الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(
[حرف الْعين] )
(بَاب الْعين مَعَ الْألف)
الْعَارِف: فِي الْمعرفَة إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَقد مر فِي الزَّاهِد كَمَا أَن
العابد: فِي الزَّاهِد أَيْضا.
العائق: الْمَانِع وَجمعه الْعَوَائِق أَي الْمَوَانِع.
الْعَادة طبيعة خَامِسَة: لَيْت شعري مَا المُرَاد بِهَذَا القَوْل الْمَشْهُور فَإِن الطبيعة أَمْرَانِ جبلي وعادي - وَالْأول أَرْبَعَة دموي وصفراوي وسوداوي وبلغمي فَالْقَوْل بِأَن الْعَادة طبيعة خَامِسَة بِنَاء على أَقسَام الْجبلي لَيْسَ بصواب فالعادة لَيست إِلَّا طَبِيعَته ثَانِيَة.
عَاشُورَاء: هُوَ الْيَوْم الْعَاشِر من الْمحرم يَوْم عَظِيم حدثت فِيهِ حوادث عَظِيمَة الشَّأْن عَجِيبَة الْبَيَان، كخلق آدم عليه السلام، وإخراجه من الْجنان، وَقبُول تَوْبَته - ومغفرته عَن الْعِصْيَان، وطوفان نوح عليه السلام سِيمَا شَهَادَة الإِمَام الْهمام الْمَظْلُوم الْمَعْصُوم الشَّهِيد السعيد أبي عبد الله الْحُسَيْن رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ابْن أَسد الله الْغَالِب عَليّ بن أبي طَالب كرم الله وَجهه وسيحدث فِيهِ أُمُور عِظَام جسام أَو مهولة مخوفة، كخروج الإِمَام الْهمام مُحَمَّد الْمهْدي رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ - ونزول عِيسَى عليه السلام من السَّمَاء - وَخُرُوج الدَّجَّال - ودابة الأَرْض - خُصُوصا قيام الْقِيَامَة كَمَا أخبر بهَا الْمخبر الصَّادِق الصدوق نَبِي آخر الزَّمَان عَلَيْهِ وعَلى آله الصَّلَاة وَالسَّلَام من الله الْملك المنان وَاسْتحْسن الْفُقَهَاء فِيهِ عشرَة أَعمال كَمَا قَالَ وَاحِد من الأكابر:
(عَلَيْكُم يَوْم عَاشُورَاء قومِي
…
بِأَن تَأْتُوا بِعشر من خِصَال)
(بِصَوْم وَالصَّلَاة وَمسح أيد
…
على رَأس الْيَتِيم والاغتسال)
(وَصلح والعيادة للأعلا
…
وتوسيع الطَّعَام على الْعِيَال)
(وثامنها زِيَارَة عالميكم
…
وتاسعها الدُّعَاء مَعَ اكتحال)
وَلم تثبت هَذِه الْأَعْمَال من الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة، فَإِن الْأَحَادِيث المنقولة فِيهَا مَوْضُوعَات - وَإِن أردْت أَن تكشف غطاءك عَن أَحْوَال هَذِه الْعشْرَة فَعَلَيْك أَن تطالع (تَحْقِيق لَيْلَة الرغائب والبرات) نعم الصَّوْم وتوسيع الطَّعَام على الْعِيَال فِي الْيَوْم الْمَذْكُور ثَابت بالأحاديث الصَّحِيحَة وَإِنَّمَا سمي عَاشُورَاء لِأَن الله تَعَالَى أعْطى لعشرة من الْأَنْبِيَاء
عشر كرامات فِي ذَلِك الْيَوْم - آدم - وَإِدْرِيس - ونوحا - وَيُونُس - وَأَيوب - ويوسف - ومُوسَى - وَعِيسَى - وَإِبْرَاهِيم - ومحمدا - صلوَات الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ وَهَذَا يَوْم من أطَاع الله تَعَالَى فِيهِ نَالَ جزيل الثَّوَاب - وَمن عَصَاهُ فِيهِ عُوقِبَ بأشد الْعقَاب وَالْعَذَاب - كقاتل حُسَيْن بن عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا بل من أَمر بقتْله واستبشر بِهِ.
وَفِي اليواقيت يجب على الْأَبَوَيْنِ أَن يأمرا الصَّبِي بِصَوْم عَاشُورَاء إِذا كَانَ لَا يلْحقهُ ضَرَر لِأَنَّهُ رُوِيَ فِي الْأَخْبَار أَن النَّبِي الْمُخْتَار عليه السلام كَانَ يَدْعُو الْحسن وَالْحُسَيْن رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا وَقت السحر ويلقي البزاق فِي فيهمَا وَكَانَ يَقُول لفاطمة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا لَا تطعميهما الْيَوْم شَيْئا فَإِن هَذَا يَوْم تَصُوم الوحوش وَلَا تَأْكُل. وَفِي الْمُلْتَقط روى أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عَن النَّبِي عليه الصلاة والسلام أَنه قَالَ من صَامَ يَوْم عَاشُورَاء كَانَ كَفَّارَة لذنب سنة وَمن وسع النَّفَقَة على عِيَاله يُوسع الله عَلَيْهِ الرزق سنة. وَفِي الشرعة يسْتَحبّ أَن يَصُوم قبل يَوْم عَاشُورَاء يَوْمًا وَبعده يَوْمًا خلافًا لأهل الْكتاب. وَاعْلَم أَن الْفُقَهَاء والعباد يلتزمون الصَّلَاة والأدعية فِي هَذَا الْيَوْم ويذكرون فِيهَا الْأَحَادِيث وَلم يثبت شَيْء مِنْهَا عِنْد أهل الحَدِيث غير الصَّوْم وتوسيع الطَّعَام كَمَا مر.
ف (67) :
الْعَارِض السماوي: مَا ثَبت من قبل الشَّارِع بِدُونِ اخْتِيَار العَبْد فِيهِ وَلِهَذَا نسب إِلَى السَّمَاء فَإِن مَا لَا اخْتِيَار للْعَبد فِيهِ ينْسب إِلَى السَّمَاء على معنى أَنه خَارج عَن قدرَة العَبْد نَازل من السَّمَاء كالجنون - والصغر - والعته - وَالنِّسْيَان وَالنَّوْم وَالْإِغْمَاء - والرزق - وَالْمَرَض - وَالْحيض - وَالنّفاس - وَالْمَوْت.
الْعَارِية: فِي الْكِفَايَة فِي الصِّحَاح الْعَارِية بتَشْديد الْيَاء التَّحْتَانِيَّة بنقطتين كَأَنَّهَا منسوبة إِلَى الْعَار لِأَن طلبَهَا عَار وعيب. وَفِي الْمغرب الْعَارِية فَعَلَيهِ منسوبة إِلَى العارة اسْم من الْإِعَارَة كالغارة من الإغارة وَأَخذهَا من الْعَار بِمَعْنى الْعَيْب أَو العرى خطأ وَفِي الْمَبْسُوط وَقيل هِيَ من التعاور وَهُوَ التناوب فَكَانَ الْمُعير يَجْعَل للْغَيْر نوبَته فِي الِانْتِفَاع بِملكه على أَن تعود النّوبَة إِلَيْهِ بالاسترداد مَتى شَاءَ وَلِهَذَا كَانَت الْإِعَارَة فِي الْمكيل وَالْمَوْزُون قرضا لِأَنَّهُ لَا ينْتَفع بهَا إِلَّا باستهلاك الْعين وَلَا تعود النّوبَة إِلَيْهِ فِي ملك الْعين ليَكُون حَقِيقَة وَإِنَّمَا تعود النّوبَة إِلَيْهِ فِي ملكهَا انْتهى. فَهِيَ معتل الْعين وَجوز بَعضهم كَونهَا معتل اللَّام من العرى بِالضَّمِّ والسكون مصدر عرى يعرى فَهُوَ عَار وعريان من بَاب علم وَالْيَاء للنسبة سمي العقد بِهِ لتعريه عَن الْعِوَض. وَالْعَارِية فِي الشَّرْع تمْلِيك الْمَنْفَعَة بِلَا عوض.
وَاعْلَم أَن الْوَدِيعَة وَالْعَارِية وَرَأس المَال فِي الْمُضَاربَة مُشْتَركَة فِي كَون كل مِنْهَا
أَمَانَة وَالْفرق بَينهمَا أَن الْوَدِيعَة أَمَانَة تركت للْحِفْظ، وَالْعَارِية أَمَانَة دفعت للْحِفْظ وَالِانْتِفَاع وَرَأس المَال فِي الْمُضَاربَة دفعت للْحِفْظ والاسترباح.
الْعَامِل: فِي اللُّغَة كأركن. وَعند النُّحَاة مَا بِهِ يتقوم الْمَعْنى الْمُقْتَضِي للإعراب وَهُوَ على نَوْعَيْنِ - لَفْظِي - ومعنوي.
الْعَامِل اللَّفْظِيّ: مَا يكون ملفوظا عَاملا اسْما أَو فعلا أَو حرفا.
الْعَامِل الْمَعْنَوِيّ: هُوَ الْعَامِل الَّذِي لَا يكون للسان حَظّ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ معنى يعرف بِالْقَلْبِ، ثمَّ الْعَامِل اللَّفْظِيّ على نَوْعَيْنِ - سَمَاعي - وقياسي.
الْعَامِل السماعي: مَا سمع من الْعَرَب وَلَا يُقَاس عَلَيْهِ فَيُقَال هَذَا يعْمل كَذَا وَهَذَا يعْمل كَذَا وَلَيْسَ لَك أَن تتجاوز. فَتَقول إِن على تجر وَلنْ تنصب وَلَيْسَ لَك أَن تَقول إِن كل مَا كَانَ على وزن على يجر وعَلى زنة لن ينصب.
الْعَامِل القياسي: مَا سمع من الْعَرَب وَيُقَاس عَلَيْهِ فَيصح أَن يُقَال فِيهِ كل مَا كَانَ كَذَا فَإِنَّهُ يعْمل كَذَا فَإنَّك تَقول إِن ضرب مثلا يرفع الْفَاعِل وَينصب الْمَفْعُول وَيصِح أَن تَقول كل مَا كَانَ كَذَا فَهُوَ يرفع الْفَاعِل وَينصب الْمَفْعُول.
الْعَائِد: من الْعود وَهُوَ الرُّجُوع والعائد عِنْد النُّحَاة أَرْبَعَة الضَّمِير مثل زيد أَبوهُ قَائِم. وَلَام التَّعْرِيف مثل نعم الرجل زيد. وَوضع الْمظهر مَوضِع الْمُضمر نَحْو الحاقة مَا الحاقة. وَكَون الْخَبَر تَفْسِيرا للمبتدأ مثل {قل هُوَ الله أحد} .
الْعَارِض: للشَّيْء الْخَارِج عَنهُ الْمَحْمُول عَلَيْهِ كالضحك للْإنْسَان وَهُوَ أَعم من الْعرض إِذْ يُقَال للجوهر عَارض لَا عرض كالصورة الجسمية فَإِنَّهُ يُقَال لَهَا أَنَّهَا تعرض على الهيولى.
الْعَام: مَأْخُوذ من الْعُمُوم وَهُوَ الشُّمُول يُقَال مطر عَام إِذا عَم الْأَمْكِنَة. ويقابله الْخَاص بِخِلَاف الْمُطلق فَإِنَّهُ لَا يتَنَاوَل الْجَمِيع بل يتَنَاوَل الْوَاحِد غير معِين. ويقابله الْمُقَيد. وَعند الْأُصُولِيِّينَ فِي الْعَام اخْتِلَاف بِحَسب اشْتِرَاط الِاسْتِغْرَاق وَعَدَمه فَمن لم يشْتَرط الِاسْتِغْرَاق فِيهِ عرفه بِأَنَّهُ كل لفظ يَنْتَظِم جمعا من المسميات شمولا لفظا أَو معنى. وَالْمرَاد بِاللَّفْظِ الْمَوْضُوع بِقَرِينَة الْمقسم وبالانتظام الشُّمُول وَهُوَ احْتِرَاز عَن الْمُشْتَرك فَإِنَّهُ لَا يَشْمَل الْمَعْنيين فضلا عَن الْمعَانِي بل يحْتَمل كل وَاحِد مِنْهُمَا على السوَاء وَقَوله جمعا احْتِرَاز عَن الْمثنى فَإِنَّهُ لَيْسَ بعام بل هُوَ مثل سَائِر أَسمَاء الْأَعْدَاد فِي الْخُصُوص واحتراز عَن اشْتِرَاط الِاسْتِغْرَاق أَيْضا فَإِنَّهُ لَيْسَ بِشَرْط عِنْد أَكثر الْأُصُولِيِّينَ وَبِقَوْلِهِ من المسميات عَن الْمعَانِي عِنْد الْمُتَأَخِّرين من مَشَايِخنَا وَالْمرَاد من الانتظام لفظا أَن تدل صيغته على الشُّمُول كصيغ الجموع مثل زيدون وَرِجَال وَمن الانتظام بِمَعْنى أَن يكون الشُّمُول بِاعْتِبَار الْمَعْنى دون الصِّيغَة كمن وَمَا وَالْقَوْم والرهط وَنَحْوهَا فَإِنَّهَا عَامَّة
من حَيْثُ الْمَعْنى لتناولها جمعا من المسميات وَإِن كَانَ صيغها صِيغ الْخُصُوص وَمن شَرط الِاسْتِغْرَاق فِيهِ عرفه بِأَنَّهُ لفظ وضع وضعا وَاحِدًا لكثير غير مَحْصُور مُسْتَغْرق لجَمِيع مَا يصلح لَهُ وَإِنَّمَا قيد بِالْوَضْعِ الْوَاحِد ليخرج الْمُشْتَرك فَإِنَّهُ مَوْضُوع بأوضاع مُتعَدِّدَة وبالكثير ليخرج الْخَاص كزيد وَعَمْرو وَبِغير مَحْصُور ليخرج أَسمَاء الْعدَد فَإِن الْعشْرَة مثلا مَوْضُوعَة وضعا وَاحِدًا لكثير مَحْصُور وبالمستغرق لجَمِيع مَا يصلح لَهُ ليخرج الْجمع الْمُنكر كرجال وَيظْهر فَائِدَة الِاخْتِلَاف فِي الْعَام الَّذِي خص مِنْهُ الْبعد فَعِنْدَ من شَرط الِاسْتِغْرَاق لَا يجوز التَّمَسُّك بِعُمُومِهِ لِأَنَّهُ لم يبْق عَاما وَعند من لم يشْتَرط يجوز لبَقَاء الْعُمُوم بِاعْتِبَار بَقَاء الجمعية فَافْهَم.
الْعَاشِر: يحْتَمل التصيير وَالْحَال. وَفِي الشَّرْع من نَصبه الإِمَام على الطَّرِيق ليَأْخُذ الصَّدقَات من التُّجَّار الَّذين يَمرونَ عَلَيْهِ عِنْد استجماع شَرَائِط الْوُجُوب.
العادلة والعائلة والعازلة: اعْلَم أَن مسَائِل الْفَرَائِض على ثَلَاثَة أَقسَام مَذْكُورَة لِأَن الْفُرُوض والسهام إِذا كَانَت سَوَاء تسمى الْمَسْأَلَة عادلة كَزَوج وَأم وأختين لأم. وَإِذا كَانَت الْفُرُوض زَائِدَة على السِّهَام يُسمى عائلة كَزَوج وَأم وَأُخْت لأَب وَأم، وَإِذا كَانَت السِّهَام زَائِدَة على الْفُرُوض تسمى عازلة كَأُمّ وَأُخْت لأَب وَأم.
العاذرية: هم الَّذين عذروا النَّاس بالجهالات فِي الْفُرُوع.
الْعَالم: بِكَسْر اللَّام اسْم الْفَاعِل من الْعلم بِمَعْنى دانستن وَبِفَتْحِهَا مُشْتَقّ من الْعلم بِمَعْنى الْعَلامَة فَمَعْنَاه مَا يعلم بِهِ كالخاتم بِمَعْنى مَا يخْتم بِهِ ثمَّ غلب على مَا سوى الله تَعَالَى لِأَنَّهُ مِمَّا يعلم بِهِ الصَّانِع، وَفَسرهُ الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ رحمه الله فِي شرح العقائد بقوله أَي مَا سوى الله تَعَالَى من الموجودات مِمَّا يعلم بِهِ الصَّانِع. وَقَالَ صَاحب الخيالات اللطيفة أَن قَوْله مِمَّا يعلم بِهِ الصَّانِع إِشَارَة إِلَى وَجه تَسْمِيَة مَا سوى الله تَعَالَى بالعالم وَلَيْسَ من التَّعْرِيف كَمَا هُوَ الْمَشْهُور أَنه من تتمته لِأَن سوى بِمَعْنى الْغَيْر وَالْمرَاد بِهِ الْغَيْر المصطلح أَي جَائِز الانفكاك فَخرج عَنهُ صِفَاته تَعَالَى لِأَنَّهَا لَيست غير الذَّات كَمَا أَنَّهَا لَيست عين الذَّات فَلَو جعل قَوْله مِمَّا يعلم بِهِ الصَّانِع من تَتِمَّة التَّعْرِيف لزم استدراكه وَالْمَشْهُور أَنه من تتمته بِنَاء على حمل الْغَيْر على الْمَعْنى اللّغَوِيّ أَعنِي المغائر فِي الْمَفْهُوم وَإِخْرَاج صِفَاته تَعَالَى إِذْ لَا يعلم بهَا الصَّانِع.
وَالتَّحْقِيق أَن الْمَشْهُور أولى لِأَن حمل الْغَيْر على المصطلح بعيد عَن الْفَهم وعَلى تَقْدِير التَّسْلِيم يلْزم اسْتِدْرَاك قَوْله من الموجودات إِذا لغير المصطلح لَا يُطلق إِلَّا على الْمَوْجُود. ثمَّ اعْلَم أَنه يتَوَهَّم من التَّعْرِيف الْمَذْكُور أَمْرَانِ أَحدهمَا جَوَاز إِطْلَاق الْعَالم على زيد وَعَمْرو وَغير ذَلِك من الجزئيات وَلَيْسَ كَذَلِك فَإِنَّهُ لَا يُطلق على الجزئيات بل على كل وَاحِد من الْأَجْنَاس وَثَانِيهمَا اخْتِصَاص إِطْلَاقه على مَجْمُوع مَا سوى الله تَعَالَى
حَيْثُ بَين الْمَوْصُول بِصِيغَة الْجمع وَقَالَ من الموجودات وَلَيْسَ كَذَلِك لما مر من جَوَاز إِطْلَاقه على كل وَاحِد من الْأَجْنَاس وَلِأَنَّهُ لَو كَانَ اسْما للْكُلّ لَا لكل وَاحِد من الْأَجْنَاس لما صَحَّ جمعه فِي قَوْله تَعَالَى {رب الْعَالمين} . أَلا ترى أَن الشَّارِح الْمُحَقق رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ فِي شرح الْكَشَّاف إِنَّه اسْم لكل جنس وَلَيْسَ اسْما للمجموع بِحَيْثُ لَا يكون لَهُ أَفْرَاد بل أَجزَاء فَيمْتَنع جمعه انْتهى. ولدفع الوهمين الْمَذْكُورين قَالَ الْمُحَقق وَيُقَال - عَالم الْأَجْسَام - وعالم الْإِعْرَاض - وعالم النَّبَات - وعالم الْحَيَوَان وَإِنَّمَا يندفعان بِهَذَا القَوْل لِأَنَّهُ يُشِير إِلَى أَمريْن أَحدهمَا أَن الْعَالم يُطلق على كل وَاحِد من الْأَجْنَاس لَا على كل جزئي مِنْهَا وَثَانِيهمَا أَنه اسْم مَوْضُوع للقدر الْمُشْتَرك بَين جَمِيع الْأَجْنَاس وَهُوَ مَا سوى الله تَعَالَى لَا للْكُلّ أَي للمجموع من حَيْثُ هُوَ مَجْمُوع فبالأمر الأول ينْدَفع الْوَهم الأول وَبِالثَّانِي الثَّانِي وَلَا يجوز دفع الْوَهم الثَّانِي بِأَن يُقَال إِنَّه مُشْتَرك بَين الْمَجْمُوع أَي الْكل وَبَين كل وَاحِد لِأَن القَوْل بالاشتراك خلاف الأَصْل لَا يُصَار إِلَيْهِ بِلَا ضَرُورَة مَعَ أَنه مَوْقُوف على الْعلم بِتَعَدُّد الْوَضع وَإِثْبَات الْوَضع بِلَا دَلِيل بَاطِل. فَإِن قلت، متن العقائد صَرِيح فِي أَنه اسْم للْكُلّ حَيْثُ قَالَ الْعَالم بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ مُحدث فَإِن الْأَجْزَاء إِنَّمَا تكون للْكُلّ كَمَا لَا يخفى. قُلْنَا هَذَا القَوْل قَضِيَّة كُلية مَعْنَاهُ كل جنس يصدق عَلَيْهِ مَفْهُوم اسْم الْعَالم بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ حَادث لِأَن مهملات الْعُلُوم كليات أَو لِأَن اللَّام على الْعَالم للاستغراق وَهُوَ سور الْمُوجبَة الكليه كَمَا بَين فِي مَوْضِعه. وَالْغَرَض من ذَلِك القَوْل الرَّد على الفلاسفة الْقَائِلين بقدم السَّمَاوَات بأجزائها أَي موادها وصورها الجسمية والنوعية وأشكالها أَي الصُّور الشخصية وبقدم العناصر بموادها وصورها لَكِن بالنوع بِمَعْنى أَنَّهَا لم تخل قطّ عَن صُورَة مَا. وَهَذَا الْغَرَض إِنَّمَا يحصل إِذا كَانَ ذَلِك القَوْل قَضِيَّة كُلية إِذْ محصلها حِينَئِذٍ أَن كل جنس من الْأَجْنَاس حَادث مَعَ حُدُوث الْأَجْزَاء الَّتِي تركب مِنْهَا.
وَاعْلَم أَن مَا قيل إِن الْعَالم اسْم مَا علم بِهِ الْحق تَعَالَى شَأْنه مَبْنِيّ على أَنه اسْم غير صفة لَكِن فِيهِ معنى الوصفية وَهِي الدّلَالَة على معنى الْعلم. وَأما الْعَالم عِنْد أهل الْحَقَائِق هُوَ الْحق المتجلي بصفاته لِأَنَّهُ اسْم لما سوى الله تَعَالَى وسواه مُنْتَفٍ عِنْدهم فبالضرورة هُوَ الْحق المتجلي بصفاته وَيحْتَمل على مَذْهَبهم أَن يرجع ضمير صِفَاته إِلَى الْعَالم أَي الْعَالم هُوَ الْحق المتجلي بِصِفَات الْعَالم هَذَا هُوَ الْأَنْسَب لما قيل ظهر بِوُجُود الْإِنْسَان بِصفة الْإِنْسَان.
(آن بادشاه أعظم دربسة بود مُحكم
…
بوشيده دلق آدم كاه بر درآمد)
وَأَيْضًا أَن الْحق اسْم من أَسمَاء الله تَعَالَى وَاسْتعْمل أَيْضا فِي معنى آخر وَهُوَ