الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
115 - باب استحباب كون ساقي القوم
حذف المسقى ليعم سائر الشراب (آخرهم)
خبر كون ونصب (شراباً) على التمييز.
1773 -
(عن أبي قتادة رضي الله عنه عن النبي قال: ساقي القوم آخرهم) وقوله (يعني آخرهم شرباً) وقد جاء عند أبي ماجه في حديث ندائه لأهل الصفة وإسقائهم اللبن فقال «ساقي القوم آخرهم شرباً» بل في «الجامع الصغير» حديث «ساقى القوم آخرهم شرباً» رواه الترمذي وابن ماجه عن أبي قتادة ولعل عزوه للترمذي من حيث أصل الحديث لا بجميع ألفاظه تفسيراً لما هو آخر فيه، قال المصنف: هذا أدب من آداب ساقي الماء واللبن ونحوهما وفي معناه من يفرق على الجماعة مأكولاً كلحم وفاكهة وغيرهما فليكن المفرق آخرهم تناولاً منه لنفسه، قال ابن رسلان: في الحديث إشارة إلى أن من ولي شيئاً من أمر الأمة فعليه السعي فيما ينفعهم ودفع ما يؤذيهم وتقديم مصلحتهم على مصلحته، وكذا في الإطعام والسقي فيبدأ بكبير القوم ثم بمن يليه وهكذا ثم يشرب ما بقي منهم (رواه الترمذي) في الأشربة من «جامعه» (وقال حديث حسن صحيح) ورواه ابن ماجه.
116 -
باب جواز
أي إباحة (الشرب من جميع الأواني الطاهرة) ولو نفيسة كياقوت وألماس لكن يكره استعمال النفيس منها لذاته كما ذكر لا لصنعته كإناء مصطنع من نحو خشب فلا كراهة في استعماله (غير الذهب والفضة) أي فيحرم استعمالها في غير ضرورة (وجواز الكرع) بفتح وسكون (وهو الشرب بالفم من النهر وغيره) كالبركة والسيل (بغير إناء ولا يد وتحريم استعمال إناء الذهب والفضة) أي لغير ضرورة وكذا يحرم ما موه بهما من باقي الأواني كأن ينحصل بالعرض على النار منه شيء، ويجوز استعمال إناء النقدين المموه بغيره إذا لم يحصل على النار شيء من ذلك، ويحرم المضبب بالذهب مطلقاً وبالفضة إن كانت الضبة كبيرة وكلها أو بعضها للزينة (في الشرب والأكل والطهارة وسائر وجوه الاستعمال) والاقتصار على أواني الأكل والشرب في حديث آخر الباب لأنهما الأغلب وإلا فسائر الاستعمال في الحرمة سواء.
1774 -
(عن أنس رضي الله عنه قال: حضرت الصلاة) بدخول وقتها (فقام من كان قريب الدار إلى أهله وبقي قوم) مع النبي: أي لبعد دورهم أو للزوم الأدب معه كما هي العادة من الجلوس بين يدي الكبير (فأتى النبي بمخضب) الفعل مبني للمجهول، قال الحافظ: والمخضب بكسر الميم وسكون المعجمة الأولى وفتح الثانية آخره موحدة إناء (من حجارة فصغر) بضم الغين المعجمة (المخضب) عن (أن يبسط فيه كفه) أي لا عن ضمها مجموعة أو مبسوطة بعض أصابعها (فتوضأ القوم) أي من الماء التابع من بين أصابعه في ذلك المخضب، ثم القوم في الحديث يحتمل أن يراد منهم الباقون بمجلسه لأن من داره قريب تطهر منه، ويحتمل أن يراد منهم الجميع ويؤيده قوله (كلهم) ويكون تطهيرهم
ثانياً لقرب عهد ذلك الماء بتكوين الله سبحانه كما أمر بالتطهير من ماء المطر وفعله، وقال: إنه حديث عهد بربه: أي بتكوينه ثم يحتمل أن يكون طهرهم الثاني بعد أن صلوا الأول صلاة ما، لأن ذلك الذي يستحب عنده تجديد الوضوء، ويحتمل أنه قيل ذلك ويكون محل ذلك ما إذا كان القصد تجديد الطهارة ليس إلا. أما إذا كان القصد مع ذلك التبرك بذلك الماء أو معنى آخر فلا يعتبر ذلك (قالوا) أي الحاضرون بمجلس أنس وقت تحديثه بذلك (كم كنتم قال ثمانين) أي كنا كذلك فحذفت الجملة لدلالة وجود نظيرها في السؤال عليها (وزيادة. متفق عليه. هذه رواية البخاري) أخرجه في باب علامات النبوة لكن لم أر فيه قوله وزيادة، وفي كتاب الطهارة وفيها قوله وزيادة (وفي رواية له) أي للبخاري في كتاب الطهارة (ولمسلم) في باب الفضائل (أن النبيّ دعا) أي أمر (بإناء من ماء فأتى) بالبناء للمفعول (بقدح رحراح) بفتح الراء وسكون الحاء المهملة. قال في «النهاية» : هو القريب القعر مع سعة (فيه شيء) أي يسير ولعل التقليل لكونه الميسور إذ ذاك (من ماء فوضع أصابعه فيه) أي في الماء ستراً للسرّ الإلهي، وإلا فكان متمكناً بإقدار الله على ما فعل من غير
الإتيان بشيء من الماء (قال أنس: فجعلت أنظر إلى الماء ينبع) بضم الموحدة وكسرها والجملة في محل الحال، وقوله (من بين أصابعه) ظرف لغو متعلق بالفعل، ويجوز إعرابه حالاً فيكون ظرفاً مستقراً (فحزرت) بفتح المهملة والزاي وسكون الراء: أي خرصت (من توضأ ما بين السبعين رجلاً إلى الثمانين) لا تخالف هذه الرواية ما قبلها، لأن هذا بحسب الخرص وذاك بحسب العد والله أعلم.
2775 -
(وعن عبد الله بن زيد) تقدمت ترجمته رضي الله عنه قال: أتانا النبي فأخرجنا له ماء في تور من صفر فتوضأ) فدل على أن لا منع من استعماله وقوله البعض بالمنع منه رده
بمخالفته النص، ولا يستحب الخروج من الخلاف إذا كان كذلك (رواه البخاري) في الطهارة (الصفر بضم الصاد) المهملة وسكون الفاء بعدها (ويجوز كسرها) قلت: في «المصباح» الصفر كقفل وكسر الصاد لغة (وهو النحاس) قال في «المصباح» بد أن صدر به: وقيل أجوده (والتور إناء كالقدح) قال الأزهري: فتذكره العرب (وهو بالتاء المثناة من فوق) المفتوحة.
3776 -
(وعن جابر رضي الله عنه: أن رسول الله دخل على رجل من الأنصار) قال الشيخ زكريا في «تحفة القاري» : قيل هو أبو الهيثم بن التيهان الأنصاري (ومعه صاحب له) هو أبو بكر الصديق. قال في التحفة أيضاً: وعليه فالتنوين للتعظيم (فقال رسول الله) وكان الوقت صائفاً كما في نفس الحديث عند البخاري (إن كان عندك ماء بائت هذه الليلة في شن) بفتح المعجمة وتشديد النون القربة الخلقة، الحكمة في طلب الماء البائت أنه أبرد وأصفى، وحذف جواب إن وهو نحو قوله فاسقنا لدلالة المقام عليه (وإلا) أي وإن لا يوجد ذلك وحقه أن يكتب بالنون بعد الألف وإن كانت مدغمة لفظاً في اللام، والذي وقفت عليه في النسخ كتابته بصورة إلا الاستثنائية وهو من تحريف الكتاب (كرعنا) الكرع تناول الماء بالفم من غير إناء ولا كف، وقد ورد النهي عنه في حديث ابن ماجه وهو للتنزيه وهذا لبيان الجواز وذلك محمول على ما إذا انبطح الشارب على بطنه (رواه البخاري) في الأشربة من «صحيحه» ، قال المزي: ورواه أبو داود وابن ماجه في الأشربة من «سننهما» (الشنّ القربة) ظاهرة مطلق القربة وتقدم أنها بقيد الخلقة، وفي «المصباح» : الشنّ الجلد البالي وهو أنسب بالمقام لأنه يبرد الماء أكثر.
4777 -
(وعن حذيفة رضي الله عنه قال: إن النبي نهانا) أي معشر الرجال المكلفين وألحق بهم الخنائي احتياطاً (عن الحرير والديباج) أي عن لبسهما، قال في «المصباح» : الديباج ثوب سداه ولحمته إبريسم، ويقال هو معرب. واختلف في الباء فقيل زائدة ووزنه فيعال ولذا يجمع بالياء فيقال ديابيج، وقيل أصيل والأصل دبَّاج بالتضعيف فأبدل من أحد المضعفين حرف العلة، ولذا يرد في الجمع إلى أصله فيقال دبابيج بموحدتين اهـ (والشرب في إناء الذهب والفضة) وألحق به باقي الإستعمال لهما كالاكتحال بهما لغير تداو والتخلل (وقال هنّ) أي هذه الثلاث المنهيات المعدودات، واستعمال ضمير النسوة فيما دون العشرة هو الأكثر ومنه قوله {أربعة حرم فلا تظلموا فيهن أنفسكم} (التوبة: 36) (لهم) أي الكفار المدلول عليهم بالسياق (في الدنيا) لأنهم وإن كانوا مخاطبين بالأحكام على الصحيح إلا أنهم لا ورع لهم يحملهم على التمسك بها فكأنها أبيحت لهم (وهي) أي بضمير الواحدة على خلاف الأكثر تفننا في التعبير (لكم في الآخرة) دونهم لأنهم في العذاب المهين، وفيه إيماء إلى حسن ثمرة التقوى وسوء عاقبة المعصية (متفق عليه) روياه في اللباس.
5778 -
(وعن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله قال: الذي يشرب في آنية) بفتح الهمزة وبعدها ألف لينة وبعدها نون مكسورة: أي وعاء (الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم) يجوز فيه النصب على أن فاعل الفعل مضمر يعود على الشارب المفهوم من يشرب، وبه صرح الأزهري فقال: نار منصوب، ويجرجر بمعنى يلقى، وهذا مثل قوله تعالى: {إنما
يأكلون في بطونهم ناراً} (النساء: 10) ويؤيده الرواية الآتية آخر البار ناراً من جهنم والرفع على أنها فاعل الفعل، وجاز تذكيره للفصل بينه وبينه مع أن تأنيثه مجازي وتقدم معناها (متفق عليه) روياه في اللباس أيضاً (وفي رواية لمسلم) الحديث المذكور وقال إن على ابن مسهر أحد أشياخه في هذا الحديث زاد (إن الذي يأكل ويشرب) الواو فيه يحتمل كونها على بابها من أصل الجمع فيكون فيه وعيد كل منهما على انفراده من حديث آخر، ويحتمل أنها فيه بمعنى أو (في آنية الفضة والذهب) في الواو الاحتمالان المذكوران ويؤيد الثاني الرواية بعده قال مسلم وليس في حديث أحد منهم: أي أشياخه في هذا الحديث ذكر الأكل والذهب إلا في حديث ابن مسهر (وفي رواية له) أي لمسلم في الحديث المذكور من حديث أم سلمة أيضاً، لكن من غير طريق الحديث قبله فلا يشكل بما تقدم عن مسلم لأن كلامه في حديث نافع عنها فليس عند رواته ذكر ذينك إلا عند ابن مسهر فقط، وهذه الرواية الأخيرة ليست من رواية نافع عنها بل من رواية ابن أخيها عبد الله ابن عبد الرحمن عنها والله أعلم (من شرب في إناء من ذهب أو فضة فإنما يجرجر في بطنه ناراً من جهنم) ففيه الوعيد الشديد في استعمال أواني النقدين المنصوص منه على الأكل والشرب لأنهما أغلب أنواعه فسائره مثلهما في الحرمة، وقضية هذه الأحاديث أن ذلك من الكبائر وبه صرح ابن حجر الهيتمي في «الزواجر» ، وظاهر أن محل حرمة ذلك حيث لا ضرورة، وإلا فمن وجد إناء أحدهما وليس عنده ما يصنع فيه طعامه المائع أو الرطب الذي يتلوّث سوى
الأرض، فيجوز له استعمال ذلك حينئذ «لأن الضرورات تبيح المحظورات» «وإذا ضاق الأمر اتسع» ، وقد قال تعالى:{وما جعل عليكم في الدين من حرج} (الحج: 78) .