الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معتدلة. ومعنى الحديث: الإذن لهن في إطالة أذيالهن من القمص والأزر والخمر بحيث يسيلن قدر ذراع من أذيالهن إلى الأرض لتكون أقدامهن مستورة: يعني ظهورها، وقيل ابتداء الذراع من أول ما يمس الأرض من الثياب أو من الكعب قولان، الراجح الأول، واستظهر ابن رسلان أنه من نصف الساق وفيه بعد (ولا يزدن عليه) أي فهي عليه: أي على الكعبين بالنسبة للرجل في المنع حرمة وكراهة (رواه أبو داود) أي لا بسياق هذا اللفظ كما قد توهمه عبارته، بل الذي فيه عن صفية بنت عبيد الثقفية زوجة ابن عمر «أن أم سلمة زوج النبي قالت لرسول الله حين ذكر الإزار: فالمرأة يا رسول الله؟ قال: ترخي شبراً، قالت: إذاً ينكشفن، قال: فذراعاً لا تزيد عليه» . وفيه أيضاً عن ابن عمر «رخص رسول الله لأمهات المؤمنين في الذيل شبراً، ثم استزدته فزادهن ذراعاً، فكن يرسلن إلينا فنتذرع لهن ذراعاً» ولفظ الحديث المذكور للنسائي فكان على المصنف ذكره، وعزوه إليه لأنه روى المبنى والمعنى، وعند من ذكر المصنف من أبي داود والترمذي: المعنى وإن تفاوت بعض المبنى (وقال: حديث حسن صحيح) .
120 - باب استحباب ترك الترفع في اللباس
أي وفي الافتراش والتدثر: أي لبس الرفيع سواء كان الرفعة من جهة النفاسة كثوب الخز والحرير أو من جهة الصناعة كالجيد من الصوف (تواضعاً) علة الترك: أي لا بخلاً أو إظهاراً للزهد (وقد سبق في باب فضل الجوع وخشونة العيش جمل) من الأحاديث (تتعلق بهذا الباب) كحديث أبي هريرة «رأيت سبعين من أهل الصفة، ما منهم رجل عليه رداء، إما إزار وإما كساء، قد ربطوا في أعناقهم منها ما يبلغ نصف الساقين ومنها ما يبلغ الكعبين» الحديث، وكحديث عائشة «كان فراش رسول الله من أدم حشوه ليف» وكحديث أبي أمامة ابن ثعلبة الخشني مرفوعاً «البذاذة من الإيمان» رثاثة الهيئة وترك فاخر اللباس.
1802 -
(وعن معاذ بن أنس رضي الله عنه أن رسول الله قال: من ترك اللباس) أي أعرض عنه (تواضعاً) وتركاً لزهرة الحياة الدنيا (وهو يقدر عليه) أما التارك للعجز فلا، نعم إن عزم أنه لو كان قادراً عليه لأعرض عنه تواضعاً أثيب على نيته كما تقدم ما يدل عليه، وفي الحديث «نية المؤمن خير من عمله» (دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق) زيادة في تشريفه (حتى يخيره من أي حلل) بضم ففتح جمع حلة كربة وقرب (الإيمان يشاء) وحتى غاية لمقدر: أي وينشر تشريفه ثمة بأنواع الشرف إلى أن يخيره بين حلل أهل الإيمان المتفاوتة المقام، فيختار الأعلى ويرد من الفيوض المورد الأحلى فينزل المكان الأعلى، وقوله (يلبسها) جملة مستأنفة لبيان القصد من التخيير فيها (رواه الترمذي) في الزهد من «جامعه» (وقال: حديث حسن) .
121 -
باب استحباب التوسط في اللباس
وذلك لأن الغالي شهرة والداني جداً دناءة إلا لتواضع لله واتباع آثار السلف فالأعمال بمقاصدها، وكذا إذا لبس الغالي النفيس تحدثاً بنعمة الله وتنبيهاً للفقراء على أنه منها بمكان ليقصدوه فيحسن إليهم ويواسيهم، وللأغنياء على أنه غنى عما بأيديهم فقير إلى الله دون غيره، كما يروى عن الشاذلي أنه قال لفقير كان لابساً ثوباً مرقعاً: أنكر عليه لبس نفيس الثياب: «يا هذا ثيابي تقول للناس الحمد لله وثيابك تقول لهم أعطوني من مالكم» . وعلى هذا السنن سار العارفون فلبسوا نفيس الثياب وزينوا بها ظاهرهم إعلاماً للناس بغناهم بمطلوبهم عمن سواه، وجعل الواحد منهم فقره ومناجاته بينه وبين مولاه نفعنا الله بهم (ولا يقتصر على ما يزري) بفتح التحتية بوزن يرمي (به) أي يدخل به في استهزاء الناس به (لغير حاجة) أي من فقر (ولا مقصود شرعي) من تواضع لله واقتداء بالسلف.