المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب التابع وهو المشارك لما قبله في إعرابه الحاصل والمتجدد، وذلك - دليل الطالبين لكلام النحويين

[مرعي الكرمي]

الفصل: ‌ ‌باب التابع وهو المشارك لما قبله في إعرابه الحاصل والمتجدد، وذلك

‌باب التابع

وهو المشارك لما قبله في إعرابه الحاصل والمتجدد، وذلك خمسةٌ: النعت، وعطف البيان، والتوكيد، والبدل، وعطف النسق، وإذا اتجمعت، فالأَوْلى ترتيبُها على هذه، الصفة.

الأول النعت،

فالنعت، هو: التابع المشتق أو المؤول به المباين للفظ متبوعه، فالمشتق كـ "اسم الفاعل، واسم المفعول، والصفة المشبهة "، والمؤول كـ " اسم الإِشارة، وذي بمعنى صاحب، والمنسوب ".

وفائدة النعت: التخصيص في النكرات كـ "جاء رجلٌ فاضلٌ "، والتوضيح في

المعارف، كـ "جاء زيدٌ العالم "، أو لمجرد مدحٍ (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) ،

أو ذمٍ كـ "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم "، أو ترحّم، كـ "اللَّهُمَّ ارْحَمْ عَبْدَكَ المسكينَ "،

أو توكيدٍ كـ " ضربتُ ضربةً واحدةً"، أو تفصيلٍ كـ ((مَرَرْتُ برجلين عربيٍّ وعَجَميٍّ "، أو إبهامٍ كـ "تصدقْتُ بصدقةٍ قليلةٍ أو كثيرةٍ "، أو تعميمٍ نحو "إنَّ الله يحشرُ عبادَهُ الأولينَ والآخرينَ ".

ص: 46

وهو، قسمان؛ حقيقي وسببي.

فالحقيقي، هو: الجاري على ما قبله مع رفعه لضميره، كـ "جاء زيدٌ العاقل ".

والسببي، هو: الجاري على ما بعده متلبساً بضمير ما قبله كـ "جاء زيدٌ العاقل أبوه ".

فالحقيقي يتبع منعوته في أربعةٍ من عشرةٍ، والسببي في اثنين من خمسةٍ، واحد

من أوجه الإِعراب، وواحد من أوجه التعريف والتنكير، ويجوز قطع الصفة المعلوم موصوفها حقيقةً أو ادعاءً بتقدير "هو أو أعني ".

والأسماء في النعت أربعة أقسام: ما لا ينعت ولا ينعت به، كـ "المضمرات، وأسماء الأفعال "، وما ينعت ولا ينعت به كـ "العلم "، وما ينعت وينعت به كـ "اسم الإِشارة"،

ونعته مصحوب أل، وما ينعت به ولا ينعت وهو " أيّ " كـ "مررت برجلٍ أيِّ رجلٍ "،

وكل المعارف توصف بالمفردات دون الجمل، والنكرات توصف بالمفردات وبالجمل.

الثاني: عطف البيان، وهو: تابعٌ موضحٌ أو مخصص جامد غير مؤول، كـ

أَقْسَمَ بِاللَّه أبو حَفْصٍ عُمَرْ

الرجز

ص: 47

وهذا خاتمٌ حديدٌ، ويتبع في أربعةٍ من عشرةٍ، ويعرب بدل كلٍ من كلٍ إلا في نحو:

أَنا ابْنُ التَّارِكِ البَكْرِيِّ بِشْرٍ

الوافر

أيا أَخَوَيْنَا عَبْدَ شَمْسٍ وَنَوْفلا

الطويل

ويا زَيْدُ الحارِثُ، ويا أَخَانَا زَيْداً.

الثالث: التوكيد، وهو: تابعٌ يقصد به كون المتبوع على ظاهره، وهو قسمان:

لفظي ومعنوي.

فاللفظي: إعادة الأول بلفظه كـ "جاءَ زَيْدٌ زَيْدٌ، وقاَمَ قامَ، ونَعَمْ نَعَمْ "، أو بمرادفه

كـ "جاءَ ليْثٌ أَسَدٌ، وجَلَسَ قَعَدَ، وَنعَمْ جيْرِ".

والمعنوي هو: التابع المقرر أمر المتبوع في النسبة أو الشمول.

فالأول يكون بالنفس والعين مضافين لضمير ما أكداه من "مفرد ومثنى ومجموع،

ص: 48

إلا أنه إذا أكد بهما ضمير رفعِ متصل أكد وجوبا على الأصح بضمير منفصل، نحو

"قُمْتَ أَنْتَ نَفسُكَ، وقوموا أنْتَمُ أنْفُسُكُم، وزَيْد خَرَجَ هُوَ نَفسُه ".

والثاني يكون ب " كِلا وكِلْتَا " للمثنى، كـ " جَاءَ الزَيْدَانِ كلاهُمَا، والمَرْأتان كِلْتَاهُما "،

وب "كُلّ وأَجْمَع وأجْمَعُين وجَمْعَاء وجُمَع " لغير المثنى، كـ "جاءَ الجَيْشُ كُلُهُ أَجْمَعُ

والقَومُ كُلُّهُم أَجْمَعُون والقَبِيلَةُ كُلهُا جَمْعَاءُ والنِسَاءُ كُلُّهُنَ جُمَعُ "، وأكدوا بعد أَجْمَعَ

ب "أَكْتَعَ فأَبْصعَ فَأَبْتَع "، وبعد جمعاء، ب "كَتْعَاء فبَصْعَاء فبَتْعَاء"، نحو"جاءَ القَوْمُ كُلُّهُمْ أجْمَعُونَ أَكْتَعُونَ أَبْصَعُونَ أبْتَعُونَ "، وكلها لا يجوز عطف بعضها على بعض بخلاف النعت.

الرابع البدل وهو: التابع المقصود بالحكم بلا واسطة وهو أربعة أقسام: بدل كل، وبعض، واشتمال، وغلط.

فبدل الكل ما كان مدلوله مدلول الأول، كـ "جَاءَ زَيْد أَخُوكَ "، وسماه ابن مالك

البدل المطابق لوقوعه في اسم الله، نحو (الحميدِ* اللهِ) ؛ فلا يقال فيه بدل كل؛ لأنه إنما يقال فيما يتقسم ويتجزأ تعالى الله عن ذلك.

وبدل البعض ما كان مدلوله جزءاً من الأول، ولابد من اتصاله بضميرٍ يعود إلى المبدل منه كـ "أكَلْتُ الرَغِيفَ نِصْفَهُ أَوْ ثُلُثَيْه ".

ص: 49

وبدل الاشتمال ما كان بينه وبين الأول ملابسة لا بمعنى الكلية أو الجزئية، وأمره

في الضمير كما مرَّ كـ "نَفَعَنِي زَيدٌ عِلْمُهُ، وأعْجَبَنِي عَمْروٌ كَلامُه، والدارُ حسنها، وسُرِقَ زيدٌ ثوبُه "، و (يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ) .

وبدل الغلط: ما ذكر فيه الأول من غير قصدٍ، بل سبق إليه اللسان كـ "ركِبْتُ زيداً الفَرَسَ "، وهذا لا يكون في كلام الله ولا في فصيح الكلام.

وتبدل المعرفة من المعرفة، والنكرة من النكرة، والمعرفة من النكرة، وعكسه

كجاء زيدٌ أَخُوكَ، وجاء رجلٌ غلامٌ لزيدٍ، وجاء رجلٌ غلامُ زيدِ، (لَنَسْفَعاً

بِالنَّاصِيًةِ ناصيةٍ) ،

والظاهر من المضمر، وعكسه، َ والمضمر من المضمر، كـ " أعجبْتَنِي وَجْهُكَ، وضَرَبْتُ زيداً إياهُ، وأَكْرَمْتُكَ إِيِّاكَ، ويجوز قطع

البدل ويحسن مع الفصل نحو (بشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ) ،

ويجب أن تقطع، متعدداً ولَم يفِ به، نحو "اتقوا الموبقات: الشرك أوالتبني،

ص: 50

والسحر.

الخامس: عطف النسق، وهو التابع المتوسط بينه وبين متبوعه أحد حروف العطف،

وحروف العطف تسعةٌ على الأصح، وهي قسمان:

ما يقتضي التشريك في اللفظ والمعنى، وهو ستةٌ:" الواو، والفاء، وثمَّ، وحتى، وأو، وأم ".

وما يقتضي التشريك في اللفظ فقط، وهو ثلاثةٌ:"بل، ولكن، ولا".

فجميع حروف العطف تشرّك في اللفظ، نحو "جاءَ زيدٌ وَعمْرُو، ورأيتُ زيداً وعَمْراً، ومرَرْتُ بزيد وعَمْرو، ويقومُ ويقْعدُ زيدٌ، ولنْ يقُومَ ويَقْعُدَ، ولَمْ يَقُمْ وَيقْعُدْ".

وكلها تشترك في عطف الظاهر على الظاهر والمضمر على المضمر وعكسها

كـ "جاء زيد وعمروُ، وأَنا وأنتَ قُمْنَا، وَفَّقَنِي الله وإِياكَ، وأَكْرَمْتُكَ وَزَيْداً، وجاءَ زيدٌ وأَنتَ، وقُمت وزيد، وَمَررْتُ بكَ وزيدٍ"، إلا أن العطف على الضمير المرفوع المتصل من غير فاصلٍ ضعيف، ولا تجَب إعادة الخافض إذا أريد العطف على الضمير

المجرور، قاله ابن مالكٍ وجماعة خلافاً للجمهور.

ص: 51