يحابي أحدا وَلَا يلْتَمس على الْقَضَاء الدِّرْهَم وَكَانَ شكلا حسنا منور الشيبة رُؤْيَة شكله تدل على علمه وصلاحه استوطن بَيت الْمُقَدّس دهرا طَويلا وَكَانَ من اعيان المنتهين بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية وَعرضت عَلَيْهِ فِي سنة ثَلَاث وَسبعين وَثَمَانمِائَة قِطْعَة من كتاب الْمقنع فِي الْفِقْه وأجازني ثمَّ فِي آخر عمره توجه إِلَى الرملة لضَرُورَة لَهُ فَأَدْرَكته الْمنية بهَا فِي سنة سبع وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بالجامع الْأَبْيَض الشَّيْخ تَاج الدّين عبد الْوَهَّاب بن عَليّ بن أبي عمر الشَّافِعِي كَانَ من أَعْيَان الْفُقَهَاء بالقدس الشريف وَله وجاهة وَكَانَ قَدِيما يحترف بِالشَّهَادَةِ ثمَّ ترك ذَلِك توفّي فِي شهر رَجَب سنة ثَمَان وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بالساهرة الشَّيْخ شمس الدّين أَبُو البركات مُحَمَّد بن الشَّيْخ نجم الدّين مُحَمَّد بن الشَّيْخ برهَان الدّين بن غَانِم الانصاري الشَّافِعِي شيخ الخانقاه الصلاحية اسْتَقر فِيهَا بعد
وَفَاة وَالِده فِي سنة سبعين وَثَمَانمِائَة ثمَّ نزل عَن النّصْف للشَّيْخ جمال الدّين بن غَانِم شيخ الْحرم فَلَمَّا ولي الْخَطِيب محب الدّين بن جمَاعَة نصف المشيخة فِي سنة ثَمَان وَسبعين بمرسوم السُّلْطَان اعْترف الشَّيْخ جمال الدّين أَن النّصْف الَّذِي اسْتَقر فِيهِ الْخَطِيب محب الدّين هُوَ الَّذِي بِيَدِهِ وَاسْتمرّ الشَّيْخ أَبُو البركات فِيمَا بِيَدِهِ من النّصْف مشاركا للخطيب محب الدّين بن جمَاعَة وَتُوفِّي الشَّيْخ أَبُو البركات فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ عَاشر شهر ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة وَله اربعون سنة القَاضِي شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن بدر الدّين حسن الجلجولي الشَّافِعِي ولد بجلجوليا وَنَشَأ بهَا واخذ الْعلم عَن الشَّيْخ شهَاب الدّين القباقي وباشر الْقَضَاء بجلجوليا وَكَانَ من أهل افضل وَعِنْده تواضع توفّي يَوْم السبت خَامِس عشري ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بحوش البسطامية بماملا القَاضِي شهَاب الدّين أَحْمد بن عَليّ اللدي الشَّافِعِي سبط الْعَلامَة شيخ الاسلام جمال الدّين بن جمَاعَة الْكِنَانِي الشَّافِعِي كَانَ من أَعْيَان الرؤساء بِبَيْت الْمُقَدّس وَله اشْتِغَال وَرِوَايَة فِي الحَدِيث وَكَانَ يقْرَأ صَحِيح البُخَارِيّ فِي كل سنة بالصخرة الشَّرِيفَة ويختمه بالجامع الْأَقْصَى وَله شهامة ومروءة ومساعدة لأَصْحَابه وَقد حضرت مرّة خَتمه لصحيح البُخَارِيّ بالأقصى تجاه الشباك الَّذِي عِنْد جَامع عمر فِي أَوَاخِر شهر رَمَضَان سنة بضع وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَكَانَ بِالْمَجْلِسِ رجل لَا يحضرني من هُوَ فَأخذت الرجل سنة من النّوم وَقت الْخَتْم فَرَأى النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَهُوَ حَاضر فِي الْمجْلس فَاسْتَيْقَظَ الرجل وقص الرُّؤْيَا على من حضر - وَكَانَ مَجْلِسا حافلا - فَحصل للْقَاضِي شهَاب الدّين اللدي السرُور بذلك وَبكى هُوَ وَمن حضر بِالْمَجْلِسِ وَكَانَت سَاعَة عَظِيمَة توفّي فِي شهور سنة ثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن بالقلندرية بماملا وَفِي هَذِه السّنة توفّي القَاضِي كَمَال الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حَامِد
الشَّافِعِي أَمِين الحكم الْعَزِيز والمتكلم على الايتام بالقدس الشريف وَكَانَ من الرؤساء بِبَيْت الْمُقَدّس وَعِنْده تواضع وتودد للنَّاس ولين الْجَانِب وَتُوفِّي ابْن عَمه القَاضِي محب الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن حَامِد وَكَانَ من اعيان المباشرين على أوقاف الْقُدس والخليل توفّي الشَّيْخ محب الدّين مُحَمَّد بن القَاضِي شمس الدّين مُحَمَّد بن القَاضِي شهَاب الدّين أَحْمد بن عوجان الْعمريّ الشَّافِعِي وَكَانَ قد اشْتغل بِالْعلمِ على مَذْهَب الامام الشَّافِعِي وَخَالف فِي ذَلِك وَالِده وجده - الْآتِي ذكرهمَا مَعَ فُقَهَاء الْمَالِكِيَّة - وَصَارَ من المعيدين بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية ووفاته فِي لَيْلَة الْأَحَد ثَانِي شهر رَمَضَان سنة ثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة عَن خمس واربعين سنة وَدفن بماملا الشَّيْخ الْفَاضِل يُوسُف الْكرْدِي الشَّافِعِي كَانَ من أهل الْفضل وَمن الْفُقَهَاء بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية وَله مُشَاركَة جَيِّدَة وَكَانَ يبْحَث فِي درس الصلاحية بحثا جيدا غير أَن لِسَانه فِيهِ ثقل فَكَانَ كَلَامه لَا يفهمهُ إِلَّا من لَهُ بِهِ خبْرَة وَمن اقرانه الشَّيْخ الْفَاضِل بدر الدّين حسن الْجَزرِي النَّحْوِيّ الشَّافِعِي كَانَ يحسن الْعَرَبيَّة واشتغل عَلَيْهِ كثير من الطّلبَة وانتفعوا بِهِ وَكَانَ من الْفُقَهَاء بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية وَالشَّيْخ الْفَاضِل عُثْمَان الحصني الشَّافِعِي الفرضي كَانَ من اهل الْفضل وَله يَد طولى فِي الْفَرَائِض وَكَانَ اشْتِغَاله ببلاده فِي جِهَة الشرق واستوطن بِبَيْت الْمُقَدّس واشتغل عَلَيْهِ جمَاعَة وانتفعوا بِهِ وَكَانَت وَفَاته هُوَ وَالشَّيْخ حسن الْجَزرِي وَالشَّيْخ يُوسُف الْكرْدِي - الْمُتَقَدّم ذكرهمَا - فِي مُدَّة مُتَقَارِبَة بعد الثَّمَانِينَ والثمانمائة بالقدس الشريف الشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد بن مُحَمَّد الْكرْدِي الْحلَبِي البسطامي الشَّافِعِي شيخ البسطامية بالقدس الشريف كَانَ صوفيا مُبَارَكًا وَكَانَ ينْسَخ الْكتب وخطه جيد وَهُوَ من جملَة الْفُقَهَاء بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية والصوفية بالخانقاه وَكَانَ متواضعا قَلِيل الْكَلَام فِيمَا لَا يعنيه وَصَحب الشَّيْخ ابا بكر الطولوني وَكَانَ يُصَلِّي بِهِ ثمَّ صحب بعده الشَّيْخ كَمَال الدّين إِمَام الكاملية ثمَّ اسْتَقر فِي مشيخة الزاوية البسطامية
بالقدس الشريف وَاسْتمرّ بهَا إِلَى ان توفّي بالقدس الشريف فِي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة بالطاعون الشَّيْخ الْعَلامَة الْفَقِيه عَلَاء الدّين أَبُو مَدين عَليّ بن ابراهيم الرَّمْلِيّ الشَّافِعِي نزيل الْقُدس الشريف كَانَ من تلامذة الشَّيْخ شهَاب الدّين بن ارسلان وَهُوَ الَّذِي كناه فاشتهر يكنيته وَكَانَ يعرف فِي الرملة بِابْن قطيط استوطن بَيت الْمُقَدّس وباشر الحكم بِهِ نِيَابَة عَن القَاضِي عَلَاء الدّين بن السائح وَصَارَ من أَعْيَان الْفُقَهَاء بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية والخانقاه وَغَيرهمَا وان يجلس للوعظ بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشريف وَكَانَ مطرحا للتكلف وَعِنْده تواضع وتقشف على طَريقَة السّلف توفّي فِي آخر رَجَب سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا تَحت الْقبَّة الَّتِي بحوش الشَّيْخ خَليفَة الْمَالِكِي الْعدْل عَلَاء الدّين عَليّ بن عمر المرداوي كَانَ يحفظ الْقُرْآن وَبِيَدِهِ مَال يتجر فِيهِ ثمَّ نفذ مِنْهُ المَال وَصَارَ فَقِيرا فاحترف بِالشَّهَادَةِ وَفتح عَلَيْهِ ولازم مجَالِس الْقُضَاة وقصده النَّاس وَاسْتمرّ على ذَلِك مُدَّة تقرب من عشْرين سنة توفّي فِي سادس شَوَّال سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ شمس الدّين ابو عبد الله مُحَمَّد بن عُثْمَان السَّعْدِيّ الشَّافِعِي بن أخي شيخ الاسلام عز الدّين بن عبد السَّلَام الْمَقْدِسِي شيخ الصلاحية وَبِه كَانَ يعرف كَانَ من أهل الْفضل وَمن جملَة فُقَهَاء الْمدرسَة الصلاحية بَاشر نِيَابَة الحكم بالرملة فِي أَوَاخِر عمره مُدَّة يسيرَة وَحصل لَهُ توعك فَحمل الى الْقُدس الشريف فَمَاتَ فِي الطَّرِيق وَدفن بالقدس الشريف بِبَاب الرَّحْمَة فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة القَاضِي برهَان الدّين أَبُو اسحاق ابراهيم بن القَاضِي شهَاب الدّين ابي الْعَبَّاس احْمَد بن الْقَاسِم الشَّافِعِي الْمَشْهُور بِابْن الْحِكْمَة كَانَ وَالِده قَاضِي بَيت الْمُقَدّس وَتقدم ذكره وَولي هُوَ قَضَاء نابلس ثمَّ قَضَاء الرملة مَرَّات آخرهَا فِي سنة ثَلَاث وَسبعين وعزل فِي سنة أَربع وَسبعين واقام بوطنه بالقدس الشريف وَكَانَ
شكلا حسنا لَهُ مُرُوءَة وَعِنْده سخاء توفّي بالقدس لَيْلَة الثُّلَاثَاء الْعشْرين من شهر رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ زين الدّين عبد الرَّحْمَن بن اسحاق الْمقري الشَّافِعِي نزيل الْقُدس الشريف كَانَ من أهل الْفضل واستوطن بَيت الْمُقَدّس دهرا طَويلا وَكَانَ يتكسب بِالشَّهَادَةِ وَسيرَته محمودة وَعِنْده تواضع وَدين توفّي فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ الامام الْعَلامَة أَبُو الْعَزْم مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الحلاوي الشَّافِعِي النَّحْوِيّ كَانَ من اهل الْعلم وَالدّين وَهُوَ من تلامذة الشَّيْخ شهَاب الدّين بن ارسلان وكناه بِأبي الْعَزْم فاشتهر بكنيته وَكَانَ لَهُ يَد طولى فِي الْعَرَبيَّة وصنف شرحا على الجرومية وَكَانَ يقرئ الْعَرَبيَّة وَغَيرهَا بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشريف انْتفع عَلَيْهِ كثير من الْفُقَهَاء بِبَيْت الْمُقَدّس ونابلس وَأعَاد بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية فِي زمن شيخ الاسلام الكمالي ابْن ابي شرِيف وَبعده فِي ولَايَة شيخ الاسلام النجمي بن جمَاعَة وَكَانَ عِنْده قيام فِي الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وَلم يزل كَذَلِك حَتَّى وَقعت الْفِتْنَة بِسَبَب كَنِيسَة الْيَهُود بالقدس الشريف وَطلب السُّلْطَان أهل بَيت الْمُقَدّس على مَا سَنذكرُهُ فِيمَا بعد إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَكَانَ هُوَ بِالْقَاهِرَةِ فاختفى وَتوجه الى الْحجاز الشريف وجاور بِمَكَّة حَتَّى توفّي بهَا فِي شهور سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَكَانَت جنَازَته حافلة قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين أَبُو زرْعَة مُحَمَّد بن برهَان الدّين بن أبراهيم الزرعي الشَّافِعِي الْمقري أحد جمَاعَة الشَّيْخ شهَاب الدّين بن أرسلان وَهُوَ الَّذِي كناه كَانَ شيخ الْقُرَّاء بِمَدِينَة الرملة وَمن أهل الْعلم ولي قَضَاء الرملة بعد الْخمسين والثمانمائة مُدَّة ثمَّ بَاشر الحكم بهَا نِيَابَة عَن القَاضِي غرس الدّين أخي ابي الْعَبَّاس ثمَّ اشْتغل بِالْقضَاءِ فِي سنة خمس وَسبعين بِولَايَة السَّيِّد الشريف وَكيل السُّلْطَان فَإِنَّهُ كَانَ فوض اليه السُّلْطَان أَمر الْقَضَاء بالمملكة فعزل وَولي بِالشَّام وجلب وَغَيرهمَا وَمن جملَة من ولاه القَاضِي شمس الدّين ابو زرْعَة الْمَذْكُور فاستمر إِلَى سنة سبع وَسبعين وَثَمَانمِائَة
وعزل بِالْقَاضِي شمس الدّين بن يُونُس النابلسي ثمَّ استوطن بَيت الْمُقَدّس وَصَارَ من المعيدين بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية وَكَانَ شكلا حسنا منور الشيبة وَعند تواضع وتودد للنَّاس توفّي بالقدس الشريف فِي يَوْم الْخَمِيس رَابِع شهر رَمَضَان سنة ارْبَعْ وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن بالقلندرية بماملا الشَّيْخ الْقدْوَة أَبُو طَاهِر خَلِيل بن مُوسَى الرَّمْلِيّ الشَّافِعِي الْمَشْهُور بِابْن الطِّبّ الصَّالح الناسك بركَة الْمُسلمين كَانَ من أَعْيَان جمَاعَة الشَّيْخ شهَاب الدّين بن ارسلان وَهُوَ الَّذِي كناه استوطن بَيت الْمُقَدّس دهرا طَويلا وَكَانَ يحترف بيع القماش فِي سوق التُّجَّار وَكَانَ فَقِيرا جدا وَلِلنَّاسِ فِيهِ إعتقاد وَكَانَ كثير التِّلَاوَة لِلْقُرْآنِ يحْكى عَنهُ فِي ذَلِك الْعَجَائِب من سرعَة تِلَاوَته حَتَّى قيل عَنهُ أَنه كَانَ يشمي من منزله إِلَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى الشريف فَيقْرَأ ختما كَامِلا وَقد أَخْبرنِي من جلس الى جَانِبه فِي صَلَاة الْجُمُعَة انه سَمعه ابْتَدَأَ فِي الْقُرْآن حِين صعد الْخَطِيب الْمِنْبَر فَلَمَّا أكمل الْخطْبَة وَنزل للصَّلَاة سَمعه يقْرَأ سُورَة الرَّحْمَن فسبحان المتفضل بِمَا شَاءَ على من شَاءَ وَكَانَ شكله عَلَيْهِ الابهة وَالْوَقار منور الشيبة على طَريقَة السّلف الصَّالح توفّي فِي يَوْم الْخَمِيس ثَانِي عشرى شعْبَان سنة خمس وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة بالقدس الشريف وَدفن بماملا وَفِي ذَلِك الْيَوْم توفّي الشَّيْخ شمسي الدّين مُحَمَّد بن الشَّيْخ عبد الله الغدادي الشَّافِعِي الْعدْل كَانَ وَالِده من الْفُقَرَاء الصُّوفِيَّة وَمَات وَهُوَ صَغِير فَنَشَأَ بعده واشتغل الْعلم وَحفظ كتاب التَّنْبِيه فِي الْفِقْه وَقرر فِي الخانقاه والمدرسة الصلاحية وَتحمل الشَّهَادَة عِنْد الْقُضَاة وَكَانَ ينظم الشّعْر وينقل التَّارِيخ وَله محاضرة لَطِيفَة وَكَانَ شكلا حسنا فصيح الْعبارَة لَهُ خبْرَة بأحوال النَّاس والمتقدمين وَكتب كثيرا وَكَانَ خطه قرب أَن يشبه الْخط الْكُوفِي وَسكن بالزاوية الكائنة بِقرب القلعة ظَاهر الْقُدس الشريف الْمَعْرُوفَة قَدِيما بالشيخ يَعْقُوب العجمي فَعرفت بِهِ لسكنه بهَا فَصَارَ يُقَال لَهَا زَاوِيَة بن الشَّيْخ عبد الله وَعمر على ظَاهرهَا طبقَة مُرْتَفعَة وَكَانَ الرؤساء والقضاة
من أَصْحَابه يقصدونه بالزاوية ويجلسون عِنْده ويأنسون بِهِ وبمجالسته وَكَانَ لَهُ مُرُوءَة وَحسن عشرَة توفّي فِي يَوْم وَفَاة الشَّيْخ ابي طَاهِر - وَتقدم ذكره - وَدفن بماملا الشَّيْخ زين الدّين عبد الْقَادِر بن الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن قطلوشاه الْمقري الرَّمْلِيّ الأَصْل ثمَّ الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي كَانَ وَالِده من أَعْيَان الْقُرَّاء حسن الصَّوْت طيب اسْتَقر فِي وَظِيفَة الْقِرَاءَة بمصحف الْملك الْأَشْرَف برسباي الَّذِي وَضعه بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَلما توفّي اسْتَقر بعده فِي الْوَظِيفَة وَلَده هَذَا وَكَانَ يحفظ الْقُرْآن وَله وظائف ويتجر وَله دنيا وَاسِعَة توفّي بالقدس فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة الْعدْل شمس الدّين مُحَمَّد بن ابراهيم الحريري كَانَ رجلا خيرا احترف بِالشَّهَادَةِ دهرا طَويلا وَكَانَ يكْتب خطا حسنا وَعِنْده تواضع توفّي فِي سنة سِتّ وثمانمين وَثَمَانمِائَة بالقدس الشريف القَاضِي عماد الدّين اسماعيل بن الشَّيْخ الصَّالح ابراهيم التركماني الشَّافِعِي الْعدْل كَانَ عين موقعي الحكم بالقدس الشريف وانتهت اليه الرياسة فِي فن الشَّهَادَة وَكِتَابَة المستندات وخطه حسن وَله معرفَة تَامَّة بالمصطلح وأوتي من الْحَظ والاقبال مَا لم ينله غَيره وَكَانَ الْقُضَاة يعظمونه ويكرمونه وَكَانَ يلبس القماش الفاخر ويتوسع فِي النَّفَقَة وبترفه فِي المأكل وَله مُرُوءَة تَامَّة وإكرام لأَصْحَابه وَقيام بحقوقهم وَقَضَاء لحوائجهم توفّي فِي نصف شهر شعْبَان سنة سبع وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة وَلم يبْق من هُوَ فِي مَعْنَاهُ الشَّيْخ الْعَلامَة شمس الدّين ابو الْفضل مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر النجار الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي ولد فِي حُدُود سنة اربعين وَثَمَانمِائَة بالقدس الشريف وتفقه على شيخ الاسلام الكمالي ابْن أبي شرِيف وَالشَّيْخ أبي مساعد وَغَيرهمَا وَكن من أَعْيَان أهل الْعلم بِبَيْت الْمُقَدّس وَمن أماثل الْفُقَهَاء بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية وَكَانَ دينا خيرا عِنْده تواضع وتودد للنَّاس وَله نظم رائق وَيَد طولى فِي الألغاز وَكَانَ يدرس بِالْمَسْجِدِ
الْأَقْصَى وانتفع عَلَيْهِ كثير من الطّلبَة وَلم يعلم مِنْهُ مَا يشينه وَتُوفِّي فِي نصف شعْبَان سنة سبع وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا الشَّيْخ الْقدْوَة برهَان الدّين أَبُو الصَّفَا ابراهيم بن عَليّ بن أبي الوفا الاسعردي شَافِعِيّ الصُّوفِي الزَّاهِد مولده باسعرد فِي سنة خمس أَو سِتّ وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ بهَا اشْتغل على علمائها ورحل الى تبريز الْعَجم واشتغل بهَا ثمَّ قدم الى بَيت الْمُقَدّس واستوطنه وَقَررهُ الْملك الظَّاهِر جقمق فِي الْمدرسَة الحنبلية بِبَاب الْحَدِيد وَأقَام فِي الْقُدس دهرا طَويلا وَتزَوج ورزق الْأَوْلَاد ثمَّ استوطن دمشق وَبَقِي يتَرَدَّد إِلَى بَيت الْمُقَدّس وَكَانَ شكلا حسنا منور الشيبة لَهُ مُرُوءَة وَحسن لِقَاء لمن يرد عَلَيْهِ توفّي بِدِمَشْق فِي سنة سبع وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ الْعَلامَة برهَان الدّين أَبُو اسحاق ابراهيم العجلوني الشَّافِعِي كَانَ من أهل الْعلم وَعِنْده تَحْقِيق وَيكْتب على الْفَتْوَى عبارَة حَسَنَة وَكَانَ من اعيان شافعية بِبَيْت الْمُقَدّس رَحل إِلَى الديار المصرية قبل الثَّمَانِينَ والثمانمائة وَأقَام بهَا ثمَّ استوطن دمياط مُدَّة ثمَّ عَاد إِلَى الْقَاهِرَة فَتوفي بهَا فِي سنة سبع وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ شعْبَان بن سَالم بن شعْبَان من بَيت ساحور المعمر أَبُو سَالم ولد كَمَا اقْتضى كَلَامه - سنة ثَلَاث وَسبعين وَسَبْعمائة وَكَانَ يذكر أَنه لَقِي الْبُرْهَان بن جمَاعَة والقرقشندي وَأَنه كَانَ يحضر عِنْدهمَا فِي حَالَة الْقِرَاءَة فَأخذ عَنهُ بعض الطّلبَة قَالَ بَعضهم انه رأى لَهُ سَمَاعا على الشهَاب بن العلائي وَحدث بالاجازة الْعَامَّة من أبي حَفْص عمر بن أُميَّة وَصَلَاح الدّين بن عمر توفّي فِي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة بِبَيْت ساحور خَارج الْقُدس الشريف وَدفن بهَا فَكَانَ عمره - على مَا اقْتَضَاهُ كَلَامه - مائَة سنة وَخَمْسَة عشر سنة الشَّيْخ الامام الْعَالم الْمُحدث شمس الدّين مُحَمَّد بن الشَّيْخ الْعَالم زين الدّين عمر بن الشَّيْخ الصَّالح الْقدْوَة المسلك المربى تَقِيّ الدّين أبي بكر السَّعْدِيّ البسطامي الشَّافِعِي الخليلي الْمَعْرُوف بِابْن الْحَاجة مولده فِي رَابِع عشر ربيع الآخر سنة
سِتّ وَقيل ارْبَعْ وَثَمَانمِائَة وَكَانَ من أَعْيَان الْفُقَهَاء بِمَدِينَة سيدنَا الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام توفّي فِي سادس عشر شهر جمادي الْآخِرَة سنة تسع وَثَمَانِينَ وثمامائة بِبَلَد الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام وَدفن بمقبرة الرَّأْس الْحَافِظ الْعَلامَة شيخ الْمُسلمين شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن القَاضِي زين الدّين عمر العميري الشَّافِعِي الشَّيْخ الامام الْوَاعِظ الْمُحدث شَيخنَا ولد سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وثلاثمائة بالقدس الشريف وتفقه على الشَّيْخ ماهر وَغَيره وَهُوَ من جمَاعَة الشَّيْخ شهَاب الدّين بن ارسلان اشْتغل ودأب وَحصل وَأخذ الحَدِيث عَن الْحَافِظ بن حجر وَلَقي جمَاعَة من أهل الْعلم وَأخذ عَنْهُم وباشر نِيَابَة الحكم بالقدس الشريف عَن القَاضِي شهَاب الدّين قَاضِي الْخَلِيل حِين ولي الْقُدس فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَكَانَ حَافِظًا فصيحا لَهُ مُشَاركَة فِي كثير من الْعُلُوم جلس للوعظ واشتهر امْرَهْ فِي المملكة وَعظم عِنْد النَّاس وَصَارَ لَهُ قبُول فِي الْوَعْظ وَكن خَاشِعًا مأنوس النِّعْمَة والشكل ذَا سُكُون ووقار مَعْرُوفا بالديانة لَا يغتاب أحدا وَإِن وَقع فِي مَجْلِسه استغابه منع مِنْهَا ودرس وافتى وَأعَاد بالصلاحية وَكَانَ قرر فِي الْمدرسَة الْمَشْهُورَة لمولانا الْملك الْأَشْرَف قايتباي الَّتِي هدمت وَبنى مَكَانهَا الْمدرسَة الْمَشْهُورَة بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشريف بجوار بَاب السلسلة وَلما عمرت الْمدرسَة الْمَذْكُورَة على مَا هِيَ عَلَيْهِ الْآن وانتهت عمارتها أَدْرَكته الْمنية فَتوفي وَكَانَ متواضعا حسن اللِّقَاء كثير الْبشر عِنْده إكرام لمن يرد عَلَيْهِ وَقد عرضت عَلَيْهِ فِي حَيَاة الْوَالِد قِطْعَة من كتاب الْمقنع فِي الْفِقْه وأجازني فِي شهور سنة ثَلَاث وَسبعين وَثَمَانمِائَة ثمَّ لما توفّي الْوَالِد لازمته للاشتغال فَكنت اقْرَأ عَلَيْهِ فِي الْمقنع واحضر مجْلِس وعظه ودرسه بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وحصلت الاجازة مِنْهُ غيرمرة خَاصَّة وَعَامة توفّي فِي لَيْلَة السبت ثامن أَو سَابِع شهر ربيع الأول سنة تسعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا ظَاهر الْقُدس الشريف وَقد كتب على قَبره تَارِيخ وَفَاته فِي ربيع الأول
سنة تسع وَثَمَانِينَ وَهُوَ خطأ فَإِنِّي اجْتمعت بِهِ بعد قدومي من الْقَاهِرَة فِي شَوَّال سنة تسع وَثَمَانِينَ ثمَّ علمت بوفاته وَأَنا مُقيم بالرملة فِي شهر ربيع الأول سنة تسعين وَثَمَانمِائَة وَصليت عَلَيْهِ بالرملة القَاضِي زين الدّين عبد الرَّحِيم بن الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد بن حَامِد الانصاري الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي كَانَ من اعيان بَيت الْمُقَدّس وَعِنْده حشمة وتواضع لَهُ رِوَايَة فِي الحَدِيث توفّي فِي يَوْم الثُّلَاثَاء حادي عشر رَمَضَان سنة تسعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا شيخ الشُّيُوخ جمال الدّين أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن الشَّيْخ الْقدْوَة نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن غَانِم الانصاري الخزرجي الشَّافِعِي شيخ حرم الْقُدس الشريف والخانقاه الصلاحية مولده سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة وَكَانَ وَالِده شيخ حرم الْقُدس الشريف وَمن أَعْيَان بني غَانِم توفّي وَالشَّيْخ جمال الدّين صَغِير فَنَشَأَ بعده وَولي مَا كَانَ بيد وَالِده من مشيخة الْحرم ثمَّ ولي مشيخة الخانقاه الصلاحية شركَة واستقلالا وَعمر وَكَانَ كَرِيمًا حسن الْأَوْصَاف لَهُ مُرُوءَة تَامَّة ومحبة لأَصْحَابه توفّي فِي شهر ذِي الْحجَّة الْحَرَام سنة تسعين وَثَمَانمِائَة بالقدس الشريف وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة عِنْد سلفه الشَّيْخ الامام الْعَالم الْعَلامَة الْقدْوَة الْمُحَقق السَّيِّد الشريف تَاج الدّين أبي الوفا مُحَمَّد بن الشَّيْخ تَقِيّ الدّين أبي بكر بن أبي الوفا الْحُسَيْنِي الشَّافِعِي البدري شيخ فُقَرَاء الوفائية بِالْأَرْضِ المقدسة كَانَ من أهل الْعلم وَله وجاهة عِنْد النَّاس وَله تصانيف التصوف وَغَيره سكن مصر مُدَّة ثمَّ عَاد إِلَى وَطنه بالقدس الشريف وَقدر أَنه زوج بِمَدِينَة الرملة وَكَانَ يتَرَدَّد اليها فَتوفي بهَا فِي يَوْم عَاشُورَاء وَحمل إِلَى الْقُدس الشريف فَغسل وَصلي عَلَيْهِ بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى يَوْم الْحَادِي عشر من الْمحرم سنة إِحْدَى تسعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا عِنْد وَالِده بجوار الزاوية القلندرية الشَّيْخ الْعَلامَة زين الدّين عبد الرَّزَّاق بن شمس الدّين مُحَمَّد بن جمال الدّين يُوسُف بن الْمصْرِيّ الخليلي الشَّافِعِي كَانَ من أهل الْعلم وَمن أَعْيَان فُقَهَاء بلد سيدنَا
الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام ثمَّ استوطن بَيت الْمُقَدّس مُدَّة وَصَارَ من المعيدين بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية ثمَّ عَاد إِلَى بَلَده وَتُوفِّي فِي يَوْم الاربعاء حادي عشري شعْبَان سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بالمقبرة السُّفْلى على أَبِيه الشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد بن يُوسُف الْأَزْرَقِيّ الشَّافِعِي الشهير بمذهبه ولد سنة ثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا وَسمع على جمَاعَة وَكَانَ حَافِظًا لكتاب الله حسن الْخط بَاشر العمالة بأوقاف سيدنَا الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام وَالشَّهَادَة وَحدث قَلِيلا توفّي فِي يَوْم الْخَمِيس سادس عشري ذِي الْقعدَة سنة احدى وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة بِبَلَد سيدنَا الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن شهَاب الدّين أَحْمد بن مُحَمَّد بن يُوسُف بن مَنْصُور الْأَزْرَق الشَّافِعِي ولد فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة ظنا وَقَرَأَ صَحِيح البُخَارِيّ على الشَّيْخ جمال الدّين بن جمَاعَة بالقدس الشريف وَسمع على غَيره وتفقه على جمَاعَة مِنْهُم شيخ الاسلام الكمالي ابْن أبي شرِيف وَأَجَازَهُ الْعلم البُلْقِينِيّ وَغَيره ودرس يَسِيرا توفّي فِي يَوْم عَاشُورَاء سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة بِمَدِينَة الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام الشَّيْخ الصَّالح عُثْمَان الْحطاب الْمصْرِيّ الزَّاهِد كَانَ من أَعْيَان الصَّالِحين بِالْقَاهِرَةِ المحروسة وَله زَاوِيَة عَظِيمَة بِخَط البندقيين بِالْقربِ من السُّوق الَّذِي يُبَاع فِيهِ الرَّقِيق وَعِنْده خلق كثير من المريدين يَتلون كتاب الله وهم عاكفون على الذّكر والاوراد لَيْلًا وَنَهَارًا وَلِلنَّاسِ فِيهِ إعتقاد فَقدر حُضُوره إِلَى بَيت الْمُقَدّس زَائِرًا وَأقَام بِهِ مُدَّة يسيرَة ثمَّ توجه لزيارة سيدنَا الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام وَعَاد الى بَيت الْمُقَدّس فَتوفي بِهِ فِي شهور سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا وَكَانَت جنَازَته حافلة حضرها خلق من الْأَعْيَان وَغَيرهم الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن خَلِيل بن أَحْمد بن عِيسَى بن الصّلاح خَلِيل القيمري الخليلي ولد فِي سنة احدى وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بِبَلَد الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام
وَحفظ الْقُرْآن وَسمع الحَدِيث من جمَاعَة وَكَانَ خيرا حَافِظًا لِلْقُرْآنِ كثير التِّلَاوَة لَهُ وَيُؤذن بمقام الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام وَحدث بالقدس والخليل ووالده مِمَّن سمع الحَدِيث وَحدث وجده صَلَاح الدّين بن خَلِيل بن عِيسَى القيمري مولده سنة ثَلَاث وَسبعين وسِتمِائَة وَهُوَ مِمَّن قَرَأَ بالروايات على الشَّيْخ برهَان الدّين الجعبري وَسمع عَلَيْهِ وعَلى الْحجاز توفّي الشَّيْخ شمس الدّين فِي رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة بِمَدِينَة الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام وَدفن بهَا شيخ الاسلام برهَان الدّين أَبُو اسحاق ابراهيم بن زين الدّين عبد الرَّحْمَن الانصاري الخليلي الشَّافِعِي الشَّيْخ الامام الْعَالم الْمُحَقق شَيخنَا مولده فِي عَاشر الْمحرم سنة تسع عشرَة وَثَمَانمِائَة بِبَلَد الْخَلِيل لَقِي جمَاعَة من الْعلمَاء وَأخذ عَنْهُم وَسمع الحَدِيث بِبَلَدِهِ على جمَاعَة ثمَّ رَحل إِلَى الْقَاهِرَة وَأخذ الحَدِيث عَن جمَاعَة أَجلهم الْحَافِظ ابْن حجر واخذ الفقة عَن جمَاعَة مِنْهُم تَقِيّ الدّين أَبُو بكر بن قَاضِي شُهْبَة وَأذن لَهُ فِي الافتاء والتدريس والقاياني والوفائي وشمس الدّين بن الْمَالِكِي الرَّمْلِيّ وَآخَرُونَ مِنْهُم الشَّيْخ شهَاب الدّين بن أرسلان أفتى ودرس وناظر ورحل من بلد سيدنَا الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام إِلَى الْقُدس الشريف واستوطنه وباشر نِيَابَة الحكم عَن القَاضِي برهَان الدّين بن جمَاعَة قبل السِّتين والثمانمائة وَبعدهَا ثمَّ ترك الحكم وَتعين وَصَارَ من أَعْيَان عُلَمَاء بَيت الْمُقَدّس وَقد عرضت عَلَيْهِ قِطْعَة من كتاب الْمقنع فِي الْفِقْه بالزاوية الختنية فِي شهر جمادي الْآخِرَة سنة ثَلَاث وَسبعين وَثَمَانمِائَة وأجازني بِمَا يجوز لَهُ رِوَايَته وَقد تقدم فِي تَرْجَمَة شَيْخه ابْن ارسلان أَنه أنْشد - حِين سكن الزاوية الختنية - حباني آلهي بالتصافي لقبلة بمسجده الْأَقْصَى الْمُبَارك حوله فحمدا وشكرا دائمين وانني أود لاخواني المحبين مثله
ثمَّ قدر الله تَعَالَى أَن الشَّيْخ برهَان الدّين الانصاري لما استوطن بَيت الْمُقَدّس قرر فِيهَا وَسكن بهَا فِي سنة سبع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة فأنشده كَذَاك إلهي قد حباني بِمَا حبا بِهِ الشَّيْخ استاذي لقد نَالَ سؤله فحمدا وشكرا يَا إلهي وانه دَلِيل على أَنِّي محب أَخ لَهُ وَلم يزل مُقيما بهَا إِلَى سنة تسع وَسبعين وَثَمَانمِائَة فَوَقَعت الْفِتْنَة الَّتِي بِسَبَب كَنِيسَة الْيَهُود - وسنذكرها فِيمَا بعد فِي تَرْجَمَة السُّلْطَان - فَطلب الى الْقَاهِرَة وامتحن وَمنع من سُكْنى الْقُدس وَاسْتمرّ مُقيما بِالْقَاهِرَةِ إِلَى سنة ثَمَان وثلامانين ثمَّ قدم بلد سيدنَا الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام وَأقَام بهَا متصديا لاشتغال الطّلبَة إِلَى أَن توفّي فِي سادس عشري شهر ربيع الآخر سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة شَهِيدا بالبطن وَصلي عَلَيْهِ بالحضرة الشَّرِيفَة الخليلية وَدفن بزاوية الشَّيْخ عَليّ البكا وَترك الشَّيْخ برهَان الدّين وَلدين احدهما الشَّيْخ الْعَلامَة شمس الدّين أَبُو الْجُود مُحَمَّد مولده بِمَدِينَة سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة ووالسلام فِي شعْبَان سنة خمس واربعين وَثَمَانمِائَة حفظ الْقُرْآن والمنهاج وألفيه من مَالك والجزرية وَبَعض الشاطبية واشتغل على وَالِده ثمَّ أخذعن جمَاعَة من الْعلمَاء بالديار المصرية أَجلهم شيخ الاسلام قَاضِي الْقُضَاة شرف الدّين يحيى الْمَنَاوِيّ وَمِنْهُم الشَّيْخ كَمَال الدّين إِمَام الكاملية وَأخذ الْعُلُوم عَن الشَّيْخ تَقِيّ الدّين الشمني الْحَنَفِيّ وَفضل وتميز وأجيز بالافتاء والتدريس وَأعَاد بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية فِي زمن شيخ الاسلام كَمَال الدّين ابْن أبي شرِيف وَله تصانيف مِنْهَا شرح الجرومية وَشرح الْمُقدمَة الجزرية وَشرح مُقَدّمَة الْهِدَايَة فِي عُلُوم الرِّوَايَة للجزري وَشرح مَعُونَة الطالبين فِي معرفَة إصطلاح المعربين وَقطعَة من شرح تَنْقِيح اللّبَاب لشيخ الاسلام ولي الدّين الْعرَاق وَغير ذَلِك من التَّعَالِيق والفوائد ودرس وَأفْتى فِي حَيَاة وَالِده وَبعده مَعَ وجود أَعْيَان الْعلمَاء وَهُوَ مُسْتَمر على ذَلِك إِلَى يَوْمنَا
وَالثَّانِي القَاضِي شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس احْمَد مولده فِي شهر رَمَضَان سنة سِتّ واربعين وَثَمَانمِائَة حفظ الْقُرْآن واشتغل بِالْعلمِ على وَالِده وعَلى شيخ الاسلام كَمَال الدّين بن أبي شرِيف وَغَيرهمَا وَسمع الحَدِيث وَفضل وتميز وَأعَاد بالصلاحية فِي زمن شيخ الاسلام بن أبي شرِيف ثمَّ بَاشر نِيَابَة الحكم بالقدس الشريف فِي حَيَاة وَالِده وَهُوَ رجل خير متواضع ولي مشيخة الزاوية الختنية ينزول صدر لَهُ من وَالِده قبل وَفَاته وَهُوَ مُسْتَمر بهَا إِلَى يَوْمنَا الشَّيْخ غرس الدّين خَلِيل بن اسحاق الخليلي الشهير بِابْن قازان ولد فِي حُدُود عشر وَثَمَانمِائَة ظنا وَسمع على جمَاعَة وَحدث وَكَانَ حَافِظًا لِلْقُرْآنِ الْعَظِيم خيرا ظريفا حسن المحاضرة يستحضر غَالب مقامات الحريري فِي رجلَيْهِ إعوجاج وَصَحب الْأَمِير أَبَا بكر بن فضل أَمِير عرب جرم فَلَمَّا قتل وشي بِهِ إِلَى السُّلْطَان وَأَنه أودع عِنْده مَالا فَطَلَبه إِلَى الْقَاهِرَة ثمَّ اطلق وَجَاء إِلَى بَلَده فَلَمَّا وصل إِلَى قَرْيَة عجلَان - بَين غَزَّة وبلده - توفّي إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى فِي جمادي الأولى سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَنقل إِلَى بلد الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام وَصلي عَلَيْهِ وَدفن بهَا شيخ الشُّيُوخ الْعَلامَة سراج الدّين أَبُو حَفْص عمر بن مُحَمَّد بن عَليّ الجعبري الأَصْل الخليلي الشَّافِعِي شيخ حرم سيدنَا الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام ولد فِي ربيع الأول سنة سِتّ وَقيل خمس وَثَمَانمِائَة بِبَلَد الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام وَنَشَأ بهَا وَحفظ الْقُرْآن وتلي بعضه بروايات السَّبع على جمَاعَة من الْقُرَّاء وأذنوا لَهُ فِي الاقراء وتفقه بِبَلَدِهِ على الْخَطِيب تَاج الدّين اسحاق التدمري وَغَيره وبالقدس على الشَّيْخ شمس الدّين الْبرمَاوِيّ وَالشَّيْخ عز الدّين الْقُدسِي وَغَيرهمَا وبالقاهرة على القاياتي وَغَيره وَأخذ عَن ابْن حجر وَأذن لَهُ فِي الافادة للفقه وَسمع عَلَيْهِ وعَلى جمَاعَة وَأَجَازَ لَهُ الجم الْغَفِير درس وافتى وَحدث بِبَلَدِهِ وبالقدس والقاهرة وَسمع عَلَيْهِ الْفُضَلَاء وَولي
نصف مشيخة حرم الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام وَنظر وقف عَم جده الشَّيْخ عَليّ البكا رضي الله عنه وَكَانَ رَأس الْفُقَهَاء بِبَلَدِهِ ثمَّ انجمع وَترك ذَلِك وَكَانَ عَالما خيرا متواضعا لطيفا حسن النادرة شجاعا مقداما طلق اللِّسَان فصيح الْعبارَة محبا للْعلم وَأَهله وَكَانَت وَفَاته بعد أَن خرج عَن جَمِيع املاكه ووظائفه لأولاده فِي ضحى يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَالِث شهر رَمَضَان سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة بِبَلَد الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام وَصلى عَلَيْهِ فِي يَوْمه وَتقدم للصَّلَاة عَلَيْهِ ابْن أَخِيه الْعَلامَة عبد الباسط وشيع الى مَقْبرَة الراس وَكَانَ خلق كثير وَدفن بحذاء التربة الَّتِي زين الدّين أَنْشَأَهَا وَلَده الشَّيْخ زين الدّين الشَّيْخ الْعَلامَة القَاضِي حميد الدّين أَبُو الْحَمد مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الْمصْرِيّ الأَصْل ثمَّ الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي الْمَشْهُور بكنيته كَانَ من أهل الْفضل وَله يَد طولى فِي الْفِقْه أعَاد بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية وَأفْتى ودرس وباشر نِيَابَة الحكم بالرملة عَن القَاضِي غرس الدّين أخي ابي الْعَبَّاس ثمَّ بَاشر نِيَابَة الحكم بالقدس الشريف وعزل مِنْهَا وأعيد اليها مرَارًا توفّي فِي الْعشْر الثَّانِي من شهر رَمَضَان سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمد بن عجور الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي ولد سنة خمس وَعشْرين وثمنمائة تَقْرِيبًا وَنَشَأ بالقدس الشريف بالختنية ايام الشَّيْخ شهَاب الدّين ابْن أرسلان ثمَّ خدم القَاضِي برهَان الدّين بن جمَاعَة وَكَانَ نَقِيبًا عِنْده فِي زمن ولَايَته الْقَضَاء وَسمع الحَدِيث على الشَّيْخ جمال الدّين بن جمَاعَة وَغَيره وَأَجَازَهُ شيخ الاسلام ابْن حجر وَقَرَأَ الْقُرْآن على الشَّيْخ شمس الدّين بن عمرَان وَكَانَ يحفظه وَيكثر التِّلَاوَة وَنزل فَقِيها بالصلاحية وصوفيا بالخانقاه ثمَّ فِي آخر عمره انجمع عَن النَّاس وَتُوفِّي فِي ذِي الْحجَّة سنة أَربع وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة بالقدس الشريف وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة الْعدْل محب الدّين مُحَمَّد بن الناصري الْمَشْهُور بالبرسني الشَّافِعِي كَانَ
من جملَة الْعُدُول بالقدس الشريف وَله همة عالية فِي الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وَسيرَته حَسَنَة فِي تحمل الشَّهَادَة توفّي فِي أَوَائِل سنة خمس وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ زين الدّين عبد الْكَرِيم بن عَليّ بن عبد الرَّحْمَن المغربي الخليلي ثمَّ الْمَقْدِسِي الْمُقْرِئ الشَّافِعِي ولد فِي حُدُود سنة ثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بِبَلَد الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام وتلا بالروايات السَّبع على وَالِده وَالشَّمْس بن عمرَان وَغَيرهمَا واشتغل بالميقات على شمس الدّين مُحَمَّد بن الفقاعي موقت الْمَسْجِد الْأَقْصَى وَمهر فِي أوضاعه وباشر التَّأْقِيت بالقدس الشريف مُدَّة وَقرر من الْفُقَهَاء بالصلاحية والصوفية بالخانقاه وَكَانَ يُؤَدِّي الْقِرَاءَة بِحسن صَوت وَطيب نَغمَة وناب فِي الخطابة بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وأقرأ وَحج وَكَانَ خيرا فَاضلا فِي الْقرَاءَات توفّي فِي صفر سنة خمس وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة بالقدس الشريف وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة وَتُوفِّي شَيْخه شمس الدّين مُحَمَّد بن الفقاعي موقت الْمَسْجِد الْأَقْصَى فِي شهر رَجَب سنة ثَمَان وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا وَكن لَهُ معرفَة تَامَّة بِعلم التَّأْقِيت وباشره مُدَّة طَوِيلَة الشَّيْخ الصَّالح شهَاب الدّين أَحْمد بن عمر بن ابراهيم القلانسي الخليلي الشهير بِابْن الموقت وَهُوَ أَيْضا موقت مَسْجِد الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام ولد سنة إِحْدَى وَعشْرين وثمنمائة بِبَلَد سيدنَا الْخَلِيل وَسمع الحَدِيث على جمَاعَة وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة وَكَانَ خيرا سَاكِنا منجمعا متعبدا حَافِظًا لكتاب الله تَعَالَى كثير التِّلَاوَة لَا يكَاد يفتر عَنْهَا وَعِنْده خير وَصَلَاح وَكَثْرَة صَلَاة وَتعبد وخشوع أدب الْأَطْفَال بِبَلَدِهِ مُدَّة ثمَّ تحول إِلَى الْقُدس الشريف أدب بهَا أَيْضا وَحدث بِكُل من البلدتين توفّي بالقدس الشريف فِي سَابِع عشري ربيع الآخر سنة خمس وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة وَولده الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد وَكَانَ يعرف بالقزازي كَانَ من طلبة الْعلم وَكَانَ يتَحَمَّل الشَّهَادَة بِبَلَد الْخَلِيل ثمَّ بالقدس واستوطن بَيت الْمُقَدّس مُدَّة وَقرر
من الْفُقَهَاء بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية والصوفية بالخانقاه ثمَّ أَقَامَ بِالْقَاهِرَةِ مُدَّة وَتُوفِّي بهَا قبل وَالِده ينحو سنتَيْن وَالله أعلم الشَّيْخ الْعَالم المسندكريم الدّين أَبُو المكارم عبد الْكَرِيم بن الشَّيْخ زين الدّين دَاوُد بن سُلَيْمَان بن أبي الوفا البدري الْمُقْرِئ الشَّافِعِي شيخ الْقُرَّاء وَإِمَام الْمَسْجِد الْأَقْصَى الشريف ولد سنة سِتّ أَو سبع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَكَانَ وَالِده الشَّيْخ دَاوُد من أهل الْخَيْر وَالصَّلَاح توفّي وَالشَّيْخ عبد الْكَرِيم صَغِير لَهُ نَحْو السّنة فَنَشَأَ بعده بالقدس الشريف وَسمع بهَا على جمَاعَة أعلاهم الشَّيْخ زين الدّين عبد الرَّحْمَن ابْن عمر القباقبي الْحَنْبَلِيّ وَكَانَ من أهل الْفضل وشيوخ الْقِرَاءَة أعَاد بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية وباشر الامامة بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشريف اربعين سنة من سنة خمس وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَكَانَ سخيا وَعِنْده حسن لِقَاء للواردين عَلَيْهِ وَكَانَ يُؤَدِّي الْقِرَاءَة على أوضاعها وَله همة ومروءة وَعِنْده تواضع وتودد للنَّاس وروى عَنهُ جمَاعَة توفّي عَشِيَّة يَوْم السبت وَصلي عَلَيْهِ بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى بعد صَلَاة الظّهْر من يَوْم الْأَحَد سَابِع جمادي الأولى سنة خمس وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا وَكَانَ يَوْمًا مشهودا شهده الْخَاص وَالْعَام من الْعلمَاء والقضاة وناظر الْحَرَمَيْنِ ونائب السلطنة الْأَمِير دقماق وَغَيرهم وتأسف النَّاس عَلَيْهِ الشَّيْخ جمال الدّين عبد الله بن أَحْمد بن عبد الله المراكشي القادري الشَّافِعِي شيخ زَاوِيَة الشَّيْخ عمر الْمُجَرّد بِمَدِينَة سيدنَا الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام كَانَ رجلا مُبَارَكًا وَعِنْده فضل توفّي فِي شهر شَوَّال سنة خمس وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بالزاوية الْمَذْكُورَة عِنْد وَالِده الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد بن أَمِين الصُّوفِي الوفائي التَّاجِر سمع الحَدِيث على الشَّيْخ جمال الدّين بن جمَاعَة وَأَجَازَ لَهُ فِي سنة أَربع وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَمَا بعْدهَا قَاضِي الْقُضَاة سعدالدين الْحَنَفِيّ وَغَيره وَكَانَ خيرا مُبَارَكًا مثابرا على الْخَيْر والاعمال الصَّالِحَة والاحسان إِلَى الْفُقَرَاء وَكَانَ شيخ الطَّائِفَة الوفائية وَيتَعَاطَى
التَّسَبُّب بالبزازة بسوق التِّجَارَة بالقدس وسافر الى دمشق ثمَّ عَاد فَتوفي بالرملة فِي يَوْم الاربعاء وَنقل الى الْقُدس الشريف وَدفن بماملا يَوْم الْخَمِيس ثامن عشر صفر سنة سِتّ وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَكَانَت جنَازَته حافلة الشَّيْخ الْعَلامَة عَلَاء الدّين أَبُو الْحسن عَليّ بن قَاسم الاردبيلي البطائحي الشَّافِعِي ولد بِبَلَد الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام وَنَشَأ بهَا وَحفظ الْقُرْآن والمنهاج والشاطبية وألفية بن مَالك ولامية التصريف لَهُ وَغير ذَلِك وَعرض على جمَاعَة وَقَرَأَ بالروايات على الشَّيْخ شمس الدّين بن عمرَان الْحَنَفِيّ وَأخذ فِي الْعُلُوم عَن جمَاعَة مِنْهُم شيخ الاسلام الكمالي بن أبي شرِيف وَغَيره واخبرني أَنه تفقه على الشَّيْخ شمس الدّين الْجَوْهَرِي بِالْقَاهِرَةِ وَأَقْبل على المطالعة والتدريس والاقراء وَمهر وبرع فِي القراآت وَكَانَ يدرس بِمَسْجِد الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام بعد الْمغرب تجاه الْمِحْرَاب بِعِبَارَة فصيحة وَصَارَ من أَعْيَان الْفُقَهَاء بِبَلَدِهِ توفّي فِي يَوْم الاربعاء ثامن شهر ربيع الأول سنة سِتّ وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة بِبَلَد الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام وَدفن بالمقبرة السُّفْلى الشَّيْخ شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن الْعَلامَة الْمُقْرِئ عمادالدين اسماعيل بن خَلِيل الشهير بالمرزوقي الخليلي ولد سنة خمس وَثَمَانمِائَة ظنا وَسمع الحَدِيث على جمَاعَة وَحدث وَأخذ النَّاس عَنهُ وَكَانَ رجلا خيرا حَافِظًا لكتاب الله تَعَالَى كثير التِّلَاوَة توفّي سنة سِتّ وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة بِبَلَد الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام وَدفن بمقابر الرَّأْس الشَّيْخ زين الدّين أَبُو المفاخر عبد الْقَادِر بن الْعَلامَة الشَّيْخ سراج الدّين عمر بن مُحَمَّد الجعبري الأَصْل الخليلي الشَّافِعِي شيخ حرم الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام ولد فِي ثامن عشري شهر ذِي الْحجَّة الْحَرَام سنة ثَمَان وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بِبَلَد الْخَلِيل وَنَشَأ بهَا وَحفظ الْقُرْآن وَسمع الحَدِيث من جمَاعَة وَأَجَازَ لَهُ شيخ الْإِسْلَام ابْن حجر وَالشَّيْخ زين الدّين عبد الرَّحْمَن القاياتي وَكَانَ صَدُوقًا كَرِيمًا رَئِيسا
مفضالا حسنا شجاعا اجْتمع فِيهِ من مَكَارِم الْأَخْلَاق ومحاسن الْأَوْصَاف مَا قل وجوده فِي غَيره وَولي نِيَابَة النّظر على الْوَقْف الخليلي فباشره أتم مُبَاشرَة بِأَحْسَن سيرة ثمَّ صرف نَفسه وَولي حِصَّة بمشيخة حرم الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام بعد وَالِده وَمرض بالحمى نَحْو ثَلَاث سِنِين وَقدر الله توجهه الى الرملة فَتوفي بهَا فِي يَوْم الْخَمِيس خَامِس عشر شهر الله الْمحرم سنة سبع وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَنقل الى بلد الْخَلِيل وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد وَدفن بمقبرة الرَّأْس جوَار أَبِيه بالتربة الَّتِي انشأها وَكثر التأسف عَلَيْهِ وَترك اولادا أكبرهم وامثلهم الشَّيْخ الْعَالم الْمُحدث غرس الدّين أَبُو سعيد خَلِيل مولده فِي الْمحرم سنة تسع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة بالقدس الشريف وَهُوَ سبط الْخَطِيب شهَاب الدّين القرقشندي خطيب الْمَسْجِد الْأَقْصَى الشريف حفظ الْقُرْآن واشتغل بِالْعلمِ على جمَاعَة مِنْهُم شيخ الاسلام الكمالي ابْن ابي شرِيف وَالشَّيْخ برهَان الدّين الانصاري وَغَيرهمَا واعتنى بِعلم الحَدِيث الشريف ورحل إِلَى مصر وَالشَّام فِي طلبه وَأخذ عَنهُ جمَاعَة وَجمع معجما لأسماء شُيُوخه وَهُوَ رجل خير من أهل الْعلم وَالدّين والتواضع ولي حِصَّة فِي مشيخة حرم سيدنَا الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام مِمَّا كَانَ بيد وَالِده وَالنَّاس سَالِمُونَ من يَده وَلسَانه وَهُوَ مِمَّن أحبه فِي الله عَامله الله بِلُطْفِهِ الشَّيْخ الامام الْعَلامَة زين الدّين أَبُو الْفضل عبد الله بن الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن ابراهيم بن عمر بن ابراهيم بن خَلِيل الجعبري الأَصْل الخليلي الشَّافِعِي ولد فِي سنة ثَمَان وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بِبَلَد الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام وَنَشَأ بهَا واشتغل بِالْعلمِ عقليا ونقليا وَأخذ عَن جمَاعَة واجازه قَاضِي الْقُضَاة علم الدّين صَالح البُلْقِينِيّ بالافتاء والتدريس وَسمع على إِمَام الكاملية واجاز لَهُ شيخ الاسلام ابْن حجر وَجَمَاعَة درس وافتى وَحدث قَلِيلا وَولي نصف مشيخة حرم الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام وَكَانَ فَاضلا دَقِيق النّظر خيرا متفننا شجاعا
ماهرا فِي الرَّمْي توفّي فِي يَوْم السبت الثَّامِن من شهر صفر سنة سبع وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة بِبَلَد الْخلَل عليه الصلاة والسلام وَدفن بمقابر الرَّأْس بِالْقربِ من أَهله الشَّيْخ الْمسند شمس الدّين أَبُو الْخَيْر مُحَمَّد بن الْحَافِظ زين الدّين أبي هُرَيْرَة عبد الرَّحْمَن بن شيخ الاسلام شمس الدّين مُحَمَّد بن فَقِيه الْمَذْهَب تَقِيّ الدّين اسماعيل القرقشندي الأَصْل الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي ولد بِبَيْت الْمُقَدّس فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَثَمَانمِائَة واعتنى بِهِ ابوه فَأحْضرهُ على جمَاعَة واستجاز لَهُ آخَرين ولي مشيخة الكريمية والملكية والطازية واعاد بالصلاحية وَحدث وَتفرد بغالب محضوراته واجازاته الْقَدِيمَة بالقدس الشريف توفّي بعد الْعشَاء من لَيْلَة السبت الْعشْرين من شهر ربيع الأول سنة سبع وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة بالكاملية وَدفن من الْغَد بَاب الرَّحْمَة جوَار جده لأمه الشَّيْخ صَلَاح الدّين العلائي الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد بن مكي الشَّافِعِي نقيب الصَّخْرَة الشَّرِيفَة وَأحد الْفُقَهَاء بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية والصوفية بالخانقاه توفّي فِي سلخ ربيع الآخر سنة سبع وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بالساهرة الشَّيْخ زين الدّين ابو حَفْص عمر بن القَاضِي زين الدّين عبد الرحمان بن القَاضِي عَلَاء الدّين أبي الْحسن عَليّ التَّمِيمِي الدَّارِيّ الشَّافِعِي الْفَقِيه الْفَاضِل كَانَ من أهل الْفضل وَعِنْده تواضع توفّي بِبَلَد سيدنَا الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام فِي سنة سبع وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَتُوفِّي قَرِيبه الشَّيْخ عَلَاء الدّين أَبُو الطّيب عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الرحمان التَّمِيمِي الشَّافِعِي - وَكَانَ من أهل الْفضل - فِي ثَانِي ربيع الأول سنة سبع وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَتُوفِّي وَالِد الشَّيْخ ابو الطّيب الْمَذْكُور - وَهُوَ الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن عبد الرحمان التَّمِيمِي الشَّافِعِي - قبل ذَلِك بِالْقَاهِرَةِ فِي رَابِع عشري شعْبَان سنة تسع وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَكَانَ من أهل الْفضل
الشَّيْخ الْعَالم الْمسند الصَّالح الخاشع الصُّوفِي شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد ابْن مُحَمَّد بن عَليّ الجعبري الأَصْل الخليلي الشَّافِعِي شيخ حرم الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام ولد فِي سنة اثْنَتَيْنِ أَو ثَلَاث وَثَمَانمِائَة بقرية الحطمان خَارج بلد الْخَلِيل حِين انجفل النَّاس من تيمورلنك وَنَشَأ بِبَلَد الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام وَحفظ الْقُرْآن وَمجمع الْبَحْرين فِي الْجمع بَين الصَّحِيحَيْنِ تأليف جده وَلبس خرقَة التصوف عَن جمَاعَة وَسمع على شيخ الْقُرَّاء ابْن الْجَزرِي وَغَيره وَأَجَازَ لَهُ خلق كثير ونظم وَجمع شَيْئا فِي التصوف وأشتهر بالصلاح وَرُبمَا وَقعت لَهُ كرامات وَكَانَ للنَّاس فِيهِ اعْتِقَاد وَنَشَأ على خير فِيهِ وَصَلَاح وخشوع وَعبادَة وَقُوَّة على مُلَازمَة الصَّلَوَات والاوراد مَعَ السن الطَّوِيل وعسر الطَّرِيق من منزله الى الْمَسْجِد بِحَيْثُ لَا يكَاد تفوته صَلَاة الصُّبْح بِالْمَسْجِدِ وَلَو شتاء وَلَا يفتر من النّظر فِي الْعلم وَكَلَام الصَّالِحين وَلَا يُصَلِّي إِلَّا قَائِما ومتع بحواسه وَحدث بِبَلَدِهِ والقدس الشريف والقاهرة توفّي فِي يَوْم السَّادِس وَالْعِشْرين من شهر رَمَضَان سنة ثَمَان وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَصلي عَلَيْهِ من صبيحته بالْمقَام الخليلي على سكنه الصَّلَاة وَالسَّلَام وَدفن بمقابر الرَّأْس القَاضِي كَمَال الدّين أَبُو الْفَتْح مُحَمَّد بن الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن عمرَان الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي حفظ الْقُرْآن واتقنه على وَالِده وقلد مَذْهَب الشَّافِعِي خلاف وَالِده واخوته وَكَانَ يكْتب خطا حسنا وَنَشَأ وَتزَوج بالقدس الشريف ورزق الْأَوْلَاد ثمَّ فِي سنة خمس وَسبعين وَثَمَانمِائَة استوطن الْقَاهِرَة واتصل بالأمير جَوْهَر الزِّمَام وَحصل لَهُ الْقبُول وَكثر مَاله واتسعت دُنْيَاهُ وَصَارَ مباشرا على الاوقاف المشمولة بِنَظَر الزِّمَام ثمَّ تنقلت بِهِ الْأَحْوَال حَتَّى ولي مُبَاشرَة بديوان السُّلْطَان وَارْتَفَعت مَنْزِلَته ثمَّ غضب السُّلْطَان عَلَيْهِ وامتحنه بِالضَّرْبِ وَالْحَبْس فَمَاتَ فِي المحنة فِي الْمحرم سنة تِسْعمائَة الشَّيْخ المعمر شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن الشَّيْخ أَحْمد بن مُحَمَّد الْعمريّ الشَّافِعِي
مولده فِي سنة احدى عشرَة وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ بالقدس الشريف وَحفظ الْقُرْآن وَقرر من الْفُقَهَاء بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية ثمَّ تَركهَا بِاخْتِيَارِهِ من زمن طَوِيل وَكَانَ لَهُ اتِّصَال بأكابر المملكة مِنْهُم القَاضِي زين الدّين عبد الباسط الدِّمَشْقِي رَئِيس المملكة وَمِنْهُم القَاضِي كَمَال الدّين ابْن المبارزي وَالْقَاضِي زين الدّين بن مزهر كَاتب السِّرّ الشريف وَغَيرهم من الْأَعْيَان وَآخر من صحب ملك الْأُمَرَاء قانصوه اليحياوي نَائِب الشَّام وَكَانَ مقدما عِنْدهم لما فِيهِ من الْمُرُوءَة وعلو الهمة وَكَانَ عِنْده سخاء وخدمة لمن يلوذ بِهِ وعاش غَالب عمره منعما مترفها بِحسن المأكل والملبس وَعمر ومتع بحواسه وَلم ينقص مِنْهُ سوى سَمعه فَإِنَّهُ ثقل قبل وَفَاته بِنَحْوِ سنتَيْن أَو ثَلَاث وَهُوَ من ذُرِّيَّة السَّيِّد الْجَلِيل عَليّ بن عليل الْمَشْهُور عِنْد النَّاس بِابْن عليم - بِالْمِيم - وَالصَّحِيح انه عليل - بِاللَّامِ - مُتَّصِل نسبه بأمير الْمُؤمنِينَ عمر بن الْخطاب توفّي فِي شهر ربيع الأول سنة تِسْعمائَة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة وَكَانَت جنَازَته حافلة شيخ الاسلام عَلامَة الزَّمَان برهَان الدّين ابو اسحاق ابراهيم بن الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن أبي بكر بن عَليّ بن أبي شرِيف الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي الشَّيْخ الامام الحبر الْهمام الْعَالم الْعَلامَة الْمُحَقق الفهامة ولد فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بالقدس الشريف وَنَشَأ بِهِ واشتغل بفنون الْعلم على أَخِيه شيخ الاسلام الكمالي ورحل بِهِ إِلَى الْقَاهِرَة فَأخذ الْفِقْه عَن قَاضِي الْقُضَاة علم الدّين صَالح البُلْقِينِيّ والاصول عَن الشَّيْخ جلال الدّين الْمحلي وَسمع عَلَيْهِ ايضا فِي الْفِقْه وَأخذ عَن عُلَمَاء ذَلِك الْعَصْر وجد ودأب وتميز وَصَارَ من اعيان الْعلمَاء وَحج الى بَيت الله الْحَرَام ثمَّ توجه إِلَى الْقَاهِرَة المحروسة وَتزَوج ابْنة قَاضِي الْقُضَاة شيخ الاسلام شرف الدّين يحيى الْمَنَاوِيّ قَاضِي الديار المصرية وناب عَنهُ فِي الْقَضَاء ودرس وَأفْتى وَأعَاد بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية بالقدس الشريف وصنف نظما ونثرا وَولي الْوَظَائِف السّنيَّة من التداريس وَغَيرهَا من الانظار بِالْقَاهِرَةِ المحروسة وَعظم أمره واشتهر صيته وَصَارَ الْآن الْمعول
عَلَيْهِ فِي الْفَتْوَى بالديار المصرية وَهُوَ رجل عَظِيم الشَّأْن كثير التَّوَاضُع حسن اللِّقَاء فصيح الْعبارَة ذُو ذكاء مفرط وَحسن نظم وَنظر وثقة نفس وكتابته على الْفَتْوَى نِهَايَة فِي الْحسن ومحاسنه كَثِيرَة وترجمته وَذكر مشايخه يحْتَمل الْأَفْرَاد بالتأليف وَلَو ذكرت حَقه فِي التَّرْجَمَة لطال الْفَصْل فَإِن المُرَاد هُنَا الِاخْتِصَار قدم شيخ الاسلام برهَان الدّين من الْقَاهِرَة المحروسة الى بَيت الْمُقَدّس فِي سنة ثَمَان وَتِسْعين بعد غيبَة طَوِيلَة ثمَّ عَاد الى وَطنه بِالْقَاهِرَةِ ثمَّ حضر إِلَى الْقُدس فِي سنة تِسْعمائَة وَحصل للْأَرْض المقدسة وسكانها بِوُجُودِهِ الْجمال وانتفع بِهِ النَّاس فِي الْفَتْوَى فَإِن أَخَاهُ شيخ الاسلام الكمالي من حِين يقدم الْمشَار اليه الْقُدس ير اليه أَمر الْفَتَاوَى وَلَا يكْتب هُوَ إِلَّا على قَلِيل مِنْهَا مَا دَامَ حَاضرا وَهُوَ حَيّ يرْزق متع الله بِوُجُودِهِ الْأَنَام وحماه من غير اللَّيَالِي وَالْأَيَّام (ذكر فُقَهَاء الْحَنَفِيَّة من الْقُضَاة وَالْعُلَمَاء وطلبة الْعلم الشريف) الشَّيْخ الامام الْعَالم الزَّاهِد الْمُفَسّر جمال الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن الْحسن بن الْحُسَيْن الْبَلْخِي ثمَّ الْمَقْدِسِي الْحَنَفِيّ الْمَعْرُوف بِابْن النَّقِيب مولده فِي النّصْف من شعْبَان سنة إِحْدَى وَعشْرين وَقيل إِحْدَى عشرَة وسِتمِائَة بالقدس الشريف واشتغل بِالْقَاهِرَةِ وَأقَام مُدَّة بِجَامِع الْأَزْهَر ودرس فِي بعض الْمدَارِس هُنَاكَ ثمَّ انْتقل إِلَى الْقُدس الشريف واستوطنه إِلَى أَن مَاتَ بِهِ وَكَانَ شَيخا فَاضلا فِي التَّفْسِير لَهُ فِيهِ مُصَنف حافل كَبِير جمع فِيهِ خمسين مصنفا من التفاسير بلغ تِسْعَة وَتِسْعين مجلدا وَكَانَ النَّاس يقصدون زيارته بالقدس ويتبركون بدعائه توفّي فِي الْمحرم سنة ثَمَان وَتِسْعين وَقيل سبع وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة الشَّيْخ الامام الْعَالم الْعَلامَة شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن الشَّيْخ الأوحد سراج الدّين أبي حَفْص عمر بن الشَّيْخ الصَّالح بدر الدّين حُسَيْن الْحَنَفِيّ إِمَام قبَّة الصَّخْرَة الشَّرِيفَة كَانَ مَوْجُودا فِي سنة ثَمَانِينَ وَسَبْعمائة
الشَّيْخ الامام الْعَالم الْعَلامَة الْمُحَقق كَمَال الدّين اسماعيل الشريحي الْحَنَفِيّ شيخ الْمدرسَة المعظمية الْحَنَفِيَّة بالقدس الشريف أَخذ عَنهُ قَاضِي الْقُضَاة شيخ الاسلام سعد الدّين الديري الْحَنَفِيّ فَسمع عَلَيْهِ كثيرا من كتاب الْهِدَايَة فِي الْفِقْه بتدريسه فِي سِنِين عديدة أَولهَا سنة سبع وَسبعين وَآخِرهَا فِي جمادي الْآخِرَة سنة خمس وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَأَجَازَ لَهُ فِي إقراء الْقُرْآن الْعَزِيز وَتَصْحِيح بعض مَا حفظه من الْكتب وَهُوَ كتاب الكنى فِي الْفِقْه للعلامة حَافظ الدّين النَّسَفِيّ والكافية فِي النَّحْو لابي عَمْرو ابْن الْحَاجِب وَغير ذَلِك مِمَّا علمه من فَوَائِد لم يَأْخُذهَا عَن غَيره وَمن عُلَمَاء الْحَنَفِيَّة بالقدس الشريف فِي عصر الشَّيْخ كَمَال الدّين الشريحي الشَّيْخ كريم الدّين عبد الْكَرِيم القرماني الرُّومِي أَخذ عَنهُ قَاضِي الْقُضَاة سعد الدّين الديري وَأذن لَهُ فِي رِوَايَة كتاب الْهِدَايَة وَغَيره من الْكتب الَّتِي يَرْوِيهَا ككتاب المصابيح للامام الْبَغَوِيّ ومشارق الْأَنْوَار للصاغاني وَغَيرهمَا من الْكتب وَلم اطلع لَهما على تَرْجَمَة وَلَا تَارِيخ وَفَاة الشَّيْخ الْعَلامَة شهَاب الدّين ابو الْعَبَّاس احْمَد بن حسن بن الرصاص الْحَنَفِيّ النَّحْوِيّ شَارِح الألفية كَانَ إِمَامًا كَبِيرا فِي فقه ابي حنيفَة وَغير ذَلِك وَعَلِيهِ انْتفع الشَّيْخ شمس الدّين الديري توفّي بِدِمَشْق فِي سنة تسعين وَسَبْعمائة القَاضِي تَقِيّ الدّين أَبُو الانصاف وَأَبُو بكر بن الشَّيْخ فَخر الدّين أبي عَمْرو عُثْمَان بن الشَّيْخ صَلَاح الدّين أبي الْخيرَات خَلِيل الْحَنَفِيّ خَليفَة الحكم الْعَزِيز بالقدس الشريف كَانَ مَوْجُودا مُتَوَلِّيًا نِيَابَة الحكم فِي سنة سِتّ وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَبعدهَا القَاضِي شمس الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن الشَّيْخ عَلَاء الدّين أبي الْحسن عَليّ ابْن المرحوم شادكام الْحَنَفِيّ خَليفَة الحكم الْعَزِيز بالقدس الشريف كَانَ مَوْجُودا مُتَوَلِّيًا نِيَابَة الحكم فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة الشَّيْخ الصَّالح الْوَرع الزَّاهِد شمس الدّين مُحَمَّد بن المرحوم شهَاب الدّين أَحْمد بن جمال الدّين عبد الله الْحَنَفِيّ من أَصْحَاب سيدنَا الشَّيْخ مُحَمَّد القرمي
كَانَ مَوْجُودا فِي سنة احدى وَسبعين وَسَبْعمائة الشَّيْخ خَلِيل بن مقبل بن عبد الله العلقمي مولدا والحلبي منشأ والحنفي مذهبا شرح مُقَدّمَة أبي اللَّيْث السَّمرقَنْدِي شرحا نَافِعًا جيدا وَفرغ من تبييضه قبيل الْعَصْر مستهل جمادي الْآخِرَة سنة سبع وَتِسْعين وَسَبْعمائة بالقدس الشريف قَاضِي الْقُضَاة خير الدّين أَبُو الْمَوَاهِب خَلِيل بن عِيسَى بن عبد الله العجمي البايرتي الْحَنَفِيّ الامام الْعَلامَة كَانَ من أهل الْعلم وَالدّين قدم من بِلَاده وَاخْتَارَ الاقامة بِبَيْت الْمُقَدّس وَولي قَضَاء الْقُدس من الْملك الظَّاهِر برقوق فِي سنة ارْبَعْ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَهُوَ أول من ولي قَضَاء الْحَنَفِيَّة بالقدس الشريف بعد الْفَتْح الصلاحي ثمَّ ولي تدريس المعظمية وَكَانَت سيرته حَسَنَة توفّي بالقدس الشريف فِي صفر سنة إِحْدَى وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا القَاضِي شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن زين الدّين ابي البركات مصطفى الْحَنَفِيّ خَليفَة الحكم الْعَزِيز بالقدس الشريف كَانَ مَوْجُودا فِي سنة إِحْدَى وَثَمَانمِائَة قَاضِي الْقُضَاة موفق الدّين أَبُو عبد الله الياس بن سعدالدين أبي الصَّفَا سعيد ابْن نور الدّين أبي الْحسن عَليّ الكاشهري الْحَنَفِيّ قَاضِي الْعَسْكَر بِمصْر ولي قَضَاء الْقُدس بعد قَاضِي الْقُضَاة خير الدّين الْحَنَفِيّ - الْمُتَقَدّم ذكره - وَرَأَيْت بعض اسجالاته مؤرخا فِي شهر رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة وَبعد ذَلِك سقِِي السم مَعَ بكلش بِالْمَدْرَسَةِ البلدية فَمَاتَ مَعَه وَسقي شمس الدّين الديري لكنه لم يكثر فَمَرض طَويلا وعوفي وَكَانَ شهَاب الدّين بن النَّقِيب حَاضرا فَاعْتَذر بِالصَّوْمِ الشَّيْخ الامام الْعَلامَة شهَاب الدّين أَحْمد بن أَحْمد السوداني الْحَنَفِيّ كَانَ شيخ المقاولة ومعيد الْمدرسَة المعظمية توفّي فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة وَهُوَ من مَشَايِخ قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين الديري قَاضِي الْقُضَاة شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن تَقِيّ الدّين أبي مُحَمَّد عبد الله ابْن نور الدّين أبي الْحسن عَليّ الْحَنَفِيّ قَاضِي الْقُدس الشريف كَانَ مُتَوَلِّيًا فِي شهر
ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَثَمَانمِائَة وَفِي اسجاله عَن ولَايَته مُتَّصِلَة بالمواقف الشَّرِيفَة السُّلْطَانِيَّة الملكية الناصرية - يَعْنِي فرج بن برقوق - قَاضِي الْقُضَاة الامام الْعَلامَة عَلَاء الدّين أَبُو الْحسن عَليّ بن شرف الدّين عِيسَى بن الرصاص الْحَنَفِيّ سمع عَليّ العلائي وانتفع بِهِ وَسمع من غَيره وَأَجَازَ لَهُ خلق وتصدر وافتى ودرس بِالْمَدْرَسَةِ المعظمية الْحَنَفِيَّة وَولي قَضَاء صفد أجَاز لَهُ شَيخنَا التَّقْوَى القرقشندي بِرِوَايَاتِهِ توفّي بالقدس الشريف فِي شهور سنة ثَلَاث وَثَمَانمِائَة وَدفن بمقابر الشُّهَدَاء القَاضِي جمال الدّين مُحَمَّد بن شمس الدّين مُحَمَّد الْحَنَفِيّ خَليفَة الحكم الْعَزِيز بالقدس الشريف وَالْعدْل عَلَاء الدّين عَليّ بن مُحَمَّد بن الافتخار الْحَنَفِيّ كِلَاهُمَا كَانَ مَوْجُودا فِي سنة سِتّ وَثَمَانمِائَة قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين أَبُو الانفاق أَبُو بكر بن شرف الدّين أبي الرّوح عِيسَى بن الرصاص الْحَنَفِيّ بَاشر نِيَابَة الحكم الْعَزِيز بالقدس الشريف فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة ثمَّ ولي اسْتِقْلَالا وَكَانَ مُتَوَلِّيًا فِي سنة ارْبَعْ عشرَة وَثَمَانمِائَة وَولي قَضَاء غَزَّة ودرس بالنحوية وَكَانَ مشكور السِّيرَة فِي الْقَضَاء عفيفا دينا سمع كثيرا وَكَانَ فَقِيها توفّي بِدِمَشْق فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة عَن نَحْو سبعين سنة وَمن الْقُضَاة الْحَنَفِيَّة بالقدس الشريف قَاضِي الْقُضَاة تَاج الدّين أَبُو الْفضل أَحْمد بن الشَّيْخ شمس الدّين أبي عبد الله مُحَمَّد بن السَّيِّد بدر الدّين أبي مُحَمَّد الْحُسَيْنِي الْحَنَفِيّ ولي عوضا عَن القَاضِي شمس الدّين بن خير الدّين مُدَّة يسيرَة وَكَانَ مُتَوَلِّيًا فِي جمادي الأولى سنة احدى وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة ثمَّ عزل وأعيد القَاضِي شمس الدّين بن خير الدّين الشَّيْخ الْعَلامَة عَلَاء الدّين أَبُو الْحسن عَليّ بن النَّقِيب الْمَقْدِسِي الْحَنَفِيّ كَانَ
من أهل الْعلم أَخذ هُوَ وَالشَّيْخ شمس الدّين الديري عَن الشَّيْخَيْنِ الامامين صدر الدّين وَشرف الدّين ابْني مَنْصُور الحنفيين شيخ الْحَنَفِيَّة بِالشَّام المحروسة وَأخذ عَن الشَّيْخ عَلَاء الدّين بن النَّقِيب قَاضِي الْقُضَاة سعد الدّين الديري قَرَأَ عَلَيْهِ كثيرا من الْهِدَايَة فِي الْفِقْه بِالْمَدْرَسَةِ الارغونية بالقدس الشريف وَرَأَيْت خطّ قَاضِي الْقُضَاة سعد الدّين بذلك وَترْجم الشَّيْخ عَلَاء الدّين بالشيخ الامام وَلم اطلع لَهُ على تَرْجَمَة غير ذَلِك وَأما وَلَده الْعَلامَة الشَّيْخ شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد فمولده فِي سنة إِحْدَى وَخمسين وَسَبْعمائة وَكَانَ اُحْدُ عُلَمَاء بَيت الْمُقَدّس مَشْهُورا بِالْعلمِ وَالصَّلَاح توفّي فِي الْمحرم أَو صفر سنة سِتّ عشرَة وَثَمَانمِائَة وَولده قَاضِي الْقُضَاة الْعَلامَة كَمَال الدّين مُحَمَّد كَانَ من اعيان الْعلمَاء وَكَانَ يدعى خزانَة الْعلم ولي قَضَاء الْحَنَفِيَّة بالرملة مُدَّة طَوِيلَة وباشر بشهامة وَكلمَة نَافِذَة وَاسْتمرّ على الْقَضَاء الى ان توفّي بالرملة فِي حُدُود الثَّلَاثِينَ والثمانمائة الشَّيْخ الامام الْعَلامَة الصَّالح الزَّاهِد عمر بن عبد الله الْبَلْخِي الْحَنَفِيّ كَانَ الهائم بِهِ بِبَيْت الْمُقَدّس الشَّيْخ شمس الدّين الْهَرَوِيّ توفّي فِي جمادي الْآخِرَة سنة سِتّ وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَدفن بحوش البسطامي بماملا وَإِلَى جَانِبه دفن الْهَرَوِيّ بِوَصِيَّة مِنْهُ قَاضِي الْقُضَاة شيخ الاسلام شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن جمال الدّين ابْن عبد الله بن سعد بن عبد الله بن مصلح بن الديري الخالدي الْعَبْسِي الْحَنَفِيّ الشَّيْخ الامام الْعَالم الْمُحَقق نسبته الى قَرْيَة يُقَال لَهَا الدَّيْر بِالْقربِ من مردى من بِلَاد نابلس والعبسي نِسْبَة الى طَائِفَة بني عبس من عرب الْحجاز مولده فِي حُدُود الْخمسين والسبعمائة استوطن بَيت الْمُقَدّس واشتغل بِالْعلمِ فلاحظته الْعِنَايَة الربانية وَفتح عَلَيْهِ من قبل الله تَعَالَى فَصَارَ من أَعْيَان الْعلمَاء المعتبرين ولي مشيخة الْمدرسَة المنجكية ودرس بالمعظمية الْحَنَفِيَّة وافتى ودرس وَحدث وَجلسَ للمواعيد يُفَسر الْقُرْآن الْعَظِيم
وَقَالَ الشَّيْخ عبد الرحمان القرقشندي فِيهِ يَا شمس دين الله يَا وَاحِدًا فِي عصره أفديه من وَاحِد فسر كتاب الله نلْت المنى لَا يُنكر التَّفْسِير لِلْوَاحِدِيِّ واشتهر اسْمه وشاع ذكره وَلم يبْق فِي هَذِه الْبِلَاد فِي الْحَنَفِيَّة نَظِيره الشَّيْخ محب الدّين بن الشّحْنَة وَله مُصَنف جيد أكمل مِنْهُ ارْبَعْ مجلدات سَمَّاهُ (الْمسَائِل اشريفة فِي أَدِلَّة أبي حنيفَة) وَلم يكمل واتصل بِالْملكِ الْمُؤَيد شيخ بِسَبَب وَاقعَة جرت وَهِي ان الْملك النَّاصِر فرج بن برقوق لما كَانَ سُلْطَانا وَكَانَ الْملك الْمُؤَيد شيخ من جملَة أَرْكَان دولته قصد الْعِصْيَان عَلَيْهِ وَالْخُرُوج عَن طَاعَته فاستفتى الْملك النَّاصِر عَلَيْهِ الْعلمَاء وَمن جُمْلَتهمْ الشَّيْخ شمس الدّين الديري فأفتاه ان من خرج على الامام وحاربه يترتيب عَلَيْهِ كَذَا ويترتيب عَلَيْهِ كَذَا وسوغ لَهُ مَا يَقْتَضِي قَتله فَمَا كَانَ بأسرع من أَن قتل الْملك النَّاصِر وَولي الْمُؤَيد شيخ السلطنة فَلَمَّا نزل الْمُؤَيد شيخ إِلَى الشَّام وَقدم بَيت الْمُقَدّس تخوف مِنْهُ الشَّيْخ شمس الدّين الديري فاستدعاه الْملك الْمُؤَيد فَحَضَرَ اليه بقبة الصَّخْرَة الشَّرِيفَة وَحصل بنهما كَلَام يتَضَمَّن عتب السُّلْطَان عَلَيْهِ بِسَبَب مَا أفتى بِهِ عَلَيْهِ فَأَجَابَهُ بِجَوَاب حسن مَعْنَاهُ انه لم يفت عَلَيْهِ وَإِنَّمَا أفتى على من حَارب الامام الْأَعْظَم وَخرج عَن طَاعَته وَقَالَ لَهُ يَا مَوْلَانَا السُّلْطَان لَو استفتيتني انت على من حاربك وَخرج عَن طَاعَتك لأفتيتك بقتاله وَمَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ شرعا فَقبل مِنْهُ السُّلْطَان ذَلِك وقربه اليه وَكَانَ يعتبره ويعظمه تَعْظِيمًا زَائِدا وَلما مَاتَ قَاضِي الْقُضَاة نَاصِر الدّين بن العديم جِيءَ بِهِ من بَيت الْمُقَدّس على الْبَرِيد وَولي قَضَاء الديار المصرية فِي جمادي الأولى سنة تسع عشرَة وَثَمَانمِائَة فَعظم أمره ونفذت كَلمته وشاع ذكره وَهُوَ أول الرؤساء من بني الديري ثمَّ لما عمر السُّلْطَان الْمُؤَيد شيخ جَامعه بِبَاب زويلة بِالْقَاهِرَةِ قَرَّرَهُ شَيخا فِيهِ فِي مستهل ذِي الْقعدَة سنة اثتين وَعشْرين ثومانمائة
ثمَّ صرف عَن الْقَضَاء بِاخْتِيَارِهِ وَاعْتذر بعلو سنة وَاسْتمرّ بمنزله بالمؤيدية مُعظما فَقدر الله حُضُوره الى بَيت الْمُقَدّس فِي سنة سبع وَعشْرين وَصَامَ بِهِ رَمَضَان وَعمل المواعيد التفسيرية وَهُوَ فِي همة الرُّجُوع إِلَى مصر فَمَرض وأدركه أَجله فَتوفي بالقدس فِي يَوْم الاربعاء تَاسِع شهر ذِي الْحجَّة الْحَرَام عِنْد النفرة وَصلي عَلَيْهِ عقب صَلَاة الْعِيد من سنة سبع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بالصخرة الشَّرِيفَة وَدفن بماملا إِلَى جَانب ابي عبد الله الْقرشِي وَهُوَ وَالِد قَاضِي الْقُضَاة سعدالدين الديري - الْآتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى - وَكَانَ لقَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين الديري أَخ يُسمى عبد الله كَانَ فَاضلا عَالما ويحترف بِالشَّهَادَةِ توفّي فِي سنة عشر وَثَمَانمِائَة عَن نَحْو خمسين سنة الشَّيْخ بدر الدّين حسن بن أبي بكر بن البقيرة السوداني الْحَنَفِيّ مولده فِي سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وَكَانَ من الْعلمَاء توفّي فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ الصَّالح الْقدْوَة جمال الدّين عبد الله بن الصَّامِت القادري الْحَنَفِيّ كَانَ من أكَابِر الصَّالِحين اصحاب الكرامات الْمَشْهُورَة توفّي فِي لَيْلَة الاربعاء سلخ ربيع الآخر سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن بتربة الساهرة وَولده الشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد كَانَ من الصَّالِحين توفّي بعد الْأَرْبَعين والثمانمائة وَدفن عِنْد وَالِده الشَّيْخ الامام الْعَلامَة شمس الدّين مُحَمَّد بن الشَّيْخ الامام تَقِيّ الدّين ابي بكر ابْن الشَّيْخ شهَاب الدّين احْمَد بن البقيرة الشهير بِابْن السوداني الْحَنَفِيّ مولده فِي سنة تسع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وَكَانَ خيرا دينا عفيفا توفّي فِي رَمَضَان سنة تسع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة القَاضِي نَاصِر الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن بدر الدّين مُحَمَّد بن السكاكيني الْغَزِّي الْحَنَفِيّ خَليفَة الحكم الْعَزِيز بالقدس الشريف كَانَ مُتَوَلِّيًا نِيَابَة الحكم فِي شهر ربيع الأول سنة ثَلَاث واربعين وَتُوفِّي بغزة فِي أَوَاخِر ذِي الْقعدَة سنة ارْبَعْ
واربعين وَثَمَانمِائَة وَكَانَ من اهل الْعلم وَالدّين حسن السمت والهيئة والشيبة شيخ الاسلام شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن قَاضِي الْقُضَاة شيخ الاسلام شمس الدّين ابي عبد الله مُحَمَّد بن عبد الله الديري الْعَبْسِي الْحَنَفِيّ مولده بالقدس الشريف فِي سادس عشر الْمحرم سنة سبعين وَسَبْعمائة واشتغل بالعلوم وبرع ودرس وَأفْتى وانتفع النَّاس بفتياه ودرس بِالْمَدْرَسَةِ المعظمية بالقدس وَسمع الحَدِيث على الشهَاب بن العلائي وَكَانَ كريم النَّفس قَلِيل الْحَظ من الدُّنْيَا قنوعا لين الْجَانِب شكلا حسنا فَارِسًا شجاعا توفّي فِي يَوْم السبت ثَالِث عشري جمادي الْآخِرَة سنة تسع وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا الى جَانب الشَّيْخ شهَاب الدّين بن أرسلان من جِهَة الْقبْلَة وَهُوَ وَالِد قَاضِي الْقُضَاة جمال الدّين الديري وأخيه قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين - الْآتِي ذكرهمَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى - القَاضِي شمس الدّين ابو عبد الله مُحَمَّد بن شمس الدّين مُحَمَّد بن غضية الْحَنَفِيّ كَانَ من فُقَهَاء الْحَنَفِيَّة وباشر نِيَابَة الحكم بالقدس عَن قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين ابْن خير الدّين الْحَنَفِيّ وَكَانَ مَوْجُودا قبل الْخمسين والثمانمائة قَاضِي الْقُضَاة الْعَلامَة شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن قَاضِي الْقُضَاة خير الدّين ابي الْمَوَاهِب خَلِيل بن عِيسَى الْحَنَفِيّ البايرتي الأَصْل ثمَّ الْمَقْدِسِي ولد بالقدس الشريف فِي شهور سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة أَخذ الْعلم عَن وَالِده وَجَمَاعَة وَله رِوَايَة فِي الحَدِيث وباشر الحكم فِي الْقُدس الشريف نِيَابَة عَن القَاضِي موفق الدّين قَاضِي الْعَسْكَر - الْمُتَقَدّم ذكره - ثمَّ ولي الْقَضَاء اسْتِقْلَالا وطالت مدَّته وَكَانَت نيفا واربعين سنة ودرس بِالْمَدْرَسَةِ المعظمية الْحَنَفِيَّة مشاركا لبني الديري وباشر الحكم بشهامة وَكَانَ لَهُ إقدام وشجاعة وَله هَيْبَة عِنْد النَّاس والحكام وَنفذ أمره حَتَّى تكلم فِي الأسعار فَكَانَ يطْلب اللحامين والخبازين وَغَيرهم من أَرْبَاب الْحَرْف وَيَأْمُرهُمْ بِبيع بضائعهم بِسعْر معِين فَلَا يسعهم مُخَالفَته وَاسْتمرّ على ذَلِك إِلَى ان صرف
عَن الْقَضَاء بقاضي الْقُضَاة تَاج الدّين الديري فِي حادي عشر الْمحرم سنة إِحْدَى وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَتُوفِّي مسموما فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ حادي عشر جمادي الأولى سنة خمس وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَدفن عِنْد وَالِده بماملا وَتُوفِّي قبله أَخُوهُ القَاضِي برهَان الدّين ابراهيم وَكَانَ من اهل الْفضل وباشر نِيَابَة الحكم عَن أَخِيه بالقدس وَكَانَت وَفَاته فِي شهور سنة ثَمَان وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَدفن عِنْد وَالِده القَاضِي أَمِين الدّين عبد الرَّحْمَن بن قَاضِي الْقُضَاة شيخ الاسلام شمس الدّين ابي عبد الله مُحَمَّد بن الديري الْحَنَفِيّ مولده قبل الْعشْرين والثمانمائة اشْتغل وَحصل الْعُلُوم وفَاق وَتقدم وَكَانَ مفرط الذكاء سريع الْحِفْظ بَاشر الْقَضَاء نِيَابَة عَن أَخِيه قَاضِي الْقُضَاة سعد الدّين بالديار المصرية وافتى ودرس بالمعظمية بالقدس الشريف ولي نظر الْحَرَمَيْنِ الْقُدس والخليل وَعين لَهُ كتب السِّرّ بِمصْر وَكَانَ ينظم الشّعْر وَسَار بِبَيْت الْمُقَدّس وَعظم أمره فِي دولة الْملك الظَّاهِر جقمق توفّي فِي لَيْلَة السبت المسفر صباحها عَن رَابِع ذِي الْحجَّة الْحَرَام سنة سِتّ وَخمسين وَثَمَانمِائَة مبطونا وفدن بماملا الى جَانب وَالِده وَهُوَ وَالِد شيخ الاسلام بدر الدّين الديري أحد عُلَمَاء الديار المصرية فسح الله فِي مدَّته ونفع بِعُلُومِهِ وَفِي أَيَّام ولَايَته - النّظر - أنعم السُّلْطَان الْملك الظَّاهِر جقمق على جهتي الوقفين المبرورين بِمِائَة وَعشْرين غرارة قَمح الْقيمَة عَنْهَا ثَلَاثَة آلَاف وسِتمِائَة دِينَار وَلما توفّي تجمد على الْوَقْف ثمن غلال فأنعم الْملك الظَّاهِر بتوفية الثّمن وَهُوَ أَرْبَعَة آلَاف وَسَبْعمائة دِينَار الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن محسن بن حسن اليمني الْهَاشِمِي الْحَنَفِيّ الْمَعْرُوف بخجا يمني شيخ الْمدرسَة الجوهرية بالقدس الشريف كَانَ رجلا خيرا وَله هَيْبَة وَكَانَ مَوْجُودا فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَتُوفِّي بعد ذَلِك بِيَسِير وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة
القَاضِي برهَان الدّين ابو اسحاق ابراهيم بن عَلَاء الدّين عَليّ الخزرجي الْحَنَفِيّ الْمَشْهُور بِابْن نسيبة مولده فِي سنة سِتّ وَسبعين وَسَبْعمائة كَانَ من أَعْيَان بَيت الْمُقَدّس وباشر نِيَابَة الحكم بالقدس الشريف عَن القَاضِي تَاج الدّين الديري الْحَنَفِيّ وَتُوفِّي فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا عِنْد الْقبَّة الكبكية وَمن غَرِيب الِاتِّفَاق وَفَاة اربعة بِبَيْت الْمُقَدّس مولدهم فِي سنة وَاحِدَة وَهِي سنة سِتّ وَسبعين وَسَبْعمائة ووفاتهم فِي سنة وَاحِدَة وَهِي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَثَمَانمِائَة وهم الشَّيْخ شمس الدّين القلقيلي وَالشَّيْخ شمس الدّين ابْن ابي عبد الله الخليلي وَالْقَاضِي شهَاب الدّين الصلتي الشَّافِعِي - وَتقدم ذكرهم - وَالْقَاضِي برهَان الدّين بن نسيبة القَاضِي شمس الدّين ابو الْفضل مُحَمَّد بن الشَّيْخ شهَاب الدّين ابي الْعَبَّاس أَحْمد ابْن الشَّيْخ جمال الدّين عبد الله الْحلَبِي الْحَنَفِيّ بَاشر نِيَابَة الحكم بالقدس الشريف عَن الشَّيْخ تَاج الدّين الديري فِي سنة أَربع وَخمسين وَثَمَانمِائَة ثمَّ بَاشر بعده النِّيَابَة القَاضِي عماد الدّين بن الشَّيْخ تَاج الدّين بن عبد الْوَهَّاب بن الأخرم النابلسي أحد خلفاء الحكم الْعَزِيز بالديار المصرية يَوْمئِذٍ وَكَانَت مُبَاشَرَته للقدس فِي سنة سِتّ وَخمسين وَثَمَانمِائَة الْعدْل نجم الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن بقيرة السوداني الْحَنَفِيّ كَانَ من فضلاء الْحَنَفِيَّة وأعيان الْعُدُول بالقدس الشريف توفّي يَوْم الثُّلَاثَاء سادس ربيع الأول سنة سِتّ وَخمسين وَثَمَانمِائَة وانقرض بِمَوْتِهِ بَيت السوداني القَاضِي زين الدّين عمر بن خَلِيل العميري الْحَنَفِيّ وَالِد شَيخنَا الْعَلامَة شهَاب الدّين العميري الشَّافِعِي - الْمُتَقَدّم ذكره - كَانَ يتَحَمَّل الشَّهَادَة عِنْد الْقُضَاة وباشر نِيَابَة الحكم بالقدس الشريف عَن قَاضِي الْقُضَاة تَاج الدّين الديري وَتُوفِّي قبل السِّتين والثمانمائة وَدفن بماملا بِالْقربِ من حوش البسطامية السَّيِّد الشريف بدر الدّين حسن بن حُسَيْن الْحُسَيْنِي الْحَنَفِيّ الشهير بخال إِمَام
الصَّخْرَة الشَّرِيفَة كَانَ رجلا خيرا من فُقَهَاء الْحَنَفِيَّة حسن الشكل منور الشيبة توفّي بعد السِّتين والثمانمائة الْعدْل برهَان الدّين ابراهيم بن اسحاق الكتبي العنابوسي الْحَنَفِيّ مولده فِي رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَكَانَ من أهل الْفضل وَمن أَعْيَان الْعُدُول وَيتَعَاطَى عُقُود الْأَنْكِحَة وَكَانَ رجلا خيرا توفّي فِي يَوْم الْجُمُعَة عشري الْمحرم سنة ارْبَعْ وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ الْعَالم الصَّالح شمس الدّين مُحَمَّد بن خضر الرُّومِي الْحَنَفِيّ كَانَ من أهل الْعلم وَالصَّلَاح اشْتغل عَلَيْهِ جمَاعَة وانتفعوا بِهِ وَكَانَ يتَصَدَّى للتدريس بِالْمَسْجِدِ الأقضى الشريف توفّي فِي سنة بضع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة بالقدس الشريف وَدفن بحوش البسطامية بماملا قَاضِي الْقُضَاة شيخ الاسلام ملك الْعلمَاء الْأَعْلَام سعد الدّين أَبُو السعادات سعد بن قَاضِي الْقُضَاة شيخ الاسلام شمس الدّين ابي عبد الله مُحَمَّد بن عبد الله الديري الْعَبْسِي الْحَنَفِيّ الامام الْعَلامَة والحبر الفهامة ومولده بالقدس الشريف فِي سَابِع عشر رَجَب سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة اشْتغل بِالْعلمِ الشريف وَتفرد بِعلم التَّفْسِير وَأخذ الحَدِيث عَن جمَاعَة ودرس وَأفْتى وَولي مشيخة المنجكية وتدريس المعظمية بالقدس ثمَّ استوطن مصر وانتهت اليه الرياسة بالديار المصرية وَاسْتقر فِي مشيخة الْمدرسَة المؤيدية بِبَاب زويلة بعد وَفَاة وَالِده ثمَّ ولي الْقَضَاء بالديار المصرية فِي خَامِس عشر الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ واربعين وَثَمَانمِائَة فِي ايام الْملك الْعَزِيز يُوسُف بن الْأَشْرَف بن برسباي بتسببب الْملك الظَّاهِر جقمق حِين كَانَ نظام الْملك ثمَّ لما اسْتَقر الظَّاهِر جقمق فِي السلطنة عظم أمره وعلت رتبته ونفذت كَلمته وَاسْتمرّ فِي الْقَضَاء نَحْو خمس وَعشْرين سنة إِلَى ايام الْملك الظَّاهِر خشقدم ثمَّ ضعف بَصَره وَطعن فِي السن وَصَارَ عمره نَحْو مائَة سنة فصرف عَن الْقَضَاء بِاخْتِيَارِهِ فِي شَوَّال سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وَولي عوضه قَاضِي الْقُضَاة محب الدّين
ابْن الشّحْنَة فَعظم ذَلِك على قَاضِي الْقُضَاة سعد الدّين وشق عَلَيْهِ ثمَّ توفّي بعدمدة يسيرَة وَكَانَت وَفَاته فِي لَيْلَة الْجُمُعَة عَاشر ربيع الآخر سنة سبع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن بتربة الْملك الظَّاهِر خشقدم وَكَانَ شكلا حسنا بهي المنظر منور الْوَجْه وَمن نظمه مَا كتبه لِابْنِ زَوْجَة ابي عذيبة المؤرخ فِي اجازة وَنَقله فِي تَرْجَمته فِي تَارِيخه يَا مقتدرا جلّ عَن الاشباه من لَيْسَ سواهُ آمُر وناهي الطف بعبدك الضَّعِيف الساهي سعد بن مُحَمَّد بن عبد الله وَسَأَلَهُ السُّلْطَان مرّة عَن سَبَب وُقُوع الطَّاعُون فَقَالَ لما خالفوا فِي وضع مَا هم عوقبوا بِأخذ مَا هم وَله لطائف كَثِيرَة وَأَخُوهُ قَاضِي الْقُضَاة برهَان الدّين ابو اسحاق ابراهيم بَاشر الْوَظَائِف السّنيَّة بِالْقَاهِرَةِ مِنْهَا نظر الاسطبل وَنظر الجيوش وَكِتَابَة السِّرّ وَلم تطل مدَّته فِيهَا وَولي قَضَاء الْقُضَاة بالديار المصرية فِي سنة سبعين وَثَمَانمِائَة وَأقَام سَبْعَة أشهر وَصرف وَاسْتقر فِي مشيخة المؤيدية وَاسْتمرّ بهَا إِلَى أَن توفّي فِي الْمحرم سنة سِتّ وَسبعين وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَكَانَ من الرؤساء الشَّيْخ الامام الْعَالم الْعَامِل الصَّالح سراج الدّين سراج بن مُسَافر بن زَكَرِيَّا ابْن يحيى بن اسلام بن يُوسُف الرُّومِي الْحَنَفِيّ عَالم الْحَنَفِيَّة بالقدس الشريف وسراج هُوَ نفس اسْمه وَيُسمى ايضا عوض وضيا وَلم يشْتَهر إِلَّا بالشيخ سراج بالروم وبهذه الْبِلَاد مولده فِي سنة خمس وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَقدم الى الْقُدس فِي سنة ثَمَان وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وأقرأ النَّاس الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة وَالتَّفْسِير وَكَانَ من أهل الْعلم وَالدّين والورع وَالصَّلَاح ولي مشيخة الْمدرسَة العثمانية بالقدس الشريف ثمَّ صرف عَنْهَا ياختياره لاطلاعه على شَرط الواقفة ان يكون الشَّيْخ أعلم زَمَانه فَقَالَ لست أَنا بِهَذِهِ الصّفة فتنزه عَنْهَا كَذَا أخْبرت وَهَذَا دَلِيل على كَمَال دينه
وورعه وَكَانَ حسن الشكل منور الشيبة شكله يدل على علمه وصلاحه وَمن تلامذته الْأَعْيَان من الْعلمَاء توفّي بعد أَذَان الظّهْر من يَوْم السبت حادي عشري رَجَب سنة خمس وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وَصلي عَلَيْهِ بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشريف وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة تغمده الله برحمته الشَّيْخ الامام الْعَالم الْمُحَقق شرف الدّين أَبُو الأسباط يَعْقُوب بن يُوسُف الرُّومِي الْحَنَفِيّ المتفنن فِي الْعُلُوم كَانَ من أكَابِر الْعلمَاء الْحَنَفِيَّة حَتَّى قيل فِي حَقه مَا تريدي زَمَانه ولي مشيخة الْمدرسَة القادرية بالقدس الشريف واشتغل عَلَيْهِ الطّلبَة وانتفعوا بِهِ وافتى ودرس وَمن تلامذت الْأَعْيَان المعتبرون وَكَانَ من أهل الْخَيْر وَالصَّلَاح وَله وجاهة وَهُوَ منجمع عَن النَّاس لَا يخالط ابناء الدُّنْيَا توفّي بِالْمَدْرَسَةِ القادرية فِي يَوْم الْخَمِيس تَاسِع صفر سنة تسع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة القَاضِي زين الدّين عبد اللَّطِيف بن شيخ الاسلام شمس الدّين أبي عبد الله مُحَمَّد بن قَاضِي الْقُضَاة شيخ الاسلام شمس الدّين أبي عبد الله مُحَمَّد بن قَاضِي الْقُضَاة شيخ الاسلام كَمَال الدّين بن عبد الله مُحَمَّد الديري الْحَنَفِيّ كَانَ من أَعْيَان الْعُدُول بالقدس الشريف وباشر نِيَابَة الحكم بِهِ عَن ابْن عَمه قَاضِي الْقُضَاة تَاج الدّين الديري توفّي فِي شهرو سنة سبعين وَثَمَانمِائَة وَله ارْبَعْ وَسَبْعُونَ سنة وَدفن بماملا وَولده الشَّيْخ شرف الدّين يُونُس كَانَ من الْفُضَلَاء وَكَانَ مَوْجُودا فِي حُدُود السِّتين والثمنمائة توفّي قبل وَالِده وَولده الثَّانِي الْعدْل زين الدّين عبد الْقَادِر كَانَ رجلا خيرا متواضعا احترف بِالشَّهَادَةِ دهرا طَويلا لم يضْبط عَلَيْهِ مَا يشينه توفّي فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ خَامِس رَمَضَان سنة خمس وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا الشَّيْخ الامام الْعَلامَة الْمقري الْمُحدث شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن مُوسَى ابْن عمرَان الغزى ثمَّ الْمَقْدِسِي الْحَنَفِيّ شَيخنَا بركَة الْوُجُود والعباد وَشَيخ الْقُرَّاء بالقدس الشريف وبجميع الْبِلَاد مولده فِي لَيْلَة سادس عشر شعْبَان سنة
ارْبَعْ وَتِسْعين وَسَبْعمائة بغزة سمع الحَدِيث عَليّ الْحَافِظ شمس الدّين الْجَزرِي وَأخذ عَنهُ علم القرآت وَأَجَازَهُ وَلبس مِنْهُ خرقَة التصوف وَكَانَ رجلا صَالحا ملازما لاقراء الْقُرْآن انْتفع بِهِ النَّاس وَتخرج عَلَيْهِ جمَاعَة وَعرف هَذَا الْفَنّ معرفَة جَيِّدَة وَكَانَ خيرا قنوعا طارحا للتكلف وَلم يكن بَقِي فِي الْقُدس شيخ متقن لفن الْقِرَاءَة سواهُ وَقد سَمِعت عَلَيْهِ صَحِيح البُخَارِيّ بِقِرَاءَة القَاضِي شهَاب الدّين بن عبيد الشَّافِعِي فِي سنة إِحْدَى وَسبعين وَثَمَانمِائَة وأجازني بروايته وبرواية غَيره من الاحاديث العشارية والمسلسل بالأولية والمصافحة والتشبيك وَوضع الْيَد على الْكَتف وَاسْتشْهدَ بِاللَّه واشهد لله واني أحبك ومسلسل سُورَة الصَّفّ وَقِرَاءَة الْقُرْآن الْعَظِيم على الْمَشَايِخ وَلبس الْخِرْقَة القادرية والأحمدية والرفاعية والسهر وردية والصحبة وَمَا يجوز لَهُ وَعنهُ رِوَايَته وَكَانَ شَيخا بهي المنظر منور الشيبة توفّي فِي يَوْم الْأَحَد قبيل الْعَصْر الْخَامِس من شهر رَمَضَان الْمُعظم سنة ثَلَاث وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَدفن من الْغَد بمقبرة ماملا الشَّيْخ ابراهيم بن مُحَمَّد بن مبارك السبرتي الْحَنَفِيّ شيخ الْفُقَرَاء السطوحية بالقدس الشريف كَانَ لَهُ مُشَاركَة فِي فقه الْحَنَفِيَّة واستحصار فِيهِ وَعِنْده مُرُوءَة وَقيام مَعَ أَصْحَابه توفّي فِي شهر صفر سنة خمس وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا وَكَانَت جنَازَته حافلة الامام شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن الْحَافِظ الْقدْوَة حسام الدّين ابي مُحَمَّد الْحُسَيْن الْمَشْهُور بِابْن حَافظ الْحَنَفِيّ إِمَام الصَّخْرَة الشَّرِيفَة كَانَ من أهل الْفضل حسن الشكل منور الشيبة ولي نصف إِمَامَة الصَّخْرَة الشَّرِيفَة مشاركا لِأَخِيهِ وباشرها دهرا طَويلا إِلَى أَن توفّي فِي يَوْم الْأَحَد ثَالِث عشري الْمحرم يَوْم دُخُول الْحجَّاج الى الْقُدس الشريف فِي سنة خمس وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا وَاسْتقر أَخُوهُ الامام شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد فِي نصف الامامة عوضا
عَنهُ مُضَافا لما بِيَدِهِ من النّصْف وَكَانَ رجلا خيرا سَاكِنا قَلِيل الْكَلَام فِيمَا لَا يعنيه توفّي فِي شهر ذِي الْقعدَة سنة سِتّ وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَدفن عِنْد اخيه وَكَانَ والدهما إِمَام الصَّخْرَة الشَّرِيفَة قبلهمَا وَكَانَ مَوْجُودا فِي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَثَمَانمِائَة وَالظَّاهِر ان وَفَاته بعد ذَلِك بِقَلِيل وَالله أعلم الشَّيْخ الْفَاضِل أَبُو يزِيد العجمي الْحَنَفِيّ كَانَ من أهل الْفضل خُصُوصا فِي الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة وَله مُشَاركَة جَيِّدَة وَكَانَ رجلا صَالحا الْغَالِب عَلَيْهِ التغفل توفّي فِي شهور سنة سبع وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة القَاضِي نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن تَقِيّ الدّين ابي بكر بن الْعلم الْحَنَفِيّ الْمَشْهُور بسبط قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين الديري كَانَ أَمِيرا حاجبا بالقدس الشريف ثمَّ ترك الأمرة وتخلق بأخلاق الْفُقَهَاء وَحفظ كتاب الْكَنْز فِي فقه مَذْهَب الامام ابي حنيفَة رضي الله عنه وتنقلت بِهِ الْأَحْوَال الى ان اسْتَخْلَفَهُ خَاله قَاضِي الْقُضَاة سعدالدين الديري فِي الحكم بالديار المصرية ثمَّ بَاشر نِيَابَة الحكم بالقدس عَن وَالِده قَاضِي الْقُضَاة تَاج الدّين وبالرملة عَن قَاضِي الْقُضَاة جمال الدّين الديري وَكَانَ لَهُ شهامة ومروءة توفّي فِي شهور سنة سبع وَسبعين وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ الْعَلامَة زين الدّين عبد الرَّحِيم بن النَّقِيب الْحَنَفِيّ شيخ الْمدرسَة التنكزية كَانَ من الْفُضَلَاء الْمَشْهُورين كَانَ يُفْتِي ويدرس بِبَيْت الْمُقَدّس أثنى على علمه وفهمه الْحَافِظ تَاج الدّين الغرابيلي وَغَيره توفّي فِي سنة ثَلَاث وَخمسين وَثَمَانمِائَة عَن نَيف وَخمسين سنة وَولده الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد الْمَشْهُور بالعجمي اسْتَقر فِي مشيخة التنكزية مشاركا لغيره وَكَانَ شكلا حسنا كثير التودد للنَّاس لين الْجَانِب توفّي فِي شهر شَوَّال سنة سبع وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا وَولده الشَّيْخ الْفَاضِل زين الدّين عبد الرَّحِيم اشْتغل فِي حَيَاة وَالِده وَحفظ مجمع الْبَحْرين وَولي مَا كَانَ بيد وَالِده من مشيخة التنكزية بعد وَفَاته ودرس
الشَّافِعِي فِي وَظِيفَة قَضَاء الشَّافِعِيَّة بالقدس الشريف والرملة ونابلس عوضا عَن القَاضِي محيي الدّين بن جِبْرِيل بن الْغَزِّي والبس التشريف من حَضَره السُّلْطَان فِي ثامن صفر وَدخل الى الْقُدس الشريف فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ سَابِع ربيع الأول وَقُرِئَ توقيعه بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى فِي يَوْم الْجُمُعَة حادي عشر ربيع الأول وَفِي يَوْم الاحد رَابِع ربيع الاخر دخل الْأَمِير جانم نَائِب مَدِينَة الْقُدس اليها بخلعة السُّلْطَان وأوقد لَهُ السُّوق وَكَانَ يَوْمًا حافلا وَقُرِئَ توقيعه فِي يَوْم الْجُمُعَة تَاسِع الشَّهْر بِحُضُور نَاظر الْحَرَمَيْنِ الشريفين وَشَيخ الصلاحية والقضاة وَهُوَ مؤرخ فِي ثَانِي الْمحرم وفيهَا فِي نَهَار الاحد خَامِس عشري ربيع الآخر ورد مِثَال القَاضِي زين الدّين ابْن مزهر كَاتب السِّرّ الشريف إِلَى نَاظر الْحَرَمَيْنِ الْأَمِير نَاصِر الدّين النشاشيبي بِمَنْع القَاضِي زين الدّين عبد الباسط الْحَنْبَلِيّ من تعَاطِي الْحُكَّام الشَّرْعِيَّة فَخَالف أمره وَاسْتمرّ يحكم اياما فَأنْكر عَلَيْهِ ذك فَامْتنعَ من الحكم وَاسْتمرّ معزولا الى ان تشفع بناظر الْحَرَمَيْنِ وَالْقَاضِي فَخر الدّين ابْن نسيبة وَكتب لَهُ توقيع شرِيف بالاستمرار وَوصل اليه فِي شهر شَوَّال وفيهَا فِي الْعشْرين من شهر رَجَب دخلت عين العروب الى الْقُدس الشريف وخلع الامير قانصوه اليحياوي على المعلمين وزينت الْمَدِينَة ثَلَاثَة أَيَّام وَكتب الامير قانصوه محَاضِر وعلهيا خطوط الاعيان لتعرض على المسامع الشَّرِيفَة وجهزها على يَد وَلَده الشهابي احْمَد ودواداره وَكَانَت مُدَّة عمارتها خَمْسَة أشهر وخمشة عشر يَوْمًا وَقد انفق السُّلْطَان فِي عمارتها مبلغا كَبِيرا وفيهَا فِي شهر شَوَّال قدم شيخ الاسلام الكمالي من الْقَاهِرَة المحروسة الى الْقُدس الشريف لقصد الزِّيَارَة بعد غيبته عَنهُ من سنة إدى وَثَمَانِينَ - كَمَا تقدم ذكر ذَلِك - ثمَّ دخلت سنة تسع وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة فِي
بهَا وَحضر مَعَه فِي يَوْم جُلُوسه التدريس شيخ الاسلام الكمالي بالقدس الشريف ويغره وَكَانَ يَوْمًا حافلا فِي شهر شَوَّال سنة ة سبع وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا قَاضِي الْقُضَاة جمال الدّين أَبُو الْعَزْم عبد الله بن شيخ الاسلام شمس الدّين اببي عبد الله مُحَمَّد بن قَاضِي الْقُضَاة شيخ الاسلام كَمَال الدّين أبي عبد الله مُحَمَّد الديري الْعَبْسِي الْحَنَفِيّ مولده فِي سنة خمس وَثَمَانمِائَة وَكَانَ من ذَوي المروءآت وَله حشمة وشهامة ولي قَضَاء الْقُدس الشريف والرملة فِي سنة سبع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة ثمَّ اضيف اليه قَضَاء بلد الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة السَّلَام وَهُوَ أول من ولي قَضَاء الْخَلِيل من الْحَنَفِيَّة وَوَقع التشاجر بَينه وَبَين قَاضِي الْقُضَاة نَاصِر الدّين هبة الله مُحَمَّد بن قَاضِي الْقُضَاة تَاج الدّين الديري وَشرع كل مِنْهُمَا يسْعَى على الآخر والوظيفة بَينهمَا دولا ثمَّ اسْتَقر الْأَمر آخرا للْقَاضِي جمال الدّين وَاسْتمرّ فِي المنصب الى أَن عزل فِي سنة خمس وَسبعين وَثَمَانمِائَة ثمَّ اسْتَقر بعده فِي الْوَظِيفَة قَاضِي الْقُضَاة خير الدّين بن عمرَان فِي صفر سنة سِتّ وَسبعين وَاسْتمرّ نَحْو سنتَيْن ثمَّ توجه القَاضِي جمال الدّين إِلَى الْقَاهِرَة فِي ذِي الْحجَّة سنة سبع وَسبعين وَولي الْقَضَاء فِي سَابِع ربيع الأول سنة ثَمَان وَسبعين وَهِي ولَايَته الرَّابِعَة والبس التشريف بقلعة الْجَبَل المنصورة من حَضْرَة الْملك الْأَشْرَف قايتباي وَعَاد إِلَى الْقُدس الشريف فَلَمَّا وصل الى الرملة حصل لَهُ توعك فَلم يسْتَطع ركُوب الْفرس فَحمل فِي محفة الى الْقُدس وَنزل بقصر ابْن عَمه الشَّيْخ تَاج الدّين الديري عِنْد خَان الظَّاهِر وَدخل الى الْقُدس الشريف صَبِيحَة يَوْم الْخَمِيس ثامن شهر ربيع الآخر وَركب النَّاس للقائه من الْقُضَاة والأعيان وناظر الْحَرَمَيْنِ الْأَمِير نَاصِر الدّين النشاشيبي ونائب السلطنة الْأَمِير جقمق وَركب لَهُ شيخ الاسلام الكمالي ابْن ابي شرِيف لكنه لم يدْخل مَعَه فِي الموكب وَإِنَّمَا سلم عَلَيْهِ بِالْقصرِ وَانْصَرف زينت لَهُ الاسواق واوقدت وَكَانَ يَوْمًا مشهودا والبس التشريف من الْقصر وَركب وَهُوَ منزعج من التوعك
الْحَاصِل لَهُ وَبَقِي فِي الموكب وَهُوَ لَا يَسْتَطِيع التثبت على الْفرس لشدَّة الضعْف وَلَقَد شاهدته فِي تِلْكَ الْهَيْئَة فخطر لي ان سَكَرَات الْمَوْت لائحة عَلَيْهِ فَلَمَّا دخل منزله اشْتَدَّ بِهِ الْأَلَم وَلم يقدر انه حكم حكما وَلَا جلس فِي مجْلِس الحكم وَاسْتمرّ اربعة عشر يَوْمًا وَتُوفِّي فِي صَبِيحَة يَوْم الاربعاء حادي عشري ربيع الآخر سنة ثَمَان وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَقد بلغ من الْعُمر نَحْو ارْبَعْ وَسبعين سنة وَدفن بِجَانِب وَالِده بماملا عِنْد الشَّيْخ شهَاب الدّين بن أرسلان الشَّيْخ الْعَلامَة جمال الدّين بن شرف الدّين الرُّومِي الْحَنَفِيّ كَذَا كَانَ يكْتب بِخَطِّهِ اسْمه وَاسم ابيه وَهُوَ أَبُو المحاسن يُوسُف كَانَ من أهل الْفضل ولي مشيخة الْمدرسَة العثمانية بعد الشَّيْخ سراج الدّين - الْمُتَقَدّم ذكره - وَكَانَ يكْتب على الْفَتْوَى عبارَة حَسَنَة مَعَ كَونه روميا وَمن الْعجب أَنه كَانَ يَأْتِي اليه السُّؤَال فَلَا يحسن قِرَاءَته بِالْعَرَبِيَّةِ فَيَقُول لمن يَأْتِي بِهِ أَو غَيره اعلمني بِمَعْنى هَذَا السُّؤَال فيذكر لَهُ مَعْنَاهُ فَيكْتب عَلَيْهِ بِعِبَارَة وَاضِحَة مُطَابقَة للْحَال فِي غَايَة الْحسن توفّي فِي الْمحرم سنة ثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة الْفَقِيه شمس الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن غضية الْمقري الْحَنَفِيّ الْمُؤَذّن كَانَ وَالِده من أهل الْفضل بَاشر نِيَابَة الحكم بالقدس الشريف وَتقدم ذكره وَكَانَ هُوَ رجلا خيرا سَاكِنا يحفظ الْقُرْآن وَيُؤذن بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ويؤدب الْأَطْفَال بالجوهرية وَالنَّاس سَالِمُونَ من يَده وَلسَانه وَكَانَ لَهُ ولد اسْمه مُحَمَّد توفّي قبله فِي سنة خمس وَسبعين وَتقدم ذكره مَعَ الْفُقَهَاء الشَّافِعِيَّة فَصَبر واحتسب وَتُوفِّي فِي سنة ثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة الشَّيْخ الْعَلامَة شهَاب الدّين ابو الْعَبَّاس أَحْمد بن الشَّيْخ الْقدْوَة تَقِيّ الدّين ابي بكر بن ابي الوفا الْحُسَيْنِي الْحَنَفِيّ شيخ الوفائية بالقدس الشريف وَتقدم ذكر أسلافه مَعَ فُقَهَاء الشَّافِعِيَّة كَانَ الشَّيْخ شهَاب الدّين أَولا على مَذْهَب الشَّافِعِي
وَتُوفِّي وَالِده وَهُوَ صَغِير فَنَشَأَ بعده وانتقل إِلَى مَذْهَب أبي حنيفَة وَكَانَ لَهُ ذكاء مفرط ينظم الشّعْر الْحسن وَكَانَ حسن الشكل طيب النغمة فِي الذّكر توجه إِلَى بِلَاد الرّوم فِي شَوَّال سنة ثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَاجْتمعَ بالشيخ شهَاب الدّين الكوراني وأركان دولة السُّلْطَان ابْن عُثْمَان فَأَقْبَلُوا عَلَيْهِ وأعلموا بِهِ السُّلْطَان فَأحْسن اليه إحسانا بليغا ثمَّ اجْتمع بالسلطان فَأكْرمه وَبَالغ فِي تَعْظِيمه ورتب لَهُ مَا يقوم بكفايته وَاجْتمعَ النَّاس عَلَيْهِ وانتظم لَهُ الْحَال وَتعين فِي بِلَاد الرّوم وَصَارَ لَهُم فِيهِ إعتقاد وَاسْتمرّ على ذَلِك إِلَى أَن توفّي فِي شهر شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة بِمَدِينَة اسطنبول وَهِي الْقُسْطَنْطِينِيَّة الشَّيْخ الامام الْعَلامَة عَلَاء الدّين أَبُو الْحسن عَليّ بن قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين أبي بكر بن عِيسَى بن الرصاص الْحَنَفِيّ مولده فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَكَانَ من أهل الْعلم وَيكْتب خطا حسنا افتى ودرس وَأخذ عَنهُ الطّلبَة وَكَانَ منجمعا عَن النَّاس وَكتب الْكثير بِخَطِّهِ من فقه وَتَفْسِير وَكَانَ يتجمل بالملبوس الْحسن وَيُقِيم نظامه على طَريقَة الرؤساء مَعَ قلَّة مَاله توفّي بالقدس الشريف فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ سادس عشر شهر رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة بَين الظّهْر وَالْعصر وَدفن بماملا بعد صَلَاة الظّهْر من يَوْم الثُّلَاثَاء سَابِع عشر الشَّهْر الْمَذْكُور الشَّيْخ عَليّ بن مُحَمَّد الْمَشْهُور بقرًا عَليّ العجمي الْحَنَفِيّ كَانَ رجلا مُبَارَكًا منور الشيبة وَعِنْده سُكُون اشْتغل بِالْعلمِ على نَاصِر الدّين مُحَمَّد شاه بن الفنري وَكَانَ شيخ الْمدرسَة الفنرية الكائنة علو رواق بَاب الأسباط بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى حج إِلَى بَيت الله الْحَرَام فِي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة فَقضى مَنَاسِكه وَفرغ من الْحَج وَتُوفِّي بِمَكَّة المشرفة فِي شهر ذِي الْحجَّة من السّنة الْمَذْكُورَة وَدفن بِبَاب المعلاة الشَّيْخ شُجَاع الدّين الياس بن عمرَان الرُّومِي الْحَنَفِيّ كَانَ من أهل الْفضل فِي مذْهبه وَهُوَ رجل خير متواضع سليم الْفطْرَة لَا يعرف شَيْئا من احوال النَّاس بَاشر نِيَابَة الْقَضَاء بالقدس الشريف عَن قَاضِي الْقُضَاة خير الدّين بن عمرَان فِي سنة
سبع وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَلم يتصد لتعاطي الْأَحْكَام وَإِنَّمَا اثْبتْ لبس مستندات شَرْعِيَّة تزوج ابْنة الشَّيْخ الْعَلامَة سراج الدّين الْحَنَفِيّ - الْمُتَقَدّم ذكره - ورزق مِنْهَا ولدا يُسمى شهَاب الدّين أَحْمد ففضل الْوَلَد وتميز وَصَارَ من أَعْيَان الْفُقَهَاء الْحَنَفِيَّة وَتُوفِّي فِي حَيَاة وَالِده بالطاعون فِي شهر ذِي الْحجَّة سنة ثَلَاث وَسبعين وَثَمَانمِائَة فَوجدَ عَلَيْهِ وَالِده وتأسف النَّاس عَلَيْهِ وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة وَعمر وَالِده بعده مُدَّة وَتُوفِّي فِي لَيْلَة السبت حادي عشر شَوَّال سنة ارْبَعْ وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن عِنْد وَلَده بِبَاب الرَّحْمَة الشَّيْخ الْمقري شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن عبد اللَّطِيف الْحَنَفِيّ كَانَ من فُقَهَاء الْحَنَفِيَّة وَرَئِيس الْقُرَّاء بالقدس الشريف وَهُوَ رجل خير عِنْده تواضع ولين جَانب ومحبة لأَصْحَابه وَكَانَ يرقى للخطيب يَوْم الْجُمُعَة وَله وجاهة عِنْد النَّاس والأكابر توفّي فِي يَوْم الثُّلَاثَاء الْعشْرين من شعْبَان سنة خمس وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة عَن ثَلَاث وَثَمَانِينَ سنة وَدفن بماملا الشَّيْخ الامام الْعَالم الْعَلامَة نَاصِر الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حبشِي الْحَنَفِيّ الْمَشْهُور بِابْن الشنتير مفتي الْحَنَفِيَّة بالقدس أَخذ الْعلم عَن الشَّيْخ نَاصِر الدّين الاياسي الْغَزِّي وَفضل وتميز وَصَارَ من أَعْيَان بَيت الْمُقَدّس أفتى ودرس وانتفع بِهِ الطّلبَة وَكَانَ عِنْده سُكُون قَلِيل الْكَلَام فِيمَا لَا يعنيه وَعِنْده تواضع توجه إِلَى الْحجاز الشريف فِي الْبَحْر فَلَمَّا وصل إِلَى جدة وَقع عَن الْجمل فَكسر فَخذه وَطَاف للقدوم مَحْمُولا وَتُوفِّي بِمَكَّة قبل الْحَج وَدفن بالمعلاة فِي ذِي الْقعدَة سنة خمس وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَأَخُوهُ الشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد كَانَ من أهل الْقُرْآن ويلبس ملبوس الاتراك وَكَانَ حسن الْقِرَاءَة طيب النغمة فِيهَا اسْتَقر إِمَامًا عِنْد الْأَمِير قراجا بِدِمَشْق ثمَّ عَاد إِلَى بَيت الْمُقَدّس بعد السّبْعين والثمانمائة وَلما توفّي شهَاب الدّين أَحْمد بن حَافظ إِمَام الصَّخْرَة الشَّرِيفَة قَرَّرَهُ نَاظر الْحَرَمَيْنِ
الْأَمِير نَاصِر الدّين بن النشاشيبي فِي نصف وَظِيفَة إِمَامَة الصَّخْرَة الشَّرِيفَة مشاركا للْقَاضِي خير الدّين بن عمرَان فَلم يتم ذَلِك وَأخذت الْوَظِيفَة مِنْهُمَا بِأَمْر السُّلْطَان الشَّيْخ سعد الله الْحَنَفِيّ ثمَّ توجه إِلَى الْقَاهِرَة فَأَدْرَكته الْمنية بهَا فِي سنة ثَمَان وَسبعين وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد الْمَشْهُور بِابْن الصَّائِغ الصُّوفِي الْحَنَفِيّ من أهل قلعة الرّوم كَانَ من أهل الدّين وَالصَّلَاح وَعِنْده فضل وَهُوَ خير متواضع منجمع عَن النَّاس منور الشيبة عَلَيْهِ ابهة الصَّالِحين وَكَانَ يعرف بخليفة الاردبيلي نِسْبَة لشيخه الشَّيْخ عَليّ الاردبيلي المدفون بِبَاب الرَّحْمَة توفّي فِي شهور سنة خمس وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة الشَّيْخ الْفَاضِل شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن جمال الدّين يُوسُف الشهير بِابْن جمال الْأَشْقَر الْحَنَفِيّ اشْتغل ودأب وَحصل وَفضل فِي مَذْهَب الامام ابي حنيفَة رضي الله عنه وسافر إِلَى دمشق وَأذن لَهُ الشَّيْخ نور الدّين عبد الرَّحْمَن بن الْعَيْنِيّ عَالم دمشق بالافتاء وَأذن لَهُ قَاضِي الْقُضَاة خير الدّين بن عمرَان بالقدس الشريف توفّي فِي شهر ربيع الأول سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة بالقدس الشريف وَدفن بماملا وَتُوفِّي وَالِده الشَّيْخ جمال الدّين يُوسُف بعده فِي سنة نَيف وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَكَانَ رجلا خيرا أُصِيب بولده - الْمَذْكُور - فَصَبر الشَّيْخ الْعَلامَة سعد الدّين سعد الله بن حُسَيْن الْفَارِسِي الْحَنَفِيّ شيخ الْقُرَّاء اشْتغل ببلاده وَحفظ الْقُرْآن وأتقنه بالروايات وَكَانَ على مَذْهَب الامام الشَّافِعِي رضي الله عنه وأخبرت أَنه كَانَ قبل ذَلِك على مَذْهَب الامام أَحْمد رضي الله عنه قدم من بِلَاده إِلَى دمشق وَهُوَ على مَذْهَب الامام الشَّافِعِي فِي سنة نَيف وَخمسين وَثَمَانمِائَة ثمَّ انْتقل إِلَى مَذْهَب الامام الْأَعْظَم ابي حنيفَة رضي الله عنه وَفضل فِيهِ وباشر نِيَابَة الحكم بِدِمَشْق وَكَانَ لَهُ حُرْمَة فِي مُبَاشَرَته ثمَّ قدم بَيت الْمُقَدّس فِي سنة سبع وَسبعين وَتوجه إِلَى الْقَاهِرَة وَاجْتمعَ بالسلطان فَأكْرمه وَقَررهُ فِي إِمَامَة
الصَّخْرَة الشَّرِيفَة والبسه خلعة وَدخل إِلَى الْقُدس فِي أَوَاخِر ذِي الْحجَّة سنة سبع وَسبعين صُحْبَة قَاصِدا ابْن عُثْمَان ملك الرّوم وَكَانَ يَوْمًا حافلا وتصدر بالصخرة الشَّرِيفَة لاشتغال الطّلبَة والتدريس وَالْفَتْوَى وانتفع بِهِ جمَاعَة من فُقَهَاء الْحَنَفِيَّة وَاسْتمرّ على ذَلِك إِلَى أَن توفّي فِي أَوَائِل جمادي الأولى سنة تسعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا الْفَقِيه عَلَاء الدّين عَليّ بن عبد الله بن مُحَمَّد الْغَزِّي الْمقري الْحَنَفِيّ الْمَعْرُوف بِابْن قَامُوا شَيخنَا ذكر أَنه لما نزل الْأَشْرَف برسباي إِلَى آمد سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة كَانَ مراهقا حفظ الْقُرْآن الْعَظِيم وتلى بالسبع على شَيخنَا الْعَلامَة شمس الدّين بن عمرَان وَغَيره وَأقَام بِبَيْت الْمُقَدّس دهرا وأدب بِهِ الْأَطْفَال وَسمع الحَدِيث وأقرأ الْقُرْآن وَكَانَ جيد الْحِفْظ لَهُ سريع الْقِرَاءَة وَقد قَرَأت عَلَيْهِ الْقُرْآن - ولي نَحْو عشر سِنِين - بمكتب بَاب الناظرة فأقرأني من سُورَة الْأَنْبِيَاء الى الْفَاتِحَة ثمَّ كررت ختم الْقُرْآن عَلَيْهِ مَرَّات كَثِيرَة وقرأت بعضه عَلَيْهِ بِرِوَايَة عَاصِم وأحضرني مجْلِس شَيخنَا ابْن عمرَان لسَمَاع الحَدِيث واعتنى بتحصيل الاجازة لي مِنْهُ توفّي فِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثَانِي عشر ذِي الْحجَّة سنة تسعين وَثَمَانمِائَة بالقدس الشريف القَاضِي زين الدّين مَحْمُود بن بدر الدّين حسن بن الدويك الْحَنَفِيّ الفرضي كَانَ من أَعْيَان المباشرين على أوقاف الْمَسْجِد الْأَقْصَى الشريف وَله يَد طولى فِي علم الْفَرَائِض والحساب وسافر من الْقُدس إِلَى جِهَة بِلَاد الْهِنْد حَتَّى وصل إِلَى بِلَاد الشعشاع وطالت غيبته ثمَّ قدم الى الْقُدس الشريف بعد السّبْعين والثمانمائة وباشر على الْأَوْقَاف على عَادَته وَكَانَ لَهُ وجاهة عِنْد الْأَمِير نَاصِر الدّين النشاشيبي نَاظر الْحَرَمَيْنِ وَكَانَ رجلا خيرا كثير التَّوَاضُع لين الْجَانِب توفّي فِي خَامِس عشر الْمحرم سنة احدى وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بمقابر الشُّهَدَاء الشَّيْخ خير الدّين خضر بن اسماعيل الرُّومِي القرماني الْحَنَفِيّ كَانَ رجلا مُبَارَكًا يحفظ الْقُرْآن وَكَانَ يصنع المسابح بِيَدِهِ وَهُوَ منجمع عَن النَّاس توفّي
فِي سنة نَيف وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة قَاضِي الْقُضَاة شيخ الشُّيُوخ تَاج الدّين سعد بن قَاضِي الْقُضَاة شيخ الاسلام شمس الدّين ابي عبد الله مُحَمَّد بن الديري الْعَبْسِي الْحَنَفِيّ وَتقدم ذكر وَالِده وجده ولد فِي ثَانِي عشر ربيع الأول سنة خمس وَتِسْعين وَسَبْعمائة بالقدس الشريف وَنَشَأ بِهِ وَحفظ الْقُرْآن وَسمع الحَدِيث واشتغل بِالْعلمِ على وَالِده وجده وَفضل وتميز وانتهت اليه الرياسة بالقدس الشريف ودرس بالمعظمية نِيَابَة عَن وَالِده وناب عَنهُ فِي الْقَضَاء بالديار المصرية ثمَّ ولي قَضَاء الْحَنَفِيَّة بالقدس الشريف فِي الْمحرم سنة أحدى وَخمسين وَثَمَانمِائَة عوضا عَن قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين بن خير الدّين الْحَنَفِيّ ودرس بِالْمَدْرَسَةِ المعظمية الْحَنَفِيَّة اسْتِقْلَالا ونفذت كَلمته وَعظم أمره بِاعْتِبَار وَالِده وَعمر عمَارَة هائلة بِظَاهِر الْقُدس بِأَرْض كرمه عِنْد خَان الظَّاهِر مصرفها يقرب من عشرَة آلَاف دِينَار وَاسْتمرّ إِلَى سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة ثمَّ تنزه عَن الْقَضَاء وَتوجه إِلَى الْقَاهِرَة وفوض اليه وَالِده مشيخة المؤيدية وَاسْتقر وَلَده قَاضِي الْقُضَاة نَاصِر الدّين هبة الله فِي قَضَاء الْقُدس الشريف فَلَمَّا توفّي وَالِده قَاضِي الْقُضَاة سعد الدّين فِي سنة سبع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة نزل عَن المؤيدية لِعَمِّهِ برهَان الدّين واستوطن الْقُدس ثمَّ سَافر إِلَى الْقَاهِرَة وَاسْتقر فِي مشيخة المؤيدية فِي سنة ثَمَان وَسبعين وَشرع يتَرَدَّد من الْقَاهِرَة إِلَى الْقُدس ذَهَابًا وإيابا الى ان نفد جَمِيع مَا مَعَه من المَال وَصَارَ فَقِيرا ثمَّ حضر الى الْقُدس الشريف فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَنزل بعمارته الَّتِي بكرمه عِنْد خَان الْملك الظَّاهِر بيبرس وَأقَام بهَا مُدَّة يسيرَة ثمَّ قصد التَّوَجُّه الى الْقَاهِرَة فوصل الى مَدِينَة غَزَّة فَأَدْرَكته الْمنية بهَا فِي يَوْم الْجُمُعَة سادس شهر شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة بالجامع الجاولي وَدفن بتربة هُنَاكَ بجوار الْجَامِع وَقد تلاشت احوال عِمَارَته الَّتِي بِظَاهِر الْقُدس وَخرب عاليها فِي هَذِه الْمدَّة الْيَسِيرَة الَّتِي هِيَ دون تسع سِنِين بعد وَفَاته وَصَارَت من المهملات بعد مَا كَانَ فِيهَا
من الْعِزّ وَالْوَقار مَا لَا يُمكن شَرحه وَكَانَ الْقيَاس يَقْتَضِي أَنه اذا توفّي صَاحبهَا وَمضى عَلَيْهِ أزمنة ودهور لَا يؤول أمرهَا الى هَذَا التلاشي الْفَاحِش فِي هَذِه الْمدَّة الْيَسِيرَة فسبحان الْقَادِر على مَا يَشَاء والمتصرف فِي عباده بِمَا يُرِيد قَاضِي الْقُضَاة الامام الْعَلامَة خير الدّين أَبُو الْخَيْر مُحَمَّد بن الشَّيْخ الامام الْمقري الْمُحدث شمس الدّين أبي عبد الله مُحَمَّد بن عمرَان الْغَزِّي الأَصْل ثمَّ الْمَقْدِسِي الْحَنَفِيّ ولد بغزة فِي لَيْلَة الْعشْر من شهر رَمَضَان سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة قَرَأَ الْقُرْآن بالروايات على وَالِده واجازه وسافر الى الديار المصرية واشتغل من ابْتِدَاء أمره ودأب وَحصل وتفقه بِالْقَاهِرَةِ على الشَّيْخ قَاسم الْحَنَفِيّ واذن لَهُ بالافتاء والتدريس وَلَقي الْعلمَاء وَأخذ عَن جمَاعَة الْفِقْه والْحَدِيث وبرع فِي مَذْهَب الامام الْأَعْظَم ابي حنيفَة رضي الله عنه وتميز وَصَارَ من الْأَعْيَان المعتبرين ولي قَضَاء الْحَنَفِيَّة بالقدس الشريف عوضا عَن قَاضِي الْقُضَاة جمال الدّين الديري وَكَانَت ولَايَته فِي يَوْم ولَايَة شيخ الاسلام الكمالي ابْن ابي شرِيف مشيخة الصلاحية وَالْقَاضِي شهَاب الدّين بن عبيد قَضَاء الشَّافِعِيَّة وخلع على الثَّلَاثَة بِحَضْرَة السُّلْطَان بالحوش وَكنت حَاضرا ذَلِك الْمجْلس فِي صَبِيحَة يَوْم السبت فِي شهر صفر سنة سِتّ وَسبعين وَثَمَانمِائَة وسافروا جَمِيعًا من الْقَاهِرَة ودخلوا الى الْقُدس الشريف فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَانِي عشري ربيع الأول وباشر قَاضِي الْقُضَاة خير الدّين الْقَضَاء بعفة وشهامة وَكَانَت سيرته حَسَنَة واحكامه مرضية ثمَّ فِي أَوَاخِر سنة سِتّ وَسبعين اسْتَقر فِي نصف الامامة بالصخرة الشَّرِيفَة بِحكم وَفَاة الامام شهَاب الدّين أَحْمد بن حَافظ مشاركا للشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد ابْن الشنتير بِالنِّصْفِ الثَّانِي بتقرير صدر لَهما من نَاظر الْحَرَمَيْنِ الْأَمِير نَاصِر الدّين ابْن النشاشيبي فَلم يتم لَهما ذَلِك واخذت مِنْهُمَا الامامة للشَّيْخ سعد الدّين الْحَنَفِيّ بِأَمْر السُّلْطَان بعد مباشرتهما مُدَّة يسيرَة وَاسْتمرّ القَاضِي خير الدّين على الْقَضَاء الى ان عزل بِالْقَاضِي جمال الدّين
الديري فِي ربيع الأول سنة ثَمَان وَسبعين فَدخل القَاضِي جمال الدّين الى الْقُدس وَهُوَ متوعك فَأَقَامَ اربعة عشر يَوْمًا وَتُوفِّي - كَمَا تقدم فِي تَرْجَمته - واعيد القَاضِي خير الدّين الى وَظِيفَة الْقَضَاء فِي شهر جمادي الأولى وَوصل اليه التوقيع الشريف والبس خلعة السُّلْطَان فِي محراب الْمَسْجِد الْأَقْصَى وَمَشى النَّاس فِي خدمته الى منزله بِبَاب الْحَدِيد وَذَلِكَ فِي أَوَائِل جمادي الْآخِرَة وَاسْتمرّ نَحْو تِسْعَة أشهر ثمَّ عزل بقاضي الْقُضَاة شمس الدّين أخي القَاضِي جمال الدّين وَوصل المرسوم بذلك فِي سلخ صفر سنة تسع وَسبعين وَثَمَانمِائَة فتنزه عَن الْقَضَاء وَلم يتَكَلَّم فِيهِ بعد ذَلِك وَانْقطع فِي منزله لِلْعِبَادَةِ والاشتغال بِالْعلمِ وَقِرَاءَة الْقُرْآن والْحَدِيث وانتهت اليه رياسة مَذْهَب ابي حنيفَة بالقدس وتصدر للافتاء والتدريس وَحج الى بَيت الله الْحَرَام وَعظم أمره عِنْد النَّاس وَصَارَ لَهُ الهيبة وَالْوَقار ودرس بالمعظمية نِيَابَة وَنسخ بِخَطِّهِ الْكثير من الْمَصَاحِف الشَّرِيفَة وَالْبُخَارِيّ وَكتب الحَدِيث وَالْفِقْه وغري ذَلِك وَكَانَ فِي سرعَة الْكِتَابَة والملازمة لَهَا من الْعَجَائِب وَعمل طَريقَة فِي الْمُصحف الشريف لم يسْبق اليها فِي مُقَابلَة الأحرف وَهِي أَنه إِذْ كَانَ أول حرف من أول سطر من الصَّحِيفَة الْفَا يكون أول حرف من أول السطر الْأَخير مِنْهَا كَذَلِك وَأول السطر الثَّانِي مثلا واوا فَيكون الَّذِي يُقَابله قبل السطر الْأَخير كَذَلِك وهلم جرا واحرف الْمُقَابلَة كتبهَا بالأحمر وَيكون أول الصفحة أول الْآيَة وَآخر الصفحة آخر الْآيَة وكل جُزْء فِي كراس كَامِل فَيكون الْمُصحف ثَلَاثِينَ كراسا لَا يزِيد وَلَا ينقص وَهَذِه الطَّرِيقَة من الْعَجَائِب وَفِي الْحَقِيقَة هِيَ طَريقَة فِي غَايَة الْمَشَقَّة وَقد سهلها الله لَهُ فعملها فِي اسرع وَقت وَهُوَ تيسير من قبل الله تعال وَقد اشْتهر هَذَا الْمُصحف بِهَذِهِ الطَّرِيقَة بِخَطِّهِ فِي غَالب المملكة حَتَّى وصل الى الْحجاز وَالْعراق وَالروم وَله ربعَة شريفة بِالْحرم الشريف النَّبَوِيّ على ساكنه افضل الصَّلَاة وَالسَّلَام وَكَانَ خيرا متواضعا حسن اللَّفْظ والشكل منور الشيبة وَعِنْده تودد
للنَّاس ولين جَانب وَلَقَد أحسن إِلَيّ فِي زمن ولَايَته الْقَضَاء وَبعده توفّي فِي يَوْم الْخَمِيس الثَّلَاثِينَ من شهر رَمَضَان سنة أَربع وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَله سِتّ وَخَمْسُونَ سنة وَصلي عَلَيْهِ من يَوْمه بعد صَلَاة الْعَصْر بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشريف وَدفن الى جَانب وَالِده بتربة ماملا وَكَانَ يَوْمًا مشهودا لجنازته شيعه شيخ الاسلام الكمالي ابْن ابي شرِيف وَشَيخ الاسلام النجمي ابْن جمَاعَة وناظر الْحَرَمَيْنِ ونائب السلطنة الْأَمِير دقماق والقضاة والأإعيان وَغَيرهم تغمده الله برحمته وعوضه الْجنَّة الْعدْل عَلَاء الدّين عَليّ بن مُحَمَّد بن سعيد الْحَنَفِيّ الْمَشْهُور بِابْن نَائِب النَّاظر نِسْبَة لوالده الْحَاج مُحَمَّد فَإِنَّهُ كَانَ يُبَاشر نِيَابَة النّظر على الْمَسْجِد الْأَقْصَى فَعرف بِهِ وَكَانَ عَلَاء الدّين رجلا خيرا يحترف بِالشَّهَادَةِ بَاشَرَهَا دهرا طَويلا نَحْو سِتّ وَخمسين سنة على خير وعفاف لم يضْبط عَلَيْهِ مَا يشينه ثمَّ اذن لَهُ فِي عُقُود الانكحة فباشرها نَحْو سِتَّة عشر سنة وَكَانَ لَهُ مُرُوءَة وَعِنْده تواضع وتودد توفّي فِي عَاشر الْمحرم سنة خمس وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا الشَّيْخ الامام الْعَالم الْعَلامَة شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن بدر الدّين مَحْمُود الْحَنَفِيّ شيخ الْمدرسَة الفنرية بالقدس الشريف قدم الى بَيت الْمُقَدّس وَأقَام بِهِ مُدَّة يسيرَة وَتُوفِّي فِي يَوْم الْأَحَد ثَالِث شهر ذِي الْقعدَة سنة سِتّ وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة وَبني على قَبره مسطبة كَبِيرَة بِبِنَاء مُحكم الشَّيْخ الامام الْعَالم الْعَلامَة زين الدّين عبد السَّلَام بن ابي بكر بن الرضي الكركي الْحَنَفِيّ ولد بِمَدِينَة الكرك وَنَشَأ بهَا وَكَانَ على مَذْهَب الامام الشَّافِعِي ثمَّ قدم الى بَيت الْمُقَدّس فِي شهور سنة سِتّ وَسبعين وَثَمَانمِائَة وانتقل الى مَذْهَب الامام الْأَعْظَم ابي حنيفَة رضي الله عنه وتفقه على الشَّيْخ نَاصِر الدّين بن الشنتير - الْمُتَقَدّم ذكره - وبرع فِي مَذْهَب ابي حنيفَة وَأذن لَهُ فِي الافتاء ودأب وَحصل وتفنن فِي الْعُلُوم وتصدر للافتاء والتدريس وَكتب على الْفَتَاوَى كثيرا وانتفع النَّاس بِهِ واشتغل عَلَيْهِ الطّلبَة وَكَانَ من اهل الْعلم وَعَلِيهِ السكينَة وَالْوَقار وَالنَّاس
سَالِمُونَ من يَده وَلسَانه وَعبارَته فِي الْفَتْوَى نِهَايَة فِي الْحسن درس بالمعظمية نِيَابَة الى أَن توفّي وَلما انْتقل من مَذْهَب الشَّافِعِي إِلَى مَذْهَب ابي حنيفَة رضي الله عنهما لامه بعض النَّاس على ذَلِك فَأَنْشد أَخذ السَّفِيه يلومني بِجَهَالَة لم لَا ثَبت على الطَّرِيق الأعرف فأجبته دع عَنْك لومي يَا فَتى واسلك طَريقَة ذَا الامام الْأَشْرَف ان الْمذَاهب خَيرهَا وأصحها مَا قَالَه النُّعْمَان حَقًا فاقتف انسان عين للأئمة كلهم وَالْكل عَنهُ للطريقة مقتفي فاخترت مذْهبه وَقلت بقوله وَجَعَلته يَوْم الْقِيَامَة مسعفي توفّي رحمه الله فِي يَوْم الْجُمُعَة ثامن عشري شهر رَجَب سنة سبع وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة بالطاعون وَصلي عَلَيْهِ بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى بعد صَلَاة الْعَصْر وَحمل تابوته على الرؤوس وَدفن بماملا وَمَات فَقِيرا لم يتْرك من الدُّنْيَا سوى نَحْو عشرَة دَنَانِير وَكتبه عَفا الله عَنهُ ودرس بعده فِي المعظمية الشَّيْخ الْعَلامَة القَاضِي شمس الدّين أَبُو اللطف مُحَمَّد ابْن قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين أبي عبد الله مُحَمَّد بن قَاضِي الْقُضَاة خير الدّين خَلِيل الْحَنَفِيّ نِيَابَة بعد أَن كَانَت الْوَظِيفَة لَهُ اسْتِقْلَالا فَإِنَّهُ كَانَ بِيَدِهِ حِصَّة مِنْهَا قدرهَا الخمسان تلقاها عَن وَالِده وباشرها مُدَّة فِي زمن الشَّيْخ تَاج الدّين الديري بمشاركته لَهُ فِيهَا وَنزل عَن الْحصَّة للْقَاضِي فَخر الدّين الخزرجي فَنزل عَنْهَا للشَّيْخ تَاج الدّين الديري فكملت الْوَظِيفَة ثمَّ تلقاها عَنهُ وَلَده قَاضِي الْقُضَاة نَاصِر الدّين هبة الله ثمَّ نزل عَنْهَا للشَّيْخ رَضِي الدّين بن القَاضِي عماد الدّين بن الأحزم الْمُقِيم بِالْقَاهِرَةِ فاستناب قَاضِي الْقُضَاة خير الدّين بن عمرَان الْحَنَفِيّ إِلَى أَن توفّي ثمَّ استناب الشَّيْخ عبد السَّلَام بن الرضي الى ان توفّي ثمَّ استناب القَاضِي شمس الدّين خير الدّين وَالْأَمر مُسْتَمر على ذَلِك إِلَى يَوْمنَا هَذَا اللَّهُمَّ اختم بِخَير
الشَّيْخ الصَّالح الناسك العابد الخاشع الْقدْوَة شرف الدّين مُوسَى بن الشَّيْخ شهَاب الدّين أَحْمد بن الشَّيْخ الصَّالح الْقدْوَة جمال الدّين عبد الله بن الصَّامِت القادري الْحَنَفِيّ شيخ الشُّيُوخ القادرية بالقدس الشريف وَتقدم ذكر وَالِده وجده كَانَ الشَّيْخ مُوسَى من أهل الْخَيْر وَالصَّلَاح وَله عبَادَة وملازمة على ذكر الله تَعَالَى وَكَانَ مُقيما بِالْمَدْرَسَةِ الصبيبية شمَالي الْمَسْجِد الْأَقْصَى الشريف وَيُقِيم فهيا الْأَوْقَات الْمَشْهُورَة بِالذكر خُصُوصا فِي ليَالِي الْجُمُعَة وَكَانَ يذكر الله تَعَالَى فِي الْمَسْجِد الْأَقْصَى بصدر جَامع الْأَنْبِيَاء عقب صَلَاة كل جُمُعَة وَعَلِيهِ الانس وَالْوَقار وَكَانَ منجمعا عَن النَّاس لَا يخالط ابناء الدُّنْيَا وَلَا يتَرَدَّد اليهم وَهُوَ من ذُرِّيَّة قوم صالحين وَقد اضر فِي بَصَره وَضعف بدنه قبل وَفَاته بسنين وَمَعَ ذَلِك لَا يفتر عَن ذكر الله تَعَالَى وَلَا عَن مُلَازمَة الطَّاعَة على عَادَته وَالنَّاس سَالِمُونَ من يَده وَلسَانه وَالصَّلَاح ظَاهر عَلَيْهِ توفّي فِي لَيْلَة الْأَحَد وَصلي عَلَيْهِ بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى بعد الظّهْر من يَوْم الْأَحَد سادس عشري صفر سنة ثَمَان وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَحمل تابوته على الرؤوس وَدفن بتربة الساهرة عِنْد أسلافه وَكَانَ يَوْمًا مشهودا لجنازته لم ير مثله فِي هَذِه الْأَزْمِنَة وشيعه شيخ الاسلام الكمالي ابْن ابي شرِيف وقضاة الشَّرْع وَالْعُلَمَاء وَالْخَاص وَالْعَام وَبلغ من الْعُمر نَحْو ثَلَاث وَسبعين سنة (ذكر فُقَهَاء الْمَالِكِيَّة من الْقُضَاة وَالْعُلَمَاء وطلبة الْعلم الشريف) الشَّيْخ الصَّالح عمر بن عبد الله بن عبد النَّبِي المغربي المصمودي الْمُجَرّد كَانَ رجلا صَالحا عمر الزاوية الْمَعْرُوفَة بزاوية المغاربة وَهِي بأعلا حارتهم وأنشأها من مَاله ووقفها على الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين فِي ثَالِث ربيع الآخر سنة ثَلَاث وَسَبْعمائة وَتُوفِّي بالقدس الشريف وَدفن بماملا عِنْد حوش البسطامية من جِهَة الغرب وَقد وهم بعض المؤرخين فَظَنهُ الشَّيْخ عمر الْمُجَرّد وَاقِف الزاوية بِمَدِينَة سيدنَا الْخَلِيل عليه السلام لاشْتِرَاكهمَا فِي الِاسْم والشهرة والامر بِخِلَاف ذَلِك وَتَقَدَّمت
تَرْجَمَة ذَلِك فِي تراجم الشَّافِعِيَّة الشَّيْخ الامام الْعَالم الْعَلامَة شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن الشَّيْخ شمس الدّين ابي عبد الله مُحَمَّد بن حزب الله الْمَالِكِي كَانَ يسْتَحْلف فِي الثُّبُوت بِالشَّهَادَةِ على الْخط بالقدس الشريف وَرَأَيْت اسجاله فِي بعض المستندات مؤرخا فِي شهر صفر سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة الشَّيْخ الصَّالح الْقدْوَة زين الدّين عبد الرحمان الكردبيسي المغربي الْمَالِكِي كَانَ من أَوْلِيَاء الله الصَّالِحين وَله كرامات ظَاهِرَة توفّي بالقدس الشريف وَدفن بماملا قبل الثَّمَانمِائَة وَمن كراماته ان بعض المعتقدين فِيهِ قصد بِنَاء قبَّة على قَبره فَأصْبح وَلم يجد الْقَبْر نفعنا الله بِهِ وَدفن الى جَانِبه جمَاعَة من شُيُوخ الدركاه أَوْلَاد الشَّيْخ سعيد الشَّيْخ مُوسَى المغربي الْمَالِكِي كَانَ رجلا صَالحا من ذَوي الكرامات وَهُوَ الَّذِي كَانَ سَببا لترتيب صَلَاة الْمَالِكِيَّة بالقدس الشريف توفّي بِمَدِينَة سيدنَا الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام وَدفن عِنْد الشَّيْخ عمر الْمُجَرّد بزاويته فِي حُدُود الثَّمَانمِائَة قَاضِي الْقُضَاة جمال الدّين أَبُو مُحَمَّد عبد الله الْهِلَالِي الانصاري الْمَالِكِي الْمَشْهُور بِابْن الشحاذة أول من ولي قَضَاء الْمَالِكِيَّة اسْتِقْلَالا بالقدس الشريف كَانَ من أهل الْعلم ويدرس بِالْمَدْرَسَةِ الْمَالِكِيَّة بالقدس وَكَانَ يسْتَحْلف فِي الثُّبُوت بِالشَّهَادَةِ على الْخط ثمَّ اشْتغل بِالْقضَاءِ وَلم اطلع لَهُ على تَرْجَمَة وَإِنَّمَا أَخْبرنِي قَدِيما بعض الأكابر الثِّقَات الْمُعْتَمد على نقلهم انه كَانَ يَتِيما فَقِيرا وان والدته كَانَت تسْأَل النَّاس فَكَانَت تذْهب الى بعض الْفُقَهَاء بالمكتب وَتقول لَهُ يَا وَلَدي اشْتغل بِالْقُرْآنِ وانا اقوم بكفايتك فِيمَا تحتاجه فَكَانَ يقْرَأ وَتذهب هِيَ تسْأَل النَّاس وَتَأْتِي لَهُ بِمَا يقوته فحفظ الْقُرْآن واشتغل بِالْعلمِ فِي مَذْهَب الامام مَالك رضي الله عنه وانْتهى بِهِ الْحَال إِلَى أَن ولي الْقَضَاء بِبَيْت الْمُقَدّس فَكَانَ أول قُضَاة الْمَالِكِيَّة
وَقد وقفت على مُسْتَند ثَابت عَلَيْهِ واسجاله فِي ذَلِك الْمُسْتَند بِخَط نَفسه وَهُوَ مؤرخ فِي شهر رَمَضَان سنة ثَمَان وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَلَا شكّ انه كَانَ فِي ذَلِك التَّارِيخ مستخلفا وان استقلاله بِالْقضَاءِ كَانَ بعد الثَّمَانمِائَة واني وقفت على بعض اسجالاته نِيَابَة فِي سنة ثَمَانمِائَة ثمَّ رَأَيْت فِي اسجالاته فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة يذكر فِيهَا ان ولَايَته مُتَّصِلَة بالمواقف الشَّرْعِيَّة السُّلْطَانِيَّة الْمَالِكِيَّة الناصرية - يَعْنِي بِهِ فرج بن برقوق - ولعلها السّنة الَّتِي أشتغل فِيهَا بِالْقضَاءِ وَأَخْبرنِي شيخ الاسلام الكمالي ابْن ابي شرِيف أَن جده لأمه القَاضِي شهَاب الدّين ابْن عوجان الْمَالِكِي ولي قَضَاء الْقُدس الشريف بعد وَفَاة القَاضِي جمال الدّين ابْن الحشاذة فِي سنة خمسين وَثَمَانمِائَة وان وَفَاته فِي تِلْكَ السّنة أَو الَّتِي قبلهَا وَالله أعلم الشَّيْخ الْعَالم الْمسند شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مغيث الأندلسي الْمَالِكِي مقرئ بَيت الْمُقَدّس سمع من العلائي وَجَمَاعَة سمع عَلَيْهِ شَيخنَا التَّقْوَى القرقشندي وَأَجَازَ لَهُ توفّي فِي شهر رَجَب سنة ثَمَان وَثَمَانمِائَة وَهُوَ وَالِد الْأَخَوَيْنِ عَلَاء الدّين وشهاب الدّين إمامي الْمَالِكِيَّة بِبَيْت الْمُقَدّس قَاضِي الْقُضَاة فَخر الدّين عُثْمَان بن سراج الدّين عمر بن علم الدّين سلميان الْمُقْرِئ الجاناتي الْمَالِكِي بَاشر نِيَابَة الحكم بالقدس الشريف فِي سنة خَمْسَة عشر وَثَمَانمِائَة ثمَّ ولي الْقَضَاء بعد ذَلِك اسْتِقْلَالا وَكَانَ مُتَوَلِّيًا فِي سنة ثَمَانِي عشر وَثَمَانمِائَة قَاضِي الْقُضَاة بدر الدّين أَبُو مُحَمَّد الْحسن بن الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابي الانفاق ابي بكر الزرعي الْمَالِكِي قَاضِي الْقُدس الشريف كَانَ مُتَوَلِّيًا فِي شهر رَمَضَان سنة خمس عشرَة وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ الامام عبد الْوَاحِد بن جبارَة المغربي الأَصْل الْمَالِكِي إِمَام الْمَالِكِيَّة بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشريف الشَّاعِر الأديب الْمُقْرِئ وَهُوَ سبط ابْن مغيث مقرئ بَيت الْمُقَدّس كَانَ الشَّيْخ شمس الدّين يقْرَأ بالسبع وَيعرف الْفَرَائِض معرفَة جَيِّدَة والحساب والنحو وَكَانَ يحترف بِالشَّهَادَةِ فِي أول عمره فَلَمَّا مَاتَ خَاله شهَاب الدّين
ابْن مغيث كَانَ قد نزل لَهُ عَن إِمَامَة الْمَالِكِيَّة وَعَن تصديره بِالْمَسْجِدِ وَتُوفِّي فِي رَجَب سنة سِتّ وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَمن نظمه - وَقد بعث الى بلد الْخَلِيل يطْلب من ابْن نصف الدُّنْيَا سَاعَات رملية فَأَبْطَأَ عَلَيْهِ فَكتب اليه وأجاد - إِذا كَانَت الدُّنْيَا جَمِيعًا بأسرها غَدَتْ سَاعَة لَا شكّ فِيهَا وَلَا مرا فَمن يطْلب السَّاعَات من نصفهَا يكن جهولا وَفِي هَذَا الفعال قد افترى الشَّيْخ الامام الْعَالم الصَّالح الزَّاهِد الْعَارِف الْمُقْرِئ عبد الله بن ابراهيم السكرِي المغربي الْمَالِكِي المجاور بالقدس الشريف كَانَ شيخ دَار القراآت السلامية يقرئ النَّاس بهَا انْتفع بِهِ خلق كثير وَكَانَ يستحضر من الْمُدَوَّنَة كثيرا وَيعرف القراآت وَغير ذَلِك وَلِلنَّاسِ فِيهِ إعتقاد ويحكى عَنهُ مكاشفات وَأُمُور عَجِيبَة لَا تحكى إِلَّا عَن كبار الْأَوْلِيَاء وأسن حَتَّى صَار يحمل فِي بِسَاط وَلَعَلَّه قَارب التسعين أَو جاوزها وَرَأى رجل من الصَّالِحين الْمَشْهُورين النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقُول من قَرَأَ الْفَاتِحَة على الشَّيْخ عبد الله السكرِي دخل الْجنَّة فاشتهر ذَلِك وقصده النَّاس من الْبِلَاد وَمن لم يلْحقهُ توجه إِلَى قَبره وَقرأَهَا عَلَيْهِ وفضائله ومناقبه كَثِيرَة توفّي فِي ثَانِي جمادي الأولى سنة تسع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا بِالْقربِ من حوش البسطامية من جِهَة الغرب الشَّيْخ الْقدْوَة خَليفَة بن مَسْعُود المغربي الجابري الْمَالِكِي من بني جَابر الْعَالم الصَّالح صَاحب الكرامات مولده فِي سنة تسع واربعين وَسَبْعمائة اشْتغل ببلاده وَقدم الى بَيت الْمُقَدّس على طَرِيق السياحة فِي سنة ارْبَعْ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة فحج الى بَيت الله الْحَرَام وَرجع وَظَهَرت لَهُ مكاشفات ثمَّ ولي مشيخة المغاربة بالقدس وإمامة الْمَالِكِيَّة بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشريف وَحكى القَاضِي شهَاب الدّين بن عوجان الْمَالِكِي أَنه لما حج وزار النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
رَآهُ فِي النّوم وَقَالَ لَهُ سلم على خفير ايليا اذا رجعت اليها فَقَالَ وَمن هُوَ يَا رَسُول الله؟ فَقَالَ خَليفَة واشتهر أمره وَكَانَ أسود بصاصا توفّي فِي يَوْم السبت مستهل ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا وقبره ظَاهر يزار نفعنا الله بِهِ قَاضِي الْقُضَاة الْعَلامَة شهَاب الدّين ابو الْعَبَّاس أَحْمد بن الشَّيْخ علم الدّين ابي الرّبيع سُلَيْمَان بن أَحْمد بن عمر بن عبد الرَّحْمَن الْعمريّ الْمَالِكِي الْمَشْهُور بِابْن عوجان مولده فِي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة اشْتغل بِالْعلمِ وَحصل وَفضل وتميز وَكَانَ من أهل الْعلم وَالدّين يُفْتِي ويدرس عَارِفًا بمذهبه وبصناعة الْقَضَاء ولي قَضَاء الْمَالِكِيَّة بالقدس بعد القَاضِي جمال الدّين بن الشحاذة - الْمُتَقَدّم ذكره - فِي سنة خمس وَثَمَانمِائَة فَهُوَ ثَانِي مالكي حكم بالقدس وَوَقع لَهُ الْعَزْل وَالْولَايَة مَرَّات وكل مرّة تكون مُدَّة يسيرَة وطالت مدَّته وَحسنت سيرته فِي ولَايَته واثنى عَلَيْهِ أهل عصره وَكَانَت أَحْكَامه مرضية وأموره مسددة توفّي فِي شهر جمادي الأولى سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا وَولده قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين ابو عبد الله مُحَمَّد مولده فِي سنة خمس وَتِسْعين وَسَبْعمائة ولي الْقَضَاء بعد وَالِده مُدَّة ثمَّ عزل وَتُوفِّي فِي ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ واربعين وَثَمَانمِائَة وَولي بعد عَزله قَاضِي الْقُضَاة عَلَاء الدّين ابو الْحسن عَليّ بن الشَّيْخ غرس الدّين ابي البركات خَلِيل الطرابلسي الْمَالِكِي وَكَانَ مُتَوَلِّيًا فِي سنة اثْنَتَيْنِ واربعين وَبعدهَا الى سنة ارْبَعْ واربعين ثمَّ ولي بعده قَاضِي الْقُضَاة امين الدّين سَالم بن ابراهيم المغربي الصنهاجي الْمَالِكِي مولده - بالتخمين - بعد السّبْعين والسبعمائة اشْتغل فِي الْفِقْه بِبِلَاد الْمغرب وَقدم الى هَذِه الْبِلَاد عَالما فَاضلا وَوَقع فِي أسر الْكفَّار فِي سنة ارْبَعْ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وناظر الاساقفة ببلادهم وافحمهم وَأقَام عِنْدهم مُدَّة ثمَّ أَنْجَاهُ الله
وَقدم الى دمشق وَولي قضاءها ثمَّ ولي قَضَاء الْقُدس وَكَانَت ولَايَته فِي سنة خمس واربعين وَثَمَانمِائَة ثمَّ اعيد الى قَضَاء الشَّام فَسَار سيرة حَسَنَة بِحرْمَة وعفة ونزاهة وَكَانَ يحفظ الشِّفَاء غَائِبا توفّي فِي سنة ثَلَاث وَسبعين وَثَمَانمِائَة قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين مُحَمَّد الْبِسَاطِيّ الْمَالِكِي وَكَانَ من أهل الْعلم وولايته فِي سنة سِتّ واربعين وَثَمَانمِائَة واقام مُدَّة يسيرَة قَاضِي الْقُضَاة شرف الدّين أَبُو الرّوح عِيسَى بن شمس الدّين مُحَمَّد المغربي الشحيني الْمَالِكِي الشَّيْخ الامام الْعَلامَة الْمُحَقق كَانَ من اكابر أهل الْعلم ولي قَضَاء بَيت الْمُقَدّس بعد الْبِسَاطِيّ وَكَانَ مُتَوَلِّيًا فِي سنة سبع واربعين وباشر بعفة وشهامة وَلم يَلِي الْقَضَاء مثله فِي الْعِفَّة وَالتَّقوى وَالْعلم وَكَانَ لَهُ هَيْبَة زَائِدَة وَوَقع فِي الْقُلُوب وَكَانَ من قُضَاة الْعدْل وَالْعَالمِينَ العاملين لَا يحابي احدا فِي الحكم وَلَا يخَاف فِي الله لومة لائم وَمِمَّا وَقع لَهُ ان نَائِب الْقُدس مبارك شاه حِين ولي النِّيَابَة وَدخل الْقُدس ركب الْقُضَاة للقائه على الْعَادة وألبس خلعة السُّلْطَان وَكَانَ قد أمسك جمَاعَة من الفلاحين فَلَمَّا وصل بهم الى بَاب الْخَلِيل قصد شنقهم أَو شنق وَاحِد مِنْهُم فَأمر بذلك فَتقدم اليه القَاضِي شرف الدّين عِيسَى الْمَالِكِي وَقَالَ لَهُ مَا الَّذِي تُرِيدُ تفعل بحضورنا؟ فَقَالَ لَهُ اشنق هَؤُلَاءِ قَالَ بِأَيّ طَرِيق؟ قَالَ لصوص قاتلون للنَّفس فَقَالَ لَهُ هَل ثَبت هَذَا عَلَيْهِم بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيّ؟ قَالَ النَّائِب نَحن لَا نحتاج الى ثُبُوت فَقَالَ لَهُ القَاضِي تقتل مُسلما عمدا بحضوري بِغَيْر حق هَذَا لَا سَبِيل اليه وَلَكِن تدخل الى الْمَدِينَة وَتنظر فِي أَمرهم فَإِن ثَبت عَلَيْهِم مَا يَقْتَضِي قَتلهمْ قتلناهم وَإِلَّا فَلَا سَبِيل الى قَتلهمْ فَشدد النَّائِب فِي أَمرهم وَقَالَ لَا بُد من قَتلهمْ فَقَالَ لَهُ القَاضِي وَالله لَو قَتلتهمْ بحضوري لَكُنْت اقتلك بيَدي واعلقك الى جانبهم كَمَا انت بخلعة السُّلْطَان فَلم يقدر النَّائِب على مرجعته لهيبته وَدخل الى الْمَدِينَة وَلم يسْتَطع قَتلهمْ
وَله مثل ذَلِك أَخْبَار كَثِيرَة عَفا الله عَنهُ وَاسْتمرّ على الْقَضَاء بالقدس الى ان توفّي فِي سنة أَربع وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَمِمَّنْ ولي قَضَاء الْمَالِكِيَّة بالقدس الشريف القَاضِي برهَان الدّين ابو اسحاق ابراهيم بن زين الدّين ابي الْمَعَالِي مَنْصُور التلمساني الْمَالِكِي وَكَانَ مُتَوَلِّيًا فِي سنة ثَمَان وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَمِنْهُم السَّيِّد الشريف القَاضِي كَمَال الدّين مُحَمَّد بن الشَّيْخ أبي الصَّفَا ابراهيم ابْن أبي الوفا كَانَ على مَذْهَب الامام ابي حنيفَة رضي الله عنه ثمَّ انْتقل الى مَذْهَب الامام مَالك وَولي الْقَضَاء بالقدس الشريف وَكَانَ مُتَوَلِّيًا فِي سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة ثمَّ عزل وانتقل الى مذْهبه الأول وناب فِي الحكم بالديار المصرية عَن قَاضِي الْقُضَاة محب الدّين بن الشّحْنَة الْحَنَفِيّ مُدَّة ولَايَته ثمَّ بعد عزل ابْن الشّحْنَة من الْقَضَاء اسْتمرّ هُوَ معزولا من النِّيَابَة وَهُوَ حَيّ يرْزق الى يَوْمنَا هَذَا وَمِنْهُم القَاضِي شمس الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد بن شَدَّاد الشَّافِعِي الْمَالِكِي كَانَ من فُقَهَاء الشَّافِعِيَّة وباشر الحكم نِيَابَة عَن قَاضِي الْقُضَاة الشَّيْخ برهَان الدّين بن جمَاعَة الشَّافِعِي ثمَّ انْتقل الى مَذْهَب الامام مَالك وَولي الْقَضَاء بالقدس الشريف فِي حُدُود السّبْعين والثمانمائة أَو بعْدهَا بِيَسِير وَدخل الى الْقُدس الشريف فَلم يقم الا مُدَّة يسيرَة نَحْو شهر أَو دون ذَلِك فتعصب جمَاعَة من الْمَالِكِيَّة والمغاربة وَغَيرهم فِي أمره وشنعوا عَلَيْهِ وَأشيع عَزله فَتوجه الى الْقَاهِرَة واقام أَيَّامًا يسيرَة وَتُوفِّي بهَا وأظن ان وَفَاته فِي سنة احدى وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَالله أعلم الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن عَليّ المغربي الْمَالِكِي الْمَشْهُور بالفلاح وَكَانَ يكْتب لَهُ فِي تَرْجَمته المطغر - بطاء مُهْملَة ثمَّ غين مُعْجمَة مَفْتُوحَة - كَانَ ينْسب هَكَذَا واشتهر بالقدس الشّرف بالفلاح لِأَنَّهُ كَانَ أول قدومه يُقيم بالقرى ويلبس لِبَاس الفلاحين فَسُمي بالقلاح كَانَ من أهل الْعلم وباشر الحكم بالقدس الشريف نِيَابَة عَن القَاضِي شمس الدّين المغراوي وَتُوفِّي سنة سِتّ وَسبعين وَثَمَانمِائَة
وَمِمَّنْ بَاشر نِيَابَة الحكم بالقدس الشريف القَاضِي جمال الدّين يُوسُف المارديني وَلم أطلع لَهُ على تَرْجَمَة قَاضِي الْقُضَاة شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن زين الدّين ابي الْفرج عبد الرَّحْمَن التلمساني الْمَالِكِي الْمَشْهُور بالحريري ولي قَضَاء الْمَالِكِيَّة بالقدس الشريف وَورد الْأَمر بولايته فِي مستهل ربيع الآخر سنة سبع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وعزل فِي أَوَاخِر رَمَضَان مِنْهَا وإعيد القَاضِي شمس الدّين المغراوي قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن سعيد المغراوي الْمَالِكِي مولده فِي سنة سبع وَثَمَانمِائَة وَكَانَ رجلا مُبَارَكًا يحفظ الْقُرْآن قدم من بِلَاده الى الرملة واقام بهَا ثمَّ ولي قضاءها مُدَّة طَوِيلَة ثمَّ ولي قَضَاء الْقُدس الشريف فِي سنة ارْبَعْ وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَوَقع لَهُ الْعَزْل فِي الْولَايَة مَرَّات وَتُوفِّي وَهُوَ بَاقٍ على الْقَضَاء فِي نصف شعْبَان سنة ثَلَاث وَسبعين وَثَمَانمِائَة الْعدْل شهَاب الدّين أَحْمد بن محد بن الرباحي المغربي الأَصْل الْمَالِكِي كَانَ من الْعُدُول بالقدس الشريف وَمن طلبة الْعلم وَكَانَ يُؤذن بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشريف وَعِنْده مُرُوءَة زَائِدَة ومحبة لأَصْحَابه توجه الى الْحجاز الشريف فِي سنة ارْبَعْ وَسبعين وجاور بِمَكَّة سنة خمس وَسبعين فَلَمَّا قضى مَنَاسِكه ووقف بجبل عَرَفَات وَدخل الى مَكَّة ثمَّ عَاد الى منى توفّي بهَا وَدفن عِنْد مَسْجِد الْخيف فِي شهر ذِي الْحجَّة سنة خمس وَسبعين وَثَمَانمِائَة ووالده هُوَ الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد الرباحي من فضلاء المغاربة الْمَالِكِيَّة توفّي قبله بسنين بِبَيْت الْمُقَدّس وَكَانَ من أَصْحَاب الشَّيْخ خَليفَة - الْمُتَقَدّم ذكره - قَاضِي الْقُضَاة نور الدّين ابو الْحسن عَليّ بن ابراهيم البدرشي البحري الْمَالِكِي المضري الشَّيْخ الامام الْعَالم الْعَلامَة شَيخنَا كَانَ من أهل الْعلم وَله معرفَة تَامَّة بِالْعَرَبِيَّةِ وَعلم الْفَرَائِض والحساب والْحَدِيث الشريف النَّبَوِيّ وَكَانَ من جلساء القَاضِي زين الدّين بن مزهر كَاتب السِّرّ الشريف وأخصائه وَمن جملَة قراء الحَدِيث
الشريف بقلعة الْجَبَل المنصورية بِالْقَاهِرَةِ وَكَانَ يحترف بِالشَّهَادَةِ بِالْقَاهِرَةِ ثمَّ بَاشر نِيَابَة الحكم بهَا وَدخل اليها فِي اوائل الْمحرم سنة سِتّ وَسبعين فباشر بعفة ونزاهة وَحُرْمَة وشهامة وَنشر الْعلم وانتفع بِهِ الطّلبَة وعلت كَلمته وَبعد أمره لعفته وشهامته وَمَعَ ذَلِك كَانَ متواضعا لين الْجَانِب يحب الْعلم ونشره وَله مُصَنف فِي النَّحْو وَكَانَ يحفظ الْقُرْآن حفظا جيدا وَيكثر من التِّلَاوَة وَقد قَرَأت عَلَيْهِ قِطْعَة من آخر كتاب الخرقى فِي فقه مَذْهَب الامام رضي الله عنه قِرَاءَة بحث وَفهم ثمَّ قَرَأت عَلَيْهِ قِطْعَة من أول الْمقنع قِرَاءَة بحث وَفهم فَكَانَ يُقرر فِي الْعبارَة تقريرا حسنا لَعَلَّ كثيرا من اهل الْمَذْهَب لَا يقرره وقرأت عَلَيْهِ فِي النَّحْو ولازمت مُجَالَسَته وترددت اليه كثيرا وَحصل لي مِنْهُ غَايَة الْخَيْر والنفع وَلَكِن اخترمته الْمنية بِسُرْعَة قبل بُلُوغ المُرَاد مِنْهُ وَلما توفّي قَاضِي الْقُضَاة جمال الدّين الديري الْحَنَفِيّ فِي حادي عشري ربيع الآخر حضر ضبط تركته ثمَّ مرض اياما وَتُوفِّي فِي صَبِيحَة يَوْم السبت ثَانِي جمادي الأولى سنة ثَمَان وَسبعين وَثَمَانمِائَة فَكَانَ بَين وَفَاته ووفاة القَاضِي جمال الدّين الديري عشرَة أَيَّام وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة وَكَانَت جنَازَته حافلة عَفا الله عَنهُ وعوضه الْجنَّة قَاضِي الْقُضَاة حميد الدّين أَبُو حَامِد مُحَمَّد بن بدر الدّين ابي عبد الله الْحُسَيْنِي الْبكْرِيّ الْمَالِكِي الْقرشِي الخليلي الْمَشْهُور بِابْن المغربي كَانَ يحفظ الْقُرْآن ويتقنه بالروايات وَولي قَضَاء بلد سيدنَا الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام وَهُوَ أول من وليه من الْمَالِكِيَّة توفّي فِي سنة ارْبَعْ وَسبعين وَثَمَانمِائَة ولي قَضَاء الْقُدس الشريف وأضيف اليه قَضَاء بلد الْخَلِيل ثمَّ عزل فِي أَوَاخِر سنة ارْبَعْ وَسبعين وَتوجه الى الْقَاهِرَة فولي قَضَاء طرابلس وَتوجه اليها وَتُوفِّي بهَا فِي شهرو سنة ثَمَان وَسبعين وَثَمَانمِائَة قَاضِي الْقُضَاة عَلَاء الدّين أَبُو الْحسن عَليّ بن شمس الدّين مُحَمَّد الْهَاشِمِي الْمَالِكِي الكركي الأَصْل الْمَشْهُور بِابْن المزوار ولي قَضَاء الْقُدس فِي سنة ارْبَعْ وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة ثمَّ عزل وَولي قَضَاء الكرك وَقَضَاء غَزَّة
وَلما توفّي القَاضِي نور الدّين البدرشي ولي الْقَضَاء بعده بالقدس الشريف فِي مستهل شَوَّال سنة ثَمَان وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَلم يدْخل الْقُدس إِلَّا فِي شهر صفر سنة ثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَاسْتمرّ الى جمادي الْآخِرَة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ ثمَّ توجه الى الْقَاهِرَة وَأقَام بهَا وَهُوَ مُسْتَمر على الْولَايَة الى ان توفّي فِي يَوْم الاحد تَاسِع عشر جمادي الأولى سنة خمس وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَصلي عَلَيْهِ بِجَامِع المارديني وَكَانَ عفيفا فِي مُبَاشَرَته لَا يتَنَاوَل غير معلومه الْمُرَتّب على وقف الْمَسْجِد الْأَقْصَى وَهُوَ فِي كل يَوْم عشرَة دَرَاهِم فضَّة السَّيِّد الشريف شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد الْحُسَيْنِي الْمَالِكِي المغربي كَانَ من اهل الْفضل وبحفظ الْقُرْآن وَكتب على الْفَتْوَى قَلِيلا وباشر الحكم بالقدس الشريف نِيَابَة عَن قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين الْعَيْنِيّ حِين كَانَ القَاضِي عَلَاء الدّين ابْن المزوار بِالْقَاهِرَةِ - كَمَا تقدم فِي تَرْجَمته - وَكَانَ رجلا مُبَارَكًا خيرا متواضعا توجه الى الْحجاز الشريف فِي سنة خمس وَثَمَانِينَ ثمَّ توجه الى الْمَدِينَة الشَّرِيفَة فَتوفي بهَا فِي شهور سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة الْعدْل شمس الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد المصطاوي المغربي الْمَالِكِي كَانَ من أهل الْقُرْآن واحترف بِالشَّهَادَةِ دهرا طَويلا توفّي فِي اواخر سنة سبع وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة الشَّيْخ الناسك شمس الدّين ابو عبد الله مُحَمَّد بن الشَّيْخ الصَّالح الْقدْوَة خَليفَة ابْن مَسْعُود المغربي الأَصْل ثمَّ الْمَقْدِسِي الْمَالِكِي ولد بالقدس الشريف فِي لَيْلَة ثَانِي عشر رَمَضَان سنة إِحْدَى وَثَمَانمِائَة وَحفظ الرسَالَة فِي فقه مَذْهَب الامام مَالك رضي الله عنه وَلَقي جمَاعَة من مَشَايِخ الصُّوفِيَّة وَأخذ الحَدِيث عَن جمَاعَة وَاسْتقر فِي إِمَامَة الْمَالِكِيَّة بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ومشيخة القادرية بالقدس بعد وَفَاة وَالِده بَرَكَات وَكَانَ ذَا همة ومروءة وَعِنْده سخاء وَمَكَارِم اخلاق ثمَّ صرف عَن مشيخة المغاربة فِي سنة اثتين وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَفِي أَوَاخِر عمره اقبل على الْعِبَادَة وَترك النِّسَاء وتعزب من التَّارِيخ الْمَذْكُور
الى حِين وَفَاته وَكَانَت لَيْلَة الْخَامِس عشر من شهر جمادي الْآخِرَة سنة تسع وَثَمَانِينَ وَدفن عِنْد وَالِده بماملا وَولده الشَّيْخ الصَّالح شمس الدّين مُحَمَّد خَليفَة كَانَ عبدا صَالحا وَأهل بَيت الْمُقَدّس يعتقدونه وَرُوِيَ لَهُ كرامات توفّي فِي لَيْلَة الْخَمِيس وَصلي عَلَيْهِ بعد الظّهْر من يَوْم الْخَمِيس السَّابِع وَالْعِشْرين من صفر سنة سبع وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَدفن بماملا عِنْد وَالِده وجده وَكَانَ لجنازته مشْهد عَظِيم شهده الْخَاص وَالْعَام الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن عَليّ بن عبد الرَّحْمَن المغربي الأَصْل الخليلي ثمَّ الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي ثمَّ الْمَالِكِي الشهير بِابْن المغربي ولد سنة ارْبَعْ وَعشْرين وَثَمَانمِائَة سمع الحَدِيث على جمَاعَة وَكَانَ حَافِظًا لكتاب الله تَعَالَى يكثر تِلَاوَته وجاور بالقدس الشريف مُدَّة ثمَّ تحول إِلَى مَذْهَب الامام مَالك وباشر إِمَامَة الْمَالِكِيَّة بالأقصى نِيَابَة وَحدث توفّي فِي يَوْم الْجُمُعَة تَاسِع شهر ذِي الْقعدَة سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة فِي بيمارستان الْقُدس الشريف وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة قَاضِي الْقُضَاة الْعَلامَة شرف الدّين يحيى بن مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ المغربي الاندلسي الْمَالِكِي ولد سنة سِتّ وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَسمع ببلاده وَكَانَ من أهل الْعلم ماهرا فِي الْعَرَبيَّة اشْتغل بِالْعلمِ بالاندلس على قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين بن الْأَزْرَق الَّذِي ولي قَضَاء الْقُدس بعده وَقدم من بِلَاد الغرب وَأقَام بحلب وبالقدس ثمَّ دخل الْقَاهِرَة فِي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة فِي أول رَمَضَان فَحَضَرَ مجْلِس قَاضِي الْقُضَاة قطب الدّين الحصري الشَّافِعِي قَاضِي دمشق وَهُوَ بالجامع الْأَزْرَق وَتكلم فِي درسه فَظهر لَهُ فَضله فسعى لَهُ فِي قَضَاء الْمَالِكِيَّة بالقدس فولاه السُّلْطَان فِي أَوَاخِر سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ من غير بذل وَلَا كلفة ثمَّ حضر الى الْقُدس فِي صفر سنة تسع وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَاسْتمرّ الى شهر ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة فورد كتاب القَاضِي زين الدّين بن مزهر
صَاحب ديوَان الانشاء بعزله فَتوجه من الْقُدس الشريف الى الْقَاهِرَة واقام بهَا اياما ثمَّ توجه الى الْحجاز الشريف وسافر الى بِلَاد جازان فَتوفي بهَا فِي شَوَّال سنة خمس وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَكَانَت ولَايَته قَضَاء الْقُدس بعد شغوره عَن القَاضِي عَلَاء الدّين بن المزوار نَحْو سبع سِنِين فان القَاضِي عَلَاء الدّين توجه من الْقُدس فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَأقَام بِالْقَاهِرَةِ وَهُوَ بَاقٍ على الْولَايَة الى حِين وَفَاته فِي سنة خمس وَثَمَانِينَ وَلم يسْتَخْلف احدا عَنهُ فِي الحكم ثمَّ استمرت الْوَظِيفَة على الشغور نَحْو ارْبَعْ سِنِين بعد وَفَاته الى ان اسْتَقر بهَا القَاضِي شرف الدّين فِي التَّارِيخ الْمُتَقَدّم ذكره السَّيِّد الشريف شرف الدّين عِيسَى بن عمر الْحُسَيْنِي المغربي الشحيني الْمَالِكِي قدم من بِلَاده الى الْقُدس الشريف واقام بهَا مُدَّة طَوِيلَة وَكَانَ يحفظ الْقُرْآن وَله مُشَاركَة فِي فقه الْمَالِكِيَّة ولي مشيخة المغاربة بالقدس الشريف فَحصل لَهُ ضعف فِي بدنه وَتوجه من الْقُدس الى جِهَة حلب فَتوفي فِي سنة سبع وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَتُوفِّي فِي هَذِه السّنة القَاضِي تَقِيّ الدّين أَبُو بكر بن القَاضِي نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن الْعلم الْمَالِكِي الْمَشْهُور وَالِده بعرق وَتقدم ذكره مَعَ فُقَهَاء الْحَنَفِيَّة وَكَانَ القَاضِي تَقِيّ الدّين اولا حَنَفِيّ الْمَذْهَب كأبيه ثمَّ انْتقل الى مَذْهَب الامام مَالك رضي الله عنه وَولي قَضَاء الْمَالِكِيَّة بالرملة فِي سنة ثَلَاث وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَاسْتمرّ الى سنة خمس وَسبعين وَتوجه الى الْقَاهِرَة للسعي فِي قَضَاء الْقُدس فَلم يَتَيَسَّر لَهُ ذَلِك فَأَقَامَ هُنَاكَ مُدَّة وَعَاد الى الْقُدس بعد وَفَاة وَالِده فِي شهور سنة ثَمَان وَسبعين وَكَانَ يحترف بِالشَّهَادَةِ ثمَّ اسْتَخْلَفَهُ القَاضِي شمس الدّين بن مارب الْعَزِيز فِي الحكم بالقدس حِين توجه الى وَطنه بغزة من اوائل شَوَّال سنة خمس وَتِسْعين الى ان قدم الى الْقُدس فِي مستهل ربيع الأول سنة سِتّ وَتِسْعين وَلم يقدر لَهُ ولَايَة بعد ذَلِك توفّي
القَاضِي تَقِيّ الدّين بن الْعلم فِي شهر ربيع الأول سنة سبع وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بماملا وَأما مستخلفه القَاضِي شمس الدّين مُحَمَّد بن ابراهيم مارب الْعَزِيز الْمَالِكِي فَإِنَّهُ كَانَ على مَذْهَب الامام الشَّافِعِي وباشر نِيَابَة الحكم بغزة وَهُوَ شَافِعِيّ ثمَّ انْتقل الى مَذْهَب الامام مَالك وَولي قَضَاء الْمَالِكِيَّة بغزة فِي سنة احدى وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة فَأَقَامَ نَحْو سِتَّة أشهر ثمَّ عزل ثمَّ ولي قَضَاء الْمَالِكِيَّة بالقدس الشريف فِي شهر شَوَّال سنة ثَلَاث وَتِسْعين بعد شغوره عَن القَاضِي شرف الدّين يحيى الْمغرب الاندلسي - الْمُتَقَدّم ذكره - وَكَانَ يتَرَدَّد الى الْقُدس وَيعود الى وَطنه بغزة ثمَّ عزل فِي شهر رَمَضَان سنة سِتّ وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَتوجه الى مَدِينَة غَزَّة وَأقَام بهَا وَلم يقدر لَهُ ولَايَة الى حِين وَفَاته بِمَدِينَة غَزَّة فِي اواخر ذِي الْحجَّة سنة تِسْعمائَة وَسَنذكر قدومه الى الْقُدس وتردده الى غَزَّة فِيمَا بعد فِي تَرْجَمَة السُّلْطَان إِن شَاءَ الله تَعَالَى قَاضِي الْقُضَاة الامام الْعَلامَة الْمُحَقق شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عَليّ بن الازرق المغربي الاندلسي الْمَالِكِي كَانَ من أهل الْعلم وَالصَّلَاح حسن الشكل منور الشيبة عَلَيْهِ الابهة وَالْوَقار وَكَانَ قَاضِيا بِمَدِينَة غرناطة بالاندلس فَلَمَّا استولى عَلَيْهَا الافرنج خرج مِنْهَا يستنفر مُلُوك الأَرْض فِي نجدة صَاحب غرناطة فَتوجه لملوك الْمغرب فَلم يحصل مِنْهُم نتيجة فَحَضَرَ الى السُّلْطَان الْملك الْأَشْرَف قايتباي نَصره الله تَعَالَى - وَكَانَ مشتغلا بِقِتَال سُلْطَان الرّوم ابي يزِيد بن عُثْمَان - فَتوجه الى مَكَّة المشرفة وجاور بهَا وزار النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَرجع الى الْقَاهِرَة المحروسة فِي أول سنة سِتّ وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة فَتكلم لَهُ فِي شَيْء يحصل مِنْهُ مَا يَسْتَعِين بِهِ على الْقُوت فولاه السُّلْطَان قَضَاء الْمَالِكِيَّة بالقدس الشريف فِي رَابِع رَمَضَان من السّنة الْمَذْكُورَة عوضا عَن القَاضِي شمس الدّين مُحَمَّد بن مَازِن الْغَزِّي وَقدم الى الْقُدس فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ سادس عشر شَوَّال سنة سِتّ وَتِسْعين واقام بِهِ نَحْو الشَّهْر وَهُوَ يتعاطى الْأَحْكَام بعفة ونزاهة من غير تنَاول شَيْء من النَّاس
ثمَّ حصل لَهُ توعك وَاسْتمرّ الى ان توفّي فِي يَوْم الْجُمُعَة بعد فرَاغ الصَّلَاة سَابِع عشر ذِي الْحجَّة الْحَرَام سنة سِتّ وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَصلي عَلَيْهِ فِي يَوْمه بعد صَلَاة الْعَصْر بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَدفن بماملا الى جَانب حوش البسطامي من جِهَة الْقرب فَكَانَت إِقَامَته بالقدس إِحْدَى وَسِتِّينَ وَيَوْما توفّي وَله خمس وَسِتُّونَ سنة عَفا الله عَنهُ وَهُوَ شيخ القَاضِي شرف الدّين يحيى الاندلسي - الْمُتَقَدّم ذكره - وَقد كَانَ من قُضَاة الْعدْل وَمِمَّا يسْتَدلّ بِهِ على حسن خاتمته سرعَة وَفَاته قبل توغله فِي الْأَحْكَام ودخوله فِي الْأُمُور المشكلة فَإِنَّهُ بَاشر الحكم دون الشَّهْر بعفة وتقوى وسيرة محمودة ثمَّ لحق بِاللَّه سُبْحَانَهُ وَالنَّاس راضون عَنهُ (ذكر فُقَهَاء الْحَنَابِلَة من الْقُضَاة وَالْعُلَمَاء وطلبة الْعلم الشريف) قد تقدم عِنْد ذكر الْفَتْح الصلاحي انه لما خطب القَاضِي محيي الدّين بن الزنكي اول جُمُعَة بعد الْفَتْح وقضيت الصَّلَاة انْتَشَر النَّاس وَكَانَ قد نصب سَرِير الْوَعْظ تجاه الْقبْلَة فَجَلَسَ عَلَيْهِ الشَّيْخ زين الدّين بن نجية وَعقد مَجْلِسا للوعظ وَهُوَ الشَّيْخ الامام الْفَقِيه الْوَاعِظ الْمُفَسّر زين الدّين أَبُو الْحسن عَليّ بن رَضِي الدّين ابي الطَّاهِر ابراهيم بن نجا بن غَانِم الْأنْصَارِيّ الدِّمَشْقِي الْمَعْرُوف بِابْن منجة الْحَنْبَلِيّ نزيل مصر سبط الشَّيْخ ابي الْفرج الشِّيرَازِيّ الْحَنْبَلِيّ الَّذِي نشر مَذْهَب الامام احْمَد رضي الله عنه بالقدس الشريف وَمَا حوله وَتقدم ذكره فِيمَن كَانَ بِبَيْت الْمُقَدّس قبل اسْتِيلَاء الافرنج عَلَيْهِ ولد الشَّيْخ شمس الدّين بن منجه بِدِمَشْق سنة ثَمَان وَقيل عشر وَخَمْسمِائة وَكَانَ من اعيان اهل الْعلم وَله رَأْي صائب وَكَانَ الْملك صَلَاح الدّين يُسَمِّيه عَمْرو بن الْعَاصِ وَيعْمل بِرَأْيهِ ويكاتبه ويحضر مَجْلِسه وَله جاه عَظِيم وَحُرْمَة زَائِدَة حضر فتح بَيت الْمُقَدّس مَعَ الْملك صَلَاح الدّين وَجلسَ للوعظ عقب صَلَاة الْجُمُعَة بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى - كَمَا تقدم - وَكَانَ مَجْلِسا حافلا حصل لَهُ الانس والبهجة
والخشوع وَتُوفِّي فِي شهر رَمَضَان فِي سابعه وَقيل ثَانِيه سنة تسع وَتِسْعين وَخَمْسمِائة بِالْقَاهِرَةِ وَدفن من الْغَد بسفح المقطم الْفَقِيه الْمُحدث تَقِيّ الدّين أَبُو عبد الله يُوسُف بن عبد الْمُنعم بن نعْمَة بن سُلْطَان بن سرُور بن رَافع بن حسن بن جَعْفَر الْمَقْدِسِي ثمَّ النابلسي الْحَنْبَلِيّ ولد سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة تَقْرِيبًا بالقدس الشريف وَسمع بِدِمَشْق من جمَاعَة وتفقه وَولي الامامة بالجامع الغربي بنابلس وَحدث وَهُوَ ابْن عَم الْحَافِظ عبد الْغَنِيّ الْمَقْدِسِي وَكَانَ على طَريقَة حَسَنَة توفّي فِي عَاشر ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة بنابلس الشَّيْخ الْعَلامَة نجم الدّين أَبُو الرّبيع سُلَيْمَان بن عبد الله الطوخي الصرصري ثمَّ الْبَغْدَادِيّ الْحَنْبَلِيّ الْفَقِيه الأصولي المتفنن ولد سنة بضع وَسبعين وسِتمِائَة بقرية طوخى من أَعمال صَرْصَر ثمَّ دخل بَغْدَاد فِي سنة إِحْدَى وَتِسْعين وسِتمِائَة فحفظ الْمُحَرر فِي الْفِقْه وبحثه على الشَّيْخ تَقِيّ الدّين الشِّيرَازِيّ وَقَرَأَ الْعَرَبيَّة والتصريف والاصول والفرائض وشيئا من الْمنطق وجالس فضلاء بَغْدَاد فِي أَنْوَاع الْفُنُون وَسمع الحَدِيث من جمَاعَة وسافر الى دمشق سنة ارْبَعْ وَسَبْعمائة وَلَقي الشَّيْخ تَقِيّ الدّين بن تَيْمِية بن عفرَة ثمَّ سَافر الى مصر وجاور الْحَرَمَيْنِ الشريفين واقام بِالْقَاهِرَةِ مُدَّة وَولي الاعادة بِالْمَدْرَسَةِ الناصرية والمنصورية وَله تصانيف كَثِيرَة مِنْهَا بغية السَّائِل فِي امهات الْمسَائِل فِي أصُول الدّين وقصيدة فِي العقيدة الْكَبِيرَة وَشَرحهَا ومختصر الرَّوْضَة فِي اصول الْفِقْه وَشَرحه فِي ثَلَاث مجلدات ومختصر الْحَاصِل فِي اصول الْفِقْه وَالْقَوَاعِد الْكُبْرَى وَالْقَوَاعِد الصُّغْرَى والاكسير فِي وقاعد التَّفْسِير والرياض النواضر فِي الْأَشْبَاه والنظائر وبغية الْوَاصِل الى معرفَة الفواصل ومصنف فِي الجدل وَآخر صَغِير وَدَرَأَ القَوْل الْقَبِيح فِي التحسين والتقبيح ومختصر الْمَحْصُول وَدفع التَّعَارُض عَمَّا يُوهم التَّنَاقُض فِي الْكتاب وَالسّنة ومعراج الْأُصُول الى علم الْأُصُول فِي أصُول الْفِقْه والرسالة
العلوية فِي الْقَوَاعِد الْعَرَبيَّة وعناية المجتاز فِي علم الْحَقِيقَة وَالْمجَاز والباهر فِي أَحْكَام الْبَاطِن وَالظَّاهِر يرد على الايجادية ومختصر الْعَالمين جزءين فِيهِ ان الْفَاتِحَة متضمنة لجَمِيع الْقُرْآن والذريعة الى معرفَة اسرار الشَّرِيعَة والرحيق المسلسل فِي الْأَدَب المسلسل وتحفة أصل الْأَدَب فِي معرفَة لِسَان الْعَرَب والانتصارات الاسلامية فِي دفع شبه النَّصْرَانِيَّة وتعاليق على الرَّد على جمَاعَة من النَّصَارَى وتعاليق على الاناجيل وتناقضها وَشرح نصف مُخْتَصر الخرقى فِي الْفِقْه ومقدمة فِي علم الْفَرَائِض ومختصر التبريزي وَشرح مقامات الحريري فِي مجلدا وموائد الحيس فِي شعر امْرِئ الْقَيْس وَشرح الاربعين للنواوي وَاخْتصرَ كثيرا من كتب الاصول وَمن كتب الحَدِيث ايضا وَلَكِن لم يكن لَهُ فِيهِ يَد فَفِي كَلَامه فِيهِ تخبيط كثير وَله نظم كثير رائق وقصائد فِي مدح النَّبِي صلى الله عليه وسلم وقصيدة طَوِيلَة فِي مدح الامام احْمَد رضي الله عنه أَولهَا أَلد من الصَّوْت الرخيم إِذا شدا وَأحسن من وَجه الحبيب إِذا بدا ثَنَاء على الحبر الْهمام ابْن حَنْبَل إِمَام التقى محيي الشَّرِيعَة أحمدا وسافر الى الصَّعِيد وَلَقي بهَا جمَاعَة وَيُقَال ان لَهُ بقوص خزانَة كتب من تصانيفه فَإِنَّهُ أَقَامَ بهَا مُدَّة وَقد حصل لَهُ محنة فِي آخر عمره وَحج الى بَيت الله الْحَرَام فِي أَوَاخِر سنة أَربع عشرَة وَجَاوَزَ سنة خمس عشرَة ثمَّ حج وَنزل الى الشَّام الى الأَرْض المقدسة واقام بِمَدِينَة سيدنَا الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام وَتُوفِّي بهَا فِي شهر رَجَب سنة عشر وَسَبْعمائة عَفا الله عَنهُ الشَّيْخ شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن الشَّيْخ تَقِيّ الدّين أبي عبد الله مُحَمَّد ابْن عبد الْوَلِيّ بن جبارَة الْمَقْدِسِي الْمقري الْحَنْبَلِيّ الْفَقِيه الأصولي النَّحْوِيّ ولد سنة سبع أَو ثَمَان وَأَرْبَعين وسِتمِائَة وَسمع الحَدِيث من جمَاعَة وارتجل الى مصر فَقَرَأَ بهَا القراآت وَالْأُصُول والعربية وبرع فِي ذَلِك وتفقه فِي الْمَذْهَب
ثمَّ استوطن بَيت الْمُقَدّس فتصدر لإقراء الْقُرْآن والعربية وصنف شرحا يَسِيرا للشاطبية وشرحا آخر للرائية فِي الرَّسْم وشرحا لألفية بن معطي وصنف تَفْسِيرا وَأَشْيَاء فِي الْقرَاءَات وَكَانَ صَالحا متعففا خشن الْعَيْش جم الْفَضَائِل ماهرا متفنا مقرئا بارعا فَقِيها نحويا نَشأ فِي صَلَاح وَدين وزهد وانتهت اليه مشيخة بَيت الْمُقَدّس وَحج وجاور بِمَكَّة وَكَانَ يعد من الْعلمَاء الصَّالِحين الأخيار توفّي بالقدس الشريف فَجْأَة سحر يَوْم الْأَحَد رَابِع رَجَب سنة ثَمَان وَعشْرين وَسَبْعمائة وَدفن فِي الْيَوْم الْمَذْكُور بماملا وَصلي عَلَيْهِ بِجَامِع دمشق صَلَاة الْغَائِب فِي سادس عشر الشَّهْر الْمَذْكُور الشَّيْخ الامام سراج الدّين عمر بن الشَّيْخ نجم الدّين عبد الرَّحْمَن بن الْحُسَيْن القباقبي الْحَنْبَلِيّ سمع الحَدِيث وَكَانَ مَشْهُورا بالصلاح كريم النَّفس كَبِير الْقدر جَامعا بَين الْعلم وَالْعَمَل اشْتغل وانتفع بالشيخ تَقِيّ الدّين بن تَيْمِية وَلم ير على طَرِيقه فِي الصّلاح مثله وَخرج لَهُ الْحُسَيْنِي شَيْخه وَحدث بهَا توفّي بالقدس الشريف فِي سنة خمس وَسبعين وَسَبْعمائة وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة الشَّيْخ الْمُحدث المتقن الضَّابِط شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد بن احْمَد بن مُحَمَّد بن المندس الْمدرس الْحَنْبَلِيّ مولده فِي سنة ارْبَعْ واربعين وَسَبْعمائة رَحل وَكتب وَسمع على الْحَافِظ وروى عَنهُ جمَاعَة من الْأَعْيَان مِنْهُم قَاضِي الْقُضَاة سعد الدّين الديري الْحَنَفِيّ توفّي بالقدس الشريف فِي شهر رَمَضَان سنة ارْبَعْ وَقيل ثَلَاث وَثَمَانمِائَة وَدفن بتربته بِبَاب القطانين عَن يَمِين الْخَارِج من بَاب الخوخة وَلم تبع تركته إِلَّا فِي سنة تسع بَاعهَا وَصِيّه شمس الدّين بن حسان وَكَانَ فِي عصر الشَّيْخ شهَاب الدّين بن المهندس جمَاعَة من الْحَنَابِلَة بالقدس الشريف وهم الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن شيخ الوجيهية وَولده الشَّيْخ اسماعيل وَالشَّيْخ ابو عبد الله المرداوي وَالشَّيْخ عَليّ بن عبد الله بن ابي الْقَاسِم المرداوي وشمس الدّين مُحَمَّد الْبَغْدَادِيّ وَالشَّيْخ خير الدّين الراس عَيْني وَالشَّيْخ عَليّ الهيئتي وَالشَّيْخ
مُحَمَّد بن المهندس وَلم أطلع على تَرْجَمَة أحد مِنْهُم وَلَا تَارِيخ وَفَاته وَلَكِن وَقعت على ورقة ضبط اسماء الْحَنَابِلَة بالقدس الشريف ذكر فِيهَا الشَّيْخ شهَاب الدّين وَهَؤُلَاء الْجَمَاعَة وزين الدّين عبد الرَّحْمَن بن الشَّيْخ سراج الدّين القياتي - الْآتِي ذكره - وان قَاضِي الْقُضَاة عَلَاء الدّين الْعَسْقَلَانِي الْحَنْبَلِيّ قَاضِي دمشق عين لَهُم مَعْلُوما يصرف لَهُم من وقف المرحوم شمس الدّين مُحَمَّد بن معمر رَحمَه الله تَعَالَى بِشَرْط مُلَازمَة الِاشْتِغَال والاجتماع فِي الْأَيَّام الْمُعْتَادَة للدرس بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الشريف عمره الله بِذكرِهِ تَارِيخ الورقة الْمَذْكُورَة فِي الْعشْر الْأَوْسَط من شهر رَمَضَان الْمُعظم قدره سنة ثَلَاث وَسبعين وَسَبْعمائة القَاضِي فَخر الدّين أَبُو عَمْرو عُثْمَان بن الشَّيْخ الامام الْعَالم شهَاب الدّين ابي الْعَبَّاس احْمَد بن الشَّيْخ الامام الأوحد فَخر الدّين أَبُو عَمْرو عُثْمَان الْحَنْبَلِيّ بَاشر الحكم بالقدس الشريف فِي سنة تسع وَثَمَانمِائَة وَالظَّاهِر انه كَانَ نَائِبا عَن قَاضِي الْقُضَاة عز الدّين الْبَغْدَادِيّ قَاضِي الأقاليم - الْآتِي ذكره - وَبَقِي الى بعد الْعشْر والثمانمائة وَلم أطلع على تَارِيخ وَفَاته الشَّيْخ الْمسند المعمر زين الدّين أَبُو زيد عبد الرَّحْمَن بن الشَّيْخ سراج الدّين عمر بن الشَّيْخ نجم الدّين عبد الرَّحْمَن بن حُسَيْن بن عبد المحسن القياتي ثمَّ الْمَقْدِسِي الْحَنْبَلِيّ ولد فِي لَيْلَة يسفر صباحها عَن ثَالِث عشري شعْبَان سنة تسع واربعين وَسَبْعمائة وَكَانَ من الْفُقَهَاء المعتبرين روى عَن خلق كثير من أَئِمَّة الحَدِيث ورورى عَنهُ خلق وَخرج لَهُ الْحَافِظ شيخ الاسلام قَاضِي الْقُضَاة شهَاب الدّين بن حجر اسماء شُيُوخه واضاف الى ذَلِك بَيَان مرويات الشُّيُوخ الَّذين اجازوا للمسندة المعمرة الاصلية فَاطِمَة بنت الشَّيْخ صَلَاح الدّين بن ابي الْفَتْح وَهِي بنت أخي قَاضِي الْقُضَاة نَاصِر الدّين نصر الله بن احْمَد الْحَنْبَلِيّ لكَونهَا شاركته فِي الْكثير مِنْهُم فِي استدعاء مؤرخ بِشَهْر ربيع الأول سنة ارْبَعْ وَخمسين وَسَبْعمائة ولخص فِي ذَلِك مصنفا لطيفا سَمَّاهُ المشيخة السامية للقياتي وَفَاطِمَة
وَكَانَ الشَّيْخ زين الدّين مُحدثا بالقدس وَكَانَ شيخ الْمدرسَة الفارسية الْمُجَاورَة للملكية شمَالي الْمَسْجِد الْأَقْصَى الشريف وَقد أجَاز لشيخ الاسلام كَمَال الدّين ابْن ابي شرِيف الشَّافِعِي متع الله بِوُجُودِهِ الْأَنَام وَتُوفِّي الشَّيْخ زين الدّين فِي يَوْم الثُّلَاثَاء سَابِع ربيع الآخر سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بالقدس الشريف وَدفن بِبَاب الرَّحْمَة الى جَانب وَالِده وعتيقه بِلَال كَانَ روى الحَدِيث وَأخذ عَنهُ جمَاعَة توفّي فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ تَاسِع جمادي الْآخِرَة سنة سبع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن عِنْده سَيّده بِبَاب الرَّحْمَة تَحت العامود الْخَارِج من سور الْمَسْجِد الْأَقْصَى الملاصق للأروقة بسوق الْمعرفَة قَاضِي الْقُضَاة الْعَلامَة عز الدّين أَبُو البركات عبد الْعَزِيز بن الشَّيْخ الامام الْعَالم الْعَلامَة عَلَاء الدّين أبي الْحسن عَليّ بن الْعِزّ عبد الْعَزِيز بن عبد الْمَحْمُود الْبَغْدَادِيّ الأَصْل ثمَّ الْمَقْدِسِي منشأ الْبكْرِيّ الْحَنْبَلِيّ الشَّيْخ الْعَالم الْمُفَسّر قَاضِي الأقاليم مولده بِبَغْدَاد فِي سنة سبعين وَسَبْعمائة واشتغل بهَا ثمَّ قدم الى دمشق وَأخذ الْفِقْه عَن الشَّيْخ عَلَاء الدّين بن اللحام شيخ الْحَنَابِلَة فِي وقته وَعرض عَلَيْهِ الخرقى واعتنى بالوعظ وَكَانَ يستحضر كثيرا من تَفْسِير الْبَغَوِيّ واعتنى بِعلم الحَدِيث وَله مُشَاركَة فِي الْفِقْه وَالْأُصُول اشْتغل ودرس وَكتب على الْفَتَاوَى يَسِيرا وَله مصنفات مِنْهَا مُخْتَصر الْمُغنِي وَشرح الشاطبية وصنف فِي الْمعَانِي وَالْبَيَان وَجمع كتابا سَمَّاهُ الْقَمَر الْمُنِير فِي أَحَادِيث البشير النذير ولي قَضَاء بَيت الْمُقَدّس بعد فتْنَة تيمورلنك سنة ارْبَعْ وَثَمَانمِائَة وَلم يعلم ان حنبليا قبله ولي الْقُدس وطالت مدَّته وَاسْتمرّ مُدَّة تبلغ عشْرين سنة ثمَّ ولي قَضَاء دمشق فِي صفر سنة ثَلَاث وَعشْرين مُدَّة يسيرَة ثمَّ صرف عَنْهَا فولي تدريس المؤيدية بِالْقَاهِرَةِ ثمَّ ولي قَضَاء الديار المصرية بعد عزل قَاضِي الْقُضَاة محب الدّين ابْن نصر الله وَكَانَت ولَايَته فِي ثَالِث عشر جمادي الْآخِرَة سنة تسع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة ثمَّ عزل بِالْقَاضِي محب الدّين بن نصر الله فِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثَانِي عشر صفر سنة ثَلَاثِينَ
ثمَّ ولي قَضَاء دمشق فِي دفعات يكون مجموعها ثَمَانِي وَسِتِّينَ وَالسَّبَب فِي تَسْمِيَته بِالْقَاضِي انه ولي قَضَاء بَغْدَاد وَالْعراق ثمَّ ولي قَضَاء الْقُدس ومصر وَالشَّام وَكَانَ فَقِيها دينا متقشفا عديم التَّكَلُّف فِي ملبسه ومركبه وَله معرفَة تَامَّة وَلما ولي الْقَضَاء بالديار المصرية صَار يمشي لِحَاجَتِهِ فِي الاسواق ويردف عَبده على بغلته وشيئا من هَذَا النسق وَكَانَت جَمِيع ولَايَته من غير سعي توفّي فِي لَيْلَة الْأَحَد مستهل ذِي الْقعدَة سنة سِتّ واربعين وَثَمَانمِائَة بِدِمَشْق وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد بالجامع الْأمَوِي وَحضر جنَازَته الْقُضَاة وَبَعض أَرْكَان الدولة وَدفن عِنْد قبر وَالِده بمقابر بَاب كيسَان إِلَى جَانب الطَّرِيق الشَّيْخ شهَاب الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن الشحام الْحَنْبَلِيّ الْمُؤَذّن بالجامع الْأمَوِي بِدِمَشْق مولده فِي خَامِس عشري الْمحرم سنة احدى وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة سمع من جمَاعَة وروى عَنهُ جمَاعَة من الْأَعْيَان توفّي بالقدس الشريف فِي نَهَار الثُّلَاثَاء تَاسِع جمادي الْآخِرَة سنة ارْبَعْ وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين أَبُو عبيد الله مُحَمَّد بن الشَّيْخ زين الدّين ابي هُرَيْرَة عبد الرَّحْمَن بن الشَّيْخ شمس الدّين ابي عبد الله محمدالعمري العليمي الْحَنْبَلِيّ الْخَطِيب الْفَقِيه الْمُحدث ولد فِي سنة سِتّ وَثَمَانمِائَة بالرملة وَنَشَأ بهَا ثمَّ توجه الى مَدِينَة صفد فَأَقَامَ بهَا وَقَرَأَ الْقُرْآن وَحفظه بِرِوَايَة عَاصِم واتقنها وأجيز بهَا من مَشَايِخ الْقِرَاءَة ثمَّ عَاد الى الرملة واشتغل بِالْعلمِ فِي مَذْهَب الامام احْمَد رضي الله عنه وَحفظ مُخْتَصر الخرقى وكل أسلافه شافعية لم يكن فيهم من هُوَ على مَذْهَب احْمَد سواهُ ولأسلافه مآثر وصدقات وَكَانَ يحترف بِالشَّهَادَةِ ثمَّ بَاشر الحكم بالرملة على قَاعِدَة مذْهبه نِيَابَة عَن الْقُضَاة الشَّافِعِيَّة ثمَّ اجْتهد فِي تَحْصِيل الْعلم وسافر الى الشَّام ومصر وَبَيت الْمُقَدّس وَأخذ عَن عُلَمَاء الْمَذْهَب وأئمة الحَدِيث وَفضل فِي فنون من الْعلم وتفقه بالشيخ شهَاب الدّين بن يُوسُف المرداوي وبرع فِي الْمَذْهَب وافتى وناظر وَقَرَأَ البُخَارِيّ
والشفاء مرَارًا وَكتب بِخَطِّهِ الْكثير من نسخ البُخَارِيّ كِتَابَة جَيِّدَة مضبوطة قَائِمَة الْأَعْرَاب وَكَانَ بارعا فِي الْعَرَبيَّة وَكَانَ خَطِيبًا بليغا وصنف فِي الْخطب ولي قَضَاء الرملة اسْتِقْلَالا فِي سنة ثَمَان وَثَمَانمِائَة وَلم يعلم ان حنبليا قبله وَليهَا ثمَّ ولي قَضَاء الْقُدس الشريف فِي أَوَاخِر دولة الْملك الْأَشْرَف برسباي فِي شهر رَمَضَان سنة احدى واربعين وَثَمَانمِائَة بعد شغوره تحو تسع عشرَة سنة عَن شَيْخه قَاضِي الْقُضَاة عز الدّين الْبَغْدَادِيّ - الْمُتَقَدّم ذكره - فَهُوَ ثَانِي حنبلي حكم بالقدس ثمَّ لما توفّي الْأَشْرَف عزل عَن قَضَاء الْقُدس وَولي قَضَاء الرملة ثمَّ اعيد الى قَضَاء الْقُدس فِي دولة الْملك الظَّاهِر جقمق فِي أحد الجمادين سنة ثَلَاث وَخمسين وَثَمَانمِائَة واقام بِهِ عشْرين سنة مُتَوَالِيَة وأضيف اليه قَضَاء الرملة ثمَّ أضيف اليه قَضَاء بلد سيدنَا الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام فِي الْمحرم سنة إِحْدَى وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَهُوَ أول حنبلي ولي بلد الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام وباشر الحكم نِيَابَة بِدِمَشْق المحروسة وَولي قَضَاء صفد مُضَافا الى قَضَاء الرملة فِي دولة الْملك الْأَشْرَف اينال وَامْتنع من مباشرتها وَاخْتَارَ الاقامة بِبَيْت الْمُقَدّس وَكَانَ خيرا متواضعا حسن الشكل مُتبعا للسّنة كثير التَّعْظِيم للأئمة الاربعة لَيْسَ عِنْده تعصب وَكَانَ سخيا مَعَ قلَّة مَاله مكرما لمن يرد عَلَيْهِ لَا يحب الْفَخر وَلَا الْخُيَلَاء وَيدخل الى الْمَسْجِد الْأَقْصَى الشريف فِي أَوْقَات الصَّلَاة بمفرده مَعَ مَا كَانَ عَلَيْهِ من الهيبة وَالْوَقار وَله معرفَة تَامَّة بالمصطلح فِي الاحكام وَكِتَابَة المستندات وباشر الْقَضَاء بالاعمال الْمَذْكُورَة وافتى نَحْو أَرْبَعِينَ سنة وَكَانَت احكامه مرضية وأموره مسددة وَمَات وَهُوَ بَاقٍ على ابهته ووقاره لم يمْتَحن وَلم يهن وَمن أعظم محاسنه الَّتِي ذكرت لَهُ فِي الدُّنْيَا ويرجى لَهُ بهَا الْخَيْر فِي الْآخِرَة أَن بالقدس الشريف كَنِيسَة النَّصَارَى مجاورة لكنيسة قمامة بلصق الصومعة من جِهَة الْقبْلَة وبناؤها مُحكم وَلها قبَّة عالية الْبناء وَكَانَ النَّصَارَى يَجْتَمعُونَ فِيهَا
يقرؤن كِتَابهمْ ويرفعون اصواتهم حَتَّى كَانَ فِي بعض الْأَوْقَات يسمع ضجيجهم من قبَّة الصَّخْرَة الشَّرِيفَة فينزعج المسملون من ذَلِك فَقدر الله تَعَالَى حُصُول زَلْزَلَة وَقعت فِي يَوْم الْأَحَد خَامِس الْمحرم سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة فهدمت قبَّة الْكَنِيسَة الْمَذْكُورَة فَتوجه النَّصَارَى لنائب السلطنة وَالْقَاضِي الْحَنَفِيّ بالقدس الشريف ودفعوا لَهما مَالا فَأذن لَهُم القَاضِي الْحَنَفِيّ فِي إِعَادَتهَا بِالْبِنَاءِ الْقَدِيم فَحصل للْقَاضِي شمس الدّين العليمي الْحَنْبَلِيّ غَايَة الانزعاج وَاشْتَدَّ غَضَبه لذَلِك حضر اليه النَّصَارَى واحضروا لَهُ مَالا على أَن لَا يعارضهم فزجرهم زجرا بليغا ثمَّ بَارِد بِالْكِتَابَةِ للْملك الاشرف اينال ورتب قصَّة أنهى فِيهَا مَا كَانَ يَقع من النَّصَارَى بالكنيسة الْمَذْكُورَة وَأَن الله تَعَالَى قد غَار لدينِهِ وهدمها بالزلزلة وَسَأَلَ فِي بروز مرسوم شرِيف بِأَن ينظر فِي ذَلِك على مَا يَقْتَضِيهِ مَذْهَب إِمَامه المبجل أَحْمد بن حَنْبَل فبرزله الْأَمر بذلك فَحَضَرَ قاصده الى الْقُدس الشريف وَقد شرع النَّصَارَى فِي الْبناء حَتَّى كَادَت الْعِمَارَة تَنْتَهِي كَمَا كَانَت عَلَيْهِ اولا فَاجْتمع الْخَاص وَالْعَام ونائب السلطنة وَالْقَاضِي الْحَنَفِيّ - الْآذِن فِي الْبناء - وَبَقِيَّة الْقُضَاة وصدرت الدَّعْوَى من الشَّيْخ تَاج الدّين ابي الوفا بن ابي الوفا - الْمُتَقَدّم ذكره - عِنْد ذكر القَاضِي شمس الدّين العليمي وَسَأَلَهُ الحكم بِمَا يَقْتَضِيهِ الشَّرْع الشريف فَحكم بِعَدَمِ اعادة الْكَنِيسَة الْمَذْكُورَة وبهدم الْبناء الْجَدِيد فهدم فِي الْحَال الْبناء الْجَدِيد وَبَعض الْقَدِيم وَلم يزل الْعَوام يهدمون حَتَّى نَهَاهُم القَاضِي واستمرت مهدومة الى يَوْمنَا هَذَا وَقد نقلت هَذِه الْحَادِثَة عَن الشَّيْخ ابي الوفا - الْمشَار اليه - من لَفظه وَمِنْهَا انه كَانَ النَّصَارَى بِبَيْت لحم احدثوا بِنَاء فِي الْكَنِيسَة وَورد مرسوم شرِيف بِالنّظرِ فِي ذَلِك فَتوجه نَائِب السلطنة وَشَيخ الصلاحية والقضاة والمشايخ والصوفية الى بَيت لحم وَسُئِلَ الْحَاكِم بِمَا يَقْتَضِيهِ الشَّرْع الشريف فَحكم بهدم مَا استجد من الْبناء وَلم يخف فِي الله لومة لائم وَكَانَ ذَلِك فِي يَوْم الثُّلَاثَاء تَاسِع عشري صفر سنة سِتّ وَخمسين وَثَمَانمِائَة ثمَّ توجه جمَاعَة من الْفُقَرَاء والنائب وَهدم الْبناء فِي يَوْم
الْأَحَد رَابِع ربيع الأول وَكَانَ يَوْمًا كثير الْمَطَر ثمَّ فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَالِث عشر جمادي الأولى توجه القَاضِي شمس الدّين الى كَنِيسَة قمامة وَهدم الدرابزين الْخشب المستجد بهَا وَنقل اخشابه الى الْمَسْجِد الْأَقْصَى الشريف بِالتَّكْبِيرِ والتهليل وَكَانَ يَوْمًا مشهودا وَمِنْهَا ان نَصْرَانِيّا من طَائِفَة الْحَبَش وَقع فِي حق النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَرفع اليه أمره واعترف عِنْده بِمَا صدر مِنْهُ فخوفه بعض النَّاس وَقَالَ لَهُ ان هَذِه الطَّائِفَة للدولة بهَا اعتناء ونخشى عَاقِبَة هَذَا من جِهَة السُّلْطَان فَلم يلْتَفت لذَلِك وَحكم بسفك دَمه وَضرب عُنُقه ثمَّ اخذه الْعَوام واحرقوه فِي صحن كَنِيسَة قمامة وَمِنْهَا انه كَانَ يُبَادر الى اطفال من يَمُوت من أهل الذِّمَّة وَيحكم باسلامهم على قَاعِدَة الْمَذْهَب فعارضه قَاض شَافِعِيّ بالقدس وَحكم لجَماعَة من أَوْلَاد الذِّمَّة ببقائهم على دينهم وتعارض الحكمان وَرفع الْأَمر للْملك الظَّاهِر جقمق وَاجْتمعَ بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية للنَّظَر فِي ذَلِك وَاتفقَ عُلَمَاء ذَلِك الْعَصْر على صِحَة الحكم بالاسلام وانه هُوَ الْمَعْمُول بِهِ وان مَا حكم بِهِ الشَّافِعِي غير صَحِيح وَطلب الْحَاكِم الشَّافِعِي للديار المصرية ورتب عَلَيْهِ التَّعْزِير وَمنع من الحكم بالقدس الشريف منعا مُؤَبَّدًا وَشرع أهل الذِّمَّة فِي الانتماء الى من لَهُ شَوْكَة من أَرْكَان الدولة لينقذهم من الحكم باسلام من مَاتَ من اولادهم فَلم يلْتَفت الى ذَلِك وَلم يزل مصمما على الحكم بذلك كلما رفع اليه الى ان لحق بِاللَّه تَعَالَى وَاسْتمرّ بالقدس الى ان عزل عَن الْقَضَاء فِي شهر جمادي الأولى سنة ثَلَاث وَسبعين وَورد عَلَيْهِ توقيع السُّلْطَان بِقَضَاء الرملة فَتوجه اليها فِي يَوْم الْأَحَد خَامِس رَمَضَان واقام بهَا تِسْعَة وَخمسين يَوْمًا وَتُوفِّي بالطاعون بعد أَذَان الظّهْر من يَوْم الثُّلَاثَاء رَابِع شهر ذِي الْقعدَة الْحَرَام سنة ثَلَاث وَسبعين وَثَمَانمِائَة بِالدَّار الكائنة بداخل مَسْجِد شَيْخه الْعَلامَة شهَاب الدّين بن أرسلان رضي الله عنه بحارة الباشقردي وَصلي عَلَيْهِ من يَوْمه بعد الْعَصْر بِجَامِع السُّوق وَدفن على بَاب الْجَامِع الْأَبْيَض
ظَاهر مَدِينَة الرملة من جِهَة الغرب الى جَانب الحوش الملاصق لحائط الْجَامِع بِهِ قُبُور الْجَمَاعَة من الصَّالِحين وَيُقَال ان الحوش قبر الامام الْحَافِظ احْمَد النَّسَائِيّ صَاحب السّنَن فِي الحَدِيث وَكَانَت جنَازَته حافلة وَصلي عَلَيْهِ بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى صَلَاة الْغَائِب فِي يَوْم الْجُمُعَة سَابِع ذِي الْقعدَة وَكثر التأسف عَلَيْهِ وَمن عَجِيب الِاتِّفَاق ان القَاضِي شمس الدّين العليمي الْحَنْبَلِيّ وَالْقَاضِي شمس الدّين المغراوي الْمَالِكِي - الْمُتَقَدّم ذكرهمَا - مولدهما فِي سنة وَاحِدَة وَهِي سنة سبع وَثَمَانمِائَة وَكَانَا قاضيين بِمَدِينَة الرملة ثمَّ صَارا قاضيين بالقدس الشريف وكل مِنْهُمَا ولي قضا صفد وتوفيا فِي سنة وَاحِدَة وَهِي سنة ثَلَاث وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَلما توفّي المغراوي فِي نصف شعْبَان أخبر القَاضِي شمس الدّين العليمي ان القَاضِي الْمَالِكِي قد توفّي وَصلي عَلَيْهِ وَحمل الى ماملا فَقَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله النَّاس الْيَوْم يَقُولُونَ توفّي القَاضِي الْمَالِكِي وَعَن قريب يَقُولُونَ توفّي الْحَنْبَلِيّ فَمَا مضى على ذَلِك إِلَّا دون عشرَة ايام وَورد عَلَيْهِ توقيع بِقَضَاء الرملة فَتوجه اليها فِي خَامِس رَمَضَان وَتُوفِّي رَابِع ذِي الْقعدَة بعد المغراوي بِنَحْوِ ثَمَانِينَ يَوْمًا رحمه الله وَعَفا عَنهُ وعوضه الْجنَّة والعمري نِسْبَة الى سيدنَا عمر بن الْخطاب رضي الله عنه والعليمي نِسْبَة الى سيدنَا ولي الله تَعَالَى عَليّ بن عليل الْمَشْهُور عِنْد النَّاس بعلي بن عليم وَالصَّحِيح انه عليل - بِاللَّامِ - كَذَا فِي نِسْبَة الثَّابِت (سلسلة النّسَب الْعمريّ) فلنذكر سلسلة النّسَب فِي هَذِه التَّرْجَمَة تبركا بهَا فَأَقُول هُوَ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن يُوسُف بن عِيسَى بن تَقِيّ الدّين عبد الْوَاحِد ابْن عبد الرَّحِيم بن مُحَمَّد بن عبيد المجير بن الشَّيْخ تَقِيّ الدّين عبد السَّلَام بن ابراهيم
ابْن ابي الْفَيَّاض بن الشَّيْخ الرباني الْقدْوَة الْعَارِف أبي الْحسن عَليّ المدفون بشاطيء الْبَحْر المالح بساحل أرسوف صَاحب المناقب الْمَشْهُورَة والكرامات الظَّاهِرَة قدس الله روحه وَنور ضريحه ابْن الشَّيْخ عليل بن مُحَمَّد بن يُوسُف بن يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن ابْن السَّيِّد الْجَلِيل الزَّاهِد العابد الصوام القوام الصَّحَابِيّ عبد الله رضي الله عنه ابْن مَوْلَانَا وَسَيِّدنَا أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر بن الْخطاب الْعَدوي الْقرشِي رضي الله عنه وَعَن سَائِر أَصْحَاب رَسُول الله أَجْمَعِينَ وَهَذَا النّسَب ثَابت لهَذَا القَاضِي شمس الدّين الْمشَار اليه الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن يُوسُف مَحْكُوم بِهِ لَدَى قَاضِي الْقُضَاة شرف الدّين قَاضِي الْجَبَل ابْن قدامَة الْحَنْبَلِيّ بِالشَّام المحروس فِي شهور سنة سبعين وَسَبْعمائة رَحْمَة الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ الشَّيْخ عمر بن اسماعيل الْحَنْبَلِيّ مؤدب الْأَطْفَال كَانَ رجلا صَالحا يحفظ الْقُرْآن ويؤدب الاطفال بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى بِالْمَكَانِ المجاور لجامع المغاربة من جِهَة الْقبْلَة وَالنَّاس سَالِمُونَ من يَده وَلسَانه توفّي فِي شهر رَجَب سنة ثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة بالقدس قَاضِي الْقُضَاة بدر الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن قَاضِي الْقُضَاة شرف الدّين ابي حَاتِم عبد الْقَادِر بن شيخ الاسلام شمس الدّين ابي عبد الله مُحَمَّد الْجَعْفَرِي النابلسي الْحَنْبَلِيّ ولد فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَقيل احدى وَتِسْعين وَسَبْعمائة بنابلس وَنَشَأ على طَريقَة حَسَنَة وَهُوَ من بَيت علم ورياسة سمع من جده وَابْن العلائي وَجَمَاعَة واشتغل بِالْعلمِ ودأب وَحصل وباشر الْقَضَاء بنابلس نِيَابَة ثمَّ وَليهَا اسْتِقْلَالا بعد الْأَرْبَعين والثمانمائة ثمَّ اضيف اليه قَضَاء الْقُدس الشريف بعد عزل القَاضِي شمس الدّين العليمي قبل الْخمسين والثمانمائة ثمَّ عزل من الْقُدس وَاسْتمرّ بنابلس ثمَّ بَاشر قَضَاء الْقُدس مرَّتَيْنِ عوضا عَن القَاضِي شمس الدّين العليمي الاولى فِي شهور سنة ارْبَعْ وَسِتِّينَ وَالثَّانيَِة فِي سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وكل مرّة يُقيم مُدَّة يسيرَة ثمَّ يُعَاد الى قَضَاء نابلس وَولي قَضَاء الرملة ونيابة الحكم بالديار المصرية
وَكَانَ حسن السِّيرَة عفيفا فِي مُبَاشرَة الْقَضَاء مهيبا عندالناس وَكَانَ حسن الشكل منور الشيبة عَلَيْهِ الابهة وَالْوَقار ونورانية الْعلم وَالتَّقوى وَعمر ورزق الْأَوْلَاد وَالْحق الاحفاد بالاجداد ومتع بدنياه ثمَّ عزل عَن قَضَاء نابلس فِي أَوَاخِر عمره فَلم يلْتَفت اليه بعد ذَلِك وَاسْتمرّ الى أَن توفّي بنابلس فِي يَوْم الْخَمِيس سادس عشر شهر رَمَضَان سنة احدى وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَله نَحْو تسعين سنة وَكَانَ لَهُ عدَّة أَوْلَاد أمثلهم قَاضِي الْقُضَاة كَمَال الدّين أَبُو الْفضل مُحَمَّد ولد سنة نَيف وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة دأب وَحصل وسافر الى الْبِلَاد واشتغل بِالْعلمِ واخذ عَن الْمَشَايِخ وَفضل وبرع فِي الْمَذْهَب وَأذن لَهُ الشَّيْخ عَلَاء الدّين المرداوي عَالم الْحَنَابِلَة فِي وقته ومصحح مَذْهَب الامام احْمَد ومنقحه بالافتاء والتدريس فِي سنة إِحْدَى وَخمسين وَثَمَانمِائَة ثمَّ اذن لَهُ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين بن قندس أَيْضا فتميز وَصَارَ من ايعان الْحَنَابِلَة وافتى وناظر وَكَانَ عِنْده معرفَة بطرق الْأَحْكَام وباشر الْقَضَاء نِيَابَة عَن وَالِده بنابلس ثمَّ بَاشر نِيَابَة الحكم بالديار المصرية عَن قَاضِي الْقُضَاة عز الدّين الْكِنَانِي ثمَّ ولي قضا الْقُدس والرملة فِي شهر جمادي الأولى سنة ثَلَاث وَسبعين وَثَمَانمِائَة عوضا عَن القَاضِي شمس الدّين العليمي - الْمُتَقَدّم ذكره - ثمَّ اضيف اليه بعد وَفَاته قَضَاء الرملة ثمَّ قَضَاء نابلس وعزل عَن الْقَضَاء فِي شهر شعْبَان سنة ثَمَان وَسبعين وَاسْتمرّ سنة كَامِلَة واعيد فِي سنة تسع وَسبعين ثمَّ عزل فِي جمادي الْآخِرَة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَتوجه الى دمشق فَأَقَامَ بهَا نَحْو ثَلَاث سِنِين ثمَّ توجه الى ثغر دمياط وباشر بِهِ نِيَابَة الحكم ثمَّ سَافر من دمياط وَانْقطع خَبره وَلم يعلم مقره ثمَّ ورد الى الْقَاهِرَة خبر وَفَاته بِمَدِينَة الاسكندرية فِي شهرو سنة تسع وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَلم تعلم حَقِيقَة الْحَال فِي وَفَاته