الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصَّمد عز شَأْنه. والكون الدهري فِي نَفسه وباللحاظ إِلَى ذَاته هَالك كَمَا مر والدهر وعَاء الزَّمَان وَالزَّمَان وعَاء التغيرات التدريجية والدفعية وَسَائِر الزمانيات الَّتِي يتَعَلَّق تقررها ووجودها بأزمنة وآنات متعينة. فَجَمِيع الأكوان والأزمان وأجزاء الزَّمَان والحوادث الزمانية والآنية حَاضر مَوْجُود دفْعَة فِي الدَّهْر من غير مُضِيّ وَحَال واستقبال وعروض انْتِقَال وَزَوَال إِذْ جملَة الزَّمَان وإبعاضه وحدوده لَا يخْتَلف انْقِضَاء أَو حصولا بِالْقِيَاسِ إِلَى الثَّابِت الْمَحْض أصلا فَأذن بعض الزَّمَان وَكله يكونَانِ مَعًا بِحَسب الْحُصُول فِي الدَّهْر وَإِلَّا لَكَانَ فِي الدَّهْر انقضاءات وتجددات فَيلْزم فِيهِ امتداد فينقلب الدَّهْر حِينَئِذٍ بِالزَّمَانِ وَهَذَا خلف محَال فحصول حُصُول الأكوان والأزمان كَذَلِك فِي السرمد بِالطَّرِيقِ الأولى.
وَإِذ قد علمت أَن المتغيرات التدريجية لَا تُوجد بِدُونِ الانطباق على الزَّمَان. والدفعية إِنَّمَا تحدث فِي آن هُوَ ظرف الزَّمَان فَهِيَ أَيْضا لَا تُوجد بِدُونِ الزَّمَان وَأما الْأُمُور الثَّابِتَة الَّتِي لَا تغير فِيهَا أصلا لَا تدريجيا وَلَا دفعيا فَهِيَ وَإِن كَانَت مَعَ الزَّمَان إِلَّا أَنَّهَا مستغنية فِي حد أَنْفسهَا عَن الزَّمَان بِحَيْثُ إِذا نظر إِلَى ذواتها يُمكن أَن تكون مَوْجُودَة بِلَا زمَان. فَاعْلَم أَنه إِذا نسب متغير إِلَى متغير بالمعية أَو الْقبلية فَلَا بُد هُنَاكَ من زمَان فِي كلا الْجَانِبَيْنِ وَإِذا نسب بهما ثَابت إِلَى متغير فَلَا بُد من الزَّمَان فِي أحد جانبيه دون الآخر. وَإِذا نسب ثَابت إِلَى ثَابت بالمعية كَانَ الجانبان مستغنيين عَن الزَّمَان وَإِن كَانَا مقارنين. والحكماء الْمُحَقِّقُونَ أشاروا إِلَى مَا فصلنا فِي بَيَان الزَّمَان والدهر والسرمد بِمَا قَالُوا. إِن نِسْبَة الْمُتَغَيّر إِلَى الْمُتَغَيّر (زمَان) وَنسبَة الثَّابِت إِلَى الْمُتَغَيّر (دهر) وَنسبَة الثَّابِت إِلَى الثَّابِت (سرمد) .
ف (45) :
الدهري: من يَقُول بقدم الدَّهْر واستناد الْحَوَادِث إِلَيْهِ وَلكنه يَقُول بِوُجُود الْبَارِي تَعَالَى فَإِن من لَا يثبت الْبَارِي عز شَأْنه فَهُوَ الْمُعَطل كَمَا سَيَجِيءُ فِي الْمُنَافِق إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
(بَاب الدَّال مَعَ الْيَاء التَّحْتَانِيَّة)
الدّين: بِالْكَسْرِ الْإِسْلَام وَالْعَادَة وَالْجَزَاء والمكافآت وَالْقَضَاء وَالطَّاعَة. وَالدّين الاصطلاحي قانون سماوي سائق لِذَوي الْعُقُول إِلَى الْخيرَات بِالذَّاتِ كالأحكام الشَّرْعِيَّة النَّازِلَة على نَبينَا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم َ -
الَّذِي شقّ الْقَمَر من معجزاته الْعَالِيَة واخضرار الشّجر من بيناته المتعالية.
(تادر جَسَد مَدِينَة جسمت شده جَان
…
دين توكرفت قَاف تاقاف جهان)
(در لفظ مدينه بَين كه زاعجاز توجون
…
مَه شقّ شده وكرفته دين رابميان)
وَالدّين بِفَتْح الدَّال مَا يلْزم وَيجب فِي الذِّمَّة بِسَبَب العقد أَو بِفِعْلِهِ. مِثَال الأول كالمهر الَّذِي يجب فِي ذمَّة الزَّوْج بِسَبَب عقد النِّكَاح. وكما إِذا اشْترى شَيْئا فثمنه دين على ذمَّة المُشْتَرِي بِسَبَب عقد البيع. وَمِثَال الثَّانِي مَا يلْزم فِي الذِّمَّة بِسَبَب استهلاكه مَال إِنْسَان فَوَجَبَ فِي ذمَّته مَال بِسَبَب فعل الْهَلَاك.
وَأما الْقَرْض فَهُوَ مَا يجب فِي الذِّمَّة بِسَبَب دَرَاهِم الْغَيْر مثلا فالدين وَالْقَرْض متبائنان وَهُوَ الْمُسْتَفَاد من التَّلْوِيح فِي مَبْحَث الْقَضَاء. والمتعارف فِي مَا بَين الْفُقَهَاء أَن الدّين عَام شَامِل للقرض وَغَيره فَافْهَم واحفظ.
ثمَّ اعْلَم أَن دين الصِّحَّة مَا كَانَ ثَابتا بِالْإِقْرَارِ فِي الصِّحَّة أَو بِالْبَيِّنَةِ سَوَاء كَانَت فِي حَالَة الْمَرَض أَو الصِّحَّة وَدين الْمَرَض مَا كَانَ ثَابتا بِإِقْرَارِهِ فِي مَرضه وَلم يعلم سَببه. وَأما إِذا أقرّ فِي مَرضه بدين علم ثُبُوته بطرِيق المعاينة كَمَا يجب بَدَلا عَن مَال ملكه أَو اسْتَهْلكهُ كَانَ ذَلِك بِالْحَقِيقَةِ من دين الصِّحَّة هَكَذَا ذكره السَّيِّد السَّنَد الشريف الشريف قدس سره فِي الشريفية شرح السِّرَاجِيَّة فِي علم الْفَرَائِض. ثمَّ الدّين صَحِيح وَغير صَحِيح (الدّين الصَّحِيح) هُوَ الَّذِي لَا يسْقط إِلَّا بالإداء أَو الْإِبْرَاء (وَغير الصَّحِيح) هُوَ الَّذِي يسْقط بدونهما أَيْضا كبدل الْكِتَابَة فَإِنَّهُ يسْقط بعجز الْمكَاتب عَن أَدَائِهِ.
الدّين الْمُشْتَرك: هُوَ الدّين الْوَاجِب لِرجلَيْنِ مثلا على آخر بِسَبَب مُتحد كَثمن الْمَبِيع صَفْقَة وَاحِدَة وكثمن المَال الْمُشْتَرك. أما الأول: فبأن جمع اثْنَان عَبْدَيْنِ لكل وَاحِد مِنْهُمَا وباعا إيَّاهُمَا صَفْقَة وَاحِدَة فَيكون ثمنهما دينا بَينهمَا على الِاشْتِرَاك. وَإِن اخْتصَّ كل وَاحِد مِنْهُمَا بِأَحَدِهِمَا. وَأما الثَّانِي: فبأن باعا عبدا مُشْتَركا بَينهمَا صَفْقَة وَاحِدَة فَيكون ثمنه مُشْتَركا بَينهمَا على المُشْتَرِي.
الدِّينَار: المثقال وَهُوَ عشرُون قيراطا كَذَا فِي الْفَتَاوَى العالمكيرية وَفِي الرسَالَة الْمَنْظُومَة فِي معرفَة الدِّرْهَم وَالدِّينَار.
(بيست مِثْقَال زركه هست نِصَاب
…
وزن اوهفت ونيم توله نكر)
(نيم مِثْقَال از ان زكوة بِوَزْن
…
شدّ دوماهه دونيم حبه نكر)
الديانَات: جمع ديانَة بِالْكَسْرِ فِي اللُّغَة ديندارشدن. وَفِي الشَّرْع حق الله تَعَالَى وَهُوَ على قسمَيْنِ. عبادات ومزاجر وَلَا يقبل قَول الْكَافِر وَالْفَاسِق والمملوك فِي الديانَات وَيقبل فِي الْمُعَامَلَات جمع الْمُعَامَلَة من الْعَمَل وَهِي فعل يتَعَلَّق بِهِ قصد وَهِي حق العَبْد عرفا. فالمعاملات خَمْسَة - الْمُعَاوَضَات الْمَالِيَّة - والمناحكات والمخاصمات - والأمانات - والبركات - فَلَو قَالَ أحد بَاعَ زيد من عَمْرو أَو نكح أَو ادّعى عَلَيْهِ أَو أودع أَو ورث قبل قَوْله وَلم ينْكح وَلم يشتر ديانَة.
الدِّيات جمع الدِّيَة: وَهِي مصدر وَذي الْقَاتِل الْمَقْتُول إِذا أعْطى وليه المَال الَّذِي هُوَ بدل النَّفس. ثمَّ قيل لذَلِك المَال الدِّيَة تَسْمِيَة بِالْمَصْدَرِ وَالتَّاء فِي آخرهَا عوض عَن الْوَاو كالعدة. وَقد تطلق على بدل مَا دون النَّفس من الْأَطْرَاف من الْأَرْش. وَقد يُطلق الْأَرْش بِفَتْح الْهمزَة على بدل النَّفس وحكومة الْعدْل.
الديوث: الَّذِي لَا غيرَة لَهُ مِمَّن يدْخل على امْرَأَته ويتحقق أَن امْرَأَته على غير الطَّرِيق فيسكت. فِي البرهانية قَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى امْرَأَة خرجت من الْبَيْت وَلَا يمْنَعهَا زَوجهَا فَهُوَ ديوث لَا تجوز الصَّلَاة خَلفه وَلَا تقبل شَهَادَته وَعَلِيهِ الْفَتْوَى.